Translate

الأحد، 17 نوفمبر 2024

مصطلح الحديث 9.

 

بحث مخصص الرئيسية الكتب المؤلفون ar مرحبا بك! قم بالتسجيل الآن للإستفادة من جميع خدمات الموقع الأقسام عرض الكل العقيدة 1874 التفاسير 553 علوم القرآن 1360 متون الحديث 470 الأجزاء الحديثية 900 كتب ابن أبي الدنيا 126 شروح الحديث 364 كتب التخريج والزوائد 356 كتب الألباني 139 روابط هامة رواة الأحاديث القرآن الكريم إرسال كتاب للموقع المؤلفون عرض الكل حمل تطبيق جامع الكتب الإسلامية Ios IPhone/iPad Android All Devices Windows Pc Version حمل الآن التطبيق وتمتع بالمزامنة بين الأجهزة، تنزيل الكتب، إضافة التعليقات، إنشاء مجموعاتك الخاصة، وأكثر من ذلك بكثيرعلوم القرآن دليل الحيران على مورد الظمآن 

 

 الكتاب الأول: دليل الحيران على مورد الظمآن في فني الرسم والضبط بسم الله الرحمن الرحيم مدخل لدراسة القراءات والقراء القراءات: تجمع القراءة، وتطلق في اللغة على أنها مصدر: قرأ، كما اصطلح عليها أنها علم بكيفية أداء كلمات القرآن الكريم، ويتجلى ذلك في التخفيف، والتشديد، والترقيق والتفخيم١، واختلاف ألفاظ الوحي المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، للإعجاز والبيان. والقراءات هي اختلاف الوحي في الحروف وكيفيتها، غير أنها تعتمد كلية على التلقي والمشافهة؛ لأن هذا العلم الإسلامي الخالص لا يحكم إلا بالسماع والمشافهة، ولذا فقد اشترط العلماء في صحتها ضوابط منها: ١- أن توافق القراءة رسم المصحف العثماني. ٢- أن تنقل بالتواتر؛ لأن القراءات الصحيحة لا تثبت إلا السند الصحيح المتواتر حتى، ولو وافقت رسم المصحف الإمام. ٣- أن توافق وجها من وجوه اللغة العربية٢. فإذا تحققت هذه الضوابط تحققت صحة القراءة، وإذا اختل ضابط منها اختلت القراءة، وضعف العمل بها. والقراءات القرآنية وحي من عند الله تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله بواسطة ملك الوحي جبريل عليه السلام، ولقنه النبي عليه الصلاة والسلام لصحابته، وعنه نقلت القراءات القرآنية بالتواتر، لقد روي عن الإمام ابن تيمية فتوى برواية ابن العباس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم: أن جبريل كان يعارض النبي عليه الصلاة والسلام بالقرآن في كل مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضة مرتين٣، ويعزز ما أوجده الإمام ابن تيمية في هذه ١ البرهان في علوم القرآن للزركشي: ١/ ٣١٨. ٢ الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: ١/ ٨٠. ٣ فتاوي ابن تيمية: ١٣/ ٣٩٥. الرواية حديث الأحرف السبعة، ونص حديث الأحرف السبعة أخرجه الإمام البخاري، والإمام مسلم في صحيحيهما برواية الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه١. والقراءات القرآنية هي أهم، وأصعب ما واجه كتبة المصحف الشريف، ولا سيما أن المصحف كان خاليا من الإعجام والشكل، فكان ذلك الحل الأوفق لمشكلة استيعاب جل القراءات، فاتسع المصحف لجل هذه القراءات التي تواترت إلى اليوم وإلى ما شاء الله. القرآن الكريم والقراءات القرآنية: من المعروف أن تدوين القرآن الكريم بدئ، وشرع فيه في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. وكان كتاب النبي عليه الصلاة والسلام يكتبون الوحي، ومن هؤلاء الخلفاء الأربعة، ومعاوية، وإبان بن سعيد، وخالد بن الوليد، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وثابت بن قيس، وأرقم بن أبي، وحنضلة بن ربيع. فكان عليه الصلاة والسلام إذا نزل عليه شيء أمر أحد كتابه بكتابة ما أنزل عليه، فيما تيسر لهم حتى في العظام، والرقاق، وجريد النخل ورقيق الحجارة. جمع القرآن الكريم: وقد جمع القرآن الكريم لأول مرة في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه٢، بإشارة ثم بإلحاح شديد من عمر بن الخطاب٣، وذلك بعد موقعة اليمامة، مع مدعي النبوة مسيلمة الكذاب، وفي عهد الخليفة الثالث٤، عثمان بن عفان رضي الله عنه جمع القرآن الكريم في المصحف الإمام من طرف مجموعة من الصحابة رضوان الله عليهم بتكليف من الخليفة عثمان، وهؤلاء هم. ١ أخرجه الإمام البخاري في صحيحه بشرح فتح الباري لابن حجر: ٦/ ١٥٢، ٩/ ٣٠ والإمام مسلم في صحيحه: ٢/ ٢٠٢. ٢ ترجمته: في أسد الغابة: ٣/ ٣٠٩، وتاريخ الخلفاء: ٢٧، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٢، والشذرات: ١/ ٢٧ وطبقات ابن سعد: ٣/ ١١٩، والعبر: ١/ ١٦، ومروج الذهب: ٢/ ٣٠٥. ٣ ترجمته: في أسد الغابة: ٤/ ١٤٥، وتاريخ الخلفاء: ١٠٨، وتذكرة الحفاظ ١/ ٥، وخلاصة تذهيب الكمال: ٣٣ وطبقات ابن سعد: ٣/ ١٩٠، وطبقات القراء: ١/ ٥٩، والعبر: ١/ ٢٧، ومروج الذهب: ٢/ ٣١٢ والنجوم الزاهرة: ١/ ٧٨. ٤ ترجمته: في أسد الغابة: ٣/ ٥٨٤، والإصابة: ٢/ ٤٥٥، وتاريخ الخلفاء: ٤٧ وتذكرة الحفاظ: ١/ ٨، وخلاصة تذهيب الكمال: ٢٢١، والشذرات: ١/ ٤٠، وطبقات ابن سعد: ٣/ ٣٦، وطبقات القراء: ١/ ٥٠٧ والعبر: ١/ ٣٦، ومروج الذهب: ٢/ ٣٤٠، والنجوم الزاهرة: ١/ ٩٢. ١- زيد بن ثابت. تـ/ ٥٤هـ١. ٢- سعيد بن العاص. تـ/ ٥٨هـ٢. ٣- عبد الرحمن بن الحارث. تـ/ ٤٣هـ٣. ٤- عبد الله بن الزبير. تـ/ ٤٣هـ٤. ٥- أبو الدرداء. تـ/ ٣٢هـ٥. ٦- سعيد بن عبيد بن النعمان. تـ/ ١٦هـ٦، وهو أول من جمع القرآن الكريم على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام. فأعد هؤلاء الصحابة المصاحف المستحسنة على الوجه المطلوب والمرغوب فيه، وأرسلت إلى الأمصار وقتئذ، وأرسل مع كل مصحف مقرئ لإقراء الناس ما يحتمله المصحف الشريف، فأرسل: ١- زيد بن ثابت مع مصحف المدينة٧. ٢- عبد الله بن السائب. تـ/ ٧٠هـ مع مصحف مكة٨. ١ ترجمته: في أسد الغابة: ٤/ ١٤٥، والآصابة: ٢/ ٥١١، وتاريخ الخلفاء: ١٠٨، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٥، وخلاصة تذهيب الكمال: ٣٣، وطبقات ابن سعد: ٣/ ١٩٠، وطبقات القراء: ١/ ٥٩١، والعبر: ١/ ٢٧، ومروج الذهب: ٢/ ٣١٢، والنجوم الزاهرة: ١/ ٧٨. ٢ ترجمته: في أسد الغابة: ٣/ ٥٨٤، والإصابة: ٢/ ٤٥٥، وتاريخ الخلفاء: ٤٧، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٨، وخلاصة تذهيب الكمال: ٢٢١، والشذرات: ١/ ٤٠، وطبقات ابن سعد: ٣/ ٣٦، وطبقات القراء: ١/ ٥٠٧ والعبر: ١/ ٣٦، ومروج الذهب: ٢/ ٣٤٠، والنجوم الزاهرة: ١/ ٩٢. ٣ ترجمته: في أسد الغابة: ٢/ ٢٧٨، والاصابة: ١/ ٥٤٣، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٣٠، وخلاصة تذهيب الكمال: ١٠٨، والشذرات: ١/ ٥٤، وطبقات الشيرازي: ٤٦، وطبقات القراء لابن الجزري: ١/ ٢٩٦، وطبقات القراء: ١/ ٣٥، والعبر: ١/ ٥٣، والنجوم الزاهرة: ١/ ١٣٠. ٤ ترجمته في المشاهير: ٦٦. ٥ ترجمته في طبقات ابن سعد: ٣/ ٣٩١، وطبقات خليفة: ٢١٣، وتاريخ البخاري/ الكبير: ٧/ ٧٦، والمشاهير: ٥٠، وحلية الأولياء: ١/ ٢٠٨، والاستيعاب: ٣/ ١٥، وتاريخ ابن عساكر: ١٣/ ٣٦٠، وأسد الغابة: ٦/ ٧، وتاريخ الإسلام: ٢/ ١٠٧، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٢٤، وسير أعلام النبلاء: ٢/ ٣٣٠، والعبر: ١/ ٣٣، ومرآة الجنان: ١/ ٨٨، وغاية النهاية: ١/ ٦٠٦، والاصابة: ٣/ ٤٥، وتهذيب التهذيب: ٨/ ١٧٥، والنجوم الزاهرة: ١/ ٨٩، وحسن المحاضرة: ١/ ٢٤٤. ٦ ترجمته في المشاهير: ١٢. ٧ ترجمته: سبقت الإشارة إليها في رقم ٨: ٨ ترجمته في طبقات ابن سعد: ٥/ ٤٤٥، وطبقات خليفة: ٤٥، وتاريخ البخاري: ٥/ ٨، وتاريخه الصغير: ١/ ١٢٦، والمعرفة والتاريخ ليعقوب: ١/ ٢٤٧، والجرح والتعديل: ٥/ ٥٦، وجمهرة أنساب العرب: ١٤٣، والاستيعاب: ٢/ ٩١٥، وأسد الغابة: ٣/ ٢٥٤، وسير أعلام النبلاء: ٣/ ٣٨٨، والإصابة: ٢/ ٣١٤، وغاية النهاية: ١/ ٤١٩. ٣- المغيرة بن أبي شهاب. تـ/ ٩١هـ مع مصحف الشام١. ٤- أبو عبد الرحمن السلمي. تـ/ ٧٤هـ مع مصحف الكوفة٢. أما المصحف الإمام فقد احتفظ به الخليفة عثمان٣ رضي الله عنه لنفسه، وسمي الإمام؛ لأنه اعتبر الأصل لباقي مصاحف الأمصار المرسلة، وأنه المرجع للأمة. ولما كان المعول عليه في القرآن الكريم إنما هو التلقي، والأخذ ثقة عن ثقة وإماما عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعلينا أن نرى كيف تواتر القرآن الكريم، وتواترت القراءات وتأصلت، ولنبدأ بطبقات الحفاظ من الصحابة والتابعين في الأمصار الإسلامية. ١- طبقات الصحابة الحفاظ الذين منهم: عثمان، وعلي، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو موسى الأشعري وبعض هؤلاء كتب المصاحف وأرسل معها إلى الأمصار. ٢- طبقات التابعين الذين أخذوا عن هؤلاء منهم: ابن المسيب، وعروة، وسالم، وعمر بن عبد العزيز، وسليمان بن يسار، وأخوه عطاء، وزيد بن أسلم ومسلم بن جندب، وابن شهاب الزهري، وعبد الرحمن بن هرمز، ومعاذ بن الحارث المشهور بالقارئ. الأمصار الإسلامية التي اشتهرت بالقراء، والقراءات هي: أ. مكة وطبقات قرائها: عطاء ومجاهد، وطاوس، وعكرمة، وابن أبي مليكة، وعبيد بن عمير. ب. الكوفة وطبقات قرائها: علقمة، والأسود، ومسروق، وعبيدة، والربيع بن هيثم، والحرث بن قيس، وعمر بن شرحبيل، وعمر بن ميمون، وأبو عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش، وعبيد بن فضلة، وأبو زرعة بن عمرو، وسعيد بن جبير، والنخعي، والشعبي. ١ ترجمته في معرفة القراء الكبار: ١/ ٤٨، وغاية النهاية: ٢/ ٣٠٥. ٢ ترجمته في نفس المصدر: ١٠٢. ٣ ترجمته: سبقت الإشارة إليها في رقم٧. ج. البصرة وطبقات قرائها: عامر بن عبد القيس، وأبو العالية، وأبو رجاء، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وجابر بن زيد، والحسن البصري، وابن سيرين، وقتادة. د. الشام وطبقات قرائه: المغيرة بن شهاب المخزومي صاحب الخليفة عثمان رضي الله عنه، وخالد بن سعيد صاحب أبي الدرداء. ثم تفرع عن هؤلاء أناس اشتهروا بالضبط والعدالة، والعناية بالقرآن والقراءات، فظهر القراء السبعة والعشر والأربع عشرة. وقد كانت قراءة النص القرآني صحيحة اعتمادا على الحفظ أولا، والسليقة ثانيا، ورغم هذه الفطرة اللغوية، فقد بدأ النزوع لقراءة القرآن الكريم وفق العادات الصوتية لكل قبيلة، وهذا الاتجاه لم يخل منه زمان حتى زمان صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم. أما الاختلاف في القراءات، فإن الرعيل الأول من التابعين استطاع قراءة الآية الواحدة أربع، أو خمس قراءات مختلفة، وإلى هذا النوع من الاختلاف يرى الباحث أن هناك جوانب متعددة ساعدت على نشوء الدراسة اللغوية، والعلمية للنص القرآني في زمان مبكر جدًّا، وعملت على تطور هذه الدراسة تطورا سريعا، ومنسجما مع الظروف التي واكبت التطور اللغوي في كل مجالاته. إلا أن الدراسة قد بدأت بسيطة ولا سيما بعد جمع القرآن الكريم في مصحف واحد وبلغة قريش، وهنا برزت رواية تزعم: أن أبا الأسود الدؤلي١. ت/ ٦٩هـ/ ٦٨٨م هو أول من قام بوضع رموز تدل على الحركات، وكان ذلك بإيعاز من زياد ابن أبيه تـ/ ٥٣هـ/ ٦٧٣م، ورواية أخرى تزعم: أن نصر بن عاصم٢. تـ/ ٨٩هـ/ ٧٠٧م. هو أول من قام بهذا العمل، وقد لا يهم من قام به أو فعله؛ لأن هذا العمل التحسيني تلقى معارضة ١ ترجمته: في طبقات ابن سعد: ٧/ ٩٩ وتاريخ البخاري: ٦/ ٣٣٤، والمعارف: ٤٣٤، والفهرس: ٣٩، وتاريخ ابن عساكر: ٨/ ٢٠٣، ومعجم الأدباء: ١٢/ ٣٤، وأسد الغابة: ٣/ ٦٩، ووفيات الأعيان: ٢/ ٥٣٥. ٢ ترجمته: في تاريخ البخاري: ٨/ ١٠١، والمعرفة والتاريخ: ١/ ٣٤٥، ٣/ ٢٧٥، ونزهة الألباب: ١٧، وإرشاد الأريب: ٧/ ٢١٠، وتذكرة الحفاظ: ١/ ١٠٦، ومعرفة القراء الكبار: ١/ ١٧١، وغاية النهاية: ٢/ ٣٣٦، وتهذيب التهذيب: ١٠/ ٤٢٧. شديدة من الصحابة، وكان على رأسهم ابن عمر رضي الله عنه١، والتابعين وفي مقدمتهم: محمد بن سيرين٢، ٤/ ١١٠هـ وقتادة بن دعامة٣. تـ/ ١١٨هـ، والنخعي أبي عمران إبراهيم بن قيس٤. تـ/ ٩٦هـ. ويظهر من تاريخ تدوين القرآن وكتابته، أن إضافة النقط إلى المصحف ترجع إلى العصر الأموي "٤٠-١٣٢هـ" ، هذا ما اعتمده ابن أبي داود السجستاني٥ حيث قال: أن عبد الله بن زياد٦. تـ/ ٦٩هـ/ ٦٨٨م، والي البصرة والكوفة انتدب كاتبه يزيد بإعجام المصحف. ١ ترجمته: في أسد الغابة: ٣/ ٣٤٠، والإصابة: ١/ ٣٣٨، وتاريخ بغداد: ١/ ١٧١، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٨١، وطبقات ابن سعد: ٤/ ١٠٥، وطبقات الشيرازي: ٤٩، والعبر: ١/ ٨٣، والنجوم الزاهرة: ١/ ١٩٢، ونكت الهميان لابن الصفدي: ١٨٣، وخلاصة تهذيب الكامل: ١٧٥. ٢ ترجمته: في المشاهير: ٨٨، والأعلام: ٧/ ٢٥. ٣ ترجمته: في طبقات ابن سعد: ٧/ ٢٢٩، والمعارف: ٢٣٤، والجرح والتعديل: ٣/ ١٣٣، وطبقات الفقهاء: ٧٢، والإرشاد: ٦/ ٢٠٢، وغاية النهاية: ٣/ ٢٥، ووفيات الأعيان: ١٠/ ٥٤٠. ٤ ترجمته: في طبقاتابن سعد: ٦/ ١٨٨، والتاريخ الكبير للبخاري: ١/ ٣٣٣، والمعارف: ٢٣٤، وطبقات الفقهاء: ٦٢، وغاية النهاية: ١/ ٢٩، والفهرست: ١/ ١٧٧، والأعلام: ١/ ٧٦. ٥ ترجمته في الفهرست: ٢٩-٢٨. ٦ ترجمته في نفس المصدر: ٢٨. نشوء المدارس الخاصة بالقراءات القرآنية يرى جل المؤرخين أن نشأة هذه المدارس يرجع إلى النصف الثاني من القرن الأول الهجري، وقد تكون بعضها بالمدينة، ومكة، والبصرة، والشام، واليمن، ومصر. إلا أن هذه المصادر تكاد تنعدم أحيانا في هذا الباب، وكذلك حول ما دون من القراءات باستثناء كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد بن سلام١. تـ/ ٢٢٤هـ/ ٨٣٨م وتفسير الطبري٢. تـ/ ٣١٠هـ/ ٩٢٣م، وأقدم كتاب في القراءات ليحيى بن يعمر تـ/ ٨٩هـ/ ٧٠٧م، وهو أحد تلامذة أبي الأسود الدؤلي. تـ/ ٦٩هـ/ ٦٨٨م، وإلى جانب هذا هناك كتاب اختلاف مصاحف العراق، والشام، والحجاز لعبد الله بن عامر اليحصبي. تـ/ ١١٨هـ/ ٧٣٦م، وقد ١ ترجمته في طبقات ابن سعد: ٧/ ٩٣، والتاريخ الكبير للبخاري: ٧/ ١٧٢، والمعارف: ٥٤٩، وتاريخ بغداد: ١٢/ ٤٠٣، وطبقات الفقهاء: ٢٩، وطبقات الحنابلة: ١/ ٢٥٩، ونزهة الألباب: ١٠٩، والإرشاد: ٦/ ١٦٢، ووفيات الأعيان: ٤/ ٦٠، وتذكرة الحفاظ: ٢/ ٤١٧، وسير أعلام النبلاء: ١٠/ ٤٩٠. ٢ ترجمته في الفهرست: ٢٤٣، وتاريخ بغداد: ٢/ ٦٢، وتاريخ ابن عساكر: ٣٧/ ٢٤٨، والإرشاد: ١٨/ ٤٠، وتذكرة الحفاظ: ٢/ ٧١٠، وميزان الاعتدال: ٣/ ٢٩٨، ومرآة الجنان: ٢/ ٢٦١، وطبقات السبكي: ٣/ ١٢٠. ظهرت محاولة النحاة في إيجاد قراءة سليمة، وملزمة للقرآن الكريم في العصر الأموي "٤٠-١٣٢هـ" إلا أنها تلقت معارضة شديدة، وأغلب الظن أن أبا عمرو بن العلاء كان أعظم من مثل هذا الاتجاه في الكتابة والتأليف. العصر الأموي ٤٠-١٣٢هـ: قد كاد أن يقع الإجماع على أنه لم يدون في العصر الأموي من العلوم على وجه الصحة، إلا النحو في رسائل صغيرة، والحديث في الكتاب الذي أمر به الخليفة الخامس من الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز١ تـ/ ١٠١هـ/ ٧١٩م، والتابعين من كتب التفسير وعلوم القرآن، فليس إلا مجموع روايات منقولة عنهم، صحيحة أو ضعيفة جمعت، ودونت من طرف بعض علماء العصر العباسي "١٣٢-٦٥٦هـ" ، وسمي هؤلاء باسم الصحابة، والتابعين الذين نقلت عنهم هذه الروايات من ذلك تفسير ابن عباس رضي الله عنهما٢، وقد طبع بمصر قديما، وروي عنه بطرق ضعيفة، وليس معنى ذلك أنه لم يدون في عصر بني أمية أي كتاب أو لم يكن هناك علماء، وأئمة في العلوم الدينية بإمكانهم التأليف في الكتب الجامعة، ولكنهم كانوا يحجمون عن التأليف؛ لأنه لم يؤثر أمر صريح صحيح بتدوين كتب الدين سواء عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو صحابته رضوان الله عليهم، باستثناء القرآن الكريم، وكان بعضهم يظن أن التأليف بدعة في الإسلام ففضلوا الرواية، والحفظ خوفا أن يفسروا كتبا، ومؤلفات لا يعلمون مدى مبلغ صحتها وعدم صحتها. ومن علماء العصر الأموي في القراءات القرآنية: ١- المقرئ الفقيه عبد الله بن عامر بن يزيد اليحصبي الدمشقي٣. تـ/ ١١٨هـ/ ٧٣٦م، وقد عد في الجيل الأول من التابعين، وهو أسن علماء القراءات السبع الصحيحة عمرا، وتولى القضاء في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك. ١ ترجمته في المشاهير: ١٧٨. ٢ ترجمته في أسد الغابة: ٣/ ٣٤٠، والإصابة: ١/ ٣٣٨، وتاريخ بغداد: ١/ ١٧٣، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٤٠، والشذرات: ١/ ٧٥، وطبقات الشيرازي: ٤٨، والعبر: ١/ ٧٦، النجوم الزاهرة: ١/ ١٨٢، وطبقات القراء: ١/ ٤١. ٣ ترجمته: في الجرح والتعديل: ٢/ ١٢٢، والفهرسة، ٢٩، والتيسير للداني: ٥/ ٢٧٤، ومعجم حفاظ القرآن: ١/ ٣٦٥. ٢- المقرئ الفقيه عبد الله بن كثير بن عبد المطلب المكي١. تـ/ ١٢٠هـ/ ٧٣٧م، وهو أحد أصحاب القراءات السبع المشهورين بالقراء، روى عن عدد من الصحابة والتابعين، كان مقرئا للقرآن الكريم، حافظا له كما كان ضليعا في اللغة، تولى منصب القضاء بمكة المكرمة. ٣- المقرئ الفقيه عاصم٢ بن أبي النجود أحد القراء السبعة، عاش في الكوفة، وروى الحديث عن جماعة من التابعين، حتى عد من علماء الحديث، والقراءات القرآنية تـ/ ١٢٧هـ/ ٧٤٥م. العصر العباسي "١٣٢-٦٥٦هـ" : عرفت الأمصار الإسلامية: البصرة، والكوفة والشام، في هذا العصر تطورا كبيرا في الدراسات العلمية المختلفة في شتى مجالات الثقافة، وخاصة علم القراءات، ولا يخفى ما أسهم به النحاة وأهل اللغة في إغناء تلك الدراسات، فإليهم ترجع المحاولات الجادة في كل المواضيع الصعبة، ويظهر منهج أبي عبيدة٣ اللغوي البصري. تـ/ ٢١٠هـ/ ٨٢٥م المحدد في شرح تلك المواضيع، فقد حاول أن يحدد لها شواهد من الشعر العربي القديم، وأن يفسرها بشذوذ اللغة، ومن الذين حاولوا ذلك أيضا اللغوي الكبير إمام النحاة سيبويه٤ تـ/ ١٨٠هـ/ ٨٩٦م، الذي اعتمد القراءة الشائعة في البصرة، وفي مراكز أخرى، ولم يطلع على القراءة الدمشقية، وقد اتخذ أبو عبيد القاسم بن سلام٥ تـ/ ٢٢٤هـ/ ٨٣٨م، في قضايا الخلاف بين مدرستي البصرة والكوفة، ووقف من ذلك موقف الإنتقاء، وأدخل فيه من القراءات مبدأ الاختيار، ونهج هذا النهج أبو حاتم السجستاني٦. تـ/ ٢٥٥هـ، /٨٦٨م وقد لا يفضي هذا إلى تفضيل قراءة على قراءة، وانتهت تلك القراءة بسيادة التيار ١ ترجمته في الفهرس: ٢٨، والتيسير: ٢/ ٥١، ووفيات الأعيان: ٥/ ٣٦٧، وغاية النهاية: ١/ ٤٤٣، والتهذيب: ٥/ ٣٦٧، والجرح والتعديل: ٢/ ٤٤، والأعلام: ٤/ ٢٥٥، ومعجم الحفاظ: ١/ ٣٦٥. ٢ ترجمته في الفهرس: ٢٩، والتسيير: ٩-٦، ووفيات الأعيان: ٨/ ٣٤٦، وميزان الاعتدال: ٢/ ٥، والتهذيب: ٥/ ٣٨، والأعلام: ٤/ ١٣، ومعجم حفاظ القرآن: ١/ ٣٣٠. ٣ ترجمته في طبقات ابن سعد: ١/ ٦٠٢. ٤ ترجمته في الفهرس: ٢٩. ٥ ترجمته في طبقات ابن سعد: ٧/ ٩٣، والتاريخ الكبير: ٧/ ١٧٢، والمعارف: ٥٤٩، وتاريخ بغداد: ١٢/ ٤٠٣، وطبقات الفقهاء للشيرازي: ٦/ ١٦٢، ووفيات الأعيان: ٤/ ٦٠، وتذكرة الحفاظ: ٢/ ٤١٧، وسير الأعلام: ١٠/ ٤٩٠، وميزان الإعتدال: ٣/ ٣٧١، ومرآة الجنان: ٢/ ٨٣، والعبر: ١/ ٣٩٢، وغاية النهاية: ٢/ ١٧، والشذرات: ١/ ٢١٩. ٦ ترجمته: في الجرح والتعديل: ٤/ ٢٠٤، والفهرست: ٥٨، والأنساب للسمعاني: ٢٩١، ونزهة: ١٤٥، ووفيات الأعيان: ٢/ ٤٣٠، ومرآة الجنان: ٢/ ١٥٢، والبداية والنهاية: ١٢/ ٢، وغاية النهاية: ١/ ٣٢٠، ومعرفة القراء الكبار: ١/ ٢١٩. السلفي الذي انتشر بعد ذلك في جل الأمصار الإسلامية، وقد نشأ نظام القراءات السبع من جميع القراء، وناهيك عن كتاب السبعة لأبي بكر بن مجاهد الذي جمع القراءات السبع في نسق واحد، وكان ذلك لأول مرة في تاريخ هذا الفن، وقد جمع هذا اللغوي المقرئ في كتابة كتابه القراء السبعة الذين اختارهم، وهم زيادة على قراء العصر الأموي. من علماء العصر العباسي في القراءات القرآنية: ١- أبو عمرو بن العلاء بن عمار البصري أحد القراء السبعة، عرض على الحسن، وأبي العالية وعاصم وغيرهم، ثقة صدوق زاهد. تـ/ ١٥٤هـ/ ٧٧٠م١. ٢- حمزة بن حبيب بن عمار الزيات الكوفي، عد في القراء السبعة، وهو عالم بالقراءات والفقه، أورد له ابن النديم كتاب القراءة، وكتاب الفرائض. ت/ ١٥٦هـ/ ٧٧٣م٢. ٣- علي بن حمزة الكسائي. تـ/ ١٨٩هـ/ ٨٠٤م، إمام المسلمين في القراءات والعربية، فريد عصره في لغة العرب وأعلم أقرانه بالغريب، هو أبو الحسن مولى بني أسد، وكان من أولاد الفرس من سواد العراق انتهت إليه رئاسة القراءة بالكوفة بعد وفاة شيخه حمزة بن حبيب٣. ٤- نافع بن عبد الرحمن الليثي أحد أصحاب القراءات السبع نشأ بالمدينة، أخذ العلم قراءة عن سبعين من التابعين، ورغم ذلك فلا يعد ثقة عند البعض، ومن تلامذة الأصمعي، وقالون وورش، والأزرق٤ ت/ ١٦٩هـ/ ٨٨٥م. ١ ترجمته: في الفهرس: ٣١، وتاريخ بغداد: ٧/ ١٤٤، والإرشاد: ٢/ ١١٦، وغاية النهاية: ١/ ١٣٩، وطبقات الشافعية: ٢/ ١٠٢، والأعلام: ١/ ٢٤٦، ومعجم المؤلفين: ٢/ ١٨٨. ٢ ترجمته: في التاريخ الصغير: ٢/ ٢٤٧، والتاريخ الكبير: ٦/ ٢٦٨، والجرح والتعديل: ٦/ ١٨٢، والفهرس: ٢٩، وتاريخ بغداد: ١١/ ٤٠٣، والإرشاد: ١٣/ ١٦٧، ووفيات الأعيان: ٣/ ٢٩٥، والعبر: ١/ ٣٠٢، وسير أعلام النبلاء: ٩/ ١٣١، ومرآة الجنان: ١/ ٤٢١، والشذرات: ١/ ٣٢١، وطبقات المفسرين: ١/ ٣٩٩. ٣ ترجمته: في طبقات ابن سعد: ١/ ٢٨٨، والتاريخ الكبير: ٩/ ٥٥، والمعارف: ٥٣١، والفهرست: ٢٨، والمشاهير: ١٤٣، والكامل: ٥/ ٣٨، ووفيات الأعيان: ٣/ ٤٦٦، وسير أعلام النبلاء: ٦/ ٤٠٧. ٤ ترجمته: في المعارف: ٢٦٣، والفهرس: ٢٩، والتيسير: ٦-٧، وميزان الاعتدال: ١/ ٢٨٤، وغاية النهاية: ١/ ٢٦١، والتهذيب: ٣/ ٢٧، والأعلام: ٢/ ٣٠٨، ومعجم المؤلفين: ٤/ ٧٨. ٥ الأزرق هو، أبو يعقوب بن عمر بن يسار المدني الشهير بالأزرق، قرأ على ورش عشرين ختمة، وتولى رئاسة الإقراء بمصر بعد إمامه ورش. ت/ ٢٤٠هـ، ومن أشهر رواته: أبو بكر بن عبد الله بن يوسف، وأبو الحسن إسماعيل بن عبد الله النحاس. الجدول البياني للقراء السبعة ورواتهم: صورة سكانر ١ ترجمته: في الفهرس: ٢٨، والتيسير: ٦، وتاريخ بغداد: ٨/ ١٨٦، وميزان الاعتدال: ١/ ٢٦١، وغاية النهاية: ١/ ٢٥٤، والتهذيب: ٢/ ٤٠٠، وأعلام: ٢/ ٢٩١. ٢ ترجمته: في الجرح والتعديل: ٢/ ٧١، والعبر: ١/ ٤٥٥، وميزان الاعتدال: ١/ ١٤٤، ومرآة الجنان: ٢/ ١٥٦. ٣ ترجمته في طبقات القراء الكبار: ١/ ٢٣٥. ٤ ترجمته: في الجرح والتعديل: ٥/٥، وتاريخ الإسلام: ١٦٢، والكاشف: ٢/ ٧١، والشذرات: ٢/ ١٠٠، ومعرفة القراء: ١/ ١٩٨. ٥ ترجمته: في التاريخ الكبير للبخاري: ٢/ ٣٦٣، والجرح والتعديل: ٣/ ١٧٣، والكاشف: ١/ ٢٤٠، وميزان الاعتدال: ١/ ٥٥٨، ومرآة الجنان: ١/ ٣٧٨، وغاية النهاية١/ ٢٥٤، والشذرات: ١/ ٢٩٣، والتهذيب: ١/ ١٨٦. ٦ ترجمته في طبقات القراء الكبار: ١/ ٦٠. ٧ ترجمته في طبقات ابن سعد: ٧/ ١٧، وتاريخ البخاري الكبير: ٨/ ١٩٩، والصغير: ٢/ ٧١، والشذرات: ٢/ ٣٨٢، والجرح والتعديل: ٩/ ٦٦، وسير أعلام النبلاء: ١١/ ٣٢٠، وتذكرة الحفاظ: ٢/ ٤٥١، العبر: ١/ ٤٤٥، وغاية النهاية: ٢/ ٢٥٤. ٨ ترجمته في التاريخ الكبير: ٢/ ٣٦٣، والجرح والتعديل: ٣/ ١٧٣، والكاشف: ١/ ٢٤٠، وميزان الاعتدال: ١/ ٥٥٨، وغاية النهاية: ١/ ٢٥٤، والشذرات: ١/ ٢٩٣، والتهذيب: ١/ ١٨٦. ٩ ترجمته سبقت الإشارة إليها.. ١٠ ترجمته في الإرشاد: ٦/ ٢٠٦، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٦٥٩، ومعرفة القراء: ١/ ٢٣٠، وغاية النهاية: ٢/ ١٦٥. ١١ ترجمته: سبقت الإشارة إلى مصادرها. ١٢ ترجمته: في الجرح والتعديل: ٣/ ١٨٣، وتاريخ بغداد: ٨/ ٢٠٣، والإرشاد: ٤/ ١١٨، والعبر: ١/ ٤٤٦، وميزان الاعتدال: ١/ ٥٦٦، وغاية النهاية: ١/ ٢٥٥، والنجوم الزاهرة: ٢/ ٣٢٣، والشذرات:٢/ ١١. ١٣ ترجمته في الجرح والتعديل: ٤/ ٤٠٤، والكاشف: ٢/ ٢٠، ومرآة الجنان: ٢/ ١٧٣، والنشر في القراءات العشر: ١/ ١٣٤، وغاية النهاية: ١/ ٣٣٢، والشذرات: ٢/ ١٤٣. ١٤ ترجمته: سبقت الإشارة إليها. = الجدول البياني للقراء الثلاثة المكملين للعشرة ورواتهم: صورة سكانر وبالإضافة إلى القراء السبعة الذين اختارهم ابن مجاهد، والثلاثة الذين اختارهم ابن الجزري١٠ الدمشقي. ت/ ٨٣٣هـ. ظهرت القراءات العشر، ثم أضيف إلى هذا الفن قراء آخرون وهم: = ١٥ ترجمته: في طبقات ابن سعد: ٧/ ٨٧، والجرح والتعديل: ٣/ ٣٧٢، والمعارف: ٥٣١، والعبر: ١/ ٤٠٤، والفهرست: ٣١، وتاريخ بغداد: ٨/ ٣٢٢، ووفيات الأعيان: ١/ ٢٤١، والنجوم الزاهرة: ٢/ ٢٥٦، وطبقات المفسرين: ١/ ١٦٣. ١٦ ترجمته: سبقت الإشارة إليها. ١٧ ترجمته: سبقت الإشارة إليها. ١٨ ترجمته: سبقت الإشارة إليها. ١٩ ترجمته: سبقت الإشارة إليها. ٢٠ ترجمته: في تاريخ خليفة ٤٠٥، وطبقات خليفة ٢٦٢، والتاريخ الكبير: ٨/ ٣٥٣، والمعارف: ٥٢٨، والمعرفة والتاريخ: ١/ ٦٧٥، والجرح والتعديل: ٩/ ٢٨٥، والمشاهير: ٧٦، والكامل: ٥/ ٣٩٤، ووفيات الأعيان: ٦/ ٢٧٤، وميزان الاعتدال: ٤/ ٥١١، ومرآة الجنان: ١/ ٢٧٣، وغاية النهاية/ ٢/ ٢٨٢، والتهذيب: ٢/ ٤٠٦، والشذرات: ١/ ١٧٦، ومعرفة القراء: ١/ ٧٢. ٢١ ترجمته: في معرفة القراء الكبار: ١/ ١١١، وغاية النهاية: ١/ ٦١٦. ١ ترجمته: في غاية النهاية: ١/ ٣١٥. ٢ ترجمته في طبقات ابن سعد: ٧/ ٣٠٤، والإرشاد: ٢/ ٥٢، ووفيات الأعيان: ٦/ ٣٠٩، والعبر: ١/ ٣٤٨، والكاشف: ٣/ ٢٩٠، ومرآة الجنان: ٢/ ٣٠، وغاية النهاية: ٢/ ٣٦٨، والنجوم الزاهرة: ٢/ ١٩٧، والشذرات: ٢/ ١٤. ٣ ترجمته: في الجرح والتعديل: ٨/ ١٠٥، والوافي بالوفيات: ٤/ ٣٨٤، ومعرفة القراء: ١/ ٢١٤، وغاية النهاية: ٢/ ٢٤٣. ٤ ترجمته: في الجرح والتعديل: ٣/ ٤٩٩، والكاشف: ١/ ٣١٣، ومعرفة القراء:١/ ٢١٤، وغاية النهاية: ١/ ٢٨٥، والتهذيب: ٣: ٢٩٦. ٥ ترجمته: في التراجم السابقة. ٦ في الفهرس: ٢٨، توجد ترجمته. ٧ ترجمته: في تاريخ بغداد: ٧/ ١٤، وتذكرة الحفاظ: ٢/ ٦٥٤، ومعرفة القراء: ١/ ٢٥٤، والعبر: ٢/ ٩٣، ومرآة الجنان: ٢/ ٢٢٠، وغاية النهاية: ١/ ١٥٤، والشذرات: ١/ ٢١٠. ٨ ترجمته: سبقت الإشارة إليها. ٩ ترجمته في الفهرس: ٢٨. ١٠ ترجمته في طبقات ابن سعد: ٧/ ١٥٦، وتاريخ البخاري: ٢/ ٢٨٩، والمعارف: ٤٤٠، والجرح والتعديل: ٤٠، والحلية: ٢/ ١٣١، ووفيات الأعيان: ٢/ ٥٩، والبداية والنهاية: ٩/ ٢٦٦، وغاية النهاية: ٤/ ١٠٨، والفهرست: ٢٠٢، والشذرات: ١/ ١٣٦. القراء الذين أضيفوا إلى العشرة: ١- الحسن البصري. ت/ ١١٠هـ/ ٧٢٨م١ ٢- ابن محيصن المكي. تم ١٢٣هـ/ ٧٤٠م٢ هو محمد بن عبد الرحمن السهمي المكي مقرئ أهل مكة مع ابن كثير. ٣- يحيى بن المبارك الكوفي. ت/ ١٤٨هـ/ ٧٥٦م٣. أبو محمد بن إبراهيم بن يوسف الشنبوذي. ت/ ٣٨٨هـ٤. وبتعدد هذه القراءات ظهرت مشروعية القراءات الأربع عشرة في فن القراءات الصحيحة المتواترة، ويلاحظ من خلال الجدول الأول الذي يضم القراء السبعة: - أن القراء السبعة ينسبون إلى الأمصار العلمية التي عرفت في العصرين الأموي والعباسي، والتي انبثق منها علم اللغة والقراءات، وتلك الأمصار هي: مكة، والمدينة، والبصرة والكوفة، والشام واليمن، ومصر والقيروان ... - إن لبعض هذه الأمصار الحظ الأوفر في إنجاب هؤلاء الأعلام مثل الكوفة. - إن هؤلاء كانوا من رجالات القرن الثاني الهجري، ومعظمهم أدرك أهل القرن الأول الهجري، وعنهم أخذوا هذا الفن من العلوم الإسلامية الخالصة. - إن معظم هؤلاء القراء من الموالي باستثناء أبي عمرو بن العلاء٥، وعبد الله بن عامر الشامي. - معظم هؤلاء القراء عاش طويلًا، فأتيح لهم أن يقرئوا الناس القرآن الكريم حقبة طويلة من الزمان.. ١ ترجمته في تهذيب الكمال: ١٤، والوافي بالوفيات: ٣/ ٢٢٣، وغاية النهاية: ٢/ ١٦٧، والتهذيب: ٧/ ٤٧٤، والشذرات: ١/ ١٦٢. ٢ ترجمته في طبقات ابن سعد: ٦/ ٣٤٢، والتاريخ الصغير: ٢/ ٩١، والجرح والتعديل: ٤/ ١٦٤، والمشاهير: ١١١، والحلية: ٥/ ٤٦، وتاريخ بغداد: ٩/ ٣، وميزان الاعتدال: ٢/ ٢٢٤، والعبر: ١/ ٢٠٩، ومرآة الجنان: ١/ ٣٠٥، والشذرات: ١/ ٢٢٠، وغاية النهاية: ١/ ٣١٥. ٣ ترجمته في طبقات ابن سعد ٦/ ١٤٨. ٤ ترجمته: سبقت الإشارة إليها. ٥ ترجمته: سبقت الإشارة إليها. - إن هؤلاء كانوا من العلم، والورع والاستقامة، والخلق الحسن في أعلى الدرجات وأسمى الصفات العلمية. - إن هؤلاء القراء تلقى عنهم القراءات جمهور كبير في مقدمتهم رواة مشهورون إما مباشرة، وإما بواسطة رواتهم الذين كان المغاربة من جملتهم.. - إن القراء السبعة اختارهم ابن مجاهد١. - إن القراء الثلاثة اختارهم ابن الجزري الدمشقي، وهم من علماء القرن الثاني الهجري، وبهم اكتملت القراءات العشر. - إن هؤلاء الثلاثة ينتسب كل منهم إلى قطر معين، فمنهم المدني، والبصري، والبغدادي. - إن جل هؤلاء عالم باللغة، والقراءات والحديث، والفقه ويتصفون بصفات الفضل والورع، والمعرفة الكافية بعلوم القرآن كالرسم، والضبط شأنهم في ذلك شأن القراء السبعة السابقين، وقد اهتم علماء الإسلام بقراءاتهم في كل أقطار العالم الإسلامي، وخاصة الغرب الإسلامي الذي مثله المغارية أحسن تمثيل.. الحكمة من تعدد القراءات القرآنية: ١- التيسير والتخفيف على الأمة الإسلامية في ترتيل القرآن الكريم؛ لأن في الناس الإنسان العادي، والمرأة، والشيخ والطفل، والقوي والضعيف مما لا يقدرون على النطق بغير لهجاتهم، وقد آنس الرسول عليه الصلاة والسلام فطلب من ربه عز وجل تخفيف المعاناة، فاستجاب له ربه، فخفف عن الأمة الإسلامية، فأنزل القرآن الكريم على سبعة أحرف: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسير منه" ٢، وبهذا النص النبوي الشريف يكون القرآن الكريم قد نزل على سبع قراءات متعددة ومتواترة صحيحة. ١ ترجمته: سبقت الإشارة إليها. ٢ أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: ٦/ ١٥٢، والإمام مسلم في صحيحه: ٢/ ٢٠٢، والمذهب المختار في ذلك هو: ١- الاختلاف في الأفراد والجمع ويتجلى في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} سورة المؤمنون: ٢٣/ ٨. ٢- الاختلاف في تصريف الفعل ويتجلى في قوله {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} سورة الأعراف: ٧/ ١٣٨. ٣- الاختلاف في وجوه الإعراب، ويتجلى في قوله تعالى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِب} سورة البقرة: ٢/ ٢٨٢. = ٢- أهمية شرح الألفاظ المتجلي في بعض القراءات، ومنه الوارد في الآية الكريمة في سورة القارعة: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} ١ وقد قرئت: "وتكون الجبال كالصُّوفِ المنقوش" ٢ فأفادت هذه القراءة شرح كلمة "العهن" في القراءة الثانية. ٣- أهمية بيان إظهار الأحكام، ويبدو من قراءة هذه الآية من سورة النساء {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} ٣ قرأ الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. تـ/ ٥٥هـ الآية بهذه القراءة: "وله أخ أو أخت من أم" ٤، فأفاد بهذه القراءة أن الأخ والأخت في الآية من الأم. ومن هذا القبيل قوله تعالى في سورة البقرة: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} ٥ قرأ بعض الصحابة "يطهرن" بالتشديد مبنية لمعنى قراءة التخفيف، وهي قراءة متواترة صحيحة. ٤- رفع التوهم غير المراد، ويظهر ذلك في قراءة الآية الكريمة من سورة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} ٦ قرأ بعض الصحابة رضوان الله عليهم "فاسعوا" ، فامضوا فالقراءة الأولى توهم وجوب الإسراع في المشي إلى الصلاة الخاصة بالجمع، والقراءة الثانية رفعت ذلك التوهم ووضحت معناه الحقيقي. ٥ إن الله تعالى تحدى بالقرآن الكريم جميع العرب بدون استثناء، فاعتادوا على معارضته، فلو جاء القرآن بلغة بعض العرب دون البعض الآخر لقال الذين لم يأت بلغتهم = ٤- الاختلاف في النقص والزيادة، ويتجلى في قوله تعالى: {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} وقرئ: تجري من تحتها بزيادة لفظ من: سورة التوبة: ٩/ ١٠٠. ٥- الاختلاف في التقديم والتأخير، ويتجلي في قوله تعالى: {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} سورة التوبة: ٩/ ١١١. ٦- الاختلاف بالأبدال ويتجلى في قوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} قرئ فتبينوا والقراءتان متواترتان، سورة الحجرات: ٤٩/ ٦. ٧- الاختلاف بالتباين في اللهجات، ويتجلى ذلك في قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} سورة طه: ٢٠/ ٩. ١ سورة القارعة: ١٠١/ ٥. ٢ كالصوف، وأخ وأخت من أم، فامضوا: روايات مختلفات لرسم المصحف العثماني، وذلك لنسخها بالعرضة الأخيرة للرسول على جبريل عليه السلام، واستقر الحال على ما استقر عليه، وهو القراءة الأولى، وما بعدها شاذ لا يعمل به. ٣ سورة النساء: ٤/ ١٢. ٤ سورة النساء: ٤/ ١٢. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٢. ٦ سورة الجمعة: ٦٢/ ٩. لو جاء بلغتنا لأتينا بمثله، فقال عز من قائل في سورة الإسراء: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} ١. ٦- إن تعدد قراءات القرآن الكريم حمل النحاة على توجيهها، فأغنى هذا التوجيه اللغة العربية، وقد اعتني كليا بتوجيه القراءات العلماء القراء، والأئمة فخصوها بالتأليف والقراءة، فظهر في هذا الباب كتاب الحجة لأبي علي الفارسي، وكتاب الكشف لمكي، والمحتسب لابن جني، وهو كتاب في توجيه الشواذ. ٧ إن أهمية فضائل تعدد القراءات القرآنية هو إظهار السر الإلهي في كتابه العزيز، وصيانته وحفظه من التبديل والتغيير، والتحريف والاختلاف مع كونه على هذه الأوجه المتعددة التي نزل بها الوحي الكريم على الرسول الأمين -صلى الله عليه وسلم، وجاء بها أولئك الأئمة الأفذاذ الذين كرسوا حياتهم لصيانة هذا الكتاب الذي: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} ٢. ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٨٨. ٢ سورة فصلت: ٤١/ ٤٢. الخلاصة: إن القراءات الصحيحة والثابتة، والمتواترة كثيرة جدا، ولا يمكن حصرها، ولا يجوز في القراءات أبدا، لا في السبع، ولا في العشر، ومن خلال هذه الملاحظة كره جمهور من العلماء، والأئمة خطئوا ابن مجاهد في هذا الاقتصار على السبعة، وهم على حق في ذلك. إن علماء الأمة الإسلامية وقراءها كادوا أن يجمعوا على أن اختلاف القراءات، كان لا بد منه ورصدوه في: ١- إنه في رأيهم قد يكون عائدا على اللفظ فقط وأن المعنى واحد، ويظهر من خلال: الإدغام وعدمه، والترقيق والتفخيم والإمالة وعدمها، والتغليظ في اللام والراء، والنون الساكنة والتنوين ... ٢- إنهم رأوا أن الخلاف لا يكون في المعنى، وبشكل لا تناقض فيه وضربوا لذلك أمثلة بما ورد في سورة سبأ: قال تعالى: "باعد" ١ وقراءة: "بعد" والقراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق يجب الإيمان بها جميعا، واتباع ما تتضمنه المعنى بالعلم والعمل، ولا يجوز بحال من الأحوال التخلي عن العمل بإحدى هذه القراءات لأجل القراءة الأخرى. أما مجهود المغاربة في هذا الباب فهو مجهود كبير، وخير دليل العمل الذي قام به الإمام الخراز، وما قام به الإمام ابن عاشر رحمهما الله وأسدل عليهما شآبيب الرحمة. إن نظام هذه القراءات جميعها معروف، ومتواتر في العالم الإسلامي والعربي إلا أنه شرع يعز، ويختفي عن الكثير من الأقطار الإسلامية والعربية بموت علمائه وأئمته، فليتبادر أهل النية الحسنة، وليتدارك أهل الغيرة الدينية للحفاظ على هذا الفن العتيق من القراءات الصحيحة المتواترة امتثالا لقوله عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ٢. والله الموفق للصواب. ١ سورة سبأ: ٣٤/ ١٩. قال تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} . ٢ سورة الحجر: ١٥/ ٩. العلماء القراء الذين توفرت فيهم شروط الأئمة ومن العلماء القراء الذين توفرت فيهم شروط الأئمة: فشهد لهم عملهم بالرسوخ والثبات نذكر ١- العالم المقرئ الإمام الخراز١ "هـ ... ٧١٨هـ/ ٨١٨م" التعريف به: هو أبو عبد الله مح رمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله الأموي الشريشي، المشهور بالخراز الأندلسي الفاسي، عاش في ظل دولة بني مرين. نسبه: ينتسب الإمام الخراز إلى أموي الأندلس، ويقال: إن أهله كانوا من قرية شريش على مقربة من إشبيلية وإلى هذه القرية ينتسب. كان الإمام الخراز بارعا في مقرأ نافع٢ دون منازع، متقنا للرسم والضبط، وفيه يقول ابن الجزري٣: إمام كامل، ومقرئ متأخر، كرس حياته لدراسة القرآن، وتعليم كتاب الله العزيز، وتخرج على يديه جمهور من القراء، ومن أتقن أهل هذا الفن، ومن هؤلاء على سبيل المثال: أبو محمد بن أجطا الصنهاجي٤ الشهير بالشارح؛ لأنه أول من شرح مورد الظمآن. ١ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان: ٢/ ٢٠٠-٢٤٨ الكتاني في السلوة: ٢/ ٢٧٠-٢٧٢ وفهرس المخطوطات العربية للخزانة العامة: ط، ١٩٥٤، ي، س علوش، وعبد الله الرجراجي حرف: د رقم: ٦٠٧، ٦٠٨، ٦٣٢، ٦٤٩، ٦٥٤، ٧٤٥، ٩٣٨، ١٥٣٢، وعبد الله كنون النبوغ المغربي، ص: ٢٠٩ وذكرانه توفي سنة ٨١٨هـ ولعله خطأ مطبعي؛ لأن وفاته في كل المصادر والمراجع سنة ٧١٨هـ/ ٨١٨م، وسعيد أعراب في القراء والقراءات "٣٥-٣٤" . ٢ الإمام نافع هو أبو رؤيم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني أحد القراء السبعة: ت/ ١٦٩ هـ طبقات القراء: ٢/ ٣٣٠، والميزان ٥٢٦. ٣ ابن الجزري هو أبو عبد الله محمد بن أبي الخير الشافعي المقرئ المتوفى بشرار سنة ٨٣٣ هـ. بروكلمان: ٢/ ٢٧٤، دائرة المعارف الإسلامية: ٣٩٦-٣٩٥، والسلوة: ١/ ٦١٦، ومخطوط الخزانة العامة حرف: د رقم: ٥٠٣، ٧٢٦، ١٦٤٢. ٤ أبو محمد عبد الله بن عمر الصنهاجي الشهير بابن اجطات / ٧٥٠ هـ بفاس، القراء والقراءات بالمغرب: ص.٤. أهم ما خلفه الإمام الخراز في ميدان الرسم والضبط: * عمده البيان في رسم القرآن، وهو رجز في الرسم١. * شرح الحصرية٢. * شرح العقيلة٣. * شرح الدرر اللوامع٤. * رجز في الضبط، وقد جعله ذيلا لعمدة البيان٥. * مورد الظمآن في رسم أحرف القرآن، وبه اشتهر الإمام الخراز، وفي هذا يرى المؤرخ الاجتماعي عبد الرحمن بن خلدون أنه كان آخر مدرسة بالغرب الإسلامي في هذا الفن حيث يقول في الفصل الخامس من مقدمته، في علوم القرآن من التفسير والقراءات٦ حيث قال: "وانتهى بالمغرب إلى أبي عمرو الداني المذكور، فكتب فيها كتبا من أشهرها المقنع، وأخذ به الناس وعولوا عليه، ونظمه أبو القاسم الشاطبي، في قصيدته المشهورة على روى الراء وولع الناس بحفظها، ثم كثر الخلاف في الرسم في كلمات وحروف أخرى، ذكرها أبو داود سليمان بن نجاح من موالي مجاهد في كتبه، وهو من تلاميذ أبي عمرو الداني والمشتهر من محمل علومه، ورواية كتبه، ثم نقل بعده خلق آخر، فنظم الخراز من المتأخرين بالمغرب أرجوزة أخرى، زاد فيها على المقنع خلافا كثيرا وأوعزه لناقليه، واشتهرت بالمغرب، واقتصر الناس على حفظها، وهجروا بها كتب أبي داود، وأبي عمرو والشاطبي في الرسم٧، وأرجوزة مورد الضمآن المقصودة بالشرح، والتحقيق تقع في أربعمائة وأربعة وخمسين بيتا." وقد ألحق بها أرجوزة أخرى في الضبط، وهي في "١٥٤" ٨ بيتا، فيكون مجموع الأبيات هو: "٦٠٩ بيتا" . ١ وفيه يقول: سميته بعمدة البيان في رسم ما قد خط في القرآن. مخطوط الخزانة العامة -الرباط، حرف: د رقم ١٣٧١، وأورده بروكلمان في تاريخه: ٢/ ٣٤٩. ٢ سعيد أعراب، القراء والقراءات بالمغرب: ٣٥. ٣ بروكلمان في تاريخه: ١/ ٧٢٦، وسركيس في معجمه: ١٠٩٢، ومخطوط الخزانة العامة، حرف: د رقم ١١٩٨. ٤ بروكلمان في تاريخه: ٢/ ٢٤٨، ومخطوط الخزانة العامة حرف: د تحت الأرقام: ٨١٥، ٩٠٨، ٩٢٩، ١٠٦٠، ١١٤٧. ٥ سعيد أعراب، القراء والقراءات: ٣٥. ٦ مقدمة ابن خلدون: ٤٣٦، ط. دون تاريخ. ٧ مقدمة ابن خلدون ٤٣٧، دار البيان لبنان دون تاريخ. ٨ تونس المطبعة التونسية سنة ١٣٥١هـ، وتتضمن ٦١٠ من الأبيات. وأما النسخة المطبوعة بتونس ففيها "٦١٠ أبيات" ١. وقد اعتمد الإمام الخراز على كتاب المقنع لأبي عمرو الداني، كما اعتمد على التنزيل لابن نجاح٢. وأبو زيد بن القاضي ت/ ١٠٨٢هـ٣. وأبو إسحاق إبراهيم المارغني: ت/ ١٣٤١. وهو أحد شراح: دليل الحيوان على مورد الظمآن، وذيله بشرح على الإعلان لابن عاشر: تنبيه الخلان على الإعلان بتكميل مورد الظمآن٤. مختصرات مورد الظمآن: اختصره أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنسي ت/ ٨٩٩ ٥. والفقيه الخراز في عمله تكلم على الرسم، واقتصر على الشيخين، ولم يشر إلى ضبط٦ باقي القراء السبعة على خلاف ما ذهب إليه الإمام الداني، وأبو داود بن نجاح، ويعرف هذا من كتاب: طراز التنسي، وهو مؤلف عظيم، وضعت لشأنه الحواشي والتعاليق، وخصه بعضهم بالبحث والمناقشة والدراسة، فكان ذلك بحق خدمة لمورد الضمآن للإمام الخراز. من أهم بعض التعليقات والشروح: - تعليق لأبي العلاء المنجرة، وابنه أبي زيد٧. - وحاشية أبي زيد عبد الرحمن بن إدريس المنجرة ١١٧٩هـ٨. - وحاشية أبي الحسن بن يوسف الزياتي ت/ ١٠٢٣هـ٩. ١ مقدمة ابن خلدون: ٤٣٧. ٢ كان الفراغ من المنظومة في شهر صفر عام ٧١١هـ، طبعة تونس ١٣٥١هـ. ٣ كان الفراغ من رجز الضبط عام ٧٠٣هـ طبعة تونس ١٣٥١هـ. ٤ السلوة: ٢/ ٢٢٣. ٥ تراجم المؤلفين التونسيين رقم ٤٩٤. ٦ السلوة: ٢/ ٢٧٢-٢٧٠. ٧ السلوة: ٢/ ٢٧٠. ٨ السلوة: ٢/ ٢٧٣-٢٧٠. ٩ السلوة: ٢/ ٢٧٢-٢٧٠. - وطرر عبد الواحد بن عاشر على التنسي١. - وشرح ضبط الإمام الخراز لأبي زيد التنهيلي القصري٢. - بعض الشروح المختصرة: - شرح أبي عثمان سعيد بن سعيد الحزولي٣. - شرح أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي ت/ ٨٧٠هـ٤. - وعنوان الدليل لأبي العباس أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي المراكشي ت/ ٧٢١هـ٥ المعروف بابن البناء. - أرجوزة في الضبط عبد الله القيسي ت/ ٨١٠هـ٦. - شرح أبي زيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن عطية ت/ ٨١٨هـ٧. - شرح أبي وكيل ميمون الفخار ت/ ٨١٦هـ٨. - تأليف أبي العباس أحمد بن العياش الصنهاجي اليحمدي٩. وفاة الإمام الخراز: توفي الإمام الخزار بفاس سنة ٧١٨هـ، وحضر في تشييع جنازته جمهور غفير من العلماء والطلاب والأعيان، ودفن بمقبرة الجيارين، وظل قبره معروفا لحقبة من الزمان، إلا أن تقادم الزمان وذهاب الأجيال، وجعلت معالمه تختفي، وآثاره تندثر، فالبقاء لله وحده. فرحمه الله رحمة واسعة. ١ بروكلمان: ٢/ ٣٣٦. ٢ السلوة: ٢/ ٢٧٠. ٣ القراء والقراءات بالمغرب: ٨٣. ٤ القراء والقراءات بالمغرب: ٥٢. ٥ السلوة: ٢/ ٣١٨-٣١٦، بروكلمان: ٢/ ٢٥٣، سركيس: ٦٩٧. ٦ عنوان الدليل، تحقيق، هند شلبي "ص: ١٧-١" دار الغرب الإسلامي ١٩٩٠. ٧ القراء والقراءات بالمغرب: ٥٣. ٨ القراء والقراءات باالمغرب: ٥٤. ٩ نفس المرجع: ٥٣. ٢- العالم الفقيه المقرئ عبد الواحد بن عاشر١. "٩٩٠-١٠٩٠هـ" "١٥٨١-١٦٣١م" التعريف به: عبد الواحد بن عاشر، هو أبو محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عاشر الأنصاري الأندلسي، المغربي الفاسي. هاجر أجداده من الأندلس إلى المغرب، وبعد مدة سكنت أسرته مدينة فاس العلمية. مولده: ولد عبد الواحد بن عاشر بمدينة فاس سنة ٩٩٠هـ الموافق سنة ١٥٨١م، في أسرة علمية، وذات فضل وعلم ووقار وورع، فنشأ على حب العلم، ومكارم الأخلاق، فتربى تربية دينية ملتزمة، في فقه وعلم وأدب. نشأته: فتدرج الطفل على عادة الصبيان يتردد على الكتاب لحفظ القرآن الكريم حتى أظهره، وأتقنه رسما وضبطا، وجوده ببعض الروايات على زمرة من شيوخ هذا الفن، ثم انتقل إلى حفظ المتون وفنون القراءات. أشياخه: تلقى عبد الواحد بن عاشر علم الرسم والضبط على يد جماعة من علماء القرويين الأفذاذ الذين منهم: * إمام العصر في الرسم، والضبط العباس اللمطي٢. * أبو العباس الكفيف الذي أخذ عنه القراءة القرآنية بالروايات السبع٣. * أبو عبد الله الشريف المريني التلمساني٤. ١ أورده بروكلمان في تاريخه: ١/ ٧٣٤-٧٣٣، ٢/ ٧٠٠-٦٩٩، والكتاني سلوة الأنفاس: ٢/ ٢٧٠، ٣٤-٣، وصاحب نشر المثاني: ١/ ١٥٣، وسركيس في معجمه: ١٨٢١، ومخطوط الخزانة العامة، حرف: د رقم ١٢٠٢، ١٦٤٨. ٢ اللمطي عبد العزيز بن عبد الواحد اللمطي الفاسي، ت/ ٩٦٤هـ/ ١٥٥٧م، بالمدينة المنورة، ترجمته في إجازة سيدي عبد القادر الفاسي ص. ٣١٦. ومخطوط الخزانة العامة حرف د رقم ٩٧. ٣ أبو العباس الكفيف، والقراءات بالمغرب ٤٧. ٤ أبو عبد الله الشريف المريني التلمساني، القراء والقراءات بالمغرب ٤٧. * الشيخ القصار الذي كان يعد أكبر عالم في علوم القرآن والقراءات في زمانه، فكان من حظ عبد الواحد بن عاشر أنه تتلمذ عليه١. * كما تتلمذ على أبي القاسم بن القاضي٢. * ومن فقهائه أبو عبد الله الجنان٣ وغير هؤلاء كثير. * والفقيه عبد الواحد بن عاشر عالم جليل، وفقيه كبير في الغرب الإسلامي٤ أيام السعديين، تبحر في الموسم، والضبط وعلوم القرآن والقراءات، والفقه واللغة والأصول. كان رحمه الله مشاركا في جل الفنون، وقد ثابر على التعليم، والبحث والتجوال حتى تفرد في عصره بعلم الرسم، والضبط، فكان من تلاميذه: ١- الشيخ ميارة٥. ٢- الحافظ أبو زيد٦، وغير هؤلاء كثير ... رحلاته: رحل الفقيه عبد الواحد بن عاشر إلى الحجاز، قصد أداء فريضة الحج، وفي هذا البلد الأمين نظم أرجوزة في الفقه والعقائد، والتصرف "المرشد المعين ..." وانتشرت هذه المنظومة في الشرق العربي، والغرب الإسلامي، وأقبل عليها الناس حفظا وشرحا ودراسة. والفقيه عبد الواحد بن عاشر كان يرى أن قراءة القرآن في الجنائز بدعة منكرة تجب محاربتها لانعدام النص في ذلك، ومن المدهش أن جل المغاربة يحفظون هذه المنظومة، إلا أنهم يقرأون القرآن على موتاهم في المقابر. ١ الشيخ القصار، نفس المرجع: ٤٧. ٢ أبو القاسم بن القاضي، سلوة الأنفاس: ٢/ ٢٢٣. ٣ أبو عبد الله محمد بن أحمد الغرناطي الشهير بالجنان، درة الحجال: ١/ ٢٦٥. ٤ ميارة هو أبو عبد الله بن ميارة الفاسي "١٠٧٢-٩٩٩هـ" النبوغ المغربي ٢٤٩، وبروكلمان: ٢/ ٦٩٩، ومخطوط الخزانة العامة، حرف: د رقم ٦٨٦، ٨٦٤، ٨٢٩٠، ١٥٠٥، ١٠٥٤. ٥ أبو عبد الرحمن بن أبي القاسم بن القاضي "١٠٨٢-٩٩٩هـ" السلوة: ٢/ ٢٢٣. ٦ أورد النظم بروكلمان: ٢/ ٦٩٩، وسركيس في معجمه ١٥٥، ونشر المثاني: ١/ ١٥٣، ومخطوط الخزانة العامة، حرف: د، رقم: ٧٣٤، ٨٣٢، ١٢٩٩، ١٣٧١. وباختصار شديد، فقد كان الفقيه عبد الواحد بن عاشر مثال العالم، والقدوة، والعامل لإحياء السنة، ومحاربة البدعة اختصر في منظومته: العقائد الأشعرية، والعبادات الفقهية على مذهب مالك، وختمها بالتصوف الجنيدي، فكانت سهلة المنال سهلة الاستيعاب، وانتشرت في الغرب الإسلامي انتشارا واسعا. وفاته: توفي الفقيه عبد الواحد بن عاشر سنة ١٠٤٠هـ الموافق لسنة ١٦٣١م، تاركا وارءه تراثا علميا، أغنى به الفكر العقدي، والفقهي بالغرب الإسلامي، فكان بحق مفخرة علمية في عهد الدولة السعدية في فن الرسم والضبط، وعلم القراءات "تنبيه الخلان على الإعلان بتكميل مورد الضمآن في رسم الباقي من قراءات الأئمة الأعيان ..." . آثاره: المرشد المعين على الضروري من علوم الدين - شرح مختصر خليل١. - الإعلان بتكميل مورد الظمآن٢. - أرجوزة في التوقيت٣. - تعليق على كبرى السنوسي٤. ١ الخزانة العامة، حرف: د رقم ١٣٨٢. ٢ تنبيه الخلان إلى شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن، ص. ٤٦٠-٤٣٥، مكتبة الكليات الأزهرية، وهو ذيل لدليل الحيران الذي يشرحه العلامة إبراهيم أحمد المارغني التونسي، دون تاريح. ٣ شجرة النور الزكية: ٢٦٦، دائرة المعارف الإسلامية: ٤/ ١٦٠-١٥٩. ٤ القراء والقراءات بالمغرب: ٤٧. ٣- العالم الفقيه المقرئ المارغني١ التونسي: "١٢٨١-١٣٤٩هـ" "١٨٦٥-١٩٣١م" التعريف به: هو، إبراهيم بن أحمد بن سليمان المارغني التونسي، ينسب إلى قبيلة بساحل حامل من أعمال ليبيا، وينسب إليها أيضا عمر بن مجا المارغني دفين الداموس من قرى الساحل التونسي، وحفيده المارغني، دفين الخمس بليبيا بزاوية، تزار وتقصد في قضاء الحوائج قراءة وضيافة. مولده: ولد المارغني بتونسي سنة ١٢٨١هـ/ ١٨٦٥م، ودخل الكتاب في صباه وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بجامع الزيتونة فقرأ على شيوخها. شيوخه: درس على جماعة كبيرة من علماء الزيتونة في شتى الفنون، وكان من أبرز هؤلاء: - مفتي المالكية عمر بن الشيخ وهو أخص شيوخه، وأكثرهم ملازمة وقراءة٢. - محمود بيرم٣. - سالم بوحاجب٤. - محمود بن الخوجة الحنفي رئيس الفتوى بجامع الزيتونة٥. - محمد النجار٦ ٥/ ١٦. - محمود بن محمود٧ ٥/ ٢٤١. - إسماعيل الصفا يحيى٨ ٥/ ٢٤١. - عمار بن سعيدان٩ ٣/ ٢٤١. ١ محمد محفوظ: تراجم المؤلفين التونسيين ٤/ ٢٣١-٢٢٩، ط، ١٩٠٥/ ١٩٨٥. ٢ نفس المرجع: ٤/ ٢٢٩. ٣ نفس المرجع: ٤/ ٢٢٩. ٤ نفس المرجع: ٤/ ٢٢٩. ٥ نفس المرجع: ٤/ ٢٢٩. ٦، ٧، ٨، ٩ نفس المرجع السابق. وقد أخذ القراءات وعلم التجويد على يد الشيخ محمد بن يالوشة، وعليه تخرج في القراءات السبع، والعشر، وصاهره في ابنته، وانتدبه خليفة له في مجلس علمه وخطبه. - إبراهيم نور الدين١ ٥/ ٤٩. - الشاذلي صدام٢ ٣/ ٢٣٠. نال المراغني شهادة التطويع، والتي لا تعطي إلا لمن تبرز في العلوم، ونال رضا علماء عصره، وذلك سنة ١٢٩٩هـ ١٨٨٢م، ودرس بجامع الزيتونة كتب التوحيد، والقراءات والفقه، والبلاغة وعلومها وعلم المواريث، والفلك، والأدب والتفسير، والحديث والأصول. تلاميذه: - من تلامذته: الإمام محمد الطاهر بن عاشور. - محمد العزيز حفيظ٣/ ٣٧. - بلحسن النجار٤ /١٥. - محمد الصادق النيفر ٥ ٥/ ٧٩. - الطيب السيالة ٦ ٣/ ٩٩. - محمد بن البشير النيفر، ص. ٦٧، ج٥ ٧. - حسن السناوي الغدامسي٨. - محمد الجا يد ٩. - عبد السلام التونسي١٠. - عثمان بن الخوجة١١. - أحمد العياري، وابنه عبد الواحد١٢. - حمودة بن يحيى١٣. - الطيب السبعي١٤. - صالح الكسراوي١٥. ١، ٢ نفس المرجع. ٣، ٤، ٥، ٦ نفس المرجع. ٧ ترجم المؤلفين التونسيين ٥/ ٦٧. ٨، ٩، ١٠، ١١، ١٢، ١٣، ١٤، ١٥ تراجم المؤلفين التونسيين ٤/ ٢٣٠-٢٢٩. علمه: تولى التدريس بجامع الزيتونة من الطبقة الثانية في علم التجويد والقراءات.. كما عين مدرسا للسنة بالمدرسة العصفورية، ثم ما لبث أن يمسي من دارسي من الطبقة الأولى، ثم أصبح نائبا بالمجلس المختلط العقاري، وعضوا رسميا بعدبته، إلا أنه بدل تدريسه في القراءات بتدريس كل العلوم التي كانت تدرس بجامع الزيتونة، أو ملحقاتها. وفاته: توفي المارغني رحمه الله يوم الأحد ٣ ربيع الثاني عام ١٣٤٩هـ/ ١٩٣١م، ودفن بمقبرة أجداده بالزلاج، وحضر تشييع جثمانه جم غفير من العلماء والطلبة والعامة، ورثاه شيخ الأدباء محمد العربي الكبادي بقصيدة نقشت على قبره. مؤلفاته: ترك المارغني جملة المؤلفات والشروحات والتعاليق منها: * بغية المريد بجوهرة التوحيد، ط، تونس ١٣٤٤/ ١٩٢٦. * الشذرات الذهبية على العقائد الشرنوبية، ط. تونس ١٣٤١هـ. * حاشية على شرح ابن القاصح للشاطبية. * تأليف في القراءات. * شرح على رسالة الوضع. * شرح على البيقونية. * شرح على المرشد المعين. * شرح النجوم الطوالع على الدرر اللوامع في مقرآ نافع "مطبوع" . * شرح العقيدة الوسطى للسنوسي. * وأخيرًا شرح دليل الحيران على مورد الظمآن في فني الرسم والضبط، وهو المقصود بالشرح، والتحقيق في هذا الكتاب بحول الله. صورة سكانر صورة سكانر القسم الأول: فن الرسم مقدمة في شرح الحمدلة والأدعية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العظيم المنن ... ومرسل الرسل بأهدى سنن ابتداء بالبسملة ابتداء حقيقيا، وهو الابتداء بما يتقدم، أما المقصود ولم يسبقه شيء وبالحمدلة ابتداء إضافيا، وهو الابتداء بما يتقدم أمام المقصود وإن سبقه شيء اقتداء بالقرآن العظيم، وعملا بحديثي البسملة، والحمدلة فإنه ورد: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع" ١. وورد: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع" ٢. ويروى أبتر في الحديثين، ويروى أجذم فيهما، والمقصود من الثلاثة أنه ناقص، وقليل البركة، فهو وإن تم حسا لا يتم معنى، والمراد بالأمر ما يعم القول، كالقراءة، والفعل، كالتأليف، ومعنى ذي بال: صاحب حال يهتم به شرعًا. والحمد لغة: هو الثناء بالكلام على الجميل الاختياري على جهة التبجيل والتعظيم، سواء كان في مقابلة نعمة أم لا. وأركانه خمسة: حامد، ومحمود، ومحمود عليه، ومحمود به، وصيغة: فإذا أكرمك زيد، فقلت: زيد عالم، فأنت حامد، وزيد محمود، والإكرام محمود عليه، أي محمود لأجله، وثبوت العلم الذي هو مدلول قولك: زيد عالم محمود به وقولك زيد عالم هو الصيغة. ١ أخرجه ابن حبان في صحيحه ١/ ١٣٥ الحديث رقم ١، تحقيق أحمد محمد شاكر، مكتبة ابن تيمية دون تاريخ، والإمام أحمد في المسند: تحت رقم ٨٦٩٧، وابن ماجه في سننه ١/ ٣٠٠، وأبو داود في سننه تحت رقم: ٤٨٤٠، والمنذري في تهذيب السنن تحت رقم ٤٦٧٣، والنسائي في سننه ... وكان هذه التخريجات بروايات مختلفة، وعن رواة مختلفين. ٢ أخرجه نفس الأئمة في نفس المصادر السابقة الذكر. شرح مصطلحات الناظم المعتمدة في الرسم واصطلاحا: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث كونه منعما على الحامد أو غيره، سواء كان ذلك قولا باللسان، أو اعتقادا بالجنان، أي القلب، أو عملا بالأركان التي هي الأعضاء. والشكر لغة: هو الحمد اصطلاحا لكن بإبدال الحامد بالشاكر١. واصطلاحا: صرف العبد جميع ما أنعم به عليه فيما خلق لأجله، والله علم على الذات الواجب الوجود المستحق بجميع المحامد، وهو الإسم الأعظم عند الجمهور، ولدلالته على اتصافه تعالى بجميع المحامد اختير في مقام الحمد على سائر الأسماء، فلم يقل الحمد للرحمن مثلا. وقوله العظيم صفة الله، وهو مضاف إلى: المنن، إضافة لفظية، والمنن بكسر الميم وفتح النون جمع منة، والمراد بها هنا العطية، أي العظيمة عطاياه. وقوله: ومرسل، بكسر السين معطوف على العظيم، وهو مضاف إلى: الرسل أي: وباعث الرسل، والرسل: بضم السين ويجوز تسكينها تخفيفا، كما فعل الناظم جمع رسول، بمعنى مرسل بفتح: السين. والرسول: إنسان أوحى إليه بشرع يعمل به، وأمر بتبليغه، بخلاف النبي، فإنه إنسان أوحى إليه بشرع يعمل به، وإن لم يؤمر بتبليغه، فهو أعم من الرسول، ويمتنع شرعا إطلاق اسم النبي على غير من ذكر. والباء في قوله بأهدى للمصاحبة، وأهدى بمعنى أدل، وهو مضاف إلى سنن إضافة الصفة إلى الموصوف، والسنن بتثليث السين، وفتح النون، وبضم السين والنون بمعنى الطريق، أي: وباعث للرسل مع طريق أدل وأرشد. ثم قال: ليبلغوا الدعوة للعباد ... ويوضحوا مهايع الإرشاد٢ ١ لسان العرب، مادة: "ش. ك. ر" . ٢ الطرق: لسان العرب: "هـ. ي. ع" . ذكر في هذا البيت حكمة إرسال الله عز وجل للرسل عليهم الصلاة والسلام قال: ليبلغوا بضم الياء وكسر اللام من أبلغ الرباعي، أي: ليوصلوا الدعوة، أي: الرسالة للعباد، ولا معارضة بين هذا وبين ما تضمنه قوله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ رُسُلًا} ١. من أن حكمة الإرسال قطع الحجة؛ لأن تبليغ الدعوة يستلزم قطع الحجة. وقوله: ويوضحوا بضم الياء وكسر الضاد من أوضح الرباعي معطوف على يبلغوا، ومعناه يبينوا، ومهايع الإرشاد بكسر الياء طرقه، والإرشاد مصدر أرشد بمعنى هدى، وفي بعض النسخ مناهج بدل مهايع، وهي كالمهايع وزنا ومعنى. وختم الدعوة والنبوءه ... بخير مرسل إلى البريئه محمد ذي الشرف الأثيل ... صلى عليه الله من رسول وآله وصحبه الأعلام ... ما انصدع الفجر عن الاظلام فاعل ختم ضمير مستتر عائد على الله تعالى، ما ختم معطوف بالواو على مرسل من قوله، ومرسل الرسل، وهو من عطف الفعل على الاسم الشبيه بالفعل، أي مرسل الرسل، وخاتم الدعوة، والنبوءة، وختم مشتق من الختم، والختم يطلق بمعنى الإتمام، والفراغ، تقول: ختمت القرآن، أي: أتممته، وفرغت منه، ويطلق بمعنى الطبع، تقول: ختمت الكتاب بمعنى طبعته، أي جعلت عليه الطابع لئلا يفتح ويطلع على ما فيه، ويصح إرادة كلا المعنيين هنا؛ لأنه تعالى أتم الرسالة، والنبوءة بسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وطبع عليهما به فلا يفتح بابهما لأحد بعده، ويشهد لهذا قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} ٢. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرسالة، والنبوءة قد انقطعت فلا رسول من بعدي ولا نبي" ٣ الحديث. ١ سورة النساء: ٤/ ١٦٥. ٢ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤٠. ٣ أخرجه الإمام الترمذي في الصحيح تحت عدد: ٢٢٧٢، والإمام أحمد في المسند ٣/ ٢٦٧، والحاكم في المستدرك: ٤/ ٣٩١، والمتقى الهندي في كنز العمال: ٤١٤٠٧، والسيوطي في جمع الجوامع ٥٥٦٦، وابن حجر في فتح الباري: ١٢/ ٣٧٥، وابن كثير في تفسيره: ٦/ ٤٢٣، والألباني في إرواء الغليل: ٨/ ١٢٨، والسيوطي في الدر المنثور: ٣/ ٣١٢. وانعقد الإجماع على ذلك، وأل في قوله: الدعوة للعهد، المعهود، الدعوة المتقدمة، والنبوءة بالهمزة من النبأ، وهو لخبر، ويترك الهمزة مع تشديد الواو، أما من النبأ أيضا فأبدلت همزتها واوا، وأدغمت الواو في الواو، أو من النبوة بفتح النون، وهي الرفعة، والنبوءة: شرعا خصيصية من الله تعالى غير مكتسبة بإجماع المسلمين، هي اختصاص العبد، بسماع وحي من الله تعالى بحكم شرعي تكليفي سواء أمر بتبليغه أم لا، وهكذا الرسالة لكن بشرط أن يؤمر بالتبليغ على ما يفهم من تعريفي الرسول، والنبي المتقدمين. وقوله بخير متعلق بختم، والمرسل المبعوث، والبريئة بالهمز من برأ الله الخلق أوجدهم، فهي فعليه بمعنى مفعوله، ويترك الهمز مع تشديد الياء، أما من برأ أيضا فأبدلت الهمزة ياء، وأدغمت الياء في الياء أو من بريت القلم إذا سوته على صورة لم يكن عليها قبل. وقوله محمد بدل من خير، وهو علم منقول من اسم مفعول حمد المضعف العين. أي: المكرر العين فيفيد المبالغة في المحمودية، وهو أشرف أسمائه -صلى الله عليه وسلم- والذي سماه به جده عبد المطلب على الصحيح بإلهام من الله تعالى رجاء أن يحمد في السماء والأرض، وقد حقق الله رجاءه. وقوله ذي الشرف صفة لمحمد والشرف الرفعة، والأثيل بالثاء المثلثة صفة للشرف، ومعناه الأصيل الثابت. وقوله صلى الله عليه لفظه لفظ لخبر، ومعناه الدعاء، أي: صل يا رب عليه. ومعنى صلاته١ تعالى عليه -صلى الله عليه وسلم- رحمته المقرونة بالتعظيم، ومن في قوله من رسول بيانية، والمبين الضمير في قوله عليه، ومجرورها تمييز له في الأصل. ١ الصلاة لغة لها عدة إطلاقات: ١- إذا أطلقت من الله فهى: رحمة. ٢- إذا أطلقت من الملائكة فهي: استغفار. ٣- إذا أطلقت من العبد فهي: دعاء. وقوله وآله معطوف على ضمير عليه، ولم يعد الجار في المعطوف بناء على مذهب الكوفيين المجوزين لذلك، وأصل آل: أول كالجمل لتصغيره على أويل، وقيل: أهل لتصغيره على أهيل والمراد به هنا كل مؤمن، ولو عاصيا؛ لأن المقام مقام دعاء، والعاصي أشد احتياجا إلى الدعاء من غيره، والصحب اسم جمع على الصحيح لصاحب، وهو لغة: من طالت عشرتك به، والمراد به هنا الصحابي، وهو من اجتمع بنبينا -صلى الله عليه وسلم. مؤمنا به بعد البعثة في محل التعارف، بأن يكون على وجه الأرض، وإن لم يره أو لم يرو عنه شيئا، أو لم يميز على الصحيح، وخص الصحب بالذكر مع دخولهم في الآل بالمعنى المذكور لمزيد الاهتمام بهم. وقوله: الإعلام صفة للصحب، وهو جمع علم، معناه لغة الجيل استعار الإعلام هنا للصحب لشبههم بها في الشهرة، وما من قوله ما انصدع مصدرية ظرفية، ومعني انصدع: انشق، والفجر، ضوء الصباح، والإظلام: مصدر أظلم الليل، ذهب نوره، والمراد به هنا الظلام، أي: اللهم صلى على محمد وآله وصحبه مدة انشقاق الفجر عن الظلام، وهذا المعنى مستمر البقاء إلى انقضاء الدنيا. وفي عبارة الناظم قلب؛ لأن الظلام هو الذي ينشق عن الفجر لا العكس، والقلب من أنواع البديع، ويتعين قراءة النبوءة، والبريئة في النظم بالهمز؛ لأن تشديد الواو والياء من غير همز يؤدي إلى اختلاف القافية بالواو والياء، وإن كان يجوز في النبوة، والبرية في حد ذاتها الهمز وتركه كما قدمناه. حكم الرسم القرآني: ثم قال: وبعد فاعلم أن أصل الرسم ... ثبت عن ذوي النهى والعلم١ ١ ومن هؤلاء: ١- مقرئ المدينة المنورة السيد زيد بن ثابت. ٢- مقرئ مكة السيد عبد الله بن السائب. ٣- مقرئ الشام السيد المغيرة بن شهاب. ٤- مقرئ الكوفة السيد أبو عبد الرحمن السلمي. ٥- مقرئ البصرة السيد عامر بن قيس.. وهناك مقرئون آخرون بعثوا إلى اليمن والبحرين، وما إلى ذلك وبهؤلاء وغيرهم تواترات القراءات القرآنية، وانتشرت في كل بقاع الدنيا، ومنها الغرب الإسلامي. الأكثر في: بعد أن تستعمل ظرف زمان، وقد تستعمل ظرف مكان، وهي هنا إما مبنية على الضم، على نية معنى المضاف إليه، وهو الجاري على الألسنة، أو بالنصب من غير تنوين على نية لفظه، وكلمة: وبعد يؤتي بها للانتقال من أسلوب إلى آخر، أي: من نوع الكلام إلى نوع آخر، والنوع المنتقل منه هنا البسملة وما بعدها، والمنتقل إليه هو ما ولي كلمة وبعد، والواو فيها نائبة عن: أما. وأما قائمة مقام مهما يكن من شيء بدليل لزوم الفاء بعدها، والمذكور بعد الفاء جزاء الشرط، وبعد من متعلقاته على الأصح. ثم إن بعضهم يقول: أما بعد، وهو السنة، وقد صح أنه -صلى الله عليه وسلم- خطب. فقال: "أما بعد" ، وكان يأتي بها في مراسلاته، وبعضهم يأتي بالواو بدل أما اختصارا، كما فعل الناظم. وقوله فاعلم، أي اجزم وتيقن أن أصل الرسم. إلخ. والرسم لغة: الأثر، والمراد به هنا مرسوم القرآن، أعني حروفه المرسومة، ومراده بأصل الرسم ما يعتمد في كيفياته عليه، ويرجع عند اختلاف المقارئ إليه، ومعنى ثبت: صح، والنهي، جمع نهية بضم النون وهي العقل، سمي بذلك؛ لأنه ينهى عن القبيح، والمراد بذوي النهى والعلم الثابت عنهم أصل رسم القرآن، الصحابة رضي الله عنهم. جمع القرآن الكريم وكيفية كتابته: ثم قال: جمعه في الصحف الصديق١ ... كما أشار عمر الفاروق٢ لما ذكر أن أصل الرسم ثبت عن ذوي النهي والعلم، وهم الصحابة، وكان في ذلك إجمال، بين هذا البيت من جمعه أولًا، ومن أشار بجمعه، فأخبر أن أبا بكر الصديق -رضى الله عنه- جمعه أولًا يعنى أمر بجمعه بإشارة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ١ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه، خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ومؤنسه في الغار عبد الله بن أبي قحافة، ترجمته في أسد الغابة: ٣/ ٣٠٩، وتاريخ الخلفاء وتذكرة الحفاظ: ١/ ٢، وشذرات الذهب: ١/ ٢٧، وطبقات ابن سعد ٣/ ١١٩، والعبر: ١/ ١٦، ومروج الذهب: ٢/ ٣٠٥. ٢ أبو حفص عمر بن الخطاب القرشي العدوي أمير المؤمنين، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، ت/ ٢٣ هـ، طبقات: ١/ ٥٩١. بذلك عليه، والمأمور بجمعه والمباشر له: زيد بن ثابت١ -رضي الله عنه- والصحف بضمتين جمع صحيفة، وهي ما يكتب فيه، والصديق لقب أبي بكر، لقبه به النبي -صلى الله عليه وسلم- لكثرة تصديقه له وأبو بكر كنيته، واسمه عبد الله، وقيل: عتيق، والكاف في قول الناظم كما أشار للتعليل، وما مصدرية، أي لإشارة عمر، والفاروق لقب سيدنا عمر، لقب به لكثرة فرقه بين الحق والباطل، وكنيته: أبو حفص، وهو أول من دعي أمير المؤمنين في الإسلام. ثم قال: وذاك حين قتلوا مسيلمه٢ ... وانقلبت جيوشه منهزمه ذكر في هذا البيت الوقت الذي كان فيه جمع القرآن في الصحف مشيرًا إلى القصة المتضمنة سبب جمعه فيها. فقوله: وذاك إشارة إلى الجمع المفهوم من قوله: قبل جمعه، أي: وذلك الجمع كان حين قتل الصحابة -رضي الله عنهم- مسليمة الكذاب، وانقلبت، أي: رجعت جيوشه منهزمة، والجيوش جمع جيش، وهو الجمع الكثير السائرون لحرب أو غيرها، ومعنى منهزمة منكسرة، ومسيلمة لقب هارون بن حبيب، وكنيته أبو تمامة، وهو من قبيلة تسمي بني حنيفة، وبلده مدينة باليمن تسمى اليمامة، وهو أحد الكذابين اللذين ادعيا النبوءة في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم، وهو كذاب اليمامة والكذاب الآخر: هو الأسود٣ بن كعب العنسي، وهو كذاب صنعاء، وكان يزعم أن جبريل يأتيه، وكان يبعث إلى مكة من يخبره بأحوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وينقل إليه ما سمعه من القرآن ليقرأه على جماعته، ويقول ١ زيد بن ثابت -رضي الله عنه، ت/ ٤٥ هـ هو زيد بن ثابت الأنصاري شيخ المقرئين وإمام الفرضيين، ومن الصحابة الذين أتموا حفظ القرآن ترجمته في: طبقات ابن سعد: ٢/ ٣٥٨، وتاريخ خليفة: ٢٠٧، وطبقات خليفة: ٢٠٣، وتاريخ البخاري: ٣/ ٣٨٠، والاستيعاب: ١/ ٥٥١، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٣٠، وأسد الغابة: ٤/ ١٤٥، والإصابة: ٢/ ٥١١، وتاريخ الخلفاء: ١٠٨ ... ٢ مسيلمة الكذاب: هو أبو تمامة ويلقب بهارون بن حبيب، وهو من قبيلة بني حنيفة، وينتسب إلى اليمامة باليمن، وهو أحد الذين ادعوا النبوة في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم. ٣ الأسود بن كعب العنسي وهو كذاب صنعاء، وكان يزعم أن ملكين يكلمانه من السماء أحدهما اسمه: سحيق، والثاني اسمه: شريق. فلما رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ما وقع بقراء القرآن خشي على من بقي منهم، وأشار على أبي بكر -رضي الله عنه- بجمع القرآن. أسند: أبو عمرو١ الداني في المحكم إلى زيد٢ بن ثابت أن عمر٣ بن الخطاب -رضي الله عنه- جاء إلى أبي بكر، فقال: إن القتل قد أسرع في قراء القرآن أيام اليمامة، وقد خشيت أن يهلك القرآن فاكتبه، فقال أبو بكر٤. فكيف نصنع شيئا لم يأمرنا فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يعهد إلينا فيه بعهد؟ فقال عمر: افعل فهو والله خير، فلم يزل عمر بأبي بكر حتى أرى الله أبا بكر مثل رأي عمر، قال زيد: فدعاني أبو بكر, فقال: إنك رجل شاب قد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، فاجمع القرآن واكتبه، قال زيد: كيف تصنعون شيئا لم يأمركم فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأمر ولم يعهد إليكم فيه بعهد؟ قال: فلم يزل أبو بكر حتى أراني الله الذي رأى أبو بكر، وعمر، والله لو كلفوني نقل الجبال لكان أيسر من الذي كلفوني، قال: "فجعلت أتتبع القرآن من صدور الرجال، ومن الرقاع، ومن الأضلاع، ومن العسب، قال: ففقدت آيه كنت أسمعها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم، لم أجدها عند أحد، فوجدتها عند رجل من الأنصار: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} ٥ فألحقتها في سورتها، فكانت تلك الصحف عند أبي بكر حتى مات، ثم كانت عند حفصة حتى ماتت" انتهى "." وفي بعض الروايات عن زيد بن ثابت: فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع، والعسب، واللخاف، وصدور الرجال "انتهى" . والرقاع: جمع رقعة بضم، وهي القطعة من الجلد، والعسب: جمع عسيب وهو جريدة من النخل مستقيمة دقيقة مزال خوصها، واللخاف: ككتاب حجارة بيض رقاق ١ راجع ص: ٢٥. ٢ راجع ص: ٢٥. ٣ راجع ص: ٤٥. ٤ راجع ص: ٥. ٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٢٣. فلما رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ما وقع بقراء القرآن خشي على من بقي منهم، وأشار على أبي بكر -رضي الله عنه- بجمع القرآن. أسند: أبو عمرو١ الداني في المحكم إلى زيد٢ بن ثابت أن عمر٣ بن الخطاب -رضي الله عنه- جاء إلى أبي بكر، فقال: إن القتل قد أسرع في قراء القرآن أيام اليمامة، وقد خشيت أن يهلك القرآن فاكتبه، فقال أبو بكر٤. فكيف نصنع شيئا لم يأمرنا فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يعهد إلينا فيه بعهد؟ فقال عمر: افعل فهو والله خير، فلم يزل عمر بأبي بكر حتى أرى الله أبا بكر مثل رأي عمر، قال زيد: فدعاني أبو بكر, فقال: إنك رجل شاب قد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، فاجمع القرآن واكتبه، قال زيد: كيف تصنعون شيئا لم يأمركم فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأمر ولم يعهد إليكم فيه بعهد؟ قال: فلم يزل أبو بكر حتى أراني الله الذي رأى أبو بكر، وعمر، والله لو كلفوني نقل الجبال لكان أيسر من الذي كلفوني، قال: "فجعلت أتتبع القرآن من صدور الرجال، ومن الرقاع، ومن الأضلاع، ومن العسب، قال: ففقدت آيه كنت أسمعها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم، لم أجدها عند أحد، فوجدتها عند رجل من الأنصار: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} ٥ فألحقتها في سورتها، فكانت تلك الصحف عند أبي بكر حتى مات، ثم كانت عند حفصة حتى ماتت" انتهى "." وفي بعض الروايات عن زيد بن ثابت: فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع، والعسب، واللخاف، وصدور الرجال "انتهى" . والرقاع: جمع رقعة بضم، وهي القطعة من الجلد، والعسب: جمع عسيب وهو جريدة من النخل مستقيمة دقيقة مزال خوصها، واللخاف: ككتاب حجارة بيض رقاق ١ راجع ص: ٢٥. ٢ راجع ص: ٢٥. ٣ راجع ص: ٤٥. ٤ راجع ص: ٥. ٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٢٣. وأحدها: لخفة بفتح اللام، وقد كانوا يكتبون في هاته الأشياء لقلة الورق "أي: الكاغد" . ثم قال: وبعده جرده الإمام ... في مصحف ليقتدي الأنام ولا يكون بعده اضطراب ... وكان فيما قد رأى صواب فقصة اختلافهم شهيره ... كقصة اليمامة العسيره أخبر أن الإمام يعني سيدنا عثمان بن عفان١ -رضي الله عنه- جرد أصل الرسم في مصحف، أي: نسخه من الصحف، وجمعه جمعا ثانيا في مصحف بعد جمع أبي بكر المتقدم، ليقتدى به الأنام، أي: الخلق، ولا يكون بعد ذلك التجريد اضطراب، أي: اختلاف بينهم، وأنه أصاب -رضي الله عنه- فيما قد رآه من ذلك. قال ابن حجر: الفرق بين الصحف والمصحف، أن الصحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر، وكان صورا مفرقة، كل سورة مرتبة بآياتها على حدة لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا "انتهى" . والمصحف مثلث الميم اسم أعجمي معناه جامع الصحف، وأشار الناظم بالبيتين الأولين، والشطر الأول من البيت الثالث إلى ما ذكره الحافظ الداني في المقنع بسنده إلى ابن شهاب الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك، أن حذيفة بن اليمان قد على عثمان، وكانوا يقاتلون على مرج أرمينية، فقال: حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين إني قد سمعت الناس اختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصاري، حتى أن الرجل ليقوم فيقول: هذه قراءة فلان، قال: فأرسل عثمان إلى حفصة: أرسلي إلينا بالصحف، فننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، قال: فأرسلت إليه بالصحف، قال: فأرسل عثمان إلى زيد بن ١ أمير المؤمنين عثمان بن عفان، أبو عمرو الأموي، ذو النورين ومن جمع الأمة على مصحف واحد هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وروى جملة كثيرة من العلم، وكان من الصادقين المنفقين في سبيل الله، استشهد يوم الجمعة ١٨ ذي الحجة سنة ٣٥هـ، وكانت خلافته ١٢ سنة، وترجمته: في أسد الغابة: ٣/ ٥٨٤، والإصابة: ٢/ ٤٥٥، وتاريخ الخلفاء: ١٤٧، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٨، وشذرات الذهب: ١/ ٤٠، وطبقات ابن سعد: ٣/ ٣٦، وطبقات القراء: ١/ ٥٠٧، ومروج الذهب: ٢/ ٣٤٠، والنجوم الزاهرة: ١/ ٩٢. ثابت١، وإلى عبد الله بن عمرو بن العاص٢، وإلى عبد الله بن الزبير٣، وإلى عبد الله بن عباس٤، وإلى عبد الرحمن بن الحارث بن هشام٥، فقال: انسخوا هذه الصحف في مصحف واحد، وقال للنفر القرشيين: إن اختلفتم أنتم وزيد بنثابت فاكتبوه على لسان قريش، فإنما نزل "يعني معظمه" بلسان قريش، قال زيد: فجعلنا نختلف في الشيء، ثم نجمع أمرنا على رأي واحد، فاختلفوا في التابوت، فقال زيد: التابوت، وقال النفر القرشيون: التابوت، قال: فأبيت أن أرجع إليهم، وأبوا أن يرجعوا إلي، حتى رفعنا ذلك إلى عثمان -رضي الله عنه- فقال عثمان: اكتبوه: التابوت، فإنما أنزل القرآن على لسن قريش، قال زيد: فذكرت آية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أجدها عند أحد، حتى وجدتها عند رجل من الأنصار هو خزيمة بن ثابت: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ٦. قال أبو شهاب قال أنس: فرد عثمان الصحف إلى حفصة، وألغى ما سوى ذلك من المصاحف "انتهى" . ١ زيد بن ثابت، أبو سعيد الأنصاري الخزرجي المقرئ كاتب وحي النبي صلى الله عليه وسلم، أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم خط اليهود فجاد الكتابة، وكتب وحفظ القرآن وأتقنه وأحكم الفرائض، وشهد الخندق وما بعدها، وأمره أبو بكر الصديق بجمع القرآن ثم عينه الخليفة عثمان رضي الله عنه بكتابة المصحف وثوقا بحفظه، وأمانه وحسن خطه ... ترجمته: في أسد الغاابة: ٢/ ٢٧٨، والإصابة: ١/ ٥٤٣، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٣٠، والشذرات: ١/ ٣٥، والعبر: ١/ ٥٣، والنجوم الزاهرة: ١/ ١٣٠. ٢ عبد الله بن عمرو بن العاص: أبو عبد الرحمن، وأبو محمد القرشي أحد المهاجرين قبل الفتح كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا توفي بمصر ٥٦هـ ترجمته في أسد الغابة: ٣/ ٣٤٨، والإصابة: ١/ ٣٤٣، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٤١، والشذرات: ١/ ٧٣، وطبقات ابن سعد: ٤/ ٨-٢، وطبقات الشيرازي: ٥٠، وطبقات ابن الجزري: ١/ ٤٣٩. ٣ عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، وأول مولود في المدينة بعد الهجرة شهد فتح أفريقيا في خلافة عثمان، وبويع بالخلافة سنة ٦٤هـ، وكان بينه وبين الحجاج بن يوسف الثقفي حروب انتهت بمقتل عبد الله بن الزبير سنة ٧٣هـ بمكة روي له في كتب الحديث ٣٣حديثا، انتدب لكتابة المصحف الشريف إلى جانب زيد بن ثابت، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن الحارث، ترجمته: في نزهة المتقين: ٢/ ١٣١٧. ٤ عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، أبو العباس الهاشمي، ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ودعا له أن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل، توفي سنة ٦٨هـ، ترجمته: في أسد الغابة: ٣/ ٢٩٠، والإصابة: ١/ ٣٢٢، وتاريخ بغداد للخطيب: ١/ ١٧٣، وتذكرة الحفاظ: ١/ ٤٠. ٥ عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فهو من خيرة الصحابة، وثقات الحفاظ الذين كتبوا المصاحف في عهد عثمان ت/ ٩٣هـ الزرقاني، مناهل العرفان: ٢٥٠/ ١. ٦ سورة التوبة: ٩/ ١٢٨-١٢٩. والمرج الثغر: أي موضع الخوف، وأرمينية مدينة عظيمة في ناحية الشمال، وفي المقنع أيضا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف بعث عثمان إلى كل أفق بمصحف من تلك المصافح التي نسخوها، ثم أمر بسوى ذلك من القراءة في كل صحيفة أو مصحف، أن يحرف "انتهى" . قال ابن حجر: وأكثر الروايات صريح في التحريق فهو الذي وقع "انتهى" . وقال ابن بطال: وفي هذا الحديث جواز تحريق الكتب التي فيها اسم الله بالنار؛ لأن ذلك إكرام لها، وحرز عن وطئها بالأقدام "انتهى" . قال القسطلاني: وإنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم جمعه، أي: القرآن في مصحف واحد؛ لأن النسخ يرد على بعضه، فلو جمعه ثم رفعت تلاوة بعضه لأدى إلى الاختلاف والاختلاط، فحفظه الله تعالى في القلوب إلى انقضاء زمن النسخ، فكان التأليف في الزمن النبوي، والجمع في الصحف في زمن الصديق، والنسخ في المصحف في زمن عثمان، وقد كان القرآن كله مكتوبا في عهده صلى الله عليه وسلم لكن غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور "انتهى" . ومعنى قول الناظم: كقصة اليمامة والعسيرة إن سبب تجريد عثمان للصحف في مصحف هو قصة اختلاف القراء المشهورة، كما أن سبب جمع أبي بكر المتقدم هو قصة حرب اليمامة الشديدة، وكيف لا تكون شديدة، وقد مات فيها من المسلمين ألف ومائتان، منهم سبعمائة من حملة القرآن كما تقدم، وفي هذا البيت تعرض لبيان العلة الحاملة على الجمعين وما قوله: ليقتدي الأنام ولا يكون بعده اضطراب، فهو بيان للعلة الغائبة في الجمع الثاني. تنبيهان: الأول: اختلاف في عدد المصاحف١ العثمانية، فالذي عليه الأكثر أنها أربعة أرسل منها سيدنا عثمان مصحفا إلى الشام، ومصحفا إلى الكوفة، ومصحفا إلى البصرة، وأبقى مصحفا بالمدينة، وقيل: خمسة، الأربعة المذكورة، والخامس أرسله إلى مكة، وقيل ستة، الخمسة المتقدمة، السادس أرسله إلى البحرين، وقيل: سبعة، الستة المتقدمة والسابع أرسله إلى اليمن، وقيل: ثمانية، السبعة المتقدمة، والثامن هو الذي جمع فيه سيدنا عثمان القرآن أولا، ثم نسخ منه المصاحف، وهو المسمى بالإمام، وكان يقرأ فيه، وكان في حجره حين قتل، ولم يكتب سيدنا عثمان واحدا منها، وإنما أرم بكتابتها، وكانت كلها مكتوبة على الكاغط إلا المصحف الذي كان عنده بالمدينة، فإنه على رق الغزال. واعلم: أن الأئمة لم يلتزموا النقل عن المصاحف الثمانية مباشرة، بل ربما نقلوا عن مصحف منها بعينه، وربما نقلوا عن المصاحف مع حكاية إجماعها أو دونه، وربما نقلوا عن المصاحف المدنية أو الملكية، أو الشامية، أو العراقية اعتمادا منهم على أن المظنون بمصاحف الأمصار متابعة كل واحد منها مصحف مصره العثماني، ولم يعهد منهم النقل عن مصحفي اليمن والبحرين لنقل الجعبري عن أبي علي عثمان -رضي الله عنه- أمر زيد بن ثابت أن يقرأ بالمدني، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن شهاب مع الشامي، وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن قيس مع البصري، وبعث مصحفا إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، فلم نسمع لهما خبرًا، ولا علمنا من أنفذ معهما، قال: ولهذا انحصر الأئمة السبعة في الخمسة الأمصار، ثم قال الجعبري: والاعتماد في نقل القرآن متفقا ومختلفا على الحفاظ، ولهذا أنفذهم إلى أقطار الإسلام للتعلم، وجعل هذه المصاحف أصولا ثواني، وحرصا على الإنقاذ، ومن ثم أرسل إلى كل إقليم المصحف الموافق لقراءة قارئة في الأكثر، وليس لزاما كما توهم، "انتهى" . ١ المصاحف "١٩-٢٠" لأبي عبد الله بن أبي داود، تحقيق آرثر جفري، ط. الرحمانية، القاهرة، ١٣٥٥هـ. التنبيه الثاني: قد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منه" ١. وقد اختلف العلماء في المراد بهذه الأحرف السبعة على نحو أربعين قولا، والذي عليه معظمهم، وصححه البيهقي، واختاره الأبهري وغيره، واقتصر عليه في القاموس أنها لغات. ومن حكم إتيانه عليها التخفيف والتيسير على هذه الأمة في التكلم بكتابهم كما خفف عليهم في شريعتهم، وهذا كالمصرح به في الأحاديث الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم: "إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف واحد فرددت إليه أن هون على أمتي، ولم يزل يدد حتى بلغ سبعة أحرف" ٢. ومقتضى كلام الشاطبي في العقيلة، وصرح به الجعبري، وابن الجزري في المنجد وغيرهما أن الصحف المكتوبة بإذن أبي بكر كانت مشتملة على الأحرف السبعة، وأما المصاحف العثمانية، فقد اختلفوا في اشتمالها عليها، فذهب جماعة القراء والفقهاء، والمتكلمين إلى أن جميع المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة، وذهب بعضهم إلى أنها مشتملة على حرف واحد، وذهب جماهير العلماء من السلف، والخلف إلى أنها مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها صلى الله عليه وسلم على جبريل، ولم تترك حرفا منها، وهذا القول الثالث قال في النشر هو الذي يظهر صوابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة تدل عليها، "انتهى" . وقوله ليقتدي يقرأ بإسكان الياء على أن نصبه مقدر للوزن، والناصب له أن مضمرة بعد اللام. وقوله: ولا يكون بالنصب عطف على يقتدي. ثم قال: فينبغي لأجل ذا أن تقتفي ... مرسوم ما أصله في المصحف ونقتدي بفعله وما رأى ... في جعله لمن يخط ملجئا ١ أخرجه الإمام أحمد في مسنده: ٤/ ١٦٩، وابن جرير الطبري في تفسيره: ١/ ٤٣، والهيثمي في مجمع الزوائد: ٧/ ١٥١، وهناك عدة روايات مختلفة المتن والسند. ٢ أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٥/ ١٢٧، والإمام مسلم في الصحيح: ٦/ ٣٤٩ رقم ٨٢٠. ما ذكره في هذين البيتين مسبب على ما تضمنته الأبيات الثلاثة قبل، فلذا عطفه بفاء السببية، فقال: ينبغي، يعني فيجب لأجل ذا، أي: لأجل التجريد المعلل بما تقدم أن نقتفي، أي تنبع في قراءتنا المرسوم الذي أصله سيدنا عثمان في المصحف، أي جعله فيه أصلا، وأن نقتدي في كتبنا القرآن بفعله، أي بكتبه -رضي الله عنه- ورأيه في حعل المصحف ملجأ، أي: مرجعا وإماما متبعا لمن يخط، أي: يكتب القرآن. وقد قدمنا أن أصل الرسم ما يعتمد في كيفياته عليه، ويرجع عند اختلاف المقارئ إليه، ولا شك أن سبب جمع الإمام عثمان١ -رضي الله عنه- هو الاختلاف الواقع كما تقدمت الإشارة إليه بقوله: فقصة اختلافهم شهيرة، والعلة الغائية التي قصدها بالجمع هي انتفاء اختلافهم كما تقدم، فلما كتب المصاحف أمر الناس بالاقتصاد على ما وافقها لفظا، وبمتابعتها خطا ولذلك أمر بما سواها أن يحرق كما تقدم، إذ لولا قصده جعل هذه المصاحف أئمة للقارئين، والكاتبين ما أمر، بتحريق ما سواها، وهذا بمعنى قول الناظم في عمدة البيان: فواجب على ذوي الأذهان ... أن يتبعوا الرسوم في القرآن ويقتدوا بما رآه نظرا ... إذ جعلوه للأنام وزرا وكيف لا يجب الافتداء ... لما أتى نصبا به الشفاء إلى عياض أنه من غيرا ... حرفا من القرآن عمدا كفرا زيادة أو نقصا أو إن أبدلا ... شيئا من الرسم الذي تأصلا وقوله في عمدة البيان: فواجب يؤيد ما أطبقوا عليه من تفسير ينبغي هنا يجب، وإن كان الغالب استعمال هذه المادة في الندب، وسيأتي قريبا، دليل وجوب الاقتفاء المذكور. وقوله: وتقتدي عطف على نقتفي فهو منصوب لكنه قدر نصبه، فسكن الياء على ما تقدم في قوله: ليقتدي، من قوله: وما رأى مصدرية. ثم قال: ١ المصاحف: ٥ وعليه اعتمد المؤلف في هذا الشرح، وفضائل الصحابة: ١/ ٣٥٩. وجاء آثار في الاقتداء ... بصحبة الغر ذوي العلاء منهن ما ورد في نص الخبر ... لدى أبي بكر الرضي وعمر وخبر جاء على العموم ... وهو أصحابي كالنحوم لما ذكر في البيتين السابقين أن أتباع المصحف قراءة، وكتابة واجب استدل هنا على الوجوب المذكور بأحاديث واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في طلب الاقتداء بالصحابة صريحًا. فقوله: وجاء آثار: أي: أحاديث. وقوله: الغر١ بضم الغين صفة للصحب، وهو جمع أغر، والفرس الأغر هو ذو الغرة، أي: البياض في جبهته، ثم استعبر للمشهور كما هنا. وقوله: العلاء بفتح العين والمد معناه: الرفعة والشرف. والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة، منها ما ورد مخصوما بأبي بكر٢، وعمر -رضي الله عنها- ومنها ما ورد عامًا في الصحابة كلهم، وإلى الأول أشار بقوله: منهن أي: من الآثار ما ورد في نص الخبر، أي: في الخبر النص، أي: الحديث الصريح ولدى في قوله لدى أبي بكر بمعنى في، والرضي بتشديد الياء بمعنى المرضي نعت لأبي بكر، وأشار بهذا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: $ "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر، وعمر" . قال السيوطي في الجامع الصغير، وأخرجه أحمد، والترمذي، وابن ماجه زاد في ذيل الجامع، ومنهن خبر جاء دالا على عموم الاقتداء بالصحابة، وهو قوله: صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم" ، "وتمام الحديث" بأيهم اقتديتم اهتديتم "٣." قال السيوطي أخرجه السجزي في الإبانة، وابن عساكر عن عمر بلفظ سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي، فأوحي إلي يا محمد: إن أصحابك عندي بمنزل النجوم في السماء بعضها أضوء من بعض، فمن أخذ بشيء، مما هم عليه من اختلافهم ١ لسان العرب، مادة "غ. ر" . ٢ المصاحف "٢٠-١٩" . ٣ أخرجه صاحب ميزان الاعتدال، ص: ١٥١١، ٢٢٩ وابن حجر في لسان الميزان: ٢/ ٤٨٨، ٤٩٥، والعجلوني في كشف الحفاء: ١/ ١٤٧، والزبيدي في اتحاف السادة المتقين: ٢/ ٢٢٣، وابن حجر تلخيص الحبير: ٤/ ١٩٠، وفي كتابه أيضا الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف: ٩٤. فهو عندي على هدى١، وقد ورد هذان الحديثان بروايات مختلفة كما ورد في اتباع الصحابة أحاديث أخرى، وجملتها تدل على طلب الاقتداء بالصحابة: فما فعلوا ومما فعلوه مرسوم المصحف، وقد أجمعوا -رضي الله عنه، وهم اثنا عشر ألفا، والإجماع كما تقرر في أصول الفقه. وحذف الناظم تنوين بكر من قوله: أبي بكر الرضي لالتقاء الساكنين على لغة قرئ بما شاذا قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} ٢ بحذف التنوين من أحد. ثم قال: ومالك حض على الإتباع ... لفعلهم وترك الابتداع إذ منع السائل من أن يحدثا ... في الأمهات نقط ما قد أحدثا وإنما رآه للصبيان ... في الصحف والألواح للبيان والأمهات ملجأ للناس ... فمنع النقط للالتباس لما استدل بالأحاديث التي أشار إليها في الأبيات قبل الدال مع الإجماع المتقدم على وجوب الاتداء بالصحابة -رضي الله عنهم- أكد الاستدلال على بما ورد عن إمام الأئمة، مالك بن أنس* -رضي الله عنه- فأخبر أن مالكا حض أي: حث على الاتباع، ١ هذا الحديث موضوع رواه ابن بطة في الإبانة، وأورده السيوطي في الجامع الصغير برواية السجزي، وقال شارحه المناوي: قال ابن الجوزي في العلل: هذا لا يصح نعيم مجروح، وعبد الرحيم قال: ابن معين كذاب، وفي الميزان هذا الحديث باطل وقال الذهبي: إسناده مقطوع، وروى ابن عبد البرعي البزار أنه قال في هذا الحديث: وهذا كلام لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجد" ، "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" ، هذا الحديث موضوع رواه ابن عبد البر في جامع العلم وابن حزم في "الأحكام" ، قال ابن عبد البر: هذا إسناد لا تقوم به حجة؛ لأن الحارث بن غصبي مجهول، وقال ابن حزم: هذه رواية ساقطة، راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، حديث رقم ٦٠-٥٨. ٢ سورة الإخلاص: ١١٢/ ٢-١. * الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي الحميري، أبو عبد الله المدني، شيخ الأئمة وإمام دار الهجرة، روى عن نافع ومحمد بن المنكدر، وجعفر الصادق، وحميد الطويل وعنه الشافعي، وخلائق جمعهم الخطيب في مجلة، وقال ابن المديني له نحو ألف حديث، وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: من أثبت أصحاب الزهري؟ قال مالك: أثبت في كل شيء، وقال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر، وقال الشافعي: إذا جاء الأثر فمالك النجم، توفي بالمدينة سنة ١٧٩هـ وهو ابن ٨٦سنة، ترجمته في الأنساب: ١٤١، البداية والنهاية لابن كثير: ١/ ١٧٩، وتذكرة الحفاظ للذهبي: ١/ ٢٠٧، وتهذيب الأسماء للنووي: ٢/ ٧٥، وتهذيب التذهيب ١٠/ ٥، والأنساب لابن حزم: ٤٣٥، وحلية الأولياء للأصبهاني: ٦/ ٣١٣، وخلاصة تذهيب الكمال للخزرجي: ٣١٣، والديباج المذهب لابن فرحون: ١٧، والرسالة المستطرفة: ١٣، وشذرات الذهبي: ١/ ٢٨٩، وصفوة الصفوة لابن الجوزي: ٢/ ٩٩، وطبقات ابن سعد، ٥/ ٤٥، وطبقات الشيزاري ٦٧، وطبقات القراء لابن الجزري: ٢/ ٣٥ت، وطبقات المفسرين للداودي، ٢/ ٢٩٣، والعبر: ١/ ٢٧٢، والفهرست لابن النديم: ١٩٨، اللباب، ١/ ٥٥، ٣/ ٦٨، ومرأة الجنان: ١/ ٣٧٣، ومروج الذهب للمسعودي: ٣/ ٣٥٠، والنجوم الزاهرة لابن تغري: ٢/ ٩٦، وفيات الأعيان خلكان: ١/ ٤٣٩. أي: أفعال الصحابة في المصاحف، وعلى ترك الابتداع، أي: الاختراع وإحداث ما لم يكن فيها. ولما كان هذا الكلام الذي نسبه الناظم لمالك لم يقله صريحا وإنما هو لازم لجوابه الآتي عن سؤال من سأله علل نسبته لمالك بقوله: إذ منع، مالك السائل الآتي سؤاله من أن يحدث في الأمهات، أي: المصاحف الكمل الكبار، نقط المصاحب المحدثة في زمن السائل، وإنما رأى، أي: مالك جواز النقط للصبيان في الصحف، يعني الصغار، وفي الألواح للبيان، والإيضاح لهم، والمراد بالصبيان المتعلمون، ولو كبارا، وسيأتي قريبا ما المراد بالنقط، وقد أشار الناظم بهذا إلى ما نقله الحافظ الداني١ في المحكم من قوله مالك: ولا يزال الإنسان يسألني عن نقط القرآن فأقول له: أما الإمام من المصاحف، فلا أرى أن ينقط، ولا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها، وأما المصاحف الصغار التي يتعلم فيها الصبيان، وألواحهم فلا أرى في ذلك بأسا. قال عبد الله بن الحكم: وسمعت مالكا، وقد سئل عن شكل المصاحف فقال: أما الإمهات فلا أراه، وأما المصاحف التي يتعلم فيها الغلماء فلا بأس "انتهى" . وحاصله التفصيل بين الأمهات الكمال، فلا يجوز نقطها، وبين الصغار والألواح، فيجوز ويقابل قول مالك هذا قولان آخران: ١- أحدهما بجواز النقط مطلقا. ٢- والآخر بكراهته مطلقا. وقد نسب في المحكم هذه الأقوال بأسانيدها إلى أربابها: وهي جارية أيضا في رسم الخموس، والعشور، ورسم أسماء السور، وما فيها من عدد الآي، والمراد بالنقط ما يشمل نقط الإعجام الدال على ذات الحرف، وشكل الإعراب ونحوه الدال على عارض الحرف، من فتح، وضم، وكسر، وسكون، وشد، ومد، ونحو ذلك، قال في ذيل المقنع: الناس في جميع أمصار المسلمين، من لدن التابعين إلى وقتنا على الترخيص في ذلك، يعني في ١ الداني عثمان بن سعيد المكنى أبا عمر جمال القراء، وكمال الإقراء لعلم الدين السخاوي علي بن محمد، ت/ ٦٤٣هـ، تحقيق د علي حسين البواب: ١/ ١٣٥، ط: ١٤٠٨/ ١٩٨٧، مطبعة المدني، القاهرة. شكل المصاحف ونقطها في الأمهات وغيرها، ولا يرون بأسا برسم فواتح السور وعدد آيها، والخموس، والعشور، في مواضعها، والخطأ مرتفع عن إجماعهم. "انتهى" . قلت ومن المعلوم أن العمل في وقتنا هذا على الترخص في ذلك وفي رسم أسماء السور، وعدد آيها، والأحزاب، والأرباع، والأثمان في مواضعها، لكن نقط الإعجام بالسواد، وما عداه بلون مختلف للسواد، ولا تخفى المعارضة بين حكاية الإجماع المذكور، وبين حكاية الأقوال الثلاثة المتقدمة. وقول الناظم: والأمهات ملجأ للناس، أي: مرجع لهم، والفاء في قوله: فمنع سببية، وقوله للالتباس: نقل عن الناظم أنه قال: ليس هو تعليلا لمالك، ولا من كلامه، وإنما ذلك تبرع تبرعت به، وأخذته من كلام الحافظ في المحكم حيث لم يستجز نقط المصاحف بالسواد من الحبر وغيره، ونهى عنه؛ لأن السواد يحدث فيه نخليطا، "انتهى" . كلام الناظم، وعليه فقوله منع مبني للنائب، والنقط نائب فاعله، والمانع هو الحافظ الذاتي في المحكم لا مالك، وإنما لم يجعل الناظم قوله: للالتباس علة لمنع مالك النقط؛ لأنه ليس في جواب مالك ما يدل عليه. وقول الناظم: للاتباع بقطع الهمزة مصدر أتبع بمعنى أتبع بوصل الهمزة، وإذ في قوله إذ منع للتعليل، ويحدثا بضم الياء من أحدث الرباعي، وألفه للإطلاق كألف أحدثا. "تأليف الكتب في القراءات" . ثم قال: ووضع الناس عليه كتبا ... كل يبين عنه كيف كتبا أجلها فاعلم كتاب المقنع١ ... فقد أتى فيه بنص مقنع أخبر أن الناس، أي: العلماء المعتنين برسم القرآن وضعوا، أي: صنفوا كتبا تكلموا فيها على المرسوم الذي جعله سيدنا عثمان في المصاحف أصلا كتبعا، كل واحد من أولئك الناس يبين عن المرسوم كيف كتب، أي: يخبر كيفية كتابته: من حذف، ١ المقنع: لأبي عمرو الداني. وإثبات ونقص وزيادة، وقطع، ووصل، ونحو ذلك إلا أن بعض ذلك تلقوه عن المصاحف العثمانية كما تقدم، وبعضه من مصاحف الأمصار المظنون بكل واحد منها متابعة مصحف مصره، كما تقدم أيضا، والضمير في قوله: أجلها يعود على الكتب المتقدمة، أي: أجل تلك الكتب الموضوعة في الرسم، وأعظمها فائدة، وصحة الكتاب المسمى بالمقنع؛ لأنه أتى فيه مؤلفه بنص، أي: بلفظ صريح مقنع، أي: كاف لمن اقتصر عليه، وكتاب المقنع الذي عناه الناظم هو المقنع الكبير، وهو مفيد في الرسم، وعليه اعتمد مجمل ممن اعتنى بعلم القرآن، والمقنع الصغير، نحو نصفه، وكلاهما من تأليف الحافظ أبي عمر، وعثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر الأموي١، مولاهم المعروف في زمانه بابن الصيرفي وبعد ذلك بالداني، ولد بقرطبة، ثم انتقل منها إلى دانية، فنسب إليها ويكنى أبا عمرو. كان رحمه الله دينا ورعا كثير البركة مجاب الدعوة مالكي المذهب، سمع من أبي الحسن القابسي، وابن أبي زمنين وخلق كثير، وأخذ عنه أناس كثيرون بالأندلس وغيرها منهم أبو عمرو الداني قارئ الأندلس، وأبو الوليد الباجي فقيهها، وأبو عمرو بن عبد البر٢ محدثها، قال اللبيب في شرح العقيلة: رأيت لأبي عمرو الداني مائة وعشرين تأليفا منها أحد عشر في الرسم، أصغرها جرما كتاب المقنع، قال: وسمعت من يوثق به من أصحابنا أن له مائة ونيفا وثلاثين تأليفا في علم القرآن من قراءة، ورسم وضبط وتفسير وغير ذلك، وقال أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال٣: كان أحد الأئمة في علم القرآن بروايته وتفسيره، ومعانيه، وطرقه وإعرابه، وجمع في ذلك تأليف حسانا يطول تعدادها وله معرفة بالحديث، وطرقه، وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخط، جيد الضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن، ١ الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر الأموي مولاهم المعروف في زمانه بابن الصيرفي، ثم الداني. ٢ أبو عمر بن عبد البر، الحافظ جمال الدين يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر ولد سنة ٣٦٨هـ، بقرطبة، وتوفي سنة ٤٦٣هـ، له عدة تصانيف ومؤلفات وشروح، وتعاليق هدية العارفين: ٢/ ٥٥٠، إسماعيل باشا، وبغية الملتمس للضيي: ٤٧٤، وتذكرة الحفاظ: ٣/ ١١٢٨، وجذوة المقتبس للحميدي: ٣٤٤، والديباج لابن فرحون: ٣٧٥، والشذرات: ٣/ ٣١٤، والصلة: ٢/ ٦٧٧، والعبر: ٣/ ٢٥٥، وفيات الأعيان لابن خلكان: ٢/ ٣٤٨. ٣ ابن بشكوال. وقال: غيره، لم يكن في عصره آخر يضاهيه في حفظه، وتحقيقه وكان يقول: ما رأيت شيئا قط إلا كتبته، ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته فنسيته، وكان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار، وكلام العلماء فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها، ومولده سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وابتدأ طلب العلم وهو ابن أربع عشرة سنة، وتوفي بدانية يوم الاثنين في النصف من شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ودفن بعد صلاة العصر، وخرج لجنازته كل من بدانية، ولم يبلغ نعشه إلى قبره إلا قرب المغرب لكثرة ازدحام الناس عليه، مع قرب المسافة بين داره وقبره جدا، ولو كانت بعيدة ما دفن تلك الليلة، ومشى السلطان ابن مجاهد على رجله أمام النعش وهو يقول: لا طاعة إلا طاعة الله لما شاهد من كثرة الخلق، وازدحام الناس، وختم الناس عليه القرآن تلك الليلة، واليوم الذي يليها أكثر من ثلاثين ختمة، وبات الناس على قبره أكثر من شهرين، نفعنا الله به. والألف في قول الناظم كتبا في الشطر الأول من التنوين، وفي الشطر الثاني للإطلاق وكتبا الأول: جمع كتاب، وكتبا الثاني فعل ماض مبني للنائب. ثم قال: والشاطبي جاء في العقيلة ... به وزاد أحرفا قليله أخبر أن الإمام الشاطبي جاء به، أي: بالمقنع، يعني ذكر جميع مسائل كتاب المقنع في نظمه المسمى "بعقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد" ، وزاد عليه أحرفًا، أي كلمات قليلة، وجملتها ست كلمات. والشاطبي هو الشيخ الإمام المقري، أبو محمد قاسم بن فيرة أبي القاسم خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الضرير صابح القصيدة التي سماها "حرز الأماني ووجه التهاني" ١. ١ أبو محمد قاسم بن فيرة الرعيني الشاطبي، ت/ ٥٩٠، له قصيدة وهي لاميته المعروفة، بالشاطبية عدد أبياتها ١١٨٦ بيتًا، أولها: بدأت باسم الله في النظم أولًا ... تبارك رحمانا رحيما وموئلا أورده بروكلمان في تاريخ الأدب العربي: ١/ ٤٠٩-٤١٠، وسركيس في معجمه: ١٠٩١، ومنها نسخة خطية بالخزانة العامة بالرباط، حرف: د/ رقم: ٨١٥/ ١٣٧١. كما أن له: المعاني شرح حرز الأماني بنفس الخزانة، حرف: د/ رقم: ١٠٠٧. وقصيدة حرز الأماني ووجه التهاني تقع في: ١١٧٣ بيتا: وقد ذكر الإمام الشاطبي في نهاية قصيدته هذا البيت: = كان رحمه الله تعالى عالما بكتاب الله تعالى قراءة وتفسيرا، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا قرئ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ، تصحح النسخ من حفظه، ويملي النكت على المواضع المحتاج إليها، وكان أوحد أهل زمانه في علم النحو واللغة، عالما بعلم الرؤيا، قرأ القرآن العظيم بالروايات على أبي عبد الله محمد بن علي أبي العاصي النفزي بالزاي المعجمة، وعلي أبي الحسن علي بن عبد الرحيم وغيرهما، وانتفع به خلق كثير، وكان يتجنب فضول الكلام، ولا ينطق في سائر أوقاته، إلا بما تدعوا إليه الضرورة، ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة، وهيئة حسنة، وتخشع، وكانت ولادته في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة للهجرة، ودخل مصر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وكان يقول: عند دخول إليها أنه يحفظ وقر بعير في العلوم، وتوفي بمصر يوم الأحد بعد صلاة العصر، الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة، ودفن بالقرافة الصغرى في تربة القاضي الفاضل، وفيرة بكسر الفاء سكونم الياء المثناة من تحت، وتشديد الراء وضمها، وهو بلغة أعاجم الأندلس، ومعناه بالعربي الحديد والرعيني نسبة إلى قبيلة من قبائل المغرب. والشاطبي نسبة إلى شاطبة مدينة كبيرة بالأندلس خرج منها جماعة من العلماء. ثم قال: وذكر الشيخ أبو داود* ... رسما بتنزيل له مزيدا = وأبياتها ألف تزيد ثلاثة ومع مائة سبعين زهرا وكملا وقد طبعت القصيدة في مصر بمراجعة علي محمد الضباع مراجع المصاحف بمشيخة المقارئ المصرية في ٢٣/ ١١/ ١٣٥٥هـ ٥/ ٢/ ١٩٣٧م مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، وتوجد عدة طبعات جديدة من هذه المنظومة خاصة في السعودية ولبنان. وللمنظومة شرحان تحت اسم "كنز المعاني" . الأول: برهان الدين إبراهيم بن عمرو الجعبري المتوفى سنة ٧٣٢هـ، ولدي نسخة مصورة منه ويقع في ٣ أجزاء. والثاني: لابن عبد الله محمد بن أحمد المعروف بشعلة الموصلي الحنبلي المتوفى عام ٥٥٦هـ، انظر كشف الظنون، ج١، ص. ٦٤٦، طبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر. * أبو داود هو سليمان بن أبي القاسم نجاح مولى أمير المؤمنين هشام ٤١٣، ٤٩٠هـ، روى عن أبي عمرو، وعثمان بن سعيد وعن أبي عمر بن عبد البر، وعن أبي الوليد الباجي، الصلة ٢/ ٢٠٠. أخبر أن الشيخ أبا داود، ذكر في كتابه الذي سماه "التنزيل" رسما مزيدًا له، أي: مرسومًا زاده على ما في "المقنع" ، و "العقيلة" بمعنى أن جملة المرسوم التي اشتمل عليها التنزيل أكثر من جملة المرسوم التي اشتمل عليها قد انفرد عن الآخر بحروف، قال ابن بشكوال في كتاب "الصلة" سليمان بن أبي القاسم نجاح مولى أمير المؤمنين هشام المؤيد بالله سكن دانية وبلنسية، يكنى أبا داود روى عن أبي عمرو عثمان بن سعيد المقرئ وأكثر عنه، وهو أثبت الناس فيه، وكان من جملة المقرئين وعلمائهم عالما بالقرآن ورواياتها، حسن الضبط لها دينا فاضلا ثقة، له تآليف كثيرة في معاني القرآن العظيم وغيره، وكان حسن الخط، جيد الضبط، روى الناس عنه كثيرا، توفي يوم الأربعاء بعد صلاة الظهر، ودفن يوم الخميس لصلاة العصر بمدينة بلنسية، واحتفل الناس لجنازته، وتزاحموا على نعشه وذلك في رمضان ليست عشرة ليلة خلت منه سنة ست وتسعين وأربعمائة للهجرة، وكان مولده سنة ثلاث عشرة وأربعمائة للهجرة، فعمره ثلاث وثمانون سنة. "انتهى" ... ومن أشهر كتبه "التنزيل" ، ومنها "التبيين" ، وهو الذي يشير إليه في التنزيل بالكتاب الكبير. أسباب نظم الموجز: ثم قال: فجئت في ذاك بهذا الرجز ... لخصت منهن بلفظ موجز وفق قراءة أبي رؤيم ... المدني ابن أبي نعيم حسبما اشتهر في البلاد ... بمغرب لحاضر وبادي أخبر أنه جاء وأتى بهذا الرجز في ذاك، أي: الرسم المتقدم، وأنه لخص منهن، أي: من الكتب الثلاثة المتقدمة، وهي: المقنع، والعقيلة، والتنزيل، والتنزيل بلفظ موجز، أي: مختصر. وقوله: وفق مفعول لخصت، أي: لخصت من الكتب الثلاثة بلفظ مختصر الرسم الموافق لقراءة أبي رؤيم المدني الذي، هو الإمام نافع بن أبي نعيم، وحسب من قوله حسبما بفتح السين بمعنى مثل صفة لموصوف محذوف، أي: تلخيصا، وما مصدرية وفاعل اشتهر ضمير يعود على مقرئ نافع، وباء بمغرب بمعنى في، وهو بدل من قوله في البلاد، ولام الحاضر بمعنى عند، والحاضر ساكن الحاضرة، والبادي ساكن البادي البادية، والتقدير خصصت منهن مقرئ نافع بالذكر كما اختص بالشهرة في المغرب، ومعنى ما ذكر من تلخيصه الرسم الموافق لقراءة نافع من الكتب الثلاثة، أن تلك الكتب تعرض مؤلفوها لما خالفت فيه المصاحف العثمانية الرسم القياسي باعتبار قراءات الأئمة السبعة، والناظم لم يتعرض من ذلك إلا لما خالفته فيه باعتبار قراءة نافع المشتهرة بالمغرب. والرجز أحد البحور الخمسة عشرة المشهورة، وأجزاؤه: مستفعلن ست مرات، وقد أتى الناظم بأبيات كثيرة من بحر السريع، وأجزاؤه: مستفعلن مستفلن مفعولات مرتين، كقوله: أثبته وجاء ربانيون ... عنه بحذف مع ربانيين فأما أنه أراد بالرجز معناه اللغوي، وهو كل ما قصرت أجزاؤه، أو أنه غلب الرجز الاصطلاحي؛ لأن أبياته الواقعة في النظم أكثر من أبيات السريع. وقوله: أبو رؤيم بالتصغير كنية لنافع، والمدني نسبة إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ونافع: هو أحد الأئمة القراء السبعة الذين اشتهر ذكرهم في جميع الآفاق، ووقع على فضلهم وجلالتهم الاتفاق، وهو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم مولى جعونة بفتح وسكون العين، وفتح الواو ابن شعوب الليثي، وجعونة حليف حمزة بن عبد المطلب، وقيل غير ذلك. وأصل نافع من أصبهان وهو من الطبقة الثانية بعد الصحابة، ويكنى بأبي رؤيم، وأبي نعيم وأبي عبد الله، وأبي عبد الرحمن، وأبي الحسن، والأولى أشهر كناه ولذا اقتصر عليها الناظم. وكان -رضي الله عنه- عالما صالحا خاشعا مجابا في دعائه، إماما في علم القرآن، وعلم العربية، أم الناس في الصلاة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة قرأ على سبعين من التابعين، وقرأ على مالك الموطأ، وقرأ عليه مالك القرآن، وقال قراءة نافع سنة، انتهت إليه رئاسة الإقراء بالمدينة المشرفة، وأجمع الناس عليه بعد شيخه أبي جعفر، وقرأ عليه: مائتان وخمسون رجلا، وكان إذا تكلم تشم من فيه رائحة المسك، فقيل له: اتتطيب كلما قعدت تقرئ الناس؟ فقال: ما أمس طيبا، ولا أقرب طيبا، ولكني رأيت -فيما يرى النائم- النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في في، وفي رواية يتفل في فمي، فمن ذلك الوقت تشم من في هذه الرائحة، قال المسيبي: قلت لنافع ما أصبح وجهك وأحسن خلقك فقال: وكيف لا وقد صافحني رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولد -رضي الله عنه- سنة سبعين، وتوفي بالمدينة سنة تسع وستين ومائة للهجرة في خلافة الهادي على الأصح، وروي أنه لما حضرته الوفاة، قال له أبناؤه، أوصنا، فقال: اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، قال أبو محمد مكي في التبصرة، وكان -يعني نافعا- يقرئ الناس بكل ما قرئ الناس بكل ما قرئ عليه مما رواه ألا يسأله إنسان عن قراءته، فيأخذ عليه فلذلك كثر الاختلاف عنه، انتهى. وزاد في الإبانة إيضاحا فقال ما نصه: فإن يسأل سئل فقال: ما العلة التي من أجلها كثر الاختلاف عن هؤلاء الأئمة يعني السبعة، وكل ولحد منهم قد انفرد بقراءة اختارها مما قرأ به على أئمته، فالجواب أن كل واحد من الأئمة قرأ على جماعات بقراءات مختلفة، فنقل ذلك على ما قرأ، فكانوا في برهة من أعمارهم يقرئون الناس بما قرأوا فمن قرأوا عليهم بأي حرف كان لم يردوه عنه إذا كان ذلك مما قرأوا به على أئمتهم ألا ترى أن نافعا١ قال: قرأت على سبعين من التابعين فما اتفق على اثنان أخذته وما شذ فيه واحد تركته، وقد روي عنه أنه يقرئ الناس بكل ما قرأ به حتى يقال له: نريد أن نقرأ عليك باختيارك مما رويت، وهذا: قالون٢ ربيبه وأخذ الناس به، وورش٣ أشهر الناس في المتحملين عنه: اختلفا في أكثر ١ نافع المدني، هو نافع بن عبد الرحمن الليثي، أحد أصحاب القراءات السبع الصحيحة نشأ بالمدينة، أخذ العلم قراءة عن سبعين من التابعين، ومع هذا فلا بعد ثقة، ومن تلامذه الأصمعي وقالون عيسى بن ميناء، توفي سنة ١٦٩هـ ٧٨٥م. ترجمته في التاريخ الكبير للبخاري ٤/ ٨٧-٢، والمشاهير لابن حبان: ١٤١ وغاية النهاية لابن الجزري ٢/ ٣٣٠، وميزان الاعتدال للذهبي ٣/ ٢٢٧. والتهذيب لابن حجر ١٠/ ٤٠٧، والأعلام للزركلي ٨/ ٣١٧. ٢ قالون: هو أبو موسى عيسى بن ميناء بن وردان أصله من المدينة، ولد سنة ١٢٠هـ/ ٧٣٨م، وتتلمذ على نافع، كان يعد في عصره حجة في القراءات في الحجاز على الرغم من وقر في أذنه، توفي قالون رحمه الله سنة ٢٢٠هـ/ ٨٣٥م، ترجمته في: الفهرس لابن النديم: ٢٨، والتيسير للداني: ٤، وإرشاد الأريب للحموي: ٤/ ١٠٣، وغاية النهاية لابن الجزري: ١/ ٦١٥، والنجوم الزاهرة لابن تغري: ٣/ ٢٣٥، والأعلام للزركلي: ٥/ ٢٩٧. ٣ ورش: هو عثمان بن سعيد بن عبد الله القرشي المصري القيرواني، ولد في مصر سنة ١١٠هـ. ٧٢٨م، وتوفي بها أيضا سنة ١٩٧هـ/ ٨١٢م، تتلمذ على الإمام نافع، ترجمته في: التيسير للداني: ٤، وغاية النهاية لابن الجزري: ١/ ٥٠٢، والنجوم الزاهرة لابن تغري: ١١/ ١٥٥، وشذرات الذهب لابن العماد: ١/ ٣٤٩. من ثلاثة آلاف حرف من قطع، وهمز، وتخفيف، وإدغام، وشبهه، ولم يوافق أحد من الرواة عن نافع رواية ورش عنه، ولا نقلها أحد عن نافع غير ورش، وإنما ذلك؛ لأن ورشا قرأ عليه بما تعلم في بلدة، فوافق ذلك رواية قرأها نافع على بعض أئمته فتركه على ذلك، وكذلك ما قرأ عليه قالون وغيره، وكذلك الجواب عن اختلاف الرواة عن جميع القراء، وقد روي عن غير نافع أنه كان لا يرد على أحد ممن يقرأ عليه إذا وافق ما قرأ به على بعض أئمته، فإن قيل له: اقرئنا بما اخترته من روايتك اقرأ بذلك. انتهى. ببعض حذف. الثناء على الرواة ثم قال: وربما ذكرت بعض أحرف ... مما تضمن كتاب المنصف١ لأن ما نقله مروي ... عن ابن لب٢ وهو القيسي وشيخه مؤتمن جليل ... وهو الذي ضمن إذ يقول حدثني عن شيخه المغامي٣ ... ذي العلم بالتنزيل والأحكام أخبر أنه ذكر بقلة في هذا الرجز بعض أحرف، أي: كلمات من الرسوم الذي تضمنه، واحتوى عليه الكتاب المسمى بالمنصف، وجملة ما ذكره منه نحو: اثني عشر موضعًا والقصد من ذكرها بيان انفرد مؤلفه بها، وإنما اقتصر الناظم عليها، وسكت عن غيرها مما انفرد صاحب المنصف؛ لأن تلك المواضع اشتهرت في زمن الناظم دون بقية ما انفرد به. والمنصف نظم الشيخ أبي الحسن علي بن محمد المرادي الأندلسي البلنسي، ثم علل الناظم اعتماده عليه فيما ذكره منه بأن ما نقله فيه مؤلفه مروي عن شيخه الأستاذ ابن لب القيسي، وشيخ القيسي ثقة مؤتمن في نقله، جليل، أي: عظيم، وهو الإمام: أبو عبد الله محمد بن أحمد المغامي من طبقة أبي داود، يروى عن الحافظ أبي عمرو الداني، وعن أبي محمد مكي قال الناظم وهو، أي: شيخ ابن لب هذا هو الذي ضمنه البلنسي في نظمه المسمى بالمنصف إذ يقول فيه حدثني، أي: ابن لب عن شيخه المغامي ونصه: ١ المنصف كتاب الشيخ أبي الحسن علي بن محمد اليمرادي الأندلسي البلنسي. ٢ ابن لب الغرناطي: أبو سعيد بن فرج بن قاسم بن لب الغرناطي: ت. ٧٨٣هـ/ ١٣٨١م. بغية الوعاة: ٣٧٢ وبروكلمان: ١/ ١٧١. ٣ المغامي: هو الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد المغامي، كان يعاصر أبا داود. إذ كنت قد أخذته روايه ... عن ابن لب من ذوي الدرايه وكان شيخا خص بالإتقان ... في عصره من أهل هذا الشان حدثني عن شيخه المغامي ... ذي العلم بالتنزيل والأحكام وكل ما أذكره فعنه ... أخذته مما استفدت منه وقوله: ذي العلم صفة للمغامي، والمراد بالتنزيل هنا القرآن، أي: صاحب العلم بعلوم القرآن، وبأحكامه من حلال وحرام، وناسخ ومنسوخ وغير ذلك. ثم قال: جعلته مفصلًا مبوبا ... فجاء مع تحصيله مقربا وحذفه جئت به مرتبا ... لأن يكون البحث فيه أقربا شرع من هنا إلى قوله لأجل ما خص من البيان في ذكر اصطلاحه في هذا الرجز، فأخبر أنه جعله مفصلا مبوبا، أي: ذا فصول وذا أبواب، وسيأتي تفسير الباب، والفصل عند أول ترجمة من النظم، ومراده بكونه مبوبا أنه ذو تراجم، فمنها ما صرح فيه بلفظ باب، كباب اتفاقهم، والاضطراب، ومنها ما خلا عنه كالقول فيما سلبوه الياء، وهاك واوا سقطت في الرسم، ولما كان لفظ التبويب، ظاهرا في التراجم دون الفصول، وإن كان يصدق بالفصول نبه على أنه مفصل أيضا، ثم فرع على جعله مفصلا مبوبا. قول: فجاء مع تحصيله مقربا، أي: جاء هذا الرجز مع حفظه مقربا لفهم حافظيه، ثم أخبر أن حذف هذا الرجز، أي: حذف الألفات المذكورة فيه جاء به مرتبا من أول القرآن إلى آخره، في ست تراجم لكثرة مسائله، فيتطلب مسائل كل ترجمة فيها ثم علل مجيئه بالحذف مرتبا بقوله، لأن يكون البحث فيه أقربا، أي: لأجل أن يكون بالبحث والتفتيش على الحذف في هذا الرجز قريبا لطالبيه. ثم قال: وفي الذي كرر منه اكتفي ... بذكر ما جاء أولا من أحرف منوعا يكون أو متحدا ... وغير ذا جئت به مقيدا هذا من جملة مصطلحه في هذا الرجز، وهو أن الذي في القرآن من كلمات الحذف المطرد يكتفي فيه بذكر ما جاء أولا من أحرف، أي: يقتصر فيه على ذكر حذف ما وقع أولا من الكلمات، ولا يتعرض لحذف ما زاد على ذلك الأول من نظائره الواقعة بعده اكتفاء به عنها، لكون حكم الجميع واحدا، ومن هذا يعلم أن اللفظ الذي يذكر فيه الناظم الحذف في ترجمة من التراجم يعم نظائره الواقعة في تلك الترجمة، وفيما بعدها ولا يعم ما قبل الترجمة التى هو فيها؛ لأن الناظم إنما الناظم إنما يكتفي بالأول عما بعده، ولا يكتفي عن الأول بما بعده، نعم إن وجد في كلامه ما يدل على تعميم الحكم في السابق واللاحق كان الحكم شاملا للجميع، وذلك كتعليق الحكم على ضابط لا على عين لفظ. نحو قوله: وقبل تعريف وبعد لام، وقوله: ووزن فعال، فاعل ثبت. ثم إنه لا فرق في ذلك المكرر الذي يكتفي فيه بذكر الأول بين أن يكون منوعا، أو متحدا والمراد بالنوع اللفظ المكرر الذي في أوله أو آخره زيادة على نظيره: كالأزواج و "أزواجهم" أو "أزواج" و "الأبصار" ، و "أبصارهم" ، و "أبصار" ، و "بسلطان" ، و "سلطان" ، والمراد بالمتحد اللفظ المكرر الذي على صورة واحدة في جميع القرآن من غير زيادة، ولا نقص "كباخع" و "صلصال" و "غضبان" . واسم الإشارة في قوله وغير ذا جئت به مقيدا يعود على المكرر، المطرد حذفه بقسيمه، الممنوع، والمتحد، يعني أن المكرر من الكلمات غير المطرد حذفها بأن حذفت في بعض المواضع دون بعض يقيده بقيد يميزه به عن غيره، والتقيد بأشياء، منها المجاور، كقوله: إلا الذي مع خلال قد ألف، ومنها التقيد بالحرف، كقوله: لابن نجاح: خاشعا، والغفار، فقيد الغفار بالحرف وهـ "وأل" احترازا عن: "غفارا" بسورة نوح، ومنها التقيد بسورة، كقوله: والحذف في الأنفال في الميعاد، ومنها التقييد بغير ذلك مما سنقف عليه إن شاء الله في كلام الناظم، وحذف همزة جاء من قوله: ما جاء أولا على إحدى اللغات في اجتماع الهمزتين. ثم قال: وكل ما قد ذكروه أذكر ... من اتفاق أو خلاف أثروا والحكم مطلقا به إليهم ... أشير في أحكام ما قد رسموا يعني أن من اصطلاحه أن يذكر جميع ما ذكره الشيوخ الثلاثة المتقدمون وهم: أبو عمرو الداني، والشاطبي، وأبو داود، من أحكام الرسم التي اتفقت عليها المصاحف، أو اختلفت فيها مما رووه عنها، واعتمدوه موافقا لقراءة نافغ، فخرج ما ذكروه من الأحكام، واستضعفوه فلا يذكره، وأما التعاليل التي ذكروها فالغالب عدم ذكره لها، وقوله: من اتفاق أو خلاف يؤذن بأنه لم يلتزم ببيان ما ذكره الشيوخ من التشهير والترجيح، وحينئذ لا يلتفت إلى اعتراض شارحيه عليه بفوات بيان ذلك. ثم أخبر أن من اصطلاحه، أيضا أن يشير بالحكم في حال كونه مطلقا إلى اتفاق الشيوخ المذكورين في أحكام ما قد رسموا أي: في أحكام الألفاظ التي ذكروا رسمها. ومراده بالحكم المطلق ما لم يسند لواحد فأكثر من شيوخ النقل المذكورين، فيدخل فيه، قوله: وحذف "إِدَّارَأْتُم" "رهان" ، وقوله و "احذف تفادوهم" يتامى "، و" دفاع "، وشبه ذلك، ويدخل فيه أيضا قوله:" كذاك لا خلاف بين الأمة "وقوله:" وللجميع الحذف في الرحمن "، وقوله:" وجاء أيضا عنهم في "العالمين" ، وشبه ذلك مما فيه الحكم لكتبة المصاحف لا لشيوخ النقل؛ لأن هذه الأمثلة ونحوها خالية من إسناد الحكم لواحد فأكثر من شيوخ النقل المذكورين. تنبيهان: التنبيه الأول: ما اصطلح عليه في هذين البيتين لا يختص بحذف الألفات، بل يجرى في جميع أبواب نظم الرسم. وأما قوله: قبل وفي الذي كرر منه اكتفى، البيتين فهو مختص بالحذف كما قررناه؛ لأن المتبادر عود ضمير على الحذف في قوله: "وحذف جئت به مرتبا" ، ومن الشراح من جعله جاريا في جميع أبواب النظم أيضًا. التنبيه الثاني: إنما لم ندخل الشيخ البلنسي في ضمير ذكروه؛ لأن إدخاله فيه يقتضي أن جميع ما ذكروه في المنصف يذكره الناظم، وهو ينافي قوله: قبل وربما ذكرت بعض أحرف البيت، وحيئنذ لا يكون صاحب المنصف معتبرا في إطلاق الحكم الذي يشير به الناظم إلى اتفاق شيوخ النقل، ومما يؤيد ذلك أن الناظم ساق الخلاف مطلقا في قوله الآتي: "لكن قل سبحان فيه اختلفا" ، مع أن صاحب المنصف ليس له فيه كلام. وقول الناظم: أثروا بقصر الهمزة بمعنى رووا، وجملة أثروا صفة اتفاق وما عطف عليه، وعائد الموصوف محذوف تقديره أثروه. ثم قال: وكل ما جاء بلفظ عنهما ... فابن نجاح مع دان رسما وأذكر التي بهن انفردا ... لدى العقيلة على ما وردا ذكر في البيت الأول أن من مصطلحه أن كل حكم جاء في هذا الرجز مصاحبا للفظ عنهما الذي هو ضمير اثنين مجرور بعن، ولم يتقدم له معاد فرسمه أبو داود مع أبي عمرو الداني، أي: ذكراه معا نحو قوله: "والحذف عنهما" بأكّلُونَ "، وقوله: عنهما روضات" ، وقوله: "وبعد واو عنهما قد أثبتت" ، فإن تقدم معاد، عاد ضمير الاثنين له نحو، وقوله: "والأولان عنهما قد سكتا" ، ولا يخفى أن ما نسبه لأبي عمرو وحده أوله مع أبي داود يستلزم نسبته للشاطبي أيضًا، لقوله: قبل "والشاطبي جاء في العقيلة" ، وأما لفظ عنه الواقع في هذا الرجز، فضميره لأبي داود غالبا، وإنما لم يذكره الناظم في اصطلاحه؛ لأنه داود إلا وقد تقدم معاده بخلاف لفظ عنهما، فإنه يضمره للشيخين من غير تقدم معاد كما عرفت. ثم أخبر في البيت الثاني أنه يذكر في هذا الرجز الكلمات التي انفرد بها الشاطبي في العقيلة مسندة إليه على الوجه الذي ورد فيها، وهي التي أشار إليها بقوله: قبل، "وزاد أحرفا قليلة" ، وقد تقدم أن عدتها ستة، وفي هذا البيت من الفائدة أنه إذا نقل حكما مسندا للعقيلة علم انفراد الشاطبي به إلا أن يصرح الناظم بزائد عليه نحو، ومن عقيلة وتنزيل، وعن، والألف في قوله: رسما للإطلاق للتثنية كما قيل ولدى في قوله: لدى العقيلة بمعني في. ثم قال: وكل ما لواحد نسبت ... فغيره سكت إن سكت وإن أتى بعكسه ذكرته ... على الذي من نصه وجدته ذكر في هذين البيتين أن مصطلحه أيضًا أن كل حكم في أي باب من الأبواب نسبه لواحد من الشيخين المتقدمين، وسكت عن غيره، وهو الشيخ الآخر، بحيث لم يذكر له فيه شيئا، فإن ذلك الغير سكت عن حكم ذلك اللفظ الذي تعرض الآخر لحكمه، وإن أتى ذلك الغير بعكس ذلك الحكم يعني بما يخالف ذلك الحكم بوجه ما، فإنه يذكره على الوجه الذي من نصه إلى من لفظه، سواء كان مقابلا للحكم الأول أم لا، مثال القسم الأول قوله: والحذف في المقنع في ضَعَفا، و "عن أبي داود جا أضعافا" ، ومثال القسم الثاني: مقابلا حذف "نحسات" لأبي عمرو لدخوله في ضابط الجمع، وثبته لأبي داود ومثاله غير مقابل قوله: ومقنع قرآنا أولى يوسف ... وزخرف وسليمان احذف وما شرحنا به قوله: "وكل ما لواحد نسبت" من أن المراد لواحد من الشيخين المتقدمين، هو الذي يدل عليه استقراء النظم خلافا لمن حمله على أن المراد لواحد من الأئمة المتقدمين، أما الثلاثة أو الأربعة بزيادة البلنسي. ثم قال: لأجل ما خص من البيان ... سميته بمورد الظمآن ملتمسا في كل ما أروم ... عون الإله فهو الكريم أخبر أنه سمى رجزه هذا بمورد الظمآن، لجل ما خص به من البيان، والإيضاح والمورد بكسر الراء اسم مكان من مورد الماء وغيره وصل إليه، ويطلق ويراد به نفس الماء الذي شأنه أن يورد، وهذا المعنى هو الذي اعتبره الناظم في التسمية، والظمآن: العطشان، ووجه مطابقة الاسم للمسمى، أن الطالب في تلهفه، واشتياقه للمسائل شبيه بالعطشان، وهذا الرجز لما اشتمل عليه من الفوائد مع سهولته بالماء العذب البارد، لإطفائه لهب المشتاق لمسائله إطفاء الماء ظمأ الوارد. وقوله: ملتمسا حال من التاء في تسميته، أي: سميته في حال كوني ملتمسا، أي: طالبا في كل ما أروم، أي: في كل أمر أقصده، وأريد فعله عون الإله، أي: إعانة الله تعالى، ومن جملة ما رامه، وقصده هذا الرجز. ثم علل طلبه الإعانة من الله بقوله: فهو الكريم، أي: إلا أنه لا كريم على الحقيقة إلا هو عز وجل. تقسيم الرسم القرآني بين التوقيفي والقياسي "مقدمة" الرسم قسمان: قياسي وتوقيفي، ويسمى القسم الثاني بالاصطلاح نسبة لاصطلاح الصحابة -رضي الله عنهم. فالرسم القياسي هو تصوير الكلمة بحروف هجائها على تقدير الابتداء بها، والوقف عليها، ولهذا أثبتوا صورة همزة الوصل، وحذفوا صورة التنوين وفيه تآليف مخصوصة به. والرسم التوقيفي علم تعرف به مخالفات خط المصاحف العثمانية لأصول الرسم القياسي، وهو المؤلف فيه هذا الرجز، وأصوله المتقدمة وغيرها. والمراد بأصول الرسم القياسي قواعده المقررة فيه، ويرادف الرسم: الخط، والكتابة، والزبر والسطر، والرقم، والرشم بالشين المعجمة، وإن غلب الرسم بالسين المهملة في خط المصاحف. وموضوع الرسم التوقيفي حروف المصاحف العثمانية من حيث الحذف والزيادة، والإبدال، والفصل، والوصل، ونحو ذلك. ومن فوائده تمييز ما وافق رسم المصاحف من القراءات، فيقبل وما خالفه منها فيرد، حتى لو نقل وجه من القراءات متواتر ظاهر الوجه في العربية إلا أنه مخالف لرسم المصاحف، فإن كانت مخالفته من نوع المخالفات المسطورة في الفن قبلت القراءة وإلا ردت. وموافقة القراءة لخط المصحف، ولو تقديرا هي أحد الأركان الثلاثة التي عليها مدار قبول القراءات. والركن الثاني: موافقة وجه ما من وجوه النحو سواء كان أفصح، أو فصيحا، والركن الثالث: التواتر. وقد أجمع أهل الأداء وأئمة القراء على لزوم تعلم مرسوم المصاحف فيما تدعو إليه الحاجة، واعلم أن أكثر رسم المصاحف موافق لقواعد الرسم القياسي، وقد خرجت عنها أشياء منها ما عرف حكمه، ومنها ما غاب عنا علمه، ولم يكن ذلك من الصحابة كيف اتفق بل لأمر عندهم قد تحقق، وأعظم فوائد ذلك كما ذكره بعض العلماء أنه حجاب منع أهل الكتاب أن يقرأون على وجهه دون موقف. هذا، وقد تقدم لك أنه ورد عدة أحاديث في طلب الاقتداء بالصحابة فيما فعلوه، ومما فعلوه مرسوم المصاحف، وقد أجمعوا عليه وهم -رضي الله عنهم- اثنا عشر ألفا فيجب علينا اتباعهم، وتحرم علينا مخالفتهم في ذلك. فيجب على كل من أراد كتابة مصحف أن يكتبه على مقتضى الرسم العثماني، فإن كتبه على مقتضى الرسم القياسي، فقد خالف الأحاديث الواردة في طلب الاقتداء بالصحابة، وخالف ما أجمع عليه الصحابة، وخرق إجماع من بعدهم من علماء الأمة، قال أشهب: سئل مالك: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا ... إلا على الكتابة الأولى: رواه الداني في المقنع، وقال الإمام أحمد بن حنبل: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أوياء، أو ألف، أو غير ذلك، وقد نقل الجعبري، وغيره إجماع الأئمة الأربعة على وجوب اتباع مرسوم المصحف العثماني، وقال في المقنع بعد أن ذكر جواب مالك المتقدم، ولا مخالف لمالك من علماء الأمة. وهذا كله يرجع إلى مصطلح الرسم، وأما النقط والشكل ونحوهما فقد قدمنا الخلاف فيا عند قول الناظم: ومالك حض على الاتباع لفعلهم، إلخ. كما لا تجوز مخالفة خط المصاحف في رسم القرآن لا يجوز لأحد أن يطعن في شيء مما رسمه الصحابة في المصاحف؛ لأنه طعن في مجمع عليه؛ ولأن الطعن في الكتابة كالطعن في التلاوة، وقد بلغ التهور ببعض المؤرخين إلى أن قال في مرسوم الصحابة ما لا يليق بعظيم علمهم الراسخ، وشريف مقامهم الباذخ فإياك أن تغتر به. وهذا إذا قلنا أن مرسوم المصاحف: اصطلاح من الصحابة، وأما إذا قلنا: أنه من إملاء النبي صلى الله عليه وسلم على سيدنا زيد بن ثابت، من تلقين جبريل عليه السلام كما نقله بعض العلماء، فالطاعن فيه طاعن فيما هو صادر من النبي صلى الله عليه وسلم، ويشهد لكونه من إملائه صلى الله عليه وسلم ما ذكر صاحب الإبريز عن شيخه العارف بالله سيدي عبد العزيز الدباغ أنه قال: رسم القرآن سر من أسرار المشاهدة وكمال الرفعة، وهو صادر من النبي صلى الله عليه وسلم، وليس للصحابة ولا لغيرهم في رسم القرآن، ولا شعرة واحدة، وإنما هو توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الألف، ونقصانها ونحو ذلك لأسرار لا تهتدي إليها العقول إلا بالفتح الرباني، وهو سر من الأسرار خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية، فكما أن نظم القرآن معجز فرسمه معجز أيضا، انتهى. باب: الاتفاق والاختلاف في الحذف: ثم قال الناظم: باب اتفاقهم والاضطراب ... في الحذف من فاتحة الكتاب أي: هذا باب بيان اتفاق كتاب المصاحف، واختلافهم في حذف الألفات من كلمات فاتحة الكتاب، والباب لغة: المدخل الموصل إلى الشيء، واصطلاحا اسم لجملة من المسائل المشتركة في أمر يشملها تحته فصول غالبا، والفصل لغة: الحاجز بين الشيئين، واصطلاحا اسم جملة من مسائل الفن مندرج تحت باب أو كتاب، غالبا. والضمير في قول اتفاقهم يعود على كتاب المصاحف المتقدم ذكرهم في قوله: "ثبت عن ذوي النهى والعلم" ، ولا يصح عوده على الرواة الناقلين عن المصاحف؛ لأنه لم يتقدم ذكرهم لا تصريحا، ولا تلويحا ولا على الشيوخ الذين عينهم الناظم لعدم الاطراد، فإن الناظم كثيرا ما يأتي بذكر الخلاف مع اتفاق الناقلين له؛ ولأن أكثر الكنايات وشبهها الآتية في النظم الأنسب بها كتاب المصاحف لا شيوخ النقل كقوله: "لا خلاف بين الأمة في الحذف" . وقوله: وبعضهم أثبت فيها الأولاد. وقوله: ولجميع السيئات جاء بألف. والتعبير باتفاق كتاب المصاحف، واختلافهم في معنى تعبير الشيوخ باتفاق المصاحف واختلافها، ولكن لما وقع في عبارة الناظم ضمير العقلاء لزم حمله على كتابها، وأحدهما قريب من الآخر، وأل في قوله: والاضطراب عوض عن ضمير كتاب المصاحف، والاضطراب: الاختلاف. وقوله: في الحذف تنازعه كل من الاتفاق، والاضطراب، ومعنى الحذف: الإسقاط والإزالة، وآل فيه للعهد والمعهود. قوله: وحذفه جئت به مرتبا، والذي يحذف غالبا في المصاحف من حروف الهجاء ثلاثة: الألف، والواو، والياء المديتان، وهي التي تزاد أيضا. وإنما اختصت هذه الأحرف بالحذف غالبا لكثرة دورها، وبقاء ما يدل عليها عند حذفها، وهو الحركات التي نشأت هذه الأحرف عنها، وإنما اقتصر في الترجمة على الحذف؛ لأنه هو المخالف لقاعدة الرسم القياسي، وأما الإثبات فلا حاجة إلى التنصيص عليه لجريانه على القياس، ولذا لم يترجم له، ولم يتعرض لشيء منه استقلالًا. "واعلم" أن البسملة إن كانت من الفاتحة، ومن كل سورة أو من الفاتحة فقط كما قيل بكل منهما دخل في ترجمة الفاتحة ولا إشكال، وإن لم تكن من الفاتحة ولا من غيرها كما هو قول مالك، وجماعة دخلت فيا أيضا لملازمتها إياها لفظا وخطا. تنبيهان: التنبيه الأول: الحذف الواقع في المصاحف ثلاثة أقسام، حذف إشاة، وحذف اختصار، وحذف اقتصار. أما حذف الإشارة فهو ما يكون موافقا لبعض القراءات نحو: {وَإِذْ وَاعَدْنَا} فإن أبا عمرو البصري قرأ بحذف الألف من اللفظ، والباقون بإثباتها فحذفت الألف في الخط إشارة لقراء الحذف، ولا يشترط في كونه حذف إشارة أن تكون القراء المشار إليها متواترة، بل ولو شاذة لاحتمال أن تكون غير شاذة حين كتب المصاحف، وهذا القسم يعلم مما سنذكره في الشرح من قراءة الكلمة بدون ألف. وأما حذف الاختصار، أي: التقليل فهو ما لا يختص بكلمة دون مماثلها فيصدق مما تكرر من الكلمات، وما لم يتكرر منها، وذلك كحذف ألف جموع السلامة: كالعلمين والذريت. وأما حذف الاقتصار فهو ما اختص بكلمة أو كلمات دون نظائرها: "كالميعد، في الأنفال، و" الكفر "في الرعد، وربما جامع القسم الأول كلا من القسمين الأخيرين،" كواعدنا "، وفيها" سراجا "، وربا اجتمع القسمان الأخيران، وذلك حيث تتفق المصاحف على حذف كلمة، وتختلف في نظائرها فيكون" اختصارا بالنسبة إلى حذف النظير في بعض المصاحف واقتصارا بالنسبة إلى إثباته، وهذا كله اصطلاح لهم، وإلا يبعد أن يشمل ذلك كله اسم الاختصار. التنبيه الثاني: للحذف والإثبات مرجحات، فينفرد الإثبات بالترجيح لكن حيث لا مرجح للحذف، وينفرد الحذف بترجيحه إلى القراءة بحذفه، لكن حيث لم ينص على الإثبات أو راجحيته، ويشتركان ما في الترجيح بالنص على رجحان أحدهما، وينص أحد الشيخين على أحد الطرفين مع سكوت الآخر الذي قد يقتضي خلافه، وبالحمل على النظائر، وعلى المجاور، وباقتصار أحد الشيوخ على أحدهما، وحكاية الآخر الخلاف، وينص شيخ على حكم عين الكلمة عند اقتضاء ضابط غيره خلافه، ويكون النقل عن نافع عند نقل غيره خلافه، وبكونه في المصاحف المدنية عند مخالفة غيرها، وبكونه في أكثر المصاحف. ثم قد يحصل لكل طرف مرجح فأكثر مع التساوي في عدد المرجحات، أو التفاوت، وقد يكون بعض المرجحات عند التعارض أقوى من بعض فيتسع في ذلك مجال النظر، وكثير من هذه المرجحا يجرى أيضا في غير باب الحذف ومقابله مما يذكر بعده، ومن هذه المرجحات يعلم وجه كثير مما جرى به العمل، وسنبين إن شاء الله ما جرى به العمل عندنا بتونس في جميع ما ذكر في الناظم الخلاف، أو التخيير، وأما ما ذكر فيه الناظم اتفاق الشيوخ، أو الشيخين على نقله من غير ذلك خلاف فيه بين المصاحف، فلا توقف في العمل به، ولذا لا ننص عليه. ثم قال: وللجميع الحذف في الرحمن ... حيث أتى في جملة القرآن كذاك لا خلاف بين الأمة ... في الحذف في اسم الله واللهمه لكثرة الدور والاستعمال ... على لسان لافظ وتال وذكر في البيتين الأولين بعضا من مسائل الإتقان المصدر به في الترجمة، فأخبر أن الحذف واقع في الرحمن أي: في ألفه التي بعد الميم حيثما أتى في القرآن لجميع كتاب المصاحف. فدخل لفظ الرحمن الواقع في الفاتحة وغيرها، ولم يقع في القرآن الكريم إلى مع آل، وقد تقدم اندراج البسملة في الفاتحة فيدخل لفظ الرحمن الواقع فيها. ثم أخبر أنه لا خلاف في حذف الألف الواقعة بين اللام والهاء في اسم: الله واللهم وأما حذف الألف الواقعة بين اللامين من: لله، فسيأتي في قوله: وقبل تعريف وبعد لام البيت. وقوله: بين الأئمة، أي: الجماعة، المراد بهم كتاب المصاحف، واسم الإشارة في قوله، كذلك يعود على لفظ الرحمن، أي: اسم الله، واللهم، كلفظ الرحمن في الاتفاق على الحذف. ويدخل في قوله: اسم الله، أي: الاسم الذي هو: الله ما في الفاتحة وسائر السور من اسم الله، ففي الفاتحة الحمد لله، وفي غيرها نحو ختم الله. وأما: "اللهم ملك الملك" ، وإنما ذكر اللهم مع أنه هو لفظ الله زيدت عليه الميم دفعا لتوهم أنه لا يدخل في اسم الجلالة لزيادة الميم فيه. وذا الحكم الذي ذكره في البيتين مطلق، فيشمل شيوخ النقل المتقدمين، على ما قررناه في اصطلاحه، ولفظ الرحمن متحد، وأما اسم الله فمنوع كما يقتضيه اصطلاحه المتقدم. ثم علل حذف الألف في هذه الكلمات الثلاث بكثرة دورها، أي: تكرارها، وكثر استعمالها على لسان اللافظ، أي: الناطق بها في غير القرآن، وعلى لسان التالي لها في القرآن، ويلزم من ذلك كثرة كتبها فحذف الألف فيها إنما هو في الحقيقة لكثرة كتبها اللازم لعليل الناظم، وقد ذكر شيوخ النقل حذف الألف في هذه الكلمات، ولم يذكروا تعليل الناظم، فذكره إياه تبرع، والهاء في قوله: اللهمه هاء السكت، والظاهر أن عطف الاستعمال على الدور عطف تفسير. ثم قال: وجاء أيضًا عنهم في العالمين ... وشبهه حيث أتى كالصادقين ونحو ذريات مع ءايات ... ومسلمات وكبينات من سالم الجمع الذي تكررا ... ما لم يكن شدد أو إن نبرا فثبت ما شدد مما ذكرا ... وفي الذي همز منه شهرا والخلف في التأنيث في كليهما ... والحذف عن جل الرسوم فيهما أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الحذف جاء أيضا عن كتاب المصاحف في العلمين، وفي شبهه حيثما أتى في القرآن، وذلك الشبه كالصدقين، ونحو والذاريات، آيت، مسلمت، بينت، ثم ذكر ضابطا بين به شبه: العالمين، فقال من سالم الجمع الذي تكررا، أي: هو الجمع السالم المتكرر في القرآن مذكرا أو مؤنثا. ثم أخرج المشدد والمهموز من الجمع السالم بقسميه المذكر والمؤنث بقوله: ما لم يكن شدد أو أن نبرا، أي: همز يعني ما لم يكن الجمع السالم بقسميه واقعا بعد ألفه شد أو همز مباشر، ثم ذكر حكم هذا المخرج، وهو المشدد والمهموز فأخبر أن الحكم في المشدد المذكر ثبت الألف اتفاقا، وشهر الثبت في المهموز منه مع خلاف بعض المصاحف فيه بالحذف، وأن الخلف حاصل في جمع المؤنث في كلا قسميه المشدد والمهموز، والحذف وارد عن أكثر المصاحف في قسمي المؤنث. أما العالمين ففي: رب العلمين "أول الفاتحة، وأما شبهه من المذكر غير المشدد أو والمهموز فنحو: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} ١، {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ٢، {وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ٣، ومن المؤنث نحو: {فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ} ٤، {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} ٥، {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} ٦، {مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} ٧، وأما المذكر المشدد فنحو: {وَلا الضَّالِّينَ} ٨، {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ} ٩، {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} ١٠، والمهموز منه نحو: {مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} ١١، {بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} ١٢." وأما المؤنث المشدد فنحو: {فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ} ١٣، {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} ١٤. والمهموز منه نحو: {وَالصَّائِمَاتِ} ١٥، {سَائِحَاتٍ} ١٦، ولم يود في القرآن جمع مؤنث سالم فيه ألف واحدة مهموز ما بعدها أو مشدد. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٩. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٣. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٥. ٤ سورة البقرة: ٢/ ١٩. ٥ سورة النبأ: ٧٨/ ٢٨. ٦ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٤٩. ٧ سورة الأعراف: ٧/ ١٧٢. ٨ سورة الفاتحة: ١/ ٧. ٩ سورة البقرة: ٢/ ١٠٢. ١٠ سورة الصافات: ٣٧/ ١٦٥. ١١ سورة البقرة: ٢/ ١١٤. ١٢ سورة الأعراف: ٧/ ٤. ١٣ سورة الملك: ٦٧/ ١٩. ١٤ سورة الصافات: ٣٧/ ١. ١٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٥. ١٦ سورة التحريم: ٦٦/ ٥. والحكم الذي ذكره الناظم في المشدد، والمهموز من الجمع المؤنث بالنسبة إلى كل من ألفيه، وأما غير المشدد والمهموز من الجمع المؤنث ذي الألفين فسينص عليه قريبا، والعمل عندنا في المهموز من الجمع المذكر على ما شهد من الإثبات، إلا التائبون، والسائحون بالتوبة، والصائمين بالأحزاب، فاقتصر أبو داود فيها على الحذف للنظائر المجاورة لها، وعليه عملنا ولم يستثنها الناظم، والعمل في المشدد والمهموز من جمع المؤنث على ما في أكثر المصاحف من الحذف. واعلم أن مما يشمله ضابط الناظم ما ألفه مبدلة من همزة نحو: "مُسْتَنِسِينَ" ١، لورش، ويلزم من ذلك حذف صورة الهمزة فيه لقالون ضرورة أن المحذوف في رواية ورش، وهو الألف، وهو بعينه صورة الهمزة في رواية قالون لم يحتج إلى استثنائه في باب الهمزة مع: الرؤيا، وإدارتم. ومما يشمله أيضا ما كانت ألفه مصاحبة للام نحو: {لاعِبِينَ} ٢، {اللَّاعِنُونَ} ٣، وما شمله أيضا بعض الجموع السالمة التي تغير فيها بناء مفردها للتخفيف، كـ {قُرُبَاتٍ} ٤، فإن قالون يسكن مفردها وهو قربة، ومما يشمله أيضا الملحقات بالجمع السالم، وإن لم تكن جمعا حقيقة، ولا فرق بين ما جرى منها مجرى المذكر أو المؤنث فالأول نحو: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ٥، {وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} ٦، {وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} ٧، مما استعمل في جانب الله تعالى على جهة التعظيم. والثاني نحو: {عَرَفَاتٍ} ٨، {وَأُولاتُ} ٩، ويدل على شموله لهذه الملحقات قوله: في {الْعَالَمِينَ} ١٠، وشبه حيث جعل الحذف أصلا في: {الْعَالَمِينَ} ١١ الملحق بالجمع، ثم حمل عليه شبه من الجمع السالم، وساوى بين الجمع والملحق به في الحكم. ١ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٣. ٢ سورة الأنبياء: ٢١/ ١٦. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٥٩. ٤ سورة التوبة. ٩/ ٩٩. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ١٢. ٦ سورة الحجر: ١٥/ ٢٣. ٧ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨١. ٨ سورة البقرة: ٢/ ١٩٨. ٩ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ١٠ سورة الفاتحة: ١/ ٢. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٤٧، وعدد هذا اللفظ "٧٣" . وأما {ثَلاثُونَ} ١ المرفوع غير المرفوع و {ثَمَانِينَ} ٢، وإن كان من الملحق بالجمع المذكر فقد نص على حذفها فيما بعد هذا الباب مع نظائرهما. أما باب {ءَامِنينَ} ٣، {ءَاخذينَ} ٤، و {الامِرُونَ} ٥، {وءَاخرينَ} ٦، و {ءَاياتٌ} ٧ و {المُنشَآتُ} ٨، ما وقع فيه قبل الألف المنشآت "٨، مما وقع فيه قبل الأل همزة في قسمي الجمع السالم، فسيأتي حكمه في باب الهمز عند قول الناظم: وما يؤدي لاجتماع الصورتين، البيت." ومن هنا تعلم أن تمثيل الناظم هنا بآيات للحذف إنما هو بالنسبة للألف التي بعد الياء فقط. أما: {أمَّهاتُ} ٩. {وأَخَوَاتُ} ١٠، {وَبَنَاتُ} ١١، فكل منها جمع سلامة لمؤنث، وسينص في هذا الباب على حذف بنات في ثلاثة مواض فقط، وعلى إثبات عدة كلمات من الجمع السالم مع خلف في بعضها، وسينص فيه أيضا على أنواع أخرى من الجمع السالم لم يذكرها الشيخان مع أمثلة ضابط الجمع المذكور. وبهذا كله تعلم أنه لا بد في الحكم بالحذف، أو الإثبات في الجمع السالم بقسميه من ملاحظة ما ذكره الناظم هنا وفيما سيأتي، ولا يقتصر في ذلك على مجرد ضابط الجمع المذكور، ولا يخفى أنه لا يدخل في ضابط الناظم نحو: {مَرْضاتِ} ١٢، و {تُقايةً} ١٣، و {أمْواتٌ} ١٤ و {أصْواتُ} ١٥ إذ ليس واحد منها جمع مؤنث سالم، أما الأولان فمنفردان، وأما الأخيران فجمعا تكسير. تنبيهان: التنبيه الأول: مراد الناظم بالمشدد، والمهموز في قسمي المذكر والمؤنث في قوله: ما لم يكن شدد أو أن نبرا ما كان الشد، والهمز فيه بعد الألف مباشرا ما صرح به ١ سورة الأحقاف: ٤٦/ ١٥. ٢ سورة النور: ٢٤/ ٤. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٩٩. ٤ سورة الذاريات: ٥١/ ١٦. ٥ سورة التوبة: ٩/ ١١٢. ٦ سورة الأنفال: ٨/ ٦٠. ٧ سورة آل عمران: ٣/ ٩٧. ٨ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٤. ٩ سورة النساء: ٤/ ٢٣ {أُمَّهَاتِكُمْ} . ١٠ سورة النساء: ٤/ ٢٣، وسورة النور: ٢٤/ ٦١. ١١ سورة النساء: ٤/ ٢٣. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٠٧، ٢٦٥، وسورة النساء: ٤/ ١١٤. ١٣ سورة آل عمران: ٣/ ٢٨. ١٤ سورة البقرة: ٢/ ١٥٤، وسورة النحل: ١٦/ ٢١. ١٥ سورة طه: ٢٠/ ١٠٨ "الأصوات" . ثم قال: وجاء في الحرفين نحو الصادقات ... والصالحات الصابرات القانتات وبعضهم أثبت فيها الأولا ... وفيهما الحذف كثيرا نقلا تعرض في هذين البيتين للذي الألفين من جمع المؤنث السالم غير المشدد والمهموز، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الحذف جاء في الحرفين، أي: الألفين من جمع المؤنث السالم، نحو: {وَالصَّادِقَاتِ} ١، {الصَّالِحَاتِ} ٢، {وَالصَّابِرَاتِ} ٣، {وَالْقَانِتَاتِ} ٤، وإن بعض كتاب المصاحف أثبتوا في جموع التأنيث الألف الأول من الألفين لكن الحذف نقل فيهما كثيرا، فقول الناظم: وجاء في الحرفين، البيت، كلام مجمل كالترجمة فصل بالبيت الثاني، والعمل عندنا على حذف الألفين في ذلك إلا ما يأتي استثناؤه. واعلم: أن مما يدخل في ذي الألفين، ما كانت ألفته الثانية مصاحبة للام نحو: {عَلامَاتٍ} ٥، {رِسَالاتِ} ٦، {جِمَالَتٌ} ٧، مما يدخل فيه أيضا: {خَالاتِ} ٨، {مَغَارَاتٍ} ٩، مما الألف فيه أصلية لا زائدة. والأصل "خولات" بفتح الواو ومغرات بسكون الغين، وفتح الواو ثم أعلا على القياس فصارا: خلت ومغرات، والألف في قول: الناظم الأول ونقلا ألف الإطلاق. ثم قال: وأثبت التنزيل أولى يابسات ... رسالة العقود قل وراسيات رجح ثبته وباسقات ... وفي الحواريين مع نحسات أثبته وجاء ربانيون ... عنه بحذف مع ربانيين ١ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٥، ولفظ: الصالحات في القرآن الكريم "٦٢" وكله بحذف الألف. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٥. ٣ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٥. ٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٥. ٥ سورة النحل: ١٦/ ١٦. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ٦٢. ٧ سورة المرسلات: ٧٧/ ٣٣. ٨ سورة النساء: ٤/ ٢٣ {وَخَالاتُكُمْ} . ٩ سورة التوبة: ٩/ ٥٧ {أَوْ مَغَارَاتٍ} . ثم قال: وجاء في الحرفين نحو الصادقات ... والصالحات الصابرات القانتات وبعضهم أثبت فيها الأولا ... وفيهما الحذف كثيرا نقلا تعرض في هذين البيتين للذي الألفين من جمع المؤنث السالم غير المشدد والمهموز، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الحذف جاء في الحرفين، أي: الألفين من جمع المؤنث السالم، نحو: {وَالصَّادِقَاتِ} ١، {الصَّالِحَاتِ} ٢، {وَالصَّابِرَاتِ} ٣، {وَالْقَانِتَاتِ} ٤، وإن بعض كتاب المصاحف أثبتوا في جموع التأنيث الألف الأول من الألفين لكن الحذف نقل فيهما كثيرا، فقول الناظم: وجاء في الحرفين، البيت، كلام مجمل كالترجمة فصل بالبيت الثاني، والعمل عندنا على حذف الألفين في ذلك إلا ما يأتي استثناؤه. واعلم: أن مما يدخل في ذي الألفين، ما كانت ألفته الثانية مصاحبة للام نحو: {عَلامَاتٍ} ٥، {رِسَالاتِ} ٦، {جِمَالَتٌ} ٧، مما يدخل فيه أيضا: {خَالاتِ} ٨، {مَغَارَاتٍ} ٩، مما الألف فيه أصلية لا زائدة. والأصل "خولات" بفتح الواو ومغرات بسكون الغين، وفتح الواو ثم أعلا على القياس فصارا: خلت ومغرات، والألف في قول: الناظم الأول ونقلا ألف الإطلاق. ثم قال: وأثبت التنزيل أولى يابسات ... رسالة العقود قل وراسيات رجح ثبته وباسقات ... وفي الحواريين مع نحسات أثبته وجاء ربانيون ... عنه بحذف مع ربانيين ١ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٥، ولفظ: الصالحات في القرآن الكريم "٦٢" وكله بحذف الألف. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٥. ٣ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٥. ٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٥. ٥ سورة النحل: ١٦/ ١٦. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ٦٢. ٧ سورة المرسلات: ٧٧/ ٣٣. ٨ سورة النساء: ٤/ ٢٣ {وَخَالاتُكُمْ} . ٩ سورة التوبة: ٩/ ٥٧ {أَوْ مَغَارَاتٍ} . لما ذكر أنواعا من جمع السلامة بحذف الألف اتفاقا، وأنواعا منه بخلاف في حذفها أخذ يستثني من خرج من الكلم عن ذلك، فأخبر عن أبي داود أنه أثبت في كتابه المسمى بالتنزيل، أي: نقل فيه إثبات الألف الأولى من ألفي {يَابِسَاتٍ} ١، في الموضعين من سورة يوسف، وإثبات الأولى من ألف {رِسَالاتِ} ٢، العقود في آية: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} ٣، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها نحو: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ، فإن ألفه الأولى محذوفة على ما تقدم، ثم أخبر عن أبي داود أيضا أنه رجح ثبت ألف: {رَاسِيَاتٍ} ٤، الأولى إذ الكلام فيها، ورجح إثبات ألف: {بَاسِقَاتٍ} ٥، الأول أيضا، فالأوى في سورة سبأ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} ٦، والثاني في سورة ق. {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} ٧، وأما الألف الثانية فهي محذوفة في الكلمات الربع على ما تقدم، ثم أخبر عن أبي داود أيضا بإثبات ألف الحواريين يعني مرفوعا وغيره، وألف نحسات وبحذف ألف: {وَالرَّبَّانِيُّونَ} ٨، {رَبَّانِيِّينَ} ٩، نحو: {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} ١٠، في آل عمران والصف: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} ١١، في العقود، وأما: {نَحِسَاتٍ} ١٢، ففي فصلت: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ} ١٣، وأما ربانيون، وربانيين ففي العقود: {وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا} ١٤، وفي آل عمران: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} ١٥، والعمل عندنا على ما نقله الناظم عن أبي داود في الأبيات الثلاثة جزما وترجيحا وقوله: رسلة العقود معطوف على {يَابِسَاتٍ} ١٦بواو محذوف، فهو مدخول لأولى أيضا، وأتى برسالة مفردا على قراء الإفراد لضيق النظم ونصبه على الحكاية. ثم قال: ١ سورة يوسف: ١٢/ ٤٣. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ٦٢. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ٦٨. ٤ سورة سبأ: ٣٤/ ٣١. ٥ سورة ق: ٥٠/ ١٠. ٦ سورة سبأ: ٣٤/ ١٣. ٧ سورة ق: ٥٠/ ١٠. ٨ سورة المائدة: ٥/ ٤٤. ٩ سورة آل عمران: ٣/ ٧٩. ١٠ سورة الصف: ٦١/ ١٤. ١١ سورة المائدة: ٥/ ١١١. ١٢ سورة فصلت: ٤١/ ١٦. ١٣ سورة فصلت: ٤١/ ١٦. ١٤ سورة المائدة: ٥/ ٤٤. ١٥ سورة آل عمران: ٣/ ٧٩. ١٦ سورة يوسف: ١٢/ ٤٣. أخبر عن أبي داود بحذف الألف: {بَنَات} ١ الواقع في ثلاث كلمات من هذا اللفظ في النحل: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ} ٢، وفي الأنعام: {وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ} ٣، وفي الطور: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ} ٤، وقيد الأولين بالسورة، والأخير بالمجاور احترازا من غيرها كبنات سورة النساء الثلاث: {بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} ٦، {مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ} ٧ كلاهما بهود: {بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} ٨، بالحجر: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ} ٩ {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ} ١٠ كلاهما بالصافات: {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ} ١١ بالزخرف وغير ذلك. والعمل عندنا على ما نقله الناظم عن أبي داود من حذف بنات في الكلمات الثلاث، وعلى الإثبات في غيرها، ويجري ثبات من قوله تعالى: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} ١٢، مجرى بنات في غير الكلمات الثلاث، فيكون حكم ألفه الإثبات، وبه جرى العمل. ثم أخبر عن أبي داود أيضا بالخلاف في حذف ألف صراط، وإثباته وفي ألف سوءات. أما صراط ففي الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ١٣ وفي غيرها: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} ١٤، {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} ١٥ وقد تعدد في الفاتحة، وفيما بعدها منوعا كما مثل. وأما سوءات ففي الأعراف: {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} ١٦، {بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} ١٧، وفي طه: {فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} ١٨، والعمل عندنا على الحذف في صراط وسوءاتكم حيثما وقع كيف وقعا. ١ سورة الزخرف: ٤٣/ ٦ {يَخْلُقُ بَنَاتٍ} . ٢ سورة النحل: ١٦/ ٥٧. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ١٠٠. ٤ سورة الطور: ٥٢/ ٣٩. ٥ سورة هود: ١١/ ٧٨. ٦ سورة هود: ١١/ ٧٩. ٧ سورة الحجر: ١٥/ ٧ ١. ٨ سورة الصافات: ٣٧/ ١٤٩. ٩ سورة الصافات: ٣٧/ ١٥٣. ١٠ سورة الزخرف: ٤٣/ ١٦. ١١ سورة النساء: ٤/ ٧١. ١٢ سورة الفاتحة: ١/ ٦-٧. ١٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٦. ١٤ سورة الشورى: ٤٢/ ٥٣. ١٥ سورة الأعراف: ٧/ ٢٠. ١٦ سورة الأعراف: ٧/ ٢٢. ١٧ سورة الأعراف: ٧/ ٢٦. ١٨ سورة طه: ٢٠/ ١٢١. وإنما ذكر الناظم صراط أثناء الجموع مع أنه ليس منها لوقوعه في الفاتحة، ولمشاركته لبعض الجموع في الخلاف. وقوله: بنات معطوف بثم أما على: ربانيون المرفوع فيرفع وأما على ربانيين المخفوض فيخفض. ثم قال: وعنهما روضات قل والجنات ... وبينات منه فاكهين ... كيف أتى وفي انفطار كاتبين أخبر عن الشيخين باختلاف المصاحف في حذف ألف روضات، وما ذكر معه وفي أثباته فقوله: روضات على حذف مضاف، أي: وعنهما خلف روضات بدليل أن الكلام في سياق الخلاف. أما روضات والجنات، ففي الشورى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} ١. وأما بينات منه ففي فاطر: {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ} ٢ وقد قرأه مكي والبصري وحمزة، وحفص بحذف الألف على الأفراد، واحترز بقيد المجاور وهو لفظ منه عن غير المجارو له نحو: {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} ٣ فإنه لا خلاف في حذف ألفه. وأما فاكهين كيف أتى أي بواو أو ياء ففي يس: {فِي شُغُلٍ فَاكِهُون} ٤، وفي الدخان: {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِين} ٥، وفي الطور: {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ} ٦ وفي المطففين: {انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} ٧ وقد قرأ حفص هذا الأخير بغير ألف كما قرئ بذلك خارج السبعة في الجميع. وأما كاتبين ففي الانفطار في آية: {كِرَاماً كَاتِبِين} ٨ واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها نحو: {وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُون} ٩ في الأنبياء. ١ سورة الشورى: ٤٢/ ٢٢. ٢ سورة فاطر: ٣٥/ ٤٠. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ٩٧. ٤ سورة يس: ٣٦/ ٥٥. ٥ سورة الدخان: ٤٤/ ٢٧. ٦ سورة الطور: ٥٢/ ١٨. ٧ سورة المطففين: ٨٣/ ٣١. ٨ سورة الانفطار: ٨٢/ ١١. ٩ سورة الأنبياء: ٢١/ ٩٤. والخلاف الذي ذكره في الجنات خاص بالمجاور لروضات، وقرن الجنات بروضات قرينة على تخصيص الخلاف به. واعلم: أن ظاهر النقول ترجيح الإثبات على الحذف في روضات، والجنات وترجيح الحذف في البواقي، وبذلك جرى العمل عندنا. ثم قال: ومقنع بآية للسائلين ... وأثبت التنزيل أخرى داخرين أخبر عن صاحب المقنع، وهو أبو عمرو الداني بالخلاف في حذف الألف الثانية في آيات المجاور للسائلين، وفي إثباته، فقوله: ومقنع على حذف مضاف أي: وخلف مقنع في آيات للسائلين. ثم أخبر عن أبي داود في التنزيل بإثبات أخرى داخرين، أي: الكلمة الأخيرة من كلمات داخرين. أما آيات للسائلين ففي يوسف، وقد قرأه المكي بالإفراد واحترز بقيد المجاور للسائلين عن غير المجاور نحو آيات بينات، وأما داخرين الأخيرة ففي غافر: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} ١، واحترز بقيد أخرى من غير الأخيرة نحو: {سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} ٢ في النحل: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِين} ٣. والراجح المعمول به في آيات المجاور للسائلين الحذف، وأما داخرين الذي بغافر فالعمل فيه على الإثبات، وغيره محذوف، والباء في قوله بآية بمعنى في واتي بآية مفردا على قراءة المكي لضيق النظم. ثم قال: وبعد واوٍ عنهما قد أثبتت ... لدى سماوات بحرف فصلت وحذفت قبل بلا اضطراب ... في كل موضع من الكتاب ١ سورة غافر: ٤٠/ ٦٠. ٢ سورة النحل: ١٦/ ٤٨. ٣ سورة النمل: ٢٧/ ٨٧. أخبر عن الشيخين بإثبات الألف الواقعة بعد الواو في سماوات بحرف فصلت. أي: كلمة فصلت، وإن الألف حذفت بلا اضطراب، أي: بلا خلاف قبل الواو من سماوات في كل موضع من الكتاب، أي: القرآن، فدخل سماوات فصلت وغيرها أم سماوات فصلت ففي قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} ١. وما غيره فنحو: {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} ٢، {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَات} ٣، واعلم: أن الناظم سكت عن حكم الألف الثانية من سماوات في غير فصلت اتكالا منه على ما قدمه من حذف الألف الثانية من الجمع المؤنث في الألفين، ولم يذكر هنا إلا ما خرج عن الضوابط المتقدمة، ولدى من قوله: لدى سماوات بمعنى في وكذا الباء من قوله بحرف. ثم قال: وأثبتت آياتنا الحرفان ... في يونس ثالثها والثاني أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بإثبات الألف الواقعة بعد الياء من آياتنا الثاني، والثالث في سورة يونس وهما المرادان بقوله: الحرفان أي الكلمتان، فالثاني في قوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ} ٤ والثالث في قوله تعالى: {إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا} ٥، واحترز بقيد الإضافة إلى الضمير عن نحو تلك آيات الكتاب الحكيم، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها نحو: {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} ٦ وبقيد الثالث والثاني عن الأول فيها وهو: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} ٧ والرابع فيها وهو: {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا} ٨ والخامس فيها وهو: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ بِآياتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا} ٩ والسادس فيها وهو: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} ١٠. ثم قال: ١ سورة فصلت: ٤١/ ١٢. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٩. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٣٣. ٤ سورة يونس: ١٠/ ١٥. ٥ سورة يونس: ١٠/ ٢١. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ١١. ٧ سورة يونس: ١٠/ ٧. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٧٣. ٩ سورة يونس: ١٠/ ٧٥. ١٠ سورة يونس: ١٠/ ٩٢. والحذف عنهما بأكلون ... وعن أبي داود فعالون كيف أتى ووزن فعالين ... كلا وعنه ثبت جبارين أخبر عن الشيخين بحذف الألف في أكالون، وهو من الجمع السالم الذي مفرده على فعال، ثم أخبر عن أبي داود بحذف ألف وزن فعالون بالواو كيف، أتى منكرا، أو معرفا وكذا وزن فعالين بالياء كلا، أي: جميعا إلا جبارين منه فإنه أثبته، أي: نقل ثبت ألفه. فأما أكالون عنهما ففي العقود: {أَكَّالُونَ لِلسُّحْت} ١، وأما فعالون لأبي داود فنحو: {قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} ٢، {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} ٣، {طَوَّافُونَ عَلَيْكُم} ٤، {قُتِلَ الْخَرَّاصُون} ٥، وأما فعالين له أيضا فنحو: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْط} ، سورة النساء: ٤/ ١٣٥، {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّه} ٦، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِين} ٧، {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورا} ٨. وأما جبارين المثبت عن أبي داود ففي المائدة: {إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِين} ٩، وفي الشعراء: {بَطَشْتُمْ جَبَّارِين} ١٠، والعمل عندنا على ما نقله الناظم عن أبي داود في هذين البيتين: ثم قال: وعنه حذف خاطئون خاطئين ... بغير أولى يوسف وخاسئين أخبر عن أبي داود بحذف ألف: خاطئون، بالواو، وخاطئين بالياء عدا الكلمة الأولى من لفظ خاطئين في يوسف، وبحذف ألف خسئين عنه أيضا. فأما خاطئون ففي الحاقة: {لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُون} ١١، وأما خاطئين ففي يوسف: {وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِِينَ} ١٢، واحترز بقوله: بغير أولى يوسف عن كلمة خاطئين الأولى ١ سورة المائدة: ٥/ ٤٢. ٢ سورة النساء: ٤/ ٣٤. ٣ سورة المائدة: ٥/ ٤١. ٤ سورة النور: ٢٤/ ٥٨. ٥ سورة الذاريات: ٥١/ ١٠. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٨. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٢. ٨ سورة الإسراء: ١٧/ ٢٥. ٩ سورة المائدة: ٥/ ٢٢. ١٠ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٣٠. ١١ سورة الحاقة: ٦٩/ ٣٧. ١٢ سورة يوسف: ١٢/ ٩١، ٩٧، وسورة القصص: ٢٨/ ٨ {كَانُوا خَاطِئِينَ} . بيوسف وهي: {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِين} ١ وأما خاسئين ففي البقرة، والأعراف: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِين} ٢. وقد ذكر أبو داود كلمات: خاطئون، وخطئين بحذف الألف كلا في محله، وسكت عن أول يوسف، فلذا استثناه الناظم له حيث تقدم على الألفاظ المحذوفة. وذكر أبو داود أيضا: {الخَاسئينَ} ٣ في البقرة بحذف الألف، ولما تكلم عن الآية التي في الأعراف لم يذكره صريحا، ولكنه قال: وكل ما فيها من الهجاء مذكور، فاعتمد الناظم على ذلك فأطلق الحذف في خاشعين. والعمل عندنا على إثبات: خاطئين الذي بأول: يوسف وحذف ما عداه من لفظ: {خَاطِئِين} ٤، و "خاطئون" ٥ وعلى حذف "خَاسئِينَ" في السورتين: قال في عمدة البيان واغلفوا: {فَمَالِئُون} ٦ انتهى، والعمل فيه على الإثبات وقوله: "خاسئين" عطف على: خاطئين. ثم قال: ثم من المنقوص والصابونا ... ومثله الصابين ما طاغينا وفوق صاد قد أتت غاوينا ... ومثله الحرفان من راعونا وعنه والداني* في طاغونا ... ثبت أخبر عن أبي داود أنه حذف من الجمع المنقوص، وهو ما آخر مفرده ياء لازمة قبلها كسرة نحو: "الصابون" "والصابين" ، و "طاغين" ، "وغاوين" فوق صاد، أي: في الصافات، ومثل لفظ غاوين في الحذف عنه الحرفان، أي: الكلمتان: من "راعون" . ثم أخبر عن الشيخين بإثبات ألف: "طاغون" أما: الصابون ففي المائدة: {والصَّابِئُونَ والنَّصَارَى} ٧ وأما الصابين ففي البقرة: {والنَّصارَى والصَّابِئِينَ} ٨ وفي ١ سورة يوسف: ١٢/ ٢٩. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٦٦، وسورة البقرة: ٢/ ٦٥. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٤٥، {الخَاشِعِينَ} . ٤ سورة يوسف: ١٢/ ٢٩ {الخَاطِئيْنَ} . ٥ سورة الحاقة: ٦٩/ ٣٧ {الخَاطِئُونَ} . ٦ سورة الواقعة: ٥٦/ ٥٣ {فَمَالِئُونَ} . * هو أبو عمرو الداني الحافظ الإمام شيخ الإسلام عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي القرطبي المقرئ، صاحب التصانيف، ولد سنة ٣٧١هـ، وتوفي سنة ٤٤٠هـ. ترجمته: في إرشاد الأريب: ٥/ ٣٦، وإنباه الرواة للقفطي: ٢/ ٣٤١، وبغية الملتمس ٣٩٩، وتذكرة الحفاظ ٣/ ١١٢٠، والديباج المذهب: ١٨٨. ٧ سورة المائدة: ٥/ ٦٩ {والصَّابِئُونَ والنَّصَارَى} . ٨ سورة البقرة: ٢/ ٦٢ {والنَّصَارَى والصَّابِئِينَ} . الحج: {والصَّابِئِينَ والنَّصَارَى} ١ وأما طاغين ففي الصافات: {بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طَاغِين} ٢ وفي القلم: {إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} ٣ وفي ص: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِين} ٤ وأما غاوين فوق ص ففي آية: {فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِين} ٥ واحترز بقيد السورة المعبر عنها بفوق: صاد عن الواقع في غيرها: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين} ٦ في الحجر: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِين} ٧ {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} ٨، {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُون} ٩ الثلاثة في سورة الشعراء؛ لأن أبا داود سكت عن جميعها، ولم يذكر بالحذف إلا الذي في الصافات، والبواقي متقدمة عليه فلم تندرج. وأما كلمتا: رعون ففي قد أفح والمعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُون} ١٠. وأما طاغون المثبت للشيخين ففي الذاريات، والطور: {هُمْ قَوْمٌ طَاغُون} ١١ وافهم قول الناظم أن أبا داود حذف من المنقوص هذه الكلمات أنه لم يحذف جمعا منقوصا غيرها من الألفاظ التي ذكرناها محترزات، ومن الألفاظ التي لم نذكرها نحو: "الناهون، والعادون، وساهون، والعافين، والقالين، والعالين" ، ولم يتعرض أبو داود لها تعيينا بحذف ولا إثبات. والعمل عندنا على ما نقله الناظم عن أبي داود من حذف: الصابون، والصابين، وطاغين، وغاوين، بالصافات، وراعون في السورتين، وعلى إثبات ما لم يتعرض له أبو داود من ألفاظ الجمع المنقوص الثابت النون. وأما طاغون في السورتين، فلا توقف في العمل بإثباته لاتفاق الشيخين عليه. ١ {والصَّابِئِينَ والنَّصَارَى} ، سورة الحج: ٢٢/ ١٧. ٢ سورة الصافات: ٣٧/ ٣٠ {طَاغِيْنَ} . ٣ سورة القلم: ٦٨/ ٣١. ٤ سورة ص: ٣٨/ ٥٥. ٥ سورة الصافات: ٣٧/ ٣٢ {فَأَغْوَينَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ} . ٦ سورة الحجر: ١٥/ ٤٢ {إلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ} سورة الأعراف: ٧/ ١٧٥، {فَكَانَ مِنَ الغَاوِيْنَ} . ٧ سورة الشعراء: ٢٦/ ٩١ "وبُرِّزَتِ الجَحِيمُ للغَاوِينَ ." ٨ سورة الشعراء: ٢٦/ ٩٤ {فَكُبْكِبُوا فِيْهَا هُمْ وَالغَاوُونَ} . ٩ سورة الشعراء: ٢٦/ ٢٢٤ {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ} . ١٠ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٨ {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} . ١١ سورة الذاريات: ٥١/ ٥٣ {هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} . الشيوخ وتقدمت أمثلته، لا غير المباشر ولا المتقدم نحو: {الْحَوَارِيُّونَ} ١ في الرفع {ربَّانِيُّونَ} ٢، كذلك ونحو: {الصَّادِقِينَ} ٣، {ذُرِّيَّاتٍ} ٤، في المشدد ونحو: {خَاطِئُونَ} ٥، و {مَالِئُونَ} ٦، ونحو: {ءَامِنُونَ} ٧، {مُنْشَآتُ} ٨، في المهموز. أما عدم دخول ما كان الشد المتأخر فيه غير مباشر فمن قوله: وفي الحوارين أثبته إذ لو دخل في المشدد المثبت لما احتاج إلى التنصيص على إثباته ثانيا ويلزم مثله في الهمز، إذ هما باب واحد، وأما عدم دخول ما تقدم فيه الشد فمن تمثيله: بـ {الصَّادِقِينَ} ٩، و {ذُرِّيَّاتٍ} ١٠، لغير المشدد ويلزم مثله في الهمز أيضا. التنبيه الثاني: مراد الناظم بالمتكرر في قوله: "من سالم الجمع الذي تكررا" في القرآن في ثلاثة مواضع، فأكثر على ما صححه اللبيب في حد كثرة الدور التي عبرا غير الناظم في ضابط الجمع كالشيخين، وتعبير الناظم بالمتكرر غير موف بذلك، لصدقه بما وقع مرتين بخلاف التعبير بكثرة الدور فإنه موف به، والجواب عن الناظم أنه لما مثل آخر الباب للمنفرد، وهو غير المتكرر بما وقع مرتين علم أن مراده بالمتكرر هنا ما فوق الاثنين، وأيضا فإن هذا الشرط لما لم يكن متحتما، وإنما هو غالب كما سيذكره الناظم آخر باب تساهل في التعبير عنه، ولو أسقطه بالكلية ما أخل بالحكم. وقوله: وشبهه بالجر عطف على العالمين وقوله: ونحوه بالجر أيضا عطف على الصادقين وقوله: {ذُرِّيَّاتٍ} ١١، يقرأ بترك التنوين للوزن، وإن في قوله: أو أن نبرأ زائدة، ونبر بتخفيف الباء فعل ماض مبني للنائب، من النبر، وهو الهمز وثبت من قوله: فثبت ما شدد خبر مبتدأ محذوف، أي: فالحكم ثبت ما شدد ومراده بالرسوم هنا المصاحف. ١ سورة الصف: ٦١/ ١٤. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ٧٩ "رَبَّانيِّين" ، وسورة المائدة: ٥/ ٤٤ {وَالرَّبَّانِيُّونَ} . ٣ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٢٢، وسورة الأحزاب ٣٣/ ٣٥. ٤ سورة الفرقان: ٢٥/ ٧٤ {ذُرِّيَّاتِنَا} . ٥ سورة الحاقة: ٦٩/ ٣٧ {الْخَاطِئُونَ} . ٦ سورة الواقعة: ٥٦/ ٥٣. وسورة الصافات: ٣٧/ ٦٦ {فَمَالِئُونَ} . ٧ سورة المائدة: ٥/ ٢ {أَمِينَ} . ٨ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٤ {الْمُنْشَآتُ} . ٩ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٥. ١٠ سورة الأنعام: ٦/ ٨٧ {ذُرِّيَّاتِهِمْ} . ١١ الفرقان: ٢٥/ ٧٤ {ذُرِّيَّاتِنَا} . سورة الأنعام: ٦/ ٨٧ {وَذُرِّيَّاتِهِمْ} ، سورة الرعد: ١٣/ ٢٣ {وَذُرِّيَّاتِهِمْ} ، سورة غافر: ٤٠/ ٨ {وَذُرِّيَّاتِهِمْ} . وأما ما حذفت نونه من هذا النوع، وكان مشددا نحو: {بِرَادِّي رِزْقِهِم} ١ فيؤخذ إثباته مما تقدم. وأما المهموز منه نحو: {لَذَائِقُوا الْعَذَابِ} ٢ فحكمه الإثبات أيضا على ما به العمل وما من قوله: وما حذفت مبتدأ، ومنه متعلق بحذفت، وجملة قوله: حذف بالغوه خبر والضمير خبر، والضمير العائد على المبتدأ محذوف تقديره منه ومعنى قوله: يقتفيه يتبعه. ثم قال: وللجميع السيئات جاء ... بألف إذ سلبوه الياء أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن جميع كتاب المصاحف بإثبات ألف السيئات نحو: {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} ٣ {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ} ٤، {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} ٥، ثم علل الإثبات في السيئات بقوله: إذ سلبوه الياء، أي: لأن كتاب المصاحف سلبوه، أي: حذفوا منه الياء التي هي صورة الهمزة لاجتماع المثلين، فلو حذف الألف أيضًا لتوالي حذفان، وهو إجحاف، ولا يرد على تعليل الناظم حذف ألف: {خَاطئُِونَ} و {خَاطِئِينَ} ، و {خَاسِئِينَ} مع أن كلا منها حذف ألفه صورة الهمزة، للفرق بين {السَّيِّئَاتِ} وهذه الألفاظ، وهو أن السيئات لو حذف ألفه لاجتمع فيه حذفان في محل واحد من غير حائل بينهما، بخلاف هذه الألفاظ، فإنه حال فيها بين الحذفين حرف، ولا شك أن الحذفين من دون حائل أشد إحجاما منهما مع الحائل. وأما المنشآت فيحتمل أن تكون الألف المرسوم فيه هي صورة الهمزة، وألف الجمع هي المحذوفة، ويحتمل العكس، وبالاحتمال الأول جرى به العمل عندنا، ولهذا تلحق ١ سورة النحل: ١٦/ ٧١ {بِرَادِّي رِزْقِهِمْ} . ٢ سورة الصافات: ٣٧/ ٣٨ {لَذَائِقُوا الْعَذَابِ} . ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٧١ {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} . ٤ سورة الأعراف: ٧/ ١٥٣ {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ} . ٥ سورة الزمر: ٣٩/ ٥١ {سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} . ألف الجمع فيه بالحمراء بعد صورة الهمزة، وهذا عكس ما جرى به العمل في باب: آمنون، وآخرين، وآيات، من تقدير أن الألف الثابت هو الألف الهوائي: وأن الهمزة محذوفة الصورة، والباء في قوله: بألف للمصاحبة. ثم قال: وليس ما اشترط من تكرر ... حتما لحذفهم سوى المكرر وإنما ذكرته اقتفاء ... سننهم وبهم اقتداء فقد أتى الحذف بلفظ الفاتحين ... على انفراده ولفظ الغافرين ومتشاكسون ثم الخالفين ... والحامدون مثلها وسافلين وحسرات غمرات قربات ... وحرف مطويات معقبات أوردها مولى المؤيد هشام ... وههنا استوفيت في الجمع الكلام أخبر أن شرط التكرار المتقدم المشار إليه في ضابط الجمع بقوله: من سالم الجمع الذي تكرر ليس حتما أي: ليس متحتما، ولازما بحيث إذا فقد تخلف الحكم الذي هو الحذف، وإنما هو غالب فقط بمعنى أن أكثر الجموع المحذوفة الألف وجد فيها التكرر، وإنما ذكره اقتفاء لسننهم، أي: اتباعا لطريقتهم، واقتداء بهم. ودليل انتفاء تحتم ذاك الشرط مجيء الحذف في كلمات منفردة غير متعددة منها مذكر، وهي كلمة: {الْفَاتِحِين} ١ و {الْغَافِرِين} ٢ في الأعراف: ١ سورة الأعراف: ٧/ ٨٩. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٥٥. {مُتَشَاكِسُون} ١ في الزمر: {الْخَالِفِينَ} ٢، و {الْحَامِدُونَ} ٣ في التوبة. و {سَافِلِين} ٤ في التين، ومنها مؤنث وهو: {حَسَرَاتٍ} ٥ في البقرة فاطر، و {غَمَرَات} ٦ في الأنعام، و {قُرُبَاتٍ} ٧ في التوبة، و {مَطْوِيَّاتٌ} ٨ في الزمر، {مُعَقِّبَاتٍ} ٩ في الرعد. ذكر هذه الكلم الإحدى عشرة في التنزيل: أبو داود سليمان بن أبي القاسم نجاح مولى أمير المؤمنين هشام المؤيد بالله. واعلم: أن غير المكرر ليس منحصرًا في هذه الكلم، فقد ذكر أبو داود كلما آخر نحن: {وَارِدُونَ} ١٠ في الأنبياء، و {كَالِحُونَ} ١١ بقد ألفح، {خَامِدُون} ١٢ بيس، و {صَدُقَاتِهِن} ١٣ بالنساء و {مُتَجَاوِرَاتٌ} ١٤ و {الْمَثُلات} ١٥ بالرعد و {مُتَبَرِّجَاتٍ} ١٦ بالنور، و {وَالذَّارِيَات} ١٧ {الْمُرْسَلات} ١٨، و {النَّازِعَات} ١٩ و {الْعَادِيَات} ٢٠، ومجاورتهما. وذكر أبو عمرو أيضا من المنفرد بالحذف: عرفات وثيبات، وفي بعض نسخه: غرفات بالغين المعجمة. وإنما اكتفى الناظم بالجموع التي ذكرها الحصول المقصود من الاستدلال بها على ما ادعاه من أن شرط التكرار ليس متحتما بل هو غالب، وبالحذف في جميع ما تقدم من الألفاظ المنفردة جرى العمل. ثم أخبر أنه استوفى في هذا المحل الكلام في الجمع، وهو كما أخبر، إلا أنه أخر كلمتين من الملحق بالجمع، وهما: {ثَلاثُونَ} ٢١، و {ثَمَانِين} ٢٢ لمناسبة بينهما، وبين ما ذكر معه، وأخر من المنقوص، المحذوف النون ملاقو حتى أدرجه في التلاق للمناسبة أيضا. والباء في قوله: بلفظ بمعنى في ومطويات من غير تنوين للوزن. ١ سورة الزمر: ٣٩/ ٢٩. ٢ سورة التوبة: ٩/ ٨٣. ٣ سورة التوبة: ٩/ ١١٢. ٤ سورة التين: ٩٥/ ٥. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٦٧. ٦ سورة الأنعام: ٦/ ٩٣. ٧ سورة التوبة: ٩/ ٩٩. ٨ سورة الزمر: ٣٩/ ٦٧. ٩ سورة الرعد: ١٣/ ١١. ١٠ سورة الأنبياء: ٢١/ ٩٨. ١١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١٠٤. ١٢ سورة يس: ٣٦/ ٢٩. ١٣ سورة النساء: ٤/ ٤. ١٤ سورة الرعد: ١٣/ ٤. ١٥ سورة الرعد: ١٣/ ٦. ١٦ سورة النور: ٢٤/ ٦٠. ١٧ سورة الذاريات: ٥١/ ١. ١٨ سورة المراسلات: ٧٧/ ١. ١٩ سورة النازعات: ٧٩/ ١. ٢٠ سورة العاديات: ١٠٠/ ١. ٢١ سورة الأحقاف: ٤٦/ ١٥ {ثَلَاثُونَ} . ٢٢ سورة النور: ٢٤/ ٤. ثم قال: "سورة البقرة" ١ القول فيما قد أتى في البقرة ... عن بعضهم وما الجميع ذكره أي: هذا القول في الحذف الآتي في سورة البقرة عن بعض كتاب المصاحف دون بعض آخر لمجيء ذلك عنه بالإثبات، وفي الحذف الذي ذكره جميع كتاب المصاحف يعني رسومه، وهذه هي الترجمة الثانية من تراجم الحذف الست، وإنما ذكرها عقب ترجمة الفاتحة لاشتراطه في اصطلاحه ترتيب الحذف، وليس معنى الترتيب المشترط أنه يذكر الألفاظ المحذوفة واحدا بعد واحد على حسب ترتيبها في القرآن، بل معناه أنه يرتب التراجم بحيث لا يذكر في ترجمة ما تقدم عليها، أو تأخر عنها. ثم قال: وحذفوا ذلك ثم الأنهار ... وابن نجاح راعنا والأبصار أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن كتاب المصاحف حذفوا ألف ذلك، وألف الأنهار، وأن أبا داود حذف راعنا والأبصار، أي: نقل حذفه. أما ذلك ففي صدر البقرة: {الم، ذَلِكَ} ٢ وفي آل عمران: {قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} ٣ وقد تعدد في البقرة، وفيما بعدها، وتنوع بالزيادة سابقة كما تقدم ولاحقة نحو: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} ٤، {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} ٥، {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} ٦. وأما الأنهار ففي صدر البقرة: {أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} ٧ وهو متعدد فيها، وفيها بعدها نحو: {رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً} ٨ وأما راعنا ففي البقرة: لا تَقُولُوا ١ سورة البقرة: نزلت بالمدينة الآية ٢٨١، فنزت بمنى في حجة الوداع. وسورة البقرة ثاني سورة في ترتيب المصحف، وأطول سورة في القرآن إذ عدد آياتها ٢٨٦ آية، وفيها أطول آية في القرآن وهي آية الدين، وقد اشتملت السورة على منهجين عظيمين، الأول جاء في صدرها إلى آية ١٣٢، وطابعه أنه خطاب عام لجميع الناس ... والثاني طابعه أنه خطاب للمسلمين، وهو الواقع في عجز السورة، والكلام فيه على أول حادثة دينية تمس المسلمين، وأهل الكتاب، تحويل القبلة ... ١/ ١٣ التفسير الواضح، ط. ١٣٨٩هـ/ ١٩٦٩م، د. محمود حجازي. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١. ٣ سروة آل عمران: ٣/ ٤٧. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ٣٧. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٢. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٣٢. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٢٥. ٨ سورة الرعد: ١٣/ ٣. رَاعِنَا ١ وفي النساء: {وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِم} ٢ وأما الأبصار ففي البقرة: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} ٣ وقد تعدد فيها، وفيما بعدها منوعا نحو: {لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَار} ٤ {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً} ٥. وأعلم: أنه لا يندرج: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ} ٦، ولا: {هَذَانِ خَصْمَان} ٧. في قول الناظم: وحذفوا ذلك؛ لأن "ذنك" و "هذان" من أفراد المثنى الآتي للناظم وكلامه هنا في ذلك المفرد، وبما نقله الناظم في هذا البيت عن أبي داود جرى عملنا. وقد نص في التنزيل على إثبات ألف كلمة النهار أينما أتت، وبأي وجه تصرفت، من كسر، أو نصب أو رفع، وعلى إثبات ألف الأنصار، الذي هو من النصرة حيث جاء معرفا، أومنركا من غي خلاف فيهما بين المصاحف، وهذان من الألفاظ العشرة التي نصوا على إثبات ألفها حيث وردت، وكيف جاءت وهي المنظومة في قول بعضهم: الكلام عن باقي حكم الألف: وألف الساعة والعقاب ... وألف العذاب والحساب وألف النهار والجبار ... وألف البيان والفجار وألف النار مع الأنصار ... ثبت في الخط لدى الأخيار وقوله: وابن نجاح بالرفع عطف على فاعل حذفوا، وهو الواو. ثم قال: وعنهما الكتاب غير الحجر ... والكهف في ثانيهما عن خبر ومع لفظ أجل في الرعد ... وأول النمل تمام العد أخبر عن الشيخين بحذ ألف الكتاب نحو: {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ} ٨، وهو متعدد في ١ سورة البقرة: ٢/ ١٠٤. ٢ سورة النساء: ٤/ ٤٦. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٧. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ١٣. ٥ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٢٦. ٦ سورة القصص: ٢٨/ ٣٢. ٧ سورة الحج: ٢٢/ ١٩. ٨ سورة البقرة: ٢/ ١. البقرة وفيما نحو: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَاب} ١، ومنوع نحو: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ} ٢ {أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيم} ٣ {اقْرَأْ كِتَابَك} ٤، {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} ٥ {اقْرَأوا كِتَابِيَه} ٦، ثم استثنى من لفظ الكتاب تبعا للشيخين أربعة ألفاظ بالإثبات: ١- أولها: كلامه الثاني في الحجر: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} ٧، واحترز بالثاني عن الأول وهو: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} "الحجر: ١" . ٢- ثانيها: الثاني في الكهف: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} ، واحترز بالثاني عن الأول: والثالث، والرابع فيها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} {وَوُضِعَ الْكِتَاب} {مَالِ هَذَا الْكِتَاب} ٨. ٣- ثالثها: المقترن بأجل في سورة الرعد: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاب} ، واحترز بقوله مع لفظ أجل عن غير المقترن بلفظ أجل، وهو في الرعد أيضا: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} ، {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} ، {وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَاب} ، {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَاب} ٩. ودفع بقوله في الرعد توهم اندراج الكتاب المقترن بأجله في قوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه} سورة البقرة: ٢/ ٢٣٥. ٤- رابعها: الأولى في النمل: {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ} ، واحترز بأول النمل عن الأربعة بعده: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا} ، {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَاب} {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ١٠، وهذا الحكم الذي نسبه الناظم في هذين البيتين إلى الشيخين، ذكره الشاطبي وصاحب المصنف أيضا، وإنما اقتصر على نسبته إلى الشيخين؛ لأن نسبة الحكم أبي عمرو في المقنع لما كانت تستلزم نسبته للشاطبي في "العقيلة" لقول الناظم، والشاطبي جاء في العقيلة به، والنسبة إلأى المنصف إنما يقصد بها بيان ما انفرد به فقط، فلم يحتج الناظم إلى تكلف النسبة إلى الشيوخ ١ سورة النور: ٢٤/ ٣٣. ٢ سورة إبراهيم: ١٤/ ١. ٣ سورة النمل: ٢٧/ ٢٩. ٤ سورة الإسراء: ١٧/ ١٤. ٥ سورة الحاقة: ٦٩/ ١٩. ٦ سورة الحاقة: ٦٩/ ١٩. ٧ سورة الحجر: ١٥/ ٤ {كِتَابٌ مَعْلُومٌ} ، وفي سورة الكهف: ١٨/ ٢٧ {أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ} ، وفي سورة الرعد: ١٣/ ٣٨ {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} ، وفي سورة النمل ٢٧/ ١ {وكِتَابٍ مُبِينٍ} هذا بثبت الألف والباقي بحذفه، وهو المشار إليه بقول الناظم في البيتين. ٨ سورة الكهف: ١٨/ ٦١، ٢٧، ٤٩، ٤٩. ٩ سورة الرعد: ١٣/ ١، ٣٦، ٣٨، ٣٩، ٤٣. ١٠ سورة النمل: ٢٧/ ١، ٢٨، ٢٩، ٤٠، ٧٥. الأربعة وهكذا يقال: في كل حكم ذكره الشيوخ الأربعة، ونسبه الناظم إلى الشيخين فقط، وقوله غير الحجر منصوب على الاستثناء. واعلم: أن ما يستثنيه الناظم من الحكم المسند لشيخ فأكثر تارة يستثنيه لنص ذلك الشيخ فيه على خلاف ذلك الحكم، وتارة يستثنيه لسكوت ذلك الشيخ عنه، فالأول كنا في هذين البيتين، والثاني كما تقدم في قوله: "بغير أولى يوسف" ، وكما يأتي في قوله: "سوى قل إصلاح" ، وقوله: عن خبر متعلق بمحذوف، أي: قلت، أو أقول ذلك عن خبر، والخبر يضم الخاء وسكون الباء الاختبار، والامتحان، وهو تتميم للبيت. وقوله: تمام العد، خبر عن قوله: وأول النمل، أي: تمام عدد الكلم المستثناة بالإثبات. ثم قال: واحذف تفادوهم يتامى ودفاع ... كذا بتنزيل فراشا ومتاع أمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف تفادوهم، ويتامى، ودفاع، ثم شبه ألف فراشا، ومتاع بألف الألفاظ الثالثة في الحذف، ولكنه عن أبي داود فقط. أما تفادوهم ففي البقرة: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} ١ لا غير، وقد قرئ في السبع بفتح التاء وسكون الفاء، دون ألف. وأما يتامى ففي البقرة: {وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَىْ} ٢ وفي غيرها: {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} ٣، وهو متعدد فيها، وفيما بعدها ومنوع كما مثل. وأما دفاع ففي البقرة: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} ٤، ومثله في الحج وقد قرأه غير نافع بفتح الدال، وسكون الفاء دون ألف، وأما فراشا ففي البقرة: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً} ٥ لا غير ولا يدخل فيه كالفراش المبثوث بكسر الفاء. وأما متاع البقرة: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} ٦، وهو متعدد فيها وفيما بعدها. ١ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٣٨. ٣ سورة النساء: ٤/ ٢ {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} في يتامى النساء: ٤/ ١٢٧. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٥١. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٢. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٣٦. واعلم أن المراد بألف يتامى الألف الأول منه، واما الألف الثاني، فسيذكره في الترجمة: و "هناك ما بألف قد جاء" ، والباء في قوله بتنزيل بمعنى فيه. ثم قال: وعنهما الصاعقة الأولى أتت ... وعن أبي داود حيثما بدت أخبر عن الشيخين بحذف ألف الصاعقة الأولى، وعن أبي داود بحذف الألف من الصاعقة حيثما بدت، أي: ظهرت، وجاءت في القرآن. أما الصاعقة الأولى ففي البقرة: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} ١، وأما غير الأولى فمتعدد فيما بعدها نحو: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} ٢، ففي النساء {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُون} ٣ في الذاريات {صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} ٤ في فصلت، وهو منوع كما مثل وقد قرأ الكسائي موضع الذاريات بسكون العين دون ألف كما قرأ الأول بذلك جماعة في الشاذ، قال السخاوي: فيحتمل أن تكون الألف حذفت منه على تلك القراءة، ولعلها كانت مشهورة في ذلك الزمن، والعمل عندنا على ما لأبي داود بحذف ألف الصاعقة حيث جاءت في القرآن. وقوله: وعن أبي داود متعلق بفعل محذوف أي: وحذفت ألف الصاعقة عن أبي داود. ثم قال: مع الصواعق استطاعوا الألباب ... ثم الشياطين ديار أبواب إلا الذي مع خلاف قد ألف ... فرسمه قد استحب بالألف أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "الصواعق، واستطاعوا، والألباب، والشياطين، وديار، وأبواب" أما الصواعق ففي البقرة: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ} ٥ وفي الرعد: {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِق} ٦، وأما {اسْتَطَاعُوا} ٧ ففي البقرة: {حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} ، وهو متعدد. ١ سورة البقرة: ٢/ ٥٥. ٢ سورة النساء: ٤/ ١٥٣. ٣ سورة الذاريات: ٥١/ ٤٤. ٤ سورة فصلت: ٤١/ ١٣. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٩. ٦ سورة الرعد: ١٣/ ١٣. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٢١٧. فيما بعدها وأما الألباب ففي البقرة: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} ١، وهو متعدد فيها وفيما بعدها. وأما الشياطين ففي البقرة: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} ٢ {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِم} ٣ وفي الأنعام: {شَيَاطِينَ الْإنْسِ وَالْجِن} ٤، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع كما مثل. وأما ديار ففي البقرة: {وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُم} ٥ وهو متعدد فيها، وفيما بعدها مضاف. وأما غير المضاف فواحد مقترن بال، وهذا الذي استثناه الناظم في البيت الثاني تبعا لأبي داود. وأما أبواب ففي البقرة: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} ٦، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع، نحو: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَاب} ٧، {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُرا} ٨. وقوله: إلا الذي مع خلال البيت هو استثناء من قوله: ديار، وفصل بين المستثنى والمستثنى منه أبواب الظهور، أن المختص بمجاور خلال الديار، والمعنى أن أبا داود ذكر حذف ألف ديار ألف ديار حيث وقع إلا الديار الذي ألف، أي: عهد مع خلال قوله تعالى: {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} ٩ بسبحان، فإنه جوز فيه إثبات الألف وحذفها، واستحب فيه من محض اختياره الإثبات، وليس له فيه عن المصاحف شيء. والعمل عندنا على الحذف في هذه الألفاظ المذكورة في البيتين حيث وقعت في القرآن إلا الديار من: {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} ١٠ فألفه ثابتة. وقوله: مع الصواعق، إلخ البيتين مرتبط بقوله: قبل، وعن أبي داود حيثما بدت، أي: وحذفت الصاعقة عن أبي داود مع الصواعق إلخ. وقوله: فرسمه بالنصب مفعول مقدم استحب، وفاعل استحب ضمير مستتر يعود على أبي داود. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٧٩. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٠٢. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٤. ٤ سورة الأنعام: ٦/ ١١٢. ٥ سور البقرة: ٢/ ٨٤. ٦ سورة البقرة: ٢/ ١٨٩. ٧ سورة ص: ٣٨/ ٥٠. ٨ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٤. ٩ سورة الإسراء: ١٧/ ٥. ١٠ سورة الإسراء: ١٧/ ٥. ثم قال: والحذف عنهم في المساكين أتى ... والخلف في ثاني العقود ثبتا أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف "المساكن" عن كتاب المصاحف: وبالخلاف في "مساكين" ثاني سورة العقود. أما المتفق على حذفه ففي البقرة: {وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين} ١ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ٢، وقد قرئ هذا الثاني في السبع بالإفراد، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع كما مثل. وأما الثاني العقود الذي هو محل خلاف فهو: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} ٣ والراجح فيه الحذف للنظائر، ولكونه في المصاحف المدنية وعليه العمل، واحترز بثاني العقود عن الأول، فيها وهو: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} ٤، فإنه محذوف من غير خلاف كغيره، والمراد بالمساكين هنا: الذي مفرده المسكين بياء بعد الكاف. وأما مساكين جمع مسكن من غير ياء فسينص عليه في ترجمة في: ما جاء من أعرافها لمريا. والألف في قوله: ثبتا للإطلاق. ثم قال: وحذف ادارأتم رهان ... حيث يخادعون والشيطان أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف "ادارأتم" "ورهان" "ويخادعون" "والشيطان" ، المراد بألف: "ادارأتم" ألفه الأولى: وأما الثانية فسيذكرها في باب الهمزة، ولم يقع لفظ: ادارأتم إلا في قوله: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} ٥ في البقرة "ورهن" لم يقع في قوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} ٦ فيها أيضا، وقد قرئ في السبع بضم الراء والهاء من غير ألف. ١ سورة البقرة: ٢/ ٨٣. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٨٤. ٣ سورة المائدة: ٥/ ٩٥. ٤ سورة المائدة: ٥/ ٨٩ {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} . ٥ سورة البقرة: ٢/ ٧٢. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٣. وأما: {يُخَادِعُونَ} ففي البقرة: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} ١ وقد قرئ: "يَخْدَعُونَ" الثاني في السبع بفتح الياء وسكون الخاء وفتح الدال من غير ألف، وفي النساء: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} ٢ لا غير. وأما الشيطان في البقرة: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} ٣، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو: {وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مَرِيداً} ٤، وسكت الناظم عن خادعهم في قوله تعالى: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} ٥ والراجح حذفه وبه العمل. وقوله: وحذفه مبني للنائب، وادارأتم نائب فاعله. وقوله: حيث ظرف مكان أضيف إلى جملة محذوفة، والتقدير حيث وقع، وهو متعلق بحذف مقدم من تأخير. ثم قال: كذا الشياطين بمقنع أثر ... في سالم الجمع وفي ذاك نظر أخبر عن أبي عمرو الداني بحذف ألف "الشياطين" ، وأنه ذكره في المقنع مع جموع السلامة عند تمثيله للجمع السالم ونصه: وكذلك اتفقوا على حذف الألف من الجمع السالم الكثير الدور، في المذكر والمؤنث جميعا، فالمذكر نحو: "العالمين، والصادقين والصابرين والفاسقين، والمنافقين، والكافرين، والشياطين" ، ثم عطف عليها أمثلة أخرى، وقال الناظم: وفي ذلك نظر، أي: في أخذ في "الشياطين" من عده له مع جموع السلامة نظر، أي: تأمل إذ هو جمع تكسير لا جمع سلامة، فيلزم إلا بدخل في قاعدة الجمع السالم قطعًا، وحينئذ يحتمل أن يكون محذوفًا عن أبي عمرو، وإنما أدخله في أمثلة الجمع السالم تسامحا، أو غفلة، ويحتمل ألا يكون عنده محذوفا، ولكن ذكره في إعداد الجموع السالمة سهوًا، فلما رأى الناظم كلام أبي عمرو محتملا فرق النقل عن الشيخين في لفظ الشياطين فنقل فيما تقدم حذفه عن أبي داود، ثم ذكر هنا مأخذ حذفه من كلام أبي عمرو في المقنع ثم أعقبه بقوله: وفيه نظر. ١ سورة البقرة: ٢/ ٩. ٢ سورة النساء: ٤/ ١٤٢. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٣٦. ٤ سورة النساء: ٤/ ١١٧. ٥ سورة النساء: ٤/ ١٤٢. واسم الإشارة في قوله كذا يعود على لفظ "الشيطان" المتأخر في البيت قبله، والباء في بمقنع بمعنى في. وقوله: أثر بالبناء للنائب معناه روي ونائب فاعله ضمير مستتر عائد على لفظ الشياطين. ثم قال: وعنهما أصحاب مع أسارى ... ثم القيامة مع النصارى أخبر عن الشيخين بحذف ألف: "أصحاب، وأسارى، والقيامة، والنصارى" أما أصحاب ففي البقرة: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ١، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو: {مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِم} ٢. وأما أساري في البقرة ففي البقرة: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} ٣ لا غير في قراءة نافع، وقد قرأه حمزة بفتح الحمزة وسكون السين دون ألف. وأما "القيامة" : ففي البقرة: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} ٤، وهو متعدد فيها وفيما بعدها. وأما النصارى: ففي البقرة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى} ٥ {وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى} ٦، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع كما مثل، والمراد بألف "أسارى" ، "والنصارى" ، الألف الأول منهما، لما تقدم في "يتامى" . ثم قال: وبعد نون مضمر أتاكا ... حشوا كزدناهم وآتيناكا ذكر في هذا البيت قاعدة عن الشيخين، فأخبر عنهما بحذف كل ألف واقع بعد نون الضمير إذا كان ذلك الألف حشوا، أي: وسطا نحو: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} ٧ {وَزِدْنَاهُمْ هُدى} ٨، {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} ٩، {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} ١٠. ١ سورة البقرة: ٢/ ٣٩. ٢ سرة الذاريات: ٥١/ ٥٩. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٦٢. ٦ سورة البقرة: ٢/ ١٣٥. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٣. ٨ سورة الكهف: ١٨/ ١٣. ٩ سورة الحجر: ١٥/ ٨٧. ١٠ سورة الكهف: ١٨/ ٦٥. {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ} ١ {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة} ٢ {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} ٣، {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً ٣٥ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً} ٤، واحترز بقوله حشوا من الواقع في الطرف، فإنه ثابت باتفاق نحو: {قَالُوا آمَنَّا} ٥، {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً} ٦ و {أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا} ٧، وما ذكره الناظم في هذا البيت اتفقت عليه المصاحف كلها. وبعد من قوله: وبعد نون مضمر صفة لموصوف محذوف، والموصف المحذوف معطوف على أصحاب، أو على "النصارى" في البيت قبل، والتقدير: والألف الواقع بعد نون مضمر. وقوله: نون يقرأ بترك التنوين على أنه مضاف إلى مضمر، والألف التي بعد الكاف، في أتاكا، وأتيناكا، للإطلاق. ١ سورة الأنعام: ٦/ ٨٣. ٢ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٥٠. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٧١، وسورة البقرة: ٢/ ٦٢-٩٢. ٤ سورة الواقعة: ٥٦/ ٣٥. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٤. ٦ سورة الإسراء: ١٧/ ٥٥. ٧ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٦٦. حكم الأسماء الأعجمية في القرآن ثم قال: والأعجمية كنحو لقمان ... ونحو إسحاق ونحو عمران ونحو إبراهيم مع إسماعيل ... ثمت هارون وفي إسرائيل ثبت على المشهور لما سلبا ... من صورة الهمز به إذ كتبا أخبر عن الشيخين بحذف الفات الأسماء الأعجمية الواقعة في القرآن، والأعجمية هي التي وضعها العجم، وهم خلاف العرب، وقد مثل الناظم بستة أسماء أعجمية متفق على حذفها وهي: "لقمان، وإسحاق، وعمران، وإبراهيم، وإسماعيل، وهارون" ، وسيأتي سابع متفق على حذفه وهو: "سليمان" . ويشترط في حذف ألف الأسماء الأعجمية أربعة شروط. الأول: أن يكون الإسم الأعجمي علما احترازا عن نحو: "نمارق" . الثاني: قال الجعبري أن يكون زائدا على ثلاثة أحرف احترازا عن نحو "عاد" انتهى. الثالث: أن يكون ألفه حشوا، أي: وسطا، احترازا عن نحو: "يحيى، وعيسى، وموسى، وآدم وزكرياء" ؛ لأن الهمز لا وجود له في المصحف، فتكون الألف في نحو "آدم" ، و "زكرياء" ، ليست حشوا. الرابع: أن يكون الاسم كثير الاستعمال، بأن يكثر دوره على ألسنة العرب، ويذكر في أشعارها ويقع في القرآن في مواضع، وقد أفاد الناظم الشرط. الرابع: بقوله: بعد "وما أتى -وهو لا يستعمل" البيت، وهو مستلزم للشرط الأول إذ لا يوجد في القرآن اسم أعجمي غير علم، وهو كثير الاستعمال، وأفاد الشرط الثاني والثالث بالأمثلة المذكورة. ثم أخبر عن الشيخين بالخلاف في حذف ألف "إسرائيل" ، وإن المشهور ثبته وهذا والذي بعده كالمستثنى من الحكم السابق. ثم علل الناظم اشتهار ثبته بقوله: لما سلبا من صورة الهمز به إذ كتبا، يعني أن "إسرائيل" ، وإن كان اسما أعجميا توفرت فيه شروط الحذف، لكنه لما سلب، أي: جرد وقت كتبه في المصاحف من الياء التي هي صورة الهمز لاجتماع المثلين أثبتت ألفه على المشهور، إذ لو حذفت أيضا لتوالى فيه حذفان. وما ذكره الناظم من تشهير الإثبات في "إسرائيل" خاص بأبي عمرو وأما أبو داود، فاختار فيه الحذف، بل اقتصر عليه في "إسرائيل" ، من قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ} ١، والعمل عندنا على إثبات الألف في إسرائيل حيث وقع. وقوله: الأعجمية صفة لموصوف محذوف تقديره: والأسماء الأعجمية، وهو عطف على أصحاب، فيرفع أو على النصارى فيخفض، وقوله: "به" متعلق بمحذوف صفة للهمز والباء بمعنى "في" ، والضمير عائد على "إسرائيل" ، والألف في "سلبا" وكتبا للإطلاق. ١ سورة البقرة ٢/ ٢٤٦. ثم قال: وبإتفاق أثبتوا داودا ... إذ كان أيضا واوه مفقودا وما أتى وهو لا يستعمل ... فألف فيه جميعا يجعل كقوله: سبحانه طالوتا ... ياجوج ماجوج وفي جالوتا أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن كتاب المصاحف باتفاقهم على إثبات ألف "داود" توفر شروط الحذف فيه، ثم علل إثباته بقوله: "إذ كان أيضًا واوه مفقودًا" ، أي: لأنه فقد وحذف منه حرف في الرسم أيضًا وهو أحد واويه، فلو حذفت ألفه أيضا لاجتمع فيه حذفان وإنما اتفق على على ثبت ألف "داود" دون ألف "إسرائيل" مع أن علة الإثبات فيهما متحدة؛ لأن لفظ "إسرائيل" أثقل من لفظ "داود" لكثرة حروفه، وللقول بتركيبه من "أسرا" بمعنى: عبد "وائل" ، بمعنى الله؛ ولأنه أكثر ما يقع في القرآن مضافًا إليه. ثم أخبر في البيت الثاني من الإطلاق المذكور بجعل، أي: إثبات ألف الأسماء الأعجمية غير المستعملة يعني القليلة الاستعمال، ثم مثل لذلك في البيت الثالث: بـ "طالوت" و "يأجوج" ، و "مأجوج" و "جالوت" ، ومثلها: "الياس" و "ياسين" ، لم يذكرهما الشيخان، ولذا سكت عنهما الناظم هنا وقال في عمدة البيان مشيرًا إلى الأول: والنص في إلياس فيه نظر ... وثبته فيما رأيت أجدر وجزم بعضهم بحذفه وتردد بعضهم فيهما، والعمل عندنا على إثباتهما. "وما" من قوله الناظم، "وما" أتى اسم موصول أو اسم شرط صادقة على الاسم الأعجمي والأقراب أن "في" الجارة: لجالوت زائدة، والألف المتصلة بالتاء من: "طالوتا" و "جالوتا" للإطلاق. ثم قال: وعن خلاف قل في هاروتا ... هامان قارون وفي ماروتا لكن بمكيال اتفاقا حذفت ... مع أنها كلمة ما استعملت ولا خلاف بعد حرف الميم ... في الحذف من هامان في المرسوم أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بجعل، أي: إثبات ألف "هاروت" ، "وهامان" ، و "قارون" و "ماروت" ، مع خلاف قليل فيها، من بعض المصاحف بالحذف، والمراد بألف: "هامان" ، ألفه الأولى، وأما الثانية فسينص على حذفها قريبا، وتقليل الحذف في الألفاظ الأربعة خاص بأبي عمرو وأما أبو داود: فاختار فيها الحذف بعد أن ذكر فيها الخلاف، والعمل عندنا فيها على الإثبات. ولما ذكر الناظم فيها تقدم الاسم الأعجمي القليل الاستعمال تثبت ألفه استدرك هنا الحذف في: و "ميكائيل" ، فأخبر مع الإطلاق المذكور بأن: "مكائيل، حذفت ألفه باتفاق من كتاب المصاحف مع أنها كلمة أعجمية لم تستعمل يعني كثيرا، وقد أتت في موضع واحد من القرآن، وأقرب ما قيل في علةى حذفها أنها لما ثقلت بكثرة الحروف وبتركيبها من:" ميكا "، بمعنى: عبد، و" إيل "بمعنى: الله، كما قيل: خففت بحذف ألفها وأتى: بـ" ميكائل "على غير نافع لضيق النظم." ثم أخبر في البيت الثالث مع الإطلاق المذكور بأنه لا خلاف بين كتاب المصاحف في حذف الألف الواقعة بعد الميم من: "هامان" . وهذا البيت تقييد للإطلاق المتقدم في: "هامان" . وقوله: "عن خلاف" حال من مرفوع فعل محذوف يدل عليه يجعل فيما تقدم، و "عن" بمعنى: "مع" ، أي: وتجعل الألف حال كونها مصحوبة بخلاف قليل في "هاروت" ، وما عطف عليه، والباء في قوله: "بميكال" بمعنى "في" ، وما من قوله: "ما استعملت" نافية. ثم قال: وصالح وخالد ومالك ... وفي سليمان أتت كذلك عطف هذه الألفاظ الثلاثة وهي: "صالح" ، و "خالد" ، و "مالك" على: "هامان" باعتبار ألفه الثانية ليفيد نفي الخلاف في حذف ألفاتها، ثم شبه ألف "سليمان" بألف هذه الألفاظ في الحكم، وهو حذف الألف من غير خلاف. أما "صالح" فقد وقع علما وصفه، وتعدد وتنوع نحو: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً} ١ {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} ٢ {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه} ٣، وأما خالد فلم يقع إلا صفة نحو: {يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا} ٤، وأما مالك فقد وقع علما وصفه نحو: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} ٥، {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْك} ٦، وقد أطلق الناظم الحذف في جميع ذلك فشمل العلم والصفة، وهو الحق الذي لا يصح العدول عنه، وبه العمل. تنبيهان: التنبيه الأول: "سليمان" من الأسماء الأعجمية، وأما: "صالح" ، و "خالد" و "مالك" فمن الأسماء العربية، وقد تبع الناظم أبا عمرو في ذكرها مع الأسماء الأعجمية. ووجهه مشاركتها لها في كثرة الاستعمال، ولم يذكر الناظم كالشيخين حكم مثنى: "صالح" ، ومثنى: "خالد" على التعيين: وهما: "صالحين" ، و "خالدين" فيبقيان على الأصل وهو الإثبات، وبه العمل، وإن نص بعضهم على حذفهما. التنبيه الثاني: حاصل ما استفيد من كلام الناظم في الأسماء الأعجمية إنها قسمان: * قسم كثر استعماله وهو تسعة أسماء: "إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وعمران، وهارون، ولقمان، وسليمان، وداود، وإسرائيل" . وكلها محذوفة باتفاق إلا: "داود" فثابت اتفاقا، وإلا: "إسرائيل" ، ففيه خلاف، وقد قدمنا أن العمل فيه على الإثبات. * وقسم لم يكثر استعماله وهو تسعة أسماء أيضًا: "طالوت، وجالوت، وياجوج، وماجوج، وميكائل، وهاروت، وماروت، وقارون، وهامان" ، والأربعة الأولى ثابتة اتفاقا، والخامس وهو: "ميكائل" ، محذوف اتفاقا، ومثله: "هامان" بالنسبة إلى ألفه التي بعد الميم وفي ألف: "هاروت، و" ماروت "، و" قارون"، وألف: "هامان" ، الأولى خلاف وقد قدمنا أن العمل في الأربعة على الإثبات، وقدمنا أيضا أن من هذا" ١ سورة الأعراف: ٧/ ٧٣، وسورة هود: ١١/ ٦١. ٢ سورة فصلت: ٤١/ ٤٦. ٣ سورة فاطر: ٣٥/ ١٠. ٤ سورة النساء: ٤/ ١٤. ٥ سورة الزخرف: ٤٣/ ٧٧. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٢٦. القسم: "الياس" ، و "ياسين" ، وأن العمل فيهما على الإثبات أيضا، وذكر بعضهم أن منه أيضا: "بابل" ، فيكون حكمه الإثبات، وبه العمل ولم يوجد في القرآن من الأعلام الأعجمية المشتملة على الألف الحشوية، وإلا ما ذكره الناظم وذكرناه. ثم قال: طغيان أموات كذا لابن نجاح ... أخبر عن أن نجاح، وهو أبو داود بحذف ألف: "طغيان" ، و "أموات" ، وحذفهما مستفاد من تشبيه لهما بكلمات البيت السابق، أما "طغيان" ففي البقرة: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} ١، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع نحو: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} ٢، في موضعين من العقود: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} ٣ في الأنعام، وأما أموات ففي البقرة {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} ٤، {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ} ٥ وهو متعدد فيها، وفيما بعدها ومنوع نحو: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ} ٦، واللفظ الأول وهو طغيان ثابت عند أبي عمرو لاندراجه في قول الناظم الآتي: وذكر الداني وزن فعلان، والعمل عندنا على الحذف في "طغيان" ، و "أموات" حيث وقعا، واللام في قوله: لابن نجاح بمعنى عند. ثم قال: . . . . . . . . . ... وعنهما في الحجر خلف في الرياح وسورة الكهف ونص الفرقان ... كذا بإبراهيم عن سليمان والبكر والشورى ونص المقنع ... بالحذف في الثلاث عن تتبع وجاء أولى الروم بالتخبير ... لابن نجاح ليس بالمأثور وكل ما بقي منه فاحذف ... . . . . . . . . . . . . ذكر هنا حكم الألف في لفظ "الرياح" حيث وقع في القرآن، وجملة مواضعه اثنا عشر أخبر عن الشيخين باختلاف المصاحف في حذف ألف ثلاثة منها، وهي: "الرياح" ، و "الواقع" ، في "الحجر" ، و "الكهف" ، و "الفرقان" . ١ سورة البقرة: ٢/ ١٥. ٢ سورة المائدة: ٥/ ٦٤. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٨٦، وفي الأنعام: ٦/ ١١٠. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٨. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٥٤. ٦ سورة فاطر: ٣٥/ ٢٢. ثم أخبر بأن سليمان، وهو أبو داود نقل اختلاف المصاحف أيضا في حذف ألف الرياح، الواقع في سورة "إبراهيم" ، و "البكر" ، أي: "البقرة" ، و "الشورى" ، وأن أبا عمرو نقل حذف ألف هذه الثلاثة من غير خلاف، وأن أبا داود خير في حذف ألف: "الرياح" الواقع أولا في "الروم" ، وفي إثباته، ولم يرو فيه عن المصاحف شيئا، فهذه سبعة مواضع. ثم أمر الناظم بحذف ما بقي في القرآن من لفظ "الرياح" لأبي داود، وهو خمسة مواضع. أما الثلاثة الأولى فهي: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} ١ {تَذْرُوهُ الرِّيَاح} ٢ {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} ٣. وأما الثلاثة المذكورة بعدها فهى: {اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} ٤ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى أن قال: {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاح} ٥ {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} ٦. وأما الأول في "الروم" فهو: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} ٧. وأما الخمسة الباقية ففي الأعراف: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} ٨. وفي النمل: {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} ٩، وفي ثاني الروم: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} ١٠، وفي فاطر: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} ١١، وفي الجاثية: {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ١٢، وفي كل المواضع الإثني عشر عدا أول الروم: قراءتان سبعيتان بالإفراد والجمع، وقد اختار أبو داود: الحذف في الرياح الذي في أول "الروم" ، واستحب الحذف في الذي في سورة "الحجر" ، والعمل عندنا على حذف ألف "الريح" حيث وقع إلا الذي في أول "الروم" ، فالعمل عندنا على إثبات ألفه لعدم ثبوت أصل الحذف فيه، مع إجماع القراء على قراءته بالجمع. ١ سورة الحجر: ١٥/ ٢٢. ٢ سورة الكهف: ١٨/ ٤٥. ٣ سورة الفرقان: ٢٥/ ٤٨. ٤ سورة إبراهيم: ١٤/ ١٨. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٦٤. ٦ سورة الشورى: ٤٢/ ٣٣. ٧ سورة الروم: ٣٠/ ٤٦ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاح} . ٨ سورة الأعراف: ٧/ ٥٧. ٩ سورة النمل: ٢٧/ ٦٣. ١٠ سورة الروم: ٣٠/ ٤٨. ١١ سورة فاطر: ٣٥/ ٩. ١٢ سورة الجاثية: ٤٥/ ٥. ومعنى "نص" في قول الناظم، و "نص الفرقان" كاملة، أي: كلمة "الرياح" الواقعة في "الفرقان" . وقوله: "كذا" خبر مبتدأ محذوف: تقديره الرياح، واسم الإشارة راجع إلى الثلاثة الأول، وقوله: و "نص المقنع" مبتدأ، ومضاف إليه، و "بالحذف" : خبره، ومعنى النص هنا اللفظ الدال على معنى لا يحتمل غيره، وقوله: "عن تتبع" متعلق بمحذوف تقديره قلت ذلك عن تتبع، أي: اطلاع ومعنى المأثور في قوله: "ليس بالمأثور: المروي، والفاء في قوله" فاحذف "زائدة." ثم قال: . . . . . . . . . . . . . . . ... ولفظ إحسان أتى في المنصف مع شعائر وجاء حذف ذين ... في نص تنزيل بغير الأولين يعني أن لفظ "إحسان" ولفظ "شعائر" جاء كل منهما بالحذف عن "البلنسي" في "المنصف" حيث وقعا من غير استثناء، وجاء حذفهما في نص "التنزيل" ، لأبي داود إلا اللفظين الأولين منهما، وأما "إحسان" الأول فهو الواقع، أولا في "البقرة" ، وهو: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى} ١، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو: {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَان} ٢ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ٣ {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى} ٤، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ} ٥، وهو مع اتحاده متعدد فيما بعدها نحو: {لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} ٦، وقد سكت أبو داود عن "إحسان" و "شعائر" الأولين ولذا استثناها الناظم، والراجح وبالحذف فيهما حملا على النظائر، وبالحذف فيهما، وفي نظائرهما حيث وقعت جرى العمل عندنا. ثم قال: حيث أصابعهم والبرهان ... نكالا الطاغوت ثم الإخوان ١ سورة البقرة: ٢/ ٨٣. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٧٨. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٩. ٤ سورة النساء: ٤/ ٣٦. ٥ سورة النحل: ١٦/ ٩٠. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٢. أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أصابعهم، والبرهان، ونكالا، والطاغوت، والإخوان" حيث وقعت. أما "أصابعهم" ففي "البقرة" : {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} ١، وأما "البرهان" ففي البقرة: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُم} ٢، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع نحو: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} ٣. وأما "نكالا" : ففي "البقرة" : {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا} ٤ وفي العقود: {نَكَالًا مِنَ اللَّه} ٥، وخرج بنكالا المنون: {نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} ٦ بالنازعات، فإنه ثابت، وأما {أَنْكَالًا وَجَحِيمًا} ٧ فغير داخل في: نكالا كما هو ظاهر وهو ثابت أيضا. وأما "الطاغوت" ففي "البقرة" : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} ٨، وهو متعدد فيما بعدها، وأما "الإخوان" ففي "البقرة" : {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} ، وهو متعدد فيما بعدها، ومنوع نحو: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} ٩، والعمل على الحذف في هذه الألفاظ المذكورة في البيت حيث وقعت. وسكت عن الألف الأولى من: "برهانان" مثنى "برهان" ، الواقع في "القصص" في قوله تعالى: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ} ١٠، والعمل على حذفها، وأما الألف الثانية فيعمل حكمها من قاعدة المثنى الآتية. وقوله: "أصابعهم" ، والألفاظ الأربعة بعده عطف على "ذين" بحذف العاطف من الأول، والثالث، والرابع، و "حيث" ظرف مكان متعلق بحذف المتقدم في البيت قبله مضاف في التقدير إلى جملة مقدم من تأخير، والتقدير، وجاء حذف ذين و "أصابعهم" و "البرهان" ، إلخ، حيث وقعت. ثم قال: إياي حافظوا وباشروهن ... ثم تراضوا وتباشروهن ١ سورة البقرة: ٢/ ١٩، وسورة نوح: ٧١/ ٧. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١١١. ٣ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١١٧. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٦٦. ٥ سورة المائدة: ٥/ ٣٨. ٦ سورة النازعات: ٧٩/ ٢٥. ٧ سورة المزمل: ٧٣/ ١٢. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٧. ٩ سورة آل عمران: ٣/ ١٠٣. ١٠ سورة القصص: ٢٨/ ٣٢. أخبر عن أبي داود بحذف ألف "إياي" ، و "حافظوا" ، و "باشروهن" ، و "تراضوا" و "تباشروهن" . أما "إياي" ففي "البقرة" في قوله تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} ١، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ولا يندرج في: "إياي" ، "إيانا" ، و "إياكم" ، و "إياه" ، والألف في كل منها ثابت. وأما الألفاظ الأربعة التي بعد "إياي" فهي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات} ٢ {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} ٣ {إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} ٤ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ٥، وكلها غير متعدد. والعمل على الحذف في هذه الألفاظ الخمسة، وسينص على "تراضيتم" في قوله كذا: {تَرَاضَيْتُم} ٦. وقوله "إياي" والألفاظ بعده معطوفة كالتي في البيت السابق بحذف العاطف من الأولين ثم قال: كذا أصابتهم أصابتكم وما ... أصابكم لدى الثلاث كيفما أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أصابتهم" ، و "أصابتكم" ، و "أصابكم" ، أما "أصابتهم" ففي "البقرة" : {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} ٧، وهو متعدد فيما بعدها، وأما "أصابتكم" ففي "آل عمران" : {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} ٨، وهو متعدد أيضا، وأما "أصابكم" ففي "آل عمران" : {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} ٩ وفي النساء: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ} ١٠، وهو متعدد أيضًا. وظاهر قوله: وما "أصابكم" أن لفظ "ما" قيد في "أصابكم" ، وليس كذلك، كما علمت من التمثيل، والعمل عندنا على الحذف، وفي هذه الألفاظ الثلاثة، لكن بشرط أن تكون كما لفظ به الناظم بأن يتصل بـ "أصاب" تاء التأنيث، مع ضمير الجماعة الغائبين ١ سورة البقرة: ٢/ ٤٠. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٨. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٨٧. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٢. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٨٧. ٦ سورة النساء: ٤/ ٢٤. ٧ سورة البقرة: ٢/ ١٥٦. ٨ سورة آل عمران: ٣/ ١٦٥. ٩ سورة آل عمران: ٣/ ١٦٦. ١٠ سورة النساء: ٤/ ٧٣. أو المخاطبين، أو يتجرد من تاء التأنيث، ويتصل به ضمير الجماعة المخاطبين، فإن لم يتصل بـ "أصاب" ذلك أثبت ألفه نحو: "ما أصابك" ، "فأصابه" ، "فأصابهم" ، ما "أصاب" ، أصابت "، وظاهر قوله" كيفما "أنه مرتبط بقوله:" لدى الثلاث "، فيقتضي الحذف في الألفاظ الثلاثة كيفما وقعت، أي: سواء اتصل بها ما ذكر، أو لم يتصل بها وليس كذلك." وقد نقل عن الناظم أنه لم سئل عن قوله "كيفما" أجاب بأنه راجع إلى اللفظ الأخير، وهو "أصابكم" ، أي: سواء كان قبله لفظ ما أو لم يكن، وهو جواب بعيد، ولذا أصلح بعضهم الشطر الأخير، فقال: "وليس قيد اللفظ ما" ، وأصلح أيضا فقيل: و "ذا الأخير كيفما" . والإشارة في قوله: "كذا" تعود على: "تباشروهن" ، و "لدى" بمعنى: "في" و "كيفما" شرط حذفت الجملة بعده، والتقدير: كيفما وقع "أصابكم" ، هذا على جواب الناظم، وأما على ظاهر العبارة، فالتقدير كيفما وقعت هذه الثلاث، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله. ثم قال: ميثاق الإيمان والأموال ... أيمان العدوان والأعمال أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "الميثاق" ، و "الإيمان" ، و "الأموال" ، و "إيمان" ، و "العدوان" و "الأعمال" . أما "ميثاق" ففي "البقرة" : {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} ١ {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} ٢، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع نحو: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} ٣ {وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاق} ٤. وأما "الإيمان" ففي "البقرة" : {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} ٥، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع نحو: {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإيمَانِ} ٦ {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} ٧ {زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} ٨. ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٧. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٦٣. ٣ سورة النساء: ٤/ ٢١. ٤ سورة الرعد: ١٣/ ٢٠. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٩٣. ٦ سورة البقرة: ٢/ ١٠٨. ٧ سورة البقرة: ٢/ ١٠٩. ٨ سورة الأنفال: ٨/ ٢. وأما الأموال ففي البقرة: {وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَال} ١ {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ} ٢، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع كما مثل ونحو: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا} ٣. وأما "أيمان" بفتح الهمزة ففي "البقرة" : {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} ٤ وهو متعدد ومنوع، نحو: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} ٥، {أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} ٦، {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} ٧. وأما "العدوان" ففي "البقرة" : {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ٨، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع، نحو: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا} ٩، ووزن عدوان فعلان، وسيأتي ثبت فعلان عن أبي عمرو. وأما "الأعمال" ففي "البقرة" : {وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} ١٠، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع، نحو: {بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} ١١، والعمل عندنا على الحذف في هذه الألفاظ الستة، حيث وقعت. وألفاظ البيت الستة معطوفة على ما في البيت قبلها، وكلها بحذف العاطف إلا "أموال" و "الأعمال" . ثم قال: ثم مواقيت أحاطت والده ... ولأبي عمرو من المعاهدة عاهد في الفتح وأولى عاهدوا ... وكلها لابن نجاح وارد أخبر في الشطر الأول عن أبي داود بحذف ألف: "مواقيت" ، و "أحاطت" ، و "والدة" . أما "مواقيت" ففي "البقرة" : {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} ١٢لا غير. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٥٥. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٨٨. ٣ سورة التوبة: ٩/ ٦٩. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٤. ٥ سورة المائدة: ٥/ ٨٩. ٦ سورة المائدة: ٥/ ١٠٨. ٧ سورة النساء: ٤/ ٢٤. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ٩ سورة النساء: ٤/ ٣٠. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ١٣٩. ١١ سورة الكهف: ١٨/ ١٠٣. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ١٨٩. وأما "أحاطت" ففيها: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} ١ لا غير، ولا يندرج "أحاط" في "أحاطت" . وأما "والدة" ففي "البقرة" : {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} ٢، وهو متعدد فيما بعدها ومنوع نحو: {اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ} ٣ {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} ٤، ولا يندرج "والد" المذكر في "والدة" المؤنث المذكور هنا. والعمل على الحذف في هذه الألفاظ الثلاثة، وأما: "أحاط" و "والد" المذكر، فألفها ثابتة. ثم أخبر أن أبا عمرو نقل الحذف في كملتين من الأفعال المتصرفة من المعاهدة، وهما كلمة "عاهد" في سورة "الفتح" ، وكلمة "عاهدوا" الأولى، وإن ابن نجاح وهو أبو داود نقل حذف جميع الأفعال المتصرفة من المعاهدة. أما "عاهد" الذي في سورة "الفتح" فهو: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ} ٥ وأما الأولى من كلمة "عاهدوا" ففي "البقرة" : {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا} ٦.وأما المحذوف لأبي داود زيادة على هذين ففيها: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} ٧، وهو متعدد فيها وفيما بعدها متصلا بالواو كما مثل، وبغيره نحو: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ} ٨، والعمل عندنا على الح>ف في جميع الأفعال المتصرفة من المعاهدة. والألفاظ الثلاثة التي في الشطر الأول معطوفة على ما قبلها بحذف العاطف من الأخيرين، وقوله: "لأبي عمرو" ، وقوله: "من المعاهدة" متعلقان بفعل محذوف مبني للنائب تقديره: حذف "وعاهد" مرفوعة. ثم قال: تجارة أمانته منافع ... غشاوة شفاعة وواسع ١ سورة البقرة: ٢/ ٨١. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٣. ٣ سورة المائدة: ٥/ ١١٠. ٤ سورة مريم: ١٩/ ٣٢. ٥ سورة الفتح: ١٩/ ٣٢. ٦ سورة البقرة: ٢/ ١٠٠. ٧ سورة البقرة: ٢/ ١٧٧. ٨ سورة التوبة: ٩/ ١. أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "تجارة" ، و "أمانته" ، و "منافع" و "غشاوة" و "شفاعة" و "واسع" . أما "تجارة" ففي "البقرة" : {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} ١، {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ} ٢، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع كما مثل، ونحو: {قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} ٣. وأما "أمانته" ففي "البقرة" : {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} ٤، ولا يندرج في "أمانته" غير المضاف نحو: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} ٥ وألفه ثابتة. وأما "منافع" ففي "البقرة" : {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} ٦، وهو متعدد بعدها. وأما غشاوة ففي البقرة: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} ٧ وفي الجاثية: {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} ٨ وقد قرأ حمزة والكسائي هذا الأخير بفتح الغين وسكون الشين بدون ألف. وأما "شفاعة" ففي "البقرة" : {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ} ٩، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ} ١٠، {تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ} ١١. وأما "واسع" ففي البقرة: {إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ١٢، وهو متعدد فيما بعدها ولا يندرج "واسعة" في "واسع" ، لذا نص عليه في الترجمة التب بعد هذه، والعمل على الحذف في هذه الألفاظ الستة حيث وقعت. وألفاظ البيت الستة معطوفة بالرفع على ضمير وارد في البيت قبل هذا بحذف العاطف إلا من الأخير، وسكن هاء "أمانته" إجراء للوصل مجرى الوقف للوزن. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٦. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٢. ٣ سورة الجمعة: ٦٢/ ١١. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٣. ٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٧٢. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢١٩. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٧. ٨ سورة الجاثية: ٤٥/ ٢٣. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٤٨، وسورة البقرة: ٢/ ١٢٣. ١٠ سورة سبأ: ٣٤/ ٢٣. ١١ سورة يس: ٣٦/ ٢٣. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ١١٥. ثم قال: شهادة فعل الجهاد غافل ... ثم مناسككم والباطل وضمن الداني منه المقنعا ... وباطل من قبل ما كانوا معا أخبر في البيت الأول عن أبي داود بحذف ألف: "شهادة" ، وألف الأفعال المتصرفة من لفظ "الجهاد" ، وألف: "غافل" ، و "مناسككم" ، و "الباطل" . أما "شهادة" ففي "البقرة" : {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً} ١ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَة} ٢، وهو متعدد فيها وفيما بعدها كما مثل، ونحو: {لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} ٣. وأما أفعال "الجهاد" ففي "البقرة" : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ٤، ووقع ماضيًا ومضارعًا، وأمرا مجردا من الضمير البارز ومتصلا به نحو: {وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ٥ {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} ٦ {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} ٧ {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} ٨. وأثبتوا الألف في كلمة "هاجروا" حيث وقعت كما ذكره في "التنزيل" ، وأما "غافل" في البقرة. {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ، أَفَتَطْمَعُونَ} ٩، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا} ١٠، وهذا بناء على أن التنوع يكون بتنوين المنصوب. وأما "مناسككم" ففي "البقرة" : {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} ١١، ولا يندرج فيه "مناسكا" ، وألفه ثابتة. وأما "الباطل" ففي "البقرة" : {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِل} ١٢، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو: {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا} ١٣. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٤٠. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٣. ٣ سورة المائدة: ٥/ ١٠٧. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢١٨. ٥ سورة التوبة: ٩/ ١٩. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٥٤. ٧ سوة التوبة: ٩/ ٧٣. ٨ سورة الحج: ٢٢/ ٧٨. ٩ سورة البقرة: ٢/ ١٤٠، ٢/ ٧٤. ١٠ سورة إبراهيم: ١٤/ ٤٢. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٢٠٠. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٤٢. ١٣ سورة هود: ١١/ ١٦. ثم أخبر في البيت الثاني أن أبا عمرو الداني ضمن، وأودع كتابه "المقنع" من لفظ "الباطل" لفظين فقط بالحذف وهما: {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} ١ في الأعراف وهو، وأما ما لم يذكره أبو عمرو الداني، فهو ثابت عنده بمقتضى القاعدة الآتية عنه في قوله: الناظم: "ووزن فعال وفاعل ثبت" ، العمل عندنا على الحذف في "شهادة" وفي أفعال "الجهاد" ، و "غافل" و "مناسككم" حيث وقعت، وكذا "باطل" حيث وقع. تنبيه: ظاهر قول الناظم: فعل "الجهاد" أن الاسم لا تحذف ألفه مع أن أبا داود نص في "التنزيل" على حذف "جهادا" الواقع في الممتحنة في قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي} ٢، وأطلق الناظم في عمدة البيان، الحذف في "جهادا" المنصوب، فشمل الذي في "الفرقان" وهو: {جِهَادًا كَبِيرًا} ٣، والعمل عندنا على حذف الذي في الممتحنة وإثبات ما عداه، والألفاظ الخمسة التي في البيت الأول بالرفع معطوفة كالتي قبلها بحذف العاطف إلا الأخيرين، قوله: "المقنعا" ، وقوله: و "باطل" مفعولان "ضمن" ، وقوله: "ما كانوا" مقصود لفظة أضيف إليه "قبل" ، و "معا" حال من "باطل" بتقدير مضاف قبل باطل، أي كلمتي باطل معا. ثم قال: مع المثنى في غير الطرف ... كرجلان يحكمان واختلف لابن نجاح فيه ثم الداني ... قد جاء عنه في تكذبان أخبر عن أبي عمرو بحذف ألف المثنى، أي: الألف التي يختص بها المثنى، ولا توجد في المفرد وهي التي تكون علامة لرفعه، أو تكون ضمير اثنين بشرط أن تقع تلك الألف في غير الطرف بأن تكون حشوا، أي: وسطا، ثم مثل: بـ "رجلان يحكمان" مشيرا بتعدد المثال إلى أن المثنى هنا نوعان، اسم كـ "رجلان، وفتيان" ، و "يداك" ، و "فذانك" ، و "هذان" و "اللذان" ، وفعل "يحكمان" ، و "يعلمان من أحد" و "ياتيانها منكم" ، و "تكذبان" ، وإطلاق اسم المثنى على الفعل مجاز، واحترز بقوله: "وهو في" ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٣٩. ٢ سورة الممتحنة: ٦٠/ ١. ٣ سورة الفرقان: ٢٥/ ٥٢. الطرف من الألف المتطرف في المثني، فإنه ثابت اتفاقا نحو: {إِنَّا رَسُولا رَبِّك} ١ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} ٢ {وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا} ٣ {حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} ٤. ثم أخبر أن أبا داود نقل الخلاف بين المصاحف في ألف المثنى مطلقا، وأن أبا عمرو إنما نقل الخلاف بينها في ألف: "تكذبان" من المثنى، وفي تمثيل الناظم بـ "رجلان" فائدة زائدة على ما تقدم من الإشارة إلى التنويع، وهي أن ألف المثنى الواقعة بعد اللام كـ "رجلان" و "أضلنا" مندرجة في المثنى لا في مبحث الألف المعانق الآتي. واعلم: أن مما يندرج في المثنى: "مدهامتان" ، ونضاختان "، و" برهانان "باعتبار الألف الثانية منها، إذ هي ألف المثنى." وأما الألف الأولى من: "مدهامتان" و "نضاختان" ، فلم يتعرض الناظم إلى حكمها، والعمل على إثباتها، وقد قدمنا عند قوله: "حيث أصابهم والبرهان" إن العمل على حذف الأولى من: "برهانان" . والظاهر اندراج "اثنان" من قوله تعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} ٥ في المثنى وإن كان غير مثنى حقيقي، بل هو ملحق به؛ لأن باب الجمع السالم تساوى فيه الحقيقي مع ما الحق به كما تقدم فليكن المثنى كذلك، نعم يخرج من قوله: "مع المثنى" "كلاهما "، و" جاءانا"، لنصه على كل واحد منهما بعينه، وقد كان الأنسب ذكرهما هنا. والعمل عندنا على حذف ألف المثنى بنوعيه حيث وقع في القرآن، وعلى حذف ألف: "اثنان" ، إلا جميع ما وقع في سورة "الرحمن" من لفظ: "تكذبان" وهو: أحد وثلاثون موضعًا، فالعمل عندنا على إثباته، وسيذكر ما به العمل في: "كلاهما "، و" جاءانا". تنبيه: حكى في التنزيل إجماع المصاحف على حذف ألف: "الأوليان" ، فكان على الناظم أن يستثنيه من الخلاف، وقوله مع "المثنى" طرف في محل الحال من "باطل" ، وجملة "وهو في غير الطرف" حال من المثنى، وقوله: "اختلف" بالبناء للنائب والضمير في قوله: "جاء" يعود على الخلاف المفهوم من اختلف. ١ سورة طه: ٢٠/ ٤٧. ٢ سورة المسد: ١١١/ ١. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٣٥. ٤ سورة البقرة: ٢/ ١٠٢. ٥ سورة المائدة: ٥/ ١٠٦. ثم قال: وفي الأخير الحذف من نداء ... رجح عنهما ونحو ماء تكلم في هذا البيت على الاسم الذى في آخره ألف مبدلة من تنوين النصب إذا كان قبلها همزة، وقبل الهمزة ألف نحو: "نداء" ، و "ماء" ، و "بناء" ، و "أحياء" ، و "مراء" ، و "مكاء" ، و "غثاء" ، و "افتراء" ، عند الوقف عليها، فأخبر عن الشيخين: يرجحان حذف الألف الأخير من ذلك، وهو الألف المبدل من التنوين يعنى على حذف الألف الأول والمرجوح عكسه، وذلك أن هذا النوع كتب في المصاحف بألف واحدة لئلا يجتمع في الكلمة: ألفان ولم تصور همزته فاحتمل أن تكون الألف المحذوفة هي الأولى، فتكون المرسومة ألف النصب، وأن تكون المحذوفة هي الثانية، وهي ألف النصب، وهو الراجح عند الشيخين وعليه العمل. ووجه رجحانه أن ألف النصب لما وقعت في الطرف الذي هو موضع الحذف، والتغيير كانت بالحذف أولى من الذي في وسط الكلمة. وخرج بقوله: "من نداء" ، ونحو: "ماء" الاسم المنصوب غير المنون نحو: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا} ١، والاسم المنون غير المنصوب، نحو: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ} ٢ {مِنْ مَاءٍ دَافِق} ٣؛ لأن الألفين اللذين هما محل الخلاف لا يتصوران إلا مع النصب والتنوين. وقوله "رجح" يجوز فيه تخفيف الجيم مع فتحها على أنه مبنى للفاعل بمعنى "قوى" ، ويجوز تشديدها مع الكسر على أنه مبني للنائب، وقوله "ونحو" بالجزء عطف على "نداء" . ثم قال: واحذف بواعدنا مع المساجد ... وعن أبي داود أيضا واحد وكيف أزواج وكيف الوالدين ... ١ سورة الذاريات: ٥١/ ٤٧. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٤٩. ٣ سورة الطارق: ٨٦/ ٦. أمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف الألف في "واعدنا" و "المساجد" ، ثم ذكر عن أبي داود حذف ألف: "واحد" ، و "أزواج" ، كيف وقع، يعني نكرة أو معرفة بال، أو بالإضافة، و "الوالدين" كيف وقع يعني معرفة بال، أو بالإضافة سواء كان مصحوبا بياء أو بألف. أما "واعدنا" ففي "البقرة" : {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} ١، وهو متعدد فيما بعدها نحو: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} ٢ ومنوع نحو: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} ٣. وأما "المساجد" ففي "البقرة" : {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} ٤ {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ٥، وهو متعدد فيها وفيما بعدها نحو: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} ٦ كلاهما في التوبة: {وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} ٧ في الحج ومنوع كما مثل، وقد قرئ في السبع الأول في "التوبة" بسكون السين دون ألف على الأفراد. وأما "واحد" المحذوف لأبي داود ففي "البقرة" : {لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} ٨ {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ٩، وهو متعدد فيها وفيما بعد ومنوع نحو: {وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} ١٠ وبقي على الناظم لفظ "واحدة" ، فإن أبا داود نص على حذفه حيثما وقع، وهو لا يندرج في المذكورة ولذا أصلح بعضهم الشطر الثاني فقال: "وابن نجاح واحده وواحد" . وأما "أزواج" ففي "البقرة" : {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} ١١ {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} ١٢، وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع كما مثل، ويندرج في لفظ "أزواج" ما كان جمعا لزوج كما مثل، وما كان بمعنى الأصناف نحو: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج} ١٣؛ لأن لفظ المطابق يندرج في المذكور وإن خالفه في المعنى. ١ سورة البقرة: ٢/ ٥١. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٤٢. ٣ سورة طه: ٢٠/ ٨٠. ٤ سورة البقرة: ٢/ ١١٤. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٨٧. ٦ سورة التوبة: ٩/ ١٧. ٧ سورة الحج: ٢٢/ ٤٠. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٦١. ٩ سورة البقرة: ٢/ ١٦٣. ١٠ سورة الرعد: ١٣/ ١٦. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٢٥. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٠. ١٣ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٣. وأما "الوالدين" ففي "البقرة" : {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ١، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع نحو: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} ٢ {وَعَلَى وَالِدَيَّ} ٣ {وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} ٤ {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} ٥، والعمل عندنا على ما نقله الناظم عن أبي داود من الحذف في "واحد" ، حيث وقع، "أزواج" ، و "الوالدين" كيف وقعا، على حذف ألف "واحدة" حيث ورد والباء في قوله: "بواعدنا" بمعنى "في" قوله: "أزواج" عطف على "واحد" بحذف العاطف، وبعد "كيف" جملة محذوفة، والتقدير وأزواج كيف وقع، والوالدين كيف وقع. ثم قال: . . . . . . . . . . . . ... وفي العظام عنهما في المؤمنين وغير أول بتنزيل أتين ... كلا والأعناب بغير الأولين لكن عظامه له بالألف ... وكل ذلك بحذف المنصف ذكر هنا حكم الألف التي في: "العظام" ، و "الأعناب" ، حيث وقعا في القرآن، فأخبر عن الشيخين بحذف الألف التي في "العظام" الواقع في سورة "المؤمنين" بأربعة مواضع، وهي: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} ٦ {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا} ٧ {قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا} ٨، وقد قرأ ابن عامر وشعبة: الأولين بفتح العين وسكون الظاء من غير ألف على الأفراد، وعبارة الناظم تشمل الموضعين الأخيرين لأبي عمرو مع أنه ليس له فيها كلام، بل صريحة تخصيص الموضعين الأولين بالحذف، وإذا أصلح بيت الناظم بإصلاحات أحسنها: "والداني أولي عظام المؤمنين" ، ثم أخبر بأن أبا داود ذكر في "التنزيل" حذف كلمات "العظام" غير اللفظ الأول منها، وهو قوله تعالى في سورة البرة: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} ٩، وإن أبا داود ذكر في "التنزيل" أيضا حذف ألفاظ "الأعناب" كلها إلا اللفظين الأولين وهما: ١ سورة البقرة: ٢/ ٨٣. ٢ سورة النساء: ٤/ ٣٣. ٣ سورة النمل: ٢٧/ ١٩. ٤ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٨. ٥ سورة لقمان: ٣١/ ١٤. ٦ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١٤. ٧ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٣٥. ٨ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٨٢. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٩. {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} ١ بالبقرة، {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ} ٢ بالأنعام، ثم استدرك الناظم على قوله: "وغير أول بتنزيل أتين" فقال: "لكن عظامه له بالألف" ٣ أي: لكن لفظ "عظامه" الواقع في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} ٤ بسورة القيامة بإثبات الألف لأبي داود في "التنزيل" ، ثم أخبر أن كل ذلك، أي: جميع ألفاظ العظام، والأعناب، الواردة في القرآن حذفها صاحب المنصف لا فرق عنده بين الأول من لفظ "العظام" ، وغيره ولا بين الأولين من لفظ "الأعناب" ، وغيرهما فالأول من لفظ "العظام" تقدم، وأما غير الواقع بغير سورة "المؤمنين" ، والقيامة فنحو: موضعي الإسراء: {أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا} ٥، ونحو قال: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ} ٦ في "يس" . وأما: الأولان من لفظ "الأعناب" فقد تقدما، وأما غيرهما فكما في "الرعد" : {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ} ٧ في النحل: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ} ٨، وهو متعدد فيما بعد البقرة ومنوع كما مثل، والعمل عندنا على الحذف في لفظي "العظام" ، و "الأعناب" حيث وقعا الا: {أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} ٩ بالقيامة، فالعمل على إثبات ألفه. وقوله: في "العظام" خبر مبتدأ محذوف تقديره الحذف، و "غير" منصوب على الاستثناء من فاعل أتين، وأنت الضمير بتأويل كلمات العظام والأعناب معطوف على "فاعل" "أتين" ، وأنت الضمير بتأويل كلمات "العظام" و "الأعناب" معطوف على فاعل "أتى" الذي هو النون. مواضع حذف همزة الوصل من الرسم القرآني: ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٦٦. ٢ سورة الأنعام: ٦/ ٩٩. ٣ يعني لفظ العظام بالألف. ٤ سورة القيامة: ٧٥/ ٣. ٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٤٩. ٦ سورة يس: ٣٦/ ٧٨. ٧ سورة الرعد: ١٣/ ٤. ٨ سورة النحل: ١٦/ ١١. ٩ سورة القيامة: ٧٥/ ٣. ثم قال: والحذف عنهما بهمز الوصل ... إذا أتى من قبل همز الأصل من نحو وأتوا فات قل وفسألوا ... وشبهه كنحو واسئل واسألوا تكلم في هذين البيتين، وما بعدهما إلى تمام سبعة أبيات على مواضع حذف همزة الوصل من الرسم، وهمزة الوصل هي التي تثبت في الابتداء، وتسقط في الدرج، وكان الأنسب ذكرها في باب الهمزة، لكنه ذكرها في هذا الباب تبعا للشيخين؛ ولأنها لا تكتب إلا ألفا حتى سميت ألف الوصل. ومواضع حذفها من الرسم سبعة ذكر منها في هذين البيتين موضعين، فأخبر عن الشيخين بحذف همزة الوصل إذا جاءت قبل همزة أصلية، أي: همزة قطع ووقعت بعد واو أو فاء، وإلى الشرط الأول أشار بقوله: "إذا أتى من قبل همز الأصل" ١، وإلى الشرط الثاني أشار بقوله من نحو: "واتوا فات.." ٢ نحو {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} ٣ {فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِب} ٤ ومثله في أول "البقرة" : {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ} ٥ ومنه {فَأْذَنُوا بِحَرْب} ٦ {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} ٧. وذلك إن فاء هذه الألفاظ همزة، وهي أفعال أمر من الثلاثي، والأخير، من الخماسي فيلزم افتتاحها بهمزة الوصل، وهي مبتدأة فقياسها أن تصور ألفا، لكن لما اتصل بها ما لا يمكن استقلاله، والوقف عليه من الحروف الإفرادية كالواو، والفاء، قام مقام همزة الوصل فسقطت لفظا، فجاء الخط موافقا لذلك لاستثقالهم اجتماع صورتين وهما هنا صورة همزة القطع، وصورة همزة الوصل فإذا لم يقع بعد همزة الوصل همزة أصلية نحو: "واتقوا" ، أو وقعت، لكن اتصل بهمزة الوصل ما يستقل ويصح الوقف عليه نحو: "الَّذِي أوتُمِنَ" ٨ "وقال الملك ايتُونِي" ٩ "ثم ايتوا صفا" ١٠، فإن همزة الوصل تثبت رسما لثبوتها لفظا عند الوقف على ما قبلها والابتداء بها. ١ حكم حذف همزة وصل. ٢ ومثل في بداية الشطر الثاني بقوله: واتوا، فات، للإيضاح. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٨٩. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٨. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٣. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٩. ٧ سورة الطلاق: ٦٥/ ٦. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٣. ٩ سورة يوسف: ١٢/ ٥٤. ١٠ سورة طه: ٢٠/ ٦٤. وهذا حاصل الكلام على الفصل الأول. ثم أشار بقوله: "قل وفسئلوا" ١ البيت إلى الموضع الثاني، فذكر عن الشيخين أن همزة الوصل تحذف إذا دخلت على فعل الأمر من السؤال، ووقعت بعد واو أو فاء نحو: {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} ٢ {وَسْئَلِ القَرْيَةَ} ٣ {وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ} ٤. وإنما حذفت الواو والفاء بسبب عدم صحة استقلالهما والوقف عليهما منزلة ما هو من نفس الكلمة، ونيابتهما عن همزة الوصل بحيث لا ينطق بها يوما ما، ويحتمل أن يكون قد رسم على قراءة من نقل حركة الهمزة إلى السين، وهو ابن كثير والكسائي، وهذا أظهر؛ لأن التوجيه الأول يأتي في نحو: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} ٥ مع أنها لم تحذف منهما. والباء في قوله: بـ "همز الوصل" بمعنى "في" ، وقوله: "فاسئلوا" ، عطف على همز الوصل بالواو والجميع محكى بـ "قل" ، والتقدير، قل الحذف عنهما في همز الوصل إذا كان وفي همزة "فاسئلوا" وشبهه. ثم قال: وقبل تعريف وبعد لام ... كللذي للدار للإسلام ذكر في هذا البيت الموضع الثالث من مواضع حذف همزة الوصل من الرسم، فأخبر عن الشيخين بحذفها إذا وقعت قبل أداة التعريف، وهي اللام، وبعد لام هي لام الابتداء، أو الجر، ثم مثل للأول بقوله تعالى: {لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} ٦ {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} ٧، وللثاني بقوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} ٨، ومثله: {الْحَمْدُ لِلَّه} ٩ {لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} ١٠ {هُدىً لِلْمُتَّقِين} ١١. وإنما حذفوها في هذا الموضع لسقوطها دائما، بسبب عدم استقلال اللام، وعدم صحة الوقف عليها، والابتداء بما بعدها، مع كراهة توالي الأمثال وهي اللامان والألف التي بينهما. ١ الجزء الأخير من الشطر الثاني في البيت. ٢ سورة الأنبياء: ٢١/ ٧، وسورة النحل: ١٦/ ٤٣. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٨٢. ٤ سوة النساء: ٤/ ٣٢. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٠٩. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٩٦. ٧ سورة الأنعام: ٦/ ٣٢. ٨ سورة الزمر: ٣٩/ ٢٢. ٩ سورة الفاتحة: ١/ ١. ١٠ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٧. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٢. ومراد الناظم بإدارة ما شأنه التعريف لا ما هو معرف في الحال بدليل تمثيله بـ "الذي" إذ ليست "أل" فيه على الصحيح معرفة بل معرفه الصلة، ولا بد من تقييد اللام في كلامه بكونها متصلة احترازا من: "فمال الذين" ، وقد يؤخذ هذا القيد من المثال، واحترز بقوله: "قبل تعريف" عما إذا لم تقع قبل لام التعريف نحو: "لانفضوا" ، فلا تحذف، واحترز بقوله: "وبعد لام" عما إذا لم تقع بعد اللام نحو: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُون} ١ أو لم يكن واحد من الأمرين نحو: {وَاعْبُدُوا} ٢، وأما "لتخذت" فسيأتي للناظم. وقوله: و "قبل تعريف" معطوف على "إذا" من قوله: "إذا أتي من قبل همز الأصل" ، وبعد عطف على "قبل" . ثم قال: وبعد الاستفهام إن كسرتا ... كقوله يدي استكبرتا ذكر في هذا البيت الموضع الرابع من مواضع حذف همزة الوصل من الرسم، فأخبر عن الشيخين بحذفها إذا وقعت بعد همزة الاستفهام، وكانت أعني همزة الوصل مكسورة نحو: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} ٣ {وَوَلَدًا، أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} ٤، {جَدِيدٍ، أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ} ٥، {أَسْتَكْبَرْت} ٦، {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُم} ٧. وإنما حذفت في هذا الموضع لنحو ما تقدم عند قوله: وقبل تعريف البيت، واحترز بقيد المكسورة عن المفتوحة نحو: {اللَّه} ٨ و {آلذَّكَرَيْن} ٩ و {ألآنَ} ١٠ في "يونس" فإن المختار في هذا القسم أن الألف الموجودة هي همزة الوصل، وأن همزة الاستفهام لا صورة لها، وقوله: و "بعد" عطف على "قبل" في البيت قبله، والاستفهام مضاف إليه على حذف مضاف أي: وبعد همزة الاستفهام، و "ان كسرت" شرط حذف مفعول، فعله وهو همزة الوصل وحذف جوابه لدليل ما قبله عليه وألف "كسرتا" و "استكبرتا" للإطلاق. ١ سورة البقرة: ٢/ ٤. ٢ سورة النساء: ٤/ ٣٦. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٨٠. ٤ سورة مريم: ١٩، ٧٨. ٥ سورة سبأ: ٣٤/ "٧-٨" . ٦ سورة ص: ٣٨/ ٧٥. ٧ سورة المنافقون: ٦٣/ ٦. ٨ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩، ولفظ: الله ٩٨٠ مرة. ٩ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٣. ١٠ سورة يونس: ١٠/ ٥١و ٩١. ثم قال: ولتخذت وبخلف يرسم ... لابن نجاح في أفاتخذتم ذكر في هذا البيت الموضع الخامس، والموضع السادس من مواضع حذف همزة الوصل من الرسم فالخامس عن الشيخين، وهو "لتخذت" ، والسادس انفرد بذكره: أبو داود حاكيا فيه خلاف المصاحف وهو: {أَفَاتَّخَذْتُم} ١. أما لتخذت ففي "الكهف" : {لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} ٢، ولا شك أن هذا الفعل خماسي، على وزن "افتعل" ، قياسه الافتتاح بهمزة الوصل هكذا: "اتخذت" ، ثم لما دخلت اللام حذفت الهمزة لفظا استغناء باللام عنها، وقياس الخط المبني على الابتداء ثبوتها نحو: {لَاتَّخَذُوك} ٣ لكنها حذفت من المصاحف إشارة إلى القراءة الأخرى فيه، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو بفتح التاء مخففة، وكسر الخاء، ولا وجود لهمزة فيه، على قراءتهما؛ لأنه ثلاثي ماض، واحترز بقيد مجاورة "اتخذت" اللام عن "اتخذت" الخالي عنه نحو: {لَئِنِ اتَّخَذْت} ٤، فإن همزة الوصل فيه ثابتة. وأما: {أَفَتَّخَذْتُمْ} ٥ المحذوف الهمزة لأبي داود على خلاف فيه ففي "الرعد" : {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} ٦، وتقريره كالذي قبله، وقد اختار أبو داود في "التنزيل" إثبات همزة الوصل فيه، وبه العمل عندنا. وقوله "ولاتخذت" مبتدأ على حذف مضاف، أي: وهمزة "لاتخذت" ، وخبره محذوف: أي كذلك. ثم قال: وحذف بسم الله عنهم واضح ... في هود والنمل، وفي الفواتح واغفل الداني ما في النمل ... فرسمه كهذه عن كل ذكر في هذين البيتين الموضع السابع من مواضع حذف همزة الوصل من الرسم، فأخبر بحذف همزة الوصل الواقعة بين الباء والسين من "بسم الله" في سورة هود: ١ سورة الرعد: ١٣/ ١٦. ٢ سورة الكهف: ١٨/ ٧٧. ٣ سورة الإسراء: ١٧/ ٧٣. ٤ سورة الشعراء: ٢٦/ ٢٩. ٥ سورة الرعد: ١٣/ ١٦. ٦ سورة الرعد: ١٣/ ١٦. {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} ١، وفي سورة النمل: {وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ} ٢ وفي "بسم الله الرحمن الرحيم" ٣. الواقع في فواتح السور، وأن أبا عمرو الداني أغفل، أي: سكت عن الواقع في سورة "النمل" ، وأن رسمه عن غير أبي عمرو من شيوخ النقل كرسم هذه المذكورات، وبرسمه كالمذكورات جرى العمل. ووجه حذف همزة الوصل في هذا الموضع كثرة الاستعمال. وافهم قوله: "في هود، واسم الله، والفواتح" ، أن همزة الوصل الواقعة بين الباء والسين من "بسم" لا تحذف في غير هذه المواضع بل ترسم، وهو كذلك من غير خلاف نحو: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك} ٤و {بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم} ٥. تنبيه: بقي موضع آخر من مواضع حذف همزة الوصل وهو: "يا بنؤم" وسيأتي في باب الهمز. وقوله: و "حذف بسم الله" مبتدأ ومضاف إليه بتقدير مضافين، أي: وحذف صورة همزة "بسم الله، و" واضح "خبره، وقوله:" في هود "ممنوع من الصرف على السورة، وتأنيثها." ثم قال: كذا وقائلوهم في البقره ... وقبله ثلاثة مقتفره وءال عمران بها الأخير ... وفلقاتلوكم مأثور وموضع في الحج والقتال ... ثمان أحرف على التوالي ذكر في هذه الأبيات ثمانية أفعال مشتقة من مادة: "قتل" ، أخبر عن الشيخين بحذف الألف فيها عن كتاب المصاحف الأول: وقاتلوهم من: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ٦ في "البقرة" ، وثلاثة قبله وهي: وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ ١ سورة هود: ١١/ ٤١. ٢ سورة النمل: ٢٧/ ٣٠-٣١. ٣ سورة فواتح السور وعدد "١١٣" . ٤ سورة العلق: ٩٦/ ١. ٥ سورة الواقعة: ٥٦/ ٩٦. ٦ سورة البقرة: ٢/ ١٩٣. فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، وقد قرأ حمزة والكسائي الأولين من هذه الثلاثة بفتح حرف المضارعة، وسكون القاف من دون ألف: وقرأ الأخير بفتح القاف دون ألف. وإلى هذه الأربعة أشار بالبيت الأول، وقوله: "مقتفرة" بفتح الفاء، أي: متبوعة بلفظ، و "قاتلوهم" ، المذكور، والخامس الأخير في "آل عمران" وهو: {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} ٢ وقد قرأه حمزة، والكسائي بتقديم "قتلوا" المبني للنائب على "قاتلوا" المبني للفاعل. والسادس: {فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ} ٣ في النساء، وقد قرأ الحسن هذا بحذف الألف. والسابع: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} ٤ في الحج. والثامن: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ٥ في القتال، وقد قرأه البصري، وحفص بضم القاف وكسر التاء من غير ألف، وإلى هذه الأربعة الأخيرة أشار بالبيت الثاني وبالشطر الأول من البيت الثالث، ثم تمم البيت الثالث ببيان عدد الأفعال المشتقة من القتال المحذوفة للشيخين، وأنها ثمانية مذكورة على التوالي، أي: على ترتيب السور في المصحف. وخرج غير هذه الثمانية من أفعال القتال، فإن أبا عمرو لم يحذفه، وسيأتي للناظم قريبا، أن أبا داود أطلق الحذف في جميع أفعال القتال وسنذكر المعمول به فيها. وقوله: "كذا" خبر مقدم، و "قاتلوهم" متبدأ مؤخر، واسم الإشارة، راجع لهمز الوصل في قوله: و "الحذف عنهما بهمز الوصل" ، وقوله: و "آل عمران" بالرفع عطف على "وقاتلوهم" على حذف مضاف أي و "قاتلوا آل عمران" . وقوله: و "فلقاتلوكم" ١ سورة البقرة: ٢/ ١٩١. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٩٥. ٣ سورة النساء: ٤/ ٩٠. ٤ سورة الحج: ٢٢/ ٣٩. ٥ سورة محمد: ٤٧/ ٤. مأثر "مبتدأ وخبر، ومعنى مأثور: مروي، أي: بالحذف، وقوله:" ثمان أحرف "بكسر النون، وحذف الياء ويصح ضم النون، وهو خبر مبتدأ محذوف، أي: هذه ثمان كلم." ثم قال: أولى تشابه وإن تظاهرا ... تظاهرون وكذا تظاهرا وأطلق الجميع في التنزيل ... بأي ما لفظ على التكميل أخبر عن الشيخين بحذف ألف الكلمة الأولى من "تشابه" ، وبحذف ألف "وإن تظاهرا" ، و "تظاهرون" ، و "تظاهرا" مخفف الظاء. أما الكلمة الأولى من لفظ "تشابه" ففي "البقرة" : {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} ١ واحترز بالأولى من غيرها، وستأتي أمثلته قريبا. وأما: و "إن تظاهرا" ففي "التحريم" ، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ} ٢. وأما "تظاهرون" ففي "البقرة" : {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ٣. وأما "تظاهرا" مخفف الظاء ففي "القصص" : {قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} ٤ ثم أخبر عن أبي داود بأنه أطلق في "التنزيل" الحذف في جميع أفعال القتال، وجميع الألفاظ المشتقة من مادة شبه، ومن مادة ظهر. أما أفعال القتال فنحو: الثمانية المتقدمة في قوله "كذا، وقاتلوهم" الأبيات الثلاثة ونحو: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} ٥ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ٦ و {قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا} ٧ و {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} ٨ و {قَاتَلَهُمُ اللَّه} ٩. وأما الألفاظ المشتقة من مادة شبه فنحو ما تقدم ونحو: {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُم} ١٠ {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} ١١ {مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} ١٢. ١ سورة البقرة: ٢/ ٧٠. ٢ سورة التحريم: ٦٦/ ٤. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ٤ سورة القصص: ٢٨/ ٤٨. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٩٠. ٦ سورة البقرة: ٢/ ١٩٣، وسورة الأنفال ٨/ ٣٩. ٧ سورة آل عمران: ٣/ ١٦٧. ٨ سورة التوبة: ٩/ ١٤. ٩ سورة التوبة: ٩/ ٣٠. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ١١٨. ١١ سورة آل عمران: ٣/ ٧. ١٢ سورة الأنعام: ٦/ ١٤١. وأما الألفاظ المشتقة من مادة "ظهر" ، فنحو ما تقدم ونحو: {وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا} ١ {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإثْمِ} ٢ {فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا} ٣. {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} ٤، ولا يندرج في كلام الناظم هنا "متشابهات" ، و "ظاهرين" ؛ لأن حكمهما علم مما ذكره الناظم في الجمع السالم بقسميه، فلو أدرجا هنا لزم التكرار مع إيهام أن أبا عمرو لا يحذفهما. وإنما خصصنا في حل كلام الناظم مادة القتال بالأفعال دون الأسماء، وعممنا في مادتي "شبه" ، و "ظهر" ؛ لأن مراد الناظم بقوله: و "أطلق الجميع" أن أبا داود أطلق ما وجد من تلك المواد مماثلا للألفاظ السابقة في وقوع الألف بعد القاف في مادة: "قتل" ، وبعد الشين في مادة: "شبه" ، وبعد الظاء في مادة: "ظهر" ، ولم يوجد في القرآن من مادة: "قتل" ، إسم فيه الألف بعد القاف حتى يخرج عن الإطلاق، نعم، وجد بعد التاء نحو {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا} ٥، وهو ثابت الألف، وقد وجد في مادة: "شبه" ، و "ظهر" الألف في الأسماء بعد الشين والظاء فعمها الإطلاق وعم الأفعال. والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في جميع أفعال القتال، وجميع الألفاظ المشتقة من مادة: "شبه" ، ومن مادة: "ظهر" . وقول الناظم "أولى تشابه" عطف على قوله السابق و "قاتلوهم" ، أو على قوله و "موضع" و "ما" في قوله "بأي ما" لفظ زائدة، وقوله على التكميل للبيت في محل الحال من قوله: "الجميع" ، والظاهر أن "على" بمعنى "مع" ومعنى إطلاقها مع تكميلها أن إطلاقها مصحوب بتعميمها. ثم قال: والمنصف الأسباب والغمام قل ... وابن نجاح ما سوى البكر نقل أخبر عن الشيخ البلنسي صاحب "المنصف" بحذف ألف "الأسباب" و "الغمام" مطلقا، وعن أبي داود البلنسي بأنه نقل حذف ألف "الأسباب" و "الغمام" سوى الواقع منهما في سورة "البكر" ، وهي سورة "البقرة" . ١ سورة التوبة: ٩/ ٤. ٢ سورة الأنعام: ٦/ ١٢٠. ٣ سورة الكهف: ١٨/ ٢٢. ٤ سورة الحديد: ٥٧/ ٣. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٦٧. أما الواقعتان في "البقرة" المختص بحذفهما صاحب "المنصف فهما: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَاب} ١ {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} ٢ {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} ٣." وأما غير الواقعين في "البقرة" الذي اتفق أبو داود والبلنسي على حذفه فنحو: {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَاب} ٤ {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} ٥ {وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَام} ٦ بالأعراف و {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} ٧، والعمل عندنا على ما في "المنصف" من الحذف في لفظي "الأسباب" و "الغمام" حيث وقعا. وقوله: و "المنصف" مبتدأ، و "الأسباب" مفعول لفعل محذوف يدل عليه قوله بعد "نقل" ، والتقدير: والمنصف نقل الأسباب، أي: نقل حذف ألفه، وقوله: و "الغمام" عطف على "الأسباب" . ١ سورة البقرة: ٢/ ١٦٦. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٥٧. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢١٠. ٤ سورة ص: ٣٨/ ١٠. ٥ سورة غافر: ٤٠/ ٣٦-٣٧. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ١٦٠. ٧ سورة الفرقان: ٢٥/ ٢٥. الألف المعانق للام ثم قال: ومع لام ذكره تتبعا ... نجل نجاح موضعا فموضعا كنحو الإصلاح ونحو علام ... شرح الناظم من هنا إلى تمام أربعة عشر بيتا في الكلام على الألف المعانق للام، وهو قسمان: - واقع مع لام مفردة، نحو "السلام" ، وواقع بين لامين نحو: "خلال" ، وبدأ بالقسم الأول، فأخبر عن ابن نجاح، وهو أبو داود بأنه نقل حذف الألف المصاحب للام، أي: الواقع، بعد لام مفردة، وأنه تتبع ذكره، لفظا بعد لفظ يعني كلا في محله ثم مثله بنحو: "الإصلاح" ، ونحو: "علام" . أما "الإصلاح" ففي "هود" : {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإصْلاحَ} ١، وأما "علام" ففي موضعين من "العقود" : {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} ٢ وفي "التوبة" : {وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} ٣ وفي سبأ: {يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} ٤ ومثلها: {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} ٥، وهذا النوع متعدد الأفراد كثيرا. واعلم: أنه يشترط في حذف الألف الواقع مع الأهم أن يكون حشوا، أي: وسطا، في الكلمة لا في آخرها، وأن يكون متصلا باللام بحيث يكونان معا من كلمة تحقيقا، أو تقديرا، فلا يحذف الألف في نحو: "علا" ، و "الا" ، و "كلا" ، مما هو آخر الكلمة، ومثلها: "أولاء" ؛ لأن الهمزة غير مرسومة، فالألف متطرفة في الرسم، ولا يحذف الألف في نحو: "الآخرة" ، و "الآيات" ، مما هو منفصل عن اللام في كلمة أخرى، ودخل بقولنا تقديرًا، الآن فإنه لما لزمته أل تنزل معها منزلة الكلمة الواحدة، والشرط الأول يؤخذ من التمثيل، والشرط الثاني من المعية في قوله "ومع لام" . فإن قلت: هل يشترط في الألف أن لا تكون صورة للهمزة كما ذكره بعضهم، ولهذا الشرط ثبت الألف، في نحو "الأرض والإيمان" و "الأولى" ؟، فالجواب لا يحتاج إلى هذا الشرط؛ لأن الكلام إنما هو في حذف الألف الهوائي، وأما ما هو صورة الهمزة، فسيشير إليه الناظم في باب الهمز حيث: يذكر "امتلأت" ، و "اطمأنوا" و "لأملأن" ، ونظائرها. تنبيه: تقدم أن الألف الواقعة بعد اللام في المثني: كـ "رجلان" و "أضلانا" وفي جمعي السلامة: كـ "اللاعبين" ، و "اللاعنون" ، و "علامات" ، و "رسالات" ، و "جمالات" ، داخلة في قاعدتي المثنى والجمع فهي غير مندرجة هنا. وأما "ملاقوا" المضاف وإن كان جمعا منقوصا محذوف النون فألفه مندرجة في صريح العموم هنا، لا في ضابط الجمع المتقدم. وقوله: "مع" ظرف في محل الصفة لموصوف محذوف معطوف على ما في البيت قبله، والتقدير، والألف الواقع مع الألم، وقوله: "ذكره" مفعول به "لتتبع" مقدم عليه، و "نجل نجاح" فاعله، والنجل الولد. ١ سورة هود: ١١/ ٨٨. ٢ سورة المائدة: ٥/ ١٠٩. ٣ سورة التوبة: ٩/ ٧٨. ٤ سورة سبأ: ٣٤/ ٤٨. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٥. ثم قال: . . . . . . . . . . . . ... سوى قل إصلاح وأولى ظلام تلاوته وسبل السلام ... ومثلها الأول من غلام وكل حلاف غلاظ لاهيه ... ومثلها التلاق مع علانيه ثم فلانا لائم ولازب ... وأطلقت في منصف فالكاتب مخير في رسمها ... . . . . . . . . . . . لما ذكر أن أبا داود نقل حذف الألف المصاحبه للام المفردة، وأنه تتبع مواضعه كلمة استثنى منها ثلاثة عشر لفظا لم يتعرض لها أبو داود بحذف، ولا إثبات أولها في النظم: "قل إصلاح" ، وآخرها "لازب" . أما "قل إصلاح" ففي "البقرة" : {قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْر} ١ وقيده بـ "قل" احترازا من نحو: "أو إصلاح بين الناس" . وأما أولى "ظلام" أي: الكلمة الأولى من لفظه ففي "آل عمران" : {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ٢، واحترز بالأولى عن نحو: الذي في "الأنفال" ، و "الحج" وأما تلاوته ففي "البقرة" : {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} ٣. وأما "سبل السلام" ففي "العقود" : {مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} ٤، وقيده بالمجاور وهو سبل احترازا من نحو: {لَهُمْ دَارُ السَّلام} ٥. وأما الأول من لفظ "غلام" ففي "آل عمران" : {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ} ٦، واحترز بالأول من نحو الواقع في "مريم" . وأما "كل حلاف" ففي "القلم" : {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّاف} ٧، ولم يحترز بالمجاور عن شيء إذ لم يقع له نظير. وأما "غلاظ" ففي "التحريم" : {عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظ} ٨. ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٠. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٨٢. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٢١. ٤ سورة المائدة: ٥/ ١٦. ٥ سورة الأنعام: ٦/ ١٢٧. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٤٠. ٧ سورة القلم: ٦٨/ ١٠. ٨ سورة التحريم: ٦٦/ ٦. وأما "لاهية" ففي "الأنبياء" إخبارًا عن الناس: {لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} ١. وأما "التلاقي" ففي "غافر" : {يَوْمَ التَّلاقِ} ٢. وأما "علانية" ففي "البقرة" : {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً} ٣، وهو متعدد فيما بعدها. وأما "فلان" ففي "الفرقان" : {لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا} ٤. وأما "لائم" ففي "العقود" : {وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} ٥. وأما "لازب" ففي "الصافات" : {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} ٦. ثم أخبر أن الألف الواقعة بعد اللام أطلقت في "منصف" البلنسي يعني بالحذف، بحيث يعم إطلاقه هذه الألفاظ الثلاثة عشر التي سكت عنها أبو داود وغيرها مما حذفه. قال الناظم من عند نفسه فيتسبب عن تعميم صاحب "المنصف" لها بالحذف، وسكوت أبي داود على الألفاظ الثلاثة عشر المقتضى لبقائها على الأصل من الثبوت تخيير الكاتب فيها بين الإثبات، والحذف، لكن يرد على الناظم: إن أبا عمرو نص على حذف الأول من: "غلام" ، وعلى حذف: "سبل السلام" ، فكيف يصح التخيير فيما نص أبو عمرو، والبلنسي على حذفه وسكت عنه أبو داود لا سيما وقد حكى اللبيب إجماع المصاحف على حذف سبل السلام، وسيأتيك ما به العمل في شرح الأبيات بعد، والضمير المستتر في قوله "أطلقت" يعود على الألف الواقع بعد اللام، وضمير "رسمها" يعود على الألفاظ الثلاثة عشر. ثم قال: . . . . . . . . . . . وحذفت ... في مقنع خلائفا حيث أتت كيف ثلاثون ثلاثة ثلاث ... سلاسل وفي النساء وثلاث ثم خلاف بعد مقعدهم ... لكن أولئك وقل لامستم وفي الملاقاة سوى التلاق ... وفي غلامين وفي الخلاق ١ سورة الأنبياء: ٢١/ ٣. ٢ سورة غافر: ٤٠/ ١٥. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٤. ٤ سورة الفرقان: ٢٥/ ٢٨. ٥ سورة المائدة: ٥/ ٥٤. ٦ سورة الصافات: ٣٧/ ١١. وفي الملائكة حيث تاتي ... واللات ثم اللائي ثم اللاتي كذا إله وبلاغ وغلام ... والآن إيلاف معا ثم سلام أخبر عن أبي عمرو الداني بأنه نقل في "المقنع" حذف الألف الواقع بعد اللام المفردة في ثلاث وعشرين كلمة أولها: "خلائف" ، وآخرها: "سلام" ، وسكت عما عداها. أما "خلائف" ففي آخر "الأنعام" : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ} ١، وهو متعدد. وأما "ثلاثون" كيف أتى، يعني بواو، أو ياء فنحو: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} ٢، {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} ٣، وهذا من الملحق بالجمع المذكر السالم، وقد قدمنا وجه تأخيره إلى هنا. وأما "ثلاثة" ففي "البقرة" : {ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} ٤ {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ٥، وهو متعدد ومنوع نحو: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} ٦. وأما "ثلاث" فنحو: {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} ٧، وهو متعدد. وأما "سلاسل" ففي "الإنسان" : {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا} ٨ وهو منوع، ففي "غافر" أخبار عن الكفار: {إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ} ٩. وأما "ثلاث" بضم الثاء ففي "النساء" : {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} ١٠، واحترز بقيد السورة من مثله في "فاطر" . وأما "خلاف" الواقع بعد مقعدهم ففي "التوبة" : {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ} ١١، واحترز بقوله "بعد مقعدهم" عن نحو: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ} ١٢ في "المائدة" ، وهو المحترز متعدد. ١ سورة الأنعام: ٦/ ١٦٥. ٢ سورة الأحقاف: ٤٦/ ١٥. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٤٢. ٤ سورة البقرة: ٢/ ١٩٦. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٨. ٦ سورة التوبة: ٩/ ١١٨. ٧ سورة مريم: ١٩/ ١٠. ٨ سورة الإنسان: ٧٦/ ٤. ٩ سورة غافر: ٤٠/ ٧١. ١٠ سورة النساء: ٤/ ٣. ١١ سورة التوبة: ٩/ ٨١. ١٢ سورة المائدة: ٥/ ٣٣. وأما "لكن" ففي "البقرة" : {وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ} ١ وهو متعدد، ومثله: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} ٢ إذ أصله "لكن أنا" ، فحذفت الهمزة بعد نقل حركتها إلى نون لكن ثم سكنت النون الأولى وأدغمت في الثانية. وبقي على الناظم "لكن" المشددة فإن ألفها محذوفة لأبي عمرو أيضا ولا تندرج في كلام الناظم؛ لأنه ذكر المخففة، وهي لا تندرج فيها المشددة. وأما أولئك ففي صدر "البقرة" : {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} ٣ وهو متعدد فيها وفيما بعدها، ومنوع نحو: {وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ} ٤ ولا يندرج: "أولاء" في "أولئك" لتطرف ألفه رسما كما قدمناه. وأما "لامستم" ففي "النساء" : {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} ٥، ومثله في "العقود" وقد قرأهما حمزة، والكسائي بدون ألف. أما الألفاظ المشتقة من مادة "الملاقاة" فما أشار إليه في "المقنع" بقوله: و "حذفوا الألف بعد اللام" في قوله: {مُلاقُو اللَّهِ} ٦، {مُلاقَوه} ٧ {ومُلاقِيهِ} ٨ {ويُلاقُوا} ٩ حيث وقع.. "انتهى" . ولا شك أنه لم يذكر لفظ "التلاق" ، ولذا استثناه الناظم له من عموم قوله: وفي الملاقاة الشامل لمادة الملاقاة كيفما تصرفت، مجردة أو مزيدة: وكيفما كانت الزيادة، وكان حقه أن يستثنى له أيضًا "لاقيه" في قوله تعالى: {فَهُوَ لاقِيهِ} ١٠؛ لأنه لم يذكره أيضًا. وأما "غلامين" ففي "الكهف" : {فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ} ١١، ولا يقال "غلامين" مثنى فهو مندرج في حكمه المتقدم؛ لأننا نقول: قد تقدم أن المراد بألف المثنى الألف التي لا توجد إلا في التثنية، وألف غلامين موجودة في المفرد. وأما "الخلاق" ففي "الحجر" : {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} ١٢، ومثله في "يس" ، وهذا اللفظ من المستثنيات لأبي عمرو من قوله الناظم، "ووزن فعال، وفاعل ثبت" ، البيت. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٢. ٢ سورة الكهف: ١٨/ ٣٨. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٥. ٤ سورة النساء: ٤/ ٩١. ٥ سورة النساء: ٤/ ٤٣. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٩. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٣. ٨ سورة الانشقاق: ٨٤/ ٦. ٩ سورة الزخرف: ٤٣/ ٨٣. ١٠ سورة القصص: ٢٨/ ٦١. ١١ سورة الكهف: ١٨/ ٨٢. ١٢ سورة الحجر: ١٥/ ٨٦. وأما "الملائكة" ففي "البقرة" : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} ١، {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ} ٢ وفي "التحريم" : {عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ} ٣، وهو متعدد فيها وفيما بعدها ومنوع كما مثل. وأما "اللات" ففي "النجم" : {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} ٤. وأما "اللاتي" ففي "الأحزاب" : {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} ٥، وهو متعدد. وأما "اللاتي" ففي "النساء" : {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} ٦، وهو متعدد. وأما "إله" فنحو: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ٧، ولفظه متعدد ومنوع في "البقرة" وفيما بعدها، وبقي على الناظم ذكر "الهين" نحو: {لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} ٨؛ لأنه مندرج في كلام "المقنع" ، ولا يندرج في عبارة الناظم؛ لأنه المثنى لا يندرج في المفرد ولذا احتاج إلى ذكر "غلامين" مع "غلام" . وأما "بلاغ" ففي "إبراهيم" : {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ} ٩، ونحو ما في "الرعد" : {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ} ١٠، وهو متعدد ومنوع كما مثل. وأما "غلام" ففي "آل عمران" : {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ} ١١. وفي "الكهف" : {وَأَمَّا الْغُلامُ} ١٢، وهو متعدد ومنوع كما مثل. وأما "الآن" ففي "البقرة" : {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} ١٣. وفي "يونس" : {آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ} ١٤، وهو متعدد ومنوع كما مثل، وإما "إيلاف" معا في سورة "قريش" : {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ} . ١ سورة البقرة: ٢/ ٣٠. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٩٨. ٣ سورة التحريم: ٦٦/ ٦. ٤ سورة النجم: ٥٣/ ١٩. ٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤. ٦ سورة النساء: ٤/ ١٥. ٧ البقرة: ٢/ ١٦٣. ٨ سورة النحل: ١٦/ ٥١. ٩ سورة إبراهيم: ١٤/ ٥٢. ١٠ سورة الرعد: ١٣/ ٤٠. ١١ سورة آل عمران: ٣/ ٤٠. ١٢ سورة الكهف: ١٨/ ٨٠. ١٣ سورة البقرة: ٢/ ٧١. ١٤ سورة يونس: ١٠/ ٥١. وأما "سلام" فنحو: {قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ} ١، {سُبُلَ السَّلامِ} ٢، {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ} ٣، وهو متعدد ومنوع كما مثل فهذه جملة الكلمات الثلاث والعشرين التي نقل صاحب "المقنع" حذف ألفها الواقع بعد اللام، وسيأتي للناظم حذف "البلاء" بالصافات، وبلاء بالدخان، لأبي عمرو زيادة على هذه الكلمات المحذوفة له، وقد تقدم من هذا النوع حذف ألف: الجلالة، و "اللهم" ، لأبي عمرو كغيره، والعمل عندنا على ما في "المنصف" من تعميم الحذف في الألف الواقع بعد اللام المفردة لا فرق بين ما اتفق الشيخان على حذفه، أو انفرد أحدهما بحذفه أو سكتا معا أو أحدهما عنه، إلا ألف: "الآن" في سورة "الجن" ، فإنه ثابت باتفاق كما سيأتي للناظم قريبًا. وقوله: "سلاسل" مرفوع منون و "معا" في البيت الأخير حال من "إيلاف" بتقدير مضاف، أي: كلمتا إيلاف جميعًا. ثم قال: وكلهم في الجن الآن ذكروا ... بألف حسبما قد أثروا أخبر عن شيوخ النقل كلهم أنهم ذكروا: "الآن" ، من قوله تعالى: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ} ٤ في سورة "الجن" بألف ثابتة عن جميع المصاحف، وليس كغيره، من لفظ "الآن" المرسوم بدون ألف، ولعل اتفاق المصاحف على إثبات ألف "الآن" في الجن إشارة إلى أصله من كون "أل" كلمة مستقلة، و "آن" كلمة، فلم يحصل شرط الحذف وهو الاتصال في كلمة. وأما غيره من لفظه، فالاتصال فيه تقديري كما تقدم. وما ذكره الناظم في هذا البيت كالمستثنى من قوله: "ومع لام" ذكره تتبعا البيت ومن قوله، وأطلقت في منصف، ومن قوله: "الآن" ، "إيلاف" ، ثم تمم البيت بقوله "حسبما قد أثروا" ، أي: مثل ما رووه ونقلوه، وقوله: "الآن" يقرأ بالنقل للوزن وفي "الجن" حال منه، و "حسبما" بفتح السين نعت لمصدر محذوف، أي ذكروا موافقا لما رووه أو لرواياتهم. ١ سورة الذاريات: ٥١/ ٢٥. ٢ سورة المائدة: ٥/ ١٦. ٣ سورة الحشر: ٥٩/ ٢٣. ٤ سورة الجن: ٧٢/ ٩. ثم قال: وأو كلاهما بخلف جاء ... وليس يرسمون فيه ياء أخبر عن شيوخ النقل بخلاف المصاحف في حذف ألف "كلاهما" من قوله تعالى: {أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا} ١ "بالإسراء" وفي إثباته، وأنهم لم يرسموا فيه ياء موضع الألف المحذوفة منه في بعض المصاحف، واختار في "التنزيل" إثبات الألف، وبه العمل. ومذهب البصريين أن "كلا" مفرد، وعليه فهل أصل ألفه واو أو ياء قولان: ومذهب الكوفيين أن ألفه للتثنية، وذكر الناظم لـ "كلا" هنا مناسب لقول البصريين بناء على أن أصل ألفه الواو. وأما على أن أصله الياء فالمناسب ذكره في ترجمة و "هاك ما بألف قد جاء" البيت. ثم قال: فإن يكن ما بين لامين فقد ... حذف عن جميعهم حيث ورد تكلم هنا على القسم الثاني من قسمي الألف المعانق للام، وهو الألف الواقع بين لامين، فأخبر عن جميع شيوخ النقل بحذف الألف الواقع بين لامين حيث "ورد" ، وجاء في القرآن نحو: "الضلال" ، و "في ضلال" ، و "الضلالة" ، و "الكلالة" ، و "لا خلال" ، و "من خلاله" ، و "خلالكم" ، و "ظلاله" ، و "ظلالهم" ، و "خلال" ، و "أغلال" ، و "الأغلال" و "من سلالة" . ولا بد أن تكون الألف الواقعة بين اللامين حشوا، أي: وسطا ليخرج نحو: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ} ٢، وقوله "يكن" فيه ضمير مستتر عائد على الألف الواقع بعد اللام، و "ما" في قوله "ما بين" زائدة. حذف حروف التنبيه والنداء ثم قال: وما أتى تنبيها أو نداء ... كقوله هاتين يا نساء ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٢٣. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ٥٤. أخبر عن جميع شيوخ النقل بحذف ألف كل لفظ دال على تنبيه، أو نداء ثم مثل للأول بـ "هاتين" ، وللثاني بـ "يا نساء" . وأما "هاتين" ففي "القصص" : {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} ١ ومثله: "هذا" ، و "هذه" و "هذن" ، و "هؤلاء" ، و "هكذا" ، وذلك أن أصل هذه الكلم "تين" و "ذا" ، و "ذه" ، و "ذان" ، و "أولاء" وكذا، ثم لما اتصلت بها "ها" الدالة على التنبيه، وهي حرف ثنائي حذفوا ثانيها، وهو الألف من الرسم اختصارًا. واعلم: أنه يشترط في حذف ألف "ها" التنبيه كما يؤخذ من تمثيل الناظم أن لا تكون طرفًا، فإن كانت طرفا نحو: "يا أيها" فلا تحذف، إلا ما سيذكره بعد في قوله "وآية الزخرف" البيت. وأما "يا نساء" ففي الأحزاب: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ} ٢ في موضعين، ومثله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} ٣، و "يا آدم" و "يبنئوم" ، وذلك أن أصلها "نساء" ، و "أيها" و "آدم" ، و "ابنئوم" ، ثم لما اتصلت بها "ياء" الدالة على النداء، وهي حرف ثنائي حذفوا ثانيها، وهو الألف من الرسم اختصارا أيضا، والقسمان متعددان. تنبيه: "هأنتم" يحتمل أن يكون مركبا من: "ها" التنبيه، و "أنتم" ، ولكن طرأ من التغيير فيه تسهيل همزته بين بين عند قالون، وإبدالها ألفا عند ورش في إحدى الروايتين عنه، فاجتمعت مع ألف "ها" ، فحذفت أولاهما لاجتماع الساكنين. وأما على الرواية الأخرى عنه بهاء فهمزة مسهلة بين بين دون ألف بينهما، فالألف من "ها" محذوفة أيضا، لكن على لغة قليلة فيها، وعلى هذا الاحتمال يكون "ها أنتم" ، من هذا الفصل، وتكون ألف ها التنبيه فيه محذوفة لقالون خطا وثابتة لفظا، ومحذوفة في كلتا الروايتين عن ورش لفظا وخطا كألف يا النداء من "يبنؤم" ، ويحتمل أنه مركب من همزة الاستفهام، و "أنتم" ، فخففت الهمزة الأولى بإبدالها: "ها" ، وسهلت ١ سورة القصص: ٢٨/ ٢٧. ٢ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٢. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢١. الثانية عند قالون بين بين، وأدخل بينهما ألف على قياس الهمزتين المفتوحتين من كلمة عنده، وكذا سهلت الثانية دون إدخال في إحدى الروايتين عن ورش، وأبدلت ألفا في الرواية الأخرى عنه على قياس الهمزتين المفتوحتين من كلمة عنده، وعلى هذا الاحتمال لا يكون: "هأنتم" من هذا الفصل ولا حذف فيه أصلًا. و "ما" في قوله الناظم، و "ما أتى" موصول في محل رفع مبتدأ بتقدير مضاف أي: وألف ما أتى، و "أتى" صلته، والخبر محذوف تقديره كذلك، أي: في الحذف عن جميع الشيوخ. ثم قال: وليس هاؤم وهاتوا منها ... لعدم التنبيه فاعلم من ها لما ذكر في البيت قبل هذا أن ألف: ها التنبيه محذوفة خشي أن يتوهم أن ها من "هاؤم" ، و "هاتوا" في قوله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} ١ و {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} ٢ للتنبيه فرفع ذلك التوهم بقوله أن: ها من "هاؤم" ، و "هاتو" ليست من "ها" الدالة على التنبيه لعدم استفادة التنبيه من لفظة "ها" إذ هي جزء كلمة فيهما فتكون ألفها ثابتة. أما "هاؤم" فهاء فيه اسم فعل بمعنى خذ، قال الكسائي والعرب تقول: هاء للرجل، وللاثنين رجلين، أو امرأتين هاؤما، وللرجال هاؤم وللمرأة هاء بهمزة مكسورة من غير ياء، وللنسوة "هاؤن" "ا. هـ" . وهذه الزوائد على لفظة هاء أحرف تبين حال المخاطب، وفيه لغات أخر ليس هذا محل ذكرها. وأما "هاتوا" فالأصح أنه فعل أمر، وهاؤه أصلية في فاؤه ومعناه احضروا. وقوله الناظم "هاؤم" اسم "ليس" ، وهو على حذف مضاف، أي: "ها هاؤم" ، وقوله: "منه" خبر "ليس" ، ويكتب متصلا لدخول الجار وهو من على الضمير العائد على: ها، التي للتنبيه. ١ سورة الحاقة: ٦٩/ ١٩. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١١١. وأما قوله: "من ها" آخر البيت فهو متعلق بـ "عدم" ، ويكتب منفصلا؛ لأن "من" الجارة دخلت فيه على اسم ظاهر لا ضمير، وجملة "اعلم" معترضة بين الجار ومتعلقه لتصحيح الوزن. حذف ألف سبحان وكتاب ويضاعف. ثم قال: ولفظ سبحان جميعا حذفا ... لكن قل سبحان فيه اختلفا أخبر مع الإطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف "سبحان" جميعه نحو: {سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} ١ {سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ٢، وهو متعدد في "البقرة" وفيما بعدها نحو: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} ٣ و {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا} ٤، {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} ٥. ثم استدرك خلافا بين المصاحف لجميع الشيوخ في: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} ٦ في وسط "الإسراء" ، وقد شهر اللبيب فيه الحذف وشهر بعضهم فيه الإثبات، والعمل عندنا على حذفه حملا على نظائره. واعلم: أن "سبحان" على وزن "فعلان" ، فهو من المستثنيات لأبي عمرو من قوله الناظم، وذكر الداني وزن فعلان البيت وقوله: "اختلفا" مبني للنائب والألف فيه وفي "حذفا" قبله للإطلاق. ثم قال: وكاتبا وهو الأخير عنهما ... ومقنع لدى الثلاث مثل ما وابن نجاح ثالثا قد أثبتا ... والأولان عنهما قد سكتا أخبر عن الشيخين باختلاف المصاحف في حذف ألف "كاتبا" الأخير من "البقرة" ١ سورة البقرة: ٢/ ٣٢. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١١٦. ٣ سورة الإسراء: ١٧/ ١. ٤ سورة الإسراء: ١٧/ ١٠٨. ٥ سورة الروم: ٣٠/ ١٧. ٦ سورة الإسراء: ١٧/ ٩٣. وهو: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} ١ وفي إثباته وعن أبي عمرو باختلافهما أيضا في الكلم الثلاث قبله وهي: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَابَ كَاتِبٌ} ٢، {وَلا يُضَارَّ كَاتِب} ٣، وقد استفيد هذا الخلاف من سياق الشطر الأخير الذي قبل هذين البيتين. ثم أخبر عن ابن نجاح، وهو أبو داود بأنه أثبت ألف الثالث من هذه الألفاظ الثلاثة وسكت عن الأولين، فتلخص مما نقله الناظم عن الشيخين في: "كاتبًا" ، أن الألفاظ الأربعة مختلف فيها لأبي عمرو، وأنها لأبي داود على ثلاثة أقسام مسكوت عنه، وهو الأولان ومثبت وهو الثالث، ومختلف فيه وهو الرابع ولم يرد في القرآن لفظ "كاتب" إلا في المواضع الأربعة المذكورة، وقد اختار أبو عمرو في "المقنع" إثبات "كاتب" في المواضع الأربعة وعليه العمل عندنا. وقوله و "كاتبا" عطف على اسم "لكن" في الشطر الأخير من البيت السابق، والخبر محذوف يدل عليه خبر المعطوف عليه، تقديره اختلف فيه وبه يتعلق "عنهما" ، و "مقنع" مبتدأ خبره، محذوف تقدير ذكر، و "لدى" بمعنى "في" ، و "مثل" مفعول "بذكر" ، و "ما" موصول حذفت صلته، تقديرها تقدم، وحذف الصلة جائز بقلة بشرط أن يدل عليها دليل، وألف "أثبتا" و "سكتا" للإطلاق. ثم قال: واحذف يضاعفها لدى النساء ... ومعه للداني سواه جائي وذكر الخلف بأولى البقرة ... ثم بحرفي الحديد ذكره أمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف "يضاعفا" الواقع في سورة "النساء" ، وهو: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} ٤، ثم أخبر أن ما سوى الذي في "النساء" من أفعال المضاعف جاء معه، أي: مع الذي في النساء بالحذف لأبي عمرو، وسوى الذي في النساء كالذي في البقرة: {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة} ٥، {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} ٦، وهو متعدد فيها وفيما بعدها نحو: يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٣. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٢. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٢. ٤ سورة النساء: ٤/ ٤٠. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٥. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٦١. كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ ١، {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} ٢، {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْن} ٣، في الأحزاب: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} ٤، وغير ذلك، ثم استدرك الخلاف لأبي عمرو في ثلاثة ألفاظ: الأول منها في "البقرة" وهو الممثل به أولا، واحترز بالأول عن الثاني فيها الممثل به ثانيًا. الثاني والثالث في سورة "الحديد" : {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} ٥، {يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيم} ٦، وقد قرأه ابن كثير وابن عامر بحذف الألف، وتشديد العين حيث وقع. واعلم: أنه لا يدخل في قوله "سواه" الاسم من المضاعفة بدليل ذكر الناظم له في الترجمة التي بعد هذه، ولذا بينا قوله "سواه" بخصوص أفعال المضاعفة، وأما "أضعافا" ، فلا مدخل له هنا من باب أولى؛ لأن الألف فيه بعد العين لا بعد الضاد، وسيأتي ما به العمل في شرح البيتين بعد. وقول "معه" بسكون العين، وقوله "جائي" اسم فاعل من جاء الماضي. ثم قال: ولأبي داود جاء حيثما ... إلا يضاعفها كما تقدما وفي العقيلة على الإطلاق ... فليس لفظ منه باتفاق أخبر في البيت الأول بأن الخلاف جاء لأبي داود في حذف ألف فعل المضاعفة حيثما وقع، إلا ألف "يضاعفها" الواقع في "النساء" ، فإنه محذوف له من غير خلاف كما تقدم قريبا. ثم أخبر في البيت الثاني بأن الخلاف جاء في "العقيلة" في فعل المضاعفة على وجه الإطلاق، ثم كمل البيت بما يؤكد معنى الإطلاق فقال، "فليس لفظ منه" ، أي: من ١ سورة هود: ١١/ ٢٠. ٢ سورة الفرقان: ٢٥/ ٦٩. ٣ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٠. ٤ سورة التغابن: ٦٤/ ١٧. ٥ سورة الحديد: ٥٧/ ١١. ٦ سورة الحديد: ٥٧/ ١٨. فعل المضاعفة في "العقيلة" مصحوبا باتفاق على حذفه، وأشار بهذا إلى قوله فيها: "يضاعف الخلف فيه كيف جاء" ، وهو من زيادات "العقيلة" على "المقنع" . واعلم: أن ما نسبه الناظم في البيت الأول من الخلاف لأبي داود وهم فيه؛ لأن أبا داود لم يذكر في "التنزيل" جميع أفعال المضاعفة إلا الحذف، وحكى إجماع المصاحف عليه، وبالحذف في جميع أفعال المضاعفة حيث وقعت جرى عملنا. وقوله: "لأبي داود" متعلق بـ "جاء" ، وفاعله ضمير مستتر عائد إلى الخلف و "وحيثما" شرط فعله محذوف، تقدير وقع. وقوله: "في العقيلة" متعلق بـ "جاء" محذوف لدلالة ما قبله عليه، وفاعله ضمير الخلف، و "على الإطلاق" حال من فاعل و "على" بمعنى "مع" . ثم قال: من آل عمران إلى الأعراف ... على وفاق جاء أو خلاف أي: هذا باب حذف الألفات مبتدئا من كلمات سورة "آل عمران" ، منتهيا إلى سورة "الأعراف" . والمراد بالوفاق هنا والخلاف وفاق المصاحف وخلافها، وهذه الترجمة الثالثة من تراجم الحذف الست، وأكثر ألفاظ هذه الترجمة، والتراجم الثلاث بعدها غيره تعدد، والمتعدد منها أقل وقوعا في القرآن بخلاف الترجمتين السابقتين فإن أكثر ألفاظهما متعددة مطرد الحذف، وأكثر وقوعا. و "على" في قوله "على وفاق" بمعنى "مع" ، وهي مع مجرورها حال من ضمير "جاء" العائد على الحذف. ثم قال: والحذف في المقنع في ضعافا ... وعن أبي داود جا أضعافا أخبر في الشطر الأول عن أبي عمرو في "المقنع" بحذف ألف "ضعافا" في "النساء" : {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا} ١. ١ سورة النساء: ٤/ ٩. ثم أخبر في الشطر الثاني عن أبي داود بحذف ألف "أضعافا" في "آل عمران" : {لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافًا} ١، ولاعمل عندنا على حذف ألف "ضعافا" و "أضعافا" المذكورين. وأما: "أضعافا كثيرة" الواقع في "البقرة" ، فلا مدخل له هنا وقد نص أبو داود على ثبت ألفه وبه العمل. وقوله: "جا أضعافا" يقرأ بهمزة واحدة على إحدى اللغات في اجتماع الهمزتين من كلمتين للوزن. "حكم الحذف في بعض الكلمات" : ثم قال: يصالحا أفواههم ورضوان ... وعنهما مراغما وسلطان أخبر في الشطر الأول عن أبي داود بحذف ألف "يصالحا" و "أفواهم" و "رضوان" . أما "يصالحا" ففي "النساء" : {فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا} ٢، وقد قرأه الكوفيون بضم الياء، وإسكان الصاد وكسر اللام من غير ألف. وأما "أفواههم" ففي "آل عمران" : {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِم} ٣، وهو متعدد، واحترز بالإضافة إلى ضمير الغيبة عن غير نحو: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْم} ٤، فإنه ثابت. وأما "رضوان" ففي "آل عمران" : {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} ٥، وهو متعدد في الترجمة وفيما بعدها ومنوع نحو: {رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} ٦، والعمل عندنا على الحذف في الألفاظ الثلاثة كما لأبي داود، ثم أخبر الناظم في الشطر الثاني عن الشيخين بحذف ألف "مراغما" و "سلطان" . ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٣٠. ٢ سورة النساء: ٤/ ١٢٨. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٦٧. ٤ سورة النور: ٢٤/ ١٥. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٥. ٦ سورة المائدة: ٥/ ١٦. أما "مراغما" ففي "النساء" : {يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا} ١. وأما "سلطان" ففي "آل عمران" : {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} ٢، وهو متعدد في الترجمة وفيما بعدها ومنوع نحو: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} ٣، ونحو: {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه} ٤. وقوله: "يصالحا" واللفظان بعده عطف على: "أضعافا" بحذف العاطف في الأولين وقوله: "مراغما" على حذف مضافين، أي: وعنهما ألف "مراغما" . ثم قال: مباركه ومقنع تباركا ... مبارك وابن نجاح باركا وعنه من صاد أتى مبارك ... ثم من الرحمن قل تبارك وجاء عنهما بلا مخالفه ... في لفظ باركنا وفي مضاعفه ذكر في هذه الأبيات خمسة ألفاظ مشتقة من لفظ البركة، وهي: "مباركة" ، و "تبارك" ، و "مبارك" ، و "بارك" ، و "باركنا" ، ولفظا سادسا وهو: "مضاعفة" ، فأخبر عن الشيخين بحذف ألف "مباركة" ، وعن أبي عمرو في "المقنع" بحذف ألف: "تبارك" ، و "مبارك" ، وعن أبي داود بحذف ألف: "تبارك" حال كونه واقعًا من صاد إلى آخر القرآن، وبحذف ألف: "تبارك" حال كونه واقعا من "الرحمن" في آخر القرآن. ثم أخبر عن الشيخين بحذف ألف "باركنا" ، و "مضاعفة" . أما "مباركة" المحذوف للشيخين في "النور" : {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَة} ٥. وفي "القصص" : {فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَة} ٦، وهو ومتعدد ومنوع كما مثل وأما "تبارك" المحذوف لأبي عمرو فقد وقع في تسعة مواضع وهي: - {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} ٧ في "الأعراف" . - {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين} ٨ في "قد أفلح" . ١ سورة النساء: ٤/ ١٠٠. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٥١. ٣ سورة النحل: ١٦/ ١٠٠. ٤ سورة الحاقة: ٦٩/ ٢٩. ٥ سورة النور: ٢٤/ ٣٥. ٦ سورة القصص: ٢٨/ ٣٠. ٧ سورة الأعراف: ٧/ ٥٤. ٨ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١٤. - {فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} ١ في "غافر" . - {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} ٢ في الزخرف. - {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِه} ٣، {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِك} ٤. - {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجا} ٥، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّك} ٦ في "الرحمن" . - {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك} ٧. وأما "مبارك" المحذوف لأبي عمرو أيضًا ففي "آل عمران" {لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكا} ٨، وهو متعدد. أما "بارك" المحذوف لأبي داود ففي "فصلت" : {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} ٩، وأما "مبارك" من سورة "ص" المحذوف له ففيها {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَك} ١٠. وفي: "ق" : {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكا} ١١. وأما "تبارك" من سورة "الرحمن" المحذوف له أيضًا ففيها: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّك} ١٢. وفي "الملك" : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك} ١٣. وأما "باركنا" المحذوف للشيخين في "الإسراء" : {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} ١٤، وهو متعدد. وأما "مضاعفة" ، ففي "آل عمران" : {لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} ١٥ فتخلص من كلام الناظم في ألفاظ البركة أن أبا عمرو حذف ألف جميعها إلا "بارك" ، وأن أبا داود حذف منها ثلاثة مطلقًا وهي: "مباركة" و "بارك" ، و "باركنا" ، وحذف اثنين بقيد وهما: "مبارك" من "ص" ، و "تبارك" من "الرحمن" ، والعمل عندنا على الحذف في جميع ألفاظ البركة حيث وقعت. ١ سورة غافر: ٤٠/ ٥٤. ٢ سورة الزخرف: ٤٣/ ٨٥. ٣ سورة الفرقان: ٢٥/ ١. ٤ سورة الفرقان: ٢٥/ ١٠. ٥ سورة الفرقان: ٢٥/ ٦١. ٦ سورة الرحمن: ٥٥/ ٧٨. ٧ سورة الملك: ٦٧/ ١. ٨ سورة آل عمران: ٣/ ٩٦. ٩ سورة فصلت: ٤١/ ١٠. ١٠ سورة ص: ٣٨/ ٢٩. ١١ سورة ق: ٥٠/ ٩. ١٢ سورة الرحمن: ٥٥/ ٧٨. ١٣ سورة الملك: ٦٧/ ١. ١٤ سورة الإسراء: ١٧/ ١. ١٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٣٠. وقوله "مباركة" عطف على: "مراغما" بتقدير العاطف أبدل تاءه هاء، وسكنها إجراء للوصل مجرى الوقف للوزن. ثم قال: وفي ثمانين ثماني معًا ... وفي ثمانية أيضًا جمعا أخبر عن الشيخين بحذف الألف "ثمانين" و "ثماني" و "ثمانية" ، أما "ثمانين" ففي "النور" : {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةْ} ١، وهو من الملحق بالجمع المذكر السالم، وقد قدمنا وجه تأخيره إلى هنا. وأما "ثماني" ففي "القصص" : {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَج} ٢. وأما "ثمانية" ففي "الأنعام" : {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْن} ٣ وفي "الزمر" وفي "الحاقة" في موضعين منها. وقوله: وفي "ثمانين" عطف على لفظ "باركنا" ، وكذا اللفظان بعد "ومعا" حال من "ثمانين" ، و "ثماني" . وقوله "جمعا" بضم الجيم وفتح الميم توكيد لـ "ثمانية" وألفه للإطلاق. ثم قال: ولأبي داود والقناطير ... أعقابكم بالغة أساطير أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "القناطير" ، و "أعقابكم" ، و "بالغة" ، و "أساطير" أما "القناطير" ففي "آل عمران" : {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَة} ٤ لا غير. وأما "أعقابكم" ففيها أيضًا: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} ٥، {إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُم} ٦. واحترز بالمضاف إلى ضمير جماعة المخاطبين من غيره نحو: {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا} ٧ فإن ثبت. ١ سورة النور: ٢٤/ ٤. ٢ سورة القصص: ٢٨/ ٢٧. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٣. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ١٤. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٤. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٩. ٧ سورة الأنعام: ٦/ ٧١. وأما "بالغة" ففي "الأنعام" : {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَة} ١، ونحو: {حِكْمَةٌ بَالِغَة} ٢ في القمر، وهو متعدد بعد الترجمة، ومنوع كما مثل. وأما "أساطير" ففي "الأنعام" : {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِين} ٣ وهو متعدد، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في الألفاظ الأربعة. ثم قال: والفعل من نزاع أو تنازع ... أو الجدال قل بلا منازع أخبر عن أبي داود بحذف ألف: الفعل المشتق من النزاع، والمشتق من التنازع والمشتق من الجدال. فأما الأول ففي "الحج" : {فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْر} ٤. وأما الثاني ففي "النساء" : {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء} ٥، وهو متعدد نحو: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} ٦ {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا} ٧. وأما الثالث ففي "النساء" أيضًا: {وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُم} ٨ {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ} ٩ ونحو: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن} ١٠، وهو متعدد والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في جميع الأفعال المذكورة. وقول الناظم: "والفعل من نزاع أو تنازع" ، بيان للواقع إذ لم يقع في القرآن اسم من النزع ولا من التنازع. وأما الجدال فقد وقع الاسم منه في سورة "البقرة" ، وألفه ثابتة وهو خارج عن الترجمة وقع في سورة "هود" ، وسيأتي حذفه لأبي داود، قوله: و "الفعل" عطف على "القناطير" . ثم قال: فاحشة وعنهما أكابرا ... ومثله في الموضعين طائرا ١ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٩. ٢ سورة القمر: ٥٤/ ٥. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ٢٥. ٤ سورة الحج: ٢٢/ ٦٧. ٥ سورة النساء: ٤/ ٥٩. ٦ سورة الأنفال: ٨/ ٤٦. ٧ سورة الطور: ٥٢/ ٢٣. ٨ سورة النساء: ٤/ ١٠٧. ٩ سورة النساء: ٤/ ١٠٩. ١٠ سورة النحل: ١٦/ ١٢٥. أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "فاحشة" ، وعن الشيخين بحذف ألف "أكابر" ، وألف "طائرا" المنصوب المنون في الموضعين. أما "فاحشة" ففي "النساء" : {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَة} ١، ومثله في "الإسراء" ١٧/ ٣٢، وفي "الأعراف" ٧/ ٢٨، {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة} ٢، وهو متعدد ومنوع كما مثل. وأما "أكابر" في "الأنعام" : {وكَذلِكَ جَعَلْنَا في كُلَّ قَرْيَةٍ أكَبِرَ مُجْرِمِيهَا} ٣ لا غير. وأما "طائرا" في الموضعين ففي "آل عمران" : {فيَكُونُ طَائِرًا بإذْنِ اللهِ} ٤. وفي العقود: {فَتَكُونُ طائِرًا بإِذْنِيِ} ٥ وقد قرأه غير نافع بياء ساكنة بين الطاء، والراء من غير ألف في الموضعين. والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في لفظ "فاحشة" حيث وقع، وكيف وقع. وقوله: "فاحشة" بالرفع عطف على "والقناطير" بحذف العاطف. ثم قال: كذا ولا طائر أيضا جاء ... وإنما طائرهم سواء وقال طائركم في النمل ... وقبل في الإسرا تمام الكل أخبر عن الشيخين بحذف ألف "طائر" في أربعة مواضع، زيادة على الموضعين المتقدمين، وهي: و "لا طائر" ، و "إنما طائرهم" ، و "قال: طائركم" في "النحل" ، و "طائره" في "الإسراء" . فأما و "لا طائر" ففي "الأنعام" : {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} ٦. وأما "إنما طائرهم" ففي "الأعراف" : {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّه} ٧. وأما قال "طائركم" في "النمل" فهو: {قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُون} ٨. ١ سورة النساء: ٤/ ٢٢، الإسراء: ١٧/ ٣٢، والأعراف: ٧/ ٢٨. ٢ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٢٨. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ١٢٣. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ٤٩. ٥ سورة المائدة: ٥/ ١١٠. ٦ سورة الأنعام: ٦/ ٣٨. ٧ سورة الأعراف: ٧/ ١٣١. ٨ سورة النمل: ٢٧/ ٤٧. وأما الواقع في "الإسراء" فهو: {وكلَّ إنسنٍ ألزَمْناهُ طائرَةُ في عُنُقِهِ} ١. واحترز بالقيود المذكورة من الواقع في سورة "يس" ، وسيأتي ما به العمل، فيه عند قوله: "وستة الألفاظ في التنزيل" . وإسم الإشارة في قوله: "كذا" يعود على: طائرا في البيت قبله. وقوله: "قبل" مبني على الضم لقطعه عن المضاف إليه، وهو هنا ضمير "طائركم" ، وقوله: "تمام" بمعنى متمم مضاف إلى الكل و "أل" في الكل خلف عن ألفاظ طائر. ثم قال: إلا إناثًا ورباع الأولا ... كذا قياما في العقود نقلا أخبر عن الشيخين بحذف ألف "إناثًا" المقترن بـ "إلا" ، وحذف ألف "رباع" الأول، وقيامًا الواقع في "العقود" . أما "إناثا" ففي "النساء" : {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثا} ٢، واحترز بقيد "إلا" عن الخالي عنه نحو ما في "الإسراء" : {وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثا} ٣، وهذا المحترز عنه متعدد. وأما "رباع" الأول في "النساء" : {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاع} ٤، واحترز بقوله: الأول عن الواقع في "فاطر" . وأما "قيام" في "العقود" فهو: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاس} ٥، واحترز بقوله: في "العقود" عن الواقع في غيرها نحو ما في "آل عمران" : {قِيَاماً وَقُعُودا} ٦ وفي "النساء" نحوه، وهو متعدد وسيأتي ما به العمل في هاته المحترزات عند قوله: "وستة الألفاظ في التنزيل" . والألف في قوله "نقلا" ألف الاثنين يعود على الشيخين. ١ سورة الإسراء: ١٧/ ١٣. ٢ سورة النساء: ٤/ ١١٧. ٣ سورة الإسراء: ١٧/ ٤٠. ٤ سورة النساء: ٤/ ٣. ٥ سورة المائدة: ٥/ ٩٧. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ١٩١. ثم قال: وبالغ الكعبة قل والأنبياء ... فيها يسارعون أيضا رويا أخبر عن الشيخين، بحذف ألف: "بالغ الكعبة" و "يسارعون" في "الأنبياء" . أما "بالغ الكعبة" ففي "العقود" : {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَة} ١، واحترز بإضافة: "بالغ" إلى: "الكعبة" عن غيره، وهو ما كان مضافا إلى غير الكعبة نحو: {وَمَا هُوَ بِبَالِغِه} ٢ في "الرعد" أو مجردا عن الإضافة نحو: {إنَّ اللهَ بلِغُ أمْرَهُ} ٣ في "الطلاق" ، وهذا المحترز عنه متعدد ومنوع كما مثل. وأما: "يسارعون" في "الأنبياء" فهو: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} ٤ واحترز بقوله في الأنبياء عن: "يسارعون" ، الواقع في غيرها نحو ما في "آل عمران" : {وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} ٥، {وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر} ٦، وهو متعدد أيضًا وسيأتي في شرح البيت بعد ما به العمل في هذه المحترزات. وقوله: و {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} يقرأ بفتح الغين على الحكاية، والألف في قوله: رويا، ألف الاثنين يعود على الشيخين. ثم قال: وستة الألفاظ في التنزيل ... محذوفة من غير ما تفصيل أخبر عن أبي داود في: التنزيل، بحذف ألف الألفاظ الستة المتقدمة من قوله: و "مثله" ، في الموضعين: طائر، إلى هنا وهي: "طائر" ، منصوبا وغير منصوب، و: "إناثا" ، و: "رباع" ، و: "قياما" ، و: "بالغ" ، و: "يسارعون" . وقوله: "من غير ما تفصيل" ، يعني من غير تفرقة بين لفظ: "طائر" ، الواقع في السور المتقدمة، وليس لفظ: "طائر" ، الواقع في سورة "يس" ، ومن غير تفرقة بين لفظ: "إناثا" ، و: "رباع" ، الواقعين في السورة المتقدمة، وبين ما وقع في غيرها، ومن غير تفرقة بين: "قياما" ، الواقع في: "العقود" ، وبين الواقع في غيرها لكن بقيد أن يكون منصوبًا منونًا. ١ سورة المائدة: ٥/ ٩٥. ٢ سورة الرعد: ١٣/ ١٤. ٣ سورة الطلاق: ٦٥/ ٣. ٤ سورة الأنبياء: ٢١/ ٩٠. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١١٤. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ١٧٦. وأما المرفوع والمحفوض نحو: {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُون} ١ {فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَام} ٢، فلم يحذف أبو داود واحدا منهما، والعمل عندنا على إثباتهما، ومن غير تفرقة بين: "بالغ" ، المتقدم، وهو: "بالغ" ، المضاف إلى "الكعبة" و "بالغ" المجرد عن الإضافة نحو: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِه} ٣، ولما كان مراد الناظم بغير المضاف إلى الكعبة غيرا خاصًا لم يكتف بهذا البيت عن ذكر المؤنث والمجموع بلا نص على كل واحد بالتعيين، ومن غير تفرقة بين: "يسرعون" ، المتقدم، وهو الواقع في "الأنبياء" ، وبين غيره وهو: "يسارعون" ، الواقع في غير "الأنبياء" . وأما: {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُم} ٤ فألفه ثابتة، ولا يدخل في كلامه لما قررنا من أن المراد غير خاص، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في الألفاظ الستة من غير تفصيل، و "ما" في قوله، "من غير ما تفصيل" زائدة. ثم قال: وعنهما قاسية وفي الزمر ... وفي فرادى عن سليمان أثر أخبرا عن الشطر الأول عن الشيخين بحذف ألف: "قاسية" ، المنصوب المنون وحذف ألف: "للقاسية" الواقع في "الزمر" . ثم أخبر في الشطر الثاني عن "سليمان" ، وهو أبو داود، بحذف ألف: "فرادى" يعني الألف الأولى منه؛ لأن الألف الثاني سينص عليه في بابه، أما: "قاسية" ، المنصوب المنون، ففي "العقود" : {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَة} ٥، وقد قرأه حمزة والكسائي بتشديد الياء من غير ألف. وأما الواقع في "الزمر" : {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} ٦، واحترز بتنوين المنصوب في الأول، وبالسورة في الثاني من الخالي عن القيدين وهو: {وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم} ٧ في "الحج" ، فإن ألفه ثابتة. ١ سورة الزمر: ٣٩/ ٦٨. ٢ سورة الذاريات: ٥١/ ٤٥. ٣ سورة الطلاق: ٦٥/ ٣. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ١٣٣. ٥ سورة المائدة: ٥/ ١٣. ٦ سورة الزمر: ٣٩/ ٢٢. ٧ سورة الحج: ٢٢/ ٥٣. وأما "فرادى" في "الأنعام" : {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى} ١، وفي "سبإ" {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} ٢ لا غير، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف ألف "فرادى" في السورتين. وقوله: وفي "الزمر" عطف على صفة محذوفة مفهومة من لفظ "قاسية" ، والتقدير وحذف ألف "قاسية" المنصوب المنون، والواقع في الزمر كائن عنهما. وقوله: "أثر" مبني للنائب بمعنى روى وضمير للحذف. ثم قال: ربائب كفارة يواري ... ميراث الأنعام مع أواري أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "ربائب" ، و "كفارة" ، و "يواري" ، و "ميراث" و "الأنعام" ، و "أواري" . أما "ربائب" ففي "النساء" : {وربَائبكُمُ التي في حُجُورِكُم} ٣ لا غيره. وأما "كفارة" ، فنحو: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِين} ٤ {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُم} ٥/ ٨٩، {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِين} ٥ في "العقود" ، وكان من حق الناظم أن يستثني لأبي داود: {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه} ٦ الواقع أولا في "العقود" ؛ لأن أبا داود ذكر ألفاظ: "كفارة" ، كلها وسكت عنه، وقد أطلق صاحب "المنصف" الحذف في لفظ: "كفارة" كالناظم هنا، وفي "عمدة البيان" . وأما "يوارى" ففي "العقود" : {لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيه} ٧، وفي "الأعراف" : {يُوارِي سوْءاتكُمْ ورِيشًا} ٨. وأما "ميراث" ففي "آل عمران" : {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ٩، ومثله في "الحديد" ٥٧/ ١٠. ١ سورة الأنعام: ٦/ ٩٤. ٢ سورة سبأ: ٣٤/ ٤٦. ٣ سورة النساء: ٤/ ٢٣. ٤ سورة المائدة: ٥/ ٨٩. ٥ سورة المائدة: ٥/ ٩٥. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٤٥. ٧ سورة الأعراف: ٧/ ٢٦. ٨ سورة الأعراف: ٧/ ٢٦. ٩ سورة آل عمران: ٣/ ١٨٠، سورة الحديد: ٥٧/ ١٠. وأما "الأنعام" فنحو: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامْ} ١ {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَام} ٢ {مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُم} ٣، هو متعدد ومنوع كما مثل. وأما "أواري" ففي "العقود" : {فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} ٤، والعمل عندنا على الحذف في جميع هذه الألفاظ المذكورة في هذا البيت حيث وقعت إلا "كفارة" من: {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه} ٥ في "العقود" ، فالعمل عندنا على ثبته. وسكت الناظم عن لفظ "أرحام" من قوله تعالى: {أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْن} ٦ في "الأنعام" ، ومن قوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض} ٧ في الأنفال؛ لأن أبا داود ضعف فيهما الحذف، كما قيل، واختار الإثبات وعلى ما اختاره العمل عندنا. وأما غير هذين من لفظ: "أرحام" ، فهو ثابت باتفاق نحو: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} ٨ في "النساء" {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَاد} ٩ في الرعد، {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَام} ١٠ في "لقمان" . وقوله "ربائب" ، والألفاظ الأربعة بعده عطف على "فرادى" في البيت السابق بحذف العاطف. ثم قال: أثابكم أثابهم وواسعه ... كذا الموالي كيف جاءت تابعه أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أثابكم" ، و "أثابهم" ، و "واسعة" ، و "الموالي" ، كيف وقعت. أما "أثابكم" ففي "آل عمران" : {فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَم} ١١. وأما "أثابهم" ففي "العقود" : {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا} ١٢. ١ سورة النساء: ٤/ ١١٩. ٢ سورة الأنعام: ٦/ ١٣٨. ٣ سورة النازعات: ٧٩/ ٣٣. ٤ سورة المائدة: ٥/ ٣١. ٥ سورة المائدة: ٥/ ٤٥. ٦ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٣. ٧ سورة الأنفال: ٨/ ٧٥. ٨ سورة النساء: ٥/ ١. ٩ سورة الرعد: ١٣/ ٨. ١٠ سورة لقمان: ٣١/ ٣٤. ١١ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٣. ١٢ سورة المائدة: ٥/ ٨٥. وفي "الفتح" : {وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيبا} ١. وأما "واسعة" ففي "النساء" : {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَة} ٢ وهو متعدد في: "الأنعام" و "العنكبوت" ، و "الزمر" . وأما "الموالي" ففي "النساء" : {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي} ٣. وفي "مريم" : {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِي} ٤. وفي "الأحزاب" : {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُم} ٥، وهو متعدد ومنوع كما مثل: وإلى تنوعه دون ما معه في البيت أشار بقوله: كيف جاءت، فالضمير المستتر فيقوله "جاءت" يعود على "الموالي" ، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في هذه الأربعة حيث وقعت. وقوله: "أثابكم" واللفظان بعده عطف على "أواري" أو على ما قبله. ثم قال: ثم أحباؤه ثم عاقبه ... وأتحاجوني كذا وصاحبه ثم أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أحباؤه" ، و "عاقبة" ، و "أتحاجوني" و "صاحبة" . أما أحباؤه ففي العقود: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} ٦ لا غير. وأما "عاقبة" فنحو: {مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} ٧ في "الأنعام" ، ومثله في "القصص" : {الْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} ٨ في "طه" . {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ} ٩ في "الحشر" ، وهو متعدد ومنوع كما مثل. وأما "أتحاجوني" ففي "الأنعام" : {قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ} ١٠ لا غير، وبقي على الناظم من هذه المادة "حاججتم" . ١ سورة الفتح: ٤٨/ ١٨. ٢ سورة النساء: ٤/ ٩٧. ٣ سورة النساء: ٤/ ٣٣. ٤ سورة مريم: ١٩/ ٥. ٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥. ٦ سورة المائدة: ٥/ ١٨. ٧ سورة الأنعام: ٦/ ١٣٥. ٨ سورة طه: ٢٠/ ١٣٢. ٩ سورة الحشر: ٥٩/ ١٧. ١٠ سورة الأنعام: ٦/ ٨٠. ثم قال: جهالة مع الفواحش وفي ... حرفي الابكار وقل في المنصف عداوة وغير الأولى وارد ... لابن نجاح ومعا مقاعد أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "جهالة" ، و "الفواحش" ، وكلمتي "الابكار" . أما "جهالة" ففي "النساء" : {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} ١. وفي "الأنعام" : {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} ٢. وبقي على الناظم من هذه المادة "الجاهلية" في "آل عمران" : {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} ٣، وتعدد في "العقود" ، و "الأحزاب" ، و "الفتح" ، وقد ذكر في التنزيل الأول والثالث، بالحذف وسكت عن الثاني، والرابع، وقد أطلق الناظم في "عمدة البيان" حذف "الجاهلية" كصاحب المنصف والعمل عندنا على حذفه مطلقا. وأما "الفواحش" ففي "الأنعام" : {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِش} ٤. وفي "الأعراف" : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} ٥ وهو متعدد. وأما كلمتا "الإبكار" ففي "آل عمران" : {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} ٦. وفي "غافر" : {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإبْكَارِ} ٧، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في لفظي "الجهالة" ، و "الفواحش" ، و "كلمتي الإبكار" . ثم أمر الناظم بالإخبار عن صاحب "المنصف" بحذف ألف: "عداوة" مطلقا وعن ابن نجاح، وهو أبو داود بحذف ألف ما عدا الكلمة الأولى من "عداوة" ، وبحذف ألف "مقاعد" معا. أما "عداوة" الأولى المختص بحذفها صاحب المنصف ففي "المائدة" : {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ} ٨. ١ سورة النساء: ٤/ ١٧. ٢ سورة الأنعام: ٦/ ٥٤. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٤. ٤ سورة الأنعام: ٦/ ١٥١. ٥ سورة الأعراف: ٧/ ٣٣. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٤١. ٧ سورة غافر: ٤٠/ ٥٥. ٨ سورة المائدة: ٥/ ١٤. وأما غير الأولى ففيها أيضا: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ} ١ {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً} ٢، وهو متعدد ومنوع كما مثل. وأما "مقاعد" معا ففي "آل عمران" : {تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} ٣. وفي "الجن" : {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} ٤، والعمل عندنا على الحذف في: "عداوة" ، مطلقا، وفي "مقاعد" في الموضعين. وقوله "جهالة" عطف على "أتحاجوني" ، وقوله: وفي "حرفي الإبكار" متعلق بفعل محذوف بفعل محذوف تقريره حذفت، وأطلق الحرف على الكلمة تسمية للكل باسم جزئه. ثم قال: ثم تراضيتم وأثارهم ... وهم على أثارهم كلهم أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "تراضيتم" ، و "أثارهم" ، يعنى بالألف الثاني منه، وعن جميع شيوخ النقل بحذف ألف: "أثارهم" ، المقترن: بـ "هم على" . أما "تراضيتم" ففي "النساء" : {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ} ٥. وأما "أثارهم" ففي "العقود" : {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ} ٦. وفي "يس" : {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} ٧. والمخفوض منه متعدد. وأما "هم على آثارهم" المحذوف للجميع ففي "الصافات" : {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} ٨. وحذف الناظم الفاء من "فهم" لضيق النظم، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في: "تراضيتم" ، و "آثارهم" منصوبا، ومخفوضا، حيث وقع. ١ سورة المائدة: ٥/ ٦٤. ٢ سورة المائدة: ٥/ ٨٢. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٢١. ٤ سورة الجن: ٧٢/ ٩. ٥ سورة النساء: ٤/ ٢٤. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٤٦. ٧ سورة يس: ٣٦/ ١٢. ٨ سورة الصافات: ٣٧/ ٧٠. وقوله: "تراضيهم" عطف على ما قبل، وقوله "كلم" : مبتدأ خبره فعل مقدر مع فاعله، وقوله "هم على آثارهم" مفعول لذلك الفعل المقدر، والتقدير: وكلهم حذف ألف: "هم على آثارهم" . ثم قال: كذا تعالى عاقدت والخلف ... لدى أريت وأريتم عرف أخبر عن شيوخ النقل كلهم حسبما اقتضاه التشبيه بحذف ألف "تعالى" يعني الأولى، وألف: "عاقدت" ، وبالخلاف بين المصاحف في حذف ألف: "أرأيت" ، وأرأيتم "." أما "تعالى" ففي "الأنعام" : {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُون} ١. وفي "النحل" : {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون} ٢، وهو متعدد ولا يخفى أنه لا يندرج فيه: "تعالوا" ، ولا "تعالين" ، وألفهما ثابتة. وأما "عاقدت" ففي "النساء" : {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} ٣، وقد قرأه الكوفيون بحذف الألف. وأما "أرأيت" ففي "الأنعام" : {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ} ٤، في موضعين. وفي "الإسراء" : {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} ٥، ٦. وفي "العلق" : {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى، عَبْدًا إِذَا صَلَّى، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ} ٧. وفي "مريم" : {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا} ٨، وهو متعدد، ومنوع، كما مثل، واندرج في: "أرأيت" ، "آرأيتك" ، و "أرأيتكم" ، و "أفرأيت" ، لما تقدم في اصطلاحه. وأما "أرأيتم" ففي "الأنعام" : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ} ٩. وفي "النجم" : {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} ١٠، وهو متعدد ومنوع كما مثل واندرج في: "أرأيتم" ، "أفرأيتم" ، كما ذكرنا، وإنما ذكر الناظم: "أرأيتم" مع "أرأيت" لمخالفته له ١ سورة الأنعام: ٦/ ١٠٠. ٢ سورة النحل: ١٦/ ١. ٣ سورة النساء: ٤/ ٣٣. ٤ سورة الأنعام: "٦/ ٤٠." ٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٦٢. ٦ عند الشارح أن الآية في سورة طه، وهو خطأ. ٧ سورة العلق: ٩٦/ ٩. ٨ سورة مريم: ١٩/ ٧٧. ٩ سورة الأنعام: ٦/ ٤٦. ١٠ سورة النجم: ٥٣/ ١٩. بضم التاء واحترز بـ "أرأيت" ، و "أرأيتم" المجاور كل منهما لهمزة الاستفهام عن الخالي عنها نحو: {وَإِذَا رَأَيْتَ} ١، وقد قرأ نافع: "أرأيت" ، و "أرأيتم" ، وما اندرج فيما بتسهيل الهمزة المتوسطة بين بين. وروى عن ورش أيضا إبدالها ألفا، وقرأ الكسائي بحذفها، والباقون من السبعة بتحقيقها، وكلام الناظم على حذف الألف في: "أرأيت" و "أريتم" ، إنما هو باعتبار قراءتهما بألف بين الراء والياء، وهي إحدى الروايتين المتقدمتين عن ورش، ويلزم من حذف الألف في هذه الرواية عنه حذف صورة الهمزة في الرواية الأخرى عنه، وفي رواية من همز وجها واحدا: كقالون ضرورة أن الألف عند من قرأ بها مبدلة من الهمزة، فيلزم من حذف الألف لمن أبدل حذف صورة الهمزة لغيره، والعمل عندنا على حذف ألف: أرأيت، وأرأيتم، وما اندرج فيهما في جميع القرآن. واسم الإشارة في قوله: "كذا" يعود على "هم، على آثارهم" في البيت قبل، وهو المشبه به، وقوله "لدى" بمعنى "في" ، وأتى: بـ "أرأيت" و "أرأيتم" ، من غير ألف بين الراء، والياء على قراءة الكسائي لعدم اجتماع الساكنين في حشو الزجر، وقوله: "عرف" بضم العين مصدر بمعنى معروف خبر عن الخلف. ١ سورة الإنسان: ٧٦/ ٢٠. اختلاف القراء بين الحذف، والإثبات في بعض الكلمات: ثم قال: وجاعل الليل وأولى فالق ... وحذف حسبانا ولفظ خالق بمنصف ... أخبر في الشطر الأول عن شيوخ النقل بالخلاف في حذف ألف: "جاعل الليل" ، والكلمة الأولى من "فالق" . أما "جاعل الليل" ففي "الأنعام" : {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} ١، وقد قرأه الكوفيون بفتح العين واللام من غير ألف، وبنصب اللام من الليل، واحترز بـ "جاعل" المجاور "لليل" عما في "آل عمران" : {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ} ٢. ١ سورة الأنعام: ٦/ ٩٦. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ٥٥. وعما في "فاطر" : {جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا} ١، فإنهما ثابان من غير خلاف. وأما: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة} ٢، في "البقرة" فخارج عن الترجمة لتقدمع عليها، وهو ثابت أيضا. وأما الكلمة الأولى من "فالق" ففي "الأنعام" : {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} ٣. واحترز بقوله "أولى فالق" عن الكلمة الثانية فيها وهي: "فالق الإصباح" ، فإن الخلاف فيها خاص بأبي داود، كما سينص عليه، واستحب أبو داود حذف الألف في "جاعل الليل" ، وبالحذف فيه وفي "فالق الحب" جرى عملنا. ثم أخبر الناظم بوقوع حذف ألف: "حسبانا" المنصوب المنون، وحذف ألف لفظ "خالق" في المنصف. أما "حسبانا" ففي "الأنعام" : {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} ٤. وفي "الكهف" : {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاء} ٥. وخرج بـ "حسبانا" المنصوب المنون ما وقع في "الرحمن" ، وهو: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَان} ٦، فإن ألفه ثابتة. ووزن حسبان فعلان، وسيأتي للنظام ثبت فعلان لأبي عمرو. وأما "خالق" ففي "الأنعام" : {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْء} ٧. وفي "فاطر" : {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّه} ٨. وفي "الحشر" : {الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّر} ٩، وهذا اللفظ متعدد ومنوع. كما مثل، وكان حق الناظم أن يذكر لأبي داود حذف ألف: "خالق" الواقع في "الحشر" ؛ لأنه نص في "التنزيل" عليه، ووزن: "خالق" ، فاعل وسيأتي للنظام ثبت فاعل لأبي عمرو، والعمل عندنا على الحذف في: "حسبانا" المنصوب المنون، وفي لفظ "خالق" حيث وقع، وقوله: ١ سورة فاطر: ٣٥/ ١. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٣٠. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ٩٥. ٤ سورة الأنعام: ٦/ ٩٦. ٥ سورة الكهف: ١٨/ ٤٠. ٦ سورة الرحمن: ٥٥/ ٥. ٧ سورة الأنعام: ٦/ ١٠٢. ٨ سورة فاطر: ٣٥/ ٣. ٩ سورة الحشر: ٥٩/ ٢٤. "جاعل الليل" عطف على "أرأيت" ، و "أولى" عطف على "جاعل الليل" ، ولفظ: "خالق" بالخفض عطف على: "حسبانا" ، والباء في بمنصف بمعنى "في" . ثم قال: . . . . . . . . . . . وعامل والإنسان ... قد ضمنا التنزيل قل والبهتان أخبر عن أبي داود بحذف ألف "عامل" ، و "الإنسان" و "البهتان" . أما "عامل" ففي "آل عمران" : {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِل} ١. وفي "هود" : {إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} ٢، وهو متعدد. وظاهر إطلاق الناظم يقتضي أن لفظ "عامل" محذوف في "التنزيل" حيث وقع في القرآن، وليس كذلك إذ نص في "التنزيل" على ثبت ألف "عامل" من قوله تعالى: {إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} ٣، في الأنعام وعبارته فيها، وعامل هنا بألف. ا. هـ. وأما الإنسان ففي "النساء" : {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} ٤. وفي "الإسراء" : {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَه} ٥، وهو متعدد ومنوع كما مثل. وأما "البهتان" ففي "النساء" : {أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} ٦. وفيها أيضا: {وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} ٧، وهو متعدد مرفوعا ومنصوبا ومحفوظا، ومنوع، نحو: {وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ} ٨، والعمل عندنا على الحذف في "عامل" حيث وقع إلا "عامل" الواقع في "الأنعام" ، فالعمل عندنا على إثبات ألفه، وعلى الحذف في "الإنسان" ، و "البهتان" حيث وقعا. وقوله "ضمنا" فعل ماض مبني للنائب متعد إلى مفعولين أولهما ألف الاثنين المتصلة به العائدة على لفظ "عامل" ، و "الإنسان" ، وهي نائب الفاعل، وثانيهما قوله: "التنزيل" ، ومعنى ضمن أودع. ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٩٥. ٢ سورة هود: ١١/ ٩٣. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ١٣٥. ٤ سورة النساء: ٤/ ٢٨. ٥ سورة الإسراء: ١٧/ ١٣. ٦ سورة النساء: ٤/ ٢٠. ٧ سورة النساء: ٤/ ١٥٦. ٨ سورة الممتحنة: ٦٠/ ١٢. ثم قال: وجاء خلف فالق الإصباح ... عن الذي يعزى إلى نجاح واحذف سكارى عنه قل والولدان ... وعنهما في الحج جاء الحرفان أخبر في البيت الأول عن أبي داود سليمان المنسوب إلى نجاح والده بالخلاف بين المصاحف في حذف ألف "فالق الإصباح" في سورة "الأنعام" ، وإثباتها واحترز بقيد مجاورة: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} ١، عن الأول وهو: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} ٢، إذ تقدم الكلام عليه ووزن فالق: فاعل وسيأتي للناظم ثبت فاعل لأبي عمرو، لم "يرجح" في التنزيل واحدا من الإثبات، والحذف في {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} ، والعمل عندنا فيه على الإثبات. ثم أمر في الشطر الأول من البيت الثاني بحذف ألف "سكارى" عن أبي داود مطلقا، وألف "الولدان" عنه أيضًا. ثم أخبر في الشطر الأخير عن الشيخين بحذف ألف كلمتي سكارى في الحج، أما سكارى المخصوص حذفه بأبي داود ففي النساء: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ٣. وأما "الولدان" ففي "النساء" أيضًا: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَان} ٤. وفيها أيضا: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَان} ٥. وفي "الواقعة" : {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَان} ٦، وهو متعدد ومنوع كما مثل. وأما "سكارى" في "الحج" المحذوف كلمتاه للشيخين فهو: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} ٧، وقد قرأهما حمزة والكسائي بفتح السين، وإسكان الكاف من غير ألف، ولم يرد لفظ "سكارى" في القرآن إلا في المواضع الثلاثة، والعمل عندنا على الحذف في "سكارى" بالمواضع الثلاثة وفي "الولدان" حيث وقع. ١ سورة الأنعام: ٦/ ٩٦. ٢ سورة الأنعام: ٦/ ٩٥. ٣ سورة النساء: ٤/ ٤٣. ٤ سورةالنساء: ٤/ ٧٥. ٥ سورة النساء: ٤/ ١٢٧. ٦ سورة الواقعة: ٥٦/ ١٧. ٧ سورة الحج: ٢٢/ ٢. ثم قال: وعنه في رضاعة النساء ... ومنصف بالموضعين جائي وعالم الغيب لكل بسببا ... ولسوى الداني سواه نسبا أخبر في البيت الأول عن أبي داود بحذف ألف: "رضاعة" ، الواقع في سورة "النساء" : {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} ١، وعن صاحب "المنصف" بحذف ألف كلمتي: "الرضاعة" في الموضعين وهما الواقع في "النساء" المذكور، والواقع في "البقرة" . وهو: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} ٢، ولم يقع في القرآن لفظ: الرضاعة، إلا في "الموضعين" المذكورين. ثم أخبر في البيت الثاني عن جميع شيوخ النقل بحذف ألف: {عَالِمُ الْغَيْبِ} ٣، الواقع في سورة "سبأ" ، وعن سوى أبي عمرو من شيوخ النقل بحذف ألف غيره من لفظ "عالم" ، أما الواقع في "سبأ" ، فهو: {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} ٤، وقد قرأه حمزة، والكسائي بحذف الألف التي بعد العين وبتشديد اللام وألف بعدها. وأما غيره ففي "الأنعام" : {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} ٥، ومثله في "الرعد" ، و "السجدة" ، و "الحشر" ، و "الجن" ، وكذا في "فاطر" : {إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ٦؛ لأنه من جملة ما يدخل في سوى الواقع في: سبأ. والعمل عندنا على الحذف في لفظ: "الرضاعة" ، بالموضعين وفي لفظ: "عالم" ، حيث وقع، والألف في قوله: "نسبأ" ، ألف الإطلاق. ثم قال: ما جاء من أعرافها لمريما ... عن الجميع أو لبعض رسما أي: هذا باب حذف الألفات الذي ورد عن جميع كتاب المصاحف، أو رسم عن بعض منهم مع مخالفة بعض آخر له مبتدئا من كلمات سورة: "الأعراف" ، منتهيا إلى ١ سورة النساء: ٤/ ٢٣. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٣. ٣ سورة الأنعام، والتوبة، والرعد، والمؤمنون، والسجدة، وفاطر، والزمر، والحشر، والجمعة، والتغابن، والجن. ٤ سورة سبأ: ٣٤/ ٣. ٥ سورة الأنعام: ٦/ ٧٣. ٦ سورة فاطر: ٣٥/ ٣٨. سورة: "مريم" ، وهذه هي الترجمة الرابعة من التراجم الست لحذف الألفات، والضمير في قوله: "أعرافها" يعود على السور والإضافة لأدنى ملابسة، واللام في: "لمريما" ، بمعنى "إلى" و "رسم" معطوف على "جاء" بـ "أو" والبعض متعلق بـ "رسم" ، والأقرب في لام "لبعض" أنها بمعنى "عن" ، والألف في قوله: "لمريما" و "رسما" للإطلاق. ثم قال: والحذف في التنزيل في بياتا ... وفي تشاقون وفي رفاتا وفي تخاطبني وفي دراهم ... وفي استقاموا باخع وعاصم أخبر عن أبي داود بحذف ألف الألفاظ الثمانية المذكورة في البيتين وهي: "بياتا" ، و "تشاقون" ، و "رفاتا" ، و "تخاطبني" ، و "دارهم" ، و "استقاموا" ، و "باخع" ، و "عاصم" . أما "بياتا" ففي صدر "الأعراف" : {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا} ١، وهو أول محذوف في الترجمة مما لم يتقدم، وقد تعدد فيها، وفي "يونس" . وأما "تشاقون" ففي النحل: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ} ٢. وأما رفاتا ففي "الإسراء" : {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا} ٣، في موضعين. وأما "تخاطبني" ، ففي "هود" : {وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} ٤، ومثله في قد "أفلح" . وأما "دراهم" ففي "يوسف" : {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} ٥. وأما "استقاموا" ففي "التوبة" : {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} ٦، وهو متعدد. وأما "باخع" ففي "الكهف" : {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} ٧، ومثله في الشعراء. وأما "عاصم" ، ففي "يونس" : {مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} ٨. ١ سورة الأعراف: ٧/ ٤. ٢ سورة النحل: ١٦/ ٢٧. ٣ سورة الإسراء: ١٧/ ٤٩، ٩٨. ٤ سورة هود: ١١/ ٣٧. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ٢٠. ٦ سورة التوبة: ٩/ ٧. ٧ سورة الكهف: ١٨/ ٦. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٢٧. وفي "هود" : {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} ١. وفي "غافر" : {مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} ٢. وأما: "عاصم" ، فظاهر كلام الناظم أن ألفه محذوفة من غير خلاف لأبي داود مطلقا، وليس كذلك إذ قد قال في "التنزيل" في سورة "يونس" : "عاصم" رسمه الغازي بن قيس في كتابه بغير ألف، ولم أروه عن غيره ولا أمنع من الألف وهو اختياري. وبإثبات ألف: "عاصم" ، في "يونس" ، وحذفها في "هود" ، و "غافر" جرى عملنا وقول الناظم، و "في: تشاقون" ، فيه الجمع بين ساكنين كما تقدم في تحاجوني. ثم قال: ويتوارى وكذا أواه ... بضاعة وصاحبي حرفاه أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "يتوارى" ، و "أواه" و "بضاعة" ، و "صاحبي" ، حرفاه في: الكلمتين من هذا اللفظ. أما "يتوارى" ففي "النحل" : {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} ٣، لا غير. وأما: "أواه" ففي "التوبة" : {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيم} ٤. وفي "هود" : {لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} ٥. وأما "بضاعة" ففي "يوسف" : {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} ٦، {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ} ٧، {وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِم} ٨، {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا} ٩. {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} ١٠. وأما كلمتا: "صاحبي" ، ففي "يوسف" : {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ءآرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ} ١٠. {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا} ١٢. والعمل عندنا على الحذف في الألفاظ الأربعة حيث وقعت، وقوله: و "يتوارى" ، عطف على ما قبله، والضمير في قوله: حرفاه عائد على لفظ: "صاحبي" . ١ سورة هود: ١١/ ٤٣. ٢ سورة غافر: ٤٠/ ٣٣. ٣ سورة النحل: ١٦/ ٥٩. ٤ سورة التوبة: ٩/ ١١٤. ٥ سورة هود: ١١/ ٧٥. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ١٩. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٦٢. ٨ سورة يوسف: ١٢/ ٦٥. ٩ سورة يوسف: ١٢/ ٦٥. ١٠ سورة يوسف: ١٢/ ٨٨. ١١ سورة يوسف: ١٢/ ٣٩. ١٢ سورة يوسف: ١٢/ ٤١. ثم قال: أسمائه رهبانهم موازين ... ومنصف بصاحب يضاهون ولم يجئ في سور التنزيل ... إلا بلام الجر في التنزيل أخبر في الشطر الأول عن أبي داود بحذف ألف: "أسمائه" ، و "رهبانهم" ، و "موازين" . أما: "أسمائه" ففي الأعراف: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} ١، وقيده بالمجاور، وهو الضمير، احترازا عن الخالي عنه نحو: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاء} ٢، ونحو: {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ٣. وأما: "رهبانهم" ففي "التوبة" : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا} ٤، وقيده بالإضافة احترازا من الخالي عنها نحو: {إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ} ٥، فإنه ألفه ثابتة. وأما "المنكر" فم يقع إلا خارج الترجمة، في "العقود" : {مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ} . فإنه ألفه ثابتة. وأما "المنكر" فلم يقع إلا خارج الترجمة، في "العقود" : {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} ٦، وألفه ثابتة. وأما: "موازين" ففي "الأعراف" ، و "قد أفلح" : {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} ٧، {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} ٨، ونحو في "القارعة" ، وفي "الأنبياء" : {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ} ٩، وهو متعدد ومنوع كما مثل، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في الألفاظ الثلاثة المذكورة، ثم أخبر عن صاحب المنصف بحذف الألف في: صاحب، مطلقا، وفي: "يضاهون" ، ثم أخبر بأن: "صاحب" ، لم "يجئ" بالحذف في كتاب أبي داود المسمى: "بالتنزيل" إلا مقترنا بلام الجرحال كونه في سور التنزيل، أي القرآن ففاعل: "يجئ" ، ضمير عائد على: "صاحبه" ، لا على: "يضاهون" ، وإن كان: "يضاهون" ، أقرب منه؛ لأن الذي ورد مقترنا بلام الجر هو: صاحب، لا: "يضاهون" . ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٨٠. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٤٠. ٣ سورة طه: ٢٠/ ٨. ٤ سورة التوبة: ٩/ ٣١. ٥ سورة التوبة: ٩/ ٣٤. ٦ سورة العقود: ٥/ ٨٢. ٧ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١٠٢. ٨ سورة الأعراف: ٧/ ٩. ٩ سورة الأنبياء: ٢١/ ٤٧. أما: "صاحب" ففي "التوبة" : {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ} ١. وفي الكهف: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ} ٢. وفي "القلم" : {وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} ٣، وهو متعدد ومنوع كما مثل ويدخل في صاحب المحذوف لصاحب المنصف: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} ٤، في النساء. وأما: "يضاهون" ففي "التوبة" : {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا} ٥، لا غير. وأما "صاحب" المقترن بلام الجر المحذوف لأبي داود، والمنصف ففي موضعين: أحدهما المتقدم في سورة "التوبة" ، وهو: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ} ٦. والآخر في "الكهف" وهو: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} ٧. والعمل عندنا على الحذف في: "يضاهون" ، وفي لفظ: "صاحب" ، حيث وقع في القرآن سواء كان مجرورا باللام أم لا، وأما: و "صاحبهما" ، من قوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} ٨، في "لقمان" فلا تشمله عبارة الناظم؛ لأنه نطق بصاحب محركا منونا وصاحبهما لا يقبل واحدا منهما، والعمل فيه عندنا على الإثبات. وقوله: "أسمائه" ، واللفظان بعده عطف على "أواه" . ثم قال: وفيه أيضا جاء لفظ كاذب ... ميقات مع مشارق مغارب كلا وقد جاء كذاك فيهما ... لدى المعارج ولكن عنهما أخبر عن أبي داود بحذف ألف لفظ: كاذب، و: ميقات، و: مشارق، و: مغارب، وعن أبي عمرو بحذف الألف في: مشارق، و: مغارب، بسورة "المعارج" ، كما يحذفهما أبو داود. أما "كاذب" ففي "هود" : {وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا} ٩. وفي "غافر" : {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا} ١٠، وهو متعدد. ١ سورة التوبة: ٩/ ٤٠. ٢ سورة الكهف: ١٨/ ٤٠. ٣ سورة القلم: ٦٨/ ٤٨. ٤ سورة النساء: ٤/ ٣٦. ٥ سورة التوبة: ٩/ ٣٠. ٦ سورة التوبة: ٩/ ٤٠. ٧ سورة الكهف: ١٨/ ٣٤. ٨ سورة لقمان: ٣١/ ١٥. ٩ سورة هود: ١١/ ٩٣. ١٠ سور غافر: ٤٠/ ٢٨. وأما "ميقات" ففي "الأعراف" : {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} ١، {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا} ٢، وهو متعدد ومنوع كما مثل، وقد نص في "المقنع" على ثبت هذا الوزن، ويندرج في إطلاق الناظم: "ميقاتا" من قوله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا} ٣ في النبأ. وأما "مشارق" ، ومغارب ففي "الأعراف" : {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} ٤. وفي الصافات: {وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} ٥. وأما "مشارق" ، ومغارب، المحذوفان للشيخين في المعارج، فقوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} ٦، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في الألفاظ الأربعة المذكورة حيث وقعت، والضمير في قول الناظم، "وفيه" يعود على "التنزيل" الأخير، وقوله: "كلا" حال من "مشارق" ، و "مغارب" ، وفاعل "جاء" الثاني ضمير الحذف، و "لدى" بمعنى: "في" . ثم قال: وكاذب في زمر والكافر ... في الرعد مع مساكن تزاور أخبر عن الشيخين بحذف ألف: "كاذب" ، الواقع في "الزمر" ، وألف: "الكافر" ، الواقع في: "الرعد" ، وألف: "مساكن" ، و: "تزاور" . أما "كاذب" في "الزمر" فهو: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} ٧. وقد تقدم حذف: "كاذب" ، لأبي داود وأعاده هنا لموافقة أبي عمرو له على حذفه في خصوص سورة "الزمر" . وأما "الكافر" في "الرعد" فهو: {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} ٨، وقد قرئ ١ سورة الأعراف: ٧/ ٤٢. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٤٣. ٣ سورة النبأ: ٧٨/ ١٧. ٤ سورة الأعراف: ٧/ ١٣٧. ٥ سورة الصافات: ٣٧/ ٥. ٦ سورة المعارج: ٧٠/ ٤٠. ٧ سورة الزمر: ٣٩/ ٣. ٨ سورة الرعد: ١٣/ ٤٢. في السبع بضم الكاف، وفتح الفاء مشددة وألف بعدها على الجمع، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها نحو: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} ١ فإن ألفه ثابتة. وأما "مساكن" ففي "التوبة" : {وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا} ٢، {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} ٣. وفي "الأنبياء" : {وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ} ٤. وفي "القصص" : {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ} ٥. وفي "سبأ" : {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ} ٦. وهو متعدد ومنوع كما مثل، وهذا المذكور هنا جمع مسكن بفتح أوله، وثالثه، بمعنى منزل وليس بين الكاف والنون ياء لا في مفرده، ولا في جمعه، والمتقدم في ترجمة: "البقرة" ، جمع مسكين بكسر الميم بمعنى فقير، وبين الكاف والنون من جمعه ومفرده ياء، وقد قرأ حفص وحمزة: {فِي مَسَاكِنِهِمْ} ٧ الواقع في: "سبأ" ، بإسكان السين، وفتح الكاف من غير ألف بينهما على الأفراد، وقرأه الكسائي في مثلهما إلا أنه كسر الكاف. وأما "تزاور" ففي "الكهف" : {تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} ٨ لا غير، وقد قرأه الشامي بإسكان الزاي، وتشديد الراء من غير ألف بينهما، وقد قدمنا أن العمل في: "كاذب" ، على حذف ألفه مطلقا في "الزمر" وفي غيرها، وقوله: "كاذب" ، وقوله: و "الكافر" معطوفان على ضمير المثنى المجرور بـ "في" في البيت قبل، ولكنهما مرفوعان على الحكاية. ثم قال: وعن أبي داود أدبارهم ... ثم بغير الرعد أعناقهم والمنصف الأدبار فيه مطلقا ... وفيه أعناقهم قد أطلقا أخبر عن البيت الأول عن أبي داود بحذف ألف: "أدبارهم" ، المضاف إلى ضمير الغائبين، كيفما تحركت راؤه، وألف: "أعناقهم" ، المضاف إلى ضمير الغائبين أيضا الواقع في غير: "الرعد" . ١ سورة النبأ: ٧٨/ ٤٠. ٢ سورة التوبة: ٩/ ٢٤. ٣ سورة التوبة: ٩/ ٧٢. ٤ سورة الأنبياء: ٢١/ ١٣. ٥ سورة القصص: ٢٨/ ٥٨. ٦ سورة سبأ: ٣٤/ ١٥. ٧ سورة سبأ: ٣٤/ ١٥. ٨ سورة الكهف: ١٨/ ١٧. ثم أخبر في البيت الثاني صاحب: "المنصف" ، بحذف ألف: "الأدبار" ، مطلقا. وأعناقهم، المضاف إلى ضمير الغائبين مطلقا أي: من غير تقييد لهما بما تقدم لأبي داود. أما "أدبارهم" المقيد لأبي داود بالإضافة إلى ضمير الغائبين ففي "الأنفال" : {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} ١ وهو متعدد، واحترز بقيد المجاور لضمير الغائبين عن الخالي عنه نحو: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ} ٣٣/ ١٥ في الأحزاب، {وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ} في الحشر ٥٩/ ١٢، وأما: {وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} ٢، وفي "العقود" ، فخارج عن الترجمة، وكان حق الناظم أن يذكر لأبي داود: "الأدبار" ، الواقع في: "الأحزاب" ، و: "الحشر" ؛ لأنه نص في "التنزيل" على حذف ألفهما. وأما "أعناقهم" ، المقيد لأبي داود بغير "الرعد" ففي الشعراء: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} ٣ وهو متعدد، واحترز بقيد المجاور للضمير عن الخالي عنه نحو: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} ٤، {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} ٥، وبقيد غير الرعد من الواقع فيها، وهو: {وَأُولَئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} ٦. وأما "الأدبار" المطلق بالحذف لصاحب: "المنصف" ، فيشمل ما تقدم من الأمثلة المحترز عنها وغيرها ويشمل: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ} ٧، في آل عمران و {فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا} ٨ بالنساء: {وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} ٩ في المائدة. وأما "أعناقهم" المطلق لصاحب: "المنصف" ، بالحذف أيضا، فيشمل الواقع في: "الرعد" ، وغيره مما هو مضاف إلى ضمير الغائبين، والعمل عندنا على الحذف في: "الأدبار" حيث وقع في القرآن سواء كان مقترنا بأل أم مضافا، وعلى الحذف في: "أعناقهم" حيث وقع بقيد إضافته إلى ضمير الغائبين. وأما: "الأعناق" ، بأل فالعمل على إثباته. ١ سورة الأنفال: ٨/ ٥٠، ومحمد: ٤٧/ ٢٧. ٢ سورة المائدة: ٥/ ٢١. ٣ سورة الشعراء: ٢٦/ ٤. ٤ سورة الأنفال: ٨/ ١٢. ٥ سورة ص: ٣٨/ ٣٣. ٦ سورة الرعد: ١٣/ ٥. ٧ سورة آل عمران: ٣/ ١١١. ٨ سورة النساء: ٤/ ٤٧. ٩ سورة المائدة: ٥/ ٢١. ثم قال: وعنهما ياء بأيام ألف ... مختلفا وليس بعده ألف يعني أن الشيخين نقلا اختلاف المصاحف في زيادة ياء، وعدم زيادتها في: "بأيام" ، من قوله تعالى في سورة "سيدنا إبراهيم" : {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} ١. وقوله، "وليس بعده ألف" يعني به أن الياء إذا زيدت في: "بأيام" ، لا تثبت بعدها ألف في الرسم بل تحذف، وإذا لم تزد الياء فيه تثبت الألف رسما فيتحصل في: "بأيام" ، وجهان أحدهما رسميه بياء واحدة مع ثبوت الألف بعدها على اللفظ مثل: "أيام الله" ، والوجه الآخر رسمه بيائين مع حذف الألف، وهذا الوجه الثاني اختاره في "التنزيل" وبه العمل، وعليه فوجه زيادة الياء، أما التنبيه على جواز الأمانة فيه، وحينئذ تلحق الألف الحمراء على الياء الثانية، وتجعل علامة التشديد على الياء الأولي، وأما التنبيه على جواز كتابته على الأصل كما كتب: اللهو، و: "اللعب" ، بلامين على الأصل، وحينئذ تلحق الألف الحمراء بعد اليائين، وتجعل علامة التشديد على الياء الثانية، وبهذا أعني إلحاق الألف الحمراء بعد اليائين، وجعل علامته التشديد على الياء الثانية، جرى عملنا واحترز: "بأيام" المجاور للياء عن الخالي عنها نحو: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} ٢، {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} ٣، فإنه لا خلاف في رسمه بياء واحدة. وقوله: "ياء" ، مبتدأ غير منون لإضافته إلى: "بأيام" ، وهو أيضا غير منون للحكاية وجملة: "ألف" خبر، و "ألف" مبني للنائب، ومعناه عهد، و "مختلفا" بفتح اللام حال من ضمير "ألف" العائد على المبتدأ. ثم قال: والحذف في الأنفال في الميعاد ... وعن أبي داود في الأشهاد أخبر مع الإطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف: "الميعاد" ، الواقع في "الأنفال" ، وعن أبي داود بحذف: "الأشهاد" . ١ سورة إبراهيم: ١٤/ ٥. ٢ سورة فصلت: ٤١/ ١٦. ٣ سورة الجاثية: ٤٥/ ١٤. أما الأول فهو: {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} ١، واحترز بقوله: في "الأنفال" عن: "الميعاد" ، الواقع في غيرها، فإن ألفه ثابتة نحو: {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} ٢ في "الرعد" ، و "الزمر" ، ومثله، في: "آل عمران" ، وهو خارج عن الترجمة لتقدمه عليها، والفرق بين ما في "الأنفال" ، وغيره أن ما في "الأنفال" ، ميعاد من المخلوق وهو قد يختلف، فناسبه الحذف بخلاف ما في غير "الأنفال" ، فإنه: ميعاد من الخالق تعالى، وهو لا يتخلف فناسبه الإثبات. وأما الثاني وهو "الأشهاد" ففي "هود" : {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ} ٣. وفي "غافر" : {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} ٤، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف "الأشهاد" في الموضعين. ثم قال: وباسط في الكهف والرعد معا ... ثم بها القهار أيضا وقعا أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "وباسط" ، في سورتي: "الكهف" ، و "الرعد" ألف القهار في "الرعد" أيضا. أما "باسط" ، الواقع في "الكهف" فهو: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} ٥. وأما: "باسط" ، الواقع في: "الرعد" ، فهو: {لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ} ٦، وذكر السورتين ليس قيدا بل بيان، وإيضاح إذ لم يرد: "باسط" ، محذوفا عن أبي داود إلا في الموضعين المذكورين. وأما الذي في: "العقود" ، فألفه ثابتة، وهو خارج عن الترجمة لتقدمه عليها. وأما "القهار" في "الرعد" ففي قوله تعالى: {وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار} ٧، وقيده ١ سورة الأنفال: ٨/ ٤٢. ٢ سورة الرعد: ١٣/ ٣١. ٣ سورة هود: ١١/ ١٨. ٤ سورة غافر: ٤٠/ ٥١. ٥ سورة الكهف: ١٨/ ١٨. ٦ سورة الرعد: ١٣/ ١٤. ٧ سورة الرعد: ١٣/ ١٦. بالسورة احترازا عما وقع غيرها نحو: {وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار} ١. في "يوسف" : {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} ٢. في "ص" ، {سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} ٣. في "الزمر" ، والعمل عندنا على حذف ألف: "باسط" ، وفي "الكهف" ، و "الرعد" ، وحذف ألف: "القهار" ، الواقع في "الرعد" ، وإثبات الواقع في غيرها، وقوله: "باسط" ، و "القهار" ، عطف على الأشهاد في البيت السابق، والباء في قوله: "بها" ، بمعنى في، والضمير عائد على "الرعد" ، وألف "وقعا" للإطلاق. ثم قال: ثم سرابيل معا أنكاثا ... جدالنا اسطاعوا وقل أثاثا أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "سرابيل" ، معا، "أنكاثا" ، و: "جدالنا" ، و "اسطاعوا" ، و: "أثاثا" . أما: سرابيل معا، ففي النخل: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} ٤. ولا يدخل فيه: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} ٥. وفي سورة "إبراهيم" ؛ لأن الناظم عبر بـ "معا" ، وهو لا يستعمله كالشاطبي إلا في اثنين ويعين كون المراد: بـ "معا" ، موضعي النحل المذكورين دون الواقع في "إبراهيم" ، والأول في "النحل" ، ودون الواقع في "إبراهيم" ، والثاني في "النحل" . إن الناظم بصدد ما ذكر أبو داود حذفه في "التنزيل" ، وهو إنما ذكر فيه حذف موضعي "النحل" فقط. وأما أنكاثا ففي "النحل" : {مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} ٦ لا غير. وأما "جدالنا" ففي "هود" : {قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} ٧ وقد تقدم حذف الفعل منه، والإضافة بيان للواقع لا قيد لإخراج: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ٨ لخروجه عن الترجمة، وألفه ثابتة كما قدمناه. ١ سورة يوسف: ١٢/ ٣٩. ٢ سورة ص: ٣٨/ ٦٥. ٣ سورة الزمر: ٣٩/ ٤. ٤ سورة النحل: ١٦/ ٨١. ٥ سورة إبراهيم: ١٤/ ٥٠. ٦ سورة النحل: ١٦/ ٩٢. ٧ سورة هود: ١١/ ٣٢. ٨ سورة البقرة: ٢/ ١٩٧. وأما "استطاعوا" ففي "الكهف" : {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} ١ لا غير, ولم يكتف عن هذا: بـ "استطاعوا" المتقدم لنقصان التاء من هذا. وأما "أثاثا" ، ففي "النحل" : بـ {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا} ٢. وفي "مريم" : {أَحْسَنُ أَثَاثًا} ٣، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف الألف في الألفاظ الخمسة المذكورة في البيت. وقوله: "سرابيل" بالنصب على الحكاية، وهو وبقية ألفاظ البيت عطف على: "الأشهاد" ، كلفظي البيت السابق. ثم قال: لواقح إمامهم أذان ... بتوبة عاليها الألوان غضبان جاوزنا وفي صلصال ... وشفعاؤنا لهن تالي أخبر عن أبي داود بحذف ألف الألفاظ التسعة المذكورة في البيتين وهي: "لواقح" ، و: "إمامهم" ، و: "آذان" ، "بالتوبة" ، و: "عاليها" و: "الألوان" ، و: "غضبان" ، و: "جاوزنا" ، و: "صلصال" ، و: "شفعاؤنا" . أما "لواقح ففي" الحجر ": {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} ٤ لا غير." وأما "إمامهم" ففي "الإسراء" : {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} ٥، واحترز بقيد الإضافة عن غير المضاف نحو: {لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} ٦ فإن ألفه ثابتة. وأما "آذان" في "التوبة" فهو: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ} ٧، وقيده "بالتوبة" مخافة تصحيف مقصور الهمزة بمدودها الثابت ألفه نحو: {أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} ٨ لصحة الوزن على لا لاحتراز؛ لأن "آذان" المقصور لم يقع إلا في "التوبة" . ١ سورة الكهف: ١٨/ ٩٧. ٢ سورة النحل: ١٦/ ٨٠. ٣ سورة مريم: ١٩/ ٧٤. ٤ سورة الحجر: ١٥/ ٢٢. ٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٧١. ٦ سورة الحجر: ١٥/ ٧٩. ٧ سورة التوبة: ٩/ ٣. ٨ سورة الأعراف: ٧/ ١٩٥. وأما "عاليها" ففي "هود" : {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} ١، ومثله الحجر ولا يخفى أنه لا يندرج فيه "عاليهم" . وأما "اللوان" ففي "النحل" : {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} ٢، {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} ٣ وهو متعدد. وأما "غضبان" ففي "الأعراف" : {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} ٤. وأما "جاوزنا" ففي "الأعراف" : {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ} ٥، ومنه في "يونس" ، ولا يخفى أنه لا يندرج فيه: {فَلَمَّا جَاوَزَا} ٦. وأما "صلصال" ففي "الحجر" : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ} ٧، وقد تعدد في موضعين آخرين منها، وفي "الرحمن" . وأما "شفعاؤنا" ففي "يونس" : {يَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ٨، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف الألف في الألفاظ التسعة المذكورة في البيتين، وقوله: "لواقح" ، وما بعده من الألفاظ السبعة عطف على الأشهاد، كألفاظ البيت قبل، ودخلت "في" على "صلصال" تأكيدا للداخلة على المعطوف عليه، وهو "الأشهاد" ، ونون "لواقح" لضرورة الوزن، والباء في قوله "بتوبة" بمعنى "في" . وقوله: "شفعاؤنا" مبتدأ، و "تال" ، بمعنى: تابع، أي: في الحذف خبره، والضمير في "لهن" عائد على الألفاظ السابقة. ثم قال: وجاء في الرعد ونمل عنهما ... ونبإ لفظ تراب مثل ما ثم تصاحبني وفي الأعراف ... قد جاء طائف على خلاف ١ سورة هود: ١١/ ٨٢. ٢ سورة النحل: ١٦/ ١٣. ٣ سورة النحل: ١٦/ ٦٩. ٤ سورة الأعراف: ٧/ ١٥٠. ٥ سورة الأعراف: ٧/ ١٣٨. ٦ سورة الكهف: ١٨/ ٦٢. ٧ سورة الحجر: ١٥/ ٢٨. ٨ سورة يونس: ١٠/ ١٨. أخبر عن الشيخين بحذف ألف "تراب" الواقع في: "الرعد" ، و "النمل" ، "والنبإ" ، وبحذف ألف: "تصاحبني" ، وبالخلاف بين المصاحف في حذف ألف "طائف" في "الأعراف" . أما "ترابا" الذي في "الرعد" فهو: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا} ١. وأما "ترابا" الذي في "النمل" فهو: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا} ٢، وأما "ترابا" الذي في "النبأ" فهو: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} ٣، واحترز بقيد السور الثلاث عن الواقع في غيرها، فإن ألفه ثابتة نحو: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا} ٤، في "قد أفلح" ، وقد تعدد فيها وفي غيرها. وأما "تصاحبني" ففي "الكهف" : {فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} ٥، وقد قرئ شاذا بفتح التاء وإسكان الصاد وفتح الحاء. وأما "طائف" في "الأعراف" فهو: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَئِفٌ} ٦. وقد قرأه المكي، والبصري، والكسائي بياء ساكنة بعد الطاء، والفاء من غير ألف ولا همز، واستحب أبو داود في "التنزيل" كتابته بغير ألف، واحترز الناظم بقوله في "الأعراف" عن الواقع في "القلم" : {فَطَافَ عَلَيْهَا طَئِفٌ} ٧، فإن ألفه ثابة بلا خلاف، والعمل عندنا على حذف ألف: "طائف" في "الأعراف" . وقوله "مثل" منصوب على الحال من لفظ "طائف" ، و "ما" اسم موصول أضيف إليه "مثل" ، وصلته محذوفة تقديرها تقدم. ثم قال: ومقنع قرءانا أولى يوسف ... وزخرف ولسليمان احذف أخبر عن صاحب المقنع بخلاف المصحف في حذف ألف: "قرآن" ، الأول في سورة: "يوسف" ، والأول من سورة: "الزخرف" ، ثم أمر عن: سليمان وهو أبو داود بحذفهما. ١ سورة الرعد: ١٣/ ٥. ٢ سورة النمل: ٢٧/ ٦٧. ٣ سورة النبأ: ٧٨/ ٤٠. ٤ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٣٥. ٥ سورة الكهف: ١٨/ ٧٦. ٦ سور الأعراف: ٧/ ٢٠١. ٧ سورة القلم: ٦٨/ ١٩. * ابن كثير المكي ت/ ١٢٠هـ/ ٧٣٨م تاريخ التراث العربي١. * الحسن البصري ت/ ١١٠هـ/ ٧٢٨م تاريخ التراث العربي١. * الكسائي ت/ ١٨٩هـ/ ٨٠٤م تاريخ التراث العربي١. أما الأول في "يوسف" فهو: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} ١. وأما الأول في "الزخرف" فهو {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} ٢. وزاد بعضهم موضعا ثالثا بالحذف وهو: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} ٣ في الزمر. واحترز الناظم بقوله: "أولى" عن قرآن الواقع في السورتين غير أول نحو: {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} ٤، في "يوسف" : {لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ} ٥، في "الزخرف" ، واحترز بقيد السورتين عن الواقع في غيرهما نحو ما في "الحجر" : {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} ٦، والعمل عندنا على حذف ألف "قرءانا" في أولى "يوسف" و "الزخرف" فقط، وثبت ما عداهما. وقوله: "ومقنع" مبتدأ على حذف مضاف، و "قرآنا" مفعول لفعل محذوف وهو مع فاعله الخبر، والتقدير، وصاحب مقنع حذف: قرآنا، أي: بخلاف، و "أولى يوسف" نعت لـ "قرآنا" ، وأنت أولى باعتبار الكلمة. ثم قال: والنون من ننجي في الأنبياء ... كل وفي الصديق للإخفاء أخبر مع الإطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن كتاب بالمصاحف كلهم بحذف النون الثانية من: "ننجي" ، في سورة "الأنبياء" ، وفي سورة "الصديق" ، وهو سورة "سيدنا يوسف" ، وإنما ذكر حذف نون: "ننجي" ، في ترجمة حذف الألفات، ولم يفرده بباب تبعا لأبي عمرو. وأما "ننجي" في "الأنبياء" فهو: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِين} ٧. وأما "ننجي" في "يوسف" فهو: {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاء} ٨، وقد قرأهما الشامي وسبعة بنون واحدة مضمومة وتشديد الجيم، وكذا حفص في "يوسف" وقيدهما ١ سورة يوسف: ١٢/ ٢. ٢ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣. ٣ سورة الزمر: ٣٩/ ٢٨. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ٣. ٥ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣١. ٦ سورة الحجر: ١٥/ ١. ٧ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨٨. ٨ سورة يوسف: ١٢/ ١١٠. بالسورتين، دفعا لتوهم إرادة المفتتح بغير النون نحو: {تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} ١، وفي "الصف" أو توهم اندراج المشدد الجيم، نحو {نُنَجِّيكَ بِبَدَنِك} ٢، لا للاحتراز إذا لم يقع: "ننجي" مفتتحا بنونين ثانيهما ساكنة إلا في السورتين المذكورتين، وعلم أن مراده بالنون المحذوفة من "ننجي" هي النون الثانية، لا الأولى من تعليله الحذف "بالإخفاء" ، أي: لإخفاء النون في الجيم، وإنما يخفى الساكن، والساكن هنا هو النون الثانية. وحاصل التعليل الذي أشار إليه أن الجيم لا كانت من الحروف التي تخفى عندها النون الساكنة قراء، وكان الإخفاء قريبا من الإدغام حذف النون المخفاة في: "ننجي" ، من الرسم كما حذفت النون المدغمة من الرسم أي المخفاة في "ننجي" ، من الرسم كما حذفت النون المدغمة من الرسم في نحو {عَمَّ يَتَسَاءَلُون} ٣ و {مِمَّ خُلِق} ٤، و {عَمَّا كُنْتُم} ٥، ٦ و {أَلَّنْ نَجْمَع} ٧ و {ألَّا تَعْلُوا} ٨ فإذا ضبطت: "ننجي" في السورتين ألحقت النون الساكنة بالحمراء وأعريتها من علامة السكون، وأعريت الجيم من علامة التشديد كما ذكره الداني. واعلم أن الناظم سكت عن حذف النون الثانية من: {لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون} ٩، في سورة "يونس" ، ومن: {لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} ١٠، في سورة "غافر" ، وقد ذكرهما الشيخان معًا بالخلاف، وكان وجه سكوته عنهما هو تضعيف الشيخين لحذف النون فيهما، وبإثبات نونهما جرى العمل. وأما "تأمنا" من قوله تعالى: {مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا} ١١ في سورة "يوسف" ، فقد أجمع كتاب المصاحف على رسمها بنون واحدة وفيها وجهان لنافع وغيره، من القراء السبعة: أحدهما: إدغام النون الأولى، وهي آخر الفعل في النون الثانية، وهي أول الضمير المنصوب إدغاما تاما مع الإشمام. ١ سورة الصف: ٦١/ ١٠. ٢ سورة يونس: ١٠/ ٩٢. ٣ سورة النبأ: ٧٨/ ١. ٤ سورة الطارق: ٨٦/ ٥. ٥ سورة النحل: ١٦/ ٥٦. ٦، ٧ سورة القيامة: ٧٥/ ٣. ٨ سورة النمل: ٢٧/ ٣١. ٩ سورة يونس: ١٠/ ١٤. ١٠ سورة غافر: ٤٠/ ٥١. ١١ سورة يوسف: ١٢/ ١١. والوجه الآخر: الإخفاء، أي: الروم، وعليه أكثر أهل الأداء، فعلى الوجه الأول، وهو الإدغام التام لا حذف في: "تأمننا" ؛ لأن الادغام التام لا يتأتى إلا بعد تسكين أول المثلين فيرجع رسمها إلى باب "آمنا" ، وعلى الوجه الثاني -وهو الإخفاء- ففي: "تأمنا" ، حذف النون الأولى من الرسم كما صرح به الشيخان، وقد سكت الناظم هنا على حذفا على وجه الإخفاء، وأشار إلى ذلك في الضبط بقوله: "ونون تأمنا إذا ألحقته" ، البيت وسنزيد قراءتهما، ورسمهما بيانا في فن الضبط عند شرح هذا البيت مع بيان كيفية ضبطهما على الوجهين إن شاء الله. وقوله: "والنون" بالنصف مفعول لفعل محذوف تقديره حذف، وكل: فاعل بالفعل المحذوف وهو مضاف في التقدير إلى كتاب المصاحف، أي: وحذف كل كتاب المصاحف النون من: "ننجي" ، و "للإخفاء" متعلق بالفعل المحذوف. ثم قال: ثم الخبائث وخلف زاكيه ... وعن أبي داود حذف غاشيه أخبر مع الإطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف: "الخبائث" ، وبالخلاف في حذف ألف: "زاكية" ، وعن أبي داود بحذف ألف: "غاشية" . أما "الخبائث" المحذوف للجميع ففي "الأعراف" : {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ١. وفي "الأنبياء" : {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} ٢. وأما "زاكية" المختلف فيه عن جميعهم ففي الكهف: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} ٣. وقد قرأه الشامي والكوفيون بغير ألف بعد الزاي وبتشديد الياء، واختيار أبو داود فيه الحذف. وأما "غاشية" ، المحذوف لأبي داود ففي "يوسف" : {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} ٣. ١ سورة الأنبياء: ٢١/ ٧٤. ٢ سورة الكهف: ١٨/ ٧. ٣ سورة الكهف: ١٨/ ٧٤. وفي الغاشية: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَة} ١، وهو متعدد ومنوع كما مثل، والعمل عندنا على الحذف في "زكية" ، و: "غاشية" ، المذكورين، وقوله: "الخبائث" ، عطف على "النون" ، في البيت السابق، بتقدير مضاف، أي: ثم ألف الخبائث، وحذف: "زاكية" ، مبتدأ حذف خبره، أي وارد. ثم قال: يستأخرون غاب أو انحضرا ... بغير الأعراف وكل ذكرا بمنصف ... أخبر عن داود بحذف ألف: "يستأخرون" ، سواء كان غائب، أي: مفتتحا بياء الغائب أو حاضرا، أي: مفتتحا بتاء المخاطب، إلا الواقع في سورة: "الأعراف" ، فإن أبا داود سكت عنه، ثم أخبر عن صاحب "المنصف" بحذف جميع ألفاظه في: "الأعراف" ، وغيرها. أما في الذي في "الأعراف" ، وهو الذي اختص صاحب: "المنصف" ، بحذفه فهو: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} ٢. وأما الواقع في غيرها وهو المحذوف لأبي داود وصاحب: "المنصف" ففي "يونس" : {إِذَا جَاءَ أجَلُهُمْ فلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} ٣. وفي سبأ: {قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ} ٤، وهو متعدد، ووصف الناظم للفعل بالغيبة والحضور مجاز والموصوف به حقيقة من الفعل له. والعمل عندنا على الحذف في: "يستخارون" ، سواء كان مفتتحا بالياء أو بالتاء في "الأعراف" ، وفي غيرها، وقوله: "يستأخرون" ، عطف على: "غاشية" ، وأن في قوله: "أو أن حضرا" ، زائدة وبصح في همزتها الفتح والكسر، والألف في: "حضرا" ، و "ذكرا" ، للإطلاق ١ سورة يوسف: ١٢/ ٧. ٢ سورة النحل: ١٦/ ٦١. ٣ سورة يونس: ١٠/ ٤٩. ٤ سورة سبأ: ٣٤/ ٣٠. ثم قال: . . . . . . . . . . . وعنهما في ساحر ... في النكر غير الذاريات الآخر وقيل بالإثبات كل يعرف ... وعن سليمان أتى المعرف أخبر عن الشيخين بحذف ألف: "ساحر" المنكر حيث، وقع غير الآخر في سورة، و "الذاريات" ، وأنهما حكيا قولا بإثبات الألف في كل ما وقع من لفظ "ساحر" ، المنكر من غير استثناء لفظ منه، ثم أخبر في الشطر الأخير عن سليمان، وهو أبو داود بإثبات ألف: "ساحر" ، المعرف. أما "ساحر" ، المنكر ففي "الأعراف" : {وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ، يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} ١. وهو متعدد في: يونس، وغيرها. وأما "ساحر" الآخر في سورة: و "الذاريات" المستثنى فهو: {مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} ٢، واحترز بالآخر عن الأول فيها. وهو: {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} ٣. وأما المعروف من لفظ: "ساحر" ، المثبت لأبي داود ففي: "طه" : {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} ٤. وفي "الزخرف" : {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ} ٥، وهذا من المواضع التي تبرع الناظم فيها بذكر الإثبات، وكما أن هذا اللفظ مثبت لأبي داود كذلك، وهو أيضا مثبت لأبي عمرو إذ هو على وزن فاعل الآتي ثبته عنه. واعلم أن موضع نص الناظم في: "ساحر" ، بالخلاف في الحذف والإثبات إنما هو فيما اتفق القراء فيه على صيغة اسم الفاعل نحو: {فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّاب} ٦، واختلفوا في قراءته بصيغة اسم الفاعل، أو صيغة فعال، وقرأه نافع بصيغة اسم الفاعل وذلك في "الأعراف" : {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} ٧، وفي ثاني "يونس" : {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} ٨. ١ سورة الأعراف: ٧/ ١١٢ و: ١١١. ٢ سورة الذاريات: ٥١/ ٥٢. ٣ سورة الذاريات: ٥١/ ٣٩. ٤ سورة طه: ٢٠/ ٦٩. ٥ سورة الزخرف: ٤٣/ ٤٩. ٦ سورة غافر: ٤٠/ ٢٤. ٧ سورة الأعراف: ٧/ ١١٢. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٧٩. والعمل عندنا على حذف ألف: "ساحرا" ، المنكر حيث وقع إلا: "ساحر" ، والآخر في سورة "والذاريات" ، فألفه ثابتة وعلى إثبات ألف: "الساحر" ، المعرف حيث وقع، وقوله: "غير" ، منصوب على الاستثناء، وهو على حذف مضاف، أي: "ساحر" ، "الذاريات" والآخر بكسر الخاء نعت للمضاف المحذوف. ثم قال: وعنه في لساحران الحذف ... وعنهما في ساحران الخلف أخبر عن أبي داود بحذف: "لساحران" ، المقترن باللام، وعن الشيخين بالخلاف في ألف: "ساحران" ، الخالي من اللام ومراده الألف الأولى فيهما؛ لأن الألف الثانية هي الألف التي يختص بها المثنى قد تقدم حكمهما. أما "لساحران" ففي "طه" : {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ} ١. وأما ساحران ففي القصص: {قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} ٢. قد قرأه الكوفيون بكسر السين، وسكون الحاء من غير ألف بينهما، والعمل عندنا على حذف الألف في: "لساحران" ، و "ساحران" . ثم قال: قال وعنه حذف حاش مع تبيانا ... معايش أضغاث مع أكنانا أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "حاش" ، و: "تبيانا" ، و: "معايش" و: "أضغاث" و: "أكنانا" . أما "حاش" ففي "يوسف" : {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا} ٣ {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} ٤. ولم يختلف القراء في إثبات الألف بعد الحاء، وإنما اختلفوا في الألف التي بعد الشين، فأثبتها أبو عمرو وصلالا وقفا، وحذفها الباقون مطلقا ومراد، الناظم الألف التي بعد الحاء، إذ هي الثابتة لفظا في قراءة نافع. وأم "تبيانا" ففي "النحل" : {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} ٥ لا غير. ١ سورة طه: ٢٠/ ٦٣. ٢ سورة القصص: ٢٨/ ٤٨. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٣١. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ٥١. ٥ سورة النحل: ١٦/ ٨٩. وأما "معايش" ففي "الأعراف" : {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} ١. ومثله في "الحجر" . وأما "أضغاث" ففي "يوسف" : {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} ٢ ومثله في الأنبياء. وأما "أكنانا" ففي "النحل" : {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} ٣ لا غير، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف الألف في هذه الألفاظ الخمسة المذكورة في البيت. وقوله "معايش" ، بالخفض والتنوين لإقامة الوزن عطف على: "تبيانا" ، المحكي. ثم قال: كذا رواسي والاستئذان ... فعل المراودة والبنيان أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "رواسي" ، وأفعال: الاستئذان، وأفعال: المراودة والبنيان. أما "رواسي" ففي "الرعد" : {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا} ٤، وهو متعدد غير منوع. وأما الأفعال المشتقة من الاستئذان ففي "التوبة" : {لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا} ٥، {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} ٦، {اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ} ٧، وهو متعدد ماضيا ومستقبلا، ولا يدخل في الاستئذان نحو: "فأذن" ، وإن كانت مادة الجميع واحدة لنقصانه بعدم السين والتاء لذا ذكر: "آذان" . فيما تقدم، ولا يخفى أن أفعال الاستئذان أصلها أن تكون بهمزة ساكنة بعد التاء، وقد رواها قالون كذلك، ورواها ورش بإبدال الهمزة ألفا، وذكر الناظم بحذف ألفها إنما هو باعتبار رواية ورش، ويلزم من حذف ألفها لورش حذف صورة الهمزة فيها لقالون ضرورة أن المحذوف، ولهذا استغنى الناظم بذكره هنا لورش عن ذكره في باب الهمز لقالون، وهكذا يقال في: "يستأخرون" المقدم وفي: "استأجره" ، الآتى ونحوها، وقد قدمنا نحو هذا في: "مستأنسين" . عند إدراجه في ضابط الجمع السالم. ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٠. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٤٤. ٣ سورة النحل: ١٦/ ٨١. ٤ سورة الرعد: ١٣/ ٣. ٥ سورة التوبة: ٩/ ٤٤. ٦ سورة التوبة: ٩/ ٤٥. ٧ سورة التوبة: ٩/ ٨٦. وأما الأفعال المشتقة من المراودة ففي "يوسف" : {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} ، {تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} ١، وهو متعدد فيها ووقع في سورة: "القمر" أيضًا. وأما البنيان ففي "التوبة" : {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِم} ٢، وهو متعدد معرفا كما مثل ومنكرا نحو: {ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا} ٣، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف ألف: "رواسي" ، وأفعال الاستئذان المراودة والبنيان حيث وقعت. ثم قال: وذكرالداني وزن فعلان ... بألف ثابته كالعدوان لما ذكر الناظم في هذه الترجمة، وفي التراجم التي قبلها ألفاظا على وزن فعلان بالحذف لأبي داود كالبنيان، أراد يبين حكم هذا الوزن لأبي عمرو الداني، فأخبر عنه بإثبات ألف كل لفظ في القرآن على وزن فعلان يعني مما لم يتقدم له حذفه: كالعدوان، ومثله: "كفران" ، و "خسران" و "طغيان" و "قربان" ، وسيذكر الناظم في ترجمة الحذف الأخيرة ثبت وزنين آخيرين لأبي عمرو أيضا، وهما: وزن فعال ووزن "فاعل" ، ولم ينبه هنا على استثناء ما تقدم حذفه من الألفاظ التي على وزن فعلان، كما فعل آخر ترجمة الحذف الأخيرة إذ يقول: "ووزن فعال وفاعل ثبت" ، البيت والمتقدم من ذلك: "سلطان" ، "سبحان" "قرآن" على تفضيل فيهما واختلاف، وذلك لعدم الاحتياج إلى الاستثناء؛ لأن هذا ضابط عام والمتقدم نص خاص، ولا معارضة بين عام وخاص. واعلم أن أبا عمرو نص على إثبات الألف في ستة أوزان: الثلاثة المتقدمة، وفعلان بكسر الفاء، وفعال بفتحها، وفعال بكسرها مع فتح العين المخففة فيهما وأمثلتها: "قنوان" ، و: "رضوان" و: "ثواب" ، و "عذاب" و: "بيان" و: "حساب" ، ١ سورة يوسف: ١٢/ ٢٣و ٣٠. ٢ سورة التوبة: ٩/ ١٠٩، ١١٠. ٣ سورة الكهف: ١٨/ ٢١. و: "عقاب" و: "بدارا" ، وكل واحد من الثلاثة قد اختص أبو داود بحذف بعض الألفاظ التي على وزنه نحو: "فراشا" ، و "متاع" ، و: "رضوان" ، و: "ولدان" ، وقد سكت الناظم عن الأوزان الثلاثة الأخيرة، وكان حقه أن ينبه عليها، كالأوزان الثلاثة. الأول ليفيد ما لأبي عمرو فيها من المخالفة لأبي داود. وليواطئوا بخلف قد رسم ... لابن نجاح عن عطاء وحكم وعنه أيضا عن عطاء أملي ... حذف أذاقها بنص النحل أخبر في البيت الأول عن ابن نجاح، وهو أبو داود بالخلاف في ثبت ألف: "ليواطئوا" في سورة "، عن عطاء بن يزيد الخراساني، وحكم بن عمران الناقط الأندلسي القرطبي." ثم أخبر في البيت الثاني عن أبي داود أيضا بحذف ألف: "أذاقها" ، في سورة: "النحل" ، عن عطاء المذكور، قال أبو داود، ولم أروه عن غيره. وشهر بعضهم إثبات الألف في الكلمتين، وعليه العمل وقوله: "أملي" ، فعل ماض مبني للنائب من الإملاء سكنت ياؤه للوقف، وقوله: حذف أذاقها، نائب فاعله والباء في قوله: "بنص" ، بمعنى "في" ، وأراد هنا بالنص السورة، وليست السورة قيدًا بل بيان للمحل. ثم قال: وهاك معا من مريم لصاد ... على أطراد وبلا اطراد أي: خذ حذف الألفات الذي من سورة: "مريم" إلى سورة: "ص" ، و "على" من قوله: "على اطراد" ، بمعنى "مع" ، والمراد بالاطراد هنا اتفاق كتاب المصاحف، وبعدم الاطراد اختلافهم، وهذه هي الترجمة الخامسة من التراجم الست لحذف الألفات، وقد ترجم هنا: "بهاك" ، وهو اسم فعل بمعنى خذ كما أشرنا إليه في الحل. ثم قال: تساقط احذف سامرا وباعد ... وعن أبي داود والقواعد أمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألف: "تساقط" ، و: "سامرا" ، و: "باعد" . ثم أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "والقواعد" . أما "تساقط" ففي "مريم" : {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا} ١، وقد اتفقت القراء السبعة على قراءته بألف بعد السين، وقرئ شاذا تسقط بوزن تكرم. وأما "سامرا" ففي "قد أفلح" : {سَامِراً تَهْجُرُون} ٢، لا غير وقد قرأه جماعة في الشاذ بضم السين، وفتح الميم مشددة جمع سامر، ولا يدخل في "سامرا" ، "السامري" ، ولذا نص عليه بعد. وأما "باعد" ففي "سبأ" : {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} ٣ لا غير. وقد قرأه المكي، والبصري، وهشام بتشديد العين المكسورة، وإسقاط الألف قبلها. وأما "القواعد" المحذوف لأبي داود ففي "النور" : {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً} ٤، والواو فيه من لفظ القرآن، ولا يدخل فيه ما في سورة "البقرة" ، و "النحل" ، من لفظ "القواعد" ، لتقدمه على الترجمة، والعمل عندنا على حذف: "والقواعد" ، الذي في "النور" ، وإثبات ألف الذي في غيرها، وقوله: تساقط، بكسر الطاء لالتقاء الساكنين. ثم قال: ثم فواكه وفي أعمامكم ... وجاء في الأحزاب في أفواهكم أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "فواكه" ، و: "أعمامكم" ، و "أفواهكم" ، الواقع في سورة "الأحزاب" . أما "فواكه" ففي "قد أفلح" : {لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ} ٥، وهو متعدد في "اليقطين" و "المرسلات" . وأما "أعمامكم" ففي "النور" : {أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ} ٦ لا غير. ١ سورة مريم: ١٩/ ٢٥. ٢ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٦٧. ٣ سورة سبأ: ٣٤/ ١٩. ٤ سورة النور: ٢٤/ ٦٠. ٥ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١٩. ٦ سورة النور: ٢٤/ ٦١. وأما "أفواهكم" الواقع في "الأحزاب" فهو: {ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} ١،واحترز بالسورة من الواقع من النور، وهو: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} ٢. فإن ألفه ثابتة وقد تقدم حذف ألف المضاف إلى ضمير الفائين لأبي داود أيضا، والعمل عند حذف الألف في لفظ: "فواكه" ، حيث وقع. وفي: "أعمامكم" ، و "أفواهكم" ، الواقع في "الأحزاب" . وقوله: "فواكه" ، عطف على: "والقواعد" ، وفي: "أعمامكم" ، متعلق "بجاء" ، مقدار يدل على ما بعد، وضمير جاء للحذف. ثم قال: أصنامكم كذا مع الأطفال ... أمثال امتازوا مع الأخوال أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أصنامكم" ، والأطفال "، و" أمثال "، و" امتازوا "، و" الأخوال "." أما "أصنامكم" ففي "الأنبياء" : {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} ٣، وخرج بقيد الإضافة ما هو خال منها نحو: {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} ٤ في "الشعراء" ، وخرج به أيضا ما في "الأعراف" ، وهو: {عَلَى أَصْنَامٍ لَهُم} ٥، وما في سورة "إبراهيم" وهو: {أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَام} ٦، وقد خرج هذان أيضا بقيد الترجمة لتقدمهما عليها. وأما الأطفال، ففي "النور" : {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} ٧ لا غير. وأما "الأمثال" ففي "النور" : {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ} ٨. وفي القتال: {ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} ٩، وهو متعدد ومنوع كما مثل، ولا يخفى أنه لا يندرج فيه ما قبل الترجمة نحو: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} ١٠ في "الرعد" . ١ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤. ٢ سورة النور: ٢٤/ ١٥. ٣ سورة الأنبياء: ٢١/ ٥٧. ٤ سورة الشعراء: ٢٦/ ٧١. ٥ سور الأعراف: ٧/ ١٣٨. ٦ سورة إبراهيم: ١٤/ ٣٥. ٧ سورة النور: ٢٤/ ٥٩. ٨ سورة النور: ٢٤/ ٣٥. ٩ سورة محمد: ٤٧/ ٣٨. ١٠ سورة الرعد: ١٣/ ١٧. وأما "امتازوا" ففي "يس" : {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} ١ لا غير. وأما "الأخوال" ففي "النور" : {أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ} ٢، لا غير. والعمل عندنا على حذف ألف: "أصنامكم" ، المضاف وثبت غير المضاف، وعلى حذف ألف: "الأطفال" ، و "الأمثال" ، حيث وقع في هذه الترجمة، وثبت ألف الواقع قبلها وعلى حذف ألف: "امتازوا" ، و "الأخوال" . وقوله: "أصنامكم" يقرأ بالنصب على الحكاية، واسم الإشارة في قوله: كذا يعود على كلمات البيت السابق، والتشبيه في الحذف لأبي داود. ثم قال: شاخصة خامسة مقامع ... إكراههن شاطئ صوامع أخبر عن عن أبي داود بحذف ألف: "شاخصة" و "خامسة" ، و "مقامع" ، و "اكراههن" ، و "صوامع" . أما "شاخصة" ففي الأنبياء: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ٣ لا غير. وأما "خامسة" ففي "النور" : في موضعين معرفًا: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ} ٤، {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} ٥. وأما "مقامع" ففي "الحج" : {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيد} ٦ لا غير. وأما "اكراهن" ففي "النور" : {فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ٧ لا غير. وأما "شاطئ" ، ففي "الحج" : {نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ} ٨ لا غير. وأما "صوامع" ففي "الحج" : {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَع} ٩ لا غير. والعمل عندنا على حذف الألف في الألفاظ الستة المذكورة في البيت. وقوله: "شاخصة" والألفاظ بعده عطف على: "أصنامكم" ، أو على "الأخوال" ، بحذف العاطف من الجميع، وكلها محكية ونون شاطئ ضرورة. ١ سورة يس: ٣٦/ ٥٩. ٢ سورة النور: ٢٤/ ٦١. ٣ سورة الأنبياء: ٢١/ ٩٧. ٤ سورة النور: ٢٤/ ٧. ٥ سورة النور: ٢٤/ ٩. ٦ سورة الحج: ٢٢/ ٢١. ٧ سورة النور: ٢٤/ ٣٣. ٨ سورة القصص: ٢٨/ ٣٠. ٩ سورة الحج: ٢٢/ ٤٠. ثم قال: أصوات استاجره واستجرتا ... ومنصف كادت متى رسمتا أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أصوات" ، و "استأجره" ، و "استاجرت" ، وعن صاحب: "المنصف" ، بحذف ألف "كادت" . أما "أصوات" ففي "لقمان" : {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير} ١، وفي الحجرات: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِي} ٢ {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُم} ٣، وكان على الناظم أن يستثني لأبي داود الواقع في: "طه" ، وهو: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} ٤؛ لأنه لم يذكره في "التنزيل" ، ولا أشار إليه. وأما "استاجره" و "استاجرت" ففي "القصص" : {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} ٥. وأما "كادت" المحذوف "للمنصف" ففيها أيضا: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} ٦، ولا يخفى أنه لا يندرج فيه: "كاد" ، وقوله: "متى رسمت" ، تتميم إذا لم تتعدد مواضع: "كادت" ، حتى يحتاج إلى تعميم، والعمل عندنا على حذف الألف في الألفاظ الأربعة المذكورة في البيت إلا: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ} ٧ وفي "طه" ، فالعمل على إثبات ألفه، وقوله: أصوات واللفظان بعده عطف على ما تقدم، و "منصف" مبتدأ أو "كادت" مفعول لفعل محذوف تقديره "حذف" وجملة: "حذف" خبر. ثم قال: وابن نجاح شاهد إن نصبا ... يا سامري وتماثيل سبا أخبر عن ابن نجاح، وهو أبو داود بحذف ألف: "شاهدا" المنصوب، وحذف الألف الثانية من: "يا ساميري" المقترن بحرف النداء، وألف: "تماثيل" الواقع في سورة: "سبأ" . ١ سورة الحجرات: ٤٩/ ٢. ٢ سورة الحجرات: ٤٩/ ٣. ٣ سورة طه: ٢٠/ ١٠٨. ٤ سورة القصص: ٢٨/ ٢٦. ٥ سورة القصص: ٢٨/ ١٠. ٦ سورة طه: ٢٠/ ١٠٨. ٧ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤٥. أما "شاهدا" المنصوب ففي "الأحزاب" : {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} ١، ومثله في "الفتح" ، وهو متعدد، واحترز بقيد النصب عن غير المنصوب نحو: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ} ٢، {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} ٣، وخرج بقيدي الترجمة والنصب: {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} ٤. وأما "يا سامري" ففي "طه" : {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ} ٥، واحترز بقيد حرف النداء عن الخالي منه نحو: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِي} ٦، فإن ألفه ثابته. وأما "تماثيل" : "سبأ" ففيها: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} ٧، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، نحو: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} ٨، فإن ألفه ثابتة، والعمل عندنا على حذف ألف: "شاهدا" . المنصوب حيث وقع وإثبات غير المنصوب، وعلى حذف الألف في "يا سامري" ، وفي "تماثيل" . "سبأ" وقوله: "ابن نجاح" ، فاعل بفعل محذوف، أي: حذف، و: "شاهدا" مفعوله. ثم قال: مغاضبا والعاكف المعرفا ... وعنه الأوثان جميعا حذفا ثم محاريب ... أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "مغاضبا" ، و: "العاكف" ، المعرف، بأل وجميع ألفاظ "الأوثان" ، وألف: "محاريب" . أما "مغاضبا" ففي "الأنبياء" : {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً} ٩ لا غير. وأما "العاكف" المعرف ففي "الحج" : {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَاد} ١٠، واحترز بقيد التعريف عن غير المعرف نحو: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً} ١١ فإن ألفه ثابتة. ١ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤٥. ٢ سورة الأحقاف: ٤٦/ ١٠. ٣ سورة البروج: ٨٥/ ٣. ٤ سورة هود: ١١/ ١٧. ٥ سورة طه: ٢٠/ ٩٥. ٦ سورة طه: ٢٠/ ٨٥. ٧ سورة سبأ: ٣٤/ ١٣. ٨ سورة الأنبياء: ٢١/ ٥٢. ٩ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨٤. ١٠ سورة الحج: ٢٢/ ٢٥. ١١ سورة طه: ٢٠/ ٩٧. وأما "الأوثان" ففي "الحج" : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} ١ وفي العنكبوت: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانا} ٢ وهو متعدد، ومنوع كما مثل: وأما "محاريب" ففي "سبأ" : {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيب} ٣، لا غير، ولا يخفى أنه لا يشمل: "المحراب" ، والعمل عندنا على حذف ألف: "مغاضبا" . و: "العاكف" المعرف، و: "الأوثان" حيث وقع، و: "محاريب" ، وقوله: "مغاضبا" عطف على: "شاهدا" وكذلك "العاكف" ، إلا أنه حكاه فلم ينصبه. ثم قال: . . . . . . . . . . . . وباضطراب ... في أدعيائهم لدى الأحزاب فاكهة واحذف له أساءوا ... ويتخافتون لا امتراء أخبر عن أبي داود بالاضطراب، أي: الخلاف في حذف الألف: "أدعيائهم" الواقع في "الأحزاب" وألف "فاكهة" ، ثم أمر لأبي داود بحذف ألف: "أساءوا" و: "يتخافتون" . أما "أدعيائهم" ففي "الأحزاب" فهو: {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} ٤، واحترز بقيد الإضافة إلى ضمير الغائبين عن غير المضاف إليه. نحو: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} ٥، فإنه لا خلاف في ثبت ألفه، وذكر السورة بيان للمحل لا قيد، واختار في التنزيل إثبات الألف في: "أدعيائهم" . وأما "فاكهة" ففي "يس" {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ} ٦، وهو متعدد في "الزخرف" ، و "الدخان" ، و "الواقعة" ، وغيرها. وأما "أساءوا" ، ففي: "الروم" {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى} ٧، وفي "النجم" {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا} ٨. وأما "يتخافتون" ففي: "طه" : {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً} ٩. ١ سورة الحج: ٢٢/ ٣٠. ٢ سورة العنكبوت: ٢٩/ ١٧. ٣ سورة سبأ: ٣٤/ ١٣. ٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٧. ٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤. ٦ سورة يس: ٣٦/ ٥٧. ٧ سورة الروم: ٣٠/ ١٠. ٨ سورة النجم: ٥٣/ ٣١. ٩ سورة طه: ٢٠/ ١٠٣. وفي "القلم" {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} ١. والعمل عندنا على ثبت ألف: "أدعيائهم" ، في "الأحزاب" وحذف: ألف "فاكهة" حيث وقع، وحذف ألف "أساءوا" ، وقوله: باضطراب بمعنى: مع، و "فاكهة" ، عطف على "أدعيائهم" ، ولا من قوله: "لا مراء" من أخوات: "ليس" ، و "امتراء" اسمها، وخبرها محذوف تقديره موجودا والافتراء الشك. ثم قال: وفاستغاثة كذلك رسما ... عنه كذا عبادته لمريما أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "فاستغاثه" .،و: "عيادته" . في سورة: "مريم" . أما الأول ففي "القصص" : {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ} ٢. أما الثاني فهو {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِه} ٣، واحترز بقوله: "مريم" ، عن الواقع في غيرها وهو في: "الأنبياء" : {لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} ٤، فإن ألفه ثابتة ولا يدخل في: "عبادته" ، "عبادتهم" . من قوله تعالى: {سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} ٥ في: "مريم" أيضا وألفه ثابتة، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف ألف: "فاستغاثه" ، و: "عبادته" والواقع في "مريم" ، وبقي على الناظم من الألفاظ المحذوفة الألف في "مريم" : "ناديناه" من قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَن} ٦، وكذا: "ناديناه" . "بالصافات" ، فإن أبا داود نص في "التنزيل" على حذف الألف، ويؤخذ من كلامه حذف الثاني أيضا وبحذف ألفهما، أعني الألف الأولى، العمل عندنا. وأما الألف الثانية فيهمتا فيعلم حذفها من قوله المتقدم: "وبعد نون مضمر أتاك" ، والبيت، واسم الإشارة في قوله: "كذلك" تعود على ما تقدم في البيت السابق، والتشبيه في الحذف وسكن الهاء من عبادته إجراء للوصل مجرى الوقف للوزن، وهكذا يقال في: "فناظره" ، و "ليكه" ، الإتيان. ١ سورة القلم: ٦٨/ ٢٣. ٢ سورة القصص: ٢٨/ ١٥. ٣ سورة مريم: ١٩/ ٦٥. ٤ سورة الأنبياء: ٢١/ ١٩. ٥ سورة مريم: ١٩/ ٨٢. ٦ سورة مريم: ١٩/ ٥٢. ثم قال: وعن أبي عمرو فصال لقمان ... وعن أبي داود جاء الحرفان أخبر عن أبي عمرو الداني بحذف ألف: "فصاله" ، الواقع في سورة "لقمان" ، وعن أبي داود بحذفه وحذف الذي في سورة: "الأحقاف" . وهما المرادان بقوله: "الحرفان" أي الكلمتان أما الأول فهو: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} ١، وقد قرئ شاذا: "وفصاله" بفتح الفاء وسكون الصاد. وأما الثاني فهو: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} ٢، وقد قرئ شاذا كالأول، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف ألف: "فصاله" في السورتين. ثم قال: ولا تخاف دركا يدافع ... الحذف عنهما بخلف واقع فناظره ثم معا بها دي ... فيها سراجا أخبر عن الشيخين بالخلاف في حذف ألف: "تخاف" من قوله: {لَا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى} ٣، وألف: "يدافع" ، "فناظره" المقترن بالفاء و "بهادي" ، المقترن بالباء، و: "سراجا" المقترن بفيها. أما "تخاف" من قوله: {لا تَخَافُ دَرَكاً} ٤ ففي "طه" ، وقد قرأه حمزة بحذف الألف وإسكان الفاء، وقيده بالمجاور، وهو: "دركا" ، دفعا لتوهم دخول المفتتح بالياء نحو: {فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} ٥، وقد قرأ المكي هذا أعني: {فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} ٦ بغير ألف بعد الخاء ويحزم الفاء، قال في "التنزيل" ، وليس عندنا للمصاحف في هذا رواية إلا أن الذي يجب في القياس أن يكتب في مصاحف أهل مكة بغير ألف، انتهى. وذكر قبل هذا احتمال كتابته بالألف، وبحذفها على قراءة غير المكي والعمل عندنا على إثبات الألف لغير المكي، وأما "يدافع" ففي "الحج" : ١ سورة لقمان: ٣١/ ١٤. ٢ سورة الأحقاف: ٤٦/ ١٥. ٣ سورة طه: ٢٠/ ٧٧. ٤ سورة طه: ٢٠/ ٧٧. ٥ سورة طه: ٢٠/ ١١٢. ٦ سورة طه: ٢٠/ ١١٢. {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} ١، وقد قرأه المكي والبصري بفتح الياء والفاء، وإسكان الدال بينهما من غير ألف. وأما "فناظرة" ففي "النمل" : {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُون} ٢. واحترز بقيد المحاور للفاء عن الخالي منها نحو: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ٣ فإن ألفه ثابتة، وأما "بهادي" ففي "النمل والروم" : {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ} ٤، وقد قرأه حمزة في السورتين: "تهدي" بتاء مفتوحة وإسكان الهاء من غير ألف بعد الهاء، واحترز بقيد المجاور للباء عن الخالي منها نحو: {لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا} ٥. {فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} ٦ فإن ألفه ثابتة. وأما "سراجا" المجاور "لفيها" ففي "الفرقان" : {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا} ٧، وقد قرأه حمزة والكسائي بضم السين والراء جمع سراج، وقيده بالمجاورة وهو: "فيها" ليخرج غيره نحو: {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجًا} ٨. فإن ألفه ثابتة، والعمل عندنا على حذف الألف في الألفاظ الخمسة المتقدمة وقوله: {فَنَاظِرَةٌ} بإسكان الهاء لما تقدم. ثم قال: . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . وبنص صاد وظلة ليكه وفي بقادر ... في الأولين الحذف مع تصاعر أخبر مع إطلاق الحكم يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف ألفي: ليكه في سورة: "ص" ، وفي سورة "الظلة" ، وهي سورة الشعراء، وألف: "بقادر" ، في الموضعين الأولين، وألف: تصاعر. أما ليكه في: "صاد" و "الشعراء" فيهما: {وَأَصْحَابُ لْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ} ٩، {كَذَّبَ أَصْحَابُ لْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} ١٠. ١ سورة الحج: ٢٢/ ٣٨. ٢ سورة النمل: ٢٧/ ٨٥. ٣ سورة القيامة: ٧٥/ ٢٣. ٤ سورة الروم: ٣٠/ ٥٣. ٥ سورة الحج: ٢٢/ ٥٤. ٦ سورة غافر: ٤٠/ ٣٣. ٧ سورة الفرقان: ٢٥/ ٦١. ٨ سورة النبأ: ٧٨/ ١٣. ٩ سورة ص: ٣٨/ ١٣. ١٠ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٧٦. قال أبو عمرو: كتبوا في المصاحف: {أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} ١ في: الشعراء، وفي: "صاد" ، بلام من غير ألف قبلها، ولا بعدها، وفي: "الحجر" ، وفي "ق" : "الأيكة" ، انتهى، وقريبمنه لأبي داود، وقد قرأه نافع، والمكي والشامي في الموضعين: "ليكة" . بوزن ليلة غير منصرف والباقون "الأيكة" بإدخال، أل على، "أيكة" مكسورة التاء كاللذين في: "الحجر" و "ق" ، وهما المحترز عنهما بقيد السورتين، وقرئ شاذا بفتح اللام وكسر التاء منصرفا، وليكة اسم للقرية، والأيكة البلاد كلها كما في بعض التفاسير، وما ذكره الناظم من حذف ألفي: "ليكة" من الرسم في السورتين لا يظهر لنافع، إذ لا حذف على قراءة "نعم" يظهر على قراءة من قرأ: "الأيكة" : بأل لكن الناظم بصدد بيان الرسم على قراءة نافع فقط، ويمكن أن يجاب عنه بأن الإمام نافعا لما التزم في قراءته موافقة المصحف صار كان المصحف هو المسند، والمتبوع عنده في القراءة بحذف الألفين، وإن كان قد روي ذلك أيضا. وأما كلمة: "بقادر" في الموضعين الأولين في: "يس" : {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} ٢، وفي "الأحقاف" : {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} ٣، وقد قرئ خارج السبع: "يقدر" بياء مفتوحة، وإسكان القاف بلا ألف، وبضم الراء في الموضعين مضارع قدر، كضرب واحترز بقيد المجاور للباء عن الخالي منها نحو: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِر} ٤ فإن ألفه ثابتة، وبقيد الأولين عن الثالث وهو في القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} ٥. وأما "تصاعر" ، ففي "لقمان" : {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} ٦، وقد قرأه "المكي" و "الشامي" و "عاصم" بتشديد العين من غير ألف، وسنذكر في شرح البيت بعد ما به العمل في: "بقادر" . ١ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٧٦. ٢ سورة يس: ٣٦/ ٨١. ٣ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٣٣. ٤ سورة الطارق: ٨٦/ ٨. ٥ سورة القيامة: ٧٥/ ٤٠. ٦ سورة لقمان: ٣١/ ١٨. تنبيه: مما يناسبك كلمة: "ليكة" هنا كلمة "الأولى" من قوله تعالى: في "النجم" {عَاداً الْأُولَى} ١، ولم يتعرض لها الشيخان، وقد نقل المهدوي عن بعض القراء أمها مكتوبة في مصحف أبي، وابن مسعود فيما روي، "عاد الولى" بألف واحد بعد الدال كلام قال: وتلك ألف التنوين؛ لأنها لم تحذف في غير هذا الموضع، انتهى. وظاهر كلام بعضهم أنها مكتوبة بألف واحد في جميع المصاحف، والعمل عندنا على رسمها بألف بعد ألف التنوين فلام ألف هكذا: {عَاداً الْأُولَى} ٢، والباء في قوله: "بنص" بمعنى "في" ، ومعنى النص هنا الكلمة: و "بنص" خبر متقدم، وظلة عطف على "صاد" ، و "ليكة" ، بدل من "نص" ، وسكنه لما تقدم، وقوله: و "في بقادر" ، على حذف المضاف معطوف على "بنص صاد" ، والحذف مبتدأ مؤخر، فقوله: "وبنص" : "صاد" إلخ. كلام مستأنف، وليس معطوفا على ما قبله حتى يدخل في حيز ما فيه الخلاف وسبك الكلام، الحذف ثابت في كلمة: "ص" ، و: "الشعراء" التي هي "ليكة" ، وفي لفظي "بقادر" الأولين حال كون تلك الكلمات، مصاحبة: "لتصاعر" في الحذف. ثم قال: وحيثما بقادر بألباء ... لابن نجاح جاء باستيفاء أخبر عن ابن نجاح وهو أبو داود بحذف ألف: "بقادر" المقترن بالباء حيثما ورد في القرآن، لا فرق بين الموضعين الأولين المتقدمين، ولا بين غيرهما فيحذف لأبي داود الموضع الواقع في سورة "القيامة" ، المتقدم زيادة على ما تقدم من الموضعين، والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف ألف: "بقادر" ، المقترن بالباء حيثما ورد. وقوله: "بقادر" فاعل بفعل محذوف تقديره وقع والباء في استيفاء، "بمعنى مع" والاستيفاء: الاكتمال، والمراد به هنا عموم الحذف في الألفاظ، وهو تأكيد إذ العموم مستفاد من حيثما. ١ سورة النجم: ٥٣/ ٥٠. ٢ سورة النجم: ٥٣/ ٥٠. ثم قال: كذا حرام الأنبياء عنهما ... وهل يجازى ومهادا حيثما ولم يجئ مهادا أعني آلاولا ... لابن نجاح إذ سواه نقلا أخبر عن الشيخين بحذف ألف: "حرام" . الواقع في "الأنبياء" ، وألف: "وهل يجازى" ، و "مهادا" . المنصوب حيثما وقع إلا أن أبا داود لم يذكر الأول من لفظ: "مهادا" . أما "حرام" الأنبياء ففيها: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} ١، وقد قرأه حمزة والكسائي وشعبة بكسر الحاء، وإسكان الراء بلا ألف، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها نحو: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً} ٢ فإن ألفه ثابتة. وأما: "وهل يجازى" ففي "سبأ" : {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} ٣، وقد قرأه حمزة والكسائي، وحفص بنون مضمومة، وكسر الزاي بعدها ياء واتفقت قراءة السبعة على إثبات الألف فيه، وقرئ شاذا بياء مضمومة وجيم ساكنة وزاي مفتوحة بعدها ألف، وزيادة الناظم: "هل" مع: "يجازى" للإيضاح إذ لم يقع: "يجازى" إلا في الموضع المذكور. وأما "مهادا" ففي "طه" : {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً} ٤، وهذا هو الأول الذي سكت عنه أبو داود، وفي: "الزخرف" مثله وفي: "النبأ" : {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} ٥. وقد قرأ الكوفيون الأولين: "مَهْدًا" ، بفتح الميم وإسكان الهاء من غير ألف، واحترز بقيد التنوين مع النصب عن الخالي من ذلك القيد نحو: {فَبِئْسَ الْمِهَادُ} ٦ فإن ألفه ثابتة، والعمل عندنا على حذف ألف: "مهادا" ، المنصوب حيثما وقع، وإذ من قوله: "سواه" ظرف بمعنى حين خال عن التعليل معمول "ليجئ" وسواه معمول لنقل، وقال: بعضهم هكذا يجري على الألسنة والرواية، و "سواه" : بالواو "انتهى" ، وفاعل "نقل" ضمير يعود على ابن نجاح والألف المتصلة "بنفلا" ألف الإطلاق كألف الأول. ثم قال: وعنهما في فارغا واداراكا ... وفي حذاذا قد أتت كذلك ١ سورة الأنبياء: ٢١/ ٩٥. ٢ سورة الحج: ٢٢/ ٢٥. ٣ سورة سبأ: ٣٤/ ١٧. ٤ سورة طه: ٢٠/ ٥٣. ٥ سورة النبأ: ٧٨/ ٦. ٦ سورة ص: ٣٨/ ٥٦. أخبر عن الشيخين بحذف ألف: "فارغا" ، و "اداراكا" و "جذاذا" . أما "فارغا" ، ففي القصص: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً} ١. وأما "ادارك" ، ففي "النمل" : {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} ٢. وقد قرأه المكي والبصري: "أدراك" بقطع الهمزة وسكون الدال. وأما "جذاذا" ففي "الأنبياء" : {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ} ٣، وقوله في: "فارغا" خبر متبدأ محذوف، أي: الحذف الثابت في: "فارغا" ، وعنهما، متعلق بما تعلق به الخبر. ثم قال: وأيه الزخرف والرحمن ... والنور فيها بعد الثاني أخبر عن الشيخين بحذف ألف: "أيها" الواقع بعد الهاء في سورة "الزخرف" و "الرحمن" ، والثالث في "النور" ، وهي: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} ٤، {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ} ٥، {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} ٦. وقد قرأه الشامي في المواضع الثلاثة بضم الهاء، ووقف عليه أبو عمرو والكسائي بالألف على الأصل، والباقون بحذفها مع إسكان الهاء تبعا للرسم، واحترز بقوله: "بعد الثاني" من الأول، والثاني وهما: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} ٧، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} ٨، ومراد الناظم بما بعد الثاني والثالث فقط كما قررنا، وإن كانت عبارته تشمل الرابع أيضا، وهو: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ} ٩، وألفه ثابتة كالأول والثاني. فإن قلت: لا حاجة إلى ذكر هذه المواضع الثلاثة بالحذف؛ لأن ألفها ساقطة لنافع، وصلا ووقفا، فالجواب إنه لما كان من قاعدة نافع الاعتناء في الوقف باتباع الخط صار المصحف في هذا، ونحوه كأنه هو المستند المتبوع عنده وإن كان قد روي ذلك أيضا، وبهذا يجاب، عما يأتي في حذف الياءات والواوات. ١ سورة القصص: ٢٨/ ١٠. ٢ سورة النمل: ٢٧/ ٦٦. ٣ سورة الأنبياء: ٢١/ ٥٨. ٤ سورة الزخرف: ٤٣/ ٤٩. ٥ سورة الرحمن: ٥٥/ ٣١. ٦ سورة النور: ٢٤/ ٣١. ٧ سورة النور: ٢٤/ ٢١. ٨ سورة النور: ٢٤/ ٢٧. ٩ سورة النور: ٢٤/ ٥٨. تنبيه: في كتب هذه المواضع الثلاثة بدون ألف ثلاثة أوجه: - الأول: الإشارة إلى قراءة ابن عامر. - الثاني: حمل الخط على الوصل اللفظي. - الثالث: الاكتفاء بالفتحة عن الألف كالاكتفاء بالضمة، والكسرة عن الواو والياء في نحو: ويدع الإنسان "،" ويوت "" وخافون "، وبابهما وقوله:" آية الزخرف "عطف على:" جذذا "." ثم قال: ورسم الأولى اختبر في جاءانا ... وفي تراءا عكس هذا بانا أخبر باختيار رسم الألف الأولى، أي: إثباتها في "جاءنا" بمعنى مع حذف الألف الثانية. وباحتيار عكس هذا الحكم في: "تراءا" ، وهو إثبات الألف الثانية وحذف الأولى. أما "جاءنا" ففي "الزخرف" : {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} ١، وقد قرأه البصري، وحمزة والكسائي وحفص، بغير ألف الهمزة مستندا إلى ضمير المفرد. وأما تراءا "ففي" الشعراء ": {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} ٢، وفي:" جاءانا" ألفان: أولاهما الواقعة قبل الهمزة، وهي عين الكلمة ومبدلة من ياء، وثانيهما الواقعة قبل الواقعة قبل الهمزة وهي عين الكلمة، ومبدلة من ياء وثانيهما الواقعة قبل الهمزة وهي ألف الاثنين، وفي: "تراءا" ألفان أيضا: أولاهما الواقعة قبل الهمزة وهي ألف تفاعل، وثانيتهما الواقعة بعد الهمزة وهي لام الكلمة، ومبدلة من ياء وأصلها "تراءى "، فعل ماض على وزن تفاعل:" كتخاصم "تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وكان قياس الكلمتين معا أن ترسما بثلاث ألفات: الألفان المتقدمان، والثالث صورة الهمزة التي بينهما: إذ قياس الهمزة هنا تصور من جنس حركتها، وهو هنا الألف ولكن لم ترسم الكلمتان في جميع المصاحف إلا بألف واحد، وحذف منهما ألفان" ١ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٨. ٢ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. كراهة اجتماع الصور المتماثلة في الخط، ولم يذكر الشيخان أن الألف المرسومة هي صورة الهمزة، وإنما ذكرا أنه يحتمل أن تكون الألف المرسومة في: "جاءنا" هي الألف الأولى الواقعة قبل الهمزة، والمحذوفة هي الألف الثانية الواقعة بعدها، واختارا في "تراءا" العكس وإلى اختيارهما المذكور أشار الناظم بالبيت، وعليه فصورة كتابة "جاءنا" أن تكون الألف التي قبل الهمزة سوداء والتي بعدها حمراء، وصورة كتابة: "تراءا" أن تكون الألف التي قبل الهمزة حمراء، والتي بعدها سوداء وعلى هذا العمل في الكلمتين. واعلم أن الاختيار الذي أشار إليه الناظم في البيت إنما هو لأبي عمرو في "المحكم" ، ولأبي داود في "ذيل الرسم" ، وإما كلام أبي عمرو في "المقنع" ، فهو كالصريح في اختيار أن الألف الثانية هي المثبتة في كل من الكلمتين، ولم يذكر داود في "التنزيل" اختيارا في "جاءنا" ، بل اقتصر على أنه كتب بألف واحدة، واختار في "التنزيل" حذف الألف الثانية من: "تراءا" وانتصر له الجعبري١ ورد جميع التوجيهات التي ذكرها أبو عمرو لاختيار حذف الألف الأولى من: تراءا"، وعليه قصورة كتابة: "تراءا" أن تكون الألف التي قبل الهمزة سوداء والتي بعدها حمراء، وقد علمت أن العمل على ما ذكره الناظم." تنبيهات: - الأول: ما تقدم في "جاءنا" من حذف إحدى ألفيه إنما على تقدير رسمه في المصاحف على قراءة التثنية. وإما على تقدير رسمه فيها على قراءة الأفراد، فليس فيه حذف أصلًا. - الثاني: لم يقع "جاءنا" في هذه الترجمة بل: "تراءا" فقط، وإنما ذكره مع: "تراءا" لشبهه به الاشتمال على ألفين بينهما همزة غير مصورة، ولكونه مقابلا له في الاختيار، وقوله "بأن" معناه "ظهر" . ثم قال: القول في المرسوم من صاد إلى ... مختتم القرآن حيث كملا ١ إبراهيم بن عمر الجعبري: أبو محمد الربعي السلفي، محقق حاذق ثقة كبير "٦٤٠-٦٧٣" ، وله رسائل وتآليف شتى. طبقات ١/ ٢١. أي هذا القول في حذف ألف كلمات المرسوم، أي: المكتوب في المصحاف العثمانية متدئًا من سورة "ص" منتهيًا إلى مختتم القرآن أي: محل ختمة هو لفظ: "الناس" من آخر سورة "الناس" ، ولم يشر الناظم في هذه الترجمة إلى قسمين: الوفاق والخلاف في الحذف اكتفاء يتقدمهما في التراجم السابقة، وهذه الترجمة هي خاتمة التراجم الست لحذف الألفات وقوله: "حيث" ، بدل من: مختتم، فهي في محل جر، وجملة "كملا" خفض بإضافة "حيث" إليها، ويجوز في: "كمل" فتح الميم وضمها. ثم قال: واحذف مصابيح معًا وإدبار ... لابن نجاح خاشعًا ولغفار أمر لابن نجاح وهو أبو دواد بحذف ألف كلمتي: "مصابيح" "وإدبار" و "خاشعًا" : - أما "مصابيح" ففي "فصلت" : {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا} ١. - وفي "الملك" : {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بمَصَابِيحَ} ٢. - وأما "إدبار" ففي "ق" : {فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} ٣. - وفي "الطور" : {فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} ٤. - وإما "خاشعة" ففي "الحشر" : {لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا} ٥، ولا نظير له في قراءة نافع. - وأما الغفار ففي "ص" : {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} ٦. - وفي الزمر: {أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} ٧. - وفي غافر: {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ} ٨. وكان حق الناظم أن يستثني لأبي داود: "غفارا" المنكر، وهو: {إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} ٩ في سورة "نوح" ؛ لأنه لم يذكره في "التنزيل" لا تصريحًا ولا تلويحًا، والعمل عندنا على حذف الألف في الألفاظ الأربعة المذكورة في البيت، وعلى إثبات ألف: "غفارًا" المنكر. ١ سورة فصلت: ٢٤/ ١٢. ٢ سورة الملك: ٦٧/ ٥. ٣ سورة ق: ٥٠/ ٤٠. ٤ سورة الطور: ٥٢/ ٤٩. ٥ سورة الحشر: ٥٩/ ٢١. ٦ سورة ص: ٣٨/ ٦٦. ٧ سورة الزمر: ٣٩/ ٥. ٨ سورة غافر: ٤٠/ ٤٢. ٩ سورة نوح: ٧١/ ١٠. ثم قال: كذابًا الأخير قل وعنهما ... أساورة أثارة قل مثل ما أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "كذابًا" - "الأخير، وعن الشيخين بحذف ألف:" ساورة "و:" أثارة "." أما "كذابًا الأخير ففي آخر" النبأ ": {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّابًا} ١." وهذا هو الآتي للناظم بالخلاف لأبي عمرو، واحترز بقوله: "الأخير" عن الأول، وهو في النبأ "أيضا: {وَكَذَّبُوا بِئايَتِنَا كِذَّابًا} ٢ فإنه ألفه ثابتة." وأما "أساوره" المحذوف للشيخين ففي "الزخرف" : {فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ} ٣، وقد قرأه حفص بإسكان السين من غير ألف وخرج: "بأساورة" المختتم بالتاء الخالي منها فإن ألفه ثابتة، وهو في الكهف: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} ٤. ومثله في "الحج" ، و "فاطر، و" الإنسان "كما خرج ما عدا هذا الأخير بالترجمة أيضًا لتقدمه عليها." وأما "أثارة" ففي "الأحقاف" : {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْم} ٥، وقد قرئ شاذ بحذف الألف مع فتح الثاء وإسكانها، وبضم الهمزة وسكون الثاء والعمل عندنا على حذف ألف: "كذابا" الأخير في "النبأ" ، وقوله: "كذابًا" ، عطف على المنصوبات في البيت السابق، والأخير، نعته وسكن هاء "أساورة" : إجراء للوصل مجرى للوقف تقدم في نظائره، و "ما" من قوله: "مثل ما" موصولة حذف صلتها للعلم بها أي: مثل ما تقدم. ثم قال: وأن تداركه في عبادي ... ثم له عبادنا بصادي أخبر عن الشيخين بحذف ألف: "أن تداركه" وفي: "عبادي" ، وعن أبي داود بحذف ألف: "عبدنا" في سورة: "ص" . ١ سورة النبأ: ٧٨/ ٣٥٤. ٢ سورة النبأ: ٧٨/ ٢٨. ٣ سورة الزخرف: ٤٣/ ٥٣. ٤ سورة الكهف: ١٨/ ٣١. ٥ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٤. أما "أن تداركه" ، ففي: "القلم" : {لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ} ١ لا غير فليست أن قيدًا بإيضاح. وأما "في عبادي" ففي "الفجر" : {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} ٢، وقد قرئ شاذا: "عبدي" بالإفراد، واحترز بقيد في عن الخالي منها نحو: {يَا عِبَادِي لاَ خَوْفٌ عَلَيكُمْ الْيَومَ} ٣ فإن ألفه ثابتة. وأما "عبادنا" في {ص} المحذوف لأبي داود فهو: {واذْكُرْ عبدنَا إبْرَاهِيمَ وَإسْحاق ويَعْقُوبَ} ٤ وقد قرأه المكي: "عبدنا" بالإفراد، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، فإن ألفه ثابتة نحو: {نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} ٥ لا يقال هذا خارج بقيد حركة الحكاية، وهي فتحة الدال؛ لأنا نقول: أم نعهد من الناظم اعتماد قيد الفتحة إلا منطمة للتنوين، والعمل عندنا على حذف ألف "عبادنا" في "ص" ، وقوله: "وأن تداركه عبادي" ، عطف على "أساورة" ، في البيت السابق بحذف العاطف من الثاني، والضمير في قوله: "له" ، يعود على أبي داود؛ لأنه لما امتنع رجوعه للشيخين معًا للاختلاف بالإفراد والتثنية تعين عوده إلى ابن نجاج المتقدم ذكره صدر الترجمة، والباء في بصاد بمعنى: "في" . ثم قال: أضغان ألواح وفي لواقع ... وعنهما الخلاف في مواقع أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أضغان" ، و "ألواح" ، و "الواقع" . وعن الشيخين بالخلاف في حذف ألف: "مواقع" . أما "أضغان" ففي "القتال" : {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} ٦. وفيها أيضًا: {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} ٧. وأما "ألواح" ففي "القمر" : {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} ٨. ١ سورة القلم: ٦٨/ ٤٩. ٢ سورة الفجر: ٨٩/ ٢٩. ٣ سورة الزخرف: ٤٣/ ٦٨. ٤ سورة ص: ٣٨/ ٤٥. ٥ سورة الشورى: ٤٢/ ٥٢. ٦ سورة القتال: ٤٧/ ٢٩. ٧ سورة القتال: ٤٧/ ٣٧. ٨ سورة القمر: ٥٤/ ١٣. وخرج بقيد الترجمة لفظ: "ألواح" الواقع في ثلاثة مواضع من: "الاعتراف" ، فإن ألفه ثابتة. وأما "لواقع" ففي "الذاريات" : {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} ١، وهو متعدد واحترز بقيد اللام عن الخالي منه نحو: {وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} ٢ {سَألَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} ٣. فإن ألفه تابثة. وأما "مواقع" المختلف فيه عن الشيخين ففي "الواقعة" : {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} ٤، وقد قرأه حمزة والكسائي بإسكان الواو من غير ألف على الإفراد، ويترجح فيه الحذف للإشارة إلى قراءة حمزة والكسائي؛ ولأنه مروي عن نافع وفي مصاحف المدينة، والعمل عندنا على حذف الألف في: "أضغان" ، و "ألواح" ، و "لواقع" ، و "مواقع" . وقوله أضغان ألواح، عطف على "عبادنا" بحذف العاطف منها، وفي "لواقع" متعلق بفعل محذوف أي أحذف، له الألف في "لواقع" . ثم قال: كذا ولا كذابًا أيضًا يرسم ... بمقنع وعنهما عاليهم بالحذف مع ختامه كبائر ... أخبر عن أبي عمرو في المقتع بالخلاف في حذف ألف: "ولا كذابًا" ، وعن الشيخين بحذف ألف: "عاليهم" ، و "ختامه" ، "وكبائر" . أما "ولا كذابا" فهو المتقدم في قوله: "كذابا الأخير" . وأما "عاليهم" ففي سورة "الإنسان" : {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ} ٥. وقد قرأه نافع وحمزة بإسكان الياء وكسر الهاء، والباقون بفتح الياء وضم الهاء، واتفق السبعة على ثبوت الألف لفظًا وقرئ شاذًا: "عليهم" . بصورة الجار والمجرور، وأما "ختامُهُ" ففي "المطففين" : {خِتَامُهُ مِسْكٌ} ٦، وقد قرأه الكسائي بفتح الخاء، وألف بعدها من غير ألف بعد التاء. ١ سورة الذاريات: ٥١/ ٦. ٢ سورة الشورى: ٤٢/ ٢٢. ٣ سورة المعارج: ٧٠/ ١. ٤ سورة الواقعة: ٥٦/ ٧٥. ٥ سورة الإنسان: ٧٦/ ٢١. ٦ سورة المطففين: ٨٣/ ٢٦. وأما "كبائر" ففي "الشورى" : {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ} ١ ومثله في "النجم" ، وقد قرأهما حمزة والكسائي بكسر الباء بعدها ياء ساكنة من غير ألف ولا همز، وخرج بقيد الترجمة ما قبلها وهو: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} ٢. فإن ألفه ثابتة وقد قدمنا أن العمل في: "ولا كذابا" على الحذف. ثم قال: . . . . . . . . . . . ... وابن نجاح واعيه بصائر كذا المناجاة له وقد وقعت ... وخلف ريحان له في وقعت أخبر عن ابن نجاح، وهو أبو داود بحذف ألف: "واعيه" ، و "بصائر" ، وما تصرف من مادة المناجاة، وبالخلاف له في حذف ألف: "ريحان" ، الواقع في سورة "الواقعة" . أما "واعيه" ، ففي "الحاقة" : {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} ٣ لا غير. وأما "بصائر" ففي "الجاثية" : {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً} ٤. وخرج بقيد الترجمة الواقع قبلها فإن ألفه ثابتة كالواقع في "الأعراف" ، وهو: {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} ٥. وفي القصص: {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ٦. وأما المتصرف من مادة المناجاة، فلم يوجد منه في القرآن إلا الأفعال وذلك في سورة "المجادلة" : {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} ٧، {إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ٨، {وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ٩، {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُول} ١٠. وقد قرأ حمزة الأول بتقديم النون على التاء، وبإسكان النون وضم الجيم من عند ألف: كـ "ينتهون" . ١ سورة الشورى: ٤٢/ ٣٧. ٢ سورة النساء: ٤/ ٣١. ٣ سورة الحاقة: ٦٩/ ١٢. ٤ سورة الجاثية: ٤٥/ ٢٠. ٥ سورة الأعراف: ٧/ ٢٠٣. ٦ سورة القصص: ٢٨/ ٤٣. ٧ سورة المجادلة: ٥٨/ ٨. ٨ سورة المجادلة: ٥٨/ ٩. ٩ سورة المجادلة: ٥٨/ ٩. ١٠سورة المجادلة: ٥٨/ ١٢. وأما "ريحان" في "الواقعة" المختلف في حذف ألفه فهو: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} ١، واحترز بقيد السورة عن الواقع في "الرحمن" ، وهو {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} ٢، واختار في "التنزيل" ثبت ألف "الريحان" الذي في "الواقعة" مثل الذي في "الرحمن" ، والعمل عندنا على حذف الألف في: "واعية، وبصائر" ، الذي في "الجاثية" وعلى حذف الألف في الأفعال المتصرفة من مادة المناجاة، وعلى إثبات ألف "الريحان" الذي في "الواقعة" كالذي في "الرحمن" . ثم قال: ومثله المرجان عنه قد رسم ... عن الخراساني عطاء وحكم أخبرني عن أبي داود بالخلاف في حذف ألف: "المرجان" ، عن عطاء بن يزيد الخراساني، وحكم بن عمران، الناقط القرطبي، وقد وقع لفظ المرجان في موضعين من سورة "الرحمن" : {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ٣. {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} ٤، والعمل عندنا على ثبت ألفه في الموضعين، وقوله: من صوب على الحال من نائب فاعل: "رسم" ، والضمير المضاف إليه مثل عائد على "ريحان" المتقدم و "المرجان" مبتدأ، وجملة "رسم" خبره، و "عطاء" بدل من "الخراساني" ، و "حكم" عطف على "الخراساني" . ثم قال: وعنه في أقواتها قد حذفا ... كذا النواصي أيضا عنه عرفا وما أتى في الذكر من خاشعة ... مع تمارونه مع كاذبة في سورة العلق قل والمنصف ... أطلقها أخبر عن أبي داود بحذف ألف: "أقواتها، والنواصي" ، وألف ما ورد في الذكر أي: "القرآن" ، من لفظ: "خاشعة" وألف: "تمارونه، وكاذبة" في سورة "العلق" ، ثم أخبر عن صاحب: "المنصف" بحذف ألف: "كاذبة، مطلقا" أي: غير مقيد بسورة "العلق" . ١ سورة الواقعة: ٥٦/ ٧٩. ٢ سورة الرحمن: ٥٥/ ١٢. ٣ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٢. ٤ سورة الرحمن: ٥٥/ ٥٨. أما "أقواتها" ففي "فصلت" : {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} ١. وأما "النواصي" ففي "الرحمن" : {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} ٢. وأما خاشعة ففي فصلت: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} ٣. وهو متعدد في "ن" و "المعارج" ، و "الغاشية" . وأما "تمارونه" ففي "النجم" : {أَفَتُمَرُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} ٤، وقد قرأه حمزة والكسائي بفتح التاء، وإسكان الميم من غير ألف. وأما "كاذبة" في سورة "العلق" فهو: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} ٥. واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، وهو في "الواقعة" : {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَة} ٦، واللفظان محذوفان مع لصاحب "المنصف" ، والعمل عندنا على حذف الألف في: "أقواتها" ، و "النواصي" ، و "خاشعة" حيث وقع، وأفتمارونه، وكاذبة مطلق. ثم قال: . . . . . . . . . . . . ... وابن نجاح يحذف أهانن الألقاب مع تفاوت ... ثم ينابيع حطاما قانت أخبر عن ابن نجاح، وهو أبو داود بحذف ألف: "أهانن" ، و "الألقاب" ، و "تفاوت" ، و "ينابيع" ، و "حطاما" ، و "قانت" ، أما "أهانن" ففي "الفجر: {فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} ٧." وأما "الألقاب" ففي "الحجرات" : {وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} ٨. وأما "تفاوت" ففي "الملك" : {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} ٩. وقد قرأه حمزة والكسائي بضم الواو مشددة من غير ألف. وأما "ينابيع" ففي "الزمر" : {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} ١٠. ١ سورة فصلت: ٤١/ ١٠. ٢ سورة الرحمن: ٥٥/ ٤١. ٣ سورة فصلت: ٤١/ ٣٩. ٤ سورة النجم: ٥٣/ ١٢. ٥ سورة العلق: ٩٦/ ١٥-١٦. ٦ سورة الواقعة: ٥٦/ ٢. ٧ سورة الفجر: ٨٩/ ١٦. ٨ سورة الحجرات: ٤٩/ ٥١. ٩ سورة الملك: ٦٧/ ٣. ١٠ سورة الزمر: ٣٩/ ٢١. وأما "حطاما" ففيها أيضا: {ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} ١، وقد تعدد في "الواقعة" و "الحديد" . وأما "قانت" ففي "الزمر" : {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ} ٢، وقد خرج بقيد الترجمة نحو: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} ٣، فإن ألفه ثابة والعمل عندنا على حذف الألف في الألفاظ الستة المذكورة. ثم قال: ووزن فعال وفاعل ثبت ... في مقنع إلا التي تقدمت أخبر عن أبي عمرو في المقنع بثبت الألف في الكلم التي على وزن فعال بفتح العين مشددة، ووزن فاعل إلا الكلم التي تقدمت من الوزنين. أما الكلم الغير المتقدمة له التي على أحد الوزنين فنحو: "خوان" ، و "ختار" ، و "صبار" ، و "كفار" ونحو: "ظالم" ، و "شاهد" ، و "سارب" ، و "مارد" ، و "طارد" . وأما الكلم المتقدمة له بالحذف التي على الوزنين فهي عشرون كلمة، واحدة منها على وزن فعال وهي: الخلاق وباقيها على وزن فاعل، وله في بعضها خلاف، وقد قدمنا أن أبا عمرو نص على غثبات الألف في ستة أوزان ذكر منها الناظم ثلاثة هي فعال، وفاعل المذكوران هنا، وفعلان بضم الفاء المذكور في آخر بيت من الترجمة التي قبل هذه، وسكت عن الثلاثة الباقية، وهي، فعلان بكسر الفاء وفعال بفتحها، وفعال بكسرها مع فتح العين المخففة فيهما، وكان حقه أن ينبه عليها كالأوزان الثلاثة الأول. ١ سورة الزمر: ٣٩/ ٢١. ٢ سورة الزمر: ٣٩/ ٩. ٣ سورة النحل: ١٦/ ١٢٠. الكلمات المحذوفة الياء في القرآن ثم قال: القول فيما سلبوه الياء ... بكسرة من قبلها اكتفاء أي: هذا القول في الكلمات القرآنية التي سلبها كتاب المصاحف الياء، أي "انتزعوا" ، وحذفوا منها الياء اكتفاء بكسرة واقعة من قبلها، وهذا من الناظم مشروع في الكلام على حذف الياءات من الرسم بعد فراغه من الكلام على حذف الألفات منه، وقوله: اكتفاء مفعول لأجله علة "لسلبو" ، وخرج بهذه العلة ما حذف من الياءات للجازم فلا كلام لأهل الرسم عليه نحو: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} ١. {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} ٢. {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا} ٣ وحذف الياء واكتفاء عنها بالكسرة قبلها لغة ذلية ارتكبت في بعض المواضع من القرآن، وتركت في بعضها. ثم قال: والياء تحذف من الكلام ... زائدة وفي محل اللام الياء المحذوفة من الرسم قسمان: - مفردة وهي التي تكلم عليها من هنا إلى الفصل الآتي. - وغير مفردة وهي التي عقد لها الفصل الآتي: وقد قسم في هذا البيت الياء المفردة إلى قسمين: - زائدة نحو: و "وعيدي" و "نكيري" ، و "يهدني" ، و "يؤتيني" . وأصلية واقعة في محل اللام من الكلمة نحو: "الجواري" ، و "الداعي" ، و "الهادي" ، و "يوم يأتي لا تكلم" "ونبغي" ، "ويسري" . ويتصل كل من هذين القسمين بالأسماء، والأفعال كما تقدم في التمثيل. ومعنى وصف الياء بالزيادة أنها زائدة على بنية الكلمة التي اتصلت هي بها، وهي ياء تدل على المتكلم المضمر المتصل المنصوب، أو المجرور، ومعنى كون الياء أصلية في محل اللام أنها ثالثة أصول الكلمة؛ لأن أهل التصريف اصطلحوا على وضع حروف فعل ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٧٨. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٩٠. ٣ سورة طه: ٢٠/ ٧٤. لوزن الأسماء المتمكنة، والأفعال، ليتميز الزائد من الأصلي، فيقابل أول أصول الكلمة بالفاء، وثانيهما بالعين، وثالثهما باللام. وقوله من الكلام متعلق بحذف، ومراده بالكلام القرآن؛ لأن كلامه إنما هو فيه. وقوله "زائدة" بالنصب حال من ضمير، تحذف العائد على الياء وفي محل اللام، عطف على "زائدة" . ثم قال: فاللام يؤت الله ثم المتعال ... والداعي مع يات بهود ثم صال لما قدم أن الياء التي تحذف من كلمات القرآن قسمان: - زائدة. - وأصلية، في محل اللام، شرع في كلمات القسم الثاني، وهي عشرون كلمة في تسعة وعشرين موضعًا. سبع كلمات من الأفعال، والباقي من الأسماء، وقد ذكر منها في هذا البيت خمسًا وهي: "يؤت الله" ، و "المتعال" ، و "الداع" ، و "يات" ، بـ "هود" ، و "صال" . أما "يؤت الله" ففي "النساء" : {وَسَوْفَ يُوتِ اللَّهُ} ١، وقيد يوت بمجاورة الجلالة احترازًا من الخالي عنهم، وهو: {يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} ٢ فإن ياءه ثابتة. وأما {وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ} ٣ فلا حاجة إلى الاحتراز عنه؛ لأن ياءه محذوفة للجازم. وأما "المتعال" ففي "الرعد" : {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} ٤. وأما "الداع" فثلاثة: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} ٥ في "البقرة" . {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} ٦. و: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} ٧ كلاهما في "القمر" ولا يندرج فيه: {يَتَّبِعُونَ الدَّاعِي} ٨ في "طه" ، و {دَاعِيَ اللَّهِ} ٩ في "الأحقاف" ؛ لأن الياء فيها مفتوحة وثابتة لفظًا وخطًا، فلا يشملهما لفظ البيت؛ لأن ياءه محذوفة. ١ سورة النساء: ٤/ ١٤٦. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٦٩. ٣ سورة النساء: ٤/ ٤٠. ٤ سورة الرعد: ١٣/ ٩. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٨٦. ٦ سورة القمر: ٥٤/ ٦. ٧ سورة القمر: ٥٤/ ٨. ٨ سورة طه: ٢٠/ ١٠٨. ٩ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٣١، ٣٢. وأما "يات" في "هود" فهو: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ} ١، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها نحو: {يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ} ٢، فإن ياءه ثابتة. وأما "صال" ففي "الصفات" : {صَالِ الْجَحِيمِ} ٣. ثم قال: وغير أولى المهتدي والبادي ... يسر فما تغن ووادي الوادي ذكر في هذا البيت من الكلم المحذوف منها الياء، وهي لام ست كلمات وهي كلمة: "المهتد، عبر الأولى" و: "الباد" ، و: "يسر" و: "فما تغن" و: "واد" و: "الواد" . أما كلمة "المهتد" غير الأولى ففي "الإسراء" ، و "الكهف" : {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} ٤، واحترز بغير الأولى عن الكلمة الأولى، وهي في الأعراف باللفظ المتقدم. وأما "الباد" ففي "الحج" : {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي} ٥. وأما "يسر" ففي "الفجر" : {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} ٦. وأما "فما تغن" ففي "القمر" : {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} ٧. واحترز بقيد المجاور عن الخالي عنه نحو: {لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ} ٨. {وَمَا تُغْنِي الْآياتُ} ٩. فإن ياءه ثابتة. وأما: {إِنْ يُّرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي} ١٠، فلا مدخل له هنا؛ لأن حذف يائه ليس للاكتفاء بالكسرة بل للجزم. وأما "واد" ففي "النمل" : {عَلَى وَادِ النَّمْلِ} ١١. أما "الواد" فأربعة في "طه" : {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوَى} ١٢. وفي "القصص" : {مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ} ١٣. وفي "النازعات" : {إذْ نَادَايهُ ربُّهُ بِالوَادِ المُقَدَّسِ طُوَى} ١٤. ١ سورة هود: ١١/ ١٠٥. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٨. ٣ سورة الإسراء: ١٧/ ١٧. الصافات: ٣٧/ ١٦٣. ٤ سورة الكهف: ١٨/ ١٧. ٥ سورة الحج: ٢٢/ ٢٥. ٦ سورة الفجر: ٨٩/ ٤. ٧ سورة القمر: ٥٤/ ٥. ٨ سورة النجم: ٥٣/ ٢٦. ٩ سورة يونس: ١٠/ ٥٠. ١٠ سورة يس: ٣٦/ ٢٣. ١١ سورة النحل: ٢٧/ ١٨. ١٢ سورة طه: ٢٠/ ١٢. ١٣ سورة القصص: ٢٨/ ٣٠. ١٤ سورة النازعات: ٧٩/ ١٦. وفي "الفجر" : {الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} ١. ثم قال: وكالجواب، والتلاق، والتناد ... ثم الجوار ويناد والمناد ضمن هذا البيت من الكلم المحذوف منها الياء، وهي لام ست كلمات أيضًا وهي: "كالجواب" ، و "التلاق" و "التناد" ، و "الجوار" ، و "يناد" ، و "المناد" . - أما "كالجواب" ففي "سبأ" : {كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} ٢. - وأما "التلاق" و "التناد" ففي "غافر" : {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ} ٣. {إنَّيَ أخَافُ عَليْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ} ٤. - وأما "الجواب" فثلاثة: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ} ٥: في "الشورى" ، {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ} ٦: في "الرحمن" . و {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} ٧: في "التكوير" . وأما "يناد" ، و "المناد" ففي "ق" ، {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} ٨. وكان حق الناظم أن يقيد: "يناد" بما يخرج به الذي في "آل عمران" ، وهو: {يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} ٩؛ لأن ياءه ثابتة. ثم قال: ونبغ في الكهف وهاد الحج ... والروم ثاني يونس ننج ذكر في هذا البيت من الكلم المحذوف منها الياء، وهي لام ثلاث كلمات وهي: "نبغ" في "الكهف" ، و "هاد" في "الحج" ، و "الروم" ، و "ننج" الثاني في "يونس" . - أما "نبغ" في "الكهف" ، و "هاد" في "الحج" ، و "الروم" ، و "ننج" الثاني في "يونس" . - أما "نبغ" في "الكهف" فهو: {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} ١٠، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، وهو في "يوسف" : {مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا} ١١ فإن ياءه ثابتة. ١ سورة الفجر: ٨٩/ ٩. ٢ سورة سبأ ٣٤/ ١٣. ٣ سورة غافر: ٤٠/ ١٥. ٤ سورة غافر: ٤٠/ ٣٠. ٥ سورة الشورى: ٤٢/ ٣٢. ٦ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٤. ٧ سورة التكوير: ٨١/ ١٦. ٨ سورة ق: ٥٠/ ٤١. ٩ سورة آل عمران: ٣/ ١٩٣. ١٠ سورة الكهف: ١٨/ ٦٦. ١١ سورة يوسف: ١٢/ ٦٥. وأما "هاد" في "الحج" و "الروم" فهو: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا} ١. في الأولى، {وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ} ٢. في الثانية، واحترز بقيد السورتين عن الواقع في غيرهما وهو في "النمل" ، بلفظ الذي في "الروم" فإن ياءه ثابتة. - وأما "ننج" "الثاني" في "يونس" ، فهو: {حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} ٣. واحترز بثاني عن الأول، وهو: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا} ٤، فإن ياءه ثابتة. واعلم أن الناظم أطلق في كلمات هذا القسم الحكم الذي هو حذف الياء، فيستفاد منه اتفاق شيوخ النقل عليه على ما تقدم في اصطلاحه. ثم قال: وما آتت زائدة فخافون ... وفارهبون واتقون واسمعون لما فرغ من ذكر كلمات القسم الثاني، وهو ما حذفت منه الياء الواقعة لا ما انتقل إلى ذكر كلمات القسم الأول، وهو ما حذفت منه الياء الزائدة التي هي ياء المتكلم، وسنذكر عدد كلمات هذا القسم، والمواضع الواقعة فيها عند قوله: "إيلافهم ثم عذاب صاد" . البيت، وقد ذكر في هذا البيت من كلمات هذا القسم أربعًا، وهي: "خافون" ، و "فارهبون" ، و "اتقون" ، و "اسمعون" . - أما "خافون" ففي "آل عمران" : {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ٥*. - وأما "فارهبون" فاثنان في "البقرة" : {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} ٦. - وفي "النحل" : {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} ٧. - وأما "اتقون" فخمسة في "البقرة" : {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} ٨، {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} ٩. وفي "النحل" : {لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} ١٠. وفي "قد أفلح" : {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} ١١. ١ سورة الحج: ٢٤/ ٥٤. ٢ سورة الروم: ٣٠/ ٥٣. ٣ سورة يونس: ١٠/ ١٠٣. ٤ سورة يونس: ١٠/ ١٠٣. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٧٥. * "ص" : ١١٥ "خس" . ٦ سورة البقرة: ٢/ ٤٠. ٧ سورة النحل: ١٦/ ٥١. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٤١. ٩ سورة البقرة: ٢/ ١٩٧. ١٠ سورة النحل: ١٦/ ٢. ١١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٥٢. وفي "الزمر" : {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} ١. وأما "اسمعون" ففي "يس" : {إنِّي ءامَنْتُ بِربِّكم فاسْمعُونِ} ٢. ثم قال: ثم أطيعون تكلمون ... متاب يسقين وتكفرون ذكر في هذا البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة خمس كلمات، وهي: "أطيعون" ، و "تكلمون" و "متاب" ، و "يسقين" و "تكفرون" . - أما "أطيعون" فأحد عشر موضعًا واحد في "آل عمران" ، وواحد في "نوح" : {وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} ٣. وثمانية في الشعراء، وواحد في "الزخرف" بلفظ "آل عمران" ، وواحد في "نوح" : {واتَّقُوه وأطِيعُونِ} ٤. - وأما "تكلمون" ففي "قد أفلح" : {قالَ اخسَئُوا فِيها وَلا تُكَلِّمونَ} ٥. - وأما "متاب" ففي "الرعد" : {وَإِلَيْهِ مَتَابِ} ٦. - وأما "يسقين" ففي "الشعراء" : {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} ٧. - وأما "تكفرون" ففي "البقرة" : {وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} ٨. ثم قال: يهدين يشفين يكذبون ... تؤتون يحيين وكذبون ضمن هذا البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة ست كلمات، وهي: "يهدين" ، و "يشفين" ، و "يكذبون" ، و "تؤتون" ، و "يحيين" ، "يكذبون" . أما "يهدين" ففي أربعة مواضع: اثنان في "الشعراء" : {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} ٩، {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} ١٠ وواحد في "الصافات" : {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} ١١. وواحد في "الزخرف" : {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِين} ١٢. ١ سورة الزمر: ٣٩/ ١٦. ٢ سورة يس: ٣٦/ ٢٥. ٣ سورة نوح: ٧١/ ٥٠. ٤ سورة نوح: ٧١/ ٣. ٥ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١٠٨. ٦ سورة الرعد: ١٣/ ٣٠. ٧ سورة الشعراء: ٢٦/ ٧٩. ٨ سورة البقرة: ٢/ ١٥٢. ٩ سورة الشعراء: ٢٦/ ٧٨. ١٠ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦٢. ١١ سورة الصافات: ٣٧/ ٩٩. ١٢ سورة الزخرف: ٤٣/ ٢٧. وأما "يشفين" ففي "الشعراء" : {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} ١. وأما "يكذبون" فاثنان في "الشعراء" : {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} ٢. ومثله في القصص. وأما "تؤتون" ففي "يوسف" : {تُوتُونِ موثقا مِن اللهِ} ٣. وأما "يحيين" ففي "الشعراء" : {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} ٤. وأما "كذبون" فثلاثة في "قد أفلح" : {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} ٥. موضعان، وفي "الشعراء" : {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ} ٦. ثم قال: وفي العقود اخشون مع تستعجلون ... حضر أو غاب عقاب يقتلون ذكر في هذا البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة أربع كلمات، وهي: "اخشون" ، في "العقود" ، و "تستعجلون" ، "سواء كان حاضرا" أي: "مفتتحا بالتاء لحاضر أو بالياء لعائب، وعقاب، ويقتلون" . أما "اخشون" في "العقود" فاثنان: {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} ٧، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ} ٨، {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} ٩. واحترز بقيد السورة من الواقع في غيرها، وهو في "البقرة" : {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُم} ١٠. فإن ياءه ثابتة. وأما "تستعجلون" بالتاء أو الياء فاثنان: أحدهما في "الأنبياء" : {سَأوْرِيكُمْ ءايَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ} ١١، والثاني في "الذريات" : {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ} ١٢. وأما "عقاب" فثلاثة، واحد في "الرعد" : {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} ١٣ ومثله في "غافر" والثالث في "ص" : {فَحَقَّ عِقَابِ} ١٤. ١ سورة الشعراء: ٢٦/ ٨٠. ٢ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٢. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٦٦. ٤ سورة الشعراء: ٢٦/ ٨١. ٥ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٢٦. ٦ سورة الشعراء: ٢٦/ ١١٧. ٧ سورة العقود: ٥/ ٣. ٨ سورة المائدة: ٥/ ٣. ٩ سورة المائدة: ٥/ ٤٤. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ١٥٠. ١١ سورة الأنبياء: ٢١/ ٣٧. ١٢ سورة الذاريات: ٥١/ ٥٩. ١٣ سورة الرعد: ١٣/ ٣٢. ١٤ سورة ص: ٣٨/ ١٤. وأما "يقتلون" فاثنان: واحد في "الشعراء" : {أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} ١. ومثله في "القصص" . ثم قال: دعاء إبراهيم مع تبشرون ... ثم تشاقون دعان تنظرون ضمن هذا البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة خمس كلمات، وهي: "دعاء" ، في "إبراهيم" ، و "تبشرون" و "تشاقون" ، و "دعان" ، و "تنظرون" . أما "دعاء" في "إبراهيم" فهو: {ربَّنَا وتَقبَّلُ دُعاءِي} ٢. واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، وهو في "نوح" : {فَلمْ يَزدْهُمْ دُعاءِي إلَا فِرَارًا} ٣. فإن ياءه ثابتة. - وأما "تبشرون" ففي "الحجر" : {فَبِمَ تُبَشِّرُونِ} ٤. - وإما تشاقون ففي "النحل" : {تُشَاقُّونَ فِيهِمْ} ٥. وتبشرون وتشاقون فيما حذفت منه الياء إنما هو على قراءة من كسر النون فيهما كنافع. - وأما على قراءة من فتحها فيهما فهما خارجان. - وأما "دعان" ففي "البقرة" : {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} ٦. - وأما "تنظرون" فثلاثة في "الأعراف" : {ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ} ٧. - وفي "هود" : {فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ} ٨. - وفي "يونس" : {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ} ٩. وقوله "تشاقون" يقرأ مشدد القاف محافظة على لفظ القرآن، وأن أدى إلى جمع ساكنين في الرجز ارتكابًا لأخف الضررين ثم تقدم. ثم قال: أشركتمون اعتزلون تقربون ... ليعبدون تفضحون ترجمون ١ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٤. ٢ سورة إبراهيم: ١٤/ ٤٠. ٣ سورة نوح: ٧١/ ٦. ٤ سورة الحجر: ١٥/ ٥٤. ٥ سورة النحل: ١٦/ ٢٧. ٦ سورة البقرة: ٢/ ١٨٦. ٧ سورة الأعراف: ٧/ ١٩٥. ٨ سورة هود: ١١/ ٥٥. ٩ سورة يونس: ١٠/ ٧١. ذكر في هذا البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة ست كلمات وهي: "أشركتمون" و "اعتزلون" ، و "تقربون" ، و "ليعبدون" ، و "تفضحون" ، و "ترجمون" . - أما "أشركتمون" ففي "إبراهيم" : {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} ١. - وأما "اعتزلون" ففي "الدخان" : {وَإِنْ لَم تُومنُوا لِي فَاعْتَزلُونِ} ٢. - أما "تقربون" ففي "يوسف" : {فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ} ٣. - وأما "ليعبدون" ففي "الذاريات" : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ٤. - وأما "تفضحون" ففي "الحجر" : {إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُونِ} ٥. - وأما "ترجمون" ففي "الدخان" : {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} ٦. ثم قال: وغير ياسين اعبدون يحضرون ... ءاتيني الله ارجعون يطعمون ضمن هذا البيت من الكلمات التي حذفت منها الياء الزائدة خمس كلمات، وهي: "اعبدون" في غير "يس" ، و "يحضرون" و "ءاتيني" الله، و "ارجعون" ، و "يطعمون" . - وأما "اعبدون" في خبر "يس" ، فثلاثة منها في "الأنبياء" اثنان: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} ٧، {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} . - وفي "العنكبوت" : {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} ٨، واحترز بغير الواقع في "يس" . عن الواقع فيها وهو: {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} ٩ فإن ياءه ثابتة. - وأما "يحضرون" ففي "قد أفلح" : {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُون} ١٠. - وأما "ءاتيني الله" ففي "النمل" : {فَمَا ءاتَانِي الله خيْرٌ مِمَّا ءاتاكُمْ} ١١. واحترز بقيد المجاور، وهو اسم الجلالة عن الخالي عنه، وهو في "مريم" : {ءَاتَانِيَ الْكِتَبَ} ١٢، فإن ياءه ثابتة. ١ سورة إبراهيم: ١٤/ ٢٢. ٢ سورة الدخان: ٤٤/ ٢١. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٦٠. ٤ سورة الذاريات: ٥١/ ٥٦. ٥ سورة الحجر: ١٥/ ٦٨. ٦ سورة الدخان: ٤٩/ ٢٠. ٧ سورة الأنبياء: ٢١/ ٢٥، ٩٢. ٨ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٥٦. ٩ سورة يس: ٣٦/ ٦١. ١٠ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٩٩. ١١ سورة النحل: ٢٧/ ٣٦. ١٢ سورة مريم: ١٩/ ٣٠. - وأما "ارجعون" ففي "قد أفلح" : {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} ١. - وأما "يطعمون" ففي "الذاريات" : {وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} ٢. - وقوله: غير منصوب على الاستثناء في "اعبدون" . ثم قال: تردين إن يردن مع إن ترن ... واتبعون زخرف ومؤمن ذكر في هذا البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة أربع كلمات، وهي: "تردين وإن يردن وإن ترن واتبعون" ، في الزخرف. وفي "المؤمن" ، وهي سورة "غافر" . - أما "تردين" ففي "الصافات" : {قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} ٣. - وأما "إن يردن" ففي "يس" : {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُر} ٤. وليس أن قيد العدم تعدده بل إيضاح. - وأما "إن ترن" ففي "الكهف" : {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَدًا} ٥. وإن ليست قيدا بل إيضاح كالذي قبله. وإما "اتبعون" في "الزخرف" و "المؤمن" فهم: {وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} ٦، {وقَالَ الَّذِيءَامنَ يَقوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ} ٧، واحترز بقيد السورتين من الواقع في غيرهما، وهو في "آل عمران" : {فَاتَّبِعُونِي يُحبِبْكُمُ اللهُ} ٨. وفي "طه" : {فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِ} ٩. قال: الياء ثابتة في ذلك. ثم قال: أولى من اتبعن فأرسلون ... ثم بهود تسألن ينقذون ضمن هذا البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة أربع كلمات وهي: كلمة. "من اتبعن" ، الأول، و "فأرسلون" ، و "تسئلن" ، في "هود" ، و "ينقذون" . ١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٩٩. ٢ سورة الذاريات: ٥٠/ ٥٧. ٣ سورة الصافات: ٣٧/ ٥٦. ٤ سورة يس: ٣٦/ ٢٣. ٥ سورة الكهف: ١٨/ ٣٩. ٦ سورة الزخرف: ٤٣/ ٦١. ٧ سورة غافر: ٤٠/ ٣٨. ٨ سورة آل عمران: ٣/ ٣١. ٩ سورة طه: ٢٠/ ٩٠. أما كلمة "من اتبعن" الأولى ففي "آل عمران" : {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ اسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} ١، واحترز بقوله الأولى عن كلمة: "اتبعني" غير الأولى وهي في "يوسف" : {عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} ٢. فإن ياءها ثابتة. وأما "فأرسلون" ففي "يوسف" : {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} ٣. وأما "تسئلن" في "هود" "فهو" : {فَلَا تَسئَلَنِ مَا ليْسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ} ٤. واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، وهو في "الكهف" : {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلَنِي} ٥. فإن ياءه ثابتة. وأما "ينقذون" ففي "يس" : {لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ} ٦. وأثبت الناظم ياء: {وَمَنِ اتَّبَعَنِي} ٧. جريًا على قراءة نافع في الوصل؛ لأنه يثبتها فيه، والياء في قوله "يهود" بمعنى "في" . ثم قال: ثم تمدونن مع تتبعن ... يهدين في الكهف مع تعلمن ذكر في هذا البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة أربع كلمات، وهي: "تمدونن، وتتبعن، ويهدين في الكهف، وتعلمن" . - أما "تمدونني" ففي "النمل" : {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ} ٨. - وأما "تبعن" ففي "طه" : {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلَّا تَتَّبِعَنِ} ٩. - أما "يهدين" في "الكهف" فهو: {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً} ١٠. واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، وهو في "القصص" : {قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} ١١. فإن ياءه ثابتة. وأما "تعلمن" ففي "الكهف" : {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} ١٢. ١ سورة آل عمران: ٣/ ٢٠. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ١٠٨. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٤٥. ٤ سورة هود: ١١/ ٤٦. ٥ سورة الكهف: ١٨/ ٧٠. ٦ سورة يس: ٣٦/ ٢٣. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ١٠٨. ٨ سورة النمل: ٢٧/ ٣٦. ٩ سورة طه: ٢٠/ ٩٣. ١٠ سورة الكهف: ١٨/ ٢٤. ١١ سورة القصص: ٢٨/ ٢٢. ١٢ سورة الكهف: ١٨/ ٦٦. ثم قال: ومع لئن أخرتني وعيد ... مئاب كيدون بغير هود ضمن هذا البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة أربع كلمات، وهي: "لئن أخرتني، ووعيد، ومئاب، وكيدون في غير هود" . أما "لئن أخرتني" ففي "الإسراء" : {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} ١. واحترز بقيد المجاور وهو: "لئن" عن الخالي عنه، وهو في "المنافقين" : {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} ٢، فإن ياءه ثابتة. وأما "وعيد" ، فثلاثة في "إبراهيم" : {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} ٣. وفي "ق" : {فَحَقَّ وَعِيدِ} ٤، {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} . وأما "مئاب" ففي "الرعد" : {إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} ٥. وأما "كيدون" في غير "هود" ، فاثنان في "الأعراف" : {ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ} ٦. وفي "المرسلات" : {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} ٧. واحترز بغير الواقع في "هود" من الواقع فيها، وهو: {فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ} ٨. فإن ياءه ثابتة. ثم قال: بشر عباد لي دين يوتين ... نذر مع أهانن وأكرمن ذكر في هذا البيت من الكلم التي حذف منها الياء الزائدة ست كلمات، وهي: "بشر عباد، ولي دين، ويؤتين، ونذر، وأهانن، وأكرمن" . أما "بشر عباد" ففي "الزمر" : {فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} ٩. واحترز بقيد المجاور، وهو: "بشر" عن الخالي عنه فإن ياءه ثابتة نحو ما في "البقرة" : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} ١٠، وهو متعدد. ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٦٢. ٢ سورة المنافقون: ٦٣/ ١٠. ٣ سورة إبراهيم: ١٤/ ١٤. ٤ سورة ق: ٥٠/ ١٤، ٤٥. ٥ سورة الرعد: ١٣/ ٣٦. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ١٩٥. ٧ سورة المرسلات: ٧٧/ ٣٩. ٨ سورة هود: ١١/ ٥٥. ٩ سورة الزمر: ٣٩/ ١٨. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ١٨٦. - وأما "لي دين" ففي "الكافرون" : {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} ١. واحترز بقيد المجاور، وهو لي عن الخالي عنه فإن ياءه ثابة نحو: ما في "يونس" : {إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} ٢، وهو متعدد. - وأما "يؤتين" ففي "الكهف" : {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُوتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ} ٣. - وأما "نذر" فستة كلها في "القمر" . - وأما "أهانن" و "أكرمن" ففي "الفجر" : {فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} ٤، {فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} ٥. ثم قال: ثم نذير ونكير تشهدون ... تخزون قد هدين مع تفندون ضمن هذا البيت من الكلم التي حذف منها الياء الزائدة ست كلمات، وهي: "نذير، ونكير، وتشهدون، وتخزون، وقد هدين، وتفندون" . أما "نذير" ففي الملك: {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} ٦. وأما "نكير" فأربعة في "الحج" : {أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} ٧. وفي "سبأ" : {فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} ٨. وفي "فاطر" : {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} ٩. و "في الملك" : {وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} ١٠. وأما "تشهدون" ففي "النمل" : {مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ} ١١. وأما "تخزون" فاثنان في "هود" : {وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} ١٢. وفي "الحجر" : {اتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ} ١٣. وأما "هدين" ففي "الأنعام" : {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ} ١٤. واحترز بقيد ١ سورة الكافرون: ١٠٨/ ٦. ٢ سورة يونس: ١١/ ١٠٤. ٣ سورة الكهف: ١٨/ ٤٠. ٤ سورة الفجر: ٨٩/ ١٦. ٥ سورة الفجر: ٨٩/ ١٥. ٦ سورة الملك: ٦٧/ ١٧. ٧ سورة الحج: ٢٢/ ٤٤. ٨ سورة سبأ: ٣٤/ ٤٥. ٩ سورة فاطر: ٣٥/ ٢٦. ١٠ سورة الملك: ٦٧/ ١٨. ١١ سورة النمل: ٢٧/ ٣٢. ١٢ سورة هود: ١١/ ٧٨. ١٣ سورة الحجر: ١٥/ ٦٩. ١٤ سورة الأنعام: ٦/ ٨٠. المجاور وهو قد من الخالي عنه وهو في "الأنعام" أيضا: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي} ١. فإن ياءه ثابتة، وإما "تفندون" ففي "يوسف" : {لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ} ٢. ثم قال: إيلافهم ثم عذاب صاد ... وفي المنادى نحو يا عباد ذكر في البيت من الكلم التي حذفت منها الياء الزائدة كلمة واحدة، وأصلا مطردا، وهو كل اسم منادى أضيف إلى ياء المتكلم، وتبرع بكلمة واحدة وهي: "إيلافهم" صدر البيت. أما كلمة "إيلافهم" المتبرع بها ففي سورة "قريش" : {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} ٣. وقد قرأها أبو جعفر بهمزة مكسورة من غير ياء، وقرئت شاذا كذلك مع إسكان اللام، وخرج بـ "إيلافهم" ، "الإيلاف قريش" في أول السورة فإن ياءة ثابتة، وقد قرأه الشامي بغير ياء بعد الهمزة، وإنما كانت كلمة: "إيلافهم" . متبرعا بها؛ لأن ياءها ليست بلام، ولا زائدة، وإنما هي فاء الكلمة وأصلها همزة، فأبدلت ياء لسكونها بعد همزة مكسورة كما بدلت في "إيمان" ، وسينص الناظم في فن الضبط على إلحاق هذه الياء، وصفته كما سيأتي أن تجعل بعد الألف الذي هو صورة الهمزة ياء بالحمراء متصلة باللام بعدها على ما جرى به العمل، ووسط الناظم كلمة: "إيلافهم" بين كلمات الياء كما سمح به الناظم. وأما "عذاب صاد" ففيها: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} ٤. واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها نحو في "الحجر" : {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} ٥. فإن ياءه ثابتة. وأما الاسم المنادى المضاف فنحو: {يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} ٦، {يَا عِبَادِ فَاتَّقُون} ٧، {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُم} ٨، {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا} ٩ إذ أصله: "يا بنيو" مصغر ابن ثم أبدلت الواو ياء، وأدغت فيها ياء التصغير على القياس، ثم أضيف إلى ياء المتكلم، ولكنها حذفت من الخط على قاعدة المنادى، وسواء كان حرف النداء موجودا كما مثل أم لا نحو: {رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ} ١٠، {رَبِّ احْكُمْ} ١١. ١ سورة الأنعام: ٦/ ١٦١. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٩٤. ٣ سورة قريش: ١٠٦/ ٢. ٤ سورة ص: ٣٨/ ٨. ٥ سورة الحجر: ١٥/ ٥٠. ٦ سورة الزمر: ٣٩/ ١٠. ٧ سورة الزمر: ٣٩/ ١٦. ٨ سورة هود: ١١/ ٥٢. ٩ سورة هود: ١١/ ٤٢. ١٠ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١١٨. ١١ سورة الأنبياء: ٢١/ ١١٢. {رَبِّ انْصُرْنِي} ١، ولا يندرج في المنادى: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا} ٢، {يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} ٣، وإن كان منادى في آخره ياء زائدة للمتكلم؛ لأن ترجمة الناظم فيها حذفت منه الياء اكتفاء بالكسرة قبلها وياء: "يا بني" لا كسرة قبلها وإنما قبلها ياء ساكنة، مدغمة وأصله: "بنين" جمع سلامة لابن فلما أضيف إلى ياء المتكلم حذفت نون الجمع فاجتمع ياءان، الأولى علامة نصب الاسم لكونه منادى مضافا، والثانية ياء المتكلم، فأدغمت أولاهما في الثانية. تنبيه: جملة الكلمات المحذوف منها الياء الزائدة دون: "إيلافهم" . ودون المنادى، أربع وستون كلمة. وجملة، المواضع الواقعة فيها مائة وسبعة مواضع، وقد أطلق الناظم في جميع تلك الكلمات الحكم الذي هو حذف الياء، فيستفاد منه اتفاق شيوخ النقل عليه على ما تقدم في اصطلاحه. وقوله: في "المنادى" المتعلق بحذفت مقدرا يدل عليه السياق. ثم قال: وثبتت في العنكبوت والزمر ... أخراهما وحرف زخرف أثر لما ذكر البيت قبل هذا أن الياء الزائدة تحذف من المنادى، ومثل له: "يا عباد" . استثنى من ذلك هنا مع الإطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل ثلاثة مواضع ثبتت فيها الياء إلا أن في الأخير منها خلافا: ١- أحدها المواضع الأخير في "العنكبوت" ، وهو: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} ٤. واحترز بالأخير عن غير الأخير في هذه السورة، وهو: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} ٥، فإن ياءه محذوفة. ٢- ثانيها الموضع الأخير في "الزمر" ، وهو: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} ٦. ١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٢٦. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٨٦. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٦٧. ٤ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٥٦. ٥ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٣٦. ٦ سورة الزمر: ٣٩/ ٥٣. واحترز بالأخير في هذه السورة عن غير الأخير فيها، وهو: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} ١. {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} ٢، فإن ياءه محذوفة. ٣- ثالثها وهو المختلف فيه الواقع في "الزخرف" ، وهو: {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} ٣. وأما الثاني في "الزخرف" ، وهو: {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ} ٤. فلا خلاف في حذف يائه، وإن كان في كلام الناظم إجمال إذ لا يدري، ما المراد منهما، وقوله: أثر، بالبناء النائب معناه روي أي: روي ثبت حرف الزخرف، أي: كلمته، وكأنه اقتصر على ثبته، ولم يذكر الخلاف فيه بالحذف، لكونه رسم بالياء في مصاحف المدينة التي عليها مدار قراءة نافع، وكذا رسم في مصاحف الشام، ورسم في سائر المصاحف بدال دون ياء، والعمل على ثبوت الياء في موضع الزخرف المذكور. تنبيهان: - الأول في الجعبري: جملة ما حذف من المنادى مائة واثنان وعشرون موضعا: يا رب، ورب، سبعة وستون، ويا قوم، ستة وأربعون، ويا بني، ستة، و {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} ٥، و {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} ٦، بالزمر و {يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ} ٧، بالزخرف في المصاحف العراقية، انتهى. - الثاني: تعرض الشيخان لذكر حذف الياء من الأسماء المنقوصة غير المنصوبة إذا كانت منونة، وحكيا إجماع المصاحف على ذلك قالا بناء على حذفها من اللفظ لسكونها، وسكون التنوين بعدها في الدرج نحو: {غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} ٨، {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ} ٩، {مِنْ وَالٍ} ، {بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} ، {بِكَافٍ عَبْدَهُ} ، {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} ، {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ} ١٠، {لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ} ١١، {أَنَّهُ نَاجٍ} ١٢، و {لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ١٣. ١ سورة الزمر: ٣٩/ ١٠. ٢ سورة الزمر: ٣٩/ ١٦. ٣ سورة الزخرف: ٤٣/ ٦٨. ٤ سورة الزخرف: ٤٣/ ٨٨. ٥ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٥٦. ٦ سورة الزمر: ٣٩/ ١٦. ٧ سورة الزخرف: ٤٣/ ٦٨. ٨ سورة البقرة: ٢/ ١٧٣. ٩ سورة البقرة: ٢/ ١٨٢. ١٠ سورة الأعراف: ٧/ ١٩٥. ١١ سورة يونس: ١٠/ ٤٢. ١٢ سورة يوسف: ١٢/ ٤٢. ١٣ سورة الرعد: ١٣/ ٧. وسكت الناظم عن ذكر هذا النوع لموافقته الرسم القياسي، إذ لم يتعرض في هذا النظم بالذات. إلا للرسم الاصطلاحي، وهو ما خالف الرسم القياس، والضمير الفاعل في قوله: "ثبتت" . عائد على الياء، وفي "العنكبوت" ، متعلق "بثبتت" ، وهو على حذف مضاف أي: في كلمة: "العنكبوت" ، وقوله و "الزمر" عطف عليه، و "أخراهما" بمعنى أخيرتهما بدل من المضاف المحذوف، وضمير الاثنين يعود على السورتين. ثم قال: فصل وقل إحدى الحواريينا ... محذوفة وإحدى الأميينا ثم النبيين وربانيين ... وأثبتوا الياءين في عليين تقدم أن الياء المحذوفة قسمان: ١- مفردة. ٢- وغير مفردة. ولما فرغ الناظم من القسم الأول تعرض في هذا الفصل إلى القسم الثاني، وهو قسمان: - قسم تكون فيه الياءان متوسطتين. - وقسم تكون فيه الياءان متطرفتين: وسيتكلم على قسم المتطرفتين، وتكلم هنا على قسم المتوسطتين، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير إلى اتفاق شيوخ النقل بأن يقال: إن إحدى ياءي "الحواريين" ، و "الأميين" و "النبيين" ، و "ربانيين" ، محذوفة من الرسم حيثما وقعت الكلمات الأربع في القرآن، وسيأتي تعيين المحذوفة من الياءين، وأن كتاب المصاحف أثبتوا الياءين في: "عليين" ، من قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} ١. في سورة "التطفيف" ، واحترز بتعيين الكلمات الأربع من غيرها مما توسط فيه الياءان نحو: "يحييكم" ، "فعيينا" ، "حييتم" ، "يحييها" ، "يحيين" ، فإن ١ سورة المطففين: ٨٣/ ١٨. الياءين في ذلة ثابتتان على الأصل موافقة للفظ، وإنما ذكر الناظم هنا: "عليين" وإن كان واردا على الأصل رفعا لتوهم انسحاب حكم تلك الكلمات الأربع عليه لمماثلته لها، في اجتماع ياءين ثانيهما علامة جمع. تنبيه: لم يذكر الناظم في هذا الباب حذف إحدى الياءين مما الأولى فيه صورة "للهمزة" نحو: "متكئين" ، "مستهزئين" ، و "خاطئين" ، و "خاسئين" بل أخره إلى آخر باب الهمز وإدراجه في قوله: و "ما يؤدي لاجتماع الصورتين" إلخ، وههنا ذكره أبو عمرو. ثم قال: ورجح الداني حذف الأولى ... وابن نجاح قال الأخرى أولى لما ذكر أن إحدى الياءين محذوفة من الكلمات الأربع المتقدمة في البيت قبل، ولم يعين المحذوفة من اليائين أراد أن يعين هنا الياء المحذوفة منهما، فأخبر أن أبا عمرو رجح أن الياء الأولى من الياءين هي المحذوفة، والياء الثانية هي المرسومة، ورجح أبو داود عكسه مع اتفاقهما على جواز أن تكون المحذوفة الياء الأولى، وأن تكون الياء الثانية كما يستفاد ذلك من تعبير الناظم: "برجح" ، وبالأولى. وأما نحو: "متكئين" ، و "مستهزئين" ، و "خاسئين" . مما الأولى فيه صورة للهمزة فرجح فيه أبو داود أن الياء المرسومة هي علامة الجمع، والمحذوفة هي صورة الهمزة، وعلى ما رجحه أبو داود في النوعين العمل، وعليه فكيفية ضبط: "الحواريين" ، وإخوانه أن تجعل الياء الأولى سوداء، والياء الثانية حمراء بعد السوداء، وتجعل الهمزة في النبيئين، نقطة صفراء بين الياءين، وحركتها تحتها بالحمراء، وكيفية ضبط: "متكئين" ، ونحوه أن تجعل ياء الجمع وتجعل الهمزة قبلها نقطة صفراء تحت الجرة، وحركتها تحتها بالحمراء. ثم قال: ونحو يستحيي الأخير فاحذف ... مرجحا إذ سكنت في الطرف لما فرع من القسم الأول من قسمي الياء الغير المفردة، وهو قسم الياءين المتوسطتين انتقل إلى القسم الثاني منهما، وهو قسم الياءين المتطرفتين، وهو أيضا قسمان: ما سكن فيه ثاني الياءين وما تحرك فيه ثانيهما، وقد بدأ الناظم بالقسم الأول منهما، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف الأخير من الياءين يعني مع إثبات الياء الأولى من نحو: يستحي مما اجتمع فيه ياءان متطرفتان ساكنة حذفا مرجحا فيها يعني على حذف الياء الأولى مع إثبات الثانية، ويستفاد من تعبيره بالترجيح جواز أن تكون أصلية، أو زائدة، ولا يبين أن تكون بعدها متحرك أو ساكن، وذلك نحو: {يُحْيِي وَيُمِيتُ} ١، و {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} ٢، و {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} ٣، و {أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} ٤ و {تحْيِي الْمَوْتَى} ٥ و {كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى} ٦، و {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} ٧ و {إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى} ٨. وهذا الوجه المرجح هو الذي جرى به العمل عندئذ، وعليه فتلحق الثانية بالحمراء إذا وليها متحرك. وأما إذا وليها ساكن فلا تلحق ثم علل الناظم ترجيح حذف الياء الأخيرة على الأولى بقوله: "إذا سكنت في الطرف" ، يعني لسكونها بعد حركة تجانسها وهي الكسرة، فهي تدل عليها حين حذفها ولوقوعها في الطرف والأطراف محل التغيير، والأقراب في قوله: "في الطرف" أنه متعلق بفعل محذوف، أي وقعت في الطرف. ثم قال: ورجحنه قبل ما تحركت ... لغير يلحقها لو أدغمت لدي وليي وحي يحييا ... لدى القيامة وفي لنحييا وجاء في يحيي إطلاق لدى ... عقيلة ولابن حرب وردا لما ذكر القسم الأول من قسمي الياءين المتطرفتين وهو ما سكن فيه ثاني الياءين انتقل إلى القسم الثاني منهما، وهو ما تحرك فيه ثاني الياءين، فأمر مع إطلاق الحكم الذي ١ سورة التوبة: ٩/ ١١٦، "يحيي ويميت" . ٢ سورة ق: ٥٠/ ٤٣. "إنا نحن نحيي ونميت" . ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٨، "أنا أحيي وأميت" . ٤ سورة يوسف: ١٢/ ١٠١. "وأنت وليي في الدنيا والآخرة" . ٥ سورة يس: ٣٦/ ١٢ "نحيي الموتى" . ٦ سورة البقرة: ٢/ ٧٣. "كذلك يحيي الله الموتى" . ٧ سورة آل عمران: ٣/ ٤٩. "وأحيي الموتى بإذن الله" . ٨ سورة الروم: ٣٠/ ٥٠ "إن ذلك لمحيي الموتى" . يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بترجيح الحذف، الياء الأولى قبل الياء الثانية المتحركة يعيب على حذف الثانية المتحركة، وإثبات الأولى وذلك في أربع كلمات: - الكلمة الأولى: "وليي" من قوله تعالى: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ} ١ في "الأعراف" ، وأصل هذه الكلمة بثلاث ياءات الأولى ساكنة، والثانية مكسورة، والثالثة مفتوحة فكتبوها بياء واحدة معرفة. - الكلمة الثانية: "حيي" من قوله تعالى: {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} ٢. في الأنفال. - الكلمة الثالثة: "يحيي" من قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} ٣. وفي سورة "القيامة" ، وقيده بالسورة احتزازا عن الواقع في غيرها وهو في الأحقاف: {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} ٤. فإن الشيخين سكتا عنه. - الكلمة الرابعة: "لنحيي" من قوله تعالى: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} ٥. في الفرقان. ثم أخبر في البيت الثالث بأنه جاء عن الشاطبي في العقيلة إطلاق الحذف في: "يحيي" فعم الواقع في سورة "القيامة" ، والواقع في "الأحقاف" ، وأنه ورد الإطلاق أيضا لأبي العباس بن حرب في تأليفه الموضوع في الرسم، والعمل عندنا على الوجه المرجح الذي هو حذف الياء الأولى في الألفاظ الأربعة، وعلى إطلاق الحذف للياء الأولى من: "يحيي" ، وقول الناظم: "لغير يلحقها لو أدغمت" ، علة لترجيح حذف الياء الأولى في هذا القسم، فاللام في لغير للتقليل، و "غير" بكسر الغين، وفتح الأولى في هذا القسم، فاللام في لغير للتقليل، و "غير" بكسر الغين وفتح الياء كعنب اسم بمعنى التغير، أي: "إنما" كان حذف الياء الأولى في هذا القسم مرجحا على حذف الياء الثانية لأجل التغير الذي لو أدغمت أي على تقدير إدغامها في الياء الثانية فهي عرضة، لأن تدغم في الثانية، فتكون أولى بالحذف رسما لأجل التغير الذي يلحقها لفظا بالإدغام على قاعدة المثلين. ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٩٦. ٢ سورة الأنفال: ٨/ ٤٢. ٣ سورة القيامة: ٧٥/ ٤٠. ٤ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٣٣. ٥ سورة الفرقان: ٢٥/ ٤٩. أما الإدغام في: "وليي الله" . فإني يكون بعد حذف الياء الأولى الساكنة ثم تسكين الياء الثانية، وقد روي عن بعض القراء: "ولي" . بياء واحدة مفتوحة مشددة. وأما الإدغام في: "حيي" ، فإنما يكون بعد تسكين الياء الأولى، وقد قرأ غير نافع والبزي وشعبة من السبعة: "حي" بياء مشددة مفتوحة. وأما الإدغام في: "يحيى" . و "لنحيي" ، فإنما يكون بعد نقل حركة الياء الأولى إلى الحاء، وقد أجازه بعض النحاة، ولم ترد به قراءة، وقوله "لدى" في أولى شطري البيت الثاني بمعني "في" وأتى بـ "حي" مدغما على قراءة الإدغام. ثم قال: وهاك واوا سقطت في الرسم ... في أحرف للاكتفا بالضم أي: خذ واو حذفت في الرسم، أي المرسوم، وهو المكتوب في المصاحف، وقوله: "في أحرف" بدل بعض من الرسم والمراد بالأحرف الكلمات، وهذا من الناظم شروع في الكلام على حذف الواوات من الرسم بعد فراغه من الكلام على حذف: "الألفات" والياءات منه، وقوله: "للاكتفا" بالضم علة لقوله: "سقطت" ، وخرج بهذه العلة ما حذف من الواوات للجازم، فلا كلام لأهل الرسم عليه نحو: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} ١. الآية. {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا} ٢. الآية {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} ٣. الآية، وقوله: للاكتفا يقرأ بالقصر للوزن. ثم قال: ويدع الإنسان ويوم يدع ... في سورة القمر مع سندع ويمح في حاميم مع وصالح ... الحذف في الخمسة عنهم واضح الواو المحذوفة من الرسم قسمان: ١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١١٧. ٢ سورة فاطر: ٣٥/ ١٨. ٣ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٦. الواو المحذوفة من الرسم الواو المحذوفة من الرسم قسمان: - مفردة: - وغير مفردة: وسيتكلم على القسم الثاني في الفصل الآتي، وتكلم في هذين البيتين على القسم الأول، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بحذف الواو عن كتاب المصاحف في خمس كلمات: الكلمة الأولى: "ويدع" ، من قوله تعالى: {وَيَدْعُ الْإنْسَانُ بِالشَّرِّ} ١. في "الإسراء" ، واحترز بقيد المجاور وهو لفظ الإنسان عن غير المقترن به، وهو في "الحج" : {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ} ٢، {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} ٣، فإن واوه ثابتة. الكلمة الثانية: "يدع" . من قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} ٤، في سورة "القمر" ، واحترز بقيد المجاور وهو لفظ "يوم" ، من موضعي الحج، المحترز عنهما قبل، وأما ذكر السورة فإيضاح. الكلمة الثالثة: "سندع" ، من قوله تعالى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} ٥، في "العلق" . الكلمة الرابعة: "ويمح" ، من قوله تعالى: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} ٦، في حاميم الشورى. ولا يجوز أن يكون حذف الواو في هذه الكلمة للجزم بالعطف على يختم قبله على معنى إن يشأ الله يمح الباطل؛ لأن في تعليقه على المشيئة إيهاما، إذ قد أخبر أنه شاء محو الباطل في قوله تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ} ٧. وإنما جملة: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} ٨. استئنافية، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها وهو في "الرعد" : {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} ٩. فإن واوه ثابتة. الكلمة الخامسة: و "صالح" . من قوله تعالى: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِين} ١٠، في سورة "التحريم" بناء على أنه جمع مذكر سالم حذفت نونه للإضافة، وواوه للاكتفاء بالضمة ١ سورة الإسراء: ١٧/ ١١. ٢ سورة الحج: ٢٢/ ١٢. ٣ سورة الحج: ٢٢/ ١٣. ٤ سورة القمر: ٥٤/ ٦. ٥ سورة العلق: ٩٦/ ١٧. ٦ سورة الشورى: ٤٢/ ٢٤. ٧ سورة الأنفال: ٨/ ٨. ٨ سورة الشورى: ٤٢/ ٢٦. ٩ سورة الرعد: ١٣/ ٣٩. ١٠ سورة التحريم: ٦٦/ ٤. وهو أحد قولين فيه، وقيل: إنه مفرد وعليه فلا حذف فيه أصلا وتكون الكلمات المحذوفة منها الواو لما تقدم أربعا فقط، وما تقدم للناظم من أن الواو حذفت من هذه الكلمات للاكتفاء عنها بالضمة قبلها هو الذي نص عليه في المقنع، وذكر بعضهم توجيها آخر وهو حمل الخط على اللفظ في الوصل؛ لأن الواو تحذف فيه لالتقاء الساكنين. تنبيه: ذكر في المقنع بسنده إلى القراء أنه قال: حذفت واو الجمع في المصحف في قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ} ١. ولم يذكر الناظم لقوله أبي عمرو: ولا أعلم ذلك في شيء من المصاحف، والذي حكي عن القراء غلط، ولذا جرى العمل بإثبات الواو في: {نَسُوا اللَّهَ} . فصل فيما يحذف من الواوات: ثم قال: فصل وقل: إحداهما قد حذفت ... مما بجمع أو بناء دخلت كنحو ووري ويستوونا ... موءودة داود والغاوونا تقدم أن الواو المحذوفة من الرسم قسمان: - مفردة. - وغير مفردة. ولما فرغ الناظم من الكلام على القسم الأول عقد هذا الفصل بالقسم الثاني، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن يقال: أن إحدى الواوين حذفت في المصاحف من الواوين اللتين دخلت إحداهما للدلالة على جمع، أو لإقامة بناء كلمة أي بنيتها، وسيأتي تعيين المحذوفة منهما، ثم مثل في البيت الثاني بخمسة أمثلة: مثالان لما دخلت فيه إحدى منهما، ثم مثل في البيت الثاني بخمسة أمثلة: مثالان لما دخلت فيه إحدى الواوين للجمع وهما: "يستوون" من قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا ٢ كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} ٣. في الم السجدة، والغاوون من قوله تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} ٤. في الشعراء، وفيها أيضًا، {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} ٥. ١ سورة الحشر: ٥٩/ ١٩. ٢ كما زائدة في الآية في النسخة المطبوعة. ٣ سورة السجدة: ٣٢/ ١٨. ٤ سورة الشعراء: ٢٦/ ٩٤. ٥ سورة الشعراء: ٢٦/ ٢٢٦. وثلاثة أمثلة لما دخلت فيهم إحدى الواوين للبناء، وهي: "ووري" من قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ} ١ في "التكوير" ، و: "داود" . وهو كثير في القرآن فإن كل واحدة من هذه الكلمات اجتمع فيها أوزان، والثاني في: "لا يستوون" . ضمير جمع وفي: "الغاوون" . علامة رفع الجمع وفي بقية الأمثلة للبناء. ومن الكلمات التي الواو الثانية فيها للجمع: "ولا تلوون" ، و: "يلوون" ، و: "أن تلووا" . و: "ليسؤوا" ، و: "لتستووا" . و: "فاووا" . وفهم من أمثلة الناظم إنه لا بد في حذف إحدى الواوين المجتمعين، أن تكون الثانية بعد ضمة، فخرج نحو: "ءاووا" ، و: "نصروا" ، و: "لووا رءوسهم" ، فإن الواوين ثابتان فيه، وأن تكون الواوان مثلا صفتين في الخط صورة وتقديرا، فدخل نحو: "الموءودة" ، و: "ليسوءوا" . مما "انفصلت فيه الواوان لفظا لا خطا" ، وخرج: "تبوءوا" . فإن الواو فيه وإن اتصلتا صورة فهما منفصلتان تقديرا بصورة الهمزة التي حذفت لاجتماع الأمثال بخلاف: "الموءودة" و: "ليسوءوا" ، فلاحظ لهمزتيهما في الصورة على المشهور. تنبيه: لم يذكر الناظم في هذا الباب حذف إحدى الواوين مما الأولى فيه صورة للهمزة الواقعة قبل واو الجمع، نحو: مستهزءون "و" متكئون ". و:" بدءوكم ". و:" أنبؤني "و:" ليطفئوا ". و:" ليواطئوا "و:" يستنبئونك ". بل آخره إلى آخر باب الهمز، وأدرجه في قوله:" وما يؤدي لاجتماع الصورتين ". إلخ. وههنا ذكره أبو عمرو." وأما لفظ: "الموءودة" إنما ذكره الناظم هنا باعتبار الواوين، المكتفين للهمزة. ثم قال: ورسم الأولى في الجميع أحسن ... وفي يسوءوا عكس هذا أبين لما ذكر في البيتين قبل أن إحدى الواوين محذوفة من نحو: "ووري" . و: "يستوون" . ولم يعين المحذوفة من الواوين، أراد أن يعين هنا المحذوفة منهما فأخبر في الشطر الأول بأن رسم الأولى من الواوين، أي: إثباتها في الرسم مع حذف الثانية أحسن في جميع ما تقدم يعني من مقابله، وهو حذف الأولى مع إثبات الثانية أحسن في جميع ما تقدم يعني من مقابله، وهو حذف الأولى مع إثبات الثانية، ثم أخبر في الشطر الثاني ١ سورة التكوير: ٨١/ ٨. بأن عكس هذا أبين في: "يسؤوا" . من قوله تعالى: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} ١ في الإسراء، فيترجح فيه حذف الواو الأولى مع إثبات الثانية الذي هو المرجوح في غيره، وهذا إنما هو على قراءة من قرأ: "ليسؤوا" ، بالياء وضم الهمزة بعدها أو واو الجمع. وأما على قراءة من قرأه بالياء، ونصب الهمزة أو بالنون ونصب الهمزة فلا حذف فيه أصلا. واعلم أن جميع ما ذكره الناظم في هذا البيت إنما يوافق كلام أبي عمرو في الحكم، وكلام أبي داود في ذيل الرسم. وأما كلام أبي عمرو في: "المقنع" وأبي داود في: "التنزيل" ، فمخالف لما ذكره الناظم هنا، والعمل على ما ذكره الناظم في هذا البيت، وعليه فكيفية ضبط: "ووري" . و "يستوون" . وشبههما أن تجعل الواو الأولى سوداء، وتجعل بعدها واوا حمراء وهكذا ضبط: "الموءودة" ، إلا أنك تجعل همزتها نقطة صفراء بين الواو الأولى السوداء، والواو الثانية الحمراء وكيفية ضبط: "ليسؤوا" . أن تجعل بعد السين واو حمراء في السطر، وتجعل الهمزة نقطة صفراء بعد الواو الحمراء، فوق السطر، ثم تجعل واوا سوداء بعد الهمزة، فتكون الهمزة بين الواو الأولى الحمراء والواو الثانية السوداء. تنبيه: ذكر أبو داود تعيين الحذف لصورة الهمزة في نحو: "مستهزءون" و: "متكئون" و: "أنبئوني" . و: "يستنبئونك" . مما الأولى فيه صورة للهمزة الواقعة قبل واو الجمع، وعلى ما ذكره أبو داود العمل، وعليه فكيفية ضبط ذلك أن تجعل واو الجمع كحلاء، وتجعل الهمزة قبلها نقطة صفراء. باب حكم حذف أحد اللامين من بعض الكلمات: ثم قال: باب ورود حذف إحدى اللامين ... وهو مرجح بثاني الحرفين في اليل واللائي التي واللاتي ... وفي الذين بأي لفظ ياتي ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٧. أي: هذا باب ورد حذف إحدى اللامين عن كتاب المصاحف في ألفاظ مخصوصة، وهي المذكورة في البيت الثاني، وهذا من الناظم شروع في الكلام على حذف اللام بعد فراغه من الكلام على حذف الألف والياء والواو، وكأن وجه لحوق الحذف للام شبهها بالألف صورة، وقوله: وهو، أي: الحذف مرجح بثاني الحرفين، أي في الثاني من اللامين على الأول منهما بمعنى أن كون المحذوف هو اللام الثاني راجح على كونه اللام الأول، ثم ذكر في البيت الثاني. الألفاظ التي فيها حذف إحدى اللامين بإجماع المصاحف، وجملتها خمسة: - اللفظ الأول: "اليل" ، نحو: {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} ١، وهو كثير في القرآن. - اللفظ الثاني: "الائي" ، وقد وقع في أربعة مواضع: موضع في "الأحزاب" ، وموضع في "المجادلة" ، وموضعان في "الطلاق" . - اللفظ الثالث: "التي" . نحو: {الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} ٢. وهو كثير في القرآن. - اللفظ الرابع: "اللاتي" نحو: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} ٣. وهو كثير أيضًا. - اللفظ الخامس: "الذي" بأي لفظ يأتي من مفرد ومثنى وجمع نحو: {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ٤ {وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} ٥ {أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا} ٦. واعلم أن ما ذكره الناظم من ترجيح حذف اللام الثانية في الألفاظ المذكورة هو مختار أبي عمرو. وأما أبو داود فاختار حذف اللام الأولى، فإذا ضبطت الألفاظ المذكورة على مختار أبي عمرو لم يجعل على اللام المرسومة فتحة، ولا شد ولا تلحق الألف التي بعدها في: "اللائي" و: "اللاتي" . لفقد المفتوح المشدد الذي شأنه، أن تلحق الألف معه، وإذا ضبطت على مختار أبي داود فعلى العكس، وبمختار أبي عمرو جرى عملنا، وفهم من ١ سورة البقرة: ٢/ ١٦٤. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٤. ٣ سورة النساء: ٤/ ١٥. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢١. ٥ سورة النساء: ٤/ ١٦. ٦ سورة فصلت: ٤١/ ٢٩. اقتصار الناظم على حذف إحدى اللامين في الألفاظ الخمسة، أن ما عدها من الألفاظ التي فيها لامان متصلتان وارد على الأصل الذي هو ثبوتهما معا، وهو كذلك باتفاق المصاحف نحو: "الله" . و: "اللهم" ، و: "اللطيف" . و: "اللؤلؤ" ، و: "اللمم" . و: "اللهو" . و: "اللعب" . و: "اللغو" . و: "اللوامة" . و: "اللعنة" . و: "اللاعنون" . و: "واللات والعزى" و: "من اللاعبين" . نعم سكت الناظم عما جرى به العمل على مذهب النحاة من حذف إحدى اللامين من اسم الجلالة إذا جر باللام نحو: {لِلَّهِ الْأَمْرُ} ١. لعدم ذكر أئمة الرسم له ... وأما ألف بتشديد اللام فإنما يرسم بلام واحدة، وسكت عنه الناظم بمجيئه على الأصل فيه إذ فعل ماض، قال أبو داود في "التنزيل" في سورة "الأنفال" ، وألف بلام واحدة، ولا يجوز غير ذلك إذ هو فعل، وإنما قيدته؛ لأني رأيت كثيرا من كتاب المصاحف وغيرها قد رسموه بلامين جعلوها مثل: الألف واللام اللتين تلاخلان للتعريف في "اللهو" ، و "اللعب" ، وشبهها. ومثل: "ألف" : "ألفت" و: "لا تكلف" ، وشبهها. مما اللام الأولى فيه، والثانية من كلمة واحدة تحقيقا. تنبيه: الألفاظ الخمسة التي حذف منها كتاب المصاحف إحدى اللامين هي ما تنزلت فيه: أل منزلة الجزء للزومها لها إلا لفظ: "اليل" . واقتصارهم على تلك الألفاظ الخمسة أوضح دليل على أنهم أجروها مجرى باب: "مد" و: "رد" . في الرسم المدغم والمدغم فيه بحرف واحد، ولا يعكر عليه إثباتهم اللامين في اللات لإجرائهم له لما قل دوره على الأصل، الأترى إلى لفظ "اليل" . حذفوا منه اللام مع أنه لم تتنزل "أ" منزلة، الجزء منه حين كثر دوره وتماثل أكثر حروفه. ١ سورة الروم: ٣٠/ ٤. حكم الهمز وضبطه ثم قال: وهاك حكم الهمز في المرسوم ... وضبطه بالسائر المعلوم أي: خذ حكم الهمز في المرسوم، أي: المكتوب في المصاحف وقوله: و: "ضبطه" بالنصب عطف على "حكم" ، أي، وخذ ضبط الهمز أي، حصره بالوجه السائر، أي الشائع المعلوم عند علماء الفن، وهو ما ذكروه فيه من القواعد والضوابط الرسمية. والهمز: لغة مصدر بمعنى الضغط والدفع، ويستعمل مصدرا أيضا بمعنى النطق بالهمزة فيقال: همزت الكلمة إذا نطقت فيها بهمزة سمى الحرف المعلوم همزا، وهمزة؛ لأنه يحتاج في إخراجه من أقصى الحلق إلى ضغط الصوت ودفعه لثقله، والنبر مرادف عند سيبويه، والجمهور خلافا للمبرد في قوله: "إنا ليست حرفا هي من قبيل الشك" . ولما كانت الهمزة ثقيلة توسعت العرب في تخفيفها، واستغنوا به عن إدغامها إلا ما شذ من نحو: "لسئال" ، و "اقرأ آية" . فلذا لم يرسموا لها صورة بل استعاروا لها شكل ما تئول في تخفيفها إليه تنبيها على توسعهم فيها. وأما الصورة التي تجعل لها: "كعين" . صغرى أو نقطة صفراء، أو حمراء فلم تكن في المصاحف العثمانية بل هي محدثة للإيضاح، والأصل في الهمز التحقيق ويقابله التخفيف، وهو لغة أهل الحجاز وأنواعه ثلاثة: أحدها: التسهيل بين أي جعل الهمز حرفا مخرجه بين مخرج الحقيقة، ومخرج حرف المد المجانس لحركة أو حركة الحرف الذي قبلها، وهذا النوع هو الأصل في الهمزة المتحركة، المتحرك ما قبلها، والهمزة المسهلة بين محركة عن البصريين وساكنة عند الكوفيين، ولكل دليل محله غير هذا. ثانيهما: الإبدال وهو الأصل في الهمزة الساكنة. ثالثهما: الحذف ولم يأت إلا في المتحركة وينقسم إلى قسمين: - حذف للهمزة مع حركتها ويعبر عنه بالإسقاط. - وحذف لما بعد نقل حركتها ويعبر عنه بالنقل، وهي مرادة في القسمين. إلا أنها في القسم الأول لم يدل عليها، وفي القسم الثاني دل عليها بحركتها المنقولة، واعلم أن الأصل أن تكتب الهمزة بصورة الحرف الذي تئول إليه في التخفيف، أو تقرب منه ما لم تكن أولا فتكتب حينئذ ألفا، وقد نظم ابن معط في بيت فقال: وكتبوا الهمز على التخفيف ... وأولا بالألف المعروف فإن كانت الهمزة تخفف ألفا، أو كالألف فقياسها إن تكتب ألفا وإن كانت تخفف ياء، أو كالياء فقياسها أن تكتب ياء، وإن كانت تخفف واوا أو كالواو فقياسها أن تكتب واوا، وإن كانت تخفف بالحذف بنقل، أو غيره فتحذف ما لم تكن أولا فتكتب حينئذ ألفا سواء اتصل بها حرف زائد نحو: "سأصرف" . أولا نحو: "أنعمت" . إشعارا بحالة الإبتداء هذا هو القياس لمعنى مقصود ووجه مستقيم يعلمه من قدر للسلف الصالح قدرهم، وعرف لهم حقهم رضي الله عنهم. ثم قال: فأول بألف يصور ... وما يزاد قبل لا يعتبر نحو بأن وسألقي وفإن ... الهمزة تقع أول الكلمة ووسطها وطرفها، وقد ابتدأ الناظم بالكلام على المبتدأة، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة الواقعة في أول الكلمة تصور ألفا سواء تحركت بالكسر، أم بالفتح أم بالضم، وإن ما يزاد قبل الهمز على بنية الكلمة تصور كالباء والسين، والفاء لا يعتبر، أي: لا بعد من نفس الكلمة حتى تصير الهمزة به متوسطة بل تبقى على حكم الابتداء، فتصور ألفا سواء تحركت أيضا بالكسر أم بالفتح، أم بالضم فمثال الهمزة المبتدأة مفتوحة، ومضمومة ومكسورة: "أنعمت" ، و "أولائك" ، و "إياك" . ومثال الهمزة التي قبلها مزيد مفتوحة، ومضمومة ومكسورة ما أشار إليه الناظم بقوله: نحو بأن، و "سألقي" ، و "فإن" . واعلم أن يندرج في عموم الهمزة المبتدأة همزة الوصل نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} ١، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ} ٢، {اعْبُدُوا رَبَّكُمْ} ٣. فتصور ألفا. ومما يندرج في قول الناظم: "وما يزاد قبل لا يعتبر" : "كان" ، و "كأين" . بناء على زيادة الكاف على كلمتى: "أي" ، و "أي" . وهو مذهب القراء خلافا للنحاة في جعلها بالتركيب جزءا من الكلمة، وقد مثل الشيخان بهما مع للمبتدأة التي اتصل بها حرف دخيل، وما يندرج فيه أيضًا نحو: "الأرض" ، و "الأحاديث" ، و "الأخرة" ، من كل كلمة لم تنزل "أل" منزلة الجزء منها، فإن نزلت "أل" منزلة الجزء من الكلمة التي في "أولها" همزة كانت الهمزة في حكم المتوسطة لا المبتدأة وذلك في: "الآن" ، فإنه لما لزمته "أل" نزلت منه منزلة الجزء، فلا يندرج في قوله الناظم وما يزاد قبل، فلا يعتبر كما لا يندرج فيه، أيضا حرف المضارعة وميم اسم الفاعل واسم المفعول، وهمزة الوصل نحو: "تؤزهم" و "يؤتي" ، و "نأخذ" . و "مؤمن" ، و "مأتيا" ، ونحو: "ايتوا" . و "فأذن" ، لحلول الفاء حلول همزة الوصل، فإن الهمزة في الجميع حكمها حكم المتوسطة؛ لأن الأحرف المتقدمة عليها، وإن كانت زائدة لكن كل يخل سقاطها ببنية الكلمة، فقول الناظم: و "ما يزاد لا يعتبر" . يعني مما لا ينزل منزلة الجزء من الكلمة، ومما لا يخل إسقاطه ببينة الكلمة سواء استقل "كيوم" و "حين" من "يومئذ" ، و "حينئذ" ، الآتيين أم لم يستقل كما في الأمثلة المتقدمة. ثم قال: . . . . . . . . . . . . ... وبمراد الوصل بالياء لئن ثم ليلا مع أئفكا يومئذ ... أئن مع أئنكم وحينئذ وهؤلاء ثم يبنؤما ... وأؤنبئ بواو حتما لما قدم أن الهمزة الواقعة أول الكلمة تصور ألفا وإن كان قبلها مزيد، استثني من ذلك مع الإطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل أربع عشرة كلمة كتبت على إرادة وصلها بما قبلها، فصارت الهمزة بذلك في حكم المتوسطة منها، المتوسطة منها أربع ١ سورة الفاتحة ١/ ١. ٢ سورة الفاتحة: ١/ ٦. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢١. كلمات اتصلت بما لا يمكن استقلاله، وهي: "يومئذ" و: "هؤلاء" ، و: "ينئوم" . والعشرة الباقية اتصلت بما لا يمكن استقلاله، وهي: "لئن" و: "لئلا" . و: "ائفكا" ، و: "ائن" ، و: "أئنكم" و: "ائن" و "أئنا" ، و "ائمة" ، و "ائذا" الذي في سورة "المزن" و "أؤنبئكم" . أما "لئن" فنحو: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} ١.دخلت اللام الموطئة للقسم على: "إن" الشرطية فكان قياسها، الألف. لكن لما نزل الجميع منزلة الكلمة الواحدة صارت الهمزة بذلك الاعتبار متوسطة، فصورت ياء كالهمزة المكسورة بعد الفتحة المتوسطة حقيقة. وأما "لئلا" فنحو: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} ٢. دخلت لام كي على: "أن لا" . فكان قياسها أن تصور ألفا؛ لأنها مبتدأة لكن لما نزل الجميع منزلة الكلمة الواحدة صارت بذلك التقدير متوسطة، فصورت ياء كالهمزة المفتوحة بعد كسرة المتوسطة حقيقة. وأما "أئفكا" ففي "الصافات: {أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} ٣. دخلت همزة الاستفهام على:" أفكان "ففعل به ما فعل" بلئن "، وأما يومئذ فنحو: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ} ٤. أضيف:" يوم "إلى:" إذا ". ثم فعل به مثل ما فعل" بلئن "." وأما "أئن" ففي "الشعراء" : {أَإِنَّ لَنَا لَأَجْرًا} ٥. وأما "أئنكم" ففي "الأنعام" : {أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ} ٦. وفي "النمل" و "العنبكوت" : {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ} ٧. وفي "فصلت" : {أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ} ٨. دخلت همزة الاستفهام على: "إن" ، و "أنكم" ، ثم سلك بهما مسلك أئفكا، وعلم من ذكر الناظم: "أئنكم" ، مع: "ائن" ، عدم دخول: "إنك" في "الصافات" ، إذ لو أراد العموم لاكتفى بـ "ائن" المجرد عن المقترن بالضمير. وأما "حينئذ" ففي "الواقعة" : {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} ٩. فعل به ما فعل: "يومئذ" . ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٦٢. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٥٠. ٣ سورة الصافات: ٣٧/ ٨٦. ٤ سورة طه: ٢٠/ ١٠٨. ٥ سورة الشعراء: ٢٦/ ٤١. ٦ سورة الأنعام: ٦/ ١٩. ٧ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٢٩. ٨ سورة فصلت: ٤١/ ٩. ٩ سورة الواقعة: ٥٦/ ٨٤. وأما "أئن" ففي "يس" : {أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ} ١ دخلت همزة الاستفهام على: "إن" ثم سلك به مسلك: "أئفكا" . وأما "أئنا" في "النمل" : {أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ} ٢. وفي "الصافات" : {أَإِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا} ٣. وهذان هما المرادان بقول الناظم: "أئنا الأولان" دخلت همزة الاستفهام على: "إنا" ، المركب من ضمير جماعة المتكلمين وأن المحذوفة النون الثانية لتوالي الأمثال ثم سلك به مسلك: "أئفكا" ، واحترز بقوله: "الأولان" ، عن: "أءنا" . الثالث وهو في "النازعات" : {أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ} ٤. فإنه لم تصور فيه الهمزة المكسورة. وأما "أئمة" ففي "التوبة" : {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} ٥. وفي "الأنبياء" و "السجدة" : {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} ٦. وفي "القصص" : {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} ٧. وفيها أيضا: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} ٨، وأصله "أأممة" ، على وزن أفعلة جمع إمام كالهة جمع إله وآنية جمع إناء، ثم أريد إدغام الميم الأولى في الميم الثانية، فنقلت حركة الميم الأولى إلى الساكن قبلها، فصار أئمة بكسر الهمزة الثانية فاقتضى القياس فيها أن تصور ياء لتوسطها تحقيقا لا تنزيلا كما قررناه تبعا لأبي عمرو في جمعه: "أئمة" مع: "أئفكا" ، ونظائره. وأما "أئذا" الذي في سورة "المزن" ، أي: "الواقعة" فهو: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا} ٩، دخلت همزة الاستفهام على: إذا، ثم سلك به مسلك: "أئفكا" ، واحترز بقوله: في "المزن" ، عن: "أئذا" ، الواقع في غيرها، فإنه لم تصور فيه الهمزة المكسورة وهو متعدد في "الرعد" وغيرها. ١ سورة يس: ٣٦/ ١٩. ٢ سورة النحل: ٢٧/ ٦٧. ٣ سورة الصافات: ٣٧/ ٣٦. ٤ سورة النازعات: ٧٩/ ١٠. ٥ سورة التوبة: ٩/ ١٢. ٦ سورة السجدة: ٣٢/ ٢٤. ٧ سورة القصص: ٢٨/ ٥. ٨ سورة القصص: ٢٨/ ٤١. ٩ سورة الواقعة: ٥٦/ ٤٧. وأما "هؤلاء" فنحو: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ} ١، دخلت "ها" التي للتنبيه على: "أولاء" الذي هو اسم الإشارة، فكان قياس همزته أن تصور ألفا إذ هي مبتدأة اتصلت بها كلمة "ها" لكن لما نزل الجميع منزلة الكلمة صارت الهمزة بذلك التقدير في حكم المتوسطة، وهي بعد الألف فصورت واوا كالهمزة المضمومة بعد الألف المتوسطة حقيقة، وما اقتضاه كلام الناظم من أن الواو المرسومة في: "هؤلاء" صورة الهمزة هو مذهب أهل المصاحف، وذهب النحاة إلى النحاة إلى أنها زائدة كالواو في: "أولاء" ، و: "أولوا" . و: "أولي" . وأن الهمزة غير مصورة. وأما "يبنؤم" ففي "طه" : {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي} ٢. أضيف ابن المنادى إلى: "أم" . فكان قياس همزة: أم، إن تصور ألفا إذ هي مبتدأة لكم لما نزل الجميع منزلة الكلمة الواحدة صارت بذلك التقدير في حكم المتوسطة، فصورت واوا أيضا كالهمزة المضمومة بعد فتحة المتوسطة حقيقة، واحترز بقيد المجاور، وهو حرف النداء عن الخالي عنه وهو في الأعراف: {قَالَ ابْنَ أُمَّ} ٣. فإن همزة "أم" صورت ألفا، وهي منفصلة عن كلمة "ابن" في الرسم. وأما "أؤنبئكم" ففي "آل عمران" : {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} ٤. دخلت همزة الاستفهام على: "أنبئكم" ثم سلك به مسلك: "يبنؤم" ، فجملة الكلمات الأربع عشرة، منها ما صورت همزة همزته واوا وهو ثلاثة: هؤلاء، و: "يبنؤم" ، و: "أونبئكم" ، ومنها ما صورت همزته ياء، وهو باقي الكلمات، وإنما صورت كذلك مراعاة للغة من يجري هذا النوع من المبتدأة في التخفيف مجرى المتوسطة حقيقة، وسيأتي للناظم في فن الضبط ما يؤخذ منه كيفية ضبط هذه الكلمات. والباء في قوله: "بمراد" ، سببية و: "مراد" بوزن اسم المفعول والمراد به المصدر وقوله: "لئن" مرفوع بفعل محذوف تقديره صور، والمعنى صور بسبب إرادة الاتصال: "لئن" ، ونظائره بالياء، و "هؤلاء" ، ونظائره بالواو وحذف آخر: "أؤنبئكم" ، لضرورة الوزن. ١ سورة البقرة: ٢/ ٣١. ٢ سورة طه: ٢٠/ ٩٤. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٥٠. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ١٥. فصل في حكم الهمزة المتوسطة من الكلمة ثم قال: فصل وما بعد سكون حذفا ... ما لم يكن الساكن وسطا ألفا كملء يسألون والنبيء ... شيئا وسوءا أساء مع فروء لما فرغ الناظم من حكم الهمزة المبتدأة شرع في حكم المتوسطة، والمتطرفة الواقعتين بعد سكون وجمعها في فصل واحد لاشتراكهما في الحكم، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن ما وقع بعد سكون من الهمز المتوسط والمتطرف حذف، أي: لم تجعل له صورة إلا إذا كان الساكن الذي قبل الهمز ألفا متوسطا، فإنه سيأتي حكمه آخر هذا الفصل، وهذا الاستثناء خاص بقسم الهمزة المتوسطة، وسيأتي الاستثناء أيضًا من الهمزة المتطرفة بعد ألف، فإن قلت: من أين علم أن الاستثناء هنا خاص بقسم المتوسطة؟، فالجواب أنه علم من وصفه الألف بالتوسط؛ لأنها لا تكون متوسطة إلا إذا توسط الهمز بأن كان بعده حرف فأكثر كـ "دعاؤكم" . وأما إذا تطرف: كـ "يشاء" ، فإن الألف تكون حينئذ متطرفة لكون الهمزة لا شكل له في المصاحف. واعلم أن صور المتوسطة، والمتطرفة الواقعتين بعد ساكن ست وثلاثون، وذلك كلا منهما: إما مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة، فهذه ست، والساكن الذي قبلها إما صحيح، وإما واو أو ياء لينان، أو واو أو ياء مديان، أو ألف فهذه ست أيضا تضرب في الستة المتقدمة تبلغ ستا وثلاثين: ثمان عشرة في المتوسطة ومثلها في المتطرفة إلا أنه يسقط من صور الهمزة المتوسطة ثلاث صور هي المضمومة، والمفتوحة والمكسورة بعد الألف لاستثناء الناظم لها تبقى منها خمس عشرة تضم إلى صور الهمزة المتطرفة الثمان عشرة، فتكون ثلاثا وثلاثين: إحدى عشرة منها مع الضم ومثلها مع الفتح، ومثلها مع الكسر، وإلى هذا التنويع أشار الناظم في البيت الثاني بتعداد الأمثلة من غير مراعاة ترتيب بل على حسب ما ساعده النظم، وهذا ترتيب ما حضر من أمثلتها مع إداج aأمثلة الناظم فالمضمومة متوسطة ومتطرفة: {مَسْؤُولًا} ١ و: {مِلءُ} ٢، و: {الْمَوْؤُودَةُ} ٣. و: {شَيْءٍ} ٤. و: {لِيَسُوءُوا} ٥. و {سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} ٦. و: {نَبِيئِهِمْ} ٧. و: {النَّبِيء} ٨. و {دُعَاء} ٩. والمفتوحة متوسطة، ومتطرفة نحو: {يَسْأَلُونَ} ١٠. و: {الخَْبَء} ١١ {سَوْءَاتِهِمَا} ١٢ و: {شَيْئًا} ١٣. و: {سُوْءَا} ١٤. و: {السُّوْء} ١٥. و: {نَبِيئَا} ١٦، و: {النَّبِيَّ} ١٧. و: {سَاءَ} ١٨. والمكسورة متوسطة، ومتطرفة نحو: {أفئدة} ١٩، و: {بَيْنَ المَرْءِ} ٢٠، و: {مَوْئِلًا} ٢١، و: {دَائِرَةُ السَّوْء} ٢٢. و: {كَلَّ شَيْء} ٢٣. و: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ٢٤، و: {النَّبِيِّينَ} ٢٥، و: {لِنَبِيٍّ لَهُمْ} ٢٦، و: {مِنَ المَاءِ} ٢٧، وسيأتي للنظام قريبا استثناء كلمات دخلت في هذه القاعدة التي ذكرها هنا، وقد مثلنا ببعض تلك الكلمات هنا. ثم قال: إلا حروفا خرجت عن حكمها ... فصورت بألف في رسمها وهي تنوء مع حرف السوأى ... أن كذبوا ومثلها تبوء وموئلا بالياء ... ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٣٩: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا} . ٢ سورة آل عمران: ٣/ ٩١: {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} . ٣ سورة التكوير: ٨١/ ٨: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ} . ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٠: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . ٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٧: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} . ٦ سورة التوبة: ٩/ ٣٧: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} . ٧ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٧: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ} . ٨ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٣: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} . ٩ سورة البقرة: ٢/ ١٧١: {إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} . ١٠ سورة الأنبياء: ٢١/ ٢٣: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} . ١١ سورة النحل: ٢٧/ ٢٥: {الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} . ١٢ سورة الأعراف: ٧/ ٢٠: {مِنْ سَوْآتِهِمَا} . ١٣ سورة البقرة: ٢/ ٤٨: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} . ١٤ سورة النساء: ٦/ ١١٠: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} . ١٥ سورة النساء: ٤/ ١٧: {يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} . ١٦ سورة آل عمران: ٣/ ٣٩: {وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} . ١٧ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٣: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} . ١٨ سورة النساء: ٤/ ٢٢: {وَسَاءَ سَبِيلًا} . ١٩ سورة الأنعام: ٦/ ١١٣: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ} . ٢٠ سورة البقرة: ٢/ ١٠٢: {بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} . ٢١ سورة الكهف: ١٨/ ٥٨: {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} . ٢٢ سورة التوبة: ٩/ ٩٨: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} . ٢٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٠: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . ٢٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٨: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} . ٢٥ سورة البقرة: ٢/ ٦١: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ} . ٢٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٦: {قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُم} . ٢٧ سورة الأعراف: ٧/ ٥٠: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ} . لما قدم أن الهمزة الواقعة بعد ساكن غير ألف متوسط لا تجعل لها صورة، استثنى من ذلك مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل ست كلمات خرجت عن ذلك الحكم الذي هو عدم التصوير، فصورت الهمزة في بعضها ألفا، وفي بعضها ياء، وذلك في جنس حركة نفسها: - الكلمة الأولى: "لتنوأ" ، من قوله تعالى: {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} ١. في "القصص" صورت همزتها ألفا ولم تصور واوا مع أنها مضمومة كراهة اجتماع مثلين. - الكلمة الثانية: "السوأى" ، من قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا} ٢. في "الروم" صورت همزتها ألفا أيضا واحترز بقيد المجاور وهو: "أن كذبوا" . عن الخالي عنه نحو: {إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ} ٣ فإنه لم تصور فيه الهمزة على القاعدة المتقدمة، وإنما، احترز عنه وذلك لوقوع: "السوأى" . في محل يحتمل أن تكون الألف فيه للإطلاق، وأن تكون للتأنيث. - الكلمة الثالثة: "تبوأ" ، من قوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ} ٤. في العقود صورت همزتها ألفا أيضا. - في الكلمة الرابعة: "النشأة" في ثلاثة مواضع وهي: {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} ٥. في "العنكبوت" : {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} ٦. في "النجم" : {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى} ٧. في "الواقعة" ، صورت همزتها في المواضع الثلاثة ألفا أيضا، وإلى هذه المواضع الثلاثة أشار بقوله: و "النشأة الثلاث" ، أي: وكلمات النشأة الثلاث، وقد قرأ جميعها المكي، والبصري بفتح الشين وألف بعدها وبعد الألف همزة مفتوحة. - الكلمة الخامسة: "يسئلون" . من قوله تعالى: {يَسْأَلونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} ٨. في "الأحزاب" ، رسمت في بعض المصاحف بدون صورة للهمز لسكون السين قبلها وفي بعضها بألف بين السين واللام، وإلى الخلاف في رسمها أشار الناظم بقوله: ١ سورة القصص: ٢٨/ ٧٦. ٢ سورة الروم: ٣٠/ ١٠. ٣ سورة النحل: ١٦/ ٢٧. ٤ سورة العقود: ٥/ ٢٩. ٥ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٢٠. ٦ سورة النجم: ٥٣/ ٤٧. ٧ سورة الواقعة: ٥٦/ ٦٢. ٨ سورة الأعراف: ٣٣/ ٢٠. "واختلف في رسم يسألونك عن السلف" ، أي كتاب المصاحف وعن الأولى من القرآن وعن الثانية من كلام الناظم، والعمل عندنا على رسم: "يسئلون" . المذكور بدون صورة للهمزة، واحترز بقدي عن من الخالي عنها، فإنه لا خلاف في عدم تصوير همزته نحو: {يَسْأَلونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} ١. ونحو: {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} ٢. - الكلمة السادسة: "موئلا" . من قوله تعالى: {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} ٣. صورت همزتها ياء كما أشار إليه بقوله: "وموئلا بالياء" . تنبيه: الصحيح أن: "سيئت" في سورة "الملك" يكتب بياء واحدة، لا بياءين كما نص عليه في "التنزيل" ، والمشهوران: "شطئه" يكتب بغير ألف بعد الطاء كما نص عليه بعض العلماء، وبذلك جرى العمل في اللفظين وقول الناظم "حروفا" منصوب على الاستثناء وفاعل خرجت، ضمير يعود على الحروف والمراد بها الكلمات، وضمير "حكمها" و "صورت" يعود على الهمزة، وضمير: "رسمها" ، يعود على "الحروف" ، وقوله: "موئلا" عطف على ضمير "صورت" ، وبالياء عطف على ألف والتقدير: إلا كلمات خرجت عن حكم الهمزة المذكورة، فصورت همزة بعضها بالألف، وهمزة موئلا بالياء. ثم قال: . . . . . . . . . . . وما بعد الألف ... فرسمه من نفسه كما أصف كقوله دعاؤكم وماؤكم ... ونحو أبنائهم نساؤكم لما قدم أن الهمز الواقع بعد سكون لا تجعل له صورة، واستثنى من ذلك الهمز المتوسط الواقع بعد الألف المتوسطة، أفاد هنا حكم ذلك المستثنى، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الهمز المتوسط الواقع بعد الألف المعهودة أول الفصل، وهي المتوسطة رسمه من نفسه، أي: ترسم صورته من جنس حركة نفسه، فإن كان مفتوحا صور ألفا، أو مضموما صور واوا، أو مكسورا صور ياء؛ لأن تخفيفه يكون بتسهيله بين نفسه وبين الحرف المجانس لحركته، ولا فرق في الألف المذكورة بين أن تكون محذوفة نحو: "الملائكة" ، و: "أولئك" . أو مرسومة كما في الأمثلة التي مثل بها ١ سورة الذاريات: ٥١/ ١٢. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٨٧. ٣ سورة الكهف: ١٨/ ٥٨. الناظم في البيت الثاني وهي أربعة: ثلاثة همزتها مضمومة فقياسها أن تصور واوا وهي: "دعاؤكم" . و: "ماؤكم" . و: "نساؤكم" . نحو: {لَوْلا دُعَاؤُكُمْ} ١. {إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} ٢. {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} ٣. والرابع: همزته مكسورة فقياسها تصور ياء، وهو: "أبنائهم" ، ولم يقع لفظ: "أبنائهم" في القرآن، قال بعضهم: مثل به لينبه على أن هذا الحكم عام لكتاب المصاحف والنحاة. وإنما مثل للمضمومة والمكسورة بعد الألف وترك التمثيل للمفتوحة بعد الألف نحو: "جاءكم" ، و: "نداء" ، و: "غثاء" ، لئلا يتوهم من تمثيله لها أنها صور تحقيقا مع أنها لا تصور؛ لأنها لو صورت لكانت صورتها ألفا، فيؤدي تصويرها إلى اجتماع صورتين وسيقول الناظم: وما يؤدي لاجتماع الصورتين: البيت، وإذا كانت الهمزة في: "نداء" ، و "غثاء" ، ونحوهما متوسطة لوقوع حرف لازم بعدها وصلا ووقفا، وهو تنوين المنصوب، ولكنه يبدل في الوقف ألفا ومعنى قول: الناظم كما أصف كما أذكر وأمثل. ثم قال: وحذف البعض من أولياء ... مع مضمر وألف البناء رفعا وجرا وجزاء يوسفا ... في المقنع الهمز قليلا حذفا ونص تنزيل بهذي الأحرف ... أعني جزاؤه بغير ألف لما قدم أن الهمزة المتوسطة الواقعة بعد الألف المتوسطة تصور من جنس حركة نفسها، استدرك هنا ما خالف تلك القاعدة من الكلمات مع ذكر البعض أيضا ما يتعلق بذلك من حذف الألف، فأخبر في البيت الأول، وبعض الثاني مع إطلاق الحكم الذي يشير به اتفاق شيوخ النقل بأن بعض كتاب المصاحف حذف صورة الهمزة من لفظ: "أولياء" . المصحوب، بضمير حال كونه مرفوعا، أو مجرورًا، وحذف ذلك البعض أيضا ألف البناء، أي: ألف بنية الكلمة وهو الألف الواقعة بعد الياء، وقد وقع "أولياء" المذكور في ستة مواضع: {أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} ٤. في "البقرة" ، و {أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإنْسِ} ٥. ١ سورة الفرقان: ٢٥/ ٧٧. ٢ سورة الملك: ٦٧/ ٣٠. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٣. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٧. ٥ سورة الأنعام: ٦/ ١٢٨. في "الأنعام" ، و {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} ١، في "الأنفال" ، و {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ} ٢ في "فصلت" ، و {لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} ٣، في "الأنعام" . و {إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} ٤، في "الأحزاب" ، وفهم من قوله: "وحذف البعض" . إلخ، إلى غير ذلك البعض من كتاب المصاحف أثبت صورة الهمزة، وألف البناء وهو كذلك، واحتار أبو داود تصوير الهمزة، وإثبات الألف وعلى ما اختاره العمل عندنا، واحترز الناظم بقوله: "مع مضمر" ، من الخالي عنه نحو: "أولياء" ، "أولئك" ، وبقيد الرفع والجر عن المنصوب نحو: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ} ٥، فإنه لا خلاف في عدم تصوير الهمزة فيهما، ثم تمم الناظم في قوله: "وجزاء يوسف" ، إلخ، بقية ما خالف تلك القاعدة من الكلمات، فأخبر أن: جزاء يوسف، ذكر أبو عمرو في "المقنع" أن حذف صورة همزة قليل و: "جزاء يوسف" ، ثلاث كلمات فيها وهي: {فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ، قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} ٦. وفهم من قوله: "قليلا حذفا" إن الكثير إثبات صورة الهمزة وهو كذلك، وسكت الناظم عن ثبوت صورة الهمزة لأبي داود في: "جزاء يوسف" لمجيئه عنده على القاعدة المتقدمة، من غير خلاف ثم أخبر بأن نصل التنزيل، في هذه الحروف، أي: كلمات: "جزاء يوسف" ، الثلاث بغير ألف، أي: بحذف الألف بين الزاي وصورة الهمزة، وأخر الناظم حذف الألف في: "أولياء" ، المذكورة وفي: "جزاء يوسف" . إلى هنا للمناسبة، وإن كان محل حذف الألفات قد تقدم، والعمل عندنا في كلمات: "جزاء يوسف" . الثلاث على تصوير الهمزة، وعلى حذف الألف بين الزاي وصورة الهمزة وقوله: "وحذف البعض" ، فعل وفاعل و: "من أولياء" . متعلق: "بحذف" ومفعول حذف محذوف تقدير صورة الهمزة، و: ألف البناء، عطف على المفعول المحذوف: "رفعا وجرا" . حالان من: "أولياء" . فصل في تصوير الهمز بحركة ما قبله. ثم قال: فصل ومما قبلها قد صورت ... ساكنة وطرفا إن حركت كبدأ الخلق ونبئ يبدئ ... جئتم وأنشأتم يشأ واللؤلؤ ١ سورة الأنفال: ٨/ ٣٤. ٢ سورة فصلت: ٤١/ ٣١. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ١٢١. ٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٦. ٥ سورة الأنفال: ٨/ ٣٤. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٧٤، ٧٥. تكلم في هذا الفصل عن الهمزة الساكنة متوسطة ومتطرفة، وعلى المتطرفة المتحركة التي قبلها متحرك، وجمع الأنواع الثلاث في فصل واحد لاشتراكها في الحكم، فأخبر في البيت الأول مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة تصور في الأنواع الثلاثة من جنس حركة ما قبلها، فإن كانت حركة ما قبلها فتحة صورت ألفا، أو ضمة صورت واوا، أو كسرة صورت ياء؛ لأنها إنما تخفف بإبدالها حرفا مجانسا لحركة ما قبلها، أما تخفيف الساكنة المتوسطة والمتطرفة بالإبدال فظاهر. أما تخفيف الساكنة المتوسطة والمتطرفة بالإبدال فظاهر. وأما تخفيف المتطرفة المتحركة، فهو في حال سكونها للوقف الذي هو محل الاستراحة، ولتخفيف الهمز. واعلم أن صور الهمزة الساكنة متوسطة ومتطرفة، والمتطرفة المتحركة خمس عشرة، وذلك؛ لأن الهمزة الساكنة بقسميها تقع بعد الحركات الثلاث فهذه ست، والمتحركة المتطرفة تتحرك بالحركات الثلاث وما قبلها كذلك، فيتصور فيها تسعة من ضرب ثلاثة في مثلها تضم الست الأولى، فتكون خمس عشرة صورة وإلى تنوع ذلك أشار الناظم في البيت الثاني بتعدد الأمثلة من غير مراعاة ترتيب بل على حسب ما ساعده النظم، وترتيب ما حضر من أمثلتها مع إدراك أمثلة الناظم في نحو: "أنشأتم" ، و: "جئتم" ، و: "اللؤلؤ" . ونحو: {إِنْ يَشَأْ} ١، و {نَبِّئْ عِبَادِي} ٢، ونحو: {بَدَأَ الْخَلْقَ} ٣. و: {بَادِيَ الرَّأْيِ} ٤. في قراءة من همز: "بادئ" . ونحو: {نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ٥. و {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} ٦. و: {يُبْدِئُ} ٧. و: {نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ} ٨. و: {لِكُلِّ امْرِئٍ} ٩. {اللُّؤْلُؤُ} ١٠. ومن الساكنة المفتوح ما قبلها الهمزة في نحو: {فَأْتُوا} ١١ {فَأْذَنُوا} ١٢. ١ سورة النساء: ٤/ ١٣٣. ٢ سورة الحجر: ١٥/ ٥١. ٣ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٢٠. ٤ سورة هود: ١١/ ٢٧. ٥ سورة التوبة: ٩/ ٧٠. ٦ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٢. ٧ سورة البروج: ٨٥/ ١٣. ٨ سورة الأنعام: ٦/ ٣٤. ٩ سورة النور: ٢٤/ ٥١. ١٠ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٢. ١١ سورة يونس: ١٠/ ٣٨. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٩. {وَأْتَمِرُوا} ١؛ لأنها وإن كان ما قبلها في حكم المنفصل لكنه قام مقام همزة الوصل التي من بنية الكلمة، فأعطى له حكمها فصورت الهمزة الساكنة من جنس حركته كما صورت في نحو: {آيتُواْ} ٢. و: {اؤْتُمِنَ} ٣. من جنس حركة همزة الوصل. فإن قلت: لم قالوا: إن الهمزة في نحو: {بَدَأَ} ٤ و: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} ٥. و: {لِكُلِّ امْرِئٍ} ٦. صورت من جنس حركة ما قبلها، ولم يقولوا: صورت من جنس حركتها مع أنها متخذة مع ما قبلها في الحركة؟ فالجواب أنها لما صورت في نحو: {يُبْدِئُ} ٧، ياء من جنس حركة ما قبلها قالوا: إنها صورت في نحو: {بَدَأَ} ٨. و {اللُّؤْلُؤُ} ٩. و {لِكُلِّ امْرِئٍ} ١٠، من جنس حركة ما قبلها أيضا لتجري محلها على نسق واحد، وقوله الناظم: "إن حركت" ، شرط في قوله، "وطرفا" ولا مفهوم لهذا الشرط؛ لأن تمثيله بالساكنة المتطرفة توضح أن شرط التحرك لا مفهوم له، وإنما ذكر لبيان المقصود حيث كانت الساكنة المتطرفة قد استفيد حكمها من الإطلاق السابق فلم تبق إلا المتطرفة المتحركة: وقوله: "ساكنة" حال من ضمير: "صورت" ، و "طرفا" بمعنى متطرفة عطف على ساكنة، ولا يحسن هذا العطف حتى يقدر مع ساكنة وصف تقديره ساكنة متوسطة ومتطرفة، وكأن الكلام على القلب، وأصله، ومتحركة أن طرفت فأحوجه النظم إلى قلب ذلك. ثم قال: والحذف في الرؤيا وفي إدارأتم ... والخلف في امتلأت واطمأننتم لما قدم أن الهمزة الساكنة متوسطة ومتطرفة تصور من جنس حركة ما قبلها، استثنى من تلك القاعدة مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل أربعة ألفاظ كلها من قسم المتوسطة الساكنة، فأخبر بحذف صورة الهمزة فيها اثنان من غير خلاف، وهما: "الرؤيا" . و: "ادارأتم" . واثنان فيهما خلاف، وهما: "امتلأت" . و: "اطمأننتم" . ١ سورة الطلاق: ٦٥/ ٦. ٢ سورة طه: ٢٤/ ٦٤. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٣. ٤ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٢٠. ٥ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٢. ٦ سورة النور: ٢٤/ ١١. ٧ سورة البروج: ٨٥/ ١٣. ٨ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٢٠. ٩ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٢. ١٠ سورة النور: ٢٤/ ١١. أما "الرؤيا" فكيفما وقع نحو: {لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ} ١. {أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ} ٢. {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ} ٣. {الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ} ٤. {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا} ٥. {الرُّؤْيا بِالْحَقِّ} ٦. وأما "ادارأتم" ففي "البقرة" : {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} ٧، وقد نص الشيخان على حذف صورة الهمزة في هذين اللفظين. وأما "امتلأت" ففي "ق" : {هَلِ امْتَلأْتِ} ٨. وقد ذكر الشيخان اختلاف المصاحف في إثبات صورة همزة وحذفها، وكلام أبي عمرو يقتضي رجحان حذف الصورة، واختار أبو داود إثباتها. وأما "اطمأننتم" ففي "النساء" : {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} ٩. وقد ذكر الشيخان اختلاف المصاحف أيضا في تصوير همزه، وعدم تصويره ومقتضى كلامهما رجحان التصوير، والعمل عندنا على تصوير الهمزة في: {امْتَلأْتِ} ١٠. و {اطْمَأْنَنْتُمْ} ١١. تنبيه: لم يذكر الناظم الخلاف في تصوير الهمزة الساكنة ألفا في: {أَخْطَأْنَا} ١٢. آخر "البقرة" ، وعدم تصويرها، وقد ذكره أبو داود في التنزيل، وقال: و "إلى إثبات الألف أميل" . وبإثباتها جرى العمل عندنا. ١ سورة يوسف: ١٢/ ٥. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٣٤. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ١٠٠. ٤ سورة الإسراء: ١٧/ ٦٠. ٥ سورة الصافات: ٣٧/ ١٠٥. ٦ سورة الفتح: ٤٨/ ٢٧. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٧٢. ٨ سورة ق: ٥٠/ ٣٠. ٩ سورة النساء: ٤/ ١٠٣. ١٠ سورة ق: ٥٠/ ٣٠. ١١ سورة النساء: ٤/ ١٠٣. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٦. فصل فيما صور من الهمزة واو بعد ألف ثم قال: فصل وفي بعض الذي تطرفا ... في الرفع واو ثم زادوا ألفا هذا الفصل عقده الناظم لكلمات خرجت عن قاعدة فصل الهمزة المتطرفة بعد ساكن، وعن قاعدة فصل الهمزة المتطرفة بعد متحرك، فصورت الهمزة في تلك الكلمات واوا بعدها ألف مع أن قياس ما تقدم في الفصلين السابقين أن لا تصور المتطرفة الواقعة بعد ألف وإن تصور المتطرفة الواقعة بعد فتحة ألفا، فكلمات هذا الفصل مستثناة مما تقدم في الفصلين، وإنما جمع الناظم الكلمات التي خرجت عن قياس الفصلين في فصل واحد لاشتراكها في الحلم الذي هو تصوير الهمزة واوا وزيادة ألف بعدها، وقد استفيد من قول الناظم، و "في بعض" ومن تعيينه فيما سيأتي الكلمات المستثناة وحصرها، أن القسم الذي استثنيت منه كلمات هذا الفصل هو الهمزة المتطرفة المرفوعة الواقعة بعد ألف أو فتحة، وقوله: "وفي بعض الذي تطرف واو" ، جملة اسمية قدم خبرها، وفي الرفع حال من: "الذي" ، أو من عائده وهو الضمير الفاعل بـ: "تطرف" . ثم قال: فلماؤا العلماؤا يبدؤا ... والضعفاؤا الموضعان ينشؤا من هنا شرع الناظم في تعداد الكلمات التي خالفت قياس الفصلين السابقين، فصورت الهمزة فيها واوا زيد بعدها ألف، وقد ذكر منها في هذا البيت أربع كلمات وهي: "علماؤا" . معرفا ومنكرا، و: "يبدؤا" ، و "الضعفاء" . و: "ينشؤا" . أما "علماؤا" ففي "الشعراء" : {عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ} ١، وقال السخاوي: رأيت في الشامي: {عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ} ٢. بألف وأما "العلماء" ففي "فاطر" : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ٣. وأما "يبدؤا" لنحو: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ٤. وهو متعدد. وأما "الضعفاؤا" ففي "موضعين" وهما: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ} ٥. في سورة إبراهيم، {فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} ٦. في "غافر" ، وإلى هذين الموضعين أشار بقوله: "والضعفاؤا الموضعان" . وأتى "بالضعفاؤا" مقترنا بأل ليحترز به، وبقوله: "الموضعان" ، عن الذي في البقرة" وهو: {وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ} ٧، فإنه رسم بالحذف على قياس ما تقدم، ويؤخذ من كلام أبي عمرو في المقنع أن: "الضعفاؤا" في "غافر" فيه خلاف، ولكن الناظم لم يعتمده فلذا لم يحكه." ١ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٩٧. ٢ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٩٧. ٣ سورة فاطر: ٣٥/ ٢٨. ٤ سورة يونس: ١٠/ ٣٤. ٥ سورة إبراهيم: ١٤/ ٢١. ٦ سورة غافر: ٤٠/ ٤٧. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٢٦٦. وأما "ينشؤا" ففي "الزخرف" : {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} ١. وقد ذكر الشاطبي في: "العقيلة" ، لخلاف فيه ولم فيه ولم يحكه الناظم عنه، والعمل عندنا على تصوير الهمزة واوا، وزيادة ألف بعدها في الألفاظ الأربعة. ثم قال: وشفعاؤا يعبؤا البلاؤا ... ثم بلالام معا أنباؤا ذكر في هذا البيت أربع كلمات أيضا من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس وهي: "شفعاؤا" ، و: "يعبؤا" . و: "أنباؤا" . بلا لام تعريف. أما "شفعاؤا" ففي "الروم" : {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ} ٢. وأما "يعبؤا" ففي "الفرقان" : {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي} ٣. وأما "البلاؤا" ففي "الصافات" : {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ} ٤. وقد استعمل الناظم: "أل" ، هنا قيد الإخراج المنكر لكن بقرينة ذكره المنكر في "الدخان" بعد هذا، وسيأتي هناك بيان المحترز عنه. وأما "أنباؤا" بلا لام تعريف ففي "الأنعام" و "الشعراء" : {أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} ٥. وإلى هذين الموضعين أشار بقوله: "معا" ، وسيأتي استدراك الخلاف في: "أنباؤا" الذي في "الشعراء" لأبي داود، واحترز بقوله بلا لام، عن المقترن بلام التعريف، وهو في "القصص" : {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ} ٦. فإنه رسم بحذف صورة الهمزة على القياس، العمل عندنا على تصوير همزة: "أنباؤا" ، بواو بعدها ألف في الموضعين كالألفاظ الثلاثة قبله. ثم قال: جزاؤا الأولان في العقود ... وسورة الشورى من المعهود ومثلها لابن نجاح ذكرا ... في الحشر والداني خلافا أثرا وعنهما أيضا خلاف مشتهر ... في سورة الكهف وطه والزمر ١ سورة الزخرف: ٤٣/ ١٨. ٢ سورة الروم: ٣٠/ ١٣. ٣ سورة الفرقان: ٢٥/ ٧٧. ٤ سورة الصافات: ٣٧/ ١٠٦. ٥ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦. ٦ سورة القصص: ٢٨/ ٦٦. ذكر في هذه الأبيات الثلاثة تفاصيل كلمات: "جزاؤا" ؛ لأنها لم ترد كلها على وجه واحد عند شيوخ النقل بل على أربعة أوجه خارج عن القياس عند جميع الشيوخ، وخارج عنه من غير خلاف لأبي داود، ومع خلاف لأبي عمرو الداني، وخارج عنه مع خلاف للشيخين، ووارد على القياس عن الجميع هذا حصرها على حسب ترتيب الناظم. أما الخارج عن القياس عند الجميع، فهو ما أشار إليه بالبيت الأول وهو ثلاثة ألفاظ: لفظا: "جزاؤا" . الأولان في "العقود" وهما: {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} ١، {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ٢، واحترز بالأولين في "العقود" ، عن الثالث والرابع فيها وهما: {وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} ٣، {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ٤. لحذف صورة همزتهما على القياس، واللفظ الثالث في "الشورى" ، وهو: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} ٥. وأما الخارج عن القياس من غير خلاف لأبي داود، ومع خلاف لأبي عمرو فهو أشار إليه بالبيت الثاني، وهو واحد في "الحشر" : {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} ٦. وأما الخارج عن القياس مع خلاف للشيخين، فهو ما أشار إليه بالبيت الثالث وهو ثلاثة في "الكهف" : {فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى} ٧. - وفي "طه" : {وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} ٨. - وفي "الزمر" : {ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ، لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ} ٩. وأما الوارد على القياس عند الجميع، فهو المسكوت عنه من بقية مواضع كلمات: "جزاء" ، كموضعي "العقود" الأخرين وقد تقدما، ويفهم ذلك من سكوته عنها لبقائها. على القاعدة المتقدمة في فصل وما بعد سكون حذف، والعمل عندنا على تصوير الهمزة واوا بعدها في لفظي: "جزاؤا" . الأولين في "العقود" ، وفي: "جزاؤا" الذي في "الشورى" وفي: "جزاؤا" ، الذي في "الحشر" ، وفي "جزاؤا" . الذي في "الزمر" ، وعلى حذف صورة الهمزة فيما عدا ذلك من كلمات: "جزاء" . الذي همزته متطرفة. ١ سورة المائدة: ٥/ ٢٩. ٢ سورة المائدة: ٥/ ٣٣. ٣ سورة المائدة: ٥/ ٨٥. ٤ سورة المائدة: ٥/ ٩٥. ٥ سورة الشورى: ٤٢/ ٤٠. ٦ سورة الحشر: ٥٩/ ١٧. ٧ سورة الكهف: ١٨/ ٨٨. ٨ سورة طه: ٢٠/ ٧٦. ٩سورة الزمر: ٣٩/ ٣٤. وأما "جزاء" ، يوسف فإن همزته متوسطة وقد تقدم، وقوله: "من المعهود" ، أي: من المعروف بواو بعدها ألف، والضمير في قوله: "ذكر" ، يعود على "جزاء" وقوله: "أثر" ، كنصر مبني للفاعل ومعناه روى، و "خلافا" مفعوله مقدم عليه. ثم قال: ومع أولى المؤمنين الملؤا ... في النمل عن كل ولفظ تفتؤا ذكر في البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس كلمتين، وهما: "الملؤا" ، في "النمل" مطلقا مع الكلمة: "الملؤا" . الأولى من سورة "المؤمنين" و: "تفتؤا" . أما "الملؤا" في "النمل" فثلاثة: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} ١، {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي} ٢، {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} ٣. وأما الكلمة الأولى في "المؤمنين" فهي: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} ٤، واحترز بقوله: "أولى المؤمنين" عن الثانية فيها، وهي: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} ٥. كما احترز بقيد السورتين عن الملأ الواقع في غيرها "كالأعرف" ، فإن ذلك مرشوم بالألف. وأما "تفيؤا" في "يوسف" : {تَاللَّهِ تَفْتَأُ} ٦، وما ذكر الناظم الخلاف فيما قبل هذا البيت احتاج إلى أن يزيد هنا قوله: "عن كل" ، أي: عن كل المصاحف أو كتابتها ليرفع توهم أن كلمتي هذا البيت من ذوات الخلاف أيضًا. ثم قال: وبرءاؤا معه دعاؤا ... في الطول والدخان قل بلاؤا ذكر في هذا البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس عن كل ثلاث كلمات، وهي: "برءاؤا" ، و: "دعاؤا" . في "الطول" ، أي: في سورة "غافر" ، و: "بلاؤا" . في "الدخان" . ١ سورة النمل: ٢٧/ ٢٩. ٢ سورة النمل: ٢٧/ ٣٢. ٣ سورة النمل: ٢٧/ ٣٨. ٤ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٢٤. ٥ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٣٣. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٨٥. أما "برءاؤا" في "الممتحنة" : {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ} ١، ولم يصرح الناظم بحذف صورة الهمزة الأولى من: "برءاؤا" ، وقد نص عليه الشيخان. وأما "دعاؤا" ففي "الطور" فهو: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ} ٢. واحترز بقيد السورة عن الواقع في: "الرعد" ، فإنه مرسوم على القياس. وأما "بلاؤا" في "الدخان" فهو: {وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآياتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ} ٣. واحترز بقيد الدخان، عن الواقع في غيرها وهو في "البقرة" ، و "الأعراف" ، و "إبراهيم" ، {وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} ٤، فإنه مرسوم على القياس. ثم قال: ويتفيؤا كذا ينبؤا ... وفي سوى التوبة جاء نبؤا ذكر في هذا البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس ثلاث كلمات أيضا، وهي: "يتفيؤا" ، و: "ينبؤا" . و "نبؤا" . ففي "القيامة" : {يُنَبَّأُ الْإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ} ٥. ولم يذكر الشيخان فيه خلافا، وسيأتي الخلاف فيه عن الشاطبي. وأما "نبؤا" في غير "التوبة" فأربعة في "إبراهيم" : {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ٦. وفي "ص" : {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} ٧. {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} ٨، وفي "التغابن" : {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} ٩. واحترز بقوله في سورة: "التوبة" ، عن الواقع فيها هو: {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ١٠. فإنه مرسوم على القياس، والعمل على تصويره الهمزة واوا بعدها ألف في: "يبنؤا" . كالكلمتين الباقيتين. ثمت فيكم شركاؤا يدرؤا ... وشركاؤا شرعوا وتطمؤا ذكر في هذا البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس عن كل ثلاث كلمات أيضا، وهي: "شركاؤا" ، في موضعين، و: "يدرؤا" ، و: "تظمؤا" . ١ سورة الممتحنة: ٦٠/ ٤. ٢ سورة غافر: ٤٠/ ٥٠. ٣ سورة الدخان: ٤٤/ ٣٣. ٤ سورة إبراهيم: ١٤/ ٦. ٥ سورة القيامة: ٧٥/ ١٣. ٦ سورة إبراهيم: ١٤/ ٩. ٧ سورة ص: ٣٨/ ٢١. ٨ سورة ص: ٣٨/ ٦٧. ٩ سورة التغابن: ٦٤/ ٥. ١٠ سورة التوبة: ٩/ ٧٠. أما "شركاؤا" في الموضعين ففي "الأنعام" : {أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ} ١. وفي "الشورى" : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ} ٢. واحترز بقيدي: "فيكم" وشرعوا عن الخالي عنها نحو: {شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} ٣. {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا} ٤. فإنه مرسوم على القياس. وأما "يدرؤا" ففي "النور" : {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} ٥. وأما "تظمأ" ففي "طه" : {وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا} ٦. ولا يخفي أنه لا يندرج فيه: "ظمأ" ، وهو مرسوم على القياس، وقوله: ثمت، حرف عطف زيدات عليها التاء المفتوحة لتأنيث اللفظ. ثم قال: وأتوكؤا وما نشاؤا ... في هود والخلاف في أبناؤا ذكر في هذا البيت من كلمات هذا الفصل المخالفة للقياس ثلاث كلمات أيضًا. وهي: "أتوكؤا" ، و "" نشاؤا "، في هود من غير خلاف فيها، و:" أبناؤا ". على خلاف فيها." وأما "أتوكؤا" ففي "طه" : {أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} ٧. وأما "نشاؤا" في "هود" فهو: {أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} ٨، واحترز بقيد المجاور، وهو ما عن الخالي عنه نحو: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ} ٩. وبقيد السورة عن المقترن بما في غيرها وهو في: "الحج" : {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} ١٠. فإنهما مرسومان على القياس. وأما "أبناؤا" المختلف فيه ففي "العقود" : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ} ١١. وقد ذكره الشيخان بالخلاف، ورجح أبو داود فيه الواو على خلاف القياس، قائلا: ولا امنع من القياس، والعمل عندنا على رسمه بواو بعدها ألف كالكلمتين قبله. ١ سورة الأنعام: ٦/ ٩٤. ٢ سورة الشورى: ٤٢/ ٢١. ٣ سورة الزمر: ٣٩/ ٢٩. ٤ سورة القلم: ٦٨/ ٤١. ٥ سورة النور: ٢٤/ ٨. ٦ سورة طه: ٢٠/ ١١٩. ٧ سورة طه: ٢٠/ ١٨. ٨ سورة هود: ١١/ ٨٧. ٩ سورة يوسف: ١٢/ ٥٦. ١٠ سورة الحج: ٢٢/ ٥. ١١ سورة المائدة: ٥/ ١٨. ثم قال: وعن أبي داود أيضا ذكرا ... في لفظ أبناؤا الذي في الشعراء وفي ينبؤا في العقيلة الظف ... وليس قبل الواو فيهن ألف لما قدم أن "أنباؤا" في "الأنعام" و "الشعراء" ، و: "ينبؤا" في القيامة، مما خالف القياس فصورت همزتها بواو بعدها ألف، استدرك الخلاف في: "أنباؤا" ، الذي في "الشعراء" ، لأبي داود، وفي: "ينبؤا" ، في سورة القيامة للشاطبي في: "العقيلة" ، وقد ذكر داود في "التنزيل" ، اختلاف المصاحف في: "أنباؤا" الذي في "الشعراء" ، قال: ففي بعضها بواو وألف بعدها دون ألف قبلها، وفي بعضها بالألف لا غير، وزاد في النقل لكل من الوجهين ما لا يقتضي ترجيما. وقال الشاطبي في: "ينبؤا" وفي: "ينبؤا الإنسان الخلاف" ، وهو من زيادة "العقيلة" على "المقنع" ، إذ لم يذكر أبو عمرو: "ينبؤا" ، في "المقنع" إلا بالواو والألف بعدها، ومقتضى كلام بعض شراح "العقيلة" ترجيح رسمه بالألف على القياس لكن نقل الشيخين يخالفه لجزمهما فيه بمخالفة القياس، وقد قدمنا أن العمل، في "أنباؤا" ، في "الشعراء" ، وفي: "ينبؤا" في القيامة على تصوير الهمزة واوا بعدها ألف. ثم لما فرغ الناظم من ذكر الكلمات التي خالفت القياس، فصورت همزتها واوا وزيد ألف بعدها: أخبر في الشطر الأخير مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بانتفاء الألف خطأ، أي: حذفها قبل الواو التي هي صورة للهمزة في جميع الكلمات المتقدمة في هذا الفصل يعني مما فيه الألف قبل الهمزة لفظا: كـ "العلماء" ، و "الضعفاء" . و "شفعاء" ، و "شركاء" . فلا ترسم تلك الألف بالكحلاء، إجماعا، وإنما تلحق قبل الواو بالحمراء على ما اختاره أبو داود وبه العمل، وقد وجه الشيخان حذفها بالاختصار، والاكتفاء بدلالة الفتحة قبلها عليها، وكان حق هذا الشطر أي يذكر في حذف الألفات لكن مراعاة المناسبة، والاختصار حسنت ذكره هنا، واعلم أن ترجمة هذا الفصل صريحة في أن الواو في كلمات هذا الفصل صورة للهمزة، وأن الألف بعدها زائدة. إما أن الواو صورة للهمزة فعليه اقتصر أبو عمرو في: "المقنع" ، وأبو داود في: "التنزيل" ، وعليه تكون الواو في جميع كلمات هذا الفصل صورة للهمزة على مراد وصل الكلمة التي الهمزة في آخرها بالكلمة التى بعدها، وجعل المنفصل خطا كالمتصل لفظا كما ذكره الشيخان، فتكون الهمزة في تلك الكلمات كالمتوسطة في نحو: "أبناؤكم" . و: "يذرؤكم" . وإما أن الألف زائدة فعليه اقتصر الشيخان في الرسم، وذكر أبو عمرو في المحكم أن علة زيادتها، إما شبه الواو بواو الجمع التي تلحق الألف بعدها من حيث وقعت طرفا مثلها، وهو قول أبي عمرو بن العلاء، وإما تقوية للهمزة وبيان لها، وهو قول الكسائي. وعلى أن الواو صورة للهمزة والألف بعدها زائدة، فكيفية ضبط كلمات ذا الفضل أن تجعل الهمزة صفراء، فوق الواو وتجعل دارة حمراء على الألف علامة لزيادتها، وعلى هذا العمل عندنا، والألف في قوله: "ذكرا" للإطلاق ونائب فاعل ذكر، ضمير يعود على الخلاف في البيت قبل، وقوله: في "ينبؤا" بإسكان الهمزة على إجراء الوصل مجرى الوقف للوزن، وألف الأول بضم الهمزة بمعنى عهد، وألف الثاني بفتح الهمزة بمعنى حرف الألف. فصل في أقسام الهمزة، وحكم كتابتها من الكلمة. ثم قال: فصل وإن من بعد ضمة أتت ... أو كسرة فمنهما إن فتحت كمائة وفئة وهزؤا ... وملئت مؤجلا وكفؤا الهمزة تنقسم إلى سبعة أقسام: لأنها إما مبتدأة ولا تكون إلا متحركة، وإما متوسطة ساكنة، أو متوسطة متحركة ساكن ما قبلها، أو متوسطة متحرك ما قبلها، وإما متطرفة، وتأتي فيها الأقسام الثلاثة التي في المتوسطة، وقد جعل الناظم هذه الأقسام السبعة في أربعة فصول. فخص المبتدأة بالفصل الأول، وجمع الهمزة المتوسطة المتحركة، والمتطرفة المتحركة الواقعين بعد ساكن في الفصل الثاني، وجمع الهمزة المتوسطة الساكنة والمتطرفة الساكنة والمتطرفة المتحركة بعد متحرك في الفصل الثالث، وقد عقد هذا الفصل الرابع ليقيه أقسام الهمزة، وهو قسم المتوسطة المتحركة الواقعة بعد متحرك، ويشتمل هذا القسم على تسعة صور حاصلة من ضرب ثلاث حركات الهمزة في ثلاث حركات ما قبلها وستأتي أمثلتها، وهي راجعة إلى نوعين: ١- نوع يصور من جنس حركة ما قبله. ٢- ونوع يصور من جنس حركة نفسه إلا ما استثنى منه. وقد صدر الناظم هذا الفصل بالنوع الأول، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة المتوسطة، إذا كانت مفتوحة بعد ضمة أو كسرة، فإنها تصور من مجانس تلك الضمة، وهو الواو الكسرة، وهو الياء؛ لأن قياس تخفيفها بعد الضمة والإبدال، واوا، وبعد الكسرة الإبدال ياد، ثم مثل للأول: "بهزؤا" و "مؤجلا" ، و "كفؤا" . والثاني: "بمائة" ، و "فئة" ، و "ملئت" ، ومنه و "ننشئكم" . مما هو في الأصل متطرف، ولكنه صار في حكم المتوسط بسبب اتصال ضمير متصل به. واعلم أنه لا يندرج في هذا الفصل إلا الهمزة المتوسط كما قررنا، ولا تندرج فيه الهمزة المتطرفة المتحركة الواقعة بعد متحرك نحو: {بَادِيَ الرَّأْيِْ} ١ في قراءة من همز: {بَادِيَ} ٢، وإن كان البيت الأول يمكن صدقه بها؛ لأن هذه اندرجت في صريح قول الناظم قبل "وطرفا إن حركت" ، ويدل على أن الناظم لم يقصد اندراجها في هذا الفصل اقتصاره في الأمثلة الستة على المتوسطة. ثم قال: وبعد كسر إن أتت مضمومة ... كذاك أيضا أحرف معلومة نحو ننبئهم أنبئك ... وبابه وقوله سنقرئك لما ذكر حكم الهمزة المتوسطة إذا كانت مفتوحة بعد ضمة أو كسرة، أراد أن يبين حكمها هنا إذا كانت مضمومة بعد كسرة، فأخبر في البيت الأول مع إطلاق الحكم الذي ١ سورة هود: ١١/ ٢٧. ٢ سورة هود: ١١/ ٢٧. في قراءة من: يهمز. يشير به إلى إتفاق شيوخ النقل بأن الهمزة إذا وقعت مضمومة بعد كسرة، فإنها تصور من جنس حركة ما قبلها أيضا وهو الياء، ولكن لا مطلقا بل في أحرف، أي كلمات معلومة، أي: محصورة. وأما غير تلك الكلمات من بقية كلمات هذه الصورة، فقد صور من حركة نفسه كما يأتي في عموم البيت بعد، وسبب اختلاف كلمات هذه الصورة في الرسم اختلاف لغة العرب، وعلى اختلافها جاء اختلاف النحاة، فذهب الأخفش إلى أن الهمزة المضمومة بعد كسرة تسهل، أما بين نفسها وبين مجانس حركة ما قبلها، وأما بإبدالها ياء محضة. وذهب سيبويه إلى أنها تسهل بينها وبين مجانس حركة نفسها، فجاء المصحف على وفق اللغتين، فصورت الهمزة فيه ياء في كلمات محصورة أشار إليها الناظم في البيت الثاني، وهي: "نبئهم" ، و: "أنبئك" . وبابه قوله: {سَنُقْرِئُك} ١، والمراد بباب: {فَنُنَبِّئُهُمْ} ٢ كل ما أتى من لفظه نحو: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ} ٣. {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} ٤، وضابط تلك الكلمات كل ما فيه همزة مضمومة بعد كسرة، ولم تقع فيه بعد الهمزة واو جمع، وصور ما عدا تلك الكلمات المحصورة من جنس حركة نفسه، وذلك نحو: {مُسْتَهْزِئُونَ} ٥. و: {الْخَاطِئُونَ} ٦. و: {فَمَالِئُونَ} ٧. و: {مُتَّكِئُون} ٨ و: {أَنْبِئُونِي} ٩. و {لِيُطْفِئُوا} ١٠. و: {لِيُوَاطِئُوا} ١١. و {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} ١٢، وشبهه ما وقع فيه بعد الهمزة واو جمع، وإنما خصوا الجمع بتصوير همزته من جنس حركة نفسها، ولم يصوروها من جنس حركة ما قبلها كالمفرد؛ لأن الجمع ثقيل فأرادوا تخفيفه فعدلوا فيه إلى الواو ليجدوا إلى تخفيفه بحذفها سبيلًا، وهو تأديتها إلى اجتماع صورتين متماثلتين وهما الواو التي هي صورة الهمزة وواو الجمع، ولو رسموا الهمزة في الجمع ياء لم يجدوا إلى الحذف سبيلا إذ لا يجتمع حينئذ في الكلمة صورتان متماثلتان، والله أعلم. ١ سورة الأعلى: ٨٧/ ٦. ٢ سورة التوبة: ٩/ ٦٤. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٥. ٤ سورة فاطر: ٣٥/ ١٤. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٤. ٦ سورة الحاقة: ٦٩/ ٣٧. ٧ سورة الصافات: ٣٧/ ٦٦. ٨ سورة يس: ٣٦/ ٥٦. ٩ سورة القرة: ٢/ ٣١. ١٠ سورة الصف: ٦١/ ٨. ١١ سورة التوبة: ٩/ ٣٧. ١٢ سورة يونس: ١٠/ ٥٣. وقوله: "أحرف" ، مبتدأ على حذف مضاف أي: أحرف معلومة صفته، وقوله "كذاك" ، "خبره" ، و "بعد كسر" ، حال من ضمير الخبر، و "أن أتت مضمومة" شرح حذفه جوابه لدلالة الجملة الأسمية عليه، سبك البيت على هذا الإعراب: وهمزة كلمات معلومة مستقرة كما تقدم حال كون تلك الهمزة بعد كسر أن أتت مضمومة، ويحتمل البيت غير هذا الإعراب، وما اقتصرنا عليه هو الأظهر. ثم قال: وكيفما حركت أو ما قبلها ... في غير هذه فلاحظ شكلها كيئسوا وسئلت يذرؤكم ... وسألوا بارئكم يكلؤكم لما فرغ من النوع الأول من نوعي هذا الفصل، وهو ما يصور من جنس حركة نفسه، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل، بأن الهمزة إذا حركت هي، وحرك ما قبلها أيضا كيفما كانت حركة كل منهما، ولم تكن واحدا من هذه الصور المتقدمة في النوع الأول، فإنه يلاحظ شكلها، أي: ينظر في تصويرها إلى حركتها، فتصور من مجانسها، فإن كانت فتحة صورت ألفا، وإن كانت ضمة صورت واوا، وإن كانت كسرة صورت ياء، وقد تقدم في النوع الأول صورتان، وكلمات من صورة المضمومة بعد كسرة وهو المتقدم هو الذي احترز عنه الناظم بقوله: "في غير هذه" ، وبقي لهذا النوع الثاني سبع صور: ١- صورة من المفتوحة وهي الواقعة بعد فتح. ٢- وصورة المضمومة بعد الحركات الثلاث إلا ما تقدم من كلمات المضمومة بعد كسر. ٣- وصور المكسورة بعد الحركات الثلاث أيضا، وقد مثل لها الناظم في البيت الثاني إلا أنه لم يرتب أمثلتها، بل أتى بها على حسب ما تأتي له مع النظم وترتيبها هكذا: يوجد فقرة تسحب اسكنر. ١ سورة الأحزاب: ٣٣/ ١٤. ٢ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٢٣. ٣ سورة التكوير: ٨١/ ٨. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٥٤. ٥ سورة الشورى: ٤٢/ ١١. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٦. ٧ سورة يس: ٣٦/ ٥٦. واعلم أنه كما اختلفت لغة العرب، ومذهب النحاة في المضمومة بعد كسر على ما تقدم، كذلك وقع الاختلاف في المكسورة بعد ضم، فمذهب سيبوبه إنها تسهل بينها، وبين الحرف المجانس لحركتها وهو الياء، ومذهب الأخفش إنها تسهل بينها وبين الحرف الجانس لحركة ما قبلها وهو الواو أو تبدل واوا محضة، ورسم الصاحف مطابق في هذه لمذهب سيبويه. تنبيه: من جملة ما يندرج في ضابط الناظم: "ملأ" المضاف إلى الضمير إذا كان مخفوضا نحو: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ} ١، لتوسط همزته بالضمير كما في: {نَقْرَؤُهُ} ٢. فقياسه على هذا التصوير بالياء مع أنه صور بالألف، وجعلت الياء فيه زائدة فيه كما يأتي في النظم، ولم يستثنه الناظلم هنا، وسيأتي الكلام عليه حيث الناظم "وأو" في قوله "أو ما قبلها" بمعنى "الواو" . ثم قال: وإن حذفت في اطمأنوا فحسن ... وفي اشمأزت ثم في لأملأن وعن أبي داود أيضا أثرًا ... أطفأها واختار أن يصورا أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير إلى اتفاق شيوخ النقل بأنك إن حذفت صورة الهمزة، وهي الألف التي يقتضيها القياس في: {وَاطْمَأَنُّوا} ٣ و: {اشْمَأَزَّتْ} ٤ و: {لَأَمْلَأَنَّ} ٥. فإن الحذف حسن يعني والوجه الآخر، وهو إثبات الألف، التي هي صورة في ذلك جائز أذلو لم يكن جائزا لم يكن الحذف حسنا بل متحتما، ثم أخبر عن أبي داود بحذف صورة همزة: {أَطْفَأَهَا} ٦، وأنه اختار تصويرها يعني بالألف الذي هو قياسها. أما "اطمأنوا" ففي "يونس" : {وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا} ٧. وقد أجرى بعضهم الوجهين في: {اطْمَأَنَّ} ٨. في "الحج" أيضا. وأما "اشمأزت" ففي "الزمر" : {اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} ٩. ١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٤٦. ٢ سورة الإسراء: ١٧/ ٩٣. ٣ سورة يونس: ١٠/ ٧. ٤ سورة الزمر: ٣٩/ ٤٥. ٥ سورة الأعراف: ٧/ ١٨. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٦٤. ٧ سورة يونس: ١٠/ ٧٠. ٨ سورة الحج: ٢٢/ ١١. ٩ سورة الزمر: ٣٩/ ٤٥. وأما "لأملأن" ففي "الأعراف" : {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} ١. وهذا الثالث متعدد. وأما "إطفأها" ففي "العقود" : {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} ٢. واعلم أن مقتضى ما تقدم للناظم أن الهمزة في هذه الألفاظ تصور بالألف وجها واحدا، إلا أنها لما جاءت بالوجهين فصورت في بعض المصاحف بالألف، وفي بعضها بدونها نص عليها ليفيد أنها مستثناة في المعنى مما تقدم، والعمل عندنا على تصويرها بالألف في الألفاظ الأربعة، وقوله: "إن حذفت" ، شرط ومفعول "حذفت" محذوف تقديره صورة الهمزة، وقوله: فحسن، خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو -أي: الحذف حسن و: "أطفأها" ، نائب فاعل "أثر" ، وهو على حذف ثلاث مضافات أي: روي عن أبي داود خلاف صورة همزة: "أطفأها" أي: الخلاف فيها ويفهم هذا التقدير من سياق الكلام السابق ومن اختياره التصوير، والألف في قوله: "أثرا" و "يصورا" للإطلاق. ثم قال: وما يؤدي لاجتماع الصورتين ... فالحذف عن كل بذاك دون مين لما ذكر في الفصول الأربعة المقدمة أن من أحكام الهمزة تصويرها تارة من جنس حركة نفسها، وتارة من جنس حركة ما قبلها قيد تصويرها بما تضمنه هذا البيت، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن كل من كتاب المصاحف بأن كان صورة للهمزة مؤدية أي موصلة بسبب كتبها، وتصويرها على ما تقدم إلى اجتماع صورتين يعني متماثلتين من غير حائل بينهما في كلمة، أو ما تنزل منزلة الكلمة، فإن الحذف حاصل في تلك الصورة المؤدية إلى ذلك دون مين، أي: كذب وسواء كانت الصورة الأخرى لهمزة أيضا أم لغيرها، وستأتي أمثلة ذلك للناظم قريبا، وإنما حذفت صورة الهمزة المؤدية إلى ذلك كراهة اجتماع المثلين. ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٨. ٢ سورة المائدة: ٥/ ٦٤. واعلم أن الناظم لم يعين هنا المحذوف من الصورتين فيما كانت الصورتان مع فيه للهمزتين نحو: {أَأَمِنْتُمْ} ١، و: {أَأَسْجُدُ} ٢, وسيذكر في الضبط الخلاف في أيهما المحذوفة، وترجيح ما فيه من التفصيل. وأما ما كانت إحدى الصورتين فيه للهمزة، والأخرى لغيرها نحو: {خَاسِئِينَ} ٣. و: {مُسْتَهْزِئُونَ} ٤. فالظاهر من عبارته أن المحذوفة هو صورة الهمزة إذ الكلام. إنما هو فيها لا في غيرها، فيكون كلام الناظم موافقا للراجح عند الشيخين، وهو أن المحذوف في هذا القسم هو صورة الهمزة. تنبيه: مما يؤدي تصوير الهمزة فيه لاجتماع الصورتين باب: {آمِنِينَ} ٥. و {آخِذِينَ} ٦ و: {الْآمِرُونَ} ٧، {آخَرِينَ} ٨، و: {آيَاتٍ} ٩. و: {الْمُنْشَآتُ} ١٠. ما وقع فيه قبل الألف همزة في قسمي الجمع السالم، والمحذوف منه هو صورة الهمزة، والألف التي بعدها هي الثابتة حسبما جرى به العمل في غير: {الْمُنْشَآتُ} ١١. وبعكسه في، {الْمُنْشَآتُ} ١٢. ولهذا تجعل الألف في: {الْمُنْشَآتُ} ١٣. حمراء بعد صورة الهمزة، والباء في قول الناظم: "بذاك" بمعنى في واسم الإشارة يعود على "ما" . ثم قال: كقوله ءامنتم ءاباءكم ... وأءله خاسئين جاءكم رءيا أءلقي وفي ءاباءيا ... تئوي مئاب وكذا دعاءيا مستهزءون السيئات ملجئا ... مئارب نئارءا تبوءا ذكر في هذه الأبيات الثلاثة ثماني عشرة كلمة مثل بها مما يؤدي تصوير الهمزة فيه إلى اجتماع صورتين متماثلتين، والهمزة في بعض تلك الكلمات من الفصل الأول من فصول باب الهمز الأربعة، وفي بعضها من الفصل الثاني منه، وفي بعضها من الفصل الثالث، وفي بعضها من الفصل الرابع. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٣٧. وفي النساء: ٤/ ١٤٧، والمائدة: ٥/ ١٢، والأعراف: ٧/ ٧٦، ١٢٣، والأنفال: ٨/ ٤١. ويونس: / ٥١ ١٠، ٨٤، وطه: ٢٠/ ٧١، والشعراء: ٢٦/ ٣٩. ٢ سورة الإسراء: ١٧/ ٦١. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٦٥. ٤ سورة البقرة: ٢/ ١٤. ٥ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٩٦. ٦ سورة الذاريات: ٥١/ ١٦. ٧ سورة التوبة: ٩/ ١١٢. ٨ سورة النساء: ٤/ ٩١. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٩٩. ١٠ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٤. ١١ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٤ ١٢ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٤. ١٣ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٤. فمن الفصل الأول وهو فصل المبتدأة الهمزة الأولى من: {آمَنْتُمْ} ١. و: {آبَاؤُكُمْ} ٢، و: {آبَائِي} ٣، ومنه أيضا الهمزة الأولى، وهي همزة الاستفهام من: {أَإِلَهٌ} ٤. و: {أَأُلْقِيَ} ٥. وكذا الثانية منهما؛ لأن قياسها إن تصور ألفا إذ هي مبتدأة وما يزاد قبل لا يعتبر، وظاهر تمثيل الناظم بـ: {آمَنْتُمْ} ٦. إن مراده نحو قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ} ٧، {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} ٨ مما اجتمع فيه همزتان فقط أبدلت ثانيتهما ألفًا، ولا يمتنع أن يندرج فيه: {آمَنْتُمْ} ٩: "بالأعراف" ، و "طه" ، و "الشعراء" المجتمع فيه ثلاث همزات؛ لأنه من المنوع بزيادة همزة الاستفهام على ما تقرر في اصطلاح الناظم، ولو رسمت همزاته الثلاث على القياس لأدى رسمها إلى اجتماع ثلاث صور مماثلة، وبيان اجتماع الهمزات الثلاث في: {آمَنْتُمْ} ١٠ في السور الثلاث، أن أصله قبل الاستفهام "أأمنتم" بهمزتين مفتوحة فساكنة، فالمفتوحة زائدة والساكنة فاء الكلمة، فأبدلت الساكنة ألفا على ما تقرر في نحو: {آدَمُ} ١١. ثم دخلت همزة الاستفهام، فاجتمع همزتان في الألفاظ. - الأولى للاستفهام. - والثانية هي الزائدة. - وأما الثالثة فهي فاء الكلمة المبدلة ألفا، وهكذا يقال في: {آلِهَتِنَا} ١٢، بـ "الزخرف" ، وهذا النوع أعني ما اجتمع فيه ثلاث همزات يؤدي قياسها إلى اجتماع ثلاث صور داخل في عموم قول الناظم: "وما يؤدي لاجتماع الصورتين" البيت. بالتدريج وهو أن ينظر في الوسطى مع إحدى طرفيها فتحذف إحداهما، ثم ينظر في الباقية مع الطرف الآخر فتحذف أيضا إحداهما، ولا تبقى الصورة وهي هنا الألف، إلا لهمزة واحدة كما اتفقت عليه المصاحف، واختار أبو عمرو في المحكم أنها صورة الهمزة الوسطى وبه العمل. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٣٧. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٠٠. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٣٨. ٤ سورة النمل: ٢٧/ ٦٠، ٦١، ٦٢، ٥٣. ٥ سورة القمر: ٥٤/ ٢٥. ٦ سورة الأنفال: ٨/ ٤١. ٧ سورة يونس: ١٠/ ٨٤. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ٩ سورة الأنفال: ٨/ ٤١. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ١٣٧. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٣١. ١٢ سورة هود: ١١/ ٥٣، ٥٤. ومن الفصل الثاني الهمزة التي بعد الألف وقبل الكاف من: {آبَاءَكُمْ} ١. و: {جَاءَكُمْ} ٢. بعد الألف وقبل الياء من: {آبَائي} ٣ و: {دُعَائِي} ٤. ومن الفصل الثالث وهو فصل الساكنة الهمزة الثانية المبدلة ألفا من: {آمَنْتُمْ} ٥. و: {آبَاءَكُمْ} ٦. و: {آبَائِيَ} ٧، إذ أصل الألف في الثلاثة همزة، ففي الأول فاء: "أفعل" . وفي الأخيرين فاء: "أفعال" . بفتح الهمزة؛ لأنهما جمع أب، ثم أبدلت الهمزة ألفا لوقوعها ساكنة بعد مثلها. ومن الفصل الثالث أيضا: {وَرِئْيًا} ٨ بكسر الراء على قراءته بالهمز: {وَتُؤْوِي} ٩. ومن الفصل الرابع أعني النوع الأول منه وهو قوله: "وأن من بعد ضمة" البيت: {السَّيِّئَاتِ} ١٠، ومن النوع الثاني منه وهو قوله: "وكيفما حركت" البيت، {مُسْتَهْزِئُونَ} ١١. و: {خَاسِئِينَ} ١٢. و: {مَآبٍ} ١٣. و: {مَلْجَأً} ١٤. و: {مَآرِبُ} ١٥. و: {وَنَأَى} ١٦. و: {رَأَى} ١٧. و: {تَبَوَّءا} ١٨. واعلم أن بعض هذه الأمثلة التي ذكرها الناظم في هذه الأبيات مكرر مع ما هو نظير له، وكان وجه تكراره زيادة الإيضاح لصعوبة باب الهمز، وخصوصا تلك القاعدة الممثل لها بهذه الأمثلة، واحتيج إلى زيادة الإيضاح بتكرار الأمثلة لتزداد تلك القاعدة تطبيقا، فيزداد اتضاحها، والله أعلم. ثم قال: إذ رسموا بألف نئا رءا ... لكن ياء في رأى من ما رأى لما ذكر الناظم {وَنَأَى} ١٩. و: {رَأَى} ٢٠. في الأمثلة التي يؤدي تصوير الهمزة فيها إلى اجتماع صورتين متماثلتين، استشعر سؤال سائل قال له: إن ألف. ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٠٠. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٨٧. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٣٨. ٤ سورة نوح: ٧١/ ٦. ٥ سورة الأنفال: ٨/ ٤١. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٠٠. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٣٨. ٨ سورة مريم: ١٩/ ٧٤. ٩ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥١. ١٠ سورة النساء: ٤/ ١٨. ١١ سورة البقرة: ٢/ ١٤. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٦٥. ١٣ سورة الرعد: ١٣/ ٢٩. ١٤ سورة التوبة: ٩/ ٥٧. ١٥ سورة الرعد: ١٣/ ٢٩. ١٦ سورة الإسراء: ١٧/ ٨٣. ١٧ سورة الأنعام: ٦/ ٧٦. ١٨ سورة يونس: ١٠/ ٨٧. ١٩ سورة فصلت: ٤١/ ٥١. ٢٠ سورة الأنعام: ٦/ ٧٨. و {نَئَا} ١، و: {رَءَا} ٢. مبدلة عن ياء فقياسها أن تكتب ياء على القاعدة الآتية في قوله: "وإن على الياء قلبت الفاء" البيت، وإذا كتبت الألف فيهما ياء على مقتضى قياسها لم يؤد قياس تصوير الهمزة إلى اجتماع صورتين متماثلين، فأجاب عنه بما تضمنه صدر هذا البيت وحاصله: إن و {نَئَا} ٣. و: {رَءَا} ٤. إنما كان قياس الهمزة فيها مؤديا لاجتماع صورتين؛ لأن كتاب المصاحف رسموهما بألف على خلاف قياسهما، ثم استثنى الناظم من كلمات: {رَءَآ} ٥. موضعين في "النجم" ، رسمت الألف فيهما بالياء على القياس، وصورت الهمزة فيها ألفا وهما: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} ٦، {ومَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} ٧ واحترز، ب: "رأى" المقترن بما بعده و: "رأى" المقترن بما قبله عن الواقع في "النجم" ، وغيرها غير متقرن بواحد منهما، فإنه مرسوم بالألف من غير صورة للهمزة نحو: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ٨، {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَبًا} ٩، ولما أفاد الناظم تفصيل: "رءا" هنا بحسب الاستطراد إذ محله بالقصد ما يأتي لم يذكر تفصيله هناك، بل أحاله على ما هنا بقوله الآتي: "وما سوى الحرفين من لفظ رءا" ، وسيأتي هناك بيان أن لا معارضة بين جزمه هنا بأن الهمزة في "نئا" ، و: "راء" في غير الموضعين لا صورة لها، وتجويزه هناك أن هناك أن تكون الألف صورة للهمزة. وقوله: "من ما" يلزم فيه قطع: "من" ، عن "ما" تنبيها على أن: "من" مضمومة إلى: "رأى" الأول، و: "إلى" مضمومة إلى "رأى" الثاني. ثم قال: وأثبتت في سيئا والسيء ... سيئة هيئ وفي يهيئ لكن في السيئ لغاز صورا ... هيئ يهيئ ألفا وأنكرا لما ذكر أن كل صورة تؤدي بسبب رسمها إلى اجتماع صورتين قياسها الحذف سواء كانت الصورة الأخرى لهمزة أخرى أم لغيرها، استثنى في البيت الأول من تلك القاعدة خمس كلمات، وهي: "سيئا" و: "السيء" . و: "سيئة" و: "هيئ" . و: "يهيئ" . ١ سورة الإسراء: ١٧/ ١٣. ٢ سورة هود: ١١/ ٧٠. ٣ سورة فصلت: ٤١/ ٥١. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ٢٤. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ٢٨. ٦ سورة النجم: ٥٣/ ١٨. ٧ سورة النجم: ٥٣/ ١١. ٨ سورة النجم: ٥٣/ ١٣. ٩ سورة الأنعام: ٦/ ٧٦. فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل، بأن الهمزة في تلك الكلمات الخمس، أثبتت، أي: صورت فيها بما يقتضيه القياس مع تأدية الصورة إلى اجتماع صورتين. - أما "سيئا" ففي "التوبة" : {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} ١. - وأما "السيئ" فكلمتان في "فاطر" : {وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} ٢. - وأما "سيئة" فنحو ما في "البقرة" : {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً} ٣. وهو متعدد ولا مدخل للجمع هنا. - وأما "هيئ" و: "يهيئ" فكلاهما في "الكهف" : {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} ٤، {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} ٥، وبقي كلمتان صورت همزتهما ياء على القياس مع تأدية الصورة فيهما إلى اجتماع صورتين، وهما: "يئسوا" . و: "يئسوا" . و: "يئسن" ، وقد تقدم للناظم التمثيل ب: "يئسوا" لما صورت همزته ياء، ثم استدرك في البيت الثاني، فذكران الهمزة صورت ألفا عند الغازي بن قيس في كلمتي: "السيئ" وفي: "هيئ" ، و: "يهيئ" . قال الناظم، وأنكر تصوير الهمزة ألفا في ذكر "الغازي" ، وأشار بقوله: وأنكر إلى قول الشيخين، وذلك خلاف الإجماع: ا. هـ. والعمل على ما ذكره الناظم في البيت الأول، والغازي بن قيس قرطبي أبا محمد، سمع من مالك رضي الله عنه، وابن أبي ذئب وجماعة، وهو أول من أدخل إلى الأندلس: "الموطأ" ، و "مقرأ" ، "نافع" ، وقرأ على نافع، وكان يحفظ "الموطأ" ظاهرا وعرض عليه القضاء فأبى، قال أصبع بن خليل: سمعته يقول: والله ما كذبت كذبة منذ اغتسلت، ولولا عمر بن عبد العزيز قاله ما قلته: والله ما كذبت كذبة منذ اغتسلت، ولولا عمر بن عبد العزيز قاله ما قلته، وما قاله عمر فخرا ولا رياء. وما قاله إلا ليقتدى به، وكان رأسا في علم القراءات، كثير الصلاة بالليل، توفي سنة تسع وتسعين ومائة "١٩٩" هـ. واسم "لكن" في قول الناظم: "لكن في السيئ" ضمير الشأن محذوفا، والسيئ بإسكان الياء على إجراء الوصل مجرى الوقف للوزن، وقوله: "هيئ" نائب فاعل صور على حذف مضاف أي، همز "هيئ" ، والجملة الفعلية خبر "لكن" ، وهي المفسرة لضمير الشأن. وقوله: "ألفا" ، مفعول ثان "لصورة" ، والألف في "صورا" ، و "أنكرا" ، للإطلاق. ١ سورة التوبة: ٥/ ١٠٢. ٢ سورة فاطر: ٣٥/ ٤٣. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٨١. ٤ سورة الكهف: ١٨/ ١٠. ٥ سورة الكهف: ١٨/ ١٦. حكم زيادة الألف والواو، والياء في بعض الكلمات: ثم قال: وهاك ما زيد ببعض أحرف ... من واو أو من ياء أو من ألف أي خذ بيان الواو والياء والألف المزيد كل منها في بعض أحرف أي كلمات، وهذه الترجمة شروع من الناظم في زيادة الألف، والواو والياء بعد فراغه من حذفها ومن حذف النون واللام ومن أحكام الهمز، ولم يرتب الكلام في زيادة تلك الأحرف الثلاثة على ترتيب الترجمة بل عكس فقدم أولا مواضع زيادة الألف المتأخرة في الترجمة، ثم عقد فصلا لمواضع زيادة الياء ثم فصلا آخر لمواضع زيادة الواو المتقدمة في الترجمة، وكل فصل ينقسم إلى متفق عليه، ومختلف فيه على ما سيأتي، وإنما خصوا الألف والواو والياء بالزيادة دون غيرها؛ لأنهم رأوا ذلك كالجبر، لما اعتراها من الحذف الذي كثر فيها. ثم قال: فمائة ومائتين فارسمن ... بألف للفرق مع الأذبحن ذكر في هذا البيت من الكلمات التي زيدت فيها الألف باتفاق ثلاث كلمات، وهي: "مائة" و: "مائتين" . و: "لا أذبحنه" ، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن يرسم كل منها بألف، أي: بزيادة ألف، قال الشيخان باتفاق: ولم يعين الناظم موضع زيادتهما على التوقيف، وموضع زيادتها في الأولين بين الميم، والياء التي هي صورة الهمزة، وفي الثالث بعد لام ألف. - أما "مائة" فنحو: {قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ} ١، وهو متعدد. - وأما مائتين فنحو: {يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} ٢ في "الأنفال" . ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٩. ٢ سورة الأنفال: ٨/ ٦٥. - وأما "لا أذبحن" ، ففي "النمل" : {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} ١. وقول الناظم: للفرق يحتمل أن يكون توجيها لزيادة الألف في: "مائة" فقط يعني أن زيادة الألف في: "مائة" للفرق بينها، وبين "منه" المركب من: "من" الجارة وضمير الغائب قبل حدوث النقط، والشكل؛ لأن المصاحف كتبت من غير نقط ولا شكل، وقيل: للفرق بينها وبين كلمة "مية" التي هي علم امرأة، وأن لم يقع في القرآن، وعلى هذا الاحتمال يكون وجه زيادة الألف في: "مائتين" حمله على المفرد، ويحتمل أن يكون قوله: للفرق توجيها لزيادة الألف في: "مائتين" ، أيضًا أي: إنما زيدت الألف في لفظ: "مائتين" للفرق بينه وبين تثنية "مية" الذي هو علم، وهذا الاحتمال هو المتبادر من عبارته. وإنما خصوا: "مائة" بزيادة الألف دون غيرها من الكلمات التي تلتبس بغيرها في الصورة الخطية "كفئة" فإنها تلتبس، "فيه" المركب من: في، الجارة وضمير الغائب لكونهم رأوا قوة اللبس في: "مائة" مع كثرة دورها في الكلام دون "فئة" ، ونحوه: ولم يوجه الناظم زيادة الألف في: {لأاْذْبَحَنَّهُ} ٢، وقد وجهوها فيه وفيما أشبهه مما سيأتي كـ: "لأاوضعوا" بأوجه منها: إن زيادتها للدلالة على أشباع حركة الهمزة فيعلم بذلك أن فتحتها مشبعة، أي: تامة لا مختلسة أو أن زيادة لتقوية الهمزة وبيانها؛ لأنها حرف خفي يعيد المخرج فقويت بزيادة الألف في الكتابة كما قويت بزيادة المد في التلاوة، وخضعت الألف بتقويتها دون الواو والياء لكون الألف أغلب على صورتها منهما، ولكون الهمزة والألف من مخرج واحد. والتوجيه الثاني لزيادة الألف في: {لأاْذْبَحَنَّهُ} ٣، وشبهه ذكر أبو عمرو في المحكم نحوه لزيادة الألف في: "مائة" ، وقال: وهذا عندي أوجه. انتهى. وعلى أن الألف زائدة لما قد قدمناه بنى الناظم في الضبط؛ لأنه نص فيه على لزوم الدارة لهذه الألف، وذلك إنما ينبني على أنها زائدة لما قدمناه إذ لو بنينا على غيره من بقية الأوجه التي وجهوا بها لم تجعل الدارة على الألف أصلا، كما سنذكره في فن الضبط إن شاء الله. ١ سورة النمل: ٢٧/ ٢١. ٢ سورة النمل: ٢٧/ ٢١. ٣ سورة النمل: ٢٧/ ٢١. وما قدمناه من أن الألف الزائدة في: "لأاْذْبَحَنَّهُ" ١. هي التي بعد اللام هو الراجح فيه وفيما أشبهه، وعليه تكون الألف المعانقة للام صورة للهمزة، وقيل الزائدة هي المعانقة والتي بعد لام ألف، صورة للهمزة، وسينص الناظم على هذا الخلاف في فن الضبط، وسنذكر فيه كيفية ضبط ذلك على القولين. وقوله: "مائة" مفعول مقدم بارسمن، و "مائتين" ، عطف عليه وفاء، فارسمن زائدة: وقوله مع ظرف في محل الحال من: "مائة" ، و "مائتين" . ثم قال: ومع لكنا لشايء وهما ... في الكهف وابن وأنا قل حيثما لا تأيئسوا يا يئس ... ... ذكر هنا من الكلمات التي زيدت فيها الألف باتفاق ست كلمات، وهي: "لكنا" في الكهف و: "الشايء" فيها أيضا، و: "ابن" ، و: "ابن" ، و: "أنا" و: "يايئس" ، إلا أن زيادتها في: "لكنا" و "ابن" و "أنا" ، ليست حقيقة كما سيأتي، ولم يعين الناظم مواقع الزيادة من هذه الكلمات اعتمادا على التوقيف أيضا. أما "لكنا" في "الكهف" فهو: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} ٢. قال أبو داود، "لكنا" كتبوه بألف ثابتة بعد النون، واجتمعت على ذلك المصاحف، وابن عامر: ثبتها من اللفظ وصلا وغيره يحذفها، واتفق جميعهم على إثباتها وقفا. ا. هـ. بالمعنى وأصل: "لكنا" لكن "أنا" و "لكن" حرف استدراك مخفف، و "أنا" ضمير المتكلم المنفصل، وبهذا الأصل قرأ أبي رضي الله عنه، ثم اختلف النحاة فذهب أبو علي الفارسي إلى أن الهمزة حذفت اعتباطا، أي: من غير علة فاجتمع نونان: أولهما ساكنة فأدغمت في الثانية، وذهب الزجاج إلى أن حركة الهمزة نقلت إلى النون الساكنة، ثم حذفت فاجتمع مثلان من كلمتين فسكن أولهما وأدغم في ثانيهما، ١ سورة النمل: ٢٧/ ٢١. ٢ سورة الكهف: ١٨/ ٣٨. واحترز الناظم بقوله: في "الكهف" عن ما وقع في غيرها من لفظ "لكن" ، فإنه لا ألف بعد نونه لا لفظا ولا رسمًا، نعم ألفا: "لكنا" المركب من: "لكن" وضمير جماعة المتكلمين المنصوب به ثابتة لفظا ورسما نحو: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا} ١. وأما: "الشاءى" ، في: "الكهف" ، أيضا فهو: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} ٢. كتبوه في جميع المصاحف بألف بين الياء والشين كما ذكره أبو داود، واحترز الناظم بقيد المجاور وهو اللام المكسورة عن الخالي عن نحو: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ٣. {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ٤، وبقيد السورة عن الواقع في: "النحل" : {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ} ٥، فإن ذلك كله لم يرسم فيه ألف بين الشين والياء. وأما ابن فنحو: {اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} ٦. وهو متعدد، قال أبو عمرو، واجمع كتاب المصاحف على إثبات ألف الوصل في قوله: {عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} ٧. و {الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} ٨ حيث وقع وهو نعت كما رسمت في الخبر في قوله: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} ٩ و {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} ١٠، فإن الله عز وجل أخبر في كتابه أن اليهود والنصارى، قالوا ذلك. انتهى. هذا مذهب أهل المصاحف في: "ابن" ، وهو مخالف لما عليه النحويون من حذف: "ابن" ، إذا وصف به علم، وأضيف إلى علم كما في الآيات المتقدمة، ومثل: "ابن" "ابنة" . وأما "أنا" فنحو: {قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} ١١، وهو متعدد، وقد أطبقت المصاحف كما ذكره في: "التنزيل" ، على إثبات ألف بعد النون في كلمة ب "أنا" الخفيفة سواء أتى بعدها همزة مضمومة، أو مفتوحة أو مكسورة أو ألف وصل أو حرف آخر نحو: {أَنَا رَبُّكُمُ} ١٢. و {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ} ١٣. و {أَنَا أَعْلَمُ} ١٤. و أنَا ١ سورة القصص: ٢٨/ ٤٥. ٢ سورة الكهف: ١٨/ ٢٣. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٠٦. ٤ سورة ص: ٣٨/ ٥. ٥ سورة النحل: ١٦/ ٤٠. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٤٥. ٧ سورة المائدة: ٥/ ١٧. ٨ سورة آل عمران: ٣/ ٤٥. ٩ سورة التوبة: ٩/ ٣٠. ١٠ سورة التوبة: ٩/ ٣٠. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٨. ١٢ سورة النازعات: ٧٩/ ٢٤. ١٣ سورة طه: ٢٠/ ١٤. ١٤ سورة الممتحنة: ٦٠/ ١. آتِيكَ ١ و {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} ٢ و {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ} ٣ و {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} ٤. وشبهه، و {أنَا} ٥ من الضمائر المنفصلة، وقد اختلف النحاة هل الضمير جملة أحرفة الثالثة وهو مذهب الكوفيين، أو الحرفان الأولان فقط والألف زائدة، في الوقف محافظة لإشباع الحركة لئلا تسكن في الوقف فتلتبس بأن الناصبة، وهو مذهب البصريين، وتميم يثبتون ألفه وصلا وغيرهم يحذفها، واتفق الجميع على إثباتها وقفا. وأما: "تايئسوا" و "يايئس" ، ففي "يوسف" : {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} ٦. وفي "الرعد" : {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا} ٧ كتبوا الكلمتين في المواضع الثلاثة بألف زائدة بين حرف المضارعة، وبين الياء بعده وقد قرأ البزي المواضع الثلاثة بخلف عنه بتقديم الهمزة مبدلة ألفا على الياء مفتوحة. تنبيه: الألف في: "لكنا" و "ابن" و: "أنا" ، ليست زائدة حقيقة؛ لأن الزائد حقيقة هو ما لا لفظ به لا وصلا، ولا وقفا، والألف في الكلمات الثلاث ليست كذلك لثبوتها في: "لكنا" وقفا لجميع القراء ووصلا لابن عامر، وثبوتها في: "ابن" ابتداء لجميع القراء وثبوتها في: "أنا" وقفا لجميع القراء، ولا شك أن الرسم مبني على الوقف والابتداء، فلما ثبتت في إحداهما لم تكن زائدة حقيقة، فإطلاق الناظم الزيادة عليها تسامح سيأتي وجهه. وأما "الألف" في: "لشائ" في "الكهف" و: "تايئسوا" و: "يايئس" ، فإنها زائدة حقيقة، ومما وجهوا به زيادتها فيها أنها لتقوية الهمزة وبيانها لخفائها، ولم يعتد بالياء؛ لأنها بسكونها وكونها حرف لين غير حاجز حصين، ولم ترسم تلك الألفات بعد الهمزة لوقوع الساكن قبلها والألف ولو زائدة إنما تقع بعد المتحرك لا بعد الساكن ولم تزد الألف في: "لشيء" الذي في "النحل" ، كما زيدت في الذي في: "الكهف" لقصدهم، والله أعلم. ١ سورة النمل: ٢٧/ ٣٩. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٨. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٨٨. ٤ سورة الزخرف: ٤٣/ ٥٢. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٨. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ٧ سورة الرعد: ١٣/ ٣١. التفرقة بين ما في "النحل" ، لكونه مراد الله فلم يناسبه التغيير بخلاف ما في: "الكهف" لكونه مراد العبد. وقول الناظم: "لشأي" عطف على كلمات البيت السابق، و "مع" ظرف في محل الحال منه و: "لكلنا" مقصود لفظه أضيف إليه "مع" . وقوله: "يائيس" ، بسكون السن بإجراء للوصل مجرى الوقف للوزن. ثم قال: . . . . . . . . . . . وقل عن بعضهم ... في استيئسوا استيئس أيضا قد رسم لأوضعوا وابن نجاح نقلا ... جيء لأنتم لأتوها لإلى وجاء أيضا لإلى جيء معا ... لدى العقيلة. . . . . . . . . . . ذكرها سبعة ألفاظ اختلف كتاب المصاحف في زيادة الألف فيها، وعدم زيادتها. وهي: "استيئسوا" و: "استيئس" ، و: "لا وضعوا" و: "جيء" و: "لأنتم" ، و: "لاتوها" . و: "لالى" ، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن بعض كتاب المصاحف، زادوا الألف أيضًا في: "استيئسوا" و: "استيئس" و: "لاوضعوا" ، وأن ابن نجاح وهو: أبو داود نقل الخلاف في زيادة الألف في: "جيء" ، و: "لأنتم" . بالخلاف أيضا في زيادة الألف وهو من زيادة: "العقيلة" ، على ما في "المقنع" ؛ لأن أبا عمرو لم يذكرهما في "المقنع" وإنما ذكرها في "المحكم" ، وذكر فيه الخلاف فيهما. أما "استيئسوا" و: "استيئس" ، ففي "يوسف" : {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} ١. {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} ٢، وقد رسما في بعض المصاحف بألف بعد التاء وفي بعضها بغير ألف، وهو الأكثر كما ذكره في "المقنع" ، وقال أبو داود: "وكلاهما حسن" . وأما "لا وضعوا" ، ففي "التوبة" : {وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} ٣، وقد اختلفت المصاحف فيه، ففي بعضها بألف بعد لام ألف، وفي بعضها بغير ألف كما ذكره الشيخان، واختار أبو داود فيه إسقاط الألف. ١ سورة يوسف: ١٢/ ٨٠. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ١١٠. ٣ سورة التوبة: ٩/ ٤٧. وأما "جيء" ففي "الزمر" : {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ} ١. وفي "الفجر" : {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} ٢. وقد اختلف فيه المصاحف، فكتب في بعضها بألف بين الميم والياء، وفي بعضها بغير ألف كما ذكره أبو داود. - وأما "لأنتم" ففي "الحشر" : {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً} ٣. - وأما "لاتوها" ففي "الأحزاب" : {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا} ٤. - وأما "لإلى" ففي "آل عمران" : {لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} ٥. وفي "الصافات" : {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ} ٦. وقد ذكر أبو داود الخلاف في هذه الألفاظ الثلاثة بألف بعد لام، وعدم رسمها واختار كتبها بغير ألف، والعمل عندنا على رسم الألفاظ السبعة المتقدمة بغير ألف وقوله الناظم "معا" راجع إلى كل واحد من اللفظين، والتقدير لإلى "معا" وجيء؛ لأن كل واحد منهما وقع في موضعين كما تقدم. ثم قال: . . . . . . . . . . . . وكل نسفعا ... إذا يكونا لأهب ونونا لدى كأين رسموا التنوينا ... . . . . . . . . . . . أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن كل كتاب المصاحف بزيادة الألف مع: "لنسفعا" و: "إذا" ، و: "ليكونا" ، و: "لأهب" . وأنهم رسموا التنوين في "كأين" نونا. أما "لنسفعا" ففي "العلق" : {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} ٧. وأما "وليكونا" ، ففي سورة "يوسف" أخبارًا عن قول امرأة العزيز في شأن سيدنا يوسف: {وَلِيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} ٨. والنون الساكنة فيهما هي نون التوكيد الخفيفة تبدل في الوقف ألفا فلذا كتب به. ١ سورة الزمر: ٣٩/ ٦٩. ٢ سورة الفجر: ٨٩/ ٢٣. ٣ سورة الحشر: ٥٩/ ١٣. ٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ١٤. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٨. ٦ سورة الصافات: ٣٧/ ٦٨. ٧ سورة العلق: ٩٦/ ١٥. ٨ سورة يوسف: ١٢/ ٣٢. وأما "إذا" فنحو: {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا} ١، وقد تعددت في القرآن وهي حرف جواب، وجزاء فليس النون في طرفها تنوينا لكن لما أشبهت النون المنصوب قلبت نونها في الوقف ألفا فلذا كتبت به، هذا مذهب أهل المصاحف في: "إذا" ، وللنحاة فيها ثلاثة مذاهب: ١- كتبها بالألف مطلقا وهو الصحيح. ٢- وكتبها بالنون مطلقا. ٣- وكتبها بالألف أن اعملت وبالنون أن أهملت. وأما "لأهب" ففي "مريم" : {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا} ٢. وقد روى عن قالون فيه وجهان: ١- أحدهما قراءته بالهمز. ٢- والثاني قراءته بالياء المحضة وهي رواية ورش، وقراءة أبي عمرو البصري. فعلى قراءته بالهمز يكون مضارعا مبدوءا بهمزة التكلم، وفاعله ضمير المتكلم وهو جبريل، وإسناد الهبة له مجاز؛ لأن الواهب حقيقة هو الله تعالى، ويحتمل أن يكون: "لأهب" محكيا بقول محذوف، أي، قال: "لأهب" ، فيكون ضمير: "لأهب" . عائدا على الرب تعالى، والإسناد حينئذ حقيقي، وعلى قراءته بالياء يكون مضارعا مبدوءا بياء الغيبة، وفاعل ضمير مستتر يعود على الرب، أي: "ليهب" ربك الذي استعذت به مني؛ لأنه الواجب حقيقة، ويحتمل أن تكون الياء بدلا من الهمزة لانفتاحها بعد كسرة، وتنزيل اللام منزلة جزء من الكلمة حتى تكون الهمزة متوسطة حكما. ورسم: "لأهب" بالألف مطابق لقراءة الهمزة، وليس مطابقا لقراءة الياء لمخالفته للفظ سواء قلنا: أن الياء حرف مضارعة أو مبدلة من الهمزة، وعلى قراءته بالياء فيه الناظم على كتبه بالألف إلا أن ألفه ليست زائدة حقيقة لثبوتها في الحالين، إذ هي عوض عن الياء إن قلنا: أن الياء فيه حرف مضارعة، وصورة للهمزة إن قلنا: أن الياء فيه مبدلة من الهمزة ١ سورة النساء: ٤/ ٦٧. ٢ سورة مريم: ١٩/ ١٩. فصارت الألف كأنها هي الياء، فثبتت في الحالين ففي إطلاق الناظم الزيادة عليها تسامح تقدم نظيره في ألف: "لكنا" ، و: "ابن" و: "أنا" كما أن في إطلاقه الزيادة على الألف: "لنسفعا" و: "ليكونا" و: "إذا" المتقدمة تسامحا أيضا إذ ليست زائدة حقيقة لثبوتها وقفا، وكأن وجه التسامح في ذلك أنه اعتمد على ما يأتي له في فن الضبط حيث تكلم فيه على الألفات الزائدة حقيقة، وحكم بجعل الدارة عليها، وسكت عن هذه الكلمات السبع، فسكوته عنها يدل على أن الألف فيها ليست زائدة حقيقة، ولهذا لا تجعل عليها الدارة كما سنذكره في الضبط. وأما "كأين" فقد كتب تنوينها نونا كما قال الناظم، وقد وقعت في سبعة مواضع في "آل عمران" : {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ} ١، وفي "يوسف" ٢، وفي "الحج" ٣ ٤ في موضعين وفي "العنكبوت" ٥، و "القتال" ٦، و "الطلاق" ٧، وأصلها: "أي" المنونة وكتب مع كاف التشبيه ولا يخفى أن: "كأين" ليست مما يندرج في الترجمة إذ لم يزد فيها حرف من حروف العلة المترجم لزيادتها، فذكر الناظم لها هنا تبرع. ثم قال: وزيد بعد فعل جمع كاعدلوا ... واسعوا وواو كاشفوا ومرسلوا أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل، بأن الألف زيدت بعد فعل جمع يعني بعد واو فعل الجمع المتطرفة المسند إليها فعل الجمع سواء كان ما قبلها مضموما: "كاعدلوا" و: "ءامنوا" ، و: "كفروا" و: "لا تفسدوا" ، ومفتوحا: "كاسعوا" و: "اشتروا" وإن الألف زيدت أيضا بعد واو: "كاشفوا" و: "مرسلوا" يعني وما أشبههما في كون الواو متطرفة، وعلامة رفع الجميع نحو: {بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} ٨ و {نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ} ٩ و {بَنُو إِسْرائيلَ} ١٠ و {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ} ١١، وخرج بواو فعل الجمع واو فعل أفرد نحو: {أَشْكُو بَثِّي} ١٢، وبقولنا: المسند إليها فعل الجمع الواو ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٦. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ١٠٥. ٣ سورة الحج: ٢٢/ ٤٥. ٤ سورة الحج: ٢٢/ ٤٨. ٥ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٦٠. ٦ سورة القتال: ٤٧/ ١٣. ٧ سورة الطلاق: ٦٥/ ٨. ٨ سورة الأنعام: ٦/ ٩٣. ٩ سورة السجدة: ٣٢/ ١٢. ١٠ سورة يونس: ١٠/ ٩٠. ١١ سورة الأنفال: ٨/ ٧٥. ١٢ سورة يوسف: ١٢/ ٨٦. التي لم يسند إليها فعل الجمع نحو: {تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} ١، وسيأتي على هذين، وخرج بقيد تطرف الواو في القسمين في نحو: "يؤمنون" و: "يقيمون" و: "ينبئون" و: "المفلحون" و: "مصلحون" ، ونحو: "أنبئوني" ، و "لن تتبعونا" ، و: "هم بالغوه" و "كل ءاتوه" ، مما توسطت الواو فيه بسبب وقوع ضمير متصل بعدها أو نون علامة رفع الفعل أو نون الجمع السالم، والقاعدة المتقررة في الخط، وهي أنه تصوير اللفظ بحروف هجائه تقتضي أن لا يزاد الألف في القسمين، ولكن كتاب المصاحف، والنحاة اصطلحوا على زيادة الألف فيهما وصار الأصل الأول مرفوعا حتى أن ما لا يزاد الألف بعده من القسمين يعد من المستثنيات المنبه بها على ذلك الأصل المرفوض، وسنذكر عنه قول الناظم: "وبعد واو الفرد" ، وجه زيادة الألف في هذين القسمين، وبعد واو الفرد. واعلم أن الناظم اعتمد هنا في القيود التي قررنا بها كلامه على أخذها من الأمثلة التي ذكرها، إلا أنه ليس في كلامه ما يدل على تعميم الحكم فيما يشبه: "كاشفوا" و: "مرسلوا" ؛ لأنه علق الحكم على عين هذين اللفظين وقول قال: "وبعد واو شبه" : "مرسلوا" لأفاد تعميم الحكم ولا يصح جعل واو: "كاشفوا" عطفا على: "اعدلوا" حتى يستفاد التعميم من كونه مدخولا للكاف؛ لأن ذلك يصيره من أمثلة فعل الجمع، وليس هو كذلك بل هو معطوف على فعل جمع على حذف مضاف أي بعد واو فعل جمع كما أشرنا إليه في حل كلامه. ثم قال: لكن من باءوا تبوءوا رووا ... إسقاطها وبعد واو من سعو في سبإ ومثلها إن فاءوا ... عتو عتوا وكذاك جاءوا لما ذكر أن الألف زيد بعد واو فعل الجمع استثنى ستة ألفاظ، وروى جميع شيوخ النقل إسقاط الألف فيها بعد واو الجمع: لفظان متعددان، وأربعة غير متعددة، فاللفظان المتعددان: "باءوا" ، و "جاءوا" وحيث وقعا، نحو: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} ٢، {وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} ٣. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٠٢. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٩٠. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١١٦. والألفاظ الأربعة غير المتعددة: {تَبَوَّأُوا الدَّارَ} ١ في "الحشر" ، و {سَعَوْا فِي آيَاتِنَا} ٢ في "سبإ" ، و {فَإِنْ فَاءُوا} ٣ في "البقرة" . {وَعَتَوْا عُتُوًّا} ٤ في "الفرقان" ، احترز الناظم بقيد السورة في: "سعوا" عن: "سعوا" الواقع في "الحج" ، فإنه رسم بالألف بعد الواو وبقيد: "عتوا" المقترن به "عتوا" عن غير المقترن به نحو: {وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} ٥ {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ} ٦، في "الإعراب" فإنه رسم بألف بعد واو أيضا، وليس أن مع "فاء" ، وقيدا إذ لم يقع في القرآن غيره. واعلم أن الناظم لم يستثن من واو الجمع واو: {كَالُوهُمْ} ٧ و {وَزَنُوهُمْ} ٨؛ لأنها ليست متطرفة لكون الضميرين بعدها متصلين منصوبين بالفعلين لا منفصلين على الصحيح، فلا حذف في الكلمتين أصلا. تنبيه: سكت الناظم عن الخلاف في: {لِترْبُوَ} ٩ في "الروم" و: {آذَوْا} ١٠ في "الأحزاب" مع أن أبا عمرو ذكر في المقنع عن بعض الرواة حذف الألف بعد الواو فيهما إلا أن كلامه يقتضي ضعفه، وقد ذكر أبو داود الخلاف فيهما أيضا من غير ترجيح، والعمل عندنا على زيادة الألف بعد الواو فيهما، وقول الناظم رووا، جملة فعلية خبر: لكن، واسمها ضمير الشأن محذوفا، والجملة الفعلية مفسرة له. ثم قال: وبعد واو الفرد أيضًا ثبتت ... وبعد أن يعفو مع ذو حذفت أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الألف زيدت بعد واو الفرد أيضا يعني بعد واو فعل الفرد المتطرفة، وأن الألف حذفت بعد أن يعفو ذو حيثما وقعت في القرآن. أما واو فعل الفرد المتطرفة فهي الواو التي هي لام الفعل المسند إلى المفرد، أو ما في معنى المفرد من الجمع الظاهر إذ الفعل معه يؤتى به على صورة المسند إلى المفرد، نحو: ١ سورة الحشر: ٥٩/ ٩. ٢ سورة سبأ: ٣٤/ ٥. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٦. ٤ سورة الفرقان: ٢٥/ ٢١. ٥ سورة الأعراف: ٧/ ٧٧. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ١٦٦. ٧ سورة المطففين: ٨٣/ ٣. ٨ سورة المطففين: ٨٣/ ٣. ٩ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ١٠ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٦٩. {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي} ١، {فَلا يَرْبُو} ٢ {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} ٣ {لَنْ نَدْعُوَ} ٤، ونحو: {مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} ٥، واحترز بقيد الفرد عن المسند إلى ضمير تثنية نحو: {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} ٦، فلا يزاد بعده ألف وعن المسند إلى ضمير جمع لتقدمه قبل، وخرج بوصف الواو بالتطرف الواو في نحو: {أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} ٧ {اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا} ٨، والواو في نحو: {يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} ٩. و {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} ١٠، فلا تزاد الألف بعدهما وإن كان ظاهر عبارة الناظم يشملهما. وأما "أن يعفو" ، المحذوف بعد واوه الألف ففي "النساء" : {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} ١١، وهذا مستثنى من قاعدة زيادة الألف بعد واو فعل الفرد، واحترز بقيد المجاور لها نحو: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} ١٢، فإنه رسم بالألف بعد الواو. وأما "ذو" المحذوفة بعده واوه الألف حيثما وقع في القرآن فنحو: {لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} ١٣، {ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} ١٤، وليس مستثنى من القاعدة المتقدمة لعدم دخوله كما هو ظاهر. واعلم أن زيادة الألف بعد واو الفرد إنما هو أهل المصاحف، وأما عند النحاة فزيادة الألف خاصة بواو الجمع ووجه زيادة الألف هنا، وفيما تقدم في قوله "وزيد بعد فعل جمع" البيت، الدلالة على فصل الكلمة عما بعدها، وصحة الواقع عليها احترازا عما إذا وقع بعدها ضمير متصل نحو: {وَإِذَا لَقُوكُمْ} ١٥ و {فَذَبَحُوهَا} ١٦. ونحو: {هُمْ بَالِغُوهُ} ١٧ {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاِرِينَ} ١٨، ونحو: {تدْعُوكُمْ} ١٩ و {نَدْعُوهُ} ٢٠. وهذا أحسن ما قيل في توجيه زيادة الألف في ذلك على مذهب أهل المصاحف. ١ سورة يوسف: ١٢/ ٨٦. ٢ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ٣ سورة محمد: ٤٧/ ٣١. ٤ سورة الكهف: ١٨/ ١٤. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٨٩. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ١٨٩. ٧ سورة غافر: ٤٠/ ٤١. ٨ سورة النور: ٢٤/ ٦٠. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٥. ١٠ سورة الأنفال: ٨/ ٢٤. ١١ سورة النساء: ٤/ ٩٩. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٧. ١٣ سورة النمل: ٢٧/ ٧٣. ١٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٥١. ١٥ سورة آل عمران: ٣/ ١١٩. ١٦ سورة البقرة: ٢/ ٧١. ١٧ سورة الأعراف: ٧/ ١٣٥. ١٨ سورة النمل: ٢٧/ ٨٧. ١٩ سورة الأعراف: ٧/ ١٩٣. ٢٠ سورة الطور: ٥٢/ ٢٨. وأما توجيه زيادتها بالفرق بين واو الجمع وواو الفرد في نحو: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} ١، و {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} ٢. فهو مبني على مذهب النحاة الذين يخصون زيادة الألف بواو الجمع، وقول الناظم: "وبعد واو الفرد" فيه مضاف محذوف تقديره، وبعد واو فعل الفرد، وكأنه حذفه هنا لدلالة قوله قبله: "وزيد يعد فعل جمع عليه" كما حذف هناك لفظ: "واو" المقدر مضاف إلى الفعل جمع لدلالة ذكره هنا. ثم قال: ولؤلؤا منتصبا يكون ... بألف فيه هو التنوين وزاد بعض في سوى ذا الشكل ... تقوية للهمز أو للفصل تكلم في هذين البيتين على لفظ "لؤلؤ" المنتصب، وغير المنتصب فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن: "لؤلؤ" إذا كان منتصبا، فإنه يرسم فيه ألف بعد واوه الثانية التي هي صورة للهمزة، وذلك الألف هو المبدل من تنوينه وقفا وقد وقع: "لؤلؤا" المنصوب في "الحج" : {وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ٣، ومثله في "فاطر" ، وقد قرأهما غير نافع وعاصم بالخفض، وفي سورة "الإنسان" : {حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} ٤، وإذا كان غير منتصب بأن كان مرفوعا أو مخفوضا ففي ألف بعد واوه خلاف أشار إليه بقوله: "وزاد بعض سوى ذا الشكل" ، أي: زاد بعض كتاب المصاحف الألف في سوى هذا الشكل الذي هو النصب في: "لؤلؤا" ، وسواه هو الرفع والخفض فيه، وقد وقع في قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} ٥، في "الطور" . وقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ٦، في "الرحمن" . وقوله: {كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} ٧، في "الواقعة" . وذكر الناظم: "لؤلؤا" المنصوب توطئة لذكر غير المنصوب؛ لأن المنصوب ليس من هذا الباب إذ لا بد من ألف بعد الواو. ١ سورة الإسراء: ١٧/ ١١٠. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ١٠٨. ٣ سورة الحج: ٢٢/ ٢٣. ٤ سورة الإنسان: ٧٦/ ١٩. ٥ سورة الطور: ٥٢/ ٢٤. ٦ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٢. ٧ سورة الواقعة: ٥٦/ ٢٣. وقوله: "وزاد بعض" يفهم منه أن غير ذلك البعض من كتاب المصاحف لم يزد الألف في ذلك، وهو كذلك كما ذكره الشيخان، واختار أبو داود عدم زيادة الألف في الذي في "الطور" ، و "الواقعة" وخير في الذي في الرحمن، والعمل عندنا على عدم زيادة الألف في الذي في "الطور" ، و "الواقعة" ، وعلى زيادتها في الذي في "الرحمن" . وقوله: "تقوية للهمز أو للفصل" ، تعليل لزيادة الألف في: "لؤلؤ" غير المنصوب يعني أنها زيدت في ذلك، أما لتقوية الهمزة وبيانها كما قدمناه في زيادة الألف في: "لأأذبحنه" وغيره، وأما لشبه واو: "لؤلؤ" بواو الجمع التي زيدت بعدها الألف لفصل الكلمة عما بعدها كما تقدم قريبًا، ووجه شبهها بها وقوعها في الطرف، وموافقتها لها في الصورة. فقول الناظم: "أو للفصل" غير موف بالعلة الثانية؛ لأنه يقتضي أن الألف زيدت في: "لؤلؤ" للفصل، وليس كذلك إذ الفصل علة لزيادة الألف بعد واو الجمع لا لزيادتها بعد واو: "لؤلؤ" ، ولو قال أو للحمل، أي لحمل واو: "لؤلؤ" على واو الجمع لوفى بالمراد. فصل في حكم زيادة الياء من تلقاءي ثم قال: فصل وياء زيد من تلقاءي ... وقبل ذي القربى أتى إيتاءي وقبل في الأنعام قل من نبإي ... وما خفضت من مضاف ملاء لما فرغ من موانع زيادة الألف عقد هذا الفصل لمواضع زيادة الياء، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل، بأن الياء زيدت في: {مِنْ تِلْقَاءِ} ١ وفي: {وَإِيتَاءِي} ٢ حال كونه قبل: {ذِي الْقُرْبَى} ٣، وفي: {مِنْ نَبَأِ} ٤، في الأنعام وفيما خفض من: "ملا" المضاف. فأما من "تلقاءي" ففي "يونس" : {أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} ٥ واحترز بقيد "من" عن نحو: {تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ} ٦، مما هو منصوب فإن لم يزد فيه الياء. ١ سورة يونس: ١٠/ ١٥. ٢ سورة النحل: ١٦/ ٩٠. ٣ سورة النحل: ١٦/ ٩٠. ٤ سورة الأنعام: ٦/ ٣٤. ٥ سورة يونس: ١٠/ ١٥. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ٤٧. وأما "ايتاءى" الواقع قبل: {ذِي الْقُرْبَى} ١. ففي "النحل" ، واحترز بقوله قبل: {ذِي الْقُرْبَى} ٢. عن غير الواقع قبله مخفوضا وغيره نحو: {وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ} ٣، {وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} ٤، فإنه تزد فيه الياء. وأما "من نبإي" في "الأنعام" فهو: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ} ٥. واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، وهو في "القصص" : {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى} ٦ وبقيد "من" عن الواقع في الأنعام خاليا من كلمة "من" وهو: {لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ} ٧، وخرج به المنصوب أيضا نحو: {نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} ٨. فإن الياء لم تزد في واحد منها. وأما المخفوض من "ملأ" نحو: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ فَظَلَمُوا بِهَا} ٩، و {وَمَلَأِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ} ١٠، واحترز بقيد الخفض عن غير المخفوض نحو: {وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا} ١١، وبقيد الإضافة عن غير المضاف نحو: {لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى} ١٢، فإن الياء لم تزد فيهما ولم يعين الناظم مواضع زيادة الياء من هذه الكلمات، ومن الكلمات التي بعدها اعتمادًا على التوقيف أو الشهرة المغنية عن التعريف، وسنذكر مع وجه زيادة الياء فيها آخر هذا الفصل. واعلم أن حكم الناظم هنا بزيادة الياء في باب: {وَمَلَأِهِ} ١٣ تبع فيه الشيخين، مع أن قياس قوله المتقدم في باب الهمز. وحيثما حركت أو ما قبلها ... في غير هذه فلاحظ شكلها أن تكون الياء في باب: {وَمَلَأِهِ} ١٤ صورة للهمزة إذ هي متوسطة بسبب اتصال الضمير كما في: {نَقْرَأُهُ} ١٥. و {يَكْلَأُكُمْ} ١٦، ولذا قال بعضهم: إن الياء في صورة الهمزة والألف هي الزائدة تقوية للهمزة، أو إشباعا لحركة اللام، وأنكر غيره، ١ سورة النحل: ١٦/ ٩٠. ٢ سورة النحل: ١٦/ ٩٠. ٣ سورة النور: ٢٤/ ٣٧. ٤ سورة الأنبياء: ٢١/ ٧٣. ٥ سورة الأنعام: ٦/ ٣٤. ٦ سورة القصص: ٢٨/ ٣. ٧ سورة الأنعام: ٦/ ٦٧. ٨ سورة الأعراف: ٧/ ١٧٥. ٩ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٣. ١٠ سورة يونس: ١٠/ ٨٣. ١١ سورة يونس: ١٠/ ٨٨. ١٢ سورة الصافات: ٣٧/ ٨. ١٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٣. ١٤ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٣. ١٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٩٣. ١٦ سورة الأنبياء: ٢١/ ٤٢. وقطع ابن الجزري في النشر بزيادة الألف، وكون الياء صورة للهمزة قائلا: والعجب من الداني والشاطبي ومن قلدهما، كيف قطعوا بزيادة الياء في: {وَمَلَأِهِ} ١ و {وَمَلَأِهِمْ} ٢ انتهى. وعلى أن الألف هي الزائدة، والياء صورة للهمزة يكون ضبط باب: {وَمَلَأَهُ} ٣. يجعل الهمزة نقطة صفراء تحت الألف، وجعل دارة حمراء فوق الألف دلالة على زيادتها، وجعل الهمزة نقطة صفراء تحت الياء، وبهذا الضبط جرى العمل في بضع البلاد، وأجيب عن الشيخين، ومن تبعها كالناظم بأن إجراء الهمز الذي اتصل به الضمير مجرى المتوسطة حقيقة إنما هو في الأكثر لا دائما ألا ترى أنهم حذفوا في بعض المصاحف صورة الهمزة في: {أَوْلِيَاءَ} ٤ المضاف إلى الضمير رفعا وجرا، وفي: {جَزَاؤُهُ} ٥ في "يوسف" مع كونهما مضافين إلى ضمير، وإنما حذفوها نظرًا إلى الأصل قبل الإضافة إذ الهمز طرف حينئذ، وشأن الهمز الواقع طرفا بعد الألف أن لا يصور فلا يبعد حينئذ ما قاله الشيخان، ومن تبعهما نظرا إلى الأصل قبل الإضافة فعلى هذا يكون حكم الناظم بزيادة الياء في باب: {وَمَلَأَهُ} ٦. يجعل الهمزة نقطة صفراء تحت الألف، وجعل دارة حمراء فوق الياء دلالة على زيادتها، وبهذا الضبط جرى العمل ببلدنا تونس. وقول الناظم: "قبل" الواقع في صدر البيت الثاني ظرف مبني على الضم لقطعه عن الإضافة لفظا، وهو في المعنى مضاف إلى ضمير: {تِلْقَاءَ} ٧، و {وَإِيتَاءِ} ٨. وقوله: "من مضاف" قرأ من غير تنوين؛ لأنه مضاف إلى "ملاء" إضافة الصفة. ثم قال: بأبيكم أو من وراءي ثم من ... ءاناءي مع حرف بأييد أفإين ذكر في هذا البيت خمس كلمات مما زيدت فيه الياء، وهي: "بأييكم" و: "أو من وراءي" و: "من ءاناءي" و: "باييد" و: "فاين" . ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٣. ٢ سورة يونس: ١٠/ ٨٣. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٣. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ٢٨. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ٧٥. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٣. ٧ سورة يونس: ١٠/ ١٥. ٨ سورة النحل: ١٦/ ٩٠. أما "بأييكم" ، ففي "القلم" : {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} ١. واحترز بقيد باء الجر عن نحو: {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} ٢، فإنه لم تزد فيه الياء، وسكت عن قوله تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ} ٣ في "الأعراف" ، وكذا في "المرسلات" ، مع أن أبا داود ذكر فيهما وجهين: رسمهما بياء واحدة، ورسمهما بياءين على الأصل، واختار رسمهما بياء واحدة، وبه عملنا. وأما أو من وراءي: في "الشورى" : {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ٤. واحترز بقيد "من" عن نحو: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ} ٥، وبقيد: "أو" ، عن نحو: {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} ٦، فإن الياء لم تزد فيهما وإطلاقه في: {أَوْ مِنْ وَرَاءِ} ٧. يشمل الذي في "الحشر" : {أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} ٨. وليس فيه زيادة فكان حقه أن يخرجه. وأما من "ءاناءي" ففي "طه" : {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ} ٩، واحترز بقيد "من" عن نحو: {آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} ١٠، فلا زيادة فيه. وأما "بأييد" ففي "الذاريات" : {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} ١١. واحترز بقيد "الباء" عن قوله تعالى: {ذَا الْأَيْدِ} ١٢، فإن الياء لم تزد فيه. وأما "أفأين" ففي "آل عمران" : {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ} ١٣. وفي "الأنبياء" : {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} ١٤، واحترز بقيد الهمزة عن غير المقترن بها نحو: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} ١٥، فإن الياء لم تزد فيه، وقوله: "بأييكم" "أو من وارءي" ، معطوفان على من تقدم بحذف العاطف والحرف، في قوله مع حرف بأييد "معطوفان بمعنى الكلمة" . ثم قال: والغازي في الروم مع لقاء ... والياء عن كل بلفظ اللاتي ١ سورة القلم: ٦٨/ ٦. ٢ سورة الملك: ٦٧/ ٢. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٨٥، ٤٥/ ٦. ٤ سورة الشورى: ٤٢/ ٥١. ٥ سورة الكهف: ١٨/ ٧٩. ٦ سورة هود: ١١/ ٧١. ٧ سورة اشورى: ٤٢/ ٥١. ٨ سورة الحشر: ٥٩/ ١٤. ٩ سورة طه: ٢٠/ ١٣٠. ١٠ سورة آل عمران: ٣/ ١١٣. ١١ سورة الذاريات: ٥١/ ٤٧. ١٢ سورة ص: ٣٨/ ١٧. ١٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٤. ١٤ سورة الأنبياء: ٢١/ ٣٤. ١٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٩. ذكر في هذا البيت كلمتين مما زيدت فيه الياء وهما: "لقاء" معا في "الروم" : و "اللاتي" إلا أن الكلمة الأولى اختص بزيادة الياء فيها بعد الهمزة الإمام الغازي بن قيس القرطبي، والكلمة الثانية زيدت فيها الياء عن كل شيوخ النقل. فأما "لقاء" ما في "الروم" ففي قوله تعالى: {بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} ١، وفي قوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ} ٢، والعمل عندنا على عدم زيادة الياء في: "لقاء" ، معا واحترز الناظم بقيد السورة عن الواقع في غيرها مخفوضا، ومنصوبا نحو: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ} ٣ في "الأنعام" ، ونحو: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ} ٤ في "العنكبوت" ، فإنه لا خلاف في عدم زيادة الياء فيه. وأما "اللائي" المنسوب لجميع شيوخ النقل ففي "الأحزاب" : {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} ٥، وفي "المجادلة" : {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} ٦، وفي "الطلاق" : {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} ٧، {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} ٨. واعلم أن الكلمات المذكورة في هذا الفصل تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم وقعت فيه همزة مكسورة ولم يتقدم عليها ألف، وقسم لم تقع فيه همزة مكسورة، وتقدم عليها ألف، وقسم لم تقع فيه همزة مكسورة. فأما القسم الأول فهو: {مِنْ نَبَأِ} ٩ في "الأنعام" و، {أَفَإِنْ} ١٠، و "ملإ" ١١ المخفوض المضاف إلى الضمير. وأما القسم الثاني فهو: {مِنْ تِلْقَاءِ} ١٢ و، {وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} ١٣ و، {أَوْ مِنْ وَرَاءِ} ١٤، و {وَمِنْ آنَاءِ} ١٥، و {لِقَاءَ} ١٦ معا في "الروم" للغازي، وموضع رسم الياء في هذين القسمين بعد الهمزة، وقد وجهوا رسمها في القسمين بأوجه منها: أنها زائدة لتقوية الهمزة وبيانها، أو للدلالة على أشباع حركة الهمزة من غير تولد ياء لتتميز عن الحركة المختلسة، وعلى كون الياء زائدة في القسمين، اقتصر الناظم هنا، وعليه ١ سورة الروم: ٣٠/ ٨. ٢ سورة الروم: ٣٠/ ١٦. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ٣١. ٤ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٥. ٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤. ٦ سورة المجادلة: ٥٨/ ٢. ٧ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٨ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٩ سورة الأنعام: ٦/ ٣٤. ١٠ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٤. ١١ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٣. ١٢ سورة يونس: ١٠/ ١٥. ١٣ سورة النحل: ١٦/ ٩٠. ١٤ سورة الشورى: ٤٢/ ٥١. ١٥ سورة طه: ٢٠/ ١٣٠. ١٦ سورة يونس: ١٠/ ١٥. بني في فن الضبط؛ لأنه نص فيه على لزوم الدارة لهذه الياء وذلك إنما ينبني على أنها زائدة لما ذكرناه كما سيأتي في الضبط وبقي من ألفاظ القسم الثاني: "اللائي" وقد ذكره الناظم في هذا الفصل، وهو صريح فإن الياء فيه زائدة وظاهر كلام الشيخين: أنها ليست زائدة، وسنتكلم في آخر من الضبط على يائه، وعلى كيفية ضبطه إن شاء الله. وأما القسم الثالث وهو ما لم تقع همزة مكسورة فلفظان هما: "بأييكم" ، و "بأييد" ، ومقتضى القياس أن يرسم كل منهما بياء واحدة إلا أن كتاب المصاحف رسموا الأول، وهو: "بأييكم" بياءين للدلالة على أن الحرف المدغم الذي يرتفع اللسان به، وبما أدغم فيه ارتفاعه واحدة حرفان في الأصل وفي الوزن ورسموا، الثاني وهو: "بأييد" بياءين أيضا: "الأولى هي الأصلية، والثانية هي الزائدة على المختار، للفرق بينه وبين" أيدي "في نحو: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ١ و، {أَيْدِي النَّاسِ} ٢؛ لأن" ما "زيدت فيه الياء جمع مفرده" يد "بمعنى الجارحة وهمزته زائدة وياؤه الأولى فاء الكملة، وداله عينها وياؤه الأخيرة لامها." فإن قيل: زيادة الياء غير محتاج إليها لظهور الفرق بينهما بوجود الياء بعد الدال في التي بمعنى الجوارح، وانعدامها في التي بمعنى القوة بالجواب أنهم أرادوا رفع توهم أنها كلها بمعنى الجوارح، وأن الياء حذفت في "بأييد" ؛ لأنه غير مضاف وثبتت في نحو: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ٣ لأجل الإضافة؛ لأن ذلك هو شأن كل ما آخره ياء نحو: {فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} ٤. و {إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} ٥ فزادوا الياء في: {بِأَيْدٍ} ٦، رفعا لهذا التوهم وبيانا للفرق بينهما وخصوا: {أَيْدٍ} ٧، الذي بمعنى القوة بالزيادة لخفته بسبب كونه مفردا سالما من الاعتلال بخلاف: "الأيدي" الذي بمعنى الجوارح، فإنه ثقيل بسبب كونه جمعا معتل اللام، واختصروا الجمع بني صورتين متماثلتين في هذين اللفظين للتنبيه على الأصل في: "بأييكم" ، وعلى الفرق المذكور في: "بأييد" ، وقد ذكروا في توجيه رسمهما بياءين غير ما قدمناه، وسيأتي في فن الضبط كيفية ضبطهما إن شاء الله. وقوله الغازي فاعل بفعل محذوف تقديره "زاد" ، و "لقاء" مفعول: "زاد" بتقدير مضافين، أي: زاد ياء كلمتي لقاء والتنوين في قوله: "عن كل غرض" من ضمير شيوخ النقل، والباء في قوله: بلفظ بمعنى في. ١ سورة عبس: ٨٠/ ١٥. ٢ سورة الروم: ٣٠/ ٤١. ٣ سورة عبس: ٨٠/ ١٥. ٤ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٥. ٥ سورة مريم: ١٩/ ٩٣. ٦ سورة الذاريات: ٥١/ ٤٧. ٧ سورة الأعراف: ٧/ ١٩٥. فصل في حكم زيادة الواو في أربع كلمات ثم قال: فصل وفي أولي أولوا أولات ... واو وفي أولاء كيف ياتي وعن خلاف سأوريكم دون مين ... ولأصلبنكم في الآخرين لما فرع من مواضع زيادة الألف ومن فضل مواضع زيادة الياء، عقد هذا الفصل لمواضع زيادة الواو، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الواو زيدت في أربع كلمات باتفاق كتاب المصاحف، وهي المذكورة في البيت الأول، وفي كلمتين بخلاف بينهم، وهما المذكورتان في البيت الثاني. - أما الأربع المتفق على زيادة الواو فيها فهي: {أُولِي} ١ نحو: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ٢. و: أولوا نحو: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ} ٣. - وأولات نحو: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ} ٤ كيف يأتي في القرآن أي سواء اتصل به حرف خطاب لمفرد، أو غيره أم لا نحو: {أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ} ٥ و: {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً} ٦ و: {وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} ٧، وكل من هذه الكلمات الأربع متعدد، وقد حكى في المقنع إجماع المصاحف على زيادة الواو في جميعها، ولا يدخل في قول الناظم: "وفي أولاء كيف ياتي" "أولاء" الذي اتصل به ها التنبيه. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٧٩. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٧٩. ٣ سورة الأنفال: ٨/ ٧٥. ٤ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١١٩. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٥. ٧ سورة النساء: ٤/ ٩١. لأن الواو فيه صورة للهمزة على مذهب أهل المصاحف كما تقدم خلافا للنحويين في قولهم أنها زائدة، وأن الهمزة غير مصورة. وأما الكلمتان المختلف فيهما فهما: {سَأُرِيكُم} ١ و {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ} ٢ أما سأوريكم ففي "الأعراف" : {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} ٣، وفي "الأنبياء" : {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} ٤. وأما "لأصلبنكم" ففي "طه" : {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} ٥، وفي "الشعراء" : {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} ٦، وهذان هما المرادان بقوله في الآخرين، واحترز به عن: {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ} ٧ الأول وهو في "الأعراف" ، فإن أبا عمرو حكى اتفاق المصاحف على عدم زيادة الواو فيه، والعمل عندنا على زيادة الواو في: {سَأُرِيكُمْ} ٨ في السورتين، وعلى عدم زيادة في موضعي: {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ} ٩ الآخرين كالأول، ومما وجهوا به زيادة الواو في هذه الكلمات أنها لتقوية الهمزة، وبيانها أو للدلالة على إشباع حركتها من غير تولد واو لتتميز عن الحركة المختلسة، وقال النحاة: زيدت في: {أُولَئِكَ} ١٠. للفرق بينه وبين: {إِلَيْكَ} ١١، وزيدت في: {أولْي} ١٢ للفرق بينه وبين إلى الجارة وحمل: {أُولاءِ} ١٣، وباقي فروعه على: {أُولَئِكَ} ١٤، وحمل: {أُولُوا} ١٥ و {وأولات} ١٦ على: {أولْي} ١٧، وخص {أُولَئِكَ} ١٨، و {أُولِي} ١٩ بزيادة الواو لكون همزتها مضمومة، فناسبها الواو بخلاف {إِلَيْكَ} ٢٠ و {إِلَى} ٢١ فإن همزتها مسكورة، وعلى كون الواو زائدة في تلك الكلمات لما ذكرنا بني الناظم في فن الضبط؛ لأنه نص على لزوم الدارة لهذا الواو وذلك إنما ينبني على أنها زائدة لما قدمناه أذلو بينا على غيره من بقية الأوجه التي وجهوا بها لم تجعل الدارة على الواو أصلًا، وسنذكر في فن الضبط كيفية ضبط هذه الكلمات إن شاء الله، وقوله: "سأوريكم" معطوف على "أولي" وكذا "لأصلبنكم" ، وقوله: و "عن خلاف" حال منهما، "ودون مين" ، أي كذب صفة لخلاف، وأشار به إلى صحته. ١ سورة الأنبياء: ٢١/ ٣٧. ٢ سورة طه: ٢٠/ ٧١. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٤٥. ٤ سورة الأنبياء: ٢١/ ٣٧. ٥ سورة طه: ٢٠/ ٧١. ٦ سورة الشعراء: ٢٦/ ٤٩. ٧ سورة الشعراء: ٢٦/ ٤٩. ٨ سورة الأنبياء: ٢١/ ٣٧. ٩ سورة طه: ٢٠/ ٧١. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ٥. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٤. ١٢ سورة فاطر: ٣٥/ ١. ١٣ سورة آل عمران: ٣/ ١١٩. ١٤ سورة البقرة: ٢/ ٥. ١٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٦٩. ١٦ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ١٧ سورة فاطر: ٣٥/ ١. ١٨ سورة البقرة: ٢/ ٥. ١٩ سورة فاطر: ٣٥/ ١. ٢٠ سورة البقرة: ٢/ ٤. ٢١ سورة البقرة: ٢/ ١٤. حكم الإبدال والإقلاب بين الواو والياء: ثم قال: وهاك ما بألف قد جاء ... والأصل أن يكون رسما ياء أي خذ ما قد جاء مرسومًا في المصاحف بألف على اللفظ، وأصله أن يكون مرسوما بالياء لكونه من ذوات الياء، وهذه الترجمة شروع من الناظم في الإبدال الرسمي بعد فراغه من الحذف الذي هو النقص، ومن الزيادة، ويتنوع الإبدال الرسمي إلى نوعين: - إبدال ياء من ألف. - وإبدال واو من ألف. وسيترجم للنوع الثاني بقوله: "وهاك واوا عوضا من ألف" . البيت. وأما النوع الأول فلم يشر إليه في هذه الترجمة مع أنه ذكره بعدها، وهو أكثر من المذكور فيها أعني ما جاء مرسوما بالألف، وأقل منهما ما حذف فيه البدل والمبدل منه جميعا، ولم يشر إليه في الترجمة أيضا مع أنه ذكره في الباب ومثاله: {عُقْبَاهَا} ١ من قوله تعالى: {وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا} ٢، حذف من البدل والمبدل منه، وهما الياء والألف، وقوله: "رسما" ، بمعنى مرسوم خبر: "ليكون" وياء مفعول ثان: "لرسما" ، ومفعوله الأول ضمير مستتر فيه، ويحتمل أن يكون "رسما" منصوب بإسقاط "في" ، وياء خبر "يكون" . ثم قال: وإن على الياء قلبت ألفا ... فارسمه ياء وسطا أو طرفا نحو هدايهم وهوايه وفتى ... هدى عمى يا أسفا يا حسرتا ثم رمى استسقيه أعطى واهتدى ... طغى من استعلى وولى واعتدى الألفات التي رسمت في المصاحف ياء تنقسم إلى أربعة أقسام: منقلبة عن ياء ومشبهة بها وهي ألف التأنيث، ومجهولة الأصل، ومنقلبة عن واو، وقد ذكر الأقسام الثلاثة الأول في هذا الباب، وترجم للقسم الرابع بقوله الآتي. ١ سورة الشمس: ٩١/ ١٥. ٢ سورة الشمس: ٩١/ ١٥. حكم ما رسم بالياء وأصله واو القول فيما رسموا بالياء ... وأصله الواو لدى ابتلاء وأشار في البيت الأول من هذه الأبيات الثلاثة إلى حكم القسم الأول منها، فأمرك أيها المخاطب مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأنك إذا قلبت ألفا عن ياء أي إذا صرفت كلمة فيها ألف، فانقلبت الألف في تصريفها عن الياء، فإنك ترسم الألف ياء تنبيها على أصله، وعلى جواز أمالته، وسواء كان الألف في وسط الكلمة أم في طرفها، وقدم هذا القسم لكثرته حتى أعطى فيه هذا الضابط، ويستثنى منه ما خرج عنه، ثم مثل لهذا القسم في البيت الثاني، والثالث بخمسة عشر مثالا، سبعة من الأسماء وهي: التي في البيت الثاني، وثمانية من الأفعال، وهي التي في البيت الثالث. فالأسماء السبعة: {هَدَاهُمْ} ١ {هَوَاهُ} ٢، و {هُدىً} ٣، و {عُمْيٌ} ٤، و {يَا أَسَفَى} ٥ و {يَا حَسْرَتَى} ٦، إلا أن الألف في الأولين متوسطة لاتصالها بضمير متصل، وفي الباقي متطرفة. وفي الخمسة الأولى منقبلة عن ياء هي لام الكلمة كما يظهر ذلك بالتثنية وغيرها من التصاريف، وفي الأخيرين منقلبة عن ياء المتكلم إذ أصلهما: {يَا أَسَفَى} ٧، و {يَا حَسْرَتَى} ٨. بكسر ما قبل الياء ثم خففا بالفتح، فانقلبت الياء ألفا كما هي إحدى اللغات في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم ومثلهما: {يَا وَيْلَتَى} ٩، والأفعال الثمانية هي: {رَمى} ١٠، و {اسْتَسْقَاهُ} ١١، و {أَعْطَى} ١٢، و {اهْتَدَى} ١٣، و {طَغَى} ١٤ و {اسْتَعْلَى} ١٥، و {وَلَّى} ١٦، و {اعْتَدَى} ١٧، وألفاتها كلها منقلبة عن ياء كما يظهر ذلك بإسناده إل ياء الضمير. ١ سورة التوبة: ٩/ ١١٥. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٦٧. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢. ٤ سورة البقرة: ١٢/ ١٨. ٥ سورة يوسف: ٢/ ٨٤. ٦ سورة الزمر: ٣٩/ ٥٦. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٨٤. ٨ سورة الزمر: ٣٩/ ٥٦. ٩ سورة المائدة: ٥/ ٣١. ١٠ سورة الأنفال: ٨/ ١٧. ١١ سورة الأعراف: ٧/ ١٦٠. ١٢ سورة الليل: ٩٢/ ٥. ١٣ سورة يونس: ١٠/ ١٠٨. ١٤ سورة طه: ٢٠/ ٢٤. ١٥ سورة طه: ٢٠/ ٦٤. ١٦ سورة النمل: ٢٧/ ١٠. ١٧ سورة البقرة: ٢/ ١٧٨. واعلم أن هذا الحكم الذي ذكره الناظم في هذا القسم، وهو رسم الألف ياء خاص بالألف الواقع في محل اللام، ولا يجري في الألف الواقع في محل العين كباع، وجاء كما يستفاد ذلك من أمثلة الناظم. تنبيه: أصل ألف: {أَعْطَى} ١، و {اسْتَعْلَى} ٢، و {اعْتَدَى} ٣، واو؛ لأنها من: "عطا يعطوا، وعلا يعلوا، وعدا يعدو" ، وأنها انقلبت إلى الياء؛ لأن الثلاثي إذا زاد على ثلاثة أحرف: "اسما كان أو فعلا" ترد ألفه التي أصلها واو إلى ياء وتصير الياء أصلا ثانيا فيه، ولهذا تقول في مضارع الأفعال المذكورة: {يُعْطِي} ٤ و {يسْتَعْلِى} ٥ و {يعْتَدِى} ٦، وبهذا عدها الناظم من ذوات الياء التي ترسم بالياء، وكذلك يقال فيها أشبهها، "كيدعى، ويتلى، ويشقى، ويرضى" بالياء والتاء في الأربعة: "كزكيها" ، و: "نجيكم" ، و: "نجينا" ، و: "أسنى" ، و: "أشقى" ، و: "أنجى" ، و: "أعلى" . ثم قال: وما به شبه كاليتامى ... إحدى ونثى وكذا الأيامى لما فرغ من القسم الأول من أقسام الألفات المرسومة في المصاحف ياء، وهو الألف المنقلب عن الياء فقال: "وما به شبه" ، أي: والألف الذي شبه بالألف المنقلب عن الياء، وهو ألف التأنيث ويكون مثله في رسمه بالياء لجريانه مجراه في الإنقلاب ياء في التثنية والجمع بالألف، والتاء نحو: "الأخريان" و: "الأخريات" ، وألف التأنيث توجد في خمسة أوزان هي: فعالى بفتح الفاء وفعالى بضمها، وفعلى مثلث الفاء وقد مثل الناظم لثلاثة أوزان منها بأربعة: {يَتَامَى} ٧، {والْأَيَامَى} ٨ {إِحْدَى} ٩، و {أُنْثَى} ١٠، وتمثيله لألف التأنيث "بأيامى" جرى فيه على مذهب الكوفيين، وقد قيل: أن الألف فيه وفيما كان على وزنه: كـ {خَطَايَانَا} ١١، و {هَدْيًا} ١٢ ليست التأنيث، وإنما هي ١ سورة الليل: ٩٢/ ٥. ٢ سورة طه: ٢٠/ ٦٤. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٧٨. ٤ سورة الليل: ٩٢/ ٥. ٥ سورة طه: ٢٠/ ٦٤. ٦ سورة البقرة: ٢/ ١٧٨. ٧ سورة النساء: ٤/ ١٢٧. ٨ سورة النور: ٢٤/ ٣٢. ٩ سورة التوبة: ٩/ ٥٢. ١٠ سورة آل عمران: ٣/ ٣٦. ١١ سورة طه: ٢٠/ ٧٣. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٨، طه: ٢٠/ ١٢٣. منقلبة عن ياء وعلى هذا فلا يصح التمثيل به: ومثاله فعالى بضم الفاء: {كُسَالَى} ١، و {سُكَارَى} ٢، ومثال: فعلى بفتح الفاء: "دعوى" ، و: "مرضى" واختلف في: "موسى" ، و: "عيسى" و: "يحيى" ، فقيل هي من باب فعلى مثلث الفاء، وقيل: ليست منه؛ لأنها أعجمية وإنما يوزن العربي. تنبيه: لم يتعرض الناظم لحذف الألف التي قبل ميم: {الْأَيَامَى} ٣، وقد نص أبو داود على حذفها وبه العمل عندنا، و "ما" من قوله: و: "ما به شبه" موصول إسمي مبتدأ، وخبره محذوف تقديره كذلك، أي: كالألف المنقلب عن الياء. ثم قال: إلا حروفا سبعة وأصلًا ... مطرد قد باينت ذا الفضلا فالأحرف السبعة منها الآقصا ... ومثله في الموضعين أقصا ومن تولاه عصاني ثما ... سيماهم في الفتح مع طغا الما لما قدم أن الألف المنقلب عن الياء وما شبه به، وهو ألف التأنيث، يرسمان بالياء وشرع يذكر ما خرج عن ذلك فرسم في المصاحف بالألف على اللفظ، وهو المصرح به في الترجمة فأخبر مع إطلاق الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأنه يستثنى من ذلك حروف أي: كلمات سبع، وأصل مطرد، أي: ضابط جار في جميع القرآن، وفي جميع المصاحف، وقوله: "قد باينت ذا الفضل" ، أي خالفته في الحكم، ومراده بالفصل ما تقدم من القسمين اللذين يرسم فيها الألف ياء، فالأصل المطرد، سيذكر بعد والكلمات السبع رسمت بالألف هي التي ذكرها في البيت الثاني، والثالث وهي: {الْأَقْصَى} ٤، {أَقْصَى} ٥ في موضعين، و {مَنْ تَوَلَّاهُ} ٦، و {عَصَانِي} ٧، و {بِسِيمَاهُمْ} ٨، في الفتح، و {طَغَا الْمَاءُ} ٩، والألف في: {بِسِيمَاهُمْ} ١٠ ألف التأنيث، وفيما عداها منقلبة عن ياء. ١ سورة النساء: ٤/ ١٤٢. ٢ سورة الحج: ٢٢/ ٢. ٣ سورة النور: ٢٤/ ٣٢. ٤ سورة الإسراء: ١٧/ ١. ٥ سورة يس: ٣٦/ ٢٠. ٦ سورة الحج: ٢٢/ ٤. ٧ سورة إبراهيم: ١٤/ ٣٦. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٣. ٩ سورة الحاقة: ٦٩/ ١١. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٣. أما "الأقصا" ففي "الإسراء" : {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} ١. وأما "أقصا" في الموضعين ففي "القصص" : {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} ٢. وفي "يس" : {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} ٣. وفي "تولاه" ففي "الحج" : {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ} ٤. واحترز بقيد مجاورة الضمير عن غير المجاور به نحو: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى} ٥، فإنه مرسوم بالياء. وأما "عصاني" ففي "إبراهيم" : {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ٦، ولا يخفى أنه لا يندرج فيه: {عَصَاهُ} ٧، ولا {هِيَ عَصَايَ} ٨. وأما "سيماهم" في "الفتح" فهو: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} ٩، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، وسيأتي فيه تفصيل. وأما "طغا الماء" ، ففي "الحاقة" : {إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ} ١٠، واحترز بقيد المجاور للماء عن غيره نحو: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} ١١، فإنه مرسوم بالياء. تنبيه: لم يستثن الناظم هنا كغيره: {مَرْضَاتِ} ١٢ مع الكلمات السبع، وقد رسم بالألف قبل التاء حيث وقع مع أن قياس ألفه أن ترسم ياء؛ لأنها وإن كان أصلها واوا متحركة، فقلبت ألفا لانفتاح ما قبلها إلا أنها صارت إلى الياء بسبب زيادة الميم في أوله، وقد عده الشيخان في جملة ذوات الواو التي تكتب بالألف، وهو صحيح بالنظر إلى الأصل الأول فيه، ولكن لما صارت واوه إلى الياء كما تقدم كان حقه أن يرسم بهاء، فحين رسم بالألف احتيج إلى استثنائه كالكلمات السبع خلافا لما قاله الشيخان أنه كتب بالألف قياسا على نظائره من ذوات الواو، وقول الناظم: "منها الأقصا" يوهم التبغيض، وعدم الاستيفاء ولكن استكمال عدد الكلمات المعدودة أولا يرفع ذلك الإيهام. ١ سورة الإسراء: ١٧/ ١. ٢ سورة القصص: ٢٨/ ٢٠. ٣ سورة يس: ٣٦/ ٢٠. ٤ سورة الحج: ٢٢/ ٤. ٥ سورة النجم: ٥٣/ ٢٩. ٦ سورة إبراهيم: ١٤/ ٣٦. ٧ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٧. ٨ سورة طه: ٢٠/ ١٨. ٩ سورة الفتح: ٤٨/ ٢٩. ١٠ سورة الحاقة: ٦٩/ ١١. ١١ سورة النازعات: ٧٩/ ١٧. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٠٧. ثم قال: وزد على وجه تراءا ونئا ... وما سوى الحرفين من لفظ رءا إذ رسمت بألف والأصل ... لدى الثلاث الياء إن ما تبلو لما ذكر الكلمات السبع المستثناة مما تقدم أمر في البيت الأول مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن يزاد عليها على وجه، أي: احتمال من احتمالين: {تَرَاءَا} ١ و {ونَئَا} ٢، وما سوى الحرفين، أي: الكلمتين المتقدمتين في باب الهمزة من لفظ: {رَءَا} ٣. أما تراءا، ففي "الشعراء" : {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} ٤، وقد تقدم في آخر ترجمة: "ما من مريم لصاد" إن في: "تراءا" ، ألفين، أولهما ألف تفاعل وهي التي قبل الهمزة، وثانيهما الواقعة بعد الهمز وهي لام الكلمة ومبدلة من باء وأن أصله: "تراءى" على وزن تفاعل كتخاصم، تحركت الياء، وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وتقدم أنه لم يرسم في جميع المصاحف إلا بألف واحدة، فيحتمل أن تكون الأولى وهي ألف تفاعل، ويحتمل أن تكون لام الكلمة وهي المبدلة من الياء. وأما "نئا" ففي "الإسراء" ، و "فصلت" : {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} ٥. وأما "رءا" غير كلمتي سورة "النجم" ، فنحو: {رَءَا كَوْكْباً} ٦، وهو متعدد في اثنين وعشرين موضعا كما قال في "التنزيل" وأصلهما: "نأى" و "رأى" ، بوزن فعل المفتوح العين، فأبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وقد رسما في المصاحف، بألف واحدة فيحتمل أن تكون هي صورة الهمزة فيهما، ويحتمل أن تكون لام الفعل المبدلة من الياء فعلى الاحتمال الثاني في الكلمات، وهو المراد بقول الناظم على وجه تزاد الكلمات الثلاث على الكلمات السبع المتقدمة لما أشار إليه بقوله: "إذ رسمت بألف" . البيت، أي: لأن تلك الكلمات الثلاث رسمت بألف، وأصلها حينئذ الياء ويظهر ذلك أن أيتليتها، أي اختبرتها بأن قلت: "تراءينا" ، و "نأيت" ، و "رأيت" . ١ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ٢ سورة الإسراء: ١٧/ ٨٣. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ٧٦. ٤ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٨٣. ٦ سورة الأنعام: ٦/ ٧٦. وأما على الاحتمال الأول فيها فلا تكون من القسم المستثنى الذي رسم بألف بل تكون مما حذف منه البدل والمبدل منه، أي: الياء والألف جميعا قال الشيخان: كراهية لاجتماع ألفين، انتهى. وهذا بناء منهما على تقدير كتبه ألفا، وإنما لم يجعلاه من باب ما حذفت الياء منه اختصارا: كـ {عُقْبَاهَا} ١، ونظائره؛ لأن ما كتب من هذا الباب بألف أكثر مما حذفت منه البدل، والمبدل منه جميعا هذا وقد تقدم أن المختار في: "تراءا" حذف الألف الأولى، وإثبات الألف الثانية. أما "نئا" ، و "رءا" غير كلمتي سورة "النجم" ، فرجح في "المقنع" أن المحذوفة الثانية، ورجح في الحكم عكسه، وعلى العكس اقتصر في "التنزيل" ، وبه العمل عندنا. تنبيه: لا معارضة بين تجويز الناظم هنا أن تكون ألفا: {نَئَا} ٢، و {رَءَا} ٣ لام الكلمة وأن تكون صورة الهمزة، وبين جزمه آخر باب الهمز بالأول؛ لأنه بنى على المشهور هناك وهناك، وهو أن الألف في الكلمتين لام الكلمة ولا صورة للهمزة إلا أنه زاد هنا مع ذلك الإشارة إلى الاحتمال الضعيف، وهو أن الألف صورة الهمزة ولم يشر إليه هناك، وإذ في قوله: "إذ رسمت" تعليل لزيادة الكلمات الثلاث، ولدى بمعنى: "في" ، و "إن" حرف شرط، وما الواقعة بعدها زائدة، و "تبلوا" ، فعل الشرط مجزوم، بـ "أن" وواوه للإطلاق، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبل الشرط عليه. ثم قال: كذاك كلتا مع تترا بالألف ... ثم ينخشى أن جنى قد اختلف ذكر في الشطر الأول كلمتين رسمتا بالألف في جميع المصاحف، وهما: {كِلْتَا} ٤، و {تَتْرَا} ٥، وفي ألفهما احتمالان كما سيأتي، وعلى أحد الاحتمالين تكونان شبيهتين بـ {تَرَاءَى} ٦، وتليه في الالتحاق بالكلمات السبع التي رسمت بالألف بدل الياء. ١ سورة الشمس: ٩١/ ١٥. ٢ سورة الإسراء: ١٧/ ٨٣. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ٧٦. ٤ سورة الكهف: ١٨/ ٣٣. ٥ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٤٤. ٦ سورة الإسراء: ١٧/ ٨٣. أما "كلتا" ففي "الكهف" : {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} ١، واختلف في ألفه فذهب الكوفيون إلى أنها ألف تثنية وأنه مثنى لفظا، ومعنى وتاءه للتأنيث وذهب البصريون إلى أن ألفه للتأنيث، وأنه مفرده لفظا مثنى معنى وأن تاءه منقلبة عن واو كـ "تجاه" ، و "تراث" ، وقيل عن ياء وذهب الجرمي من البصريين إلى أن تاءه زائدة، وألفه مبدلة من واو، فعلى قول الكوفيين إن ألفه للتنية، وقول الجرمي أن ألفه مبدلة من واو لا يكون من هذا الباب، وعلى قول البصريين أن ألفه للتأنيث قياسه أن يكتب، فحيث كتب بالألف احتيج إلى استثنائه كالكلم السبع. وأما "تترا" ، ففي "قد أفلح" : {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} ٢، وقد قرأه نافع، ومن وافقه بالألف دون تنوين، فقيل: أن ألفه للإلحاق، وقيل: للتأنيث، وإنه مصدر كدعوى، وعلى كل فتاؤه مبدلة من واو وهو من المواترة بمعنى المتابعة مع مهلة بين واحد وآخر، فعلى القول بأن ألفه للإلحاق لا يكون من هذا الباب وعليا لقول بأن ألفه للتأنيث يكون منه، أي: مما قياسه أن يكتب بالياء ولكن خولف في القياس، فكتب بالألف فاحتيج على ذلك القول إلى استثنائه كالكلمات السبع، ومقتضى إطلاق الناظم الحكم أن شيوخ النقل كلهم ذكروا الاحتمال في الكلمتين وليس كذلك، ثم لما ذكر الناظم الكلمات السبع المستثناة باتفاق المصاحف، وما في أحد احتماليه ملحق بها اتبعها بما اختلفت فيه، فأخبر في الشطر الثاني مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن كتاب المصاحف اختلفوا في: {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} ٣ في "العقود" . و: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} ٤ في "الرحمن" ، فكتبوهما في بعض المصاحف بالياء، وفي بعضها بالألف، وأتى: بـ "أن" مع: "نخشى" خوفا من تصحيف المبدوء بالنون بالمبدوء بغرها نحو: {لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى} ٥ و: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ٦، للاحتراز إذ لا نظير له في القرآن ولم يرجح في المقنع، في اللفظين وجها من الوجهين. وقال أبو داود: وكلاهما حسن، وزاد في: "نخشى" اختيار كتبه بالياء على الأصل، والعمل عندنا على كتب: "نخشى" بالياء، وكتب: "جنا" بالألف وقوله: كذاك ١ سورة الكهف: ١٨/ ٣٣. ٢ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٤٤. ٣ سورة المائدة: ٥/ ٥٢. ٤ سورة الرحمن: ٥٥/ ٥٤. ٥ سورة طه: ٢٠/ ٧٧. ٦ سورة فاطر: ٣٥/ ٢٨. خبر مقدم و "كلتا" مبتدأ مؤخر، ومع ظرف في محلل الحال من ضمير الخبر، و "تترا" ، مضاف إليه، وبالألف في محل الحال من ضمير الخبر أيضا، وسبك الشرط الأول هكذا: كلتا يشبه حال كونه مكتوبا بالألف، ومصاحبا في هذا الحكم لتترا الكلمات الثلاث المتقدمة. ثم قال: وفي تقاته كذك يرسم ... لكنه حذف عن بعضهم أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن ألف "تقاته" من قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} ١، في "آل عمران" يرسم، أي: يثبت في الرسم كما رسم، أي: أثبت ألف: "كلتا" ، و: "تترا" المتقدمتين، لكن ليس ألف: "تقاته" متفقا على إثباته بل ورد حذفه عن بعض كتاب المصاحف، فاسم الإشارة في قوله الناظم، كذاك، يعود ما تقدم من لفظي: "كلتا" ، و "تترا" ، والتثنية بهما باعتبار ثبوت ألفهما في الرسم، وهذا الخلاف الذي أشار إليه الناظم في: "تقاته" ذكره الشيخان وذكرا. بعده أن ألف: "تقاته" لم يرسم في لشيء من المصاحف ياء زاد في "التنزيل" ، والكاتب مخير في أن يكتب كيف شاء. انتهى. والعمل عندنا على إثبات ألفه وأصله: "وقية" أبدلت واوه تاء كتخمة، وياؤه ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فألفه منقلبة عن ياء فكان القياس أن يكتب بالياء لكنه كتل على ما في بعض المصاحف بالألف على اللفظ، فيكون كالكلمات السابقة، أو لكراهة اجتماع صورتين، وهما الياء، والتاء لتساويهما صورة عند فقد النقط فيكون كالأصل الآتي. تنبيه: جملة ما استثناه الناظم خمس عشرة كلمة سبع باتفاق، وخمس على احتمال، وثلاث على اختلاف، وقد علم كل من محله المتقدم، وقد نقل أبو عمرو في "المقنع" ، عن أبي حفص الخراز أن: "طوى" في "طه" بالألف، وكأن سكوت الناظم عنه لإنكار أبي عمرو له حيث قال: "ولم أجد ذلك في المصاحف العراقية وغيرها إلا بالياء" . انتهى. ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٠٢. وعلى رسمه بالياء العمل، والضمير في قول الناظم: "يرسم" يعود على الألف والمجرور أن قبله متعلقان به. ثم قال: والأصل ما أدى إلى جمعهما ... أن لو على الأصل بياء رسما كقوله الدنيا ورءيا أحيا ... لما قدم أنه يستثنى سبع كلمات، وأصل مطرد مما يرسم بياء، وهو الألف المنقلب عن الياء وألف التأنيث، وبين الكلمات السبع فيما تقدم، أراد أن يبين هنا الأصل المطرد فأخبر أنه ما أدى، أي: كل كلمة أدى وأصل رسم الألف فيها بالياء على الأصل إلى اجتماع ياءين فيترك رسم الألف بالياء، وترسم ألفا على اللفظ باتفاق المصاحف كراهة، اجتماع متماثلين في الصورة وسواء كانت الألف بعد الياء، أو قبلها أو بين ياءين إلا ما يأتي استثناؤه من ذلك في كلام الناظم، وقد مثل بثلاثة أمثلة، الألف فيها بعد الياء، ولو رسمت فيها ياء لأدى إلى اجتماع ياءين، وهي: {الدُّنْيَا} ١ و {وَرِئْيًا} ٢ و {فَأَحْيَا} ٣، والألف في المثالين الأولين ألف التأنيث، وفي الأخير منقلبة عن ياء، ومثل هذه الأمثلة الثلاثة: {الْعُلْيَا} ٤ و {لِلرُّؤْيا} ٥ و {رُؤْياكَ} ٦ و {الْحَوَايَا} ٧، و {أَحْيَاهُمْ} ٨ و {فَأَحْيَاكُمْ} ٩ و: {مَحْيَاهُمْ} ١٠ {نَمُوتُ وَنَحْيَا} ١١، ومثال الألف قبل الياء: {هُدىً} ١٢ و {يَا بُشْرَى} ١٣ و {مَثْوَاهُ} ١٤، ومثال الألف الواقعة بين ياءين: {رُؤْيايَ} ١٥، و {مَحْيَايَ} ١٦ وإن في قول الناظم: "أن لو" زائدة، ولو مصدرية، والمصدر المأخوذ بها من الفعل وهو: رسما، فاعل "أدى" والألف في "رسما" ، ألف الإطلاق. ثم قال: ١ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ٢ سورة مريم: ١٩/ ٧٤. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٦٤. ٤ سورة التوبة: ٩/ ٤٠. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ٤٣، الإسراء: ١٧/ ٦٠. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٥. ٧ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٦. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٣. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٢٨. ١٠ سورة الجاثية: ٤٥/ ٢١. ١١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٣٧. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٢. ١٣ سورة يوسف: ١٢/ ١٩. ١٤ سورة يوسف: ١٢/ ٢١. ١٥ سورة يوسف: ١٢/ ٤٣. ١٦ سورة الأنعام: ٦/ ١٦٢. . ... إلا وسفياها ولفظ يحيى وفي العقيلة أتى سقياها ... ولم يجئ بالياء في سواها وعنهما قد جاء أيضا بالألف ... كنحو هاذه وعن بعض حذف استثنى هنا من الأصل المتقدم باعتبار حكمه، وهو الرسم بالألف لفظين رسما بالياء وهما لفظ: {وَسُقْيَاهَا} ١ ولفظ: {يَحْيَى} ٢ المبدوء بالياء. أما "سقياها" ففي "الشمس" : {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} ٣، وقد أخبر الناظم أنه أتى في "العقيلة" ، أي جاء فيها بالياء، ثم أخبر أنه لم يجئ بالياء في سوى "العقيلة" ، من الكتب المعتمدة عنده للنقل، وإنما جاء عن الشيخين بألف ثابتة عن بعض كتاب المصاحف مثل: {الدُّنْيَا} ٤، و {وَرِئْيًا} ٥ و {أَحْيَا} ٦ الممثل بها قبل، ويحذف الألف عن بعض آخر منهم كـ {عُقْبَاهَا} ٧. الآتي فتحصل في لفظ: {وَسُقْيَاهَا} ٨ ثلاثة أوجه: - رسمه بياءين وهو مما انفردت به العقيلة. - ورسمه بياء واحدة مع حذف الألف بعدها. - ورسمه بألف ثابتة بعد الياء، وعلى الوجه الأخير العمل عندنا. وأما لفظ "يحيى" المبدوء بالياء، فنحو ما في "الأنعام" : {وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ} ٩، وما في "الأنفال" : {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ} ١٠، وما في "طه" و "سبح" : {لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} ١١، وقد رسم ألفه: بالياء باتفاق المصاحف وظاهر إطلاق الناظم أنه لا فرق في رسم ألف: {يَحْيَى} ١٢، ياء بين أن يكون اسما أو فعلا وبه صرح الشيخان، وهو مذهب أهل المصاحف، وذهب النحاة إلى أنه لا يرسم بالياء إلا العلم، وقوله، ولفظ "يحيى" ، بالنصب عطف على قوله و: بسقياها من لفظ القرآن. ١ سورة الشمس: ٩١/ ١٣. ٢ سورة مريم: ١٩/ ٧. ٣ سورة الشمس: ٩١/ ١٣. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ٥ سورة مريم: ١٩/ ٧٤. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٣٢. ٧ سورة الشمس: ٩١/ ١٥. ٨ سورة الشمس: ٩١/ ١٣. ٩ سورة الأنعام: ٦/ ٨٥. ١٠ سورة الأنفال: ٨/ ٤٢. ١١ سورة الأعلى: ٨٧/ ١٣. ١٢ سورة الأعلى: ٨٧/ ١٣. ثم قال: كحذفهم هدى مع محياى ... وحذفهم بشرى مع مثواي لما ذكر أن لفظ: "وسقياها حذف ألف عن بعض كتاب المصاحف دون بعض آخر، شبه هذا الحكم الذي ذكره للفظ:" سقياها "، وهو الحذف عن بعض دون آخر بحكم أربع كلمات ليفيد ثبوته لها كما هو ثابت للفظ" وسقياها "، فالضمير في قوله:" كحذفهم "يعود على بعض كتاب المصاحف المتقدم في قوله:" وعن بعض حذف "، ولا يعود على جميعهم؛ لأن الحذف في الكلمات الأربع للبعض دون الكل والكلمات الأربع هي: {هُدىً} ١ في" البقرة ": {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} ٢، وفي" طه ": {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ} ٣." و "محياي" في "الأنعام" : {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ} ٤. و "بشراي" في "يوسف" : {يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ} ٥. و "مثواي" فيها أيضًا: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} ٦. وقد ذكر الشيخان أن الكلمات الأربع رسمت في بعض المصاحف بغير ياء، ولا ألف وفي بعضها بإثبات الألف، وكلام أبي عمرو يقتضي ترجيح الحذف في "بشراي" ، والإثبات في الثلاثة الأخرى، واختار أبو داود في: "محياي" ، و "بشراي" ، و "مثواي" الحذف واختلف اختياره في: "هداي" فاختار فيه مرة الحذف ومرة الإثبات، والعمل عندنا على الحذف في: "بشراي" ، وعلى الإثبات في الثلاثة الأخرى وقوله: "كحذفهم" خبر مبتدأ محذوف تقديره وذلك. ثم قال: وحذفوا لدى خطايا كلهم ... ما بعد ياء ثم قبل جلهم أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن كتاب المصاحف ١ سورة البقرة: ٢/ ١. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٣٨. ٣ سورة طه: ٢٠/ ١٢٣. ٤ سورة الأنعام: ٦/ ١٦٢. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ١٩. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٢٣. حذفوا كلهم في: "خطايا" ، الألف الواقع بعد الياء، وأن جلهم، أي: أكثرهم حذفوا الألف الواقع قبل الياء وذلك في "البقرة" : {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} ١. وفي "طه" : {لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا} ٢. وفي "الشعراء" : {أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا} ٣. وفي "العنكبوت" : {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ} ٤. وما ذكره الناظم صرح به الشيخان، واختار أبو داود ما عليه الحل في الألف الأول، والعمل عندنا على حذف الألف الأول كالثاني المتفق على حذف. واعلم أن الألف الثانية في: "خطايا" ٥ منقلب عن ياء فهو الذي من هذا الباب، وكان القياس أن يرسم الياء لكنهم كرهوا اجتماع مثلين، فرسموا ثم أنهم حذفوا الألف، فصار مرسوما بغير ياء ولا ألف. وأما الألف الأول في: "خطيا" ٦، فهو مزيد وليس من هذا الباب، وكان حق الناظم أن يذكره في محل الألفات، وإنما أجره عن محله إلى هنا تبعا لغيره لمجاورته لما هو من هذا الباب، وقوله: "جلهم" فاعل فعل محذوف يدل عليه قوله: "حذفوا" ، و "قبل" طرف مبني على الضم وهو صلة لموصول محذوف يدل عليه الموصول قبله، والتقدير: ثم حذف جلهم ما قبل الياء. ثم قال: والحذف في التنزيل في أحياهم ... ثمت أحياكم وفي محياهم ثم به في فصلت أحياها ... جميع ما ذكره هنا إلى تمام سبعة أبيات هو لأبي داود وحده، وقد أخبر هنا عنه باختلاف المصاحف في حذف الألف، وإثباتها في أربعة ألفاظ وهي: {أَحْيَاهُمْ} ٧، و {أَحْيَاكُمْ} ٨ و {مَحْيَاهُمْ} ٩ و {أَحْيَاهَا} ١٠ في فصلت. ١ سورة البقرة: ٢/ ٥٨. ٢ سورة طه: ٢٠/ ٧٣. ٣ سورة الشعراء: ٢٦/ ٥١. ٤ سورة العنكبوت: ٢٩/ ١٢. ٥ سورة طه: ٢٠/ ٧٣. ٦ سورة طه: ٢٠/ ٧٣. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٣. ٨ سورة الجاثية: ٤٥/ ٢١. ٩ سورة المائدة: ٥/ ٣٢. فصلت: ٤١/ ٣٩. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٣. أما "أحياهم" ففي "البقرة" : {فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} ١. وأما "أحياكم" ففيها: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} ٢. وأما "محياهم" ففي "الشريعة" : {سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} ٣. وأما "أحياها" ففي "المائدة" فهو: {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى} ٤. واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها وهو في "المائدة" : {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} ٥. فإن ألفه ثابتة باتقاف، والعمل عندنا على إثبات الألف في الألفاظ الأربعة، وهي من الأصل المجمع على حذف يائه كراهة اجتماع ياءين، والياء في قوله: "به" بمعنى "في" والضمير يعود على التنزيل، وقوله: "أحياها" بدل من فصلت، وبه حال من: "أحياها" وسبك البيت والشطر بعده، والخلف واقع في: "أحياهم" ثم في: "أحياكم" ، وفي "محياهم" حال كونه في "التنزيل" ، وفي "فصلت" في: "أحياها" حال كونه في "التنزيل" أيضا. . . . . . . . . . . . ... والحذف دون الياء في عقباها ولفظ سيماهم إليه تال ... في البكر والرحمن والقتال ثم اجتباه وهما حرفان ... في نون مع طه كذا أوصاني أخبر عن أبي داود بحذف الألف دون رسم الياء في أربعة ألفاظ، وهي: {عُقْبَاهَا} ٦ و {بِسِيمَاهُمْ} ٧ في البكر، أي: "البقرة" ، وفي "الرحمن" ، و "القتال" ، و {اجْتَبَاهُ} ٨ في "ن" و "طه" ، و {وَأَوْصَانِي} ٩. أما "عقباها" ففي "والشمس" : {وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا} ١٠، ويمكن أن يكون سبب حذف الياء من كراهة اجتماع صورتين متماثلتين وهما: الباء، والياء؛ لأنها قبل النقط متماثلات. وأما "سيماهم" في السور الثلاث، فالذي في "البقرة" : {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} ١١. ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٣. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٨. ٣ سورة الجاثية: ٤٥/ ٢١. ٤ سورة فصلت: ٤١/ ٣٩. ٥ سورة المائدة: ٥/ ٣٢. ٦ سورة الشمس: ٩١/ ١٥. ٧ سورة الرحمن: ٥٥/ ٤١. ٨ سورة النحل: ١٦/ ١٢١. ٩ سورة مريم: ١٩/ ٣١. ١٠ سورة الشمس: ٩١/ ١٥. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٣. - والذي في "الرحمن" : {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} ١. - والذي في "القتال" : {فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} ٢. وألف "عقبى" ، وسيمى، للتأنيث، واحترز بقيد السور الثلاث عن الواقع في غيرها وهو ثلاثة منها اثنان في الأعراف: {يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} ٣، و {وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} ٤. وهما داخلان في عموم قوله: "وما به شبه كاليتامى" ، فيرسمان بالياء، وواحد في الفتح تقدم في الأحرف السبعة المرسومة بالألف. وأما "اجتباه" في السورتين بالذي في "ن" : {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} ٥، والذي في "طه" : {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} ٦، واحترز بقيد السورتين عن الواقع في غيرهما، وهو في "النحل" وسيأتي قريبا. وأما "أوصاني" ففي "مريم" : {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} ٧. قال أبو داود وأحسب أنهم كتبوا: "اجتباه" ، و: "أوصاني" بغير ياء لئلا يجتمع ثلاث صور، وهي: "التاء والياء والباء" في: "اجتباه" ، والنون والياءان في "أوصاني" ؛ لأن المصحف كتب من غير شكل ولا نقط. ا. هـ. والعمل عندنا على ما لأبي داود من حذف الألف دون رسم الياء في الألفاظ الأربعة المذكورة في النظم. تنبيه: سكت الناظم عن "رءياي" الأول في يوسف، و "رءياي" الثاني مع أن أبا داود نص على حذف ألفها الموجودة في اللفظ بين الياءين وبه جرى عملنا، والضمير في قول الناظم: "إليه" يعود على لفظ: "عقباها" ، ومعنى قوله: "تال" ، تابع في الحكم للفظ "عقباها" ، وفي كلامه حال محذوفة يدل عليها قوله قبل: والخلف في "التنزيل" وقوله بعد، وذكر "التنزيل" ، وبدون تقديرها يوهم كلام الناظم أن الحذف في الألفاظ الأربعة مطلق مع أنه مقيد بأبي داود. ١ سورة الرحمن: ٥٥/ ٤١. ٢ سورة محمد: ٤٧/ ٣٠. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ٣٠. ٤ سورة الأعراف: ٧/ ٤٨. ٥ سورة القلم: ٦٨/ ٥٠. ٦ سورة طه: ٢٠/ ١٢٢. ٧ سورة مريم: ١٩/ ٣١. ثم قال: وذكر التنزيل كلما ... بألف أو ياء أو دونهما ءاتيني الكتاب واجتبيكم ... كذلك في النحل اجتبيه يرسم أخبر صاحب "التنزيل" ، وهو أبو داود ذكر أيضًا كلمات رسمت في بعض المصاحف، بالألف وفي بعضها بالياء وفي بعضها بدونها، وهي ثلاثة: {آتَانِيَ الْكِتَابَ} ١ و {اجْتَبَاكُمْ} ٢، و {اجْتَبَاه} ٣ في "النحل" . أما "ءاتيني الكتاب" ففي "مريم" ، واحترز بقيد المجاور للكتاب من غير المجاور له وهو في النحل: {فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ} ٤ فإنه مرسوم بالياء وجها واحد. وأما "أجتبيكم" ففي "الحج" : {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ٥. وأما "أجتبيه" في "النحل" فهو: {اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ٦، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها كلمتان تقدمتا قبل هذين البيتين، وقد حسن أبو داود الأوجه الثلاث، إلا أن كلامه يقتضي أن كتب هذه الكلمات الثلاث بالياء من مجرد اختياره لا إنه كتب في بعض المصاحف، كما يقتضيه ظاهر كلام الناظم، ومقتضى حمل هذه الكلمات على النظائر، وسكوت أبي عمرو عن عدها في المستثنيات بعد تقرير القاعدة في ذوات الياء ترجيح رسمها بالياء، وهو ما جرى به العمل عندنا. تنبيه: سكت الناظم عن: "أريني" معا في سوف وعن: "ناديا" في "الصافات" مع أن كلام أبي داود يؤخذ منه أن في الكلمتين ثلاثة أوجه: رسمها بالياء أو الألف أو بدونهما، والعمل عندنا على رسمها بالياء. وقوله "التنزيل" ، فاعل "بذكر" على حذف مضاف: أي: ذكر صاحب "التنزيل" ، وكلما مفعول به بذكر. ١ سورة مريم: ١٩/ ٣١. ٢ سورة الحج: ٢٢/ ٧٨. ٣ سورة طه: ٢٠/ ١٢٢. ٤ سورة النمل: ٢٧/ ٣٦. ٥ سورة الحج: ٢٢/ ٧٨. ٦ سورة النحل: ١٦/ ١٢١. ثم قال: ولن تريني معه تريني ... بألف أو ياء الحرفان أخبر عن أبي داود بأن: {لَنْ تَرَانِي} ١، و {فَسَوْفَ تَرَانِي} ٢ في "الأعراف" كتبا معا في بعض المصاحف بألف، وفي بعضها بياء وهكذا قال في "التنزيل" ، زاد وكلاهما حسن. ا. هـ، والعمل عندنا على رسم اللفظين بالياء. تنبيه: سكت الناظم عن لفظ "أريني" في النحل وعن "أرى" من قوله تعالى: {مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ} ٣ في "النمل" ، مع أن أبا داود ذكر فيها وجهين كهذين اللفظين، واختار رسمهما بالياء وبه جرى عملنا، وقول الناظم "الحرفان" معناه الكلمتان وهو بدل من: "لن تريني" و "تريني" . ثم قال: والياء عنهما بما قد جهلا ... أصلا بكلم وهي حتى وإلى أنى في الاستفهام قل ثم على ... حرفية ومثلها متى بلى لما فرغ من القسمين الأولين من أقسام الألف التي كتبت ياء، وهما المنقلبة عن ياء، وألف والتأنيث، انتقل إلى القسم الثالث وهو الألف المجهولة، وهي التي لا يعرف هل أصلها الياء أو الواو، فأخبر عن الشيخين بأنها كتبت باء، وذلك يفي سبع كلمات ذكر منها في هذين البيتين ستة: "حتى" ، و "إلى" ، و "أنى" ، الاستفهامية، وعلى الحرفية، و "متى" الاستفهامة، و "بلى" ، وسيذكر الكلمة السابعة هي: "لدى" ، وهي الكلمات السبع قسمان: أسماء وهي ثلاثة: "أنى" ، و "متى" ، الاستفهامية و "لدى" ، على خلاف يأتي فيها وتفصيل، وحروف وهي: "حتى" ، و "على" و "إلى" ، و "بلى" . أما حتى نحو: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} ٤، وقد نقل أبو عمرو أنها رسمت في بعض المصاحف بالألف، ثم قال: ولا عمل على ذلك لمخالفة الإمام مصاحف الأمصار. ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٤٣. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٤٣. ٣ سورة النمل: ٢٧/ ٢٠. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢١٤. ا. هـ. وقد وجه رسمها بالياء بأمور منها: شبهها بألف التأنيث حيث كانت رابعة كألف: "دعوى" . وأما "إلى" فنحو: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} ١، ورسمت بالياء فرقا بينها وبين "إلا" المشددة. وأما أنى الاستفهامية، فهي الواقعة قبل حرف من حروف. تنبيه: وقد ورد منها في القرآن ثمانية وعشرون موضعا منها قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ٢, بناء على أنها استفهامية، وهو رأي المفسرين وسيأتي وجه رسمها بالياء، واحترز الناظم بقوله: في الاستفهام، عن "أنا" المركبة من أن المفتوحة المشددة، وضمير جماعة المتكلمين المحذوف منها إحدى النونات الثلاث فإنها مرسومة بالألف نحو: {بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ٣. وأما "على" الحرفية وهي الجارة فنحو: {عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} ٤، واحترز بقوله: حرفية عن "علا" الفعلية، فإنها مرسومة بالألف نحو: {عَلا فِي الْأَرْضِ} ٥، ورسمت على الحرفية بالياء فرقا بينها وبين "علا" الفعلية، وقد ذكر في "المقنع" أن وجه رسم "على" ، و "إلى" بالياء عند النحويين انقلاب ألفهما ياء مع الضمير. وأما "متى" الاستفهامية فنحو: {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} ٦، و "بلى" بالياء على مراد الإمالة والباء في قول الناظم: "بما قد جهلا" بدلية على حد هذا بذاك، وما موصول إسمي واقع على الألفات، والألف في "جهلا" للإطلاق، و "أصلا" : تمييز محول عن نائب الفاعل، أي: بما جهل أصله، والباء في قوله: بكلم، بمعنى "في" وكلم، بكسر الكاف وسكون اللام، اسم جنس جمعي لكلمة بكسر الكاف، وسكون اللام أيضا على إحدى اللغات، وقوله: في الاستفهام حال من: "أنى" ، وحرفية حال من على. ثم قال: وفي لدى في غافر يختلف ... وفي لدا ألباب اتفاقا ألف ١ سورة البقرة: ٢/ ١٤. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٣. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ٥٢. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٥. ٥ سورة القصص: ٢٨/ ٤. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢١٤. ذكر في هذا البيت الكلمة السابقة تمام الكلمات التي ألفها مجهولة، وهي: "لدى" فأخبر عن الشيخين باختلاف المصاحف في ألف: {لَدَى الْحَنَاجِرِ} ١، في "غافر" ففي بعضها بالياء وفي بعضها بالألف، وباتفاقها على الألف في: {لَدَى الْبَابِ} ٢ في "يوسف" ، قال في: "المقنع" وأكثرها في "غافر" على الياء، وقال المفسرون: معنى الذي في "يوسف" : عند والذي في "غافر" في، فلذا فرق بينهما في الكتابة، وقال النحويون: المرسوم بالألف على اللفظ، والمرسوم بالياء لانقلاب الألف ياء مع الإضافة إلى الضمير. ا. هـ. واقتصر أبو داود في موضعين من "التنزيل" على الياء في "لدى" في "غافر" بالياء على ما في أكثر المصاحف. فقال: وابن نجاح قال عن بعض أثر ... تسعا بياء وهو غير مشتهر أخبر عن ابن نجاح، وهو أبو داود أنه قال: أثر، أي: روي عن بعض المصاحف، أو الرواة الناقين عنها أن: "تعسا" في القتال كتب بياء بدل ألف التنوين قال الناظم: وهو غير مشتهر، أي: والمشتهر هو رسمه بالألف، وهو الذي اختاره أبو داود، وبه العمل. واعلم أن "تعسا" من الأسماء المفتوحة المنونة، فألفه بدل من التنوين في الوقف وليست واحدا من الأقسام الأربعة التي تقدم أنها ترسم ياء، والأسماء المفتوحة المنونة قسمان: مقصور، وغير مقصور. فالقسم غير المقصور منها ما كان آخره صحيحا، وفتحته حركة إعراب نحو: {فَتَعْسًا} ٣، و {أَمْتًا} ٤، و {سَدًّا} ٥ بتشديد الدال، وقياس هذا القسم أن يكتب بالألف، وهي بدل من التنوين في الوقف. والقسم المقصور منها هو ما آخره ألف حذفت لالتقاء الساكنين. بعد قلبها عن ياء أو واو، وجملة الوارد من هذا القسم في القرآن خمس عشرة كلمة نظمها الشيخ ابن عاشر في قوله: ١ سورة غافر: ٤٠/ ١٨. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٢٥. ٣ سورة محمد: ٤٧/ ٨. ٤ سورة طه: ٢٠/ ١٠٧. ٥ سورة يس: ٣٦/ ٩، الكهف: ١٨/ ٩٤. مصلى أذى غزى مفترى هدى ... مسمى قرى فتى وضحى سدى مصفى سوى مولى فذي القصر عمها ... سواها صحيح اللام إعرابه بدا ولم يذكر معها "ربي" مع أنه من هذا القسم، وقياس ما قلبت فيه الألف عن ياء أن يرسم بالياء، وإن كانت ألفه في الأصل واوا، كـ {غُزّىً} ١ جمع غاز من غاز يغزو، فقلبت الواو ياء في المفرد وهو غاز لتطرفها بعد كسرة. وأما ما قلبت فيه الألف عن واو فقياسه أن يرسم بالألف كـ {ضُحىً} ٢؛ لأنه من الضحوة و {رَبًّا} ٣، لكن سينص الناظم على أن: {ضُحىً} ٤ من المستثنيات المرسومة بالياء وعلى أن: {رَبًّا} ٥ مختلف في رسمه. ثم قال: القول فيما رسموا بالياء ... وأصله الواو لدا ابتلاء أي: هذا القول في الألف الذي رسمه كتاب المصاحف بالياء، والحال أن أصله الواو: "لدا ابتلاء" ، أي: عند اختباره بالقواعد كتثنية الإسم، وإسناد الفعل إلى تاء الضمير، وهذا من الناظم شروع في القسم الرابع من أقسام الألفات المرسومة في المصاحف ياء، وهو الألف المنقلب عن الواو في الأسماء الثلاثية، والأفعال الثلاثية وإنما أفرد هذا القسم بترجمة لعدم اندراجه في الترجمة السابقة المعقودة لما الأصل فيه أن يرسم ياء، إذ ليس الأصل في هذا القسم الرابع أن يرسم ياء بل الأصل، والغالب فيه أن يرسم ألفا كما يلتفظ به، ولذا اتفقت المصاحف على رسم كل اسم ثلاثي من ذوات الواو، أو فعل ثلاثي من ذوات الواو بالألف نحو: {الصَّفَا} ٦ و {شَفَا} ٧ و {سَنَا} ٨ و {أَبَا أَحَدٍ} ٩ و {خَلا} ١٠ و {دَعَا} ١١ و {عَفَا} ١٢ و {عَلا} ١٣، و {لَعَلا} ١٤ و {بَدَا} ١٥، و {نَجَا} ١٦. وشبه ذلك إلا ما سيأتي استثناؤه، ولما كان الأصل، ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٦. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ٩٨. ٣ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ٤ سورة طه: ٢٠/ ٥٩. ٥ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ٦ سورة البقرة: ٢/ ١٥٨. ٧ سورة آل عمران: ٣/ ١٠٣. ٨ سورة النور: ٢٤/ ٤٣. ٩ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤٠. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ٧٦. ١١ سورة آل عمران: ٣/ ٣٨. ١٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٢. ١٣ سورة القصص: ٢٨/ ٤. ١٤ سورة طه: ٢٠/ ٤. ١٥ سورة الأنعام: ٦/ ٢٨. ١٦ سورة يوسف: ١٢/ ٤٥. والغالب في هذا القسم أن يكتب ألفا لم يتعرض الناظم إلا لما خرج منه عن الغالب بكتبه، إما واوا وهو الآتي في الترجمة بعد هذه، وهو ما عقد له هذه الترجمة. ثم قال: والياء في ثم سبع فمنهن سجى ... زكى وفي الضحى جميعا كيف جا وفي القوى جاء وفي دحيها ... وفي تليها ثم في طحيها ولم يجئ لفظ القوى في مقنع ... ومن عقيلة وتنزيل وعى قد علمت أن الأصل في الألف المنقلب عن الواو أن يكتب ألفا، ولم يتعرض له الناظم صريحا، ولكن تعرض لما خرج منه عن الأصل، فأخبر في البيتين الأولين مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الياء رسمت عوضا عن الألف المنقلب عن الواو في سبع كلمات، وهي في ترتيب الناظم: {سَجَى} ١ و {زَكَى} ٢ و {وَالضُّحَى} ٣ جميعا كيف جاء، و {الْقُوَى} ٤ و {دَحَاهَا} ٥ و {تَلاهَا} ٦ و {ضُحَاهَا} ٧. وهذه السبع منها كلمتان من نوع الإسم وهما: {وَالضُّحَى} ٨ و {الْقُوَى} ٩، والباقي من نوع الفعل. أما "سجى" ففي سورة "والضحى" : {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} ١٠. وأما "زكى" ففي "النور" : {مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} ١١. وأما "الضحى" جميعا، أي: في جميع القرآن كيف جاء، أي على أي حال من تعريف بأل، أو بالإضافة وتنكير ففي ستة مواضع وهي: {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ} ١٢ و {أَخْرَجَ ضُحَاهَا} ١٣ و {إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} ١٤ كلاهما في سورة "النازعات" ، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ١٥ في سورة "الشمس" ، و {ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ} ١٦. في "الأعراف" ، {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً} ١٧ في "طه" . ١ سورة الضحى: ٩٣/ ٢. ٢ سورة النور: ٢٤/ ٢١. ٣ سورة الضحى: ٩٣/ ١. ٤ سورة النجم: ٥٣/ ٥. ٥ سورة النازعات: ٧٩/ ٣٠. ٦ سورة الشمس: ٩١/ ٢. ٧ سورة الشمس: ٩١/ ٦. ٨ سورة الضحى: ٩٣/ ١. ٩ سورة النجم: ٥٣/ ٥. ١٠ سورة الضحى: ٩٣/ ١، ٢. ١١ سورة النور: ٢٤/ ٢١. ١٢ سورة الضحى: ٩٣/ ١. ١٣ سورة النازعات: ٧٩/ ٢٩. ١٤ سورة النازعات: ٧٩/ ٤٦. ١٥ سورة الشمس: ٩١/ ١. ١٦ سورة الأعراف: ٧/ ٩٨. ١٧ سورة طه: ٢٠/ ٥٩. وما "القوى" ففي "والنجم" : {شَدِيدُ الْقُوَى} ١. وأما "دحيها" ففي "والنازعات" : {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} ٢. وأما "تليها" ، و "طحيها" ففي سورة "والشمس" . ثم أخبر في البيت الثالث بأن لفظ "القوى" لم يجئ في المقنع، أي لم يذكره أبو عمرو في المقنع بل سكن عنه، وقد ذكره الشاطبي في العقيلة، وأبو داود في "التنزيل" كما أشار إليه بقوله و: "من عقيلة وتنزيل وعي" . أي: حفظ لفظ: "القوى" منهما وحدهما؛ لأنه إنما ذكر فيهما دون "المقنع" ، والعمل على رسمه بالياء كبقية الكلمات السبع. ثم قال: وألحق العلى بهذا الفصل ... لكتبه باليا خلاف الأصل لما ذكر تبعا لشيوخ النقل ما خرج من ذوات الواو عن أصله الذي هو الكتب بالألف، فرسم بالياء استدراك عليهم لفظ: {الْعُلَى} ٣ في قوله تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى} ٤ في أول "طه" ، فأمر بأن يلحق بهذا الفصل لكتبه في المصاحف بالياء على خلاف الأصل، والأصل أن يكتب بالألف؛ لأنه اسم ثلاثي مأخوذ من العلو فألفه منقلبة عن واو كالكلمات السبع المتقدمة، فيضم إليها حتى تصير كلمات الفصل: "ثمانية" ، وإنما رسمت الكلمات الثمانية بالياء على خلاف الأصل تنبيها على جواز إمالتها. وقوله: "خلاف الوصل" منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف معمول لكتبه، أي: كتبا خلافا الأصل، أي: مخالفًا للأصل. ١ سورة النجم: ٥٣/ ٥. ٢ سورة النازعات: ٧٩/ ٣٠. ٣ سورة طه: ٢٠/ ٤. ٤ سورة طه: ٢٠/ ٤. حكم الواو المعوض به عن الألف ثم قال: وهاك واوا عوضا من ألف ... قد وردت رسما ببعض أحرف أي: خذ واوا في الرسم عوض من ألف في اللفظ قد وردت تلك الواو في الرسم عن كتاب المصاحف ببعض أحرف، أي: في بعض كلمات، وهذا من الناظم شروع في القسم الثاني من قسمي الألف المنقلب عن واو بعد فراغه من القسم الأول منهما، وكلا القسمين جاء على خلاف الأصل في الرسم، وذلك أن الأصل، والغالب في الألف المنقلب عن واو أن يرسم ألفا كما تقدم وقد تعرض الناظم، لما خرج عن الأصل وهو قسمان: قسم رسم ياء عوضا عن ألف، وهو القسم الأول الذي تقدم في الترجمة المفروغ منها، وقسم رسم واوا عوضا عن ألف، وهو القسم الثاني الذي عقد له هذه الترجمة، وهذا هو النوع الثاني من نوعي الإبدال الرسمي المتقدمين في شرح قوله: "وهاك ما بألف قد جاء" . البيت. ثم قال: والواو في منوة والنجوة ... وحرفي الغدوة مع مشكوة وفي الربوا وكيفما الحيوة ... أو الصلوة وكذا الزكوة أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن الواو رسمت عوضا من الألف في ثمانية ألفاظ، وهي في ترتيب الناظم: {وَمَنَاةَ} ١ و {النَّجَاةِ} ٢، و {بِالْغَدَاةِ} ٣، و {كَمِشْكَاةٍ} ٤، و {الرِّبا} ٥ و {الْحَيَاةُ} ٦ و {الصَّلاةَ} ٧، و {الزَّكَاةَ} ٨، كيفما وقعت الثلاثة الأخيرة، وسيأتي للناظم لفظ تاسع فيه خلاف، وهو من "ربى" في الروم. أما "منواة" ففي "النجم" : {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} ٩. وهو اسم صنم، واستثناؤه من ذوات الواو على قراءة نافع مبني على أصل ألفه واو، وقد حكى بعض العلماء فيه اختلافا. ١ سورة النجم: ٥٣/ ٢٠. ٢ سورة غافر: ٤٠/ ٤١. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ٥٢. ٤ سورة النور: ٢٤/ ٣٥. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. وهو كثير. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٣. وو كثير. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٤٣. وهو كثير. ٩ سورة النجم: ٥٣/ ٢٠. وأما "النجوة" ففي "غافر" : {مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} ١، وألفه منقلبة عن واو؛ لأنه تقول في الماضي: نجوت، وفي المضارع أنجو. وأما "الغدوة" ففي "موضعين" : موضع في "الأنعام" ، وهو: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} ٢، ومثله في "الكهف" ، وإليها أشار بقوله، وحرفي "الغداوة" أي وكلمتي "الغدوة" في الموضعين، وقد قرأهما ابن عامر بضم الغين، وإسكان الدال بعدها واو مفتوحة وألف: "غدوة" منقلبة واو وأصلها "غدوة" بفتح الواو، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وما "مشكوة" ففي "النور" : {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} ٣، والمشكوة الغير النافذة وقد قيل: أن أصل ألفها الواو وأنها من شكوت، ولكن صيرت الزيادة في أوله من ذوات الياء، فاستثناؤه من ذوات الواو مشكل. وأما "الربوا" فنحو: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا} ٤، وقد وقع في سبعة مواضع خمسة في "البقرة" وواحد في "آل عمران" ، وواحد في "النساء" ، وألفه منقلبة عن واو؛ لأنه مصدر ربوت أربو، ومعناه الزيادة. وأما "الحيوة" ، و "الصلوة" كيفما وقعت هذه الثلاثة من تعريف بأل أو بالإضافة أو تنكير فنحو: {إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ٥، {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} ٦، ونحو: {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} ٧، و {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ٨. {مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ} ٩، {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ} ١٠ {خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} ١١، وسيأتي قريبا الخلاف في المضاف منها إلى الضمير، واستثناء ألف: {الْحَيَاةِ} ١٢ من ذوات الواو مبني على مذهب من يقول: أن أصله واو ودليله ظهورها في: {الْحَيَوَانُ} ١٣. ١ سورة غافر: ٤٠/ ٤١. ٢ سورة الأنعام: ٦/ ٥٢. ٣ سورة النور: ٢٤/ ٣٥. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٩٦. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٣. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٤٣. ٩ سورة النور: ٢٤/ ٥٨. ١٠ سورة النور: ٢٤/ ٥٨. ١١ سورة الكهف: ١٨/ ٨١. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ١٣ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٦٤. وأما "الصلوة" فجمعها على صلوات دليل على أن ألفها منقلب عن واو، ودليل كون الألف في: "الزكوة" أصله الواو، أنها مصدر زكوت أزكو، ووجه رسم هذه الألفاظ بالواو التنبيه على أصلها مع الإشارة إلى أن بعض العرب يميل بلفظ الألف إلى الواو، وإن كانت لغة غير فصحي لم يقرأها. وقوله: "الحيوة" فاعل بفعل محذوف بعد "كيفما" تقديره وقع، و "الصلوة" عطف على: "الحيوة" ، وأو بمعنى الواو. ثم قال: ما لم تضفهن إلى ضمير ... فألف والثبت في المشهور لما ذكر أن الكلمات الثلاث الأخيرة، وهي: {الْحَيَاةِ} ١ و {الصَّلاةَ} ٢ و {الزَّكَاةَ} ٣. رسم ألفها واوا كيفما وقعت أخرج من ذلك ما أضيف إلى ضمير، فما من قوله: "ما لم تضفهن" ، مصدرية ظرفية والضمير في: "لم يضفهن" يعود على الكلمات الثلاث في آخر البيت السابق، أي: محل رسمها بالواو ما لم تضفهن إلى ضمير، أي: مدة عدم نطقك بهن مضافة إلى ضمير، فإن أضفتهن إلى ضمير، فإنهن لا يرسمن بالواو بل بألف ثابتة في الوجه المشهور وهو الأكثر، والوجه الغير المشهور حذف الألف فيهن، وهو الأقل، فمثال كلمة: {الْحَيَاةِ} مضافة إلى الضمير: {حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} ٤ {فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} ٥ {قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} ٦. ومثال كلمة "الصلوة" مضافة إلى الضمير: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} ٧ {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ} ٨، {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} ٩ {قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ} ١٠. ولم تقع كلمة "الزكوة" مضافة في القرآن، فتحصل أن ما عرف بأل من هذه الكلمات، أو أضيف إلى ظاهر منها يرسم بالواو من غير خلاف، وأن ما أضيف منها إلى ضمير فيه خلاف، والمشهور رسمه بألف ثابتة وعليه العمل. ١ سورة البقرة: ٢/ ٨٥. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٣. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٤٣. ٤ سورة الأنعام: ٦/ ٢٩. ٥ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٢٠. ٦ سورة الفجر: ٨٩/ ٢٤. ٧ سورة الأنعام: ٦/ ١٦٢. ٨ سورة الأنفال: ٨/ ٣٥. ٩ سورة الإسراء: ١٧/ ١١٠. ١٠ سورة النور: ٢٤/ ٤١. وأما ما كان منها منكرا نحو: {حَيَاةً طَيِّبَةً} ١ و {زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} ٢ فمقتضى كلام الناظم أنه لا خلاف في رسمه بالواو، ويفهم من كلام أبي عمرو في "المقنع" أن فيه خلافا، والعمل عندنا على رسمه بالواو، وقوله: فألف مبتدأ حذف خبره تقديره فيهن، وقوله: الثبت خبر مبتدأ محذوف أي: وحكمه الثبت. ثم قال: وبعضهم في الروم أيضا كتبا ... واوا بقوله تعالى من ربا مع ألف كرسمهم سواه ... كذا امرؤا وكهم رواه أخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بالخلاف عن كتاب المصاحف في: {مِنْ رِبًا} ٣ من قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} ٤ في "الروم" ، فبعضهم كتب ألفه واوا مع زيادة ألف بعدها يعني، وغير ذلك البعض كتبه ألفا كغيره من المقصور الواوي، ولم يرجح الشيخان واحدا منهما، والعمل عندنا على رسمه بألف ثابتة بعد الباء، ثم شبه بزيادة الألف في هذه الكلمة زيادة كتاب المصاحف الألف بعد الواو في رسمهم غيره من كلمات: {الرِّبا} ٥؛ لأنه قدم أن ألفه كتبت واوا، فالألف التي كتبها الرسام بعدها متعينة للزيادة ثم شبه أيضا بكلمات: {الرِّبا} ٦ في زيادة الألف بعد الواو كلمة: {امْرُؤٌ} ٧ في "النساء" ، وذلك أن همزتها صورت واوا على قياس المتطرفة بعد حركة، فالألف المكتوبة بعدها متعينة للزيادة أيضًا، قال الناظم، "وكلهم رواه" يعني روى رسم الألف بعد الواو في كلمات: {الرِّبا} ٨ غير المنكر، وفي كلمة: {امْرُؤٌ} ٩، وإنما قال: "وكلهم رواه" رفعا لتوهم أن زيادة الألف في ذلك إنما هي عن بعض كتاب المصاحف ككلمة: {رِبًا} ١٠ المنكر. واعلم أن الناظم لما ذكر زيادة الألف في: {الرِّبا} ١١ استطرد زيادتها في: {امْرُؤٌ} ١٢، وكان الأنسب بها بعض الفصول المتقدمة كفصل زيادة الألف ووجه ١ سورة النحل: ١٦/ ٩٧. ٢ سورة الكهف: ١٨/ ٨١. ٣ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ٤ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ٧ سورة النساء: ٤/ ١٧٦. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ٩ سورة النساء: ٤/ ١٧٦. ١٠ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ١٢ سورة النساء: ٤/ ١٧٦. زيادة الألف في: {الرِّبا} ١ و {رَبًّا} ٢ حمل واوهما على واو الجمع أيضا، وهو قول أبي عمرو بن العلاء، وإما تقوية الهمزة وبيانها، وهو قول الكسائي. ثم قال: باب حروف وردت بالفصل ... في رسمها على وفاق الأصل أي هذا باب بيان حروف، أي: كلمات وردت في المصاحف بالفصل في رسمها والمراد بالفصل القطع، أي قطع الكلمة عما بعدها في الرسم وضد الفصل الوصل، والفصل هو الأصل، ولأصالته قال الناظم هنا: "على وفاق الأصل" . فإن قلت: حيث كان الفصل هو الأصل، فكان حق الناظم أن لا يتعرض إلا لما خرج عن الأصل وهو الموصول، والجوب أنه إنما تعرض كغيره للمفصول اختصارا لقلته بالنسبة إلى الموصول، ولو تعرضوا إلى جميع ما جاء موصولا على خلاف الأصل لطال الكلام وفات الاختصار، وهذه الترجمة شروع من الناظم في مسائل الفصل، والوصل بعد فراغه من مسائل الإبدال الرسمي، وقد جعل الناظم مسائل الفصل والوصل في بابين: - أولهما هذا الباب وقد تكلم فيه على المفصول من الكلمات، ويعلم منه أن ماله نظير منها، ولم يذكر يكتب موصولًا. - وثانيهما الباب الذي بعده، وقد تكلم فيه على الموصول من الكلمات، ويعلم منه أن ماله نظير منها، ولم يذكر يكتب مفصولًا. وقد ذكر في هذا الباب ستة فصول، اشتمل الفصل الثاني منها على تسعة أنواع من المقطوع، والثالث على نوعين منه، والرابع على أربعة أنواع منه، واشتمل كل فصل من الفصول الباقية على نوع منه فقط، والأنواع التي اشتمل عليها الفصل الثاني والثالث، والرابع بعضها متعدد، وبعضها متحد، وقوله: بالفصل، متعلق، بوردت، وفي رسمها، متعلق بالفصل، وقوله: على وفاق الأصل يحتمل تعلقه، بالفصل، أبو بوردت. ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ٢ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. حكم الفصل والوصل لبعض الكلمات والحروف ثم قال: أن لا يقولوا وأقول فصلا ... ثم معا بهود ليس الأولا وتوبة والحج مع ياسينا ... وفي الدخان مع حرف نونا والامتحان وكذاك رويا ... عن بعضهم أيضا بحرف الأنبيا هذا هو الفصل الأول من فصول هذا الباب وقد ذكر فيه: "أن لا" بفتح الهمزة وسكون النون، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بقطع كلمة: "أن" عن كلمة: "لا" بعدها في أحد عشر موضعا: عشرة مقطوعة باتفاق المصاحف، وفي الحادي عشر خلاف. - الموضع الأول والثاني: {أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} ١، {أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} ٢ كلاهما في "الأعراف" ، وإليها أشار بقوله: "أن لا يقولوا وأقول فصلا" أي قطعا، والألف في: "فصلا" ألف الإثنين تعود على هذين الموضعين. - الموضع الثالث والرابع: {وَأَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ٣ في "هود" : {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ} ٤. وهو الثاني في "هود" ، وإلى هذين الموضعين أشار بقوله: ثم معا بهود ليس إلا ولا. أي ثم "أن لا" معا في "هود" غير الأول، واحترز بقوله: "ليس ولا" ، عن الأول فيها وهو: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} ٥، فإنه موصول. - الموضع الخامس: {أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} ٦، في آخر "التوبة" . وقد تعدد: "أن لا" فيها بثلاثة مواضع هذا و {أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} ٧ {وَأَجْدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا} ٨، ومقتضى إطلاق الناظم أن الثلاث مقطوعة مع أن المقطوع هو الواقع في آخرها فقط، ولذا أصلح فقيل: وأخر التوبة مع ياسينا ... والحج والدخان ثم نونا ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٦٩. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٥. ٣ سورة هود: ١١/ ١٤. ٤ سورة هود: ١١/ ٢٦. ٥ سورة هود: ١١/ ٢. ٦ سورة التوبة: ٩/ ١١٨. ٧ سورة التوبة: ٩/ ٩٢. ٨ سورة التوبة: ٩/ ٩٧. - الموضع السادس: {أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} ١ في "الحج" . - الموضع السابع: {أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} ٢ في "يس" . - الثامن: {وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ} ٣ في "الدخان" . - التاسع: {أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} ٤ في "نون" . - العاشر: {عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} ٥ في "الممتحنة" . - الحادي عشر: {أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} ٦ في "الأنبياء" . وقد اختلف فيه، فروي بالفصل، وروي بالوصل، وقد استحب أبو داود فصله وبه العمل عندنا، وفهم من تخفيض الناظم القطع بهذه المواضع أن ما عداها كتب موصولًا، ومعنى وصول ما عدا هذه الكلمات تنزيل الكلمة الأولى مع الثانية منزلة الكلمة الواحدة تحقيقا، فلا ترسم النون لقاعدة أن المدغمين في كلمة يكتفي فيها بصورة الثاني نظرا إلى اللفظ، ولا كذلك إذا كانا في كلمتين فإنهما يرسمان مع نظرا إلى التفكيك بتقدير الوقف، والألف في قول الناظم: "إلا ولا" الألف الإطلاق. ١ سورة الحج: ٢٢/ ٢٦. ٢ سورة يس: ٣٦/ ٦٠. ٣ سورة الدخان: ٤٤/ ١٩. ٤ سورة القلم: ٦٨/ ٢٤. ٥ سورة الممتحنة: ٦٠/ ١٢. ٦ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨٧. فصل في حكم المقطوع في هذا الباب، وهو تسعة أنواع: ثم قال: فصل وغير النور من ما ملكت ... وفي المنافقين من ما قطعت والخلف للداني في المنافقين ... ولأبي داود في الروم يبين هذا هو الفصل الثاني من فصول هذا الباب، وقد ذكر فيه الناظم تسعة أنواع من المقطوع وقدم منها: "من ما" ، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بقطع: "من" الجارة من: "ما" الموصولة المجرورة بها في ثلاثة مواضع: الأول والثاني في غير سورة "النور" ، وهما، {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} ١، في "النساء" ، {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ٢ في "الروم" ، واحترز بقوله: غير "النور" ، من الواقع فيها، وهو: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ٣، فإنه موصول. - الموضع الثالث في "المنافقين" ، وهو: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ٤، ثم استدرك في الذي في "المنافقين" خلافا لأبي عمرو الداني، وفي الذي في "الروم" خلافا لأبي داود، وقد تلخص كلام الناظم أن الذي في "النساء" متفق على قطعة، والآخران في قطعهما خلاف، والعمل عندنا على قطعها. وفهم من تعيين الناظم هذه المواضع للقطع أن ما عداها وصلت فيه من بما نحو: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} ٥، ومعنى الوصل هنا كما تقدم في: "أن لا" . وقوله: من ما ملكت، مبتدأ، وغير "النور" : منصوب على الاستثناء منه قدم عليه و: "من ما" عطف على المبتدأ، وفي المنافقين حال من لفظ: "من ما" ، وجملة قطعت خبرأ المبتدأ مع ما عطف عليه. وقوله يبين: معناه يظهر. ثم قال: وقطع من مع ظاهر مع إنما ... من قبل توعدون الأولى عنهما ١ سورة النساء: ٤/ ٢٥. ٢ سورة الروم: ٣٠/ ٢٨. ٣ سورة النور: ٢٤/ ٣٣. ٤ سورة المنافقون: ٦٣/ ١٠. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٣. لما أفاد بمنطوق البيتين المتقدمين قطع: "من" عن: "ما" الموصولة في ثلاثة مواضع، وأفهم أن ما عداها موصول، خشي، أن يتوهم أن هذا المفهوم شامل: "لمن" الجارة للاسم الظاهر الذي وقعت "ما" في أوله جزاءًا منه نحو: {مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ} ١ مع أنها مقطوعة لا موصولة، فأخبر عن الشيخين رفعا لذلك التوهم بقطع كلمة من حال كونها مع ظاهر يعني مع اسم ظاهر في أوله "ما" واقعة جزءا منه كالمثال السابق، وكقوله تعالى: {كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} ٢. و {مِنْ مَالِ اللَّهِ} ٣، و {مِنْ مَارِجٍ} ٤. وإنما حملنا الاسم الظاهر في كلام الناظم على هذا النوع؛ لأنه هو الذي يؤخذ من كلام أبي عمرو في "المقنع" ؛ ولأنه هو الذي يتوهم وصله لمشابهته "لمن" الجارة الواقعة بعدها "ما" الموصولة. وأما غير هذا النوع فلا يتوهم ذلك فيه، ولهذا لم نحمل الاسم الظاهر في كلامه على ما قابل المضمر حتى يعم النوع المذكور وغيره: "من قبل" و "من بعد" و "من ربا" و "من الذين" ، ثم أخبر الناظم عن الشيخين بقطع "إن" المكسور الهمزة المشددة النوع عن: "ما" الموصول الواقعة قبل: {تُوعَدُونَ} ٥ الأولى في القرآن وهي في "الأنعام" : {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ} ٦ واحترز بقوله الأولى عن غير الأولى وهي في الذاريات: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} ٧، وفي "المرسلات" : {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} ٨ كما احترز بقيد التقدم على: {تُوعَدُونَ} ٩ عن غير المتقدم عليه نحو: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} ١٠، {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} ١١، وفهم من تعيينه هذا الموضع للقطع أن ما عداه موصول، لكن سينص بعد على الخلاف في وصل: {إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ} ١٢ في "النحل" ، وقوله: الأولى، صفة لـ "إنما" . ١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٥٥. ٢ سورة النور: ٢٤/ ٤٥. ٣ سورة النور: ٢٤/ ٣٣. ٤ سورة الرحمن: ٥٥/ ١٥. ٥ سورة الأنعام: ٦/ ١٣٤. ٦ سورة الأنعام: ٦/ ١٣٤. ٧ سورة الذاريات: ٥١/ ٥. ٨ سورة المرسلات: ٧٧/ ٧. ٩ سورة فصلت: ٤١/ ٣٠. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ١١. ١١ سورة البقرة: ٢/ ١٤. ١٢ سورة النحل: ١٦/ ٩٥. حكم قطع حرفي "عن ما" في الرسم القرآني: ثم قال: وعن من الحرفان قل وعن ما ... نهوا وفي الرعد أتى وإن ما أخبر عن الشيخين بقطع كلمة "عن" من كلمة "من" الموصولة، وذلك كلمتان: {عَنْ مَنْ يَشَاءُ} ١ في "النور" ، و {عَنْ مَنْ تَوَلَّى} ٢. في "النجم" ، ثم أخبر عنهما بقطع كلمة "عن" من كلمة "ما" الموصولة المجرورة، لـ "نهوا" ، وذلك في "الأعراف" : {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ} ٣. واحترز بقيد المجاور وهو: "نهوا" عن الخالي من نحو: {عَمَّا تَعْمَلُونَ} ٤، {عَمَّا سَلَفَ} ٥، {عَمَّا قَلِيلٍ} ٦، ثم أخبر عن الشيخين أيضا بقطع كلمة "إن" المكسورة الهمزة الساكنة النون عن كلمة "ما" في "الرعد" ، وهو: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} ٧. واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها نحول ما في "يونس" باللفظ، المتقدم وما في "الأعراف" و "فصلت" : {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} ٨، وافهم تخصيصه الفصل، في "عن ما" ، و "أن ما" . بموضع واحد أن ما عداه موصول. ١ سورة النور: ٢٤/ ٤٣. ٢ سورة النجم: ٥٣/ ٢٩. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ١٦٦. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٧٤. ٥ سورة المائدة: ٥/ ٩٥. ٦ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٤٠. ٧ سورة الرعد: ١٣/ ٤٠. ٨ سورة الأعراف: ٧/ ٢٠٠. حكم قطع حرفي "إن لم" ومكان وجود ذلك: ثم قال: كذاك أن لم مع إن لم فصلا ... إلا فإلم يستجيبوا لأولا أخبر عن الشيخين بفصل كلمة "أن" المفتوحة الهمزة الساكنة النون عن كلمة "لم" من استثناء نحو: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ} ١، {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} ٢ وبفصل كلمة "إن" المسكورة الهمزة الساكنة النون عن كلمة "لم" نحو: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} ٣، {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} ٤، {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ} ٥. ثم استثنى منفصل: "إن لم" لفظ {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا} ٦ الأول وهو في "هود" : {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} ٧. فيكون موصولًا، واحترز بقيد الأول عن الثاني، وهو في "القصص" : {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} ٨. فإنه موصولا كغيره، من نظائره حسبما صرح به الشيخان فيما عدا موضع "هود" ، والألف في قوله: "فصلا" . و "الأولا للإطلاق" . ١ سورة الأنعام: ٦/ ١٣١. ٢ سورة البلد: ٩٠/ ٧. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٩. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٢. ٥ سورة النساء: ٤/ ١١. ٦ سورة هود: ١١/ ١٤. ٧ سورة هود: ١١/ ١٤. ٨ سورة القصص: ٢٨/ ٥٠. حكم قطع حرفي "أن ما، إن ما" ووصلهما: ثم قال: ومع غنمتم كثرت بالوصل ... وإنما عند كذا في النحل لكنه لم يات في الأنفال ... لابن نجاح غير الاتصال وإنما تدعون عنه يقطع ... ثان وبالحرفين جاء المقنع أخبر عن الشيخين بكثرة وصل كلمة "أن" المفتوحة الهمزة المشددة النون بكلمة "ما" المجاورة لـ {غَنِمْتُمْ} ١، الواقعة في "الأنفال" في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} ٢، وبكثرة وصل كلمة "إن" المكسورة الهمزة المشددة النون بكلمة "ما" المجاورة "لعند" الواقعة في "النحل" في قوله تعالى: {إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} ٣، يعني وقلة القطع فيهما، ثم أخبر أن ابن نجاح وهو أبو داود لم يذكر في: {أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} ٤. في "الأنفال" إلا الاتصال، ثم أخبر عن أبي داود أيضا بقطع كلمة "أن" المفتوحة الهمزة المشددة النون من كلمة "ما" المجاورة لـ: {تَدْعُونَ} ٥ الواقعة في قوله تعالى: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} ٦ في سورة "لقمان" ، وهو المراد بقوله "ثان" ، واحترز به عن الأول، وهو: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} ٧ في "الحج" ؛ لأن أبا داود سكت عنه، ثم أخبر عن أبي عمرو في "المقنع" ، بقطع الحرفين، أي كلمتي: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ} ٨ في "لقمان" ، و "الحج" ، فتحصل أن المواضع المقطوعة فيها "أنما" المفتوحة الهمزة وفاقا، وخلافا ثلاثة: الأول: {أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} ٩ في "الأنفال" ذكره أبو عمرو في "المقنع" الوجهين، ورجح فيه الوصل ولم يذكر فيه أبو داود إلا الوصل. ١ سورة الأنفال: ٨/ ٤١. ٢ سورة الأنفال: ٨/ ٤١. ٣ سورة النحل: ١٦/ ٩٥. ٤ سورة الأنفال: ٨/ ٤١. ٥ سورة لقمان: ٣١/ ٣٠. ٦ سورة لقمان: ٣١/ ٣٠. ٧ سورة الحج: ٢٢/ ٦٢. ٨ سورة لقمان: ٣١/ ٣٠. ٩ سورة الأنفال: ٨/ ٤١. - الموضع الثاني: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ} ١ في "لقمان" اتفق الشيخان على قطعه. - الموضع الثالث: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ} ٢، في "الحج" ذكره أبو عمرو بالقطع، وسكت عنه أبو داود والعمل عندنا على وصل: {أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} ٣ في "الأنفال" ، وقطع: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ} ٤ في "لقمان" و "الحج" ، وما عدا هذه المواضع الثلاثة مرسوم باتفاق كما يفهم من كلام الناظم نحو: {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} ٥، {أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ} ٦، وما ذكره بعضهم منقطع: "إنما" من قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} ٧ يعول عليه. وأما "إنما" المكسورة الهمزة الواقعة في "النحل" في قوله تعالى: {إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} ٨، فرجح فيها الشيخان الوصل وبه العمل عندنا، وعداها موصول باتفاق كما يفهمه كلام الناظم نحو: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ٩. {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ} ١٠، ولكن لا يدخل في عموم، وصل "إنما" المكسورة الهمزة قوله تعالى: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ} ١١، ولكن لا يدخل في عموم، وصل "إنما" المسكورة الهمزة قوله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ} ١٢ في "الأنعام" لما تقدم في كلام الناظم عن الشيخين من أن "إنما" فيه مقطوعة، والضمير المستتر في قوله: كثرت، يعود على "إنما" ، ومع "غنمتم" في محل الحال منه والضمير في لكنه، ضمير الشأن. ثم قال: فصل وأم من قطعوه في النسا ... أم من خلقنا ثم أم من أسسا كذاك أم من رسموا في فصلت ... ومثلها ولات حين شهرت هذا الفصل الثالث في فصول هذا الباب وقد ذكر فيه، نوعين من المقطوع وهما: "أم من" و: "لات حين" ، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شوخ النقل عن كتاب المصاحف بقطع كلمة "أم" عن كلمة "من" في أربعة مواضع. - {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} ١٣ في "النساء" . ١ سورة لقمان: ٣١/ ٣٠. ٢ سورة الحج: ٢٢/ ٦٢. ٣ سورة الأنفال: ٨/ ٤١. ٤ سورة لقمان: ٣١/ ٣٠. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٧٨. ٦ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٥٥. ٧ سورة لقمان: ٣١/ ٢٧. ٨ سورة النحل: ١٦/ ٩٥. ١٠ سورة النساء: ٤/ ١٧١. ١١ سورة الكهف: ١٨/ ١١٠. ١٢ سورة الأنعام: ٦/ ١٣٤. ١٣ سورة النساء: ٤/ ١٠٩. - و {أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} ١ في "والصافات" . - و {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} ٢ في "التوبة" . - و {أَمَّنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ٣ في "فصلت" . وبقطع كلمة "لات" من "حين" في "ص" : {فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} ٤. على المشهور في: {وَلاتَ حِينَ} ٥. أما كلمات: "أم من" فقد صرح الشيخان بقطع المواضع الأربعة منها، ووصل ما عداها نحو: {أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ٦. {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} ٧، {أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى} ٨، وقد أفاد الناظم وصل ما عدا الأربعة بمفهوم تعيين مواضع القطع. وأما لات حين فاقتصر أبو داود فيه على القطع، وقال أبو عمرو: كتبوا {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} ٩ في "ص" بقطع التاء من الحاء، ثم ذكر بسنده إلى أبي عبيد أنه قال: في الإمام مصحف عثمان رحمه الله. {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} ١٠ التاء متصلة، "بحين" ، قال أبو عمرو، ولم نجد ذلك في شيء من مصاحف أهل الأمصار، وقد ورد ما حكاه أبو عبيد غير واحد من علمائنا إذ عدموا وجود ذلك في شيء من المصاحف القديمة وغيرها، قال لنا محمد بن علي، قال ابن الأنباري، وكذلك هو في المصاحف الجدد، والعتق بقطع التاء من "حين" . وقال نصير: اتفقت المصاحف على كتابة "ولات" ، بالتاء يعني منفصلة، كلام أبي عمرو. وأبو عبيد هو القاسم بن سلام، وإنكارهم عليه غير متجه؛ لأنه حكى ما رأى وهو عدل ضابط، وقد نسب عاصم الجحدري إلى الإمام مصحف عثمان رسم ألف "طاب" بالياء، ولم ينكروه حيث انفرد بروايته عنه كما أنكروا على أبي عبيد وصل الياء بـ "حين" هنا، وتمسكهم بعد وجود ما حكاه أبو عبيد لا ينهض؛ لأن نسبة ما حكاه أبو عبيد إلى الإمام ١ سورة الصافات: ٣٧/ ١١. ٢ سورة التوبة: ٩/ ١٠٩. ٣ سورة فصلت: ٤١/ ٤٠. ٤ سورة ص: ٣٨/ ٣. ٥ سورة ص: ٣٨/ ٣. ٦ سورة النمل: ٢٧/ ٦٤. ٧ سورة يونس: ١٠/ ٣١. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٣٥. ٩ سورة ص: ٣٨/ ٣. ١٠ سورة ص: ٣٨/ ٣. ونسبة ما حكاه الجحدري إليه يقتضي كل منهما بمفهومه، أن غير الإمام نمن المصاحف بخلاف ذلك، وقد ثبت في كلام العرب زيادة التاء في أول كلمات من أسماء الزمان منها "حين" كقولهم: "كان هذا تحين كان ذاك" ، وقول الشاعر: العاطفون تحين ما من عاطف ... والمطعمون زمان أين المطعم ولما كان إنكار من أنكر على أبي عبيد غير متجه لم ينقله الناظم بل حرر العبارة حيث قال: "ومثلها ولات حين شهرت" ، ولا شك أن شهرة الفصل في: {وَلاتَ حِينَ} ١ صحيحة اعتبارًا بما عليه أكثر المصاحف، وهو المعمول به، والضمير في قول الناظم ومثلها يعود على كلمات "أم من" الأربع. ١ سورة ص: ٣٨/ ٣. فصل في حكم "مال" المقطوع، والموصول بما قبله: ثم قال: فصل فمال هؤلاء فاقطعوا ... مال الذين مال هذا الأربعا وحيثما ثم بطول يوم هم ... والذاريات وكذا قال ابن أم هذا هو الفصل الرابع من فصول هذا الباب، وقد ذكر فيه أربعة أنواع المقطوع وهي "مال" ، و "حيثما" و "يوم هم" ، و "ابن أم" ، وقدم منها "مال" ، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به اتفاق شيوخ النقل بقطع لام الجر من المجرور بعدها في أربعة مواضع وهي: - {فَمَالِ هَؤُلاءِ} ١ في "النساء" . - و {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا} ٢ في "المعارج" . - و {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} ٣ في "الكهف" . - و {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ} ٤ في "الفرقان" . ثم أمر بقطع كلمة "حيث" ، من كلمة "ما" وذلك في موضعين في "البقرة" وهما: - {حَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ} ٥ في "البقرة" . ١ سورة النساء: ٤/ ٧٨. ٢ سورة المعارج: ٧٠/ ٣٦. ٣ سورة الكهف: ١٨/ ٤٩. ٤ سورة الفرقان: ٢٥/ ٧. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٤٤. - {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا} ١ في "البقرة" . ثم أمر بقطع كلمة "يوم" من ضمير "هم" في موضع الطول، أي: سورة "غافر" ، وهو: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} ٢، وفي الموضع الأول، في "الذاريات" : {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} ٣، وعلى أن مراده الموضع الأول فيها من إتيانه "يوم هم" . مفتوح الميم ومضموم الهاء ليخرج الموضوع الثاني فيها وهو: {مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} ٤، فإنه مكسور الميم والهاء، وهو موصول. ثم أخبر بقطع كلمة "ابن" من كلمة "أم" في موضع "الأعراف" ، وهو: {قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي} ٥، واحترز بقيد مجاورة "قال" : عن الواقع في "طه" ، وهو: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ} ٦؛ لأنه غير مجاور "لقال" لفصله عنه بحرف النداء وهو "يا" . وسيأتي وصل هذا المحترز عنه، وقد صرح الشيخان في هذه الكلمات بما أفاده كلام الناظم. واعلم أن قطع لام الجر في: {فَمَالِ هَؤُلاءِ} ٧ ونظرائه، وإن جاء على الأصل الأول لكنه مخالف للأصل الثاني، وذلك؛ لأن الأصل الأول في جميع الكلمات هو القطع، إلا أنه قد يعرض لبعض الكلمات ما يصير به الوصل أصلا ثانيا فيه ككون الكلمة لا تستقل بنفسها كاللام، والباء والكاف التي هي من حروف المعنى، فرسم كتاب المصاحف لام الجر في المواضع الأربعة، على الأصل الأول، وهو القطع، ورسموا سائر ما يماثلها من المواضع التي فيها لام الجر على الأصل الثاني، وهو الوصل تنبيها على جواز الوجهين عندهم، واستعمال الأمرين في عصرهم. وأما "حيث ما" ، و "يوم هم" ، و "ابن أم" ، فجاء كل منها على الأصل الأول وهو القطع، وإنما خصوا "يوم هم" في الموضعين بالقطع؛ لأن لفظ "هم" فيهما ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ خبره ما بعده، "ويوم" مضاف إلى الجملة فلذا فصل من "هم" بخلاف غير هذين الموضعين كقوله تعالى: {مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} ٨، فإن "هم" فيه ضمير متصل مخفوض بإضافة "يوم" إليه، فصارا كالكلمة الواحد فوصلا، والألف في قوله "فاقطعا" ، مبدلة من نون التوكيد الخفيفة، وألف أربعا للإطلاق، والباء في قوله بطول بمعنى في. ١ سورة البقرة: ٢/ ١٥٠. ٢ سورة غافر: ٤٠/ ١٦. ٣ سورة الذاريات: ٥١/ ١٣. ٤ سورة الذاريات: ٥١/ ٦٠. ٥ سورة الأعراف: ٧/ ١٥٠. ٦ سورة طه: ٢٠/ ٩٣. ٧ سورة النساء: ٤/ ٧٨. ٨ سورة الذاريات: ٥١/ ٦٠. فصل في حكم "كل ما" المقطوعة والموصولة: ثم قال: فصل وقل من كل ما سألتموه ... بالقطع من غير اختلاف رسموه لكن في النساء قبل ردوا ... وجاء أمة بخلف عدوا وكلما ألقي أيضا نقلا ... واختار في تنزيله أن يوصلا والخلف في المقنع قبل دخلت ... وظاهر التنزيل وصل إذ سكت هذا هو الفصل الخامس من فصول هذا الباب، وقد تعرض فيه إلى مواضع قطع "كل ما" ، وجملتها وفاقا وخلافا خمسة: موضع متفق على قطعه، والباقي مختلف فيه، وقد ذكر المتفق عليه في البيت الأول، والمختلف فيه فيما بعده فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن يقال: إن كل "ما" من قوله تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} ١ في سورة "إبراهيم" رسمه كتاب المصاحف بالقطع من غير اختلاف بينهم، وأن شيوخ النقل عدوا: {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} ٢، في "النساء" ، {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ} ٣، في "المؤمنون" ، بخلف، أي: باختلاف بين كتاب المصاحف في قطع هذين الموضعين، وعدم قطعهما وأن موضع الملك، وهو قوله تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} ٤، نقل الخلاف أيضًا أي: نقل فيه الشيوخ الخلاف كالموضعين قبله، واختار أبو داود في "تنزيله" وصله، ثم أخبر الناظم أن الخلاف وقع في "المقنع" في: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} ٥ في "الأعراف" ، وإن ظاهر "تنزيل" أبي داود وصله؛ لأنه سكت عنه عند تعيين مواضع القطع في سورة "النساء" ، وفي محله من "الأعراف" ، بعد أن أدرجه في عموم ما حكمه الوصل في سورة "النساء" ، والمعمول ١ سورة إبراهيم: ١٤/ ٣٤. ٢ سورة النساء: ٤/ ٩١. ٣ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٤٤. ٤ سورة الملك: ٦٧/ ٨. ٥ سورة الأعراف: ٧/ ٣٨. به عندنا في: {كُلَّ مَا رُدُّوا} ١ في "النساء" ، و {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً} ٢ في سورة "المؤمنون" القطع وفي موضعي "الأعراف و" الملك "الوصل." وأما موضع إبراهيم فمتفق على قطعه كما علمت، وما عدا المواضع الخمسة موصول كما يفهم من كلام الناظم نحو: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ} ٣ و {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} ٤ ... وقوله: "عدوا" جملة فعلية خبر: "لكن" واسمها ضمير الشأن محذوف مفسر بجملة الخبر، وقوله "نقلًا" بالبناء للنائب وألفه للإطلاق كألف يوصلا. ١ سورة النساء: ٤/ ٩١. ٢ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٤٤. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٨٧. ٤ سورة النساء: ٤/ ٥٦. فصل في حكم حرفي "في ما" المقطوع والموصول: ثم قال: فصل وفي ما واحد وعشرة ... في ما فعلن ثانيا في البقرة ووسط العقود حرف ومعا ... في سورة الأنعام كل قطعا والأنبيا والشعرا ووقعت ... والنور والروم كذاك وقعت ومثلها الرفان أيضا في الزمر ... وخلف مقنع بكل مستطر وخلف تنزيل بغير الشعرا ... والأنبيا واقطعهما إذ كثرا هذا هو سادس فصول هذا الباب وهو خاتمته، وقد تعرض فيه للكلام على: "في ما" ، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بقطع كلمة "في" عن كلمة "ما" في أحد عشر موضعًا: - الموضع الأول: {فِي مَا فَعَلْنَ} ١ الواقع ثانيًا في "البقرة" ، وهو الذي بعده: {فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} ٢، واحترز بقوله "ثانيا" عن الأول في "البقرة" ، وهو: {فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ٣، فإنه موصول، كما حترز بقيد المجاور "فعلن" من غير المجاور له نحو: {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ٤، فإنه موصول أيضًا. ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٠. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٤٠. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٤. ٤ سورة البقرة: ٢/ ١١٣. - الموضع الثاني: {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} ١ في وسط "العقود" ، واحترز بقيد التوسط من المتطرف، وهو في آخرها: {فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا} ٢، فإنه موصول. - الموضع الثالث والرابع: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} ٣، {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} ٤ كلاهما في "الأنعام" ، وإليهما أشار بقوله: ومعا في سورة "الأنعام" ، البيت. - الموضع الخامس: {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} ٥، في "الأنبياء" . - الموضع السادس: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ} ٦، في "الشعراء" . - الموضع السابع: {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ} ٧، في "الواقعة" . - الموضع الثامن: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ} ٨، في "النور" . - الموضع التاسع: {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} ٩، في "الروم" . - الموضع العاشر والحادي عشر: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ١٠، {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ١١. كلاهما في "الزمر" وإليهما أشار بقوله: ومثلها الحرفان، أي: الكلمتان أيضا في "الزمر" ، ثم أخبر أن أبا عمرو نقل في "المقنع" ، لخلاف في الكل، أي: الأحد عشر موضعا، وأن أبا داود نقل الخلاف، فيغير موضع "الشعراء" ، وموضع "الأنبياء" ، ثم أمر بقطع كلمتي "في" "وما" إحداهما عن الأخرى في هذه المواضع الأحد عشر، لكثرته فيها كما اقتضاه صنيع أبي عمرو في "المقنع" ، وبالقطع في جميعها جرى العمل، وافهم تخصيص الناظم القطع بالمواضع الأحد عشر، إن ما عداها موصول وهو كذلك. ١ سورة المائدة: ٥/ ٤٨. ٢ سورة المائدة: ٥/ ٩٣. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٥. ٤ سورة الأنعام: ٦/ ١٦٥. ٥ سورة الأنبياء: ٢١/ ١٠٢. ٦ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٤٦. ٧ سورة الواقعة: ٥٦/ ٦١. ٨ سورة النور: ٢٤/ ١٤. ٩ سورة الروم: ٣٠/ ٢٨. ١٠ سورة الزمر: ٣٩/ ٣. ١١ سورة الزمر: ٣٩/ ٤٦. حكم قطع حرفي "أن لو" التي سكت عنها الناظم: تنبيه: سكت الناظم عن لفظ: "أن لو" ، ولفظ: "آل يَاسِين" . أما لفظ أن لو فوقع في: "الأعراف" ، وفي: "الرعد" ، وفي: "سبأ" ، وفي: "الجن" ، وقد ذكر أبو داود في التنزيل، قطع "أن" عن "لو" في غير سورة "الجن" ووصله في سورة "الجن" ، وكأن الناظم سكت عن ذلك لما قاله بعض العلماء أن ما ذكره أبو داود لم يتعرض له أبو عمرو، ولا غيره ممن اطلعت على كلامه، ولا رأيت أحدًا كتب: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} ١، بغير نون، فهذا يدل على أن هذا يخالف ما عليه الناس، والله أعلم، وإنما هي كلها بالنون، ولذلك تركوا ذكرها. ا. هـ. وعلى قطع: "أن لَّو" في السورة الأربع العمل. وأما لفظ "آل ياسين" ، ففي "والصافات" ، وقد ذكر الشيخان قطع اللام فيه من الياء، وكأن سكوت الناظم عنه لمجيء قطع اللام فيه في قراءة نافع، والشامي على الأصل إذ هو كلمتان على قراءتهما، وإنما يكون القطع فيه مخالفا للخط القياسي في قراءة غيرها بكسر الهمزة، وسكون اللام لكونه فيها، كالكلمة الواحدة، وقوله: "قطعا" مبني للنائب، وألفه للإطلاق، و "الأنبياء" و "الشعراء" كل منهما مقصور للوزن، ووقعت، آخر الشطر الأول اسم للسورة، ووقعت آخر الشطر الثاني فعل ماضي، ومعنى قوله: يستطر يكتب، وإذا في قوله: "إذ كثرا" تعليل لأقطعهما، وألف "كثرا للإطلاق" . ثم قال: القول في وصل حروف رسمت ... على وفاق اللفظ إذ تألفت أي: هذا القول: في وصل حروف، أي: كلمات رسمت في المصاحف على وفاق اللفظ لكونها: "تألفت" ، أي: اجتمعت واتصلت بما بعدها في حال التلفظ بها، وهذه الترجمة عقدها الناظم، لما خرج بسبب وصله عن الأصل الذي هو القطع، ولذا قال: هنا "على وفاق اللفظ" ، وقال في الترجمة السابقة "على وفاق الأصل" ، وقد ذكر في هذا الباب خمسة فصول اشتمل كل من الفصل الأول، والثاني، والرابع على نوع واحد، واشتمل الفصل الثالث على نوعين، والخامس على اثني عشر نوعا. وقوله: على وفاق، متعلق: برسمت، وإذا في قوله: إذ تألفت، تعليل للوصل. ١ سورة الجن: ٧٢/ ١٦. القول في الحروف المرسومة على وفق اللفظ "أينما" : ثم قال: فأينما في البكر والنحل فصل ... وفي النساء عن سليمان نقل وعنه أيضا جاء في الأحزاب ... وذان للداني باضطراب وعنهما معا خلاف أثرا ... في موضع وهو الذي في الشعراء هذا هو الفصل الأول من فصول هذا الباب، وقد ذكر فيه: "أينما" ، فأمر في صدر البيت الأول مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بوصل كلمة "أين" بكلمة "ما" في موضعين. - الموضع الأول " {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ١. في" البكر "أي: سورة" البقرة "، واحترز بقيد المجاور للفاء من الواقع فيها غير مجاور للفاء، وهو: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} ٢." - الموضع الثاني: {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ} ٣ في "النحل" ، ثم أخبر عن سليمان، وهو أبو داود بوصل أينما الذي في: "النساء" ، وهو: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} ٤، وبوصل "أينما" الذي في: "الأحزاب" ، وهو: {أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا} ٥، ثم أخبر بأن الموضعين لأبي عمرو الداني باضطراب، ثم باختلاف بين المصاحف، وأن الشيخين أثر عنهما، أي: روي عنهما معا الخلاف بين المصاحف في الذي في الشعراء، وهو: {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، مِنْ دُونِ اللَّهِ} ٦، فتحصل من كلام الناظم أن جملة مواضع وصل "أينما" ، وفاقا وخلافا خمسة. ١ سورة البقرة: ٢/ ١١٥. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٤٨. ٣ سورة النحل: ١٦/ ٧٦. ٤ سورة النساء: ٤/ ٧٨. ٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٦١. ٦ سورة الشعراء: ٢٦/ ٩٢، ٩٣. - موضعان متفق على وصلهما وهما الذي في "البقرة" ، الواقع بعد الفاء والذي في "النحل" . - وثلاثة مختلف فيها، وهي التي في: "النساء" ، و: "الأحزاب" ، و: "الشعراء" والعمل عندنا على الوصل في موضعي "النساء" ، و "الأحزاب" ، وعلى القطع في موضع "الشعراء" ، وفهم من تعيين الناظم هذه المواضع الخمسة للوصل أن ما عداها مقطوع كالمحترز عنه بالفاء في "البقرة" ، وكالذي في "الأعراف" : {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ١، وفي "غافر" : {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ} ٢، والفاء في "فأينما" من لفظ القرآن، وهو مفعول مقدم "لصل" والفاء الداخلة على "صل" زائدة، وقوله: أثرا فعل ماض مبني للنائب، وألفه للإطلاق. ١ سورة الأعراف: ٧/ ٣٧. ٢ سورة غافر: ٤٠/ ٧٣. فصل في حكم "بئسما" بين الوصل والفصل: ثم قال: فصل وقل بالوصل بئسما اشتروا ... وعن أبي عمرو في الأعراف رووا وخلفه لابن نجاح رسما ... وعنهما كذاك في قل بئسما هذا هو الفصل الثاني من فصول هذا الباب، وقد ذكر فيه: "بئسما" ، فأمر في صدر البيت الأول مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن يقال: بوصل كلمة "بئس" بكلمة "ما" المجاورة لـ "اشتروا" ، وهي "البقرة" : {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} ١، ثم أخبر عن الشيوخ الذين أخذوا عن أبي عمرو "المقنع" ، وأدوه بالوسائط إلى الناظم وغيره رووا فيه عن أبي عمرو الوصل في: "بئسما" في "الأعراف" ، وهو: {قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي} ٢، وأن الخلاف في هذا الذي في "الأعراف" . رسم، أي: قيد، وذكر ابن نجاح وهو أبو داود، وأن الخلاف بين المصاحف عن الشيخين في "بئسما" الواقع بعد "قل" ، وهو: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} ٣، في "البقرة" أيضا، فتحصل من كلام الناظم أن مواضع وصل "بئسما" وفاقا، وخلافا ثلاثة: موضع متفق على وصله، وهو: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا} ٤ في "البقرة" ، وموضعان: مختلف فيهما وهما: ١ سورة البقرة: ٢/ ٩٠. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٥٠. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٩٣. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٩٠. - {بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي} ١ في "الأعراف" . - {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} ٢، في "البقرة" أيضًا. والعمل عندنا على الوصل، وفهم من تعيين الناظم هذه المواضع الثلاثة للوصل أن ما عداها مقطوع باتفاق، وهو ستة مواضع: - موضع في "البقرة" ، وهو: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ٣. - وموضع "بآل عمران" ، وهو: {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} ٤. - وأربعة مواضع في "المائدة" ، وهي: {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} ٥ و: {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} ٦ و: {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} ٧ و: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} ٨، وقوله: رسما فعل ماض مبني للنائب وألفه للإطلاق. ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٥٠. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٩٣. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٠٢. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ١٨٧. ٥ سورة المائدة: ٥/ ٦٢. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٦٣. ٧ سورة المائدة: ٥/ ٧٩. ٨ سورة المائدة: ٥/ ٨٠. فصل في حكم ما جاء في "لكيلا" من الوصل والفصل: ثم قال: فصل لكيلا جاء من ذا الباب ... في الحج والحديد والأحزاب ثان وعن خلف بآل عمران ... وباتفاق ويكأن الحرفان هذا هو الفصل الثالث من فصول هذا الباب، وقد ذكر فيه نوعين من الموصول، وهما: "لكيلا" و "كأن" ، وقد قدم الكلام على: "لكيلا" ، فما خبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن "لكيلا" ، جاء من هذا الباب الذي هو باب الوصل بمعنى أن كلمة: "كي" رسمت متصلة بـ "لا" في أربعة مواضع: ثلاثة باتفاق المصاحف، والرابع بخلف عنها. أما الثلاثة المتفق على وصلها فهي: {لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} ١ في "الحج" ، و: {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} ٢ في "الحديد" ، و: {لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} ٣، في "الأحزاب" ، وهو الثاني فيها واحترز بالثاني عن أول فيها وهو: {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} ٤. ١ سورة الحج: ٢٢/ ٥. ٢ سورة الحديد: ٥٧/ ٢٣. ٣ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٠. ٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٧. وأما الموضع المختلف فيه فهو: {لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} ١، في "آل عمران" ، وظاهركلام الناظم أن شيوخ النقل كلهم ذكروا فيه الخلاف مع أن الشاطبي لم يحك في: "العقيلة" ، خلافا في وصله، والعمل عندنا في هذا الموضوع على الوصل، وفهم من تعيين الناظم هذه المواضع الأربعة للوصل أن ما عداها مقطوع باتفاق، وهو ثلاثة مواضع: {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} ٢، وهو الأول في "الأحزاب" المحترز عنه فيما تقدم: {لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} ٣ في "النحل" : {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} ٤ في "الحشر" ، ثم أخبر في الشطر الأخير من البيت الثاني مع الإطلاق أيضا باتفاق المصاحف على وصل كلمتي، "ويكأن" ، وهما في القصص: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ} ٥، {وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ٦، وروي: اسم فعل عند الخليل وسيبويه "كصه" ، ومعناه أعجب والكاف التي بعد الياء هي كاف التثنية في الأصل دخلت على "أن" إلا أنها جردت هنا من التشبيه، وصار مجموع للتحقيق، ومراد الناظم بالوصل في "ويكأن" وصل الياء بالكاف؛ لأنه هو الذي يحتاج للتنبيه عليه لعدم مجيئه على الأصل الذي هو القطع. وأما وصل الكاف "بأن" ، فإنه لا يحتاج إلى التنبيه عليه لمجيئه على الأصل في الحرف الإفرادي، وقوله: ثان خبر مبتدأ محذوف، أي، وهو ثان والباء في قوله بـ "آل عمران" بمعنى "في" ، وقوله: الحرفان معناه الكلمتان. ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٣. ٢ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٧. ٣ سورة النحل: ١٦/ ٧٠. ٤ سورة الحشر: ٥٩/ ٧. ٥ سورة القصص: ٢٨/ ٨٢. ٦ سورة القصص: ٢٨/ ٨٢. فصل في حكم وصل "الن" من سورة الكهف: ثم قال: فصل وصل ألن معا في الكهف ... وفي القيامة بغير خلف كذاك في المزمل الوصل ذكر ... في مقنع عن بعضهم وما شهر هذا هو الفصل الرابع من فصول هذا الباب، وقد ذكر فيه "ألن" ، فأمر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بوصل "أن" المفتوحة الهمزة الساكنة النون بكلمة "لن" في موضعي "الكهف" و "القيامة" معا، وهما: {أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} ١، و {أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} ٢، بغير خلاف بين المصاحف فيهما، ثم أخبر بأن الوصل أيضا ذكر في "المقنع" عن بعضهم في موضع "المزمل" ، وهو {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} ٣، ولكنه غير مشهور فيه، والمشهور هو قطعه وبه العمل، ومعنى وصل "أن" بـ "لن" تنزيل الكلمتين منزلة الكلمة الواحدة تحقيقا، فلا ترسم النون من "أن" لقاعدة أن المدغمتين في كلمة يكتفي فيهما بصورة الثاني نظرا إلى اللفظ، وقد تقدم مثله في: "أن لا" ، وسيأتي نحوه في كلمات من البيتين بعد وافهم تعيين الناظم المواضع الثلاثة للوصل، أن ما عداها مقطوع باتفاق نحو: {أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ} ٤، {أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} ٥، {أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} ٦، وقوله: ذكر فعل ماض مبني للنائب ومثله شهر. ١ سورة الكهف: ١٨/ ٤٨. ٢ سورة القيامة: ٧٥/ ٣. ٣ سورة المزمل: ٧٣/ ٢٠. ٤ سورة الفتح: ٤٨/ ١٢. ٥ سورة التغابن: ٦٤/ ٧. ٦ سورة البلد: ٩٠/ ٥. فصل في حكم ما بقي من الحروف الموصولة والمفصولة ثم قال: فصل وربما وممن فيم ثم ... أما نعما عم صل ويبنؤم كالوهم أو وزنوهم مما ... خلق مع كأنما ومهما هذا هو الفصل الخامس من فصول هذا الباب، وهو خاتمته، وقد تعرض فيه لاثني عشر نوعا من الموصول، فأمر بوصلها كلها: - النوع الأول: "ربما" وهو مركب من كلمتين "رب" و: "ما" ، وقد وقع في سورة "الحجر" : {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} ١. وذكر أبو عمرو بالوصل عن جميع المصاحف. - النوع الثاني: "ممن" ، وهو مركب من كلمة "من" الجارة و "من" بفتح الميم وقد وقع متعددا نحو: {مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} ٢، {مِمَّنِ افْتَرَى} ٣. وقد ذكر في "المقنع" ، أنه لا خلاف في شيء من المصاحف في وصله. ١ سورة الحجر: ١٥/ ٢. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١١٤. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ٢١. - النوع الثالث: "فيم" ، وهو مركب من "في" الجارة و "ما" الاستفهامية، وقد وقع في "النساء" : {قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} ١، وفي "النازعات" : {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} ٢. واعلم أن "ما" الاستفهامية إذا جرت يحذف ألفها لفظا، ورسما فرقا بين الاستفهام والخبر يوقف عليها بإسكان المريم على الرسم عند غالب القراء. - النوع الرابع: "أما" بفتح الهمزة وتشديد الميم، وهو مركب من "أم" و "ما" وقد وقع في "الأنعام" : {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} ٣، موضعان، وفي "" النمل ": {مَا تُشْرِكُونَ} ٤، {أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ٥، ولا يخفى أنه مدخل هنا لنحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} ٦." - النوع الخامس: "نعما" ، وهو مركب من "نعم" و "ما" ، وقد وقع في "البقرة" : {فَنِعِمَّا هِيَ} ٧ وفي "النساء" : {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} ٨. - النوع السادس: "عم" ، وهو مركب من "عن" الجارة، و "ما" الإستفهامية وقد وقع في أول سورة "النبأ" : {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} ٩. - النوع السابع: "يبنؤم" وهو مركب من "يا" التي هي حرف: نداء ومن "ابن" و "أم" ، وقد وقع في "طه" ، {يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي} ١٠، واحترز بقيد "يا" عن الخالي عنها، وهو في "الأعراف" ، وقد تقدم قطعه، فإن قلت: ما المراد بالوصل في "يبنؤم" هل وصل الياء بالباء، أو وصل النون بصورة الهمزة؟ فالجواب ما قاله بعضهم أن ذكر الناظم "يبنؤم" ، هنا لإفادة اتصال الياء بالباء، وحذف الوصل لا لإفادة اتصاف النون بصورة الهمزة لتقدمه في باب الهمز، ودليله عدم ذكره هنا "ليومئذ" ، و "حينئذ" حيث تقدما هناك. ا. هـ. وهو كلام ظاهر لا غبار عليه، وما ذكر من حذف همزة الوصل من "ابن" في "يبنؤم" هو صريح كلام أبي داود في "التنزيل" ، ويستفاد من "المقنع" ونص عليه اللبيب، وبه العمل خلافا لمن قال بإثباتها رسما. ١ سورة النساء: ٦/ ٩٧. ٢ سورة النازعات: ٧٩/ ٤٣. ٣ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٣. ٤ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩. ٥ سورة النمل: ٢٧/ ٨٤. ٦ سورة الضحى: ٩٣/ ٩، ١٠. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٢٧١. ٨ سورة النساء: ٤/ ٥٨. ٩ سورة النبأ: ٧٨/ ١. ١٠ سورة طه: ٢٠/ ٩٤. وأما حذف ألف "يا" من "يبنؤم" في الرسم فيوخذ من قول الناظم في حذف الألفات "وما أتى تنبيها أو نداء" البيت. - النوع الثامن والتاسع: "كلوهم" و "وزنوهم" وقد وقعا في سورة "المطففين" {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ١، وقد حكى في "التنزيل" إجماع المصاحف على وصل هذين النوعين، ومعنى الوصل فيهما ترك رسم الألف الدالة على الانفصال بعد الواو لكون الضميرين متصلين منصوبين بالفعلين على الصحيح، خلافا لمن جعلهما منفصلين لتوكيد الضميرين المرفوعين بالفاعلية، ولرفع احتمال انفصال الضميرين المقتضى لرسم الألف بعد الواو نص الناظم كغيره على الوصل في هذين النوعين، وإنما لم ينص كغيره على الاتصال فيما شابهما نحو: {فَهَزَمُوهُمْ} ٢، و {وَاقْتُلُوهُمْ} ٣ و {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} ٤. لعدم احتمال انفصال الضمير في ذلك إذ لم يقل أحد بانفصال الضمير في نحو: {فَهَزَمُوهُمْ} ٥. - النوع العاشر: "مم" ، وهو مركب من كلمة "من" الجارة، و "ما" الاستفهامية وقد وقع في سورة "الطارق" : {فَلْيَنْظُرِ الْإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} ٦ لا غير فذكر الناظم "خلق" مع "مم" لبيان الواقع لا للاحتراز. - النوع الحادي عشر: كأنما وهو مركب من "كأن" بتشديد النون و "ما" وهو موصول حيثما وقع في القرآن نحو: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} ٧، {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ} ٨، {فَكَأَنَّمَا خَرَّ} ٩. - النوع الثاني عشر: "مهما" وقد وقع في "الأعراف" : {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} ١٠، وقد حكى في "المقنع" ، وصله في جميع المصاحف، وللنحويين فيه ثلاثة أقوال: ١ سورة المطففين: ٨٣/ ٣. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٥١. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٩١. ٤ سورة النساء: ٤/ ٩١. ٥ سورة الأنفال: ٨/ ١٧. ٦ سورة الطارق: ٨٦/ ٥. ٧ سورة الأنعام: ٦/ ١٢٥. ٨ سورة الأنفال: ٨/ ٦. ٩ سورة الحج: ٢٢/ ٣. ١٠ سورة الأعراف: ٧/ ١٣٢. ١- أحدها أنه اسم شرط بسيط غير مركب، واختاره ابن هشام في مغنيه. ٢- ثانيها أنه مركب من "مه" و "ما" الشرطية. ٣- ثالثها: أنه مركب من "ما" الشرطية، وما المزيدة ولكن أبدلت الألف الأولى هاء دفعا للتكرار. فعلى القول الأول يكون التنبيه على وصلها لرفع احتمال التركيب لا لكون وصلها على خلاف الأصل، وعلى القول الثاني، والثالث يكون الأصل فيها القطع، ولكنها وصلت كغالب ألفاظ هذا الباب. تنبيه: لم يذكر الناظم في هذا الباب ما جرى به العمل من وصل كلمة "إن" المكسورة الهمزة الساكنة النون بكلمة "لا" نحو: {إِلاّ تَنْفِرُوا} ١، {إِلاّ تَنْصُرُوهُ} ٢، على أنهم كتبوه على الإدغام، وقول الناظم "ربما" يقرأ بتشديد الباء على قراءة غبر نافع للوزن، والألف في قوله "مما" للإطلاق، و "مع" بسكون العين. ١ سورة التوبة: ٩/ ٣٩. ٢ سورة التوبة: ٩/ ٤٠. حكم هاء التأنيث، وكتابتها بين الهاء والتاء: ثم قال: وهاك ما لظاهر أضفتا ... من تأنيث وخط بالتا أي: خذ ما أضفته إلى ظاهر من إسم ذي هاء تأنيث في حال كونه خط بالتا، أي رسمت هاؤه في المصاحف بالتاء كـ {رَحْمَتُ اللَّهِ} ١ و {نِعْمَتَ اللَّهِ} ٢ و {لِسُنَّتِ اللَّهِ} ٣. في المواضع الآتية، واحترز بقيد الإضافة عن ما ختم بهاء التأنيث ولم يضف، كـ "رحمة" ، من قوله تعالى: {وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ٤ لتعيين رسمه بالهاء إلا ما يذكره في: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} ٥. واحترز بالإضافة إلى ظاهر من الإضافة إلى ضمير. كـ "رحمتي" من قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} ٦ لتعيين رسمه ١ سورة البقرة: ٢/ ٢١٨. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٣١. ٣ سورة فاطر: ٣٥/ ٤٣. ٤ سورة يونس: ١٠/ ٥٧، النمل: ٢٧/ ٧٧. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٩. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ١٥٦. بالتاء، وكما تسمى هذه الهاء: هاء تأنيث تسمى أيضا تاء تأنيث، واختلف أيهما الأصل، فذهب البصريون إلى أن الأصل التاء، وذهب الكوفيون إلى أن الأصل الهاء، وقد أخرج الناظم بتسميتها هاء تأنيث في جميع المؤنث، كـ {جَنَّاتِ عَدْنٍ} ١، وفي الفعل كـ {وَقَالَتِ} ٢، كما خرج الفعل الذي اتصلت به التاء بقيد الإضافة، وقد استفيد من هذه الترجمة أن ما لم يذكر أثناءها من هاءات التأنيث مرسوم بالهاء، وهو كذلك، وقد اتفق القراء السبعة على الوقف بالهاء فيما رسم منها هاء، واختلفوا في منها تاء على ما يبين في علم القراءات، وقد اشتملت هذه الترجمة على أربعة فصول تضمنت ثلاث عشرة كلمة ذكر منها الناظم في الفصل الأول كلمة "رحمة" ، وفي الثاني كلمة "نعمة" ، وفي الثالث كلمة "سنة" ، وفي الرابع العشرة الباقية، وقوله: لظاهر متعلق بـ "أضفت" وقوله: "من هاء تأنيث" بيان لما على حذف مضاف، أي: من ذي هاء تأنيث وجملة، "وخط بالتاء" حالية مقترنة بواو الحال. ١ سورة التوبة: ٩/ ٧٢. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١١٣. حكم كلمة رحمة وعددها سبعة ثم قال: ورحمة بالتاء في البكر وفي ... سورة الأعراف ونص الزخرف معا وفي هود أتت ومريما ... والروم كل باتفاق رسما كذا بما رحمة أيضا ذكرت ... لابن نجاح وبهاء شهرت هذا هو الفصل الأول من فصول الترجمة، وقد ذكر فيه كلمة "رحمة" ، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن "رحمة" رسمت بالتاء في سبعة مواضع كل منها باتفاق المصاحف. - الموضع الأول: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} ١، في "البكر" ، أي: سورة "البقرة" . - الموضع الثاني: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} ٢ في "الأعراف" . ١ سورة البقرة: ٢/ ٢١٨. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ٥٦. - الموضع الثالث والرابع: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} ١، {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ٢. كلاهما في "الزخرف" ، وإليهما أشار بقوله: ونص "الزخرف" "معا" قوله "معا" حال من: نص "الزخرف" ؛ لأن المراد به الكلمتان. - الموضع الخامس: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} ٣ في سورة "هود" . - الموضع السادس: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ} ٤. في سورة "مريم" . - الموضع السابع: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} ٥، في "الروم" . ثم أخبر في البيت الثالث عن ابن نجاح، وهو أبو داود بأن: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} ٦ في "آل عمران" ، رسمت بالتاء، وأن المشهور فيها الهاء، وهذا الموضع غير داخل الترجمة؛ لأنه ليس بمضاف والترجمة معقودة للمضاف المحتوم بهاء التأنيث ولكنه ذكره هنا؛ لأنه ليس له أنسب من هذه الترجمة، والعمل فيه على المشهور وهو الرسم بالهاء، والألف في قوله: "مريما" و "رسما" للإطلاق ومفعول: "رسما" محذوف، أي: رسم ياء. ١ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٢. ٢ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٢. ٣ سورة هود: ١١/ ٧٣. ٤ سورة مريم: ١٩/ ٢. ٥ سورة الروم: ٣٠/ ٥٠. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٩. فصل ونعمة بالتاء عشرة ثم قال: فصل ونعمت بتاء عشره ... وواحد منها أخير البقره وآل عمران تعد واحده ... ومع إذ هم بنص المائده ثم بإبراهيم أيضًا حرفان ... لا أولا وفاطر ولقمان ثم ثلاث النحل أعني الأخرا ... وواحد في الطور ليس أكثرا نعمة ربي عن سليمان رسم ... عن ابن قيس وعطاء وحكم هذا هو الفصل الثاني من فصول الترجمة وقد ذكر فيه كلمة، "نعمة" ، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن "نعمة" رسمت بالتاء في أحد عشر موضعا: - الموضع الأول: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ} ١ أخير "البقرة" ، واحترز بالأخير عن غير الأخير فيها وهو: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ} ٢، فإنه مرسوم بالهاء. - الموضع الثاني: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً} ٣ في "آل عمران" ، ولا يخفى أنه لا يشمل. {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} ٤ لعدم الإضافة ولكن لما خشي توهم دخوله رفعه بقوله: "تعد واحدة" . - الموضع الثالث: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} ٥، في المائدة وقيده بمصاحبة "إذ هم" احترازا من الذي قبله فيها وهو: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ} ٦، فإنه مرسوم بالهاء، وقوله: "بنص المائدة" ، إيضاح للاستغناء عنه بقيد "إذ هم" . - الموضع الرابع والخامس: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ} ٧، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ} ٨، كلاهما في سورة "إبراهيم" ، وإليهما أشار بقوله، "ثم بإبراهيم" أيضا "حرفان" أي: كلمتان، واحترز بقوله: "لا أولا" عن الأول فيها وهو: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ} ٩، فإنه مرسوم بالهاء. - الموضع السادس: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} ١٠ في "فاطر" . - الموضع السابع: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ} ١١. في "لقمان" . - الموضع الثامن والتاسع والعاشر: {وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} ١٢، {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} ١٣، {وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ} ١٤، وهي المواضع الثلاثة الأخيرة ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٣١. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢١١. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٠٣. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ١٧٤. ٥ سورة المائدة: ٥/ ١١. ٦ سورة المائدة: ٥/ ٧. ٧ سورة إبراهيم: ١٤/ ٢٨. ٨ سورة إبراهيم: ١٤/ ٣٤. ٩ سورة إبراهيم: ١٤/ ٦. ١٠ سورة فاطر: ٣٥/ ٣. ١١ سورة لقمان: ٣١/ ٣١. ١٢ سورة النحل: ١٦/ ٧٢. ١٣ سورة النحل: ١٦/ ٨٣. ١٤ سورة النحل: ١٦/ ١١٤. في "النحل" ، ولذا قال الناظم أعني الآخر، واحترز به عن الموضع الأول، والثاني فيها وهما: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} ١، {أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} ٢، فإنهما مرسومان بالهاء ولا مدخل لغير المضاف هنا وهو: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} ٣ حتى يحتاج إلى الاحتراز عنه. - الموضع الحادي عشر: {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} ٤ في "الطور" ثم. أخبر في البيت الخامس عن سليمان، وهو أبو داود بأن "نعمة" المقترن بكلمة "ربي" ، في "الصافات" ، وهو: {وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} ٥ رسم، أي: بالتاء عن الغازي بن قيس، وعطاء الخرساني وحكم بن عمران الناقط الأندلسي، وأشعر تخصيص رسم هذا الموضع بالأئمة الثلاثة أن أبا داود نقل عن غيرهم رسمه بالهاء، وهو كذلك وعلى رسمه بالهاء العمل، وقوله: "الأخرى" بمعنى الأخيرة ضد الأولى، والألف فيه وفي قوله "أكثر" ألف الإطلاق. ١ سورة النحل: ١٦/ ١٨. ٢ سورة النحل: ١٦/ ٧١. ٣ سورة النحل: ١٦/ ٥٣. ٤ سورة الطور: ٥٢/ ٢٩. ٥ سورة الصافات: ٣٧/ ٥٧. فصل في حكم تاء سنة ثم قال: فصل وسنة ثلاث فاطر ... وقبل في الأنفال ثم غافر هذا هو الفصل الثالث من فصول الترجمة، وقد ذكر فيه كلمة "سنة" ، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير إلى اتفاق شيوخ النقل بأن كلمة "سنة" رسمت بالتاء في خمسة مواضع ثلاثة في فاطر، وهي: - {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ} ١، {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} ٢. - الموضع الرابع: في "الأنفال" ، وهو: {وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} ٣. - الموضع الخامس: في "غافر" ، وهو: {سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} ٤ واحترز تعيين المواضع الخمسة عن غيرها نحو: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا} ٥ في "الإسراء" ، {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} ٦ في "الأحزاب" ، {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ} ٧. في "الفتح" ، فإنه مرسوم بالهاء، وقوله "قبل" ، أي قبل "فاطر" ، وهو حال من "الأنفال" . ١ سورة فاطر: ٣٥/ ٤٣. ٢ سورة فاطر: ٣٥/ ٤٣، وفيها اثنان. ٣ سورة الأنفال: ٨/ ٣٨. ٤ سورة غافر: ٤٠/ ٨٥. ٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٧٧. ٦ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٨. ٧ سورة الفتح: ٤٨/ ٢٣. فصل في حكم ما بقي من التاء المبسوطة ثم قال: فصل وأحرف كذاك رسمت ... منها ابنة وفي الدخان شجرت وامرأة سبعتها وقرت ... عين كذا بقيت وفطرت ثم فنجعل لعنت ولعنت ... في النور قل والمزن فيها جنت ومعصيت معا وفي الأعراف ... كلمة جاءت على خلاف فرجح التنزيل فيها الهاء ... ومقنع حكاهما سواء هذا هو الفصل الرابع من فصول الترجمة وهو خاتمتها، وقد ذكر فيه بقية الكلمات التي رسمت بالتاء وهي عشرة، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأنها رسمت كلها بالتاء كالكلمات المتقدمة، إلا الكلمة العاشرة، ففيها الخلاف الآتي: - الكلمة الأولى "ابنة" في قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} ١ في "التحريم" . - الكلمة الثانية "شجرة" في "الدخان" : {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ، طَعَامُ الْأَثِيمِ} ٢ واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها وهو: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} ٣ في "الصافات" فإنه مرسوم بالهاء، ولا يخفى أنه لا يحتاج إلى الاحتراز عن الواقع بعده في "الصافات" أيضا، وهو: {شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} ٤ لفقد الإضافة. ١ سورة آل عمران: ٣/ ٣٥، قالت امرأت عمران وفي التحريم ٦٦/ ١٢ ومريم ابنت عمران. ٢ سورة الدخان: ٤٤/ ٤٣. ٣ سورة الصافات: ٣٧/ ٦٢. ٤ سورة الصافات: ٣٧/ ١٤٦. - الكلمة الثالثة: امرأة في سبعة مواضع وهي: - "آل عمران" : {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} ١. - و "في يوسف" : {امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا} ٢، {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ} ٣. - وفي "القصص" : {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} ٤. - وفي "التحريم" : {امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} ٥، {امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ} ٦. ولا يخفى أنه لا يتوهم اندراج غير المضاف نحو: {أَوِ امْرَأَةٌ} ٧، و {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} ٨، {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً} ٩؛ لأن الترجمة لم تنعقد لغير المضاف. - الكلمة الرابعة: "قرت عين" ، في "القصص" ، وقيدها بالمجاور وهو لفظ "عين" احترازا عن غير المجاور له، وهو في "الفرقان" : {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} ١٠، وفي "السجدة" : {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} ١١، فإنه مرسوم بالهاء. - الكلمة الخامسة "بقيت الله" ، في "هود" ، ولا يتوهم دخول: {أُولُو بَقِيَّةٍ} ١٢ لما تقدم قريبا. - الكلمة السادسة: {فِطْرَتَ اللَّهِ} ١٣، في "الروم" . - الكلمة السابعة: "لعنة" في موضعين وهما: {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} ١٤. في "آل عمران" : {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ١٥. في "النور" . واحترز بقيد الموضعين عن غيرهما، فإنه مرسوم بالهاء نحو: {فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} ١٦، {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ} ١٧. وهو متعدد. ١ سورة آل عمران: ٣/ ٣٥. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٣٠. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٥٠. ٤ سورة القصص: ٢٨/ ٩. ٥ سورة التحريم: ٦٦/ ١٢. ٦ سورة التحريم: ٦٦/ ١١. ٧ سورة النساء: ٤/ ١٢. ٨ سورة النساء: ٤/ ١٢٨. ٩ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٠. ١٠ سورة الفرقان: ٢٥/ ٧٤. ١١ سورة السجدة: ٣٢/ ١٧. ١٢ سورة هود: ١١/ ١١٦. ١٣ سورة الروم: ٣٠/ ٣٠. ١٤ سورة آل عمران: ٣/ ٦١. ١٥ سورة النور: ٢٤/ ٧. ١٦ سورة البقرة: ٢/ ٨٩. ١٧ سورة آل عمران: ٣/ ٨٧. - الكلمة الثامنة: {وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} ١ في "المزن" ، أي سورة "الواقعة" ، واحترز بقيد السورة عن الواقع في غيرها، فإنه مرسوم بالهاء نحو: {أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ} ٢ في "الفرقان" ، {مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} ٣، في "الشعراء" ، وهو متعدد. - الكلمة التاسعة "معصية" في موضعين في سورة "المجادلة" ، وهما: - {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} ٤. - {فَلا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} ٥. - الكلمة العاشرة: "كلمة" ، في "الأعراف" : {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} ٦، وقد أخبر بأنها جاءت على خلاف فيها بين المصاحف، فرجح صاحب "التنزيل" رسمها بالهاء على رسمها بالتاء، وصاحب "المقنع" حكى فيها الوجهين مستويين، والعمل عندنا على رسمها بالهاء وأن اقتصر الشاطبي في: "العقيلة" على رسمها بالتاء، واحترز الناظم بقيد السورة عن الواقع في غيرها نحو: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ} ٧. في "هود" ، فإنه لا خلاف في رسمه بالهاء. تنبيه: لم يذكر الناظم من جملة الألفاظ المرسومة بالتاء كلمتي: "ذات" و "مرضات" نحو: {ذَاتِ الشَّوْكَةِ} ٨، و {ذَاتَ بَهْجَةٍ} ٩ و {بِذَاتِ الصُّدُورِ} ١٠، و {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} ١١. وكان حقه أن يذكرهما لشمول الترجمة لهما، وقد ذكرهما الشيخان كما ذكرا: {هَيْهَاتَ} ١٢، في الموضعين بـ "قد أفلح" و {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} ١٣، في "ص" و {اللَّاتَ} ١٤ في "النجم" ، وكان حقه أن يذكر هذه الكلمات أيضا لكتبها بالتاء مع اختلاف القراء فيها، وإن لم تشملها ترجمته، إما بأن يدرجها فيها كما أدرج فيها {فَبِمَا رَحْمَةٍ} ١٥، وأما أن يفردها بترجمة تخصها، وقوله: "ابنت" و "امرأت" و "بقيت" و "فنجعل لعنت" و "كلمة" يقرأ كل منها بالتنوين لإقامة الوزن، وقوله: "ومعصيت" يقرأ بالسكون للوزن أيضا. ١ سورة الواقعة: ٥٦/ ٨٩. ٢ سورة الفرقان: ٢٥/ ١٥. ٣ سورة الشعراء: ٢٦/ ٨٥. ٤ سورة المجادلة: ٥٨/ ٨. ٥ سورة المجادلة: ٥٨/ ٩. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ١٣٧. ٧ سورة هود: ١١/ ١١٩. ٨ سورة الأنفال: ٨/ ٩. ٩ سورة النمل: ٢٧/ ٦٠. ١٠ سورة الحديد: ٥٧/ ٦. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٢٠٧. ١٢ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٣٦. ١٣ سورة ص: ٣٨/ ٣. ١٤ سورة النجم: ٥٣/ ١٩. ١٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٩. ثم قال: قد انتهى والحمد لله على ... ما من من إنعامه وأكملا في صفر سنة إحدى عشره ... من بعد سبعمائة للهجره خمسين بيتا مع أربعمائه ... وأربعا تبصرة للنشأه عسى برشدهم به أن أرشدا ... من ظلم الذنب إلى نور الهدى بجاه سيد الورى الشفيع ... محمد ذي المحتد الرفيع صلى عليه ربنا عز وجل ... وآله ما لاح نجم أو أفل أخبر بانتهاء الرجز الذي رامه وقصده، واستعان عليه بمولاه، واعتمده ولا شك أن الإعانة على إتمامه نعمة عظمى من نعم الله تعالى، ولذا حمد الله عز وجل على ما من، أي: أنعم به من إنعامه بجميع النعم التي من جملتها الإعانة على إتمام هذا الرجز. وقوله: "وأكملا" عطف على من، أي: وعلى ما أكمل به النعم، وهو الإيمان بالله ورسوله سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم؛ لأن كل نعمة إنما تعمل بالإيمان وبدونه تكون ناقصة، ولذا كان هو أعظم النعم. ثم أخبر بأن إنتهاء هذا الرجز كان في شهر سنة إحدى عشرة بعد سبعمائة "٧١١" للهجرة المعهودة في التاريخ، وهي هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، وبأن عدة أبيات هذا الرجز أربعمائة بيت، وأربعة وخمسون بيتا "٤٥٤" ، وقد نقل من كلام الناظم ما نصه. يقول ناظم هذا الرجز: لما انتهى نظم هذا الرجز في التاريخ المذكور بلغ "أربعمائة بيت وسبعة وثلاثين بيتا" "٤٣٧" ، ثم انتسخ وانتشر ورواه بذلك أناس شتى، ثم عثر فيه على مواضع كنت وهمت فيها، فأصلحتها فبلغ أربعة وخمسين بيتا وأربعمائة، فصار الآن ينيف على ما سبق منه سبعة عشر بيتا فمن قيد من هذه النسخة، فليثبت هذا بآخرها ليوقف على صحته، والله تعالى وهو ولي التوفيق بمنه، لا رب غيره ولا معبود سواه. ا. هـ. وقوله: "تبصرة" حال من فاعل انتهى العائد على الرجز، والنشأة، ككتبه جمع ناشئ، ومراده بهم المبتدئون في العلم يعني أن هذا الرجز يبصر المبتدئين. أي: يعرفهم كيفية كتابة القرآن، ولو كبارًا في السن. ثم ترجى من الله تعالى بسبب رشدهم وهدايتهم بهذه الرجز إلى كيفية الكتابة أن يرشده تعالى، أي: يخرجه من الظلم التي هي الذنوب إلى النور الذي هو الهدى، الظلم بظم الظاء وفتح اللام، وجمع ظلمة ضد النور. ثم توسل بجاه سيد الورى الشفيع الذي يحتاج إلى شفاعته عند الله جميع الكبراء سيدنا، ومولانا محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، والجاه المنزلة، والورى الخلق. ثم وصفه -صلى الله عليه وسلم- على جهة المدح بأنه صاحب المحتد الرفيع، والمحتد بفتح الميم وكسر التاء وبالدال الأصل، والرفيع الشريف القدر. ثم دعا ربنا عز وجل أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وآله الكرام. ثم علق استمرار الصلاة باستمرار طلوع النجوم وغروبها، وهو أمر باق ببقاء الدنيا، فقوله: صلى عليه ربنا، لفظه لفظ الخبر، ومعناه الدعاء، أي: صل يا ربنا عليه، ومعنى: عز، امتنع من سمات المحدثات، ومعنى: جل تعاظم وفاعل كل منهما ضمير يعود على "ربنا" ، وقوله ما لاح نجم، معناه: ما طلع نجم "وما" مصدرية ظرفية، وقوله: أو أقل بفتح الفاء معناه: أو غرب. وقال مؤلفه عفا الله عنه: هذا ما يسره الله تعالى من شرح النظم المتضمن لفن الرسم، وها أنا ذا أتبعه بحول الله، وقوته بشرح الذيل المتضمن لفظ الضبط. القسم الثاني: فن الضبط قال المؤلف رحمه الله بعد انتهائه من فن الرسم، هذا ما يسره الله تعالى من شرح النظم المتضمن لفن الرسم، وها أنا ذا أتبعه بحول الله، وقوته بشرح الذيل المتضمن لفن الضبط، فأقول مستعينًا بالله: هذا تمام نظم رسم الخط ... وها أنا أتبعه بالضبط كيما يكون جامعا مفيدا ... على الذي ألفيته معهودا مستنبطا من زمن الخليل١ ... مشتهرا في أهل هذا الجيل المشار إليه بـ "ذا" من قوله: "هذا تمام" هو البيت الأخير من نظم الرسم المسمى بـ "عمدة البيان" الذي ألفه قبل "مورد الظمآن" ، وذيله بنظم الضبط المتصل اليوم بـ "مورد الظمآن" ، وقوله: "تمام" بمعنى متمم بكسر الميم والمتمم بفتحها هو "عمدة البيان" الذي عبر عنه بقوله: "نظم رسم الخط" ، فإن اعتبرت اتصال هذا الذيل اليوم بـ "مورد الظمآن" حتى صار كالجزء منه كان المشار إليه بذا هو البيت الأخير المتمم لمورد الظمآن الذي هو قوله: "صلى عليه ربنا" البيت، وكان المراد بقوله: "نظم رسم الخط" هو "مورد الظمآن" . والمراد بالخط هنا المخطوط الذي هو المصاحف العثمانية، و "ها" من قوله و "ها أنا" حرف تنبيه و "أنا" ضمير المتكلم كنى به الناظم عن نفسه، وقوله "أتبعه" بظم الهمزة؛ لأنه من اتبع الرباعي، وقوله "بالضبط" على حذف مضاف أي بفن الضبط، وسيأتي تعريفه في المقدمة، ثم علل قوله "أتبعه بالضبط" بقوله "كيما يكون جامعا" ، والضمير المستتر في "يكون" عائد على التأليف أي إنما أتبعت الرسم بالضبط لأجل أن يكون التأليف جامعا لفني الرسم، والضبط، مفيدا أي إفادة تامة، وقوله: "على الذي ألفيته" متعلق بـ "أتبعه" . ١ الخليل، واسمه عبد الرحمن وشهرته الخليل بن أحمد الفراهيدي، كان إمام أئمة أهل اللغة، والأدب في عصره، أستاذ سيبويه في النحو، والقياس وقد أخذ العلم عن أبي عمرو بن العلاء، فقه اللغة للثعالبي ص١٧. و "ألفيت" هنا بمعنى أصبت فلا تطلب إلا مفعولا واحدا، وهو هنا الضمير المتصل بها، و "معهودا" حال منه وكذا قوله: "مستنبطا" و "مشتهرا" حالان منه، والمعهود المتعارف، والمستنبط المستخرج والمخترع، و "من" في قوله "من زمن الخليل" بمعنى "في" ، وعبر الناظم بالجيل عن الزمان وأراد زمانه، والمعروف عند اللغويين أن الجيل الصنف من الناس، والمراد بالخليل الخليل بن أحمد شيخ سيبويه المرجوع إليه في كلام العرب لغة، ونحوا، وتصريفا، وعروضا، ورسما، وضبطا. وكان عابدا زاهدا ورعا، يذكر أنه صلى الصبح بوضوء العتمة أربعين سنة، وهو المستنبط للضبط الذي اقتصر عليه الناظم، وارتضاه إلا أن عبارته غير موفية بما قصده من كون ما ارتضاه هو ما استنبطه الخليل؛ لأن لفظه لا يدل إلا على كونه مستنبطا في زمن الخليل، ولا يدل على أن الخليل هو المستنبط له، والخليل هو أول من ألف كتابا في الضبط، ثم قال الناظم: فقلت طالبا من الوهاب ... عونا وتوفيقا إلى الصواب مقول "قلت" هو ما بعد هذا البيت إلى آخر الرجز، وقوله: "طالبا" حال من التاء في "قلت" ، و "الوهاب" ١ من أسمائه تعالى ومعناه الكثير العطاء تفضلًا. وقوله: "عونا" مفعول لـ "طالبا" ، والمراد به الإعانة، وقوله "وتوفيقا" عطف على "عونا" ، والتوفيق خلق القدرة على الطاعة، وعبر به هنا على الهداية إلى الصواب الذي هو ضد الخطأ. ١ اسم من أسماء الله الحسنى، سورة آل عمران: ٣/ ٨. مقدمة: فن الضبط علم يعرف به ما يدل على عوارض الحرف التي هي الفتح والضم والكسر، والسكون والشد والمد ونحو ذلك مما سيأتي، ويرادف الضبط الشكل، وأما النقط فيطلق بالاشتراك على ما يطلق عليه الضبط، والشكل وعلى الإعجام الدال على ذات الحروف، وهو النقط أفرادا وأزواجا المميز بين الحرف المعجم والمهمل، وموضوع فن الضبط العلامات الدالة على عوارض الحرف التي هي الحركة، والسكون وغيرهما مما سيأتي، ومن فوائده إزالة اللبس عن الحروف، بحيث إن الحرف إذا ضبط بما يدل على تحريكه بإحدى الحركات الثلاث لا يلتبس بالساكن، وكذا العكس، وإذا ضبط بما يدل على تحريكه بحركة مخصوصة لا يلتبس بالمتحرك بغيرها، وإذا ضبط بما يدل على التشديد لا يلتبس بالحرف المخفف، وإذا ضبط بما يدل على زيادته لا يلتبس بالحرف الأصلي وهكذا، والضبط كله مبني على الوصل بإجماع علماء الفن إلا مواضع مستثناة تعلم مما سيأتي بخلاف الرسم، فإنه مبني على الابتداء والوقف كما ذكرناه في مقدمة فن الرسم. واعلم أن العرب لم يكونوا أصحاب شكل، ونقط فكانوا يصورون الحركات حروفا، فيصورون الفتحة ألفا ويضعونها بعد الحرف المفتوح، ويصورون الضمة واوا، ويضعونها بعد الحرف المضموم، ويصورون الكسرة ياء، ويضعونها بعد الحرف المكسور، فتدل هذه الأحرف الثلاثة على ما تدل عليه الحركات الثلاث من الفتح، والضم، والكسر. ولما كتب الصحابة رضي الله عنهم القرآن في المصاحف لم يصوروا فيها تلك الأحرف الدالة على ما تدل عليه الحركات الثلاث، مخافة أن تلتبس بأحرف المد، واللين الأصول، ولم يكن الضبط بالعلامات الآتية موجودًا عندهم. والصحيح أن المستنبط الأول للضبط هو أبو الأسود الدؤلي١، وسبب استنباطه له أن زياد بن أبي سفيان -أمير البصرة ١ تقدمت ترجمته في المدخل. في أيام معاوية- كان له ابن اسمه "عبيد الله" ، وكان يلحن في قراءته فقال زياد لأبي الأسود: إن لسان العرب دخله الفساد، فلو وضعت شيئا يصلح الناس به كلامهم ويعرفون به القرآن، فامتنع أبو الأسود فأمر زياد رجلا يجلس في طريق أبي الأسود، فإذا مر به قرأ شيئا من القرءان وتعمد اللحن، فقرأ الرجل عند مرور أبي الأسود به: {إِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} ١ بخفض اللام من {رَسُولُهُ} فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال: معاذ الله أن يتبرأ من رسوله، فرجع من فوره إلى زياد وقال له: قد أجبتك إلى ما سألت، فاختار رجلا عاقلا فطنا وقال له: خذ المصحف وصباغا يخالف لون المداد، فإذا فتحت شفتي فانقط فوق الحرف نقطة، وإذا ضممتهما فانقط أمامه، وإذا كسرتهما فانقط تحته، فإذا اتبعته بغنة يعني تنوينا فانقط نقطتين، فبدأ بأول المصحف حتى أتى على آخره، فكان ضبط أبي الأسود نقطا مدورا كنقط الإعجام، إلا أنه مخالف له في اللون، وأخذ ذلك عنه جماعة، وأخذه منه الخليل، ثم إن الخليل اخترع نقطا آخر يسمى المطوع، وهو الأشكال الثلاثة المأخوذة من صور حروف المد، وجعل مع ذلك علامة الشد شينا أخذها من أول شديد، وعلامة الخفة جاء أخذها من أول خفيف، ووضع الهمزة والإشمام والروم فأتبعه الناس على ذلك إلى زمن الناظم، فلذلك اختاره في هذا النظم، واستمر العمل به إلى وقتنا هذا لكن مع بعض تغيير فيه كما ستقف عليه، ثم قال: القول في أحكام وضع الحركة ... في الحرف كيفما أتت محركة أي هذا القول في صفات وضع الحركة المصاحبة للحروف كيفما جاءت تلك الحروف محركة أي بالفتح، أو بالضم، أو بالكسر فقوله: "أحكام" بفتح الهمزة جمع حكم بمعنى الصفة، ويروى بكسر الهمزة على أنه مصدر بمعنى الإتقان، والمراد بالحركة الجنس الشامل للفتحة، والضمة، والكسرة، و "في" من قوله "في الحرف" للمصاحبة مثلها في قوله تعالى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} ٢ أي مع أمم و "أل" في الحرف للاستغراق، فيدخل فيه جميع الحروف حتى حروف فواتح السور نحو: {المَّ} ٣ و {قَ} ٤ و {نُ} ٥، فتضبط ١ سورة التوبة: ٩/ ٣. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ٣٨. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١. ٤ سورة ق: ٥٠/ ١. ٥ سورة ن: ٦٨/ ١. كما نص عليه الداني وبه العمل، وأما نزول المط عليها فسنتكلم عليها في الباب الذي بعد هذا، وقوله "محركة" حال من فاعل "أتت" الذي هو ضمير عائد على الحرف، وأنث ضميره والحال الآتية منه نظرا إلى معناه؛ لأنه بمعنى الحروف فهو كقوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} ١، معناه أو الأطفال. ثم قال: ففتحة أعلاه وهي ألف ... مبطوحة صغرى وضم يعرف واوًا كذا أمامه أو فوقا ... وتحته الكسرة ياء تلقى أشار في هذين البيتين إلى صفة الحركات الثلاث، وإلى محلها من الحروف على مذهب الخليل الذي اختاره لجريان العمل به كما تقدم، وإن كان الداني اختار نقط أبي الأسود، فأشار بقوله: "أعلاه" إلى محل الفتحة يعني أنها توضع فوق الحرف، ولم يحك قول من جعلها أمام الحرف لضعف، وأشار بقوله: "مبطوحة صغرى" إلى صفتها، وجعلت مبطوحة أي مبسوطة، وممدودة من اليمين إلى اليسار لئلا يلتبس بأصلها الذي هو الألف، وجعلت صغيرة لتظهر مزية الأصل على الفرع، ثم أشار إلى صفة الضمة بقوله: "وضم يعرف واوا كذا" أي صغيرة كما ذكر في الفتحة، وأشار إلى محلها بقوله: "أمامه أو فوقا" أي لك وضع الضمة أمام الحرف على قول، ولك وضعها فوقه على قول آخره، وبقي قول ثالث بوضعها في نفس الحرف، ولم يحكه الناظم لضعفه، والمختار عند "المبرد" ٢، وجماعة وضعها فوق الحرف وبه جرى العمل عندنا، ثم أشار إلى محل وضع الكسرة بقوله: "وتحته الكسرة" أي تحت الحرف سواء كان معرفا، أو غير معرف إلا أنه إذا كان معرفا كالنون، فإن الكسرة توضع في أول تعريفه، ثم أشار إلى صفة الكسرة بقوله: "ياء تلقى" وفيه حذف النعت لدلالة ما قبله عليه، والتقدير: تلقى ياء صغيرة، ومعنى تلقى توضع وتكون الياء الصغيرة مردودة كما نص عليه الشيخان، وظاهر كلام الناظم، وغيره أن الواو الدالة على الضمة، والياء الدالة على الكسرة لهما رأس، وذكر بعض ١ سورة النور: ٢٤/ ٣١. ٢ المبرد: ترجمته تقدمت. المتأخرين إسقاط رأسهما كما أسقط بعض الألف الدالة على الفتحة، وفي كلام "الداني" ١، وغيره ما يشعر به، وعليه العمل عندنا إلا أن الياء يسقط رأسها بالكلية، وتسقط نقطتاها وتبقى جرتها فقط، وأما الواو فيسقط من رأسها الدارة فقط، ويكون شكلها معوجا، واعلم أن الحركات الثلاث المتقدمة شاملة لحركات البناء، والإعراب، وغيرهما كحركات انتقال الساكنين والاتباع، والنقل فضبطها كلها واحد، ولذلك اقتصر "أبو الأسود" ٢ في قضيته المتقدمة على الحركات الثلاث، وتبعه الداني، والناظم في ذلك، وفي تقديم الفتحة على الضمة والضمة على الكسرة، ومن قضيته أخذت أسماء هذه الحركات ومحلها، وقول الناظم "فوقا" بالنصب مع عدم التنوين على نية لفظ المضاف إليه، وألفه للإطلاق، ثم قال: تمت إن أتبعتها تنوينا ... فزد إليها مثلها تبيينا لما فرغ من الكلام على الحركات الثلاث أتبعها بالكلام على التنوين اقتداء بأبي الأسود، والضمير في قوله: "أتبعتها" و "إليها" و "مثلها" يعود على الحركات الثلاث، أي إن أتبعت الحركات الثلاث تنوينا بأن نطقت به بعدها، فزد إليها مثلها بأن تزيد إلى الفتحة فتحة أخرى، وإلى الضمة ضمة أخرى، وإلى الكسرة كسرة أخرى، لأجل أن تبين ذلك أن بعد الحركة في اللفظ نونا تسمى تنوينا، ولما كانت هذه النون لا تأتي إلا بعد تمام الكلمة، وكان غيرها لا يأتي كذلك بل يأتي في أول الكلمة، أو وسطها أو متمما لها، فرق بينهما في التعبير فقيل لما هو من نفس الكلمة نون على الأصل، وعبر عن هذه بالتنوين تنبيها على ذلك، ولما حصل الفرق بينهما في التعبير جاء الخط تابعا لذلك، فرسم ما هو من نفس الكلمة نونا على الأصل، ولم يرسم التنوين، ولما لم يرسم احتاج أهل الضبط إلى أن يجعلوا له علامة تنبه عليه، وكان الأنسب أن ينبه عليه بعلامة سكون لكونه ساكنا، لكنهم جعلوا له علامة كعلامة الحركة لكونه ملازما لها بحيث لا يأتي بعدها، ولكنه مشابها لها في الثبوت وصلا والحذف وقفا، وقول الناظم "ثمت" حرف عطف زيدت عليها التاء المفتوحة لتأنيث اللفظ، وقوله: "تبيينا" مفعول لأجله علة لقوله: "زد" . ١ الداني: ترجمته تقدمت. ٢ أبو الأسود: ترجمته تقدمت. ثم قال: وإن تقف بألف في النصب ... هما عليه في أصح الكتب ذكر في هذا البيت أنك إذا وقفت على المنصوب المنون بالألف، لكونه كتب بها على مراد الوقف نحو: {غَفُورًا رَحِيمًا} ، فإن علامتي النصب، والتنوين يوضعان معا على الألف التي يوقف عليها بها يعني مع انفصالهما عنها، وأشار بقوله: "في أصح الكتب" إلى أن في هذه المسألة غير هذا القول سيصرح به بعد، وسنذكر المعمول به من ذلك، واحترز بقوله: "وإن تقف بألف في النصب" عن الأسماء المنونة التي لا يوقف عليها بالألف، فإن علامتي الحركة، والتنوين يوضعان فيها على نحو ما تقدم، فيوضعان فوق الحرف المتحرك بالفتح أو بالضم كـ "رحمة" المنصوب والمرفوع، وكـ "رحيم" المرفوع، ويوضعان تحت الحرف المتحرك بالكسر كـ "رحمة" و "رحيم" المجرورين. وقوله: "هما عليه" مبتدأ، وخبر والجملة جواب "إن" الشرطية، وحذف منه الفاء الرابطة للضرورة، و "الكتب" من قوله: "في أصح الكتب" يروى بفتح الكاف على أنه مصدر كتب، ويروى بضمها على أنه جمع كتاب، وعلى هذه الرواية لا بد من تقدير مضاف، والتقدير في أصلح أقوال الكتب أي كتب الضبط، ثم قال: سوآء إن رسم أو إن جاء ... وهو ملحق كنحو ماء يعني أن الحكم بوضع علامتي النصب، والتنوين على ألف المنصوب المنون لا فرق فيه بين كون الألف ثابتة في الرسم نحو: {عَلِيمًا حَكِيمًا} ١، أو محذوفة من الرسم، وألحقت بالحمراء وقوله كنحو: {مَاءٍ} ٢ يحتمل أن يكون مثالًا للثاني فقط لم يمثل للأول لوضوحه، ويحتمل أن يكون مثالا له، ولما قبله وذلك؛ لأن في ضبط نحو "ماء" و {غُثَاءً} ٣، و {مِرَاءً} ٤، و {افْتِرَاءً} ٥ ثلاثة أوجه على ما ذكره أئمة النقط، أرجحها عندهم وبه العمل، أن تجعل الهمزة نقطة صفراء بعد الألف الكحلاء، وعلامتا النصب، والتنوين على الهمزة، ولا يلحق بعدها شيء، وإنما كان هذا الوجه هو الأرجح ١ سورة النساء: ٤/ ١١. ٢ سورة الطارق: ٨٦/ ٦. ٣ سورة الأعلى: ٨٧/ ٥. ٤ سورة الكهف: ١٨/ ٢٢. ٥ سورة الأنعام: ٦/ ١٣٨. لكون الضبط مبنيا على الوصل كما قدمناه، الوجه الثاني: مثله وتلحق الألف حمراء بعد الهمزة وتجعل علامتا النصب، والتنوين على الألف الحمراء بناء على القول المتقدم، الوجه الثالث: جعل الألف الحمراء قبل الكحلاء، والهمزة بينهما، وعلامتي النصب والتنوين على الألف الكحلاء، فألف التنوين مرسوم في هذا الوجه، وملحق بالحمراء في الوجه الذي قبله، فصح أن يكون نحو "ماء" مثالًا للقسمين، و "إن" الواقعة بعد قوله: "سواء" وبعد قوله: "أو" يصح أن تكون بفتح الهمزة على أنها مصدرية، ويصح أن تكون بكسرها على أنها زائدة، وجملة قوله: و "هو ملحق" في محل الحال من فاعل "جاء" الذي هو ضمير الألف أي سواء في ذلك رسمه، ومجيئه ملحقا، ثم قال: وإن يكون ياء كنحو مفترى ... هما على الياء كذا النص سرى يعني وإن يكن الألف المرقوف عليه في الاسم المنون مكتوبا في الخط ياء، فإنك تضع علامتي النصب، والتنوين على الياء كما تضعها على الألف في نحو: {عَلِيمًا حَكِيمًا} ١، ثم لذلك بقوله كنحو: {مُفْتَرىً} يعني من كل اسم مقصور منون رسمت ألفه ياء سواء كان مرفوعا نحو: {مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً} ٢، أو منصوبا نحو: {سَمِعْنَا فَتىً} ٣ أو مجرورا نحو: {فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ} ٤ وأصل: {مُفْتَرىً} "مفترى" بفتح الراء، وتنوين الياء تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت "ألفا" فالتقى ساكنان: الألف والتنوين، فحذفت ما سبق وهو الألف، وهكذا يقال فيما أشبهه. واختلف في ألف هذا النوع الملفوظ بها في الوقف فقال "المازني" ٥: هي ألف التنوين مطلقا، وقال "الكسائي" ٦: هي المنقلبة عن الياء مطلقا، وقال "سيبويه" ٧: بالتفصيل قياسا على الصحيح، ففي المنصوب هي ألف التنوين، وفي غيره هي بدل الياء. ١ سورة النساء: ٤/ ١١. ٢ سورة القصص: ٢٨/ ٦٣. ٣ سورة الأنبياء: ٢١/ ٦٠. ٤ سورة الحشر: ٥٩/ ١٤. ٥ المازني: هو أبو عثمان بكر عالم نحوي لغوي من أهل البصرة، أخذ عن الأخفش الأوسط، وروى عن أبي عبيدة والأصمعي، وله كتاب ما يحلف فيه العامة، ترجمته في الأعلام ص: ٦٢٨. ٦ الكسائي: هو علي بن حمزة أحد القراء السبعة، كان عالما بالنحو والقراءات، ترجمته في مقدمة فقه اللغة للثعالبي ص: ١٧. ٧ سيبويه: هو أبو بشر عمر الحارثي، وسيبويه لقب فارسي، معناه رائحة التفاح، كان أعلم المتقدمين، والمتأخرين بالنحو، أخذ عن الخليل، نفس المصدر ص: ٢١. وقوله: "كذا النص سرى" معناه كذا شاع النص في هذه المسألة بين أهل الضبط، وكنى به عن شهرة ما ذكره هنا، وسيأتي قول آخر مقابل له، وقوله: "هما على الياء" مبتدأ وخبر، والجملة جواب "إن" الشرطية، وحذف منه الفاء الرابطة للضرورة كما تقدم في نظيره، ثم قال: وقيل في الحرف الذي من قبل ... حسبما اليوم عليه الشكل ذكر في هذا البيت أن في المنون الذي يوقف عليه بالألف قولا آخر، وهو وضع علامتي الحركة، والتنوين على الحرف المحرك الذي قبل الألف المرسومة في نحو "عليما" ، وقبل الألف الملحقة بالحمراء في نحو "ماء" ، وقبل الألف المرسومة ياء في نحو "مفترى" ، وهذا القول الذي قدمه هو الذي عليه نقاط المدينة، والكوفة، والبصرة، واختاره الشيخان، وجرى به عمل الجمهور وعليه عملنا الآن، ووجه أن الألف الموقوف عليها لما لم توجد في الوصل خيف أن يتوهم زيادتها في الرسم، فوضعت علامة التنوين عليها إشارة إلى أنها مبدلة من التنوين، واستدعى التنوين وضع الفتحة معه على الألف لملازمته للحركة، بحيث لا يأتي إلا بعدها كما تقدم، فلذلك وضعت العلامتان معا على الألف أو ما يقوم مقامها، والقول الذي ذكره الناظم في هذا البيت هو قول الخليل وسيبويه، واختاره بعضهم، وأشار الناظم بقوله: "حسبما اليوم عليه الشكل" إلى جريان العمل به في زمانه، وبقي في المسألة قولان آخران: أحدهما وضع الحركة على حرفها، ووقع علامة التنوين على الألف أو ما يقوم مقامه، والقول الآخر وضع حركة الحرف عليه، ثم تعاد مع التنوين فيوضعان معا على الألف أو ما يقوم مقامه، ولم يذكر الناظم هذين القولين لضعفهما، وقوله: "في الحرف" خبر مبتدأ محذوف تقديره هما، و "في" معنى "على" ، وقوله: "حسبما" بفتح السين، وحسب بمعنى مثل، ثم قال: وفي إذا ثمت نون إن تخف ... لنسفعا وليكونا في الألف ذكر في هذا البيت نونين جعل أهل الضبط علامتهما كعلامة التنوين، ووضعوها أين توضع علامة التنوين النون الأولى النون من "إذا" نحو: وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ١، {وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} ٢، وهي حرف جواب وجزاء، فليس النون في طرفها تنوينا لكن لما أشبهت المنون المنصوب، قلبت نونها في الوقف ألفا فكتبت به، وجعل أهل الضبط علامتها كعلامة التنوين، ووضعوها مع الفتحة على الألف النون الثانية نون: {لَنَسْفَعًا} ، و {لِيَكُونَا} من قوله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} ٣، {وَلِيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} ٤، والنون الساكنة فيهما هي نون التوكيد الخفيفة قياسها أن تبدل في الوقف ألفا، فلذا كتبت به في جميع المصاحف، وجعل أهل الضبط علامتها كعلامة التنوين، ووضعوها مع الفتحة على الألف أيضًا، وإلى محل وضع علامتي الفتح، والنونين أشار الناظم بقوله: "في الألف" وهو خبر مبتدأ محذوف، و "في" بمعنى "على" وقوله "في إذا" متعلق بما تعلق به الخبر، وقوله: "إن تخف" يروى بفتح "إن" على أنها زائدة، "وتخف" بكسر الخاء من خف الشيء صار خفيفا صفة لنون على تقدير مضاف قبل نون، وقوله: "لنسفعًا وليكونًا" بدل من المضاف المحذوف. ويروى بكسر "إن" على أنها زائدة، "وتخف" بكسر الخاء من خف الشيء صار خفيفا صفة لنون على تقدير مضاف قبل نون، ويروى بكسر "إن" على أنها شرطية، وسبك البيت مقدراته هكذا: وهما أي العلامتان كائنتان على الألف في "إذا" ، ثم في "ذي" نون خفيفة الذي هو: {لَنَسْفَعًا} ، و {لِيَكُونَا} ، وكأن اقتصار الناظم على وضع العلامتين على الألف تبعا لظاهر كلام الشيخين، والمحققون جعلوا ظاهر كلامهما على اختيار ذلك لا على تعيينه، فلا ينافي جريان القول بجعل العلامتين هنا على الحرف الذي قبل الألف، كما تقدم في التنوين، بل في كلام بعضهم ما يشعر بأن الأقوال الأربعة المتقدمة في التنوين تجري هنا، ولكن المختار ما اقتصر عليه الناظم، وبه جرى العمل عندنا، ثم قال: وقبل حرف الخلق ركبتهما ... وقبل ما سواه أتبعتهما ذكر في هذا البيت أن علامتي الحركة، والتنوين إذا وقعتا قبل حرف من حروف الحلق، فإنهما تركبان أي تجعل علامة التنوين فوق علامة الحركة، وإذا وقعتا قبل حرف غير ١ سورة النساء: ٤/ ٦٧. ٢ سورة الإسراء: ١٧/ ٧٦. ٣ سورة العلق: ٩٦/ ١٥. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ٣٢. حلقي فإنهما تجعلان متتابعتين أي تجعل علامة التنوين أمام علامة الحركة. وأطلق الناظم في التركيب قبل حرف الحلق، فدخلت حروف الحلق الستة: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء، فالهمزة نحو: {مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ} ١. {وَعَذَابٌ أَلِيمٌ} ٢، و {مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} ٣ وسواء كانت محققة أو محذوفة بعد نقل حركتها على رواية ورش؛ لأنها في حكم الثابتة مراعاة للأصل، والهاء نحو: {جُرُفٍ هَارٍ} ٤ والعين نحو: {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ٥ والحاء نحو: {لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} ٦، والغين نحو: {لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} ٧ والخاء نحو: {عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ٨ بناء على المشهور من أن حكم النون الساكنة، والتنوين عند الغين والخاء الإظهار، وأما على ما جاء شاذا عن نافع من الإخفاء عندهما -وبه قرأ أبو جعفر من القراء العشرة- فالحكم الإتباع، والظاهركلامه أن الحكم مع الحرف الغير الحلقي الإتباع سواء كان متحركا نحو: {عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} ٩، و {قَوْمًا صَالِحِينَ} ١٠. و {عَلِيمٌ بِمَا} ١١ أم ساكنا وتحرك التنوين للتخلص من التقاء الساكنين نحو: {مَحْظُورًا، انْظُرْ} ١٢. و {رَحِيمًا، النَّبِيُّ} ١٣ ولا نص للمتقدمين في الساكن، والمحققون من المتأخرين حكموا بالتركيب معه، واستثنوا من ذلك: {عَادًا الْأُولَى} ١٤، فحكموا فيه بالإتباع؛ لأنه لم يتحرك فيه التنوين ولذلك أدغم، وما حكم به المحققون من المتأخرين هو الذي جرى به العمل عندنا، ووجه التركيب مع حروف الحلق، والإتباع مع غيرها أن حروف الحلق لما بعد مخرجها عن مخرج التنوين حتى أظهر التنوين عندها في اللفظ، أشير بالتركيب إلى البعد المذكور، إذ في تركيب التنوين إبعاد له عن حروف الحلق خطا كما كان بعيدا منها لفظا، ولما لم تبعد بقية الحروف عن مخرج التنوين كبعد حروف الحلق بل منها ما قرب جدا، ومنها ما قرب فقط حتى كان حكم التنوين عندها الإدغام في بعض، والإخفاء عند بعض والقلب عند بعض، أشير بالإتباع إلى قربه منها إذ إتباع التنوين للحركة تقريب له من تلك الحروف خطا كما كان قريبا منها لفظا، وقوله: "ركبتهما" أكثر الروايات فيه بفتح الكاف ١ سورة الأنعام: ٦/ ١٤١. ٢ سورة يونس: ١٠/ ٥. ٣ سورة الغاشية: ٨٨/ ٥. ٤ سورة التوبة: ٩/ ١٠٩. ٥ سورة الحجرات: ٤٩/ ١. ٦ سورة الزخرف: ٤٣/ ٤. ٧ سورة الحج: ٢٢/ ٦٠. ٨ سورة لقمان: ٣١/ ٣٤. ٩ سورة القمر: ٥٤/ ٥٥. ١٠ سورة النور: ٢٤/ ٤١. ١١ سورة يوسف: ١٢/ ٩. ١٢ سورة الإسراء: ١٧/ ٢١. ١٣ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥، ٦. ١٤ سورة النجم: ٥٣/ ٥٦. وسكون الباء وبعدها تاء على أنه فعل ماض وفاعل، ولفظه لفظ الخبر ومعناه الطلب أي ركبهما، وفي بعض الروايات بكسر الكاف، وفتح الباء بعدها نون التوكيد الخفيفة ومعناه ظاهر، وبمثل هذين الوجهين يروى قوله: "أتبعتهما" ، ثم قال: والشد بعد في هجاء لم نرا ... وغيره فعره كيف جرا ذكر في الشطر الأول من هذا البيت أن التنوين إذا وقع بعده حرف من الحروف المجموعة في هجاء "لم نر" ، وهي أربعة: اللام والميم، والنون، والراء نحو: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} ١، {هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} ٢، {يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ} ٣، {غَفُورٌ رَحِيمٌ} ٤، فإن ذلك الحرف يشدد بعلامة التشديد الآتية في الباب الذي بعد هذا، ثم أمر بتعرية غير الأحرف الأربعة، يعني من علامة التشديد كيف جرى ذلك الغير على لسانك في التلاوة، أي سواء كان مما يظهر عنده التنوين هو حروف الحلق الستة المتقدمة نحو: {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ٥، أو مما يقلب عنده التنوين وهو الباء نحو: {عَلِيمٌ بِمَا} ٦، أو مما يدغم عنده التنوين إدغاما ناقصا، وهو الياء والواو نحو: {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} ٧، أو مما يدغم عنده التنوين، وهو الحروف الخمسة عشر الباقية نحو: {غَفُورٌ شَكُورٌ} ٨، فهذه كلها تعرى من علامة التشديد، وأما الحركة فلا تعرى منها بل لا بد من وضعها إذ لا موجب لذهابها، ووجه تشديد حروف "لم نر" بعد التنوين التنبيه على التنوين أدغم في ذلك الحرف إدغاما تاما قلب لأجله التنوين، وصار من جنس ذلك الحرف، ولأجل ذلك سمي هذا النوع بالإدغام الخالص، ولما لم يدغم التنوين في غير هذه الأحرف الأربعة إدغاما تاما عري ذلك الغير من علامة التشديد تنبيها على ذلك، وقوله: و "الشد" مبتدأ على حذف مضاف أي، وعلامة التشديد تنبيها على ذلك، وقوله: و "الشد" مبتدأ على حذف مضاف أي وعلامة، و "في هجاء" خبره، و "في" بمعنى "على" وقوله: "بعد" أي بعد التنوين حال من "هجاء لم نر" ، والفاء في قوله: "فعره" زائدة والألف في "نرا" لإطلاق، ثم قال: ١ سورة البقرة: ٢/ ٢. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٥. ٣ سورة الغاشية: ٨٨/ ٨. ٤ سورة البقرة: ٢/ ١٧٣. ٥ سورة الأنفال: ٩/ ٢٨. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٩. ٧ سورة النازعات: ٧٩/ ٨. ٨ سورة فاطر: ٣٥/ ٣٤. هذا إذا أبقيت عند الياء ... والواو غنة لدى الأداء كانا كباقي الأحرف المعراة ... من غير فرق ولدا النحاة ألفرق بين مدغم ومخفى ... هذا مشدد وهذ خفا يعني أن محل تعرية الياء والواو من علامة التشديد، إذا أبقيت غنة التنوين عند اجتماعه معها في الأداء أي التلاوة بأن تقرأ بقراءة من يبقى الغنة عندهما، وهم غالب القراء فيكونان حينئذ عاريين من علامة التشديد، كباقي الحروف التي لا تشد وهي حروف الإظهار، والقلب والإخفاء المتقدمة، من غير فرق بين الجميع، وإما إذا لم تبق غنة التنوين عند الياء، والواو كما هو رواية "خلف" عن "حمزة" ، فإنك تضع علامة التشديد فوقهما إشارة إلى أن الإدغام تام أي لم تبق معه ذات المدغم -وهو هنا التنوين- ولا صفته -وهي هنا الغنة- وإنما لم توضع علامة التشديد مع إبقاء الغنة؛ لأن الإدغام ناقص أي أدغمت معه الذات، وأبقيت الصفة -وهي هنا الغنة- فلو وضعت معه علامة التشديد لالتبس بالإدغام التام، وقد تبرع الناظم باشتراط إبقاء الغنة إذ كلامه في ضبط قراءة "نافع" ، ولم يرو عنه الإدغام التام في الياء والواو، وما تقدم من وضع علامة التشديد في الإدغام التام، وعدم وضعها في الإدغام الناقص هو مذهب أهل الضبط، واقتصر عليه "الداني" في المحكم، وبه جرى العمل، وخالفهم النحاة في ذلك كما أشار إليه الناظم بقوله: "ولدا النحاة" إلخ، يعني أن النحاة يفرقون بين المدغم، والمخفي فيضعون علامة التشديد على المدغم فيه؛ لأنه مشدد في اللفظ، ولا يضعونها على المخفي عنده؛ لأنه مخفف في اللفظ، ولا يفرقون بين الإدغام التام، والإدغام الناقص بل يضعون علامة التشديد في كليهما، ويلزمهم التباس الناقص بالتام. فإن قلت: يرد على أهل الضبط أن الياء، والواو إذا لم يشددا مع إبقاء غنة التنوين يتوهم أن الحكم عندهما الإخفاء، فالواجب أن هذا التوهم يدفعه شهرة عدد حروف الإخفاء إذ لم يعد فيها أحد الياء والواو، وهذا الوجه الثاني الذي نسبه الناظم للنحاة ذكره "الداني" في "المقنع" مع الوجه الأول، وكذا "أبو داود" ، إلا أنهما لم يخصا الوجه الثاني بالنحاة كما فعل الناظم، واسم الإشارة من قوله: "هذا إذا أبقيت" يعود على الحكم السابق وهو تعرية غير هجاء "لم نر" ، ولا يصح عود اسم الإشارة من قوله: "هذا مشدد وهذا خفا" على مدغم ومخفي، وإنما يعود على ما دل عليه مدغم، ومخفي وهو المدغم فيه والمخفي عنده، وقوله: "خفا" فعل ماض مفتوح الأول ولا يصح ضمه؛ لأنه لازم، ولا يبنى للنائب إلا المتعدي وألفه للإطلاق، ثم قال: وعوضن إن شئت ميما صغرى ... منه لباء إذ بذاك يقرى يعني أن التنوين إذا لقي الباء نحو: {عَلِيمٌ بِمَا} ١ جاز فيه وجهان: أحدهما أن تجعل علامته كعلامة الحركة، وتتبعها لها على ما تقدم في قوله: "وقبل ما سراه أتبعتهما" ؛ لأن الباء داخلة فيما سوى حروف الحلق، الوجه الثاني: أن تعوض منه ميما صغرى أي تجعل ميما صغيرة عوضا من علامة التنوين، وأشار بقوله: "إن شئت" إلى أنك مخير في هذين الوجهين، وعلل الوجه الثاني بقوله: "إذ بذاك يقرا" أي؛ لأن التنوين عند الباء يقلب ميما في القراءة، فيكون تصويره ميما في الضبط مشعرا بذلك، واقتصر الداني في المحكم على الوجه الأول، وذكر "أبو داود" الوجهين، واختار الوجه الثاني وبه جرى عملنا، وإذا صورت التنوين ميما فلا تجعل عليها علامة السكون؛ لأنها بمنزلة الحركة الدالة على التنوين، فكما أن السكون لا يجعل على الحركة لا يجعل على ما تنزل منزلتها، واللام في قوله: "لباء" بمعنى "عند" ، وقوله "يقرا" يصح ضبطه بالياء المضمومة، فيكون فيه مستتر عائد على التنوين، ويصح ضبطه بالتاء المفتوحة على الخطاب أي تقرا أنت، وألفه على كلا الضبطين مبدلة من الهمزة، ثم قال: وَحُكْمُ نُونٍ سَكَنَتْ أن تُلْقِي ... سكونها عند حروف الحلْقِ لما فرغ من أحكام التنوين في أكثر الأحكام، فأشار في هذا البيت إلى أن حكم النون الساكنة، إذا لقيها أحد حروف الحلق الستة، أن تلقي على النون أي تضع عليها علامة السكون الآتية، إشارة إلى أن النون عند حروف الحلق مظهرة في اللفظ لبعد مخرجها من مخرجهن، كما أن تركيب التنوين عند حروف الحلق إشارة إلى ذلك على ما قدمناه، فتصوير السكون هنا بمنزلة التركيب في التنوين، ولا فرق في ذلك بين أن تكون ١ سورة يوسف: ١٢/ ٩. النون مع حرف الحلق في كلمة واحدة، وبين أن يكونا في كلمتين نحو: {وَيَنْأَوْنَ} ١، و {مَنْ آمَنَ} ٢ لقالون، وأما ورش فينقل حركة همزة: {آمَنَ} ٣ إلى نون: {مِنْ} ٤ فمن أخذ بروايته يضبط النون في ذلك، وما أشبه بالحركة لا بالسكون، ونحو {مِنْهَا} ٥، و {مِنْ هَادٍ} ٦، و {أَنْعَمْتَ} ٧، و {مِنْ عَمَلِ} ٨ و {انْحَرْ} ٩ و {مَنْ حَادَّ} ١٠، و {فَسَيُنْغِضُونَ} ١١، و {مِنْ غِلٍّ} ١٢، و {الْمُنْخَنِقَةُ} ١٣، و {مَنْ خَفَّتْ} ١٤، وهذا الحكم في غير الغين والخاء متفق عليه، وفي الغين والخاء كذلك على المشهور، وأما على ما جاء شاذا عن نافع من الإخفاء عندهما -وبه قرأ أبو جعفر من القراء العشرة- فحكم النون عندهما كحكمها عند حروف الإخفاء، وسيأتي إثر هذا البيت، وقوله: "تلقي" بضم التاء من ألقى، وهو منصوب بـ "أن" لكنه سكنه للوقوف، و "سكونها" مفعول "تلقي" على حذف مضاف إلى علامة سكونها، ثم قال: وعند كل ما سواه تعرى ... وإن تشأ صورت ميما صغرى من قبل باء ثم شد يلزم ... في كل ما التنوين فيه يدغم ذكر في الشطر الأول أن حكم النون الساكنة عند غير الحرف الحلقي أن تعرى من علامة السكون، وشمل قوله: "كل ما سواه" حروف الإخفاء الخمسة عشر المعلومة، متصلة مع النون، أو منفصلة عنها نحو "أنت" و "إن كنتم" ، وحرف القلب وهو الباء متصلة مع النون، أو منفصلة عنها: {مُنْبَثًّا} ١٥، و {مِنْ بَعْدُ} ١٦، وحروف الإدغام التام والناقص، وهي حروف "يرسلون" نحو: {مِنْ رَبِّهِمْ} ١٧، {مِنْ لَدُنْهُ} ١٨. و {مَنْ يَعْمَلُ} ١٩، {مِنْ وَالٍ} ٢٠ لكن بشرط انفصال الياء والواو عن النون كما مثلنا، وأما إذا كانا متصلين معها في كلمة واحدة نحو: {الدُّنْيَا} ٢١، و {قِنْوَانٌ} ٢٢، فالحكم تصوير سكونها؛ لأنها ١ سورة الأنعام: ٦/ ٢٦. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٧٧. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٨٤. ٤ سورة النساء: ٤/ ٤٨. ٥ سورة طه: ٢٠/ ٥٥. ٦ سورة الرعد: ١٣/ ٣٣. ٧ سورة الفاتحة: ١/ ٦. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٦١. ٩ سورة الكوثر: ١٠٨/ ٢. ١٠ سورة المجادلة: ٥٨/ ٢٢. ١١ سورة الإسراء: ١٧/ ٥١. ١٢ سورة الأعراف: ٧/ ٤٣. ١٣ سورة المائدة: ٥/ ٣. ١٤ سورة القارعة: ١٠١/ ٨. ١٥ سورة الواقعة: ٥٦/ ٦. ١٦ سورة البينة: ٩٨/ ٤. ١٧ سورة البقرة: ٢/ ٢٦. ١٨ سورة النساء: ٤/ ٤٠. ١٩ سورة سبأ: ٣٤/ ١٢. ٢٠ سورة الرعد: ١٣/ ١٠. ٢١ سورة البقرة: ٢/ ٨٧. ٢٢ سورة الأنعام: ٦/ ٩٩. مظهرة حينئذ، وظاهر كلام الناظم تعريتها لعمومه، وسيذكر وجها آخر في النون عند الواو، والياء المنفصلين عنها وهو إثبات علامة سكونها، وإنما عريت النون عند ما سوى الحرف الحلقي إشارة إلى قربها مما بعدها في المخرج حتى أدغمت في بعض، وقلبت عند بعض وأخفيت عند بعض، كما أن اتباع التنوين إشارة إلى ذلك على ما قدمناه، فتعرية النون هنا بمنزلة الاتباع في النون، وأشار بقوله: "وإن تشأ صورت ميما صغرى من قبل ياء" ، إلا أن النون الساكنة إذا لقيت الباء نحو: {مِنْ بَعْدِ} ١ جاز لك فيها وجهان: أحدهما تعريتها من علامة السكون حسبما دل عليه العموم السابق، وهذا الوجه هو اختيار الداني، الوجه الثاني أن تصور ميما صغيرة تنبيها على أن النون انقلبت في اللفظ ميما لمؤاخاتها للنون في الغنة، وقربها من الباء في المخرج، وهذا الوجه هو اختيار أبي داود وبه جرى العمل، وتوضع تلك الميم على النون في مكان السكون على ما نص عليه أبو داود وبه العمل، ولا تجعل على الميم علامة السكون كما قدمناه في التنوين عند الباء، وقوله: "ثم شد يلزم" إلخ، يعني به أن وضع علامة التشديد يلزم في كل حرف يدغم فيه التنوين إدغاما خالصا في اللفظ، ويشدد بعد التنوين في الضبط، وذلك حروف "لم نر" المتقدمة في قوله "والشد بعد في هجاء لم نر" ، وأمثلتها بعد النون: {مِنْ لَدُنْهُ} ٢، {مِنْ مَاءٍ} ٣، {مِنْ نِعْمَةٍ} ٤، {مِنْ رِزْقِ} ٥، ووجه تشديدها بعد النون التنبيه على أنها أدغمت فيها النون إدغاما تاما كما تقدم في التنوين، وفهم من كلام الناظم أن ما عدا حروف "لم نر" ، لا تجعل عليه علامة التشديد بعد النون الساكنة، وهو كذلك إلا الواو والياء، فسيتكلم عليهما في البيتين بعده. تنبيه: لم يتعرض الناظم ولا غيره إلى ضبط الميم عند الباء نحو: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} ٦، والذي جرى به عملنا أن ضبطها كضبط النون الساكنة عند حروف الإخفاء، وهو أن تعرى من علامة السكون، ولا تجعل علامة التشديد على الباء، وهذا مبني على أن حكم الميم الساكنة عند الباء الإخفاء مع الغنة، وهو المختار عند المحققين من أهل الأداء لجميع القراء، وأخذ كثير من أهل الأداء فيها بالإظهار التام لجميع القراء، والضمير في ١ سوة الأنعام: ٦/ ٢٩. ٢ سورة سبأ: ٣٤/ ١٢. ٣ سورة الطارق: ٨٦/ ٦. ٤ سورة النحل: ١٦/ ٥٣. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٦٠. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٨. قول الناظم "سواه" يعود على حرف الحلق المفهوم من قوله: "حروف الحلق" في البيت السابق، ثم قال: والواو والياء إذا أبقيتا ... غنتها عندهما أثبتا علامة التشديد والسكونا ... إن شئت أو عرهما والنونا تكلم هنا على حكم الواو، والياء الواقعين بعد النون الساكنة، وعلى حكم النون الساكنة الواقعة بعدهما نحو: {مَنْ يَعْمَلْ} ١، {مِنْ وَالٍ} ٢، فذكر أن الواو، والياء إذا أبقيت عندهما غنة النون بأن أدغمت فيها النون إدغاما ناقصا على قراءة غالب القراء، فإن الحكم في النون وما بعدها من الواو، والياء التخيير بين وجهين: أحدهما أن تضع علامة التشديد على الواو، والياء للدلالة على إدغام النون فيهما، وتضع علامة السكون على النون للدلالة على أن الإدغام ناقص بسبب إبقاء غنة المدغم الذي هو النون، وهذا معنى قوله: "أثبتا * علامة التشديد والسكونا" أي علامة سكون النون، وهذا الوجه هو مختار الشيخين وبه جرى العمل، الوجه الثاني أن تعري النون من علامة السكون إشعارا بإدغامها فيما بعدها، وتعري الواو والياء من علامة التشديد لا من الحركة إشعارا بأن النون لم تدغم فيهما إدغاما خالصا، وإنما جوزوا هذين الوجهين في الواو، والياء من علامة التشديد لا من الحركة إشعارا بأن النون لم تدغم فيهما إدغاما خالصا، وإنما جوزوا هذين الوجهين في الواو والياء بعد النون الساكنة، واقتصروا على تعريتها بعد التنوين لالتبس الإدغام الناقص بالإدغام التام، كما قدمناه بخلاف وضعها عليهما بعد النون الساكنة، فإنه لا التباس فيه؛ لأن وضع علامة السكون على النون يدل على أن الإدغام غير خالص، وفهم من قول الناظم: "إذا أبقيتا غنتها عندهما" أنك إذا لم تبق غنتهما عندهما كما هو رواية خلف عن حمزة، فإن الضبط لا يكون كذلك بل يكون بوضع علامة التشديد على الواو والياء، وتعرية النون من علامة السكون؛ لأن الإدغام حينئذ خالص، وما أفاده الناظم في هذين البيتين هو مذهب أهل الضبط، وخالفهم النحاة في ذلك، فقالوا: لا بد من وضع ١ سورة النساء: ٤/ ١٢٣. ٢ سورة الرعد: ١٣/ ١٠. علامة التشديد على الواو، والياء بعد النون الساكنة في الإدغام التام، والإدغام الناقص على ما تقدم في التنوين، وقد تبرع الناظم باشتراط إبقاء الغنة في النون إذ كلامه في ضبط قراءة نافع، ولم يرو عنه الإدغام التام في الواو والياء كما قدمناه في التنوين، نعم روي عنه شاذا إبقاء غنة النون الساكنة، والتنوين عند اللام والراء، فعلى هذه الرواية يكون الإدغام ناقصًا، ويكون ضبط النون واللام والراء الواقعين بعدها، وبعد التنوين كضبط النون والواو والياء الواقعين بعدها، وبعد التنوين وقد علمته. تنبيه: اتفق أهل الأداء على أن الغنة الظاهرة مع الإدغام في الواو، والياء غنة المدغم وهو النون الساكنة والتنوين، فيكون الإدغام ناقصا ومع الإدغام في النون نحو: {مِنْ نَصِيرٍ} ١. و {يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ} ٢ غنة المدغم فيه، فيكون الإدغام تاما، واختلفوا في الغنة مع الإدغام في الميم نحو: {مِنْ مَاءٍ} ٣، و {هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} ٤، فالذي عليه الجمهور وهو الصحيح أنها غنة الميم المدغم فيها، وقيل: غنة الميم المبدلة من النون والتنوين، وقيل: غنتها وغنة الميم المدغم فيها، وقيل: غنة النون والتنوين، فعلى الأقوال الثلاثة الأول يكون الإدغام تاما، ويكون الضبط على ما تقدم وهو أن تعري النون من علامة السكون، وتضع علامة التشديد على الميم كالنون بعد النون، وعلى القول الرابع يكون الإدغام ناقصا، ويكون ضبط النون والميم الواقعة بعدها، وبعد التنوين كضبط النون والواو والياء الواقعين بعدها وبعد التنوين، وقوله: و "السكونا" عطف على "علامة" وقوله: و "النونا" عطف على الضمير المنصوب في قوله: "عرهما" ، ثم قال: وكل ما اختلس أو يشم ... فالشكل نقط والتعري حكم لما تكلم على الحركة الخالصة، وعلى التنوين شرع في الكلام على الحركة الغير الخالصة، وقسمها إلى ثلاثة أقسام: مختلسة ومشمة وممالة، وسيتكلم على القسم الثالث في البيتين بعد، وتكلم هنا على ضبط القسمين الأولين، فذكر أن كل ما اختلس من الحركات، أو أشم منها ففي ضبطه وجهان: أحدهما أن يجعل الشكل الدال عليه نقطا ١ سورة الحج: ٢٢/ ٧١. ٢ سورة الغاشية: ٨٨/ ٨. ٣ سورة الطارق: ٨٦/ ٦. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٥. مدورا كنقط الإعجام لئلا يلتبس بالحركة الخالصة، وإلى هذا الوجه أشار بقوله: "فالشكل نقط" ، ويجعل هذا النقط الحمراء، ويوضع في الاختلاص فوق الحرف إن كان مفتوحا كعين {تَعْدُوا} ١ وتحته إن كان مكسورا كعين: {نِعِمَّا} ٢، وأما في الإشمام فسينص الناظم على أنه يوضع أمام الحرف، الوجه الثاني أن يعرى الحرف الذي اختلست حركته، أو أشمت من شكل الحركة الخالصة، ومن عوضها وهو النقط المدور، وإلى هذا الوجه أشار بقوله: "والتعري حكم" أي حكم آخر يعني وجها ثانيا في الضبط، والاختلاس عند القراء اختطاف الحركة بسرعة حتى يذهب القليل، ويبقى الكثير ويكون في الحركات كلها، وقد رواه قالون عن نافع في عين: {نِعِمَّا} ٣ و {تَعْدُوا} ٤ وفي هاء: {يَهْدِي} ٥ وخاء: {يَخِصِّمُونَ} ٦ تنبيها على أن أصلها السكون. وروى ورش فيها الحركة التامة، وضبطها على روايته ظاهر وكذا على رواية إسكانها لقالون، والمراد بالإشمام هنا النطق بحركة تامة مركبة من حركتين ضمة وكسرة، وجزء الضمة مقدم وهو الأقل، ويليه جزء الكسرة وهو الأكثر هذا هو الصحيح في معناه، وقد قرأ به نافع في سين: {سِيءَ} ٧، و {سِيئَتْ} ٨ تنبيها على أن أصلها الضم، وإنما كانت الحركة المختلسة، والمشمة غير خالصتين؛ لأن الأولى مشوبة بسكون، والثانية كسرة مشوبة بضمة، الوجه الأول في ضبط ما اختلس، أو شم هو اختيار الداني وبه جرى عملنا، والوجه الثاني هو اختيار أبي داود قال: لأن الإشمام والاختلاص لا يؤخذان من الخط بل بالمشافهة من الشيخ، فالتعرية تحمل على السؤال. ا. هـ. والأظهر اختيار الداني إذ قد يظن الناظر أن التعري غفلة من الناقط، فيقرأه بحركة خالصة بخلاف ضبطه بغير ضبط سائر الحروف، ثم قال: وعوضن الفتحة الممالة ... بالنقط تحت الحرف للإمالة أو عره والنقط في إشمام ... سيئ وسيئت هو من أمام تكلم هنا على ضبط لقسم الثالث من أقسام الحركة الغير الخالصة، وهو الفتحة الممالة، وإنما كانت غير خالصة؛ لأنها مشوبة بالكسرة كما سيتضح، والإمالة ضد الفتح ١ سورة النساء: ٤/ ١٥٤. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٧١. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٧١. ٤ سورة النساء: ٤/ ١٥٤. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٦. ٦ سورة يس: ٣٦/ ٤٩. ٧ سورة هود: ١١/ ٧٧. ٨ سورة الملك: ٦٧/ ٢٧. الخالص وتنقسم عند القراء إلى قسمين: محضة وغير محضة، فالمحضة هي أن تقرب الفتحة من الكسرة، والألف من الياء من غير قلب خالص، ولا إشباع مبالغ فيه وتسمى بالإمالة الكبرى، وربما عبر عنها بالكسر، وغير المحضة هي ما بين الفتح الخالص والإمالة المحضة، ولذا يقال: "بين بين" و "بين اللفظين" ، وتسمى بالإمالة الصغرى وبالتقليل، وقد ذكر الناظم في ضبط الفتحة الممالة وجهين: أحدهما أن تعوضها بالنقط المدور لئلا تلتبس بالفتحة الخالصة، ويجعل هذا النقط بالحمراء، ويؤخذ من قوله و "عوضن" أن الفتحة لا توضع على الحرف الممال، وهو كذلك؛ لأن العوض والمعوض عنه لا يجتمعان. وأشار بقوله: "تحت الحرف" إلى بيان محل النقط، "وأل" في الحرف بدل من الضمير أي تحت حرفها، وليس المراد تحت الألف الناشئ عنها كما عند كثير من الجهلة، ولا فرق في تعويض الفتحة الممالة بالنقط بين أن تكون الإمالة رائية، أو يائية في فواتح السور أو في غيرها محضة أو غير محضة، ولا بين أن يكون الألف الناشئ عن الفتحة ثابتا، أو محذوفا كتب بالياء أم لا فيدخل في ذلك نحو: {مَجْرَاهَا} ١، و {الْكَافِرِينَ} ٢، و {الْأَبْرَارَ} ٣، و {المر} ٤، و {هَارٍ} ٥، و {مُرْسَاهَا} ٦، و {خَطَايَاهُمْ} ٧، لكن بشرط أن تكون الإمالة وصلا ووقفا كما في هذه الأمثلة، وكما في نحو: {النَّهَارِ} ٨، فإن الجمهور على إمالته في الوقف كالوصل لعروض السكون، أو وصلا فقط كما في: {النَّهَارِ} ٩ أيضا عند من لم يمله، وقفا اعتدادا بسكون الوقف، وأما ما كانت الإمالة فيه وقفا، ويقرأ في الوصل بالفتح كالأسماء المقصورة، وما لقيه ساكن منفصل نحو: {مُفْتَرىً} ١٠، {وَتَرَى الشَّمْسَ} ١١، و {مُوسَى الْكِتَابَ} ١٢، فالصواب ضبطه بما يدل على الفتحة الخالصة لإجماعهم على أن الضبط مبني على الوصل، كما قدمناه، وقوله: "للإمالة" علة القول "عوضن" أي إنما كان هذا التعويض لأجل أن يدل على القراءة بالإمالة، فلو لم يقرأ بها بل بالفتحة الخالصة كما هو رواية قالون في أكثر ما يميله ورش، لم ١ سورة هود: ١١/ ٤١. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٩. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٩٣. ٤ سورة الرعد: ١٣/ ١. ٥ سورة التوبة: ٩/ ١٠٩. ٦ سورة هود: ١١/ ٤١. ٧ سورة العنكبوت: ٢٩/ ١٢. ٨ سورة البقرة: ٢/ ١٦٤. ٩ سورة البقرة: ٢/ ١٦٤. ١٠ سورة القصص: ٢٨/ ٢٦. ١١ سورة الكهف: ١٨/ ١٧. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٥١. تعوض بالنقط بل تكون فتحة كما في غيرها، وفي بعض النسخ "للدلالة" أي لأجل أن يدل النقط على أن الفتحة ممالة، وهذا الوجه الأول هو اختيار الداني، وبه جرى العمل عندنا. الوجه الثاني: تعرية الحرف الممال من المعوض منه، والعوض ليقع السؤال عند رؤية ذلك كما في الاختلاس والإشمام، وإليه أشار الناظم بقوله: "والنقط في إشمام" إلخ، أي أن نقط المشم محله إمام الحرف تنبيها على أنه يشار بالكسرة إلى الضمة هكذا: {سِيءَ بِهِمْ} ١، {سِيئَتْ وُجُوهُ} ٢، واقتصر على هذا الوجه لجريان العمل به، وفيه وجه آخر غير معمول به، وهو أن تجعل نقطة الإشمام حمراء في وسط السين إشعارا بأنه لم يرتق إلى مرتبة الضمة، ولم ينحط إلى مرتبة الكسرة، ولا تجعل النقطة فوق السين كما زعم بعضهم، واحترز الناظم بقوله "سيئ" و {سِيئَتْ} ٣، من {تَأْمَنَّا} ٤ فإنه وإن قرأ نافع بإشمام نونه في وجه، وبإخفاء حركتها في وجه آخر، إلا أن الناظم أخر الكلام عليه إلى باب النقص من الهجاء، وسنبين فيه المراد بالوجهين مع كيفية ضبط: {تَأْمَنَّا} ٥ عليهما، وقوله "من أمام" يقرأ بالخفض من غيره تنوين لحذف المضاف إليه، ونية لفظه أي من أمام السين، ثم قال: ألقول في السكون والتشديد ... وموضع المط من الممدود أي هذا القول في بيان أحكام السكون والتشديد، وفي بيان موضع المط من الحرف الممدود، والمط والمد لفظان مترادفان، وأحكام السكون، والتشديد التي بينها في هذا الباب هي علامتهما، وإنه لا يكتفي بعلامة التشديد عن علامة الحركة، وأما المط فلم يتعرض لعلامته وسنبينها بعد، وهذه الألفاظ التي هي السكون والتشديد، والمط والمد مصادر في الأصل، وهي في الاصطلاح أسماء للأشكال على المعاني القائمة بالحروف، وقوله: "من الممدود" حال من "موضع" ، ثم قال: ألقول في السكون والتشديد ... وموضع المط من الممدود ١ سورة هود: ١١/ ٧٧. ٢ سورة الملك: ٦٧/ ٢٧. ٣ سورة الملك: ٦٧/ ٢٧. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ١١ "تامننا" . ٥ سورة يوسف: ١٢/ ١١ "تامننا" . أي هذا القول في بيان أحكام السكون، وفي بيان موضع المط من الحرف الممدود، والمط والمد لفظان مترادفان، وأحكام السكون والتشديد التي بينها في هذا الباب هي علامتهما، ومحلهما وإنه لا يكتفي بعلامة التشديد عن علامة الحركة، وأما المط فلم يتعرض لعلامته وسنبينها بعد، وهذه الألفاظ التي هي السكون، والتشديد، والمط، والمد مصادر في الأصل، وهي في الاصطلاح أسماء للأشكال الدالة على المعاني القائمة بالحرف، وقوله: "من الممدود" حال من "موضع" ، ثم قال: فدارة علامة السكون ... أعلاه والتشديد حرف الشين ذكر في هذا البيت علامة السكون، ومحله وعلامة التشديد ومحله، فعلامة السكون أشار إليها بقوله: "فدارة علامة السكون" ، ومحله أشار إليه بقوله: "أعلاه" ، فكأنه يقول: فعلامة السكون دارة تجعل فوق الحرف الساكن أي منفصلة عنه، فالضمير في أعلاه عائد على الحرف الساكن المفهوم من قوله: "السكون" ؛ لأن السكون صفة وكل صفة لا بد لها من موصول تقوم به، واقتصر في علامة السكون على الدارة اعتمادا على اختيار أبي داود، واقتداء بالأكثرين من نقاط مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم، فإنهم يجعلون علامة السكون دارة، وأخذوها مما تقرر عند أهل الحساب من جعل دارة صغيرة في المنزل الخالية من العدد دلالة على الخلو، فما كان الحرف الساكن خاليا من الحركة، جعلوا عليه تلك الدارة دليلا على خلوه من الحركة، وجرى بذلك عمل المتأخرين وعليه عملنا الآن، وفيه مذاهب آخر لم يتكلم عليها الناظم لكون المتأخرين، تركوا العمل بها منها مذهب الخليل، وأصحابه أن علامة السكون جاء هكذا "الحمد لله" ، وأرادوا بذلك الحرف الأول من خفيف، ومنها مذهب نقاط الأندلس أن علامة السكون جرة، وأرادوا بذلك مذهب الخليل لكنهم أسقطوا رأس الخاء، وأبقوا مطتها إلا أن مذهبهم إنما يحسن مع نقط الدؤلي، ومنها مذهب بعض النحاة، والأقل من أهل المدينة أن علامة السكون هاء واقفة، فهؤلاء كلهم يقولون بافتقار الساكن إلى علامة السكون، وخالف في ذلك بعض نقاط العراق، فلم يجعلوا للسكون علامة أصلا، ثم أشار إلى علامة التشديد ومحله بقوله: "والتشديد حرف الشين" أي وعلامة التشديد شين يريد غير معرفة، ولا مجرورة، ولا منقوطة، ويريد أيضًا أنها أعلاه أي أعلى الحرف المشدد، وحذف "أعلاه" من هنا لدلالة "أعلاه" الأول عليه، هذا الوجه هو مذهب الخليل وأصحابه، وإنما قال الناظم: "حرف الشين" ، ولم يقل "حرف السين" ؛ لأن الخليل أخذ الحرف الأول من شديد -وهو الشين- وجعله علامة التشديد محتجا بأن العرب تستغني بالحرف الأول من الكلمة، والكلام بدليل قول الشاعر: نادوهم إذ ألجموا ألاتا ... قالوا جميعا كلهم ألافا أراد بالأول "ألا تركبون" ، وبالثاني "ألا فاركبوا" ، وعلى هذا الوجه غالب نقاط المشرق، واختاره "أبو داود" ١ لمن ينقط بالحركات المأخوذة من الحروف لكون مخترع الجميع واحدا، وهو "الخليل" ٢، وبهذا الوجه جرى عملنا، وسيذكر الناظم غير هذا الوجه، ثم قال: ويجعل الشمل كما قلناه ... أمامه أو تحت أو أعلاه يعني أنك أنك لا تكتفي بعلامة التشديد التي هي الشين المجعولة فوق الحرف المشدد، بل لا بد أن تضيف إليها شكل الحرف المشدد، فتجعله على الصفة المتقدمة بأن تجعل شكل الفتحة ألفا صغيرة مبطوحة، وشكل الضمة واوًا صغيرة، وشكل الكسرة ياء صغيرة، وهذا هو المراد بقوله: "كما قلناه" أي مثل الصفة التي ذكرناها للشكل في الباب السابق، وقوله: "أمامه أو تحت أو أعلاه" أراد به بيان محل يجعل الشكل الذي على الصفة المتقدمة؟ فأجاب بقوله: "أمامه" أي يجعل أمام الحرف المشدد يعني في الضم على قول، أو تحت أي تحت الحرف المشدد يعني في الكسر، أو أعلاه أي أعلى الحرف المشدد يعني في الفتح، ومثله في المحل الضم على قول آخر، وهو المختار المعمول به كما قدمناه، ولم يبين الناظم هل الفتحة توضع فوق الشين أو تحته، وكذا الضمة على القول بجعلها فوق الحرف، هل توضع فوق الشين أو تحته، والذي نص عليه الداني، وغيره وبه العمل أنهما يوضعان فوق الشين، ووجه أنهما لما تواردا مع الشين على محل واحد، وكانت الحركة تدل على شيء واحد -وهو تحريك- والشين يدل على شيئين -التحريك والشد- حصلت ١سبقت ترجمته. ٢ سبقت ترجمته. للشين مزية استوجب بها القرب من الحرف، وأما الكسرة فلم تتوارد مع الشين على محل واحد؛ لأنها توضع من أسفل، ومثلها الضمة على القول بجعلها أمام الحرف، وقول الناظم "أو تحت" أصله، أو تحته أي الحرف، فحذف المضاف إليه، ونوى معناه فبناه على الضم و "أو" فيه، وفيما بعد للتنويع، ثم قال: وبعض أهل الضبط دالا جعله ... يكون إن كان بكسر أسفله وفوقه فتحا وفي انضمامه ... يكون لا امتراء من أمامه وطرفاه فوق قآئمان ... وفهي سوى الأولى منكسان ذكر هنا علامة أخرى للتشديد، فأخبر أن بعض أهل الضبط جعل علامته دالا. والمراد بهذا البعض نقاط مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم وهم نقاط الأندلس، وأرادوا بذلك الدال من "شد" ، وكأنهم رجحوها على الشين لتكرارها في اللفظ، فصارت بذلك ثلثي الكلمة وذلك في حكم الكل، فكأنهما هي اللفظة كلها، وهذا الوجه هو اختيار الداني، ثم ذكر الناظم أن هذا الدال لا يختص بأعلى الحرف كما اختص به الشين، بل يختلف محله باختلاف الحركة، فإن كانت الحركة كسرة كان الدال تحت الحرف المشدد، وإلى هذا أشار بقوله: "يكون إن كان بكسر أسفله" أي يكون الدال أسفل الحرف إن كان الحرف محركًا بالكسر، وإن كانت الحركة فتحة كان الدال فوق الحرف المشدد، وإلى هذا أشار بقوله: "وفوقه فتحا" أي يكون الدال فوق الحرف إن كان ذا فتح، وإن كانت الحركة ضمة كان الدال أمام الحرف المشدد لا فوقه، وإلى هذا أشار بقوله: "وفي انضمامه يكون لا امتراء من أمامه" ، ومعنى لا امتراء لا شك، ثم ذكر في البيت الثالث أن طرفي هذا الدال -أي جناحيه- يكونان قائمين إلى أعلى إن وضع فوق الحرف المشدد، وذلك في الفتح فقط كما تقدم، ويكونان منكسين إلى أسفل إن وضع في سوى الأعلى الذي عبر عنه بفوق، وسواه هو الإمام في الضم، والأسفل في الكسر على ما تقدم هكذا: {لِلَّهِ الْحَقِّ} ١، {بِرَبِّ} ٢، ثم قال: ١ سورة الكهف: ١٨/ ٤٤. ٢ سورة طه: ٢٠/ ٧٠. من غير شكلة لما تنزلا ... منزلها والبعض منهم أشكلا كأول وبعضهم في الطرف ... تكلم هنا على حكم حركة الحرف المشدد على مذهب نقاط المدينة الذين يجعلون علامة الشد دالا، فذكر أن لهم في الحركة مع الدال ثلاثة أقوال: الأول: أن الدال يغني عنها، وإلى هذا القول أشار بقوله: "من غير شكلة" أي من غير وضع علامة الحركة، واللام في قوله: "لما تنزلا" للتعليل، و "ما" مصدرية أي، وإنما لم توضع الشكلة على هذا القول لتنزل الدال منزلتها؛ لأنه يوضع في موضعها كما تقدم، ففيه بيان للشد وللشكلة معا، وباختيار هذا القول صرح أبو داود. القول الثاني: أنه يجمع بين الشد، والشكل تأكيدا في البيان، وإليه أشار بقوله "والبعض منهم أشكلا كأول" أي وقع البعض منهم الشكل مع الدال مطلقا كوضعه في الوجه الأول الذي هو الشد بالشين، وهذا القول رجحه بعض المتأخرين، ولم يتكلم الناظم ولا غيره من المتقدمين على محل الحركة من الشد على هذا القول، واستظهر أن يكون الشد هو الذي يلي الحرف من أي جهة كان قياسا على ما إذا كان الشد بالشين. القول الثالث بالتفصيل: وهو أن الحرف المشدد إن كان في آخر الكلمة جمع فيه بين الشد والشكل؛ لأن الأطراف محل التغيير فيطلب فيها البيان أكثر من غيرها، وإن كان الحرف المشدد أول الكلمة، أو وسطها اكتفى فيه بالشد وإلى هذا القول أشار بقوله: "وبعضهم في الطرف" أي، وبعضهم أشكل في الطرف دون الأول والوسط، قال الداني: وهو قول حسن. ا. هـ. وبقي في علامة التشديد وجوه أخرى لم يتعرض لها الناظم لضعفها، وترك العمل بها وإنكار الشيوخ لها، ثم قال: . . . . . . . . . . . ... وفوق واو ثم يا وألف مط لهمز بعدها تأخرا ... وساكن أدغم أو أن أظهرا بين هنا موضع المط المشار إليه بقوله في الترجمة، وموضع المط من الممدود، فذكر أن المط الذي هو الذي يجعل فوق حروف المد الثلاثة التي هي الألف والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والمراد بالفوقية أن يكون بين المد وحرفه بياض كما كان في الحركة، ويكون حرف المد مقابلًا لوسط المد على المختار، وقبل: يكون ابتداء المد من حرف المد ويمر به إلى الهمز أو الساكن، ولا يدخل في حروف المد هنا ما كان منها مبدلا من الهمز كما في: {الذَّاكِرِينَ} ١ و {أَقْرَرْتُمْ} ٢، و {شَاءَ أَنْشَرَهُ} ٣ على وجه البدل لورش؛ لأنه سيتكلم عليه في باب الهمز. وقد بين الناظم موضع المد ولم يبين علامته، وهي صورته الدالة عليه، وكأنه لما رأى صورته موافقة للفظه الذي هو مد لم يحتج إلى بيانها إلا أن صورته تطمس ميمها، ويزال الطرف الأعلى من دالها هكذا فرقا بينهما وبين لفظه، وقوله: "لهمز بعدها تأخرا أو ساكن" أشار به إلى أن العلة في وقع المد هو وجود الهمز، أو الساكن بعد حروف المد، وذلك أنه لما كان وجود الهمز، أو الساكن بعدها في اللفظ سببا في امتداد الصوت بها، وضع عليها صورة مد في الضبط تنبيها على أنها في اللفظ ممدودة، وقوله: "تأخرا" مستغنى عنه بقوله: "بعدها" ، وقوله: "أدغم وإن أظهرا" تعميم في الساكن، فمثال الهمز بعدها {جَاءَ} ٤، و {قُرُوءٍ} ٥، و {سِيءَ} ٦، ومثال الساكن المدغم أو المظهر بعدها: {الْحَاقَّةُ} ٧، و {مَحْيَايَ} ٨، عند من سكن ياءه، وخالف نقاط العراق في هذا فلم يجعلوا للمد علامة، ورأوا أن وجود السبب كاف في ذلك. واعلم أن قول الناظم "لهمز" يدخل فيه الهمز المتصل المغير، والهمز المتصل المغير والهمز المنفصل، فالأول نحو: {وَاللَّائِي} ٩، عند ورش و {هَؤُلاءِ إِنْ} ١٠، و {أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ} ١١، و {شَاءَ أَنْشَرَهُ} ١٢ عند قالون، والثاني نحو: {بِمَا أُنْزِلَ} ١٣، فيوضع المط في القسم الأول بناء على أحد الوجهين في حرف المد الواقع قبل الهمز المغير وهو وجه لمد، ويوضع المط لورش في القسم الثاني؛ لأنه يمده اتفاقا، ولقالون بناء على أحد الوجهين له فيه وهو وجه المد، وأما على وجه القصر فلا يوضع المط لا في المغير ولا في المنفصل، واحترز الناظم بقوله: "بعدها" عما إذا تقدم الهمز على حروف المد نحو: {آمَنَ} ١٤، و {أُوتُوا} ١٥ ١ آلذكرين سورة الأنعام: ٦/ ١٤٤. ٢ أأقررتم سورة آل عمران: ٣/ ٨١. ٣ شاء أنشره سورة عبس: ٨٠/ ٢٢. ٤ سورة النساء: ٤/ ٤٣. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٨. ٦ سورة هود: ١١/ ٧٧. ٧ سورة الحاقة: ٦٩/ ١. ٨ سورة الأنعام: ٦/ ١٦٢. ٩ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ٣١. ١١ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٣٢. ١٢ سورة عبس: ٨٠/ ٢٢. ١٣ سورة البقرة: ٢/ ٤. ١٤ سورة البقرة: ٢/ ١٨٤. ١٥ سورة البينة: ٩٨/ ٤. و {أَيْمَانٌ} ١، فإنه لا يوضع عليها المط عند قالون لكونه يقرأها بالقصر اتفاقا، ومثله ورش على رواية قصرها وتوسطها له، وأما على رواية إشباعها له، فيوضع المط عليها كما إذا تأخر عنها الهمز، وإنما لم يوضع المط على رواية التوسط مع أن فيه زيادة على المد الطبيعي، لئلا يلتبس المد المتوسط بالمد المشبع. تنبيه: مراد الناظم بالساكن الساكن الموجود مع حرف المد وصلا، ووفقا كما في الأمثلة السابقة، فيخرج الساكن الذي يوجد وصلا خاصة، ويحذف لأجله حرف المد لفظا في الوصل نحو: {وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ} ٢، {قَالُوا اطَّيَّرْنَا} ٣، {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} ٤، فلا يوضع المط في ذلك خطا لعدم وجود حرف المد لفظًا، ويخرج الساكن الموجود وقفا خاصة سواء كان الوقف معه بوجوب الإشباع على التحقيق كما في: {الصَّلاةَ} ٥ و "مزجية" ٦ أو بجوازه نحو: {نَسْتَعِينُ} ٧، و {الْمُفْلِحُونَ} ٨، و {مَتَابِ} ٩، فلا يوضع المط في ذلك خطا لكون حرف المد يقصر في الوصل لعدم وجود الساكن بعده وصلا، والنقط مبني على الوصل، وقوله: و "ساكن" معطوف على "همز" والأظهر في "أن" من قوله: "وأن ظهرا" أن تكون مفتوحة الهمزة زائدة، ويصح كسر الهمزة، وتكون شرطية حذف جوابها لدلالة ما تقدم عليه واو حينئذ بمعنى الواو أي، وإن أظهر الساكن فكذلك، ثم قال: كذا لورش مثل ياء شيء ... في مده ونحو واو السوء ذكر في هذا البيت حكم حرفي اللين الواقع بعدهما همزة كياء: {شَيْءٍ} ١٠ وواو: {السُّوءَ} ١١، فأخبر أنهما كحروف المد في جعل المط فوقهما على رواية مدهما لورش أي مدا مشبعا؛ لأن المد إذا أطلق إنما يحمل على المشبع، وأما على رواية التوسط فيهما لورش، فلا يوضع المط عليهما لئلا يلتبس المد المتوسط بالمد المشبع كما لا يوضع المط عليهما على رواية من قصرهما، وقوله: "في مده" على حذف مضاف أي في رواية مده، والضمير فيه عائد على حرف اللين الذي دل عليه "شيء" ، وقوله: و "نحو" بالرفع عطف على "مثل" ، ثم قال: ١ سورة المائدة: ٥/ ١٠٨. ٢ سورة النمل: ٢٧/ ١٥. ٣ سورة النمل: ٢٧/ ٤٧. ٤ سورة إبراهيم: ١٤/ ١٠. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٣. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٣٨. ٧ سورة الفاتحة: ١/ ٥. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٥. ٩ سورة الرعد: ١٣/ ٣٠. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ٢٠. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٤٩. وإن تكن ساقطة في الخط ... ألحقتها حمرا لجعل المط وإن تشأ إلحاقها تركتا ... ومطة موضعها جعلتا لما تكلم على حكم حروف المد الثابتة في الخط، وما ألحق بهما من حرفي اللين، أشار هنا إلى حكم حروف المد الواقع بعدها همز، أو سكون إذا كانت ساقطة أي محذوفة في خط المصحف، فذكر فيها وجهين: الأول أن تلحقها بالحمراء لأجل أن يجعل عليها المط إذ الأصل فيه أن يجعل فوق حروف المد، فإذا لم توجد في الخط ألحقت محافظة على هذا الأصل، وسواء كان سبب المد همزا متصلا نحو {شُفَعَاءَ} ١، و {النَّبِيِّينَ} ٢ و {لِيَسُوءُوا} ٣، أو همزًا منفصلًا نحو {أَسَاءُوا السُّوأَى} ٤، و {فَأْوُوا إِلَى} ٥ و {لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ} ٦، و {قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ٧، و {تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} ٨، و {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى} ٩ وكذلك: {الدَّاعِ إِذَا} ١٠، و {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} ١١، عند ورش و {إِنْ تَرَنِ أَنَا} ١٢ عند قالون، أو كان السبب سكونا نحو: {وَالصَّافَّاتِ} ١٣، و {أَتُحَاجُّونِّي} ١٤، و {تُشَاقُّونَ} ١٥، و {مَحْيَايَ} ١٦ عند من حذف ألفه، وإلى هذاالوجه أشار بالبيت الأول، وقوله: "حمرا" تصريح بما علم التزاما من قوله: "ألحقتها" ، وذلك؛ لأن التعبير الإلحاق كان من باب التصريح باللازم للإيضاح، وهذا بخلاف لتعبير بالرسم، فإنه لا يسلتزم الحمرة إذ أكثر ما يطلق على ما يكتب بالكحلاء مما هو ثابت في المصاحف. الوجه الثاني: أن لا تلحق حروف المد المحذوفة بل تستغني بجعل المط في موضعها، فيدل المط على الحرف، وعلى كونه ممدودا وإلى هذا الوجه أشار بالبيت الثاني، وقد نص على هذين الوجهين الشيخان وغيرهما، وصرح أبو داود باختيار الوجه الأول، وبه صدر الداني، ولذا قدمه الناظم، وبه جرى عملنا. ١ سورة الأعراف: ٧/ ٥٣. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٧٧. ٣ سورة الإسراء: ١٧/ ٧. ٤ سورة الروم: ٣٠/ ١٠. ٥ سورة الكهف: ١٨/ ١٦. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٦. ٧ سورة الشعراء: ٢٦/ ٣١. ٨ سورة آل عمران: ٣/ ٧. ٩ سورة المنافقون: ٦٣/ ١٠. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ١٨٦. ١١ سورة المائدة: ٥/ ١٠٥. ١٢ سورة الكهف: ١٨/ ٣٩. ١٣ سورة الصافات: ٣٧/ ١. ١٤ سورة الأنعام: ٦/ ٨٠. ١٥ سورة النحل: ١٦/ ٢٧. ١٦ سورة الأنعام: ٦/ ١٦٢. تنبيه: لا يدخل فيما ذكره الناظم في البيت الأول حروف المد التي في أوائل السور، وإن كانت ساقطة في الخط للإجماع على أنها لا تلحق، وأما نزول المط على الحروف التي قبلها المرسومة في فواتح السور نحو: {الم} ١ {قَ} ٢، {نَ} ٣، فلم يرد فيه نص عن المتقدمين، ولذا لم يتعرض له الناظم، وقد اختلف فيه المتأخرون فمنهم من قال بنزوله، ومنهم من قال بعدمه، والعمل عندنا على نزوله، ويجعل فوقها على ما جرى به العمل، وقال بعضهم: يجعل أمامها على محل حرف المد لو كتب هكذا: {يس، وَالْقُرْآنِ} ٤ وقال في {آلم} ٥ يجعل المط بين الألف، واللام؛ لأن ذلك هو موضع إلحاق الألف لو كتب إذ الصحيح أن الألف المحذوف المعانق للام يلحق من اليمين كما سيأتي، وقوله: "وان تشأ" شرط، ومفعوله محذوف تقديره غير إلحاق الحروف، و "تركنا" جواب الشرط و "إلحاقها" مفعول مقدم لـ "تركتا" و "مطة" مفعول أول لـ "جعلتا" ، وموضعها ظرف في محل المفعول الثاني له، وهذه الجملة معطوفة على جملة جواب الشرط، والألف في "تركنا" و "جعلتا" ألف الإطلاق، ثم قال: ومثل هذا حكمها يكون ... إن لم يكن همز ولا سكون في كل ما قد زدته من ياء ... أو صلة أتتك بعد الهاء تعرض هنا إلى حكم حروف المد الساقطة في الخط إذا لم يكن بعدها همز، ولا سكون، فأخبر أنه يخير فيها بين أن تلحق بالحمراء، وبين أن يستغني عن إلحاقها بجعل المط في موضعها، كما خير إذا كان بعدها همز أو سكون، فاسم الإشارة في قوله: "ومثل هذا" راجع إلى التخيير المتقدم، والضمير في حكمها يعود على حروف المد الساقطة، فإن قلت: ظاهر قول الناظم: "ومثل هذا حكمها" البيت، يقتضي وضع المط على حروف المد الملحقة إذا لم يكن بعدها همز، ولا سكون مع أنه لا يوضع عليها حينئذ، فالجواب أن مراد الناظم أن ما هنا مثل ما تقدم في التخيير في الإلحاق، وعدمه لا فيما زاد على ذلك إذ من المعلوم أن المط إنما يوضع على حروف المد إذا كان بعدها همز، أو سكون، ثم أشار إلى موضع التخيير المذكور هنا بقوله: "في كل ما قد زدته من ياء" البيت، أي في كل ما قرأته لنافع بزيادة الياء، وفي كل صلة أتتك بعد هاء الضمير. ١ سورة البقرة: ٢/ ١. ٢ سورة ق: ٥٠/ ١. ٣ سورة ن: ٦٨/ ١. ٤ سورة يس: ٣٦/ ١. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١. والمراد بزيادة الياء زيادتها في اللفظ على خط المصحف سواء كانت أصلية كالياء في: {يَوْمَ يَأْتِي} ١، وفي {الْمُهْتَدِي} ٢، أو زائدة على أصول الكلمة كالياء في: {أَنْ يَهْدِيَنِي} ٣، وفي {إِذَا دَعَانِ} ٤، والمراد بصلة الهاء صلة هاء ضمير الواحد المذكر سواء كانت واوا، أو ياء نحو: {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا} ٥، ومثل صلة هاء الضمير في التخيير المذكور صلة ميم الجمع إذا لم يقع بعدها همز، وكأن الناظم لم يتعرض لها لكونه بنى نظمه على قراءة نافع من رواية ورش وقالون، ولا شك أن ورشا روى عن نافع إسكان ميم الجمع، إذا لم يقع بعدها همز، والأشهر عن قالون إسكانها. واعلم أن ما ذكره الناظم من التخيير في الياء الزائدة، وفي صلة هاء الضمير ومثلها صلة ميم الجمع، هو مما انفرد به أبو داود، وأما الداني فليس عنده في ذلك إلا الإلحاق، ولا يكتفي فيه بالمد عنده، ومذهب الداني هو الأصح الذي جرى به عملنا، واحترز الناظم بقوله: "إن لم يكن همز ولا سكون" عما كان فيه بعد حرف المد همز نحو: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى} ٦، و {تَأْوِيلَهُ إِلَّا} ٧، و {بِهِ إِنْ كُنْتَ} ٨، فإنه داخل في قوله السابق: "وإن تكن ساقطة في الخط" إلخ، وأما ما كان فيه بعد حرف المد ساكن نحو: {بِهِ اللَّهُ} ٩، و {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} ١٠ فإنه لا صلة فيه، ولا زيادة حتى يحترز عنه غير أنه وقعت الزيادة قبل الساكن في موضع واحد، لكن مع تحريك الياء وذلك قوله تعالى: {آتَانِيَ اللَّهُ} ١١ في "النمل" ، فلعل الناظم منه احترز، ثم قال: كذا قياس نحو لا يستحيي ... كقوله أنت وليي يحيي لما ذكر الناظم ما نص الشيوخ على التخيير فيه بين الإلحاق، والاستغناء عنه بالمط، وهو الياء الزائدة وصلة هاء الضمير إذا لم يكن بعدها همز ولا سكون، تعرض في هذا البيت إلى ما لم ينصوا عليه، وهو ما ليس بعده همز ولا سكون مما احتمع فيه ياءان، وحذفت منها الثانية على المختار لكونها ساكنة في الطرف نحو: {وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} ١٢. ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٥٨. ٢ سورة الإسراء: ١٧/ ٩٧. ٣ سورة القصص: ٢٨/ ٢٢. ٤ سورة البقرة: ٢/ ١٥٦. ٥ سورة الانشقاق: ٨٤/ ١٥. ٦ سورة المنافقون: ٦٣/ ١٠. ٧ سورة آل عمران: ٣/ ٧. ٨ سورة الشعراء: ٢٦/ ٣١. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٢٨١. ١٠ سورة طه: ٢٠/ ١٢. ١١ سورة النمل: ٢٧/ ٣٦. ١٢ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٣. و {أَنْتَ وَلِيِّي} ١، و {يُحْيِي وَيُمِيتُ} ٢، فذكر أن قياه أن يكون مثل ما نصوا عليه في التخيير بين الإلحاق والاستغناء عنه بالمط؛ لأن الياء في ذلك سقطت من الطرف خطا ولفظا، وهي ساكنة فكانت كالياء الزائدة في: {نَبْغِي} ٣ و {وَعِيدِي} ٤ إذ هي ساكنة ساقطة من الطرف خطا لا لفظا، فلذا حكم الناظم بقياس ما هنا على تقدم، وقاسية صحيح، والعمل فيما ذكره هنا على الإلحاق دون الاكتفاء بالمد مثل ما تقدم، فإن جاء بعد حرف المد هنا همز نحو: {لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ} ٥، دخل ذلك في قوله قبل هذا "وإن تكن ساقطة في الخط" إلخ، وإن جاء بعده سكون نحو: {نُحْيِ الْمَوْتَى} ٦ كان ساقطا في الوصل لفظا، فلا يلحق لإجماعهم على أن الضبط مبني على الوصل إلا مواضع مستثناه لم يذكروا هذا منها، ولا يلتفت إلى من زعم أنه يلحق إذ لم يقل به أحد من الأئمة المعتبرين، وقول الناظم "كقوله" ، وفي بعض النسخ بالكاف على أنه تمثيل لـ "نحو لا يستحي" ، وفي بعضها بالواو بدل الكاف. ثم قال: ألقول في المدغم أو ما يظهر ... فمظهر سكونه مصور وحرك الحرف الذي من بعد ... حسبما يقرأ ولا يشد أي هذا القول في أحكام الحرف المدغم، وأحكام الحرف المظهر يعني وأحكام ما بعدها من الحرف المدغم فيه، والحرف المظهر عنده؛ لأنه تكلم عليهما أيضا في الباب، وقوله: "فمظهر سكونه مصور" معناه أن ما قرأته لنافع بالإظهار، فإنك تجعل عليه علامة السكون المتقدمة سواء كان مجمعا على إظهاره كاللام والميم من: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} ٧، والفاء والغين والياء من: {أَفْرِغْ عَلَيْنَا} ٨ أو مما اختلف فيه القراء، وقرأه نافع بالإظهار من غير خلاف عنه نحو: {قَدْ سمِعَ} ٩، أو من رواية قالون فقط نحو: {حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} ١٠ أو من رواية ورش فقط نحو: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} ١١، فالحكم في ذلك كله أن يجعل على الساكن علامة السكون دلالة على أنه مظهر في اللفظ، ثم أمرك الناظم في البيت الثاني بأن تحرك الحرف الذي من بعد الساكن المظهر بالحركة التي يقرأ بها من فتحة، أو ضمة أو ١ سورة يوسف: ١٢/ ١٠١. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٨. ٣ سورة الكهف: ١٨/ ٦٤. ٤ سورة ق: ٥٨/ ١٤. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٦. ٦ سورة يس: ٣٦/ ١٢. ٧ سورة الفاتحة: ١/ ١. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٠. ٩ سورة المجادلة: ٥٨/ ١. ١٠ سورة الأنعام: ٦/ ١٣٨. ١١ سورة المائدة: ٥/ ٤٠. كسرة وهي معنى قوله: "حسبما يقرأ" أي تحريكا مثل تحريك يقرأ به، وقوله: "ولا يشد" لفظه لفظ الخبر، ومعناه النهي أي حرك الحرف الذي من بعده، ولا تشدد أي لا تجعل عليه علامة التشديد إذ لا موجب لها، و "أو" في قوله: "أو ما يظهر" بمعنى الواو، وقوله: "حسبما" بفتح السين، وقوله: "يقرأ" بإسكان الهمزة للوزن، ثم قال: وعر ما بصوته أدغمته ... وكل حرف بعده شددته لما فرغ من حكم الحرف المظهر وما بعده، شرع في حكم الحرف المدغم، وما بعده، وقسم المدغم إلى قسمين: قسم أدغم بصوته أي مع صفته ويسمى إدغامه تاما وكاملا وخالصا، وقسم أدغم مع إبقاء صوته أي صفته، ويسمى إدغامه ناقصا، وسيتكلم على القسم الثاني إثر هذا البيت، وتكلم هنا على القسم الأول، فذكر أن حكمه تعرية الحرف المدغم يشدد أي توضع عليه علامة التشديد تنبيها على أنه أدغم فيه ما قبله، وصارا معا كحرف واحد مشدد يرتفع اللسان ارتفاعه واحدة، ولا فرق في هذا الحكم بين أن يكون الحرفان متماثلين نحو: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ} ١، أو غير متماثلين نحو: {بَلْ رَانَ} ٢ ولا بين أن يكون الإدغام عليه نحو: {الرَّحْمَنِ} ٣، {وَإِنْ عُدْتُمْ} ٤، و {قَالَتْ طَائِفَةٌ} ٥، و {اضْرِبْ بِعَصَاكَ} ٦، أو مختلف فيه وقرأ به نافع من غير خلاف عنه نحو: {أَخَذَتِ} ٧ أو رواه ورش فقط نحو: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا} ٨، أو قالون فقط نحو: {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} ٩، فحكم المختلف فيه عند من يدغمه تعرية الأول تشديد الثاني كالمتفق عليه، والباء في قول الناظم: "بصوته" بمعنى "مع" وفي بعض النسخ، "وعر ما أدغمته وصوته" ، وهو أصرح في المعنى المقصود، وقوله "شددته" لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر أي كل حرف بعده شدده، ويجوز في "كل" النصب والرفع، ثم قال: ثم الذي أدغمت مع إبقاء ... صوت كطاء عند حرف التآء صور سكون الطاء إن أردتا ... وشددن بعده حرف التا أو عر شئت كلا الحرفين ... والأول اختير من الوجهين ١ سورة الأعراف: ٧/ ٢٠٥. ٢ سورة المطففين: ٨٣/ ١٤. ٣ سورة الرحمن: ٥٥/ ١. ٤ سورة الإسراء: ١٧/ ٨. ٥ سورة الأحزاب: ٣٣/ ١٣. ٦ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦٣. ٧ سورة فاطر: ٣٥/ ٢٦. ٨ سورة الروم: ٣٠/ ٥٨. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٤. تكلم هنا على حكم القسم الثاني من قسم المدغم، وهو ما أدغم مع إبقاء صوته أي صفته المسمى إدغامه ناقصا، ومنه إدغام النون الساكنة في الواو والياء مع إبقاء الغنة وقد تقدم، ومنه ما مثل به الناظم هنا وهو إدغام الطاء في التاء من: {أَحَطْتُ} ١، و {بَسَطْتَ} ٢، و {فَرَّطْتُ} ٣ لجميع القراء، وقد ذكر الناظم في ضبطه وجهين على سبيل التخيير: الأول أن تصور سكون الطاء وتضع علامة التشديد على التاء، الثاني أن تعرى الطاء من علامة السكون وتعرى التاء من علامة التشديد دون الحركة، وهذان الوجهان هما المتقدمان مع توجيههما في إدغام النون في الواو والياء مع إبقاء الغنة، قال الناظم: و "الأول اختير من الوجهين" أي الأول من هذين الوجهين هو مختار الشيخين وغيرهما، وبه جرى العمل، ومن المدغم إدغاما ناقصا القاف في الكاف من {نَخْلُقْكُمْ} ٤ بالمرسلات على أحد الوجهين فيه، وهو إدغام ذات القاف في الكاف مع إبقاء الاستعلاء الذي هو صفة للقاف، وإليه ذهب مكي وجماعة، وعليه يكون ضبطه كضبط: {أَحَطْتُ} ٥، ونحوه، والوجه الآخر فيه إدغام القاف في الكاف ذاتا وصفة، وهو مذهب الجمهور، وحكى الداني الإجماع عليه، وعليه يكون الإدغام تاما، ويضبط كسائر المدغمات إدغاما تاما بأن تعري القاف من علامة السكون، وتجعل علامة التشديد على الكاف، وبهذا جرى العمل في ضبطه. تنبيه: مما يناسب أن يذكر هنا حكم فواتح السور، وذلك أن فيها الإظهار والإخفاء، والإدغام الخالص والإدغام الناقص، فأما الإظهار فهو الدال من صاد حيث وقع، وفي الميم من ميم حيث وقعت، وفي الميم من لام عند الراء، وفي الفاء من كاف وقاف، ومن ألف حيث وقع، وفي الميم من لام عند الراء، وفي الفاء من كاف وقاف، ومن ألف حيث وقع، وفي النون من: {يّس} ٦ عند قالون، ومن: {نْ وَالْقَلَمِ} ٧ عنده، وعند ورش على الأشهر له، فالحكم أن يحرك الحرف الذي بعدها بحركته، ولا يشدد إذ لا موجب لتشديده سواء كان ما بعدها من هذه الحروف نحو: {الر} ٨، فإنك تحرك اللام، والراء ١ سورة النمل: ٢٧/ ٢٢. ٢ سورة المائدة: ٥/ ٢٨. ٣ سورة الزمر: ٣٩/ ٥٦. ٤ سورة المرسلات: ٧٧/ ٢٠. ٥ سورة النمل: ٢٧/ ٢٢. ٦ سورة يس: ٣٦/ ١. ٧ سورة القلم: ٦٨/ ١. ٨ سورة إبراهيم: ١٤/ ١. ولا تشددهما لإظهار فاء ألف وميم لام، أو كان ما بعدها من غير هذه الحروف نحو: {الر} ١، فإنك تحرك اللام والراء، ولا تشددهما لإظهار فاء ألف وميم لام، أو كان ما بعدها من غير هذه الحروف نحو: {آلم ذَلِكَ} ٢، و {حم، تَنْزِيلٌ} ٣، فإنك تحرك الذال من ذلك والتاء من: {تَنْزِيلٌ} ٤، ولا تشددهما، وأما الإخفاء فإنه في النون من عين في فاتحتي "مريم" و "الشورى" وفي النون من سين في فاتحتي "النمل" و "الشورى" ، والحكم فيه كالحكم في الإظهار سواء؛ لأن الفرق بين الإظهار والإخفاء إنما يظهر في ضبط المسكن وترك ضبطه، والمسكن غير موجود هنا في الرسم، وأما الإدغام الخالص فهو في الميم من لام قبل ميم، وفي النون من {طسم} ٥، والحكم فيه تشديد ما بعده وهو ميم، وأما الإدغام الناقص فهو في نون {يّس} ٦، عند ورش، وعلى وجه عنده أيضا في {نْ وَالْقَلَمِ} ٧، والحكم فيه تعرية ما بعده الشد على المختار المعمول به، وهو ميم، وأما الإدغام الناقص فهو في نون: {يّس} ٨، عند ورش وعلى وجه عنده أيضا في {نْ وَالْقَلَمِ} ٩، والحكم فيه تعرية ما بعده الشد على المختار المعمول به، ووجه أن النون من {يّس} ١٠، و {ن} ١١، لما لم ترسم أعطيت الواو بعدها حكم الواو بعد التنوين، فلم تشدد، و "ثم" في قول الناظم ثم الذي لترتيب الأخبار فلا تدل على مهلة، ثم قال: ألقول في الهمز وكيف جعلا ... محققا ورد أو مسهلا أي هذا القول في بيان أحكام الهمز، والمراد بالأحكام هو ما سيذكره في الباب من هيئة الهمزة هل هي نقطة أو عين، ولونها هل هي صفراء أو حمراء، وموضعها إن لم تكن لها صورة في المصحف، وامتحان موضعها ومحلها من صورتها إن كانت لها صورة في المصحف، ولوازم تغييرها من مد وغيره وقوله و "كيف جعلا" من عطف الخاص على العام إذ هو داخل في الأحكام؛ لأنه محتل لهيئة الهمزة ولونها، وكرره مع دخوله فيما ١ سورة الحجر: ١٥/ ١. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١. ٣ سورة غافر: ٤٠/ ١. ٤ سورة الزمر: ٣٩/ ١. ٥ سورة القصص: ٢٨/ ١. ٦ سورة يس: ٣٦/ ١. ٧ سورة القلم: ٦٨/ ١. ٨ سورة يس: ٣٦/ ١. ٩ سورة القلم: ٦٨/ ١. ١٠ سورة يس: ٣٦/ ١. ١١ سورة القلم: ٦٨/ ١. قبله اعتناء به لكثرته بالنسبة إلى غيره من أحكام الباب، وقوله: "محققا أو مسهلا" حالان من ضمير ورد العائد على الهمز، ومراده بالتسهيل التخفيف على أي وجه كان، لا التسهيل بين بين فقط، وهذا لا باب يلزم مزيد الاعتناء به لكونه أعظم أبواب هذا النظم تنويعا، وأكثرها تأصيلا، وتفريعا، وأدقها تعليلا وتوجيها، وأحوجها بيانا وتنبيها، ثم قال: فضبط ما حقق بالصفراء ... نقط وما سهل بالحمراء تلكم في هذا البيت على حكمين من أحكام الهمزة: أحدهما هيئتها، والثاني لونها، فأما هيئتها فذكر أنها نقط يعني مدورًا كنقط الإعجام في الصورة سواء كانت محققة أو مسهلة، وسيذكر أنها تكتب عينا أيضًا، وأما لونها فصفرة أو حمرة فأشار إلى أنها إن كانت محققة في اللفظ، فهي الخط صفراء اللون سواء كانت أولًا نحو: {أَنا} ١ أو وسطا نحو: {سَأَلُوا} ٢ أو آخرا نحو: {بَدَا} ٣ وسواء كانت صورتها ألفا كما مثلنا أو ياء نحو: {يُبْدِئُ} ٤ أو واوا نحو: {يَعْبَأُ} ٥، وسواء كانت مصورة نحو ما تقدم أو غير مصورة نحو: {آنِيَةٍ} ٦ و {الْأَفْئِدَةِ} ٧، و {مِلءُ} ٨، وسواء كانت متحركة كما تقدم، أو ساكنة نحو: {الرُّؤْيا} ٩، و {وَرِئْيًا} ١٠، و {سُؤْلَكَ} ١١، و {نَبِّئْ} ١٢، وسواء كانت مفردة كما تقدم، أو مجتمعة مع غيرها نحو: {أَأَسْجُدُ} ١٣، و {آلِهَتِنَا} ١٤، و {شَاءَ أَنْشَرَهُ} ١٥، وأشار بقوله: "وما سهل بالحمراء" إلى أن الهمزة إن كانت مسهلة يعني مخففة في اللفظ فهي في الخط حمراء، اللون، وظاهره يقتضي العموم كالذي قبله، لكن الناظم سيخصصه بعد هذا البيت بالتسهيل بين بين، وبالبدل حرفا محركا، فلا يدخل فيه المخفف بالإسقاط، ولا بالنقل ولا بالبدل حرفًا ساكنًا. تنبيه: لم يذكر الناظم حكم حركة الهمزة، والذي عندهم أن المحققة تحرك كسائر الحروف، وأما المخففة فإن سهلت بين بين، فلا تحرك إذ حركتها غير خالصة، ولا فرق ١ سورة الكهف: ١٨/ ٣٤. ٢ سورة النساء: ٤/ ١٥٣. ٣ سورة العنكبوت: ٢٩/ ٢٠. ٤ سورة البروج: ٨٥/ ١٣. ٥ سورة الفرقان: ٢٥/ ٧٧. ٦ سورة الغاشية: ٨٨/ ٥. ٧ سورة الهمزة: ١٠٤/ ٧. ٨ سورة آل عمران: ٣/ ٩١. ٩ سورة الصافات: ٣٧/ ١٠٥. ١٠ سورة مريم: ١٩/ ٧٤. ١١ سورة طه: ٢٠/ ٣٦. ١٢ سورة الحجر: ١٥/ ٤٩. ١٣ سورة الإسراء: ١٧/ ٦١. ١٤ سورة هود: ١١/ ٥٣. ١٥ سورة عبس: ٢٨/ ٢٢. في عدم تحريكها بين: {أَؤُنَبِّئُكُمْ} ١ وباب: {أَإِفْكًا} ٢، وغيرهما على المختار المعمول به، وكذلك لا تحرك المبدلة حرف مد، وأما المبدلة حرفا محركا نحو: {لَيْلًا} ٣، و {مُؤَجَّلًا} ٤ عند ورش فقيل تحرك، وقيل: لا تحرك، والعمل على تحريكها، وقول الناظم "نقط" خبر عن قوله: "ضبط" وقوله: "بالصفراء" هو في الأصل نعت لنقط لكنه لما قدم عليه رجع حالا، "وما سهل" مبتدأ على حذف مضاف أي نقط ما سهل، وخبره محذوف تقديره نقط، و "الحمراء" نعت لنقط المحذوف، ثم قال: وذا الذي ذكرت في المسهل ... سهل بين بين أو بالبدل إذا تحرك ... لما قدم أن ضبط الهمز المسهل نقط بالحمراء، واقتضى لفظه المتقدم عموم هذا الضبط في جميع أنواع التسهيل، لكونه أراد بالمسهل فيما تقدم المخفف، أشار هنا إلى تخصيص ذلك العموم، فأخر أن الضبط الذي ذكره في الهمز المسهل خاص بما سهل بين بين، وبما أبدل حرفا محركا، أما تسهيل بين بين، فجعلت علامته نقطة تشبيها له بالهمزة المحققة لما فيه من بعض الهمزة، إذ هي تسهل بينها وبين حرف شكلها، وأما ما أبدل حرفا محركا، فإبقاء حركة الهمزة فيه صير الهمزة، كأنها باقية، فجعلت علامتها نقطة بخلاف ما أبدل حرف مد، فإن الهمزة ذهبت فيه ذهبت حركتها، والحرف الذي جيء به أجنبي. وقوله: "سهل بين بين" يشمل مواضع منها: {أَرَأَيْتَ} ٥، و {هَا أَنْتُمْ} ٦، وباب: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} ٧ لقالون، وكذا ورش على وجه التسهيل له وباب: {آللَّهُ} ٨ على وجه التسهيل فيه، فتجعل في الجميع نقطة حمراء في رأس الألف دلالة على التسهيل بين بين، فإن كانت الألف محذوفة نقطة حمراء في رأس الألف دلالة على التسهيل بين بين، فإن كانت الألف محذوفة كألف: {أَرَأَيْتَ} ٩ ألحقت، وجعلت النقطة في رأسها على ما جرى به العمل، ومنها باب: {أَإِلَهٌ} ١٠، وباب "أئزل" مما صورت فيه إحدى الهمزتين ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٦١. ٢ سورة الصافات: ٣٧/ ٨٦. ٣ سورة الحديد: ٥٧/ ٢٩. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٥. ٥ سورة الماعون: ١٠٧/ ١. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٦٦. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٦. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٥٩. ٩ سورة الماعون: ١٠٧/ ١. ١٠ سورة النمل: ٢٧/ ٦٠-٦٣. فقط، فإن نقطه على المختار عند الناظم، وبه العمل أن تجعل الصفراء في رأس الألف، والحمراء في السطر بعدها علامة التسهيل، وسيأتي للناظم فيه غير هذا الوجه، منها: {جَاءَ أُمَّةً} ١، وباب: {وَجَاءَ إِخْوَةُ} ٢ وكذلك باب: {يَشَاءُ إِلَى} ٣ على وجه التسهيل، وكذلك المتفقان من كلمتين نحو: {شَاءَ أَنْشَرَهُ} ٤ على وجه تسهيل الثانية منهما لورش، فالحكم في الجميع أن تجعل نقطة حمراء في موضع الهمزة المسهلة، ومنها: {أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ} ٥، وباب على {الْبِغَاءِ إِنْ} ٦ عند قالون، فالحكم أن تجعل نقطة حمراء في موضع الهمزة الأولى دلالة على التسهيل، وبهذا جرى العمل، وسيأتي للناظم في ذلك غير هذا الوجه، وقوله: "أو بالبدل إذا تحرك" يشمل مواضع أيضا منها: {لَيْلًا} ٧ و {لِأَهَبَ} ٨ وباب: {مُؤَجَّلًا} ٩، فالحكم فيها جعل نقطة حمراء في موضع الهمزة من الصورة دلالة على إبدالها حرفا محركا، وسنذكر في: {لِأَهَبَ} ١٠ غير هذا الوجه مع بيان ما به العمل فيه، ومنها باب: {مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} ١١، و {يَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} ١٢، فالحكم جعل نقطة حمراء في موضع الهمزة المبدلة دلالة على البدل. ومنها باب: {يَشَاءُ إِلَى} ١٣ على وجه الإبدال، و {هَؤُلاءِ إِنْ} ١٤ و {عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ} ١٥ عند من يبدلهما ياء مكسورة، فالحكم جعل نقطة حمراء في موضع الهمزة المبدلة دلالة على البدل. وأخرج بقوله: "إذا تحرك" مواضع: {أَرَأَيْتُمْ} ١٦، و {هَا أَنْتُمْ} ١٧ وباب: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} ١٨ وباب {آللَّهُ} ١٩ عند من يقرؤها كلها بإبدال الهمزة حرف مد، فإن الهمزة المبدلة حرف مد لا تجعل النقطة في موضعها، ومنها الهمزة الثانية من المتفقين في كلمتين على وجه إبدالها لورش حرف مد، فلا تجعل النقطة في وضعها، ومنها الهمزة ١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٤٤. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٥٨. ٣ سورة البقرة: ٢/ ١٤٢. ٤ سورة عبس: ٨٠/ ٢٢. ٥ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٣٢. ٦ سورة النور: ٢٤/ ٣٣. ٧ سورة الحديد: ٥٧/ ٢٩. ٨ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ٩ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٥. ١٠ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ١١ سورة يوسف: ١٢/ ٧٦. ١٢ سورة هود: ١١/ ٤٤. ١٣ سورة البقرة: ٢/ ١٤٢. ١٤ سورة البقرة: ٢/ ٣١. ١٥ سورة النور: ٢٤/ ٣٣. ١٦ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٤. ١٧ سورة آل عمران: ٣/ ٦٦. ١٨ سورة البقرة: ٢٠/ ٦. ١٩ سورة يونس: ١٠/ ٥٩. الساكنة إذا أبدلت نحو: {آمَنَ} ١، و {يُؤْمِنَّ} ٢ و {بَيْنَ} ٣ وشبهة، فلا تجعل النقطة في موضعها. تنبيهان: - الأول: إطلاق الناظم فيما سهل بين بين يقتضي دخول باب: {أَإِفْكًا} ٤، و {فَيُنَبِّئُكُمْ} ٥، و {اللَّائِي} ٦ مما للهمزة المسهلة فيه صورة، فيكون حكمها جعل نقطة حمراء في موضع الهمزة المسهلة علامة للتسهيل، وذلك تحت الياء وفوق الواو، وهذا الوجه حسن وهو الذي يعطيه القياس، وبه جرى العمل عندنا في باب: {إِفْكًا} ٧ غير أن المتقدمين لم ينصوا عليه في هذه المواضع، وسنذكر ما نصوا عليه فيها مع بيان ما جرى به عملنا في: {أَؤُنَبِّئُكُمْ} ٨، {وَاللَّائِي} ٩. - الثاني: لم يتعرض الشيخان لكيفية ضبط: {النَّبِيُّ إِنَّا} ١٠ في "الأحزاب" لقالون و {بِالسُّوءِ إِلَّا} ١١ في سورة "يوسف" على وجه الإبدال له، والذي جرى به العمل في ضبطهما له أن تعري الياء في: {النَّبِيُّ أَنْ} ١٢ والواو في {بِالسُّوءِ إِلَّا} ١٣ على وجه الإبدال من علامتي التشديد، والحركة لعدم وجود المدغم فيه رسما في الكلمتين، وبيانه أن الرسم مبني على الابتداء والوقف كما قدمناه، ولا شك أن الموقف عليه لقالون في الكلمتين همزة، ولا وجود لها في المصحف، فيتعين أن تكون الياء المرسومة في: {النَّبِيُّ أَنْ} ١٤ والواو المرسومة في: {بِالسُّوءِ إِلَّا} ١٥ هما الناشئتان عن الحركة قبلهما، وهما المدغمان في وصل قالون فيلزم تعريتهما، وإلى هذا أشار الشيخ سيدي عبد الرحمن بن القاضي بقوله: بالسو في الصديق والنبي ... معا لدى الأحزاب يا صفي بالهمز في الوقف لقالون ورد ... فخذ به ورد قول من جحد ولا تضع في ضبطه شكلا ولا ... شدا لفقد مدغم فيه جلا ١ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٥. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٢. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٦٦. ٤ سورة الصافات: ٣٧/ ٨٦. ٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٦١. ٦ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٧ سورة الصافات: ٣٧/ ٨٦. ٨ سورة الإسراء: ١٧/ ٦١. ٩ سورة الطلاق: ٦٥/ ٦. ١٠ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٤٥. ١١ سورة يوسف: ١٢/ ٥٣. ١٢ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٠. ١٣ سورة يوسف: ١٢/ ٥٣. ١٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٠. ١٥ سورة يوسف: ١٢/ ٥٣. وهذا بخلاف: {النَّسِيءُ} ١ لورش، فإنه بوضع فيه على الياء علامة التشديد والحركة على الصواب لوجود المدغم فيه وصلا، ووقفا فيتعين أن يكون المحذوف منه رسما هي الياء الأولى على قاعدة المدغمين في كلمة كالولي، والموجود فيه رسما هي الياء الثانية المدغم فيها، التي أصلها الهمز اكتفي بصورتها عن صورة المدغم على قياس المدغمين في كلمة. فإن قلت: هل تجعل نقطة بالحمراء في موضع الهمزة من هذه الكلمات، لإبدال الهمزة حرفا محركا حتى أدغمت فيه الياء، والواو؟ قلت: ذكر العلامة التنسي ما معناه أن شرط ضبط الهمزة المبدلة حرفا محركا بالحمراء أن لا يؤدي الإبدال إلى الإدغام، أما إن أدى إليه، فلا يجعل لها نقطة أصلًا، قال: وذلك: {النَّسِيءُ} ٢ لورش: {النَّبِيَّ} ٣ في حرفي "الأحزاب" لقالون و {بِالسُّوءِ إِلَّا} ٤ على قول عنده انتهى، واعترضه الشيخ ابن عاشر بما "الأحزاب" لقالون و {بِالسُّوءِ إِلَّا} ٥ على قول عنده انتهى، واعترضه الشيخ ابن عاشر بما يعلم بالوقوف عليه، وقال في: {النَّبِيُّ إِنَّا} ٦ لقالون و {بِالسُّوءِ إِلَّا} ٧ على وجه الإبدال له القياس على مقتضى قول الناظم في الضبط، وذا الذي ذكرت في "المسهل" سهل بين بين، أو بالبدل إذا تحرك أن تجعل الهمزة نقطة بالحمراء في السطر لإبدالها حرفا محركا حتى أدغمت فيها الواو، والياء قبلها. ا. هـ. والذي جرى به العمل عدم وضع النقطة في {النَّبِيُّ إِنَّا} ٨، وفي {بِالسُّوءِ إِلَّا} ٩ على وجه الإبدال لقالون كـ {النَّسِيءُ} ١٠ لورش. وقول الناظم "في المسهل" متعلق بمحذوف خبر عن قوله: "ذا" ، وجملة "سهل" في موضع الحال من "المسهل" متعلق بمحذوف خبر عن قوله: "ذا" ، وجملة "سهل" في موضع الحال من "المسهل" ، ثم قال: . . . . . . . . . . . . ففي مؤجلا ... وبابه من فوقه إن أبدلا وهكذا بألف من لأهب ... لمن إلى الياء قراة ذهب ١ سورة التوبة: ٩/ ٣٧. ٢ سورة التوبة: ٩/ ٣٧. ٣ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٠. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ٥٣. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ٥٣. ٦ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٠. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٥٣. ٨ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥٠. ٩ سورة يوسف: ١٢/ ٥٣. ١٠ سورة التوبة: ٩/ ٣٧. أتى الناظم بما ذكره هنا تمثيلا لما أبدل حرفا محركا وزيادة، وفي البيان إذ هو مندرج في قوله: "أو بالبدل إذا تحرك" كما قررناه قبل، ولما كان المبدل حرفا محركا يتنوع إلى ما وافقت صورته تلاوته، وإلى ما خالفت صورته تلاوته، مثل لكلا النوعين، فمثل للنوع الأول بـ {مُؤَجَّلًا} ١، وببابه عند من أبدله وأراد بابه نحو: {مُؤَذِّنٌ} ٢، و {لَيْلًا} ٣، ومثل للنوع بـ {لِأَهَبَ} ٤ إذ صورة همزة في الرسم ألف، وهي مخالفة للياء عند من قرأ بها، ومثل بـ {لِأَهَبَ} ٥، نحو {يَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} ٦ ومن: {وِعَاءِ أَخِيهِ} ٧ ونحو {يَشَاءُ إِلَى} ٨، و {هَؤُلاءِ إِنْ} ٩ عند من أبدل الثانية ياء إذ كلها لا توافق صورة الهمز فيها التلاوة. فقول الناظم: "وهكذا بألف من لأهب" يعني وبابه أيضا، وما ذكره في: {لِأَهَبَ} ١٠ من جعل نقطة حمراء على الألف دلالة على الإبدال هو الذي يؤخذ من كلام الداني، وصرح به بعض الأئمة، وهو مذكور في بعض نسخ ذيل "التنزيل" ، وعمل به في بعض البلاد، واقتصر أبو داود حسبما هو في عدة نسخ من الذيل على جعل ياء بالحمراء على الألف بناء على أن الياء عند من قرأ بها مبدلة من الهمز، وهذا الوجه الذي اقتصر عليه أبو داود هو الذي اختاره اللبيب، وبه جرى العمل عندنا بتونس، وهو الذي يجري مع كون الياء: {لِأَهَبَ} ١١ حرف مضارعة، وقد ذكر اللبيب أوجها أخرى في {لِأَهَبَ} ١٢ لم يصحبها عمل لضعفها، وقول الناظم في "مؤجلا" و "من فوقه" يتعلقان بـ "تجعل" محذوفا، ويقدر مثله في البيت الثاني للتعلق به مجروراته، ثم قال: والحكم في أخراهما كاحكم ... من بعد كسر وردت أو ضم ذكر في هذا البيب حكم الهمزة الثانية من الهمزتين المجتمعين في كلمتين إذا أبدلت الثانية حرفا محركًا، فأخبر أن الحكم في أخراهما أي الهمزة الثانية كالحكم السابق في: {مُؤَجَّلًا} ١٣، و {لِأَهَبَ} ١٤ من جعل نقطة حمراء في موضع الهمزة المبدلة، وذلك إذا وقعت الهمزة الثانية من بعد كسر، أو ضم في الهمزة الأولى، فمثالها بعد الكسر ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٥. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ٤٤. ٣ سورة الحديد: ٥٧/ ٢٩. ٤ سورة مريم: ١٩/ ٥٩. ٥ سورة مريم: ١٩/ ٥٩. ٦ سورة هود: ١١/ ٤٤. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٧٦. ٨ سورة البقرة: ٢/ ١٤٢. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٣١. ١٠ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ١١ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ١٢ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ١٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٥. ١٤ سورة مريم: ١٩/ ١٩. {مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} ١، ونحوه {هَؤُلاءِ إِنْ} ٢ و {عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ} ٣ عند من يبدل الثانية ياء مكسورة، ومثالها بعد الضم: {يَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} ٤، ونحوه {يَشَاءُ إِلَى} ٥ على مذهب من يبدل الثانية واوا، وما ذكره في هذا البيت هو من باب {لِأَهَبَ} ٦ إذ صورته لا توافق تلاوته كما قدمنا، فكان اللائق أن يستغني عنه بالتمثيل بـ {لِأَهَبَ} ٧ لكن لما كان الهمز في: {لِأَهَبَ} ٨ مفردا وفيما هنا مجتمعا مع همز آخر خشي الناظم أن يتوهم افتراقهما في الحكم، فأشار بهذا البيت إلى أن الحكم في الجميع واحدا، وما ذكره هنا هو الذي اقتصر عليه الشيخان، وبه العمل كما قدمناه، وأجاز بعضهم أن تجعل في موضع الهمزة واو حمراء في نحو: {يَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} ٩، وياء حمراء في نحو: {مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} ١٠، وأنكر ذلك الداني، وقول الناظم: "كالحكم" فيه حذف النعت أي كالحكم السابق وجملة: "وردت" حال من "أخراهما" ، وقوله "من بعد كسر" متعلق بـ "وردت" و "أو ضم" معطوف على كسر، ثم قال: وإن تشأ صورت همزًا أولًا ... واوا حمرا لمن قد سهلا لاهما لدى اتفاق الهمزتين ... إن جاءتا بالضم أو مكسورتين ذكر في هذين البيتين أن الهمزتين في كلمتين إذا اتفقتا في الضم نحو: {أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ} ١١، أو في الكسر نحو: {هَؤُلاءِ إِنْ} ١٢ يجوز لمن سهل أولاهما بين بين -وهو قالون- أن تجعل في موضع المسهلة منهما صورة حمراء من جنس حركتها واوا إن كانت مضمومة، وياء إن كانت مكسورة، وقد تقدم للناظم أن كل ما سهل بين بين تجعل فيه نقطة حمراء في موضع الهمزة، وهذان النوعان المذكوران هنا من ذلك، فيتحصل فيهما وجهان: أحدهما أن تجعل نقطة حمراء في موضع المسهل، وهو المأخوذ من عموم ما تقدم، والوجه الآخر هو المذكور هنا، وقد ذكر الشيخان هذين الوجهين، واختار أبو داود الوجه الأول، وبه جرى العمل كما قدمنا، وقول الناظم: "بالضم" راجع إلى قوله "واوا" ١ سورة يوسف: ١٢/ ٧٦. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٣١. ٣ سورة النور: ٢٤/ ٣٣. ٤ سورة هود: ١١/ ٤٤. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٤٢. ٦ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ٧ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ٨ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ٩ سورة هود: ١١/ ٤٤. ١٠ سورة يوسف: ١٢/ ٧٦. ١١ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٣٢. ١٢ سورة البقرة: ٢/ ٣١. وقوله: "أو مكسورتين" راجع إلى قوله: "ويا" ففي كلامه لف ونشر مرتب، وقوله: "أولا" نعت لـ "همزا" أي همزا سابقا، وقوله: "واوا" على حذف النعت أي واوا حمراء، وحذفه لدلالة ما بعده عليه، والباء في قوله: "بالضم" بمعنى "مع" ، ثم قال: وكل ما وجدته من نبر ... من غير صورة فضع في السطر ذكر في هذا البيت محل وضع الهمز الذي لا صورة له في المصحف، فأمر بأن يوضع في السطر كل ما وجد من نبر لا صورة له أي لم يصور في المصحف العثماني بالألف، ولا بالواو ولا بالياء، والنبر عند سيبويه، والجمهور مرادف للهمز كان محققا، أو مخففا وهو الذي عند الناظم، وقال الخليل: النبر خاص بالهمز المخفف، ولا فرق في وضع الهمز في السطر إذا لم تكن له صورة بين أن يكون أولا نحو: {آسِنٍ} ١ أو وسطا نحو: {شَطْأَهُ} ٢ أو آخرا نحو: {مِلءُ} ٣، ولا يبين أن يكون محققا كما مثلنا، أو مبدلا حرفا محركا نحو: {هَؤُلاءِ آلِهَةً} ٤، أو مسهلا بين بين نحو: {أَإِلَهٌ} ٥ على المختار المعمول به. ولا فرق أيضا بين جعل الهمزة نقطة كما عند نقاط المصاحف، وبين جعلها عينا كما عند النحاة والكتاب، وإذا لم تكن هناك مطة كـ {مِلءُ} ٦ و {أَإِلَهٌ} ٧، فلا إشكال في وضع الهمز في بياض السطر، وأما إن كان هناك مطة كـ {شَطْأَهُ} ٨، فصرح أبو داود بأن الهمزة تكون متصلة بالمطة من غير أن تقطعها، وهو الصواب المعمول به، وقول الناظم: "وكل" بالنصب مفعول بـ "ضع" ، والفاء زائدة و "من" في قوله: "من غير" بمعنى الباء، ثم قال: وما بشكل فوقه ما يفتح ... مع ساكن وما بكسر يوضع من تحت والمضموم فوقه ألف ... لكنه بوسط من الألف تعرض في هذين البيتين إلى محل وضع الهمز الذي له صورة، وهي التي عبر عنها هنا بالشكل، فلفظ الشكل عند الناظم مشترك بين الحركة، وبين صورة الهمز التي هي ١ سورة محمد: ٦٧/ ١٥. ٢ سورة الفتح: ٤٨/ ٢٩. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ٩١. ٤ سورة الأنبياء: ٢١/ ٩٩. ٥ سورة النحل: ٢٧/ ٦٠-٦٣. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٩١. ٧ سورة النحل: ٢٧/ ٦٠-٦٣. ٨ سورة الفتح: ٤٨/ ٢٩. الألف أو الواو أو الياء، فقوله: و "ما بشكل فوقه ما يفتح مع ساكن" معناه أن الهمز الذي له شكل إن كان مفتوحا، أو ساكنا فإنه يجعل فوق الشكل سواء كان أولا نحو "أنتم" ، أو وسطا نحو "سألوا" و "البأس" ، أو آخر نحو "بدأ" و "قرأ" ، وسواء كانت الصورة ألفا كما مثلنا أو واوا: {مُؤَجَّلًا} ١، و {يُؤْمِنُ} ٢ لقالون أو ياء نحو: {فِئَةٍ} ٣ "وهيئ" ، وقوله: "وما بكسر يوضح من تحت" معناه أن الهمز إذا كان مكسورا جعل تحت شكل الصورة، سواء كان أولا نحو "إن" ، أو وسطا نحو "فإن أو آخرا نحو" من نبإ "، وسواء كانت الصورة ألفا كما مثلنا، أو ياء نحو" سئلت "أو واوا نحو" لؤلؤ "، وقوله: و" المضموم فوقه ألف إلخ، معناه أن الهمز إذا كان مضموما جعل فوق الشكل لكن لا مطلقا بل إذا صور بواو أو ياء نحو: {يَكْلَأُكُمْ} ٤، و {يُنْشِئُ} ٥، وأما إذا صور بألف فإنه يجعل في وسطه نحو: {أُكُلُهَا دَائِمٌ} ٦ لكن بشرط أن لا تقع المطة، وحكم الهمزة متصلة بصورتها، أو يبقى بينهما بياض؟ حكى الداني في ذلك قولين، واختار القول بالاتصال مطلقا وبه العمل، وقوله الناظم: "بوسط من الألف" صريح في اتصال الهمزة بصورتها إلا أنه لم يقل إلا في المضمومة المصورة بألف، وكلامه في غيرها مجمل، فإذا رد المجمل إلى المسفر وافق كلامه مختار الداني، وقوله: "يوضح" بالبناء للنائب معناه يبين أي في الخط، وقوله: "ألف" بضم الهمزة فعل ماض مبني للنائب بمعنى عهد، وأما الألف في آخر البيت فهو اسم للحرف، والباء في قوله: "بوسط" بمعنى "في" ، ثم قال: ثم امتحن موضعه بالعين ... حيث استقرت ضعه دون مين كعامنوا في ءامنوا والسوع ... في السوء والمسيء كالسيع ذكر في البيت الأول ما يمتحن به موضع الهمز، فأمر بأن يمتحن أي يختبر موضعه بالعين بأن ينطق بها في موضع الهمز، فالموضع الذي تظهر فيه العين فيه يوضع الهمز خطا، وهذا معنى قوله: "حيث استقرت" أي العين "ضعه" أي الهمز كيف ما كان "دون مين" أي دون كذب، وهذا الذي ذكره الناظم ذكره النقاط وغيرهم، وإنما احتاجوا لذكره؛ لأن من أاد وضع الهمزة نقد يشكل عليه محل وضعها، لكون المصاحف العثمانية لم توضع ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٥. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٢. ٣ سورة الأنفال: ٨/ ١٦. ٤ سورة الأنبياء: ٢١/ ٤٢. ٥ سورة الرعد: ١٣/ ١٢. ٦ سورة الرعد: ١٣/ ٣٥. فيها الهمزة بل جعل موضعها خاليا، فجاء من بعد السلف، وأحدث للهمزة هيئة إما نقطا أو عينا، ثم مثل الناظم في البيت الثاني بثلاثة أمثلة لما يمتحن بالعين: الأول "آمنوا" ، وأشار به إلى ما وقع فيه بعد الهمز حرف مد، فيدخل فيه: {مَسْؤُولًا} ١، و {مُتَّكِئِينَ} ٢ فتقول: "عامنوا" و "مسعولا" و "متكعين" ، فظهرت العين قبل الألف والواو والياء، فتجعل الهمزة في مكانها، والمثال: {السَّوْءِ} ٣ مثل به للهمز الذي قبله واو، والمثال الثالث: {الْمُسِيءُ} ٤ مثل به للهمز الذي قبله ياء، ولم يمثل للهمز الذي قبله ألف نحو: {دُعَاءِ} ٥ اكتفاء عنه بمثالي الواو والياء الواقعين قبل الهمز، وهذه الأمثلة التي ذكرها قد يتوهم فيها جعل الهمزة في حرف المد، فلذا اقتصر عليها، وإلا فالامتحان بالعين يعم الهمز الذي لا صورة له -كأمثلة الناظم- والهمز الذي له صورة نحو: {سَأَلُوا} ٦ و {مُؤَجَّلًا} ٧، و {فِئَةٍ} ٨، و "ثم" في قوله: "ثم امتحن" لمجرد العطف، وليست للمهلة بل ولا للترتيب؛ لأن مرتبة الامتحان بالعين سابقة على ما استفيد من قوله: "وكل من نبر" وما بعده، وقوله: "موضعه" مفعول به لـ "امتحن" ، وليس بظرف، ثم قال: وخصت العين لما بينهما ... من شدة وقرب مخرجيهما لأجل ذا خطت عن الثقات ... عينا من الكتاب والنحاة يعني أن وجه اختصاص العين بالامتحان بها دون غيرها من الحروف هو ما بينها، وبين الهمزة من المناسبة من وجهين: أحدهما كون الهمزة شديدة والعين فيها بعض الشدة بخلاف سائر حروف الحلق، والثاني أنهما معا من حروف الحلق بخلاف سائر حروف الشدة، ليس يخرج منها شيء من الحلق، فما يشارك الهمزة من حروف الهجاء إما يشاركها في المخرج فقط، أو في الصفة فقط ما عدا العين، فإنها تشاركها في المخرج والصفة، وهذا التوجيه ذكره الداني، وزاد في التوجيه اشتراكهما في الجهر، وكون العين أكثر دورا من غير واعلم أن الناسبة المذكورة بين الهمزة، والعين أوجبت للهمزة أمرين: أحدهما يرجع إلى اللفظ وهو امتحان موضعها بالعين دون غيرها، وهو الذي ذكره الناظم فيما ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٣٤. ٢ سورة الواقعة: ٥٦/ ١٦. ٣ سورة التوبة: ٩/ ٩٨. ٤ سورة غافر: ٤٠/ ٥٨. ٥ سورة إبراهيم: ١٤/ ٤٠. ٦ سورة النساء: ٤/ ١٥٣. ٧ سورة آل عمران: ٣/ ١٤٥. ٨ سورة الأنفال: ٨/ ١٦. تقدم، والأمر الثاني يرجع إلى الخط، وهو تصويرها بصورة العين دون صورة غيرها من الحروف، وإلى هذا أشار هنا في البيت الثاني، فقوله: "لأجل ذا" أي لأجل ما بين الهمزة، والعين من المناسبة المتقدمة "خطت" أي كتبت الهمزة صورة عين "عن الثقاة من الكتاب والنحاة" ، والنحاة معروفون، والمراد بالكتاب هنا أصحاب الرسائل والأشعار، وأما نقاط المصاحف فمجمعون على جعل الهمزة نقطة كانت لها صورة في المصحف أو لا، نعم جرى العمل بجعل الهمزة المحققة عينا في ألواح التعليم، وقوله: "عن الثقاة" هو في بعض النسخ بالثاء المثلثة جمع ثقة وهو العدل المأمون، وفي بعضها بالتاء المثناة فوق جمع ناق بمعنى تقي. ثم قال: وكل ما من همزتين وردا ... في كلمة بصورة قد أفردا فقيل: صورة للأولى منهما ... وقيل: بل هي إلى ثانيهما يعني أنه إذا اجتمع همزتان في كلمة، وليس فيها إلا صورة واحد فقد اختلف هل تلك الصورة للهمزة الأولى أو للهمزة الثانية، ودخل في عموم كلامه الهمزتان المفتوحتان نحو: {أَأَسْجُدُ} ١، و {ءالله} ٢، والمفتوحة فالمضمومة نحو {آمَنَ} ٣، ودخل فيه أيضا ما اجتمع فيه ثلاث همزات نحو: {أَآلِهَتُنَا} ٤ الواقع في "الزخرف" ، فإنك إذا قطعت النظر عن الثالثة كان الأولياء داخلتين في قسم المفتوحة فالساكنة، وقوله: "فقيل صورة للأولى منهما" ، هو مذهب الفراء، وعلل بتصدرها وبأنها جيء بها لمعنى في الأكثر، وقوله: "وقيل بل هي إلى ثانيهما" هو مذهب الكسائي، وعلل بأن الأولى زائدة دائما فهي أولى بحذف صورتها، وأخذ النقاط بالقولين على ما سيتبين مما بعد، واحترز بقوله: "بصورة قد أفردا" مما فيه صورتان وذلك: {أَؤُنَبِّئُكُمْ} ٥ وباب: {أَإِفْكًا} ٦ فإن حكمها مخالف لحكم هذا الفصل، وقد ذكر المتقدمون فيهما وجهين على قراءة من سهل الهمزة الثانية: الوجه الأول: جعل دارة ووجهه على التحقيق أن النقطة علامة الهمزة المسهلة، والدارة لتوهم زيادة الواو والياء؛ لأن قائل ذلك يرى أن هذا الموضع ليس ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٦١. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٥٩. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٥. ٤ سورة هود: ١١/ ٥٣. ٥ ورة آل عمران: ٣/ ١٥. ٦ سورة الصافات: ٣٧/ ٨٦. بمحل للواو والياء وإنما هو محل الألف، لكنها الدارة، الوجه الثاني: تعرية الواو والياء من النقطة والدارة، واستحسنه أبو داود، ووجه أن الأداء إنما يؤخذ من الشيوخ مشافهة، فالتعرية توجب السؤال. وزاد بعض العلماء وجها ثالثا فيهما، وهو الاكتفاء بالنقطة عن الدارة، وهذا الوجه الثالث هو الذي يقتضيه قول الناظم فيما تقدم: "وذا ذكرت في المسهل" إلخ، كما نبهنا عليه هناك غير أن النظام يجعل النقطة المكتفى بها علامة التسهيل. ومن يقول بالوجه الثالث يجعل النقطة علامة الحركة، والوجه الذي اقتضاه كلام الناظم فيما تقدم هو الذي يعطيه القياس، وبه جرى العمل عندنا في باب: {أَإِفْكًا} ١ كما قدمناه في شرح قول الناظم: "وذا الذي ذكرت في المسهل" إلخ. وأما {أَؤُنَبِّئُكُمْ} ٢، فالعمل عندنا بتونس في ضبطه على الوجه الأول الذي استحسنه الداني، وهو جعل دارة على الواو، وجعل نقطة أمام الواو، وعمل في بعض البلاد بجعل نقطة فوق الواو. فإن قلت: لم أعرض الناظم عن ذكر الدارة مع أن الواو في: {أَؤُنَبِّئُكُمْ} ٣ والياء في باب {أَإِفْكًا} ٤ كلاهما كالزائد كما تقدم في توجيه الوجه الأول؟ فالجواب أن الناظم لما قدم في الرسم أن الواو، والياء في ذلك كتبتا على مراد الوصل لا على أنهما زائدتان، أعرض عن ذكر الدارة، واقتصر على اندراج ذلك في عموم التسهيل بين بين الذي يكتفي فيه بالنقط، وذلك منه حسن جدا رحمه الله، وقوله: "قد أفراد" حال من فاعل "ورد" ومعنى أفرد خص، وقوله: "صورة" خبر لمبتدأ محذوف أي هي، وقوله: "هي" مبتدأ خبره محذوف أي صورة و "إلى" في قوله "إلى ثانيهما" بمعنى اللام، ثم قال: وذا الأخير اختير في المتفقين ... وأول الوجهين في المختلفين يعني أن النقاط أخذوا بالمذهبين المتقدمين، واختاروا كلا منهما في نوع من الهمزتين، فالمذهب الأخير الذي هو مذهب الكسائي، وهو ما دل عليه قوله المتقدم: "وقيل بل هي إلى ثانيهما" اختاروه في نوع الهمزتين المتفقتين، ومراده بالمتفقتين هنا المتفقتان ١ سورة الصافات: ٣٧/ ٨٦. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٥. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ١٥. ٤ سورة الصافات: ٣٧/ ٨٦. في الصورة لو صورت الهمزتان معا، فيدخل في ذلك ما كانت همزتاه مفتوحتين نحو: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} ١، و {اللَّهُ} ٢، وما كان الثانية فيه ساكنة نحو: {آمَنَ} ٣، ولو حملنا كلامه على المتفقتين في الحركة للزم خروج القسم الثاني من هذا النوع، ودخوله في النوع الثاني، وذلك مخالف لما عند النقاط، والمذهب الأول الذي هو مذهب الفراء، وهو ما دل عليه قوله المتقدم: "فقيل صورة للأولى منهما" اختاروه في نوع الهمزتين المختلفتين، ومراده أيضا بالمختلفتين هنا المختلفتان في الصورة لو صورت الهمزتان معا، فيخرج منه حينئذ ما كانت فيه الثانية ساكنة، ويدخل فيه باب: {أَإِلَهٌ} ٤ وباب: {أَأُنْزِلَ} ٥ مما لم يصور فيه إلا إحدى الهمزتين، وقوله: و "أول الوجهين" مبتدأ خبره محذوف تقديره: "اختير" دخل عليه "اختير" الأول، ومراده بالوجهين المذهبان المتقدمان، ثم قال: ففي اتفاق تجعل المبينة ... من قبلها وفوقها الملينة ذكر في هذا البيت، وما بعده النقط المسبب على الاختيار الذي قدمه، فأشار في هذا البيت إلى أنك إذا بنيت على مذهب الكسائي، الذي هو المختار عند النقاط في نوع الهمزتين المتفقتين نحو: {أَنْتَ} ٦، {آللَّهُ} ٧، فكيفية النقط فيه أن تجعل الهمزة المحققة -وهي التي عبر عنها بالمبينة- نقطة صفراء قبل الصورة التي هي الألف، وتجعل على الألف علامة الهمزة المسهلة بين بين التي عبر عنها بالملينة نقطة حمراء. فإن قلت: أطلق الناظم في هذا النقط، فظاهر كلامه أنه يجري على قراءة التسهيل بين بين، وعلى قراءة البدل حرف مد، وليس كذلك عند أهل النقط بل هو عندهم خاص بقراءة التسهيل بين بين، فالجواب إنما فعل ذلك اتكالًا على ما تقدم له من أن علامة التسهيل إنما تجعل للمسهل بين بين، أو بالبدل حرفا محركا دون ما أبدل حرف مد، ولذلك لا يرد عليه ما كانت الثانية فيه ساكنة من هذا القسم نحو: {آمَنَ} ٨، فكأنه يقول: اجعل الأولى من المتفقتين -وهي المحققة التي عبر عنها بالمبينة- نقطة صفراء قبل الألف، فلا يدخل في كلامه المبدلة حرف مد ساكنة كانت أو متحركة، وفي قوله ١ سورة البقرة: ٢/ ٦. ٢ سورة البقرة: ٢٥٥. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٥. ٤ سورة النمل: ٢٧/ ٦٤. ٥ سورة النمل: ٢٧/ ٦٤. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٨. ٧ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٨٥. "المبينة" إشعار بأن هذا الحكم خاص بما إذا كانت محققة، وأما لو خففت بالنقل نحو {رَحِيمٌ} ١، {أَأَشْفَقْتُمْ} ٢، فلا تجعل الصفراء وهو كذلك؛ لأن الذي يجعل حينئذ في موضعها إنما هو جرة كما سيقوله بعد هذا. تنبيه: اقتصر الناظم، وغيره على بيان نقط هذا النوع على قراءة التسهيل، ولم يتكلموا على نقطة على قراءة البدل حرف مد؛ لأن المبدل حرف مد لا تجعل عليه علامة حسبما دل عليه كلامه أول الباب، والضمير في قوله: "من قبلها" وقوله: "فوقها" يعود على الصورة، ثم قال: وفي اختلاف فوقها الصفراء ... ونقطة أمامها حمراء وإن تشأ فاجعل هنا مت سهلا ... واوا بنحو قوله أءنزل والياء في الباقي من المختلف ... حمرا ذكر هنا وجهين مبنيين على مذهب الفراء الذي هو المختار عند النقاط في نوع الهمزتين المختلفتين نحو: {أَأُنْزِلَ} ٣، {أَإِلَهٌ} ٤. الوجه الأول: أن تجعل الصفراء التي هي المحققة فوق الصورة، وتجعل علامة المسهلة نقطة حمراء في السطر إذ لا صورة لها حسبما دل عليه قوله: "فوقها الصفراء" إجمالا؛ لأن هناك من المواضع ما لا تجعل فيه الصفراء، وهو حيث تنقل حركة الهمزة إلى ما قبلها نحو: {حَاجِزًا أَإِلَهٌ} ٥، {اخْتِلاقٌ، أَأُنْزِلَ} ٦ فإنك لا تجعل الصفراء على الألف إذا نقطت لورش، وإنما تجعل هناك جرة، لكن هذا الإجمال سيفسره الناظم بعد هذا بقوله: "وإن يكن مسكن من قبل" ، إلخ. الوجه الثاني: كالوجه الذي قبله إلا أنك تلحق واوا حمراء في باب: {أَأُنْزِلَ} ٧، وتجعل فوقها علامة التسهيل، وياء حمراء في باب: {أَأُنْزِلَ} ٨ وتجعل فوقها علامة التسهيل، وياء حمراء في باب: {أَإِلَهٌ} ٩، وتجعل تحتها علامة التسهيل، وحكم هذه الياء في الاتصال بما بعدها حكم الثابتة، ولذلك سكت الناظم عن بيانه؛ لأنه جاء على ١ سورة البقرة: ٢/ ١٤٣. ٢ سورة المجادلة: ٥٨/ ١٣. ٣ سورة ص: ٣٨/ ٨. ٤ سورة النمل: ٢٧/ ٦٤. ٥ سورة النمل: ٢٧/ ٦١. ٦ سورة ص: ٣٨/ ٧. ٧ سورة ص: ٣٨/ ٨. ٨ سوة ص: ٣٨/ ٨. ٩ سورة النمل: ٢٧/ ٦٤. وفاق الأصل، وإنما لم يصرح بنقطة التسهيل؛ لأنه اكتفى بما تقدم في قوله: "ونقط ما سهل بالحمراء" ، ويحتمل أن الناظم يرى الاكتفاء بإلحاق الواو، والياء عن نقطة التسهيل، ويكون ما ألحق عوضا عن النقطة، وإلى هذا الوجه الثاني أشار بقوله: "وإن تشأ" إلخ، وهو وجه مرجوح عن النقاط، والوجه الأول هو الراجح عندهم وبه جرى العمل، وقوله: "واوًا" على حذف النعت أي حمراء يدل عليه "حمراء" الذي بعده. و "الياء" منصوب بالعطف على "واوا" ، و "حمرا" حال من "الياء" ، و "في الباقي" متعلق بـ "اجعل" و "من المختلف" حال من "الباقي" ، و "الباقي من مختلف" هو باب {أَإِلَهٌ} ١ كما أشرنا إليه؛ لأن الهمزتين في هذا الفصل منحصرتان في قسمين مفتوحة، فمضمومة وهو ما أشار إليه: "بنحو قوله أءنزل" ، ومفتوحة فمكسورة، وهو الذي عبر عنه بالباقي، ثم قال: . . . . . . . . . . . ... وءالهتنا في الزخرف وقوله ءامنتم مستفهما ... الحكم فيهن كما تقدما لكن بعد ألف ألحقتا ... حمراء مثل هذه إن أنتا جعلت هذه هي الملينة ... وإن جعلتها هي السكنة فالألف الحمراء قبل ألحقن ... وانقط عليها أو بنقط عوضن ذكر هنا حكم ما اجتمع فيه ثلاث همزات، ولم يرسم إلا بصورة واحدة وهو {أَآلِهَتُنَا} ٢ في "الزخرف" ، و {أَأَمِنْتُمْ} ٣ المستفهم به، أما {أَآلِهَتُنَا} ٤ في "الزخرف" فهو: {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} ٥، وقيده بالزخرف احترازا مما في غيرها كقوله تعالى: {أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا} ٦، وأما {أَأَمِنْتُمْ} ٧ المستفهم به أي الذي في أوله همزة استفهام ففي ثلاثة مواضع: موضع في "الأعراف" ، وموضع في "طه" وموضع في "الشعراء" ، وقيده بالاستفهام احترازا من غير هذه المواضع الثلاثة نحو قوله تعالى: {إِذَا مَا َقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} ٨، وضمير فيهن من "قوله الحكم فيهن كما تقدم" يعود على ١ سورة النمل: ٢٧/ ٦٤. ٢ سورة هود: ١٠/ ٥٣. ٣ سورة طه: ٢٠/ ٧١. ٤ سورة هود: ١١/ ٥٣. ٥ سورة الزخرف: ٤٣/ ٥٨. ٦ سورة الصافات: ٣٧/ ٣٦. ٧ سورة طه: ٢٠/ ٧١. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٥١. {أَآلِهَتُنَا} ١، و {أَأَمِنْتُمْ} ٢، وجمعه باعتبار المواضع إذ مواضع: {أَأَمِنْتُمْ} ٣ ثلاثة كما ذكرنا، ومعنى كلامه أن حكم ما اجتمع فيه ثلاث همزات كالحكم المتقدم فيما اجتمع فيه همزتان متفقتان، فيجري هنا ما قدمه هناك من الخلاف في كون الصورة للأولى أو للثانية، ومن اختيار كونها للثانية، وما ينبني على الاختيار المذكور من الضبط، ولما كان عموم قوله: "الحكم فيهن كما تقدم" يقتضي اختيار جعل الصورة لغير الأولى كما تقدم في الهمزتين المتفقتين، واحتمل هنا أن تكون الصورة للوسطى وأن تكون للأخيرة، استدرك أوجه الضبط المتفرعة على الاحتمالين بقوله: "لكن بعد ألف الحقتا" إلخ، وجملتها ثلاثة: الوجه الأول: أن تلحق بعد الألف الكحلاء ألفا حمراء مثل هذه أي مثل الألف الكحلاء، ويعني بقوله: "مثل هذه" أن الألف الحمراء تكون مساوية للألف الكحلاء في الصورة، والقدر وإن كانت مخالفة لها في اللون، وهذا الوجه الأول مبني على جعل الصورة للوسطى، كما أشار إليه بقوله: "إن أنت جعلت هذه الملينة" ، أي إنما تلحق الألف الحمراء بعد الكحلاء إذا جعلت هذه -أي الكحلاء- هي صورة الهمزة الملينة أي المسهلة لنافع، وهي الهمزة الوسطى، وهذا الوجه هو المختار عند النقاط؛ لأنه لا يتوالى الحذف معه بخلاف غيره، ولهذا بدأ به الناظم وبه جرى العمل، ولم ينبه الناظم على جعل النقطة التي هي علامة التسهيل على الألف الكحلاء في هذا الوجه، كما لم ينبه على جعل النقطة الصفراء في السطر لدخول ذلك في عموم قوله: "الحكم فيهن كما تقدم" . الوجه الثاني: أن تلحق الألف الحمراء قبل الكحلاء، وتجعل عليها علامة التسهيل. الوجه الثالث: أن تعوض الألف الحمراء بنقطة في موضع الهمزة الثانية بأن تكتفي بالنقطة عن إلحاق الألف، وهذان الوجهان مرجوحان، وهما مبنيان على جعل الألف الكحلاء صورة للأخيرة، كما أشار إلى ذلك بقوله: "وإن جعلتها" أي الألف الكحلاء هي المسكنة أي صورة للهمزة المسكنة المبدلة ءالان ألفا، وهي الأخيرة، "فالألف الحمراء قبل ألحقن" البيت، ولم يتكلم في هذين الوجهين على حكم المحققة، والمبدلة ١ سورة هود: ١١/ ٥٣. ٢ سورة طه: ٢٠/ ٧١. ٣ سورة طه: ٢٠/ ٧١. حرف مد اكتفاء بما تقدم، وهذه الأوجه الثلاث مفرعة على تسهيل الثانية بين بين، وهو رواية ضعيفة، ولضعفها لم يتكلم المتقدمون على النقط المبني عليها، وإن كانت راجحة في غير هذا الموضع من المفتوحتين، وقد ذكر المتأخرون في ضبط ما اجتمع فيه ثلاث همزات وجوها كثيرة لقالون وورش، أنهاها بعضهم إلى ستين وجها بعضها مفرع على تسهيل الثانية، وبعضها مفرع على إبدالها، ولم يتعرض الناظم منها إلا لأوجه الثلاثة المتقدمة لضعف ما عداها. تنبيه: اختلف في إيصال الألف الملحقة إلى السطر، وعدم إيصالها كما اختلف في إيصال سائر المحذوفات الملحقة إلى ما أثبت كالياء في: {إِيلافِهِمْ} ١، والمحققون على الإيصال، وجعل المحذوف على صفة الثابت إلا في اللون، وفي قول الناظم: "مثل هذه" إشارة إلى اختيار إيصال الألف الملحقة، واختار اللبيب عدم الإيصال في الكل، والعمل عندنا على عدم إيصال الألف الملحقة، وعلى إيصال غيرها من سائر الملحقات، وقول الناظم: "لكن بعد ألف" فيه حذف اسم "لكن" ، والتقدير: لكنك "والحقنا" خبرها وهو بمعنى "تلحق" ، وقوله: "بعد ألف" على حذف النعت أي ألف كحلاء، وكل من قوله: "حمراء" وقوله: "مثلها" نعت لمحذوف تقديره "ألفا" ، ثم قال: وقبل ذي الكحلاء أيضا تجعل ... حمرا على مذهب من قد يفصل لضدا اتفاق واختلاف بعده ... وإن تشأ عوضهما بمده تكلم في هذين البيتين على ضبط ألف الإدخال على مذهب قالون حيث يفصل بها بين الهمزة المحققة، والهمزة المسهلة المتجمعين في كلمة سواء كانتا متفقتين نحو: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} ٢ أو مختلفتين نحو: {أَإِلَهٌ} ٣، فذكر في ضبطها وجهين مبنين على ما اختاره النقاط من أن الصورة للأخيرة في المتفقتين وللأولى في المختلفتين. الوجه الأول: أن تجعل أي تلحق في المتفقتين قبل الألف الكحلاء ألفا حمراء هي ألف الإدخال بحيث تكون بين الألف الكحلاء، وبين النقطة الصفراء، وتلحق في المختلفتين ألفا حمراء هي ألف الإدخال بعد الألف الكحلاء، فتكون بين الألف الكحلاء، وبين النقطة الحمراء. ١ سورة قريش: ١٠٦/ ٢. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٦. ٣ سورة النمل: ٢٧/ ٦٤. الوجه الثاني: ما أشار إليه بقوله: "وأن تشأ عوضهما بمده" ، وهو كالذي قبله إلا أنك تعوض الألف الحمراء في المتفقتين بمدة، أي تجعل في موضع الألف في القسمين مدة عوضا عن الألف الحمراء، وبالوجه الأول جرى العمل عندنا، ولم يذكر المتقدمون في علامة الإدخال إلا ما ذكره الناظم من الوجهين، ولم يذكروا الجميع بينهما، وهو جعل ألف حمراء فوقها مدة، وهذا منهم والله أعلم بناء على أن ذلك المد المدخل ليس بمشبع بل هو طبيعي، وهو المقرؤ به عندنا، وأجاز المتأخرون الجمع بين الوجهين بناء على أن المد المدخل مشبع، واحترز الناظم بقوله: "على مذهب من قد يفصل" من مذهب ورش الذي لا يفصل مطلقًا، ومن رواية قالون عدم الفصل في: {أَئِمَّةً} ١، وفيما اجتمع فيه ثلاث همزات وفي: {أَشَهِدُوا} ٢ في "الزخرف" على أحد الوجهين في هذا الأخير، وقوله: "الكحلاء نعت لمحذوف أي الألف الكحلاء، وقوله:" حمرا "نعت لمحذوف أيضا، أي ألفا حمراء، وضمير الاثنين في قوله:" عوضهما "يعود على الألف الحمراء التي قبل الكحلاء في المتفقتين، والألف الحمراء التي بعد الكلاء في المختلفتين، ثم قال:" وهمز ءالان إذا ما أبدلا ... وبابه مط عليه جعلا تكلم في هذا البيت على الألف المبدلة من الهمزة الثانية في: {آلْآنَ} ٣، وبابه هل يجعل عليها أو لا يجعل، ومراده بـ {آلْآنَ} ٤، وبابه هو ما دخل فيه همزة الاستفهام على همزة الوصل من الأسماء، وذلك: {آلْآنَ} ٥ بموضعي "يونس" {آلذَّكَرَيْنِ} ٦ معا بـ "الأنعام" و {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} ٧ بـ "يونس" ، و {اللَّهِ خَيْرٌ} ٨ بـ "النمل" ، ولجميع القراء في الهمزة الثانية من هذه الألفاظ وجهان: الإبدال حرف مد -وهو الأشهر- والتسهيل بين بين، وقد قدمنا أن هذا من باب ما اجتمع فيه همزتان متفقتان، وقد تقدم أن المختار في المتفقين كون الصورة للثانية، وقد بنى الناظم هنا على المختار فذكر أن الهمزة الثانية إذا أخذ فيها بالإبدال حرف مد، فإنها حينئذ كسائر حروف المد التي وقع بعدها سبب إشباع المد، فيلزم حيئنذ جعل المط أي المد على الألف الكحلاء التي هي صورة للثانية هكذا: {اللَّهِ} ٩، واحترز بقوله: "إذا ما أبدلا" مما إذا أخذ فيها ١ سورة الأنبياء: ٢١/ ٧٣. ٢ سورة الزخرف: ٤٣/ ١٩ "أ. شهدوا" . ٣ سورة يونس: ١٠/ ٥١ "الآن" . ٤ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ٥ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ٦ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٣. ٧ سورة يونس: ١٠/ ٥٩. ٨ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٥. بالتسهيل بين بين فإن الحكم حينئذ يكون كالحكم في باب: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} ١ عند من سهل الثانية، وقد تقدم بيان ذلك إلا أنه اتفق هنا على عدم الإدخال لضعف همزة الوصل. واعلم أن {آلْآنَ} ٢ في الموضعين مما اتفق ورش، وقالون فيه على نقل حركة الهمزة إلى اللام، واختلف في المد لأجل ذلك، فمن اعتد بالنقل لا يجعل المد مشبعا فلا ينزل المد على مذهبه، وهذا الذي جرى به العمل، ومن لم يعتد بالنقل كان المد عنده مشبعا فينزل المد على مذهبه، وهذا هو الذي بنى عليه الناظم هنا، ولذلك حسن منه بـ {آلْآنَ} ٣ الذي هو محل الخلاف، فإنه إذا حكم بنزول المد في هذا مع وجود الخلاف فيه، كان نزوله فيما لا خلاف فيه وهو: {آللَّهُ} ٤ و {آلذَّكَرَيْنِ} ٥ من باب أولى بخلاف ما لو أتى بغير: {آلْآنَ} ٦ كـ {آللَّهُ} ٧ فقد يتوهم أن: {آلْآنَ} ٨ لا يكون حكمه كذلك، و "ما" من قوله: "إذا ما أبدلا" زائدة، وقوله: "وبابه" يقرأ بالجر عطفا على "ءالان" ، ثم قال: ولك في هذا ءأنت أن تعتبره ... وبابه ولا تقس شا أنشره تعرض في هذا البيت إلى الألف المبدلة من الهمزة الثانية في باب {أَأَنْتَ} ٩ هل يوضع عليها المد على قراءة الإبدال أو لا يوضع، وباب {أَأَنْتَ} ١٠ هو ما اجتمع فيه همزتان مفتوحتان في كلمة ليست الثانية منهما همزة وصل نحو: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} ١١، {أَأَعْجَمِيٌّ} ١٢، {أَأَرْبَابٌ} ١٣، وقد ذكر الناظم فيه وجهين مبنيين على القول المختار في المتفقتين، وهو جعل الصورة للثانية: الوجه الأول أن تضع المد على الألف المبدلة من الهمزة الثانية قياسا على باب: {آلْآنَ} ١٤ وإلى هذا الوجه أشار بقوله: "ولك في ءأنت أن تعتبره وبابه" أي لك أن تعتبر في: {أَأَنْتَ} ١٥، وبابه حكم: {آلْآنَ} ١٦ المتقدم، فتضع المد على الألف في باب: {أَأَنْتَ} ١٧ قياسا على باب: {آلْآنَ} ١٨ إذ أبدل، ١ سورة البقرة: ٢/ ٦. ٢ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ٣ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ٤ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩. ٥ سورة الأنعام: ٦/ ١٤٣. ٦ سورة يوسف: ١٠/ ٥١. ٧ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ٩ سورة المائدة: ٥/ ١١٦. ١٠ سورة المائدة: ٥/ ١١٦. ١١ سورة البقرة: ٢/ ٦. ١٢ سورة فصلت: ٤١/ ٤٤. ١٣ سورة يونس: ١٠/ ٣٩. ١٤ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ١٥ سورة المائدة: ٥/ ١١٦. ١٦ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ١٧ سورة المائدة: ٥/ ١١٦. ١٨ سورة يونس: ١٠/ ٥١. يعني، ولك أن لا تعتبر فلا تضع المد على الألف في باب: {أَأَنْتَ} ١، وهذا هو الوجه الثاني، وبالوجه الأول جرى العمل. والسبب في هذين الوجهين مراعاة الأصل أو الحال، فإن روعي في باب {أَأَنْتَ} ٢ أصل الألف، فلا يوضع عليها المد؛ لأن أصلها همزة متحركة، وإن روعي حالها: {آلْآنَ} ٣ وضع المد عليها؛ لأنها حرف مد بعده سبب الإشباع، وفهم من قول الناظم: "في ءأنت" وبابه أن هذا الحكم إنما هو فيما وقع بعد الهمزة المبدلة فيه ساكن، وأما ما وقع بعدها فيه متحرك وذلك: {أَأَلِدُ} ٤، و {أَأَمِنْتُمْ} ٥ في سورة "الملك" ، فلا يوضع فيه المد إذ لا سبب بعده. وقوله: "ولا تقس شا أنشره" بعده معطوف محذوف تقديره "وبابه" بدليل ما قبله. ويعني بذلك أن ما اجتمع فيه همزتان متفقتان في كلمتين، وأخذ فيه بقراءة من يبدل الثانية منهما حرف مد ووجد بعده ساكن كـ {شَاءَ أَنْشَرَهُ} ٦، فإنك لا تضع فيه على حرف المد المبدل من الهمزةل مدا أصلا، ولا فرق في عدم وضع المد بين المفتوحتين، وغيرهما كـ {هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ} ٧ أما من يراعي الأصل، فعدم نزول المد عنده ظاهر، وإذا كان المد لا ينزل عنده فيما كان من كلمة واحدة، فأحرى ما كان من كلمتين، وأما من لا يراعي الأصل بل ينظر إلى الحال، فيفرق بين ما كان من كلمة وما كان من كلمتين بلزوم المد في الأول وصلا، ووفقا، وعدم لزومه في الثاني إذ لا وجود له في الوقف فيه. فإن قلت: قد تقرر عند أرباب هذا الفن أن النقط مبني على الوصل، فينبغي لذلك أن يجعل المد فيما كان من كلمتين لوجوده في الوصل، قلت: أجيب بأن الناظم كأنه رأى أن ذلك خاص بما بقي على أصله كالمحقق، أو نزل منزلته كالمسهل بين بين، أو بالبدل حرفا محركا، وأما ما خرج عن أصله بالكلية، فإنمت يراعى فيه اتفاق حالتي الوصل، والوقف، فلذلك منع قياسه على باب {آلْآنَ} ٨، ولو اتفق الوصل والوقف فإنما يراعى اتفاقهما عند من ينظر إلى الحال خاصة، ألا ترى إلى باب: {أَأَنْتَ} ٩ مع اتفاق حالتي الوصل، والوقف فيه لا يوضع فيه المد إذا روعي أصله كما تقدم. ١ سورة المائدة: ٥/ ١١٦. ٢ سورة المائدة: ٥/ ١١٦. ٣ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ٤ سور هود: ١١/ ٧٢. ٥ سورة طه: ٢٠/ ٧١. ٦ سورة عبس: ٨٠/ ٢٢. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٣١. ٨ سورة يونس: ١٠/ ٥١. ٩ سورة المائدة: ٥/ ١١٦. واعلم أن ما ذكره الناظم في هذا البيت هو من رأيه رحمه الله إذ لم يتكلم من تقدمه في ذلك بوجه، وكلامه في ذلك صحيح، وفيه دليل على تمكنه في هذا الفن، ثم قال: ألقول في الصلة عند الوصل ... وحكم الابتداء ثم النقل أي هذا القول في بيان ثلاثة أشياء: الأول حكم صلة ألف الوصل عند وصل الكلمة التي فيها ألف الوصل بالكلمة التي قبلها، والثاني حكم الابتداء بألف الوصل، والثالث حكم جرة النقل عند من أخذ بالنقل، وقد ذكرها الناظم فيما سيأتي على هذا الترتيب، واعلم أن الألف الوصل وتسمى همزة الوصل، لما كانت ساقطة في الوصل وضعوا علامة تدل على سقوطها فيه، وتلك العلامة هي الصلة، والمراد بها جرة صغيرة تجعل بالحمراء فوق ألف الوصل، أو تحته أو وسطه على ما سيذكره الناظم، وأما الابتداء فكان القياس أن لا تجعل له علامة؛ لأن النقط مبني على الوصل لا على الابتداء، وهكذا الحكم فيه عند المشارقة أن لا تجعل له علامة رعيا للقاعدة، وأما غيرهم فاختاروا جعل علامة الابتداء، إما؛ لأنه يخشى بسبب جعل عالمه السقوط أن يكون ألف الوصل ساقطا وصلًا ووقفًا، وإما خشية أن يتوهم أن يكون الابتداء بموضع الصلة فجعلوا علامة الابتداء تنبيها على ثبوت ألف الوصل في الوقف، وعلى أنه لا يكون ابتداؤه تابعا لمحل الصلة، واصطلحوا على جعل تلك العلامة نقطة كنقطة الإعجام صورة لا لونًا، وأما النقل فلما كانت الهمزة تسقط مع وصلا ولا تثبت إلا وقفا، لم يكن بينها وبين همزة الوصل فرق، فجعلت فيه الجرة الدالة على السقوط كما جعلت في همزة الوصل، غير أنهم فرقوا بينهما في العبارة، فسموا التي في همزة الوصل صلة للمناسبة، وأبقوا التي في النقل على اسمها الأصلي الذي هو جرة، وقوله: "في الصلة" على حذف مضاف أي حكم الصلة، وقوله: "ثم النقل على حذف مضافين أي ثم حكم جرة النقل، ثم قال:" فصلة للحركات تتبع ... ففوقه من بعد فتح توضع وتحته إن كسرة ووسطة ... إن ضمة كذا أتت مرتبطة أراد أن يبين هنا موضع الصلة التي هي الجرة، فأخبر أن الصلة تتبع الحركات يعني أنها تكون تابعة في الخط لحركة ما قبل ألف الوصل في اللفظ، فإذا نطق بما قبل ألف الوصل مفتوحا وضعت الصلة فوق الألف نحو: {وَقَالَ اللَّهُ} ١، وإن نطق بما قبله مكسورا وضعت الصلة تحت الألف نحو: {وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} ٢، وإن نطق بما قبله مكسورا، وضعت الصلة تحت الألف نحو: {وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} ٣، وإن نطق بما قبله مضموما، وضعت الصلة في وسط الألف نحو: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} ٤، وسواء كانت تلك الحركات لازمة كالأمثلة المتقدمة أم عارضة نحو: {مَنْ آمَنَ} ٥، {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ} ٦، {قُلِ انْظُرُوا} ٧، فعلم من هذا أن موضع الصلة يدل على حركة ما قبلها، وقد قدمنا أن الصلاة تدل على سقوط ألف الوصل، فتكون الصلة دالة على أمرين: وجودها يدل على سقوط ألف الوصل، وموضوعها يدل على حركة ما قبلها. واعلم أن المراعى هو حركة الحرف الملفوظ به قبل ألف الوصل، كما ذكرنا ولا عبرة بالحرف الموجود في الخط الساقط في اللفظ وصلا نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ٨، {قَالُوا الْحَقَّ} ٩، {فِي اللَّهِ} ١٠، ولا فرق في الحرف الملفوظ به قبل ألف الوصل بين أن تكون له صورة في الخط نحو ما تقدم، وبين أن لا تكون له صورة في الخط نحو: {الم} ١١، {آللَّهُ} ١٢، {نُفُورًا} ١٣، {اسْتِكْبَارًا} ١٤، {مَحْظُورًا} ، ١٥ {انْظُرْ} ١٦، وقوله: "كذا أتت مرتبطة" معناه أن هذه الصلة جاءت هكذا مرتبطة بحركة ما قبل ألف الوصل على ما ذكرناه، وكأنه قصد بهذا التنبيه على قول المشارقة إن الصلاة لا ترتبط بحركة ما قبلها، بل تجعل دالا مقلوبة فوق ألف الوصل دائمًا، والعمل عندنا على ما ذكره الناظم. تنبيهان: الأول: أطلق الناظم كالشيخين في جعل الصلاة في ألف الوصل، ولم يفصلوا بين أن يكون ما قبله مما يمكن الوقف عليه نحو: {فِي اللَّهِ} ١٧، و {قَالَ اللَّهُ} ١٨، أو مما لا يمكن ١ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٨. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٨. ٤ سورة الحشر: ٥٩/ ٢٣. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٧٧. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٥١. ٧ سورة يونس: ١٠/ ١٠١. ٨ سورة النساء: ٤/ ١. ٩ سورة سبأ: ٣٤/ ٢٣. ١٠ سورة لقمان: ٣١/ ٢٠. ١١ سورة البقرة: ٢/ ١. ١٢ سورة يونس: ١٠/ ٥٩. ١٣ سورة الإسراء: ١٧/ ٤٦. ١٤ سورة فاطر: ٣٤/ ٤٣. ١٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٢٠. ١٦ سورة النساء: ٤/ ٥٠. ١٧ سورة لقمان: ٣١/ ٢٠. ١٨ سورة المائدة: ٥/ ١١٥. الوقف عليه نحو {وَاللَّهِ} ١، و {بِاللَّهِ} ٢، وقد نص بعض علماء الفن على ذلك خاص بألف الوصل الذي يمكن الوقف على ما قبله، وأما ما لا يمكن الوقف على ما قبله، فلا تجعل فيه الصلة، وبهذا التفصيل جرى العمل عندنا، وجملة ما وقع في القرءان قبل ألف الوصل مما لا يمكن الوقف عليه ستة "أحرف يجمعها قولك" ، "فكل وتب" نحو: {فَاللَّهُ} ٣، {كَالطَّوْدِ} ٤، {لاِبْنِهِ} ٥، {وَالطُّورِ} ٦، {تَاللَّهِ} ٧، {بِاسْمِ رَبِّكَ} ٨. الثاني: قول الناظم "ووسطه أن ضمة" ، هو كقول الشيخين جعلت في وسط الألف، وذلك صريح في اتصال الصلة بألف الوصل؛ لأنه لا يقال في الوسط إلا لما كان متصلا إلا أنهم لم يعبروا بما هو صريح في الاتصال، إلا في ألف الوصل الواقعة بعد الضم، وعبارتهم في ألف الوصل الواقعة بعد الفتح، والكسر مجملة، فإذا رد المجمل إلى المفسر كانت الصلاة متصلة بألف الوصل في جميع الأحوال، وبهذا جرى عملنا، والضمير في قوله: "ففوقه" "وتحته" "ووسطه" يعود على ألف الوصل، وقوله: "كسرة" يصح نصبه على أنه خبر لكان محذوفة أي إن كان شكل ما قبلها كسرة، ويصح رفعه بفعل محذوف تقديره إن وجدت قبله كسرة، ومثل هذا يجري في قوله: "إن ضمة" ، ثم قال: وأن تنون تحته جعلتا ... ووسطا إن ثالثا ألزمتا ضما لما ذكر قبل هذا أن الصلة تكون تابعة لحركة الحرف الذي قبل ألف الوصل، وكان مراده من ذلك حركة الحرف الملفوظ به لا الموجود خطًّا، خاف أن يتوهم المراد الحرف الموجود خطا، فأتى بهذا الكلام ليرفع ذلك التوهم، وينبه على أن المراد حركة الحرف الملفوظ به وجد في الخط أم لا كما قدمناه، ومعنى كلامه أن ألف الوصل إن كان قبله تنوين، فإنه لا بد من تحريكه لالتقاء الساكنين، والأصل في التحريك لالتقاء الساكنين الكسر إلا لعارض، فلذلك حكم بأنه مهما وجد التنوين قبل ألف الوصل جعلت الصلة تحت ألف الوصل، وما ذاك إلا؛ لأن التنوين إنما نطق به مكسورا، فجعلت الصلة من أسفل ١ سورة البقة: ٢/ ٢٣٢. ٢ سورة النساء: ٤/ ١٤٦. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٦٤. ٤ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦٣. ٥ سورة لقمان: ٣١/ ١٣. ٦ سورة الطور: ٥٢/ ١. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٩١. ٨ سورة العلق: ٩٦/ ١. تنبيها على كسر التنوين وذلك نحو: {نُفُورًا} ١، {اسْتِكْبَارًا} ٢، {حَكِيمٌ، انْفِرُوا} ٣، {بِغُلامٍ اسْمُهُ} ٤، فإن لم ينطق بالتنوين مكسورا بل أبقي على سكونه، وذلك في {عَادًا الْأُولَى} ٥ بالنجم على قراءة نافع، ومن وافقه بإدغام تنوين عادا في اللام من الأولى، فظاهر إطلاق الناظم كغيره من المتقدمين أن الحكم فيه كالمكسور، وقال المتأخرون: المعتبر حينئذ حركة ما قبل التنوين، فتجعل الصلة حينئذ فوق الألف نظرا إلى حركة الدال لا سيما، ولفظ التنوين قد ذهب بالإدغام، وبما قاله المتأخرون جرى العمل عندنا، فإن نطق بالتنوين مضموما، فالحكم ما أشار إليه بقوله: "ووسطا إن ثالثا الزمتا ضما" يعني أن ثالث حروف الكلمة التي أولها ألف وصل إذا ضم ضمة لازمة، فاجعل الصلة في وسط الألف إشعارا بأن التنوين المنطوق به قبلها مضموم، وذلك نحو: {مَحْظُورًا، انْظُرْ} ٦، و {مُبِينٍ، اقْتُلُوا} ٧ في قراءة نافع ومن وافقه بضم التنوين اتباعا للثالث، واستثقالا للخروج من كسر إلى ضم؛ لأن الساكن الفاصل بينهما في اللفظ ليس بحاجز حصين. فتحصل: أن ألف الوصل الواقعة بعد التنوين تارة توضع الصلة في وسطها، وذلك إذا كان الثالث مضموما ضما لازما، وتارة توضع فوقها، وذلك في: {عَادًا الْأُولَى} ٨، وتارة توضع تحتها، وذلك فيما عدا القسمين، وخرج بضم الثالث نحو: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} ٩؛ لأن الكلمة التي في أولها ألف الوصل، وهي أل ثنائية لا ثالث لها والحرف المضموم -وهو الميم- أول كلمة أخرى، فلذلك كسر التنوين جعلت الصلة تحت ألف الوصل لا في وسطه. وخرج بالضمة اللازمة الضمة التي لا تلزم نحو: {بِغُلامٍ اسْمُهُ} ١٠ إذ هي حركة إعراب تختلف بحسب العوامل، فلذلك كان التنوين معها مكسورًا، وقوله "تنون" بضم التاء وكسر الواو، فعل الشرط الذي هو "إن" ، ومفعوله محذوف تقديره ما قبل ألف الوصل أي، وإن تنطق بما قبل ألف الوصل أي وإن تنطق بما قبل ألف الوصل منونا، وقوله "جعلت" جواب الشرط، ومفعوله الأول محذوف تقديره الصلة، و "تته" في محل المفعول الثاني، والهاء عائدة على ألف الوصل، و "جعلت" لفظه الخبر ومعناه الأمر، ثم قال: ١ سورة الإسراء: ١٧/ ٤٦. ٢ سورة فاطر: ٣٥/ ٤٣. ٣ سورة التوبة: ٩/ ٤٠، ٤١. ٤ سورة مريم: ١٩/ ٧. ٥ سورة النجم: ٥٣/ ٥٠. ٦ سورة الإسراء: ١٧/ ٢٠. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٨، ٩. ٨ سورة النجم: ٥٣/ ٥٠. ٩ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٢٣. ١٠ سورة مريم: ١٩/ ٧. . ووضع ضبط الابتداء ... نقط كوضع الشكل بالخضراء أمامه إذا بضم ابتدأت ... وفوق إن فتح وتحت إن كسرت تكلم هنا على ضبط الابتداء بألف الوصل، فذكر علامة الابتداء عند من يجعلها وذكر لونها ومحلها، فأشار إلى أن علامة الابتداء نقطة توضع كوضع الشكل الموجود وصلا، وأراد بقوله: "كوضع الشكل" إفادة أن نقطة الابتداء بألف الوصل، ووجه الفصل أن الذي جرى به العمل خلافا لمن قال باتصال نقطة الابتداء بألف الوصل، ووجه الفصل أن الذي عند الأئمة أن هذه النقطة هي حركة ألف الوصل، جعلت كنقط الإعجام على ضبط أبي الأسود الدؤلي المتقدم، والإجماع على أن حركة الفتح، والكسر لا تكون متصلة بحرفها، وكذلك حركة الضم عند الجمهور، ثم أشار إلى لون نقطة الابتداء فقال: "بالخضراء" ، أي أن نقطة الابتداء تجعل بالخضراء لا بالحمراء التي يجعل بها الشكل الموجود وصلا، وإنما خالفوا بينهما في اللون تنبيها على أن جعل علامة الابتداء مخالف للقاعدة التي هي بناء النقط على الوصل، ثم بين في البيت الثاني محل علامة الابتداء، التي هي بناء النقط على الوصل، ثم بين في البيت الثاني محل علامة الابتداء مخالف للقاعدة التي هي بناء النقط على الوصل، ثم بين في البيت الثاني محل علامة الابتداء التي هي النقطة الخضراء، فقال: إنك إذا ابتدأت بها مفتوحة جعلت النقطة فوق الألف نحو: {آللَّهُ} ١، وإذا ابتدأت بها مكسورة جعلت النقطة تحت الألف نحو: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} ٢، فنقطة الابتداء إنما يعتبر فيها حركة ألف الوصل نفسها لا حركة ما قبلها، واستفيد من قول الناظم: "إذا بضم ابتدأت" أن علامة الابتداء لا تجعل إلا فيما يمكن الابتداء به، والوقف على ما قبله كالأمثلة المتقدمة، وأما ما لا يمكن الابتداء به لعدم إمكان الوقف على ما قبله، وهو حروف "فكل وتب" المتقدمة نحو: {فَاللَّهُ} ٣، {كَالَّذِينَ} ٤، {لاِبْنِهِ} ٥، {وَاللَّهُ} ٦، {تَاللَّهِ} ٧، {بِاللَّهِ} ٨، فلا تجعل فيه نقطة الابتداء إذ لا يبتدأ به هذا هو الذي يدل عليه كلام الشيخين، وبه وهذا هو الذي يدل عليه كلام الشيخين، وبه جرى العمل، ثم قال: ١ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩. ٢ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٣ سورة النمل: ٢٧/ ٥٩. ٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٦٩. ٥ سورة لقمان: ٣١/ ١٣. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٣٢. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٩١. ٨ سورة النساء: ٤/ ١٩٦. وحكمها لورشهم في النقل ... كحكمها في ألفات الوصل ففوقه أو تحته أو وسطا ... في موضع الهمز الذي قد سقطا لما كانت الهمزة المنقولة حركتها تسقط في الوصل، وتثبت في الابتداء صارت كهمزة الوصل في جعل الجرة الدالة على السقوط، وفي تبعية محل الجرة لما قبلها، ولذلك شبه الناظم في البيت الأول كغيره حكم الجرة في النقل لورش بحكم الصلة في ألفات الوصل، فالهمزة إذا نقلت حركتها إلى ما قبلها بالشروط المعلومة تسقط من اللفظ، وتجعل جرة كجرة ألف الوصل في محلها دالة على السقوط، ويكون محل تلك الجرة تابعا لما قبلها، والمعتبر فيما قبلها ما كان منطوقا به، فإن نطق به مفتوحا وضعت الجرة فوق الألف نحو: {قَدْ أَفْلَحَ} ١، و {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ} ٢ وفي {كَبَدٍ، أَيَحْسَبُ} ٣، وإن نطق به مكسورا وضعت تحت الألف نحو من إملاق، وجمعا أن الإنسان و {رَافِعَةٌ، إِذَا} ٤ وإن نطق به مضموما وضعت وسط الألف نحو: {قُلْ أُوحِيَ} ٥ و {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} ٦، وسواء كان الحرف المنطوق به قبلها موجودا في الخط أم لا كما تقدم في التمثيل، وإلى تفصيل تبعية جرة النقل إلى ما قبلها أشار في البيت الثاني بقوله: "ففوقه" أي الألف يعني إن نطق قبله بفتح، أو تحته أي الألف يعني إن نطق قبله بكسر، أو وسطا يعني إن نطق قبله بضم فأوفى كلامه للتفصيل لا للتخيير، ولرفع توهم أنها للتخيير أتى بقوله: "في موضع الهمز الذي قد سقطا" ، وما ذكره الناظم وغيره من الأئمة من أن الجرة الدالة على السقوط هي التي تجعل في موضع الهمزة مفتوحة كانت، أو مضمومة أو مكسورة هو المعول عليه، والمعمول به خلافا لمن قال تجعل في موضع المفتوحة فتحة، وفي موضع المضمومة ضمة، وفي موضع المكسورة كسرة. واعلم أن ما تقدم من وضع الجرة فوق الألف، أو تحتها أو في وسطها محله إذا كانت الهمزة منفصلة عن الساكن كما في الأمثلة المتقدمة، وأما إذا كانت الهمزة متصلة به، وذلك ١ سورة المؤمنون: ٢٣/ ١. ٢ سورة العنكبوت: ٢٩/ ١. ٣ سورة البلد: ٩٠/ ٤، ٥. ٤ سورة الواقعة: ٥٦/ ٣-٥. ٥ سورة الجن: ٣٢/ ١. ٦ سورة المرسلات: ٧٧/ ١٢. في {رِدْءًا} ١، ولام التعريف نحو: {عَادًا الْأُولَى} ٢، و {الْأَرْضَ} ٣، و {الْآزِفَةِ} ٤، فلا توضع الجرة أصلا كما ذكره بعض علماء الفن، وبه جرى العمل. تنبيهان: الأول: تكلم الناظم على محل جرة النقل، وسكت عن شكل الهمزة أين يوضع، والذي عندهم وبه جرى العمل أن يوضع على الساكن الذي نقل إليه، فيصير محركا بحركة الهمزة كما قدمناه في باب الهمز، وهذا إذا كان الساكن المنقول إليه غير تنوين، وأما إذا كان تنوينًا نحو: {فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعَامٌ} ٥، {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا، إِنَّ الْأِنْسَانَ} ٦، {رَافِعَةٌ، إِذَا رُجَّتِ} ٧، {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} ٨، فلا يوضع الشكل المنقول من الهمز أصلا؛ لأن التنوين لما ذهب من الخط صحبته حركة النقل التي حرك بها، فاكتفى عن الجميع بوضع حركة مجانسة لحركة الحرف الذي قبله كما اكتفى بوضعهما في حال سكونه لذهابه مع سكونه من الخط، ومما يقرب من ذلك: {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ} ٩، فإن أكثر المتأخرين على أن الميم الساكنة التي هي الميم الثانية، هي المحذوفة من الخط، ولما حذفت منه صحبتها حركة النقل، ولهذا لا توضع على الميم المرسومة حركة النقل على ما جرى به العمل، وإنما توضع كسرتها تحتها. الثاني: تشبيبهم جرة النقل بصلة ألف الوصل يقتضي اتصالها بالألف كما في ألف الوصل، وهو الجاري على القول باتصال الهمزة بصورتها الذي اختاره الداني، وقد قدمناه في باب الهمزة، واختار جماعة من المتأخرين فصل جرة النقل عن الألف ليحصل الفرق بينها، وبين صلة ألف الوصل، وهذا الاختيار جار على القول بفصل الهمزة عن صورتها الذي قدمناه عن الداني في باب الهمز أيضا، وقول الناظم: "أو وسطا" صريح في الاتصال؛ لأنه لا يقال في الوسط إلا لما كان متصلا بصورته، والعمل عندنا على الاتصال، وما احتج به من اختار الانفصال من طلب الفرق بين جرة النقل، وصلة الوصل مستغنى عنه؛ لأن الفرق بينهما حاصل بوجود نقطة الابتداء في ألف الوصل، وانعدامها في النقل. ١ سورة القصص: ٢٨/ ٣٤. ٢ سورة النجم: ٥٣/ ٥٠. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٩. ٤ سورة النجم: ٥٣/ ٥٧. ٥ سورة البلد: ٩٠/ ١٣. ٦ سورة العاديات: ١٠٠/ ٤، ٥. ٧ سورة الواقعة: ٥٦/ ٣، ٤. ٨ سورة المرسلات: ٧٧/ ١٢. ٩ سورة العنكبوت: ٢٩/ ١. والضمير في قوله: "وحكمها" الأول عائد على الجرة، وفي "حكمها" الثاني عائد على صلة والضمير المضاف إليه "ورش" عائد على القراء، ثم قال: فإن أتى من بعد همز ألف ... فقبله محل همز تألف لما ذكر أن جرة النقل توضع فوق الألف، أو تحته أو وسطه قدر كأن سائلا قال له: هذا إذا كان الألف صورة للهمزة التي نقلت حركتها، فما الحكم إذا كانت الهمزة صورة لها، والألف إنما هو حرف مد بالأصالة نحو: {وَلَقَدْ آتَيْنَا} ١، {حَمِيمٍ آنٍ} ٢، فأشار في هذا البيت إلى جواب هذا السؤال، فقال: إذا أتاك ألف بعد الهمزة التي لا صورة لها المنقول حركتها، فإنك تضع الجرة قبل الألف في المحل الذي كنت تألف فيه الهمزة أي تعهدها، وهو السطر إذ هو موضع الهمزة التي لا صورة لها كما تقدم للناظم، وهذا الوجه الذي اقتصر عليه هو أحد وجهين ذكرهما النقاط، والوجه الثاني كالأول إلا أنك تجعل دارة على الألف إشعارا بأنه ساكن، لئلا يتوهم أن حركة الهمزة إليه نقلت، ولضعف هذا التوهم اختار النقاط الوجه الأول، وبه جرى العمل، وقوله: "محل" يقرأ بالنصب على أنه بدل من قوله "قبله" ، ثم قال: ألقول في النقص من الهجاء ... أي هذا القول في بيان حكم الحروف التي نقصت من الهجاء يعني حذفت خط المصاحف العثمانية، وأكثر ما وجد الحذف في حروف المد الثلاثة التي هي الألف والواو، والياء لكثرتها، وربما كان في النون الساكنة لشبهها بحروف المد؛ لأنه يصوت بها كحروف المد، والحذف في حروف المد -على ما سيذكره الناظم- يكون إما لاجتماع مثلين أو للاختصار، أو لوجود عوضه من ياء أو واو، والأول يكون إما لاجتماع ألفين، أو لاجتماع واوين، أو لاجتماع ياءين، وكل منها يكون أحد المثلين فيه صورة للهمزة، وغير صورة لها، وإنما تعرضوا لحكم الحروف المحذوفة من الخط؛ لأن اللفظ لما كان يقتضي وجودها، ولم توجد في الرسم خافوا أن يتوهم سقوطها لسقوطها رسما، فتعرضوا لحكمها رفعا لذلك التوهم، ثم قال: ١ سورة البقرة: ٢/ ٨٧. ٢ سورة الرحمن: ٥٥/ ٤٤. . ... إن شئت أن تلحق بالحمراء أول ما الثاني به قد دخلا ... علامة للجمع أو أن أصلا نحو النبيئين تراءا ... قسم الناظم اجتماع المثلين إلى ثلاثة أقسام: قسم يكون أول المثلين فيه ساكنًا، وقسم يكون فيه مضموما، وقسم يكون فيه مشددا، وسيتكلم فيما سيأتي على القسمين الأخيرين، وتكلم هنا على القسم الأول، فأشار إلى أنه إذا اجتمع مثلا، وحذف أحدهما من الرسم وكان أولهما ساكنا، وثانيهما أصليا، أو دالا على الجمع وبنيت على أن ثاني المثلين هو الثابت، وأولهما هو المحذوف، فإنك في المثل الأول بالخيار إن شئت ألحقته بالحمراء، وإن شئت لم تلحقه أصلا، يعني وتجعل في موضعه مدا دلالة على أنه ممدود. ولا فرق في هذا التخيير بين أن يكون المثلان ياءين، أو ألفين أو واوين وإن كان الناظم إنما مثل للياءين والألفين، فمثل للياءين بـ {النَّبِيِّينَ} ١، وهو مما اجتمع فيه ياءان أولاهما ساكنة جيء بها لبناء فعيل، وهي التي بين عين الكلمة ولامها، والثانية هي علامة الجمع والإعراب، واتفقت المصاحف على كتبه بياء واحدة، لئلا يجتمع فيه ياءان إذ لا وجود للهمز الفاصل بينهما خطا، فيجوز أن تكون الياء المحذوفة هي الأولى، وأن تكون هي الثانية، ورجح الداني يأتي في ضبط: {النَّبِيِّينَ} ٢ ما ذكره الناظم هنا من التخيير، والعمل عندنا على ما رجحه أبو داود، وعليه فكيفية ضبط النبيئين أن تجعل الياء الأولى سوداء، والياء الثانية حمراء بعد السوداء، وتجعل الهمزة نقطة صفراء بين الياءين، كما قدمناه في الرسم. ومثل للألفين بـ {تَرَاءَى} ٣، وهو مما اجتمع فيه ألفان الأولى لبناء وزن تفاعل، وهي التي بعد الراء، والثانية أصلية بدل من لام الكلمة، وسيتكلم على ما إذا كانت الألف الأولى أصلية والثانية ألف الاثنين وذلك في: {جَاءَنَا} ٤ واتفقت المصاحف على كتب ١ سورة البقرة: ٢/ ٦١. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ٢١. ٣ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ٤ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٨. {تَرَاءَى} ١ بألف واحدة لئلا يجتمع فيه مثلان إذ الهمزة غير موجودة في الخط، وقد ذكر الشيخان احتمال أن تكون الألف المرسومة فيه هي الأولى، وأن تكون هي الثانية، وصرح الناظم في الرسم باختيار حذف الأولى، وإثبات الثانية تبعا للشيخين، وبه جرى العمل كما قدمناه هناك، وعليه يأتي في ضبطه الوجهان المخير فيهما هنا، والعمل عندنا على الوجه الأول منهما، وهو أن تلحق الألف التي قبل الهمزة بالحمراء، وتضع عليها المد لوجود سببه، وتجعل الألف التي بعدها سوداء، وقد تكلمنا في الرسم على: {تَرَاءَى} ٢ بأبسط مما ذكرناه هنا، ومما يشمله كلام الناظم هنا لـ {لِيَسُوءُوا} ٣؛ لأنه مما اجتمع فيه مثلان أولهما ساكن، والثاني دال على الجمع، والمثلان فيه واوان الأولى عين الكلمة وهي التي بعد السين، والثانية ضمير الجمع وهي التي بعد الهمزة، واتفقت المصاحف على كتبه بواو واحدة، لئلا يجتمع فيه واوان إذ الهمز الفاصل بينهما غير موجود خطا، فيجوز أن تكون الواو المحذوفة هي الأولى، وثبوت الثانية وهو الذي جرى به العمل كما قدمناه هناك، وعليه يأتي في ضبطه ما ذكره الناظم هنا من التخيير بين أن تلحق الواو الأولى بالحمراء في السطر، وتجعل المد عليها لوجود سببه، وبين أن لا تلحقها وتعوضها بمد تضعه فوق الجرة على موضع الواو، وبالوجه الأول جرى العمل عندنا. وقوله: "إن شئت" شرط حذف جوابه أي فألحق، و "أول" مفعول بـ "تلحق" و "ما" التي أضيف إليها "أول" صادقة على مثلين، والباء في "به" بمعنى "من" ، والضمير عائد على لفظ "ما" و "إن" في قوله: "أو أن أصلا" مفتوحة الهمزة زائدة، و "أصلا" معطوف على "قد دخلا" ، وسبك الكلام إن شئت أن تلحق أول مثلين الثاني منهما دخل علامة للجمع، أو أصلا أي كان أصليا فألحق، وقد أحسن الناظم في قوله علامة للجمع، إذ لو قال ضمير جمع لخرج منه: {النَّبِيِّينَ} ٤، ولو قال علامة إعراب لخرج منه: {لِيَسُوءُوا} ٥، فأتى بعبارة شاملة لقسمين، ثم قال: ثم ما هذا كيلوون ... أولاهما ضمت ففي الثاني كما ١ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ٢ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ٣ سورة الإسراء: ١٧/ ٧. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ٢١. ٥ سورة الإسراء: ١٧/ ٧. تكلم هنا على المثلين إذا ضم أولهما كيلوون، وهو القسم الثاني من أقسام اجتماع المثلين، فذكر أن حكم ثاني المثلين فيه كحكم أول المثلين في هذا القسم الأول الذي تقدم له، وهو التخيير في إلحاقه، وعدم إلحاقه على ما سنبينه، ثم مثل لذلك بـ {يَلْوُونَ} ١، وقد اجتمع فهي وفيما ماثله كـ {يَسْتَوُونَ} ٢، و {الْغَاوُونَ} ٣، واوان إحداهما عين الكلمة، وهي الأولى المضمومة، والأخرى ساكنة علامة الجمع، وسيتكلم على ما إذا كانت الأولى مضمومة، والثانية ساكنة لبناء الكلمة نحو: {مَا وُورِيَ} ٤، واتفقت المصاحف على كتب: {يَلْوُونَ} ٥، ونحوه بواو واحدة لئلا يجتمع مثلان، فيجوز أن تكون الواو المحذوفة هي الأولى، ويجوز أن تكون هي الثانية، ونص الناظم في الرسم على اختيار حذف الثانية، وبه جرى العمل كما قدمناه هناك، وعليه يأتي في ضبط هذا القسم ما أشار إليه الناظم هنا من التخيير في إلحاق الواو الثانية بالحمراء وترك إلحاقها، وبإلحاقها جرى العمل عندنا، وقد نص الداني على هذين الوجهين إلا أن ظاهره يعطي بقاء موضع الواو المحذوفة خالبا على الوجه الثاني، وقال أبو داود: إن شئت ألحقت الواو وإن شئت تركتها، وجعلت في موضعها مدًّا. ا. هـ. والظاهر أن كلام أبي داود مفسر لكلام الداني، وحينئذ فليس هناك إلا وجهان لا ثلاثة كما فهمه بعضهم، و "ما" من قول الناظم "ثم ما" موصولة واقعة على المثلين وهما هنا الواوان، وقوله: "في الثاني" متعلق بمحذوف، والتقدير فالحكم في الثاني، و "ما" من قوله "كما" زائدة، والمخفوض بالكاف اسم الإشارة العائد على القسم الأول، وعبر بـ "أولاهما" بصيغة التأنيث ثم عبر بالثاني بصيغة التذكير؛ لأن الحروف تذكر وتؤنث، وقوله: "كيلوون" خبر مبتدأ محذوف أي وذلك، ثم قال: وإن شددتا ... كنحو الأمين أشار هنا إلى حكم القسم الثالث من أقسام اجتماع المثلين، وهو ما كان أول المثلين في مشدًا فقال: و "إن شددتا كنحو الأميين" ، يعني أن أول المثلين إذا كان مشددا، وذلك في بـ {الْأُمِّيِّينَ} ٦، و {الْحَوَارِيِّينَ} ٧، و {رَبَّانِيِّينَ} ٨، ومثلها {النَّبِيِّينَ} ٩، بالتشديد ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٣. ٢ سورة التوبة: ٩/ ١٩. ٣ سورة الشعراء: ٢٦/ ٩٤. ٤ سورة الأعراف: ٧/ ٢٠. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٣. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٧٥. ٧ سورة المائدة: ٥/ ١١١. ٨ سورة آل عمران: ٣/ ٧٩. ٩ سورة آل عمران: ٣/ ٢١. على قراءة غير نافع فإن حكمه حكم القسم الذي قبله في أنك في المثل الثاني بالخيار في إلحاقه وترك إلحاقه، وهذا مبني على ما رجحه أبو داود، وقدمه الناظم في الرسم من حذف الباء الثانية في ذلك، وهو الذي جرى به العمل، وعليه يأتي في ضبط هذا القسم ما أشار إليه الناظم هنا من التحيير في إلحاق الياء الثانية بالحمراء، وترك إلحاقها لدلالة الكسرة عليها، لكن تجعل في موضعها مطا على ما قدمناه في قسم: {يَلْوُونَ} ١ إلا أن ما ذكره الناظم في هذا القسم من التخيير مخالف لظاهر كلام المتقدمين، وهو أنه لا بد من إلحاق الثانية إذا قلنا: إنها هي المحذوفة، وكأن الناظم قاس هذا القسم على قسم: {يَلْوُونَ} ٢، فإنهم جوزوا فيه عدم الإلحاق كما تقدم، ولا فرق بينهما إذ كل واحد منهما الأول فيه متحرك، والثاني ساكن من جنس حركة ما قبله علامة للجمع، فقياس أحدهما على الأخر صحيح، وبإلحاق الياء الثانية جرى العمل، "وإن شددتا" شرط ومفعول "شددتا" مقدر أي أول المثلين، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم عليه تقديره ففي الثاني إلخ، ثم قال: . . . . . . . . . . . ... والتزمتا أن تلحق الأخرى إذا ما حذفت ... فيما به أولاهما قد سكنت لما ذكر في ضبط قسم {النَّبِيِّينَ} ٣، و {تَرَاءَى} ٤، و {لِيَسُوءُوا} ٥ التخيير بين الإلحاق، وتركه بناء على حذف المثل الأول منه تعرض هنا إلى ضبطه بناء على حذف المثل الثاني منه، فذكر أن المثلين المجتمعين المحذوف أحدهما إذا بنيت على حذف ثانيهما لزم الإلحاق في الثاني إذا كان المثل الأول ساكنا، ومراده بذلك قسم: {النَّبِيِّينَ} ٦، و {تَرَاءَى} ٧، و {لِيَسُوءُوا} ٨، فيكون فيه حينئذ ثلاثة أوجه: الوجهان اللذان قدمهما وهما الإلحاق، والتعويض بالمد بناء على حذف المثل الأول منه، والوجه الثالث هو المذكور هنا، وهو لزوم الإلحاق، وعدم الاستغناء عنه بالمد بناء على حذف المثل اثاني منه، وقد قدمنا ما به العمل، واحترز بسكون المثل الأول عن قسم: {يَلْوُونَ} ٩، وقسم ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٣. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٣. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ٢١. ٤ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ٥ الإسراء: ١٧/ ٧. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٢١. ٧ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ٨ سورة الإسراء: ١٧/ ٧. ٩ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٣. {الْأُمِّيِّينَ} ١، فيجوز في المثل الثاني منهما الإلحاق وتركه كما تقدم، وأما المثل الأول منهما إذا قلنا: إنه هو المحذوف فلا بد من إلحاقه؛ لأنه محرك والمحرك لا يصح إسقاطه وتعويض المد عنه؛ لأنه ليس بحرف مد ولذا لم يتكلم عليه الناظم، وإنما جوزوا الوجهين في الثاني من قسمي: {يَلْوُونَ} ٢، و {الْأُمِّيِّينَ} ٣؛ لأن الضمة والكسرة تدلان على ما لم يلحق، وعينوا الإلحاق في ثاني قسم: {تَرَاءَى} ٤ وما معه، وإن كانت حركة ما قبله تدل عليه؛ لأنها لما كانت حركة همز والهمز لا وجود له في المصحف صيرت كالعدم. تنبيه: لا يدخل في كلام الناظم هنا: {الْمَوْؤُودَةُ} ٥، وإن كان أول المثلين فيه ساكنا؛ لأنه سيتكلم بعد على حكم الواوين إذا كانت الثانية منهما لبناء الكلمة و {الْمَوْؤُودَةُ} ٦ من ذلك، وقوله: "والتزامتا" لفظه لفظ الخبر، والمراد به الأمر أي والتزم أن تلحق، و "ما" الواقعة بعد "إذا" زائدة، وقوله: "فيما" متعلق بتلحق و "ما" موصولة واقعة على اللفظ و "أولاهما" مبتدأ، أو ضميره عائد على المثلين المفهومين من السياق، وخبره "قد سكنت" و "به" متعلق بـ "سكنت" ، والباء بمعنى "في" والضمير عائد على "ما" ، ثم قال: وإن حذفت ما عليه بنيا ... أللفظ نحو قوله ما ووريا ففيه تخيير لدا الإلحاق ... وإن تك الأولى فباتفاق وعكس البيتين الأولين حكم ما اجتمع فيه واوان، والثانية ساكنة لبناء الكلمة، ومثل لذلك بقوله تعالى: {مَا وُورِيَ} ٧، ومثله: {الْمَوْؤُودَةُ} ٨، و {دَاوُدَ} ٩، وحاصل ما ذكره في هذا النوع أنك إذا حذفت ما بني عليه اللفظ، وهو الواو الثانية، جاز لك في ضبطه وجهان: أحدهما إلحاقه الحمراء، والثاني عدم إلحاقه لدلالة الضمة عليه، ولم يزد الداني على هذا، وظاهره يقتضي بقاء موضع المحذوف خاليا على الوجه الثاني، وقال أبو داود بعد ذكر الوجه الأول: وإن شئت تركت إلحاقه وعوضته بمد، والظاهر أن كلام أبي داود مفسر لكلام الداني، وحينئذ فليس في هذا النوع على حذف الواو الثانية إلا وجهان لا ثلاثة كما فهمه بعضهم، وأما إذا بنيت على حذف الواو الأولى، فأشار الناظم إلى أنه ١ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٣. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٣. ٣ سورة آل عمران: ٣/ ٧٥. ٤ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ٥ سورة التكوير: ٨١/ ٨. ٦ سورة التكوير: ٨١/ ٨. ٧ سورة الأعراف: ٧/ ٢٠. ٨ سورة التكوير: ٨١/ ٨. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٢٥١. يتعين فيه الإلحاق باتفاق أهل الفن، وقد صرح الناظم في الرسم باختيار حذف الثانية، وبه جرى العمل عندنا، وعليه يأتي الوجهان المبنيان على حذفهما والعمل عندنا على الوجه الأول منهما، ثم ذكر الناظم في البيت الثالث أن حكم: {جَاءَنَا} ١، على عكس حكم: {وُورِيَ} ٢، والألف الأولى في {جَاءَنَا} ٣ أصلية والثانية ألف الاثنين، ومراده بالعكس أنك إذا أثبت الألف الأولى التي قبل الهمزة في: {جَاءَنَا} ٤ لم يصح الاستغناء عن الألف الثانية بالمد، بل لا بد من إلحاقها بالحمراء، وإن أثبت الألف الثانية التي بعد الهمزة جاز لك في الألف الأولى الإلحاق يعني وتجعل في موضعها مدًّا، وقوله و "حذف آخر با استبانا" ، أفاد به اختيار حذف الأخير في: {جَاءَنَا} ٥، وبه صرح في الرسم وهو الذي جرى به العمل، وقوله: "وإن تك" شرط جوابه مقدر بعد الفاء من قوله: "فباتفاق أي فألحقها، وحذف نون" تكن "قبل الساكن، وذلك قليل في كلام العرب، ثم قال:" وألحقن ألفا توسطا ... مما من الخط اختصارًا سقطا لما قدم الكلام على ما حذف لاجتماع مثلين وهو النوع الأول، وشرع هنا في الكلام على ما حذف من حروف المد اختصارا وهو النوع الثاني، فأمر بإلحاق الألف المتوسط الذي سقط أي حذف من الخط لأجل الاختصار نحو: {الْعَالَمِينَ} ٦، قال في "التنزيل" : ويترك الكاتب في هذا، وما أشبه فسحة لإلحاق الألف. ا. هـ. ويكون الإلحاق بالحمراء، ولم يحتج الناظم إلى بيان موضع الإلحاق؛ لأنه لا يتوهم جعله في غير الموضع الذي ينطق به فيه، وقد نبهنا في باب الهمز على الخلاف في إيصال الألف الملحقة إلى السطر، وعدم إيصالها، وعلى أن العمل على عدم إيصالها، واحترز الناظم بقوله: "توسط" عن الألف المتطرف فإنه سيتكلم عليه، والألف المتوسط إن كان ما بعده متحركا فلا بد من إلحاقه نحو: {الصَّابِرِينَ} ٧ وإن كان ما بعده ساكنا نحو {صَافَّاتٍ} ٨ {وَمَحْيَايَ} ٩ عند من حذف ألفه، فيجوز إلحاقه وهو المعمول به، ويجوز تر إلحاقه وجعل المد موضعه. ١ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٨. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ٢٠. ٣ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٨. ٤ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٨. ٥ سورة الزخرف: ٤٣/ ٣٨. ٦ سورة الفاتحة: ١/ ١. ٧ سورة البقرة: ٢/ ١٥٣. ٨ سورة الملك: ٦٧/ ١٩. ٩ سورة الأنعام: ٦/ ١٦٢. وخص الحكم بالألف؛ لأن الواو لا تحذف من الوسط اختصارا، وكذا الياء إذا كانت حرف مد بالأصالة، وإنما يحذفان من الطرف، وذلك في الزوائد والصلات وقد تقدم الحكم فيها، ومراده بالوسط أن يوجد قبل المحذوف شيء وبعده شيء سواء كانا متساويين نحو: {إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} ١، فإن قبله ثلاثة أحرف وبعده ثلاثة أحرف، أو غير متساويين نحو: {صَالِحُ} ٢، و {أَنْهَارٌ} ٣، ولا فرق بين أن يكون المحذوف المتوسط مفردا في الكلمة كما مثلنا، أو متعددا فيها نحو {الصَّالِحَاتِ} ٤، و {السَّمَاوَاتِ} ٥، وسواء كان موجودا لفظا عند جميع القراء كما مثلنا، أو عند بعضهم نحو: {دَفْعُ} ٦، و {يُخَادِعُونَ} ٧ وأطلق الناظم هنا هذا الحكم، وهو مقيد بغير الألف المعانق للام؛ لأنه سينص على حكم المعانق لها، وقوله: "توسطا" فعل ماض والجملة صفة لقوله "ألفا" ، و "من الخط" متعلق بـ "سقطا" و "اختصارا" مفعول لأجله علة لـ "سقطا" ، والألف في "توسطا" ، و "سقطا" ألف الإطلاق، ثم قال: وما بواو أو بياء كتبا ... عن واو عن حرف ياء قلبا تكلم هنا على ما حذف من حروف المد لوجود عوضه من ياء، أو واو وهو النوع الثالث، فأخبر أن الألف الذي كتب في المصاحف واوا، أو ياء قلبه أهل الضبط على الواو والياء يعني ألحقوه بالحمراء فوق عوضه الذي هو الواو والياء، فمثال المكتوب واوا: {الْحَيَاةِ} ٨، و {الزَّكَاةَ} ٩ ومثل المكتوب ياء: {هُدَاهُمْ} ١٠، و {مُزْجَاةٍ} ١١، وأطلق الناظم هنا هذا الحكم وهو مقيد بغير الألف المعانق للام؛ لأنه سيذكر المعانق كما أنه مقيد بالألف المتوسط؛ لأنه سيذكر المتطرف، و "ما" من قوله "وما بواو" موصولة مبتدأ، وهي صادقة على الألف المحذوفة، وجملة "قلبا" خبرها، و "عن" بمعنى "على" متعلقة بـ "قلبا" وألف "كتبا" و "قلبا" للإطلاق، ثم قال: وإن تطرفت كذا تكون ... ما لم يقع من بعدها سكون ١ سورة البقرة: ٢/ ١٢٥. ٢ سورة التحريم: ٦٦/ ٤١. ٣ سورة محمد: ٤٧/ ١٥. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٥. ٥ سورة البقرة: ٢/ ١٠٧. ٦ سورة الحج: ٢٢/ ٤٠. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٩. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٠٤. ٩ سورة البقرة: ٢/ ٤٣. ١٠ سورة التوبة: ٩/ ١١٥. ١١ سورة يوسف: ١٢/ ٨٨. يعني أن الألف المحذوفة من الطرف إن لم يقع بعدها ساكن، لا بد من إلحاقها سواء حذفت لاجتماع مثلين نحو: {رَأى كَوْكَبًا} ١، و {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} ٢ عند من يجعل الكحلاء صورة للهمزة، أو حذفت لوجود عوض نحو: {الرِّبا} ٣، و {تَرَدَّى} ٤، أو حذفت اختصارا كالألف التي بعد الهاء في "هذا" و "هؤلاء" ونحوهما، وبعد الياء في {يَا جِبَالُ} ٥، و {يَا أَيُّهَا} ٦ ونحوهما، وإنما كانت الألف في هذا النوع الأخير متطرفة لا متوسطة؛ لأن ها التنبيه ويا النداء كلمتان مستقلتان بأنفسهما، ولهذا كان المد منفصلا في نحو: "هؤلاء" و "يأيها" ، فتحلق هذه الألفات كلها في موضع النطق بها كما هو الشأن فيها إذا حذفت من الوسط. وفهم من قوله "ما لم يقع من بعدها سكون" أن الألف المحذوفة من الطرف إذا وقع قعدها ساكن لا تلحق وهو كذلك؛ لأن الساكن يوجب سقوطها من اللفظ وصلا، والنقط مبني على الوصل، ومثاله فيما حذف اختصارا: {يَا ابْنَ أُمَّ} ٧، فإن ألفه لا تلحق عند الجميع خلافا للبيب، ومثاله في المعوض {مُوسَى الْكِتَابَ} ٨، و {قُرىً} ٩، و {مِنْ رِبًا} ١٠ على كتبه بالواو، وإنما كانت الألف في: {قُرىً} ١١، و {مِنْ رِبًا} ١٢، متطرفة؛ لأن مرادهم بالمتطرف هنا آخر الكلمة الذي تطرف خطا، فدخلت الألف في {قُرىً} ١٣، و {مِنْ رِبًا} ١٤؛ لأنها متطرفة خطا والتنوين إنما هو طرف لفظا، ودخل أيضا: {الرِّبا} ١٥، ونحوه؛ لأن آخر الكلمة المتطرفة هو الألف المعوض، وأما الألف التي بعد الواو فإنما جيء بها بعد تمام الكلمة، فليست منها ولذلك سميت زائدة. فإن قلت: مقتضى قول الناظم: "ما لم يقع من بعدها سكون" أن لا تلحق الألف الثانية من: {تَرَاءَى} ١٦ بناء على أنها هي المحذوفة، والمنصوص خلافه، فالجواب أن: {تَرَاءَى} ١٧ غير مراد للناظم هنا لنصه عليه فيما تقدم، وكذا ما ألحق به على ما سيأتي. ١ سورة الأنعام: ٦/ ٧٦. ٢ سورة الإسراء: ٧/ ٨٣. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ٤ سورة الليل: ٩٢/ ١١. ٥ سورة سبأ: ٣٤/ ١٠. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢١. ٧ سورة طه: ٢٠/ ٩٤. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٥٣. ٩ سورة سبأ: ٣٤/ ١٨. ١٠ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ١١ سورة سبأ: ٣٤/ ١٨. ١٢ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ١٣ سورة سبأ: ٣٤/ ١٨. ١٤ سورة الروم: ٣٠/ ١٨. ١٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ١٦ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ١٧ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. تنبيه: يلحق بـ {قُرىً} ١، و {رَبًّا} ٢ نحو {مَاءٍ} ٣ على المختار فيه، وهو أن المحذوف منه صورة الهمزة وكذلك {مَلْجَأَ} ٤ عند من يجعل الألف الموجودة صورة للهمزة، وإن كان مرجوحا فيدخلان في مفهوم قول الناظم: "ما لم يقع من بعدها سكون" ، وحينئذ لا تلحق الألف المحذوفة فيهما كما لا تلحق في: {قُرىً} ٥، و {رَبًّا} لسقوطها في الجميع وصلا، والنقط مبني على الوصل، ولا يدخل فيه نحو: {رَأى الشَّمْسَ} ٦، على رأي من يجعل المحذوفة هي الثانية إذا حذفت وعلته كعلته، وهو عدم ما يدل على المحذوفة كما قدمناه في {تَرَاءَى} ٧ بخلاف نحو: {مَاءً} ٨، و {مَلْجَأً} ٩ إذ علامة التنوين تدل فيهما على الألف، ثم قال: ومع لام ألحقت يمناه ... لأسفل من منتهى أعلاه ما لم تكن بواو أو ياء أتت ... وقيل يمناه بكل ألحقت تكلم هنا على الألف المعانقة للام إذا حذفت، وقسمها إلى قسمين: قسم حذفت فيه اختصارًا، وقسم حذفت فيه لوجود عوض، فأشار إلى حكم القسم الأول بالبيت الأول، ومعناه أن الألف التي مع اللام إذا حذفت اختصارا نحو: {لاعِبِينَ} ١٠ تلحق بالحمراء في الجهة اليمنى من اللام باعتبار الكاتب، ويبتدأ بالإلحاق من الموضع الذي انتهى فيه أعلى اللام، بحيث يكون أعلى الملحق مقارنا لأعلى اللام مع بقاء بياض يسير بينهما، ويمتد الملحق إلى أسفل اللام، ولا بد من خروج الألف الملحقة من اللام إلى مطته من أمام كما نصوا عليه، وهذا الإلحاق بهذه الكيفية منظور فيه إلى الألف المعانقة للام إذا أثبتت، فإنها هي التي في الجهة اليمنى على ما هو المختار لما سيأتي في محله إن شاء الله. ثم أشار بالبيت الثاني إلى حكم القسم الثاني، وهو ما حذف لوجود عوضه سواء كان واوا أو ياء نحو: {الصَّلاةِ} ١١، و {مَوْلاهُ} ١٢، فذكر فيه قولين: أحدهما أن الألف الملحقة لا تكون معانقة للام خارجة إلى يمناه، وإلى ذلك أشار بقوله: "ما لم تكن بواو أو ياء" ١ سورة سبأ: ٣٤/ ١٨. ٢ سورة الروم: ٣٠/ ٣٩. ٣ سورة الطارق: ٨٦/ ٦. ٤ سورة التوبة: ٩/ ٥٧. ٥ سورة سبأ: ٣٤/ ١٨. ٦ سورة الأنعام: ٦/ ٧٨. ٧ سورة الشعراء: ٢٦/ ٦١. ٨ سورة الطارق: ٨٦/ ٦. ٩ سورة التوبة: ٩/ ٥٧. ١٠ سورة الأنبياء: ٢١/ ١٦. ١١ سورة النساء: ٤/ ٤٣. ١٢ سورة التحريم: ٦٦/ ٤. أتت "، وسكت عن بيان موضعها استغناء بما قدمه في قوله:" وما بواو أو بياء كتبا "البيت، من أنه يحلق على الواو والياء، وهذا القول اقتصر عليه الداني وهو المعمول به، والقول الثاني وهو مذهب أبي داود أنك تلحقها معانقة للام خارجة إلى يمناه، وهو معنى قوله:" وقيل يمناه بكل ألحقت "أي تلحق يمينه سواء كانت مما حذف اختصارا أو لوجود عوضه، ولا بد على هذا القول من أن يبتدأ بالإلحاق من رأس الحرف المعوض، ويمر به إلى جهة اليمين خارجا إلى يمين اللام مارا إلى أعلاه كما نصوا عليه، وليس في كلام الناظم ما يشعر بذلك، وأطلق في كلامه ومراده التقييد بما لم يقع بعده ساكن نحو: {الْأَعْلَى، الَّذِي} ١، و {الْمَوْلَى} ٢، فإنه لا يلحق لا يمين ولا يسار، والباء في قوله:" بواو "للمصاحبة وفي قوله" بكل "بمعنى" في "، ثم قال:" لكن من اسم الله رسما حطا ... واللات بالإلحاق فرقا خطا لما قدم أن الألف المعانقة للام إذا حذفت لا بد من إلحاقها، وكان من جملة ما يدخل في ذلك لفظ الجلالة، وهو "الله" إذ هو مما حذفت منه الألف المعانقة للام، استدرك الكلام عليه هنا لكون حكمه مخالفا لما تقدم فقال: "لكن من اسم الله وسما حطا" ، يعني أن ألف اسم الله لا تلحق بل تحذف من الخط رأسا، وإنما تثبت لفظا خاصة. ومراده باسم الله لفظ "الله" على أي وجه ورد سواء كان مجردا من الزوائد نحو: {اللَّهُ رَبُّنَا} ٣، {قَالَ اللَّهُ} ٤، {إِلَى اللَّهِ} ٥، أو اتصلت الزوائد بأوله نحو {بِاللَّهِ} ٦، و {تَاللَّهِ} ٧ أو بآخره نحو "اللهم" ؛ لأن لفظ الله موجود في الجميع، والزوائد بأوله لا عبرة بها، وقوله "رسما" احترز به من اللفظ، وعبر به عن النقط تسامحا لهذا المقصد، وهو الاحتراز من اللفظ، وقوله "حطا" في الشطر الأول بحاء مهملة بمعنى ترك، وأسقط والضمير المستتر فيه عائد على الألف المحذوف، وإنما لم يلحق الألف في لفظ الجلالة مع كونه متوسطا موجودا في اللفظ -والقاعدة فيما كان هذا لزوم إلحاقه- لما أشر إليه في الشطر الثاني، وهو القصد إلى أن يفرق بينه، وبين اللات الذي هو اسم صنم وهو ١ سورة الأعلى: ٨٧/ ١، ٢. ٢ سورة الحج: ٢٢/ ٧٨. ٣ سورة الأعراف: ٧/ ٨٩. ٤ سورة المائدة: ٥/ ١١٥. ٥ سورة المائدة: ٥/ ١٠٥. ٦ سورة يونس: ١٠/ ٨٤. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٩٥. المذكور في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} ١ لا سيما على مذهب من يقف عليه بالهاء، ولو عكس لحصل الفرق أيضا لكن لما كان لفظ الجلالة كثير الدور ناسبه التخفيف بخلاف اللات، إذ لم يرد إلا في موضع واحد. فإن قلت: الفرق بينهما موجود خطا بكون آخر اسم الجلالة هاء، وآخر اسم الصنم تاء، فالجواب أنهم قصدوا بذلك تقوية الفرق بينهما، وتأكيده فمهما أمكنهم فرق أتوا به زيادة في أبعاد كل من اللفظين من الآخر، ولذلك فرقوا بينهما في اللفظ أيضا بالتفخيم في لفظ الجلالة والترقيق في الآخر، واعلم أن الذي عندهم هو ما ذكرناه من أن الذي قصد به الفرق، إنما هو ترك الإلحاق في لفظ الجلالة، وأما الإلحاق في اللات فقد جاء على الأصل، وظاهر كلام الناظم يقتضي العكس، وأن إلحاق اللات هو الذي قصد به الفرق، وليس كذلك، وقوله: "خطأ" في الشطر الثاني بخاء معجمة بمعنى كتب، والضمير المستتر فيه عائد على "اللات" و "فرقا" مفول لأجله علة لـ "خطأ" ، ثم قال: وألحقن ألفي إدارأتم ... والياء من إيلافهم وترسم ثاني ننجي يوسف والأنبيا ... حمراء وأولا بباب حيي واختير ترك لحق تئوي رءيا ... ذكر هنا ستة أشياء يلحق الحرف المحذوف منها بالحمراء اتفاقا في أربعة منها، وعلى غير المختار في اثنين، والمختار فيهما ترك الإلحاق، وهذه الأشياء الستة بعضها حذف منه الألف وهو: {فَادَّارَأْتُمْ} ٢ في "البقرة" ، وبعضها حذف منه الياء وهو {إِيلافِهِمْ} ٣ في سورة "قريش" وباب: {حيي} ٤ وبعضها حذف منه النون، وهي {نُنَجِّي} ٥ "يوسف" و "الأنبياء" ، وبعضها حذف منه الواو وهو {وَتُؤْوِي} ٦، و {وَرِئْيًا} ٧، فأشار إلى حكم: {فَادَّارَأْتُمْ} ٨ في "البقرة" بقوله: "وألحقن ألفي ادارأتم" ، وألفاه هما التي بعد الدال، وهي ألف تفاعل والتي بعد الراء وهي صورة الهمزة، وقد قدم في الرسم حذف الألفين، وأمر هنا بإلحاقها معا يعني اتفاقا، ولا إشكال في إلحاق التي بعد الدال؛ لأنها مما ١ سورة النجم: ٥٣/ ١٩. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٧٢. ٣ سورة قريش: ١٠٦/ ١. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٥. ٥ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨٨. ٦ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥١. ٧ سورة مريم: ١٩/ ٧٤. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٧٢. حذف الألفين وأمر هنا بإلحاقهما معا يعني اتفاقا، ولا إشكال في إلحاق التي بعد الدال؛ لأنها ما حذف من الوسط اختصارا، وذكر حكمها مع كونه معلوما من قوله: "وألحقن ألفا توسطا" البيت، خوفا من توهم عدم إلحاقها لو اقتصر على ذلك إلحاق الثانية، وأما الألف التي بعد الراء، فكان حقها أن لا تلحق بل يكتفي عنها بنقطة الهمزة في موضعها كما هو عند الجمهور في غير {فَادَّارَأْتُمْ} ١، مما همزته ساكنة مفتوحة ما قبلها، وذلك {اطْمَأْنَنْتُمْ} ٢، و {امْتَلأْتِ} ٣، إذا قلنا بحذف صورة الهمزة منهما، وكأنهم لما رأوا في: {فَادَّارَأْتُمْ} ٤ تكرار الحذف جعلوا الإلحاق جبرا لذلك، وسكت عن {اطْمَأْنَنْتُمْ} ٥، و {امْتَلأْتِ} ٦ مع أنه قدم في باب الهمز من الرسم الخلاف في حذف صورة الهمزة منها، إما؛ لأنه يختار إثبات الصورة فيهما، وهو المعول به كما قدمناه، أو؛ لأنه يختار فيهما عدم الإلحاق بناء على حذف الصورة. ثم أشار إلى حكم: {إِيلافِهِمْ} ٧ في سورة "قريش" بقوله: "والياء من إيلافهم" ، فقوله: و "الياء" منصوب بالعطف على ألفي: {ادَّارَأْتُمْ} ٨ أي وألحقن الياء من: {إِيلافِهِمْ} ٩ باتفاق. وقد قدم في الرسم حذفها وصفة إلحاقها كصفة رسمها لو كانت ثابتة، وهو أن تجعل بعد الألف الذي هو صورة الهمزة ياء حمراء متصلة باللام بعدها. وخالف اللبيب فقال: إن الياء تلحق هنا مردودة جريا على ما اختياره من عدم إيصال المحذوفات الملحقة إلى ما أثبت، والعمل على الأول، وقد نبهنا على هذا الخلاف في باب الهمز، وإنما ألحقوا هذه الياء خفية أن يتوهم إسقاطها رأسا حتى من اللفظ لا سيما، وقد قرئ به كما قدمناه في الرسم، وهذه الياء ليست بحرف مد بالأصالة بل أصلها همزة على ما قدمناه في الرسم، ولذلك لم يصح عندهم الاستغناء عنها يجعل المد في موضعها. ١ سورة البقرة: ٢/ ٧٢. ٢ سورة النساء: ٤/ ١٠٣. ٣ سورة ق: ٥٠/ ٣٠. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٧٢. ٥ سورة النساء: ٤/ ١٠٣. ٦ سورة ق: ٥٠/ ٣٠. ٧ سورة قريش: ١٠٦/ ١. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٧٢. ٩ سورة قريش: ١٠٦/ ١. ثم أشار إلى حكم {نُنَجِّي} ١ في "يوسف" و "الأنبياء" بقوله: "وترسم ثاني ننجي يوسف والأنبيا حمرا" أي وارسم ثاني نوني: {نُنَجِّي} ٢ حمراء من غير خلاف في سورة "يوسف" ، وسورة "الأنبياء" ، فقوله: و "ترسم" لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر، ولذلك صح عطفه على "ألحقن" ، وقد قدم الناظم في الرسم حذف النون الثانية من: {نُنَجِّي} ٣ في السورتين وأمرك هنا بأن تلحقها أي بين النون الكحلاء، والجيم بأن تجعل سنا بالحمراء بينها واصلا إلى السطر، هذا هو الجاري على ما عليه المحققون من إيصال الملحق إلى السطر، والجاري على مختار اللبيب أن تجعل نونا معرفة فوق السطر حمراء، وبالأول جرى العمل، ولما سكت الناظم في الرسم عن النون الثانية من: {لَنَنْصُرُ} ٤ في "يونس" و {لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} ٥ في "غافر" سكت عنها هنا أيضًا، وقد قدمنا في الرسم أن الشيخين ذكراها بالخلاف وضعفا حذفها، وبإثباتها جرى العمل، وإذا بنيت على حذفها فلا فرق بينها وبين نون: {نُنَجِّي} ٦ المحذوفة في الإلحاق، ولما عبر الناظم في ألفي: {فَادَّارَأْتُمْ} ٧ بالإلحاق لم يحتج إلى بيان لون الحمرة لاستلزام الإلحاق له كما قدمناه، ولما عبر في {نُنَجِّي} ٨ بالرسم احتاج حينئذ إلى بيان اللون فقال: "حمراء" ؛ لأن الرسم لا يستلزم الحمرة إذا أكثر ما يطلق على ما يكتب بالكحلاء مما هو ثابت كما قدمناه أيضا، وعبر بـ "ثاني" ، وهو مذكر ثم وصفه بحمراء وهو مؤنث؛ لأن الحروف يجوز تذكيرها وتأنيثها. ثم أشار إلى حكم باب {حَيَّ} ٩ بقوله: "وأولا بباب حيي" أي وارسم بالحمراء حرفا أولا في باب: {حَيَّ} ١٠، ويعني الياء الأولى منه، وباب: {حَيَّ} ١١ هو ما اجتمع فيه ياءان متحركتان في الطرف، ولم ترسم منهما إلا ياء واحدة وقد وقع ذلك في أربع كلمات في خمسة مواضع، وهي: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ} ١٢ في الأعراف، و {مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} ١٣ في "الأنفال" و {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} ١٤ في "الفرقان" ، و عَلَى أَنْ ١ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨٨. ٢ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨٨. ٣ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨٨. ٤ سورة يونس: ١٠/ ١٤. ٥ سورة غافر: ٤٠/ ٥١. ٦ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨٨. ٧ سورة البقرة: ٢/ ٧٢. ٨ سورة الأنبياء: ٢١/ ٨٨. ٩ سورة الأنفال: ٨/ ٤٢. ١٠ سورة الأنفال: ٨/ ٤٢. ١١ سورة الأنفال: ٨/ ٤٢. ١٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٩٦. ١٣ سورة الأنفال: ٨/ ٤٢. ١٤ سورة الفرقان: ٢٥/ ٤٩. يُحْيِيَ الْمَوْتَى ١ في "الأحقاف" والقيامة، وقد قدم الناظم في الرسم أن الراجح في باب حيي حذف الياء الأولى، وأمر هنا بإلحاقها مراعاة لحركتها إذ لا توجد حركة غير قائمة بحرف، ولا يصح أن يستغنى عن الياء هنا بالمد في موضعها، إذ ليست بحرف مد فتعين إلحاقها، ولم يذكر حكم الثانية إذا بنينا على حذفها، والظاهر أن لا فرق بينها، وبين الأولى فلا بد من إلحاقها لأجل حركتها، وسكت هنا عن: {يَسْتَحْيِي} ٢، ونحوه مما ثاني المثلين فيه ياء ساكنة في الطرف لتقدمه في باب المد في قوله: "كذا قياس نحو لا يستحي" البيت، لكن ذلك على حذف الثانية، وأما إن بني فيه على حذف الأولى فلا بد من إلحاقها رعيا لحركتها كما تقدم في باب: {حَيَّ} ٣، فهذه هي الأشياء الأربعة التي يلحق فيها المحذوف اتفاقًا. ثم ذكر ما لا يلحق في المحذوف على المختار، وهو {تُؤْوِي} ٤، و {وَرِئْيًا} ٥، فأشار إلى حكم {تُؤْوِي} ٦، ويكون المراد حينئذ بنحو تئوي كل ما اجتمع فيه مثلان أحدهما صورة الهمزة، وقلنا بحذفها لاجتماع المثلين، وسواء كان المثلان واوين، أو ياءين، أو ألفين. مثال الواوين: {تُؤْوِي} ٧، و {لِيُطْفِئُوا} ٨، و {الْخَاطِئُونَ} ٩، ولا فرق في {تُؤْوِي} ١٠، بين أن يكون مجردا كما نطق له، أو متصلا بضمير نحو {تُؤْوِيهِ} ١١، وقد قدم الناظم في الرسم أن {تُؤْوِي} ١٢ مما حذفت فيه صورة الهمزة لئلا يجتمع مثلان، ومثال الياءين: {مُسْتَهْزِئُونَ} ١٣، و {وَرِئْيًا} ١٤، بكسر الراء مهموزا، ومثال الألفين: {مَآبٍ} ١٥، و {تَبَوَّءا} ١٦، و {نَأَى} ١٧، و {رَأَى} ١٨ في غير الموضعين المتقدمين للناظم في الرسم، فالمختار المعمول به في ضبط جميع ذلك ترك إلحاق صورة الهمزة ١ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٣٣. ٢ سورة البقرة: ٢/ ٢٦. ٣ سورة الأنفال: ٨/ ٤٢. ٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥١. ٥ سورة مريم: ١٩/ ٧٤. ٦ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥١. ٧ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥١. ٨ سورة الصف: ٦١/ ٨. ٩ سورة الحاقة: ٦٩/ ٣٧. ١٠ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥١. ١١ سورة المعارج: ٧٠/ ١٣. ١٢ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥١. ١٣ سورة البقرة: ٢/ ١٤. ١٤ سورة مريم: ١٩/ ٧٤. ١٥ سورة الرعد: ١٣/ ٣٦. ١٦ سورة يونس: ١٠/ ٨٧. ١٧ سورة الإسراء: ١٧/ ٨٣. ١٨ سورة النجم: ٥٣/ ١١. والاقتصار على جعل الهمزة نقطة صفراء في السطر قبل الواو في: {وَتُؤْوِي} ١ ونحوه، وقبل الياء في {مُسْتَهْزِئُونَ} ٢ ونحوه، وقبل الألف في {مَآبِ} ٣، ونحوه، ومقابل المختار إلحاق صورة الهمزة قبل الأحرف الثلاثة، وجعل الهمزة نقطة صفراء فوق الصورة الملحقة. ثم أشار إلى حكم {وَرِئْيًا} ٤، بقوله "رءيا" ، وهو بضم الراء معطوف على "تئوي" بإسقاط العاطف، ومراده به الرءيا ورءياك وشبههما، ونطق به مجردا من السوابق، واللواحق قصدا للشمول؛ لأنه القدر المشترك وإلا فلفظ "رءيا" لم يقع في القرءان منكرا، وقد قدم الناظم في الرسم أن صورة الهمزة محذوفة من الرءيا، وأشار هنا إلى أن المختار في ضبطه ترك إلحاق الواو -التي هي صورة الهمزة- والاقتصار على جعل الهمزة نقطة صفراء في السطر، مقابل المختار إلحاق صورتها، وجعل الهمزة نقطة صفراء فوقها، ويستثنى من ذلك {ادَّارَأْتُمْ} ٥، لتقدم ذكره بحكمه الخاص به، وقوله: "ألحقن" بنون ساكنة في آخره هي نون التوكيد الخفيفة، و "ألفي" مفعوله منصوب بالياء لكونه مثنى، وحذفت نونه للإضافة، وياؤه مكسورة لالتقاء الساكنين، ثم قال: . . . . . . . . . . . ... وألحق أولياء واوا أولياء إن شئت في اتصاله بمضمر ... وهمزه في الخط لم يصور لما قدم في الرسم الخلاف في همز "أولياء" المرفوع، والمجرور إذا أضيف إلى ضمير هل له صورة أو لا، تعرض هنا إلى ضبطه إذا بنيت على أن همزة لم يصور في الخط، فذكر أنك بالخيار إن شئت ألحقت واوا حمراء يعني في المرفوع نحو: {أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} ٦، أو ياء حمراء يعني في المجرور نحو {إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} ٧، وجعلت الهمزة فقط صفراء فوق الواو وتحت الياء، وإن شئت لم تلحق، واكتف بجعل همزة صفراء في السطر، فهما وجهان مبنيان على أن همزة غير مصور ولذا قال: "وهمزة في الخط لم يصور" ، وأما إذا بنيت أن همزه غير مصور، فالحكم لدخوله في عموم قوله: "وما بشكل" إلخ، ولذا لم يتعرض ١ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٥١. ٢ سورة البقرة: ٢/ ١٤. ٣ سورة الرعد: ١٣/ ٣٦. ٤ سورة مريم: ١٩/ ٧٤. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٧٢. ٦ سورة البقرة: ٢/ ٢٠٧. ٧ سورة الأنعام: ٦/ ١٢١. له هنا، وسكت هنا عن إلحاق الألف الواقعة بعد الياء في أولياء المذكور إذا قلنا بحذفها، لكونه يعلم من قوله في باب المد: "وإن تكن ساقطة في الخط" البيت، وقد قدمنا في الرسم أن أبا داود اختار تصوير همز "أولياء" المذكور، وإثبات ألفه وعلى ما اختاره العمل، وقوله الناظم "وألحق" فعل أمر إلا أنه مفتوح الآخر، لنقل حركة همزة "أولياء" و "واوا" أو "ياء" حال من صورة المقدرة، و "أو" للتنويع لا للتخيير، وجملة قوله "همزه في الخط لم يصور" حالية والواو الداخلة عليها واو الحال أي، وألحق إن شئت في حال انتفاء صورة الهمز من الخط أي الرسم، ثم قال: قياسه جزاؤه في يوسفا ... لكن في نصونصه ما ألفا لما قدم في الرسم أن صاحب المقنع ذكر حذف صورة الهمز بقلة في جزاؤه الواقع في سورة سيدنا يوسف في قوله تعالى: {فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ، قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} ١، تعرض هنا إلى ضبطه باعتبار ما ذكره صاحب المقنع، فأشار إلى أن المتقدمين إنما تكلموا على: {جَزَاؤُهُ} ٢ في "يوسف" باعتبار الرسم، ولم يتكلموا عليه باعتبار الضبط، لكن القياس يقتضي أن يكون حكمه حكم: {أَوْلِيَاؤُهُ} ٣ المتقدم إذ لا فرق بينهما، فيكون فيه عند من حذف صورة همزه وجهان كوجهي: {أَوْلِيَاؤُهُ} ٤ المرفوع أحدهما إلحاق الواو بالحمراء، وجعل الهمزة صفراء فوقها، والثاني عدم إلحاق الواو، والاكتفاء عنها بجعل همزة صفراء في السطر، وقياس الناظم هنا صحيح إذ كل من المقيس، والمقيس عليه حذفت منه صورة همزة مضمومة اتصلت بضمير وقبلها ألف، وسكت هنا عن إلحاق الألف الواقعة بعد الزاي في "جزاء" يوسف مع أنه قدم في الرسم أن أبا داود نص في التنزيل على حذفها لما قدمناه في: {أَوْلِيَاؤُهُ} ٥، وقد ذكرنا في الرسم أن العمل في "جزاء" يوسف على تصوير الهمزة، وهو الكثير وعلى حذف الألف، وقوله: "قياسه" مبتدأ خبره "جزاؤه" و "في يوسف" حال من "جزاؤه، وضمير "قياسه" عائد على "أولياء" ، و"قياس "مصدر بمعنى اسم مفعول كضرب الأمير، ونسج اليمين أي" ١ سورة يوسف: ١٢/ ٧٤، ٧٥. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٧٤. ٣ سورة الأنفال: ٨/ ٣٤. ٤ سورة الأنفال: ٨/ ٣٤. ٥ سورة الأنفال: ٨/ ٣٤. مقيس أولياء جزاؤه في يوسف، وقوله: "لكن" بتشديد النون واسمها عائد على "جزاؤه" ، وحذفه للعلم به وخبرها جملة "ما ألفا" ، و "ما" نافية و "ألفا" بكسر اللام مخففة معناه عهد، و "في نصوصهم" متعلق به، ثم قال: ونون تأمنا إذا ألحقته ... فانقط أماما أو به عوضته أشار هنا إلى كيفية ضبط: {تَأْمَنَّا} ١ من قوله تعالى: {مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} ٢، وهذه اللفظة مركبة من فعل مضارع مرفوع آخره نون، ومن مفعول به أوله نون ففيها نونان: إحداهما المرفوعة التي هي آخر المضارع، والأخرى نون ضمير المفعول على حد قولك: "تضمننا" ، وقد أجمع كتاب المصاحب على كتبها بنون واحدة، وفيها لنافع وغيره من القراء السبعة وجهان: أحدهما إدغام النون الأولى في النون الثانية إدغاما تاما مع الإشمام، والآخر الإخفاء، والمراد بالإشمام أن تضم شفتيك من غير إسماع صوت قبل الفراغ من النطق بالنون الثانية تنبيها على حركة النون الأولى، وقيل: بعد الفراغ من النطق بالنون الثانية، والصحيح الأول، والمراد بالإخفاء هنا الروم، وهو أن تضعف الصوت بحركة النون الأولى بحيث أنك لا تأتي إلا ببعضها، وتدغمها في الثانية إدغاما غير تام؛ لأن التام يمتنع مع الروم؛ لأن الحرف لم يسكن سكونا تاما، فيكون أمرًا متوسطا بين الإظهار والإدغام، هذا ما عليه أكثر المحققين في معنى الإخفاء هنا، وبه القراءة عندنا، وذهب جماعة إلى أن النون الأولى مظهرة مع الإخفاء، فعلى الوجه الأول، وهو الإدغام التام مع الإشمام لا حذف في: {تَأْمَنَّا} ٣؛ لأن الإدغام التام لا يتأتى إلا مع تسكين أول المثلين، فيرجع رسمها إلى باب {آمَنَّا} ٤، وعلى الوجه الثاني وهو الإخفاء يكون في {تَأْمَنَّا} ٥ حذف النون الأولى من الرسم، كما صرح به الشيخان وذلك على خلاف الأصل؛ لأنها لم تدغم فيما بعدها إدغاما تاما فضبط {تَأْمَنَّا} ٦ على الوجه الأول الذي هو الإدغام التام مع الإشمام يكون بتشديد النون، وجعل نقطة بالحمراء بينها، وبين الميم دلاة على الإشمام، ويجوز على هذا الوجه أن تجعل جرة بين الميم، والنقطة علامة على أن السكون قبل الإشمام، وهذا على أن الإشمام يكون قبل الفراغ من النطق بالنون الثانية. ١ سورة يوسف: ١٢/ ١١. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ١١. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ١١. ٤ سورة آل عمران: ٣/ ٥٢. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ١١. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ١١. وأما على القول بأنه يكون بعد الفراغ من النطق بها، فضبط {تَأْمَنَّا} ١، كذلك إلا أن النقطة تجعل بعد النون الكحلاء لا قبلها. فهذه ثلاثة أوجه في ضبط، {تَأْمَنَّا} ٢ على وجه الإدغام التام مع الإشمام، ولم يتعرض الناظم إلى ضبطها على هذا الوجه، وإنما تعرض إلى ضبطها على الوجه الثاني الذي هو الإخفاء، فذكر فيها وجهين منصوصين لأهل الفن: أحدهما أن تشدد النون الكحلاء، وتلحق نونا حمراء قبلها، وتجعل نقطة بالحمراء أمام النون الحمراء دلالة على ضمتها، كما هو الشأن في الحركة المختلسة، فتشديد الكحلاء دليل على الإدغام، وجعل النقطة الدالة على ضمة النون الحمراء دليل على نقصانه، وإلى هذا الوجه أشار الناظم بقوله: "ونون تأمنا إذا ألحقته فانقط أماما" ، ومعنى قوله "إذا ألحقته" إذا قرأت بالإخفاء الذي يترتب عليه الإلحاق، الوجه الثاني أن تشدد النون الكحلاء، وتعوض النون الحمراء بالنقط بأن تستغني عن إلحاق الحمراء بجعل النقطة الدالة على الضمة في موضعها، وإلى هذا الوجه أشار بقوله: "أو به عوضته" أي أو عوض النون الحمراء بالنقط الدال على ضمتها، وإنما وضعت علامة الحركة هنا بدون حرفها لكون الحركة غير خالصة، وأما الحركة الخالصة، فلا يجوز عندهم وضع علامتها بدون حرفها. وهذا الوجه الثاني مماثل لوجه الاقتصار على النقطة إذا جعلت قبل النون في الإشمام، ولا يفرق بينهما إلا بالقصد من الناقط، وما ذكرناه من تشديد النون الكحلاء في هذين الوجهين اللذين ذكرهما الناظم مبني على ما عليه أكثر المحققين من أن النون الأولى مدغمة في الثانية، إلا أن الإدغام غير تام على ما قدمناه، وأما على ما ذهب إليه جماعة من أنها مظهرة مع الإخفاء، فلا تشدد النون، وإنما اقتصر الناظم على ضبط: {تَأْمَنَّا} ٣ على وجه الإخفاء؛ لأنه هو الذي عليه أكثر أهل الأداء، واختاره الداني، ولهذا جرى العمل بضبط: {تَأْمَنَّا} ٤ على وجه الإخفاء كما جرى العمل بالوجه الأول من الوجهين اللذين ذكرهما الناظم المبنيين عليه، وقوله: "ونون تأمنا" مبتدأ، ومضاف إليه وللمبتدأ نعت مقدر أي نون تأمنا المحذوف، والخبر "إذا" وما بعدها، وقوله "فانقط" . ١ سورة يوسف: ١٢/ ١١. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ١١. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ١١. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ١١. جواب "إذا" ، والضمير في "ألحقته" ، و "عوضته" عائد على المبتدأ والضمير في "به" عائد على النقط المفهوم من قوله "فانقط" ، وهو متعلق بـ "عوضته" ، ثم قال: ألقول فيما زيد في الهجاء ... من ألف أو واو أو من ياء أي هذا القول في علامة ما زيد في الهجاء من ألف أو واو أو ياء، ففي الترجمة حذف مضاف وهو علامة، والمراد بالعلامة هنا الدارة التي تجعل بالحمراء على الحرف المزيد لتدل على أنه زائد، وسينص عليها الناظم آخر الباب، وهي المقصودة بالذكر في هذا الباب؛ لأنها هي التي من فن الضبط، وأما ما زيد من الألف والواو والياء، وهو من فن الرسم، وقد قدمه الناظم فيه، وإنما ذكره هنا توطئة لذكر الدارة، ولذا اختصره هنا مشيرا في الغالب إلى كل نوع من أنواعه بكلمة فقط، ومراده بالهجاء هجاء المصاحف المعبر عنه عندهم بالرسم، واعلم أن الناظم نوع زيادة الألف التي تجعل عليها الدارة إلى عشرة أنواع: الأول: ما زيدت فيه الألف بعد همزة مفتوحة للام على الراجح نحو: {لَأَذْبَحَنَّهُ} ١ الثاني مثله إلا أن الهمزة مكسورة، وهو {لا إِلَى} ٢، الثالث: ما زيدت فيه بين كسرة وفتحة نحو {مِائَةٌ} ٣ الرابع: ما زيدت فيه بين كسرة، وياء متولدة عنها وذلك {وَجِيءَ} ٤ الخامس: ما زيدت فيه بين فتحة، وياء ساكنة نحو {تَيْأَسُوا} ٥ السادس: ما زيدت فيه بعد واو الفرد نحو: {أَدْعُو رَبِّي} ٦ الثامن: ما زيدت فيه بعد واو متطرفة جعلت صورة للهمز على خلاف الأصل نحو: {تَفْتَأُ} ٧ التاسع: ما زيدت فيه بعد واو معوضة من ألف الطرف نحو: {الرِّبا} ٨ العاشر: ما زيدت فيه بعد واو متطرفة جعلت صورة للهمز على القياس نحو: {امْرُؤٌ} ٩، ونوع زيادة الياء إلى ثلاثة أنواع، وأما زيادة الواو، فهو عند الناظم نوع واحد، وستأتي كلها في كلامه، ثم قال: فكل ما الألف فيه أدخلا ... كقوله لا أذبحن لإ إلى وشبهه مما بقي فالمتصل ... باللام صورة قيل المنفصل ١ سورة النمل: ٢٧/ ٢١. ٢ سورة الصافات: ٣٧/ ٦٨. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٩. ٤ سورة الزمر: ٣٩/ ٦٩. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ٦ سورة مريم: ١٩/ ٤٨. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٨٥. ٨ سورة البقرة: ٢/ ٢٧٥. ٩ سورة النساء: ٤/ ١٧٦. تعرض في هذين البيتين إلى نوعين من أنواع زيادة الألف، وهما الأول والثاني منها، وعبر عن الألف الزائدة بالمدخلة؛ لأن كل مدخل على شيء زائد عليه لطروه بعد أن لم يكن، ومعنى البيتين أن كل لفظ فيه ألفان إحداهما صورة للهمزة، والأخرى زائدة خطا كـ {لَأَذْبَحَنَّهُ} ١ من قوله تعالى: {لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} ٢ في "آل عمران" ، و {لَإِلَى الْجَحِيمِ} ٣ في "والصافات" اختلف أهل الضبط في أي ألفيه صورة للهمزة، وأيهما الزائد فقيل: الألف المتصل باللام أي المعانق لها هو صورة الهمزة، والألف الزائد هو المنفصل، وقيل: بالعكس، والراجح القول الأول ولذا صدر به الناظم، وأشار بـ {لَأَذْبَحَنَّهُ} ٤ إلى النوع الأول، ويدخل فيه ما بقي من هذا النوع، وهو {لَأَوْضَعُوا} ٥، و {لَأَنْتُمْ} ٦، و {لَآتَوْهَا} ٧، عند من يزيد الألف فيها، وإلى ذلك أشار بقوله "وشبهه مما بقي" ، وقد قدمنا في الرسم أن المعمول به عدم زيادة الألف في {لَأَوْضَعُوا} ٨، و {لَأَنْتُمْ} ٩، و {لَآتَوْهَا} ١٠، وأشار إلى النوع الثاني بـ {لإِلَى} ١١، وهو معطوف على ما قبله بواو محذوفة، ولم يوجد من هذا النوع إلا هذا اللفظ، وقد قدمنا في الرسم أن المعمول به في {لإِلَى} ١٢ عدم زيادة الألف، وكيفية ضبط النوع الأول بناء على أن الألف المنفصلة هي الزائدة أن تجعل الهمزة نقطة صفراء معها حركتها فوق الألف المعانقة، وهي التي من جهة اليمين على الراجح كما سيأتي، وتجعل دارة حمراء فوق الألف المنفصلة دلالة على زيادتها. وهذا الضبط هو الذي جرى به العمل، وهو مبني على ما قدمناه في الرسم من أن زيادة الألف في هذا النوع للدلالة على إشباع حركة الهمزة، فيعلم بذلك أن فتحتها مشبعة أن تامة لا مختلسة، أو أن زيادتها لتقوية الهمزة، وبيانها؛ لأنها حرف خفي بعيد المخرج، فقويت بزيادة الحرف في الكتابة كما قويت بزيادة المد في التلاوة، وعلى أن الألف زائدة لما قدمنا، بنى الناظم هنا -لأنه نص آخر- هذا الباب على لزوم الدارة لهذه الألف، وذلك إنما ينبني على أنها زائدة لما قدمنا إذ لو بنينا على غيره من بقية الأوجه التي وجهوا ١ سورة النمل: ٢٧/ ٢٢. ٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٩. ٣ سورة الصافات: ٣٤/ ٦٨. ٤ سورة النمل: ٢٧/ ٢٢. ٥ سورة التوبة: ٩/ ٤٧. ٦ سورة الحشر: ٥٩/ ١٣. ٧ سورة الأحزاب: ٣٣/ ١٤. ٨ سورة التوبة: ٩/ ٤٧. ٩ سورة الحشر: ٥٩/ ١٣. ١٠ سورة الأحزاب: ٣٣/ ١٤. ١١ سورة الصافات: ٣٧/ ٦٨. ١٢ سورة آل عمران: ٣/ ١٥٨. بها لم تجعل عليها الدارة أصلا، وأما النوع الثاني، وهو {لإِلَى} ١، فإذا بنينا على أن الألف الزائدة فيه هي المنفصلة، فلا توجه إلا بكونها تقوية للهمزة وبيانا لها، وكيفية ضبط هذا النوع أن تجعل الهمزة صفراء مع حركتها تحت المعانق، والدارة فوق الألف المنفصل، وهذا الضبط الذي ذكرناه في النوعين إنما هو على القول الراجح، وهو أن الألف المنفصلة هي الزائدة، وأما على مقابله وهو أن الزائد هو المعانق، فإنك تجعل النقطة الصفراء مع حركتها فوق المنفصل في النوع الأول، وتحته في النوع الثاني، وتجعل الدارة على المعانق في النوعين، وقول الناظم: "المنفصل" مبتدأ خبره محذوف أي صورة دل عليه ما قبله، ثم قال: وزيد ما في مأية وجيئ ... وتايئسوا وشبهه مجيئا أشار في هذا البيت إلى أربعة أنواع من أنواع زيادة الألف العشرة: أولها: ما زيدت فيه الألف بين كسرة وفتحت، وإليه أشار "بمائة" ومثله مائتين، وقد قدمنا في الرسم وجه زيادة الألف في هذا النوع، وأما كيفية ضبطه فيجعل دارة فوق الألف دلالة على زيادة، وجعل الهمزة صفراء مع حركتها فوق الياء، ثاني الأنواع التي في هذا البيت: مازيدت فيه الألف بين كسرة، وياء متولدة عنها وإليه أشار بـ "جيئ" ، وقد وقع في "الزمر" و "الفجر" ، وليس ثم غيره، وقد قدما في الرسم أن العمل على رسمه بغير ألف، وإذا بنيت على رسمه بها، فكيفية ضبطه أن تجعل دارة على الألف والمد على الياء، وتجعل الهمزة نقطة صفراء بعد الياء في السطر، ثالث الأنواع التي في هذا البيت: ما زيدت فيه الألف بين فتحة، وياء ساكنة وإليه أشار بـ "تايئسشوا" وشبهه، والضمير في قوله: "وشبهه" يعود على "تايئسوا" ، ومراده بشبهه في هذا النوع {يَيْأَسُ} ٢، و {لِشَيْءٍ} ٣، في "الكهف" ، وكذلك {اسْتَيْأَسُوا} ٤، و {اسْتَيْأَسَ} ٥، وقد قدمنا في الرسم أن زيادة الألف في {تَيْأَسُوا} ٦، و {يَيْأَسُ} ٧ و {لِشَيْءٍ} ٨، في "الكهف" متفق عليها، وفي {اسْتَيْأَسُوا} ٩، و {اسْتَيْأَسَ} ١٠، مختلف فيها، وأن العمل في المختلف فيه على ترك زيادتها، وقدمنا أيضا وجه زيادة الألف في {تَيْأَسُوا} ١١، و {يَيْأَسُ} ١٢ و {لِشَيْءٍ} ١٣ في "الكهف" . ١ سورة الصافات: ٣٧/ ٦٨. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ٣ سورة الكهف: ١٨/ ٢٣. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ٨٠. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ١١٠. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ٨ سورة الكهف: ١٨/ ٢٣. ٩ سورة يوسف: ١٢/ ٨٠. ١٠ سورة يوسف: ١٢/ ١١٠. ١١ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ١٢ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ١٣ سورة الكهف: ١٨/ ٢٣. وكيفية ضبط {تَيْأَسُوا} ١، و {يَيْأَسُ} ٢، أن تجعل الدارة على الألف، وتجعل الهمزة نقطة صفراء في السطر بعد الياء، وكيفية ضبط {لِشَيْءٍ} ٣ في "الكهف" أن تجعل الدارة على الألف، وتجعل الهمزة صفراء بعد الياء في السطر، وضبط {اسْتَيْأَسُوا} ٤، و {اسْتَيْأَسَ} ٥، عند من يزيد الألف فيهما كضبط: {تَيْأَسُوا} ٦، و {اسْتَيْأَسَ} ٧ رابع الأنواع التي في هذا البيت: ما زيدت الألف فيه بعد واو متطرفة دالة على الجمع، وإليه أشار بـ "تايئسوا" وشبهه، فـ "تايئسوا" أتى به الناظم مثالا للنوع الثالث والرابع، وذلك؛ لأن فيه زيادة في موضعين بين الفتحة، والياء الساكنة وبعد الواو، فكل موضع دلت فيه الزيادة على النوع وضمير، و "شبهه" عائد على تايئسوا "، ومراده بشبهه في هذا النوع كل لفظة في آخرها واو دل على جمع سواء كان الواو مجانسا لما قبله أم لا، كان ضميرًا أو لا، نحو {قَالُوا} ٨، {اشْتَرَوُا} ٩، {مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ} ١٠، وقد قدمنا في الرسم وجه زيادة الألف التي بعد الواو في هذا النوع، وأما ضبطه فيجعل الدارة على الألف دلالة على زيادتها، وقوله" مجيئا "تمييز أو مصدر في موضع الحال، ويقع في بعض النسخ" وجاء ما في مائة "، فعليها يكون" مجيئا "مفعولا مطلقا، ثم قال:" وبعد واو الفرد ثم تفتؤا ... وبابه وفي الربوا وفي امرؤا أشار في هذا البيت إلى الباقي من أنواع زيادة الألف العشرة، وهو أربعة أنواع: النوع الأول: ما زيدت فيه الألف بعد واو الفرد، والمراد بذلك كل ما كانت واوه من نفس الكلمة وهي آخرها، سواء بقيت تلك الواو ساكنة على الأصل نحو: {إِنَّمَا أَدْعُو} ١١، أو حركت لعارض نحو {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} ١٢، وقد قدمنا في الرسم وه زيادة الألف في هذا النوع، وأما ضبطه فيجعل الدارة على الألف دلالة على زيادتها. النوع الثاني من الأنواع التي أشار إليها في هذا البيت: ما زيدت فيه الألف بعد واو متطرفة جعل صورة للهمزة على خلاف الأصل، ولا فرق بين أن يكون قبل الهمزة في هذا ١ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ٣ سورة الكهف: ١٨/ ٢٣. ٤ سورة يوسف: ١٢/ ٨٠. ٥ سورة يوسف: ١٢/ ١١٠. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٨٧. ٧ سورة يوسف: ١٢/ ١١٠. ٨ سورة الأحقاف: ٤٦/ ٣٤. ٩ سورة البقرة: ٢/ ١٦. ١٠ سورة القمر: ٥٤/ ٢٧. ١١ سورة الجن: ٧٢/ ٢٠. ١٢ سورة محمد: ٤٦/ ٣١. النوع ألف كـ {عُلَمَاءُ} ١ و {بُرَآءُ} ٢، أو لم يكن قبلها ألف كـ {تَفْتَأُ} ٣، و {يَتَفَيَّأُ} ٤، وإلى ذلك أشار بقوله: "ثم تفتؤا وبابه" ، وقد قدمنا في الرسم أن الواو في كلمات هذا النوع صورة للهمزة على مراد وصلها بما بعدها، فكأنها متوسطة نحو {وَأَبْنَاؤُكُمْ} ٥، و {يَذْرَأُكُمْ} ٦، وقدمنا أيضا علة زيادة الألف في هذا النوع، وعلى أن الواو صورة للهمزة، والألف زائدة بني الناظم هنا لحكمه ءاخر الباب بلزوم جعل الدارة الألف، وما بنى عليه الناظم هو المختار، وعليه فكيفية ضبط هذا النوع أن تجعل الهمزة صفراء فوق الواو معها حركتها، وتجعل الدارة على الألف دلالة على زيادتها، وهذا الضبط هو الذي جرى به العمل. الثالث من الأنواع التي أشار إليها بقوله: و "في الربوا" ويجري مجراه: {مِنْ رِبًا} ٧، في "الروم" عند من كتبه بألف بعد الواو، وقد قدمنا في الرسم وجه زيادة الألف في "الربوا" ، وفي "ربوا" ، وأن العمل في "ربا" على رسمه بالألف، وتقدم للناظم أن الواو تلحق عليها ألف حمراء، فيكون ضبط "الربوا" بجعل الألف الحمراء فوق الواو، وجعل الدارة على الألف. الرابع من الأنواع التي أشار إليها في هذا البيت: ما زيدت فيه الألف بعد واو متطرفة جعلت صورة للهمزة على القياس، وإليه أشار بقوله: "وفي امرؤ" أي في سورة "النساء" ، ومن هذا النوع: {لُؤْلُؤًا} ٨، رفعا جراء عند من زادها، وأما ضبط هذا النوع، فبجعل الهمزة نقطة صفراء فوق الواو في {امْرُؤٌ} ٩، و {لُؤْلُؤًا} ١٠، المرفوع، وتحت الواو في {لُؤْلُؤً} ١١ المجرور، وجعل الدارة فوق الألف، وتقد قدمنا في الرسم أن العمل على عدم زيادة الألف في {لُؤْلُؤً} ١٢، الذي في "الطور" و "الواقعة" ، وعلى زيادتها في {اللُّؤْلُؤا} ١٣، الذي في الرحمان "." ١ سورة الشعراء: ٢٦/ ١٩٧. ٢ سورة الممتحنة: ٦٠/ ٤. ٣ سورة يوسف: ١٢/ ٨٥. ٤ سورة النحل: ١٦/ ٤٨. ٥ سورة النساء: ٤/ ١١. ٦ سورة الشورى: ٤٢/ ١١. ٧ سورة الروم: ٣٠/ ٢٩. ٨ سورة الإنسان: ٨٦/ ٤٩. ٩ سورة النساء: ٤/ ١٧٦. ١٠ سورة الإنسان: ٨٦/ ٤٩. ١١ سورة الطور: ٥٢/ ٢٤. ١٢ سورة الطور: ٥٢/ ٢٤. ١٣ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٢. وهنا كملت أنواع الألف الزائدة العشرة التي تحتاج إلى الدارة، وبقي مما ذكره الناظم في الرسم من أنواع زيادة الألف أربعة أنواع: أولها {لِأَهَبَ} ١، على قراءة الياء، {ابْنُ} ٢، حيث وقع، وثالثها {إِذَا} ٣، و {لَنَسْفَعًا} ٤، و {لِيَكُونَا} ٥، ورابعها {لَكُنَّا} ٦ و {إِنَّا} ٧، وإنما لم يذكرها هنا؛ لأنه يرى أن الزائد الذي تجعل عليه الدارة إنما هو الزائدة حقيقة، وهو ما لا يلفظ به لا وصلا ولا وقفا، وذلك موجود في جميع الأنواع التي ذكرها هنا، وأما الأنواع التي سكت عنها هنا، فليست الألف فيها كذلك، بل هي إما ثابتة في الحالين كما في: {لِأَهَبَ} ٨، فإن الألف فيه عوض عن الياء إن قلنا: إن الياء فيه حرف مضارعة، وصورة للهمزة إن قلنا: إن الياء فيه مبدلة من الهمزة، فصارت الألف كأنها هي الياء فثبتت في الحالين، وإما ثابتة في الوقف كما في الأنواع الثلاثة الباقية، فرءى الناظم جعل الدارة في هذه الأنواع الأربعة يوهم إسقاط الألف بالكلية وصلا ووفقا وليس كذلك، فكان ذلك سبب سكوته عنها هنا، وما رآه في ذلك صحيح؛ لأن القواعد تقتضيه، وإن وقع في كلام الشيخين التمثيل للألف المزيدة المستحقة للدارة بـ {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} ٩، و {أَنَا وَرُسُلِي} ١٠، قائلين وشبهه، لكن لم يوافقهما الناظم لما تقدم، وبعدم جعل الدارة على الألف في الأنواع الأربعة جرى العمل. فإن قلت: لما كان الناظم يرى أن الألف في الأنواع الأربعة لا تستحق الدارة لما تقدم، كان حقه أن لا يطلق في الرسم الزيادة عليها إذ إطلاق الزيادة عليها يقتضي أنها زائدة حقيقة، قلت: قد قدمنا في الرسم أن إطلاقه الزيادة عليها تسامح اعتمد فيه على أن سكوته عنها هنا يدل على أنها ليست زائدة حقيقة، وقوله "بعد واو" معطوف على الجار والمجرور في البيت الذي قبله، و "تفتؤا معطوف على" واو الفردش بـ "ثم" ، وقوله: "وبابه" معطوف بالجر على "تفتؤا" ، وهذا البيت يقع في بعض النسخ في هذا الموضع وهو الصواب، ويقع في بعضها بعد هذا الموضع وليس بصواب، ثم قال: وزيد أيضا ياء من ءاناءيي ... وبابه والواو في أولاء ١ سورة الرحمن: ٥٥/ ٢٢. ٢ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ٣ سورة مريم: ١٩/ ٣٤. ٤ سورة المنافقون: ٦٣/ ١. ٥ سورة العلق: ٩٦/ ١٥. ٦ سورة يوسف: ١٢/ ٣٢. ٧ سورة الكهف: ١٨/ ٣٨. ٨ سورة مريم: ١٩/ ١٩. ٩ سورة يوسف: ١٢/ ١٨٠. ١٠ سورة المجادلة: ٥٨/ ٢١. لما فرغ من الكلام على أنواع الألف الزائدة التي تلزمها الدارة، شرع في الكلام على زيادة الياء وزيادة الواو، فأما زيادة الياء فنوعها إلى ثلاثة أنواع: نوعان تلزمهما الدارة ونوع لا تلزمه الدارة، وأما زيادة الواو فهي عنده نوع واحد، فأما أنواع الياء فأولها ما زيد بعد همزة مكسورة نحو: {آنَاءِ} ١، وثانيها ما زيد بعد ياء ساكنة، وهو {بِأَيْدٍ} ٢، وهذان محل الدارة عند الناظم، وثالثها ما قبل ياء مشددة نحو {بِأَيِّكُمُ} ٣، وهذا لا دارة فيه، فأما النوع الأول وهو ما بعد همزة مكسورة، فإليه أشار بقوله "من ءاناءي وبابه" وهذا النوع ينقسم إلى قسمين: قسم ليس قبل الهمزة فيه ألف نحو: {نَبَأِ} ٤، وقسم قبل الهمزة فيه ألف نحو: {مِنْ تِلْقَاءِ} ٥، ومنه لقآء معا في "الروم" ؟ عند الغازي، ضبط القسم الأول بجعل الهمزة صفراء مع حركتها في السطر، وجعل الدارة على الياء دلالة على زيادتها، وهذا الضبط في القسمين هو الذي جرى به العمل عندنا، وهو مبني على ما قدمناه في الرسم من أن الياء زائدة لتقوية الهمزة وبيانها، أو للدلالة على إشباع حركة الهمزة من غير تولد ياء لتتميز عن الحركة المختلسة، وهذا هو الذي بنى عليه إشباع حركة الهمزة من غير تولد ياء لتمييز عن الحركة المختلسة، وهذا هو الذي بنى عليه الناظم هنا؛ لأنه نص آخر الباب على لزوم الدارة لهذه الياء، وذلك إنما ينبني على زيادتها لما قدمنا إذ بنينا على غير ذلك مما ذكروه في توجيه رسم الياء في القسمين لم تجعل الدارة على الياء أصلًا. واعلم أن صريح كلام الناظم في الرسم أن الياء في باب: {وَمَلَأِهِ} ٦، والياء في {الائي} ٧ زائدتان، فيكون باب {وَمَلَأِهِ} ٨ داخلا هنا في القسم الأول، وهو ليس قبل الهمزة فيه ألف، ويكون {اللَّائِي} ٩، هنا في القسم الثاني، وهو ما قبل الهمزة فيه ألف، وقد قدمنا في الرسم الكلام على باب {وَمَلَأِهِ} ١٠ رسما وضبطا، فارجع إليه إن شئت. ١ سورة طه: ٢٠/ ١٣٠. ٢ سورة الذاريات: ٥١/ ٤٧. ٣ سورة القلم: ٦٨/ ٦. ٤ سورة الأنعام: ٦/ ٣٤. ٥ سورة يونس: ١٠/ ١٥. ٦ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٣. ٧ سورة يونس: ١٠/ ١٥. ٨ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٩ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ١٠ سورة الأعراف: ٧/ ١٠٣. "وأما" {اللَّائِي} ١، فقد رسم بالياء في جميع المصاحف حيثما وقع في القرءان، فيحتمل أن تكون ياؤه ليست بزائدة، وإنما هي صورة للهمزة إما إلحاقا بما استثني مما يعد ساكن نحو: {لَتَنُوءُ} ٢، أو على مراد وصل الهمزة بعدها، فتصير كالمتوسطة التي تصور من مجانس حركتها: {عَنْ أَنْبَائِكُمْ} ٣، وهذا الاحتمال هو الجاري على قاعدة أن الحرف، إذا دار بين الزيادة، وعدمها فحمله على عدم الزيادة أولى؛ لأنه الأصل، ويحتمل أن تكون ياؤه زائدة تقوية للهمزة، أو دلالة على إشباع حركتها، أو مراعاة لقراءة من قرأ: {اللَّائِي} ٤ بياء ساكنة بعد الهمزة، وهذا الاحتمال هو الجاري على القياس في الهمزة المتطرفة الواقعة بعد ساكن كالألف في نحو: "السماء" و "الماء" إذ قياسها أن لا ترسم لها صورة. والاحتمال الأول هو ظاهر كلام الشيخين حيث بنيا ضبط: {اللَّائِي} ٥ على الاحتمال الأول، لكونه هو المختار عندهما مع تجويزهما زيادة الياء في {اللَّائِي} ٦، فذكره في الرسم مع ما زيدت فيه الياء جمعا للنظائر، ولو على احتمال مرجوح عندهما، وهو فهم صحيح. واعلم أن رواية قالون في: {اللَّائِي} ٧ تحقيق الهمزة، وأما ورش فالرواية المشهورة عنه تسهيلها بينها وبين الياء، ولم يتعرض الشيخان لضبط: {اللَّائِي} ٨ على رواية قالون، ومقتضى قواعد الفن أن يكون ضبطه له بجعل الهمزة صفراء تحت الياء من غير دارة فوقها، هذا إذا قلنا: إن الياء غير زائدة وإنما هي صورة للهمزة، وأما إذا قلنا: إن الياء زائدة فيكون ضبطه لقالون بجعل الهمزة صفراء قبل الياء، وجعل دارة حمراء فوق الياء دلالة على زيادتها، والعمل عندنا على الضبط الأول لقالون، وأما ورش ففي ضبط: {اللَّائِي} ٩ له على رواية التسهيل المشهورة عنه وجهان نقلهما أبو داود عن شيخه أبي عمرو الداني: أولهما أن تجعل تحت الياء نقطة بالحمراء، وفوقها دارة علامة لتحفيفها، ودلالة على أنها همزة ملينة بين بين، وأن كسرتها غير خالصة، ولا سكونها أيضا، والوجه ١ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٢ سورة القصص: ٢٨/ ٧٦. ٣ سورة الأحزاب: ٣٣/ ٢٠. ٤ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٥ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٦ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٧ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٨ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٩ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. الثاني أن تعرى الياء من النقط إذ كسرها غير خالص، وتجعل الدارة وحدها عليها. ا. هـ، واختار أبو داود تعرية الياء من ضبط الوجهين المذكورين، فتحصل أن المنصوص في ضبط {اللَّائِي} ١، لورش على رواية التسهيل ثلاثة أوجه، وهي مبنية على أن الياء خلف من الهمزة، كما صرح به أبو داود لا زائدة، وبقي فيه وجه رابع، وهو أن تجعل نقطة حمراء تحت الياء علامة للتسهيل من غير أن تجعل الدارة فوق الياء، وهذا الوجه هو الذي يقتضيه قول الناظم فيما سبق، "وذا الذي ذكرت في المسهل" البيت، كما قدمنا، وبالوجه الأول من هذه الأوجه الأربعة جرى العمل عندنا، ولم يتعرض الشيخان لضبط: {اللَّائِي} ٢ لورش على رواية التسهيل إذ قلنا: إن الياء فيه زائدة، ومقتضى القواعد أن تجعل نقطة حمراء قبل الياء علامة للتسهيل بين بين، وتجعل دارة فوق الياء دلالة على زيادتها، وقول الناظم "والواو في أولاء" أشار به إلى ما زيدت فيه الواو، وهو عنده نوع واحد، وذلك ما زيدت فيه الواو بعد همزة مضمومة، وهو {أُولاءِ} ٣، وبابه، وحذف "وبابه" هنا لدلالة ما تقدم عليه، ومراده {أُولاءِ} ٤ كيفما أتى في القرءان أي سواء اتصل به حرف خطاب لمفرد، أو غيره أم لا كما قدمنا في الرسم، والمراد ببابه بقية ما زيدت فيه الواو من هذا النوع، وذلك {أُولُوا} ٥، و {أُولِي} ٦، و {أُولاتِ} ٧، وكذلك {سَأُرِيكُمْ} ٨، و {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ} ٩، عند من زاد الواو فيهما، وقد قدمنا في الرسم أن العمل على زيادة الواو في: {سَأُرِيكُمْ} ١٠ في "الأعراف" ، و "الأنبياء" وعلى عدم زيادتها في {لَأُصَلِّبَنَّكُمْ} ١١ في "طه" و "الشعراء" كالذي في "الأعراف" المتفق على عدم زيادة الواو فيه. وكيفية ضبط هذا النوع بناء على توجيه زيادة الواو فيه بما قدمناه في الرسم أن تجعل الهمزة صفراء في وسط الألف، ومعها حركتها، وتجعل الدارة الحمراء على الواو دلالة على زيادتها، وهذا الضبط جرى العمل عندنا، ومما يجري مجرى هذا النوع في الضبط هؤلاء عند النحاة، فإن مذهبهم أن الواو الموجودة فيه زائدة، وأن الهمزة غير مصورة كما قدمناه في الرسم، قال الداني: ونقطة على هذا المذهب بأن تلحق ألفا حمراء بعد الهاء ١ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٢ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٣ سورة طه: ٢٠/ ٨٤. ٤ سورة طه: ٢٠/ ٨٤. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٢٦٧. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ١٣. ٧ سورة الطلاق: ٦٥/ ٤. ٨ سورة الأعراف: ٧/ ١٤٥. ٩ سورة طه: ٢٠/ ٧١. ١٠ سورة الأعراف: ٧/ ١٤٥. ١١ سورة طه: ٢٠/ ٧١. صورة للهمزة، وتجعل فيها النقطة الصفراء معها حركتها، وتجعل الدارة على الواو، ولا تلحق ألف ها التنبيه لئلا يجتمع مثلان. ا. هـ. وأما مذهب الرسام في هؤلاء فهو ما تقدم للناظم في الرسم، وهو أن الواو صورة للهمزة على مراد الوصل وهو الصحيح. وضبطه يجعل الهمزة صفراء على الواو، ومعها حركتها وحكم الألف التي قبلها داخل في مدلول قول الناظم: "وإن تكن ساقطة في الخط" البيت، وقوله "والواو" مرفوع بالعطف على "ياء" ، ثم قال: وآخر الياءين من بأييدي ... للفرق بينه وبين الأيدي أشار هنا إلى النوع الثاني مما زيدت فيه الياء، وهو ما زيدت فيه بعد ياء ساكنة، وقد وقع في {بِأَيْدٍ} ١، من قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} ٢، لا غير، واتفقت المصاحف على كتبه بياءين، قد قدمنا في الرسم أن الياء الأولى فيه هي الأصلية والياء الثانية هي الزائدة على المختار، وعليه عول الناظم، وقدمنا أيضا أنهم زادوا الياء فيه للفرق بينه، وبين {أَيْدِي} ٣، في نحو {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ٤، و {أَيْدِي النَّاسِ} ٥، لأن زيدت فيه الياء مفردة بمعنى القوة، وهمزته فاء الكلمة وياؤه الأخيرة لامها، فقول الناظم "للفرق بينه، وبين الأيدي" لا يريد به لفظ "الأيدي" المحلى بأل، وإنما معناه للفرق بينه وبين "أيدي" التي هي الجوارح، فعبر بلفظ الأيدي عن الجوارح. وكيفية ضبط: {بِأَيْدٍ} ٦ بناء على المختار، وهو أن الياء الثانية هي الزائدة أن تجعل الهمزة صفراء مع حركتها فوق الياء الثانية دلالة على زيادتها، وتجعل على الياء الأولى الأصلية جرة تكون علامة للسكون ليظهر الزائد من غيره، وبهذا الضبط جرى العمل عندنا، وإنما جعلوا الجرة هنا علامة للسكون دون الدارة مخافة الالتباس بين الزائد، والأصلي من الياءين، وقوله و "آخر" معطوف على "ياء" من "ءاناءي" ، فهو بالرفع معمول لـ "زيد" و "للفرق" علة لـ "زيد" والياء بعد الدال في "بأييدي" للإطلاق، وفي "الأيدي" أصلية، ثم قال: فدارة تلزم ذا المزيدا ... من فوقه علامة أن زيد ١ سورة الذاريات: ٥١/ ٤٧. ٢ سورة الذاريات: ٥١/ ٤٧. ٣ سورة الروم: ٣٠/ ٤١. ٤ سورة عبس: ٨٠/ ١٥. ٥ سورة الروم: ٣٠/ ٤١. ٦ سورة الذاريات: ٢٠/ ٣٠. ذكر في هذا البيت علامة الحرف بالمزيد في الخط، وهي الدارة التي تجعل عليه بالحمراء لتدل على أنه زائدة، وهي المقصودة بالذكر في هذا الباب كما قدمناه، ومعنى البيت أن تسأل عن حكم هذه الأحرف الزوائد المتقدمة، فالدارة تلزمها من فوقها، فالإشارة بقوله: "ذا المزيد" تعود على الأحرف المزيدة في الأنواع الثلاثة عشر المتقدمة، وهي أنواع زيادة الألف العشرة، ونوعا زيادة الياء المتقدمان ونوع زيادة الواو، واحترز بقوله "ذا المزيدا" من غير ما ذكر، وذلك ما بقي من أنواع الزوائد التي ذكرها في الرسم، فقد بقي من الألف الزائد أربعة أنواع، وهي التي قدمناها في شرح قوله: "وبعد واو الفرد ثم تفتؤا" البيت، وإنما احترز عنها؛ لأنها لا تجعل فيها الدارة لما قدمناه، وبقي من أنواع الياء الزائدة نوع واحد، وهو ما زيد فيه الياء قبل ياء مشددة نحو {بِأَيِّكُمُ} ١، وإنما احترز عنه؛ لأنه صرح فيه بعد هذا البيت بأنه يعرى من الدارة، ولذلك أخره عن هذا البيت، و "أن" في قوله "علامة أن زيد" بفتح الهمزة على حذف الجار قبلها أي علامة لزيادته، وأشار بهذا إلى أن علة لزوم الدارة للحرف المزيد هي الدلالة على الزيادة أي في الخط، وقال غير النام: العلة في ذلك الدلالة على سقوط تلك الأحرف من اللفظ، وقد أخذ النقاط تلك الدارة من الصفر عند أهل العدد الدال على خلو المنزلة. واعلم أن ما ذكره الناظم وغيره من جعل الدارة فوق الحرف المزيد لم يبينوا فيه هل هي متصلة بالحرف أو منفصلة عنه، واضطرب رأي المتأخرين فيه والصحيح كونها منفصلة، كما هي في الساكن. تنبيه: اختلف النقاط في جعل الدارة على الحرف المخفف إذا خيف تشديده. فمذهب نقاط المدينة والأندلس -واختاره الداني- جعل الدارة عليه دلالة على أنه خال من الشد سواء كان مما اتفق على تخفيفه نحو: {عَالِينَ} ٢، و {الْعَادُونَ} ٣، و {صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} ٤، و {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ} ٥، و {ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} ٦، و {وَتَعِيَهَا} ٧، أو اختلف في تشديده إذا قرأته بالتخفيف نحو: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ} ٨، {فَقَدَرَ عَلَيْهِ} ٩ ١ سورة القلم: ٦٨/ ٦. ٢ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٤٦. ٣ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٧. ٤ سورة يس: ٣٦/ ٥٢. ٥ سورة الأعراف: ٧/ ٧٢. ٦ سورة المزمل: ٧٣/ ٢٠. ٧ سورة الحاقة: ٦٩/ ١٢. ٨ سورة النجم: ٥٣/ ١١. ٩ سورة الفجر: ٨٩/ ١٦. و {جَمَعَ مَالًا} ١، ومن النقاط من لا يجعل عليه الدارة، ويرى تعريته من الشد كافية واختاره أبو داود، وكأن الناظم على اختياره اعتمد، ولهذا لم يتعرض لجعل الدارة على الحرف المخفف إذا خيف تشديده، وبعدم جعلها عليه جرى عمل المتأخرين طلبا للاختصار، ثم قال: وشدد الثاني من بأييكم ... وعر أولا لما قد يدغم أشار هنا إلى النوع الثالث من أنواع زيادة، وهو الذي لا تجعل فيه الدارة، وذلك ما زيدت فيه قبل ياء مشددة وإليه أشار "بأييكم" ، وقد كتب هذا اللفظ في جميع المصاحف بياءين، لكن بهما عند المحققين ليس على الزيادة، وإنما هو لما قدمناه في الرسم، وهو الدلالة على أن الحرف المدغم الذي يترفع اللسان به، وبما أدغم فيه ارتفاعه واحدة حرفان في الأصل والوزن، فلذلك أشار الناظم هنا إلى أن الضبط: {بِأَيِّكُمُ} ٢، جار على ما تقرر في باب الإدغام، وهو أن تشدد الثاني من الياءين، وتعري الأول منهما من علامة السكون لأجل الإدغام، وتكون الهمزة صفراء على الألف معها حركتها، وبهذا الضبط جرى عملنا في {بِأَيِّكُمُ} ٣، وجوز فيه الداني وغيره غير ما قدمناه. تنبيه: مما يناسب ذكره في هذا الباب حكم الياء المتطرفة، هل هي معرفة إلى قدام -وهو المعبر عنه بالوقص- أو مردودة إلى خلف -وهو المعبر عنه بالعقص؟ ولا نص للداني في ذلك، وأما أبو داود فقال في قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} ٤، إن ياءه في بعض المصاحف وقص وفي بعضها عقص، واستحب هو لمن قرأها بالفتح الوقص، ولمن قرأها بالإسكان العقص. والحاصل أن الياء ثمانية أقسام: مفتوحة نحو: {هُدَايَ} ٥، ومضمومة نحو {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} ٦، ومكسورة نحو {فَبِأَيِّ} ٧، وساكنة حية نحو {ذَوَاتَيْ أُكُلٍ} ٨، وساكنة ميتة نحو {الَّذِي} ٩، ومنقلبه نحو {الْهُدَى} ١٠، وصورة ١ سورة الهمزة: ١٠٤/ ٢. ٢ سورة القلم: ٦٨/ ٦. ٣ سورة القلم: ٦٨/ ٦. ٤ سورة البقرة: ٢/ ١٥٢. ٥ سورة البقرة: ٢/ ٣٨. ٦ سورة آل عمران: ٣/ ٦٨. ٧ سورة الرحمن: ٥٥/ ١٦. ٨ سورة سبأ: ٣٤/ ١٦. ٩ سورة الماعون: ١٠٧/ ١. ١٠ سورة البقرة: ٢/ ١٢٠. للهمزة نحو {أَمْرِي} ١، وزائدة نحو {مِنْ نَبَأِ} ٢، والمأخوذ من كلام الشيوخ الذين تكلموا على هذه المسألة أن المفتوحة، والمنقلبة يترجح فيهما الوقص، والمضمومة يجوز فيها الوقص والعقص على حد السواء، والمكسورة والساكنة الحية، والساكنة الميتة يترجح في كل منها العقص، والمصورة والزائدة يتعين فيهما العقص، والعمل عندنا على الوقص في المنقلبة، وفي المتحركة كيفما حركتها، وعلى العقص في الساكنة بقسميها، وفي صورة الهمزة وفي الزائدة. واعلم أن الياء المتطرفة يجوز أن تنقط نقط الإعجام وأن لا تنقط، ومثلها النون والفاء والقاف المتطرفات، وهي المجتمعة في "ينفق" ، وعلى عدم نقط الأربعة اقتصر الداني في المحكم، ووجهه أن حروف "ينفق" إذا تطرفت لا تلتبس صورتها بصورة غيرها، وأما إذا لم تتطرف فإنها تنقط كلها، ولا فرق عند القراء في نقط الياء الغير المتطرفة بين أن تكون مهموزة همزا محققا نحو: {قَالَ قَائِلٌ} ٣، و {الْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ} ٤، أو مسهلا نحو {أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا} ٥، عند من سهله، أو غير مهموزة، وقال النحاة: لا تنقط المهموزة في نحو "قائل" و "بائع" ، ودخل في الياء الغير المهموزة الياء الممالة نحو: {مَحْيَايَ} ٦، عند من أماله، والياء المبدلة من الهمزة نحو {لَيْلًا} ٧ لورش، والياء الزائدة كما في {بِأَيْدٍ} ٨، فتنقط كلها إذا كانت في غير الطرف على الراجح المعمول به عندنا، وقوله: "لما قد يدغم" متعلق بـ "عر" على أنه علة له، و "ما" مصدرية و "قد" للتحقيق والتقدير وعر أولا لتحقيق الإدغام، ويدغم بتشديد الدال، ثم قال: ألقول فيما جد في لام ألف ... ألحكم في الهمزة منه مختلف فقيل ثانيه وقيل الأول ... وهمز أول هو المعول أي هذا القول في بيان الأحكام التي جاءت في لام ألف، وهو مركب من حرفين متعانقين: أحدهما لام الآخر ألف، وفي أعلاه طرفان وفي أسفله دارة صغيرة، وقد ذكر الداني وغيره أن الخليل بن أحمد، وسعيد بن مسعدة الأخفش الوسط اختلفا في أي ١ سورة الكهف: ١٨/ ٧٣. ٢ سورة الأنعام: ٦/ ٣٤. ٣ سورة يوسف: ٥٢/ ١٠. ٤ سورة الأحزاب: ٣٣/ ١٨. ٥ سورة الصافات: ٣٧/ ٣٦. ٦ سورة الأنعام: ٦/ ١٦٢. ٧ سورة الحديد: ٥٧/ ٢٩. ٨ سورة الذاريات: ٥١/ ٤٧. الطرفين هو الألف، فقال الخليل: هو الأول، وقال الأخفش: هو الثاني. ا. هـ، والمختار مذهب الخليل لما سيأتي بعد من الحجة، وقد ذكر الناظم في هذا الباب أربعة أحكام للام ألف: أحدها حكم الهمزة التي صورت بالألف المعانقة للام، والثاني حكم المد إن كانت المعانقة حرف مد، والثالث حكم الهمزة المتأخرة عن الألف المعانقة، والرابع حكم الهمزة المتقدمة عن الألف المعانقة، فأشار إلى الحكم الأول بقوله: "الحكم في الهمزة منه مختلف" ، وفيه مضاف محذوف أي الحكم في صورة الهمزة من لام ألف مختلف فقيل: صورتهتا منه الطرف الأول في نحو: {لَأَنْتُمْ} ١، وقيل: صورتها منه الطرف الثاني، وإلى هذا أشار بقوله "فقيل ثانيه" ، وهو مفرع على مذهب الأخفش "وقيل الأول" ، وهو مفرع على مذهب الخليل، ثم أشار إلى المختار من القولين "وهمز أول هو المعول" أي جعل الطرف الأول صورة للهمزة هو المعول عليه. ثم: ومده إن كان ما يمد ... لأجل همز كائن من بعد أشار في هذا البيت إلى الحكم الثاني من الأحكام الأربعة، وهو بيان محل المد من لام ألف فقال: و "مده" أي ومذ أول من لام ألف هو المعول عليه، فالضمير في قوله و "مده" عائد على "أول" في قوله "وهمز أول هو المعول" و "مد" مبتدأ خبره محذوف دل عليه ما قبله، والمعنى إن جعل الطرف الأول من لام ألف محل المد في نحو {الْأَخِلَّاءُ} ٢، و {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ٣ هو المعمول عليه، وهو مفرع على مذهب الخليل الذي هو المختار، وأما جعل الطرف الثاني محل المد، فهو خلاف المعول عليه، وهو مفرع على مذهب الأخفش، وأشار بقوله: "إن كان ما يمد" إلخ، إلى أن شرط وضع المد على المحل الذي يوضع فيه من لام ألف أن يكون المعانق للام ممدودا لأجل همز بعده، كما في المثالين السابقين، فإن لم يمد المعانق مع تأخر الهمز نحو: {أَلا إِلَى اللَّهِ} ٤ في أحد الوجهين لقالون، فلا يوضع المد عليه، فإن كان الهمز قبل الألف المعانق نحو {لَآتِيَةٌ} ٥، فمن ذهب إلى مده لورش مدا مشبعا، فإن يوضع المد في مذهبه، وكأن الناظم لم يعتبر هذا ١ سورة الحشر: ٥٩/ ١٣. ٢ سورة الزخرف: ٤٣/ ٦٧. ٣ سورة البقرة: ٢/ ٢٥٥. ٤ سورة الشورى: ٤٢/ ٥٢. ٥ سورة الحجر: ١٥/ ٨٥. المذهب لضعفه عنده، ولهذا اقتصر على تأخر الهمز، والظاهر أن "ما" في قوله "ما يمد" زائدة، ثم قال: إذ أصله حرفان نحو يا وما ... فظفرا خطا كما قد رسما أشار هنا إلى تعليل ما قدمه من أن همز الأول من لام ألف ومده هو عليه، وهذا التعليل الذي أشار إليه في هذا البيت ذكره الداني، وغيره حجة لاختيار مذهب الخليل المتقدم المتفرع عليه ما قدمه الناظم، قال الداني: عامة أهل النقط متقدمهم، ومتأخرهم على اختيار مذهب الخليل، واحتجوا بأن هذا اللفظ كان في الأصل لامًا ممطوطة بعدها ألف هكذا "لا" ، كما هو الشأن في نحو "يا" ، و "ما" مما هو على حرفين، فاستقبحت العرب ذلك في لام ألف لاستواء طرفيه ومشابهته لخط الأعاجم، فغيروا صورته وحسنونها بأن ظفروا الحرفين، فأمالوا كل واحد منهما، فأدخلوه في الآخر وأخرجوه حتى لم يبق إلا شيء يسير منه بقية الدارة أسفله، فرجع بسبب ذلك الأول ثانيا، والثاني أولا كما هو الشأن في كل مظفور أن يصير يمينه يسارا، ويساره يمينًا، قال: ولذلك كان كل من أتقن الكتابة يبتدئ في رسم الألف بالأيسر، ويرى أن الابتداء بالأيمن جهل إذ هو كمن ابتدأ بالألف قبل الميم في نحو "ما قال" ، وما ذهب إليه الأخفش من أن الطرف الثاني هو الألف رعيا للفظ غير صحيح. ا. هـ، وبكلام الداني هذا يتضح ما ذكره الناظم في هذا البيت، وقد رد الداني مذهب الأخفش، وانتصر له بعض المحققين، ولكن العمل على مذهب الخليل، وعلى ما يتفرع عليه على مذهب الأخفش، وقول الناظم "نحو" يقرأ بالنصب على الحال من الهاء في "أصله" ، وقوله "ظفرا" ماض مبني للنائب والألف نائب فاعله، والأولى في الفاء من "ظفرا" التخفيف، والظاهر أن قوله: "كما قد رسما" مستغنى عنه إذ لم يفد به غير تشبيه الشيء بنفسه، والله أعلم، ثم قال: وإن يكن ذا الهمز في نفس الألف فحكمه كما مضى لا يختلف لما قدم أن صورة الهمزة من لام ألف هي الطرف الأول على المعول عليه، ولم يبين هناك هل توضع الهمزة فوق الطرف أو في وسطه أو تحته، أراد أن يبين ذلك هنا فقال: "وإن يكن ذا الهمز في نفس الألف" بأن كان الألف المعانق للام صورة له، فإن حكمه كما مضى في قوله المتقدم في باب الهمز: "وما بشكل فوقه ما يفتح" إلخ، فإن كان الهمز مفتوحا نحو: {لَأَمْلَأَنَّ} ١، أو ساكنا نحو {امْتَلأْتِ} ٢، جعل فوق الألف الذي هو الطرف الأول على مذهب الخليل، أو الطرف الثاني على مذهب الأخفش، وإن كان الهمز مضموما نحو لامه جعل في وسط الألف المعانق الذي هو الطرف الأول، أو الطرف الثاني على اختلاف المذهبين، وإن كان الهمز مكسورًا نحو: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} ٣، جعل أسفل يسار الدارة التي في أسفل لام ألف على المذهبين على ما يظهر من كلام الداني. فأما الخليل فذاك جار على مذهبه، وأما الأخفش فمقتضى مذهبه أن يجعل الهمز المكسور أسفل عن يمين الدارة التي في أسفل لام زلف، وكأنه مما قرب من الشيء يعطي حكمه، فوضع الهمزة على يسار دارة لام ألف كالخليل، وقول الناظم "لا يختلف" معناه لا يتغير محل الهمزة من الصورة بسبب تغييرها لأجل الظفر، بل لا تزال باقية على الأصل الذي قدمه في باب الهمز، ولو تغيرت الألف بالظفر. تنبيه: إذا كانت الألف المعانقة للام محذوفة نحو: {لاعِبِينَ} ٤ فعلى مذهب الخليل تلحق في الجهة اليمنى وهو المختار، وعليه اقتصر الناظم في باب النقص من الهجاء. وعلى مذهب الأخفش تلحق في الجهة اليسرى، وأما حركة اللام من لام ألف وسكونها، والحركة المنقولة إليها عند ورش، فمحلها على مذهب الخليل الطرف الثاني من لا ألف، وعلى مذهب الأخفش الطرف الأول منه، وكأنهم الناظم لم يتعرض لذلك لكونه رأى أن ما قدمه من بيان الطرف الذي هو صورة للهمزة من لام، وبيان الطرف الذي هو محل للمد يؤخذ منه محل ذلك، وهو الطرف الآخر، ثم قال: وبعد لام ألف إن رسما ... مؤخرا وقبل إن تقدما تعرض هنا إلى الحكم الثالث، والحكم الرابع من الأحكام الأربعة المتقدمة وهما: حكم الهمزة المتأخرة عن الألف المعانقة، وحكم الهمزة المتقدمة عنها، فأشار إلى الحكم الثالث بقوله: "وبعد لام إن رسما مؤخرا" ، ومعناه أن الهمز إن كان بعد لام ألف أي في اللفظ، فإنك ترسمه مؤخرا أي عن لام ألف على المذهبين، وذلك نحو "هؤلاء" ، فإنك ١ سورة الأعراف: ٧/ ١٨. ٢ سورة ق: ٥٠/ ٣٠. ٣ سورة قريش: ١٠٦/ ١. ٤ سورة الأنبياء: ٢١/ ١٦. تجعل الهمزة صفراء في السطر بعد لام ألف، وتجعل المد على الألف على ما تقدم من الخلاف في أي طرف هو الألف، فقوله: "بعد لام ألف" هو خبر ليكن محذوفة مع "أن" الشرطية لدلالة ما تقدم أي، وإن يكن ذا الهمز بعد لام ألف، و "إن" في قوله: "إن رسما" زائدة بمعنى "قد" ، وليست شرطية لاختلال المعنى، و "رسم" جواب الشرط المقدر و "مؤخرا" حال من ضمير "رسم" ، والألف في "رسما" و "تقدما" للإطلاق، ثم أشار إلى الحكم الرابع بقوله "وقبل أن تقدما" ، أي ورسم الهمز قبل لام ألف على المذهبين إن تقدم ذلك الهمز على الألف في اللفظ نحو: {لَآكِلُونَ} ١ فقوله: و "قبل" مضاف في الأصل إلى لام ألف، وهو معمول لـ "رسم" محذوف دل عليه الذي قبله، ومعمول "تقدم" محذوف تقديره على الألف، ولا يكون تقديره على لام ألف لفساد المعنى، وهذان الحكمان المذكوران في هذا البيت، وإن كانا من أحكام الهمزة في الحقيقة لكنهما عدا من أحكام لام ألف لملاصقة الهمزة للام ألف، ثم قال: وكل ما ذكرت من تنوين ... أو حركات ومن السكون والقلب للباء وما للهاء ... من صلة من واو أو من ياء ونحو يدع الداع والتشديد ... ومطة ودارة المزيد ونقط تأمنا وما يشم ... مع الذي اختلسه فالحكم أن تجعل الجميع بالحمراء ... تعرض هنا إلى اثني عشر نوعا ذكرها في الضبط، ولم يذكر لها فيه لونا، فنبه هنا على أن لونها يكون بالحمراء، النوع الأول: التنوين ذكره في قوله "ثمت أن ابتعتها تنوينا" البيت، الثاني: الحركات ذكرها في قوله: "ففتحة أعلاه" إلخ، وأراد بالحركات ما يشتمل جرة النقل وصلة ألف الوصل؛ لأن صورتهما صورة الحركات، الثالث: السكون ذكره في قوله "فدارة علامة السكون" ، الرابع: القلب للباء أي قلب التنوين، والنون الساكنة ميما عند الباء سواء صور عوضا من علامة التنوين، وهو الذي ذكره في قوله: وعوضن إن شئت ميما صغرى ... منه لباء إذ بذاك يقرا ١ سورة الصافات: ٣٧/ ٦٦. أو صور عوضًا من علامة سكون النون، وهو الذي ذكره في قوله: "أو صلة أتتك بعد الهاء" سواء كانت واوا أو ياء كما ذكره، السادس: الزائد في الساقط من الخط، وهو الذي أراد بقوله هنا ونحو: {يَدْعُ الدَّاعِ} ١، ذكره في قوله: "في كل ما قد زدته من ياء" وهذان النوعان لا حاجة إلى ذكرهما هنا؛ لأن لونهما يؤخذ من قوله: "وإن تكن ساقطة في الخط" إلى آخر الكلام عليها، السابع: التشديد ذكره في قوله: "والتشديد" حرف الشين وفي قوله: "وبعض أهل الضبط دالا جعله" ، الثامن: المد ذكره في قوله: "وفوق واو ثم ياء وألف مط" إلخ، التاسع: دارة المزيد ذكره في قوله: "فدارة تلزم ذا المزيدا" ، العاشر: نقط {تَأْمَنَّا} ٢، سواء اجتمع مع النون، أو انفرد وهو الذي ذكره في قوله: ونون تأمنا إذا لحقته ... فانقط إماما أو به عوضته الحادي عشر والثاني عشر: نقطة المشم ونقطة المختلس ذكرهما معا في قوله: "وكل ما اختلس أو يشم" إلخ، ولم يذكر نقطة الممال استغناء عنها بذكر نقطة المشم، ونقطة المختلس بجامع أن الكل دال على حركته ممتزجة، قال الناظم "فالحكم أن تجعل الجميع" أي جميع هذه الأنواع: "بالحمراء ما ذكره في باب النقص من الهجاء مما لم يصرح فيه أنه بالحمراء، ولم يذكره هنا استغناء عنه بقوله في أول الباب المذكور: إن شئت أن تلحق بالحمراء إذ يقدر مع الجميع، ثم قال:" . . . . . . . . . . . . ... هذا تمام الضبط والهجاء محمد جاء به منظوما ... نجل محمد بن إبراهيما الأموي نسبا وأنشأه ... عام ثلاث معها سبعمائه المشار إليه بذا من قوله "هذا" هو الشطر الأول الذي قبل اسم الإشارة، و "تمام" بمعنى متمم، ومراده بالهجاء الرسم، ولما كانت فائدة الرسم إنما تظهر في أكثر المسائل بالضبط جعل المشار إليه بذا متمما للرسم، والضبط وإلا فهو متمم للضبط فقط، وأما الرسم فقد تقدم له متممه، ثم ذكر أن اسمه محمد بن محمد بن إبراهيم الأموي نسبًا ١ سورة القمر: ٥٤/ ٦. ٢ سورة يوسف: ١٢/ ١١. والنجل الابن، والأموي نسبة إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، ومن ذرية أمية عثمان ومعاوية رضي الله عنهما، ثم أخبر أنه أنشأ هذا التأليف في عام ثلاث من المائة الثامنة من الهجرة النبوية، والضمير في قوله: "به" وفي قوله "أنشأه" عائد على الضبط والهجاء، وأفرده؛ لأنه تأوله بالمذكور، وقوله: "نجل" خبر لمبتدأ محذوف أي وهو نجل محمد، ولا يصح جعله نعتا لمحمد إذ لا يخبر عن الاسم قبل أخذ نعته، و "الأموي" مخفوض نعت لإبراهيم، ثم قال: عدته أربعة وعشرة ... جاءت لخمسمائة مقتفره أخبر أن عدة أبيات هذا المنظوم في الضبط، والهجاء خمسمائة بيت وأربعة عشرة، وهذا العدد صحيح باعتبار الرسم الأول المسمى بـ "عمدة البيان" الذي نظم هذا الضبط معه، وأما بعد تبديل الرسم المذكور بالرسم الموجود الآن المسمى بـ "مورد الظمآن" ، فهذا العدد غير صحيح؛ لأنه قدم أن عدة ما في الرسم الموجود الآن أربعة وخمسون، وأربعمائة، وإذا أضيف ذلك إلى ما في هذا الضبط، وهو أربعة وخمسون ومائة، كان مجموع ذلك ثمانية وستمائة وهو مخالف لما ذكر هنا، وقوله: "مقتفرة" بكسر الفاء بمعنى تابعة، ثم قال: فإن أكن بدلت شيئا غلطا ... مني أو أغفلته فسقطا فادركنه موقنا ولتسمح ... فيما بدا من خلل ولتصفح أي إن غلطت فبدلت شيئا مما نقلته، أو أغفلته أي تركته فسقط من هذا النظم فليتداركه من تيقنه، ولا يقدم عليه من غير يقين، وليسامح فيما بدا أي ظهر من الخلل، وليصفح عنه أي يعرض عنه هذا تواضع منه رحمه الله، وقوله "غلطا" مفعول لأجله، ثم قال: ما كل من قد أم قصدا يرشد ... أو كل من طلب شيئا يجد لكن رجاءي فيه أن غيرا ... فما صفا خذ واعف عما كدرا أي ليس كل من قصد شيئًا من مقاصد الناس يرشد، ولا كل من طلب شيئا وجده؛ لأن المرشد والهادي هو الله تعالى، والعبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، وأتى بهذا الكلام اعتذارا عما في نظمه من الخلل إن كان فيه، ثم رجا أن لا يكون فيه تغيير، فإن تخلف رجاؤه بأن تحقق فيه من اطلع عليه التغيير، فالأليق أن يأخذ منه ما صفا، ويعفو عما كدر فيه لا سيما إن كان ذلك نزرا، فالكامل من عدت سقطاته، و "ما" من قوله: "ما كل" نافية "وأم" معناه قصد، و "قصدا" مفعول لـ "أم" ، وهو مصدر بمعنى اسم المفعول، ثم قال: ولست مدعيا الإحصاء ... ولو قصدت فيه الاستقضاء إذ ليس ينبغي اتصاف بالكمال ... إلا لربي الكبير المتعال وفوق كل من ذوي العلم عليم ... ومنتهى العلم إلى الله العظيم يعني أنه لم يدع بعد الفراغ من نظمه هذا أنه أحصى فيه جميع ما ذكر الكتب التي نقل منها، ولو كان قصد فيه أولا الاستقصاء أي الإحاطة، فكأنه يقول: إنما يلزم البحث والمناقشة من ادعى الإحصاء بعد الفراغ، وإما من قصد ذلك أولا كما فعل في قوله: "وكلما ذكروه اذكر" لم يدعه بعد الفراغ، فلا يلزمه ذلك، ثم إنه استشعر سؤالا وهو أن يقال له حين التزمت أولا الاستفاء، فلم لم تأت به؟ فأجاب عنه بأن العبد شأنه النقصان، والاتصاف بالكمال لا ينبغي إلا الله الكبير المتعال، ثم نبه بقوله "وفوق كل" إلخ، على أن الإنسان وإن اتصف بالعلم ففي الناس من هو أعلم منه، ولا يحيط بالعلم إلا الله العظيم، ولذا قال سيدنا علي كرم الله وجهه: قل للذي يدعي علما ومعرفة ... علمت شيئا وغابت عنك أشياء وما ذكره الناظم في الشطر الأول من البيت الأخير اقتبسه من قوله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} ١، ثم قال: كيف وما ذكري سوى ما اشتهرا ... عن جلهم وما إليه ابتدرا إلا يسيرة سوى المشتهرة ... أو ردتها زيادة وتذكرة ١ سورة يوسف: ١٢/ ٧٦. أي كيف أدعي الإحصاء، وأنا لم أذكر إلا ما اشتهر عند أكثر الأئمة، وما يتبادل الناس إلى أخذه منهم، ولم أذكر ما ليس بمشهور إلا أحرف يسيرة أوردتها في نظمي هذا مع اشتهر زيادة لمن لم يعرفها، وتذكرة لمن عرفها ونسيها، فقوله: "كيف" معناها هنا الإنكار و "ما" نافية، و "ذكري" وهو مصدر بمعنى المفعول و "سوى" خبره، وقوله: "يسيرة" صفة لمحذوف تقديره "أحرفا" و "سوى" صفة أخرى لـ "أحرفا" المقدر، و "زيادة" مفعول لأجله و "تذكرة" عطف عليه، ثم قال: فالحمد لله على إكماله ... وما به قد من من إفضاله حمدا كثيرا طيبا مجددا ... متصلا دون انقطاع أبدا لما أكمل ما أراده ورغب فيه من النظم ختمه بالحمد، ولا شك في كون الحمد مطلوبا عند ختم كل أمر مرغوب، وقد أخبر الله تعالى بأن أهل الجنة يختمون دعاءهم به فقال: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ١، ولم يكتف بحمد الله على إكمال النظم، بل أضاف إلى ذلك الحمد على سائر ما تفضل الله عليه به؛ لأن نعم الله على العبد لا يحصرها عد قال الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} ٢، ووصف هذا الحمد بأوصاف كثيرة فقال: "حمدًا كثيرًا" أي ليس بقليل "طيبا" أي لم يشبه شيء من أغراض الدنيا يوجب قبحه "مجددا" أي لا يزال جديدا، وفسر ذلك بقوله: "متصلا دون انقطاع" ، وجعل ظرفه الأبد وهو الزمان المتصل المستمر إلى قيام الساعة ثم قال: وانفع به اللهم من قد أما ... إليه درسا أو حواه فهما واجعله ربي خالصا لذاتك ... وقائدا بنا إلى جناتك عساه دائما به ينتفع ... في يوم لا مال ولا ابن ينفع دعا هنا بالمنفعة لمن أم أي درس نظمه، واعتنى بفهمه حتى حصله وإن لم يحفظ لفظه، ثم سأل الله تعالى أن يجعل هذا النظم خالصا لوجهه غير مشوب بغرض دنيوي، وسأل مع ذلك منه تعالى أن يجعل هذا النظم قائدا يقود به إلى الجنة، وجمعها؛ لأنها ١ سورة يونس: ١٠/ ١٠. ٢ سورة إبراهيم: ١٤/ ٣٤. ثمانية كما هو معلوم، وقوله "عساه" إلخ، هو رجاء مرتب على قوله "وانفع به اللهم" إلخ، والانتفاع الذي رجاه بهذا التأليف يوم القيامة، وقوله "دائما" معناه ما دام يوم القيامة، وهو الذي عبر عنه بقوله: "في يوم لا مال ولا ابن ينفع" ، واقتبس ذلك من قوله تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} ١، وفي كثير من النسخ "اليوم لا مال" إلخ، وعليه تكون اللام بمعنى "في" كما في قوله تعالى: {يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} ٢ ومراده أنه يجد ثواب تأليفه في جميع مواطن القيامة كالصراط والميزان، والحوض وغير ذلك، ثم قال: ويا إلاهي عظمت ذنوبي ... وليس لي غيرك من طبيب فامنن علي سيدي بتوبة ... عسى الذي جنيته من حوبة يذهب عني وإليك رغبتي ... في الصفح عن مقترفي وزلتي وحجة لبيتك الحرام ... وقفة بذلك المقام ضمن في البيت الأول إقراره بالذنوب، واستعظامها والاعتراف بأنه لا غافر لها إلا الله تعالى، وفعل ذلك لما في الحديث عنه -صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا أذنب، ثم استغفر الله منه يقول الله: يا ملائكتي أذنب عبدي ذنبا وعلم أنه له ربا يغفر الذنب أشهدكم أني قد غفرت له" ٣، ثم طلب من الله تعالى أن يمن عليه بالتوبة ليصير بذلك من أهل محبته {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} ٤، ورجا بذلك غفران ما جناه من الحوبة أي الذنب، وأطنب في ذلك بقوله: "وإليك رغبتي" إلخ؛ لأن الدعاء من المواضع التي يطلب فيها الإطناب لما فيه من إظهار العبودية والمقترف المكتسب، والزلة -الزلل، وعبر بهما عن الذنوب وسأل مع ذلك أن يرزقه الله الحج، وإنما طلب ذلك لأداء الواجب ورجاء غفران ذنوبه لما في الحديث: "إن الحاج يخرج من ذنبه كيوم ولدته أمه" ، وخص المقام بالذكر دون سائر مشاعر الحج لقوله تعالى: {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ٥، وقوله: "غيرك" يتعين فيه النصب لكونه مستثنى تقدم على المستثنى منه وهو "طبيب" ، و "من" الداخلة على "طبيب" زائدة، والمراد بالسيد في قوله: "فامنن علي سيدي" الله تعالى، وأطلقوا عليه بناء على مذهب من أجاز ١ سورة الشعراء: ٢٦/ ٨٨. ٢ سورة الأعراف: ٧/ ١٨٧. ٣ متفق عليه من رواية أبي هريرة أخرجه البخاري في صحيحه ١٣/ ٤٦٦ ومسلم في صحيحه ٤/ ٢١١٢. ٤ سورة البقرة: ٢/ ٢٢٢. ٥ سورة آل عمران: ٣/ ٩٧. ذلك وإلا فمالك يكرهه، وقوله "وحجة" بالجر عطفا على "توبة" ، أو على "الصفح" ، ثم قال: واغفر ما قد فعلى ... من سيئ رحماك يا رب العلا وارحم بفضل منك من علمنا ... كتابك العزيز أو أقرءنا لما فرغ من الدعاء لنفسه شرع هنا في الدعاء لغيره؛ لأن جملة أداب الدعاء أن يبدأ الداعي بنفسه، ثم يذكر غيره كما في دعاء سيدنا نوح وسيدنا إبراهيم، وقدم والديه، وعلى غيرها فدعا لهما بالغفران والرحمة، وإنما قدمهما لعظيم حقهما إذ أوصى الله بهما في غير ما آية وقام حقهما بحقه، ثم دعا بالرحمة لمن علمه الكتاب العزيز الذي هو القرءان، ولمن أقرءه إياه يعني جوده عليه، وأخذ عنه أحكام قراءته، وإنما دعا لهما بكونهما أنقذاه من ظلمات الجهل بذلك، كأنهما أخرجاه من العدم إلى الوجود، فأشبها بذلك والديه فاستوجبا منه الدعاء لذلك، وقوله: "من سيئ" بيان لـ "ما" و "رحماك" مصدر بدل من اللفظ بفعله، و "العلى" نعت لمحذوف تقديره السموات أي وارحمهما يا رب السموات العلى، والباء في قوله "بفضل" سببية، ثم قال: بجاه سيد الورى المؤمل ... محمد ذي الشرف المؤثل صلى الإله ربنا عليه ... ما حن شوقا دنف إليه هذا الكلام مرتبط بجمع ما دعا به من قوله: "وانفع به اللهم" إلى آخر دعائه، والجاه المنزلة الرفيعة، وسيد الورى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم، والورى الخلق، المؤمل الذي تقف عليه الآمال، فلا يتعلق الرجاء بأحد سواه، وذلك حين يبعثه الله المقام المحمود حين يقول كل نبي مرسل وملك مقرب: نفسي نفسي، فيأتي الخلق كلهم من لدن آدم إلى قيام الساعة إليه -صلى الله عليه وسلم- فيقولون: يا محمد أما ترى ما نحن فيه اشفع لنا إلى ربك: فيقول: أنا لها، فيشفع الشفاعة الكبرى في الخلق كلهم -صلى الله عليه وسلم، ووصفه بالشرف المؤثل، ومعناه المؤصل لكونه -صلى الله عليه وسلم- لم يزل خيارا من خيار، كما ورد في الحديث ثم ختم دعاءه بالصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- لما في الحديث: "إن الدعاء لا يزال موقوفا بين السماء، والأرض حتى يعقب بالصلاة على النبي" - صلى الله عليه وسلم: "فإذا عقب بها ارتفع" ١، وكان من حقه أن يقرن الصلاة عليه بالتسليم عليه حسبما جاء في كتاب الله تعالى، ويضيف إليه آله بذلك تخرج عن الصلاة البتراء، وقوله: "ما حن شوقا دنف إليه" معناه ما بقيت الدنيا؛ لأن حنين الدنف اشتياقا إليه -صلى الله عليه وسلم- لا يزال ما بقيت الدنيا لقوله -صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة" ٢، ولا يتناول كلام الناظم الآخرة لاستحالة الدنف فيها، وهو المرض بسبب كثرة الشوق، و "الدنف" في كلام الناظم بكسر النون وصف لمن قام به الدنف بفتحها، والحنين إلى الشيء هو الميل إليه حسا ومعنى، فكأنه يقول: اللهم صل على سيدنا محمد مدة دوام حنين المريض محبة، وشوقا إليه -صلى الله عليه وسلم. قال مؤلفه غفر الله له ولوالديه، ولأشياخه ولذريته ولأحبته، ولمن له حق عليه، ولجميع المسلمين الأحياء والميتين: هذا آخر ما تفضل به المولى الكريم، من شرح هذا النظم المتضمن لكيفية رسم، وضبط القرءان العظيم، سائلا ممن اطلع عليه من ذوي الألباب، أن ينظر بعين الرضى والصواب، وأن يدعو لنا دعوة صالحة، تكون بها إن شاء الله تجارتنا في الدارين رابحة، وكان الفراغ من تحريره، وتبييضه في أوائل صفر الخير من عام ١٣٢٥ خمسة وعشرين وثلاثمائة وألف، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا، ومولانا محمد خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. ا. هـ. ويلي هذا القسم: كتاب "تنبيه" الخلان "للشيخ الإمام عبد الواحد بن عاشر الأندلسي، الفاسي." ١ أخرج الحديث الإمام الترمذي في سننه كتاب الوتر باب ٢١. ٢ أخرج الحديث الإمام البخاري في صحيحه من كتاب "باب الاعتصام" "١٠" ، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه من كتاب الإيمان رقم الحديث ٢٤٧، وأخرجه الإمام أبو داود في سننه في كتاب الفتن باب "١" ، وأخرجه الإمام الترمذي في سننه من كتاب الفتن باب "٥١" ، وأخرجه الإمام ابن ماجه في سننه من كتاب المقدمة باب "١" ، وأخرجه الإمام الدارمي في كتاب الجهاد باب ٣٨، وأخرجه الإمام أحمد في المسند ٤/ ٩٣-٩٩-١٠٤. المجلد (1) الصفحة (446)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج1وج2.كتاب : الأذكياء لابن الجوزي

  كتاب : الأذكياء لابن الجوزي بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف الحمد لله الذي أحلنا محلة الفهم وحلانا حلية العلم وملكنا عقال العق...