Translate

السبت، 23 نوفمبر 2024

ج1وج2وج3.. كتاب الأمالي في لغة العرب المؤلف :أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي

 

ج1وج2وج3.. كتاب الأمالي في لغة العرب المؤلف :أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي

  بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم قال الشيخ أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي رحمه الله الحمد لله الذي جل عن شبه الخليقة وتعالى عن الأفعال القبيحة وتنزه عن الجور وتكبر عن الظلم وعدل في أحكامه وأحسن إلى عباده وتفرد بالبقاء وتوحد بالكبرياء ودبر بلا وزير وقهر بلا معين الأول بلا غاية والآخر بلا نهاية الذي عزب عن الأفهام تحديده وتعذر على الأوهام تكييفه وعميت عن إدراكه الأبصار وتحيرت في عظمته الأفكار الشاهد لكل نجوى السامع لكل شكوى والكاشف لكل بلوى الذي لا يحويه مكان ولا يشتمل عليه زمان ولا ينتقل من حال إلى حال القادر الذي لا يدركه العجز والعالم الذي لا يلحقه الجهل والجواد الذي لا ينزح والعزيز الذي لا يخضع والجبار الذي قامت السموات بأمره ورجفت الجبال من خشيته والحمد لله الذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالدلائل الواضحة والحجج القاطعة والبراهين الساطعة بشيرا ونذيرا وداعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونهض بالحجة ودعا إلى الحق وحض على الصدق صلى الله عليه وسلم ثم أما بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على خير البشر صلى الله عليه وسلم فإني لما رأيت العلم أنفس بضاعة أيقنت أن طلبه أفضل تجارة فاغتربت للرواية ولزمت العلماء للدراية ثم أعملت نفسي في جمعه وشغلت ذهني بحفظه حتى حويت خطيره وأحرزت رفيعه ورويت جليله وعرفت دقيقه وعقلت شارده ورويت نادره وعملت غامضه ووعيت واضحه ثم صنته بالكتمان عمن لا يعرف مقداره ونزهته عن الإذاعة عند من يجهل مكانه وجعلت غرضي أن أودعه من يستحقه وأبديه لمن يعلم فضله وأجلبه إلى من يعرف محله وأنشره عند من يشرفه وأقصد به من يعظمه إذ بائع الجوهر وهو حجر يصونه بأجود صوان ويودعه أفضل مكان ويقصد به من يجزل ثمنه ويحمله إلى من يعرف قدره على أنه لا يستحق بسببه أن يوصف بالفضل بائعه ولا مشتريه ولا يستوجب أن يحمد من أجل المبالغة في ثمنه مقتنيه والعلم يذكر بالرجاحة طالبه وينعت بالنباهة صاحبه ويستحق الحمد عند كل العقلاء حاويه ويستوجب الثناء من جميع الفضلاء واعيه ويفيد أسنى الشرف مشرفه ويكتسب أبقى الفخر معظمه فغبرت برهة ألتمس لنشره موضعا ومكثت دهرا أطلب لإذاعته مكانا وبقيت مدة أبتغي له مشرفا وأقمت زمنا أرتاد له مشتريا حتى تواترت الأنباء المتفقة وتتابعت الصفات الملتئمة التي لا تخالجها الشكوك ولا تمازجها الظنون بأن مشرفه في عصره أفضل من ملك الورى وأكرم من جاد باللهى وأجود من تعمم وارتدى وأمجد من ركب ومشى وأسود من أمر ونهى سمام العدى فياض الندى ماضي العزيمة مهذب الخليقة محكم الرأي صادق الوأى بذال الأموال محقق الآمال مفشي المواهب معطي الرغائب أمير المؤمنين وحافظ المسلمين وقامع المشركين ودامغ المارقين وابن عم خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن محمد محي المكارم ومبتني المفاخر الذي إذا رضي أغنى وإذا غضب أردى وإذا دعي أجاب وإذا استصرخ أغاث وأن معظمه ومشتريه وجامعه ومقتنيه ربيع العفاه وسم العداه ذو الفضل والتمام والعقل والكمال المعطي قبل السؤال والمنيل قبل أن يستنال الحكم ولي عهد المسلمين وابن سيد العالمين أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد الإمام العادل والخليفة الفاضل الذي لم ير فيما مضى من الأمراء شبهه ولا نشأ في الأزمنة من الكرماء مثله ولا ولد النساء من الأجواد نظيره ولا ملك العباد من الفضلاء عديله فخرجت جائدا بنفسي باذلا لحشاشتي أجوب متون القفار وأخوض لجج البحار وأركب الفلوات وأتقحم الغمرات مؤملا أن أوصل العلق النفيس إلى من يعرفه وأنشر المتاع الخطير ببلد من يعظمه وأشرف الشريف باسم من يشرفه وأعرض الرفيع على من يشتريه وأبذل الجليل لمن يجمعه ويقتنيه فمن الله جل وعز بالسلامة وحبا تعالى ذكره بالعافية حتى حللت بعصرة الخواف وعصمة المضاف والمحل الممرع والربيع المخصب فناء أمير المؤمنين عبد الرحمن بن محمد المبارك الطلعة الميمون الغرة الجم الفواضل الكثير النوافل الغيث في المحل الثمال في الأزل البدر الطالع الصبح الساطع الضوء اللامع السراج الزاهر السحاب الماطر الذي نصر الدين وأعز المسلمين وأذل المشركين وقمع الطغاه وأباد العصاه وأطفأ نار النفاق وأهمد جمر الشقاق وذلل من الخلق من تجبر وسهل من الأمر ما توعر ولم الشعث وأمن السبل وحقن الدماء أبقاه الله سالما في جسمه معافى في بدنه مسرورا بأيامه مبتهجا بزمانه وخصه بطول المدة وتتابع النعمة وأبقى خلافته وأدام عافيته وتولى حفظه ولا أزال عناظله وصحبت الحيا المحسب والجواد المفضل الذي إذا وعد وفى وإذا أوعد عفا وإذا وهب أسنع وإذا أعطى أفنع الحكم فرأيته أيده الله أجل الناس بعد أبيه خطرا وأرفعهم قدرا وأوسعهم كنفا وأفضلهم سلفا وأغزرهم علما وأعظمهم حلما يملك غضبه فلا يعجل ويعطي على العلات فلا يمل مع فهم ثاقب ولب راجح ولسان عضب وقلب ندب فتابعا لدي النعمة وواترا علي الإحسان حتى أبديت ما كنت له كاتما ونشرت ما كنت له طاويا وبذلت ما كنت به ضنينا ومذلت بما كنت عليه شحيحا فأمللت هذا الكتاب من حفظي في الأخمسة بقرطبه وفي المسجد الجامع بالزهراء المباركة وأودعته فنونا من الأخبار وضروبا من الأشعار وأنواعا من الأمثال وغرائب من اللغات على أني لم أذكر فيه بابا من اللغة إلا أشبعته ولا ضربا من الشعر إلا اخترته ولا فنا من الخبر إلا انتخلته ولا نوعا من المعاني والمثل إلا استجدته ثم لم أخله من غريب القرآن وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم على أنني أوردت فيه من الإبدال ما لم يورده أحد وفسرت فيه من الإتباع ما لم يفسره بشر ليكون الكتاب الذي استنبطه إحسان الخليفة جامعا والديوان الذي ذكر فيه اسم الإمام كاملا وأسأل الله عصمة من الزيغ والأشر وأعوذ به من العجب والبطر وأستهديه السبيل الأرشد والطريق الأقصد قال أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي قرأ أبو عمرو بن العلاء / < ما ننسخ من آية أو ننسأها > / على معنى أو نؤخرها والعرب تقول نسأ الله في أجلك وأنسأ الله أجلك أي أخر الله أجلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم من سره النساء في الأجل والسعة في الرزق فليصل رحمه والنساء التأخير يقال بعته بنساء وبنسيئة أي بتأخير وأنسأته البيع وقال الله عز وجل { إنما النسيء زيادة في الكفر } والمعنى فيه على ما حدثني أبو بكر بن الأنباري رحمه الله أنهم كانوا إذا صدر واعن منى قام رجل من بني كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة فقال أنا الذي لا أعاب ولا يرد لي قضاء فيقولون له أنسئنا شهرا أي أخر عنا حرمة المحرم فاجعلها في صفر وذلك أنهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا تمكنهم الإغارة فيها لأن معاشهم كان من الإغارة فيحل لهم المحرم ويحرم عليهم صفرا فإذا كان في السنة المقبلة حرم عليهم المحرم وأحل لهم صفرا فقال الله عز وجل إنما النسئ زيادة في الكفر وقال الشاعر ( ألسنا الناسئين على معد ** شهور الحل نجعلها حراما ) وقال الآخر ( وكنا الناسئين على معد ** شهورهم الحرام إلى الحليل ) وقال الآخر ( نسؤا الشهور بها وكانوا أهلها ** من قبلكم والعز لم يتحول ) قال أبو بكر بن الأنباري رحمه الله معنى قوله عز وجل { ولتعرفنهم في لحن القول } أي في معنى القول وفي مذهب القول وأنشد للقتال الكلابي ( ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا ** ووحيت وحيا ليس بالمرتاب ) معناه ولقد بينت لكم واللحن بفتح الحاء الفطنة وربما أسكنوا الحاء في الفطنة ورجل لحن أي فطن قال لبيد يصف كاتبا ( متعود لحن يعيد بكفه ** قلما على عسب ذبلن وبان ) ومن اللحن الحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلين اختصما إليه في مواريث وأشياء قد درست فقال صلى الله عليه وسلم لعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من الآخر فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار فقال كل واحد من الرجلين يا رسول الله حقي هذا لصاحبي فقال لا ولكن اذهبا فتوخيا ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه ومنه قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم أي فاطنهم وحدثني أبو بكر عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال يقال قد لحن الرجل يلحن لحنا فهو لاحن إذا أخطأ ولحن يلحن لحنا فهو لحن إذا أصاب وفطن وأنشد ( وحديث ألذه هو مما ** تشتهيه النفوس يوزن وزنا ) ( منطق صائب وتلحن أحيانا ** وخير الحديث ما كان لحنا ) معناه وتصيب أحيانا وحدثني أيضا قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال أخبرنا نصر ابن علي قال أخبرنا الأصمعي عن عيسى بن عمر قال قال معاوية للناس كيف ابن زياد فيكم قالوا ظريف على أنه يلحن قال فذاك أظرف له ذهب معاوية إلى اللحن الذي هو الفطنة وذهبوا هم إلى اللحن الذي هو الخطأ واللحن أيضا اللغة ذكره الأصمعي وأبو زيد ومنه قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه تعلموا الفرائض والسنن واللحن كما تعلمون القرآن فاللحن اللغة وروى شريك عن أبي إسحاق عن ميسرة أنه قال في قوله عز وجل { فأرسلنا عليهم سيل العرم } العرم المسناة بلحن اليمن أي بلغة اليمن وقال الشاعر ( وما هاج هذا الشوق إلا حمامة ** تغنت على خضراء سمر قيودها ) ( صدوح الضحى معروفة اللحن لم تزل ** تقود الهوى من مسعد ويقودها ) وقال الآخر ( لقد تركت فؤادك مستجنا ** مطوقة على فنن تغنى ) ( يميل بها وتركبه بلحن ** إذا ما عن للمحزون أنا ) ( فلا يحزنك أيام تولى ** تذكرها ولا طير أرنا ) وقال الآخر ( وهاتفين بشجو بعدما سجعت ** ورق الحمام بترجيع وإرنان ) ( باتا على غصن بان في ذرى فنن ** يرددان لحونا ذات ألوان ) معناه يرددان لغات وصرف أبو زيد منه فعلا فقال لحن الرجل يلحن لحنا إذا تكلم بلغته قال ويقال لحنت له لحنا إذا قلت له قولا يفهمه عنك ويخفى على غيره ولحنه عني لحنا أي فهمه وألحنته أنا إياه إلحانا وهذا مذهب أبي بكر بن دريد في تفسير قول الشاعر منطق صائب وتلحن أحيانا قال يريد تعوص في حديثها فتزيله عن جهته لئلا يفهمه الحاضرون ثم قال وخير الحديث ما كان لحنا أي خير الحديث ما فهمه صاحبك الذي تحب أفهامه وحده وخفي على غيره قال وأصل اللحن أن تريد الشيء فتوري عنه بقول آخر كقول رجل من بني العنبر كان أسيرا في بكر بن وائل فسألهم رسولا إلى قومه فقالوا له لا ترسل إلا بحضرتنا لأنهم كانوا أزمعوا غزو قومه فخافوا أن ينذر عليهم فجيء بعبد أسود فقال له أتعقل قال نعم إني لعاقل قال ما أراك عاقلا ثم قال ما هذا وأشار بيده إلى الليل فقال هذا الليل فقال أراك عاقلا ثم ملأ كفيه من الرمل فقال كم هذا فقال لا أدري وإنه لكثير فقال أيما أكثر النجوم أو النيران فقال كل كثير فقال أبلغ قومي التحية وقل لهم ليكرموا فلانا يعني أسيرا كان في أيديهم من بكر بن وائل فإن قومه لي مكرمون وقل لهم أن العرفج قد أدبى وقد شكت النساء وأمرهم أن يعروا ناقتي الحمراء فقد أطالوا ركوبها وأن يركبوا جملي الأصهب بآية ما أكلت معكم حيسا واسألوا الحرث عن خبري فلما أدى العبد الرسالة إليهم قالوا لقد جن الأعور والله ما نعرف له ناقة حمراء ولا جملا أصهب ثم سرحوا العبد ودعوا الحرث فقصوا عليه القصة فقال قد أنذركم أما قوله قد أدبى العرفج فإنه يريد أن الرجال قد استلأموا أي لبسوا الدروع وقوله شكت النساء أي اتخذن الشكاء للسفر وقوله ناقتي الحمراء أي ارتحلوا عن الدهناء واركبوا الصمان وهو الجمل الأصهب وقوله بآية ما أكلت معكم حيسا يريد أخلاطا من الناس قد غزوكم لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط فامتثلوا ما قال وعرفوا فحوى كلامه وأخذ هذا المعنى أيضا رجل من بني تميم كان أسيرا فكتب إلى قومه ( حلوا عن الناقة الحمراء أرحلكم ** والبازل الأصهب المعقول فاصطنعوا ) ( إن الذئاب قد اخضرت براثنها ** والناس كلهم بكر إذا شبعوا ) يريد أن الناس كلهم إذا أخصبوا عدو لكم كبكر بن وائل قال أبو علي ومعنى صائب على مذهب أبي العباس في معنى البيت قاصد كما قال جميل ( وما صائب من نابل قذفت به ** يد وممر العقدتين وثيق ) فيكون معنى قوله منطق صائب أي قاصد للصواب وإن لم يصب وتلحن أحيانا أي تصيب وتفطن ثم قال وخير الحديث ما كان لحنا أي إصابة وفطنة قال أبو علي ومعنى قوله عز وجل { وغدوا على حرد قادرين } أي على قصد قال الجميج ( أما إذا حردت حردي فجرية ** ضبطاء تسكن غيلا غير مقروب ) أي قصدت قصدي وقال الآخر ( أقبل سيل جاء من أمر الله ** يحرد حرد الجنة المغله ) أي يقصد قصدها وقال أبو عبيدة معنى قوله على حرد أي على غضب وحقد وأجاز ما ذكرناه قال ويجوز أن يكون على حرد معناه على منع واحتج بقول العباس بن مرداس السلمي ( وحارب فإن مولاك حارد نصره ** ففي السيف مولى نصره لا يحارد ) وحارد عندي في هذا البيت بمعنى قل يقال حاردت الإبل إذا قلت ألبانها قال الكميت ( وحاردت النكد الجلاد ولم يكن ** لعقبة قدر المستعيرين معقب ) ويقال حرد الرجل حردا بفتح الراء ومن العرب من يقول حرد الرجل حردا بتسكين الراء إذا غضب وأنشد أبو عبيدة للأشهب بن رميلة ( أسود شرى لاقت أسود خفية ** تساقوا على حرد دماء الأساود ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا إسماعيل بن أحمد بن حفص سمعان النحوي قال حدثنا أبو عمر الضرير قال حدثنا عباد بن حبيب بن المهلب عن موسى بن محمد بن إبراهيم التميمي عن أبيه عن جده قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالس مع أصحابه إذ نشأت سحابة فقالوا يا رسول الله هذه سحابة فقال كيف ترون قواعدها قالوا ما أحسنها وأشد تمكنها قال وكيف ترون رحاها قالوا ما أحسنها وأشد استدراتها قال وكيف ترون بواسقها قالوا ما أحسنها وأشد استقامتها قال وكيف ترون برقها أوميضا أم خفيا أم يشق شقا قالوا بل يشق شقا قال فكيف ترون جونها قالوا ما أحسنه وأشد سواده فقال صلى الله عليه وسلم الحيا فقالوا يا رسول الله ما رأينا الذي هو منك أفصح قال وما يمنعني من ذلك فإنما أنزل القران بلساني لسان عربي مبين قال أبو علي قواعدها أسافلها واحدتها قاعدة فأما القواعد من النساء فواحدتها قاعد وهي التي قعدت عن الولد وذهب حرم الصلاة عنها ورحاها وسطها ومعظمها وكذلك رحى الحرب وسطها ومعظمها حيث استدار القوم قال الشاعر ( فدارت رحانا بفرسانهم ** فعادوا كأن لم يكونوا رميما ) وبواسقها ما علا منها وارتفع واحدتها باسقة وكل شيء ارتفع وطال فقد بسق يقال قد بسقت النخلة قال الله عز وجل { والنخل باسقات } وكذلك بسق النبت فكثر في كلامهم حتى قالوا بسق فلان على قومه أي علاهم في الشرف والكرم والوميض اللمع الخفي قال امرؤ القيس ( أعني على برق أراه وميض ** يضئ حبيا في شمارخ بيض ) ويقال أومض البرق يومض إيماضا إذا لمع لمعا خفيا وأومض بعينه إذا غمز بعينه والخفي البرق الضعيف قال أبو عمرو خفى البرق يخفي خفيا إذا برق برقا ضعيفا وقال الكسائي خفا يخفو خفوا وجونها أسودها والجون من الأضداد يكون الأسود ويكون الأبيض قال الأصمعي وأتي الحجاج بدرع وكانت صافية بيضاء فجعل لا يرى صفاءها فقال له رجل وكان فصيحا قال أبو عمر وهو أنيس الجرمي إن الشمس جونة يعني شديدة البريق والصفاء فقد غلب صفاؤها بياض الدرع وأنشد ( يبادر الآثار أن تؤبا ** وحاجب الجونة أن يغيبا ) وأنشد أبو عبيدة ( غير يا بنت الحليس لوني ** طول الليالي واختلاف الجون ) وسفر كان قليل الأون أي الفتور وقال الفرزدق يصف قصرا أبيض ( وجون عليه الجص فيه مريضة ** تطلع منها النفس والموت حاضره ) والحيا مقصور الغيث والخصب وجمعه أحياء قال الأخطل ( ربيع حيا ما يستقل بحمله ** سؤوم ولا مستنكش البحر ناضبه ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله ( إنا ملوك حيا للتابعين لنا ** مثل الربيع إذا ما نبته نضرا ) وقرئ على أبي بكر يوسف بن يعقوب بن إسحق بن البهلول الأزرق في مسجد الرصافة وأنا أسمع قال حدثنا حميد قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا عثمان بن حكيم قال أخبرنا عامر بن سعد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها وقال المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون لا يخرج منها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ولا يصبر أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت شهيدا أو شفيعا يوم القيامة هكذا سمعت بلاله قال أبو علي الابة واللوبة الحرة فمن قال لابة قال في جمعها لاب ومن قال لوبة قال في الجمع لوب قال سلامة ابن جندل ( حتى تركنا وما تثنى ظعائننا ** يأخذن بين سواد الخط فاللوب ) والعضاه كل شجر له شوك يعظم ومن أعرف ذلك الطلح والسلم والسيال والعرفط والسمر والشبهان والكنهبل والواحدة عضة قال الراعي ( وخادع المجد أقوام لهم ورق ** راح العضاه به والعرق مدخول ) واللأواء الشدة قال رؤبة لأواءها والأزل والمظاظا الأزل الضيق والمظاظ المشارة يقال ماظظت فلانا مماظة ومظاظا قال أبو علي وقرئ على الأزرق وأنا أسمع قال حدثنا بشر ابن مطر قال حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار فقلت إني أفعل ذلك فقال إنك إن فعلت ذلك هجمت عيناك ونفهت نفسك إن لعينك حقا ولأهلك حقا ولنفسك حقا فقم ونم وصم وأفطر قال أبو علي قال أبو عمرو الشيباني هجمت عينه وخوصت وقدحت ونقنقت عينه نقنقة كل ذلك إذا غارت وقال الأصمعي حجلت عينه وهجمت كلاهما غارت وجاء حاجلة عينه وأنشد ( وأهلك مهر أبيك الدواء ** ليس له من طعام نصيب ) ( فتصبح حاجلة عينه ** لحنواسته وصلاه غيوب ) وحاجلة من حجلت بالتخفيف والأكثر حجلت بالتشديد فهي محجلة ونفهت أعيت ويقال للمغي نافة ومنفه وجمع النافه نفه قال رؤبة ( به تمطت غول كل ميله ** بنا حراجيج المهاري النفه ) والميله الذي يوله سالكه أي يحيره وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله عن عمه عبد الملك بن قريب قال سمعت أعرابيا يدعو الله وهو يقول هربت إليك بنفسي يا ملجأ الهاربين بأثقال الذنوب أحملها على ظهري لا أجد شافعا إليك إلا معرفتي بأنك أكرم من قصد إليه المضطرون وأمل فيما لديه الراغبون يا من فتق العقول بمعرفته وأطلق الألسن بحمده وجعل ما امتن به من ذلك على خلقه كفاء لتأدية حقه لا تجعل للهوى على عقلي سبيلا ولا للباطل على عملي دليلا وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي عن أبيه قال لما قتل عبد الملك مصعب بن الزبير دخل الكوفة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال أيها الناس إن الحرب صعبة مرة وإن السلم أمن ومسرة وقد زبنتنا الحرب وزبناها فعرفناها وألفناها فنحن بنوها وهي أمنا أيها الناس فاستقيموا على سبل الهدى ودعوا الأهواء المردية وتجنبوا فراق جماعات المسلمين ولا تكلفونا أعمال المهاجرين الأولين وأنتم لا تعملون أعمالهم ولا أظنكم تزدادون بعد الموعظة إلا شرا ولن نزداد بعد الإعذار إليكم والحجة عليكم إلا عقوبة فمن شاء منكم أن يعود بعد لمثلها فليعد فإنما مثلي ومثلكم كما قال قيس بن رفاعة ( من يصل ناري بلا ذنب ولا ترة ** يصل بنار كريم غير غدار ) ( أنا النذير لكم مني مجاهرة ** كي لا ألام على نهي وإنذار ) ( فإن عصيتم مقالي اليوم فاعترفوا ** أن سوف تلقون خزيا ظاهر العار ) ( لترجعن أحاديثا ملعنة ** لهو المقيم ولهو المدلج الساري ) ( من كان في نفسه حوجاء يطلبها ** عندي فإني له رهن بأصحار ) ( أقيم عوجته إن كان ذا عوج ** كما يقوم قدح النبعة الباري ) ( وصاحب الوتر ليس الدهر مدركه ** عندي وإني لدراك بأوتار ) قال أبو علي قوله زبنتنا الحرب وزبناها أي دفعتنا ودفعناها والزبن الدفع ومنه اشتقاق الزبانية لأنهم يدفعون أهل النار إلى النار ومنه قيل حرب زبون قال الشاعر ( عدتني عن زيارتها العوادي ** وحالت دونها حرب زبون ) عدتني صرفتني والعوادي الصوارف والزبون من النوق التي ترمح عند الحلب والخزي الهوان يقال خزي يخزى خزيا والخزاية الاستحياء يقال خزي يخزى خزاية والمدلج الذي يسير من أول الليل يقال أدلجت أي سرت من أول الليل فأنا مدلج وادلجت أي سرت في آخره فأنا مدلج والدلجة والدلج بفتح الدال سير آخر الليل والإدلاج من أول الليل ويقال الدلج والدلجة سير الليل كله قال الراجز ( كأنها وقد براها الإخاس ** ودلج الليل وهاد قياس ** شرائج النبع براها القواس ) والدلجة بضم الدال من آخره ومن الناس من يجيز الدلجة والدلجة في كل واحد منهما كما قالوا برهة من الدهر وبرهة قال زيد الخيل ( يا بني الصيداء ردوا فرسي ** إنما يفعل هذا بالذليل ) ( عودوه مثل ما عودته ** دلج الليل وإيطاء القتيل ) ويروى دلج جمع دلجة والساري الذي يسير بالليل يقال سريت فأنا سار أي سرت ليلا وأسريت أيضا ويروى بيت النابغة على وجهين ( سرت عليه من الجوزاء سارية ** تزجي الشمال عليه جامد البرد ) وأسرت والسرى سير الليل والحوجاء الحاجة والعوج في كل ما كان منتصبا مثل الإنسان والعصا وما أشبههما والعوج في الدين والأمر وما أشبههما والوتر الذحل بكسر الواو لا غير والوتر بفتح الواو وكسرها الفرد ويقرأ والشفع والوتر والوتر الفتح لغة أهل الحجاز والكسر لغة تميم وأسد وقيس ويقولون في الوتر الذي هو الفرد أوترت فأنا أوتر إيتارا وفي الذحل وترته فأنا أتره وترا وترة وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو عثمان قال أخبرني العتبي عن أبيه أن عبد الملك بن مروان رحمه الله كان يوجه إلى مصعب جيشا بعد جيش فيهزمون فلما طال ذلك عليه واشتد غمه أمر الناس فعسكروا ودعا بسلاحه فلبسه فلما أراد الركوب قامت إليه أم يزيد ابنه وهي عاتكة بنت يزيد بن معاوية فقالت يا أمير المؤمنين لو أقمت وبعثت إليه لكان الرأي فقال ما إلى ذلك من سبيل فلم تزل تمشي معه وتكلمه حتى قرب من الباب فلما يئست منه رجعت فبكت وبكى حشمها معها فلما علا الصوت رجع إليها عبد الملك فقال وأنت أيضا ممن يبكي قاتل الله كثيرا كأنه كان يرى يومنا هذا حيث يقول ( إذا ما أراد الغزو لم تثن همه ** حصان عليها نظم در يزينها ) ( نهته فلما لم تر النهي عاقه ** بكت فبكى مما شجاها قطينها ) ثم عزم عليها بالسكوت وخرج وقال أبو علي وبعد هذين البيتين يقول ( ولم يثنه يوم الصبابة بثها ** غداة استهلت بالدموع شؤونها ( ولكن مضى ذو مرة متثبت ** بسنة حق واضح مستبينها ) وفي عبد الملك يقول كثير ( أحاطت يداه بالخلافة بعدما ** أراد رجال آخرون اغتيالها ) وفي هذه القصيدة يقول فيه أيضا ( فما أسلموها عنوة عن مودة ** ولكن بحد المشرفي استقالها ) ( وكنت إذا نابتك يوما ملمة ** نبلت لها أبا الوليد نبالها ) ( سموت فأدركت العلاء وإنما ** يلقى عليات العلا من سما لها ) ( وصلت فنالت كفك المجد كله ** ولم تبلغ الأيدي السوامي مصالها ) وحدثني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن هشام قال قال العباس بن الوليد بن عبد الملك لمسلمة بن عبد الملك ( ألا تقنى الحياء أبا سعيد ** وتقصر عن ملاحاتي وعذلي ) ( فلولا أن أصلك حين تمنى ** وفرعك منتمى فرعي وأصلي ) ( وأني إن رميتك هضت عظمي ** ونالتني إذا نالتك نبلي ) ( لقد أنكرتني إنكار خوف ** يضم حشاك عن شتمي وأكلي ) ( كقول المرء عمر وفي القوافي ** لقيس حين خالف كل عدل ) ( عذيري من خليلي من مراد ** أريد حياته ويريد قتلي ) يريد عمرو بن معد يكرب وقيس بن مكشوح وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال حدثني من سمع أعرابيا يقول لصديق له دع ما يسبق إلى القلوب إنكاره وإن كان عندك اعتذاره فليس من حكى عنك نكرا توسعه فيك عذرا قال وأخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي كبير السن أصبحت والله تقيدني الشعره وأعثر بالبعره وقد أقام الدهر صعري بعد أن أقمت صعره قال أبو علي الصعر الميل وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه قال أنشدنا بعض أهل المدينة لخارجة ابن فليح المللي ( ألا طرقتنا والرفاق هجود ** فباتت بعلات النوال تجود ) ( ألا طرقت ليلى لقى بين أرحل ** شجاه الهوى والنأي فهو عميد ) ( فليت النوى لم تسحق الخرق بيننا ** وليت الخيال المستراث يعود ) ( إذا لأقاد النفس من فجعة الهوى ** بليلى وروعات الفؤاد مقيد ) ( كأن الدموع الواكفات بذكرها ** إذا أسلمتهن الجفون فريد ) ( إذا أدبرت بالشوق أعقاب ليلة ** أتاك بها يوم أغر جديد ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج أنت عندي كسالم فلم يدر ما هو فكتب إلى قتيبة يسأله فكتب إليه أن الشاعر يقول ( يديرونني عن سالم وأديرهم ** وجلدة بين الأنف والعين سالم ) ثم كتب إليه مرة أخرى أنت عندي قدح ابن مقبل فلم يدر ما هو فكتب إلى قتيبة يسأله وكان قتيبة قد روى الشعر فكتب إليه أن ابن مقبل نعت قدحا له فقال ( غدا وهو مجدول وراح كأنه ** من المش والتقليب بالكف أفطح ) ( خروج من الغمى إذا صك صكة ** بدا والعيون المستكفة تلمح ) قال أبو علي المش المسح والمشوش المنديل قال امرؤ القيس ( نمش بأعراف الجياد أكفنا ** إذا نحن قنا عن شواء مضهب ) والغمى الشدة التي تغم أي تغطي والمستكفة من قولهم استكففت الشيء إذا وضعت يدك على حاجبك تنظر هل تراه كالذي يستظل من الشمس وقال الأصمعي من أمثال العرب العير أوقى لدمه يقال ذلك للرجل أي أنه أشد إبقاء على نفسه ويقال الرباح مع السماح يريد أن المسامح أحرى أن يربح ويقال عبد صريخه أمة يضرب مثلا للضعيف يستصرخ بمثله وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر ( ولقد مررت على قطيع هالك ** من مال أشعث ذي عيال مصرم ) ( من بعد ما اعتلت علي مطيتي ** فأزحت علتها فظلت ترتمي ) القطيع السوط والهالك الضائع والمصرم المقل المخف يقول كانت ناقتي قد اعتلت علي فلما أصبت السوط فضربتها به ظلت ترتمي أي تترامى في سيرها وحدثنا أبو عبد الله قال أخبرني أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال مكتوب في الحكمة يا بني لتكن كلمتك طيبة ووجهك بسطا تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء وأنشدنا أبو عبد الله ( وكم من مليم لم يصب بملامة ** ومتبع بالذنب ليس له ذنب ) ( وكم من محب صد من غير بغضة ** وإن لم يكن في ود خلته عتب ) وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي قال قالت عجوز من العرب لثلاث بنات لها صفن ما تحببن من الأزواج فقالت الكبرى أريد أروع بساما أحذ مجذاما سيد ناديه وثمال عافيه ومحسب راجيه فناؤه رحب وقياده صعب وقالت الوسطى أريده عالي السناء مصمم المضاء عظيم نار متمم أيسار يفيد ويبيد ويبدئ ويعيد هو في الأهل صبي وفي الجيش كمي تستعبده الحليله وتسوده الفضيلة وقالت الصغرى أريده بازل عام كالمهند الصمصام قرانه حبور ولقاؤه سرور إن ضم قضقض وإن دسر أغمض وإن أخل أحمض قالت أمها فض فوك لقد فررت لي شرة الشباب جذعة قال أبو علي قال أبو زيد الأروع والنجيب واحدوهما الكريم وقال غيره الأروع الذي يروعك جماله والأحذ ههنا الخفيف السريع والأحذ أيضا الخفيف الذنب ومنه قيل قطاة حذاء وقال أبو بكر بن دريد الحذذ الخفة والسرعة والقطاة الحذاء السريعة الطيران ويقال القليلة ريش الذنب وحذ الشيء يحذه حذا إذا قطعه قطعا سريعا والحذة القطعة من اللحم وأنشد الأعشى ( تكفيه حذة فلذان ألم بها ** من الشواء ويروى شربه الغمر ) قال ويروى حزة فلذ وقال أبو عبيدة في قول عتبة بن غزوان حين خطب الناس فقال ( أن الدنيا قد ادنت بصرم وولت حذاء ** فلم يبق منها الإصبابة كصبابة الأناء ) قال عمرو وغيره الحذاء السريعة الحفيفة التي قد انقطع آخرها ومنه قيل للقطاة حذاء لقصر ذنبها مع خفتها وقال النابغة الذبياني ( حذاء مدبرة سكاء مقبلة ** للماء في النحر منها نوطة عجب ) قال ومن هذا قيل للحمار القصير الذنب أحذ قال أبوعلى أصل هذه الكلمة عندي الخفة ولم أسمع في بيت أعشى باهلة حذة فلذ بالذال إلا من أبى بكر رفإن صحت هذه الرواية فلا تكون الحذه إلا القطعة الخفيفة والمجذام مفعال من الجذم والجذم القطع تريد أنه قطاع للأمور والنادي والندى المجلس والثمال الغياث وثمال القوم غياتهم ومن يقوم بأمرهم يقال فلان ثمال لبني فلان إذا كان يقوم بأمرهم ويكون أصلالهم وغياثا ويقال هو يثملهم والمرأة تمثل الصبيان أي تكون أصلالهم قال الحطيئة ( فدى لابن حصن ما أريح فإنه ** ثمال اليتامى عصمة في المهالك ) والثمل ساكنة الميم المقام والخفض يقال ليست دارنا بدار ثمل قال أسامة بن الحرث الهذلي ( كفيت النسا نسال حدوديقة ** إذا سكن الثمل الظباء الكواسع ) كفيت النسا أي سريع العدو وتلخيص معناه أن تقول الكفيت السريع والنسا عرق في الفخذ يجري إلى الساق فكأنه قال سريع الرجل وإذا كان سريع الرجل كان سريع العدو والكواسع التي تكسع بأذنابها من الذباب ويقال اختار فلان دار الثمل أي دار الخفض والمقام وثمل فلان فما يبرح والثميلة البقية تبقى من العلف والماء في بطن البعير وغيره والجميع الثمائل قال ذو الرمة ( وأدرك المتبقى من ثميلته ** ومن ثمائلها واستنشئ الغرب ) والثميلة البقية تبقى من الماء في الصخرة أو الوادي وقد قالوا الثميل الماء الذي يبقى في الوادي بعد مضي السيل عنه قال الأعشى ( بناجية كأتان الثميل ** تقضي السرى بعد أين عسيرا ) والأتان الصخرة تكون في الماء وإذا كانت في الماء القليل فأصابتها الشمس صلبت والثمالة رغوة اللبن يقال حقنت الصريح وثملت الرغوة يريد بقيت قال مزرد ( إذا مس خرشاء الثمالة أنفه ** ثنى مشفريه للصريح فأقنعا ) وقال الأصمعي الثمالة ما بقي في العلبة من الرغوة خاصة والثمالة ما بقي في الحوض من الماء وهو أيضا ما بقي في البطن من الماء والطعام ويقال سقاه المثمل يريد سقاه السم قال أبو نصر ونرى أنه أنقع فبقي وثبت وسيف ثامل أي باق في أيدي أصحابه زمانا كذا قال الأصمعي وقال أبو عمرو قديم لا عهد له بالصقال وقال خالد بن كلثوم هو الذي فيه بقية قال ابن مقبل ( لمن الديار عرفتها بالساحل ** وكأنها ألواح سيف ثامل ) والثملة الصوفة تجعل في الهناء ثم يطلى بها البعير أنشد الأصمعي ( ممغوثة أعرضهم ممرطله ** كما تلاث في الهناء الثمله ) والثملة ساكنة الميم الحب والتمر والسويق يكون في الوعاء إلى نصفه فما دونه والجماع الثمل والثملة ما أخرجت من أسفل الركية من التراب والطين وهذان الحرفان رويناهما عن أبي عبيد بضم الثاء وعن أبي نصر بفتح الثاء ويقال ثمل يثمل ثملا إذا أخذ الشراب فيه وعافيه الذين يعفونه أي يأتونه يقال عفاه يعفوه واعتفاه يعتفيه وعراه يعروه واعتراه يعتريه واعتره يعتره وعره يعره ومحسب كاف أنشدنا أبو بكر بن الأنباري لامرئ القيس ( فتملأ بيتنا أقطا وسمنا ** وحسبك من غنى شبع ورى ) أي يكفيك الشبع والري وفناؤه رحب أي واسع ويقال فناء الدار وثناؤها والسناء من الشرف ممدود من الضوء مقصور والمصمم من الرجال الذي يمضي في الأمور لا يرد عزمه شيء والمصمم من السيوف الذي يمضي في الضرائب لا يحبسه شيء وأيسار جمع يسر وهو الذي يدخل مع القوم في القداح وهو مدح وقال الشاعر ( وراحلة نحرت لشرب صدق ** وما ناديت أيسار الجزور ) والبرم الذي لا يدخل مع القوم في الميسر وهو ذم وجمعه أبرام قال متمم ( ولا برم تهدي النساء لعرسه ** إذا القشع من برد الشتاء تقعقعا ) ويقال كان رجل برما فجاء إلى امرأته وهي تأكل لحما فجعل يأكل بضعتين بضعتين فقالت له امرأته أبرما قرونا فأرسلتها مثلا وقال أبو زيد الكمي الجريء المقدم كان عليه سلاح أو لم يكن وقال غيره الذي يكمي شجاعته في نفسه أي يسترها وقال ابن الأعرابي الكمي الشجاع وسمى كميالأنه يتكمى الأقران لا يكع ولا يجبن عن قرنه أي يقصد وكل ما اعتمدته فقد تكميته وأنشد ( بل لو شهدت الناس اذتكموا ** بقدر حم لهم وحموا ) ( وغمة لو لم تفرج غموا ** ) وحليلة الرجل امرأته وحليلته أيضا جارته التي تحاله وتنزل معه قال الشاعر ( ولست بأطلس الثوبين يصبى ** حليلته إذا هجع النيام ) وعرس الرجل امرأته أيضا قال امرؤ القيس ( كذبت لقد أصبى على المرء عرسه ** وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي ) وهو أيضا عرسها وهي حنته قال كثير ( فقلت لها بل أنت حنة حوقل ** جرى بالفرى بيني وبينك طابن ) والفرى جمع فرية وقال الشاعر ( ما أنت بالحنة الودود ولا ** عندك خير يرجى لملتمس ) وهي طلته أيضا قال الشاعر ( وإن امرأ في الناس كنت ابن أمه ** تبدل مني طلة لغبين ) ( دعتك إلى هجري فطاوعت أمرها ** فنفسك لا نفسي بذاك تهين ) وقال الآخر ( ألا بكرت طلتي تعذل ** وأسماء في قولها أعذل ) ( تريد سليماك جمع التلاد ** والضيف يطلب ما يأكل ) وربضه وربضه أيضا والربض كل ما أويت إليه قال الشاعر ( جاء الشتاء ولما أتخذ ربضا ** يا ويح كفى من حفر القراميص ) والقرموص حفرة يحتفرها الصائد إلى صدره فيدخل فيها إذا اشتد عليه البرد والقرموص أيضا مبيض القطاة وقعيدة الرجل أيضا امرأته قال الأسعر الجعفي ( لكن قعيدة بيتنا مجفوة ** باد جناجن صدرها ولها غنى ) وزوجه أيضا قال الأصمعي ولا تكاد العرب تقول زوجته وقال يعقوب يقال زوجته وهي قليلة قال الفرزدق ( وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي ** كساع إلى أسد الشرى يستبيلها ) وهي بعله أيضا وبعلته وأنشد الفراء ( شر قرين للكبير بعلته ** تولغ كلبا سؤره أو تكفته ) يعني أن امرأته قد تقذرته حين كبر فإذا شرب لبنا وبقى سؤره والسؤر بقية الشراب في الإناء تولغه كلبا أو تكفته أي تقلبه على الأرض وبيته أيضا قال الراجز ( أقول إذ حوقلت أو دنوت ** وبعض حيقال الرجال الموت ) ( مالي إذا أنزعها صأيت ** أكبر غيرني أم بيت ) وشهلته أيضا أنشدني أبو بكر الأنباري ( له شهله شابت وما مس جيبها ** ولا راحتيها الششنتين عبير ) والشهلة أيضا العجوز قال الراجز ( باتت تنزى دلوها تنزيا ** كما تنزى شهلة صبيا ) وجثلته ومعزبته امرأته وقال غيره وحوبته أيضا وقال أبو زيد والحوبة القرابة من قبل الأم وكذلك كل ذي رحم محرم قال أبو يعقوب الحوبة الأم والفصيلة رهط الرجل الأدنون وقال ابن الكلبي الشعب أكثر من القبيلة ثم القبيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ وأسرة الرجل رهطه الأدنون وكذلك فصيلته وقولها أريده بازل عام أي تام الشباب كامل القوة لان البعير أتم ما يكون شبابا وأكمله قوة إذا كان بازل عام قال الأصمعي إذا وضعت الناقة فولدها سليل وقبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى فإذا علم فإذا علم فإن كان ذكرا فهو سقب وأمه مسقب وإن كانت أنثى فهي حائل وأمها أم حائل قال الهذلي ( فتلك التي لا يبرح القلب حبها ** ولا ذكرها ما أرزمت أم حائل ) وهي مؤنث وقد آنثت أي جاءت بأنثى وقد أذكرت فهي مذكر إذا جاءت بذكر فإن كان من عادتها أن تضع الإناث فهي مئناث وكذلك مذكار إذا كان من عادتها أن تضع الذكور فإذا قوي ومشى مع أمه فهو راشح والأم مرشح فإذا حمل في سنامه شحما فهو مجذ ومكعر ثم هو ربع قال الأصمعي حدثني عيسى بن عمر قال سألت جبر بن حبيب أخا امرأة العجاج عن الهبع والربع فقال الربع ما نتج في أول النتاج والهيع ما نتج في آخر النتاج فإذا مشى الهبع مع الربع أبطره ذرعا فهبع بعنقه أي استعان به ثم هو حوار فإذا فصل عن أمه والفصال الفطام فهو فصيل والجمع فصلان وفصلان ومنه الحديث لا رضاع بعد فصال فإذا أتى عليه حول فهو ابن مخاض وإنما سمي ابن مخاض لأن أمه لحقت بالمخاض وهي الحوامل وإن لم تكن حاملا فإذا استكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة فهو ابن لبون والأنثى بنت لبون وإنما سمي ابن لبون لأن أمه كانت من المخاض في السنة الثانية ثم وضعت في الثالثة فصار لها لبن لبون وهو ابن لبون فلا يزال كذلك حتى يستكمل الثالثة فإذا دخل في الرابعة فهو حينئذ حق والأنثى حقه وإنما قيل لها حقه لأنها قد استحقت أن يحمل عليها وتركب فإذا استكمل الرابعة ودخل في الخامسة فهو جذع والأنثى جذعة فإذا دخل في السادسة فهو ثني والأنثى ثنية فإذا دخل في السابعة فهو رباع والأنثى رباعية فإذا دخل في الثامنة فهو سديس وسدس والأنثى سديسة فإذا دخل في التاسعة وبزل نابه فهو بازل يقال بزل نابه يبزل بزولا وشقأ نابه يشقأ شقوأ وشقأ وشقى أيضا وشق يشق شقوقا وفطر يفطر فطورا وبزغ وصبأ وعرد يعرد عرودا فإذا دخل في العاشرة فهو مخلف ثم ليس له اسم بعد الأخلاف ولكن يقال بازل عام وبازل عامين ومخلف عام ومخلف عامين وقضقض أي حطم كما يقضقض الأسد الفريسة وهو أن يحطمها وينفصها فتسمع لعظامها صوتا والأسد القضقاض الحطام قال رؤبة ( كم جاوزت من حية نضناض ** وأسد في في غيله قضقاض ) ( ليث على أقرانه رباض ** يلقي ذراعي كلكل عرباض ) والعرباض الثقيل العظيم ودسر دفع ومنه قول ابن عباس رضي الله عنهما في العنبر إنما هو شيء دسره البحر أي لا زكاة فيه قال وقرأنا على أبي بكر بن دريد رحمه الله قول الشاعر ( فأصبحت من سلمى كذى الداء لم يجد ** طبيبا يداوى ما به فتطببا ) ( فلما اشتفى مما به عل طبه ** على نفسه من طول ما كان جربا ) يقول لما لم يجد إليها سبيلا داوى نفسه بالهجران فلما رأى ذلك قد نفعه عل الهجران أي فعله ثانية وحدثنا الأخفش قال أنبأني أبو الفياض بن أبي شراعة عن أبي شراعة قال حدثني عبد الله بن محمد بن بشير البصري قال علق أبي جارية لبعض الهاشميين فبعثت إليه أمي تعاتبه فكتب إليها ( لا تتبعن لوعة إثرى ولا هلعا ** ولا تقاسن بعدي الهم والجزعا ) ( بل أئتسى تجدي إن ائتسيت أسا ** بمثل ما قد فجعت اليوم قد فجعا ) ( ما تصنعين بعين عنك طامحة ** إلى سواك وقلب عنك قد نزعا ) ( إن قلت قد كنت في ود تكرمة ** فقد صدقت ولكن ذاك قد منعا ) ( وأي شيء من الدنيا سمعت به ** إلا إذا صار في غاياته انقطعا ) ( لم تبق عينا حسين عند لحظهما ** لغيرها في فؤادي بعدها طمعا ) ( ومن يطيق مذك عند صبوته ** ومن يقوم لمستور إذا خلعا ) وأنشدنا الأخفش قال قرأت على أبي العباس الأحول الأعرابي ( يا منشر الموتى أقدني من التي ** بها نهكت نفسي سقاما وعلت ) ( لقد بخلت حتى لو أنى سألتها ** قذى العين من ضاحى التراب لظنت ) ( فا أم بو هالك بتنوفة ** إذا ذكرته آخر الليل حنت ) ( بأكثر مني لوعه غير أنني ** أطامن أحشائي على ما أجنت ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله ( أبت الروادف والثدى لقمصها ** مس البطون وأن تمسى ظهورا ) ( وإذا الرياح مع العشى تناوحت ** نبهن حاسدة وهجن غيورا ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي المعروف بنفطويه وأنشدنا الأخفش أيضا قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب النحوي ( فلم أرهالكا كبنى صريم ** تلفهم التهائم والنجود ) ( أجل جلالة وأعز فقدا ** وأقضى للأمور وهم قعود ) ( وأكثرنا ناشئا وأعز فقدا ** وأقضى للأمور وهم قعود ) ( وأكثرنا ناشئا مخراق حرب ** يعين على السيادة أو يسود ) وأنشدنا إبراهيم أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحيى ( وكنت مجاورا لبني سعيد ** فأفقد نيهم ريب الزمان ) ( فلما أن فقدت بني سعيد ** فقدت الود إلا باللسان ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي قال وفد علبة بن مسهر الحرثي والمنتشر أحد فوارس الأرباع الذين يقول لهم الأجدع الهمداني ( وسألتني بركائبي ورحالها ** ونسيت قتل فوارس الأرباع ) إلى ذي فائش الملك الحميري وكان ذو فائش يحب اصطناع سادات العرب ويقرب مجالسهم ويقضى حوايجهم وكان علبة شاعرا حدثا طريفا فقال له الملك يا علبة ألا تحدثني عن أبيك وأعمامك وتصف لي أحوالهم فقال بلى ايها الملك وهم أربعة زياد ومالك وعمرو ومسهر فأما زياد فما استل سيفه مذ ملكت يده قائمه الا أغمدة في جثمان بطل أو شوامت جمل وكان إذا حملق النجيد وصلصل الحديد وبلغت النفس الوريد اعتصمت بحقويه الأبطال اعتصام الوعول بذرى القلال فذاد عنهم الأبطال ذياد القروم عن الأشوال وأما مالك فكان عصمة الهوالك إذا شبهت الأعجاز بالحوارك يفرى الرعيل فرى الأديم بالازميل ويخبط البهم خبط الذئب نقاد الغنم وأما عمرو فكان إذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه وتفادت الكماه خاض ظلام العجاج وأظفأ نار الهياج وألوى بالاعراج وأردف كل طفلة مغناج ذات بدن رجراج ثم قال لأصحابه عليكم النهاب والأموال الرغاب عطاء لا ضنين شكس ولاحقلد عكس وأما مسهر فكان الدعاف الممقر والليث المخدر يحيي الحرب ويسعر ويبيح النهب فيكثر ولا يحتجن ولا يستأثر فقال له الملك لله أبوك مثلك فليصف أسرته قال أبو علي الحدث الحسن الحديث والحديث الكثير الحديث والحدث الشاب فإذا ذكروا السن قالوا حديث السن ولم يقولوا حدث السن والحدث الذي يتحدث إلى النساء يقال هو حدث نساء وزير نساء إذا كان يكثر زيارتهن قال مهلهل ( فلو نبش المقابر عن كليب ** فيخبر بالذنائب اي زير ) أراد فيخبر بالذنائب أى زيرأنا وذلك أن كليبا كان يعيره فيقول إنما أنت زير نساء وهو تبع نساء إذا كان يتبعهن وخلب نساء أي يلصق بقلوبهن ويحل منهن محل الخلب قال أبو زيد الخلب حجاب القلب ومنه قيل إنه لخلب نساء أي يحببنه وأنشد غيره ( يا بكرين ويا خلب الكبد ** أصبحت منى كذراع من عضد ) ويقول أهل اليمن هو خلم نساءوا لخلم الصديق وجمعه أخلام وزادني أبو عمرو عن أبي العباس عن ابن الأعرابي وعجب نساء أي يعجب النساء وقوله في جثمان بطل قال الأصمعي الجثمان الشخص والجثمان جماعة الجسم وهو التجاليد أيضا أنشدنا أبو بكر عن أبي حاتم عن الأصمعي ( ينبى تجاليدي وأقتادها ** ناو كراس الفدن المؤيد ) والأجلاد التجاليد قال الأسود بن يعفر ( أما تريني قد بليت وشفنى ** ما غيض من بصري ومن أجلادي ) ( يريد ما نقص من بصري ومن جسمي ** ويقال لشخص الإنسان الطلل ) والآل والسمامة ويقال لأعلى شخصه السماوة والشبح والشبح جميعا الشخص قال الشاعر يصف ظليما ( هجوم عليها نفسه غير أنه ** متى يرم في عينيه بالشج ينهض ) ( والشدف الشخص وجمعه شدوف قال ساعدة بن جؤية ( موكل بشدوف الصوم ينظرها ** من المغارب مخطوف الحشازرم ) يصف ثورا قال الأصمعي الصوم شجر يشبه الناس فهو يرقبه يخشى أن يكون ناسا ويقال قامة الإنسان وقومية الإنسان قال العجاج صلب القناة سلهب القومية وقومته وقوامه ويقال هو قوام هذا الأمر بكسر القاف إذا كان يقوم به والأمة القامة وجمعها أمم قال الأصمعي وصف أعرابي رجلا فقال إنه لحسن الوجه حليف اللسان طويل الأمة والحليف الحديد من كل شيء يقال لسان حليف وسنان حليف الغرب قال الأعشى ( وإن معاوية الأكرمين ** حسان الوجوه طوال الأمم ) وقال أبو عبيدة الطن القامة وقوله أوشوامث جمل فالشوامت القوائم يريد أنه يعقر الإبل للضيفان وحملق انقلب حملاقه والحملاق باطن الجفن والنجيد الشجاع يقال نجد الرجل ينجد نجدة فهو نجيد والنجد الشجاع وكذلك النجد والنجدة الشجاعة هذا قول أبي نصر صاحب الأصمعي وتابعه على ذلك يعقوب في بعض المواضع ثم قال في موضع آخر النجد السريع الإجابة إلى الداعي إذا دعاه إلى خير أو شر وهو النجد ويقال ما كان نجدا ولقد نجد ينجد نجاده وأنجدته إنجادا فأما النجدة فالفزع في أي وجه كان وهذا قول أبي زيد ويقال استنجد فلان فلانا فأنجده أي أعانه وقال أبو عبيدة نجدت الرجل أنجده غلبته وأنجدته أعنته والنجد ما ارتفع من الأرض وبه سميت نجد لأنها ارتفعت عن تهامة وسميت تهامة لأنها انخفضت عن نجد فتهم ريحها أي تغير يقال تهم الدهن وتمه إذا تغير والنجد الطريق في الجبل والتنجيد التزيين يقال نجدت البيت تنجيدا قال ذو الرمة ( حتى كأن رياض القف ألبسها ** من وشي عبقر تجليل وتنجيد ) والنجود ما ينجد به البيت واحدها نجد والنجود من الحمر الحائل ويقال الطويلة والنجاد حمائل السيف والأنجاد الأخذ في بلاد نجد والنجد العرق يقال نجد الرجل ينجد نجدا إذا عرق قال النابغة ( يظل من خوفه الملاح معتصما ** بالخيزرانة بعد الأين والنجد ) والمنجود المكروب قال أبو زبيد ( صاديا يستغيث غير مغاث ** ولقد كان عصرة المنجود ) وصلصل صوت والوريدان حبلا العنق والأشوال جمع شول وهي التي جفت ألبانها وواحد الشول شائلة فأما الشائل فالتي شالت بذنبها اللقاح وجمعها شول والرعيل جماعة الخيل والأزميل الشفرة قال عبدة بن الطبيب ( عيهمة ينتحى في الأرض منسمها ** كما انتحى في أديم الصرف إزميل ) العيهمة التامة الخلق ويقال السريعة وينتحى يعتمد والصرف صبغ أحمر وقال الأصمعي الصرف صبغ يعل به الأديم فيحمر والبهم واحدها بهمة وهو الشجاع الذي لا يدرى من أين يؤتى له ويقال حائط مبهم إذا لم يكن فيه باب وا لأبهم من كل شيء المصمت الذي لا صدع فيه ولا خلط والبهيم من الخيل الذي ليس به وضح والنقاد جمع نقد وهي صغار الغنم ويقال نقد الضرس إذا ائتكل ونقد الحافر إذا تقشر وحافر نقد ويقال النقد عند الحافرة أى عند أول كملة وقال بعض اللغويين كانت الخيل أفضل ما يباع فإذا اشترى الرجل الفرس قال له صاحبه النقد عند الحافر أى عند حافر الفرس في موضعه قبل أن يزول وقال الله تعالى أئنا لمردودن في الحافرة اي إلى خلقنا الأول وأنشدنا ابن الأنباري ( أحافرة على صلع وشيب ** معاذا الله من سفه وعار ) أي أأرجع إلى الصبا بعد ما شبت وصلعت وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثني عمى عن أبيه عن ابن الكلبي قال قال لي أعرابي ما معنى قول الله تعالى { أئنا لمردودون في الحافرة } فقلت الخلق الأول قال فما معنى قوله تعلى { عظاما نخرة } قلت التي تنخر فيها الريح فقال أما سمعت قول صاحبنا يوم القادسية ( أقدم أخانهم على الأساوره ** ولاتهولنك رجل نادره ) ( فانما قصرك ترب الساهره ** حتى تعود بعدها في الحافره ) ( من بعدها صرت عظاما ناخره ** ) وعصب الريق إذا غلظ ولصق بالفم ويبس وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله ( يعصب فاه الريق أي عصب ** عصب الجباب بشفاه الوطب ) ويقال تفادى القوم إذا استتر بعضهم ببعض قال الحطيئة ( تفادى كماة الخيل من وقع رمحه ** تفادى خشاش الطير من وقع أجدل ) وألوى أذهب والأعراج جمع عرج وهي نحو خمسمائة من الإبل والطفلة الناعمة الرخصة يقال بنان طفل والطفلة الحديثة السن والحقلد الشيء الخلق كذا قال يعقوب والعكس والعكص بالسين والصاد العسر الأخلاق والذعاف السم السريع القتل والممقر عند بعضهم الشديد المرارة وعند بعضهم الشديد الحموضة والمقر الصبر ويحتجن يحتكر ويخفي وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله لأبي زبيد ( لها صواهل في صم السلام كما ** صاح القسيات في أيدي الصياريف ) ( كأنهن بأيدي القوم في كبد ** طير تكشف عن جون مزاحيف ) وصف مساحي والسلام الحجارة والصياريف الصيارفة ثم شبه المساحي في أيدي الحفارين الذين يحفرون قبر عثمان رضي الله عنه بطير تطير عن إبل جون مزاحيف والجون السود والمزاحيف المعيية وإنما جعلها جونا لأنهم حفروا له في حرة فشبه الحرة بالإبل السود وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال سألت عبد الرحمن يوما فقلت له إن رأيت أن تنشدني من أرق ما سمعته من عمك من أشعار العرب فضحك وقال والله لقد سألت عمي عن ذلك فقال يا بني وما تصنع برقيق أشعارهم فوالله إنه ليفرح القلوب ويحث على الصبابة ثم أنشدني للعلاء بن حذيفة الغنوي ( يقولون من هذا الغريب بأرضنا ** أما والهدايا إنني لغريب ) ( غريب دعاه الشوق واقتاده الهوى ** كما قيد عود بالزمام أديب ) ( وماذا عليكم إن أطاف بأرضكم ** مطالب دين أو نفته حروب ) ( أمشي بأعطان المياه وأبتغي ** قلائص منها صعبة وركوب ) فقلت أريد أحسن من هذا فأنشدني ( لعمري لئن كنتم على النأي والغنى ** بكم مثل ما بي إنكم لصديق ) ( فما ذقت طعم النوم منذ هجرتكم ** ولا ساغ لي بين الجوانح ريق ) ( إذا زفرات الحب صعدن في الحشا ** كررن فلم يعلم لهن طريق ) قال أبو علي يفرح يجرح قال الهذلي ( لا يسلمون قريحا حل وسطهم ** يوم اللقاء ولا يشوون من قرحوا ) أي جرحوا وقرأ أبو عمرو إن يمسسكم قرح وقال القرح الجراح والقرح كأنه ألم الجراح وأطاف ألم وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه قال أنشدتني عشرقة المحاربية وهي عجوز حيزبون زولة ( جريت مع العشاق في حلبه الهوى ** ففقتهم سبقا وجئت على رسلي ) ( فما لبس العشاق حلل الهوى ** ولا خلعوا إلا الثياب التي أبلى ) ( ولا شربوا كأسا من الحب مرة ** ولا حلوة إلا شرابهم فضلى ) قال أبو علي قال أبو بكر الحيزبون التي فيها بقية من الشباب والزولة الظريفة والزول الظريف وقوم أزوال والزول أيضا الداهية والزول العجب وقال لي غير أبي بكر الحيزبون العجوز ولم يحد لها وقتا وأنشدني أبو المياس القطامي ( إلى حيزبون توقد النار بعدما ** تلفعت الظلماء من كل جانب ) وأنشدني أبو عمرو عن أبي العباس عن ابن الأعرابي ( لقد علمت سمراء أن حديثها ** نجيع كما ماء السماء نجيع ) ( إذا أمرتني العاذلات بصرمها ** هفت كبد عما يقلن صديع ) ( وكيف أطيع العاذلات وحبها ** ** يؤرقني والعاذلات هجوع ) قال أبو علي أنشدني ابن الأعرابي البيتين الأولين وأنشدنا أبو بكر بالإسناد الذي تقدم عن الأصمعي عن عشرقة البيت الثاني والثالث وأنشدنا الأخفش علي بن سليمان قال أنشدني إبراهيم بن المدبر لنفسه ( ما دمية من مرمر صورت ** أو ظبية في خمر عاطف ) ( أحسن منها يوم قالت لنا ** والدمع من مقلتها ذارف ) ( لأنت أحلى من لذيذ الكرى ** ومن أمان ناله خائف ) فأنشدته قول الآخر ( الله يعلم والدنيا مولية ** والعيش منتقل والدهر ذو دول ) ( لأنت عندي وإن ساءت ظنونك بي ** أحلى من الأمن عند الخائف الوجل ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة المعروف بنفطويه قال أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب ( أعلى ماماء الفرات وبرده ** منى على ظما وفقد شراب ) ( بألذ منك وان نأيت وقلما ** يرعى النساء أمانة الغياب ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لأبي نخيلة ( أمسلم إني يا ابن كل خليفة ** ويا فارس الهيجا ويا قمر الأرض ) ( شكرتك أن الشكر حبل من التقى ** وما كل من أوليته نعمة يقضي ) ( وألقيت لما أن أتيتك زائرا ** على لحافا سابغ الطول والعرض ) ( ونوهت من ذكرى وما كان خاملا ** ولكن بعض الدكر أنبه من بعض ) وحدثنا على بن سليمان الأخفش قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي قال أنشدني عبد الصمد بن المعذل لمرة ( تمارضت كى أشجى وما بك علة ** تريدين قتلى قد رضيت بذلك ) ( لئن ساءني أن نلتنى بمساءة ** لقد سرني أني خطرت ببالك ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لكثير مالك لا تقول الشعر أجلبت فقال والله ما كان ذلك ولكن فقدت الشباب فما أطرب ورزئت عزة فما أنسب ومات ابن ليلى فما أرغب يعني عبد العزيز بن مروان قال أبو على قوله أجبلت أي انقطعت عن قول الشعر أخذه من قولهم أجبل الحافر إذا انتهى إلى جبل فلم يمكنه الحفر وأنشدنا أبو عبد الله ابراهيم بن محمد بن عرفة المعروف بنفطويه النحوي يوم الأحد في سوق الثلاثاء على باب الكلواذاني صاحب ديوان السواد لكثير ( ألا تلك عزة قد أصبحت ** تقلب للهجر طرفا غضيضا ) ( تقول مرضنا فاعدتنا ** وكيف يعود مريض مريضا ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله عن عبد الرحمن عن عمه لأعرابي ( إذا وجدت أوار الحب ظاهره ** فمن لحر على الأحشاء يتقد ) وحدثنا أبو الحسن جحظة البرمكي عن حماد بن اسحق الموصلى وحدثنا أبو بكر ابن الأنباري قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب النحوي قال حدثنا حماد عن أبيه قال دخلت يوما على الرشيد فقال لي يااسحق أنشدني شيأ من شعرك فأنشدته ( وآمره بالبخل قلت لها اقصرى ** فذلك شيء ما إليه سبيل ) ( أرى الناس خلان الجواد ولا أرى ** بخيلا له في العالمين خليل ) ( ومن خير حالات الفتى لو علمته ** إذا نال شيأ أن يكون ينيل ) ( فإنى رأيت البخل يزرى بأهله ** فأكرمت نفسي أن يقال بخيل ) ( عطائي عطاء المكثرين تجملا ** ومالي كما قد تعلمين قليل ) ( وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ** ورأى أمير المؤمنين جميل ) فقال لا كيف إن شاء الله يا فضل أعطه مائة ألف درهم ثم قال لله در أبيات تأتينا بها يا اسحق ما اتقن أصولها وأحسن فصولها وزاد جحظة وأقل فضولها فقلت كلامك يا أمير المؤمنين أحسن من شعري فقال يا فضل أعطه مائة ألف أخرى فكان أول مال اعتقدته وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال نظر أعرابي إلى قوم يلتمسون هلال شهر رمضان فقال والله لئن آثرتموه لتمسكن منه بذنابى عيش أغبر وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر مستملي أبي العباس المبرد وحدثنا الأخفش وابن السراج وغير واحد من أصحاب المبرد قالوا كلهم أنشدنا أبو العباس قال أنشدنا الزيادي لأعرابي هذه الأبيات وكان يستحسنها ( ما لعيني كحلت بالسهاد ** ولجنبي نابيا عن وسادي ) ( لا أذوق النوم إلا غرارا ** مثل حسو الطير ماء الثماد ) ( أبتغي إصلاح سعدى بجهدي ** وهي تسعى جهدها في فسادي ) ( فتتاركنا على غير شيء ** ربما أفسد طول التمادي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله تعالى ( أقول لصاحبي والعيس تخدي ** بنابين المنيفة فالضمار ) ( تمتع من شميم عرار نجد ** فما بعد العشية من عرار ) ( ألا يا حبذا نفحات نجد ** وريا روضه بعد القطار ) ( وأهلك إذ يحل الحي نجدا ** وأنت على زمانك غير زار ) ( شهور ينقضين وما شعرنا ** بأنصاف لهن ولا سرار ) وأنشدنا الأخفش للعطوي يرثي أخاه ( لقد باكرته بالملام العواذل ** فمارقأت منه الدموع الهواطل ) ( أيقني جميل الصبر من هدركنه ** وهيض جناحاه وجد الأنامل ) ( أمن بعد ما ذاق المنية أحمد ** تطيب لنا الدنيا وتصفو المناهل ) ( كأن لم يكن لي خير خل وصاحب ** وخير خطيب تتقيه المقاول ) ( كأن أبا العباس لم يلق ضيفه ** ببشر ولم يرحل بجدواه راحل ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي قال أنشدنا أحمد بن يحي ثعلب لابن أبي مرة المكي ( إن وصفوني فناحل الجسد ** أو فتشوني فأبيض الكبد ) ( أضعف وجدي وزاد في سقمي ** أن لست أشكو الهوى إلى أحد ) ( آه من الحب آه من كمدي ** إن لم أمت في غد فبعد غد ) ( جعلت كفى على فؤادي من ** حر الهوى وانطويت فوق يدي ) ( كأن قلبي إذا ذكرتكم ** فريسة بين ساعدي أسد ) ( يدي بحبل الهوى معلقة ** فان قطعت الهوى قطعت يدي ) وأنشدني جماعة من أصحاب أبي العباس المبرد منهم ابن السراج وابن درستويه والأخفش قالوا أنشدنا أبو العباس قال أنشدنا بعض البصريين وأنشدنا أيضا أبو بكر ابن الأنباري عن المظفر ( هل من جوى الفرقة من واقي ** أم هل لداء الحب من راقى ) ( أم من يداوي زفرات الهوى ** إذ جلن في مهجة مشتاق ) ( يا كبدا أفنى الهوى جلها ** من بعد تلذيع إحراق ) ( حتى إذا انفسها ساعة ** كرت يد البين على الباقي ) قال أبو علي البيتان الأولان رواهما أبو بكر بن الأنباري خاصة وشارك أصحاب أبي العباس في رواية البيتين الآخرين وأنشدني أبو بكر بن دريد لأعرابي ( وأنى لأهواها وأهوى لقاءها ** كما يشتهي الصادي الشراب المبردا ) ( علاقة حب لج في زمن الصبا ** فأبلى وما يزداد إلا تجددا ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد لنفسه ( بنا لابك الوصب المؤلم ** ونفسك من صرفه تسلم ) ( لئن نال جسمك نهك الضنى ** لقد ضنى السودد الأعظم ) ( فحاشاك من سقم عارض ** ولكن أكبادنا تسقم ) ( فأنت السماء التي ظلها ** إذا زال أعقبه الصيلم ) ( وأنت الصباح الذي نوره ** به ينجلى الحادث المظلم ) ( وأنت الغمام الذي سيبه ** ينال الثراء به المعدم ) يخاطب عنك لسان العلا ** إذا ذكر المفضل المنعم ) ( فمن نال من كرم رتبة ** فيومك من دهره أكرم ) ( إذا ما تخطاك صرف الردى ** فركن المكارم لا يهدم ) ( فبالله أقسم رب الورى ** ولله غاية ما يقسم ) ( لو أن السماء حمت قطرها ** لكنت حيا سيبه مثجم ) قال أبو علي يقال أنجمت السماء وأغبطت وألثت وألظت اذا دام مطرها ولم ينقطع وفي الحديث ألظوا بياذا لجلال والإكرام أى الزموا هذه الدعوة وأغضنت وأدجنت فإذا أقلعت قيل أنجمت وأفصت وأفصمت ومنه أفصى الشاعر إذا انقطع عن قول الشعر وأفصت الدجاجة اذا انقطع بيضها ويقال أصفت الدجاجة وأصفى في الشعر وهو من المقلوب وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه عن أبي عمرو بن العلاء قال رأيت باليمن غلاما من جرم ينشد عنزا فقلت صفها يا غلام قال حسراء مقبلة شعراء مدبرة ما بين غثرة الدهسة وقنوء الدبسة سجعاء الخدين خطلاء الأذنين فشقاء الصورين كأن زغيتها تتواقلسية يالها أم عيال وعال مال قوله ينشد يطلب والناشد الطالب يقال نشدت الضالة فأنا أنشدها إذا طلبتها وأنشدتها عرفتها فأنا منشد وأنشدني أبو بكر بن دريد ( يصيخ للنبأة أسماعه ** إصاخة الناشد للمنشد ) وقوله خسراء مقبلة يعني أنها قليلة شعر المقدم قد انحسر شعرها وشعراء مدبرة يعني أنها كثيرة شعر المؤخر والغثرة غبرة كدره والدهسة لون كلون الدهاس قال الأصمعي والدهاس من الرمل كل لين لا يبلغ أن يكون رملا وليس بتراب ولا طين قال ذو الرمة يذكر فراخ النعام ( جاءت من البيض زعرا لا لباس لها ** إلا الدهاس وأم برة وأب ) وقال أبو زيد الصدآء من المعز السوداء المشربة حمرة والدهساء أقل منها حمرة والقنوء شدة الحمرة والعرب تقول أحمر قانىء وقد قنأ يقناقنوأ وأحمر ذريحى وأحمر بأحرى بحراني وقائم أي شديد الحمرة وناصع والناصع الخالص من كل لون ويانع وناكع بين النكعة وقال ابن الأعرابي ويقال أحمر كالنكعة وهو ثمر النقاوى وهو كالنبقة وأنشد ( إليكم لا تكون لكم خلاة ** ولا نكع النقاوى إذ أحالا ) وقال أبو عبيدة قال أعرابي يقال له أبو مرهب لآخر قبح الله نكعة أنفك كأنها نكعة الطرثوث يريد حمرة أنفه ونكعة الطرثوث رأسه وهو نبت يشبه القثاء وقال أبو عمرو الشيباني وأحمر نكع وهو الذي يخالط حمرته سواد وقال غيره وأحمر سلغد أى أشقر وأحمر أسلغ وأحمر أقشر وهو الشديد الحمرة وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال حدثني أبو عثمان أخبرني أبو محمد عبد الله بن هرون التوزى قال أخبرني أبو عبيدة قال تزوج رجل من بني عامر بن صعصعة امرأة من قومه فخرج في بعض اسفاره ثم قدم وقد ولدت امرأته وكان خلفها حاملا فنظر إلى ابنه فإذا هو أحمر غضب أزب الحاجبين فدعاها وانتصى السيف وأنشأ يقول ( لا تمشطي رأسي ولا تفليني ** وحاذرى ذا الريق في يميني ) ( واقتربي دونك أخبريني ** ما شأنه أحمر كالهجين ) ( خالف ألوان بني الجون ** ) فقالت تجبيبه ( إن له من قبلي أجدادا ** بيض الوجوه كرما أنجادا ) ( ما ضرهم إن حضر وامجادا ** أو كا فحوا يوم الوغى الأندادا ) ( أن لا يكون لونهم سوادا ** ) وأحمرأ كلف وهو الكدر الحمرة وأحمر فقاعي وهو الذي يخلط حمرته بياض وأحمر قرف وكالقرف وهو الأديم الأحمر وأنشدنا اللحياني ( أحمر كالقرف وأحوى أدعج ** ) قال ويقال أنه لأحمر كالصربة والصربة الصمغة الحمراء وجمعها صرب وأحمر كالمصعة وهو ثمر العوسج وأبيض يقق ولهق وصرح ولياح ولياح ووابص وحضي وقهب وهو الذي يخالط بياضه حمرة وقهد أيضا وأسود حانك وحالك وحلكوك وحلكوك ومحلنكك ومحلولك وسحكوك ومسحنكك قال الراجز ( تضحك مني شيخة ضحوك ** واستنوكت وللشباب نوك ) ( وقد يشيب الشعر السحكوك ** ) وحلبوب أيضا قال الشاعر ( أما تريني اليوم نضوا خالصا ** أسود حلبوبا وكنت وابصا ) والوابص الذي يبص من شدة بياضه وأسود فاحم للشديد السواد وهو مشتق من الفحم ويحموم وحندس ودجوجي وخداري وغدا في وغربيب ومدلهم وغيهم وغيهب وأخضر ناضر وباقل ومدهام وأصفر فاقع وفقاعي كما قالوا في الأحمر فقاعي ووارس وأرمك رادني وأورق خطباني إذا كان خالصا والأورق الرماد والورقة لون الرماد والأرمك دون ذلك والدبسة حمرة يعلوها سواد وقال أبو عبيدة الدبسة شقرة يعلوها سواد وقوله سجعاء الخدين أي سهلة الخدين حسنتهما ومن هذا قالوا أسخح أي أحسن قال الشاعر ( معاوي إننا بشر فأسجح ** فلسنا بالجبال ولا الحديدا ) أي أحسن وسهل وخطلاء طويلة الأذنين مضطربتهما ومنه قيل لكلاب الصيد خطل وقوله فشقاء أي منتشرة متباعدة وقرأت على أبي بكر بن دريد لرؤبة ( فبات والنفس من الحرص الفشق ** في الزرب لو يمضغ شريا ما بصق ) يقول بات هذا الصائد في القترة وهي الناموس والزرب أيضا وقد أبصر وحشا فانتشرت نفسه فلو مضغ شريا ما بصق لثلا ينفر الوحش والشرى الحنظل والصوران القرنان واحدهما صور وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري ( نحن نطحناهم غداة الغورين ** بالضابحات في غبار النقعين ** نطحا شديد إلا كنطح الصورين ) والزغتان الهنيتان المتعلقتان ما بين لحي العنز والتتوان ذؤابتا القلنسوة واحدهما تتو وفي القلنسوة لغات يقال قلنسوة وقلنسية وقلنساة وقلساة وقال أحمد بن عبيد وقليسية تصغير قلساة قال وجمع قلساة قلاسي وحكى عن الزبيدي ما أعجب هذه القلاسي التي أراها على رؤسكم وروى أبو عبيدة عن الاصمعي وأبي زيد قليسية وجمعها قلاس وقرأت على أبي بكر بن الأنباري في الغريب المصنف قال أنشدنا أبو زيد ( إذا ما القلاسي والعمائم أخنست ** ففيهن عن صلع الرجال حسور ** ) وقوله ثمال مال أي أصل مال والثميلة ما يبقى في بطن البعير من العلف وقيل لأعرابي اشرب فقال اني لا أشرب الاعلى ثميلة وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال مررت بحمى الربذة فإذا صبيان يتقامسون في الماء وشاب جميل الوجه ملوح الجسم قاعد فسلمت عليه فرد على السلام وقال من أين وضح الراكب قلت من الحمى قال ومتى عهدك به قلت رائحا قال وأين كان مبيتك قلت أدنى هذه المشاقر فألقى نفسه على ظهره وتنفس الصعداء فقلت تفسأ حجاب قلبه وأنشأ يقول ( سقى بلدا أمست سليمى تحله ** من المزن ما تروى به وتسيم ) ( وإن لم أكن من قاطنيه فإنه ** يحل به شخص علي كريم ) ( ألا حبذا من ليس يعدل قربه ** لدي وإن شط المزار نعيم ) ( ومن لا مني فيه حميم وصاحب ** فرد بغيظ صاحب وحميم ) ثم سكت سكتة كالمغمى عليه فصحت بالأصبية فأتوا بماء فصببته على وجهه فأفاق وأنشأ يقول ( إذا الصب الغريب رأى خشوعي ** وأنفاسي تزين بالخشوع ) ( ولي عين أضربها التفاتي ** إلى الأجراع مطلقه الدموع ) ( إلى الخلوات تأنس فيك نفسي ** كما أنس الوحيد إلى الجميع ) قوله يتقامسون يتغاطون يقال قمسته في الماء ومقلته وغمسته وغططته وقال لي أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى المشاقر منابت العرفج وقال غيره المشاقر الرمال واحدها مشقر وأنشدني لذي الرمة ( كأن عرى المرجان منها تعلقت ** على أم خشف من ظباء المشاقر ) وقوله تفسأ حجاب قلبه يقال تفسأ الثوب وتهمأ إذا تشقق وتهتأ إذا انشق من البلى ويقال تسلسل الثوب وأسمل وجرد وانجردوا أسحق وانسحق وأنهج ومح وأمح وهمد كله إذا أخلق والسمل والجرد والسحق والنهج الخلق قال ذو الرمة ( قف العنس في أطلال مية فاسأل ** رسوما كأخلاق الرداء المسلسل ) وقال كثير ( فاسحق برداه ومح قيصه ** فأثوابه ليست لهن مضارج ) وقال العجاج ( ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا ** من طلل كالأتحمي أنهجا ) وقال الأعشى ( قالت قتيلة ما لجسمك شاحبا ** وأرى ثيابك باليات همدا ) والحشيف الخلق أيضا قال الهذلي ( أتيح لها أقيدر ذو حشيف ** إذا سامت على الملقات ساما ) وكذلك الدرس والدريس قال المتنخل ( قد حال دون در يسيه مؤوبة ** نسع لها بعضاه الأرض تهزيز ) مؤوبة ريح جاءت مع الليل ونسع ومسع اسم من أسماء الشمال والهدمل الثوب الخلق قال تأبط شرا ( نهضت إليها من جثوم كأنها ** عجوز عليها هدمل ذات خيعل ) والهدم الخلق قال الكميت ( فأصبح باقي عيشنا وكأنه ** لواصفه هدم الخباء المرعبل ) ( إذا حيص منه جانب راع جانب ** بفتقين يضحى فيهما المتظلل ) والمرعبل الممزق وحيص خيط والطمر الخلق وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله عن أبيه عن أحمد بن عبيد لشاعر قديم ( وعاذلة هبت بليل تلومني ** ولم يغتمرني قبل ذاك عذول ) ( تقول انئدلا يدعك الناس مملقا ** وتزري بمن يا ابن الكرام تعول ) ( فقلت أبت نفس على كريمة ** وطارق ليل غير ذاك يقول ) ( ألم تعلمي يا عمرك الله أنني ** كريم على حين الكرام قليل ) ( وإني لا أخزى إذا قيل مملق ** سخي وأخزى أن يقال بخيل ) ( فلا تتبعي العنن الغوية وانظري ** إلى عنصر الأحساب أين يؤول ) ( ولا تذهبن عيناك في كل شرمح ** له قصب جوف العظام أسيل ) ( عسى أن تمنى عرسه أنني لها ** به حين يشتد الزمان بديل ) ( إذا كنت في القوم الطوال فضلتهم ** بعارفة حتى يقال طويل ) ( ولا خير في حسن الجسوم وطولها ** إذا لم يزن حسن الجسوم عقول ) ( وكائن رأينا من فروع طويلة ** تموت إذا لم يحيهن أصول ) ( فإن لا يكن جسمي طويلا فإنني ** له بالفعال الصالحات ( وصول ) ( ولم أر كالمعروف أما مذاقه ** فحلو وأما وجهه فجميل ) قال أبو علي الشرمح الطويل وكذلك الشوقب وقال أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى العارفة النفس الصابرة وأنشدنا بعض أصحابنا العلى بن العباس الرومي ( وذخرته للدهر أعلم أنه ** كالحصن فيه لمن يؤول ما آل ) ( ورأيته كالشمس إن هي لم تنل ** فضياؤها والرفق منه ينال ) وأنشدني أيضا مثل هذا المعنى لسعيد بن حميد الكاتب ( أهاب وأستحيى وارقب وعده ** فلا هو يبداني ولا أنا أسأل ) ( هو الشمس مجراها بعيد وضوءها ** قريب وقلبي بالبعيد موكل ) وحدثنا أبو بكر بن دريد الأزدي قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال رأيت بالبادية امرأة على راحلة لها تطوف حول قبر وهي تقول ( يامن بمقلته زهى الدهر ** قد كان فيك تضاءل الأمر ) ( زعموا قتلت ومالهم خبر ** كذبوا وقبرك مالهم عذر ) ( يا قبر سيدنا المجن سماحة ** صلى الأله عليك يا قبر ) ( ما ضر قبرا فيه شلوك ساكن ** أن لا يمر بأرضه القطر ) ( فلينعن سماح جودك في الثرى ** وليورقن بقربك الصخر ) ( وإذا غضبت تصدعت فرقا ** منك الجبال وخافك الذعر ) ( وإذا رقدت فأنت منتبه ** وإذا انتبهت فوجهك البدر ) ( والله لوبك لم أدع أحدا ** الا قتلت لفاتني الوتر ) قال فدنوت منها لأسألها عن أمرها فإذا هي ميتة وأنشدنا الأخفش قال أنشدنا أحمد ابن يحيى ومحمد بن الحسن ( لله ذر ثقيف أي منزلة ** حلوا بها بين سهل الأرض والجبل ) ( قوم تخير طيب العيش رائدهم ** فأصبحوا يلحفون الأرض بالحلل ) ( ليسوا كمن كانت الترحال همته ** أخبث بعيش على حل ومرتحل ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لبعض الأعراب ( سأشكر عمرا ان تراخت منيتي ** أيادي لم تمنن وان هي جلت ) ( فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ** ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت ) ( رأى خلتي من حيث يخفى مكانها ** فكانت قذى عينيه حتى تجلت ) وأنشدنا الأخفش أيضا قال أنشدنا بعض أصحابنا ( فما تزود مما كان يجمعه ** الإحنوطا غداة البين مع خرق ) ( وغير نفحة أعواد شببن له ** وقل ذلك من زاد لمنطلق ) ( لا تأسين على شيء فكل فتى ** إلى منيته يستن في عنق ) ( بأيما بلدة تقدر منيته ** إن لا يسارع إليها طائعا يسق ) وأنشدني أبو بكر التاريخي للبحتري ( دنوت تواضعا وبعدت قدرا ** فشأناك انحدارا وارتفاع ) ( كذاك الشمس يبعد أن تسامى ** ويدنو الضوء منها والشعاع ) ( وأنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله لبعض الأعراب ( إني حمدت بني شيبان إذ خمدت ** نيران قومي وفيهم شبت النار ) ( ومن تكرمهم في المحل أنهم ** لا يعرف الجار فيهم أنه جار ) ( حتى يكون عزيزا من نفوسهم ** أو أن يبين جميعا وهو مختار ) ( كأنه صدع في رأس شاهقة ** من دونه لعتاق الطير أوكار ) وأنشدني أيضا ( نزلت على آل المهلب شاتيا ** غريبا عن الأوطان في زمن المحل ) ( فمازال بي إكرامهم وافتقادهم ** والطافهم حتى حسبتهم أهلى ) قال أبو علي ويروى واقتفاؤهم وهو الإيثار وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي قال ابتاع شاب من العرب فرسا فجاء إلى أمه وقد كف بصرها فقال يا أمي إني قد اشتريت فرسا فقالت صفه لي قال إذا استقبل فظبى ناصب وإذا استدبر فهقل خاضب وإذا استعرض فسيد قارب مؤلل المسمعين طامح الناظرين مذعلق الصبيين قالت أجودت ان كنت أعربت قال أنه مشرف التليل سبط الخصيل وهواه الصهيل قالت أكرمت فارتبط قال أبو على الناصب الذي نصب عنقه وهو أحسن ما يكون والهقل الذكر من النعام والانثى هقلة والخاضب الذي أكل الربيع فاحمرت ظنبوباه وأطراف ريشه والسيد الذئب ومؤلل محدد والألة الحربة وجمعها إلال والأل العهد والال القرابة قال حسان بن ثابت رضي الله عنه ( لعمرك إن إلك من قريش ** كال السقب من رأل النعام ) والال الله تبارك وتعالى وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه هذا كلام لم يخرج من إل ومنه قولهم جبرئل والأل الأول وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله ( لمن زحلوقة زل ** بها العينان تنهل ) ( ينادي الآخر الال ** ألاحلوا الاحلوا ) الزحلوقة آثار تزلج الصبيان من فوق إلى أسفل وأهل العالية يقولون زحلوفة بالفاء وتميم يقولون زحلوقة بالقاف والأل السرعة أنشدنا يعقوب ( مهر أبى الحجاب لا تشلى ** بارك فيك الله من ذي أل ) وطامح مشرف وقال قطرب بن المستنير الذعلوق نبت يشبه الكراث يلتوي وهو طيب للأكل والصبيان مجتمع لحبية من مقدمهما وقال أبو عبيدة الصبيان العظمان المنحنيان من حرفي وسط اللحيين من ظاهرهما عليهما لحم والتليل العنق والخصيل كل لحمة مستطيلة وجمعها خصائل وقال أبو عبيدة الخصيلة كل ما انماز من لحم الفخذ بعضه من بعض والوهوهة صوت يقطعه وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال وصف أعرابي نساء فقال يلتثمن على السبائك ويتشحن على النيازك ويأتزرن على العوانك ويرتفقن على الأرائك ويتهادين على الدرانك ابتسامهن وميض عن وليع كالاغريض وهن إلى الصباصور وعن الخنى نور قال أبو زيد اللثام على الفم واللفام على طرف الأنف يقال تلثمت المرأة وتلفمت المرأة والسبائك ههنا الأسنان شبهها لبياضها بالسبائك والنيازك واحدها نيزك وهو الرمح القصير والعوانك واحدها عانك وهو رمل منعقد يشقى فيه البعير لا يقدر على السير فيقال حينئذ قد أعتنك والأرائك السرر واحدها أريكة وقال قوم الفرش ويتهادين يمشين مشيا ضعيفا قال الأعشى تهادى كما قد رأيت البهيرا ** والدرانك الطنافس واحدها درنوك والوميض اللمعان الخفي والاغريض والوليع الطلع وصور موائل ومنه قيل للمائل العنق أصور ونور نفر من الريبة واحدها نوار وأنشدنا أبو بكر بن دريد فيما أملاه علينا من معاني الشعر ( إذا ما اجتلى الراني إليها بطرفه ** غروب ثناياها أنار وأظلما ) الغروب حد الأسنان واحدها غرب والراني المديم النظر وقوله أنار وأظلم أي أصاب ضوأ وظلما والظلم ماء الأسنان وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأعرابي ( أيا عمرو كم من مهرة عربية ** من الناس قد بليت بوغد يقودها ) ( يسوس وما يدري لها من سياسة ** يريد بها أشياء ليست تريدها ) ( مبتلة الأعجاز زانت عقودها ** بأحسن مما زينتها عقودها ) ( خليلي شدا بالعمامة واحزما ** على كبد قد بان صدعا عمودها ) ( خليلي هل ليلى مؤدية دمي ** إذا قتلتني أو أمير يقيدها ) وكيف تقاد النفس لم تقل ** قتلت ولم يشهد عليها شهودها ) ( ولن يلبث الواشون أن يصدعوا العصا ** إذا لم يكن صلبا على البري عودها ) ( نظرت إليها نظرة ما يسرني ** بها حمر أنعام البلاد وسودها ) ( ولي نظرة بعد الصدود من الهوى ** كنظرة ثكلى قد أصيب وحيدها ) ( فختامتي هذا الصدود إلى متى ** لقد شف نفسي هجرها وصدودها ) ( فلو أن ما أبقيت منى معلق ** بعود ثمام ما تأود عودها ) ومما اخترته ودفعته إلى أبي بكر فقرأه علي ( يلقى السيوف بوجهه وبنحره ** ويقيم هامته مقام المغفر ) ( ويقول للطرف اصطبر لشبا القنا ** فعقرت ركن المجدان لم تعقر ) ( وإذا تأمل شخص ضيف مقبل ** متسربل أثواب عيش أغبر ) ( أوما إلى الكوماء هذا طارق ** نحرتني الأعداء إن لم تنحري ) وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحي النحوي ( لقد هزئت مني بنجران أن رأت ** مقامي في الكبلين أم أبان ) ( كأن لم ترى قبلي أسيرا مقيدا ** ولا رجلا يرمى به الرجوان ) ( خليلي ليس الرأي في صدر واحد ** أشيرا علي اليوم ما تريان ) ( أ أركب صعب الأمر إن ذلوله ** بنجران لا يقضى لحين أوان ) وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي قال مر منسر من العرب بغلام يرعى غنيمة له وبينه وبين أهله شعب أو نقب فترك غنمه وأسند في الجبل فأتى قومه فأنذرهم فقالوا له ما رأيت قال رأيت سبعة كالرماح على سبعة كالقداح غائرة العيون لواحق البطون ملس المتون جريها انبتار وتقريبها انكدار وإرخاؤها استعار وعهدي بهم قد لاذوا بالضلع وكأنكم بغبارهم قد سطع فلم يفرغ من كلامه حتى رأوا الغبرة فاستعدوا وصادفهم القوم حاذرين فأدبر وا عنهم قال أبو علي المنسر جماعة الخيل والمنسر بكسر الميم منقار الطائر لأنه ينسر به أي ينتف به وأحسب النسر من هذا لأنه ينسر اللحم أي ينتفه قال الأصمعي منسر في الخيل والمنقار بكسر الميم وتابعه على ذلك يعقوب وقال الأصمعي إنما سمى منسرا لأنه ينسر به كل ما مر به أي ينتفه ويأخذه والشعب أكبر من اللصب وهو الشق في الجبل والنقب الطريق في الجبل قال عمرو بن الأيهم التغلبي ( وتراهن شربا كالسعالي ** يتطلعن من ثغور النقاب ) ( قال أبو علي الانبتار الشدة في العدو لأنه انقطع عن التقريب والإرخاء وانكدار انفعال من قولهم انكدر إذا أسرع بعض الإسراع والتقريب تقريبان فالتقريب الأدنى أن يجمع يديه ورجليه عند الحضر والتقريب الأعلى أن يجمع يديه مع رجليه ويحزئل متنه وهذا هو الإرخاء الأدنى فأما الإرخاء الأعلى فهو أن يدعه وسومه من الحضر والضلع الجبيل الصغير وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله ( ولست بصادر عن بيت جاري ** صدور العير غمره الورود ) ( ولست بسائل جارات بيتي ** أغياب رجالك أم شهود ) ( ولا ألقي لذي الودعات سوطي ** لألهيه وريبته أريد ) أي لا أصدر عن بيت جاري مثل العير الذي قد تغمر أي لم يرو وفيه حاجة إلى العودة يقول فأنا لا آتي بيت جاري هكذا أريد الريبة وذو الودعات الصبي يقول لا ألهي الصبي بالسوط وأخلو أنا بأمه ومثله قول مسكين الدارمي ( لا آخذ الصبيان ألثمهم ** والأمر قد يعزى به الأمر ) قال أبو علي وحدثني محمد بن السرى وابن درستويه والأخفش قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أخبرنا عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير قال وقع بين أعمامي وأخوالى لحاء في أرض فتراضوا عند حاكم لهم يشيخ منهم ورضوا بيمينه مع الشهادة فكان إذا استحلف بالمشي إلى مكة حلف بالمشي إلى جدة وإذا استحلف بطلاق امرأة حلف بطلاق اربع وإذا استحلف بعتاق عبد حلف بعتاق مائه وكنت أحب أن يظهر أعمامي على أخوالي فظهروا عليهم فقلت ( لاشيء يدفع حق خصم شاغب ** إلا كحلف عبيدة بن سميذع ) ( يمضي اليمين على اليمين لجاجة ** عض الجموح على اللجام المقدع ) ( وإذا يذكر حلفة أصغى لها ** وإذا يذكر بالتقى لم يسمع ) ( سهل اليمين إذا أردت يمينه ** بخدائع السفراء غير مخدع ) ( يهتز حين تمر حجة خصمه ** خوف الهضيمة كاهتزاز الأشجع ) ( يغشى مضرته لنفع صديقه ** ما خير ذي حسب إذا لم ينفع ) وقريء على أبي بكر بن دريد وأنا أسمع لرجل ذكر دارا ووصف ما فيها فقال ( إلا رواكد بينهن خصاصة ** سفع المناكب كلهن قد اصطلى ) ( ومجوفات قد علا أجوازها ** أسار جرد مترصات كالنوى ) رواكد ثوابت يعني أثافي والخصاصة الفرجة والسفعة سواد تعلوه حمرة ومجوفات يعني نعاما والتجويف أن يبلغ البياض البطن وقوله علا أجوازها أي علا التجويف أوساطها وأسار بقايا الواحد سؤر وجرد خيل قصار شعر الأبدان واحدتها جرداء وذلك من عتقها يقول قد طردت الخيل هذه النعام فقتلت بعضها وبقي بعض فهذه البقايا بقايا هذه الخيل ومترصات محكمات كالنوى أي صلاب ويجوز أن يكون في ضمرهن وحدثنا أبو عبد الله نفطويه قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال أخبرنا الزبير قال أخبرنا عبد الملك قال قال لي أبو السائب يا ابن أخي أنشدني للأحوص فأنشدته قوله ( قالت وقلت بحرجي وصلى ** حبل امرىء بوصالكم صب ) ( صاحب اذا بعلى فقلت لها ** ألغدر شيء ليس من ضربي ) ( ثنتان لا أدنو لوصلهما ** عرس الخليل وجارة الجنب ) ( أما الخليل فلست فاجعه ** والجار أوصاني به ربي ) ( عوجا كذا نذكر لغانية ** بعض الحديث مطيكم صحبى ) ( ونقل لها فيم الصدود ولم ** نذنب بل أنت بدأت بالذنب ) ( ان تقبلى نقبل وننزلكم ** منا بدار الود والرحب ) ( أو تدبرى تكدر معيشتنا ** وتصدعى متلائم الشعب ) فقال لي يا ابن أخي هذا المحب عينالا الذي يقول ( وكنت إذا جبيت رام صرمي ** وجدت وراي منفسحا عريضا ) اذهب فلا صحبك الله ولا وسع عليك قال أبو علي اسمعيل بن القاسم البغدادي وأخبرنا أبو بكر قال أخبرنا السكن بن سعيد قال أخبرنا على بن نصر الجهضمي قال دخل كثير على عبد الملك بن مروان رحمه الله فقال عبد الملك بن مروان أأنت كثير عزة قال نعم قال أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فقال يا أمير المؤمنين كل عند محله رحب الفناء شامخ البناء عالي السناء ثم أنشأ يقول ( ترى الرجل النحيف فتزدريه ** وفي أثوابه أحد أسد هصور ) ( ويعجبك الطرير اذا تراه ** فيخلف ظنك الرجل الطرير ) ( بغاث الطير أطولها رقابا ** ولم تطل البزاة ولا الصقور ) ( خشاش الطير أكثرها فراخا ** وأم الصقر مقلات نزور ) ( ضعاف الأسد أكثرها زئيرا ** وأصرمها اللواتي لا تزير ) ( وقد عظم البعير بغير لب ** فلم يستغن بالعظم البعير ) ( ينوخ ثم يضرب بالهراوى ** فلا عرف لديه ولا نكير ) ( يقوده الصبى بكل أرض ** وينحره على الترب الصغير ) ( فاعظم الرجال لهم بزين ** ولكن زينهم كرم وخير ) فقال عبد الملك لله دره ما أفصح لسانه وأضبط جنانه وأطول عنانه والله إني لأظنه كما وصف نفسه وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه وأبو الحسن الأخفش وأبو بكر بن دريد والألفاظ مختلطة لعبد الله بن سبرة الجرشي وكانت قطعت يده في بعض غزواته الروم فقال يرثيها ( ويل أم جار غداة الروع فارقني ** أهون علي به اذبان فانقطعا ) ( يمنى يدي غدت مني مفارقة ** لم أستطع يوم فلطاس لها تبعا ) ( وما ضننت عليها أن أصاحبها ** لقد حرصت على أن نستريح معا ) ( وقائل غاب عن شأني وقائلة ** هلا اجتنبت عدو الله إذ صرعا ) ( وكيف أركبه يسعى بمنصله ** نحوي وأعجز عنه بعد ما وقعا ) ( ما كان ذلك يوم الروع من خلقي ** ولو تقارب مني الموت فاكتنعا ) ( ويل أمه فارسا أجلت عشيرته ** حامي وقد ضيعوا الأحساب فارتجعا ) ( يمشي إلى مستميت مثله بطل ** حتى إذا أمكنا سيفيهما امتصعا ) ( كل ينوء بماضي الحدذي شطب ** جلى الصياقل عن ذريه الطبعا ) ( حاسيته الموت حتى اشتف آخره ** فما استكان لما لاقى ولاجزعا ) ( كأن لمته هداب مخملة ** أحم أزرق لم يشمط وقد صلعا ) ( فإن يكن أطربون الروم قطعها ** فقد تركت بها أوصاله قطعا ) ( وإن يكن أطربون الروم قطعها ** فإن فيها بحمد الله منتفعا ) ( بنانتين وجذمورا أقيم بها ** صدر القناة إذا ما آنسوا فزعا ) قال أبو علي الجذمور الأصل ويقال أخذت الشيء بجذاميره وأنشدنا إبراهيم قال أنشدنا أحمد بن يحي قال أنشدنا الزبير لجرير الديلي ( كأنما خلقت كفاه من حجر ** فليس بين يديه والندى عمل ) ( يرى التيمم في بر وفي بحر ** مخافة أن يرى في كفه بلل ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن يونس قال كنت عند أبي عمرو بن العلاء فجاءه شبيل بن عروة الضبعي فقام إليه أبو عمرو فألقى إليه لبدة بغلته فجلس عليها ثم أقبل عليه يحدثه فقال شبيل يا أبا عمرو وسألت رؤبتكم هذا عن اشتقاق اسمه فما عرفه قال يونس فلما ذكر رؤبة لم أملك نفسي فزحفت إليه فقلت لعلك تظن أن معد بن عدنان أفصح من رؤبة وأبيه فأنا غلام رؤبة فما الروبة والروبة والروبة والروبة والرؤبة فلم يحر جوابا وقام مغضبا فأقبل علي أبو عمرو بن العلاء وقال هذا رجل شريف يقصد مجالسنا ويقضي حقوقنا وقد أسأت فيما واجهته به فقلت لم أملك نفسي عند ذكر رؤبه ثم فسر لنا يونس فقال الروبة خميرة اللبن والروبة قطعة من الليل وفلان لا يقوم بروبة أهله أي بما أسندوا إليه من أموالهم ومن حوائجهم والروبة جمام ماء الفحل والرؤبة مهموزة القطعة تدخلها في الإناء تشعب بها الإناء وأنشدنا أبو بكر رحمه الله تعالى عن أبي حاتم عن الأصمعي وأبي عبيدة للاحيمر أحد لصوص بني سعد ( وقالت أرى ربع القوام وشاقها ** طويل القناة بالضحاء نؤوم ) ( فإن أك قصدا في الرجال فإنني ** إذا حل أمر ساحتي لجسيم ) وزادني أبو عبيدة بعد هذين البيتين ( تعيرني الاعدام والبدو معرض ** وسيفي بأموال التجار زعيم ) قال ثم تاب فقال ( أشكو إلى الله صبري عن زواملهم ** وما ألاقي إذا مروا من الحزن ) ( قل للصوص بني اللخناء يحتسبوا ** بز العراق وينسوا طرفة اليمن ) ( فرب ثوب كريم كنت آخذه ** من القطار بلا نقد ولا ثمن ) وأنشدنا أبو بكر عن أبي حاتم عن الأصمعي وأنشدني أيضا الأخفش قال أنشدنا بعض أصحابنا هذه الأبيات ( حللنا آمنين بخير عيش ** ولم يشعر بنا واش يكيد ) ( ولم نشعر بجد البين حتى ** أجد البين سيار عنود ) ( وحتى قيل قوض آل بشر ** وجاءهم ببنهم البريد ) ( وأبرزت الهوادج ناعمات ** عليهن المجاسد والعقود ) ( فلما ودعونا واستقلت ** بهم قلص هواديهن قود ) ( كتمت عواذلي ما في فؤادي ** وقلت لهن ليتهم بعيد ) ( فجالت عبرة أشفقت منها ** تسيل كأن وابلها فريد ) ( فقالوا قد جزعت فقلت كلا ** وهل يبكي من الطرب الجليد ) ( ولكني اصاب سواد عيني ** عويد قذى له طرف حديد ) ( فقالوا ما لدمعهما سواء ** أكلتا مقلتيك اصاب عود ) ( لقبل دموع عينك خبرتنا ** بما جمجمت زفرتك الصعود ) ( فقم وانظر يزدك مطال شوق ** هنالك منظر منهم بعيد ) وحدثنا أبو معاذ عبدان الخولي المتطبب قال دخلنا يوما بسر من رأى على عمرو بن بحر الجاحظ نعوده وقد فلج فلما أخذنا مجالسنا أتى رسول المتوكل فيه فقال وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل ولعاب سائل ثم أقبل علينا فقال ما تقولون في رجل له شقان أحدهما لوغرز بالمسال ما أحس والشق الآخر يمربه الذباب فيغوث وأكثر ما أشكوه الثمانون ثم أنشدنا أبياتا من قصيدة عوف بن محلم الخزاعي قال أبو معاذ وكان سبب هذه القصيدة أن عوفا دخل على عبد الله بن طاهر فسلم عليه عبد الله فلم يسمع فأعلم بذلك فزعموا أنه ارتجل هذه القصيدة ارتجالا فأنشده ( يا ابن الذي دان له المشرقان ** طرا وقد دان له المغربان ) ( إن الثمانين وبلغتها ** قد أحوجت سمعى إلى ترجمان ) ( وبدلتني بالشطاط انحنا ** وكنت كالصعدة تحت السنان ) ( وبدلتني من زماع الفتى ** وهمتي هم الجبان الهدان ) وقاربت مني خطالم تكن ** مقاربات وثنت من عنان ) ( وأنشأت بيني وبين الورى ** عنانة من غير نسج العنان ) ( ولم تدع في لمستمتع ** إلا لساني وبحسبي لسان ) ( أدعو به الله واثني به ** على الأمير المصعبي الهجان ) ( فقرباني بأبي أنتما ** من وطني قبل اصفرار البنان ) ( وقبل منعاي إلى نسوة ** أوطانها حران والرقتان ) وقرأنا على أبي بكر بن دريد رحمه الله لذي الرمة ( رمى الادلاج أيسر مرفقيها ** بأشعث مثل أشلاء اللجام ) يقول أدلج فأعيا فإذا نام توسد يسرى ذراعي ناقته فيعني أن الادلاج هو الذي فعل بها ذلك وأسلاء اللجام بقاياه من حديده وسيوره ويعني بالأشعث نفسه وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا بصف خيلا فقال سباط الخصائل ظماء المفاصل شداد الأباجل قب الأياطل كرام النواجل قال أبو على الخصائل واحدتها خصيلة وهي كل قطعة من اللحم مستطيلة أو مجتمعة وقال أبو عبيدة الخصائل ما انماز من لحم الفخذ بعضه من بعض وظماء ضمر والأباجل جمع أبجل وهو من الفرس بمنزلة الأكحل من الإنسان يريد أنها شداد القوائم قب ضمر والأياطل جمع أيطل والأيطل والاطل والصقل والقرب والكشح واحد والنواجل جمع ناجلة وهي التي نجلته أي ولدته وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يصف ابلا فقال إنها العظام الحناجر وسباط المشافر كوم بهازر نكد خناجر أجوافها رغاب وأعطانها رحاب تمنع من البهم وتبذل للجمم قال أبو علي الحناجر واحدها حنجور وهو الحلقوم والكوم جمع أكوم وكوماء وهي العظام الأسنمة والبهازر العظام واحدها بهزرة والنكد العزيزة اللبن في هذا الموضع والنكد أيضا التي لا يبقى لها ولد وقال الأصمعي الصفى والخنجور واللهموم والرهشوش كل هذه الغزيرة اللبن والرغاب الواسعة وأعطانها مباركها عند الماء والبهم جمع بهمة وهو الشجاع الذي لا يدري من أين يؤتى من شدة بأسه والجمم واحدها جمة وهم القوم يسألون في الديات وأنشدنا أبو بكر ( وجمة تسألني أعطيت ** وسائل عن خبر لويت ) ( وقلت لا أدرى وقد دريت ** ) وأنشدني أبو بكر قال أنشدني الرياشي ( لو قد تركتك لم تنخ بك جمة ** ترجو العطاء ولم يزرك خليل ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قلت لاعرابي بحمى الربذة ألك بنون قال نعم وخالقهم لم تقم عن مثلهم منجبة فقلت صفهم لي فقال جهم وما جهم ينضى الوهم ويصد الدهم ويفرى الصفوف ويعل السيوف قلت ثم من قال عشمشم وما غشمشم ماله مقسم وقرنه مجرجم جذل حكاك ومدره لكاك قلت ثم من قال عشرب وما عشرب ليث محرب وسمام مقشب ذكره باهر وخصمه عاثر وفناؤه رحاب وداعيه مجاب قلت فصف لي نفسك فقال ليث أبو ريابل ركاب معاضل عساف مجاهل حمال أعباء نهاض ببزلاء قوله ينضى يهزل والنضو المهزول والوهم الضخم العظيم من الإبل قال ذو الرمة ( كأنها جمل وهم وما بقيت ** إلا النحيزة والألواح والعصب ) ويصد يكف والدهم العدد الكثير ويفرى يشق يقال فريت الشىء إذا شققته للإصلاح وأفريته إذا قطعته للإفساد ويعل يوردها الدماء ثانية مأخوذ من العلل في الشرب والمجرجم المصروع والجذل أصل الشجرة وذلك أن الابل الجرب تحتك به فتجد له لذة وإنما قال جذل حكاك أي أنه ممن يستشفى به في الأمور بمنزلة ذاك الجذل الذي يستشفى به الابل والمدره لسان القوم و المتكلم عنهم والدافع عنهم يقال درهته عني ودرأته عني دفعته والتدرأ مثل المدره واللكاك الزحام يقال التك القوم على الماء إذا ازدحموا والمحرب المغضب الذي قد اشتد غضبه واحتد وحربت السكين إذا أحددته ومقشب مخلوط وباهر غالب وريابل جمع ريبال وهو الأسد قال أبو علي روينا الريايل في هذا الخبر غير مهموز وروينا في الغريب المصنف الريابل واحدها ريبال يهمز ولا يهمز والمعاضل الدواهي والعساف الذي يركب الطريق على غير هداية والأعباء الأثقال واحدها عبء والبزلاء الرأي الجيد الذي يبزل عن الصواب أي الذي يشق عنه قال الراعي ( من رأي ذي بدوات لا تزال له ** بزلاء يعيابها الجثامة اللبد ) وحدثنا أبو عبد الله نفطويه قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحي النحوي قال قدم علينا أعرابي فسمع غناء حمائم بستان إبراهيم بن المهدي فاشتاق إلى وطنه فقال ( أشاقتك البوارق والجنوب ** ومن علوي الرياح لها هبوب ) ( أتتك بنفحة من شيح نجد ** تضوع والعرار بها مشوب ) ( وشمت البارقات فقلت جيدت ** حبال النشر أو مطر القليب ) ( ومن بستان إبراهيم غنت ** حمائم بينها فنن رطيب ) ( فقلت لها وقيت سهام رام ** ورقط الريش مطعمها الجنوب ) ( كما هيجت ذا حزن غريبا ** على أشجانه فبكى الغريب ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي لحجيه بن المضرب يمدح يعفر بن زرعة أحد الاملوك أملوك ردمان ( إذا كنت سألآ عن المجد والعلى ** وأين العطاء الجزل والنائل الغمر ) ( فنقب عن الأملوك واهتف بيعفر ** وعش جار ظل لا يغالبه الدهر ) ( أولئك قوم شيد الله فخرهم ** فما فوقه فخروان عظم الفخر ) ( أناس إذا ما الدهر أظلم وجهه ** فأيديهم بيض وأوجههم زهر ) يصونون أحسابا ومجدا مؤثلا ** ببذل أكف دونها المزن والبحر ) ( سموا في المعالي رتبة فوق رتبة ** أحلتهم حيث النعائم والنسر ) ( أضاءت لهم أحسابهم فتضاءلت ** لنورهم الشمس المنيرة والبدر ) ( فلولا مس الصخر الأصم أكفهم ** لفاضت ينابيع الندى ذلك الصخر ) ( ولو كان في الأرض البسيطة منهم ** لمختبط عاف لما عرف الفقر ) ( شكرت لكم آلاءكم وبلاءكم ** وما ضاع معروف يكافئه شكر ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال أملى علينا أبو العباس أحمد بن يحي النحوي أو قرأ الشك من أبي علي على باب داره ثم أنشدناه في المسجد الجامع يقرؤه على عبد الله بن المعتز قال أنشدني بعض أصحابنا عن النضر بن جرير عن الأصمعي ( سقى دمنتين ليس لي بهما عهد ** بحيث التقى الدارات والجرع الكبد ) ( فيا ربوة الربعين حييت ربوة ** على النأي منا واستهل بك الرعد ) ( قضيت الغواني غير أن مودة ** لذلفاء ما قضيت آخرها بعد ) ( إذا ورد المسواك ظمآن بالضحى ** عوارض منها ظل يخصره البرد ) ( وألين من مس الرخامات يلتقي ** بمارنه الجادي والعنبر الورد ) ( فرى نائبات الدهر بيني وبينها ** وصرف الليالي مثل ما فري البرد ) ( فإن تدعي نجدا ندعه ومن به ** وإن تسكني نجدا فيا حبذا نجد ) ( وإن كان يوم الوعد أدنى لقائنا ** فلا تعذليني أن أقول متى الوعد ) وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أحمد بن يحي لأبي الهندي وهو من بني رياح ( قل للسري أبي قيس أتهجرنا ** ودارنا أصبحت من داركم صددا ) ( أبا الوليد أما والله لو عملت ** فيك الشمول لما فارقتها أبدا ) ( ولا نسيت حمياها ولذتها ** ولا عدلت بها مالا ولا ولدا ) وحدثني جحظة قال حدثني حماد بن إسحاق الموصلي قال حدثني أبي قال كتبت إلي زهراء الأعرابية وقد غابت عني كتابا فيه ( وجدي بجمل على أنى أحجمجه ** وجد السقيم يبرء بعد إدناف ) ( أووجد ثكلى أصاب الموت واحدها ** أووجد مشتعب من بين ألاف ) فكتبت إليها ( أما أويت لمن قد بات مكتئبا ** يذري مدامعه سحا وتوكافا ) ( اقر السلام على الزهراء إذ شحطت ** وقل لها قد أذقت القلب ما خافا ) ( فما وجدت على ألف أفارقه ** وجدي عليك فقد فارقت ألافا ) وأنشدنا الأخفش أقول لصاحبي بأرض نجد ** وجد مسيرنا ودنا الطروق ) ( أرى قلبي سينقطع اشتياقا ** وأحزانا وما انقطع الطريق ) وأنشدنا جحظة عن حماد عن أبيه ( طربت إلى الأصيبية الصغار ** وهاجك منهم قرب المزار ) ( وأبرح ما يكون الشوق يوما ** إذا دنت الديار من الديار ) وقرأت على أبي بكر لطفيل الغنوي ( أناس إذا ما أنكر الكلب أهله ** حموا جارهم من كل شنعاء مضلع ) قال ويروى مفظع قوله أنكر الكلب أهله أي اذا البسوا السلاح وتقنعوا لم يعرف الكلب أهله وحدثني بعض شيوخنا أن ابن حبيب قال إذا ما غزوا فصار معهم أعداؤهم في ديارهم فتواثبوا أنكرهم الكلب اذ ذاك لتغيرهم عن حالهم والشنعاء الداهية المشهورة ومضلع شديدة يقال أضلعني الأمر إذا اشتد على وغلبني وقرأت على أبي عبد الله لذي الرمة ( إذا نتجت منها المهارى تشابهت ** على العوذ الا بالأنوف سلائله ) العوذ الحديثات النتاج واحدها عائذ وإنما قيل لها عائذ لان ولدها عاذبها وكان القياس أن يكون هو عائذا بها ولكنه لما كانت متعطفة عليه قيل لها عائذ يقول تشابه عليها أولادها الا أن تشمها بأنوفها وذلك أنها من نجار واحد وفحل واحد وقد تقاربت في الوضع فهي تشبه بعضها بعضا والسلائل الاولاد واحدها سليل وحدثنا أبو المياس الراوية قال حدثني أحمد بن عبيد عن بعض شيوخه قال كانت وليمة في قريش تولى أمرها مقاس الفقعسى فأجلس عمارة الكلبي فوق هشام بن عبد الملك فأحفظه ذلك وآلى على نفسه أنه متى أفضت الخلافة اليه عاقبه فلما جلس في الخلافة أمر أن يؤتى به وتقلع أضراسه وأظفار يديه ففعل ذلك به فأنشأ يقول ( عذبوني بعذاب ** قلعوا جوهر راسى ) ( ثم زادوني عذابا ** نزعوا عني طساسي ) ( بالمدى حزز لحى ** وبأطراف المواسي ) قال أبو على قال أبو العباس قال لي أبو المياس الطساس الأظفار ولم أر أحدا من أصحابنا يعرفه ثم أخبرني رجل من أهل اليمن قال يقال عندنا طسه اذا تناوله بأطراف أصابعه وأنشدنا أبو المياس وكان من أروى الناس للرجز وهو من أهل سر من رأى لدكين بن رجاء الراجز ( لم أر بؤسا مثل هذا العام ** أرهنت فيه للشقا خيتامى ) ( وحق فخري وبني أعمامي ** ما في القروف حفنتا حتام ) قال أبو على أرهنت ورهنت جميعا يقالان قال ويقال خاتم وخاتام وخيتام وخاتم وقال أبو المياس القروف الجراب وأحسبه غلطا انما هو القروف جمع قرف وهو الجراب والحتام البقية من كل شيء وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي قال خرج رجل من العرب في الشهر الحرام طالبا حاجة فدخل في الحل فطلب رجلا يستجيربه فدفع إلى أغيلمة يلعبون فقال لهم من سيدهذا الحواء فقال غلام منهم أبيه قال ومن أبوك قال باعث بن عويص العاملى قال صف لي بيت أبيك من الحواء قال بيت كأنه حرة سوداء أو غمامة حماء بفنائه ثلاثة أفراس أما أحدها فمفرع الأكتاف متماحل الأكناف مائل كالطراف وأما الآخر فذيال جوال صهال أمين الأوصال أشم القذال وأما الثالث فغار مدمج محبوك محملج كالقهقر الأدعج فضى الرجل حتى انتهى إلى الخباء ففقد زمام ناقته ببعض أطنابه وقال يا باعث جار علقت علائقه واستحكمت وثائقه فخرج إليه باعث فأجاره قال أبو على المفرع المشرف والفرعة والفرعة بفتح الراء وتسكينها أعلى الجبل وجمعها فراع يقال ائت فرعة من فراع الجبل فأنزلها ومنه قيل جبل فارع ونقى فارع إذا كان أطول مما يليه وبه سميت المرأة فارعة ويقال انزل بفارعه الوادي وأحذر أسفله وتلاع فوارع أي مشرفات المسايل وقال أبو نصر يقال فرع فلان قومه اذا علاهم بشرف أو جمال أو غيره ولقيه ففرع رأسه بالعصا يريد علاه وقال أبو زيد يقال تفرع فلان القوم إذا ركبهم وشتمهم وقال غيره تفرعت الشيء علوته وقال أبو نصر فرع إذا علا وفرع وأفرع إذا انحدر قال الشماخ ( فان كرهت هجائي فاجتنب سخطى ** لا يدركنك إفراعي وتصعيدي ) واصابته دبرة على فروع كتفيه يريد على أعاليهما ويقال فرعت بين القوم أي حجزت وأفرع بينهما أي احجز وفرعت فرسي أفرعه أي قدعته قال الشاعر ( نفرعه فرعا ولسنا نعتله ** وأفرعت المرأة إذا حاضت ) ومنه قول الأعشى ( صددت عن الأعداء يوم عباعب ** صدود المذاكى أفرعتها المساحل ) والمساحل اللجثم واحدها مسحل يعني أن المساحل أدمتها كما أفرع الحيض المرأة بالدم وافترعت المرأة اقتضضتها والفرع ذبح كان في الجاهلية وهو أول النتاج كان إذا انتجت الناقة في أول نتاجها ذبح يتبركون به قال أوس بن حجر ( وشبه الهيدب العبام من ** الأقوام سقبا مجللا فرعا ) قال أبو عمرو الفرع القسم أيضا وقد أفرع القوم أيضا إذا نتجت إبلهم وقال أبو نصر يقال بئس ما أفرعت به أي بئس ما ابتدأت به والفرع من القسي ما كان من طرف القضيب والفرعة القملة العظيمة ومنه قيل حسان ابن الفريعة وقوله متماحل الأكناف المتماحل الطويل والاكناف النواحي يريد أنه طويل العنق والقوائم وذلك مدح والماثل القائم المنتصب والماثل اللاطئ بالأرض وهو من الأضداد ويقال رأيت شخصا ثم مثل أي ذهب فلم أره قال الهذلي ( يقربه النهض اننجيح لما يرى ** فمنه بدومرة ومثول ) بدو ظهور ومثول ذهاب والطراف بيت من أدم والذيال الطويل الذنب قال النابغة الذبياني ( وكل مدجح كالليث يسمو ** على أوصال ذيال رفن ) والأوصال واحدها وصل قال ذو الرمة ( إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته ** فقام بفأس بين وصليك جازر ) وأشم مرتفع والشمم الارتفاع والقذال معقد العذار والمغار الشديد الفتل يريد أنه شديد البدن والعرب تقول أغرت الحبل إذا شددت فتله قال امرؤ القيس ( فيا لك من ليل كأن نجومه ** بكل مغار الفتل شدت بيذبل ) وغار الرجل يغور غورا إذا أتى الغور وزاد اللحياني وأغار أيضا وأنشد بيت الأعشى ( نبي يرى ما لا ترون وذكره ** أغار لعمري في البلاد وأنجدا ) فهذا على ما قال اللحياني وكان الكسائي يقول هو من الإغارة وهي السرعة وكان الأصمعي يقول أغار ليس هو من الغور إنما هو بمعنى عدا وقال اللحياني يقال للفرس أنه لمغوار أي شديد العدو والجمع مغاوير والتفسير الأول الوجه لأنه قال وأنجدا فإنما أراد أتى الغور وأتى نجدا والغور تهامة وغار الماء يغور غورا قال الله عز وجل { إن أصبح ماؤكم غورا } أي غائرا وزاد أبو نصر غؤورا وغارت عينه تغور غثوورا وغارت الشمس تغور غؤورا أيضا والغور والاسم يقول سقطت في الغور يعني الشمس وغار فلان على أهله يغار غيرة رجل غيور من قوم غير وامرأة غيري من نسوة غيارى وقال الأصمعي فلان شديد الغار على أهله أي شديد الغيرة وزاد اللحياني والغير وقال أبو نصر أغار فلان على بني فلان يغير إغارة وقال اللحياني يقال للرجل إنه لمغوار أي شديد الإغارة والجمع مغاوير وقال أبو نصر يقال غارهم يغيرهم إذا مارهم والغيار المصدر قال الهذلي ( ماذا يغير ابنتي ربع عويلهما ** لا ترقدان ولا بؤسي لمن رقدا ) وقال اللحياني غارهم الله بمطر يغيرهم ويغورهم والاسم الغيرة ويقال هذه أرض مغيرة ومغيورة قال والغير التغيير يقال مغ الغير الغيار ولا يقال منه فعلت بالتخفيف إنما يقال غيرت عليه بالتثقيل قال وأنشدنا أبو شبل ( أقول بالسبت فويق الدير ** إذ أنا مغلوب قليل الغير ) أراد التغيير والغاران الجيشان يقال لقي غار غارا وقال أبو عبيدة الغار الجمع الكثير من الناس قال ويروى عن الأحنف أنه قال في انصراف الزبير وما أصنع به إن كان جمع بين غارين من الناس ثم تركهم وذهب قال أبو علي فقول الأحنف من الناس يدل على أن الغار يكون الجمع من غير الناس وقال أبو نصر الغاران البطن والفرج يقال المرء يسعى لغاريه أي لبطنه وفرجه وقال أبو عبيدة يقال لفم الإنسان وفرجه الغاران وقال أبو نصر الغار كالكهف في الجبل ويقال عسى الغوير أبؤسا وهو تصغير غار يريد عسى أن يكون جاء البأس من الغار وقال اللحياني يقال غرت في الغار والغور أغور غورا أو غؤرا وأغرت أيضا فيهما جميعا قال أبو علي قوله غؤرا نادر شاذ والغار شجرة طيبة الريح قال عدي بن زيد ( رب نار بت أرمقها ** تقضم الهندي والغارا ) وقال الأصمعي يقال غار النهار إذا اشتد حره وغور القوم تغويرا إذا قالوا من القائلة والغائرة القائلة وقال اللحياني غور الماء تغويرا إذا ذهب في العيون ويقال غرت فلانا من أخيه أغيره غيرا وقال أبو عبيدة غارني الرجل يغيرني ويغورني إذا وداك من الدية والاسم الغيرة وجمعها غير أي أعطيته الدية وقال أبو نصر أغار الرجل إغارة الثعلب إذا أسرع ودفع في عدوه وأنشد لبشر ( فعد طلابها وتعد عنها ** بحرف قد تغير إذا تبوع ) وقال خالد بن كلثوم غاريت وعاديت بين اثنين أي واليت ومنه قول كثير ( إذا قلت أسلو غارت العين بالبكا ** غراء ومدتها مدامع حفل ) قال معنى غارت فاعلت من الولاء وقال أبو عبيدة هي فاعلت من غريت بالشيء أغرى به ومحبوك موثق مشدود يقال حبكت الشيء إذا شددته فهو محبوك وحبيبك ويقال جاد ما حبك هذا الثوب أي نسج قال الهذلي ( فرميت فوق ملاءة محبوكة ** وأبنت للأشهاد حزة أدعي ) يقول ابنت لهم قولي خذها وأنا ابن فلان وحزة يعني ساعة أدعي ومنه قولهم أحتبك بازاره أي احتزم به ومحملج مفتول والقهقر الحجر الصلب والأدعج الأسود قال الأصمعي يقال رجل أدعج أي أسود وليل أدعج والدعج شدة سواد الحدقة وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرني يونس قال كان لرجل من بني ضبة في الجاهلية بنون سبعة فخرجوا بأكلب لهم يقتنصون فأووا إلى غار فهوت عليهم صخرة فأتت عليهم جميعهم فلما استراث أبوهم اخبارهم اقتفر آثارهم حتى انتهى إلى الغار فانقطع عنه الأثر فأيقن بالشر فرجع وأنشأ يقول ( أسبعة أطواد أسبعة أبحر ** أسبعة آساد أسبعة أنجم ) ( رزئتهم في ساعة جرعتهم ** كؤس المنايا تحت صخر مرضم ) ( فمن تك أيام الزمان حميدة ** لديه فإني قد تعرقن أعظمى ) ( بلغن نسيسي وارتشفن بلالتي ** وصلينني جمر الأسى المتضرم ) ( أحين رماني بالثمانين منكب ** من الدهر منح في فؤادي بأسهم ) ( رزئت بأعضادي الذين بأيدهم ** أنوء وأحمي حوزتي وأحتمي ) ( فإن لم تذب نفسي عليهم صبابة ** فسوف أشوب دمعها بعد بالدم ) ثم لم يلبث بعدهم إلا يسيرا حتى مات كمدا قال أبو علي اقتفر اتبع يقال قفرت الأثر واقتفرته إذا اتبعته ومرضم منضد بعضه على بعض قال الأصمعي يقال بنى فلان دارا فرضم فيها الحجارة رضما وذلك إذا نضد الحجارة بعضها على بعض ومنه قيل رضم البعير بنفسه إذا رمى بها فلم يتحرك وتعرقن أخذن ما عليه من اللحم يقال عرقت العظم وتعرقته إذا أخذت ما عليه من اللحم والنسيس بقية النفس قال الشاعر فقد أودى إذا بلغ النسيس وارتشفن امتصصن والبلالة الرطوبة وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال حدثنى أبو عثمان الأشناندانى قال حدثنى التوزى عن أبي عبيدة قال لما مات حصين بن الحمام سمعوا صارخا يصيح من جبل ويقول ( ألا ذهب الحلو الحلال الحلاحل ** ومن عقده حزم وعزم ونائل ) ( ومن قوله فصل إذا القوم أفحموا ** تصيب مرادي قوله ما يحاول ) فلما سمعه معية أخوه قال هلك والله حصين وأنشأ يقول ( نعيت حيا الأضياف في كل شتوة ** ومدره إذ حرب تخاف الزلازل ) ( ومن لا ينادى بالهضيمة جاره ** إذا أسلم الجار الألف المواكل ) ( فمن وبمن نستدفع الضيم بعده ** وقد صممت فينا الخطوب النوازل ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن وأبو حاتم والأشنانداني والرياشي قالوا كلهم سمعنا الأصمعي يقول كنت بالبادية فرأيت امرأة عند قبر وهي تبكي وتقول ( فمن للسؤال ومن للنوال ** ومن للمقال ومن للخطب ) ( ومن للحماة ومن للكماه ** إذا ما الكماة جثوا للركب ) ( إذا قيل مات أبو مالك ** فتى المكرمات قريع العرب ) ( فقد مات عز بني آدم ** وقد ظهر النكد بعد الطرب ) قال فملت إليها فقلت لها من هذا الذي مات هؤلاء الخلق كلهم بموته فقالت أو ما تعرفه قلت اللهم لا فأقبلت ودمعتها تنحدر وإذا هي مقاء برشاء ثرماء فقالت فديتك هذا أبو مالك الحجام ختن أبي منصور الحائك فقلت عليك لعنة الله والله ما ظننت إلا أنه سيد من سادات العرب قال أبو علي قريع الشول فحلها والقريع الفحل من الرجال الشجاع والمقاء الطويلة والأمق الطويل والمقق الطول والثزماء التي قد سقطت ثنيتاها وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأعرابي ( يقر بعيني أن أرى من مكانه ** ذرى عقدات الأبرق المتقاود ) ( وأن أرد الماء الذي شربت به ** سليمى وقد مل السرى كل واحد ) ( وألصق أحشائي ببرد ترابه ** وإن كان مخلوطا بسم الأساود ) قال وأنشدني عبد الرحمن عن عمه ( أمس العين ما مست يداها ** لعل العين تبرأ من قذاها ) ( يقول الناس ذو رمد معنى ** وما بالعين من رمد سواها ) قال وأنشدنا أبو بكر ولم يسم قائله ولا عزاه إلى أحد ( ال ليلى إن ضيفكم ** ضائع في الحي مذ نزلا ) ( أمكنوه من ثنيتها ** لم يرد خمرا ولا عسلا ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي زيد ( إن كان غرك إطرافي أبا حسن ** فالسيف يطرق حينا قبل هزته ) ( والحية الصل لا تغررك هدأته ** فكم سليم وموقوذ لنكزته ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري عن أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي ( يامر ياخير أخ ** نازعت در الحمله ) ( يا خير من أوقدلك ** أضياف نارا حجمه ) ( يا جالب الخيل إلى الخيل ** تعادى أضمه ) ( يا قائد الخيل ومجتاب الدلاص الدرمه ) ( سيفك لا يشقى به ** إلا العسير السنمه ) ( جاد على قبرك غيث ** من سماء رزمه ) ( ينبت نورا أرجا ** جرجاره والينمه ) قال أبو على الحمله طرف الثدى والدرمة اللينة التي لا حجم لها واضمة غضابى يقال أضم عليه أضما أي غضب عليه قال الأخطل ( أضما وهزلهن رمحى رأسه ** أن قد أتيح لهن موت أحمر ) وضمد عليه يضمد ضمدا إذا هاج وغضب قال النابغة ( ومن عصاك فعاقبه معاقبة ** تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد ) وحرب حربا إذا هاج وغضب وحربته أنا فهو محرب قال الهذلي ( كأن محربا من أسدترج ** ينازلهم لنابيه قبيب ) وأضم وأتضم قال الشاعر ( ومؤتضم علي لأن جدي ** يبذ جدوده المتقدمينا ) ويقال أغذ عليه إغدادا وأصله من غدة البعير فهو مغد واسمغد فهو مسمغد إذا انتفخ من الغضب وورم وضرم عليه ضرما وأصله من اضطرام النار واحتدم عليه إذا تحرق عليه وأصله من احتدام الحر وأسف عليه يأسف قال الله تعالى { فلما آسفونا انتقمنا منهم } وعبد عليه يعبد وحشم عليه يحشم حشما وهؤلاء حشم فلان للذين يغضب لهم وأحشمته أنا وحشمته وحكى الأصمعي إن ذلك لمما يحشم بني فلان أي يغضبهم وكت يكت وأصله من كتيت القدر قال رؤبة ( وطامح النخوة مستكت ** طأطأ من شيطانه التعتي ) ( صكى عرانين العدى وصتي ** ) ومعض يمعض معضا قال رؤبة ( وقد ترى ذا حاجه مؤتضا ** ذا معض لولا يرد المعضا ) قال أبو عمرو وازمهراز مهرارا إذا غضب وأنشد ( أبصرت ثم جامعا قدهرا ** ونثرا لجعبة وازمهرا ) ( وكان مثل النار أو أحرا ** ) ويقال قد رقرطب إذا غضب فهو مقرطب وأنشد ( إذا رآني قد أتيت قرطبا ** وجال في حجاشه وطرطبا ) ويقال اصطخم قال ذو الرمة ( ظلت ثقالا وظل الجوب مصطخما ** كأنه بتناهي الروض محجوم ) ورزمة مصوتة قال أبو علي ومما اخترته وقرأته على أبي بكر بن دريد ( قوم إذا اشتجر القنا ** جعلوا القلوب لها مسالك ) ( اللابسين قلوبهم ** فوق الدروع لدفع ذلك ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا الرياشي عن ابن سلام عن غرير بن طلحة بن عبد الله عن عمه هند بن عبد الله قال بينا أنا مع أبي بسوق المدينة إذ أقبل كثير فلما رأى أبي عدل إليه وتحدث معه ساعة فقال له أبي هل قلت بعدي شيأ يا أبا صخر قال هند فأقبل علي وقال احفظ هذه الأبيات وأنشدني ( وكنا سلكنا في صعود من الهوى ** فلما توافينا ثبت وزلت ) ( وكنا عقدنا عقدة الوصل بيننا ** فلما تواثقنا شددت وحلت ) ( فواعجبا للقلب كيف اعترافه ** وللنفس لما وطئت كيف ذلت ) ( وللعين أسراب إذا ما ذكرتها ** وللقلب وسواس إذا العين ملت ) ( وإني وتهيامي بعزة بعدما ** تخليت مما بيننا وتخلت ) ( لكا لمرتجي ظل الغمامة كلما ** تبوأ منها للمقيل اضمحلت ) ( فإن سأل الواشون فيم هجرتها ** فقل نفس حر سليت فتسلت ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال بيناأنا بحمى ضرية إذ وقف علي غلام من بني أسد في أطمار ما ظننته يجمع بين كلمتين فقلت ما اسمك فقال حريقيص فقلت أما كفى أهلك أن يسموك حرقوصا حتى حقروا اسمك فقال إن السقط ليحرق الحرجة فعجبت من جوابه فقلت أتنشد شيأ من أشعار قومك قال نعم أنشدك لمرارنا قلت افعل فقال ( سكنوا اشبيثا والأحص وأصبحوا ** نزلت منازلهم بنو ذبيان ) ( وإذا يقال أتيتم لم يبرحوا ** حتى تقيم الخيل سوق طعان ) ( وإذا فلان مات عن أكرومة ** رقعوا معاوز فقره بفلان ) قال فكادت الأرض تسوخ بي لحسن إنشاده وجودة الشعر فأنشدت الرشيد هذه الأبيات فقال وددت يا أصمعي أن لو رأيت هذا الغلام فكنت أبلغه أعلى المراتب قال أبو علي السقط ما يسقط من الزند إذا قدح وقال أبو عبيدة في سقط النار وسقط الولد وسقط الرمل ثلاث لغات الضم والفتح والكسر وزناد العرب من خشب وأكثر ما يكون من المرخ والعفار ولذلك قال الأعشى ( زنادك خير زناد الملوك ** صادف منهن مرخ عفارا ) وإنما يؤخذ عود قدر شبر فيثقب في وسطه ثقب لا ينفذ ويؤخذ عود آخر قدر ذراع فيحدد طرفه فيجعل ذلك المحدد في ذلك الثقب وقد وضعه رجل بين رجليه فيديره ويفتله فيورى نارا فالأعلى زند والأسفل زتدة والحرجة الشجر الكثير الملتف وجمعه حراج وأحراج قال العجاج ( عاين حيا كالحراج نعمه ** يكون أقصى شله محرنجمه ) يقول عاين هذا الجيش الذي أياتا حيا ويعني بالحي قومه بني سعد والنعم الابل وأقصى أبعد وشله طرده ومحرنجمه مبركه حيث يجتمع بعضه إلى بعض والمعنى أن الناس اذا فوجؤا بالغارة طردوا إبلهم وقاموا هم يقاتلون فان انهزموا كانوا قد نجوا بها يقول فهؤلاء من عزهم ومنعتهم لا يطردونها ولكن يكون أقصى طردهم أن ينيخوها في مبركها ثم يقاتلوا عنها والمعاوز الثياب الخلقان وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن العباس بن هشام عن أبيه قال كان حضرمي بن عامر عاشر عشرة من اخوته فماتوافورثهم فقال ابن عم له يقال له جزء من مثلك مات إخوتك فورثتهم فأصبحت ناعما جذلا فقال حضرمي ( يزعم جزء ولم يقل سددا ** أنى تروحت ناعما جذلا ) ( ان كنت أزننتني بها كذبا ** جزء فلاقيت مثلها عجلا ) ( أفرح أن أرزأ الكرام وأن ** أورث ذودا اشصائصا نبلا ) ( كم كان في إخوتي إذا احتضن الأقوام تحت العجاجة الأسلا ** ) ( من واجد ماجد أخى ثقة ** يعطى جزيلا ويضرب البطلا ) ( ان جئته خائفا أمنت وان ** قال سأجبوك نائلا فعلا ) فجلس جزء على شفير بئر وكان له تسعة أخوة فانخسفت باخوته ونجا هو فبلغ ذلك حضرميا فقال انا لله وانا إليه راجعون كلمة وافقت قدرا وأبقت حقد قال أبو علي الشصائص التي لا ألبان لها واحدتها شصوص قال الأصمعي يقال أشصت فهي شصوص وهو على غير القياس وقال الكسائي شصت والنبل الصغار ههنا والنيل الكبار وهو من الأضداد والواجد الغني الذي لجد وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي ليزيد بن الحكم الثقفي ( تكاشرني كرها كأنك ناصح ** وعينك تبدي أن صدرك لي دوى ) ( لسانك ما ذي وغيبك علقم ** وشرك مبسوط وخيرك منطوى ) ( فليت كفافا كان خيرك كله ** وشرك عني ما ارتوى الماء مرتوى ) ( عدوك يخشى صولتي إن لقيته ** وأنت عدوي ليس ذاك بمستوى ) ( تصافح من لاقيت لي ذا عداوة ** صفاحا وغي بين عينيك منزوى ) ( أراك إذا لم أهو أمرا هويته ** ولست لما أهوى من الأمر بالهوى ) ( أراك اجتويت الخير منى وأجتوي ** أذاك فكل يجتوى قرب مجتوى ) ( وكم موطن لولاي طحت كما هوى ** بأجرامه من قلة النيق منهوى ) ( إذا ما ابتنى المجد ابن عمك لم تعن ** وقلت ألا يا ليت بنيانه خوى ) ( فإنك إن قيل ابن عمك غانم ** شج أو عميد وأخو مغلة لوى ) ( تملأت من غيظ علي فلم يزل ** بك الغيظ حتى كدت بالغيظ تنشوى ) ( وما برحت نفس حسود حسبتها ** تذيبك حتى قيل هل أنت مكتوى ) ( وقال النطاسيون إنك مشعر ** سلالا ألا أنت من حسد ذوى ) ( جمعت وفحشا غيبة ونميمة ** خصالا ثلاثا لست عنها بمرعوى ) ( أفحشا وجبنا واختتاء عن الندى ** كأنك أفعى كدية فر محجوى ) ( فيدحو بك الداحي إلى كل سوأة ** فيا شر من يدحو بأطيش مدحوى ) ( بدا منك غش طال ما قد كتمته ** كما كتمت داء ابنها أم مدوى ) قال أبو علي الاختتاء التقبض قال وقال أبو بكر محجوى منطوى والمدوى الذي يأخذ الدواية وهي جلدة رقيقة تركب اللبن يقال دوى اللبن يدوى فهو مدو وأقبل الصبيان على اللبن يدوونه أي يأخذون ما عليه من الجلدة وجاء غلام من العرب إلى أمه وعندها أم خطبه فقال يا أماه أدوي فقالت اللجام معلق بعمود البيت توري بذلك وترى القوم أنه إنما سألها عن اللجام وأنه صاحب خيل وركوب والمجتوي الكاره والماذي العسل الأبيض ومنه قيل درع ماذية وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه ( أذكر مجالس من بني أسد ** بعدوا فحن إليهم القلب ) ( الشرق منزلهم ومنزلنا ** غرب وأني الشرق والغرب ) ( من كل أبيض جل زينته ** مسك أحم وصارم عضب ) ( ومدحج يسعى بشكته ** وعقيرة بفنائه تحبو ) قال أبو علي عقيرة معقورة وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا الرياشي عن ابن سلام قال بلغني أن الأجوص دخل على يزيد بن عبد الملك فقال له يزيد لو لم تمت إلينا بحرمة ولا توسلت بدالة ولا جددت لنا مدحا غير أنك مقتصر على بيتيك لاستوجبت عندنا جزيل الصلة ثم أنشد يزيد ( وإني لأستحييكم أن يقودني ** إلى غيركم من سائر الناس مطمع ) ( وأن اجتدى للنفع غيرك منهم ** وأنت إمام للبرية مقنع ) وقال الرياشي وإنما قال هذين البيتين في عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر ( إني رأيتك كالورقاء يوحشها ** قرب الأليف وتغشاه إذا نحرا ) الورقاء دويبة تنفر من الذئب وهو حي وتغشاه إذا رأت به الدم وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحي وأبو العباس محمد بن يزيد لأبي حية النميري يزيد بعضهم على بعض وأنشدنا أيضا أبو بكر بن دريد واللفظ والترتيب على ما أنشدناه أبو عبد الله ( بدا يوم رحنا عامدين لأرضها ** سنيح فقال القوم مرسنيح ) فهاب رجال منهم وتقاعسوا ** فقلت لهم جاري إلي ربيح ) ( عقاب بأعقاب من الدار بعدما ** جرت نية تسلي المحب طروح ) ( وقالوا حمامات فحم لقاؤها ** وطلح فزيرت والمطي طليح ) ( وقال صحابي هدهد فوق بانة ** هدى وبيان بالنجاح يلوح ) ( وقالوا دم دامت مواثيق بيننا ** ودام لنا حلو الصفاء صريح ) ( لعيناك يوم البين أسرع واكفا ** من الفنن الممطور وهو مروح ) ( ونسوة شحشاح غيور يخفنه ** أخي ثقة يلهون وهو مشيح ) ( يقلن وما يدرين عني سمعته ** وهن بأبواب الخيام جنوح ) ( أهذا الذي غنى بسمراء موهنا ** أتاح له حسن الغناء متيح ) ( إذا ما تغنى أن من بعد زفرة ** كما أن من حر السلاح جريح ) ( وقائلة يادهم ويحك إنه ** على غنة في صوته لمليح ) ( وقائلة أو لينه البخل إنه ** بما شاء من زور الكلام فصيح ) ( فلو أن قولا يكلم الجلد قد بدا ** بجلدي من قول الوشاة جروح ) وحدثنا الأخفش قال حدثني بعض أصحابنا قال حدثني أبو عبد الله محمد بن القاسم ابن خلاد البصري المعروف بأبي العيناء قال أنشدنا ابن أبي فنن في مجلس علي بن الجهم فكتبت لي وله ( ولما أبت عيناي أن تكتما البكا ** وأن تحبسا سح الدموع السواكب ) ( تثاءبت كي لا ينكر الدمع منكر ** ولكن قليلا ما بقاء التثاؤب ) ( أعرضتماني للهوى وغمتما ** علي لبئس الصاحبان لصاحب ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى قال أنشدنا أحمد بن يحي النحوي ( يقولون ليلى بالمغيب أمينة ** بلى وهو راع عهدها وأمينها ) ( فإن تك ليلى استودعتني أمانة ** فلا وأبى أعدائها لا أخونها ) ( أأرضي بليلى الكاشحين وأبتغي ** كرامة أعدائي لها واهينها ) ( معاذة وجه الله أن أشمت العدى ** بليلى وإن لم تجزني ما أدينها ) ( سأجعل عرضي جنة دون عرضها ** وديني فيبقى عرض ليلى ودينها ) وأنشدنا أبو الحسن جحظة البرمكي قال أنشدنا حماد بن إسحاق قال أنشدني أبي لنفسه ( لاح بالمفرق منك القتير ** وذوى غصن الشباب النضير ) ( هزئت أسماء مني وقالت ** أنت يا ابن الموصلي كبير ) ( ورأت شيبا علاني فأنت ** وابن ستين بشيب جدير ) ( إن ترى شيبا علاني فإني ** مع ذاك الشيب حلو مزير ) ( قد يفل السيف وهو جراز ** ويصول الليث وهو عقير ) قال أبو علي المزير المعظم المكرم يقال مزرت الرجل إذا عظمته وكرمته كذا قال علي بن سليمان الأخفش وقال النضر بن شميل المزير الظريف وقال لي أبو بكر بن دريد المزارة الزيادة في جسم أو عقل يقال مزر يمزر مزارة فهو مزير والجراز الماضي في الضريبة قال الجعدي ( يصمم وهو مأثور جراز ** إذا اجتمعت بقائمه اليدان ) وقرأت على أبي بكر بن الأنباري للأسود بن يعفر ( وكنت إذا ما قرب الزاد مولعا ** بكل كميت جلدة لم تؤسف ) ( مداخلة الأقراب غير ضئيلة ** كميت كأنها مزادة مخلف ) كميت يعني تمرة وجلدة غليظة اللحاء لم تؤسف لم تقشر وأقرابها نواحيها وإنما هو مثل والقربان الخاصرتان والضئيلة الدقيقة والمخلف المستقى يريد كأنها من امتلائها مزادة وقرأت على أبي بكر بن الأنباري قال قرأت على أبي لهدبة بن خشرم ( طربت وأنت أحيانا طروب ** وكيف وقد تعلاك المشيب ) ( يجد النأي ذكرك في فؤادي ** إذا ذهلت عن النأي القلوب ) ( يؤرقني اكتئاب أبي نمير ** فقلبي من كآبته كئيب ) ( فقلت له هداك الله مهلا ** وخير القول ذو اللب المصيب ) ( عسى الكرب الذي أمسيت فيه ** يكون وراءه فرج قريب ) ( فيأمن خائف ويفك عان ** ويأتي أهله النائي الغريب ) ( ألا ليت الرياح مسخرات ** بحاجتنا تباكر أو تؤوب ) ( فتخبرنا الشمال إذا أتتنا ** وتخبر أهلنا عنا الجنوب ) ( فإنا قد حللنا دار بلوى ** فتخطئنا المنايا أو تصيب ) ( فإن يك صدر هذا اليوم ولى ** فإن غدا لناظره قريب ) ( وقد علمت سليمى أن عودي ** على الحدثان ذو أيد صليب ) ( وإن خليقتي كرم وأني ** إذا أبدت نواجذها الحروب ) ( أعين على مكارمها وأغشى ** مكارهها إذا كع الهيوب ) ( وقد أبقى الحوادث منك ركنا ** صليبا ما تؤيسه الخطوب ) ( على أن المنية قد توافي ** لوقت والنوائب قد تنوب ) قال أبو علي قوله تؤيسه تؤثر فيه قال المتلمس ( ألم تر أن الجون أصبح راسيا ** تطيف به الأيام ما يتأيس ) وقال الطريف العنبري ( إن قناتي لنبع ما يؤيسها ** عض الثقاف ولا دهن ولا نار ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال اجتمع طريف بن العاصي الدوسي وهو جد طفيل ذي النورين بن عمرو بن طريف والحرث ابن ذبيان بن لجا بن منهب وهو أحد المعمرين عند بعض مقاول حمير فتفاخرا فقال الملك للحرث يا حارث ألا تخبرني بالسبب الذي أخرجكم عن قومكم حتى لحقتم بالنمر بن عثمان فقال أخبرك أيها الملك خرج هجينان مناير يرعيان غنما لهما فتشاولا ولا بسيفهما فأصاب صاحبهم عقب صاحبنا فعاث فيه السيف فنزف فمات فسألونا أخذ دية صاحبنا دية الهجين وهي نصف دية الصريح فأبى قومي وكان لنارباء عليهم فأبينا إلا دية الصريح وأبو إلا دية الهجين فكان اسم هجيننا دهين بن زبراء واسم صاحبهم عنقش بن مهيرة وهي سوداء أيضا فتفاقم الأمر بين الحيين فقال رجل منا ( حلومكم باقوم لا تعزبنها ** ولاتقطعوا أرحامكم بالتدابر ) ( وأدوا إلى الأقوام عقل ابن عمهم ** ولا ترهقوهم سبة في العشائر ) ( فإن ابن زبراء الذي فاد لم يكن ** بدون خليف أو اسيد بن جابر ) ( فإن لم تعاطوا الحق فالسيف بيننا ** وبينكم والسيف أجور جائر ) فتظافروا علينا حسدا فأجمع ذوو الحجى منا أن نلحق بأمنع بطن من الأزد فلحقنا بالنمر بن عثمان فوالله ما فت في أعضادنا فأبنا عنهم ولقد أثأرنا صاحبنا وهم راغمون فوثب طريف بن العاصي من مجلسه فجلس بإزاء الحرث ثم قال تالله ما سمعت كاليوم قولا أبعد من صواب ولا أقرب من خطل ولا أجلب لقذع من قول هذا والله أيها الملك ما قتلوا بهجينهم بذجا ولا رقوابه درجا ولا أنطوا به عقلا ولا اجتفؤ به خشلا ولقد أخرجهم الخوف عن أصلهم وأجلاهم عن محلهم حتى استلانوا خشونة الازعاج ولجؤا إلى أضيق الولاج قلاوذلا فقال الحرث أتسمع يا طريف إني والله ما إخالك كافا غرب لسانك ولا منهها شرة نزوانك حتى أسطو بك سطوة تكف طماحك وترد جماحك وتكبت تترعك وتقمع تسرعك فقال طريف مهلا يا حارث لا تعرض لطحمة أستناني وذرب سناني وغرب شبابي وميسم سبابي فتكون كالأظل الموطوء والعجب الموجوء فقال الحرث إياي تخاطب بمثل هذا القول فوالله لو وطئتك لأسختل ولو وهصتك لأوهطتك ولو نفحتك لأفدتك فقال طريف متمثلا ( وإن كلام المرء في غير كنهه ** لكالنبل تهوى ليس فيها نصالها ) أما والأصنام المحجوبة وألأنصاب المنصوبة لئن لم تربع على ظلعك وتقف عند قدرك لأدعن حزنك سهلا وغمرك ضحلا وصفاك وحلا فقال الحرث أما والله لو رمت بالحضيض وأغصصت بالجريض وضاقت عليك الرحاب وتقطعت بك الأسباب لألفيت لقى تهاداه الروامس بالسهب الطامس فقال طريف دون ما ناجتك به نفسك مقارعة أبطال وحياض أهوال وحفزة إعجال يمنع معه تطامن الأمهال فقال الملك إيها عنكما فما رأيت كاليوم مقال رجلين لم يقصبا ولم يثلبا ولم يلصوا ولم يقفوا قال أبو علي المقاول والأقيال هم الذين دون الملك الأعظم تشاولا تضاربا وعاث أفسد والعيث الفساد ونزف الرجل إذا سال دمه حتى يضعف والهجين الذي أبوه عربي وأمه ليست بعربية والمقرف الذي أمه عربية وأبوه ليس بعربي والصريح الخالص والرباء الزيادة يقال أربى فلان على فلان في السباب يربى إرباء إذا زاد عليه وأربى يربي من الربا وهو مقصور والرباء ممدود الربا أيضا وتفاقم الأمر اشتد والعقل الدية يقال عقلت فلانا إذا غرمت ديته وعقلت عن فلان إذا غرمت عنه دية جنايته والمرأة تعاقل الرجل إلى ثلث ديتها يريد أن موضحتها وموضحته سواء فإذا بلغ العقل ثلث الدية صارت دية المرأة على النصف من دية الرجل وقال الأصمعي سألت أبا يوسف القاضي بحضرة الرشيد عن الفرق بين عقلته وعقلت عنه فلم يفهم حتى فهمته ويقال للقوم الذين يغرمون دية الرجل العاقلة ويقال بنو فلان على معاقلهم الأولى يريد على حال الديات التي كانوا عليها في الجاهلية واحدها معقلة ويقال صار دم فلان معقلة على قومه أي غرما يؤدونه من أموالهم وعقل الظل إذا قام قائم الظهيرة وعقل الرجل يعقل عقلا في العقل وعقل الظبي يعقل عقولا إذا صعد في الجبل فامتنع فيه والمكان الممتنع فيه يسمى المعقل وبه سمى الرجل معقلا ويقال وعل عاقل إذا عقل في الجبل فامتنع فيه وعقل البعير يعقله عقلا إذا ثنى وظيفة مع ذراعه فشدهما جميعا في وسط الذراع ونحوه وعقل الطعام بطنه يعقله عقلا إذا شده ويقال أعطني عقولا أشر به فيعطيه دواء يمسك بطنه وبالدههناء خبراء يقال لها معقلة سميت بذلك لأنها تمسك الماء كما يعقل الدواء البطن ويقال جاء فلان وقد اعتقل رمحه إذا وضعه بين ركابه وساقه واعتقل شاته إذا وضع رجلها بين ساقه وفخذه إذا حلبها ويقال صارع فلان فلانا فاعتقله الشغزبية وهو ضرب من الصراع ولفلان عقلة يعقل بها الناس وذلك إذا صارعهم عقل أرجلهم ويقال على بني فلان عقالان يريد بذلك صدقة عامين ويقال جار عليهم العامل فأخذ منهم النقد ولم يأخذ العقال أي الفريضة بعينها ويقال يكره أن تشترى الفريضة حتى يعقلها الساعي وهو المصدق والعقال أيضا الحبل الذي يعقل به البعير والعقال هو أن بعض الخيل إذا مشى يظلع ساعة ثم ينبسط والعقل التواء في الرجل يقال بعير أعقل وناقة عقلاء والعقيلة كريمة الحي وكريمة الإبل والعقل ضرب من الوشي يقال جللوا هوادجهم بالعقل والرقم ويقال ماله جول ولا معقول أي عقل يمسكه وقال الأصمعي أرهقت الرجل أدركته وقال أبو زيد أرهقته عسرا أي كلفته ذلك وأرهقته إثما حتى رهقه وقال الأصمعي رهقته أي غشيته وفي فلان رهق أي غشيان للمحارم والمرهق الذي يغشاه السؤال والأضياف ويقال فاد يفود إذا مات قال لبيد ( رعى خرزات الملك عشرين حجة ** وعشرين حتى فادوا الشيب شامل ) وفاد يفيد إذا تبختر وكذلك راس يريس وماس يميس وماح يميح وفت أوهن وأضعف واثأرنا افتعلنا من الثأر والخطل الخطأ والقذع الكلام القبيح يقال أقذع له إذا أسمعه كلاما قبيحا والبذج الخروف وهو فارسي معرب وكذلك البرق فارس معرب وهو الحمل وأنطوالغة في أقطوا وقرأت على أبي بكر بن دريد في شعر الأعشى ( جيادك في الصيف في نعمة ** تصان الجلال وتنطى الشعيرا ) واجتفؤا صرعوا قال أبو زيد جفأه صرعه وخفأه أيضا والخشل والخشل محرك ومسكن واحدتهما خشلة وخشلة شجر المقل وهذه أمثال كلها يريد أنهم لم ينالوا ثأره والقل القلة والدل الذلة والنزوان الوثوب والتترع التسرع إلى الشر يقال ترع ترعا فهو ترع إذا كان سريعا إلى الشر ويقال ترع ترعا إذا اقتحم الأمور مرحا ونشاطا قال الشاعر ( الباغي الحرب يسعى نحوها ترعا ** حتى إذا ذاق منها جاحما بردا ) أي ثبت فلم يتقدم كذا فسره بعضهم وهو صحيح أي خمدت حدته فسكن وهذا مثل وطحمة السيل وطحمته بالضم والفتح دفعته والذرب الحدة والأظل أسفل خف البعير والعجب أصل الذنب ووهصتك كسرتك يقال وهصه ووطسه ووقصه إذا كسره وأوهطتك صرعتك قال أبو زيد يقال ضربه فقحزته وجحدله وأوهطه إذا صرعه قال ألأموي هو أن يصرعه صرعة لا يقوم منها وقال غيره أوهطه أهلكه وأنشد ( أوهطته لما علا إيهاطا ** بكل ماض يبتك النياطا ) وتربع تكف وترفق يقال ربع يربع ربعا إذا كف ورفق والظلع الغمر والضحل الماء القليل وكذلك الضحضاح والفراش أقل منه والضهل القليل من الماء ومنه يقال ما ضهل إليه منه شيء والشول القليل من الماء يكون في أسفل القربة والسقاء قال الأعشى ( حتى إذا لمع الربىء بثوبه ** سقيت وصب سقاتها أشوالها ) والنزفة القليل من الماء والشراب أيضا وجمعها نزف قال ذو الرمة ( يقطع موضوع الحديث ابتسامها ** تقطع ماء المزن في نزف الخمر ) والدفاف البلل قال أبو ذؤيب ( يقولون لما جشت البئرأ وردوا ** وليس بها أدنى ذفاف لوارد ) والصفا جمع صفاة الصخرة وهي أيضا الصفواء والصفوان والحضيض القرار إذا انصل بالجبل وفي الحديث إن العدو بعرعرة الجبل ونحن بحضيضه فالعرعرة أعلاه والحضيض أسفله ولقى ملقى والروامس الرياح التي ترمس أي تدفن والسهب المستوى من الأرض والطامس والطاسم جميعا الدارس يقال طمس وطسم والحفز الدفع يقال حفزه يحفزه حفزا ومنه سمى الحرث بن شريك الحوفزان وذلك أن قيس بن عاصم حفزه بالرمح حين خاف أن يفوته وقد فخر بذلك سوار بن حبان المنقري فقال ( ونحن حفزنا الحوفزان بطعنة ** سقته نجيعا من دم الجوف أشكلا ) وقال أبو زيد إيها نهي وإيه أمر وقال غيره ويها إغراء وأنشد للكميت ( وجاءت حوادث في مثلها ** يقال لمثلي ويها فل ) وقال أبو بكر بن الانبارى واها تعجب قال الراجز ( واها لريا ثم واها واها ** ياليت عيناها لنا وفاها ) ( بثمن نرضي به أباها ** ) لم يقصبا لم يشتما يقال قصبه يقصبه إذا وقع فيه وأصل القصب القطع ومنه قيل للجزار قصاب ولم يلصوا قال أبو علي كذا رواه لم يلصوا وقال الأصمعي لصاه يلصيه لصيا إذا قذفه وأنشد الأصمعي للعجاج عف فلالاص ولا ملصى ويقال قفاه يقفوه إذا قذفه بأمر عظيم كذلك قال يعقوب بن السكيت ويمكن أن يكون يلصوا لغة وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لرجل من بني كلاب ( سقى الله دهرا قد تولت غياطله ** وفارقنا إلا الحشاشة باطله ) ( ليالي خدني كل أبيض ماجد ** يطيع هوى الصابي وتعصي عواذله ) ( وفى دهرنا والعيش إذ ذاك غرة ** ألا ليت ذاك الدهر تثنى أوائله ) ( بما قد غنينا والصباجل همنا ** يمايلنا ريعانه ونمايله ) ( وجر لنا أذياله الدهر حقبة ** يطاولنا في غيه وتطاوله ) ( فسقيا له من صاحب خذلت بنا ** مطيتنا عنه وولت رواحله ) ( أصد عن البيت الذي فيه قاتلي ** وأهجره حتى كأني قاتله ) قال أبو علي الغياطل جمع غيطلة وهي الظلمة والغيطلة اختلاط الأصوات والغيطلة الشجر الملتف والغيطلة البقرة قال زهير ( كما استغاث بسي فزغيطلة ** خاف العيون فلم ينظر به الحشك ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا عبد الله بن خلف قال حدثنا محمد بن أبي السرى قال حدثنا الهيثم بن عدي قال كنا نقول بالكوفة انه من لم يروهذه الأبيات فلا مروأة له وهي لأيمن بن خريم بن فاتك الأسدي قال وأنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي عن ابن الأعرابي والالفاظ في الروايتين مختلطة ( وصهباء جر جانية لم يطف بها ** حنيف ولم تنغر بها ساعة قدر ) ( ولم يحضر القس المهينم نارها ** طروقا ولم يشهد على طنجها حبر ) ( أتاني بها يحي وقد نمت نومة ** وقد غابت الشعرى وقد جنح النسر ) ( فقلت أغتبقها أو لغيري فاسقها ** فما أنا بعد الشيب ويبك والخمر ) ( تعففت عنها في العصور التي خلت ** فكيف التصابي بعد ما كلأ العمر ) ( اذا المرء وفى الأربعين ولم يكن ** له دون ما يأتي حياء ولا ستر ) ( فدعه ولا تنفس عليه الذي ارتأى ** وأن جرأ أسباب الحياة له الدهر ) قال أبو على كلا أنتهى إلى آخره وأقصاه ويقال بلغ الله بك أكلا العمر أى آخره وارتأى افتعل من الرأى وأنشدنا أبو عمرو بن المطرز غلام ثعلب قال أنشدنا أبو العباس قال أنشدنا عبد الله بن شبيب لابن الدمينة ( ألا حب بالبيت الذي أنت هاجره ** وأنت بتلماح من الطرف زائره ) ( فانك من بيت لعيني معجب ** وأحسن في عيني من البيت عامره ) ( أصد حياء أن يلج بي الهوى ** وفيك المنى لولا عدو أحاذره ) ( وكم لائم لولا نفاسة حبها ** عليك لما باليت أنك خابره ) ( أحبك ياليلى على غير ريبة ** وما خير حب لا تعف سرائره ) ( وقد مات قبلى أول الحب فانقضى ** فان مت أضحى الحب قد مات آخره ) ( فلما تناهى الحب في القلب واردا ** ** أفام وأعيت بعد ذاك مصادره ) ( وقد كان قلبي في حجاب يكنه ** وحبك من دون الحجاب يساتره ) ( فاذا الذي يشفى من الحب بعدما ** تشربه بطن الفؤاد وظاهره ) وأنشدنا الاخفش قال أنشدنا أبو الطريف شاعر كان مع المعتمد لنفسه ( أتهجرون فتى أغرى بكم يتها ** حقا لدعوة صب أن تجيبوها ) ( أهدى اليكم على نأى تحيته ** حيوا بأحسن منها أو فردوها ) ( شيعتهم فاسترابوني فقلت لهم ** إنى بعثت مع الأجمال أحدوها ) ( قالوا فما نفس يعلوك ذا اصعد ** وما لعينك لا ترقا مآقيها ) ( قلت التنفس من تدآب سيركم ** والعين تذرف دمعا من قذى فيها ) ( حتى اذا ارتحلوا والليل معتكر ** خفضت في جنحه صوتي أناديها ) ( يا من بها أنا هيمان ومختبل ** هل لي إلى الوصل من عقبى أرجيها ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قصيدة له أولها ( قلب تقطع فاستحال نجيعا ** فجرى فصار مع الدموع دموعا ) ( ردت إلى أحشائه زفراته ** ففضضن منه جوانحا وضلوعا ) ( عجبا لنار ضرمت في صدره ** فاستنبطت من جفنه ينبوعا ) ( لهب يكون اذا تلبس بالحشا ** قيظا ويظهر في الجفون ربيعا ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحي ( أما والذي لا خلد إلا لوجهه ** ولم يك في العز المنيع له كفو ) ( لئن كان طعم الصبر مرا فعفته ** لقد يجتنى من غبه الثمر الحلو ) وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر ( نسي الأمانة من مخافة لقح ** شمس تركن بضيعه مجزولا ) أي نسي الأمانة من مخافة هذه اللقح يعني السياط شبهها إذا ارتفعت بأيدي الرجال بأذناب الإبل إذا لقحت فرفعت أذنابها وشمس فيها شماس لا تستقر وبضيعه لحمه ومجزول مقطوع وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي عن أبيه قال كان قيل من أقيال حمير منع الولد دهرا ثم ولدت له بنت فبنى لها قصرا منيفا بعيدا من الناس ووكل بها نساء من بنات الأقيال يخدمنها ويؤدبنها حتى بلغت مبلغ النساء فنشأت أحسن منشأ وأتمه في عقلها وكمالها فلما مات أبوها ملكها أهل مخلافها فاصطنعت النسوة اللواتي ربينها وأحسنت إليهن وكانت تشاورهن ولا تقطع أمرا دونهن فقلن لها يوما يا بنت الكرام لو تزوجت لتم لك الملك فقالت وما الزوج فقالت إحداهن الزوج عز في الشدائد وفي الخطوب مساعد إن غضبت عطف وإن مرضت لطف قالت نعم الشيء هذا فقالت الثانية الزوج شعاري حين أصرد ومتكى حين أرقد وأنسي حين أفرد فقالت إن هذا لمن كمال طيب العيش فقالت الثالثة الزوج لما عناني كاف ولما شفني شاف يكفيني فقد الألاف ريقه كالشهد وعناقه كالخلد لا يمل قرانه ولا يخاف حرانه فقالت أمهلنني أنظر فيما قلتن فاحتجبت عنهن سبعا ثم دعتهن فقالت قد نظرت فيما قلتن فوجدتني أملكه رقي وأبثه باطلي وحقي فإن كان محمود الخلائق مأمون البوائق فقد أدركت بغيتي وإن كان غير ذلك فقد طالت شقوتي على أنه لا ينبغي إلا أن يكون كفؤا كريما يسود عشيرته ويرب فصيلته لا أتقنع به عارا في حياتي ولا أرفع به شنارا لقومي بعد وفاتي فعليكنه فابغينه وتفرقن في الأحياء فأيتكن أتتنى بما أحب فلها أجزل الحباء وعلي لها الوفاء فخرجن فيما وجهتهن له وكن بنات مقاول ذوات عقل ورأي فجاءتها إحداهن وهي عمرطة بنت زرعة بن ذي خنفر فقالت قد أصبت البغية فقالت صفيه ولا تسميه فقالت غيث في المحل ثمال في الأزل مفيد مبيد يصلح النائر وينعش العاثر ويغمر الندي ويقتاد الأبي عرضه وافر وحسبه باهر غض الشباب طاهر الأثواب قالت ومن هو قالت سبرة بن عوال بن شداد بن الهمال ثم خلت بالثانية فقالت أصبت من بغيتك شيئا قالت نعم صفيه ولا تسميه قالت مصامص النسب كريم الحسب كامل الأدب غزير العطايا مألوف السجايا مقتبل الشباب خصيب الجناب أمره ماض وعشيره راض قالت ومن هو قالت يعلى بن هزال بن ذي جدن ثم خلت بالثالثة فقالت ما عندك قال وجدته كثير الفوائد عظيم المرافد يعطي قبل السؤال وينيل قبل أن يستنال في العشيرة معظم وفي الندي مكرم جم الفواضل كثير النوافل بذال أموال محقق آمال كريم أعمام وأخوال قالت ومن هو قالت رواحة بن خمير بن مضحى بن ذي هلاهلة فاختارت يعلى بن هزال فتزوجته فاحتجبت عن نسائها شهرا ثم برزت لهن فأجزلت لهن الحباء وأعظمت لهن العطاء قال أبو علي إسماعيل المخلاف الكورة وأصرد أبرد ويرب يجمع ويصلح وأنشدنا أبو بكر لرجل يصف إبلا ( تربعت في حرض وحمض ** جاءت تهض الأرض أي هض ) ( يدفع عنها بعضها عن بعض ** مثل العذارى شمن عين المغضي ) تربعت أقامت في الربيع والحرض الأشنان والحمض ما ملح من النبات وتهض تدق وقوله يدفع عنها بعضها عن بعض أي هي مستوية حسان كلها ليست فيها واحدة تبينها فتسبق إليها العين ولكن إذا قيل هذه أحسن قيل لا هذه فيدفع بعضها عن بعض العين أن تعينها وشمن فتحن عين المغضي فينظر إليهن وهن مثل العذارى في الحسن وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لسلمي ابن ربيعة ( حلت تماضر غربة فاحتلت ** فلجا وأهلك باللوى فالحلة ) ( فكأن في العينين حب قرنفل ** أو سنبلا كحلت به فانهلت ) زعمت تماضر أنني إما أمت ** يسدد أبينوها الأصاغر خلتي ) ( تربت يداك وهل رأيت لقومه ** مثلي على يسري وحين تعلتي ) ( رجلا إذا ما النائبات غشينه ** أكفى لمضلعة وإن هي جلت ) ( ومناخ نازلة كفيت وفارس ** نهلت قناتي من مطاه وعلت ) ( وإذا العذارى بالدخان تقنعت ** واستعجلت هزم القدور فملت ) ( دارت بأرزاق العفاة مغالق ** بيدي من قمع العشار الجلة ) ( ولقد رأبت ثأى العشيرة بينها ** وكفيت جانبها اللتيا والتى ) ( وصفحت عن ذي جهلها ورفدتها ** نصحي ولم تصب العشيرة زلتي ) ( وكفيت مولاي الأجم جريرتي ** وحبست سائمتي على ذي الخلة ) قال وروى عن أبي زيد مولاي الأحم بالحاء قال أبو علي لمضلعة أمر شديد تضلع صاحبها أي تميله للوقوع والهزم الصوت يريد صوت الغليان والمغالق يريد بها القداح التي يغلق بها الرهن والقمع الأسنمة واحدتها قمعة والعشار جمع عشراء وهي التي أتت عليها عشرة أشهر من حملها ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع وبعد ما تضع أياما والثأي الفساد وأصل ذلك الثأى في الخزر وهو أن تنخرم الخرزتان فتصيرا واحدة يقال أثأيت الخرز إذا خزمته ورأبت أصلحت والأجم الذي لا رمح معه وأما الأحم بالحاء فالأقرب والحميم القريب والأعزل الذي لا سلاح معه والأكشف الذي لا ترس معه والأميل الذي لا سيف معه والأميل أيضا الذي لا يثبت على الخيل قال الأعشى ( غير ميل ولا عواوير في الهيجا ولا عزل ولا أكفال ) قال أبو علي الميل جمع أميل والعواوير جمع عوار وهو الجبان والعزل جمع أعزل والأكفال جمع كفل وهو أيضا الذي لا يثبت على الخيل مثل الأميل غير أن الأميل الذي يميل إلى جانب والكفل الذي يزول عن متن الفرس إلى كفله والخلة بالفتح الحاجة والخلة بالضم الصداقة وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه قال أنشدني رجل من بني فزارة ( لا يبعد الله قوما إن سألتهم ** أعطوا إن قلت يا قوم انصروا نصروا ) ( وإن أصابتهم نعماء سابغة ** لم يبطروها وإن فاتتهم صبروا ) ( الكاسرون عظاما لا جبور لها ** والجابرون فأعلى الناس من جبروا ) فقلت من يقول هذا فقال الذي يقول ( إذا نشرت نفسي تذكرت ما مضى ** وقومي اذنحن الذرى والكواهل ) ( وإذلي منهم جنة أتقي بها ** وجرثومة فيها حفاظ ونائل ) ( وإذ لا ترود العين عنا لبغيه ** ولا يتخطانا المروع الموائل ) ( ولا يجد الأضياف عنا محولا ** إذا هب أرواح الشتاء الشمائل ) ( إذا قيل أين المشتفى بدمائهم ** وأين الروابي والفروع المعاقل ) ( أشير السنا أو رأى الناس أننا ** لهم جنة إن قال بالحق قائل ) ( فأصبحت مثل النسر تحت جناحه ** قوادم صارتها إليه الحبائل ) ( فلو أن قومي أكرموني وأتاقوا ** سجالابها أسقي الذين أساجل ) ( كففت الأذى ما عشت عن حلمائهم ** وناضلت عن أعراضهم من يناضل ) ( ولكن قومي عزهم سفهاؤهم ** على الرأي حتى ليس للرأي حامل ) ( تظوهر بالعدوان واختيل بالغنى ** وشورك في الرأي الرجال المائل ) ثم قام مغضبا متصاعرا كأن المحاجم على أخدعيه وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم ولم يسنده ( تود عدوي ثم تزعم أنني ** صديقك إن الرأي عنك لعازب ) ( وليس أخي من ودني رأي عينه ** ولكن أخي من ودني وهو غائب ) وأنشدنا أبو عبد الله نفطوبه قال أنشدنا أحمد بن يحي النحوي ثعلب ( أحب بلاد الله ما بين منعج ** إلي وسلمي أن يصوب سحابها ) ( بلاد بها حل الشباب تمائمي ** وأول أرض مس جلدي ترابها ) وأنشدنا أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحي النحوي ( منعمة يحار الطرف فيها ** كأن حديثها سكر الشباب ) ( من المتصديات لغير سوء ** تسيل إذا مشت سيل الحباب ) وأنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله في خبر طويل ( وكنت إذا ما زرت سعدى بأرضها ** أرى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها ) ( من الخفرات البيض ود جليسها ** متى ما انقضت أحدوثة لو تعيدها ) وأنشدنا بعض أصحابنا في حسن الحديث ( فبتنا على رغم الحسود وبيننا ** حديث كمثل المسك شيبت به الخمر ) ( حديث لو أن الميت نوجي ببعضه ** لأصبح حيا بعد ما ضمه القبر ) قال أبو علي وقرأت في نوادر ابن الأعرابي عن أبي عمر المطرز قال أنشدنا أحمد بن يحي النحوي عن ابن الأعرابي لأعرابي ( وحديثها كالقطر يسمعه ** راعي سنين تتابعت جدبا ) ( فأصاخ يرجو أن يكون حيا ** ويقول من فرح هياربأ ) وأحسن في هذا المعنى على بن العباس الرومي أنشدناه الناجم قال أنشدنا علي بن العباس نفسه ( وحديثها السحر الحلال لو أنه ** لم يجن قتل المسلم المتحرز ) ( إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ** ود المحدث أنها لم توجز ) ( شرك العقول ونهزة ما مثلها ** للمطمئن وعقلة المستوفز ) وأنشدنا بعض أصحابنا لبشار ( وكأن رصف حديثها ** قطع الرياض كسين زهرا ) ( وكأن تحت لسانها ** هاروت ينفث فيه سحرا ) ( وتخال ما جمعت عليه ** ثيابها ذهبا وعطرا ) ( وكأنها برد الشراب ** صفا ووافق منك فطرا ) وقرأت على أبي بكر بن دريد من خط إسحاق بن إبراهيم لأعرابي ( أمر مجنبا عن بيت ليلى ** ولم ألمم به وبي الغليل ) ( أمر مجنبا وهواي فيه ** فطرفي عنه منكسر كليل ) ( وقلبي فيه مقتتل فهل لي ** إلى قلبي وساكنه سبيل ) ( أؤمل أن أعل بشرب ليلى ** ولم أنهل فكيف لي العليل ) وأنشدنا الأخفش لأبي علي البصير ( غناؤك عندي يميت الطرب ** وضربك بالعود يحي الكرب ) ( ولم أرقبلك من قينة ** تغني فأحسبها تنتحب ) ( ولا شاهد الناس إنسية ** سواك لها بدن من خشب ) ( ووجه رقيب على نفسه ** ينفر عنه عيون الريب ) ( فكيف تصدين عن عاشق ** يودك لو كان كلبا كلب ) ( ولو مازج النار في حرها ** حديثك أخمد منها اللهب ) وأنشدنا ابن الأنباري قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء ( فديتك ليلى مذ مرضت طويل ** ودمع لما لاقيت فيك همول ) ( أ أشرب كأسا أم أسر بلذة ** ويعجبني ظبي أغن كحيل ) ( وتضحك سني أو تجف مدامعي ** وأصبو إلى لهو وأنت عليل ) ( ثكلت إذا نفسي وقامت قيامتي ** وغالت حياتي عند ذلك غول ) قال أبو علي ومن أحسن ما سمعت في القسم قول الأشتر النخعي رحمه الله ( بقيت وفري وانحرفت عن العلى ** ولقيت أضيافي بوجه عبوس ) ( إن لم أشن على ابن هند غارة ** لم تخل يوما من نهاب نفوس ) ( خيلا كأمثال السعالي شزبا ** تعدو ببيض في الكريهة شوس ) ( حمي الحديد عليهم فكأنه ** لمعان برق أو شعاع شموس ) وأنشدني بعض أصحابنا ( ولكن عبد الله لما حوى الغنى ** وصار له من بين اخوانه مال ) ( رأى خلة منهم تسد بماله ** فساهمهم حتى استوت فيهم الحال ) وحدثني أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال أخبرنا أحمد بن عبيد عن أبي الحسن المدائني عمن حدثه عن مولى لعنبسة بن سعيد بن العاصي قال كنت أدخل مع عنبسة بن سعيد بن العاصي إذا دخل على الحجاج فدخل يوما فدخلت إليهما وليس عند الحجاج أحد إلا عنبسة فأقعدني فجيء الحجاج بطبق فيه رطب فأخذ الخادم منه شيئا فجاءني به ثم جيء بطبق آخر حتى كثرت الأطباق وجعل لا يأتون بشيء إلا جاءني منه بشيء حتى ظننت أن ما بين يدي أكثر مما عندهما ثم جاء الحاجب فقال امرأة بالباب فقال له الحجاج أدخلها فدخلت فلما رآها الحجاج طأطأ رأسه حتى ظننت أن ذقنه قد أصاب الأرض فجاءت حتى قعدت بين يديه فنظرت فإذا امرأة قد أسنت حسنة الخلق ومعها جاريتان لها وإذا هي ليلى الأخيلية فسألها الحجاج عن نسبها فانتسبت له فقال لها يا ليلى ما أتى بك فقالت إخلاف النجوم وقلة الغيوم وكلب البرد وشدة الجهد وكنت لنا بعد الله الرفد فقال لها صفي لنا الفجاج فقالت الفجاج مغبره والأرض مقشعره والمبرك معتل وذو العيال مختل والهالك للقل والناس مسنتون رحمة الله يرجون وأصابتنا سنون مجحفة مبلطه لم تدع لنا هبعا ولا ربعا ولا عافطة ولا نافطة أذهبت الأموال ومزقت الرجال وأهلكت العيال ثم قالت إني قلت في الأمير قولا قال هاتي فأنشأت تقول ( أحجاج لا يفلل سلاحك إنها ** المنايا بكف الله حيث تراها ) ( أحجاج لا تعطي العصاة مناهم ** ولا الله يعطي للعصاة مناها ) ( إذا هبط الحجاج أرضا مريضة ** تتبع أقصى دائها فشفاها ) ( شفاها من الداء العضال الذي بها ** غلام إذا هز القناة سقاها ) ( سقاها فرواها بشرب سجاله ** دماء رجال حيث مال حشاها ) ( إذا سمع الحجاج رز كتيبة ** أعدلها قبل النزول قراها ) ( أعدلها مسمومة فارسية ** بأيدى رجال يحلبون صراها ) ( فما ولد الأبكار والعون مثله ** ببحر ولا أرض يجف ثراها ) قال فلما قالت هذا البيت قال الحجاج قاتلها الله والله ما أصاب صفتي شاعر مذ دخلت العراق غيرها ثم التفت إلى عنبسة بن سعيد فقال والله إني لأعد للأمر عسى أن لا يكون أبدا ثم التفت إليها فقال حسبك قالت إني قد قلت أكثر من هذا قال حسبك ويحك حسبك ثم قال يا غلام اذهب إلى فلان فقل له اقطع لسانها فذهب بها فقال له يقول لك الأمير اقطع لسانها قال فأمر بإحضار الحجام فالتفتت إليه فقالت ثكلتك أمك أما سمعت ما قال إنما أمرك أن تقطع لساني بالصلة فبعث إليه يستثبته فاستشاط الحجاج غضبا وهم بقطع لسانه وقال ارددها فلما دخلت عليه قالت كاد وأمانة الله يقطع مقولي ثم أنشأت تقول ( حجاج أنت الذي ما فوقه أحد ** إلا الخليفة والمستغفر الصمد ) ( حجاج أنت شهاب الحرب إن لقحت ** وأنت للناس نور في الدجى يقد ) ثم أقبل الحجاج على جلسائه فقال أتدرون من هذه قالوا لا والله أيها الأمير الا أنا لم نرقط أفصح لسانا ولا أحسن محاورة ولا أملح وجها ولا أرصن شعرا منها فقال هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة الخفاجى من حبها ثم التفت إليها فقال أنشدينا ياليلى بعض ما قال فيك توبة قالت نعم أيها الأمير هو الذي يقول ( وهل تبكين ليلى إذا مت قبلها ** وقام على قبري النساء النوائح ) كما لو أصاب ليلى بكيتها ** وجاد لها دمع من العين سافح ) ( وأغبط من ليلى بمالا أناله ** بلى كل ما قرت به العين طائح ) ( ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ** على ودوني جندل وصفائح ) ( لسلمت تسليم البشاشة أوزقا ** إليها صدى من جانب القبر صائح فقال زيدينا من شعره ياليلى قالت هو الذي يقول ( حمامة بطن الواديين ترنمى ** سقاك من الغر الغوادي مطيرها ) ( أبيني لنا لازال ريشك ناعما ** ولازلت في خضراء غض نضيرها ) ( وكنت اذا مازرت ليلى تبرقعت ** فقدر رابني منها الغداة سفورها ) ( وقد رابني منها صدود رأيته ** واعراضها عن حاجتي وبسورها ) ( وأشرف بالقور اليفاع لعلنى ** أرى نار ليلى أو يراني بصيرها ) ( يقول رجال لا يضيرك نأيها ** بلى كل ما شف النفوس يضيرها ) ( بلى قد يضير العين أن تكثر البكا ** ويمنع منها نومها وسرورها ) ( وقد زعمت ليلى بأني فاجر ** لنفسي تقاها أو عليها فجورها ) فقال الحجاج ياليلى ما الذي رابه من سفورك فقالت أيها الأمير كان يلم بي كثيرا فأرسل إلي يوما إني آتيك وفطن الحى فأرصدوا له فلما أتاني سفرت عن وجهي فعلم أن ذلك لشر فلم يزد على التسليم والرجوع فقال لله درك فهل رأيت منه شيأ تكرهينه فقالت لا والله الذي اسأله أن يصلحك غير أنه قال مرة قولا ظننت أنه قد خضع لبعض الأمر فانشأت تقول ( وذي حاجة قلنا له لا تبح بها ** فليس اليها ما حييت سبيل ) ( لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ** وأنت لأخرى صاحب وخليل ) فلا والله الذي أسأله أن يصلحك ما رأيت منه شيأ حتى فرق الموت بيني وبينه قال ثم مه قالت ثم لم يلبث أن خرج في غزاة له فاوصى ابن عم له اذا أتيت الحاضر من بني عبادة فناد بأعلى صوتك ( عفا الله عنها هل أبيتن ليلة ** من الدهر لا يسري إلى خيالها ) وأنا أقول ( وعنه عفا ربي وأحسن حاله ** فعزت علينا حاجة لا ينالها ) قال ثم مه قالت ثم لم يلبث أن مات فأتانا نعيه فقال أنشدينا بعض مراثيك فيه فأنشدت ( لتبك العذارى من خفاجة نسوة ** بماء شؤون العبرة المتحدر ) قال لها فأنشدينا فانشدته ( كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ ** قلائص يفحصن الحصى بالكراكر ) فلما فرغت من القصيدة قال محصن الفقعسي وكان من جلساء الحجاج من الذي تقول هذه هذا فيه فو فوالله إنى لأظنها كاذبة فنظرت اليه ثم قالت أيها الأميران هذا القائل لو رأى توبة لسره أن لاتكون في داره عذراء الا هي حامل منه فقال الحجاج هذا وأبيك الجواب وقد كنت عنه غنيا ثم قال لها سلى ياليلى تعطى قالت أعط فمثلك أعطى فأحسن قال لك عشرون قالت زد فمثلك زاد فأحمل قال لك أربعون قالت زد فمثلك زاد فأكمل قال لك ثمانون قالت زد فمثلك زاد فتمم قال لك مائة واعلمي أنها غنم قالت معاذ الله أيها الأمير أنت أجود جودا وأمجد مجدا وأورى زندا من أن تجعلها غنما قال فما هي ويحك ياليلى قالت مائة من الابل برعاتها فأمر لها بها ثم قال ألك حاجة بعدها قالت تدفع إلى النابغة الجعدي قال قد فعلت وقد كانت تهجو ويهجوها فبلغ النابغة ذلك فخرج هاربا عائذا بعبد الملك فاتبعته إلى الشام فهرب إلى قتيبة بن مسلم بخراسان فاتبعته على البريد بكتاب الحجاج إلى قتيبة فماتت بقومس ويقال بحلوان قال أبو علي قولها إخلاف النجوم تريد أخلفت النجوم التي يكون بها المطر فلم تأت بمطر وكلب البرد شدته وهذا مثل لأن الكلب السعار الذي يصيب الكلاب والذئاب والرفد المعونة والرفد العطية ويقال رفدته من الرفد وأرفدته إذا أعته على ذلك وقال الأصمعي الرفد بكسر الراء القدح والرفد بالفتح مصدر رفدته والرفود من الإبل التي تملأ الرفد وقال أبو عبيدة الرفد بفتح الراء القدح وأنشد قول الأعشى ( رب رفد هرقته ذلك اليوم ** وأسرى من معشر أقتال ) قال والرفد بالكسر المعونة وروى الأصمعي رب رفد بكسر الراء والفجاج جمع فج والفج كل سعة بين نشازين كذا قال أبو زيد وقولها والمبرك معتل أرادت الإبل فأقامت المبرك مكانها العلم المخاطب ايجاز او اختصار كما قالوا نهاره صائم وليله قائم وقولها وذو العيال مختل أي محتاج والخلة الحاجة وقولها والهالك للقل أى من أجل القلة وقولها مستنون أي مقحطون والسنة القحط والسنون القحوط ومجحفة قاشرة وقولها مبطلة أى ملزقة بالبلاط والبلاط الأرض الملساء وقال الأصمعي أبلط الرجل فهو مبلط اذا لزق بالأرض وحكى يعقوب عن غيره أبلط فهو مبلط وهو الهالك الذي لا يجد شيأ وقولها لم تدع لنا هبعا ولا ربعا فالهبع ما نتج في الصيف والربع ما نتج في الربيع وقولها ولا عافطة ولا نافطة أى لم تدع لنا ضائنة ولا ماعزة والعافطة الضائنة والعفط الضرط يقال عفطت تعفط عفطا اذا ضرطت فهي عافطة والنافطة الماعزة والنفط العطاس يقال نفطت تنفط اذا عطست فهي نافطة ومما يقال في هذا المعنى ما له سبد ولا لبد أى ماله ذو سيد وهو الشعر ولا ذو لبد وهو الصوف فمعناه ماله شاة ولا عنز وماله سارحة ولا رائحة أى ماله ماشية تسرح أو تروح وماله ثاغية ولا راغية فالثاغية الشاة والراغية الناقة لأنه يقال لأصوات الشاء الثغاء وقد ثغت تثغو ولأصوات الإبل الرغاء وقد رغت ترغو والعرب تقول ما أثغاني ولا أرغاني أي ما أعطاني ثاغية ولا راغية وما أجلني ولا أحشاني أى ما أعطاني من جلة إبله ولا من حواشيها والحواشي واحدتها حاشية وهي صغار الإبل وماله دقيقة ولا جليلة لدقيقة الشاة والجليلة الناقة وماله حانة ولا آنة فالحانة الناقة تحن إلى ولدها والآنة الأمة تئن من شدة التعب أو من علة وماله هارب ولا قارب فالهارب الصادر عن الماء والقارب الطالب للماء وماله عاو ولا نابح أى ماله غنم يعوى بها الذئب أو ينبح فيها الكلب فاذا نفى عنه العاوى والنابح فقد نفى عنه الغنم وماله هلع ولا هلعة أى ماله جدى ولا عناق وماله زرع ولا ضرع وماله قد ولا قحف فالقد اناء من جلود والقحف اناء من خشب وماله أقذ ولا مريش فلأقذ السهم الذي لا قذة له وهي الريش وجمعها قذذ والمريش الذي عليه الريش وماله سعنة ولا معنة أى ماله قليل ولا كثير قال النمر بن تولب ( ولاضيعته فألام فيه ** فان ضياع مالك غير معن ) أى غير يسير ولا هين قال أبو العباس فدل هذا على أن المعن القليل والسعن الكثير وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال أخبرنا محمد بن الحكم عن قطرب قال يقال ماله سعن ولا معن فالسعن الودك والمعن المعروف وأنشد بيت النمر وقد مضى في الباب وماله دارا ولا عقار فالعقار والنخل وماله ستر ولا حجر فالستر الحياء قال زهير ( الستر دون الفاحشات ولا ** يلقاك دون الخير من ستر ) والحجر العقل وانما سمى حجرا لأنه يحجر صاحبه عن القبيح وماله اثر ولا عثير فالعثير الغبار قال الشاعر أثرن عليهم عثيرا بالحوافر قال أبو العباس أحمد بن يحيى ومعناه أنه لا يغزو راجلا فيتبين أثره ولا فارسا فيثير الغبار فرسه وماله حس ولا بس أى ماله حركة فالحس ما يحس به والبس من قولهم أبست بالناقة اذا قلت لها بس بس لتدر وكسروا الباء ليكون على مثال حس وقال أبو عبيدة يقال قدم فلان فما جاء بهلة ولا بلة فهلة فرح وبله أدنى بلل من الخير وأنشدنا أبو بكر بن دريد عن أبي عثمان عن النوزى عن أبي عبيدة لرجل من بني تميم ( ولما رأين بني عاصم ** دعون الذي كن أنسينه ) ( فوارين ما كن حسرنه ** وأخفين ما كن يبدينه ) يصف نساء سبين فأنسين الحياء فأبدين وجوههن وحسرن رؤسهن فلما رأين بني عاصم أيقن أنهن قد استنقذن فراجعن حياءهن فسترن وجوههن وغطين رؤسهن وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا السكن بن سعيد الجرموزي عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي عن أبيه قال كان مرثد الخير بن ينكف بن نوف بن معد يكرب بن مضحى قيلا وكان حدبا على عشيرته محبا لصلاحهم وكان سبيع بن الحرث أخو علس وعلس هو ذو جدن وميثم بن مثوب بن ذي رعين تنازعا الشرف حتى تشاحنا وخيف أن يقع بين حييهما شر فيتفانى جذما هما فبعث اليها مرثد فأحضرهما ليصلح بينهما فقال لهما ان التخبط وامتطاء الهجاج واستحقاب اللجاج سيقفكما على شفاهوة في توردها بوار الأصليه وانقطاع الوسيلة فتلافيا أمر كما قبل انتكاث العهد وانحلال العقد وتشتت الألفة وتباين السهمة وأنتما في فسحة رافهه وقدم واطده والمودة مثرية والبقيا معرضه فقد عرفتم انباء من كان قبلكم من العرب ممن عصى النصيح وخالف الرشيد وأصغى إلى التقاطع ورأيتم ما آلت اليه عواقب سوء سعيهم وكيف كان صيور أمورهم فتلافوا القرحة قبل تفاقم الثأى واستفحال الداء وإعواز الدواء فانه اذا سفكت الدماء استحكمت الشحناء وإذا استحكمت الشحناء تقضبت عرى الابقاء وشمل البلاء فقال سبيع أيها الملك ان عداوة بني العلات لا تبرئها الأساه ولا تشفيها الرقاه ولا تستقل بها الكفاه والحسد الكامن هو الداء الباطن وقد علم بنو أبينا هؤلاء أنالهم ردء اذا رهبوا وغيث اذا أجدبوا وعضد اذا حاربوا ومفزع اذا نكبوا وانا وإياهم كما قال الأول ( اذا ماعلوا قالوا أبونا وأمنا ** وليس لهم عالين أم ولا أب ) فقال ميثم أيها الملك إن من نفس على ابن أبيه الزعامة وجدبه في المقامة واستكثر له قليل الكرامة كان قرفا بالملامة ومؤنبا على ترك الاستقامة وإنا والله ما نعتدلهم بيد إلا وقد نالهم منا كفاؤها ولا نذكرلهم حسنة الا وقد تطلع منا إليهم جزاؤها ولا يتفيأ لهم علينا ظل نعمة الا وقد قوبلوا بشرواها ونحن بنو فحل مقرم لم تقعد بنا الأمهات ولا بهم ولم تنزعنا أعراق السوء ولا إياهم فعلام مط الخدود وخزر العيون والجحيف والتصعر والبأو والتكبر ألكثرة عدد أم لفضل جلد أم لطول معتقد وإنا وإياهم لكما قال الأول ( لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ** عنى ولا أنت دياني فتخزوني ) ومقاطع الأمور ثلاثة حرب مبيرة أو سلم قريره أو مداجاة وغفيره فقال الملك لا تنشطوا عقل الشوارد ولا تلقحوا العون القواعد ولا تؤرثوا نيران الأحقاد ففيها المتلفة المستأصلة والجائحة والأليله وعفوا بالحلم أبلاد الكلم وأنيبوا إلى السبيل الأرشد والمنهج الأقصد فان الحرب تقبل بزبرج الغرور وتدبر بالويل والثبور ثم قال الملك ( ألا هل أتى الأقوام بذلى نصيحة ** حبوت بها مني سبيعا وميثما ) ( وقلت اعلما أن التدابر غادرت ** عواقبه للذل والقل جرهما ) ( فلا تقد حازند العقوق وأبقيا ** على العزة القعساء أن تتهدما ) ( ولا تجنياحر باتجر عليكما ** عواقبها يوما من الشر أشأما ) ( فإن جناة الحرب ولا تجنياحر للحين عرضة ** تفوقهم منها الذعاف المقشما ) ( حذار فلا تستنبثوها فانها ** تغادر ذا الأنف الأشم مكشما ) فقالا لا ايها الملك بل نقبل نصحك ونطيع أمرك ونطفىء النائرة ونحل الضغائن ونثوب إلى السلم قال أبو علي قوله تشاحنا من الشحناء وهي العداوة والجذم الأصل قال أوس بن حجر ( غني تأوى بأولادها ** ليهلك جذم تميم بن مر ) وكذلك الجذر وجذور الحساب منه وقال أبو عمرو الشبياني الجذر بكسر الجيم وقال أبو بكر التخبط ركوب الرجل رأسه في الشر خاصة قال أبو علي ولم أسمع هذه الكلمة من غيره فأما التخمط بالميم فالتكبر وأنشد يعقوب ( وخطيب قوم قدموه أمامهم ** ثقة به متخمط تياح ) وقال أبو بكر يقال ركب الرجل هجاجه إذا لج ومحك والاستحقاب استفعال من الحقيبة أو من الحقاب فأما الحقيبة فما يجعل فيه الرجل متاعه من خرج أو غيره وحقيبة الجمل التي تكون وراء الرجل تحشى تبنا أو حشيشا وقول نصيب في سليمان ابن عبد الملك رحمهما الله تعالى ( أقول لركب قافلين لقيتهم ** قفاذات أو شال ومولاك قارب ) ( قفوا خبرونا عن سليمان إنني ** لمعروفه من ال ودان طالب ) ( فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ** ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب ) من الحقيبة والحقاب بريم تشد به المرأة وسطها والبريم خيط فيه لونان وهذا مثل إما أن يكون أراد أنه احتزم باللجاج أو جعله في وعائه والهوة الجوبة والبوار الهلاك وقال أبو زيد الأصيلة والأصل واحد والانتكاث الانتقاض والأنكاث واحدها نكث وهو ما نقض من الأخبية والحبال ليعاد ثانية ومنه بشير بن النكث والسهمة القرابة ورافهة ناعمة من الرفاهية وواطدة ثابتة ومثرية متصلة مأخوذة من الثرى وهو التراب الندي يقال ثريث التراب إذا بللته قال جرير ( فلا ثوبسوا بيني وبينكم الثرى ** فإن الذي بيني وبينكم مثري ) ويقال قد ثريت بك أي كثرت بك وثرى بنو فلان بني فلان أي صاروا أكثر منهم وأثرى الرجل يثرى إثراء اذا كثر ماله وانه لمثر والثراء والثروة جميعا كثرة المال وقد تكون الثروة كثرة العدد وينشد بيت ابن مقبل ( وثروة من رجال لوء رايتهم ** لقلت احدى حراج الجرمن أقر ) فالثروة ههنا كثرة العدد ويروى وثورة من رجال وهم الذين يثورون في الحرب ومعرضة ممكنة قد أمكنت من عرضها أى من جنبها وناحيتها يقال قد أعرض لك الظبى فارمه أى قد أمكنك من عرضه قال الأصمعي صار يصير صيرورة ومصيرا والصيور الأمر الذي يرجع اليه واستفحال الداء اشتداده وهو أن يصير مثل الفحل وتقضبت تقطعت وشمل البلاء عم وشمل يشمل أفصح وقال أبو عبيدة شمل يشمل وأنشدنا ( كيف نومي على الفراش ولما ** تشمل الشأم غارة شعواء ) والأساة الأطباء واحدهم آس قال البعيث ( اذا قاسها الآسى النطاسى أدبرت ** غثيثتها وازداد وهيا هز ومها ) الغثيثة ما سال من الجرح من مدة أو قيح والاساء الدواء والردة العون قال الله عز وجل { فأرسله معي ردءا يصدقني } والزعامة والعامة الرياسة ويقال السلاح وهي ههنا الرياسة قال لبيد ( تطير عدائد الأشراك شفعا ** ووترا والزعامة للغلام ) وجدبه عابه وفي حديث عمر رضي الله عنه أنه جدب السمر بعد عتمة أى عابه قال ذو الرمة ( فيالك من خد أسيل ومنطق ** رخيم ومن خلق تعلل جادبه ) والمقامة المجلس قال الأصمعي المجلس الناس وأنشد بيت مهلهل ( نبئت أن النار بعدك أوقدت ** واستب بعدك يا كليب المجلس ) قرفا قال أبو علي هكذا أملاه قرفا على فعل أى خليقا وكان ابن الأعرابي يقول يقال أنت قرف من كذا ولا يقال قريف ولا قرف ويقال إنه لخليق لكذا وكذا وقد خلق خلاقة وإنه لجدير بكذا وكذا وقد جدر جدارة وانه لحرى وحرى وحر لذلك وانه لقمين بكذا وكذا وقمن وقمن وإنه لعس أن يفعل ذلك ويثنى ويجمع وليس يقال فيه يعسو ولا يعسا وإنه لجج به وقد حجى يحجا حجى ولا يقال أنت حجى بكذا ولا عسى ويقال في هذا كله ما أخلقه وأجدره وأحراه وأعساه وأقمنه وأحجاه وما أقرفه ويقال في هذا كله أفعل به أعس به أقرف به قال أبو علي وقد روينا من غير طريق ابن الأعرابي أنت قرف بكذا وحجى بكذا وهما عندنا جائزان وقال أبو علي ويقال قرف عليه يقرف قرفا اذا بغى عليه وقرف فلان فلانا اذا وقع فيه كأنه يقشره وقرفت القرحة اذا قشرتها ويقال تركتهم على مثل مقرف الصمغة أى مقشرها والقرف القشر والقرف القشر والقرفة القشرة ولهذا سمى هذا التابل قرفة لانه لحاء شجر ويقال صبغ ثوبه بقرف السدر وقال الأصمعي أقرف الرجل وغيره اذا دانى الهجنة فهو مقرف ويقال أخشى عليه القرف أى مداناة المرض ويقال قرف فلان بسوء فهو مقروف ومن قرفتك من القوم أى من تتهم والمقارفة الجماع وفي حديث عائشة رضي الله عنها إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصبح جنبا عن قراف غير احتلام ويقال اقترف اذا اكتسب والقروف الأوعية واحدها قرف وشرواها مثلها والمط والمد والمت بمعنى واحد والخزر أن ينظر الرجل إلى أحد عرضيه يقال إنه ليتخاز رلى اذا نظر إليه بمؤخر عينه ولم يستقبله بنظره وأنشدني أبو بكر بن دريد ( اذا تخازرت وما بي من خزر ** ثم كسرت العين من غير عور ) ( ألفيتني ألوى بعيد المستمر ** أحمل ما حملت من خير وشر ) وقال أبو عبيدة الجخيف التكبر قال أبو علي حدثنا بعض مشايخنا عن ابي العباس أحمد بن يحيى أنه قال بلغني أنه قيل للأصمعي قال أبو عبيدة الجخنف التكبر والبأ والتكبر قال أما البأ وفنعم وأما الجخيف فلا وحدثني أبو بكر بن دريد قال حدثني أبو حاتم قال قلت للأصمعي أتقول في التهدد أبرق وأرعد فقال لا لست أقول ذلك إلا أن أرى البرق أو اسمع الرعد فقلت فقد قال الكميت ( ابرق وأرعد يا يزيد ** فما وعيدك لي بضائر ) فقال الكميت جر مقاني من أهل الموصل ليس بحجة والحجة الذي يقول ( إذا جاوزت من ذات عرق ثنية ** فقل لأبي قابوس ما شئت فارعد ) فأتيت أبا زيد فقلت له كيف تقول من الرعد والبرق فعلت السماء فقال رعدت وبرقت فقلت فمن التهدد قال رعد وبرق وأرعد وأبرق فأجاز اللغتين جميعا وأقبل أعرابي محرم فأردت أن أسأله فقال لي أبو زيد دعني فأنا أعرف بسؤاله منك فقال يا أعرابي كيف تقول رعدت السماء وبرقت أو أرعدت وأبرقت فقال رعدت وبرقت فقال أبو زيد فكيف تقول للرجل من هذا فقال أمن الجخيف تريد يعني التهدد قلت نعم فقال أقول رعد وبرق وأرعد وأبرق وتخزوني تقهرني وتسوسني وقال يعقوب خزوته قهرته والمداجاة المساترة قال الأصمعي دجا الليل يدجو إذا ألبس كل شيء وأنشد غيره ( فما شبه عمرو غيرأغتم فاجر ** أبى مذ دجا الإسلام لا يتحنف ) يعني ألبس كل شيء وقال بعض العرب ترى الحبارى الصقر فينتفش ريشها فإذا سكن روعها دجا ريشها أي ركب بعضه بعضا وقيل لأعرابي بأي شيء تعرف حمل الشاة فقال بأن تستفيض خاصرتاها وتدجو شعرتها ويحشف حياؤها وقوله غفيرة أي غفران والعرب تقول ليست فيهم غفيرة أي لا يغفرون ويقال جاؤا جما غفيرا والجماء الغفير والغفر زئبر الثوب والغفر الشعر الذي على ساق المرأة والغفر منزل من منازل القمر كلها مسكنة الفاء مفتوحة الغين والغفر ولد الأروية والجمع أغفار والغفارة السحابة تراها كأنها فوق السحابة والغفارة الجلدة التي تكون على رأس القوس في الحز يجري عليها الوتر والغفارة خرقة تلبسها المرأة تحت مقنعتها توقى بها الخمار من الدهن ويقال غفر الرجل يغفر غفرا إذا برأ من مرضه وغفر إذا نكس قال الشاعر ( خليلي إن الدار غفر لذي الهوى ** كما يغفر المحموم أو صاحب الكلم ) وغفر الجرح يغفر غفر اذا افسد وغفر الرجل المناع في الوعاء يغفره غفرا ويقال اصبغ ثوبك بالسواد فانه أغفر للوسخ أى أغطى له وقال الأصمعي نشطت العقدة عقدتها وأنشطتها حللتها وأما قوله ولا تلقحوا العون فانما هو مثل وأصله في الإبل يقال لقحت الناقة اذا حملت وألقحها الفحل ثم ضرب ذلك مثلا للحرب اذا ابتدأت والعون جمع عوان وهي الثيب يقال للحرب عوان اذا كان قد قوتل فيها مرة بعد مرة وتؤرثوا تذكوا قال أبو زيد يقال أرناك تأرية أى عظمها ونمها تنمية مثله وكذلك ذك نارك تذكية أى ألق عليها حطبا أو بعرا التهيج واسم الذي يلقى عليها من الحطب أو البعر الذكية وأرث نارك تأريثا مثله واسم ماتؤرث به النار الاراث والأليلة الثكل والجائحة الاستئصال أنشدني أبو بكر ( فهي الأليلة إن قتلت خؤولتي ** وهي الأليلة إن هم لم يقتلوا ) والأليل الأنين قال ابن مياده ( وقولا لها ما تأمرين لوامق ** له بعد نومات العيون أليل ) أى أنين ويقال سمعت أليل الماء وخريره وقسيبه أى صوت جريه والأبلاد الآثار واحدها بلد وكذلك الندوب واحدها ندب والحبار والحبر والعلوب الآثار والدعس الأثر والعاذر الأثر قال ابن أحمر ( أزاحمهم بالباب اذ يدفعونني ** وبالظهر مني من قرأ الباب عاذر ) والزبرج السحاب الذي تسفره الريح وهذا قول الأصمعي وقال أبو بكر بن دريد رحمه الله لا يقال زبرج الا أن تكون فيه حمرة والقل القلة والذل الذلة والقعساء الثابتة وتفوقهم تسقيهم الفواق والفواق ما بين الحلبتين كأنه يحلب حلبة ثم يسكت ثم يحلب أخرى والمقشم والمقشب واحد وهو المخلوط ولا تستنبثوها مثل أي لا تخرجوا نبيتها وهو ما يخرج من البئر إذا حفرت يريد لا تثيروا الحرب ومكشم مقطوع وقرئ على أبي بكر بن دريد لأبي العميثل عبد الله بن خالد وأنا أسمع ( لقيت ابنة السهمي زينب عن عفر ** ونحن حرام مسى عاشرة العشر ) ( وإنا وإياها لحتم مبيتنا ** جميعا وسيرانا مغذوذ وفتر ) قوله عن عفر عن بعد أي بعد حين يقال ما ألقاه إلا عن عفر أي بعد حين ونحن حرام أي محرمون مسى عاشرة العشر يعني أنه لقيها بعرفات عشية عرفة وهو مسي عاشرة العشر وقوله حتم مبيتنا يقول مبيت الناس بالمزدلفة لا يجاوزها أحد وسيرانا أى سيرى أنا مغذ أى مسرع وسيرها وفتر أى ذو فتور وسكون لأنها ترفق بها وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم ولم يسم قائله في طول الليل ( ألا هل على الليل الطويل معين ** اذا نزحت دار وحن حزين ) ( أكابد هذا الليل حتى كأنما ** على نجمه أن لا يغور يمين ) ( وبالله مافارقتكم قاليا لكم ** ولكن ما يقضى فسوف يكون ) وقرأت على أبي بكر لحندج بن حندج ( في ليل صول تناهى العرض والطول ** كأنما ليله بالليل موصول ) ( لا فارق الصبح كفى ان ظفرت به ** وان بدت غرة منه وتحجيل ) ( لساهر طال في صول تململه ** كانه حية بالسوط مقتول ) ( متى أرى الصبح قد لاحت مخايله ** والليل قد مزقت عنه السرابيل ) ( ليل تحير ما ينحط في جهة ** كأنه فوق متن الأرض مشكول ) ( نجومه ركد ليست بزائلة ** كأنما هن في الجو القناديل ) ( ما أقدر الله أن يدني على شحط ** من داره الحزن ممن داره صول ) ( الله يطوي بساط الأرض بينهما ** حتى يرى الربع منه وهو مأهول ) وأنشدنا بعض أصحابنا لبشار ( خليلى ما بال الدجى لا تزحزح ** وما لعمود الصبح لا يتوضح ( أضل النهار المستنير طريقه ** أم الدهر ليل كله ليس يبرح ) ( وطال على الليل حتى كأنه ** بليلين موصول فما يتزحزح ) قال أبو على وأحسن على بن الرقاع في هذا المعنى فقال ( وكأن ليلى حين تغرب شمسه ** بسواد آخر مثله موصول ) ولبعضهم في طول الليل ( ما لنجوم الليل لا تغرب ** كأنها من خلفها تجذب ) ( رواكدا ما غار في غربها ** ولا بدا من شرقها كوكب ) وقد ذكر الفرزدق العلة في طول الليل فقال ( يقولون طال الليل والليل لم يطل ** ولكن من يبكى من الشوق يسهر ) وقال بشار في هذا المعنى ( لم يطل ليلى ولكن لم أنم ** ونفى عني الكرى طيف ألم ) ( واذا قلت لها جودى لنا ** خرجت بالصب عن لا ونعم ) ( نفسى يا عبد عنى واعلمى ** أنني يا عبد من لحم ودم ) ( ان في بردى جسما ناحلا ** لو توكأت عليه لا نهدم ) ( ختم الحب لها في عنقى ** موضع الخاتم من أهل الذمم ) ولقد أحسن على بن بسام في هذا المعنى أنشدني ابنه أبو على عن أبيه ( لا أظلم الليل ولا أدعى ** أن نجوم الليل ليست تغور ) ( ليلى كما شاءت فإن لم تجد ** طال وان جادت فليلى قصير ) وحدثنا أبو بكر بن الأنبارى قال حدثنا عبد الله بن خلف قال حدثنا أبو بكر بن الوليد البزار قال كان علي بن الجهم يستنشدني كثيرا شعر خالد الكاتب فأنشده فيقول ما صنع شيأ ثم أنشدته يوما له ( رقدت ولم ترث للساهر ** وليل المحب بلا آخر ) ( ولم تدر بعد ذهاب الرقا ** دما صنع الدمع من ناظرى ) فقال قاتله الله لقد أدمن الرمية حتى أصاب الغرة وأنشدنا بعض أصحابنا لعلي بن العباس الرومي في طول الليل ( رب ليل كأنه الدهر طولا ** قد تناهى فليس فيه مزيد ) ( ذي نجوم كأنهن نجوم الشيب ** ليست تزول لكن تزيد ) ولسعيد بن حميد في طول الليل ( ياليل بل يا أبد ** أنائم وعنك غد ) ( ياليل لو تلقى الذي ** ألقى بها أو تجد ) ( قصر من طولك أو ** ضعف منك الجلد ) ( أشكو إلى ظالمة ** تشكو الذي لا تجد ) وقف عليها ناظري ** وقف عليها السهد ) قال أبو زيد تقول العرب في مثل لها خبأة خير من يفعة سوء أي بنت تلزم البيت تخبأ فيه نفسها خير من غلام سوء لا خير فيه قال ويقال للرجل اذا ولدت له جارية هنيئا لك النافجة وذلك أنه يزوج بنته فيأخذ مهرها ابلا إلى ابله فتنفجها قال ويقال أضب القوم إضبابا إذا تكلموا وصاح بعضهم إلى بعض وأضبأ على الشيء إضباء فهو مضىء اذا كتمه وقال الأصمعي ضبأ فهو ضابى اذا لصق بالأرض قال الأعشى ( أهوى لها ضابىء في الأرض مفتحص ** للحم قدما خفى طال ما خشعا ) قال وأنشدنا أبو على للعباس بن الأحنف ( أيها الراقدون حولي أعينوني ** على الليل حسبة وأتجارا ) ( حدثوني عن النهار حديثا ** أوصفوه فقد نسيت النهارا ) وأملى علينا الأخفش وقرأتها على ابن الأنباري لسويد بن أبي كاهل ( وإذا ما قلت ليل قد مضى ** عطف الأول منه فرجع ) ( يسحب الليل نجوما طلعا ** فيواليها بطيئات التبع ) ( ويزجيها على إبطائها ** مغرب اللون إذا الليل انقشع ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثني عمي عن أبيه عن هشام بن محمد الكلبي عن عبد الرحمن بن أبي عبس الأنصاري قال عاش الأوس بن حارثة دهرا وليس له ولد إلا مالك وكان لأخيه الخزرج خمسة عمرو وعوف وجشم والحرث وكعب فلما حضره الموت قال له قومه قد كنا نأمرك بالتزويج في شبابك فلم تزوج حتى حضرك الموت فقال الأوس لم يهلك هالك ترك مثل مالك وإن كان الخزرج ذا عدد وليس لمالك ولد فلعل الذي استخرج العذق من الجريمة والنار من الوثيمة أن يجعل لمالك نسلا ورجالا بسلا يا مالك المنية ولا الدنية والعتاب قبل العقاب والتحلد لا التبلد واعلم أن القبر خير من الفقر وشر شارب المشتف وأقبح طاعم المقتف وذهاب البصر خير من كثير من النظر ومن كرم الكريم الدفاع عن الحريم ومن قل ذل ومن أمر فل وخير الغنى القناعة وشر الفقر الضراعة والدهر يومان فيوم لك ويوم عليك فإذا كان لك فلا تبطر وإذا كان عليك فاصبر فكلاهما سينحسر فإنما تعز من ترى ويعرك من لا ترى ولو كان الموت يشترى لسلم منه أهل الدنيا ولكن الناس فيه مستوون الشريف الأبلج واللئيم المعلهج والموت المفيت خير من أن يقال لك هبيت وكيف بالسلامة لمن ليست له إقامة وشر من المصيبة سوء الخلف وكل مجموع إلى تلف حياك إلهك قال فنشر الله من مالك بعدد بنى الخزرج أو نحوهم قال أبو علي قوله فلعل الذي استخرج العذق من الجريمة العذق النخلة نفسها بلغة أهل الحجاز والعذق الكباسة والجريمة النواة والونيمة هي الموثومة المربوطة يريد به قدح حوافر الخيل النار من الحجارة والعرب تقسم بهذا الكلام فتقول لا والذي أخرج العذق من الجريمة والنار من الوثيمة لا فعلت كذا وكذا ومن أيمانهم لا والذي شقهن خمسا من واحدة يعنون الأصابع ويقولون لا والذي أخرج قائبة من قوب يعنون فرخا من بيضة ويقولون لا والذي وجهي زمم بيته أي قصده وحذاءه والبسل الشجعان واحدهم باسل والبسالة الشجاعة قال الفراء الباسل الذي حرم على قرنه الدنو منه لشجاعته أي لشدته لأنه لا يمهل قرنه ولا يمكنه من الدنو منه أخذ من البسل وهو الحرام وقال غيره الباسل الكريه المنظر وإنما قيل للأسد باسل لكراهة وجهه وقبحه يقال ما أبسل وجه فلان قال أبو ذؤيب ( فكنت ذنوب البئر لما تبسلت ** وسر بلت أجفاني ووسدت ساعدي ) تبسلت فظع منظرها وكرهت وقال شيخنا أبو بكر بن الأنباري قال الأصمعي الباسل المر وقد بسل الرجل يبسل بسالة إذا صار مرا والمشتف المستقصي يقال استشف ما في إنائه واشتف إذا شرب الشفافة وهي البقية تبقى في الإناء والمقتف الآخذ بعجلة ومنه سمى القفاف وأمر كثر عدده يقال أمر القوم يأمرون إذا كثر عددهم قال لبيد ( نعلوهم كلما ينمي لهم سلف ** بالمشرفي ولولا ذاك قد أمروا ) وأنشدنا أبو زيد أم جوار ضنؤها غير أمر ضنؤها نسلها وأمر المال وغيره يأمر أمرة وأمر إذا كثر قال الشاعر ( والإثم من شر ما يصال به ** والبر كالغيث نبته أمر ) ويقال في مثل في وجه مالك تعرف أمرته وأمرته أي نماءه وكثرته وقال الله تعالى { وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها } أي كنزنا وقال أبو عبيدة يقال خير المال سكة مأبوره أو مهرة مأموره فالمأمورة الكثيرة الولد من من آمرها الله أي كثرها وكان ينبغي أن يقال مؤمرة ولكنه اتبع مأبورة والسكة السطر من النخل وقال الأصمعي السكة الحديدة التي يفلح بها الارضون والمأبورة المصلحة يقال أبرت النحل آبره أبرا إذا لقحته وأصلحته وقد قرئ أمرنا مترفيها على مثال فعلنا أخبرنا القالي عن ابن كيسان أنه قد يقال أمره بمعنى آمره يكون فيه لغتان فعل وأفعل وتعز تغلب ويقال عز فلان فلانا عزا وعز يعز عزا وعزة من العز وعز على أهله عزازة من العز والمعلهج المتناهي في الدناءة واللؤم وكان أبو بكر يقول هو اللئيم في نفسه وآبائه والهبيت الأحمق الضعيف قال طرفة ( الهبيت لا فؤاد له ** والثبيت ثبته فهمه ) وكان أبو بكر بن الأنباري يرويه قيمه وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت امرأة من العرب تخاصم زوجها وهي تقول والله إن شربك لاشتفاف وإن ضجعتك لانجعاف وإن شملتك لالتفاف وإنك لتشبع ليلة تضاف وتنام ليلة تخاف فقال لها والله إنك لكرواء الساقين قعواء الفخذين مقاء الرفغين مفاضة الكشحين ضيفك جائع وشرك شائع قال أبو علي الانجعاف الانصراع يقال ضربه فجأفه وجعفه وحفأه وكوره وجوره وجعفله وقطره إذاألقاه على أحد قطريه قال طفيل ( وراكضة ما تستجن بجنة ** بعير حلال غادرته مجعفل ) وقال لبيد رضي الله عنه ( فلم أر يوما كان أكثر باكبا ** وحسناء قامت عن طراف مجور ) وقال ابن قيس الرقيات ( كالشارب النشوان قطره ** شمل الزقاق تفيض عبرتيه ) واتكأه اذا ألقاه على هيئته المتكئ وقال أبو زيد ضربه فقحزنه وجحد له إذا صرعه وقال الأصمعي وابن الأعرابي بركعه صرعه وأنشد لرؤبة ( ومن همزنا عزة تبركعا ** على استه زوبعة أو زوبعا ) وقال غيرهما البركعة القيام على أربع ويقال تبركعت الحمامة لذكرها أي بركت والكرواء الدقيقة الساقين والكرا دقة الساق والكرى النوم والكرا بمعنى الكروان وكراء ممدود موضع وقال أبو بكر القعواء المتباعدة مابين الفخذين ولم أسمع هذا من غيره والذي ذكره اللغويون في كتبهم فيما قرأته الفجواء المتباعدة ما بين الفخذين وقوله مقاء قال أبو زيد المقاء الدقيقة الفخذين وكذلك الرفغاء وقال الأصمعي المقاء الطويلة والمقق الطول ورجل أمق طويل قال رؤبة ( لواحق الأقراب فيها كالمقق ** تفليل ما قارعن من سمر الطرق ) يصف أتنا والمفاضة المسترخية والكشحان الخاصرتان وهما الأيطلان والاطلان والقربان والصقلان واحدهما قرب وصقل وكشح وإطل وأيطل وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال دخل أبو جويرية الشاعر على خالد بن عبد الله يمدحه فقال له خالد ألست القائل ( ذهب الجود والجنيد جميعا ** فعلى الجود والجنيد السلام ) ( أصبحا ثاويين في بطن مرو ** ما تغنى على الغصون الحمام ) اذهب إلى الجود حيث دفنته فاستخرجه قال أبو جويرية أنا قائل هذا وأنا الذي أقول بعده فوثب إليه الحرس ليدفعوه فقال خالد دعوه لا نجمع عليه الحرمان ونمنعه الكلام فأنشأ يقول ( لو كان يقعد فوق الشمس من كرم ** قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا ) ( أو خلد الجود أقواما ذوي حسب ** فيما يحاول من آجالهم خلدوا ) ( قوم سنان أبوهم حين تنسبهم ** طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا ) ( جن إذا فزعوا إنس إذا أمنوا ** مرزؤن بهاليل إذا احتشدوا ) ( محسدون على ما كان من نعم ** لا ينزع الله عنهم ماله حسدوا ) قال فخرج من عنده ولم يعطه شيأ وقرأت على أبي بكر بن دريد للشماخ ( أعائش ما لأهلك لا أراهم ** يضيعون الهجان مع المضيع ) ( وكيف يضيع صاحب مدفأآت ** على أثباجهن من الصقيع ) يعني أن عائشة قالت له لم تشدد على نفسك في المعيشة وتلزم الإبل والتعزب فيها فرد عليها ما لأهلك أراهم يتعهدون أموالهم ويصلحونها وأنت تأمرينني بإضاعة مالي ثم أقبل على إبله يمدحها فقال وكيف يضيع صاحب مدفآت أدفئن بكثرة الوبر على أثباجهن والاثباج الأوساط قال قال الأصمعي ثبج كل شيء وسطه وغيره يقول ظهره وروى أبو عبيد عن الأصمعي الكتد ما بين الكاهل إلى الظهر والثبج نحوه وهذه الأقوال متقاربه في المعنى والصقيع البرد والندى ويقال الجليد وقال الأصمعي من أمثال العرب إنه ليسر حسوا في ارتغاء يضرب مثلا للرحل يريك أنه يعمل أمرا وهو يريد غيره والارتغاء شرب الرغوة يقال رغوة رغوة ورغوة يقول فهو يظهر ذاك وهو يحسو اللبن ويقال سقط العشاء به على سرحان يضرب مثلا للرجل يطلب الأمر التافه فيقع في هلكة وأصل المثل أن دابة طلبت العشاء فهجمت على الأسد والسرحان الأسد بلغة هذيل وبلغة غيرهم من العرب الذئب ويقال سبق السيف العذل يضرب مثلا للأمر الذي قد تفاوت تفوت وأصل هذا المثل أن الحرث بن ظالم ضرب رجلا بالسيف فقتله فأخبر بعذره فقال سبق السيف العذل قال أبو زيد العرب تقول إن كنت كاذبا فحلبت قاعدا أى ذهبت ابلك فحلبت الغنم وتقول ان كنت كذوبا فشربت غبوقا باردا أى ذهب لبنك فشربت الماء البارد والغبوق ما اغتبقت حارا بالعشى وقرأت على أبي بكر للشماخ ( اذا ما استافهن ضربن منه ** مكان الرمح من أنف القذوع ) ( فقد جعلت ضغائنهن تبدو ** بماقد كان نال بلا شفيع ) استافهن شمهن يعني الحمار فاذا فعل ذلك ضربن منه أعلى خيشومه وهو مكان الرمح اذا قدعت به أنف الفرس لانهن قد حملن منه والقدوع الذي يقدع ويرد بالرمح وهو أن يرفع رأسه من عزة نفسه أومن فرق أولا يرضى للفحلة فيضرب أنفه وينحى عن الطروقة وهو وان كان يقدع فهو قدوع كما قالوا لما يحلب ويركب حلوبة وركوبة وضغائنهن ما في قلوبهن أى كن يمكنه ولا يحتاج إلى شفيع فلما حملن أبدين ضغائنهن المخبوأة وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو الحسن الأسدي قال كتب أحمد بن المعذل إلى أخيه عبد الصمد بن المعذل أنى أرى المكروه من حيث يرتجى المحبوب وقد شمل عرك وعم أذاك وصرت فيك كابي الابن العاق ان عاش نغصه وان مات نقصه وقد خشنت بقلب حبيبه لك ناصح والسلام فكتب إليه عبد الصمد ( أطاع الفريضة والسنة ** فتاه على الانس والجنة ) ( كأن لنا النار من دونه ** وأفرده الله بالجنه ) ( وينظر نحوى اذا زرته ** بعين حماة إلى كنه ) وأنشدنا أبو بكر بن الانباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي للأضبط بن قريع وقال وبلغني أن هذه الأبيات قيلت قبل الإسلام بدهر طويل وهي ( لكل هم من الهموم سعه ** والمسى والصبح لا فلاح معه ) ( ما بال من سره مصابك لا ** يملك شيأ من أمره وزعه ) ( أذود عن حوضه ويدفعني ** يا قوم من عاذري من الخدعه ) ( حتى إذا ما انجلت عمايته ** أقبل يلحى وغيه فجعه ) ( قد يجمع المال غير آكله ** ويأكل المال غير من جمعه ) ( فأقبل من الدهر ما أتاك به ** من قرعينا بعيشه نفعه ) ( وصل حبال البعيد إن وصل الحبل ** وأقص القريب إن قطعه ) ( ولا تعاد الفقير علك أن ** تركع يوما والدهر قد رفعه ) قال أبو العباس وكان الأصمعي ينشد فصل حبال البعيد إن وصل الحبل قال أبو علي تقول العرب لعلك وعلك ولعنك ولغنك سمعه عيسى بن عمر من العرب ورواه الأصمعي عنه قال أبو علي قرأت على أبي بكر بن دريد في شعر أبي النجم قال عيسى بن عمر سمعت أبا النجم ينشد ( اغد لعلنا في الرهان نرسله ** ) وأنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله لمحمود الوراق ( فاجاك من وفد المشيب نذير ** والدهر من أخلاقه التغيير ) ( فسواد رأسك والبياض كأنه ** ليل تدب نجومه وتسير ) ( وأنشدني بعض أصحابنا قال أنشدني أبو يعقوب بن الصفار لداود بن جهوة ( أقاسي البلالا أستريح إلى غد ** فيأتي غد إلا بكيت على أمس ) ( سأبكي بدمع أو دم أشتفى به ** فهل لي عذر إن بكيت على نفسي ) ( سلام على الدنيا ولذة عيشها ** سلام غدو أو رواح إلى رمسي ) ( وأنكرت شمس الشيب في ليل لمتي ** لعمري لليلي كان أحسن من شمسي ) ( كأن الصبا والشيب يطمس نوره ** عروس أناس مات في ليلة العرس ) وأنشدنا أبو محمد عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا المبرد لمحمود الوراق ( أليس عجيبا بأن الفتى ** يصاب ببعض الذي في يديه ) ( فمن بين باك له موجع ** وبين معز مغذ إليه ) ( ويسلبه الشيب شرخ الشباب ** فليس يعزيه خلق عليه ) وأنشدنا الأخفش للعكوك على جبلة ( جلال مشيب نزل ** وأنس شباب رحل ) ( طوى صاحب صاحبا ** كذاك اختلاف الدول ) ( أعاذلتي أقصري ** كفاك المشيب العذل ) ( بدا بدلا بالشباب ** ليت الشباب البدل ) ( جلال ولكنه ** تحاماه حور المقل ) وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه لأبي دلف العجلي ( نظرت إلي بعين من لم يعدل ** لما تمكن طرفها من مقتلي ) ( لما تبسم بالمشيب مفارقي ** صدت صدود مفارق متحمل ) ( فجعلت أطلب وصلها بتعطف ** والشيب يغمزها بأن لا تفعلي ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحي النحوي ( أرى بصري عن كل يوم وليلة ** يكل وخطوي عن مدى الخطو يقصر ) ( ومن يصحب الأيام تسعين حجة ** يغيرنه والدهر لا يتغير ) ( لعمري لئن أمسيت أمشى مقيدا ** لما كنت أمشي مطلق القيد أكثر ) وأنشدني بعض أصحابنا ( حنتني حانيات الدهر حتى ** كأني خاتل أدنو لصيد ) ( قريب الخطو يحسب من رآني ** ولست مقيدا أني بقيد ) وقال رجل لشيخ رآه يمشي من قيدك يا شيخ قال الذي خلفته يفتل في قيدك يعني الدهر وأنشدنا أبو بكر محمد بن السري السراج النحوي ( وعائب عابني بشيب ** لم يعد لما ألم وقته ) ( فقلت اذعابني بشيبى ** يا عائب الشيب لا بلغته ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا عبد الله بن خلف ( نصول الشيب طوقني بطوق ** يلوح على من تحت السواد ) ( اذا أبصرته فكأن وخزا ** بأطراف الأسنة في فؤادي ) قال وأنشدنا أبي قال أنشدني أبو عبد الله بن المطيخي ( إن الكبير اذا تناهت سنه ** أعيت رياضته على الرواض ) ( وإذا دفعت إلى الصغير فانما ** تكفيه منك إشارة الإيماض ) ( وعليك من نسج الزمان عمامة ** خضب المشيب سوادها ببياض ) ( فالوعظ ينبو عن صفاتك راجعا ** مثل السهام نبت عن الأغراض ) وممن مدح الشيب من الشعراء فأحسن دعبل حيث يقول ( أهلا وسهلا بالمشيب فانه ** سمة العفيف وحلية المتحرج ) ( وكأن شيبى نظم درزاهر ** في تاج ذي ملك أغر متوج ) وممن مدح الخضاب فأحسن عبد الله بن المعتز حيث يقول ( وقالوا النصوب مشيب جديد ** فقلت الخضاب شباب جديد ) ( إساءة هذا باحسان ذا ** فان عاد هذا فهذا يعود ) وأنشدني أبو معاذ عبدان المتطبب قال أنشدني أبو هفان لنفسه ( تعجبت در من شيبى فقلت لها ** لا تعجبي فبياض الصبح في السدف ) ( وزادها عجبا أن رحت في سمل ** وما درت در أن الدر في الصدف ) قال أبو زيد يقال عام أوطف وأغلف وأقلف اذا كان خصيبا وقال العقيليون عام مجاعة ومجوعة ومجوعة وقال أبو زيد الأ طرة ما حول الأظفار من اللحم وقال ابن الاعرابي عيش أغرل وأرغل وأغضف وأغطف وأوطف وأغلف اذا كان مخصبا وهذه كلها تقال في العام وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال أنشدني أبي لرجل من خزاعة ( قد كنت أفزع للبيضاء أبصرها ** من شعر رأسي وقد أيقنت بالبلق ) ( الآن حين خضبت الرأس زايلني ** ما كنت ألتذ من عيشي ومن خلقي ) ( إن الشباب إذا ما الشيب حل به ** كالغصن يصفر فيه ناعم الورق ) ( شيب تغيبه عمن تغر به ** كبيعك الثوب مطويا على حرق ) ( فإن سترت مشيبا أو غررت به ** فليس دهر أكلناه بمسترق ) ( أفنى الشباب الذي أفنيت ميعته ** مر الجديدين من آت ومنطلق ) ( لم يتركا منك في طول اختلافهما ** شيأ يخاف عليه لذعة الحرق ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا السكن بن سعيد عن العباس بن هشام الكلبي قال صعد خالد بن عبد الله القسري يوما المنبر بالبصرة ليخطب فأرتج عليه فقال أيها الناس إن الكلام ليجيء أحيانا فيتسبب سببه ويعزب أحيانا فيعز مطلبه فربما طولب فأبى وكوبر فعصى فالتأنى لمجيه أصوب من التعاطي لأبيه ثم نزل فما رؤى حصر أبلغ منه وقرأت على أبي بكر بن دريد لنفسه ( أرى الشيب مذجاوزت خمسين دائبا ** يدب دبيب الصبح في غسق الظلم ) ( هو السقم إلا أنه غير مؤلم ** ولم أر مثل الشيب سقما بلا ألم ) وأنشدني بعض أصحابنا لعلي بن العباس الرومي ( يا بياض المشيب سودت وجهي ** عند بيض الوجوه سود القرون ) ( فلعمري لأخفينك جهدي ** عن عياني وعن عيان العيون ) ( ولعمري لأمنعنك أن تظهر ** في رأس آسف محزون ) ( بسواد فيه ابيضاض لوجهي ** وسواد لوجهك الملعون ) وأنشدنا الأخفش لمنصور النمري ( ما واجه الشيب من عين وان ومقت ** إلالها نبوة عنه ومرتدع ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبي ( رأيت الشيب تكرهه الغواني ** ويحببن الشباب لما هوينا ) ( فهذا الشيب نخضبه سوادا ** فكيف لنا فنسترق السنينا ) وفي الخضاب ( إن شيأ صلاحه بالخضاب ** لعذاب موكل بعذاب ) ( ولعمر الإله لولا هوى البيض ** وأن تشمئز نفس الكعاب ) ( لأرحت الخدين من وضر الخطر ** وأذعنت لانقضاء الشباب ) ومن أحسن ما قيل في مدح الشيب ( والشيب أن يحلل فإن وراءه ** عمرا يكون خلاله متنفس ) ( لم ينتقص مني المشيب قلامة ** ألآن حين بدا ألب وأكيس ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبي ( لايرعك المشيب يا ابنة عبد الله ** فالشيب جلة ووقار ) ( إنما تحسن الرياض إذا ما ** ضحكت في خلالها الأنوار ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبو الحسن بن البراء قال قال أبو الحسن الأسدي مات رجل كان يعول اثني عشر ألف إنسان فلما حمل على النعش صر على أعناق الرجال فقال رجل في الجنازة ( وليس صرير النعش ما تسمعونه ** ولكنه أعناق قوم تقصف ) ( وليس فتيق المسك ما تجدونه ** ولكنه ذاك الثناء المخلف ) قال أبو علي وقرأت على أبي بكر بن دريد لبعض العرب ( دببت للمجد والساعون قد بلغوا ** جهد النفوس وألقوا دونه الأزرا ) ( وكابدوا المجد حتى مل أكثرهم ** وعانق المجد من أوفى ومن صبرا ) ( لا تحسب المجد تمرا أنت آكله ** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا ) وأنشدنا غير واحد من أصحاب أبي العباس منهم ابن السري والأخفش وابن درستويه قالوا أنشدنا أبو العباس المبرد لعبد الصمد بن المعذل فيه ( سألنا عن ثمالة كل حي ** فقال القائلون ومن ثماله ) ( فقلت محمد بن يزيد منهم ** فقالوا زدتنا بهم جهالة ) ( فقال لي المبرد خل عني ** فقومي معشر فيهم نذاله ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدني سعيد بن هرون ( فلو أبصرت دارك في محل ** يحل الحزن فيه والسرو ) ( رأيت مناد حالم يرع فيها ** ملال مذنأيت ولا فتور ) وقال يخاطب امرأة يقول لو رأيت محلك في قلبي فلم يستقم له الشعر فقال دارك وقوله يحل الحزن فيه والسرور يعني القلب لان الحزن والسرور فيه يكونان وقوله منادحا يعني متسعا وقوله لم يرع فيها ملال مذنأيت ولا فتور مثل وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا أبو زيد قال بينا أنا في المسجد الحرام إذ وقف علينا أعرابي فقال يا مسلمون ان الحمد لله والصلاة على نبيه إني امرؤ من أهل هذا الملطاط الشرقي المواصي أسياف تهامة عكفت على سنون محش فاجتبت الذرى وهشمت العرى وجمشت النجم وأعجت البهم وهمت الشحم والتحبت اللحم واحجنت العظم وغادرت التراب مورا والماء غورا والناس أوزاعا والنبط قعاعا والضهل جزاعا والمقام جعجاعا يصبحنا الهاوي ويطرقنا العاوي فخرجت لا أتلفع بوصيده ولا أتقوت هبيده فاليخصات وقعه والركبات زلعه والأطراف قفعه والجسم مسلهم والنظر مدرهم أعشو فأغطش وأضحى فأخفش أسهل ظالعا وأحزن راكعا فهل من آمر بمير أوداع بخير وقاكم الله سطوة القادر وملكة الكاهر وسوء الموارد وفضوح المصادر قال فأعطيته دينارا وكتبت كلامه واستفسرته مالم اعرفه قال أبو علي قال أبو بكر الملطاط أشد انخفاضا من الغائط وأوسع منه وحكى اللحياني عن الأصمعي أنه قال الملطاط كل شفير نهر أوواد والمواصي والمواصلى واحد يقال تواصى النبت اذا اتصل بعضه ببعض واسياف جمع سيف وهو ساحل البحر وعكفت أقامت والسنون الجدوب ومحش جمع محوش وهي التي تمعش الكلا أى تحرقه واجتبت افتعلت من الجب يقال جببت السنام اذا قطعته وكل شيء استأصلته فقد جببته وهشمت كسرت والعرى جمع عروة والعروة القطعة من الشجر لا يزال باقيا على الجدب ترعاه أموالهم قال التغلبي يروى ( خلع الملوك وسار تحت لوائه ** شجر العراو عراعر الأقوام ) ويروى وعراعروهم السادة وجمشت احتلقت قال رؤبة أو كاحتلاق النورة الجموش والنجم ما نجم ولم يستقل على ساق وأعجت أي جعلتها عجايا والعجى السيىء الغذاء المهزول قال الشاعر ( عداني أن أزورك أن بهمي ** عجايا كلها إلا قليلا ) وهمت أذابت قال أبو علي العرب تقول همك ما أهمك أي أذابك ما أحزنك قال وقال أبو بكر التحبت اللحم عرقته عن العظم وأحجنت العظم أي عوجته فصيرته كالمحجن والمور الذي يجىء ويذهب قال اسمعيل والمور الطريق رواه أبو عبيدة والمور بضم الميم الغبار بالريح قال أبو بكر الغور الغائر وأوزاع فرق والنبط الماء الذي يستخرج من البئر أول ما تحفر قال الشعر ( قريب ثراه لا ينال عدوه ** له نبطا عند الهوان قطوب ) والقعاع الماء الملح المر والضهل القليل من الماء ومنه قيل ما ضهل إليه منه شيء والجزاع أشد المياه مرارة قال اسمعيل قال يعقوب ويقال ماء ملح فاذا اشتدت ملوحته قيل زعاق وقعاع وأجاج وحراق أي يحرق أوبار الماشية من شدة ملوحته قال ويقال ماء ملح يفقأعين الطائر اذا بولغ في ملوحته وماء خمجرير اذا كان ثقيلا وقال ابن الأعرابي يقال ماء مخضرم وخمجر يرو مخضم اذا لم يكن عذبا والجعجاع المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه قال أبو علي قال الأصمعي الجعجاع المحبس وأنشد ( إذا حعجعوا بين الأناخة والحبس ** ) وقال أبو عمرو الشيباني الجعجاع الأرض وكل أرض جعجاع وقال أبو بكر الهاوي الجراد والعاوي الذئب والتلفع الإشتمال وقال أبو علي هو اشتمال الصماء عند العرب وهو أن لا يرفع جانبا منه فتكون فيه فرجة والوصيدة كل تسيجة والهبيد حب الحنظل يعالج حتى يطيب فيختبز والبخصات واحدها بخصة وهي لحم باطن القدم ووقعة من قولهم وقع الرجل اذا اشتكى لحم باطن قدمه قال الراجز ( ياليت لي نعلين من جلد الضبع ** وشركامن استهالا تنقطع ) ( كل الحذاء يحتذى الحافى الوقع ** ) وزلعة متشققة وأنشد ( وغملى نصى بالمتان كأنها ** ثعالب موتى جلدها قد تزلعا ) قال أبو علي غملى فعلى وهو الذي قد تراكب بعضه على بعض وقفعة ومقفعة واحد وهي التي قد تقبضت ويبست وقال أبو بكر المسلهم الضامر المتغير قال أبو على وقال أبو زيد المسلهم المدبر في جسمه وتفسير أبي بكر أحسبه كلام الأصمعي والمدرهم الضعيف البصر الذي قد ضعف بصره من جوع أو مرض قال أبو علي ولم يذكر هذه الكلمة أحد ممن عمل خلق الانسان وأعشو أنظر يقال عشوت إلى النار إذا أحددت نظرك اليها وأنشد ( متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ** تجد خير نار عندها خير موقد ) وقوله فأغطش أي أصير غطشا والغطش ضعف في البصر يقال رجل اغطش وامرأة غطشى وأسهل ظالعا يقول اذا مشيت في السهول ظلعت أي غمزت واخزن راكعا أي اذا علوت الحزن ركعت أي كبوت لوجهي والمير العطية من قولهم مارهم يميرهم قال أبو علي الكاهر والقاهر واحد وقد قرأ بعضهم فاما اليتيم فلا تكهر وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي لرجل ما اتهمت حسن ظنى بك منذ توجه رجائي نحوك ولا قعدت بجد فائل باعتمادي عليك ولا استدعتني رغبة عنك إلى من سواك ولاأراني الأختبار غيرك عوضا منك قال أبو على الفائل المخطىء يقال رجل فال الرأي وفائل الرأي وفيل الرأي وفيل الرأى اذا كان مخطىء الرأي وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا ذكر رجلا فقال كان والله للإخاء وصولا وللمال بذولا وكان الوفاء بهما عليه كفيلا ومن فاضله كان مفضولا وقال أبو زيد من أمثال العرب لم يهلك من مالك ما وعظك أي اذا أفسدت بعض مالك فوعظك الذي أفسدت فأصلحت بعد فكأن الذي أفسدت لم يهلك ويقال ذليل عاذ بقرملة وهي شجرة صغيرة يقال ذلك لمن عاذ بمن هو أذل منه أو مثله ويقال قد تحلب الضجورالعلبة أي قد تصيب من السيى الخلق اللين ويقال لا تعدم ناقة من أمها حنة أي لا تعدم شبها يقال ذلك لمن أشبه أباه أوأمه وأنشدنا ابو بكر بن دريد وقرأنا أيضا عليه ( أقبلن من أعلى فياف بسحر ** يحملن صلالا كأعيان البقر ) قوله يحملن صلالا أي يحملن فحما يصل اي يصوت وأعيان جمع عين وقرأنا عليه أيضا لزيد الخيل ( نصول بكل أبيض مشرفي ** على اللاتي بقى فيهن ماء ) ( عشية نؤثر الغرباءفينا ** فلاهم هالكون ولا رواء ) يعني أنهم يفتظون الإبل فيأخذون ما بقي في كروشها من الماء ومثله ( وشربة لوح لم أجد لشفائها ** بدون ذباب السيف أو شفره حلا ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال بينما أنا سائر بناحية بلاد بني عامر إذا مررت بحلة في غائط يطؤهم الطريق وإذا رجل ينشد في ظل خيمة له وهو يقول ( أحقا عباد الله أن لست ناظرا ** إلى قرقري يوما وأعلامها الغبر ) ( كأن فؤادي كلما مر راكب ** جناح غراب رام نهضا إلى وكر ) ( إذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة ** دعاك الهوى واهتاج قلبك للذكر ) ( فيا راكب الوجناء أبت مسلما ** ولا زلت من ريب الحوادث في ستر ) ( إذا ما أتيت العرض فاهتف بجوه ** سقيت على شحط النوى سبل القطر ) ( فإنك من واد إلي مرجب ** وإن كنت لا تزدار إلا على عفر ) قال فأذنت له وكان ندي الصوت فلما رآني أومأ إلي فأتيته فقال أأعجبك ما سمعت فعلت إي والله فقال من أهل الحضارة أنت قلت نعم قال فمن تكون قلت لا حاجة لك في السؤال عن ذلك فقال أو ما حل الإسلام الضغائن وأطفأ الأحقاد قلت بلى قال فما يمنعك إذا قلت أنا أمر ؤ من قيس فقال الحبيب القريب من أيهم قلت أحد بني سعد بن قيس ثم أحد بني أعصر بن سعد فقال زادك الله قربا ثم وثب فأنزلني عن حماري وألقى عنه إكافه وقيده بقراب خيمته وقام إلى زند فاقتدح وأوقد نارا وجاء بصيدانة فألقى فيها تمرا وأفرغ عليه سمنا ثم لفته حتى التبك ثم ذر عليه دقيقا وقربه إلي فقلت إني إلى غير هذا أحوج قال وما هو قلت تنشدني فقال أصب فإني فاعل فلقمت لقيمات وقلت الوعد فقال ونعمي عين ثم أنشدني ( لقد طرقت أم الخشيف وإنها ** إذا صرع القوم الكرى لطروق ) ( فيا كبدا يحمى عليها وإنها ** مخافة هيضات النوى لخفوق ) ( أقام فريق من أناس يودهم ** بذات الغضا قلبي وبان فريق ) ( بحاجة محزون يظل وقلبه ** رهين ببضات الحجال صديق ) ( تحملن إن هبت لهن عشية ** جنوب وإن لاحت لهن بروق ) ( كأن فضول الرقم حين جعلنها ** غديا على أدم الجمال عذوق ) ( وفيهن من بخت النساء ربحله ** تكاد على غر السحاب تروق ) ( هجان فأما الدعص من أخرياتها ** فوعث وأما حصرها فدقيق ) قال ففارقته وأنا من أشد الناس ظمأ إلى معاودة إنشاده قال أبو علي العرض واد باليمامة وكل واد يقال له عرض يقال أخصب ذلك العرض وأخصبت أعراض المدينة والعرض أيضا الريح يقال فلان طيب العرض وفلان منتن العرض أي الريح والعرض أيضا ما ذم من الانسان أو مدح يقال فلان نقى العرض أي هو بريء من أن يشتم أو يعاب واختلف فيه فقال أبو عبيدة عرضه آباؤه وأسلافه وخالفه ابن قتيبة فقال عرضه جسده واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في صفة أهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون إنما هو عرق يجري من أعراضهم مثل المسك يعني من أبدانهم ونصر شيخنا أبو بكر بن الأنباري أبا عبيد فقال ليس هذا الحديث حجة له لأن الأعراض عند العرب المواضع التي تعرق من الجسد قال والدليل على غلط ابن قتيبة في هذا التأويل وصحة تأويل أبي عبيد قول مسكين الدارمي ( رب مهزول سمين عرضه ** وسمين الجسم مهزول الحسب ) فمعناه رب مهزول البدن والجسم كريم الآباء قال وأما احتجاجه ببيت حسان بن ثابت ( فإن أبي ووالده وعرضي ** لعرض محمد منكم وقاء ) في أن العرض الجسم فليس كما ذكر لان معناه فإن أبي ووالده وآبائي فأتى بالعموم بعد الخصوص ذكر الأب ثم جمع الآباء كما قال الله عز وجل { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم } فخص السبع ثم أتى بالقرآن العام بعد ذكره إياها والذي قاله ابن قتيبة قد قاله غيره ويمكن من ينصر ابن قتيبة أن يقول بيت مسكين مثل ومعناه رب مهزول الجسم سمين الحسب أي عظيم الشرف وسمين الجسم مهزول الحسب أي ضعيف الشرف والعرض ما خالف الطول والعرض من المال ما ليس بنقد والجمع عروض يقال أقبل مني عرضا أي دابة أو متاعا والعرض سفح الجبل أي ناحيته قال ذو الرمة ( أدنى تقاذفه تقريب أو خبب ** كما تدهدى من العرض الجلاميد ) ويقال للجيش إذا كان كثيرا ما هو إلا عرض من الأعراض يشبه بناحية الهبل قال رؤبة ( إنا إذا قدنا لقوم عرضا ** لم نبق من بغي الأعادي عضا ) والعض الداهية والعرض مصدر عرضته على البيع أعرضه عرضا والعرض مصدر عرضت العود على الأناء أعرضه عرضا والعرض مصدر عرضت له من حقه ثوبا فإنا أعرضه عرضا إذا أعطيته ثوبا مكان حقه هذه كلها مفتوحة العين مسكنة الراء وكذلك مصدر عرضت له حاجة وعرضت عليه الحاجة والعرض بضم العين الناحية يقال ضربت به عرض الحائط ويقال خرجوا يضربون الناس عن عرض يريدون عن شق وناحية لا يبالون من ضربوا ومنه استعراض الخوارج الناس إذا لم يبالوا من قتلوا ويقال قد أعرض لك الظبي أي أمكنك من عرضه أي من ناحيته والعرض مفتوح الراء حطام الدنيا وما يصيب منها الإنسان يقال إن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر والعرض أيضا الأمر يعرض للإنسان من مرض أو كسر أو غيرهما مما يبتلى به ويقال عرض له عارض مثل عرض ولا تزال عارضة تعرض والعارض الأسنان التي بعد الثنايا وهي الضواحك وجمعه عوارض يقال امرأة نقية العارض ومصقولة العارض قال جرير ( أتذكر يوم تصقل عارضيها ** بعود بشامة سقي البشام ) والعارض الخد كذا قال أبو نصر وقال غيره سئل الأصمعي عن العارضين من اللحية فوضع يده على ما فوق العوارض من الأسنان ويقال للنحل والجراد إذا كثر مر منه عارض قد ملأ الأفق ويقال للجبل عارض وبه سمى عارض اليمامة والعارضة الشاة أو البعير يصيبه الداء أو السبع أو كسر وجمعه عوارض يقال بنو فلان أكالون للعوارض ويقال فلان شديد العارضة أي الناحية ويقال أخذ في عروض ما تعجبني أي في طريق وناحية وعرفت ذلك في عروض كلامه ويقال لمكة والمدينة واليمن العروض ويقال ولي فلان العراق وولي فلان العروض والعروض عروض الشعر والعروض البعير الصعب والعروضان الجانبان والعروض من الأبل والغنم الذي يعترض الشوك فيأكله يقال غنم فلان تعرض إذا اعترضت الشوك فأكلته وعريض عروض والعريض من المعزى الذي أتى عليه نحو من سنة ونب وأراد السفاد وجمعه عرضان وقال اللحياني قال بعضهم العريض من الظباء الذي قد قارب الأثناء والعريض عند أهل الحجاز الخصي والجميع العرضان قال ويقال أعرضت العرضان إذا خصيتها ويقال فلان عرضة للشر أي قوي عليه وفلانة عرضة للزوج أي قوية عليه وفرس عرضة للميدان وجمل عرضة للحمل الثقيل والعراضة الهدية يقال ما عرضتهم أي ما أهديت إليهم وأطعمتهم قال الشاعر ( حمراء من معرضات الغربان ** يقدمها كل علاة عليان ) يقول عليها التمر فتأتي الغربان فتأكل مما عليها والعراضة الشيء يطعمه الركب من استطعمهم من أهل المياه والعراضة والعريضة واحد وجاء في بعض الحديث إذا طلعت الشعرى سفرا ولم تر فيها مطرا فلا تغذون إمرة ولا إمرا وأرسل العراضات أثرا يبغينك في الأرض معمرا فالعراضات الإبل العريضة الآثار ويقال قوس عراضة أي عريضة والمعراض السهم الذي لا ريش عليه والمعرض الثوب الذي تعرض فيه الجارية وجمعه معارض ويقال لقحت الناقة عراضا والعراض أن يعارضها الفحل فيتنوخها فيضربها فذلك الضراب هو العراض وإذا لقحت الناقة كذلك قيل لقحت يعارة قال الراعي ( نجائب لا يلقحن إللا يعارة ** عراضا ولا يشرين إلا غواليا ) ويقال جاءت فلانة بولد عن معارضة وعن عراض وذلك إذا لم يكن له أب يعرف ويقال أعرضت فلانة بأولادها إذا ولدتهم عراضا طوالا من الرجال ويقال أعرض النيء إذا صار ذا عرض قال ذو الرمة ( عطاء فتى بنى وبنى أبوه ** فأعرض في المكارم واستطالا ) أي تمكن من طولها وعرضها وأعرض فلان عن فلان يعرض إعراضا إذا لم يلتفت إليه ويقال عرض فلان وطال إذا ذهب عرضا وطولا ويقال عرضته للخير تعريضا وزاد اللحياني وأعرضته وعارضت الشيء بالشيء قابلته به وخرج يعارض الريح إذا لم يستقبلها ولم يستدبرها ويقال في فلان عرضية أي صعوبة وكذلك ناقة عرضية أي فيها صعوبة والعرضنة أن يمشي مشية في شق فيها بغي ويقال هو يتعرض في الجبل إذا أخذ يمينا وشمالا قال عبد الله ذو البجادين يخاطب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ( تعرضي مدارجا وسومي ** تعرض الجوزاء للنجوم ) ( هذا أبو القاسم فاستقيمى ** ) المدارج الثنايا الغلاظ ومرجب معظم وهو مأخوذ من ترجيب النخلة وذلك أنها إذا كرمت على أهلها وعظم حملها رجبوها والترجيب أن تعمد برجبه وهي بناء يبنى كالعمود تحتها تعمد به قال الشاعر ( ليست بسنهاء ولارجبية ** ولكن عرايا في السنين الجوائح ) وكان أبو بكر بن دريد ينشد رجبية بتشديد الياء فقط وأنشدنا أبو بكر بن مجاهد المقري عن أحمد بن يوسف التغلبي رجبية بتشديد الجيم والياء وكذلك أقرأني أبو بكر بن الأنباري في الغريب المصنف بتشديد الجيم والياء وقوله على عفر أي على بعد من اللقاء وقال أبو زيد بعد عفر بعد شهر وقال غيره بعد حين والحين مثل البعد في المعنى وقوله أذنت له معناه استمعت له قال قعنب بن أم صاحب ( صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به ** وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا ) وقراب وقريب واحد مثل كبار وكبير وجسام وجسيم وطوال وطويل والصيدانة القدر العظيمة وقال الأصمعي الحضارة والبداوة للحضر والبدو بكسر الباء وفتح الحاء وقال أبو زيد البداوة والحضارة بفتح الباء وكسر الحاء قال أبو علي وهما عندي لغتات الحضارة والحضارة والبداوة والبداوة ولفته لواه واللفيتة العصيدة وانما سميت لفيتة لأنها تلفت أى تلوى والتبك اختلط يقال لبكت الشىء وبكلته اذا خلطته قال أمية ابن أبي الصلت ( له داع بمكة مشمعل ** وآخر فوق دارته ينادي ) ( إلى ردح من الشيزى ملاء ** لباب البر يلبك بالشهاد ) أي يخلط بالشهد يعني الفالوذ وقال أبو زيد الربحلة اللعيمة الجيدة الجسم في طول ورجل ربحل والسبحلة الطويلة العظيمة ورجل سبحل وقال الأصمعي نعتت امرأة من العرب ابنتها فقالت ( سجلة ربحلة ** تنمي نبات النخله ) ويقال سقاء سبحل وسجلل وسجبل أي عظيم وقال الجنوب لينة تؤلف السحاب وتكثفه والشمال تفرقه فيسمون الشمال محوة لانها تمحو السحاب والوعث اللين الوطىء كذا قال الأصمعي وقال أبو زيد نحو هذا وقال هو الذي تسوخ فيه أخفاف الإبل وهو شديد عليها وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثني أبو محمد بن سعيد قال كان يحيى بن طالب الحنفي شيخا كريما يقرى الأضياف ويطعم الطعام فركبه الدين الفادح فجلا عن اليمامة إلى بغداد يسأل السلطان قضاء دينه فأراد رجل من أهل اليمامة الشخوص من بغداد إلى اليمامة فشيعه يحيى بن طالب فلما جلس الرجل في الزورق ذرفت عينا يحيى وأنشأ يقول ( أحقا عباد الله أن لست ناظرا ** إلى قرقرى يوما وأعلامها الخضر ) ( اذا ارتحلت نحو اليمامة رفقة ** دعاك الهوى واهتاج قلبك للذكر ) ( أقول لموسى والدموع كأنها ** جداول ماء في مسار بها تجري ) ( الاهل لشيخ وابن ستين حجة ** بكى طربا نحو اليمامة من عذر ) ( كأن فؤادي كلما مر راكب ** جناح غراب رام نهضا إلى وكر ) ( يزهدني في كل خير صنعته ** إلى الناس ما جربت من قلة الشكر ) ( فيا حزنا ماذا أجن من الهوى ** ومن مضمر الشوق الدخيل إلى حجر ) ( تعربت عنها كارها فتركتها ** وكان فراقيها أمر من الصبر ) ( لعل الذي يقضى الأمور بعلمه ** سيصرفني يوما اليها على قدر ) ( فتفتر عين ما تمل من البكا ** ويصحو قلب ما ينهنه بالزجر ) قال أبو بكر بن الأنباري حجر قصبة اليمامة قال فغنى هارون الرشيد بشعر يحيى بن طالب ( ايا أثلات القاع من بطن توضح ** حنيني إلى أطلالكن طويل ) ( ويا أثلات القاع قدمل صحبتي ** مسيري فهل في ظلكن مقيل ) ( ويا أثلات القاع قلبي موكل ** بكن وجدوى خيركن قليل ) ( الاهل إلى شم الخزامى ونظرة ** الى قرقرى قبل الممات سبيل ) ( فأشرب من ماء الحجيلاء شربة ** يداوى بها قبل الممات سبيل ) ( أحدث عنك النفس أن لست راجعا ** إليك فحزني في الفؤاد دخيل ) ( اريد هبوطا نحو كم فيردني ** اذا رمته دين على ثقيل ) فقال هارون الرشيد يقضى دينه فطلب فإذا هو قد مات قبل ذلك بشهر وحدثنا ابن الأنباري قال حدثنا أحمد بن يحيى النحوى قال أراد الفضل بن يحيى أو جعفر بن يحيى سفرا فقال قاتل الله جميلا ما أشعره حيث يقول ( لما دنا البين بين الحى واقتسموا ** حبل النوى فهو في أيديهم قطع ) ( جادت بأدمعها ليلى وأعجلني ** وشك الفراق فما أبقي وما أدع ) ( يا قلب ويحك ما عيشي بذي سلم ** ولا الزمان الذي قد مر مر تجع ( أكلما بان حى لا تلائمهم ** ولا يبالون أن يشتاق من فجعوا ) ( علقتني بهوى منهم فقد جعلت ** من الفراق حصاة القلب تنصدع ) وقرأت هذه الأبيات في شعر جميل على أبي بكر بن دريد مكان فما أبقي فما أبكى ومكان عيشى عيش ومكان بهوى منهم بهوى مرد وقال الأصمعي من أمثالهم جاء يفرى الفراو يقد اذا جاء يعمل عملا محكما ومثله جاء يفري الفرى ويقال الحق أبلج والباطل لجلج يراد أن الحق منكشف والباطل ملتبس ويقال ماء ولا كصداء مثل جمراء بئر طيبة الماء جدا وكان أبو العباس محمد بن يزيد يقول كصدآء على وزن صدعاء يقول هذا ماء ولا بأس به وليس كصداء يضرب مثلا لمن حمد بعض الحمد ويفضل عليه غيره ويقال فتى ولا كمالك مثله ومرعى ولا كالسعدان مثله وأنشدنا ابن دريد عن عبد الرحمن عن عمه لرجل من بني كلاب ( فلما قضينا غصة من حديثنا ** وقد فاض من بعد الحديث المدامع ) ( جرى بيننا منار سيس يزيدنا ** سقاما اذا ما استيقنته المسامع ) ( كأن لم يجاورنا أمام ولم نقم ** بفيض الحمى اذا أنت بالعيش قانع ) ( فهل مثل أيام تسلفن بالحمى ** عوائد أوغيث الستارين واقع ) ( فان نسيم الريح من مدرج الصبا ** لأوراب قلب شفه الحب نافع ) قال أبو علي الرس الشىء من الخبر والرسيس مثله قال الأفوه الأودى ( بهمه مالأنيس به ** حس وما فيه له من رسيس ) وقال أبو زيد رسوت عنه حديثا أرسوه رسوا حدثت عنه وقال غيره رست الحديث في نفسي ارسه رسا اذا حدثت به نفسك قال الأصمعي رسست بين القوم أصلحت بينهم والأوراب واحدها ورب وهو فساد يكون في القلب وفي غير ذلك والعرب تقول إنه لذو عرق ورب أى فاسد وأنشدنا أبو بكر بن دريد عن عبد الرحمن عن عمه لرجل من بني كلاب أيضا ( تحن إلى الرمل اليماني صبابة ** وهذا لعمرى لو رضيت كثيب ) ( فأين الأراك الدوح والسدر والغضا ** ومستخبر عمن تحب قريب ) ( هناك تغنينا الحمام ونجتني ** جنى اللهو يحلولي لنا ويطيب ) قال أبو زيد قال الكلابيون سمعت سرا فاجأيته مثال جعيته أى لم أكمه وفلان لا يجأى سرا أي لا يكتمه والمصدر الجأى والسقاء لا يجأى الماء أى لا يحبسه والراعي لا يجاى غنمه اذا لم يحفظها فتفرقت وفلان لا يحجو سرا أي لا يكتمه والمصدر الحجو والسقاء لا يحجو الماء أي لا يحبسه والراعي لا يحجو غنمه أي لا يحفظها قال الأصمعي يقال طمح في السوم اذا استام بسلعته أكثر مما تساوي وتشحى في السوم وأبعط في السوم وشحط في السوم وذلك أن يتباعد قال ويقال مصع الظبى ولألأ اذا حرك ذنبه ومثل من أمثالهم لا آتيك لألأت الفور والعفر أي ماحركت أذنابها أى لا آتيك أبدا قال والأعفر الأحمر من الظباء والفور السود وقال لي أبو بكر بن دريد قال الأصمعي الفور و الظباء لا واحدلها وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي ( رفعنا الخموش عن وجوه نسائنا ** إلى نسوة منهم فأبدين مجلدا ) قال أبو العباس الخموش الخدوش وهذا رجل قتل من قومه قتلى فكان نساؤهم يخمشن وجوههن عليهم فأصابوا بعد ذلك منهم قتلى فصار نساء الاخرين يخمشن وجوههن عليهم يقول لما قتلنا منهم قتلى بعد القتلى الذين كانوا قتلوا منا حولنا الخموش عن وجوه نسائنا إلى وجوه نسائهم قال وهذا مثل قول عمروبن معدى كرب ( عجت نساء بني زبيد عجة ** كعجيج نسوتنا غداة الأرنب ) قال أبو العباس العجة الصوت والأرنب موضع والمجلد جلدة تمسكها النائحة بيدها وربما أشارت بها إلى وجهها كأنها تلطمه بها وأنشد ( خرجن حريرات وأبدين مجلدا ** ودارت عليهن المقرمة الصفر ) قال أبو العباس حريرات حارات الأجواف من الحزن وقوله دارت عليهن المقرمة الصفر يقول سبين فأجيلت عليهن القداح ليؤخذن أسهما قال ويروى المكتبة الصفر يعني السهام التي عليها أسماء أصحابها مكتوبة ولم يفسر أبو العباس مقرمة ولا أبو بكر قال أبو علي وأنا أقول مقرمة معضضة وذلك أن الرجل كان يعلم قدحه بالعض وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن هشام بن محمد عن أبي مخنف عن أشياخ من علماء قضاعة قالوا كان ثلاثة أبطن من قضاعة مجتورين بين الشحر وحضرموت بنو ناعب وبنو داهن وبنو رئام وكانت بنو رئام أقلهم عددا وأشجعهم لقاء وكانت لبني رئام عجوز تسمى خويلة وكانت لها أمة من مولدات العرب تسمى زبراء وكان يدخل على خويلة أربعون رجلا كلهم لها محرم بنو إخوة وبنو أخوات وكانت خويلة عقيما وكان بنو ناعب وبنو داهن متظاهرين على بني رئام فاجتمع بنو رئام ذات يوم في عرس لهم وهم سبعون رجلا كلهم شجاع بئيس فطعموا وأقبلوا على شرابهم وكانت زبراء كاهنة فقالت لخويلة انطلقي بنا إلى قومك أنذرهم فأقبلت خويلة تتوكأ على زبراء فلما أبصرها القوم قاموا إجلالا لها فقالت يا ثمر الأكباد وأنداد الأولاد وشجا الحساد هذه زبراء تخبركم عن أنباء قبل انحسار الظلماء بالمؤيد الشنعاء فاسمعوا ما تقول قالوا وما تقولين يا زبراء قالت واللوح الخافق والليل الغاسق والصباح الشارق والنجم الطارق والمزن الوادق إن شجر الوادي ليأدو ختلا ويحرق أنيابا عصلا وأن صخر الطود لينذر ثكلا لا تجدون عنه معلا فوافقت قوما أشارى سكارى فقالوا ريح خجوج بعيدة ما بين الفروج أتت زبراء بالأبلق النتوج فقالت زبراء مهلا يا بني الأعزة والله إني لأشم ذفر الرجال تحت الحديد فقال لها فتى منهم يقال له هذيل بن منقذ يا خذاق والله ما تشمين إلا دفر إبطيك فانصرفت عنهم وارتاب قوم من ذوي أسنانهم فانصرف منهم أربعون رجلا وبقى ثلاثون فرقدوا في مشربهم وطرقتهم بنو داهن وبنو ناعب فقتلوهم أجمعين وأقبلت خويلة مع الصباح فوقفت على مصارعهم ثم عمدت إلى خناصرهم فقطعتها وانتظمت منها قلادة وألقتها في عنقها وخرجت حتى لحقت بمرضاوي بن سعوة المهري وهو ابن أختها فأناخت بفنائه وأنشأت تقول ( يا خير معتمد وأمنع ملجا ** وأعز منتقم وأدرك طالب ) ( جاءتك وافدة الثكالى تغتلي ** بسوادها فوق الفضاء الناضب ) ( عيرانة سرح اليدين شملة ** عبر الهواجر كالهزف الخاضب ) ( هذي خناصر أسرتي مسرودة ** في الجيد مني مثل سمط الكاعب ) ( عشرون مقتبلا وشطر عديدهم ** صيابة ملقوم غير أشايب ) ( طرقتهم أم اللهيم فأصبحوا ** تستن فوقهم ذيول حواصب ) ( جزرا لعافية الجوامع بعدما ** كانوا الغياث من الزمان اللاحب ) ( قسمت رجال بني أبيهم بينهم ** جرع الردى بمخارص وقواضب ) ( فابرد غليل خويلة الثكلى التي ** رميت بأثقل من صخور الصاقب ) ( وتلاف قبل الفوت ثأري إنه ** علق بثوبي داهن أو ناعب ) فقال حجر على مرضاوي الأعذبان والأحمران أو يقتل بعدد رئام من داهن وناعب ثم قال ( أخالتنا سر النساء محرم ** علي وتشهاد الندامى على الخمر ) ( كذاك وأفلاذ الفئيد وما ارتمت ** به بين جاليها الوثية ملوذر ) ( لئن لم أصبح داهنا ولفيفها ** وناعبها جهرا براغية البكر ) ( فواري بنان القوم في غامض الثرى ** وصوري إليك من قناع ومن ستر ) ( فأني زعيم أن أروي هامهم ** وأظمئ هاما ما انسرى الليل بالفجر ) ثم خرج في منسر من قومه فطرق ناعبا وداهنا فأوجع فيهم قال أبو علي المؤيد الداهية والأمر العظيم والنفنف واللوح والسكاك والسكاكة والسحاح والكبد والسمهى الهواء بين السماء والأرض يقال لأفعلن ذلك ولو نزوت في اللوح ولو نزوت السكاك واللوح بفتح اللام العطش وقال أبو زيد أدوت له آدو أدوا إذا ختلته قال الشاعر ( أدوت له لآخذه ** فهيهات الفتى حذرا ) ويقال دأيت له أيضا ودألت له بمعنى واحد وحرق أنيابه إذا حك بعضها ببعض والعرب تقول عند الغضب يغضبه الرجل على صاحبه هو يحرق علي الأرم أي الأسنان والعصل المعوجة واحدها أعصل والمعل المنجا والججوج السريعة المرة والأبلق لا يكون نتوجا والعرب تضرب هذا مثلا للشيء الذي لا ينال فتقول طلب الأبلق العقوق فلما فاته أراد بيض الأنوق والأنوق الذكر من الرخم ولا بيض له هذا قول بعض اللغويين وعامتهم يقولون الأنوق الرخمة وهي تبيض في مكان لا يوصل فيه إلى بيضها إلا بعد عناء فيراد بهذا المثل أنه طلب ما لا يقدر عليه فلما لم ينله طلب ما يجوز أن يناله هذا على القول الثاني فأما على القول الأول فإنه طلب ما لا يمكن فلما لم يجد طلب أيضا ما لا يكون ولا يوجد والعقوق الحامل يقال أعقت الفرس فهي عقوق ولم يقولوا معق تركوا القياس فيه وهذا هو قول الأصمعي وقد قال بعض اللغويين يقال عقوق ومعق والذفر يكون في النتن والطيب وهو حدة الريح والذفر بفتح الفاء لا يكون إلا في النتن ومنه قيل للدنيا أم ذفر وللامه دفار فأما الدفر بتسكين الفاء فالدفع يقال دفر في عنقه وخذاق كناية عما يخرج من الإنسان يقال خذق ومزق وزرق وهذا قول ابن الأعرابي والمغالاه المباعدة في الرمي وقال الأصمعي الناضب البعيد ومنه نضب الماء أي بعد عن أن ينال وعيرانه تشبه العير لصلابتها والسرح السهلة رجع اليدين والشملة السريعة الخفيفة ويقال ناقة عبر أسفار إذا كانت قوية على السفر وعبر الهواجر إذا كانت قوية على الحر وأصل هذا كأنه يعبر بها الهواجر والأسفار والهزف والهجف الظليم الجافي والخاضب الذي قد أكل الربيع فاحمرت طنبوباه وأطراف ريشه والظنبوب مقدم عظم الساق ومسرودة مشكوكة ومقتبل مستأنف الشباب وأشايب أخلاط من الناس والصيابة صميم القوم وخالصهم وأم اللهيم الداهية والحواصب الرياح التي تسفي الحصباء والخوامع الضباع واللاحب القاشر لحبت الشيء قشرته والمخارص واحدها مخرص وهو سكين كبير مثل المنجل يقطع به الشجر وخريص البحر خليج منه كأنه مخروص أي مقطوع من معظمه والصاقب جبل معروف وحجر حرام والأعذبان النكاح والأكل والأحمران اللحم والخمر والسر النكاح قال الأعشى ( فلا تنكحن جارة إن سرها ** عليك حرام فانكحن أو تأبدا ) والأفلاذ واحدها فلذ ويقال أعطيته حزة من لحم وفلذة من لحم وحذية من لحم كل هذا ما قطع طولا فإذا أعطاه مجتمعا قيل أعطاه بضعة وهبرة وذرة وفذرة والفئيد الشواء وهو فعيل بمعنى مفعول يقال فأدت اللحم إذا شويته والمفأد السفود والمفتأد المشتوى والجالان الناحيتان من أعلاهما إلى أسفلهما يقال جال البئر وجول البئر ويقال رجل ماله جول ولا معقول إذا كان ضعيف الرأي أحمق والوئية القدر العظيمة وصوري ميلي وزعيم ضامن وكذلك قبيل وحميل وكفيل وضمين واحد ويقال من القبيل قبلت به أقبل قبالة وقوله أروى هاما كانت العرب تقول إذا قتل الرجل فلم يدرك بثأره خرج من هامته طائر يسمى الهامة فلا يزال يقول اسقوني اسقوني حتى يقتل قاتله فيسكن قال ذو الإصبع العدواني ( يا عمرو إللا تدع شتمي ومنقصتي ** أضربك حيث تقول الهامة اسقوني ) وحدثنا أبو بكر أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا ذم رجلا فقال تسهر والله زوجته جوعا إذا سهر شبعا ثم لا يخاف مع ذلك عاجل عار ولا آجل نار كالبهيمة أكلت ما جمعت ونكحت ما وجدت قال أبو علي قوله إذا سهر شبعا يعني من شدة الكظة والامتلاء وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي قال قيل لرجل من حمير ما العز فيكم قال حوط الحريم وبذل الجسيم ورعاية الحق وقول الصدق وترك التحلي بالباطل والصبر على المناكل واجتناب الحسد وتعجيل الصفد وحدثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال حدثنا ابن جوان صاحب الزيادي قال قال ابن محلم كنت آتي عبد الله بن طاهر في كل سنة وكانت صلتي عنده خمسة آلاف درهم فأتيته آخر ما أتيته فشكوت إليه ضعفي ثم أنشدته ( أفي كل عام غربة ونزوح ** أما للنوى من ونية فتريح ) ( لقد طلح البين المشت ركائبي ** فهل أرين البين وهو طليح ) ( وأرقني بالري نوح حمامة ** فنحت وذو الشجو الحزين ينوح ) ( على أنها ناحت ولم تذر دمعة ** ونحت وأسراب الدموع سفوح ) ( وناحت وفرخاها بحيث تراهما ** ومن دون أفراخي مهامه فيح ) ( عسى جود عبد الله أن يعكس النوى ** فتضحي عصا التسيار وهي طريح ) ( فإن الغنى مدني الفتى من صديقه ** وعدم الفتى بالمقترين نزوح ) فتوجع له عبد الله وقال صلتك عشرة آلاف درهم في كل سنة ولا تتعبنى إلينا فإنها توافيك في منزلك إن شاء الله ففعل وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري وأبو بكر بن دريد يزيد كل واحد منهما على صاحبه من قصيدة توبة بن الحمير ( يقول أناس لا يضيرك نأيها ** بلى كل ما شف النفوس يضيرها ) ( بلى قد يضر العين أن تكثر البكا ** ويمنع منها نومها وسرورها ) ( أرى اليوم يأتي دون ليلى كأنما ** أتت حجج من دونها وشهورها ) ( لكل لقاء نلتقيه بشاشة ** وإن كان حولا كل يوم أزورها ) ( وكنت إذا ما زرت ليلى تبرقعت ** فقد رابني منها الغداة سفورها ) ( وقد رابني منها صدود رأيته ** وإعراضها عن حاجتي وبسورها ) ( حمامة بطن الواديين ترنمي ** سقاك من الغر الغوادي مطيرها ) ( أبيني لنا لا زال ريشك ناعما ** وبيضك في خضراء غض نضيرها ) ( واشرف بالقور اليفاع لعلني ** أرى نار ليلى أو يراني بصيرها ) ( وقد زعمت ليلى بأني فاجر ** لنفسي تقاها أو عليها فجورها ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا الرياشي ( ألا قاتل الله الحمامة غدوة ** على الأيك ماذا هيجت حين غنت ) ( تغنت غناء أعجميا فهيجت ** جواي الذي كانت ضلوعي أكنت ) ( نظرت بصحراء البر يقين نظرة ** حجازية لو جن طرف لجنت ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم للعوام بن عقبة بن كعب ( أأن سجعت في بطن واد حمامة ** تجاوب أخرى ماء عينيك غاسق ) ( كأنك لم تسمع بكاء حمامة ** بليل ولم يحزنك إلف مفارق ) ( ولم تر مفجوعا بشيء يحبه ** سواك ولم يعشق كعشقك عاشق ) ( بلى فأفق عن ذكر ليلى فانما ** أخو الصبر من كف الهوى وهو تائق ) قال وأنشدنا أبو حاتم لرجل من بني نهشل ( ألام على فيض الدموع وانني ** بفيض الدموع الجاريات جدير ) ( أيبكي حمام الأيك من فقد إلفه ** واصبر عنها إنني لصبور ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا الرياشي عن الأصمعي قال أنشدني منتجع بن نبهان لرجل من بني الصيداء ( دعت فوق أفنان من الأيك موهنا ** مطوقة ورقاء في إثرآلف ) ( فهاجت عقابيل الهوى اذ ترنمت ** وشبت ضرام الشوق تحت الشراسف ) ( بكت بجفون دمعها غير ذارف ** وأغرت جفوني بالدموع الذوارف ) وقال الأصمعي من أمثالهم أينما أذهب ألق سعدا قال كان غاضب الأضبط بن قريع سعدا فجاور في غيرهم فاذوه فقال أينما أذهب ألق سعدا أي قوما ألقى منهم مثل ما لقيت من سعد قال ويقال محسنة فهيلي يقال ذلك للرجل يسىء في أمر يفعله فيؤمر بذلك على سبيل الهزءبه وقال الأصمعي ومن أمثال العرب لا يرحلن رحلك من ليس معك أى لا تدخلن في أمرك من ليس نفعه نفعك ولا ضرره ضررك ويقال المرء يعجز لا المحالة يقول ان العجز أتى من قبله فأما الحيلة فواسعة وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ( سفيرا خروج أدلجالم يعرسا ** ولم تكتحل بالنوم عين تراهما ) ( فلم أر محتالين أحسن منهما ** ولا نازلا يقري غدا كقراهما ) قال أبو العباس سفيرا خروج يعني غيثين والسفير المتقدم وخروج يعني من السحاب وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي ( تذكرني أم العلاء حمائم ** تجاوبن اذ مالت بهن غصون ) ( تملأ طلا ريشكن من الندى ** وتخضر مما حولكن فنون ) ( الا يا حمامات اللوى عدن عودة ** فانى إلى أصواتكن حزين ) ( فعدن فلما عدن كدن يمتنني ** وكدت بأشجاني لهن ابين ) وأنشدني جحظة ( وكدت بأسرارى لهن أبين ** ) ( وعدن بقرقار الهدير كأنما ** شربن حيا أو بهن حنون ) ( فلم تر عيني مثلهن حمائما ** بكين ولم تدمع لهن عيون ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدني أبي ( دع ذكرهن فما تزال تشبه ** ورقاءتركب حانيا ميادا ) ( تدعو حمائم أيكة بهديلها ** يخضعن حين يجبنها الأجيادا ) ( ياويحهن حمائما هيجن لي ** شوقا يكاد يصدع الأكبادا ) قال أبو علي وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لحميد بن ثور ولم يروه الأصمعي في شعر حميد ( اذا نادى قرينته حمام ** جرى لصبابتي دمع سفوح ) ( يرجع بالدعاء على غصون ** هتوف بالضحى غرد فصيح ) ( هفا لهديله منى اذاما ** تغردسا جعا قلب قريح ) ( فقلت حمامة تدعو حماما ** وكل الحب نزاع طموح ) وأنشدني أبو بكر ( كاد يبكي أو بكى جزعا ** من حمامات بكين معا ) ( ذكرته عيشة سلفت ** قطعت أنفاسه قطعا ) وأنشدنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال أنشدني أبو العباس محمد بن يزيد الثمالي لعوف بن محلم ( ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ** وغصنك مياد ففيم تنوح ) ( أفق لا تنح من غير شيء فانني ** بكيت زمانا والفؤاد صحيح ) ( ولوعا فشطت غربة دار زينب ** فها أنا أبكي والفؤاد جريح ) وحدثني أبو بكر بن دريد قال خرجنا من عمان في سفر لنا فنزلنا في أصل نخلة فنظرت فإذا فاختتان تزقوان في فرعها فقلت ( أقول لورقاوين في فرع نخلة ** وقد طفل الأمساء أو جنح العصر ) ( وقد بسطت هاتالتلك جناحها ** ومال على هاتيك من هذه النحر ) ( ليهنكما أن لم تراعا بفرقة ** ومادب في تشتيت شملكما الدهر ) ( فلم أر مثلى قطع الشوق قلبه ** على أنه يحكى قساوته الصخر ) وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال كان خنافر بن التوأم الحميري كاهنا وكان قد أوتي بسطة في الجسم وسعة في المال وكان عاتيا فلما وفدت وفود اليمن على النبي صلى الله عليه وسلم وظهر الاسلام أغار على ابل لمراد فاكتسحها وخرج بأهله وماله ولحق بالشحر فخالف جودان بن يحيى الفرضمي وكان سيدا منيعا ونزل بواد من أودية الشحر مخصبا كثير الشجر من الأيك والعرين قال خنافر وكان رئي في الجاهلية لا يكاد يتغيب عني فلما شاع الإسلام فقدته مدة طويلة وساءني ذلك فبينا أنا ليلة بذلك الوادي نائما اذهوى هوى العقاب فقال خنافر فقلت شصار فقال اسمع أقل قلت قل اسمع فقال عه تغنم لكل مدة نهايه وكل ذي أمد إلى غاية قلت أجل فقال كل دولة إلى أجل ثم يتاح لها حول انتسخت النحل ورجعت إلى حقائقها الملل إنك سجير موصول والنصح لك مبذول وانى آنست بأرض الشام نفرامن آل العذام حكاما على الحكام يذبرون ذار ونق من الكلام ليس بالشعر المؤلف ولا السجع المتكلف فأصغيت فزجرت فعاودت فظلفت فقلت بم تهينمون وإلام تعتزون قالوا خطاب كبار جاء من عند الملك الجبار فاسمع ياشصار عن أصدق الأخبار واسلك أوضح الآثار تنج من أوار النار فقلت وما هذا الكلام فقالوا فرقان بين الكفر والايمان رسول من مضر من أهل المدر ابتعث فظهر فجاء بقول قد بهر وأوضح نهجا قددثر فيه مواعظ لمن اعتبر ومعاذ لمن ازدجر ألف بالآى الكبر قلت ومن هذا المبعوث من مضر قال أحمد خير البشر فان آمنت أعطيت الشبر وان خالفت أصليت سقر فآمنت يا خنافر وأقبلت اليك أبادر فجانب كل كافر وشايع كل مؤمن طاهر وإلا فهو الفراق لاعن تلاق قلت من أين أبغي هذا الدين قال من ذات الآحرين والنفر اليمانين أهل الماء والطين قلت أوضح قال الحق بيثرب ذات النخل والحرة ذات النعل فهناك أهل الطول والفضل والمواساة والبذل ثم أملس عني فبت مذعورا أراعي الصباح فلما برق لي النور امتطيت راحلتي وآذنت أعبدي واحتملت بأهلى حتى وردت الجوف فرددت الإبل على أربابها بحولها وسقابها وأقبلت أريد صنعاء فأصبت بها معاذ بن جبل أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام وعلمني سورا من القرآن فمن الله على بالهدى بعد الضلاله والعلم بعد الجهاله وقلت في ذلك ( الم ترأن الله عاد بفضله ** فأنقذ من لفح الزخيخ خنافرا ) ( وكشف لي عن حجمتى عماهما ** وأوضح لي نهجي وقد كان داثرا ) ( دعاني شصار للتي لورفضتها ** لأصليت جمرا من لظى الهوب واهرا ) ( فأصبحت والإسلام حشو جوانحي ** وجانبت من أمسى عن الحق نائرا ) ( وكان مضلى من هديت برشده ** فله مغو عاد بالرشد آمرا ) ( نجوت بحمد الله من كل قحمة ** تؤرث هلكا يوم شايعت شاصرا ) ( وقد أمنتنى بعد ذاك يحابر ** بما كنت أغشى المنديات يحابرا ) ( فمن مبلغ فتيان قومي ألوكة ** بأني من أقتال من كان كافرا ) ( عليكم سواء القصد لافل حدكم ** فقد أصبح الإسلام للكفر قاهرا ) قال أبو علي اكتسحهاكنسها يقال كسحت البيت وقممته وخممته وسفرته كلهابمعنى واحد والمقمة والمخمة والمكسحة والمسفرة كلها المكنسة والخمامة والسباطة والكساحة والقمامة والكبا مقصور كل ما كنسته من البيت فألقيته من قماش وتراب والكباء ممدود البخور يقال قد كباثوبه اذا بخره وفي رئى لغتان يقال رئى ورئى وهو ما يتراءى للإنسان من الجن والحول التحول والسجير الصديق والشجير بالشين معجمة الغريب وقد قال بعض اللغويين يقال السجير والشجير للصديق وآنست أبصرت قال الله عز وجل { فإن آنستم منهم رشدا } والعذام قبيلة من الجن كذا قال أبو بكر ويقال ذبرت الكتاب اذا قرأته وزبرته اذا كتبته وقد قالوا ذبرته وزبرته بمعنى واحد اذا كتبته وظلفت منعت قال الشاعر ( ألم أظلف عن الشعراء عرضي ** كما ظلف الوسيقة بالكراع ) والأوارشدة الحر والشبر الخير وحرك للسجع كما حركه العجاج لا قامة الشعر قال ( الحمد لله الذي أعطى الشبر ** موالي الخير إن المولى شكر ) وقال الأصمعي جمع الحرة حرار وحرون وإحرون والنعل المكان الغليظ من الحرة وآذنت أعلمت والحول جمع حائل وهي الانثى من أولاد الإبل والسقاب جمع سقب وهو الذكر وقال أبو بكر الزخيخ بلغة أهل اليمن النار والجحمتان العينان بلغتهم قال شاعرهم وأكل أمه الذئب ( فيا حجمتا بكى على أم واهب ** أكيلة قلوب ببعض المذانب ) والقلوب والقليب بلغتهم الذئب والهوب النار بلغتهم والواهر الساكن مع شدة الحر وكل هذه الأحرف من لغتهم ونائر نافر والقحمة الشدة والأقتال الأعداء والأقتال الأقران واحدهم قتل قال أبو على التفسير لأبي بكر من قوله والزخيخ بلغة أهل اليمن النار إلى قوله نائر وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء قال أنشدني ابراهيم بن سهل لقيس بن ذريح قال والناس ينحلونها غيره وبعضهم يصححها له وأنشدنا أبي عن أحمد بن عبيد عن أبي عمرو والشيباني عن قيس المجنون ( سأصرم لبنى حبل وصلك مجملا ** وان كان صرم الحبل منك يروع ) ( وسوف اسلى النفس عنك كما سلا ** عن البلد النائي البعيد نزيع ) ( وان مسنى للضر منك كآبة ** وان نال جسمي للفراق خشوع ) ( سقى طلل الدار التي أنتم بها ** بشرقى لبنى صيف وربيع ) ( يقولون صب بالنساء موكل ** وما ذاك من فعل الرجال بديع ) ( مضى زمن والناس يستشفعون بي ** فهل لي إلى لبنى الغداة شفيع ) ( أياحرجات الحى حيث تحملوا ** بذي سلم لا جادكن ربيع ) ( وخيماتك اللاتي بمنعرج اللوى ** بلين بلى لم تبلهن ربوع ) ( إلى الله أشكو نية شقت العصا ** هي اليوم شتى وهى أمس جميع ) ( وما كاد قلبي بعد ايام جاوزت ** إلى بأجراع الثدى يريع ) ( فان انهمال العين بالدمع كلما ** ذكرتك وحدى خاليا لسريع ) ( فلو لم يهجني الظاعنون لها جنى ** حمائم ورق في الديار وقوع ) ( تجاوبن فاستبكين من كان ذا هوى ** نوائح ما تجري لهن دموع ) ( لعمرك اني يوم جرعاء مالك ** لعاص لأمر المرشدين مضيع ) ( ندمت على ما كان منى فقدتنى ** كما يندم المغبون حين يبيع ) ( اذا مالحاني العاذلات بحبها ** أبت كبد مما أجن صديع ) ( وكيف أطيع العاذلات وحبها ** يؤرقني والعاذلات هجوع ) ( عدمتك من نفس شعاع فانني ** نهيتك عن هذا وأنت جميع ) ( فقربت لي غير القريب وأشرقت ** هناك ثنايا مالهن طلوع ) ( فضعفني حبيك حتى كأنني ** من الأهل والمال والتلاد خليع ) ( وحتى دعاني الناس أحمق مائقا ** وقالوا مطيع للضلال تبوع ) ( قال وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا عبد الله بن خلف لقيس المجنون ( راحوا يصيدون الظباء وإنني ** لأرى تصيدها على سعراما ) ( أشبهن منك سوالفا ومدامعا ** فأرى على لها بذاك ذماما ) ( أعززعلى بأن أروع شبيهها ** أو أن يذقن على يدى حماما ) قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال ذكر أعرابي رجلا فقال ماله لمج أمه فرفعوه إلي السلطان فقال إنما قلت ملج أمه قال أبو بكر قال أبو العباس لمجها نكحها وملجها رضعها وقرأت على أبي عمرو عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال اختصم شيخان غنوي وباهلي فقال أحدهما لصاحبه الكاذب محج أمه قال الآخر انظروا ما قال لي الكاذب محج أمه أي جامع أمه فقال الغنوي كذب ما قلت له هكذا إنما قلت له الكاذب ملج أمه يقال ملج يملج وملج يملج ولمج يلمج إذا رضع قال أبو علي يقال محجها ومخجها ونخجها وهو مأخوذ من قولهم مخجت الدلو في البئر إذا حركتها لتمتلئ ونخجتها أيضا بالنون وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو العباس لمسكين بن عامر الحنظلي ( أصبحت عاذلتي معتلة ** قرمت بل هي وحمي للصخب ) ( أصبحت تتفل في شحم الذرى ** وتعد اللوم درا ينتهب ) ( لا تلمها إنها من نسوة ** ملحها موضوعة فوق الركب ) قال أبو العباس الوحم الشهوة على الحمل فجعله ههنا للصخب قال أبو علي قال أبو بكر عن أبي العباس قوله تتفل في شحم الذرى يعني أنها تتفل على إبلي وتعوذها من العين لتعظمها في عيني فلا أهبها وتعد اللوم درا ينتهب أي من حرصها عليه وقوله ملحها موضوعة فوق الركب حكى عن الأصمعي أنه قال كانت زنجية حبشية والملح السمن يقال تملح وتحلم إذا سمن فيقول سمنها فوق ركبتيها أي في عجيزتها وقال أبو عمرو الشيباني ملحها موضوعة فوق الركب أي أنها بخيلة تضع ملحها فوق ركبتيها فهي تأمرني بذلك وقال غيرهما من اللغويين قوله ملحها موضوعة فوق الركب أي أنها سريعة الغضب يقال للسريع الغضب ملحه فوق ركبتيه وكذلك غضبه على طرف أنفه وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال وقف علينا أعرابي ونحن برملة اللوى فقال رحم الله امرأ لم تمجج أذناه كلامي وقدم معاذة من سوء مقامي فإن البلاد مجدبه والحال مسغبه والحياء زاجر يمنع من كلامكم والفقر عاذر يدعو إلى أخباركم والدعاء أحد الصدقتين فرحم الله امرأ أمر بمير أو دعا بخير فقلت ممن أنت يرحمك الله فقال اللهم غفرا سوء إلاكتساب يمنع من الانتساب وحدثنا أبو بكر قال حدثنا العكلي عن الحرمازي عن ابن الكلبي أن رجلا أغلظ لعمرو بن سعيد بن عمرو بن العاص فقال له عمرو مهلا عمرو ليس بحلو المذاقه ولا رخو الملاكه ولا الخسيس ولا المخسوس ولا النكس الشكس الهالك فهاهه الجاهل سفاهه والله ما أنا بكهام اللسان ولا كليل الحدو لاعي الخطاب ولا خطل الجواب أيهات جاريت والله الأسنان وجرستني الأمور ولقد علمت قريش أني ساكن الليل داهية النهار لا أنهض لغير حاجتي ولا أتبع أفياء الظلال وإنك أيها الرجل لأبيض أملود رقيق الشعره نقي البشره صاحب ظلمات ووثاب جدرات وزوار جارات قال أبو علي المجرس والمضرس والمقتل والمنجد الذي قد جرب الأمور وعرفها والفه العي الكليل اللسان كذا قال أبو زيد قال ويقال جئت لحاجة فأفهني عنها فلان حتى فههت إذا أنساكها والأملود الناعم قال ذو الرمة ( خراعيب أملود كأن بنانها ** بنات النقى تخفى مرارا وتظهر ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يذكر قومه فقال كانوا والله إذا اصطفوا تحت القتام خطرت بينهم السهام بوفود الحمام وإذا تصافحوا بالسيوف فغرت المنايا أفواهها فرب يوم عارم قد أحسنو أدبه وحرب عبوس قد ضاحكتها أسنتهم وخطب شيز قد ذللوا مناكبه ويوم عماس قد كشفوا ظلمته بالصبر حتى ينجلي إنما كانوا البحر الذي لا ينكش غماره ولا ينهنه تياره قال أبو علي قوله فغرت فتحت قال حميد بن ثور ( عجبت لها أنى يكون غناؤها ** فصيحا ولم تفغر بمنطقها فما ) والشئز المقلق والشأز والشأس الأرض الغليظة قال العجاج ( أن ينزلوا بالسهل بعد الشأس ومنه سمى الرجل شأسا والعماس الشديد وينكش ينزح ويقال قليب عيلم لا يغضغض ولا يؤبى ولا ينكف ولا ينكش ولا يفتح ولا يغرض ولا ينزح ولا ينزف قال أبو علي يجوز فتح الغين الثانية وكسرها من يغضغض وفتح الراء وكسرها من يغرض ولا يجوز في يؤبى إلا كسر الباء فقط كذا قال لي أبو عمرو المطرز حدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد قال قيل لرجل من حمير مالداء العضال قال هوى محرض وحسد ممرض وقلب طروب ولسان كذوب وسؤال كديد ومنع حجيد ورشد مطرح وغنى ممتنح قال أبو علي الحرض الساقط الذي لا يقدر على النهوض يقال أحرضه الله إحراضا والكديد الذي يكد لا المسؤل وحجيد يابس لا بلل فيه قال أبو زيد يقال رجل حجد وقد حجد اذا كان قليل الخير وأرض حجدة يابسة قليلة الخير والممتنح المستعار وأصله من المنحة والمنيحة وهو أن يعطى الرجل الرجل الشاة أو الناقة يحتلبها وينتفع بصوفها إلى مدة ثم يردها إلى صاحبها قال أبو زيد من أمثال العرب من أجدب انتجع يقوله الرجل عند كراهته المنزل والجوار وقلة ماله قال أبو علي ومن أمثالهم الحجش لما بذك الأعيار يقول عليك بالحجش اذا فانتك الأعيار يضرب مثلا للرجل يطلب الأمر غير الخسيس فيفوته فيقول له اطلب دون ذلك ومن أمثالهم ياحبذا التراث لولا الذلة زعموا أن رجلا مات فبعث أخوه إلى أمرأته أن ابعثى إلى بعشاء أخى فبعثت به فرآه كثيرا فقال يا حبذا التراث لولا الذلة يقول التراث حلو لولا أن أهل بيته يقلون ويقال أصلح غيث ما أفسد برده يضرب مثلا للرجل يكون فاسدا ثم يصلح وأنشدنا ابن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ( بكيت إلى سرب القطا إذا مررت بي ** وقلت ومثلى بالبكاء جدير ) ( أسرب القطا هل من يعير جناحه ** لعلى إلى من قد هويت أطير ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأبي المطرز العنبري ( ايا أبرقى مغنى بثينة أسعدا ** فتى مقصدا بالشوق فهو عميد ) ( ليالي منا زائر متهالك ** وآخر مشهور ففيه صدود ) ( على أنه مهدي السلام وزائر ** إذا لم يكن ممن يخاف شهود ) ( وقد كان في مغنى بثينة لو بدت ** عيون مها تبدو لنا وخدود ) وأنشدنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال أنشدنا محمد بن الحسن بن الحرون ( ولما رأت أن النوى أجنبية ** وأن خليلا من غد سيبين ) ( بكت فبكى من لاعج الشوق والأسى ** وكل بكل أن يبين ضنين ) ( فقلت ولم أملك سوابق عبرة ** على الخد مني فالدموع هتون ) ( لقد كنت أبكي قبل أن تشحط النوى ** فكيف إذا ما غبت عنك أكون ) قال أبو محمد وأنشدنا أيضا ( ولما رأت أن قد عزمت وراعها الفراق ** بكت والالف يبكي من البين ) ( لعمري لئن أبكيت بالسير عينها ** لقد طالما أبكت بأعراضها عيني ) قال الأصمعي يقال بنى سافا وسطرا وسطرا أو مدماكا كله بمعنى واحد وهو السطر من الطين واللبن وأنشدنا بعض أصحاب أبي العباس المبرد لأبي العباس ( أقسم بالمبتسم العذب ** ومشتكى الصب إلى الصب ) ( لو كتب النحو عن الرب ** ما زاده إلأ عمى قلب ) قال أبو علي فحكى لنا أن أبا العباس ثعلبا أنشد هذين البيتين فقال متمثلا ( أسمعني عبد بني مسمع ** فصنت عنه النفس والعرضا ) ( ولم أجبه لاحتقاري له ** ومن يعض الكلب إن عضا ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم أو عبد الرحمن عن الأصمعي الشك من أبي علي ( اقرأ على الوشل السلام وقل له ** كل المشارب مذ هجرت ذميم ) ( سقيا لظلك بالعشي وبالضحى ** ولبرد مائك والمياه حميم ) ( لو كنت أملك منع مائك لم يذق ** ما في قلاتك ما حييت لئيم ) قال أبو علي القلات جمع قلت والقلت النقرة تكون في الصخرة وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لهلال المازني واغترب عن قومه ( أقول لناقتي عجلي وحنت ** إلى الوقبى ونحن على جراد ) ( أتاح الله يا عجلي بلادا ** هواك بها مربات العهاد ) ( وأسقاها فرواها بودق ** فخارجة كأطراف مراد ) ( فما عن بغضة منا وزهد ** تبدلنا بها عليا مراد ) ( ولكن الحوادث أجهضتنا ** عن الوقبي وأطراف الثماد ) قال أبو علي أجهضتنا أخرجتنا يقال أجهضت الناقة إذا ألقت ولدها لغير وقته قال الأصمعي ومن أمثال العرب هذا ولما تردي تهامه يضرب مثلا للرجل يجزع قبل وقت الجزع ويقال عرف حميق جمله يضرب مثلا للرجل قد عرف الرجل فاجترأ عليه ويقال من استرعى الذئب ظلم يراد به من ولى غير الأمين فالظلم جاء من عنده ويقال خرقاء وجدت صوفا يضرب مثلا للرجل المفسد يقع في يده مال فيعيث فيه وقال يعقوب بن السكيت العرب تقول للأقيمن ميلك وجنفك ودرأك وصغاك وصدغك وقذلك وضلعك كله بمعنى واحد يقال ضلع فلان مع فلان أي ميله وقال غيره فأما الضلع فحلقة تكون في الإنسان وقرأت على أبي بكر بن دريد لأبي كبير الهذلي ( نضع السيوف على طوائف منهم ** فنقيم منهم ميل ما لم يعدل ) الطوائف النواحي الأيدي والأرجل والرؤوس وقوله ميل ما لم يعدل قال ميله فضله وزيادته وإنما يريد أن هؤلاء القوم كانوا غزوهم فقتلوهم فكأن ذلك القتل ميل على هؤلاء القوم ثم إن هؤلاء القوم المقتولين غزوهم بعد فقتلوهم فكأن قتلهم لهم قيام للميل وهذا كقول ابن الزبعرى وأقمنا ميل بدر فاعتدل يقولها في يوم أحد يقول اعتدل ميل بدر إذ قنلنا مثلهم يوم أحد يروى ( تقع السيوف على طوائف منهم ** فيقام منهم ميل ما لم يعدل ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا السكن بن سعيد عن العباس بن هشام عن أبيه قال كان مصاد بن مذعور القيني رئيسا قد أخذ مرباع قومه دهرا وكان ذا مال فند ذود من أذواد له فخرج في بغائها قال فإني لفي طلبها إذ هبطت واديا شجيرا كثيف الظلال وقد تفسخت أينا فأنخت راحلتي في ظل شجرة وحططت رحلي ورسغت بعيري واضطجعت في بردي فإذا أربع جوار كأنهن اللآلي يرعين بهما لهن فلما خالطت عيني السنة أقبلن حتى جلسن قريبا مني وفي كف كل واحدة منهن حصيات تقلبهن فخطت إحداهن ثم طرقت فقالت قلن يا بنات عراف في صاحب الجمل النياف والبرد الكثاف والجرم الخفاف ثم طرقت الثانية فقالت مضل أذواد علا كد كوم صلاخد منهن ثلاث مقاحد وأربع جدائد شسف صمارد ثم طرقت الثالثة فقالت رعين الفرع ثم هبطن الكرع بين العقدات والجرع فقالت الرابعة ليهبط الغائط الأفيح ثم ليظهر في الملا الصحصح بين سدير وأملح فهناك الذود رتاع بمنعرج الأجرع قال فقمت إلى جملي فشددت عليه رحله وركبت ووالله ما سألتهن من هن ولا ممن هن فلما أدبرت قالت إحداهن أبرح فتى إن جد في طلب فماله غيرهن نشب وسيثوب عن كثب ففزع قلبي والله قولها فقلت وكيف هذا وقد خلفت بوادي عرجا عكامسا فركبت السمت الذي وصف لي حتى انتهيت إلى الموضع فإذا ذودي رواتع فضربت أعجازهن حتى اشرفت على الوادي الذي فيه إبلي فإذا الرعاء تدعو بالويل فقلت ما شأنكم قالوا أغارت بهراء على إبلك فأسحفتها فأمسيت والله مالي مال غير الذود فرمى الله في نواصيهن بالرغس وإني اليوم لأكثر بني القين مالا وفي ذلك أقول ( هو الدهر آس تارة ثم جارح ** سوانحه مبثوثة والبوارح ) ( فبينا الفتى في ظل نعماء غضة ** تبا كره أفياؤه وتراوح ) ( إلى أن رمته الحادثات بنكبة ** تضيق به منها الرحاب الفسائح ) ( فأصبح نضوا لا ينوء كأنما ** بأعظمه مما عراه القوادح ) ( فما خلتني من بعد عرج عكامس ** أقسسى أذوادا وهن روازح ) ( حدابير ما ينهضن إلا تحاملا ** شواسف عوج أسأرتها الجوائح ) ( فيا واثقا بالدهر كن غير آمن ** لما تنتضيه الباهظات الفوادح ) ( فلست على أيامه بمحكم ** إذا فغرت فاها الخطوب الكوالح ) ( مجيرك منه الصبران كنت صابرا ** وإلا كما يهوى العدو المكاشح ) قال أبو علي المرباع ربع الغنيمة قال الأصمعي يقال ربع فلان في الجاهلية وخمس في الإسلام وذلك أن أهل الجاهلية كان الرئيس منهم يأخذ ربع الغنيمة وأنشد غير الأصمعي ( منا الذي ربع الجيوش لصلبه ** عشرون وهو يعد في الأحياء ) وأنشدنا الأصمعي ( لك المرباع منها والصفايا ** وحكمك والنشيطة والفضول ) قال ويقال ربع الجيش يربعه رباعة إذا أخذ ربع الغنيمة وربع الوتر يربعه ربعا إذا فتله على أربع قوى وربع القوم يربعهم ربعا إذا كانوا ثلاثة فصار رابعهم وربع الحجر ربعا إذا احتمله وقال غيره ربعت عليه إذا عطفت ويقال ربعت رفقت قال الحطيئة ( لعمري لعزت حاجة لو طلبتها ** أمامي وأخرى لو ربعت لها خلفي ) وربعت عن الأمر كففت عنه قال رؤبة هاجت ومثلي نوله أن يربعا وقال أبو نصر ربع عليه فهو يربع ربعا إذا كف عنه يقال اربع على نفسك يريد كف وارفق =========================================== ج2. كتاب :الأمالي في لغة العرب أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي والربع الفصيل الذي نتج في أول الربيع قال الأصمعي أنشدني عيسى بن عمر قال سمعت بعض العرب ينشد ( وعلبة نازعتها رباعي ** وعلبة عند مقيل الراعي ) وناقة مربع إذا كان يتبعها ربع فإذا كان من عادتها أن تنتج في ربعية النتاج فهي مرباع والجمع مرابيع ويقال مكان مرباع إذا كان ينبت في أول ما تنبت الأرض قال ذو الرمة ( بأول ما هاجت لك الشوق دمنة ** بأجرع مرباع مرب محلل ) ومكان مربوع إذا أصابه مطر الربيع قال ذو الرمة ( إذا ذابت الشمس اتقى صقراتها ** بأفنان مربوع الصريمة معبل ) والمربع المنزل الذي يقام فيه في الربيع يقال هذه مصايفنا ومرابعنا أي حيث نرتبع ونصيف ويقال ربع الرجل يربع ربعا فهو مربوع إذا كان يحم ربعا وأربع أيضا قال الهذلي ( من المربعين ومن آزل ** إذا جنه الليل كالناحط ) ويقال ربعنا إذا أصابنا مطر الربيع ويقال امتار فلان في الميرة الربعية أي في أول الزمن ويقال تربعنا بمكان كذا وكذا أي كنا فيه في الربيع وارتبعنا نرتبع ارتباعا وأربع فلان إبله إذا رعاها في الربيع وأربع فلان يربع إرباعا إذا ولد له في حداثته وولده ربعيون ويقال ارتبع البعير يرتبع ارتباعا وما أشد ربعته وهو أشد ما يكون من العدو قال وأنشدني رجل من أهل العالية ( واعرورت العلط العرضي تركضه ** أم الفوارس بالدئداء والربعة ) والدئداء دون الربعة وحي من الأسد يقال لهم الربعة متحركة الباء والربعة ساكنة الباء الجونة يقال ما أوسع ربع بني فلان لمحلهم والجمع رباع وربوع ويقال ما في بني فلان من يضبط رباعته غير فلان كأنه أمره وشأته قال الأخطل ( ما في معد فتى تغنى رباعته ** إذا يهم بأمر صالح فعلا ) وقال غيره زباعته قبيلته وقومه قال الأصمعي يقال رجل مربوع ومرتبع إذا كان وسطا لا بالطويل ولا بالقصير قال العجاج رباعيا مرتبعا أو شوقبا ويقال أربع إذا جاءت إبله روابع أي ترد في ربع فهو مربع وأربع الدابة يربع ارباعا إذا طلعت رباعيته ويقال أرض مربعة إذا كانت ذات يرابيع وقال ابن الأعرابي الربيع بلغة أهل الحجاز الساقية الصغيرة وجمعه ربعان والربيعة الصخرة والربيعة أيضا بيضة الحديد والمربعة عصية يأخذ رجلان بطرفيها فيلقيان الحمل على البعير وأنشد الأصمعي ( أين الشظاظان وأين المربعه ** وأين وسق الناقة الجلنفعه ) الشظاظ عود يدخل في عروتي الجواليق ليثبت على البعير والجلنفعة الجافية ويقال المسنة والوسق الحمل ويقال رابعت الرجل وهو أن تأخذ بيده ويأخذ بيدك تحت الحمل حتى ترفعاه على البعير قال الراجز ( يا ليت أم الفيض كانت صاحبي ** مكان من أنشا على الركائب ) ( ورابعتني تحت ليل ضارب ** بساعد فعم وكف خاضب ) وندشرد والذود ما بين الثلاثة إلى العشرة والعرب تقول الذود إلى الذود إبل يقول إذا اجتمع القليل إلى القليل صار كثيرا وبغاؤها طلبها والشجير الكثير الشجر والأين الكلال ورسغت شددت رسغه والنياف العالي والكثاف الكثيف والجرم الجسد والخفاف الخفيف والعلا كد الصلاب والكوم العظام الأسنمة يقال ناقة كوماء وبعير أكوم والواحد من علا كدعلكد والصلاخد العظام الشداد واحدها صلاخد وفيه لغات يقال بعير صلاخد وصلخد وصلخدي وناقة صلخداة والمقاحد جمع مقحاد وهي الغليظة السنام والقحدة السنام ويقال أصل السنام والجدائد جمع جدود وهي التى انقطع لبنها قال الأصمعي الشاسف أشد ضمرا من الشازب والصمارد جمع صمرد والصمرد والبكيئة والدهين القليلة اللبن والفرع جمع فرعة وهي أعلى الجبل والكرع ماء السماء ينزل فيستنقع وسمى كرعا لأن الماشية تكرع فيه والعقدات جمع عقدة والعقدة والضفرة ما تعقد من الرمل والغائط المطمئن من الأرض والملا الفضاء والصحصح الصحراء وسدير وأملح موضعان والأجرع والجرعاء دعص لا ينبت شيأ وأبرح أشد والكثب القرب والعرج نحو خمسمائة من الإبل والعكابس والعكامس جميعا الكثير وأسحفتها استأصلتها والرغس البركة والنماء قال رؤبة ( دعوت رب العزة القدوسا ** دعاء من لا يقرع الناقوسا ) ( حتى أرانا وجهك المرغوسا ** ) والقوادح واحدتها قادحة وهي العيب في العود والسن وأقسس أتبع والروازح التي قد سقطت من الهزال والحدابير التي قد تقوست من الهزال واحدها حدبار وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قدم وفد على أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك وفيهم رجل من قريش يقال له إسماعيل بن أبي الجهم وكان أكبرهم سنا وأفضلهم رأيا وحلما فقام متوكئا على عصا وقال يا أمير المؤمنين إن خطباء قريش قد قالت فيك فأطنبت وأثنت عليك فأحسنت ووالله ما بلغ قائلهم قدرك ولا أحصى مثنيهم فضلك أفتأذن لي في الكلام قال تكلم قال أفأوجز أم أطنب قال بل أوجز قال تولاك الله أمير المؤمنين بالحسنى وزينك بالتقى وجمع لك خير الآخرة والأولى إن لي حوائج أفأذكرها قال نعم قال كبرت سني وضعفت قواي واشتدت حاجتي فإن رأى أمير المؤمنين أن يجبركسرى وينفي فقري قال يا ابن أبي الجهم ما يجبر كسرك وينفي فقرك قال ألف دينار وألف دينار وألف دينار قال هيهات يا ابن أبي الجهم بيت المال لا يحتمل هذا قال كأنك آليت يا أمير المؤمنين أن لا تقضي لي حاجة مقامي هذا قال ألف دينار لماذا قال أقضي بها دينا قد فدحني حمله وأرهقني أهله قال نعم المسلك أسلكنها دينا قضيت وأمانة أديت قال وألف دينار لماذا قال أزوج بها من أدرك من ولدي فأشد بهم عضدي ويكثر بهم عددي قال ولا بأس أغضضت طرفا وحصنت فرجا وأمرت نسلا وألف دينار لماذا قال أشتري بها أرضا فأعود بفضلها على ولدي وبفضل فضلها على ذوي قراباتي قال ولا بأس أردت ذخرا ورجوت أجرا ووصلت رحما قد أمرنا لك بها فقال الله المحمود على ذلك وجزاك الله يا أمير المؤمنين والرحم خيرا فقال هشام تالله ما رأيت رجلا ألطف في سؤال ولا أرفق في مقال من هذا وهكذا فليكن القرشي قال أرهقني أعجلني ورهقني غشينى يقال رهق فلانا دين يرهقه إذا غشيه ورهقت الكلاب الصيد إذا غشيته ولحقته ورهقنى فلان أي لحقني ويقال فلان عطوف على المرهق أى على المدرك وأرهقت الرجل إذا أدركته ويقال هو يعدو الرهقي وهو أن يسرع حتى يكاد أن يرهق الذي يطلبه وفي فلان رهق إذا كان فيه غشيان للمحارم قال ابن أحمر ( كالكوكب الأزهر انشقت دجنته ** في الناس لا رهق فيه ولا بخل ) ويقال إنه لمرهق إذا غشيه الأضياف والسؤال قال ابن هرمة ( خير الرجال المرهقون كما ** خير تلاع البلاد أكلؤها ) وفلان يرهق في دينه إذا أثني عليه قلة ورع وأرهق القوم الصلاة إذا أخروها حتى يدنو وقت الأخرى قال أبو زيد أرهقته عسرا وإثما حتى رهقه رهقا غيره وراهق الغلام إذا قارب الاحتلام وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو العابس أحمد بن يحي النحوي قال أنبأنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب قال أنشدنا إسماعيل بن أبي أويس والزبير بن أبي بكر وعبد الملك بن عبد العزيز الماجشون ومحمد بن طالوت الوادي قال أنشدني أبي وقال كل هؤلاء أنشدني لأبي صخر الهذلي يزيد بعضهم على بعض قال أبو علي وأنشدنا أبو بكر بن دريد هذه القصيدة لأبي صخر ( لليلى بذات الجيش دار عرفتها ** وأخرى بذات البين آياتها سطر ) ( كأنهما ملآن لم يتغيرا ** وقد مر للدارين من بعدنا عصر ) ( وقفت برسميها فعي جوابها ** فقلت وعيني دمعها سرب همر ) ( ألا أيها الركب المخبون هل لكم ** بساكن أجزاع الحمى بعدنا خبر ) ( فقالوا طوينا ذاك ليلا فإن يكن ** به بعض من تهوى فما شعر السفر ) قال أبو العباس قال عبد الله بن شبيب حدثتني أم المغوار الباهلية قالت كنت بفناء بيتي في السحر فمر بنا ركب فتمثلت بهذا البيت ( ألا أيها الركب المخبون هل لكم ** بساكن أجزاع الحمى بعدنا خبر ) فأجابنا غلام من صدر راحلته فقال ( فقالوا طوينا ذاك ليلا فإن يكن ** به بعض من تهوى فما شعر السفر ) ( خليلي هل يستخبر الرمث والغضا ** وطلح الكدا من بطن مروان والسدر ) هكذا أنشدناه أبو بكر بن الأنباري عن أبي العباس بفتح الكاف وقال هو اسم موضع قال أبو علي أحسبه أراد كداء فقصر للضرورة وأنشدنا أبو بكر بن دريد كدى بضم الكاف وقال هو جمع كدية ( أما والذي أبكى وأضحك والذي ** أمات وأحيا والذي أمره الأمر ) ( لقد كنت آيتها وفي النفس هجرها ** بتاتا لأخرى الدهر ما طلع الفجر ) ( فما هو إلا أن أراها فجاءة ** فأبهت لا عرف لدي ولا نكر ) ( وأنسى الذي قد كنت فيه هجرتها ** كما قد تنسى لب شاربها الخمر ) ( وما تركت لي من شدا أهتدي به ** ولا ضلع إلا وفي عظمهما وقر ) ( وقد تركتني أغبط الوحش أن أرى ** أليفين منها لا يروعهما الذعر ) ( ويمنعني من بعض انكار ظلمها ** إذا ظلمت يوما وإن كان لي عذر ) ( مخافة أني قد علمت لئن بدا ** لي الهجر منها ما على هجرها صبر ) ( وأني لا أدري إذا النفس أشرفت ** على هجرها ما يبلغن بي الهجر ) قال عبد الله بن شبيب حدثني الزبير قال لما أنشد أبو السائب هذا البيت قال الموت الأحمر والله يا ابن أخي ما دونه شيء ( أبى القلب إلا حبها عامرية ** لها كنية عمرو وليس لها عمرو ) ( تكاد يدي تندى إذا ما لمستها ** وينبت في أطرافها الورق النضر ) ( وإني لتعروني لذاكراك هزة ** كما انتفض العصفور بلله القطر ) ( تمنيت من حبي علية أننا ** على رمث في البحر ليس لنا وفر ) ( على دائم لا يعبر الفلك موجه ** ومن دوننا الأهوال واللجج الخضر ) ( فنقضى هم النفس في غير رقبة ** ويغرق من نخشى نميمته البحر ) ( عجبت لسعى الدهر بيني وبينها ** فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر ) قال عبد الله وأنشدني ابن أبي أويس ( فيا حب ليلى قد بلغت بي المدى ** وردت على ما ليس يبلغه الهجر ) ( ويا حبها زدني جوي كل ليلة ** ويا سلوة الأيام موعدك الحشر ) ( فليست عشيات الحمى برواجع ** لنا أبدا ما أبرم السلم النضر ) ( ولا عائد ذاك الزمان الذي مضى ** نبا ركب ما تقدر يقع ولك الشكر ) قال أبو بكر وزادني أبي عن أحمد بن عبيد ( هجرتك حتى قلت لا يعرف القلى ** وزرتك حتى قلت ليس له صبر ) ( صدقت أنا الصب المصاب الذي به ** تباريح حب خامر القلب أو سحر ) ( فيا حبذا الأحياء ما دمت فيهم ** ويا حبذا الأموات ما ضمك القبر ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه أو أبو حاتم الشك من أبي علي عن الأصمعي قال اشترى أعرابي خمرا بجزة من صوف فغضبت عليه امرأته فأنشأ يقول ( عصبت على لأن شربت بصوف ** ولئن غضبت لأشربن بخروف ) ( ولئن غضبت لأشربن بنعجة ** دهساء مالئة الأناء سحوف ) ( ولئن غضبت لأشربن بناقة ** كوماء ناوية العظام صفوف ) ( ولئن غضبت لأشربن بسابح ** نهد أشم المنكبين منيف ) ( ولئن غضبت لأشربن بواحدى ** ولأجعلن الصبر منه حليفي ) ( ولقد شهدت الخيل تعثر بالقنا ** وأجبت صوت الصارخ الملهوف ) ( ولقد شهدت إذا الخصوم تواكلوا ** بخصام لا نزق ولا علفوف ) قال أبو علي الصفوف التي تصف بين رجليها عند الحلب ويقال التي تصف بين محلبيها والسحوف التي لها سحفتان من الشحم أي طبقتان والسحف القشر يقال سحفت الشيء قشرته والعلفوف الجافي وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن عرفة لذي الرمة ( كأن أعجازها والريط يعصبها ** بين البرين وأعناق العواهيج ) ( أنقاء سارية حلت عزاليها ** من آخر الليل ريح غير حرجوج ) يصف نساء يقول كان أعجازهن أنقاء سارية والأنقاء جمع نقا والنقاقطعة من الرمل مستطيلة محدودبة والسارية السحابة التي تمطر ليلا فأضاف النقا إليها لأنها أمطرته والريط جمع ريطة ويعصبها يلتاث بها يقول هذه الرياط دقاق ناعمة فإذا هبت لها أدنى ريح التفت على سوقها وأعجازها والبرين الخلاخيل واحدها برة والعواهيج الطوال الأعناق من الظباء واحدها عوهج فكأنه قال كأن بين أسؤقها وأعناقها كثبانا جادتها سحابة ليل حلت عزاليها سحابة لينة والعزالي مخارج مائها مستعارة من المزادة لان العزلاء فم المزادة وهذا مثل والحرجوج الريح الشديدة الهبوب قال الأصمعي من أمثال العرب رب عجلة تهب ريثا يراد به ربما استعجل الرجل فألقاه استعجاله في بطء ويقال جزاني جزاء سنمار وسنمار إنسان كان عمل أطما لبعض الملوك فقال له إن نزع هذا الحجر تداعى بناؤك فأمر به فرمي من فوق الأطم لئلا يعلم به أحد غيره يضرب مثلا للرجل يحسن فيجزى بإحسانه سوأ وأنشد الأصمعي ( جزاء سنمار بما كان يعمل ** ) ويقال بفلان تقرن الصعبة يراد به أنه يذل المستصعب ويقال حيث لا يضع الراقي أنفه يراد به أن ذلك الأمر لا يقرب ولا يدني منه وكأنهم يرون أن أصل ذلك أن ملسوعا لسع في آسته فلم يقدر الراقي أن يقرب أنفه مما هناك قال أبو زيد يقال هو أشخم الرأس بالخاء المعجمة وأشهب الرأس ويقال كلا أشخم إذا علا البياض الخضرة وقد اشخام واشهاب النبت والرأس ويقال ليستغن أحدكم ولو بضوز سواكه أي بمضغة يقال ضاز الشيء يضوزه ضوز إذا مضغه وأنشد أبو زيد ( طوال الأيادي والحوادي كأنها ** سماحيج قب طار عنها نسالها ) قال الحوادي الأرجل التي تحدو الأيدي وتتلوها قال ويقال ما أعظبه عليه أي ما أصبره وقد عظب يعظب عظبا وعظوبا إذا صبر عليه وعظبته عليه تعظيبا ومرنته تمرينا وأنشد ( لو كنت من زوفن أو بنيها ** قبيلة قد عظبت أيديها ) ( معودين الحفر حفاريها ** لقد حفرت نبثة ترويها ) النبثة الركية التي تخرج نبيثتها وقال قال بعض بني عقيل وبنى كلاب هو الأكرم والأفضل وألأجمل وألأحسن والأرذل والأنذل والأسفل والألأم وهي الكرمى والفضلى والحسنى والجملى والرذلى واللؤمى وهن الرذل والنذل واللؤم وقال الأصمعي يقال كثر ولد فلان وقد أبق ونتق فهو ناتق وكله سواء وامرأة ناتق إذا كثر ولدها وأنشد للنابغة ( لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم ** طفحت عليك بناتق مذكار ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة عن أبي عمرو ابن العلاء قال كان لرجل من مقاول حميرا بنان يقال لأحدهما عمرو وللآخر ربيعة وكانا قد برعا في الأدب والعلم فلما بلغ الشيخ أقصى عمره وأشفى على الفناء دعاهما ليبلو عقولهما ويعرف مبلغ علمهما فلما حضرا قال لعمرو وكان الأكبر أخبرني عن أحب الرجال إليك وأكرمهم عليك قال السيد الجواد القليل الأنداد الماجد الأجداد الراسي الأوتاد الرفيع العماد العظيم الرماد الكثير الحساد الباسل الذواد الصادر الوراد قال ما تقول يا ربيعة قال ما أحسن ما وصف وغيره أحب إلي منه قال ومن يكون بعد هذا قال السيد الكريم المانع للحريم المفضال الحليم القمقام الزعيم الذي إن هم فعل وإن سئل بذل قال أخبرني يا عمرو بأبغض الرجال إليك قال البرم اللئيم المستخذي للخصيم المبطان النهيم العي البكيم الذي إن سئل منع وإن هدد خضع وإن طلب جشع قال ما تقول يا ربيعة قال غيره أبغض إلي منه قال ومن هو قال النؤوم الكذوب الفاحش الغضوب الرغيب عند الطعام الجبان عند الصدام قال أخبرني يا عمرو أي النساء أحب إليك قال الهركولة اللفاء الممكورة الجيداء التي يشفي السقيم كلامها ويبرى الوصب إلمامها التي إن أحسنت إليها شكرت وإن أسأت إليها صبرت وإن استعتبتها أعتبت الفاترة الطرف الطفلة الكف العميمة الردف قال ما تقول يا ربيعة قال نعت فأحسن وغيرها أحب إلي منها وقال ومن هي قال الفتانة العينين الأسيلة الخدين الكاعب الثديين الرداح الوركين الشاكرة للقليل المساعدة للحليل الرخيمة الكلام الجماء العظام الكريمة الأخوال والأعمام العذبة اللثام قال فأي النساء إليك أبغض يا عمرو قال القتاتة الكذوب الظاهرة العيوب الطوافة الهبوب العابسة القطوب السبابة الوثوب التي إن ائتمنها زوجها خانته وإن لان لها أهانته وإن أرضاها أغضبته وإن أطاعها عصته قال ما تقول يا ربيعة قال بئس والله المرأة ذكر وغيرها أبغض إلي منها قال وأيتهن التي هي أبغض إليك من هذه قال السليطة اللسان المؤذية للجيران الناطقة بالبهتان التي وجهها عابس وزوجها من خيرها آيس التي إن عاتبها زوجها وترته وإن ناطقها انتهرته قال ربيعة وغيرها أبغض إلي منها قال ومن هي قال التي شقي صاحبها وخزي خاطبها وافتضح أقاربها قال ومن صاحبها قال مثلها في خصالها كلها لا تصلح إلا له ولا يصلح إلا لها قال فصفه لي قال الكفور غير الشكور اللئيم الفجور العبوس الكالح الحرون الجامح الراضي بالهوان المختال المنان الضعيف الجنان الجعد البنان الفؤول غير العقول الملول غير الوصول الذي لا يرع عن المحارم ولا يرتدع عن المظالم قال أخبرني يا عمرو أي الخيل أحب إليك عند الشدائد إذا التقى الأقران للتجالد قال الجواد الأنيق الحصان العتيق الكفيت العريق الشديد الوثيق الذي يفوت إذا هرب ويلحق إذا طلب قال نعم الفرس والله نعت قال فما تقول يا ربيعة قال غيره أحب إلى منه قال وما هو قال الحصان الجواد السلس القياد الشهم الفؤاد الصبور إذا سرى السابق إذا جرى قال فأي الخيل أبغض إليك يا عمرو قال الجموح الطموح النكول الأنوح الصؤل الضعيف الملول العنيف الذي إن جاريته سبقته وإن طلبته أدركته قال ما تقول يا ربيعة قال غيره أبغض إلي منه قال وما هو قال البطيء الثقيل الحرون الكليل الذي إن ضربته قمص وإن دنوت منه شمس يدركه الطالب ويفوته الهارب ويقطع بالصاحب قال ربيعة وغيره أبغض إلي منه قال وما هو قال الجموح الخبوط الركوض الخروط الشموس الضروط القطوف في الصعود والهبوط الذي لا يسلم الصاحب ولا ينجو من الطالب قال أخبرني يا عمرو أي العيش ألذ قال عيش في كرامه ونعيم وسلامه واغتباق مدامه قال ما تقول يا ربيعة قال نعم العيش والله وصف وغيره أحب إلي منه قال وما هو قال عيش في أمن ونعيم وعز وغنى عميم في ظل نجاح وسلامة مساء وصباح وغيره أحب إلى منه قال وما هو قال غنى دائم وعيش سالم وظل ناعم قال فما أحب السيوف إليك يا عمرو قال الصقيل الحسام الباتر المجذام الماضي السطام المرهف الصمصام الذي إذا هززته لم يكب وإن ضربت به لم ينب قال ما تقول يا ربيعة قال نعم السيف نعت وغيره أحب إلي قال وما هو قال الحسام الفاطع ذو الرونق اللامع الظمآن الجائع الذي إذا هززته هتك وإذا ضربت به بتك قال فما أبغض السيوف إليك يا عمرو قال الفطار الكهام الذي إن ضرب به لم يقطع وإن ذبح به لم ينخع قال فما تقول يا ربيعة قال بئس السيف والله ذكر وغيره أبغض إلي منه قال وما هو قال الطبع الددان المعضد المهان قال فأخبرني يا عمرو أي الرماح أحب إليك عند المراس إذا اعتكر الباس واشتجر الدعاس قال أحبها إلي المارن المثقف المقوم المخطف الذي إذا هززته لم ينعطف وإذا طعنت به لم ينقصف قال ما تقول يا ربيعة قال نعم الرمح نعت وغيره أحب إلي منه قال وما هو قال الذابل العسال المقوم النسال الماضي إذا هززته النافذ إذا همزته قال فأخبرني يا عمرو عن أبغض الرماح إليك قال الأعصل عند الطعان المثلم السنان الذي إذا هززته انعطف وإذا طعنت به انقصف قال ما تقول يا ربيعة قال بئس الرمح ذكر وغيره أبغض إلى منه قال وما هو قال الضعيف المهز اليابس الكز الذي إذا أكرهته انحطم وإذا طعنت به انقصم قال انصرفا الآن طاب لى الموت قال أبو علي قوله وإن طلب جشع الجشع أسوأ الحرص وقد جشع الرجل فهو جشع واللفاء الملتفة الجسم والممكورة المطوية الخلق والرداح الثقيلة العجيزة الضخمة الوركين والرخيمة اللينة الكلام قال ذو الرمة ( لها بشر مثل الحرير ومنطق ** رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر ) والجماء العظام التي لا يوجد لعظامها حجم بمنزلة الجماء من البقر فأما قوله العذبة اللثام فإنه أراد موضع اللثام فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه والقتاتة النمامة وقال اللحياني القتات والنمام والهماز واللماز والغماز والقساس والدراج والمهينم والمهتمل والمائس والمؤوس مثال معوس والممأس مثال ممعس وقد مأس يمأس مأسا إذا مشى بينهم بالنميمة والفساد ويقال مأس بين الناس ومسأ بينهم يمسأ مسأ مثل معسا وكله واحد ويقال إنه لذو نيرب ومئبرة وإبرة إذا كان نماما كله عن اللحياني والهبوب الكثيرة الانتباه قال الأصمعي يقال هب من نومه يهب هبوبا وأهببته أي أنبهته وهبت الريح تهب هبوبا وهبيبا كذا روى أبو نصر عنه هبيبا في الريح وهب التيس يهب هبابا وهبيبا إذا هاج وطلب السفاد وهب السيف هبة وهو صوته عند وقعه وثوب هبايب وخبايب إذا كان متقطعا والحصان الذكر من الخيل وقال الأصمعي الكفت والكفيت السريع والنكول الذي ينكل عن قرنه والأنوح الكثيرالزحير والآنح من الرجال على مثال فاعل الذي إذا سئل تنحنح من لؤمه وقد أنح يأنح والمجذام مفعال من الجذم وهو القطع والسطام حد السيف وغيره وفي الحديث العرب سطام الناس أي حدهم والفطار الذي لا يقطع وهو مع ذلك حديث الطبع وقوله لم ينخع لم يبلغ النخاع والطبع الصدأ والددان الذي لا يقطع وهو نحو الكهام والمعضد القصير الذي يمتهن في قطع الشجر وغيرها والدعاس الطعان يقال دعسه إذا طعنه والمداعسة المطاعنة والعسال الشديد الاضطراب إذا هززته ومنه العسلان وهو عدو فيه اضطراب والنسلان قريب منه وأنشدني أبو بكر بن دريد ( عسلان الذئب أمسى قاربا ** برد الليل عليه فنسل ) والأعصل الملتوى المعوج وقرأت على أبي بكر بن دريد للحسن بن مطير الأسدي ( فيا عجبا للناس يستشرفونني ** كأن لم يروا بعدي محبا ولا قبلي ) ( يقولون لي اصرم يرجع العقل كله ** وصرم حبيب النفس أذهب للعقل ) ( ويا عجبا من حب من هو قاتلى ** كانى أجازيه المودة من قتلى ) ( ومن بينات الحب أن كان أهلها ** أحب إلى قلبي وعيني من أهلي ) قال أبو علي استشرفت الشىء واستكففته كلاهما أن تضع يدك على حاجبك كالذي يستظل من الشمس وينظر هل يراه وأنشدنا أبو بكر ولم يسم قائلا ( إن التي زعمت فؤادك ملها ** خلقت هواك كما خلقت هوى لها ) ( بيضاء باكرها النعيم فصاغها ** بلبانه فأرقها وأجلها ) ( حجبت تحيتها فقلت لصاحبي ** ما كان أكثرها لنا وأقلها ) ( وإذا وجدت لها وساوس سلوة ** شفع الضمير لها إلى فسلها ) وقرأت عليه لعبد الله بن الدمينة الخثعمي ( ولما لحقنا بالحمول ودونها ** خميص الحشا توهي القميص عواتقه ) ( قليل قذى العينين يعلم أنه ** هو الموت ان لم تلق عنا بوائقه ) ( عرضنا فسلمنا فسلم كارها ** علينا وتبريح من الغيط خانقه ) ( فسايرته مقدارميل وليتني ** بكرهي له مادام حيا أرافقه ) ( فلما رأت أن لا وصال وأنه ** مدى الصرم مضر وباعليه سرادقه ) ( رمتني بطرف لو كميارمت به ** لبل نجيعا نحره ونبائقه ) ( ولمح بعينيها كأن وميضه ** وميض حيا نهدى لنجد شقائقه ) وحدثني أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد البصري المقدمي قال حدثنا الرياشي قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب الثقفي قال دخلنا على خلف الأحمر نعوده في مرضه الذي مات فيه فقلنا له كيف تجدك يا أبا محرز فأنشأ يقول ( يا أيها الليل الطويل ذنبه ** كأن دينا لك عندي تطلبه ) ( أما لهذا الليل صبح يقربه ** ) ثم أنشد يقول ( لا يبرح المرء يستقرى مضاجعه ** حتى يبيت بأقصاهن مضطجعا ) قال أبو علي كان أبو محرز أعلم الناس بالشعر واللغة وأشعر الناس على مذاهب العرب حدثني أبو بكر بن دريد أن القصيدة المنسوبة إلى الشنفرى التي أولها ( أقيموا بني أمى صدور مطيكم ** فإنى إلى قوم سواكم لأميل ) له وهي من المقدمات في الحسن والفصاحة والطول فكان أقدر الناس على قافية حدثني أبو بكر بن أبي حاتم عن الأصمعي قال قال يوما خلف لأصحابه ما تقولون في بيت النابغة الجعدي ( كأن مقط شرا سيفه ** إلى طرف القنب فالمنقب ) لو كان موضع فالمنقب فالقهبلس كيف كان يكون قوله ( لطمن بترس شديد الصفاق ** من خشب الجوز لم يثقب ) فقالوا لا نعلم فقال والابنس وقال لهم مرة أخرى ما تقولون في بيت النمر بن تولب ( ألم بصحبتي وهم هجود ** خيال طارق من أم حصن ) لو كان موضع من أم حصن من أم حفص كيف كان يكون قوله ( لهاما تشتهي عسل مصفى ** اذا شاءت وحوارى بسمن ) قالوا لا نعلم فقال وحوارى بلمص وهو الفالوذ قال أبو بكر والقهبلس ذكر الرجل وقد يستعار لغيره وقال محمد بن سلام في كتاب طبقات العلماء كنا اذا سمعنا الشعر من أبي محرز لا نبالي أن لا نسمعه من قائله وقرأت على أبي بكر بن دريد لأبي كبير الهذلي ( وأخو الأباءة إذ رأي خلانه ** تلى شفاعا حوله كالاذخر ) الأباءة الأجمة يعني رجلا صار في أجمة وخلانه أصحابه الذين يودهم وتلى صرعى وشفاعا اثنين اثنين وهو جمع شفع وقوله كالاذخر قال الأصمعي لا تكاد تجد من الأذخر واحدة على حدة إنما تجد الأرض مستحلسة منه والمستحلسه الكثيرة النبات التي غطاها النبات أو كاد يغطيها فشبه كثرة القتلى بالاذخر لذلك قال الأصمعي ومن أمثالهم أهون هالك عجوز في عام سنة مثل للشىء يستخف بهلاكه ويقال خله درج الضب أي خله يذهب حيث شاء ويقال لا يدري المكروب كيف يأتمر يراد أن المكروب يغطى عليه الشأن فلا يدري كيف ينفذ أمره ويقال لا تعجب للعروس عام هدائها يراد أن الرجل اذا استأنف أمره تجمل لك ويقال ناب وقد تقطع الدوية يراد أن المسن تبقى منه بقية ينتفع بها وقال أبو زيد ومثل من الأمثال الشر ألجأه إلى مخ العراقيب يقال ذلك عند مسئلة اللئيم أعطاك أومنعك قال الأصمعي خلف فلان فهو يخلف خلوفا اذا فسد ولم يفلح وهو خالف وهي خالفة ويقال هو خالفة أهل بيته اذا كان أحمقهم والخالفة عمود في مؤخر البيت وقال اللحياني عبد خالف أي لا خير فيه وقال ابن الأعرابي يقال أبيعك العبد وأبرأ اليك من خلفه ورجل ذو خلفته ورجل خالفة وخالف وخلفنة وخلفناة وفيه خلفناة وقال أبو زيد الخالف الفاسد الأحمق وقد خلف يخلف خلافة قال ويقال جاء فلان خلافي وخلفي وهما واحد قال ويقال اختلف فلان صاحبه في أهله اختلافا وذلك أن يباصره حتى إذا غاب عن أهله جاء فدخل عليهن وقال الأصمعي خلف فلان عن خلق أبيه إذا تغير وخلف فوه يخلف خلوفا إذا تغيرت رائحته وقال اللحياني يقال نوم الضحى مخلفة للفم وقال أبو زيد خلف الشراب واللبن يخلف خلوفا إذا حمض ثم أطيل إنقاعه ففسد وقال أبو زيد والاصمعى خلفت نفسه عن الطعام تخلف خلوفا إذا أضربت عنه من مرض وقال أبو زيد لا يقال ذلك إلا من المرض وقال أبو نصر عن الأصمعي خلف خلف صدق بإسكان اللام إذا ترك عقبا ويقال خذ هذا خلفا من مالك بتحريك اللام أي بدلا منه وهو خلف من أبيه أي بدل منه وقال اللحياني الخلف الولد الصالح والخلف الرديء يقال بقيت في خلف سوء أي في بقية سوء قال الله عز وجل { فخلف من بعدهم خلف } وأنشد للبيد ( ذهب الذين يعاش في أكنافهم ** وبقيت في خلف كجلد الأجرب ) والخلف المربد يكون وراء البيت وأنشد اللحياني ( وجيأ من الباب المجاف تواترا ** وإن تقعدا بالخلف فالخلف واسع ) وقال الأصمعي واللحياني الخلف الرديء من الكلام المحال وقال ابن الأعرابي جلس أعرابي مع قوم فحبق فتشور فأشار بإبهامه إلى استه وقال إنها خلف نطقت خلفا وحدثني أبو عمرو غلام ثعلب عن أبي العباس أنه قال في قولهم سكت ألفا ونطق خلفا أي سكت عن ألف كلمة ونطق بواحدة رديئة قال الأصمعي الخلفة الاستقاء يقال من أين خلفتكم أي من أين تستبقون وأنشد لذي الرمة ( ومستخلفات من بلاد تنوفة ** لمصفرة الأشداق حمر الحواصل ) يعني القطا يحملن الماء في حواصلهن ويقال نتاج فلان خلفة أي عام ذكر وعام أنثى والخلفة الشيء من الثمر يخرج بعد الشيء وقال غيره الخلفة النبت في الصيف والخلفة الليل والنهار لاختلافهما والخلفة اختلاف البهائم وغيرها ويقال حلب الناقة خليف لبثها يعني الحلبة التي بعد ذهاب اللبا وروى أبو عبيد عن الأصمعي الخليف الطريق فى الجبل وقال أبو نصر الخليف الطريق وراء الجبل أو في أصله وقال اللحيانى الخليف الطريق وراء الجبل أو بين الجبلين وقال اللحياني المخلفة الطريق أيضا يقال عليك المخلفة الوسطى والخوالف النساء إذا غاب عنهن أزواجهن قال الله عز وجل { رضوا بأن يكونوا مع الخوالف } وقال الأصمعي حي خلوف أي غيب وخلوف حضور قال والاخلاف أن تعبد على الناقة فلا تلقح والاخلاف أن تعد الرجل عدة فلا تنجزها والاخلاف أن تضرب يدك إلى قراب السيف لتأخذه والأخلاف أن تجعل الحقب وراء الثيل والثيل وعاء مقلمة وهو قضيبه يقال أخلف عن بعيرك وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد ابن عباد عن العباس بن هشام قال سأل معاوية رحمه الله بعد الاستقامة عبد الله بن عبد الحجر بن عبد المدان وكان عبد الحجر وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فسماه عبد الله فقال له كيف علمك بقومك قال كعلمي بنفسي قال ما تقول في مراد قال مدر كوالا وتار وحماة الذمار ومحرز الخطار قال فما تقول في النخع قال مانعوا السرب ومسعرو الحرب وكاشفوا الكرب قال وما تقول في بني الحرث بن كعب قال فرجوا للكاك وفرسان العراك ولزاز الضكاك تراك تراك قال فما تقول في سعد العشيرة قال مانعوا الضيم وبانوا الريم وشافوا الغيم قال ما تقول في جعفي قال فرسان الصباح ومعلمو الرماح ومبارزو الرياح قال ما تقول في بني زبيد قال كملة أنجاد سادات أمجاد وقر عند الذياد صبر عند الطراد قال ما تقول في جنب قال كفاة يمنعون عن الحريم ويفرجون عن الكظيم قال فما تقول في صداء قال سمام الأعداء ومساعير الهيجاء قال فما تقول في رهاء قال ينهنهون عادية الفوارس ويردون الموت ورد الخوامس قال أنت أعلم بقومك قال أبو علي كل ما حميته فهو ذمار والسرب الإبل وما رعى من المال واللكاك الزحام والضكاك مثل اللكاك سواء والريم الدرجة قال أبو عمرو بن العلاء أتيت دار قوم باليمن أسأل عن رجل فقال لي رجل منهم اسمك في الريم أي اعل في الدرجة والريم الزيادة يقال لي عليك ريم على كذا وكذا قال الشاعر ( فأقع كما أقعى أبوك على أسته ** رأى أن ريما فوقه لا يعادله ) والريم القبر قال مالك بن الريب المازني ( اذا مت فاعتادى القبور وسلمى ** على الريم أسقيت السحاب الغواديا ) والريم عظم يفضل اذا اقتسم القوم الجزور وهذا قول الشيباني وأنشدنا غيره ( فكنت كعظم الريم لم يدر جازر ** على أى بد أى مقسم اللحم يجعل ) والغيم العطش وقال لي أبو بكر بن الأنباري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعوذ بالله من الأيمة والعيمة والغيمة والكزم والقرم وقال الأيمة الخلو من النساء والعيمة شهوة اللبن والغيمة العطش وقال الكزم فيه قولان يقال فلان أكزم البنان إذا كان بخيلا ويقال ان الكزم الأكل الشديد والقرم شهوة اللحم والأمجاد الأشراف وينهنهون يكفون والكظيم المكظوم وهو الذي قد رد نفسه إلى جوفه وقرأنا على أبي بكر ابن دريد لحكيم بن معية ( اذا علون أربعا بأربع ** في جعجع موصية بجعجع ) ( أنن تأنان النفوس الوجع ** ) يعنى الإبل علون أربعة أوظفة باربع أذرع وكأنه أنث على الكراع وأنن من الأنين يعنى أنهن اذا بركن أنن ومثله قول كعب بن زهير ( ثنت أربعا منها على ظهر أربع ** فهن بمثنياتهن ثمان ) ومثله قول هيت تقبل بأربع وتدبر بثمان يعنى أنها تقبل بأربع عكن فإذا رأيتها من خلف رأيت لك عكنة طرفين فصارت ثمانية وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبى قال أقام معاوية رحمه الله الخطباء لبيعة يزيد فقامت المعدية فشققوا الكلام ثم قام رجل من حمير فقال لسنا إلى رعاء هذه الجمال عليهم تشقيق المقال وعلينا صدق الصيال أما والله إنا لصبر تحت البوارق مراقيل في ظل الخوافق لا نسأم الضراس ولا نشمئز من المراس وإن واحدنا لألف وألفنا كهف فمن أبدى لنا صفحته حططنا علاوته ثم قام رجل من ذي الكلاع فأشار إلى معاوية فقال هذا أمير المؤمنين فإن مات فهذا وأشار إلى يزيد فمن أبى فهذا وأشار إلى السيف ثم قال ( معاوية الخليفة لا تمارى ** فإن تهلك فسائسنا يزيد ) ( فمن غلب الشقاء عليه جهلا ** تحكم في مفارقه الحديد ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا الرياشي للعرجى ( وما أنس ملا شياء لا أنس موقفا ** لنا ولها بالسفح دون ثبير ) ( ولا قولها وهنا وقد بل جيبها ** سوابق دمع لا يجف غزير ) ( أأنت الذي خبرت أنك باكر ** غداة غد أوراحل بهجير ) ( فقلت يسير بعض شهر أغيبه ** وما بعض يوم غبته بيسير ) ( أحين عصيت العاذلين إليكم ** ونازعت حبلى في هواك أميري ) ( وباعدني فيك الأقارب كلهم ** وباح بما يخفى اللسان ضميري ) ( وقلت لها قول امرىء شفه الهوى ** إليها ولوطال الزمان فقير ) فما أنا ان شطت بك الدار أونأت ** بي الدار عنكم فاعلمي بصبور ) وقرأت على أبي بكر رحمه الله ( وما أنس ملأ شياء لا أنس قولها ** وأدمعها يذرين حشوا لمكاحل ) تمتع بذا اليوم القصير فإنه ** رهين بأيام الشهور الأطاول ) وقرأت على أبي بكر أيضا ( شيب أيام الفراق مفارقي ** وأنشزن نفسي فوق حيث تكون ) ( وقد لان أيام اللوى ثم لم يكد ** من العيش شيء بعدهن يلين ) ( يقولون ما أبلاك والمال غامر ** عليك وضاحي الجلد منك كنين ) ( فقلت لهم لا تعذلوني وانظروا ** إلى النازع المقصور كيف يكون ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي عن بعض أصحابه قال أخبرني رجل قال أتيت المجنون فجلست إليه في ظل شجرة فقلت ما أشعر قيسا حيث يقول ( يبيت ويضحي كل يوم وليلة ** على منهج تبكي عليه القبائل ) ( قتيل للبنى صدع الحب قلبه ** وفي الحب شغل للمحبين شاغل ) فقال أنا أشعر منه حيث أقول ( سلبت عظامي لحمها فتركتها ** معرقة تضحى لديك وتخصر ) ( وأخليتها من مخها فكأنها ** قوارير في أجوافها الريح تصفر ) ( إذا سمعت ذكر الفراق تقطعت ** علائقها مما تخاف وتحذر ) ( خذي بيدي ثم انهضي بي تبيني ** بي الضر إلا أنني أتستر ) قال أبو علي ويروى تقعقعت مفاصلها من هول ما تتنظر ثم مر فأجمز في الصحراء فلما كان في اليوم الثاني أتيته فجلست في ذلك الموضع فلما أحسست به قلت ما أشعر قيسا حيث يقول ( تبا كر أم تروح غدا رواحا ** ولن يسطيع مرتهن براحا ) ( سقيم لا يصاب له دواء ** أصاب الحب مقتله فباحا ) ( وعذبه الهوى حتى براه ** كبرى القين بالسفن القداحا ) ( وكاد يذيقه جرع المنايا ** ولو سقاه ذلك لاستراحا ) فقال أنا أشعر منه حيث أقول قال أبو علي وأنشدناها ابن الأنباري عن أبيه ولم ينسبه إلى أحد وفي الروايتين اختلاف وأنا أذكرهما إن شاء الله ( فما وجد مغلوب بصنعاء موثق ** بساقيه من ثقل الحديد كبول ) وروى ابن الأنباري ( فما وجد مسجون بصنعاء عضه ** بساقيه من صنع القيود كبول ) ( قليل الموالي مستهام مروع ** له بعد نومات العشاء عويل ) وروى ابن الأنباري ( ضعيف الموالي مسلم بجريرة ** له بعد نومات العيون عويل ) ( يقول له الحداد أنت معذب ** غداة غد أو مسلم فقتيل ) ( بأعظم مني روعة يوم راعني ** فراق حبيب ما إليه سبيل ) وروى ابن الأنباري بأوجع مني لوعة ( غداة أسير القصد ثم يردني ** عن القصد لوعات الهوى فأميل ) وروى ابن الأنباري غداة أريد القصد وروى ميلات الهوى فأميل ثم قام هاربا وتركني فعدت بعد ذلك مرارا فلم أره فأخبرت أنه قد مات وأنشد الأخفش ( أقول لمقلتي يوم التقينا ** وقد شرقت مآقيها بماء ) ( خذن اليوم من نظر بحظ ** فسوف توكلين إلى البكاء ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحي لابن أبي مرة المكي ( ساعة ولى شمت العاذل ** أذاك منه الفرج العاجل ) ( لم أنس إذ ودعته والتقى ** ذا البدن الناعم والناحل ) ( كأنما جسمي على جسمه ** غصنان ذاغض وذاذابل ) ( يارب ما أطيب ضمى له ** الى لولا أنه راحل ) وأنشدنا أحمد بن يحيى النديم قال أنشدنا أبى قال أنشدنا الجاحظ عمرو بن بحر ( أزف البين المبين ** قطع الشك اليقين ) ( حنت العيس فأبكاني ** من العيس الحنين ) ( لم أكن لا كنت أدري ** أن ذا البين يكون ) ( علموني كيف أشتاق ** اذا خف القطين ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال أتيت الزبير لأودعه وأخرج من المدينة فقال لي بلغني أنك لما أتيت هشام بن ابراهيم لتودعه قال لا أودعك حتى أغنيك ( وأنا بكيت من الفراق ** فهل بكيت كما بكيت ) ( ولطمت خدي خاليا ** ومرسته حتى اشتفيت ) ( وعواذلي ينهينني ** عمن هويت فما انتهيت ) قال الزبير وأنالا أودعك حتى أنشدك ( أزف البين المبين ** وجلا الشك اليقين ) ( لم أكن لا كنت أدري ** أن ذا البين يكون ) ( علموني كيف أشتاق ** اذا خف القطين ) وأنشدنا الأخفش قال أنشدنا ابن المدبر للمجنون وقال لي ما سمعت أغزل من هذين البيتين ( أمزمعة ليلى ببين ولم تمت ** كأنك عما قد أظلك غافل ) ( ستعلم ان شطت بهم غربة النوى ** وزالوا بليلى أن قلبك زائل ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري عن أبيه ( نحن غادون من غد لافتراق ** وأراني أموت قبل يكون ) ( فلئن مت فاسترحت من البين ** لقد أحسنت إلي المنون ) قال أبو بكر وأنشدنا أبو الحسن المظفر بن عبد الله ( ما يريد الفراق لا كان منا ** أشمت الله بالفراق التلاقي ) ( لو وجدنا على الفراق سبيلا ** لأذقنا الفراق طعم الفراق ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد لأعرابي وغيره يقول أنها لحبيب ( لو كان في البين اذبانوا لهم دعة ** لكان بينهم من أعظم الضرر ) ( فكيف والبين موصول به تعب ** تكلف البيد في الادلاج والبكر ) ( لو أن ما يبتليني الحادثات ** به يكون بالماء لم يشرب من الكدر ) ( أو كان بالعيس ما بي يوم رحلتهم ** أعيت على السائق الحادي فلم تسر ) ( كأن أيدي مطاياهم إذا وخدت ** يقعن في حر وجهي أو على بصري ) وقرأت على أبي بكر بن دريد للحسين بن مطير الأسدي وفي نوادر ابن الأعرابي وفي الروايتين زيادة ونقصان وأنا آتي بهما إن شاء الله تعالى ( لقد كنت جلدا قبل أن توقد النوى ** على كبدي نارا بطيئا خمودها ) ( ولو تركت نار الهوى لتضرمت ** ولكن شوقا كل يوم يزيدها ) ( وقد كنت أرجو أن تموت صبابتي ** إذا قدمت أيامها وعهودها ) ( فقد جعلت في حبة القلب والحشا ** عهاد الهوى تولي بشوق يعيدها ) ( لمرتجة الأطراف هيف خصورها ** عذاب ثناياها عجاف قيودها ) ( بسود نواصيها وحمر أكفها ** وصفر تراقيها وبيض خدودها ) وروى ابن الأنباري ( وصفر تراقيها وحمرأ أكفها ** وسود نواصيها وبيض خدودها ) ( مخصرة الأوساط زانت عقودها ** بأحسن مما زينتها عقودها ) يمنيننا حتى ترف قلوبنا ** رفيف الخزامى بات طل يجودها ) ( وفيهن مقلاق الوشاح كأنها ** مهاة بتر بان طويل عقودها ) يريد موضع العقود وهو العنق قال وقوله ولو تركت نار الهوى لتضرمت أجود لأنها كانت تضرم وحدها فكيف إذا زادها غيرها وأوقدها وقرأت عليه لابن ميادة ( كأن فؤادي في يد ضبثت به ** محاذرة أن يقضب الحبل قاضبه ) ( وأشفق من وشك الفراق وإنني ** أظن لمحمول عليه فراكبه ) ( فوالله ما أدري أيغلبني الهوى ** إذا جد جد البين أم أنا غالبه ) ( فإن أستطع أغلب وأن يغلب الهوى ** فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحي النحوي ( قد قلت والعبرات تسفحها ** على الخد المآقي ) ( حين انحدرت إلى الجزيرة ** وانقطعت عن العراق ) ( وتخبطت أيدي الرفاق ** مهامه البيد الرقاق ) ( يا بؤس من سل الزمان ** عليه سيفا للفراق ) وأنشدنا أيضا قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء قال أنشدني ابن غالب ( ذكر الحبيب حبيبه ففؤاده ** مثل الجناح من الصبابة يخفق ) ( عمرا زمانا يكتمان هواهما ** وكلاهما بادي الهوى متشوق ) ( حتى إذا اجتمعا بأحسن ألفة ** ما منهما في وده متخلق ) ( كر الزمان عليهمابفراقه ** وكذاك لم يزل الزمان يفرق ) وأنشدنا أبو بكر التاريخي قال أنشدني البحتري لنفسه ( الله جارك في انطلاقك ** تلقاء شامك أو عراقك ) ( لا تعذلني في مسيرك ** يوم سرت ولم ألاقك ) إني خشيت مواقفا ** للبين تسفح غرب ماقك ) ( وعلمت ما يلقى المتيم عند ضمك واعتناقك ** ) ( وعلمت أن لقاءنا ** سبب اشتياقي واشتياقك ) ( فتركت ذاك تعمدا ** وخرجت أهرب من فراقك ) وقرأ أبو غانم الكاتب على أبي عبد الله نفطويه في المسجد الجامع بالمدينة قبل الصلاة وأنا أسمع لتوبة بن الحمير ( قالت مخافة بيننا وبكت له ** فالبين مبعوث على المتخوف ) ( لو مات شىء من مخافة فرقة ** لأماتني للبين طول تخوفي ) ( ملأ الهوى قلبي فضقت بحمله ** حتى نطقت به بغير تكلف ) وقرأ عليه ( راعك البين والمشوق يراع ** حين قالوا تشتت وانصداع ) ( لست أنسى مقالها يوم ولت ** وقصارى المشيعين الوداع ) وقرأ عليه بكيت دما حتى القيامة والحشر ** ولا زلت مغلوب العزيمة والصبر ( أتطعن طوع النفس عمن تحبه ** وتبكي كما يبكي المفارق عن صغر ) ( أقم لا تسر والهم عنك بمعزل ** ودمعك باق في جفونك ما يجري ) وقرأ عليه أيضا ( أتظعن عن حبيبك ثم تبكي ** عليه فمن دعاك إلى الفراق ) ( كأنك لم تذق للبين طعما ** فتعلم أنه مر المذاق ) ( أقم وانعم بطول القرب منه ** ولا تظعن فتكبت باشتياق ) فما اعتاض المفارق من حبيب ** ولو يعطى الشآم مع العراق ) وقرأ عليه أيضا ( تطوى المراحل عن حبيبك دائبا ** وتظل تبكيه بدمع ساجم ) ( كذبتك نفسك لست من أهل الهوى ** تشكو الفراق وأنت عين الظالم ) ( ألا أقمت ولو علي جمر الغضى ** قلبت أوحد الحسام الصارم ) أنشدني جحظة بعض هذه الأبيات وأنشدناها بتمامها الأخفش علي بن سليمان لمسلم ابن الوليد ( وإني واسمعيل يوم وداعه ** لكالغمد يوم الروع فارقه النصل ) ( أما والحبالات الممرات بيننا ** وسائل أدتها المودة والوصل ) ( لما خنت عهدا من إخاء ولا نأى ** بذكرك نأى عن ضميري ولا شغل ) ( وانى في مالي وأهلي كأنني ** لنأيك لا مال لدى ولا أهل ) ( يذكرنيك الدين والفضل والحجا ** وقيل الخنا والحلم والعلم والجهل ) ( فألقاك عن مذمومها متنزها ** وألقاك في محمودها ولك الفضل ) ( وأحمد من أخلاقك البخل انه ** بعرضك لا بالمال حاشا لك البخل ) ( أمنتجعا مروا بأثقال همة ** دع الثقل واجل حاجة مالها ثقل ) ( ثناء كعرف الطيب يهدى لأهله ** وليس له الابنى خالد أهل ) ( فان أغش قوما بعدهم أو أزورهم ** فكالوحش يستدنيه للقنص المحل ) وروى جحظة يدنيه من الآنس المحل وأنشدنا بعض أصحابنا قال أنشدني عمرو بن بحر الجاحظ ( أنا أبكي خوف الفراق لأني ** بالذي يفعل الفراق عليم ) ( أنا مستيقن بأن مقامي ** ومسير الحبيب لا يستقيم ) قال أبو على وقرأت على أبي بكر بن دريد لجميل ( رحل الخليط جمالهم بسواد ** وحدا على أثر البخيلة حادى ) ( ما إن شعرت ولا سمعت ببينهم ** حتى سمعت به الغراب ينادي ) ( لما رأيت البين قلت لصاحبي ** صدعت مصدعة القلوب فؤادي ) ( بانوا وغودر في الديار متيم ** كلف بذكرك يابثينة صادى ) وقال أبو زيد من أمثال العرب تفزع من صوت الغراب وتفترس الأسد المشبم وهو الذي قد شدفوه وذلك أن امرأة افترست أسدا وسمعت صوت غراب ففزعت منه يقال ذلك للذي يخاف اليسير من الأمور وهو جرىء على الجسيم ويقال كالمشترى القاصعاء باليربوع يقال ذلك للذي يدع العين ويتبع الأثر ويختار مالا ينبغي له ويقال روغى جعار وانظرى أين المفر يضرب مثلا للذي يهرب ولا يقدر أن يفلت صاحبه ويقال كلب اعتس خير من كلب ربض يقال ذلك اذا طلب رجل الخير وقعد آخر فلم يطلب وقال يعقوب بن السكيت يقال قطب يقطب قطوبا وهو قاطب اذا جمع مابين عينيه واسم ذلك الموضع المقطب ومنه قيل الناس قاطبة أي الناس جميع ويقال قطب شرابه اذا مزجه فجمع بين الماء والشراب ويقال عبس يعبس عبوسا وبسر يبسر بسورأ ويقال رجل أبسل وباسل أي كريه المنظر ويقال تبسل في عينيه أي كرهت مرآته قال أبو ذؤيب ( فكنت ذنوب البئر لما تبسلت ** وسر بلت أكفاني ووسدت ساعدي ) قال أبو زيد يقال دهيت الرجل أدهاه دهيا أي عبته واعتبته واغتبته ونقصته ويقال نجهت الرجل أنجهه نجها وجبهته أجبهه جبها والاسم الجبيهة والنجه والمعنى واحد وهو استقبالك الرجل بما يكره وهو ردك الرجل عن حاجة طلبكها وأنشد ( حييت عنا أيها الوجه ** ولغيرك البغضاء والنجه ) ويقال ندهت الإبل أندهها ندها وهو السوق للإبل مجتمعة والثلاث من الإبل تنده إلى ما بلغت وإذا سيق البعير وحده فقد يقتاس له من النده فيقال بعير مندوه ويقال عند فلان ندهة من صامت أو ماشية وندهة وهي العشرون من الغنم ونحوها والمائة من الإبل أو قرابتها ومن الصامت الألف أو نحوه وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال قال هانىء بن قبيصة الشيباني لقومه يوم ذي قار وهو يحرضهم يا معشر بكر هالك معذور خير من ناج فرور ان الحذر لا ينجي من القدر وان الصبر من أسباب الظفر المنيه ولا الدينه استقبال الموت خير من استدباره الطعن في ثغر النحور أكرم منه في الأعجاز والظهور ياآل بكر قاتلوا فما للمنايا من بد وقرأت على أبي بكر بن دريد لحميد بن ثور الهلالي ( ولقد نظرت إلى أغر مشهر ** بكر توسن بالخميلة عونا ) ( متسنم سنماتها متفجس ** بالهدر يملا أنفسا وعيونا ) ( لقح العجاف له لسابع سبعة ** وشربن بعد تحلؤ فروينا ) يعنى بأغر سحابا فيه برق أو هو ابيض وبكر لم يمطر قبل ذلك وتوسن طرقها ليلا عند الوسن أي وقت اختلاط النعاس بعيون الناس يقال توسنت الرجل أي أتيته وهو وسنان والخميلة رمله كثيرة الشجر وعون جمع عوان وهي الأرض التي قد اصابها المطر مرة وهذا مثل وأصله في النساء قال الكسائي العوان التي قد كان لها زوج ومنه قيل حرب عوان وقوله متسنم شبهه بالبعير الذي يتسنم أسنمة الإبل أي يعلوها والسنمات العظام السنام يريد أن هذا السحاب كأنه يتسنم التلال والآكام أي يلعوها وهو مثل ومتفجس متكبر بالهدر يعني رعده وقوله يملأ أنفسا تعجبا منه وقال بعضهم لهولها ولقحت نبت عشبها والعجاف الأرضون التي لم تمطر وهو مثل بعد تحلؤ بعد منع من الماء قال أبو علي وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن قال سمعت عمي يحدث سران أبا العباس ابن عمه وكان من أهل العلم قال سهرت ليلة من ليالي بالبادية وكنت نازلا عند رجل من بني الصيدا من أهل القصيم وكان والله واسع الرحل كريم المحل فأصبحت وقد عزمت على الرجوع إلى العراق فأتيت أبا مثواي فقلت إني قد هلعت من الغربة واشتقت أهلي ولم أفد في قدمتي هذه إليكم كبير علم وإنما كنت أغتفر وحشة الغربة وجفاء البادية للفائدة فأظهر توجعا ثم أبر زغداء له فتغديت معه وأمر بناقة له مهرية كأنها سبيكة لجبن فارتحلها واكتفلها ثم ركب وأردفني وأقبلها مطلع الشمس فما سرنا كبير مسير حتى لقينا شيخ على حمار له جمة قد ثمغها كالورس فكأنها قنبيطة وهو يترنم فسلم عليه صاحبي وسأله عن نسبه فاعتزى أسديا من بني ثعلبة فقال أتنشد أم تقول فقال كلا فقال أين تؤم فأشار إلى ماء قريب من الموضع الذي نحن فيه فأناخ الشيخ وقال لي خذ بيد عمك فأنزله عن حماره ففعلت فألقى له كيسا قد كان اكتفل به ثم قال أنشدنا رحمك الله وتصدق على هذا الغريب بأبيات يعيهن عنك ويذكرك بهن فقال إي ها الله إذا ثم أنشدني ( لقد طال يا سوداء منك المواعد ** ودون الجد المأمول منك الفراقد ) ( إذا أنت أعطيت الغنى ثم لم تجد ** بفضل الغنى ألفيت مالك حامد ) ( تمنيننا غدا وغيمكم غدا ** ضباب فلا صحو ولا الغيم جائد ) ( وقل غناء عنك مال جمعته ** إذا صار ميراثا وواراك لاحد ) ( إذا أنت لم تعرك بجنبك بعض ما ** يريب من الأدنى رماك الأباعد ) ( إذا الحلم لم يغلب لك الجهل لم تزل ** عليك بروق جمة ورواعد ) ( إذا العزم لم يفرج لك الشك لم تزل ** جنيبا كما استتلى الجنيبة قائد ) ( إذا أنت لم تترك طعاما تحبه ** ولا مقعدا تدعى إليه الولائد ) ( تجللت عارا لا يزال يشبه ** سباب الرجال نقرهم والقصائد ) وأنشدني أيضا ( تعزفان الصبر بالحر أجمل ** وليس على ريب الزمان معول ) ( فلو كان يغني أن يرى المرء جازعا ** لنازلة أو كان يغني التذلل ) ( لكان التعزي عند كل مصيبة ** ونازلة بالحر أولى وأجمل ) ( فكيف وكل ليس بعد وحمامه ** وما لامرئ عما قضى الله مزحل ) ( فإن تكن الأيام فينا تبدلت ** ببؤس ونعمى والحوادث تفعل ) ( فما لينت منا قناة صليبة ** ولا ذللتنا للذي ليس يجمل ) ( ولكن رحلناها نفوسا كريمة ** تحمل ما لا يستطاع فتحمل ) ( وقينا بعزم الصبر منا نفوسنا ** فصحت لنا الأعراض والناس هزل ) قال أبو بكر قال عبد الرحمن قال عمي فقمت والله وقد أنسيت أهلي وهان علي طول الغربة وشظف العيش سرورا بما سمعت ثم قال لي يا بني من لم تكن استفادة الأدب أحب إليه من الأهل والمال لم ينجب وأنشدنا أبو بكر قال أنشدني أبو عثمان ( إذا ما فقدتم أسود العين كنتم ** كراما وأنتم ما أقام ألائم ) اسود العين جبل والجبل لا يغيب يقول فأنتم لئام أبدا وقرأت عليه لعدي بن زيد يصف فرسا ( أحال عليه بالقناة غلامنا ** فأذرع به لخله الشاة راقعا ) أذرع به أي ما أذرعه أي ما أسرعه وقوله لخلة الشاة راقعا أي يلحقها فيرقع ما بينه وبينها من الفرجة حتى لا يكون بينهما فرجة وحكى عن خلف الأحمر أنه قال يعدو الفرس وبين الشاتين خلة أي فرجة فيدخل بينهما فكأنه رقع الخلة بنفسه لما صار فيها وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سئل أعرابي عن مطر فقال استقل سد مع انتشار الطفل فشصا واحزأل ثم اكفهرت أرجاؤه واحمومت أرحاؤه وابذعرت فوارقه وتضاحكت بوارقه واستطار وادقه وارتتقت جوبه وارتعن هيدبه وحشكت أخلافه واستقلت أردافه وانتشرت أكنافه فالرعد مرتجس والبرق مختلس والماء منبجس فأترع الغدر وانتبث الوجر وخلط الأوعال بالآجال وقرن الصيران بالرئال فللأودية هدير والشراج خرير واللتلاع زفير وحط النبع والعتم من القلل الشم إلى القيعان الصحم فلم يبق في القلل الامعصم مجرنثم أودا حص مجرحم وذلك من فضل رب العالمين على عباده المذنبين قال أبو علي السد السحاب الذي يسد الأفق وهذا قول أبي بكر وقال أبو نصر عن الأصمعي جاءنا جراد سداذا سد الأفق والطفل العيش إلى حد المغرب وشصا ارتفع ويقال شصا برجله اذا رفعها عند الموت وشصا الزق إذا امتلأ وارتفعت قوائمه ويقال شصا بصره يشصو شصوا إذا طمح وطمح معناه ارتفع ولهذا قيل للدابة طموح إذا كان يرفع رأسه حتى يفرط وأحزأل ارتفع أيضا واكفهر واكرهف تراكم والمكفهر والمكرهف من السحاب الذي يركب بعضه بعضا وأرجاؤه نواحيه واحدها رجا مقصور واحمومت اسودت والحمة سواد تعلوه حمرة وأرحاؤه واحدها رحا وهو أوساطه وابذعرت تفرقت والفوارق واحدها فارق وهو السحاب الذي ينقطع من معظم السحاب وهذا مثل وأصله في الإبل يقال ناقة فارق وهي التي تندعن الإبل عند نتاجها قال الكسائي فرقت تفرق فروقا واستطار انتشر والوادق الذي يكون فيه الودق وهو المطر العظيم القطر ويكون الداني من الأرض يقال ودق يدق اذا دنا والوديقة من هذا وهي شدة الحر لأن حرارة الشمس تدنو من الأرض وارتتقت التأمت وجوبه فرجه وارتعن استرخى والهيدب الذي يتدلى ويدنو من الأرض مثل هدب القطيفة وحشكت امتلأت قال زهير ( كما استغاث بسى فز غيطلة ** خاف العيون فلم ينظربه الحشك ) قال الأصمعي إنما هو الحشك فحركه للضرورة كما قال رؤبة مشتبه الأعلام لماع الخفق وإنما هو الخفق والخلف ما يقبض عليه الحالب من ضرع الشاة والبقرة والناقة واستقلت ارتفعت وأردافه مآخيره والأكناف النواحي ومرتجس مصوت والرجس الصوت ومختلس كأنه يختلس البصر لشدة لمعانه ومنجس منفجر وأترع ملأ والغدر جمع غدير وانتبث أخرج نبيثتها وهو تراب البئر والقبر يريد أن هذا المطر لشدته هدم الوجر وهي جمع وجار وهو سرب الثعلب والضبع حتى أخرج ما داخلها من التراب والأوعال واحدها وعل وهو التيس الجبلي والآجال جمع واحدها إجل وهو القطيع من البقر يريد أنه لشدته حمل الوعول وهى تسكن الجبال والبقر وهى تسكن القيعان والرمال فجمع بينهما وقوله وقرن الصيران بالرئال فالصيران واحدها صوار وصيار أيضا وهو القطيع من البقر والرئال فراخ النعام واحدها رأل مهموز فالرئال تسكن الجلد والصيران تسكن الرمال والقيعان فقرن بينهما وهدير صوت كهدير الإبل والشراج مجاري الماء من الحرار إلى السهولة والتلاع مجاري ما ارتفع من الأرض إلى بطن الوادي فإذا اتسعت التلعة حتى تصير مثل نصف الوادي أو ثلثيه فهي ميثاء فإذا عظمت فوق ذلك فهي ميثاء جلواخ والنبع شجر يتخذ منه القسي ينبت في الجبال والعتم الزيتون الجبلي قال الشاعر ( تستن بالضرو من براقش أو ** هيلان أو ناضر من العتم ) تستن تستاك والضر والبطم وهو الحبة الخضراء والقلل أعالي الجبال والشم المرتفعة والقيعان واحدها قاع وهي الأرض الطيبة الطين الحرة والصحم التي تعلوها حمرة واحدها أصحم والمعصم الذي قد تمسك بالجبال وامتنع فيها ويقال للرجل الذي يمسك بعرف فرسه خوف السقوط معصم قال طفيل ( إذا ما غدا لم يسقط الروع رمحه ** ولم يشهد الهيجا بألوث معصم ) وألوث ضعيف والمجرنثم المتقبض والداحص الذي يفحص برجليه عند الموت قال علقمة بن عبدة ( رغا فوقهم سقب السماء فداحص ** بشكته لم يستلب وسليب ) والمجرجم المصروع وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال سمعت أعرابيا من غني يذكر مطر أصاب بلادهم في غب جدب فقال تدارك ربك خلقه وقد كلبت الأمحال وتقاصرت الآمال وعكف الياس وكظمت الأنفاس العقائل وأصبح الماشي مصرما والمترب معدما وجفيت الحلائل وامتهنت العقائل فأنشأ سحابا ركاما كنهورا سجاما بروقه متألقة ورعوده متقعقعه فسح ساجيارا كدا ثلاثا غير ذي فواق ثم أمر ربك الشمال فطحرت ركامه وفرقت جهامه فانقشع محمودا وقد أحيا وأغنى وجاد فأروى والحمد لله الذى لا تكت نعمه ولا تنفد قسمه ولايخيب سائله ولا ينزر نائله قال أبو علي قوله صاب جاد والصوب المطر الجود وكلبت اشتدت وكذلك كلب الشتاء والأمحال جمع محل وهو القحط وعكف أقام قال الراجز ( محلها إن عكف الشفيف ** الرزب والعنة والكنيف ) الشفيف البرد والعنة الحظيرة يحبس فيها الإبل ومنه قيل للبعير معنى وهو الذي قد هاج فحبس في العنة ويكون معنى من التعنية وهو الحبس وهذا هو الوجه لأنه إذا جعل معنى من العنة وجب أن يكون الأصل معننا ثم أبدل من النون الأخير ياء كما فعل بتظنيت وأصله تظننت وكظمت ردت إلى الأجواف يقال كظم غيظه إذا حبسه والماشي صاحب الماشية يقال مشى الرجل وأمشى إذا كثرت ماشيته قال الشاعر ( وكل فتى وان أمشى وأثرى ** ستخلجه عن الدنيا منون ) والمصرم المقارب المال المقل كذا قال أبو زيد والأصمعي وأنشدنا الأصمعي للمعلوط ( يصد الكرام المصرمون سقواءها ** وذو الحق عن أقرانها سيحيد ) والمترب الغنى الذي له المال مثل التراب كثرة يقال أترب الرجل إذا استغنى وترب إذا افتقركأنه لصق بالتراب وامتهنت استخذمت واعتملت يقال مهنت القوم أمهنهم مهنة ومهنة ومهنا أتى بها اللحياني ثلاثتها والعقائل الكرائم واحدتها عقيلة وأنشأ أحدث والنشء السحاب أول ما يخرج والكنهور قطع كأنها الجبال واحدتها كنهوورة وسجام صباب ومتألقة لامعة ومتقعقعة مصوته والقعقعة صوت السلاح وما أشبهه ويقال أن قعيقعان وهو جبل بمكة سمى بذلك لتقعقع السلاح لحرب كانت فيه وسح صب سححته أسحه سحا أنشدني أبو بكر بن دريد قال أنشدني عبد الرحمن عن عمه ( وربت غارة أوضعت فيها ** كسح الهاجري جريم تمر ) وساج ساكن يقال ليلة ساجية وساكرة وساكنة بمعنى واحد قال الحادي ( ياحبذا القمراء والليل الساج ** وطرق مثل ملأ النساج ) ورا كد ثابت والفواق أن يصب صبة ثم يسكن ثم يصب أخرى ثم يسكن مأخوذ من فواق الناقة وهو ما بين الحلبتين كأنه يحلب حلبة ثم يسكن ثم يحلب أخرى ثم يسكن وطحرت أذهبت وأبعدت ومنه قيل سهم مطحر إذا كان بعيد الذهاب قال أبو كبير الهذلي ( لما رأى أن ليس عنهم مقصر ** قصر الشمال بكل أبيض مطحر ) وركامه ماتراكم منه والجهام السحاب الذي قد هراق ماءه وتكت تحصى أنشدني أبو بكر بن دريد ( إلا بجيش لا يكت عديده ** سود الجلود من الحديد غضاب ) وينزر يقل ومنه قيل امرأة نزور إذا كانت قليلة الولد وحدثني غير واحد من أصحاب أبي العباس أحمد بن يحيى النحوي أنه قال كل شىء يعز حين ينزر إلا العلم فإنه يعزحين يعزر وقال الأصمعي من أمثال العرب أسمع جعجعة ولا أرى طحنا أي أسمع جلبة ولا أرى عملا ينفع قال أبو علي الجعجعة صوت الرحا وما أشبه ذلك الصوت والطحن الدقيق ويقال كلا جانبي هرشى لهن طريق يضرب مثلا للأمرين يشتبهان ويستويان أي مأخذ أخذتهما ويقال حرة تحت قرة يضرب مثلا للأمر يظهر وتحته أمر خفى غيره قال أبو علي الحرة حرارة العطش والقرة البرد ويقال ضعث على إبالة يضرب مثلا للرجل تكلفه الثقل ثم تزيده على ذلك قال أبو علي الابالة الحزمة من الحطب والضغث القبضة من الحشيش وقال الأصمعي يقال جيء به من حسك وبسك أي من حيث كان ولم يكن وروى أبو نصر من حيث شئت والمعنى واحد والحس والحسيس الصوت قال الله عز وجل { لا يسمعون حسيسها } والحس وجع يأخذ المرأة بعد الولادة والحس برد يحرق الكلأ ويقال أصابتنا حاسة ويقال البرد محسه للنبت أي يحرقه ويقال ضربه فما قال حس مكسور وهي كلمة تقال عند الجزع قال الراجز ( فما أراهم جزعا بحس ** عطف البلايا المس بعد المس ) ويقال اشتر لي محسة للدابة والحساس سمك صغار يجفف يكون بالبحرين وقال اللحياني الحساس الشؤم والنكد وأنشدنا أبو زيد ( رب شريب لك ذي حساس ** أقعس يمشي مشية النفاس ) ( ليس بريان ولا مواسي ** ) ويقال انحست أسنانه إذا تكسرت وتحاتت قال العجاج فى معدن الملك القديم الكرس ** ليس بمقلوع ولا منحس ) ويقال حسستهم إذا قتلتهم قال الله تعالى { إذ تحسونهم بإذنه } ويقال أحسست بالخبر وحسست به وأحست به وحسيت به قال أو زبيد ( خلا أن العتاق من المطايا ** حسين به فهن إليه شوس ) ويقال حسست له أحس أي رققت له يقال إني لأحس له أي أرق له وأرحمه قال القطامي ( أخوك الذي لا تملك الحس نفسه ** وترفض عند المحفظات الكتائف ) و الكتائف جمع كتيفة وهي ههنا الحقد والكتيفة أيضا ضبة الحديد وقال أبو نصر الكتيفة بيضة الحديد ولا أعرف هذه الكلمة عن غيره يقول أخوك الذي إذا رآك في شدة لم يملك أن يرق لك وقال الأصمعي يقال إن البكري ليحس للسعدي أي يرق له وقرأنا على أبي بكر بن دريد ( إذا تجافين عن النسائج ** تجافي البيض عن الدمالج ) يعني إبلا يقول بهن جراح من حزمهن فهن تتجافن عنها كما تجافى النساء عن دمالجهن إذا بردت عليهن وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن عرفة النحوي المعروف بنفطويه وقرأته على أبي عمر المطرز في أمالي أبي العباس أحمد بن يحي للحسين بن مطير الأسدي ( مستضحك بلوامع مستعبر ** بمدامع لم تمرها الأقذاء ) ( كثرت لكثرة ودقه أطباؤه ** فإذا تحلب فاضت الأطباء ) ( فله بلا حزن ولا بمسرة ** ضحك يراوح بينه وبكاء ) ( وكأن عارضه حريق يلتقى ** أشب عليه وعرفج وألاء ) ( لو كان من لجج السواحل ماؤه ** لم يبق في لجج السواحل ماء ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا الرياشي عن أبي عبيدة لعبيد ابن الأبرص ( يا من لبرق أبيت الليل أرقبه ** في عارض كمضيء الصبح لماح ) ( دان مسف فويق الأرض هيدبه ** يكاد يدفعه من قام بالراح ) ( كأن ريقه لما علا شطبا ** أقراب أبلق ينفي الخيل رماح ) ( ينزع جلد الحصى أجش مبترك ** كأنه فاحص أو لاعب داحي ) ( فمن بنجوته كمن بمحفله ** والمستكن كمن يمشي بقرواح ) ( كأن فيه عشارا جلة شرفا ** شعثا لها ميم قد همت بارشاح ) ( هدلا مشافرها بحا حناجرها ** ترخي مرابعها في صحصح ضاحي ) وأنشدنا بعض أصحابنا الكثير ( فالمستكن ومن يمشى بمروته ** سيان فيه ومن بالسهل والجبل ) وأنشدنا للحماني ( دمن كأن رياضها ** يكسين أعلام المطارف ) ( وكأنما غدرانها ** فيها عشور في مصاحف ) ( وكأنما أنوارها ** تهتز بالريح العواصف ) ( طرر الوصائف يلتقين ** بها إلى طرر الوصائف ** ) ( باتت سواريها تمخض في رواعدها القواصف ** ) ( ثم انبرت سحا ** كباكية بأربعة ذوارف ) ( وكأن لمع بروقها ** في الجو أسياف المثاقف ) وأنشدنا أبو بكر لعبيد ( سقى الرباب مجلجل ** الأ كناف لماع بروقه ) ( جون تكفكفه الصبا ** وهنا وتمريه خريقه ) ( مرى العسيف عشاره ** حتى إذا درت عروقه ) ( ودنا يضىء ربابه ** غابا يضرمه حريقمه ) ( حتى إذا ماذرعه ** بالماء ضاق فما يطيقه ) ( هبت له من خلفه ** ريح شآمية تسوقه ) ( حلت عزاليه الجنوب ** فثج واهية خروقه ) وقرأت على أبي بكر لكثير ( تسمع الرعد في المخيلة منها ** مثل هزم القروم في الأشوال ) ( وترى البرق عارضا مستطيرا ** مرح البلق جلن في الأجلال ) ( أو مصابيح راهب في يفاع ** سغم الزيت ساطعات الذيال ) وقرأت عليه لكثير ( أهاجك برق آخر الليل واصب ** تضمنه فرش الجبا فالمسارب ) ( يجر ويستأني نشاصا كله ** بغيقة حاد جلجل الصوت جالب ) ( تالق واحمومي وخيم بالربا ** أحم الذرى ذو هيدب متراكب ) ( إذا حركته الريح أرزم جانب ** بلا هزق منه وأومض جانب ) ( كما أومضت بالعين ثم تبسمت ** خريع بدا منها جبين وحاجب ) ( يمج الندى لا يذكر السير أهله ** ولا يرجع الماشي به وهو جادب ) وأنشدنا بعض أصحابنا لعبد الله بن المعتز ( ومزنة جاد من أجفانها المطر ** فالروض منتظم والقطر منتثر ) ( ترى مواقعه في الأرض لائحة ** مثل الدراهم تبدو ثم تستتر ) وأنشدني له أيضا ( ما ترى نعمة السماء على الأرض ** وشكر الرياض للأمطار ) ( وكأن الربيع يجلو عروسا ** وكأنا من قطره في نثار ) وأنشدني له أيضا ( وموقرة بثقل الماء جاءت ** تهادى فوق أعناق الرياح ) ( فجادت ليلها وبلا وسحا ** وهطلا مثل أفواه الجراح ) ولابن المعتز في وصف السحاب ( كأن الرباب الجون والفجر ساطع ** دخان حريق لا يضيء له جمر ) وأنشدني بعض أصحابنا لأبي الغمر الجبلي ( نسجته الجنوب وهو صناع ** فترقى كأنه حبشي ) ( وقرى كل قرية يقروها ** قرى لا يجف منه القرى ) وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى في صفة سحابة ( كأنه لما وهي سقاؤه ** وانهل من كل غمام ماؤه ) ( حم اذا حمشه قلاؤه ** ) قال أبو علي الحم ما بقي من الشحم اذا أذيب وحمشه أحرقه وأنشدنا محمد ابن السري السراج ( بدا البرق من أرض الحجاز فشاقني ** وكل حجازي له البرق شائق ) ( سرى مثل نبض العرق والليل دونه ** وأعلام أبلى كلها والأسالق ) قال أبو علي أخذه منه الطائي فقال ( إليك سرى بالمدح ركب كأنهم ** على الميس حيات اللصاب النضانض ) ( تشيم بروقا من نداك كأنها ** وقد لاح أولاها عروق نوابض ) وأنشدني بعض أصحابنا ( أرقت لبرق آخر الليل يلمع ** سردى دائبا منها يهب ويهجع ) ( سرى كافتذآء الطير والليل ضارب ** بأرواقه والصبح قد كاد يسطع ) وأنشدني أيضا بعض أصحابنا ( أرقت لبرق سرى موهنا ** خفى كغمزك بالحاجب ) ( كأن تألقه في السما ** يدا حاسب أو يدا كاتب ) ولابن المعتز ( رأيت فيها برقها منذ بدت ** كمثل طرف العين أو قلب يجب ) ( ثم حدت بها الصبا حتي بدا ** فيها لي البرق كأمثال الشهب ) ( تحسبه فيها إذا ما انصدعت ** أحشاؤها عنه شجاعا يضطرب ) ( وتارة تحسبه كأنه ** أبلق مال جله اذا وثب ) ( حتى إذا ما رفع اليوم الضحى ** حسبته سلا سلا من الذهب ) وينشد أصحاب المعاني ( نار تجدد للعيدان تضرمها ** والنار تلفح عيدانا فتحترق ) وللطائي ( يا سهم للبرق الذي استطارا ** ثاب على رغم الدجى نهارا ) ( آض لنا ماء وكان نارا ** ) وأنشدني بعض أصحابنا لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر ( أما ترى اليوم قد رقت حواشيه ** وقد دعاك إلى اللذات داعيه ) ( وجاد بالقطر حتى خلت أن له ** إلفانأه فما ينفك يبكيه ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي عن أبيه عن أشياخ من بني الحرث بن كعب قالوا أجدبت بلاد مذحج فأرسلوا روادا امن كل بطن رجلا فبعثت بنو زبيد رائد أوبعثت النخع رائدا وبعثت جعفى رائدا فلما رجع الرواد قيل لرائد بني زبيد ما وراءك قال رأيت أرضا موشمة البقاع ناتجة النقاع مستحلسة الغيطان ضاحكة القريان واعدة وأحر بوفائها راضية أرضها عن سمائها وقيل لرائد جعفى ما وراءك قال رأيت أرضا جمعت السماء أقطارها فأمرعت أصبارها وديثت أوعارها فبطنانها غمقه وظهرانها غدقه ورياضها مستوسقه ورقاقها رائخ وواطئها سائخ وماشيها مسرور ومصرمها محسور وقيل للنخعي ما وراءك فقال مداحي سيل وزهاء ليل وغيل يواصي غيلا قد ارتوت أجرازها ودمث عزازها وقال مرة ودمث والتبدت أقوازها فرائدها أنق وراعيهاسنق فلاقضض ولا رمض عاز بها لا يفزع وواردها لا ينكع فاختاروا مراد النخعى قال أبوعلي قال الأصمعي أوشمت السماء إذا بدا فيها برق وأوشمت الأرض إذا بدا فيها نبت وأنشد ( كم من كعاب كالمهاة الموشم ** ) وهي التي قد نبت لها وشم من النبات ترعى فيه هذا قوله في كتاب الصفات وقال في كتاب النبات أو شمث الأرض إذا بدا فيها شيء من النبات وناتحة راشحة كدا قال أبو بكر وقال المستحلسة التي قد جللت الأرض بنباتها وقال الأصمعي أستحلس النبت إذا غطى الأرض أوكاد يغطيها والمعنى واحد والقريان مجاري الماء إلى الرياض واحدها قري وقرأت على أبي بكر في كتاب الصفات للعجاج ماء قري مدة قرى وواعدة تعد تمام بناتها وخيرها وأنشد لأصمعي ( رعى غير مذعور بهن وراقه ** لعاع تهاداه الدكادك واعد ) وأحر أخلق والسماء المطر ههنا يريد أن المطر جاد بها فطال النبت فصار المطر كأنه قد جمع أكنافه وأنشد ابن قتيبة ( إذا سقط السماء بأرض قوم ** رعيناه وإن كانوا غضابا ) وقال أبو بكر يقال ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم أي مواقع الغيث وأمرعت أعشبت وطال نباتها يقال أمرع المكان ومرع فهو ممرع ومريع قال الشاعر ( يقيم أمورها ويذب عنها ** ويترك جدبها أبدا مريعا ) والأصبار نواحي الوادي ما علا منه وديثت لينت والأوعار جمع وعر وهو الغلظ والخشونة والبطنان جمع بطن وهو ما غمض من الأرض وغمقة ندية كذا قال أبو بكر وروى أبو عبيد عن الأصمعي في صفة الأرضين فإن أصابها ندى وثقل ووخامة فهي غمقة وذكر الحديث إن الأردن أرض غمقة وإن الجابية أرض نزهة أي بعيدة من الوباء والظهران جمع ظهر وهو ما ارتفع يسيرا وغدقة كثيرة البلل والماء ومستوسقة منتظمة والرقاق الأرض اللينة من غير رمل ورائخ مفرط اللين يقال ريخت العجين إذا كثرت ماءه وراخ العجين يريخ وقوله وواطئها سائخ أي تسوخ رجلاه في الأرض من لينها تسوخ وتثوخ بمعنى واحد وحدثني أبو بكر قال قال الأصمعي لم يكن لأبي ذؤيب بصر بالخيل لقوله ( قصر الصبوح لها فشرج لحمها ** بالني فهي تثوخ فيها الاصبع ) قال وهذا عيب في الفرس أن يكون رخو اللحم والماشي صاحب الماشية والمصرم المقل المقارب المال ومداحى مفاعل من دحوته إذا بسطته قال الله تبارك وتعالى { والأرض بعد ذلك دحاها } أي بسطها ودحوت الكرة إذا ضربتها حتى تسير على وجه الأرض وقوله وزهاء ليل فالزهاء الشخص وانما جعل نباتها زهاء ليل لشدة خضرته والغيل الماء الجاري على وجه الأرض وفي الحديث ( ما سقي بالغيل ففيه العشر وما سقي بالدلو فنصف العشر ويواصى يواصل والأجراز جمع جرز وهي التي لم يصبها المطر ويقال التي قد أكل نباتها ودمث لين ودمث لان والعزاز الصلب السريع السيل وكذلك النزل والجلد والأقواز جمع قوز قال الأصمعي القوز نقى يستدير كالهلال وجمعه أقواز وقيزان وأنشد الأصمعي قول الراجز ( لما رأى الرمل وقيزان الغضى ** والبقر الملمعات بالشوى ** بكى وقال هل ترون ما أرى ) أنق معجب بالمرعى وراعيها الذي يرعاها والسنق البشم والقضض الحصى الصغار يريد أن النبات قد غطى الأرض فلا ترى هناك قضضا قال أبو ذؤيب ( أم ما لجنبك لا يلائم مضجعا ** إلا أقض عليك ذاك المضجع ) والرمض أن يحمى الحصى والحجارة من شدة الحر يقول فليس هناك رمض لأن النبات قد غطى الأرض والعازب الذي يعزب بإبله أي يبعد بها في المرعى وينكع يمنع بقول الذي يردها لا يمنع وقرأنا على أبي بكر بن الأنباري ( مسحوا لحاهم ثم قالوا سالموا ** يا ليتني في القوم إذ مسحوا اللحى ) يقول انهم اجتمعوا للصلح عند الطمأنينة لما أخذوا الدية ورضوا بها فمسحوا لحاهم ثم قال بعضهم لبعض سالموا وذلك أن الرجل لا يمسح لحيته إلا عند الرضا فقال يا ليتني كنت فيهم حتى لا أرضى بما يصنعون وأنشدنا ابن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي عن ابن الأعرابي ( سقى الله حيا بين صارة والحمى ** حمى فيد صوب المدجنات المواطر ) ( أمين فأدى الله ركبا إليهم ** بخير ووقاهم حمام المقادر ) ( كأني طريف العين يوم تطالعت ** بنا الرمل سلاف القلاص الضوامر ) ( حذارا على القلب الذي لا يضيره ** أحاذر وشك البين أم لم يحاذر ) ( أقول لقمقام بن زيد أما ترى ** سنى البرق يبدو للعيون النواظر ) ( فان تبك للبرق الذي هيج الهوى ** أعنك وان تصبر فلست بصابر ) وأنشدنا أيضا قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء قال أنشدنا إبراهيم بن سهيل لجميل بن معمر العذري قال أبو علي وليست هذه الأبيات في شعر جميل ( خليلي هل في نظرة بعد توبة ** أداوي بها قلبي علي فجور ) ( إلى رجح الأكفال هيف خصورها ** عذاب الثنايا ريقهن طهور ) ( تذكرت من أضحت قرى اللد دونه ** وهضب لتيما والهضاب وعور ) ( فظلت لعينيك اللجوجين عبرة ** يهيجها برح الهوى فتمور ) ( على أنني بالبرق من نحو أرضها ** إذا قصرت عنه العيون بصير ) ( وإني إذا ما الريح يوما تنسمت ** شآمية عاد العظام فتور ) ( ألا يا غراب البين لونك شاحب ** وأنت بروعات الفراق جدير ) ( فإن كان حقا ما تقول فأصبحت ** همومك شتى والجناح كسير ) ( ودرت بأعداء حبيبك فيهم ** كما قد تراني بالحبيب أدور ) ( وكيف بأعداء كأن عيونهم ** إذا حان إتياني بثينة عور ) ( فإنى وإن أصبحت بالحب عالما ** على ما بعيني من قذى لخبير ) قال الأصمعي من أمثال العرب إن البغاث بأرضنا يستنسر يضرب مثلا للرجل يكون ضعيفا ثم يقوى قال أبو علي سمعت هذا المثل في صباي من أبي العباس وفسره لي فقال يعود الضعيف بأرضنا قويا ثم سألت عن أصل هذا المثل أبا بكر بن دريد رحمه الله فقال البغاث ضعاف الطير والنسر أقوى منها فيقول إن الضعيف يصير كالنسر في قوته ويقال لو أجد لشفرة محزا أي لو أجد للكلام مساغا ويقال كأنما قد سيره الآن يقال للشيخ إذا كان في خلقة الأحداث ويقال يجري بليق ويذم يضرب مثلا للرجل يحسن ويذم ويقال خذ ما قطع البطحاء أي خذ ما استطاع أن يمشي فيخوض الوادي والبطحاء بطن الوادي ويقال ما يندي رضفة أي لا يخرج منه من البلل ما يندي الرضفة ويقال لا يبض حجره أي لا يخرج منه خير يقال بض الماء إذا خرج قليلا قليلا والبضوض من الآبار التي يخرج ماؤها قليلا قليلا وكذلك البروض والرشوح والمكول والعرب تقول قد اجتمعت في بئرك مكلة فخذها أي ماء قليل قال الأصمعي عقبت الخوق وهي حلقة القرط وهو أن يشد بالعقب إذا خشوا أن يزيغ وأنشد ( كأن خوق قرطها المعقوب ** على دباة أو على يعسوب ) وعقبت القدح بالعقب مثله وقال أيو نصر عن الأصمعي عقب قدحه يعقبه تعقيبا إذا شد عليه عقبا وقال اللحياني عقب قدحه يعقبه عقبا إذا انكسر فشده بعقب وكذلك كل ما تكسر فشد وقال أبو نصر عن الأصمعي عقب يعقب عقبا وهو ماء يجيء بعد ماء أو جري بعد جري ويقال لهذا الفرس عقب وحدثني أصحاب أبي العباس قالوا قال أبو العباس أحمد بن يحيى قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جريرفي قول سلامة ( ولى الشباب وهذا الشيب يطلبه ** لو كان يدركه ركض اليعاقيب ) قال اليعاقيب ذوات العقب من الخيل وقال اللحياني فرس ذو عقب إذا كان له عدو بعد عدو وقال أبو نصر عن الأصمعي عاقب يعاقب معاقبة إذا راوح يقال عاقب بين رجليه وعاقب زميله ويقال متى عقبتك قال ذو الرمة ( ألهاه آء وتنوم وعقبته ** من لائح المرو والمرعى له عقب ) وقوله وعقبته يقول يرعى في هذا مرة وفي هذا مرة وقال اللحياني أعقبت فلانا من الركوب إذا نزلت ركب ويقال عاقبته في هذا المعنى إذا ركبت عقبة وحملته عقبة وقال أبو عبيد رحمه الله عن الأصمعي أعقبت الرجل إذا ركبت عقبة وركب عقبة وقال قال غير واحد عاقبت الرجل من العقبة قال وقال الأصمعي ويقال أكل أكلة أعقبته سقما والعقب الولد يبقى بعد الإنسان وعقب القدم مؤخرها وفرس ذو عقب قال ومن العرب من يجزم القاف في هذه الثلاث وقال أبو زيد جئت على عقب رمضان وفي عقبه إذا جئت وقد مضى الشهر كله وجئت على عقب رمضان وفي عقبه إذا جئت وقد بقيت أيام من آخره وقال أبو نصر عن الأصمعي عقب يعقب تعقيبا إذا ما غزا ثم ثنى من سنته قال طفيل الغنوي ( عناجيج من آل الوجيه ولا حق ** مغاوير فيها للإريب معقب ) وأعقب يعقب إعقابا إذا ترك عقبا قال طفيل ( كريمة حر الوجه لم تدع هالكا ** من القوم هلكا في غد غير معقب ) قال أبو بكر وروى أبي عن أحمد بن عبيد عن أبي نصر وروى أبو العباس ثعلب عن أبي نصر غير معقب يقول لم تقل وافلاناه قط إلا وقد بقي من يقوم مكانه قال أبو عبيد عن الأصمعي عقبت الرجل في أهله إذا بغيته بشر وخلفته وعقبت الرجل ضربت عقبه وعقبه جميعا وقال أبو نصر عن الأصمعي العقاب الراية قال الأصمعي يقال للحجر النادر في طي البئر العقاب أيضا والعقبة ما بقي في القدر من المرق وجمعها عقب قال دريد بن الصمة ( إذا عقب القدور عددن مالا ** يحب حلائل الأبرام عرسي ) وقال اللحياني يقال لما التصق في أسفل القدر من محترق التابل وغيره عقبة وقال أبو نصر عن الأصمعي العقب العاقبة قال الله تعالى { وخير عقبا } ويقال إحذر عقوبة الله وعقابه وعقبه وعقبة الجمال أثره وهيئته وقال اللحياني عليه عقبة السرو والكرم إذا كان عليه سيما ذلك قال وعقبة القمر عودته وأنشد ( لا يطعم الغسل والأدهان لمته ** ولا الذريرة الاعقبة القمر ) وحدثني أبو عمر المطرز وعبد الله الوراق قالا حدثنا أبو عمرو بن الطوسي أن أباه قال سمعنا عقبة القمر بالضم ويقال العقبى لك في الخير والعقبى إلى الله أي المرجع إلى الله وحكى الكسائي وهو خير لك في العقبى والعقبان أي في العاقبة ويقال أعقب الرجل يعقب إعقابا إذا رجع إلى خير وعقب الشيب بعد السواد يعقب عقوبا إذا جاء بعده ويقال فيه أيضا عقب يعقب تعقيبا إذا جاء بعده فخلفه وكذلك كل شيء خلف شيأ فقد عقبه وعقبه ويقال عقبت الإبل إذا تحولت من مكان إلى مكان ترعى فيه ويقال أعقبته خيرا وشرا بما صنع ويقال عاقبته بذنبه عقابا شديدا ويقال عقب فلان يعقب عقبا إذا طلب مالا أو شيأ وأعقب هذا هذا إذا ذهب الأول فلم يبق منه شيء وصار الآخر مكانه ويقال عقب هذا هذا إذا جاء وقد بقي من الأول شيء ويقال جئت على عقب ذلك بالتثقيل وعقب ذلك بالتخفيف وعلى عقب ذلك بالتثقيل وعقب ذلك بالتخفيف وعقبان ذلك قال والعاقبة الولد أنشدنا أبو بكر بن الانباري قال أنشدني ابن الأعرابي ( أيا والي سجن اليمامة أشرفا ** بي القصر أنظر نظرة هل أرى نجدا ) ( فقال اليماميان لما تبينا ** سوابق دمع ما ملكت لها ردا ) ( أمن أجل أعرابية ذات بردة ** تبكي على نجد وتبلى كذا وجدا ) ( لعمري لأعرابية في عباءة ** تحل دماثا من سويقة أو فردا ) ( أحب إلى القلب الذي لج في الهوى ** من اللابسات الريط يظهرنه كيدا ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لمعدان بن مضرب الكندي ( إن كان ما بلغت عني فلامني ** صديقي وشلت من يدي الأنامل ) ( وكفنت وحدي منذرافي ردائه ** وصادف حوطا من أعادي قاتل ) وأنشدني الرياشي لأعرابي ( وفي الجيرة الغادين من بطن وجرة ** غزال أحم المقلتين ربيب ) ( فلا تحسبي أن الغريب الذي نأى ** ولكن من تنأين عنه غريب ) وقرأت عليه لأعرابي ( هجرتك أياما بذي الغمر إنني ** على هجر أيام بذي الغمر نادم ) ( وإني وذاك الهجر لو تعلمينه ** كعازبة عن طفلها وهي رائم ) الرائم التي ترأم ولدها وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا عبد الله بن خلف لقيس ابن ذريح ( هبيني امرأ إن تحسني فهو شاكر ** لذاك وإن لم تحسني فهو صافح ) ( وإن يك أقوام أساؤا وأهجروا ** فإن الذي بيني وبينك صالح ) ( ومهما يكن فالقلب يا لبن ناشر ** عليك الهوى والجيب ما عشت ناصح ) ( وإنك من لبنى العشية رائح ** مريض الذي تطوى عليه الجوانح ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال اجتمع خمس جوار من العرب فقلن هلممن نصف خيل آبائنا فقالت الأولى فرس أبي وردة وما وردة ذات كفل مزحلق ومتن أخلق وجوف أخوق ونفس مروح وعين طروح ورجل ضروح ويد سبوح بداهتها إهذاب وعقبها غلاب وقالت الثانية فرس أبي اللعاب وما اللعاب غبية سحاب واضطرام غاب مترص الأوصال أشم القذال ملاحك المحال فارسه مجيد وصيده عتيد إن أقبل فظبي معاج وإن أدبر فظليم هداج وإن أحضر فعلج هراج وقالت الثالثة فرس أبي حذمة وما حذمة إن أقبلت فقناة مقومه وإن أدبرت فأثفية ململمه وإن أعرضت فذئبة معجرمه أرساغها مترصه وفصوصها ممعصه جريها انثرار وتقريبها انكدار وقالت الرابعة فرس أبي خيفق وما خيفق ذات ناهق معرق وشدق أشدق وأديم مملق لها خلق أشدف ودسيع منفنف وتليل مسيف وثابة زلوج خيفانة رهوج تقريبها إهماج وحضرها ارتعاج وقالت الخامسة فرس أبي هذلول وما هذلول طريده محبول وطالبه مشكول رقيق الملاغم أمين المعاقم عبل المحزم مخد مرجم منيف الحارك أشم السنابك مجدول الخصائل سبط الغلائل غوج التليل صلصال الصهيل أديمه صاف وسبيبه ضاف وعفوه كاف قال أبو علي المزحلق المملس الذي كأنه زحلوقة وهي آثار تزلج الصبيان من فوق إلى أسفل والأخلق الأملس ومنه قيل صخرة خلقاء وأخوق واسع وقال أبو عبيدة عن أبي عمرو الخوقاء الصحراء التي لا ماء بها ويقال الواسعة ومروح كثيرة المرح وطروح بعيدة موقع النظر وضروح دفوع يريد أنها تضرح الحجارة برجليها إذا عدت وسبوح كأنها تسبح في عدوها من سرعتها وبداهتها فجاءتها والبداهة والبديهة واحد والإهذاب السرعة يقال أهذب الفرس إهذابا فهو مهذب والعقب جري بعد جري وغلاب مصدر غالبته مغالبة وغلابا كأنها تغالب الجري والغبية الدفعة من المطر والغاب جمع غابة وهي الأجمة ومترص محكم أترصت الشيء أحكمته وأشم مرتفع والقذال معقد العذار وملاحك مداخل كأنه دوخل بعضه في بعض والمحال جمع محالة وهي فقار الظهر وواحدة الفقار فقارة وحدثني أبو بكر قال ذكر الأصمعي أنه رأى فقار فرس ميت فإذا ثلاث فقر من عظم واحد وكذا تكون العراب فيما ذكروا ومجيد صاحب جواد وعتيد حاضر قال أبو عبيدة معج الفرس إذا اعتمد على إحدى عضادتي العنان مرة في الشق الأيمن ومرة في الشق الأيسر وقال الأصمعي يقال معج في سيره وعمج إذا أسرع وهداج فعال من الهدج وقال الأصمعي الهدج المشي الرويد ويكون السريع قال أبو علي وقال لي أبو بكر الهدج والهدجان مشي الشيخ إذا أسرع عن غير إرادة قال وحدثنا أبو حاتم قال نهض أبو العباس سران ابن عم الأصمعي من عنده يوما فأتبعه بصره فقال هدج أبو العباس هدج ثم أنشدنا ( ويأخذه الهداج إذا هداه ** وليد الحي في يده الرداء ) وأنشدني أبو بكر ( وهدجا لم يكن من مشيتي ** كهدجان الرأل خلف الهيقت ) قال أبو نصر هرج الفرس يهرج هرجا إذا كان كثير الجري وإنه لمهرج وهراج قال أوس ( فأعقب خيرا كل أهوج مهرج ** وكل مفداة العلالة صلدم ) أهوج يعني فرسا أي أعقب خيرا مما أقاموا عليه وصنعوه والأهوج الذي يركب رأسه فيمضي ومفداة العلالة والعلالة الجري الذي بعد الجري الأول فيقال لها إذا طلبت علالتها ويها فدا لك والصلدم الشديدة قال الراجز ( من كل هراج نبيل محزمه ** ) والعلج الحمار الغليظ وحذمة فعلة من الحذم قال أبو بكر الحذم السرعة وقال غيره الحذم القطع ومنه قول عمر رحمه الله في الأذان فإذا أقمت فاحذم وقولها فقناة مقومة تريد أنها دقيقة المقدم وهو مدح في الإناث والأثفية واحدة الأثافي وململمة مجتمعة تريد أنها مدورة المؤخر لأن الأثافي تختار مدورة وقولها معجرمة قال أبو بكر العجرمة وثب كوثب الظبي ولا أعرف عن غيره في هذا الحرف تفسيرا وممحصة قليلة اللحم قليلة الشعر ومحص الجلد إذا سقط شعره واملاس وانثرار قال أبو بكر انضباب كأنه يثره ثرا وخيفق فيعل من الخفق وهو السرعة وقال أبو بكر والخفق أيضا اضطراب السراب في الهاجرة قال أبو علي ويقال خفق النجم إذا غاب وخفق الرجل إذا اضطرب رأسه من شدة النعاس والناهقان العظمان الشاخصان في خدي الفرس ومعرق قليل اللحم وقال أبو عبيدة النواهق من الحمار مخرج نهاقه وأشدق واسع الشدق ومملق مملس وحدثت عن أبي العباس أحمد بن يحيى أنه قال الملقات الحبال الملس والشدف الشخص والأشدف العظيم الشخص والدسيع مركب العنق في الحارك ومنفنف واسع وهو مفعلل من النفنف وهو الهواء بين السماء والأرض والتليل العنق ومسيف كأنه سيف وزلوج سريعة قال الأصمعي الزليج والزلجان السرعة والخيفانة الجرادة التي فيها نقط سود تخالف سائر لونها وإنما قيل للفرس خيفانة لسرعتها لأن الجرادة إذا ظهر فيها تلك النقط كان أسرع لطيرانها ورهوج كثيرة الرهج والرهج الغبار وإهماج مبالغة في العدو وقال الأصمعي أهمج الفرس إهماجا إذا اجتهد في عدوه والإرتعاج كثرة البرق وتتابعه ومحبول في حبالة ومشكول موثق في شكال والملاغم أرادت ههنا الجحافل وإنما الملاغم من الإنسان ما حول الفم ومنه قيل تلغمت بالطيب إذا جعلته هناك والمعاقم المفاصل وعبل غليظ والمحزم موضع الحزام ومخد يخد الأرض أي يجعل فيها أخاديد والأخاديد الشقوق وأحدها أخدود ومرجم يرجم الحجر بالحجر كما قال رؤبة يصف الحمار ( يرمي الجلاميد بجلمود مدق ** وقد يكون أن ترجم الأرض بحوافرها ) والتفسير الأول أحب إلي ومنيف مرتفع والحارك منسج الفرس والسنابك أطراف الحوافر واحدها سنبك ومجدول مفتول والسبيب شعر الناصية وضاف سابغ والفليل الشعر المجتمع وحدثني أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن أحمد بن عبيد قال يقال للقطعة من الشعر الفليلة وللقطعة من الصوف العميتة والغوج اللين المعطف والصلصلة صوت الحديد وكل صوت حاد وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي للصمة بن عبد الله القشيري ( حننت إلى ريا ونفسك باعدت ** مزارك من ريا وشعبا كمامعا ) ( فما حسن أن تأتي الأمر طائعا ** وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا ) ( قفا ودعا نجدا ومن حل بالحمى ** وقل لنجد عندنا أن يودعا ) ( ولما رأيت البشر أعرض دوننا ** وجالت بنات الشوق يحنن نزعا ) ( بكت عيني اليسرى فلما زجرتها ** عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا ) ( تلفت نحو الحي حتى أوجدتني ** وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا ) ( وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ** على كبدي من خشية أن تصدعا ) ( وليست عشيات الحمى برواجع ** إليك ولكن خل عينيك تدمعا ) قال وأنشدني الرياشي ( فإن كنتم ترجون أن يذهب الهوى ** يقينا ونروى بالشراب فننقعا ) ( فردوا هبوب الريح أو غيروا الجوى ** إذا حل ألواذ الحشا فتمنعا ) ( تلفت نحو الحي حتى وجدتني ** وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا ) وأنشدني نفطويه ( أحن إلى نجد وإني ليائس ** طوال الليالي من رجوع إلى نجد ) ( فإنك لا ليل ولا نجد فاعترف ** بهجر إلى يوم القيامة والوعد ) وأنشدني أيضا نفطويه ( يا ليت شعري عن الحي الذين غدوا ** هل بعد فرقتهم للشمل مجتمع ) ( وكل ما كنت أخشى قد فجعت به ** فليس لي بعدهم من حادث جزع ) قال وأنشدنا أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي ( ألا أيها البيتان بالأجرع الذي ** بأسفل مفضاه غضا وكثيب ) ( هجرتكما هجر البغيض وفيكما ** من الناس إنسان إلي حبيب ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا الرياشي لرجل طلق امرأتين من أهل الحمى ( ألا تسألان الله أن يسقي الحمى ** بلى فسقى الله الحمى والمطاليا ) ( وأسأل من لاقيت هل سقي الحمى ** وهل يسألن عني الحمى كيف حاليا ) ( وإني لأستسقي لثنتين بالحمى ** ولو تملكان البحر ما سقتانيا ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري عن أبيه عن أحمد بن عبيد ( لا تعذلينا في الزيارة إننا ** وإياك كالظمآن والماء بارد ) ( يراه قريبا دانيا غير أنه ** يحول المنايا دونه والرواصد ) وقال الأصمعي من أمثال العرب ذكرني الطعن وكنت ناسيا يضرب مثلا للرجل يسمع الكلمة فيتذكر بها شيأ قال ويقال الحسن أحمر أي من أراد الحسن صبر على أشياء يكرهها وقال أبو زيد يقال من حفنا أو رفنا فليترك زعموا أن امرأة كان قوم يعطونها فوجدت نعامة قد غصت بصعرور فعمدت إلى ثوب فغطت به رأسها ثم أتت القوم الذين كانوا يصلونها فقالت لهم هذا الكلام أي أني قد استغنيت عما كنتم تصلونني به والصعرور صمغ السمر ولا يسمى صعرورا حتى يلتوي وقال الأصمعي من أمثالهم يداك أوكتا وفوك نفخ يقال للرجل إذا فعل فعلة أخطأ فيها يراد بذلك أنك من قبلك أتيت وزعموا أن أصل ذلك أن رجلا قطع بحرا بزق فانفتح فقيل له ذلك وقال أبو نصر عن الأصمعي يقال فلان كريم الخلة والخل والمخالة أي كريم الإخاء والمصادقة وزاد اللحياني والخلالة والخلال وأنشد للنابغة ( وكيف تصادق من أصبحت ** خلالته كأبي مرحب ) وغيره يروي وكيف تواصل وقال أبو عبيد الخلة الصداقة ومنه الخليل وقال أبو نصر عن الأصمعي واللحياني فلان خلتي وفلانة خلتي الذكر والأنثى فيها سواء وقال أبو بكر بن الأنباري في كتاب أبي عن أحمد بن عبيد عن أبي نصر وخلي وأنشد أبو نصر واللحياني لأوفى بن مطر ( ألا أبلغا خلتي جابرا ** بأن خليلك لم يقتل ) وأنشد اللحياني قال أنشدنا أبو الدينار ( شبعت من نوم وزاحت علتي ** وطرقتني في المنام خلتي ) ( وما علمت أنها ألمت ** حتى قضت حاجتها وولت ) قال اللحياني زاحت ذهبت قال وقال أبو الدينار أشد الزيحان قال وحكى الكسائي أشد الزيوح بضم الزاي قال ويقال خاللته مخالة وخلالا قال أبو عبيد ومنه قول امرئ القيس ( ولست بمقلي الخلال ولا قالي ** ) وقال أبو نصر المختل الجسم النحيف الجسم وقال اللحياني يقال للمهزول القليل اللحم إنه لخل الجسم وخليل الجسم ومختل الجسم وقال أبو عبيد عن الأصمعي الخل القليل اللحم قال وقال الكسائي مثله وزاد خل لحمه يخل خلا وخلولا وقال أبو نصر يقال ما أخلك إلى هذا أي ما أحوجك إليه والخلة الحاجة ويقال للرجل إذا مات اللهم اخلف على أهله بخير واسدد خلته يريد الفرجة قال أوس بن حجر ( لهلك فضالة لا تستوي ** الفقود ولا خلة الذاهب ) يريد الفرجة التي ترك والثلمة يقول كان سيدا فلما مات بقيت ثلمته وقال اللحياني الزق بالأخل فالأخل أي بالأفقر فالأفقر والعرب تقول الخلة تدعو إلى السلة قال أبو علي قال أبو بكر بن دريد والسلة السرقة ويقال فلان مختل الحال وقال أبو نصر وأبو عبيد عن الأصمعي الخليل الفقير المحتاج قال زهير ( وإن أتاه خليل يوم مسئلة ** يقول لا غائب مالي ولا حرم ) وقال أبو نصر يقال في فلان خلة حسنة أي خصلة وقال اللحياني يقال أن شراب بني فلان ليست بخمطة ولا خلة أي ليست بحامضة قال وجمع خلة خل والخمطة التي أخذت شيأ من الريح كريح النبق والتفاح ويقال خلل الشراب إذا صار خلا وكذلك كل شيء من الأشربة حمض فقد خلل وقال الأصمعي الخلة ما حلا من النبت والعرب تقول الخلة خبز الإبل والحمض لحمها أو فاكهتها ويقال جاءت إبل بني فلان مختلة أي قد أكلت الخلة وجاؤا مخلين إذا جاؤا وقد أكلت إبلهم الخلة قال العجاج ( جاؤا مخلين فلاقوا حمضا ** ) قال أبو علي وقال أبو بكر بن دريد هذا البيت يضرب مثلا لكل من أتى متهددا فصادف ما يقمع تهدده قال والعرب تقول أنت مختل فتحمض وقال اللحياني يقال قد عم فلان وخل وخلل والمخلل الذي يخص وأنشد ( قد عم في دعائه وخلا ** وخط كاتباه واستملا ) وأنشد أيضا ( عهدت بها الحي الجميع فأصبحوا ** أتوا داعيا لله عم وخللا ) وقال أبو نصر وأبو عبيدة واللحياني عن الأصمعي خل كساءه وثوبه يخله خلا إذا شكه بالخلال وقال اللحياني يقال طعنته فاختللت فؤاده وأنشد ( نبذا لجؤار وضل هدية روقه ** لما اختللت فؤاده بالمطرد ) وقال أبو نصر أخل بموعده إذا لم يوف به وقال اللحياني الخلة جفن السيف وجمعها خلل قال ويقال وجدت في فمي خلة فتخللت وهو ما يبقى بين الأسنان من الطعام والجمع خلل ويقال أكل خلالته وقال أبو نصر الخلة والخلالة واحد وهو ما يبقى بين الأسنان من الطعام والجمع خلل وقال اللحياني خلل بين أصابعه بالماء وخلل لحيته إذا توضأ ويقال خل الفصيل يخله خلا إذا جعل في أنفه عودا لئلا يرضع والخل الطريق في الرمل والخل والخمر الخير والشر يقال ما فلان بخل ولا خمر أي ليس عنده خير ولا شر قال النمر بن تولب ( هلا سألت بعادياء وبيته ** والخل والخمر التي لم تمنع ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال قال معاوية الفرصة خلسة والحياء يمنع الرزق والهيبة مقرون بها الخيبة والكلمة من الحكمة ضالة المؤمن وحدثنا قال أنبأنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا من بني مرة يعظ ابنا له وقد أفسد ماله في الشراب فقال لا الدهر يعظك ولا الأيام تنذرك والساعات تعد عليك والأنفاس تعد منك أحب أمريك إليك أردهما بالمضرة عليك قال وأخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول لأخ له اعلم أن الناصح لك المشفق عليك من طالع لك ما وراء العواقب برويته ونظره ومثل لك الأحوال المخوفة عليك وخلط الوعر بالسهل من كلامه ومشورته ليكون خوفك كفاء رجائك وشكرك إزاء النعمة عليك وأن الغاش لك والحاطب عليك من مد لك في الاغترار ووطأ لك مهاد الظلم تابعا لمرضاتك منقادا لهواك وحدثنا أ بو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا أحمد بن يحيى النحوي قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال قال شبيب بن شبة لخالد بن صفوان من أحب إخوانك إليك قال من سد خللي وغفر زللي وقبل عللي وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو عيسى الختلي قال حدثنا أبو يعلى الساجي قال حدثنا الأصمعي قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال كان يقال عليك بدينك ففيه معادك وعليك بمالك ففيه معاشك وعليك بالعلم ففيه زينك وقرأنا على أبي بكر بن دريد رحمه الله تعالى ( فلما مضى شهر وعشر لعيرها ** وقالوا تجيء الآن قدحان حينها ) ( أمرت من الكتان خيطا وأرسلت ** جريا إلى أخرى قريبا تعينها ) هذه امرأة تنتظر عيرا تقدم وزوجها فيها فارادت أن تنتف بالخيط وتتهيأ له والجري الرسول يقول أرسلته إلى جارة لها تنتفها لتزين وبعد هذا قال ( فما زال يجري السلك في حر وجهها ** وجبهتها حتى ثنته قرونها ) ثنته كفته وقرونها ذوائبها وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة لعمر ابن أبي ربيعة ( يا ليتني قد أجرت الحيل نحو كم ** حبل المعرف أو جاوزت ذا عشر ) إن الثواء بأرض لا أراك بها ** فأستيقنيه ثواء حق ذي كدر ) ( وما مللت ولكن زاد حبكم ** ولا ذكرتك إلا ظلت كالسدر ) ( أذري الدموع كذي سقم يخامره ** وما يخامرني سقم سوى الذكر ) ( كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركم ** يا أشبه الناس كل الناس بالقمر ) ( إني لأجذل أن أمسي مقابله ** حبا لرؤية من أشبهت في الصور ) وأنشدني أبو بكر بن دريد للبعيث الهاشمي ( ألا طرقت ليلى الرفاق بغمرة ** ومن دون ليلى يذبل فالقعاقع ) ( على حين ضم الليل من كل جانب ** جناحيه وانصب النجوم الخواضع ) ( طمعت بليلى أن تريع وإنما ** يقطع أعناق الرجال المطامع ) ( وبايعت ليلى في الخلاء ولم يكن ** شهود على ليلى عدول مقانع ) ( وما كل ما منتك نفسك مخليا ** يكون ولا كل الهوى أنت تابع ) ( فما أنت من شيء إذا كنت كلما ** تذكرت ليلى ماء عينيك دامع ) وقرأت على أبي بكر بن دريد ليزيد بن الطثرية ( عقيلية أما ملاث إزارها ** فدعص وأما خصرها فبتيل ) ( تقيظ أكناف الحمى ويظلها ** بنعمان من وادي الأراك مقيل ) ( أليس قليلا نظرة إن نظرتها ** اليك وكلا ليس منك قليل ) ( فيا خلة النفس التي ليس فوقها ** لنا من أخلاء الصفاء خليل ) ( ويا من كتمنا حبه لم يطع به ** عدو ولم يؤمن عليه دخيل ) ( أما من مقام أشتكي غربة النوى ** وخوف العدا فيه إليك سبيل ) ( فديتك أعدائي كثير وشقتي ** بعيد وأشياعي لديك قليل ) ( وكنت إذا ما جئت جئت بعلة ** فأفنيت علاتي فكيف أقول ) ( فما كل يوم لي بأرضك حاجة ** ولا كل يوم لي إليك رسول ) قال أبو علي أخذ من هذا إسحق بن إبراهيم الموصلي حدثنا جحظة قال حدثني حماد بن أبيه إسحق بن إبراهيم قال أنشدت الأصمعي ( هل إلى نظرة إليك سبيل ** يرو منها الصدى ويشف الغليل ) ( إن ما قل منك يكثر عندي ** وكثير ممن تحب القليل ) قال فقال لي هذا والله الديباج الخسرواني فقلت إنهما لليلتهما فقال أفسدتهما وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه ( والله لا نظرت عيني إذا نظرت ** إلا تحدر منها دمعها دررا ) ( ولا تنفست إلا ذاكرا لكم ** ولا تبسمت إلا كاظما عبرا ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا الاشنانداني عن التوزي لطهمان بن عمرو من بني بكر بن كلاب ( ولو أن ليلى الحارثية سلمت ** علي مسجى في الثياب أسوق ) ( حنوطي وأكفاني لدي معدة ** وللنفس من قرب الوفاة شهيق ) ( إذا لحسبت الموت يتركني لها ** ويفرج عني غمه فأفيق ) ( ونبئت ليلى بالعراق مريضة ** فماذا الذي تعني وأنت صديق ) ( شفى الله مرضى بالعراق فإنني ** على كل شاك بالعراق شفيق ) قال وقرأت عليه لتوبة بن الحمير ( ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ** علي ودوني تربة وصفائح ) ( لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ** إليها صدى من جانب القبر صائح ) ( وأغبط من ليلى بما لا أناله ** ألا كل ما قرت به العين صالح ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت رجلا يقول الحسد ماحق الحسنات والزهو جالب لمقت الله ومقت الصالحين والعجب صارف عن الازدياد من العلم داع إلى التخمط والجهل والبخل أذم الأخلاق وأجلبها السوء الأحدوثة قال وأخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت رجلا يوصي آخر وأراد سفرا فقال آثر بعملك معادك ولا تدع لشهوتك رشادك وليكن عقلك وزيرك الذي يدعوك إلى الهدى ويعصمك من الردى ألجم هواك عن الفواحش وأطلقه في المكارم فإنك تبر بذلك سلفك وتشيد شرفك وحدثنا قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يوصي ابنه فقال ابذل المودة الصادقة تستفد إخوانا وتتخذ أعوانا فإن العداوة موجودة عتيده والصداقة مستعرزة بعيده جنب كرامتك اللئام فإنهم إن أحسنت إليهم لم يشكروا وإن نزلت شديدة لم يصبروا قال أبو علي مستعرزة منقبضة شديدة يقال رأيت فلانا اعترز مني أي انقبض واستعرزت الجلدة في النار إذا تقبضت قال الشماخ ( وكل خليل غيرها ضم نفسه ** لوصل خليل صارم أو معارز ) يقول كل من لم يظلم نفسه لأخيه ويحمل عليها فإنه قاطع أو منقبض وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن العتبي قال قال رجل لعبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى يا أمير المؤمنين هززت ذوائب الرحال إليك فلم أجد معولا إلا عليك أمتطي الليل بعد النهار وأقطع المجاهل بالآثار يقودني نحوك رجاء وتسوقني إليك بلوى والنفس راغبة والاجتهاد عاذر وإذا بلغتك فقدني قال احطط عن راحلتك فقد بلغت وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي عن العتبي قال سئل أعرابي عن امرأة فقال هي أرق من الهواء وأطيب من الماء وأحسن من النعماء وأبعد من السماء وحدثنا قال حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال العرب تقول لا ثناء مع الكبر ولا صديق لذي الحسد ولا شرف لسيئ الأدب قال وكان يقال شر خصال الملوك الجبن عن الأعداء والقسوة على الضعفاء والبخل عند الإعطاء وحدثني أبو يعقوب وراق أبي بكر بن دريد قال حدثنا أحمد بن عبيد الجوهري قال سمعت أحمد بن عبد العزيز يقول سمعت أبي يقول قام رجل إلى معاوية فقال له سألتك بالرحم الذي بيني وبينك فقال أمن قريش أنت قال لا قال أفمن سائر العرب قال لا قال فأية رحم بيني وبينك قال رحم آدم قال رحم مجفوة والله لأكونن أول من وصلها ثم قضى حاجته وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال قيل لأعرابي قدم الحضرة ما أقدمك فقال الحين الذي يغطي العين وحدثنا أبو عبد الله نفطويه قال حدثنا محمد بن موسى السامي قال حدثنا الأصمعي قال مات ولد لرجل من الأعراب فصلى عليه فقال اللهم إن كنت تعلم أنه كريم الجدين سهل الخدين فاغفر له وإلا فلا وحدثنا قال حدثنا أحمد بن يحيى النحوي عن ابن الأعرابي قال ضلت ناقة أبي السمال فقال والله لئن لم يردها الله علي لا أصلي أبدا قال فوجدها متعلقة بزمامها بشجرة فقال علم الله أنها مني صري أي عزيمة وحدثني أيضا قال حدثني أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قيل لابنة الخس ما أحد شيء قالت ضرس جائع يقذف في معى ضائع قيل فما ألذ شيء قالت قبلة فتاة فتى وعيشك ما ذقتها وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر ( وخمار عانية شددت برأسها ** أصلا وكان منشرا بشمالها ) هذه امرأة فزعة أخذت خمارها بيدها فلما أدركها أمنت فاختمرت ونحو منه بيت عنترة ( ومرقصة رددت الخيل عنها ** وقد همت بإلقاء الزمام ) مرقصة امرأة قد ركبت بعيرا فهي ترقصه أي تنزيه وتحثه وقد همت أن تلقي زمامها وتستسلم وحدثنا الأخفش قال بلغني أن إبراهيم بن المهدي دخل على المأمون قبل رضاه عنه فقال يا أمير المؤمنين ولي الثأر محكم في القصاص ومن تناوله الاغترار بما مد له من أسباب الرخاء أمن عادية الدهر وقد جعلك الله فوق كل ذي ذنب كما جعل كل ذي ذنب دونك فإن تأخذ فبحقك وإن تعف فبفضلك ثم قال ( ذنبي إليك عظيم ** وأنت أعظم منه ) ( فخذ بحقك أولا ** فاصفح بفضلك عنه ) ( إن لم أكن في فعالي ** من الكرام فكنه ) فقال القدرة تذهب الحفيظة والندم توبة وعفو الله بينهما وهو أكبر ما يحاول يا إبراهيم لقد حببت إلي العفو حتى خفت أن لا أوجر عليه لا تثريب عليك يغفر الله لك وعفا عنه وأمر برد ماله وضياعه فقال ( رددت مالي ولم تبخل علي به ** وقبل ردك مالي قد حقنت دمي ) ( فأبت منك وما كافأتها بيد ** هما الحياتان من وفر ومن عدم ) ( وقام علمك بي فاحتج عندك لي ** مقام شاهد عدل غير متهم ) ( فلو بذلت دمي أبغي رضاك به ** والمال حتى أسل النعل من قدمي ) ( ما كان ذاك سوى عارية رجعت ** إليك لو لم تهبها كنت لم تلم ) قال الأصمعي ومن أمثال العرب حر انتصر يضرب مثلا للرجل يظلم فينتقم ويقال أصرد من عنز جرباء يضرب مثلا للرجل يجد البرد ويقال خرقاء عيابة يضرب مثلا للرجل العاجز عن الشيء وهو يعيب العجز ويقال أنجد من رأى حضنا أي من بلغ من الأمر هذا المبلغ فقد بلغ معظمه وحضن جبل بنجد ويقال جن قدح ليس منها يضرب مثلا للرجل يدخل نفسه في القوم ليس منهم قال وبلغني أن عمر رضي الله عنه لما قال ابن أبي معيط أأقتل من بين قريش قال حن قدح ليس منها فلا أدري أقاله مبتدئا أم قيل قبل وقال أبو زيد يقال ربضك منك وإن كان سمارا يقول منك فصيلتك وهم بنوا أبيه وإن كانوا قوم سوء ويقال منك عيصك وإن كان أشبا يقول منك أصلك وإن كان غير صحيح ويقال أعييتني من شب إلى دب أي أعييتني من لدن شببت إلى أن دببت على العصا يقال ذلك للمرأة والرجل ويقال أعييتني بأشر فكيف أرجوك بدردر يقول أعييتني وأنت شابة باردة الأسنان فكيف أرجوك إذا سقطت أسنانك والدردر مكان السن من اللحى وقال أبو نصر عن الأصمعي ذرئ رأس الرجل يذرأ ذرأ وقد علته ذرأة أي بياض وأنشد ( وقد علتني ذرأة بادي بدي ** ) وأنشد أبو بكر بن دريد بعد هذا البيت ( ورثية تنهض في تشدد ** ) وقوله بادي بدي أي في أول الأمر ويقال جدي أذرأ وعناق ذرآء إذا كان في رأسه ورأسها بياض ومنه قيل ملح ذرآني أي شديد البياض وقال غيره وذرآني أيضا وقال اللحياني يقال ذرأ الله الخلق يذرؤهم والله البارئ الذارئ والخلق مذروءون ومبروءون وقال أبو نصر ذرا يذر وذروا إذا مر مرا سريعا وذرا ناب الجمل يذر وذروا إذا انكسر حده وقال أوس بن حجر ( وإن مقرم منا ذرا حد نابه ** تخمط فينا ناب آخر مقرم ) وذرت الريح التراب تذروه ذروا ومنه قيل ذرى الناس الحنطة قال ويقال ذرت الريح التراب تذريه بمعنى ذرته تذروه وطعنه فأذراه عن فرسه أي رمى به وقلعه عن السرج وقال الأصمعي أذرته إذا قلعته من أصله قلعا وذرته طيرته قال ابن أحمر ( لها منخل تذري إذا عصفت به ** أهابي سفساف من الترب توأم ) وقال اللحياني ذرت الريح القرآن تذروه وتذريه إذا سحفته وأذهبته قال وقال الكسائي ذروت وذريت وذريت بمعنى واحد أي نقيتها في الريح قال أبو نصر فلان يذري فلانا أي يرفع من شأنه ويمدحه قال الراجز ( عمدا أذري حسبي أن يشتما ** بهدر هدار يمج البلغما ) وقال أبو زيد ذريت الشاة إذا جززتها وتركت على ظهرها شيأ منه لتعرف به ولا يكون ذلك إلا في الضأن وقال أبو نصر وغيره ذروة كل شيء أعلاه ويقال فلان في ذرى فلان أي في دفئه وظله ويقال استذر بهذه الشجرة أي كن في دفئها وهو الذرى مقصور ويقال جاء ينفض مذرويه إذا جاء باغيا يتهدد قال والمذروان الناحيتان قال بعض هذيل يذكر القوس ( على كل هتافة المذروين ** صفراء مضجعة في الشمال ) يعني الجانبين اللذين يقع عليهما الوتر من أسفل ومن أعلى قال أبو علي وهذا القول مشتمل على من سمى ناحيتي الرأس مذروين وعلى ما رواه أبو عبيد عن أبي عبيدة أن المذروين أطراف الأليتين وأنشد لعنترة ( أحولي تنفض استك مذرويها ** لتقتلني فها أنا ذا عمارا ) قال وليس لهما واحد لأنه لو كان لهما واحد فقيل مذرى لقيل في التثنية مذريان بالياء وما كانت بالواو وقال أبو نصر يقال بلغني عنه ذرء من خبر أي طرف ولم يتكامل وأنشدنا أبو بكر بن دريد لمعقر بن حمار البارقي ( إذا استرخت عماد الحي شدت ** ولا يثنى لقائمة وظيف ) يقول هم سائرون وبيوتهم على ظهور إبلهم فإذا استرخى منها شيء شد من غير أن ينيخوا بعيرا ويثنوا وظيفه وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي المعروف بنفطويه ( أما والله ثم الله حقا ** يمين البر أتبعها يمينا ) ( لقد حلت أميمة من فؤادي ** تلاعا ما أبحن وما رعينا ) ( ولكن الخليل إذا قلانا ** وآثر بالمودة آخرينا ) ( صددت تكرما عنه بنفسي ** وإن كان الفؤاد به ضنينا ) وأنشدنا قال أنشدني عبيد الله بن إسحق بن سلام ( نزلت بمكة في قبائل نوفل ** ونزلت خلف البئر أبعد منزل ) ( حذرا عليها من مقالة كاشح ** ذرب اللسان يقول ما لم أفعل ) وأنشدني نفطويه لنفسه ( أتخالني من زلة أتعتب ** قلبي عليك أرق مما تحسب ) ( قلبي وروحي في يديك وإنما ** أنت الحياة فأين عنك المذهب ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري البيت الأول من هذين البيتين عن أبي العباس أحمد بن يحيى وقرأت القصيدة بأسرها على أبي بكر بن دريد لجميل بن معمر العذري ( وقالوا لا يضيرك نأي شهر ** فقلت لصاحبي فمن يضير ) ( يطول اليوم إن شحطت نواها ** وحول نلتقي فيه قصير ) وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر مستملي أبي العباس المبرد قال أنشدنا الزبير لبثينة ( وإن سلوي عن جميل لساعة ** من الدهر ما حانت ولا حان حينها ) ( سواء علينا يا جميل بن معمر ** إذا مت بأساء الحياة ولينها ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال أنشدني أبي ( لما تبدت من الأستار قلت لها ** سبحان سبحان ربي خالق الصور ) ( ما كنت أحسب شمسا غير واحدة ** حتى رأيت لها أختا من البشر ) ( كأنها هي إلا أن يفضلها ** حسن الدلال وطرف فاتر النظر ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لابن الدمينة ( ألا لا أرى وادي المياه يثيب ** ولا النفس عن وادي المياه تطيب ) ( أحب هبوط الواديني وإنني ** لمستهتر بالواديين غريب ) ( أحقا عباد الله أن لست واردا ** ولا صادرا إلا علي رقيب ) ( ولا زائرا وحدي ولا في جماعة ** من الناس إلا قيل أنت مريب ) ( وهل ريبة في أن تحن نجيبة ** إلى إلفها أو أن يحن نجيب ) ( وأن الكثيب الفرد من جانب الحمى ** إلي وإن لم آته لحبيب ) وقرأت عليه أيضا ( صفراء من بقر الجواء كأنما ** ترك الحياء بها رداع سقيم ) ( من محذيات أخي الهوى جرع الأسى ** بدلال غانية ومقلة ريم ) ( وقصيرة الأيام ود جليسها ** لو دام مجلسها بفقد حميم ) وقرأت عليه أيضا ( لك الله إني واصل ما وصلتني ** ومثن بما أوليتني ومثيب ) ( فلا تتركي نفسي شعاعا فإنها ** من الوجد قد كادت عليك تذوب ) ( وإني لأستحييك حتى كأنما ** علي بظهر الغيب منك رقيب ) وقرأت عليه لجميل بن معمر العذري وأنشدني البيتين الأولين أبو معاذ عبدان المتطبب ( فلو أرسلت يوما بثينة تبتغي ** يميني ولو عزت علي يميني ) ( لأعطيتها ما جاء يبغي رسولها ** وقلت لها بعد اليمين سليني ) ( سلينى مالى يا بثين فانما ** يبين عند المال كل ضنين ) ( فمالك لما خبر الناس أنني ** أسأت بظهر الغيب لم تسليني ) ( فأبلي عذرا أو أجيء بشاهد ** من الناس عدل أنهم ظلموني ) ( ولست وإن عزت علي بقائل ** لها بعد صرم يا بثين صليني ) ( ونبئت قوما فيك قد نذروا دمي ** فليت الرجال الموعدين لقوني ) ( إذا ما رأوني مقبلا عن جنابة ** يقولون من هذا وقد عرفوني ) وأنشدنا أبو بكر بن السراج هذين البيتين الأخيرين ( فليت رجالا فيك نذروا دمي ** وهموا بقتلي يا بثين لقوني ) ( إذا ما رأوني طالعا من ثنية ** يقولون من هذا وقد عرفوني ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد والعباس بن هشام قالا حرم رجال الخمر في الجاهلية تكرما وصيانة لأنفسهم منهم عامر بن الظرب بن عمرو بن عباد بن يشكر بن بكر بن عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان وقال في ذلك ( سألة للفتى ما ليس في يده ** ذهابة بعقول القوم والمال ) ( أقسمت بالله أسقيها وأشربها ** حتى يفرق ترب القبر أوصالي ) ( مورثة القوم أضغانا بلا إحن ** مزرية بالفتى ذي النجدة الحالي ) وحرم قيس بن عاصم الخمر وقال في ذلك ( لعمرك إن الخمر مادمت شاربا ** لسالبة مالي ومذهبة عقلي ) ( وتاركتي من الضعاف قواهم ** ومورثتي حرب الصديق بلا نبل ) قال وحرم صفوان بن أمية بن محرث الكناني الخمر في الجاهلية وقال في ذلك ( رأيت الخمر صالحة وفيها ** مناقب تفسد الرجل الكريما ) ( فلا والله أشربها حياتي ** ولا أشفي بها أبدا سقيما ) قال وحرم عفيف بن معد يكرب عم الأشعث بن قيس الخمر وقال ( وقائلة هلم إلى التصابي ** فقلت عففت عما تعلمينا ) ( وودعت القداح وقد أراني ** بها في الدهر مشعوفا رهينا ) ( وحرمت الخمور علي حتى ** أكون بقعر ملحود دفينا ) وقال عفيف بن معد يكرب أيضا ( فلا والله لا ألفى وشربا ** أنازعهم شرابا ما حييت ) ( أبى لي ذاك آباء كرام ** وأخوال بعزهم ربيت ) قال وحرم سويد بن عدي بن عمرو بن سلسلة الطائي ثم المعني الخمر وأدرك الإسلام فقال ( تركت الشعر واستبدلت منه ** إذا داعى منادي الصبح قاما ) ( كتاب الله ليس له شريك ** وودعت المدامة والندامى ) ( وحرمت الخمور وقد أراني ** بها سدكا وإن كانت حراما ) قال أبو علي الشعف حرقة يجدها الرجل مع لذة في قلبه ولذلك قال امرؤ القيس ( أيقتلني وقد شعفت فؤادها ** كما شعف المهنوءة الرجل الطالي ) لأن المهنوءة تجد للهناء لذة مع حرقة والثغف أن يبلغ الحب شغاف القلب وهي جلدة دونه والشغاف أيضا داء يكون في أحد شقي البطن ولذلك قال النابغة ( وقد حال هم دون ذلك والج ** ولوج الشغاف تبتغيه الأصابع ) يعني أصابع الأطباء يلمسنه هل وصل إلى القلب أم لا لأنه إذا اتصل بالقلب تلف صاحبه ويقال سدك به وعسك وعسق ولكد ولكي وحلس وعبق ولذم وغري إذا لصق به ولزمه وكذلك درب به وضري به ولهج به وأعصم به وأخلد به وعض به وأزم به وألظ به قال الحرث بن حلزة ( طرق الخيال ولا كليلة مدلج ** سدكا بأرحلنا ولم يتعرج ) وقال الآخر ( وما كنت أخشى الدهر إحلاس مسلم ** من الناس ذنبا جاءه وهو مسلما ) أراد وما كنت أخشى الدهر إلزام مسلم مسلما ذنبا جاءه وهو أي جاآه معا وقال رؤبة ( والملغ يلكى بالكلام الأملغ ** ) الملغ الماجن والأملغ الأمجن وقال كعب بن زهير يمدح الأنصار ( دربوا كما دربت أسود خفية ** غلب الرقاب من الأسود ضواري ) وقال العجاج ( يقتسر الأقران بالتقمم ** قسر عزيز بالأكال ملذم ) والأكال ما أكل وقال أوس بن حجر ( فما زال حتى نالها وهو معصم ** على موطن لو زل عنها تفصلا ) قال أبو علي حدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال سمعت أعرابيا يقول أسوأ ما في الكريم أن يكف عنك خيره وخير ما في اللئيم أن يكف عنك شره وحدثنا أبو عثمان الأشنانداني عن الأخفش سعيد بن مسعدة قال كتب رجل من أهل البصرة إلى أخ له أما بعد فإنه يسهل علي طلب الحاجة أمران فيك وأمران لي وأمر من قبل الله وبه تمامها فأما اللذان فيك فاجتهادك في النجح ومبالغتك في الاعتذار وأما اللذان لي فأني لا أضيق عليك بعذري ولا أصون عنك شكري وأما الذي من قبل الله عز وجل فإيماني بأن كل مقدور كائن والسلام وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال مر رجل من أهل الشام بامرأة من كلب فقال هل من لبن يباع فقالت إنك للئيم أو حديث عهد بقوم لئام هل يبيع الرسل كريم أو يمنعه إلا لئيم إنا لندع الكوم لأضيافنا تكوس إذا عكف الزمان الضروس ونغلي اللحم غريضا ونهينه نضيجا قال أبو علي الرسل اللبن وأنشدنا أبو بكر ( فتى لا يعد الرسل يقضي مذمة ** إذا نزل الأضياف أو ينحر الجزرا ) وكذلك أيضا الرسل في المشي بكسر الراء وهو الهين الرفيق قال صخر الغي ( لو أن حولي من تميم رجلا ** لمنعوني نجدة أو رسلا ) يقول لمنعوني بأمر شديد أو بأمر هين والرسل بفتح الراء والسين الإبل قال الأعشى ( يبغي ديارا لها قد أصبحت غرضا ** زوراء تجانف عنها القود والرسل ) القود الخيل وتكوس تمشي على ثلاث ونغلي من الغلاء قال أبو علي وحدثنا أبو بكر عن العكلي عن ابن أبي خالد قال قال زياد ما قرأت كتاب رجل قط إلا عرفت عقله فيه وما رأيت مثل الربيع بن زياد رجلا ما كتب إلي كتابا قط إلا في جر منفعة أو دفع مضرة ولا سألته عن شيء قط إلا وجدت منه عنده علما ولا نظرته في شيء إلا وجدته قد سبق على الناس فيه ولا سايرني قط فمست ركبته ركبتي وحدثنا أبو عبد الله نفطويه قال حدثنا محمد بن يونس قال حدثنا الأصمعي قال توضأ أعرابي فبدأ بوجهه ورجليه ثم استنجى فقيل له أخطأت السنة فقال لم أكن لأبدأ بالخبيثة قبل جوارحي وحدثنا أيضا قال حدثنا أحمد بن يحيى النحوي قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثني القروي عن موسى بن جعفر بن أبي كثير قال كان المجنون لما أصابه ما أصابه يخرج فيأتي الشأم فيقول أين أرض بني عامر فيقال له أين أنت عن أرض بني عامر عليك بنجم كذا وكذا فينصرف حتى يأتي أرض بني عامر فيقف عند جبل لهم يقال له التوباذ وينشد ( وأجهشت للتوباذ حين رأيته ** وكبر للرحمن حين رآني ) ( فأذريت دمع العين لما رأيته ** ونادى بأعلى صوته فدعاني ) ( فقلت له أين الذين عهدتهم ** حواليك في أمن وخفض زمان ) ( فقال مضوا واستودعوني بلادهم ** ومن ذا الذي يبقى على الحدثان ) ( وإني لأبكي اليوم من حذري غدا ** فراقك والحيان مجتمعان ) ( سجالا وتهتانا ووبلا وديمة ** وسحا وتسكابا وتنهملان ) ثم يمضي حتى يأتي العراق فيقول مثل ذلك ثم يأتي اليمن فيقول مثل ذلك وأنشدنا أبو بكر ابن الأنباري عن أبيه عن أحمد بن عبيد عن أبي عمرو الشيباني للمجنون ( ذد الدمع حتى يظعن الحي إنما ** دموعك إن فاضت عليك دليل ) ( كأن دموع العين يوم تحملوا ** جمان على جيب القميص يسيل ) وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أحمد بن يحيى ( ومستنجد بالحزن دمعا كأنه ** على الخد مما ليس يرقأ حائر ) ( إذا ديمة منه استقلت تهللت ** أوائل أخرى ما لهن أواخر ) ( ملا مقلتيه الدمع حتى كأنه ** لما انهل من عينيه في الماء ناظر ) وأنشدنا هذه الأبيات أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي عن أبي العباس محمد بن يزيد الثمالي وقال قال أبو العباس هذه الأبيات أحسن ما قيل في الدموع وزاد في آخرها بيتا ( وينظر من بين الدموع بمقلة ** رمى الشوق في إنسانها فهو ساهر ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله ( نظرت كأني من وراء زجاجة ** إلى الدار من ماء الصبابة أنظر ) ( فعيناي طورا تغرقان من البكا ** فأعشى وحينا تحسران فأبصر ) وأنشدني أبو عبد الله نفطويه عن أحمد بن يحيى لذي الرمة ( وما شنتا خرقاء واهيتا الكلى ** سقى بهما ساق ولما تبللا ) ( بأضيع من عينيك للدمع كلما ** تذكرت ربعا أو توهمت منزلا ) وحدثني أبو بكر التاريخي قال قال بشار ما زال غلام من بني حنيفة يدخل نفسه فينا ويخرجها منا حتى قال ( نزف البكاء دموع عينك فاستعر ** عينا لغيرك دمعها مدرار ) ( من ذا يعيرك عينه تبكي بها ** أرأيت عينا للبكاء تعار ) وأنشدني أيضا قال أنشدني البحتري لنفسه ( وقعنا والعيون مشعلات ** يغالب دمعها نظرا كليل ) ( نهته رقبة الواشين حتى ** تعلق لا يغيض ولا يسيل ) وأنشدني بعض أصحابنا لدعبل الخزاعي ( يا ربع أين توجهت سلمى ** أمضت فمهجة نفسه أمضى ) ( لا أبتغي سقي السحاب لها ** في مقلتي عوض من السقيا ) وأنشدني جحظة لنفسه ( ومن طاعتي إياه أمطر ناظري ** له حين يبدي من ثناياه لي برقا ) ( كأن دموعي تبصر الوصل هاربا ** فمن أجل ذا تجري لتدركه سبقا ) وكان أبو بكر بن دريد يستحسن قول أبي نواس في هذا المعنى ( لا جزى الله دمع عيني خيرا ** وجزى الله كل خير لساني ) ( نم دمعي فليس يكتم شيأ ** ورأيت اللسان ذا كتمان ) ( كنت مثل الكتاب أخفاه طي ** فاستدلوا عليه بالعنوان ) وأنشدنا نفطويه لنفسه ( قلبي عليك أرق من خديكا ** وقواي أوهى من قوى جفنيكا ) ( لم لا ترق لمن تعذب نفسه ** ظلما ويعطفه هواه عليكا ) وأنشدنا أبو بكر لنفسه ( إن الذي أبقيت من جسمه ** يا متلف الصب ولم يشعر ) ( صبابة لو أنها دمعة ** تجول في جفنك لم تقطر ) قال الأصمعي من أمثال العرب لا يعدم شقي مهرا أي لا يعدم شقي عناء ويقال لا تعدم الحسناء ذاما يراد لا يخلو الرجل من أن يكون به ما يعاب ويقال ليس عليك نسجه فاسحب وجر يضرب مثلا للرجل يفسد ما لم يتعن فيه ويقال الليل أخفى للويل أي الستر أستر من المكاشفة ويقال قبل الرماء تملأ الكنائن يراد به قبل وقوع الأمر يعدله وأنشدني أبو المياس البيت الأول من هذين البيتين فأنشدته أبا بكر بن دريد فزادني البيت الثاني ( ولذ كطعم الصرخدي تركته ** بأرض العدا من خشية الحدثان ) ( ومبد لي الشحناء بيني وبينه ** دعوت وقد طال السرى فدعاني ) لذ يعني النوم والصرخدي العسل كذا قال أبو المياس والعدا الأعداء والحدثان ما يحدث من الأمور وقال أبو بكر اللذ اللذيذ يعني النوم والصرخدي الخمر وقوله ومبد لي الشحناء يعنى كلبا وذلك أن الرجل إذا تحير فى الليل فلم يدر أين البيوت نبح فتسمعه الكلاب فتنبح فيقصد أصواتها وهذا الذي تقول له العرب المستنج ثم أنشدني ( ومستنج بات الصدى يستتيهه ** فتاه وجوز الليل مضطرب الكسر ) ( رفعت له نارا ثقوبا زنادها ** تليح إلى الساري هلم إلى قدري ) ( فلما أتى والبؤس رادف رحله ** تلقيته مني بوجه امرئ بشر ) ( فقلت له أهل كأهل فلم يجر ** بك الليل إلا للجميل من الأمر ) ( وكادت تطير الشول عرفان صوته ** ولم تمس إلا وهي خائفة العقر ) قال أبو علي بشر مصدر بشرته أبشره بشرا والبشر الاسم أراد بوجه امرئ ذي بشر فحذف المضاف وفي بشرت لغات قال الكسائي يقال بشرت فلانا بخير أبشره تبشيرا وبشرته أبشره بشرا وبشرته أبشره بشرا وبشورا وأبشرته أبشره إبشارا في معنى واحد وحكى عن بعضهم أنه قال دخلت على الناطفي فبشرني ببشر حسن قال وسمعت أبا ثروان ورجلا من غني يقولان بشرني فلان بخير وبشرته بخير قال ويقال أبشر فلان بخير أي استبشر وهو قول الله عز وجل { وأبشروا بالجنة } أي استبشروا وكذا كلام العرب إذا أخبروا عن أنفسهم قالوا قد أبشرنا أي فرحنا قال ويقال أيضا بشرت بهذا الأمر أبشر بشورا أي فرحت واستبشرت على معنى أبشرت وهي في قضاعة وقرأ أبو عمرو إن الله يبشرك بالتخفيف وقال اللحياني خفيت الشيء أخفيه خفيا وخفيا إذا استخرجته وأظهرته وأنشد ( خفاهن من أنفاقهن كأنما ** خفاهن ودق من سحاب مركب ) قال أبو علي وغيره يروي من عشي مجلب أي مصوت ويقال اختفيت الشيء أي أظهرته وأهل الحجاز يسمون النباش المختفي لأنه يستخرج أكفان الموتى وأخفيت الشيء أخفيه إخفاء إذا سترته قال الله عز وجل { أكاد أخفيها } وهي قراءة العامة والناس وروى عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ أكاد أخفيها أي أظهرها وقال أبو عبيدة أخفيت الشيء كتمته وأظهرته ويقال دعوت الله خفية وخفية أي في خفض قال الله عز وجل { ادعوا ربكم تضرعا وخفية } وهي قراءة الناس والمجتمع عليها وكان عاصم يقرأ تضرعا وخفية في جميع القرآن وقال اللحياني وأبو نصر الخافي الجن قال اللحياني يقال أصابته ريح من الخوافي وأصابته ريح من الخافي وهو واحد الخوافي وقال أبو نصر الخوافي جمع الجمع وسمعت أبا بكر بن دريد يقول إنما قيل لهم خاف لخفائهم واستتارهم عن العيون وقال اللحياني الخوافي من السعف ما دون القلبة واحدتها خافية والخوافي من ريش الطائر ما دون المناكب وهي أربع ريشات قال ويقال لأربع ريشات في مقدم الجناح القوادم ثم تليها أربع ريشات مناكب ثم تليها أربع ريشات خواف ثم يلي الخوافي أربع أباهر وقال غيره في جناح الطائر عشرون ريشة مما يلي الجنب فأربع قوادم وأربع مناكب وأربع كلى وأربع خواف وأربع أباهر ويقال برح الخفاء أي ظهر الأمر وصار كأنه في براح وهو المكان المستوي المتسع وقال اللحياني قال بعضهم برح الخفاء أي ذهب السر وظهر والخفاء ههنا السر وقال الخفاء مصدر خفي يخفى خفاء وقال بعضهم الخفاء المتطأطئ من الأرض والبراح المرتفع الظاهر فيقول ارتفع المتطأطئ حتى صار كالمرتفع الظاهر وقال أبو نصر الخفاء ما غاب عنك وقال اللحياني يقال الناس أخياف في هذا الأمر أي مختلفون لا يستوون ويقال خيفت المرأة أولادها إذا جاءت بهم أخيافا أي مختلفين ويقال تخيفت الإبل وتبرقطت إذا اختلفت وجوهها في الرعي والخيف ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل ومنه مسجد الخيف بمنى ويقال أخاف الرجل فهو مخيف إذا أتى الخيف والقوم مخيفون والخيف جلد ضرع الناقة يقال ناقة خيفاء والجمع خيفاوات وخيف ويقال بعير أخيف إذا كان واسع الخيف وهو جلد الثيل وأنشدنا أبو نصر ( صوى لهاذا كدنة جلذيا ** أخيف كانت أمه صفيا ) وقال اللحياني يقال خيفت الناقة تخيف خيفا إذا اتسع جلد ضرعها ويقال فرس أخيف والأنثى خيفاء والجمع خيف إذا كانت إحدى عينيه زرقاء والأخرى كحلاء والخيفان الجراد إذا صارت فيها ألوان مختلفة واحدتها خيفانة وبه سميت الفرس خيفانة لسرعتها وقال أبو بكر إنما قيل للفرس خيفانة لأن الجرادة إذا ظهرت فيها تلك الألوان كان أسرع لطيرانها وقال اللحياني تخوفت الشيء تنقصته قال الله عز وجل { أو يأخذهم على تخوف } أي على تنقص ويقال تخوفت الشيء بالحاء غير معجمة إذا أخذت من حافاته وقال أبو نصر وجمع مخيف إذا أخاف من ينظر إليه وحائط مخوف وثغر مخوف وطريق مخوف إذا كان يفرق منه وقال اللحياني وقد يقال ثغر مخيف إذا كان يخيف أهله ويقال خفت من الشيء أخاف خوفا وخيفة وخيفا وهو جمع خيفة قال الهذلي ( فلا تقعدن على زخة ** وتضمر في القلب وجدا وخيفا ) والزخة الدفعة يقال زخ في صدره يزخ زخا أي دفع ومنه قيل للمرأة مزخة ويقال فلان خائف والقوم خائفون وخوف وخيف قال الله تبارك وتعالى { أن يدخلوها إلا خائفين } وفي حرف أبي وابن مسعود أن يدخلوها إلا خيفا والخافة خريطة من أدم ضيقة الرأس واسعة الأسفل تكون مع مشتار العسل إذا صعد ليشتار وحدثنا أبو عبد الله نفطويه قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن حماد بن إسحق عن أبيه قال حدثني عمي صباح بن خاقان قال قال خالد بن صفوان لبعض الولاة قدمت فأعطيت كلا بقسطه من وجهك وكرامتك حتى كأنك لست من أحد أو حتى كأنك من كل أحد وأنشدني أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي عن أحمد بن عبيد ( ما لرسولي أناني منك بالياس ** وقال أظهرت بعدي جفوة القاسي ) ( إني أحبك حبا لفاحشة ** والحب ليس به في الله من باس ) وقرأت على أبي بكر بن دريد ( ولما أبى إلا جماحا فؤاده ** ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل ) ( تسلى بأخرى غيرها فإذا التي ** تسلى بها تغري بليلى ولا تسلي ) وأنشدنا أبو عبد الله ( يا منية النفس إن أعطيت منيتها ** وسؤلتي أن دنونا أو نأيناك ) ( هل بعتنا ببديل منذ لم نركم ** فما بشيء من الأشياء بعناك ) ( إن كنت لم تذكرينا عند فرقتنا ** فيشهد الله أنا ما نسيناك ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال تذاكر قوم صلة الرحم وأعرابي جالس فقال منسأة في العمر مرضاة للرب محبة في الأهل وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال وصف أعرابي ناقة فقال إذا اكحالت عينها وأللت أذنها وسجح خدها وهدل مشفرها واستدارت جمجمتها فهي الكريمة قال أبو علي سجح سهل وحسن وهدل استرخى وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن قال سمعت عمي يقول سمعت أعرابية تقول لرجل رماك الله بليلة لا أخت لها أي لا تعيش بعدها وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أكثم بن صيفي سوء حمل الفاقة يحرض الحسب ويقوي الضرورة ويذئر أهل الشماتة قال أبو علي يذئر يحرش يقال أذأرته بأخيه إذا حرشته عليه وأولعته به وقد ذئر هو ذأرا حين أذأرته قال الشاعر ( ولقد أتاني عن تميم أنهم ** ذئر والقتلى عامر وتغضبوا ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال بعض العرب أولى الناس بالفضل أعودهم بفضله وأعون الأشياء على تذكية العقل التعلم وأدل الأشياء على عقل العاقل حسن التدبير وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال رجل من العرب ما رأيت كفلان إن طلب حاجة غضب قبل أن يرد عنها وإن سئل حاجة رد صاحبها قبل أن يفهمها وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال بعض الأعراب لا أعرف ضرا أوصل إلى نياط القلب من الحاجة إلى من لم تثق بإسعافه ولا تأمن رده وأكلم المصائب فقد خليل لا عوض منه وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال ذكر رجل حاتما الطائي فقال كان إذا قاتل غلب وإذا غنم أنهب وإذا سئل وهب وإذا أسر أطلق وحدثنا قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لأعرابي أي شيء أمتع فقال ممازحة المحب ومحادثة الصديق وأماني تقطع بها أيامك وحدثنا قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول من لم يرض عن صديقه إلا بإيثاره على نفسه دام سخطه ومن عاتب على كل ذنب كثر عدوه ومن لم يؤاخ من الإخوان إلا من لا عيب فيه قل صديقه وأنشدنا أبو عبد الله ( الرمح لا أملأ كفي به ** واللبد لا أتبع تزواله ) يقول لا أقاتل بالرمح وحده فأشغل كفي به دون غيره من السلاح ولكني أقاتل به وبغيره وإذا زال اللبد عن متن الفرس أم أزل معه وثبت يصف نفسه بالفروسية وحدثنا أبو بكر ابن الأنباري قال حدثنا عبد الله بن خلف عن موسى بن صالح عن معاوية بن صدقة الجحدري قال كان رجل من مجاشع يقال له سعد بن مطرف يهوى ابنة عم له يقال لها سعاد فكان يأتيها ويتحدث إليها ولا يعلمها بما هو عليه من حبها حتى سل جسمه ونحل بدنه فبينا هو ذات يوم معها جالس إذ نظر إليها وأنشأ يقول ( وما عرضت لي نظرة مذ عرفتها ** فأنظر إلا مثلت حيث أنظر ) ( أغار على طرفي لها فكأنني ** إذا رام طرفي غيرها لست أبصر ) ( وأحذر أن تصغى إذا بحت بالهوى ** فأكتمها جهدي هواي وأستر ) فلما سمعت ذلك منه ساءها وكرهت أن ينشر خبرهما فأقصته وأظهرت هجره فكتب إليها ( مت شوقا وكدت أهلك وجدا ** حين أبدى الحبيب هجرا وصدا ) ( بأبي من إذا دنوت إليه ** زادني القرب منه نأيا وبعدا ) ( لا وحبيه لا وحق هواه ** ما تناسيته ولا خنت عهدا ) ( حاش لله أن أكون خليا ** من هواه وقد تقطعت وجدا ) ( كيف لا كيف عن هواه سلوي ** وهو شمس الضحى إذا ما تبدى ) فكانت تحب مواصلته وتشفق من الفضيحة فتظهر هجره وتبعده فلم يزل عليل البدن والقلب وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي ( ألمت وهل إلمامها لك نافع ** وزارت خيالا والعيون هواجع ) ( بنفسي من تنأى ويدنو خيالها ** ويبذل عنها طيفها ويمانع ) ( خليلي أبلاني هوى متمنع ** له شيمة تأبى وأخرى تطاوع ) ( وإن شفاء النفس لو تعلمينه ** حبيب موات أو شباب مراجع ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد للمجنون ( وإني لأستغشي وما بي نعسة ** لعل خيالا منك يلقى خياليا ) ( وأخرج من بين البيوت لعلني ** أحدث عنك النفس في السر خاليا ) ( أصبرا ولما تمض لي غير ليلة ** رويد الهوى حتى يغب لياليا ) ( أرى الدهر والأيام تفنى وتنقضي ** وحبك ما يزداد إلا تماديا ) وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه للمجنون ( وعلقت ليلى وهي غر صغيرة ** ولم يبد للأتراب من ثديها حجم ) ( صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ** إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم ) وأنشدنا أبو عبد الله أيضا في هذا المعنى لخالد بن المهاجر ( أمست منازلكم بمكة منكم ** قفرا وأصبحت المعالم خالية ) ( لو كنت أملك رجعكم لرجعتكم ** قد كنتم زيني بها وجماليه ) ( علقتها غرا غلاما ناشئا ** غض الشباب وعلقتني جاريه ) ( حتى استوينا لم تزل لي خلة ** أبكي إذا ظعنت بعين باكيه ) وأنشدنا أيضا ( إذا حجبت لم يكفك البدر فقدها ** وتكفيك فقد البدران حجب البدر ) ( وحسبك من خمر تفوتك ريقها ** ووالله ما من ريقها حسبك الخمر ) وأنشدنا أيضا ( قد قلت للبدر واستعبرت حين بدا ** يا بدر ما فيك لي من وجهها خلف ) ( تبدو لنا كلما شئنا محاسنها ** وأنت تنقص أحيانا وتنكسف ) ( وقرأت على أبي بكر بن دريد لجميل بن معمر العذري ( تنادى آل بثنة بالرواح ** وقد تركوا فؤادك غير صاح ) ( فيالك منظرا ومسير ركب ** شجاني حين أمعن في الفياح ) ( ويالك خلة ظفرت بعقلي ** كما ظفر المقامر بالقداح ) ( أريد صلاحها وتريد قتلي ** فشتى بين قتلي والصلاح ) ( لعمر أبيك لا تجدين عهدي ** كعهدك في المودة والسماح ) ( ولو أرسلت تستهدين نفسي ** أتاك بها رسولك في سراح ) وقرأت عليه له أيضا ( فإن يك جثماني بأرض سواكم ** فإن فؤادي عندك الدهر أجمع ) ( إذا قلت هذا حين أسلو وأجتري ** على صرمها ظلت لها النفس تشفع ) ( وإن رمت نفسي كيف آتي لصرمها ** ورمت صدودا ظلت العين تدمع ) وكتبت من كتاب أبي بكر بن دريد رحمه الله وقرأت عليه أيضا قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه ألا يا كأس قد أفنيت قولي ** فلست بقائل إلا رجيعا ) ( ولست بنائم إلا بهم ** ولا مستيقظ إلا مروعا ) ( أومل أن ألاقي آل كأس ** كما يرجو أخو السنة الربيعا ) ( وإنك لو نظرت فدتك نفسي ** إلى كبدي وجدت بها صدوعا ) وقرأت عليه أيضا ( ولما بدا لي منك ميل مع العدى ** سواي ولم يحدث سواك بديل ) ( صددت كما صد الرمي تطاولت ** به مدة الأيام وهو قتيل ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا إبراهيم بن عبد الله الوراق ( نزفت دمعي وأزمعت الفراق غدا ** فكيف أبكي ودمع العين منزوف ) ( واسوأتا من عيون العاشقين غدا ** إذا رحلت ودمع العين موقوف ) وأنشدنا قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء لإبراهيم بن المهدي ( لم ينسينك سرور لا ولا حزن ** وكيف لا كيف ينسى وجهك الحسن ) ( مازلت مذ كلفت نفسي بحبكم ** كلي بكلك مشغول ومرتهن ) ( نور تجسم من شمس ومن قمر ** حتى تكامل منه الروح والبدن ) قال أبو بكر ويروي ( ولا خلا منك قلبي لا ولا بدني ** كلي بكلك مشغول ومرتهن ) قال أبو بكر وأنشدني أبي للحسن بن وهب ( بأبي كرهت النار لما أوقدت ** فعرفت ما معناك في إبعادها ) ( هي ضرة لك بالتماع ضيائها ** وبحسن صورتها لدى إيقادها ) ( وأرى صنيعك بالقلوب صنيعها ** بسيالها وأراكها وعرادها ) ( شركتك في كل الأمور بحسنها ** وضيائها وصلاحها وفسادها ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لأبي الشيص ( وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ** متأخر عنه ولا متقدم ) ( أجد الملامة في هواك لذيذة ** حبا لذكرك فليلمني اللوم ) ( أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ** إذ صار حظي منك حظي منهم ) ( وأهنتني فأهنت نفسي صاغرا ** ما من يهون عليك ممن أكرم ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبو الحسن بن البراء لإبراهيم بن المهدي ( إذا كلمتني بالعيون الفواتر ** رددت عليها بالدموع البوادر ) ( فلم يعلم الواشون ما دار بيننا ** وقد قضيت حاجاتنا بالضمائر ) ( أقاتلتي ظلما بأسهم لحظها ** أما حكم يعدي على طرف جائر ) ( فلو كان للعشاق قاض من الهوى ** إذا لقضى بين الفؤاد وناظري ) قال أبو بكر وسرق هذا المعنى خالد الكاتب فقال ( أعان طرفي على جسمي وأحشائي ** بنظرة وقفت جسمي على دائي ) ( وكنت غرا بما يجني على بدني ** لا علم لي أن بعضي بعض أدوائي ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء لبعض شواعر الأعراب ( ولو نظروا بين الجوانح والحشا ** رأوا من كتاب الحب في كبدي سطرا ) ( ولو جربوا ما قد لقيت من الهوى ** إذا عذروني أو جعلت لهم عذرا ) ( صددت وما بي من صدود ولا قلى ** أزورهم يوما وأهجرهم شهرا ) وأنشدني أيضا قال أنشدني علي بن محمد المدائني قال أنشدنا أبو الفضل الربعي الهاشمي قال أنشدنا إسحق بن إبراهيم الموصلي ( أخاف عليها العين من طول وصلها ** فأهجرها الشهرين خوفا من الهجر ) ( وما كان هجراني لها عن ملالة ** ولكنني أملت عاقبة الصبر ) ( أفكر في قلبي بأي عقوبة ** أعاقبه فيكم لترضوا فما أدري ) ( سوى هجركم والهجر فيه دماره ** فعاقبته فيكم من الهجر بالهجر ) ( فكنت كمن خاف الندى أن يبله ** فعاذ من الميزاب والقطر بالبحر ) وقال أبو زيد من أمثال العرب برق لمن لا يعرفك يضرب مثلا للذي يوعد من يعرفه يقول اصنع هذا بمن لا يعرفك وقال الأصمعي ومن أمثالهم حرك خشاشه إذا عمل بما يؤذيه ويقال ضرب لذلك الأمر جروته أي وطن عليه نفسه ويقال لوى عنه عذاره أي عصاه فلم يطعه في أمره ويقال شراب بأنقع أي معاود للأمور يأتيها مرة بعد مرة وسألنا أبا عبد الله عن بيت أبي العميثل بعد أن قرأناه على أبي بكر بن دريد مصححين له ( أيام ألحف مئزري عفر الملا ** وأغض كل مرجل ريان ) فأخبرنا عن أحمد بن يحيى بهذا التفسير قال ألحف ألبس والعفر التراب يقول أجره عليه من الخيلاء والنشاط والملا الفضاء وأغض أنقصه وأشرب ما فيه والمرجل زق سلخ من قبل رجله وريان ممتلئ قال وقال سعدان أنشدنيه أبو العميثل وهذا معناه وقال ابن الأعرابي أغض أكف والمرجل الشعر يرجل ويهيأ وريان من الدهن وهو كقول الأعشى ( ولقد أرجل جمتي بعشية ** للشرب قبل سنابك المرتاد ) ولم ينكر القول الأول وقال قد سمعته من قائله وقال أبو نصر إنه لذو أكلة في الناس أي ذو نميمة ووقيعة وقال أبو عبيدة عن الأصمعي أنه لذو أكلة في الناس وأكلة أي ذو غيبة يغتابهم وقال اللحياني إنه لذو أكلة وإكلة للحوم الناس وقالوا جميعا الأكلة اللقمة يقال ما أكلت إلا أكلة والأكلة الفعلة الواحدة من الأكل والإكلة الحال التي تأكل عليها قاعدا أو متكئا وقال اللحياني الأكال ما يؤكل يقال ما ذقت اليوم أكالا والأكلة غير ممدود والإكلة والأكال الحكة يقال إنه ليجد أكلة على فعلة وإكلة وأكالا ويقال أكلت الناقة تأكل أكلا إذا نبت وبر جنينها في بطنها فوجدت لذلك حكة وأذى وناقة أكلة على فعلة وقال الأصمعي بأسنانه أكل إذا كانت متأكلة وقال أبو نصر يقال كثرت الآكلة في أرض بني فلان أي الراعية وقال اللحياني الأكلة على فعلة وقال الأصمعي تأكل السيف تأكلا إذا توهج من الحدة قال أوس بن حجر ( وأبيض صوليا كأن غراره ** تلألؤ برق في حبي تأكلا ) وزاد اللحياني والتأكل شدة بريق الكحل إذا كسر أو الفضة أو الصبر وقالوا جميعا فلان ذو أكل إذا كان ذا حظ ورزق في الدنيا والجميع الآكال وقال اللحياني يقال أكل بستانك دائم أي ثمره وقال أبو نصر والأصمعي ثوب ذو أكل إذا كان كثير الغزل صفيقا وإنه لذو أكل إذا كان ذا رأي وعقل وقال اللحياني فيهما بالتثقيل أكل وقال اللحياني الأكيل الطعام المأكول والأكيل الذي يأكل معك رجلا كان أو امرأة يقال هذا أكيلي وهذه أكيلي ولغة أبي الجراح هذه أكيلتي ورجل أكول وقوم أكال وأكلة يقال هم أكلة رأس أي قليل بقدر ما يشبعهم رأس وقال اللحياني والمئكلة ضرب من البرام وضرب من الأقداح وكل ما أكل فيه فهو مئكلة والجمع مآكل ورجل وكل أي ضعيف ليس بنافذ ورجل أكلة أي كثير الأكل وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه ( أيا زينة الدنيا الني لا ينالها ** مناي ولا يبدو لقلبي صريمها ) ( بعيني قذاة من هواك لو أنها ** تداوى بمن أهوى لصح سقيمها ) ( وبرء قذاة العين إن لم يكن لها ** طبيب يداوي نظرة تستديمها ) ( فما صبرت عن ذكرك النفس ساعة ** وإن كنت أحيانا كثيرا ألومها ) ( علي نذور يوم تبرز خاليا ** لعيني وأيام كثير أصومها ) وحدثني أبو يعقوب وراق أبي بكر بن دريد قال حدثني محمد بن الحسن عن المفضل بن محمد بن العلاف قال لما قدم بغاء ببني نمير أسرى كنت كثيرا ما أذهب إليهم فأسمع منهم وكنت لا أعدم أن ألقى الفصيح منهم فأتيتهم يوما في عقب مطر وإذا فتى حسن الوجه قد نهكه المرض ينشد ( ألا يا سنى برق على قلل الحمى ** لهنك من برق علي كريم ) ( لمعت اقتذاء الطير والقوم هجع ** فهيجت أسقاما وأنت سليم ) ( فهل من معير طرف عين خلية ** فإنسان طرف العامري كليم ) ( رمى طرفه البرق الهلالي رمية ** بذكر الحمى وهنا فبات يهيم ) فقلت له يا هذا إنك لفي شغل عن هذا فقال صدقت ولكن أنطقني البرق ثم اضطجع فما كان ساعة حتى مات فما يتوهم عليه غير الحب وكان أبو بكر بن دريد رحمه الله كثيرا ما ينشد آخر بيت من هذه الأبيات ثم أنشدني يوما ( ثقي بجميل الصبر مني على الدهر ** ولا تثقي بالصبر مني على الهجر ) ( وإني لصبار على ما ينوبني ** وحسبك أن الله أثنى على الصبر ) ( ولست بنظار إلى جانب الغنى ** إذا كانت العلياء في جانب الفقر ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس للمجنون ( أصلي فما أدري إذا ما ذكرتها ** أثنتين صليت الضحى أم ثمانيا ) ( أراني إذا صليت يممت نحوها ** بوجهي وإن كان المصلي يمانيا ) ( وما بي إشراك ولكن حبها ** كعود الشجا أعيا الطبيب المداويا ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال وصفت أعرابية زوجها بمكارم الأخلاق عند أمها فقالت يا أمه من نشر ثوب الثناء فقد أدى واجب الجزاء وفي كتمان الشكر جحود لما وجب من الحق ودخول في كفر النعم فقالت لها أمها أي بنية أطبت الثناء وقمت بالجزاء ولم تدعي للذم موضعا إني وجدت من عقل لم يعجل بذم ولا ثناء إلا بعد اختبار فقالت يا أمه ما مدحت حتى اختبرت ولا وصفت حتى عرفت وحدثنا أيضا عن العكلي عن ابن أبي خالد عن الهيثم قال كتب مالك بن أسماء ابن خارجة إلى الهيثم بن الأسود النخعي يشكر له قيامه بأمر رجل من آل حذيفة بن بدر عند الحجاج حتى خلصه منه أما بعد فإنه لما كلت الألسن عن بلوغ ما استحققت من الشكر كان أعظم الحيل عندي في مكافأتي إخلاصك صدق الضمير وكما لم نعرف الزيادة في العلا إذ جريت غاية طولك جهلنا غاية الثناء عليك فليس لك من الناس إلا ما ألهموا من محبتك فأنت كما وصف الواصف إذ يقول ( فما تعرف الأوهام غاية مدحه ** يقينا كما ليست بغايته تدري ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن بعض أصحابه قال وقع جعفر بن يحيى ابن خالد بن برمك في كتاب صديق له ما جاوزتني نعمة خصصت بها ولا قصرت دوني ما كان بك محلها قال ووقع إلى عمرو بن مسعدة إذا كان الإكثار أبلغ كان الإيجاز تقصيرا وإذا كان الإيجاز كافيا كان إلا كثار عيا وحدثنا أيضا عن أبيه عن أحمد بن عبيد قال أخبرنا العتبي عن أبيه قال أتت رملة بنت معاوية مراغمة لزوجها عمرو بن عثمان بن عفان فقال مالك يا بنية أطلقك زوجك قالت لا الكلب أضن بشحمته ولكنه فاخرني فكلما ذكر رجلا من قومه ذكرت رجلا من قومي حتى عدا بني منه فوددت أن بيني وبينه البحر الأخضر فقال لها يا بنية آل أبي سفيان أقل خطا في الرجال من أن تكوني رجلا وحدثني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال مر أعرابي برجل يكنى أبا الغمر وكان ضخما جسيما وكان بوابا لبعض الملوك فقال أعن الفقير الحسير فقال ما ألحف سائلكم وأكثر جائعكم أراحنا الله منكم فقال له الأعرابي لو فرق قوت جسمك في جسوم عشرة منا لكفانا طعامك في يوم شهرا وإنك لعظيم السرطه شديد الضرطه لو ذري بحبقتك بيدر لكفته ريح الجربياء وحدثنا أبو عبد الله نفطويه قال حدثنا محمد بن موسى السامي قال حدثنا الأصمعي قال دخل رجل من الأعراب على رجل من أهل الحضر فقال له الحضري هل لك إلى أن أعلمك سورة من كتاب الله فقال إني أحسن من كتاب الله ما إن عملت به كفاني قال وما تحسن قال أحسن سورا قال اقرأ فقرأ فاتحة الكتاب و { قل هو الله أحد } و { إنا أعطيناك الكوثر } فقال له الرجل اقرأ السورتين يريد المعوذتين فقال قدم علي ابن عم لي فوهبتهما له ولست براجع في هبتي حتى ألقى الله وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال سمع يونس رجلا ينشد ( استودع العلم قرطاسا فضيعه ** وبئس مستودع العلم القراطيس ) فقال قاتله الله ما أشد صبابته بالعم وصيانته للحفظ إن علمك من روحك ومالك من بدنك فصن علمك صيانتك روحك ومالك صيانتك بدنك وقرأت على أبي بكر بن دريد للنمر بن تولب ( أودى الشباب وحب الخالة الخلبه ** وقد برئت فما بالصدر من قلبه ) ( وقد تثلم أنيابي وأدركني ** قرن علي شديد فاحش الغلبه ) ( وقد رمى بسراه اليوم معتمدا ** في المنكبين وفي الساقين والرقبة ) أودى ذهب وهلك والخالة جمع خائل مثل بائع وباعة والخلبة جمع خالب مثل كافر وكفرة يخبر أنه شيخ قد ترك صحبة الشباب والفتيان وهم الخالة الخلبة الذين يختالون في مشيتهم ويخلبون النساء ثم قال برئت أي برئ صدري من ودهم والعلاقة بهم فما به قلبة من ودهم يقال للإنسان وغيره من الحيوان ما به قلبة أي ما به وجع ولا مكروه وأصله من القلاب قال الأصمعي القلاب أن تصيب الغدة القلب فإذا أصابته لم يلبث البعير أن تقتله وقوله وأدركني قرن يعني الهرم وقوله وقد رمى بسراه اليوم معتمدا فالسرى جمع سروة مثل رشوة ورشى وهو نصل السهم إذا كان مدورا مدملكا ولا عرض له يريد أن الهرم قد رمى بسهامه في جميع جسده فأضعفه كما قال ( في المنكبين وفي الساقين والرقبة ** ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال سمعت الأصمعي كثيرا ما يقول من قعد به نسبه نهض به أدبه وأنشدنا أبو بكر بن دريد لخارجة بن فليح المللى ( أحن إلى ليلى وقد شط وليها ** كما حن محبوس عن الإلف نازع ) ( إذا خوفتني النفس بالنأي تارة ** وبالصرم منها أكذبتها المطامع ) ( أكل هواك الطرف عن كل بهجة ** وصمت عن الداعي سواك المسامع ) وقرأت عليه لجميل بن معمر العذري ( ألم تعلمي يا عذبة الماء أنني ** أظل إذا لم أسق ماءك صاديا ) ( ومازلت بي يا بثن حتى لوانني ** من الوجد أستبكي الحمام بكى ليا ) ( وددت على حب الحياة لوأنها ** يزاد لها في عمرها من حياتيا ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ( ومستوحش للبين يبدي تجلدا ** كما أوحش الكفين فقد الأصابع ) ( وكم قد رأينا من قتيل لخلة ** بسهم التجني أو بسهم التقاطع ) ( وكم واثق بالدهر والدهر مولع ** بتأليف شتى أو بتفريق جامع ) وأنشدنا أيضا قال أنشدنا إبراهيم بن عبد الله لعلية بنت المهدي ( تجنب فإن الحب داعية الحب ** وكم من بعيد وهو مستوجب القرب ) ( تفكر فإن حدثت أن أخا هوى ** نجاسا لما فارج النجاة من الحب ) ( فأحسن أيام الهوى يومك الذي ** تروع بالتحريش منه وبالعتب ) ( إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضا ** فأين حلاوات الرسائل والكتب ) وقال الأصمعي من أمثال العرب إنه لساكن الريح يقال ذلك للرجل الوادع ويقال إنه لواقع الطائر مثل للرجل الساكن الأمر ويقال في رأسه نعرة مثل للرجل الطامح الرأس الذي لا يستقر ويقال الخرق شؤم يراد به أن الرجل إذا خرق في أمر دخل عليه شؤمه ويقال الرفق يمن وهو خلافه وقال أبو نصر يقال كل بصره يكل كلولا وكل لسانه يكل كلة وكلولا وكل السيف كلة وكلا إذا لم يقطع وكل في الإعياء كلالا وكلل يكلل تكليلا إذا حمل على القوم يقال كال تكليلة السبع والكلالة ما دون الوالد والولد وانكلت المرأة إذا ما تبسمت وانكل السحاب إذا ما تبسم بالبرق وكلا يكلئ تكلئة وتكليأ وكلى تكلية إذا أتى مكانا فيه مستتر والكلاء والمكلأ مكان ترفأ فيه السفن وهو ساحل كل نهر قال أبو علي وقال أبو زيد كلأ القوم السفينة تكليا إذا حبسوها وكلأت في الطعام تكليأ وأكلأت إكلاء إذا أسلفت فيه وما أعطيت فيه من الدراهم نسيئة فهي الكلأ قال أبو علي وقال أبو نصر الكالئ الدين المؤخر لم يهمزه الأصمعي وهمزه غيره وأنشدني الأصمعي ( وإذا تباشرك الهموم ** فإنها كال وناجز ) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الكالئ بالكالئ كأنه نهى عن الدين بالدين وهو النسيئة بالنسيئة وأبو عبيدة يهمز الكالئ ويقال تكلأت كلأة إذا استنسأت ويقال بلغ الله بك أكلأ العمر يعنى آخره ويقال أكتلأت من الرجل اكتلاء إذا احترست منه واكتلأت عيني اكتلاء إذا لم تنم وسهرت وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثني عبد الله بن عمرو بن عبد الرحمن الوراق قال حدثنا المفضل بن حازم قال حدثنا منصور البرمكي قال كان لهارون الرشيد جارية غلامية يعني وصيفة على قد الغلام وكان المأمون يميل إليها وهو إذ ذاك أمر دفوقفت يوما تصب على يد الرشيد من ابريق معها والمأمون جالس خلف الرشيد فأشار المأمون إليها كأنه يقبلها فأنكرت ذلك بعينيها وأبطأت في الصب على مقدار نظرها إلى المأمون وإشارتها إليه فقال الرشيد ما هذا ضعي الإبريق من يدك ففعلت فقال والله لئن لم تصدقيني لأقتلنك فقالت يا سيدي أشار إلي عبد الله كأنه يقبلني فأنكرت ذلك فالتفت إلى المأمون ونظر إليه كأنه ميت لما دخله من الجزع والخجل فرحمه وضمه إليه وقال يا عبد الله أتحبها قال نعم يا أمير المؤمنين قال هي لك قم فادخل في تلك القبة ففعل ثم قال هل قلت في هذا الأمر شعرا قال نعم يا سيدي ثم أنشد ( ظبي كتبت بطرفي ** من الضمير إليه ) ( قبلته من بعيد ** فاعتل من شفتيه ) ( ورد أخبث رد ** بالكسر من حاجبيه ) ( فما برحت مكاني ** حتى قدرت عليه ) ومن أحسن ما قيل في العناق ما أنشدناه أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا عبد الله بن خلف قال أنشدني أحمد بن يحيى بن أبي فنن ( خلوت فنادمتها ساعة ** على مثلها يحسد الحاسد ) ( كأنا وثوب الدجى مسبل ** علينا لمبصرنا واحد ) قال أبو بكر وسرق هذا المعنى ابن المعتز فقال ( ما أقصر الليل على الراقد ** وأهون السقم على العائد ) ( يفديك ما أبقيت من مهجتي ** لست لما أوليت بالجاحد ) ( كأنني عانقت ريحانة ** تنفست في ليلها البارد ) ( فلو ترانا في قميص الدجى ** حسبتنا من جسد واحد ) وأحسن في هذا المعنى علي بن العباس الرومي وأنشدناه الناجم عنه ( أعانقها والنفس بعد مشوقة ** إليها وهل بعد العناق تدان ) ( وألثم فاها كي تموت حرارتي ** فيشتد ما ألقى من الهيمان ) ( ولم يك مقدار الذي بي من الهوى ** ليسفيه ما ترشف الشفتان ) ( كان فؤادي ليس يشفي غليله ** سوى أن يرى الروحان يمتزجان ) ولبعضهم في هذا المعنى ( رأيت شخصك في نومي يعانقني ** كما يعانق لام الكاتب الألفا ) ولبشار ( فبتنا معا لا يخلص الماء بيننا ** إلى الصبح دوني حاجب وستور ) أخذ منه علي بن الجهم فقال ( فبتنا جميعا لو تراق زجاجة ** من الخمر فيما بيننا لم تسرب ) ومن أحسن ما قيل في الشعر قول ابن الرومي أنشدناه الناجم عنه ( وفاحم وارد يقبل ممشاة ** إذا اختال مرسلا غدره ) ( أقبل كالليل من مفارقه ** منحدرا لا يذم منحدره ) ( حتى تناهى إلى مواطئه ** يلثم من كل موطئ عفره ) ( كأنه عاشق دنا شغفا ** حتى قضى من حبيبه وطره ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لبكر بن النطاح ( بيضاء تسحب من قيام فرعها ** وتغيب فيه وهو وحف أسحم ) ( فكأنها فيه نهار ساطع ** وكأنه ليل عليها مظلم ) ولمسلم ( أجدك ما تدرين أن رب ليلة ** كأن دجاها من قرونك تنشر ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله لعبد الله بن المعتز ( سقتني في ليل شبيه بشعرها ** شبيهة خديها بغير رقيب ) ( فأمسيت في ليلين بالشعر والدجى ** وشمسين من خمر وخد حبيب ) ومن أحسن ما قيل في فتور الطرف قول أبي نواس ( ضعيفة كر الطرف تحسب أنها ** قريبة عهد بالإفاقة من سقم ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لنفسه ( ليس السليم سليم أفعى حرة ** لكن سليم المقلة النجلاء ) ( نظرت ولا وسن يخالط عينها ** نظر المريض بسورة الإغفاء ) ولعبد الله بن المعتز ( وتجرح أحشائي بعين مريضة ** كما لان متن السيف والحد قاطع ) ( عليم بما يخفى فؤادي من الهوى ** جواد بهجراني وللوصل مانع ) وأنشدنا أبو بكر التاريخي قال أنشدني البحتري لنفسه ( وفي القهوة أشكال ** من الساقي وألوان ) ( حباب مثل ما يضحك عنه وهو جذلان ** ) ( وسكر مثل ما أسكر طرف منه وسنان ** ) ( وطعم الريق إذ جاد ** به والصب هيمان ) ( لنا من كفه راح ** ومن رياه ريحان ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لعدي بن الرقاع ( وكأنها وسط النساء أعارها ** عينيه أحور من جآذر طاسم ) ( وسنان أقصده النعاس فرنقت ** في عينه سنة وليس بنائم ) ومن أحسن ما قيل في الريق ما أنشدناه أبو بكر بن الأنباري لبشار ( يا أطيب الناس ريقا غير مختبر ** الاشهادة أطراف المساويك ) ( منيتنازورة في النوم واحدة ** فأثني ولا تجعليها بيضة الديك ) ( يا رحمة الله حلى في منازلنا ** حسبي برائحة الفردوس من فيك ) وأبلى بن العباس الرومي أنشدناه الناجم عنه ( تعلك ريقا يطرد النوم برده ** ويشفى القلوب الحائمات الصواديا ) وهل ثغب حصباؤه مثل ثغرها ** يصادف الأطيب الطعم صافيا ) وله أيضا أنشدناه الناجم عنه ( يا رب ريق بات بدر الدجى ** يمجه بين ثناياكا ) ( يروى ولا ينهاك عن شربه ** والماء يرويك وينهاكا ) ومن أحسن ما قيل في طروق الخيال قول البحتري وهو أحد المحسنين فيه حتى قيل طيف البحتري أنشدنيه التاريخي عنه ( ألمت بنا بعد الهدوء فسامحت ** بوصل متى تطلبه في الجد تمنع ) ( وولت كأن البين يخلج شخصها ** أوان تولت من حشاي وأضلعي ) وأنشدنا بعض أصحابنا للمؤمل ( أتاني الكرى ليلا بشخص أحبه ** أضاءت له الآفاق والليل مظلم ) ( فكلمني في النوم غير مغاضب ** وعهدي به يقظان لا يتكلم ) وذكر العباس بن الأحنف ما العلة في طروق الخيال فقال ( خيالك حين أرقد نصب عيني ** إلى وقت انتباهي لا يزول ) ( وليس يزورني صلة ولكن ** حديث النفس عنك به الوصول ) وتبعه الطائي فقال ( زار الخيال لهالا بل أزاركه ** فكر إذا نام فكر الخلق لم ينم ) ( ظبى تقنصته لما نصبت له ** في آخر الليل أشرا كامن الحلم ) وأنشدنا علي بن هارون المنجم لعلي بن يحيى المنجم ( بأبي والله من طرقا ** كابتسام البرق إذ خفقا ) ( زارني طيف الحبيب فما ** زاد أن أغرى بي الأرقا ) ومن أحسن ما قيل في مشي النساء ما أنشدناه صاحبنا أبو علي بن الأعرابي ( شبهت مشيتها بمشية ظافر ** يختال بين أسنة وسيوف ) ( صلف تناهت نفسه في نفسه ** لما أنثني بسنانه المرعوف ) وقرئ على أبي بكر بن الأنباري في شعر ابن مقبل وأنا أسمع ( يهززن للمشي أوصالا منعمة ** هز الجنوب معا عيدان يبر بنا ) ( أو كاهتزاز رديني تناوله ** أيدي التجار فزادوا متنه لينا ) ( يمشين هيل النقا مالت جوانبه ** ينهال حينا وينهاه الثرى حينا ) ولعمر بن أبي ربيعة قرأته على أبي عبد الله نفطويه ( أبصرتها غدوة ونسوتها ** يمشين بين المقام والحجر ) ( بيضا حسانا خرائدا قطفا ** يمشين هونا كمشية البقر ) ( قد فزن بالحسن والجمال معا ** وفزن رسلا بالدل والخفر ) وللعباس بن الأحنف ( شمس مقدرة في خلق جارية ** كأنما كشحها طي الطوامير ) ( كأنها حين تمشي في وصائفها ** تمشي على البيض أوزرق القوارير ) ومما قيل في الحسن ( إذا عبتها شبهتها البدر طالعا ** وحسبك من عيب لها شبه البدر ) وأنشدنا الناجم لنفسه في غير هذا المعنى ( طالبت من شرد نومي وذعر ** بقبلة تحسن في القلب الأثر ) ( فقال لي مستعجلا وما أنتظر ** ليس لغير العين حظ في القمر ) أخذه من علي بن الجهم حيث يقول ( وقلن لنا نحن الأهلة إنما ** نضيء لمن يسري بليل ولا نقري ) ( فلا نيل إلا ما تزود ناظر ** ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري ) ومن أحسن ما قيل في قينة ( من كف جارية كأن بنانها ** من فضة قد طرفت عنابا ) ( وكأن يمناها إذا نطقت بها ** تلقي على يدها الشمال حسابا ) وحدثنا أبو عبد الله نفطوية قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال سمع بعض العرب صوت العود فقيل له ما تسمع فقال حسنا ولكن اقطع هذا الأبح فانى أشنؤه يريد البم ومن أحسن ما قيل في العود ( فكأنه في حجرها ولد لها ** ضمته بين ترائب ولبان ) ( طورا تدغدغ بطنه فإذا هفا ** عركت له أذنا من الآذان ) ومن أحسن ما شبه به العود ما أنشدناه بعض أصحابنا ( كأن تمثاله ساق إلى قدم ** نيطت إلى فخذ بانت عن الكفل ) ( آذانه منه قد جمعن أربعة ** تجيب أربعة في كف معتمل ) ( فذا أغن وهذا فيه زمزمة ** وذاك صاف وهذا فيه كالصحل ) وللحمدوني ( وناطق بلسان لا ضمير له ** كأنه فخذ نيطت إلى قدم ) ( يبدي ضمير سواء في الحديث كما ** يبدي ضمير سواه الخط بالقلم ) ومن أحسن ما قيل في وصف مغنيات قول ابن الرومي وأنشدناه الناجم عنه ( وقيان كأنها أمهات ** عاطفات على بنيها حواني ) ( مطفلات وما حملن جنينا ** مرضعات ولسن ذات لبان ) ( ملقمات أطفالهن ثديا ** ناهدات كأحسن الرمان ) ( مفعمات كأنها حافلات ** وهي صفر من درة الألبان ) ( كل طفل يدعى بأسماء شتى ** بين عود ومزهر وكران ) ( أمه دهرها تترجم عنه ** وهو بادي الغنى عن الترجمان ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال بعض الحكماء لابنه يا بني اقبل وصيتي وعهدي أن سرعة ائتلاف قلوب الأبرار كسرعة اختلاط قطر المطر بماء الأنهار وبعد قلوب الفجار من الائتلاف كبعد البهائم من التعاطف وان طال اعتلافها على آري واحد كن يا بني بصالح الوزراء أغنى منك بكثرة عدتهم فان اللؤلؤة خفيف محملها كثير ثمنها والحجر فادح حمله قليل غناؤه وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد قال حدثنا هشام بن حسان الفردوسي عن الحسن قال قال الأحنف ابن قيس الكذوب لا حيلة له والحسود لا راحة له والبخيل لا مروءة له والملول لا وفاء له ولا يسود سيء الأخلاق ومن المروءة إذا كان الرجل بخيلا أن يكتم ذلك ويتجمل وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال قيل للأحنف بم بلغت ما بلغت قال لو عاب الناس الماء ما شربته قال وقال من لم يسنح نفسا عن الحظ الجسيم للعيب الصغير لم يعد شفيقا على نفسه ولا صائنا لعرضه وقال الأصمعي من أمثال العرب دع بنيات الطريق أي اقصد لمعظم الشأن ويقال لا توبس الثرى بيني وبينك أي لا تقطع الود الذي بيننا ويقال السعيد من اتعظ بغيره يراد من رأى غيره فاتعظ سعد ويقال طويته على بللته يراد استبقيته قبل أن يبلغ فساده وذلك أن السقاء إذا طويته وهو مبتل تثنى وإذا طوي وهو يابس تكسر أي فقد طلبت مصلحته وقال أبو زيد يقال لا ترى ذلك يا فلان ما سمر ابنا سمير وهما الليل والنهار وأنشدنا ابن الأعرابي ( وشبابي قد كان من لذة العيش ** فأودى وغاله ابنا سمير ) وقال أبو زيد ولا أفعل ذلك ما أبس عبد بناقته وهو تحريكه شفتيه حين يريد أن تقوم له وقال ابن الأعرابي وإبساسه استدراره إياها للحلب وخدعه لها ولطفه بها وأنشدني لأبي زبيد ( فلحا الله صاحب الصلح منا ** ما أطاف المبس بالدهماء ) وقال أبو زيد يدولا أفعل ذلك ما غرد الطائر تغريدا ولا أفعل ذلك آخر الأوجس وهو الدهر وأنشدني أبو بكر بن دريد لمرار الفقعسي ( لا يشترون بهجعة هجعوا بها ** ودواء أعينهم خلود الأوجس ) وقال اللحياني لا أفعل ذلك سجيس الأوجس وسجيس عجيس وزاد ابن الأعرابي وما غبا غبيس وأنشد ( قد ورد الماء بليل قيس ** نعم وفي أم البينين كيس ) ( عن الطعام ما غبا غبيس ** ) ولا أفعله السمر والقمر ولا أفعله ما حدا الليل النهار وما أرزمت أم حائل والحائل الأنثى من أولاد الإبل قال أبو ذؤيب ( فتلك التي لا يبرح القلب حبها ** ولا ذكرها ما أرزمت أم حائل ) ولا أفعله يد المسند وهو الدهر قال الشاعر ( لقلت من القول ما لا يزال ** يؤثر عني يد المسند ) ولا أفعله يد الدهر ولا أفعله ما أن في السماء نجما معناه ما كان في السماء نجم ولا أفعله ما سجع الحمام وما حملت عيني الماء وما بل بحر صوفة ولا افعل ذلك ما أطت الإبل وأطيطها حنينها وقال أبو عبيد أطيط الإبل نقيض جلودها عند الكظة قال الأعشى ( وقال اللحياني ولا أفعل ذلك ما لألأت الفور والعفر والظباء أي ما حركت أذنابها ولا أفعل ذلك ما حنث الدهماء وهي ناقة ولا أفعل ذلك ما حنت النيب قال أبو علي وقال أبو زيد لا أفعل ذلك ما اختلف الملوان والأجدان وهما الليل والنهار وزاد اللحياني والجديدان وهما الليل والنهار وقال يعقوب والفتيان وهما الليل والنهار أيضا وكذلك العصران وغيره يقول العصران الغداة والعشي وهو الأجود عندنا وزاد ابن الأعرابي ولا أفعله القرتين وأنشدنا ابن الأعرابي للصلتان العبدي في الفتيين ( ما لبث الفتيان أن عصفا بهم ** ولكل حصن يسرا مفتاحا ) وأنشد أيضا في العصرين ( ولا يلبث العصران يوم وليلة ** إذا طلبا أن يدركا ما تيمما ) ( وأنشد يعقوب في الملوين لابن مقبل ( ألا يا ديار الحي بالسبعان ** أمل عليها بالبلى الملوان ) وقال أبو زبد لا أفعل ذلك ما هدهد الحمام أي ما غرد وما خالفت درة جرة وما اختلفت الدرة والجرة واختلافهما أن الدرة تسفل إلى الرجلين والجرة تعلو إلى الرأس ولا آتيك حتى يبيض القار ولا آتيك سجيس الليالي وأنشد ابن الأعرابي ( ذخرت أبا عمرو ولقومك كلهم ** سجيس الليالي عندنا أكرم الذخر ) وقال أبو زيد ولا أفعل ذلك حتى يحن الضب في أثر الإبل الصادرة ولا أفعل ذلك أبد الأبيد وأبد الآبدين وأبد الأبدية وزاد اللحياني وأبدا الآباد وقال أبو زيد ويقال لا آتيك سن الحسل أي حتى يسقط فوه وهو لا يسقط أبد إنما أسنانه كالمئشار وأنشد ابن الأعرابي وغيره ( تسألني عن السنين كم لي ** فقلت لو عمرت عمر الحسل ) ( أو عمر نوح زمن الفطحل ** والصخر مبتل كطين الوحل ) وسألت أبا بكر بن دريد رحمه الله عن زمن الفطحل فقال تزعم العرب أنه زمان كانت فيه الحجارة رطبة وقال الأصمعي الحتار الوتر الذي يكون في القوس وحتار كل شيء وترته وهو حرفه ووترة كل شيء حرفه ووترة الأنف حرفه ويقال ما زال على وتيرة واحدة أي على طريقة واحدة والوتيرة حلقة يتعلم عليها الطعن وأنشد ( تباري قرحة مثل الوتيرة ** لم تكن مغدا ) قال أبو علي المغد النتف والوتيرة شيء مستطيل من الأرض ينقاد قال الهذلي ( فذاحت بالوتائر ثم بدت ** يديها عند جانبها تهيل ) وقال الأصمعي فذاحت أسرعت وبدت فرقت وحدثنا أبو بكر بن الأنباري عن أبيه عن أحمد بن عبيد قال قال أبو عمرو الشيباني داحت حفرت والوتيرة الفترة والتواني قاله أبو نصر وأنشد لزهير ( نجاء مجد ليس فيه وتيرة ** وتذبيبها عنه بأسحم مذود ) وقال أبو نصر سمعت من غير الأصمعي الوتائر ما بين الأصابع الواحدة وتيرة وقال الأصمعي الوتر الفرد وأهل الحجاز يفتحون الواو في الفرد ويكسرونها في الذحل ومن تحتهم من قيس وتميم يسوونهما في الكسر ويقولون في الفرد أوترت أوتر إيتارا وفي الذخل وترته فأنا أتره ترة وترا ويقال تواترت الإبل والقطا إذا جاءت بعضها خلف بعض ولم يجئن مصطفات وأنشد ( قرينة سبع أن تواترن مرة ** ضربن فصفت أرؤس وجنوب ) ومنه واتر كتبك والمواترة أن يجيء الشيء بعد الشيء وبينهما هنية فإن تتابعت فليست بمتواترة ويقال وترقوسه وأوترها وقرأت على أبي بكر بن دريد للنمر بن تولب ( أشلقتك أطلال دوارس من دعد ** خلاء مغانيها كحاشية البرد ) ( على أنها قالت عشية زرتها ** هبلت ألم ينبت لذا حلمه بعدي ) أشاقتك هيجتك وشوقتك والمغاني المنازل التي كانوا يغنون بها أي يقيمون بها واحدها مغنى وهبلت ثكلت والعرب يقول لأمك الهبل أي الثكل وقوله ألم ينبت لذا حلمه بعدي يعني ضرس حمله وهو أقصى الأضراس وآخرها نباتا وقال يعقوب يقال ساينته وفانيته وصاديته وداليته وراديته وهي المساناة والمفاناة والمصاداة والمدالاة والمراداة وهي المساهلة وأنشد للبيد ( وسانيت من ذى بهجة ورقيته ** عليه السموط عابس متغضب ) ( وفارقته والود بيني وبينه ** وحسن الثناء من وراء المغيب ) وأنشد إذا الله سنى عقد أمر تيسرا وأخبرنا الغالبي قال قال لنا ابن كيسان أبو الحسن أنشدني هذا البيت المبرد ( فلا تيأسا واستغور الله إنه ** إذا الله سنى عقد أمر تيسرا ) استغوراه سلاه الغيرة وهي الميرة أي سلاه الرزق وأنشد يعقوب لنصيب في المفاناة ( تقيمه تارة وتقعده ** كما يفاني الشموس قائدها ) وأنشد في المصاداة لمزرد ( ظللنا نصادى أمنا عن حميتها ** كأهل الشموس كلهم يتودد ) وقال العجاج في المدالاة ( يكاد ينسل من التصدير ** على مدالاتي والتوقير ) وقرأت على أبي بكر في المراداة لطفيل الغنوي ( يرادى على فأس اللجام كأنما ** يرادى به مرقاة جذع مشذب ) وقال غير يعقوب راديته وداريته واحد وقرأنا على أبي بكر بن دريد للغنوي ( ظللنا معا جارين نحترس الثأى ** يسائرني من نطفة وأسائره ) وصف سبعا نحترس الثأى أي كل واحد منا يخاف صاحبه أن يغدر به والثأى الفساد وأصله في الخزز وهو أن تنخرم الخرزتان فتصيرا واحدة فيتسع الثقب فيفسد ثم جعل مثلا لكل فساد ويسائرني من السؤر وهي البقية أي يرد قبلي فيشرب فيبقي لي وأرد قبله فأبقي له وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن العتبي عن أبيه عن هشام بن صالح عن سعيد قال حج عتبة سنة إحدى وأربعين والناس قريب عهدهم بفتنة فصلى بمكة الجمعة ثم قال أيها الناس أنا قد ولينا هذا المقام الذي يضاعف فيه للمحسن الأجر وعلى المسيء فيه الوزر ونحن على طريق ما قصدنا فلا تمدوا الأعناق إلى غيرنا فإنها تنقطع دوننا ورب ممتن حتفه في أمنيته فاقبلوا العافية ما قبلناها فيكم وقبلناها منكم وإياكم ولوا فانها أتعبت من كان قبلكم ولن تريح من بعدكم وأنا أسأل الله أن يعين كلا على كل فصاح به أعرابي أيها الخليفة فقال لست به ولم تبعد فقال يا أخاه فقال سمعت فقل فقال تا لله إن تحسنوا وقد أسأنا خير من أن تسيؤا وقد أحسنا وإن كان الإحسان لكم دوننا فما أحقكم باستتمامه وإن كان منا فما أولاكم بمكافأتنا رجل من بني عامر بن صعصعة يلقاكم بالعمومة ويقرب إليكم بالخؤلة قد كثره العيال ووطئه الزمان وبه فقر وفيه أجر وعنده شكر فقال عتبة أستغفر الله منكم وأستعينه عليكم قد أمرنا لك بغناك فليت اسرا عنا إليك يقوم بابطائنا عنك وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا العكلي قال حدثنا أحمد بن محمد المزني قال قال أبو جهم بن حذيفة لمعاوية نحن عندك يا أمير المؤمنين كما قال عبد المسيح لإبن عبد كلال ( نميل على جوانبه كأنا ** نميل إذا نميل على أبينا ) ( نقلبه لنخبر حالتيه ** فنخبر منهما كرما ولينا ) فأمر له بمائة ألف وحدثنا أبو بكر بن شقير النحوي في منزله في غلة صافي ونحن يومئذ نقرأ عليه كتب الواقدي في المغازي وكان يرويها عن أحمد بن عبيد عن الواقدي قال حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح قال كان أسيد بن عنقاء الفزاري ومن أكثر أهل زمانه وأشدهم عارضة ولسانا فطال عمره ونكبه دهره واختلت حالته فخرج عشية يتبقل لأهله فمر به عميلة الفزاري فسلم عليه وقال يا عم ما أصارك إلى ما أرى من حالك فقال بخل مثلك بماله وصوني وجهي عن مسألة الناس فقال والله لئن بقيت إلى غد لأغيرن ما أرى من حالك فرجع ابن عنقاء إلى أهله فأخبرها بما قال له عميلة فقالت له لقد غرك كلام غلام جنح ليل فكأنما ألقمت فاه حجرا فبات متململا بين رجاء ويأس فلما كان السحر سمع رغاء الإبل وثغاء الشاء وصهيل الخيل ولجب الأموال فقال ما هذا فقالوا هذا عميلة ساق إليك ماله قال فاستخرج ابن عنقاء ثم قسم ماله شطرين وساهمه عليه فأنشأ ابن عنقاء يقول ( رآني على ما بي عميلة فاشتكى ** إلى ماله حالى أسر كما جهر ) ( دعاني فآساني ولو ضن لم ألم ** على حين لا بد ويرجى ولا حضر ) ( فقلت له خيرا وأثنيت فعله ** وأوفاك ما أبليت من ذم أو شكر ) ( ولما رأى المجد استعيرت ثيابه ** تردى رداء سابغ لذيل وأتزر ) ( غلام رماه الله بالخير مقبلا ** له سيماء لاتشق على البصر ) ( كأن الثريا علقت فوق نحره ** وفي أنفه الشعرى وفي خده القمر ) ( إذا قيلت العوراء أغضى كأنه ** ذليل بلا ذل ولو شاء لانتصر ) وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي ( كريم يغض الطرف فضل حيائه ** ويدنو وأطراف الرماح دواني ) ( وكالسيف أن لا ينته لان متنه ** وحداه أن خاشنته خشنان ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد ( يشبهون ملوكا في تجلتهم ** وطول أنضية الأعناق والأمم ) ( إذا غد المسك يجري في مفارقهم ** راحوا كأنهم مرضى من الكرم ) وأنشدنا أبو بكر بن الانباري قال أنشدنا أحمد بن يحيى ( تخالهم للحلم صما عن الخنا ** وخرسا عن الفحشاء عند التهاتر ) ( ومرضى إذا لاقوا حياء وعفة ** وعند الحروب كالليوث الخوادر ) ( لهم ذل انصاف ولين تواضع ** بهم ولهم ذلت رقاب المعاشر ) ( كأن بهم وصما يخافون عاره ** وما وصمهم إلا اتقاء المقابر ) وأنشدنا أيضا عن أبي العباس ( أحلام عاد لا يخاف جليسهم ** إذا نطقوا العوراء غرب لسان ) ( إذا حدثوا لم تخش سوء استماعهم ** وأن حدثوا أدوا بحسن بيان ) وأنشدنا أيضا قال أنشدني أبي ( يصم عن الفحشاء حتى كأنه ** إذا ذكرت في مجلس القوم غائب ) ( له حاجب عن كل ما يصم الفتى ** وليس له عن طالب العرف حاجب ) وأنشدنا أيضا قال أنشدني أبي لبكر بن النطاح يمدح خربان بن عيسى قال وكان أبو عبيدة يقول لم أسمع لهؤلاء المحدثين مثل هذا ( لم ينقطع أحد إليك بوده ** إلا اتقته نوائب الحدثان ) ( كل السيوف يرى لسيفك هيبة ** وتخافك الأرواح في الأبدان ) ( قالت معد والقبائل كلها ** إن المنية في يدي خربان ) ( ملك إذا أخذ القناة بكفه ** وثقت بشدة ساعد و بنان ) وقرأت على أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه للأسدي ( ولائمة لامتك يا فيض في الندى ** فقلت لها هل يقدح اللوم في البحر ) ( أرادت لتثني الفيض عن عادة الندى ** ومن ذا الذي يثني السحاب عن القطر ) ( مواقع جود الفيض في كل بلدة ** مواقع ماء المزن في البلد القفر ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبيه عن يونس عن أبي عمرو بن العلاء قال لما توج النعمان واطمأن به سريره دخل عليه الناس وفيهم أعرابي فأنشأ يقول ( إذا سست قوما فاجعل الجود بينهم ** وبينك تأمن كل ما تتخوف ) ( فان كشفت عند الملمات عورة ** كفاك لباس الجود ما يتكشف ) فقال مقبول منك نصحك ممن أنت قال أنا رجل من جرم فأمر له بمائة ناقة وهي أول جائزة أجازها وقرأت على أبي بكر وأنشدناه أبو عبد الله نفطويه عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لقيس بن عاصم المنقري ( إني امرؤ لا يعتري حسبي ** دنس يفنده ولا أفن ) ( من منقر في بيت مكرمة ** والفرع ينبت حوله الغصن ) ( خطباء حين يقول قائلهم ** بيض الوجوه مصاقع لسن ) ( لا يفطنون لعيب جارهم ** وهم لحفظ جواره فطن ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي عبيدة للعرندس أحد بني بكر بن كلاب يمدح بني عمرو الغنويين قال وكان الأصمعي يقول هذا المحال كلابي يمدح غنويا ( هينون لينون أيسار ذو وكرم ** سواس مكرمة أبناء أيسار ) ( إن يسألوا الخير يعطوه وأن خبروا ** في الجهد أدرك منهم طيب أخبار ) ( فيهم ومنهم يعد الخير متلدا ** ولا يعد نثا خزي ولا عار ) ( لا ينطقون عن الأهواء أن نطقوا ** ولا يمارون أن ماروا بإكثار ) ( من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم ** مثل النجوم التي يسري بها الساري ) وقرأت عليه للنمر بن تولب ( ثم استمرت تريد الريح مصعدة ** نحو الجنوب فعزتها على الريح ) قوله تريد الريح يعني الطريدة تستقبل الريح أبدا وإنما تفعل ذلك لتبرد أجوافها باستقبال الريح وعزتها غلبتها يعني فرسه غلبت الطريدة والدليل على ذلك قوله قبل هذا البيت ( لقد غدوت بصهبى وهي ملهبة ** إلهابها كضرام النار في الشيح ) وصهبى اسم فرسه ثم قال ( جاءت لتسنحني يسرا فقلت لها ** على يمينك إني غير مسنوح ) جاءت يعني الطريدة لتسنحني أي لتمضي على يساري ثم قال ثم استمرت تريد الريح وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال بعض الحكماء إن مما سنحا بنفس العاقل عن الدنيا علمه بأن الأرزاق فيها لم تقسم على قدر الأخطار وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال حدثنا عمر بن شبة أبو زيد قال حدثنا الأصمعي قال حدثنا ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال قال عروة لبنيه يا بني لا يهدين أحدكم إلى ربه ما يستحي أن يهديه إلى حريمه فإن الله أكرم الكرماء وأحق من اختير له قال وكان يقول يا بني تعلموا العلم فأنكم أن تكونوا صغار قوم فعسى أن تكونوا كبراءهم واسوأتا ماذا أقبح من شيخ جاهل وكان يقول إذا رأيتم خلة رائعة من شر من رجل فاحذروه وان كان عند الناس رجل صدق فإن لها عنده أخوات وإذا رأيتم خلة رائعة من خير من رجل فلا تقطعوا إناتكم منه وان كان عند الناس رجل سوء فإن لها عنده أخوات وقال الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال وجد فى حكمة فارس انى وجدت الكرماء والعقلاء يبتغون إلى كل صلة ومعروف سببا ورأيت المودة بين الصالحين سريعا اتصالها بطيأ انقطاعها ككوب الذهب سريع الإعادة أن أصابه ثلم أوكسر ورأيت المودة بين الأشرار بطيأ اتصالها سريعا انقطاعها ككوب الفخار أن أصابه ثلم أو كسر فلا إعادة له ورأيت الكريم يحفظ الكريم على اللقاءة الواحدة ومعرفة اليوم ورأيت اللئيم لا يحفظ إلارغبة أو رهبة وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان عن العتبي عن أبيه عن هشام بن صالح عن سعد قال كنا بمصر فبلغنا أمور عن أهلها فصعد عتيبة المنبر مغضبا فقال أيا حاملين الأم أنوف ركبت بين أعين إنما قلمت أظفاري عنكم ليلين مسي إياكم وسألتكم صلاحكم لكم إذ كان فسادكم راجعا عليكم فأما إذ أبيتم إلا الطعن في الولاة والتنقص للسلف فوالله لأقطعن على ظهوركم بطون السياط فان حسمت داءكم وإلا فالسيف من ورائكم فكم من موعظة منا لكم مجتها قلوبكم وزجرة صمت عنها آذانكم ولست أبخل عليكم بالعقوبة إذ جدتم لنا بالمعصية ولا أويسكم من مراجعة الحسنى أن صرتم إلى التي هي أبر وأتقى وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم بن الأصمعي قال قال الأحنف بن قيس إن الله جعل أسعد عباده عنده وأرشدهم لديه وأحظاهم يوم القيامة أبذلهم للمعروف يدا وأكثرهم على الإخوان فضلا وأحسنهم له على ذلك شكرا وحدثنا أبو بكر بن الانباري رحمه الله قال حدثني أبي عن أحمد بن عبيد عن الزيادي عن المطلب بن المطلب بن أبي وداعة عن جده قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله تعالى عنه عند باب بني شيبة فمر رجل وهو يقول ( يا أيها الرجل المحول رحله ** ألا نزلت بآل عبد الدار ) ( هبلتك أمك لو نزلت برحلهم ** منعوك من عدم ومن إقتار ) قال فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال أهكذا قال الشاعر قال لا والذي بعثك بالحق لكنه قال ( يا أيها الرجل المحول رحله ** ألا نزلت بآل عبد مناف ) ( هبلتك أمك لو نزلت برحلهم ** منعوك من عدم ومن إقراف ) ( الخالطين فقيرهم بغنيهم ** حتى يعود فقيرهم كالكافي ) ( ويكللون جفانهم بسديفهم ** حتى تغيب الشمس في الرجاف ) ( منهم علي والنبي محمد ** القائلان هلم للاضياف ) قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هكذا سمعت الرواة ينشدونه وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي عن بعض موالي بني أمية قال خرج دواد بن سلم إلى حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية فلما قدم عليه قام غلمانه إلى متاعه فأدخلوه وحطوا عن راحلته فلما دخل أنشده ( ولما دفعت لأبوابهم ** ولاقيت حربا لقيت النجاحا ) ( وجدناه يحمده المعتفون ** ويأبى على العسر إلا سماحا ) ( ويغشون حتى ترى كلبهم ** يهاب الهرير وينسى النباحا ) فأمر له بجوائز كثيرة ثم استأذنه في الانصراف فأذن له وأعطاه ألف دينار فلما خرج من عنده وغلمانه جلوس لم يقم إليه أحد منهم ولم يعنه فظن أن حربا ساخط عليه فرجع إليه وقال أواجد أنت علي قال لا ولم ذلك فأخبره خبر الغلمان قال ارجع إليهم فسلهم فرجع إليهم فسألهم فقالوا إنا ننزل الضيف ولا نرحله فلما قدم المدينة سمع الغاضري بحديثه فأتاه فقال إني أحب أن أسمع هذا الحديث منك فحدثه فقال هو يهودي أو نصراني إن لم يكن فعل الغلمان أحسن من شعرك وقرأت على أبي بكر بن دريد للنمر بن تولب ( تضمنت أدواء العشيرة بينها ** وأنت على أعواد نعش تقلب ) قوله تضمنت أدواء العشيرة بينها أي ضمنت ما كان في العشيرة من داء أو فساد إذ كنت فيهم حيا وأنت اليوم على أعواد نعش وقال الأصمعي تضمنت أصلحت والمعنى عندي أنه كان يضمن دماء العشيرة فيصلح بينها وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا عبد الله ابن خلف قال حدثنا اسحق بن محمد النخعي قال حدثني محمد بن سهل قال حدثني المدائني قال امتدح أبو العتاهية عمر بن العلاء مولى عمرو بن حريث صاحب المهدي فأمر له بسبعين ألف درهم وأمر من حضره من خدمه وغلمانه أن يخلعوا عليه فخلعوا عليه حتى لم يقدر على القيام لما عليه من الثياب ثم إن جماعة من الشعراء كانوا بباب عمر فقال بعضهم با عجبا للأمير يعطي أبا العتاهية سبعين ألف درهم فبلغ ذلك عمر فقال علي بهم فأدخلوا عليه فقال ما أحسد بعضكم لبعض يا معشر الشعراء أن أحدكم يأتينا يريد مدحنا فيشبب في قصيدته بصديقته بخمسين بيتا فما يبلغنا حتى تذهب لذاذة مدحه ورونق شعره وقد أتانا أبو العتاهية فشبب ببيتين ثم قال ( إني أمنت من الزمان وريبه ** لما علقت من الأمير حبالا ) ( لو يستطيع الناس من إجلاله ** لحذوا له حر الوجوه نعالا ) ( ما كان هذا الجود حتى كنت يا ** عمرا ولو يوما تزول لزالا ) ( إن المطايا تشتكيك لأنها ** قطعت إليك سباسبا ورمالا ) ( فإذا أتين بنا أتين مخفة ** وإذا رجعن بنا رجعن ثقالا ) فقال له عمر حين مدحه أقم حتى أنظر في أمرك فأقام أياما ولم ير شيأ وكان عمر ينتظر مالا يجيء من وجه فأبطأ عليه فكتب إليه أبو العتاهية ( يا ابن العلاء ويا ابن القرم مرداس ** إني امتدحتك في صحبي وجلاسي ) ( أثني عليك ولي حال تكذبني ** فيما أقول فأستحي من الناس ) ( حتى إذا قيل ما أعطاك من صفد ** طأطأت من سوء حال عندها رأسي ) فقال عمر لحاجبه اكفنيه أياما فقال له الحاجب كلا ما دفعه به وقال له تنتظر فكتب إليه أبو العتاهية ( أصابت علينا جودك العين يا عمر ** فنحن لها نبغي التمائم والنشر ) ( أصابتك عين في سخائك صلبة ** ويا رب عين صلبة تفلق الحجر ) ( سنرقيك بالأشعار حتى تملها ** فإن لم تفق منها رقيناك بالسور ) قال فضحك عمر وقال لصاحب بيت ماله كم عندك قال سبعون ألف درهم قال ادفعها إليه ويقال إنه قال له اعذرني عنده ولا تدخله علي فأني أستحي منه قال أبو علي قال الأصمعي من أمثال العرب العبد من لا عبد له أي من لم يكن له عبد ولا كاف امتهن نفسه ويقال لو كويت على داء لم أكره أي لو عوتبت على ذنب ما امتعضت ويقال كمبتغي الصيد في عربسة الأسد يضرب مثلا للرجل يطلب الغنيمة في موضع الهلكة ويقال أجود من لافظة وأراد بلافظة البحر ويقال أجبن من صافر وأراد بصافر ما يصفر من الطير وإنما يوصف بالجبن لأنه ليس من سباعها وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الراجز ( قد علمت إن لم أجد معينا ** لأخلطن بالخلوق طينا ) يعني امرأته يقول قد علمت إن لم أجد معينا يعينني على سقيها سأستعين بها وأستعملها حتى يختلط ما عليها من الخلوق بالطين والماء وقال يعقوب بن السكيت يقال أخذه بأجمعه وأجمعه وأخذه بحذافيره وقال أبو عبيدة عن الكسائي أخذه بحذافيره وجذاميره وجزاميره وجراميزه وحكى عن أبي عبيدة بربانه بفتح الراء في معناها وعن الأصمعي بربانه أي بجميعه قال وقال الفراء أخذه بصنايته وسنايته مثله وقال يعقوب وأخذه بجلمته وقال لي أبو بكر بن الأنباري وبجلمته أيضا وقال يعقوب وأخذه بزغبره وقال لي أبو بكر بن الأنباري ويقال بزغبره وأظنني سمعت اللغتين جميعا من أبي بكر بن دريد وقال يعقوب وأخذه بزوبره وأنشد لابن أحمر ( وإن قال غاو من تنوخ قصيدة ** بها جرب عدت علي بزوبرا ) وقال أبو عبيدة وأخذه بزأبره وقال يعقوب وأخذه بصبرته وبأصباره وأخذه بزأبجه وبزأمجه وأخذه بأصيلته وأخذه بظليفته وأخذه مكهملا قال وحكى أبو صاعد أخذه بزوبرة وبأزمله كله أخذه جميعا وأخذه بربغه وبحداثته وبربانه قال أبو الحسن بن كيسان هذه الثلاثة معناها بأوله وابتدائه وأنشد لابن أحمر ( وإنما العيش بربانه ** وأنت من أفنانه مقتفر ) أخبرني بذلك الغالبي عن ابن كيسان وروى أبو عبيدة في بيت ابن أحمر وأنت من أفنانه معتصروقال أبو نصر وغيره عن الأصمعي إنه قال بربانه بحداثته وقال الأصمعي جلوت العروس أجلوها فهي مجلوة وجلوت المرآة أجلوها فهي مجلوة ومصدرهما جميعا جلاء ويقال أعط العروس جلوتها وقد جلاها زوجها وصيفة أي أعطاها حين سئل الجلوة وزوجها يجليها تجلية وجلى الطائر تجلية إذا أبصر الصيد من مكان بعيد وجل القوم يجلون جلولا وجلا القوم يجلون جلاء إذ اخرجوا من بلد إلى بلد ومنه قيل استعمل فلان على الجالة والجالية وهو أن يجعل على قوم خرجوا من بلد إلى بلد فالجالة من جللت والجالية من جلوت وجل البعر يجله جلا إذا التقطه والجلة البعر والإبل الجلالة التي تأكل الجلة ويقال خرج الاماء يجتللن أي يأخذن الجلة وأنشد لعمر بن لجأ يصف ناقة ( يحسب مجتل الاماء الحرم ** من هدب الضمران لم يحزم ) يحسب أي يكفي والمجتلة التي تلقط الجلة وقوله من هدب الضمران أي من بعر ابل رعت هدب الضمران فبعرت وذكر الضمران لأنه من أجود ما يرعى وقوله لم يحزم أي هو بعر منثور لم يحزم كما يحزم الضمران إذا احتطب وجل الرجل يجل جلة إذا عظم وغلظ وكذلك الصبي والعود وابل جلة أي مسنة وقد جلت إذا أسنت ومشيخة جلة أي مسان والواحد جليل والمجلة صحيفة كان يكتب فيها شيء من الحكم وأنشد بيت النابغة الذبياني ( مجلتهم ذات الإله ودينهم ** قويم فما يرجون غير العواقب ) ( قال أبو حاتم يروي مجلتهم ومحلتهم فمن روى مجلتهم أراد الصحيفة ومن روى محلتهم أراد بلادهم الشام والجلل الصغير اليسير والجليل العظيم وقال أبو نصر والجلل العظيم أيضا وقال أبو بكر بن الانباري وجدت في كتاب أبي عن أحمد بن عبيد عن أبي نصر كان الأصمعي يقول الجلل الصغير اليسير ولا يقول الجلل العظيم قال أبو علي قال الأصمعي لا يقال الجلال إلا في الله عز وجل وقال أبو حاتم وقد يقال وأنشد ( فلا ذا جلال هبنه لجلاله ** ولا ذا ضياع هن يتركن للفقر ) وجل كل شيء العظيم منه وقرأت على أبي بكر بن دريد في كتاب الأبواب للأصمعي فعلت ذك من جلل كذا وكذا أي من عظمه في صدري وقال أبو نصر فعلت ذاك لجللك وجلالك أي لعظمتك في صدري وأنشد الأصمعي لجميل ( رسم دار وقفت في طلله ** كدت أقضي الغداة من جلله ) ورويت من غير هذا الوجه تفسير من جلله من أجله ويقال فعلت ذاك من أجلك وجللك وجلالك وأنشد الأصمعي في جلالك ( وغيد نشاوى من كرى فوق شزب ** من الليل قد نبهتهم من جلالكا ) أي من أجلك والجلي الأمر العظيم وجمعها جلل والجليل الثمام واحدته جليلة أنشد الأصمعي ( إلا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** بواد وحولي إذ خر وجليل ) وذكر شيوخنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع بلال ينشد هذا البيت فقال حننت يا ابن السوداء ويقال هو ابن جلا أي المنكشف المشهور الأمر وأنشد الأصمعي ( أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ** متى أضع العمامة تعرفوني ) قال وابن أجلى مثله وأنشد للعجاج ( لا قوا به الحجاج والأصحارا ** به ابن أجلى وافق الأسفارا ) قال ولم أسمع بابن أجلى إلا في بيت العجاج وقوله لا قوا به أي بذلك المكان وقوله الاصحارا أي وجدوه مصحراو وجدوا به ابن أجلى كما نقول لقيت به الأسد أي كأني لقيت بلقائي إياه الأسد وقوله وافق الأسفار أي واضحا مثل الصبح وقال غيره عين جلية أي بصيرة قال أبو داود الأيادي ( بل تأمل وأنت أبصر مني ** قصددير السوى بعين جليه ) والجلية أيضا الأمر البين الواضح قال النابغة ( فآب مضلوه بعين جلية ** وغودر بالجولان حزم ونائل ) وقال الأصمعي والجلا انحسار الشعر من مقدم الرأس رجل أجلى وامرأة جلواء وقد جلى يجلى جلا مقصور وقرأت على أبي بكر بن دريد لبكر بن النطاح ( ولو خذلت أمواله جود كفه ** لقاسم من يرجوه شطر حياته ) ( ولو لم يجد في العمر قسما لزائر ** لجادله بالشطر من حسناته ) وأنشدني بعض أصحابنا لبكر بن النطاح ( وإذا بدا لك قاسم يوم الوغى ** يختال خلت أمامه قنديلا ) وإذا تعرض للعمود وليه ** خلت العمود بكفه منديلا ) ( قالوا وينظم فارسين بطعنة ** يوم اللقاء ولا يراه جليلا ) ( لا تعجبوا فلو أن طول قناته ** ميل إذا نظم الفوارس ميلا ) وأنشدني بعض أصحابنا له ( يا عصمة العرب التي لو لم تكن ** حيا إذا كانت بغير عماد ) ( إن العيون إذا رأتك حدادها ** رجعت من الإجلال غير حداد ) ( وإذا رميت الثغر منك بعزمة ** فتحت منه مواضع الأسداد ) ( فكأن رمحك منقع في عصفر ** وكأن سيفك سل من فرصاد ) ( لو صال من غضب أبو دلف على ** بيض السيوف لذبن في الأغماد ) ( أذكى وأوقد للعداوة والقرى ** نارين نار وغى ونار رماد ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لليلى الأخيلية وقال لي كان الأصمعي يرويها لحميد ابن ثور الهلالي قال أبو علي فكذا وجدته بخط ابن زكريا وراق الجاحظ في شعر حميد ( يا أيها السدم الملوي رأسه ** ليقود من أهل الحجاز بريما ) ( أتريد عمرو بن الخليع ودونه ** كعب إذا لوجدته مرؤما ) ( إن الخليع ورهطه في عامر ** كالقلب ألبس جؤجؤا وخريما ) ( لا تغزون الدهر آل مطرف ** لا ظالما أبدا ولا مظلوما ) ( قوم رباط الخيل وسط بيوتهم ** وأسنة زرق تخال نجوما ) ( ومخرق عنه القميص تخاله ** وسط البيوت من الحياء سقيما ) ( حتى إذا رفع اللواء رأيته ** تحت اللواء على الخميس زعيما ) ( لن تستطيع بأن تحول عزهم ** حتى تحول ذا الهضاب يسوما ) ( إن سالموك فدعهم من هذه ** وارقد كفى لك بالرقاد نعيما ) قال أبو علي البريم الخيط فيه سواد وبياض ويقال للقطيع من الغنم إذا كان فيه معز بريم وسألت أبا بكر بن دريد عن معنى قول المتنخل الهذلي ( عقوا بسهم فلم يشعر به أحد ** ثم استفاؤا وقالوا حبذا الوضح ) فقال يقال عقي بسهم إذا رمى به نحو السماء لا يريد به أحدا وإذا اجتمع الفريقان للقتال ثم بدا لأحد الفريقين وأرادوا الصلح رموا بسهم نحو السماء فعلم الفريق الثاني أنهم يريدون الصلح فتراسلوا في ذلك واستفاؤا رجعوا عما كانوا عليه وقالوا حبذا الوضح أي اللبن أي حبذا الإبل والغنم نأخذها في الدية كما قال الآخر ( ظفرت بهجمة سود وحمر ** تسر بما يساء به اللبيب ) أي فرحت بالدية وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الحسن بن خضر عن أبيه قال كتب الحسن بن سهل إلى محمد بن سماعة القاضي أما بعد فإني احتجت لبعض أموري إلى رجل جامع لخصال الخير ذي عفة ونزاهة طعمة قد هذبته الآداب وأحكمته التجارب ليس بظنين في رأيه ولا بمطعون في حسبه أن أؤتمن على الأسرار قام بها وإن قلدمهما من الأمور أجزأ فيه له سن مع أدب ولسان تقعده الرزانة ويسكنه الحلم قد فر عن ذكاء وفطنة وعض على قارحة من الكمال تكفيه اللحظة وترشده السكتة قد أبصر خدمة الملوك وأحكمها وقام في أمورهم فخمد فيها له أناة الوزراء وصولة الأمراء وتواضع العلماء وفهم الفقهاء وجواب الحكماء لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده يكاد يسترق قلوب الرجال بحلاوة لسانه وحسن بيانه دلائل الفضل عليه لائحة وأمارات العلم له شاهده مضطلعا بما استنهض مستقلا بما حمل وقد آثرتك بطلبه وحبوتك بارتياده ثقة بفضل اختيارك ومعرفة بحسن تأتيك فكتب إليه إني عازم أن أرغب إلى الله عز وجل حولا كاملا في ارتياد مثل هذه الصفة وأفرق الرسل الثقات في الآفاق لالتماسه وأرجو أن يمن الله بالإجابة فأفوز لديك بقضاء حاجتك والسلام وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال حدثت عن إسحق بن إبراهيم الموصلي قال وصف رجل رجلا فقال كان والله سمحا سحا يمر سهلا بينه وبين القلب نسب وبين الحياة سبب إنما هو عيادة مريض وتحفة قادم وواسطة قلادة قال أبو عبد الله وحدثنا أبو العباس قال وصف أعرابي رجلا فقال كان والله مطلول المحادثة ينبذ إليك الكلام على أدراجه كأن في كل ركن من أركانه قلبا يقد قال أبو علي يعني مستحدث الحديث وقال يعقوب بن السكيت يقال ما بالدار أحد وما بها دوي ودعوى وطهوى ودبي ولاعى قرو قال أبو علي وقال لى الغالبي قال لنا ابن كيسان دوي منسوب إلى الداوية وقال اللحياني دعوى من دعوت ودبي من دببت وزاد نمى من نمت الأصمعي يقال ما بالدار عريب قال أبو علي معناه معرب أي ما بها أحد قال عبيد ( فعردة فقفا حبر ** ليس بها منهم عريب ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس ( أميم أمنك الدار غيرها البلى ** وهيف بجولان التراب لعوب ) ( بسابس لم يصبح ولم يمس ثاويا ** بها بعد بين الحي منك عريب ) وما بها دبيج ودبيج فعيل من الدبج وهو النقش والتزييني وأصله فارسي مأخوذ من الديباج وأنشد ابن الأعرابي ( هل تعرف المنزل من ذات الهوج ** ليس بها من الأنيس دبيج ) وما بها دوري وقال اللحياني دوري ودؤري يهمز ولا يهمز قال أبو علي دوري منسوب إلى الدور فأما دؤري بالهمز فهو عندنا غلط وما بها طوري قال أبو علي منسوب إلى الطورة وفي بعض اللغات الطيرة وما بها وابر وما بها نافخ ضرمة وما بها صافر وما بها ديار وأنشد غيره لجرير ( وبلدة ليس بها ديار ** تنشق في مجهولها الأبصار ) وقال اللحياني وما بها أرم على فعل وقال أبو زيد ما بها أرم ولا أريم على فعيل وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري ( تلك القرون ورثنا الأرض بعدهم ** فما يحس عليها منهم ارم ) وقال ابن الأعرابي ما بها آرم على فاعل وما بها أيرمي وإرمى وقال اللحياني ما بها وابن ووابر وأنشد ابن الأعرابي ( يمينا أرى من آل زبان وابرا ** فيفلت مني دون منقطع الحبل ) وقال ابن الأعرابي وما بها أمر وقال الأصمعي والكسائي وما بها شفر وأنشدني ابن الأنباري ( فوالله لا تنفك منا عداوة ** ولا منهم ما دام من نسلنا شفر ) وقال اللحياني ما بها شفر ولا شفر وقال غيره ما بها طؤوي على مثال قولك طعوي وأم بها طوئي على مثال طوعي وأنشدني أبو بكر بن دريد وأبو بكر بن الأنباري للعجاج ( وبلدة ليس بها طوئي ** ولا خلا الجن بها إنسي ) وزاد اللحياني ما بها طاوي غير مهموز أبو زيد ما بها تأمور مهموز أي ما بها أحد ويقال ما في الركية تأمور يعني الماء وهو قياس على الأول الأصمعي ما بها كراب ولا كتيع أنشدني ابن الانباري ( أجد الحي فاحتملوا سراعا ** فما بالدار اذ ظعنوا كتيع ) ولا بها داري قال الأصمعي وأبو عمرو الداري الذي لا يبرح ولا يطلب معاشا قال الراجز ( لبث قليلا يلحق الداريون ** ذوو الجباب البدن المكفيون ) ( سوف ترى أن حضروا ما يغنون ** ) وحقيقته انه منسوب إلى الدار للزومه لها وحكى يعقوب عن غيرهم ما بها عين ولا عين وقال الأصمعي العين الجماعة وأنشد ( إذا راني واحدا أو في عين ** يعرفني أطرق إطراق الطحن ) والطحن دويبة تكون في الرمل مثل العظاءة وزاد أبو عبيد عن الفراء ما بها عائن وزاد اللحياني ما بها عائنة وقال غيره ما بها طارف ولا أنيس وقال اللحياني ما بها تامور ولا تومور وقال ابن الأعرابي ما بها عائرة عينين وقال غيره يقال أن له من المال عائرة عينين أي مال يعير فيه البصر ههنا وههنا من كثرته وقال أبو عبيدة عليه مال عائرة عين يقال هذا للكثير لأنه من كثرته يملأ العينين حتى يكاد يفقؤهما من كثرته وسألت أبا بكر عن معنى قول المتنخل ( لكن كبر بن هند يوم ذلكم ** فتخ الشمائل في أيمانهم روح ) فقال فتخ الشمائل مفتوخة الشمائل لأنهم قد أمسكوا بها الدرق وأصل الفتخ اللين والاسترخاء وقوله في إيمانهم روح أي تباعد عن الجنب لأنهم قد رفعوها بالسيوف وأمالوها للضرب وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه ( العهد عهدان فعهد امرئ ** يأنف أن يغدر أو ينقضا ) ( يرعى بظهر الغيب اخوانه ** حفظا ويستقبلهم بالرضا ) ( لو قابل السيف على حده ** في بعض ما فيه أخوه مضى ) ( وعهد ذي لونين ملالة ** يوشك إن ودك أن يبغضا ) ( ليس له صبر على صاحب ** إلا قليلا ريث أن يرفضا ) ( خلته مثل الخضاب الذي ** بينا تراه قانيا إذ نضا ) ( إن لم تزره قال قد ملني ** و ى بالحرى إن زرت أن يعرضا ) ( فان أسا يوما فعاتبته ** قال عفا ربك عما مضا ) ( ولن تراه الدهر في حالة ** الأعبوس الوجه قد حمضا ) قال أبو علي أنشدنا أبو بكر عن أبي حاتم ( وإن سعيد الجد من بات ليلة ** وأصبح لم يؤشب ببعض الكبائر ) ( فمولاك لا يهضم لديك فإنما ** هضيمة مولى المرء جدع المناخر ) ( وجارك لا يذممك إن مسبة ** على المرء في الأدنين ذم المجاور ) ( وإن قلت فاعلم ما تقول فأنه ** إلى سامع ممن يغادي وآثر ) ( فإنك لا تستطيع رد مقالة ** شأتك وزلت عن فكاهة فاغر ) ( كما ليس رام بعد إرسال سهمه ** على رده قبل الوقوع بقادر ) ( إذا أنت عاديت الرجال فلا تزل ** على حذر لا خير في غير حاذر ) ( ومن لا يصانع في أمور كثيرة ** يضرس بأنياب ويوطأ بحافر ) ( ترى المرء مخلوقا وللعين حظها ** وليس بأحناء الأمور بخابر ) ( فذاك كماء البحر لست مسيغه ** ويعجب منه ساجيا كل ناظر ) ( وتلقى الأصيل الفاضل الرأي جسمه ** إذا ما مشى في القوم ليس بقاهر ) ( كذلك جفن رث عن طول مكثه ** على حد مفتوق الغرارين باتر ) ( وعاش بعينيه لما لا يناله ** كساع برجليه لإدراك طائر ) ( ومستنزل حربا على غير ثروة ** كمقتحم في البحر ليس بماهر ) ( وملتمس ودا لمن لا يوده ** كمعتذر يوما إلى غير عاذر ) ( ومتخذ عذرا فعاد ملامة ** كوالي اليتامى مالهم غير وافر ) ( فسارع إذا سافرت في الحمد وأعلمن ** بأن ثناء الركب حظ المسافر ) ( وطاوعهم فيما أرادوا وقل لهم ** فدي للذي رمتم كلال الأباعر ) ( فإن كنت ذاحظ من المال فالتمس ** به الأجر وارفع ذكر أهل المقابر ) ( فإني رأيت المال يفنى وذكره ** كظل يقيك الظل حر الهواجر ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري ( سميت معنا بمعن ثم قلت له ** هذا سمي فتى في الناس محمود ) ( أنت الجواد ومنك الجود أوله ** فإن فقدت فما جود بموجود ) ( من نور وجهك تضحي الأرض مشرقة ** ومن بنانك يجري الماء في العود ) ( أضحت يمينك من جود مصورة ** لا بل يمينك منها صورة الجود ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال ولى جعفر بن سليمان أعرابيا بعض مياههم فخطبهم يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الدنيا دار بلاغ والآخرة دار قرار فخذوا والمقركم من ممركم ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم ففيها حييتم ولغيرها خلقتم أن الرجل إذا هلك قال الناس ما ترك وقالت الملائكة ما قدم فالله آباؤكم قدموا بعضا يكن لكم قرضا ولا تخلفوا كلا لكن عليكم كلا أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قلت لأعرابي ما تقول في المراء قال ما عسى أن أقول في شيء يفسد الصداقة القديمة ويحل العقدة الوثيقة أقل ما فيه أن يكون دربة للمغالبة والمغالبة من أمتن أسباب الفتنة وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو والحسن بن خضر عن حماد بن اسحق الموصلي قال سمعت أبي يقول قال رجل من العجم لملك كان في دهره أوصيك بأربع خلال ترضي بهن ربك وتصلح بهن رعيتك لا يغرنك إرتقاء السهل إذا كان المنحدر وعرا ولا تعدن عدة ليس في يدك وفاؤها وأعلم أن لله نقمات فكن على حذر وأعلم أن للأعمال جزاء فاتق العواقب وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر ( وعازب قد علا التهويل جنبته ** لا تنفع النعل في رقراقه الحافي ) ( باكرته قبل أن تلغى عصافره ** مستخفيا صاحبي وغيره الخافي ) عازب بعيد لا يأتيه أحد والتهاويل الألوان المختلفة من الحمرة والشقرة والصفرة والجنبة ضرب من النبات وقوله لا تنفع النعل يقول لا تنفعه النعل من كثرة نداه ورقراقه ما ترقرق منه وتلغى تصيح وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير بن بكار قال كان هارون الرشيد كثيرا ما يستنشد أبي لعبد الله بن مصعب ( وإني وإن أقصرت عن غير بغضة ** لراع لأسباب المودة حافظ ) ( وما زال يدعوني إلى الصرم ما أرى ** فآبى وتثنيني عليك الحفائظ ) ( وأنتظر الإقبال بالود منكم ** وأصبر حتى أوجعتني المغايظ ) ( وأنتظر العتبى وأغضى على القذى ** ألاين طورا مرة وأغالظ ) ( وجربت ما يسلى المحب عن الصبا ** فأقصرت والتجريب للمرء واعظ ) وأنشدني أبو يعقوب وراق أبي بكر بن دريد قال أنشدني أحمد بن عبيد الجوهري قال أنشدت لمخلد الموصلي ( أقول لنضو أنفذ السيرنيها ** فلم يبق منها غير عظم مجلد ) ( خذي بي ابتلاك الله بالشوق والهوى ** وشاقك تحنان الحمام المغرد ) ( فمرت حذارا خوف دعوة عاشق ** تشق بي الظلماء في كل فدفد ) ( فلما ونت في السير ثنيت دعوتي ** فكانت لها سوطا إلى ضحوة الغد ) وقرأت على أبي بكر بن دريد قصيرة ذي الإصبع العدواني واسمه حرثان بن محرب وأملاها علينا الأخفش وأولها في الروايتين ولي ابن عم على ما كان من خلق وقرأنا على أبي بكر بن الأنباري فزادنا عن أبيه عن أحمد بن عبيد قبل هذا البيت الأول أبياتا أولها ( يا من لقلب طويل البث محزون ** أمسى تذكر ريا أم هارون ) ( أمسى تذكرها من بعد ما شحطت ** والدهر ذو غلظة حينا وذو لين ) ( فان يكن حبها أمسى لنا شجنا ** وأصبح الوأى منها لا يواتينى ) ( فقد غنينا وشمل الدار يجمعنا ** أطيع ريا و ريا لا تعاصينى ) ( نرمي الوشاة فلا نخطي مقاتلهم ** بصادق من صفاء الود مكنون ) ( ولى ابن عم على ما كان من خلق ** مختلفان فأقليه ويقليني ) ( أزرى بنا أننا شالت نعامتنا ** فخالني دونه بل خلته دوني ) ( لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ** عني ولا أنت دياني فتخزوني ) ( ولا تقوت عيالي يوم مسغبة ** ولا بنفسك في العزاء تكفيني ) ( فإن ترد عرض الدنيا بمنقصتي ** فإن ذلك مما ليس يشجيني ) ( ولا يرى في غير الصبر منقصة ** وما سواه فإن الله يكفيني ) ( لولا أواصر قربى لست تحفظها ** ورهبة الله في مولى يعاديني ) ( إذا بريتك بريا لا انجبار له ** إني رأيتك لا تنفك تبريني ) ( إن الذي يقبض الدنيا ويبسطها ** إن كان أغناك عني سوف يغنيني ) ( ألله يعلمني والله يعلمكم ** والله يجزيكم عني ويجزيني ) ( ماذا على وان كنتم ذوي رحمي ** أن لا أحبكم إذ لم تحبوني ) ( لو تشربون دمي لم يرو شاربكم ** ولا دماؤكم جمعا ترويني ) ( ولي ابن عم لو أن الناس في كبد ** لظل محتجرا بالنبل يرميني ) ( يا عمرو وإن لا تدع شتمي ومنقصتي ** أضربك حيث تقول الهامة اسقوني ) ( عنى إليك فما أمي براعية ** ترعى المخاض ولا رأيى بمغبون ) ( إني أبي أبي ذو محافظة ** وابن أبى أبى من أبيين ) ( لا يخرج القسر مني غير مأبية ** ولا ألين لمن لا يبتغي ليني ) ( عف ندود إذا ما خفت من بلد ** هونا فلست بوقاف على الهون ) ( كل امرئ صائر يوما لشيمته ** وإن تخلق أخلاقا إلى حين ) ( والله لو كرهت كفى مصاحبتي ** لقلت إذ كرهت قربي لها بيني ) ( إني لعمرك ما بابي بذي غلق ** عن الصديق ولا خيري بممنون ) ( وما لساني على الأدنى بمنطلق ** بالمنكرات ولا فتكي بمأمون ) ( عندي خلائق أقوام ذوي حسب ** وآخرين كثير كلهم دوني ) ( وأنتم معشر زيد على مائة ** فأجمعوا أمركم طرا فكيدوني ) ( فإن علمتم سبيل الرشد فانطلقوا ** وإن جهلتم سبيل الرشد فأتوني ) ( يا رب ثوب حواشيه كأوسطه ** لا عيب في الثوب من حسن ومن لين ) ( يوما شددت على فرغاء فاهقة ** طورا من الدهر تارات تماريني ) ( قد كنت أعطيكم ما لي وأمنحكم ** ودي على مثبت في الصدر مكنون ) ( يا رب حي شديد الشغب ذي لجب ** دعوتهم راهن منهم ومرهون ) ( رددت باطلهم في رأس قائلهم ** حتى يظلوا جميعا ذا أفانين ) ( يا عمرو لو لنت لي ألفيتني يسرا ** سمحا كريما أجازي من يجازيني ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال قال معاوية لصعصعة بن صوحان صف لي الناس فقال خلق الناس أخيافا فطائفة للعبادة وطائفة للتجارة وطائفة خطباء وطائفة للبأس والنجدة ورجرجة فيما بين ذلك يكدرون الماء ويغلون السعر ويضيقون الطريق قال أبو علي الرجرجة شرار الناس ورذالهم وأصل الرجرجة الماء الذي قد خالطه لعاب وجمعه رجارج قال هميان بن قحافة ( فأسأرب في الحوض حضجا حاضجا ** قد عاد من أنفاسها رجارجا ) وقال اللحياني الرجرج اللعاب قال ابن مقبل ( كاد اللعاع من الحوذان يسحطها ** ورجرج بين لحييها خناطيل ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال كان قيس بن رفاعة يفد سنة إلى النعمان اللخمي بالعراق وسنة إلى الحرث بن أبي شمر الغساني بالشام فقال له يوما وهو عنده يا ابن رفاعة بلغني أنك تفضل النعمان علي قال وكيف افضله عليك أبيت اللعن فوالله لقفاك أحسن من وجهه ولأمك أشرف من أبيه ولأبوك أشرف من جميع قومه ولشمالك أجود من يمينه ولحرمانك أنفع من نداه ولقليلك أكثر من كثيره ولثمادك أغزر من غديره ولكرسيك أرفع من سريره ولجدولك اغمر من بحوره وليومك أفضل من شهوره ولشهرك أمد من حوله ولحولك خير من حقبه ولزندك أورى من زنده ولجندك أعز من جنده وإنك لمن غسان أرباب الملوك وإنه لمن لخم الكثيري النوك فكيف أفضله عليك وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال حدثني عبد الله بن شبيب قال حدثني عبد الرحمن بن عبد الله الزهري قال قال معاوية لقد وضعت رجلي في الركاب يوم صفين غير مرة فما يمنعني من الانهزام إلا أبيات ابن الأطنابة ( أبت لى عفتي وأبى بلائي ** وأخذي الحمد بالثمن الربيح ) ( وإعطائي على الإعدام مالي ** وضربي هامة البطل المشيح ) ( وقولي كلما جشأت وجاشت ** رويدك تحمدي أو تستريحي ) ( لأدفع عن مآثر صالحات ** وأحمي بعد عن عرض صحيح ) قال أبو علي المشيح المبادر المنكمش ويقال بطل مشيح أي حامل وقال الأصمعي شايحت في لغة تميم وقيس حاذرت وفي لغة هذيل جددت في الأمر وحدثنا أبو بكر عن أبي حاتم عن أبي زيد عن المفضل الضبي قال كنت مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن صاحب أبي جعفر في اليوم الذي قتل فيه فلما رأى البياض يقل والسواد يكثر قال لي يا مفضل أنشدني شيأيهون علي بعض ما أرى فأنشدته ( إلا أيها الناهي فزارة بعدما ** أجدت لغز وإنما أنت حالم ) ( أرى كل ذي تبل يبيت بهمه ** ويمنع منه النوم إذا أنت نائم ) ( قعوا وقعة من يحي لم يخز بعدها ** وإن يخترم لم تتبعه الملاوم ) قال فرأيته يتطالل على سرجه ثم حمل حملة كانت آخر العهد به وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه لأبي سعيد المخزومي ( من لي برد الصبا واللهو والغزل ** هيهات ما فات من أيامك الأول ) ( طوى الجديدان ما قد كنت أنشره ** وأنكرتني ذوات الأعين النجل ) ( وقد نهاني النهى عنها وأدبني ** فلست أبكي على رسم ولا طلل ) ( ما لي وللدمنة البوغاء أندبها ** وللمنازل من خوف ومن ملل ) ( متى ينال الفتى اليقظان همته ** إذ المقام بدار اللهو والغزل ) ( في الخيل والخافقات السود لي شغل ** ليس الصبابة والصهباء من شغلى ) ( ما كان لي أمل في غير مكرمة ** والنفس مقرونة بالحرص والأمل ) ( ذنبي إلى الخيل كرى في جوانبها ** إذا مشى الليث فيها مشى مختبل ) ( ولي من الفيلق الجأواء غمرتها ** إذا تقحمها الأبطال بالحيل ) ( كم جأنب خشن صبحت عارضه ** بعارض للمنايا مسبل هطل ) ( وغمرة خضت أعلاها وأسفلها ** بالضرب والطعن بين البيض والأسل ) ( سل الجرادة عني يوم تحملني ** هل فاتني بطل أو خمت عن بطل ) ( وهل شآني إلى الغايات سابقها ** وهل فزعت إلى غير القنا الذبل ) ( ما لي أرى ذمتي يستمطرون دمى ** ألست أولاهم بالقول والعمل ) ( كيف السبيل إلى ورد خبعثنة ** طلائع الموت في أنيابه العصل ) ( وما يريدون لولا الحين من أسد ** بالليل مشتمل بالجمر مكتحل ) ( لا يشرب الماء إلا من قليب دم ** ولا يبيت له جار على وجل ) ( لولا الإمام ولولا حق طاعته ** لقد شربت دما أحلى من العسل ) وقرأت على أبي بكر بن دريد للفند الزماني واسمه سهل بن شيبان ( صفحنا عن بني ذهل ** وقلنا القوم إخوان ) ( عسى الأيام أن يرجعن قوما كالذي كانوا ** ) ( فلما صرح الشر ** فأمسى وهو عريان ) ( ولم يبق سوى العدوان ** دناهم كما دانوا ) ( مشينا مشية الليث ** غدا والليث غضبان ) قال أبو علي يروي عدا وغدا بالعين والغين ويروي شددنا شدة الليث فمن روى شددنا فالأجود عدا بالعين غير المعجمة ومن روى مشينا فالأجود غدا بالغين المعجمة ( بضرب فيه توهين ** وتخضيع وإقران ) وأنشدنا أبو بكر عن أبيه عن أبي رسم مستملي يعقوب هذا البيت ( بضرب فيه تأييم ** وتفجيع وإرنان ) ( وطعن كفم الزق ** غدا والزق ملآن ) ( وفي الشر نجاة حين ** لا ينجيك إحسان ) ( وبعض الحلم عند الجهل ** للذلة إذعان ) وقرأت عليه لأبي الغول الطهوي وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه إلى آخر بيت فيه ( فدت نفسي وما ملكت يميني ** فوارس صدقوا فيهم ظنوني ) ( فوارس لا يملون المنايا ** إذا دارت رحى الحرب الزبون ) ( ولا يجزون من حسن بسئ ** ولا يجزون من غلظ بلين ) ( ولا تبلى بسالتهم وإن هم ** صلوا بالحرب حينا بعد حين ) ( هم منعوا حمى الوقبى بضرب ** يؤلف بين أشتات المنون ) ( فنكب عنهم درء الأعادي ** وداووا بالجنون من الجنون ) ( ولا يرعون أكناف الهوينا ** إذا حلوا ولا روض الهدون ) وحدثني أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال رأيت رجلا بالجفر من بني العنبر به لوثة بل هوج ظاهر أحفظ خلق الله للشعر وكان إذا قال له قائل أنشدنا تنمر له وشتمه وإذا أنشد وحدث اندفق منه ثبج بحر مع فصاحة وحسن انشاد فأنشدني يوما من غير أن أستنشده فدت نفسي وما ملكت يميني الأبيات كلها وحدثنا أبو بكر عن أبي حاتم قال لم يرث أحد قتيلا قتله قومه إلا قيس بن زهير فإنه رثى حذيفة بن بدر وبنو عبس تولت قتله ( ألم تر أن خير الناس أضحى ** على جفر الهباءة ما يريم ) ( ولولا بغيه ما زلت أبكي ** عليه الدهر ما بدت النجوم ) ( ولكن الفتى حمل بن بدر ** بغى والبغي مرتعه وخيم ) ( أظن الحلم دل علي قومي ** وقد يستجهل الرجل الحليم ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال نزلت على امرأة من بني عامر بن صعصعة وقد مات ابن لها وهي من القلق على مثل الرضفة فقامت تعالج لى طعاما فقلت لها يا هذه إنك لفي شغل عن هذا فقالت والله لا تجوز بيتي إلا مقريا ولكن أنشدني أبياتا أسلو بهن فإني أراك لو ذعيا فأنشدتها أبيات نويرة بن حصين المازني يرثي ابنه ( إني أرى للشامتين تجلدي ** وإني كالطاوي الجناح على كسر ) ( يرى واقعا لم يدر ما تحت ريشه ** وإن ناء لم يسطع نهوضا إلى وكر ) ( فلولا سرور الشامتين بكبوتي ** لما رقأت عيناي من واكف يجري ) ( على من كفاني والعشيرة كلها ** نوائب ريب الدهر في عثرة الدهر ) ( ومن كانت الجارات تأمن ليله ** إذا خفن من باتت غوائله تسري ) ( بصير بما فيه لهن حصانة ** غبي عن المحجوب بالباب والستر ) ( يكف أذاه بعد ما بذل عرفه ** ويحلم حلما لا يذم ولا يزرى ) ( ويأخذ ممن رام بالهصر هيضه ** إذا ما أراد الأخذ بالهصر والقسر ) ( ولا ينظر الأيسار أن نال يسره ** ولا ينثني عن فعل خير لدي العسر ) ( ولا يتأرى للعواقب أن رأي ** له فرصة يشفى بها وحر الصدر ) ( ولكنه ركاب كل عظيمة ** يضيق بها صدر الحسود على الأمر ) ( ولست وإن خبرت أن قد سليته ** بناس أبا سوداء إلا على ذكر ) ( شمائل منه طيبات يعدنني ** وأخلاق محمود لدى الزاد والقدر ) ( فتى شعشع يروي السنان بكفه ** ويجمع للمولى العطاء مع النصر ) قال فكأني والله زبرت الأبيات في صدرها فما زالت تنشدها وتصلح طعامي حتى قرتني ورحت من عندها وقرأت على أبي بكر لقيس بن زهير ( شفيت النفس من حمل بن بدر ** وسيفي من حذيفة قد شفاني ) ( فإن أك قد بردت بهم غليلي ** فلم أقطع بهم إلا بناني ) وقال وقرأت عليه للحرث بن وعلة الجرمي ( قومي هم قتلوا أميم أخي ** فإذا رميت يصيبني سهمي ) ( فلئن عفوت لأعفون جللا ** ولئن سطوت لأوهنن عظمي ) ( لا تأمنن قوما ظلمتهم ** وبدأتهم بالشغم والرغم ) ( أن يأبروا نخلا لغيرهم ** والشيء تحقره وقد ينمي ) ( وزعمتم أن لا حلوم لنا ** إن العصا قرعت لذي الحلم ) ( ووطئتنا وطأ على حنق ** وطء المقيد نابت الهرم ) ( وتركتنا لحما على وضم ** لو كنت تستبقي من اللحم ) وقرأت عليه لأعرابي قتل أخوه أبنه فقدم إليه ليقتاد منه فألقى السيف من يده وهو يقول ( أقول للنفس تأساء وتعزية ** إحدى يدي أصابتني ولم ترد ) ( كلاهما خلف من فقد صاحبه ** هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي ) وأملاهما علينا نفطويه وأنشدنا أبو بكر عن أبي عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة لهشام أخي ذي الرمة ( تعزيت عن أوفى بغيلان بعده ** عزاء وجفن العين ملأن مترع ) ( نعى الركب أوفى حين وافت ركابهم ** لعمري لقد جاؤا بشر وأوجعوا ) ( نعوا باسق الأخلاق لا يخلفونه ** تكاد الجبال الصم منه تصدع ) ( خوى المسجد المعمور بعد ابن دلهم ** وأمسى بأوفي قومه قد تضعضعوا ) ( فلم ينسني أوفى المصبيات بعده ** ولكن نكء القرح بالقرح أوجع ) قال أبو علي قال أبو نصر يقال كان ذلك في غرارتي وحدثتي أي في غرتي وعيش غريرا إذا كان لا يفزع أهله وامرأة غريرة إذا لم تجرب الأمور ورجل غرو امرأة غر إذا كانا غير مجربين للأمور ويقال ما غرك بفلان أي كيف اجترأت عليه قال الله عز وجل { ما غرك بربك الكريم } ويقال من غرك من فلان أي من أوطأك عشوة وفي عشوة ثلاث لغات يقال عشوة وعشوة وعشوة ويقال أنا غريرك من فلان أي لن يأتيك منه ما تغتر به كأنه قال أنا القيم لك بذاك ويقال أتانا على غرار وغشاش أي على عجلة ويقال ما نومه إلا غرار أي قليل ويقال غارت الناقة تغار غرارا إذا رفعت لبنها والغرور مكاسر الجلد واحدها غر قال دكين بن رجاء الفقيمي ( كأن غرمتنه إذ تجنبه ** سير صناع في خريز تكلبه ) يعني أن تثني الشعرة أو الليفة ثم تدخل السير في ثني الشعرة المثنية ثم تجذبه فتخرج السير مع الشعرة وزعموا أن رؤبة بن العجاج اشترى ثوبا من بزاز فلما استوجبه قال اطوه على غره أي على كسورطيه ويقال ضرب نصله على غرار واحد أي على مثال واحد قال الهذلي ( سديد العير لم يدحض عليه الغرار ** فقدحه زعل دروج ) ويقال ليت هذا اليوم غرار شهر في الطول أي مثال شهر في الطول والغرار أن ما عن يمين النضل وشماله وغرار السيف حده قال الأصمعي يقال بنى بنو فلان بيوتهم على غرار واحد أي على سطر واحد ويقال غر الطائر فرخه يغره غرا إذا زقه وقرأت على أبي بكر للشماخ ( ولما رأيت الأمر عرش هوية ** تسليت حاجات الفؤاد بشمرا ) قوله ولما رأيت الأمر عرش هوية مثل والعرش الخشب الذي يطوى به أعلى البئر قال أبو زيد البئر المعروشة التي طويت قدر قامة من أسفلها بالحجارة ثم طوى سائرها بالخشب وحده وذلك الخشب هو العرش قال الأصمعي المعروشة المطوية بالخشب والساقي إذا قام على العرش فهو على خطر أن زلق وقع في البئر والهوية البئر يقول لما رأيت الأمر شديدا ركبت شمر وشمر اسم ناقته وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد المهلبي قال قيل للهلب إن فلانا عين للخوارج في عسكرك وإنه يتكفن بالسلاح إذا دعوا للحرب ليغتالك ويلحق بالخوارج فبعث إليه فأتي به فقال له قد تقرر عندنا كيدك لنا ولم نقدم من أمرك على ما عزمنا عليه إلا بعد ما لم يدع اليقين للشك معترضا فاختر أي قتلة تحب أن أقتلك فقال سيف مجهز أو عطفة كريم محتقر لضغن ذوي الضغائن قال فإنها عطفة كريم محتقر للذنوب فخلى سبيله فكان بعد ذلك من أوثق أصحابه عنده وحدثنا أيضا قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد قال أوفد المهلب كعب بن معدان الأشعري حين هزم عبد ربه الأصغر وأجلى قطريا حتى أخرجه من كرمان نحو أرض خراسان فقال له الحجاج كيف كانت محاربة المهلب للقوم قال كان إذا وجد الفرصة سار كما يسور الليث وإذا دهمته الطحمة راغ كما يروغ الثعلب وإذا ماده القوم صبر صبر الدهر قال وكيف كان فيكم قال كان لنا منه اشفاق الوالد الحدب وله منا طاعة الولد البر قال فكيف أفلتكم قطري قال كادنا ببعض ما كدناه به والأجل أحصن جنة وأنفذ عدة قال فكيف اتبعتم عبد ربه وتركتموه قال آثرنا الحد على الفل وكانت سلامة الجند أحب إلينا من شجب العدو فقال له الحجاج أكنت أعددت هذا الجواب قبل لقائي قال لا يعلم الغيب إلا الله وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم قال أتيت أبا عبيدة ومعي شعر عروة بن الورد فقال لي ما معك فقلت شعر عروة فقال فارغ حمل شعر فقير ليقرأه على فقير فقلت له ما معي غيره فأنشدني أنت ما شئت فأنشدني ( يا رب ظل عقاب قد وقيت بها ** مهري من الشمس والأبطال تجتلد ) ( ورب يوم حمى أرعيت عقوته ** خيلي اقتصارا وأطراف القناقصد ) ( ويوم لهو لأهل الخفض ظل به ** لهوى اصطلاء الوغى وناره تقد ) ( مشهرا موقفي والحرب كاشفة ** عنها القناع وبحر الموت يطرد ) ( ورب هاجرة تغلي مراجلها ** مخرتها بمطايا غارة تخد ) ( تجتاب أودية الأفزاع آمنة ** كأنها أسد تقتادها أسد ) ( فإن أمت حتف أنفي لا أمت كمدا ** على الطعان وقصر العاجز الكمد ) ( ولم أقل لم أساق الموت شاربه ** في كأسه والمنايا شرع ورد ) ثم قال هذا الشعر لا ما تعللون به أنفسكم من أشعار المخانيث قال أبو بكر والشعر لقطري ابن الفجاءة وحدثنا قال حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد عن المفضل الضبي قال دخلت على المهدي فقال لي قبل أن أجلس أنشدني أربعة أبيات لا تزد عليهن وعنده عبد الله ابن مالك الخزاعي فأنشدته ( وأشعث قدقد الشفار قميصه ** يجر شواء بالعصا غير منضج ) ( دعوت إلى ما نابني فأجابني ** كريم من الفتيان غير مزلج ) ( فتي يملأ الشيزى ويروى سنانه ** ويضرب في رأس الكمي المدجج ) ( فتي ليس بالراضي بأدنى معيشة ** ولا في بيوت الحي بالمتولج ) فقال المهدي هو هذا وأشار إلى عبد الله بن مالك فلما انصرفت بعث إلي بألف دينار وبعث إلي عبد الله بأربعة آلاف درهم وقرأت على أبي بكر لعبد الرحمن بن زيد ( يؤسى عن زيادة كل حي ** خلي ما تأوبه الهموم ) ( فلو كنت القتيل وكان حيا ** لطالب لا ألف ولا سؤم ) ( ولا هيابة بالليل نكس ** ولا ضرع إذا أمسى نؤوم ) ( وكيف تجلد الأقوام عنه ** ولم يقتل به الثار المنيم ) ( غشوم حين يبصر مستقاد ** وخير الطالبي الترة الغشوم ) وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر مستملي أبي العباس محمد بن يزيد قال أنشدنا الزبير لأبي الهيذام المرى في أخيه ( سأبكيك بالبيض الرقاق وبالفنا ** فإن بها ما يدرك الماجد الوترا ) ( ولست كمن يبكي أخاه بعبرة ** يعصرها من جفن مقتله عصرا ) ( وإنا أناس ما تفيض دموعنا ** على هالك منا وإن قصم الظهرا ) وأنشدنا أبو بكر بن الانباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ( ولقد رأيت مطية معكوسة ** تمشي بكلكلها وتزجيها الصبا ) ( ولقد رأيت سبيئة من أرضها ** تسبى القلوب وما تنيب إلى هوى ) ( ولقد رأيت الخيل أو أشباهها ** تثنى معطفة إذا ما تجتلى ) ( ولقد رأيت جواريا بمفازة ** تجري بغير قوائم عند الجرا ) ( ولقد رأيت غضيضة هركولة ** رود الشباب غريرة عادت فتى ) ( ولقد رأيت مكفرا ذا نعمة ** جهدوه بالأعمال حتى قد ونى ) قال أبو العباس المطية المعكوسة سفينة والسبيئة من أرضها خمر والخيل أو أشباهها عنى بها تصاوير في وسائد وجواريا بمفازة عني بهن السراب والغضيضة الهركولة امرأة وعادت من العيادة ومكفر إذا نعمة عنى به السيف وأنشدنا أبو بكر بن السراج لعلي بن العباس الرومي ( خجلت خدود الورد من تفضيله ** خجلا توردها عليه شاهد ) ( لم يخجل الورد المورد لونه ** إلا وناحله الفضيلة عاند ) ( للنرجس الفضل المبين وإن أبى ** آب وحاد عن الطريقة حائد ) ( فصل القضية أن هذا قائد ** زهر الرياض وأن هذا طارد ) ( شتان بين اثنين هذا موعد ** بتسلب الدنيا وهذا واعد ) ( وإذا احتفظت به فأمتع صاحب ** بحياته لو أن حيا خالد ) ( ينهى النديم عن القبيح بلحظه ** وعلى المدامة والسماع مساعد ) ( أطلب بعيشك في الملاح سميه ** أبدا فإنك لا محالة واجد ) ( والورد أن فتشت فرد في اسمه ** ما في الملاح له سمي واحد ) ( هذي النجوم هي التي ربتهما ** بحيا السحاب كما يربي الوالد ) ( فتأمل الأخوين من أدناهما ** شبها بوالده فذاك الماجد ) ( أين الخدود من العيون نفاسة ** ورياسة لولا القياس الفاسد ) وأنشدني أبو المياس قال أنشدني الأخيطل لنفسه بواسط ( سقيا لأرض إذا ما شئت نبهني ** بعد الهدوء بها قرع النواقيس ) ( كأن سوسنها في كل شارقة ** على الميادين أذناب الطواويس ) وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال أنشدنا الزبير ( نجوم وأقمار من الزهر طلع ** لذي اللهو في أكنافها متمتع ) ( نشاوى تثنيها الرياح فتنثني ** ويلثم بعض بعضها ثم ترجع ) ( كأن عليها من مجاجة ظلها ** لآلئ إلا أنها هي ألمع ) ( ويحدرها عنها الصبا فكأنها ** دموع مراها البين والبين يفجع ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن سعيد بن مسعدة الأخفش قال اعتذر رجل من العرب إلى بعض ملوكهم فقال إن زلني وإن كانت قد أحاطت بحرمتي فإن فضلك يحيط بها وكرمك يوفي عليها ثم قال ( إني إليك سلمت كانت رحلتي ** أرجو الإله وصفحك المبذولا ) ( إن كان ذنبي قد أحاط بحرمتي ** فأحط بذنبي عفوك المأمولا ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان قال حدثنا أبو قلابة الجرمي قال تخلفت عن حلقة العتبي أياما فكتب إلي تركتنا ترك رجل أوحده جرم أو أغناه علم فإن كان عن جرم فعن غير إرادة بقلب ولا تعمد بلسان وإن كان عن علم غنيت به فتصدق علينا أن الله يجزي المتصدقين وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان عن العتبي قال قال عبد الله بن على بعد قتله من قتل من بني أمية لاسمعيل بن عمرو بن سعيد بن العاصي أساءك ما فعلت بأصحابك فقال كانوا يدا فقطعتها وعضدا ففتتها ومرة فنقضتها وركنا فهدمته وجناحا فهضته فقال إني الخليق أن ألحقك بهم قال إني إذا لسعيد وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان عن العتبي قال تذاكر قوم في مجلس الأحنف الطعام والنساء فقال الأحنف جنبوا مجالسكم النساء والطعام فإني أكره للرجل السري أن يكون وصافا لبطنه وقد عرف ما يحور إليه ولفرجه وقد علم أين مجلسه قال أبو علي وقرأت على أبي بكر للسمو أل بن عادياء اليهودي ( إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ** فكل رداء يرتديه جميل ) ( إذا المرء لم يحمل على النفس ضيمها ** فليس إلى حسن الثناء سبيل ) ( تعيرنا أنا قليل عديدنا ** فقلت لها أن الكرام قليل ) ( وما قل من كانت بقاياه مثلنا ** شباب تسامى للعلى وكهول ) ( وما ضرنا أنا قليل وجارنا ** عزيز وجار الأكثرين ذليل ) ( لنا جبل يحتله من نجيره ** منيع يرد الطرف وهو كليل ) ( رسا أصله تحت الثرى وسما به ** إلى النجم فرع لا يرام طويل ) ( وأنا لقوم ما نرى القتل سبة ** إذا ما رأته عامر وسلول ) ( يقرب حب الموت آجالنا لنا ** وتكرهه آجالهم فتطول ) ( وما مات منا سيد حتف أنفه ** ولا طل منا حيث كان قتيل ) قال أبو علي وهذا مثل قول عمرو بن شأس ( لسنا نموت على مضاجعنا ** بالليل بل أدواؤنا القتل ) ( تسيل على حد الظبات نفوسنا ** وليست على غير السيوف تسيل ) ( صفونا فلم نكدر وأخلص سرنا ** إناث أطابت حملنا وفحول ) ( علونا إلى خير الظهور وحطنا ** لوقت إلى خير البطون نزول ) ( فنحن كماء المزن ما في نصابنا ** كهام ولا فينا يعد بخيل ) ( وننكر أن شئنا على الناس قولهم ** ولا ينكرون القول حين نقول ) ( إذا سيد منا خلا قام سيد ** قؤول لما قال الكرام فعول ) ( وما اخمدت نار لنا دون طارق ** ولا ذمنا في النازلين نزيل ) ( وأيامنا مشهورة في عدونا ** لها غرر معلومة وحجول ) ( وأسيافنا في كل غرب ومشرق ** بها من قراع الدارعين فلول ) ( معودة أن لا تسل نصولها ** فتغمد حتى يستباح قبيل ) ( سلى أن جهلت الناس عنا وعنهم ** وليس سواء عالم وجهول ) ( فإن بني الديان قطب لقومهم ** تدور رحاهم حولهم وتجول ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى للفرزدق ( يفلقن ها من لم تنله سيوفنا ** بأسيافنا هام الملوك القماقم ) قال أبو العباس ها تنبيه والتقدير يفلقن بأسيافنا هام الملوك القماقم ثم قال ها للتنبيه ثم قال مستفهما من لم تنله سيوفنا قال أبو بكر وسمعت شيخا منذ حين يعيب هذا الجواب ويقول يفلقن هاما جمع هامة وهام الملوك مردود على هاما كما قال جل ثناؤه { إلى صراط مستقيم صراط الله } فاحتججت عليه بقوله لم تنله وقلت له لو أراد الهام لقال لم تنلها لأن الهام مونثة لم يؤثر عن العرب فيها تذكير لم يقل أحد منهم الهام فلقته قالوا النخل قطعته والتذكير والتأنيث لا يعمل قياسا إنما يبنى فيه على السماع واتباع الأثر وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي لمطيع ابن إياس الكوفي يرثي يحيى بن زياد الحارثي ( وينادونه وقد صم عنهم ** ثم قالوا وللنساء نجيب ) ( ما الذي غال أن تحير جوابا ** أيها المصقع الخطيب الأديب ) ( فلئن كنت لا تحير جوابا ** لبما قد ترى وأنت خطيب ) ( في مقال وما وعظت بشيء ** مثل وعظ بالصمت إذ لا تجيب ) وقرأت على أبي بكر في أشعار هذيل ولم أر أحدا يقوم بإشعار هذيل غيره لأبي خراش الهذلي ( حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا ** خراش وبعض الشر أهون من بعض ) ( فو الله لا أنسى قتيلا رزئته ** بجانب قوسي ما مشيت على الأرض ) ( بلى إنها تعفو الكلوم وإنما ** نوكل بالأدنى وإن جل ما يمضي ) ( ولم أدر من ألقى عليه رداء ** خلا أنه قد سل عن ماجد محض ) ( ولم يك مثلوج الفؤاد مهجبا ** أضاع الشباب في الربيلة والخفض ) ( ولكنه قد لوحته مخامص ** على أنه ذو مرة صادق النهض ) ( كأنهم يشبثون بطائر ** خفيف المشاش عظمه غير ذي محض ) ( يبادر قرب الليل فهو مهابذ ** يحث الجناح بالتبسط والقبض ) قال أبو علي المثلوج البليد ومثله قول الآخر ولكن قلبا بين جنبيك بادر والمهج المنتفح ويروي مهبلا وهو الثقيل الجافي والربيلة الخفض والدعة ويروي الربالة وهو كثرة اللحم لا اللحم نفسه والمهابذ المجاهد في العدو والسير ويقال أهذب وأهبذ إذا اجتهد في الإسراع وقرأت عليه لأبي عطاء السدي في ابن هبيرة ( إلا إن عينا لم تجد يوم واسط ** عليك بجاري دمعها الجمود ) ( عشية قام النائحات وشققت ** جيوب بأيدي مأتم وخدود ) ( فإن تمس مهجور الفناء فربما ** أقام به بعد الوفود وفود ) ( فإنك لم تبعد على متعهد ** بلى كل من تحت التراب ببعيد ) وأملى علينا أبو بكر بن الأنباري هذه القصيدة لجميل قال وقرأتها على أبي بكر بن دريد في شعر جميل وفي الروايتن اختلاف في تقديم الأبيات وتأخيرها وفي ألفاظ بعض البيوت ( ألا ليت أيام الصفاء نعود ** ودهرا تولى يا بثين جديد ) ( فنغنى كما كنا نكون وأنتم ** صديق واذ ما تبذلين زهيد ) ( وما أنس ملأ شيأ لا أنس قولها ** وقد قربت بصري أمصر تريد ) ( خليلي ما أخفي من الوجد ظاهر ** فدمعي بما أخفي الغداة شهيد ) ( إلا قد أرى والله أن رب عبرة ** إذا الدار شطت بيننا سترود ) ( إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ** من الحب قالت ثابت ويزيد ) ( وإن قلت ردى بعض عقلي أعش به ** مع الناس قالت ذاك منك بعيد ) ( فلا أنا مردود بما جئت طالبا ** ولا حبها فيما يبيد يبيد ) ( جزتك الجوازي يا بثين ملامة ** إذا ما خليل راح وهو حميد ) ( وقلت لها بيني وبينك فاعلمي ** من الله ميثاق لنا وعهود ) ( وقد كان حبيكم طريفا وتالدا ** وما الحب إلا طارف وتليد ) ( وإن عروض الوصل بيني وبينها ** وإن سهلته بالمنى لكؤد ) ( فأفنيت عيشى بانتظاري نوالها ** وأبلت بذاك الدهر وهو جديد ) ( فليت وشاة الناس بيني وبينها ** نذوف لهم سما طماطم سود ) وحدثني أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال أنشدنا أحمد بن عبيد لامرأة من الأعراب ( لعمرك ما الرزية فقد مال ** ولا شاة تموت ولا بعير ) ( ولكن الرزية فقد قوم ** يموت بموته بشر كثير ) قال أبو علي وأنشدنيهما بعض أصحابنا وقال في البيت الأول هلك مال وقال في الثاني هلك ميت وخلق كثير وأنشدني بعض أصحابنا لعلي بن العباس الرومي ( خير ما استعصمت به الكف عضب ** ذكر حده أنيث المهز ) ( ما تأملته بعينيك إلا ** أرعشت صفحتاه من غير هز ) ( مثله أفزع الشجاع إلى الدرع ** فغالى بها على كل بز ) ( ما ابالي أصممت شفرتاه ** في محز أم جارتا عن محز ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال قعد المأمون الحارثي في نادي قومه فنظر إلى السماء والنجوم ثم أفكر طويلا ثم قال أرعوني أسماءكم وأصغوا إلي قلوبكم يبلغ الوعظ منكم حيث أريد طمح بالأهواء الأشر وران على القلوب الكدر وطخطخ الجهل النظر إن فيما ترى لمعتبرا لمن اعتبر أرض موضوعه وسماء مرفوعه وشمس تطلع وتغرب ونجوم تسري فتعزب وقمر تطلعه النحور وتمحقه أدبار الشهور وعاجز مثر وحول مكد وشاب مختضر ويفن قد غبر وراحلون لا يؤبون ومؤقوفون لا يفرطون ومطر يرسل بقدر فيحيى البشر ويورق الشجر ويطلع الثمر وينبت الزهر وماء يتفجر من الصخر الأير فيصدع المدر عن أفنان الخضر فيحيى الأنام ويشبع السوام وينمى الأنعام إن في ذلك لأوضح الدلائل على المدبر المقدر البارئ المصور يا أيها العقول النافره والقلوب النائرة أنى تؤفكون وعن أي سبيل تعمهون وفي أي حيرة تهيمون والى أي غاية توفضون لو كشفت الأغطية عن القلوب وتجلت الغشاوة عن العيون لصرح الشك عن اليقين وأفاق من نشوة الجهالة من استولت عليه الضلاله قال أبو علي قوله طمح ارتفع وعلا وران غلب قال عبدة بن الطيب ( أوردته القوم قدران النعاس بهم ** فقلت اذنهلوا من جمه قيلوا ) ( ران بهم غلب قال الله تعالى { كلا بل ران على قلوبهم } وطخطخ أظلم والمختضر الذي يموت حدثا وهو مأخوذ من الخضرة كأنه حصد أخضر وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال كان شاب من العرب يلقى شيخا منهم فيقول استحصدت يا عماه فيقول له الشيخ يا ابن أخي وتختضرون فمات الشاب قبل الشيخ بمدة طويلة ويفرطون يقدمون وقال أبو عبيدة قال الأموي الحجر الأير على مثال الأصم الصلب وتوفضون تسرعون يقال أوفض يوفض ايفاضا إذا أسرع قال الله عز وجل { كأنهم إلى نصب يوفضون } فأما يفيضون فيدفعون قال الأصمعي يقال أفاض من عرفة إلى مني أي دفع وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا الرياشي عن العتبي عن رجل من الأنصار من أهل المدينة قال قال معاوية لعرابة بن أوس بن حارثة الأنصاري بأي شيء سدت قومك يا عرابة قال أخبرك يا معاوية بأني كنت لهم كما كان حاتم لقومه قال وكيف كان فأنشدته ( وأصبحت في أمر العشيرة كلها ** كذي الحلم يرضى ما يقول ويعرف ) ( وذاك لأني لا أعادي سراتهم ** ولا عن أخي ضرائهم أننكف ) ( وإني لأعطي سائلي ولربما ** أكلف ما لا أستطيع فأكلف ) ( وإني لمذموم إذا قيل حاتم ** نبا نبوة إن الكريم يعنف ) ووالله إني لأعفو عن سفيهم وأحلم عن جاهلهم وأسعى في حوائجهم وأعطى سائلهم فمن فعل فعلى فهو مثلي ومن فعل أحسن من فعلى فهو أفضل منى ومن قصر عن فعلى فأنا خير منه فقال معاوية لقد صدق الشماخ حيث يقول فيك ( رأيت عرابة الأوسي يسمو ** إلى الخيرات منقطع القرين ) ( إذا ما راية رفعت لمجد ** تلقاها عرابة باليمين ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم ( ألوم النائبات من الليالي ** وما تدري الليالي من ألوم ) ( ولكن المنية لو أصيبت ** بمصرعه هي الثأر المنيم ) ( وكان أخي زعيم بني حيى ** وكل قبيلة لهم زعيم ) ( وكنت إذا الشدائد أرهقتني ** يقوم بها وأقعد لا أقوم ) وأنشدنا أبو بكر عن أبي حاتم للعجير السلولي ( تركنا أبا الأضياف في ليلة الصبا ** بمير ومردى كل خصم يجادله ) ( تركنا فتى قد أيقن الجوع أنه ** إذا ما نوى في أرحل القوم قاتله ) ( فتى قد قد السيف لا متضائل ** ولا رهل لباته وبادله ) ( إذا القوم أموا بيته فهو عامد ** لأحسن ما ظنوا به فهو فاعله ) ( جواد بدنياه بخيل بعرضه ** عطوف على المولى قليل غوائله ) ( فتى ليس لابن العم كالذئب أن رأى ** بصاحبه يوما دما فهو آكله ) ( إذا جد عند الجد أرضاك جده ** وذو باطل أن شئت أرضاك باطله ) ( يسرك مظلوما ويرضيك ظالما ** وكل الذي حملته فهو حامله ) قال أبو علي قال الفراء البأدلة ما بين العنق إلى الترقوة وجمعه با دل وقال أبو عمرو واحدها بأدل بغير هاء وقال قطرب البآدل ويقال البهادل أصول الثديين وقرأت على أبي بكر رحمه الله للحسين بن مطير الأسدي ( ألما على معن وقولا لقبره ** سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا ) ( فيا قبر معن أنت أول حفرة ** من الأرض خطت للسماحة مضجعا ) ( ويا قبر معن كيف واريت جوده ** وقد كان منه البر والبحر مترعا ) ( بلى قد وسعت الجود والجود ميت ** ولو كان حيا ضقت حتى تصدعا ) ( فتى عيش في معروفه بعد موته ** كما كان بعد السيل مجراه مرتعا ) ( ولما مضى معن مضى الجود وانقضى ** وأصبح عزيني المكارم أجدعا ) وقرأت عليه لبعض الشعراء ( ماذا أحال وثيرة بن سماك ** من دمع باكية عليك وباك ) ( ذهب الذي كانت معلقة به ** حدق العناة وأنفس الهلاك ) قال أبو علي أحال صب يقال إنه ليحيل الماء من البئر في الحوض أي يصب وقال لبيد يحيلون السجال على السجال وقرأت عليه لمسلم بن الوليد ( قبر بحلوان أسر ضريحه ** خطرا تقاصر دونه الأخطار ) ( نقضت بك الأحلاس نقض إقامة ** واستعجلت نزاعها الأمصار ) ( فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ** أثنى عليها السهل والأوعار ) ( سلكت بك العرب السبيل إلى العلى ** حتى إذا سبق الردى بك حاورا ) ( وأنشدني أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال أنشدنا عبد الله بن جوان صاحب الزيادي ولم يسم قائلها وأملاها علينا أبو سعيد السكري لأبي العتاهية في بعض إخوانه ( وقد كنت أغدو إلى قصره ** فقد صرت أغدو إلى قبره ) ( أخ طالما سرني ذكره ** فقد صرت أشجى لدى ذكره ) ( وكنت أراني غنيا به ** عن الناس لو مد في عمره ) ( وكنت إذا جئت في حاجة ** فأمري يجوز على أمره ) ( فتى لم يمل الندى ساعة ** على عسره كان أو يسره ) ( تظل نهارك في خيره ** وتأمن ليلك من شره ) ( فصار علي إلى ربه ** وكان علي فتى دهره ) ( أتم وأكمل ما لم يزل ** وأعظم ما كان في قدره ) ( أتته المنية مغتالة ** رويدا تخلل من ستره ) ( فلم تغن أجناده حوله ** ولا المزمعون على نصره ) ( وخلى القصور التي شادها ** وحل من القبر في قعره ) ( وبدل بالفرش بسط الثرى ** وطيب ندى الأرض من عطره ) ( وأصبح يهدى إلى منزل ** عميق تؤنق في حفره ) ( تغلق بالترب أبوابه ** إلى يوم يؤذن في حشره ) ( أشد الجماعة وجدا به ** أشد الجماعة في طمره ) ( فلست مشيعه غازيا ** أميرا يسير إلى ثغره ) ( ولا متلقيه قافلا ** بقتل عدو ولا أسره ) ( وتطريه أيامنا الباقيات ** لدينا إذا نحن لم نطره ) ( فلا يبعدن أخي ثاويا ** فكل سيمضى على إثره ) قال الأصمعي من أمثال العرب خل سبيل من وهي سقاؤه يراد به من لم يستقم أمره فلا تعبأ به ويقال يشوب ولا يروب مثل للرجل يخلط ويقال أذل من فقع بقرقر والفقع الكمء الأبيض والقرقر القاع الأملس ويقال شر الرأي الدبرى يراد به الذي يجيء بعد أن فات الأمر وقال أبو نصر يقال قد جبأ عليه الأسود يجبأ جبأ وجبؤا إذا خرج عليه وجبأت عن كذا وكذا إذا هبته وارتدعت عنه ومنه قيل رجل جبأ وقال رجل من بني شيبان ( وما أنا من ريب المنون بجبا ** ولا أنا من سيب الإله بآيس ) ويقال للمرأة إذا كانت كريهة المنظر لا تستحلى إنها التجبأ عنها العين وقال حميد ابن ثور ( ليست إذا سمنت بجابئة ** عنها العيون كريهة المس ) والجبأة خشبة الحذاء والجبء الكمء والجمع جبأة وقال أبو زيد الجبأة منها الحمر والكمء واحد الكمأة والجأب الحمار الغليظ والجأب المغرة والجبا مقصور مكسور ما جمعت في الحوض من الماء والجبا مفتوح مقصور ما حول البئر والجبء نفرة في الجبل تمسك الماء وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كان عبد الله بن عامر بن كريز من فتيان قريش جودا وحياء وكرما فدخل أعرابي البصرة فسأل عن دار ابن عامر فأرشد إليها فجاء حتى أناخ بعيره بفنائها فاشتغل عنه الحاجب والعبيد فبات القفر فلما أصبح ركب ناقته ووقف على الحاجب وأنشأ يقول ( كأني ونضوى عند باب ابن عامر ** من الجوع ذئبا قفرة هلعان ) ( وقفت وصنبر الشتاء يلفني ** وقد مس برد ساعدي وبناني ) ( فما أوقدوا نارا ولا عرضوا قرى ** ولا اعتذروا من عثرة بلسان ) فقال بعض شعراء البصريين ( كم من فتى تحمد أخلاقه ** وتسكن العافون في ذمته ) ( قد كثر الحاجب أعداءه ** وأحقد الناس على نعمته ) فبلغ ذلك ابن عامر فعاقب الحاجب و أمر أن لا يغلق بابه ليلا ولا نهارا وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال كان المغيرة بن شعبة أعور دميما آدم فهجاه رجل من أهل الكوفة فقال ( إذا راح في قبطية متأزرا ** فقل جعل يستن في لبن محض ) ( فأقسم لو خرت من استك بيضة ** لما انكسرت من قرب بعضك من بعض ) قال أبو بكر فقلت لأبي حاتم ما أظن أحد يسبقه إلى قوله جعل يستن في لبن محض فقال بلى كان إبراهيم بن عربي والى اليمامة فصعد المنبر يوما وعليه ثياب بيض فبدا وجهه وكفاه فقال الفرزدق ( ترى منبرا العبد اللئيم كأنما ** ثلاثة غربان عليه وقوع ) قال فهذا يشبه ذلك وإن لم يكنه قال أبو حاتم وخرج نصيب من عند هشام وعليه ثياب بيض فنظر إليه الفرزدق فقال ( كأنه لما بدا للناس ** أير حمار لف في قرطاس ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله ( شنئتكم حتى كأنكم الغدر ** وعفتكم حتى كأنكم الهجر ) ( وما زلت أرشو الدهر صبرا على التي ** تسوء إلى أن سرني فيكم الدهر ) وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي ( أما إذ قد بليت بسوء رأي ** فمالك عند ربك من خلاق ) ( ستعلم أن حر الشعر أمضى ** وأبلغ فيك من حر الحلاق ) ( سمجت فكنت أقبح من شقاق ** تشاب به الدناءة أو نفاق ) ( وأظلم منك حر الوجه حتى ** كأن سواده ليل المحاق ) ( ولولا وقفة للبين فيها ** متاع من وداع واعتناق ) ( وآمال مسوفة لقلنا ** كأنك قد خلقت من الفراق ) وأنشدنا عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس المبرد لعبد الصمد بن المعذل يهجو ابن أخيه أحد ( لو كان يعطى المنى الأعمام في ابن أخ ** أصبحت في جوف قرقور إلى الصين ) ( قد كان هم طويل لا ينام له ** لو أن رؤيتنا إياك في الحين ) ( فكيف بالصبر إذ أصبحت أكثر في ** مجال أعيننا من رمل يبرين ) ( يا أبغض الناس في فقر وميسرة ** وأقذر الناس في دنيا وفي دين ) ( تيه الملوك إذا فلس ظفرت به ** وحين تفقده ذل المساكين ) ( لو شاء ربي لأضحى واهبا لأخى ** بمض ثكلك أجرا غير ممنون ) ( وكان أحظى له لو كان مترزا ** في السالفات على غرمول عنين ) ( وقائل لي ما يضنيك قلت له ** شخص ترى عينه عيني فيضنيني ) ( إن القلوب لتطوى منك يا ابن أخي ** إذا رأتك على مثل السكاكين ) وقرأنا على أبي بكر بن دريد لرجل يصف جملا ( تبين القرنين فأنظر ما هما ** أحجرا أم مدرا تراهما ) ( إنك لن تذل أو تغشاهما ** وتبرك الليل إلى ذراهما ) القرنان اللذان يبنيان على البئر يعرض عليهما الخشب فالبعير ينفر منه أول ما يراه ثم يذل حتى يجيء فيبرك عنده من الأنس به وذراهما كنفهما وأنشدني بعض أصحابنا لعلي بن العباس الرومي وأهدي قدحا إلى يحيى بن المنجم ( وبديع من البدائع يسبي ** كل عقل ويطبى كل طرف ) ( دق في الحسن والملاحة حتى ** ما يوفيه واصف حق وصف ) ( كفم الحب في الملاحة أو أشفى ** وإن كان لا يناغى بحرف ) ( تنفذ العين فيه حتى تراها ** أخطأنه من رقة المستشف ) ( كهواء بلا هباء مشوب ** بضياء أرقق بذاك وأصف ) ( وسط القدر لم يكبر لجرع ** متوال ولم يصغر لرشف ) ( لا عجول على العقول جهول ** بل حليم عنهن في غير ضعف ) ( ما أرى الناظرون قدا وشكلا ** فارسا مثله على بطن كف ) ( فيه لوز معقرب عطفته ** حكماء الغيوب أحسن عطف ) مثل عطف الأصداغ في وجنات ** من غزال يزهى بحسن وظرف ) وقرأت على أبي بكر بن دريد للمقنع الكندي ( يعاتبني في الدين قومي وإنما ** ديوني في أشياء تكسبهم حمدا ) ( ألم ير قومي كيف أوسر مرة ** وأعسر حتى تبلغ العسرة الجهدا ) ( فما زادني الإقتار منهم تقربا ** ولا زادني فضل الغنى منهم بعدا ) ( أسد به ما قد أخلوا وضيعوا ** ثغور حقوق ما أطاقوا لها سدا ) ( وفي جفنة ما يغلق الباب دونها ** مكللة لحما مدفقة ثردا ) ( وفي فرس نهد عتيق جعلته ** حجابا لبيتي ثم أخدمته عبدا ) ( وإن الذي بيني وبين بني أبي ** وبين بني عمي لمختلف جدا ) ( أراهم إلى نصري بطاء وإن هم ** دعوني إلى نصر أتيتهم شدا ) ( فإن يأكلوا لحمي وفرت لحومهم ** وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا ) ( وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم ** وإن هم هوواغي هويت لهم رشدا ) ( وإن زجروا طيرا بنحس تمر بي ** زجرت لهم طيرا تمر بهم سعدا ) ( ولا أحمل الحقد القديم عليهم ** وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا ) ( لهم جل ما لي أن تتابع لي غنى ** وإن قل ما لي لم أكلفهم رفدا ) ( وإني لعبد الضيف ما دام نازلا ** وما شيمة لي غيرها تشبه العبدا ) ( قال أبو علي كان أبو بكر بن دريد يقول كسبت المال وكسبته غيري ولا يجيز أكسبته وغيره يقول كسبت المال وأكسبته غيري وهما عندي جائزان كسبته وأكسبته وأنشدنا أبو بكر عن الأشنانداني لحجد وكان لصا مبرا فأخذه الحجاج فحبسه فقال في الحبس ( تأوبني فبت لها كنيعا ** هموم ما تفارقني حواني ) ( هي العواد لا عواد قومي ** أطلن عيادتي في ذا المكان ) ( إذا ما قلت قد أجلين عني ** ثنى ريعانهن علي ثاني ) ( وكان مقر منزلهن قلبي ** فقد أنفهنه والهم آني ) ( أليس الله يعلم أن قلبي ** يحبك أيها البرق اليماني ) ( وأهوى أن أرد إليك طرفي ** على عدواء من شغلى وشاني ) ( نظرت وناقتاي على تعاد ** مطاوعة الأزمة ترحلان ) ( إلى نار يهما وهما بعيد ** تشوقان المحب وتوقدان ) ( ومما هاجني فازددت شوقا ** بكاء حمامتين تجاوبان ) ( تجاوبتا بلحن أعجمي ** على غصنين من غرب وبان ) ( فكان البان أن بانت سليمى ** وفى الغرب اغتراب غير دان ) ( أليس الليل يجمع أم عمرو ** وإيانا فذاك لنا تداني ) ( نعم وترى الهلال كما أراه ** ويعلوها النهار كما علاني ) ( فما بين التفرق غير سبع ** بقين من المحرم أو ثماني ) ( فيا أخوى من كعب بن عمرو ** أقلا اللوم أن لم تنفعاني ) ( إذا جاوزتما سعفات حجر ** وأودية اليمامة فانعياني ) ( وقولا حجدر أمسى رهينا ** يحاذر وقع مصقول يماني ) ( يحاذر صولة الحجاج ظلما ** وما الحجاج ظلام لجاني ) ( إلى قوم إذا سمعوا بقتلي ** بكى شبانهم وبكى الغواني ) ( فإن أهلك فرب فتى سيبكي ** علي مهذب رخص البنان ) ( ولم أك قد قضيت حقوق قومي ** ولا حق المهند والسنان ) قال أبو علي المبر الغالب والكنيع المنقبض وأنفهنه أعيينه وأنشدني بعض أصحابنا أحسبه قال لأبي العتاهية ( لا تفخرن بلحية ** كثرت منابتها طويله ) ( تهوى بها هوج الرياح ** كأنها ذنب الحسيلة ) ( قد يدرك الشرف الفتى ** يوما ولحيته قليلة ) قال أبو علي الحسيله العجلة وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال قدم وفد العراق على ابن الزبير وهو في المسجد الحرام فسلموا عليه فسألهم عن مصعب فقالوا أحسن الناس سيرة وأقضاه بحق وأعدله في حكم فلما صلى الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ( قد جربوني ثم جربوني ** من غلوتين ومن المئين ) ( حتى إذا شابوا أو شيبوني ** خلوا عناني ثم سيبوني ) أيها الناس إني سألت الوفد عن مصعب فأحسنوا الثناء عليه وذكروا ما أحبه وإن مصعبا أطبى القلوب حتى ما تعدل به والأهواء حتى ما تحول عنه واستمال الألسن بثنائها والقلوب بنصحها والنفوس بمحبتها فهو المحبوب في خاصته المحمود قي عامته بما أطلق الله به لسانه من الخير وبسط يده من البذل ثم نزل وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قدم أعرابي البصرة فنزل على قوم من بني العنبر وكان فصيحا فكنا نسير إليه فلا نعدم منه فائدة فجدر ثم برأ فأتيناه يوما فأنشدنا ( ألم يأتها أني تلبست بعدها ** مفوفة صناعها غير أخرقا ) ( وقد كنت منها عاريا قبل لبسها ** فكان لباسيها أمر وأعلقا ) قال أبو علي أعلق أشد مرارة وهذه الكلمة أول كلمة سمعتها من أبي بكر بن دريد دخلت عليه وهو يملي على الناس العرب تقول هذا أعلق من هذا أي أمر منه وأنشدنا ( نهار شراحيل بن طودير يبني ** وليل أبي ليلى أمر وأعلق ) أي أشد مرارة وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قدم أعرابي من بني ضبة البصرة فخطب امرأة من قومه فشطوا عليه في المهر فأنشأ يقول خطبت فقالوا هات عشرين بكرة ** ودرعا وجلبابا فهذا هو المهر ) ( وثوبين مرويين في كل شتوة ** فقلت الزنا خير من الجرب القشر ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدني أبو عثمان سعيد بن هارون ( وشعثاء غبراء الفروع منيفة ** بها توصف الحسناء أو هي أجمل ) ( دعوت بها أبناء ليل كأنهم ** وقد أبصروها معطشون قد انهلوا ) يصف نارا وجعلها شعثاء لتفرق لهبها وغبراء الفروع لدخانها والفروع الأغالي ومنيفة مرتفعة يريد أنها على جبل أوفي مكان عال وقوله بها توصف الحسناء أي بها تشبه الجارية وذلك أن العرب تصف الجارية فتقول كأنها شعلة نار أو كأنها بيضة أدحى وقوله دعوت بها أبناء ليل يعني النار دعا بضوئها أبناء ليل أي قوما سروا ليلا فجاروا عن القصد وقوله كأنهم وقد أبصروها معطشون يعني أنهم من فرحهم بهذه النار كأنهم قوم كانت عطشت إبلهم فأنهلوا أي رويت إبلهم تم الجزء الأول من كتاب الأمالي ويليه الجزء الثاني وأوله وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي الخ الأمالي في لغة العرب ج 2 2 بسم الله الرحمن الرحيم وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي قال قدم متمم بن نويرة العراق فأقبل لا يرى قبرا إلا بكى عليه فقيل له يموت أخوك بالملا وتبكى أنت على قبر بالعراق فقال ( لقد لامني عند القبور على البكا ** رفيقي لتذراف الدموع السوافك ) ( أمن أجل قبر بالملا أنت نائح ** على كل قبرأ وعلى كل هالك ) ويروى هذا البيت ( فقال أتبكى كل قبر رأيته ** لقبر ثوى بين اللوى والدكادك ) ( فقلت له إن الشجا يبعث الشجا ** فدعني فهذا كله قبر مالك ) ( ألم تره فينا يقسم ماله ** وتأوي إليه مرملان الضرائك ) وقرأت على أبي بكر رحمه الله لبعض طيء يرثي الربيع وعمارة ابنى زياد العبسيين وكانت بينهم مودة ( فإن تكن الحوادث جربتني ** فلم أر هالكا كإبني زياد ) ( هما رمحان خطيان كانا ** من السمر المثقفة الصعاد ) ( تهال الأرض أن يطآ عليها ** بمثلهما تسالم أو تعادى ) ومما قرأت عليه لفاطمة بنت الأحجم بن دندنة الخزاعية ( قد كنت لي جبلا ألوذ بظله ** فتركتني أضحى بأجرد ضاحي ) ( قد كنت ذات حمية ما عشت لي ** أفشى البراز وكنت أنت جناحي ) ( فاليوم أخضع للذليل وأتقى ** منه وأدفع ظالمي بالراح ) ( وإذا دعت قرية شجنا لها ** يوما على فنن دعوت صباح ) وأغض من بصرى وأعلم أنه ** قد بان حد فوارسي ورماحي ) فقال لي أبو بكر رحمه الله هذه الأبيات تمثلت بها عائشة رضي الله عنها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقرأت على أبي عبد الله نفطويه هذه الأبيات في قصيدة للنابغة الجعدي وقت قراءتي عليه شعر النابغة ( الم تعلمي أني رزئت محاربا ** فمالك منه اليوم شيء ولا ليا ) ( ومن قبله ما قدر رزئت بوحوح ** وكان ابن أمي والخليل المصافيا ) ( فتى كملت خيراته غير أنه ** جواد فما يبقي من المال باقيا ) ( فتى تم فيه ما يسر صديقه ** على أن فيه ما يسوء الأعاديا ) وأنشدني أبو محمد بن درستويه النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد ( أيا عمرو لم أصبر فيك حيلة ** ولكن دعاني اليأس منك إلى الصبر ) ( تصبرت مغلوبا أواني لموجع ** كما صبر الظمآن في البلد القفر ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثنا أبو عبد الله بن المطيحي قال قرئ على قبر بالمدينة ( يا مفردا سكن الثرى وبقيت ** لو كنت أصدق اذبليت بليت ) ( الحي يكذب لا صديق لميت ** لو صح ذاك ومت كنت أموت ) وقرأت على أبي بكر لكعب بن زهير ( لقد ولى أليته جوي ** معاشر غير مطلول أخوها ) ( فإن تهلك جوى فإن حربا ** كظنك كان بعدك موقدوها ) ( ولو بلغ القتيل فعال قوم ** لسرك من سيوفك منتضوها ) ( كانك كنت تعلم يوم بزت ** ثيابك ما سيلقى سالبوها ) قال أبو علي وقرأت عليه للأحوص ( إني على ما قد علمت محسد ** أنمى على البغضاء والشنآن ) ( ما تعتريني من خطوب ملمة ** إلا تشرفني وتعظم شاني ) ( فإذا تزول تزول عن متخمط ** تخشى بوادره لدى الأقران ) إني إذا خفى الرجال وجدتني ** كالشمس لا تخفى بكل مكان ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري عن أبي العباس أحمد بن يحيى إلا البيت الأول من هذه الأبيات فإني قرأته على أبي بكر بن دريد ( رأيت رباطا حين تم شبابه ** وولى شبابي ليس في بره عتب ) ( إذا كان أولاد الرجال حزازة ** فأنت الحلال الحلو والبارد العذب ) ( لنا جانب مئة دميت وجانب ** إذا رامه الأعداء ممتنع صعب ) وروى ابن الأنباري ( لنا جانب منه يلين وجانب ** ثقيل على الأعداء مركبه صعب ) ( يخبرني عما سألت بهين ** من القول لا جافى الكلام ولا لغب ) =========================================== ج3. كتاب :الأمالي في لغة العرب أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي ( ولا يبتغي أمنا وصاحب رحله ** بخوف إذا ما ضم صاحبه الجنب ) ( سريع إلى الأضياف في ليلة الطوى ** إذا اجتمع الشغان والبلد الجدب ) ( وتأخذه عند المكارم هزة ** كما اهتز تحت البارح الفنن الرطب ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدني أبو حاتم عن أبي عبيدة لأرطأة بن سهية يهجو شبيب ابن البرصاء ( من مبلغ فتيان مرة أنه ** هجانا ابن برصاء العجان شبيب ) ( فلو كنت مريا عميت فأسهلت ** كداك ولكن المريب مريب ) فسألته عن معنى هذا البيت فقال كان أبوه أعمى وجده أعمى وجد أبيه أعمى يقول فلو لم تكن مدخول النسب كنت أعمى كآبائك ( أبي كان خيرا من أبيك ولم يزل ** جنيبا لآبائي وأنت جنيب ) ( وما زلت خيرا منك مذعض كارها ** برأسك عادي النجاد ركوب ) يقول ما زلت خيرا منك مذعض برأسك فعل أمك أي مذ ولدت والعادي القديم والنجاد جمع نجد وهو الطريق المرتفع والركوب المركوب الموطوء وهو فعول في معنى مفعول وإنما هذا تشبيه جعل ما عض برأسه من فرجها مثل الطريق القديمة المركوبة في كثرة من يسلكها يريد أنه قد ذلل حتى صار كتلك فيقال أن شبيبا عمى بعدما كبر فكان يقول علم أني مري وقرأت على أبي بكر بن دريد وقال سالم بن قحفان العنبري وكان صهره أخوا امرأته أتاه فأعطاه بعيرا من إبله وقال لإمرأته هاتي حبلا يقرن به ما أعطيناه إلى بعيره ثم أعطاه آخر وقال هاتي حبلا آخر ثم أعطاه ثالثا وقال هاتي حبلا فقالت ما بقي عندي حبل فقال لها علي الجمال وعليك الحبال ثم قال ( لاتعذليني في العطاء ويسري ** لكل بعير جاء طالبه حبلا ) وقبله ( لقد بكرت أم الوليد تلومني ** ولم أجترم جرما فقلت لها مهلا ) ( فإني لا تبكي على إفالها ** إذا شبعت من روض أوطانها بقلا ) ( فلم أر مثل الإبل مالا لمقتن ** ولا مثل أيام الحقوق لها سبلا ) وزادني بعض أصحابنا عن أبي الحسن الأخفش ( إذا سمعت آذانها صوت سائل ** أصاخت فلم تأخذ سلاحا نبلا ) ( قال أبو علي ) السلاح ههنا جمالها يقول سمنها يمنع صاحبها من أن يسخو بها ولكنه يعطيها على كل حال لا يمنعه ذلك وحدثنا أبو المياس قال حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح قال قال الأصمعي قيل لذي الرمة من أين عرفت الميم لولا صدق من نسبك إلى تعليم أولاد الأعزاب في أكتاف الإبل فقال والله ما عرفت الميم إلا أني قدمت من البادية إلى الريف فرأيت الصبيان وهم يجوزون بالفجرم في الأوق فوقفت حيالهم أنظر إليهم فقال غلام من الغلمة قد أزفتم هذه الأوقة فجعلتموها كالميم فقام غلام من الغلمة فوضع منجمه في الأوقة فنجنجه فأفهقها فعلمت أن الميم ضيق فشبهت عين ناقتي به وقد أسلهمت وأعيت قال أبو المياس الفجرم الجوز ( قال أبو علي ) ولم أجد هذه الكلمة في كتب اللغويين ولا سمعتها من أحد من أشياخنا غيره والأوقة الحفرة وقوله قد أزفتم أي ضيقتم ونجنجه حركه فأفهقها ملأها والمنجم العقب ولك ما نتأ وزاد على ما يليه فهو منجم والكعب منجم أيضا واسلهمت تغيرت والمسلهم الضامر المتغير ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لكثير ( أقول الماء العين أمعن لعله ** بما لا يرى من غائب الوجد يشهد ) ( فلم أدر أن العين قبل فراقها ** غداة الشبا من لاعج الوجد تجمد ) ( ولم أر مثل العين ضنت بمائها ** علي ولا مثلي على الدمع يحسد ) وقرأت عليه أيضا ( سيهلك في الدنيا شفيق عليكم ** إذا غاله من حادث الدهر غائله ) ( ويخفى لكم حبا شديدا ورهبة ** وللناس أشغال وحبك شاغله ) ( وحبك ينسيني من الشيء في يدي ** ويذهلني عن كل شيء أزاوله ) ( كريم يميت السر حتى كأنه ** إذا استبحثوه عن حديثك جاهله ) ( يود بأن يمسي سقيما لعلها ** إذا سمعت عنه بشكوى تراسله ) ( ويرتاح للمعروف في طلب العلى ** لتحمد يوما عند ليلى شمائله ) ( فلو كنت في كبل وبحت بلوعتي ** إليه لأنت رحمة لي سلاسله ) ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال دفعت يوما في تلمسي بالبادية إلى واد خلاء لا أنيس به إلا بيت معتنز بفنائه أعنز وقد ظمئت فيممته فسلمت فإذا عجوز قد برزت كأنها نعامة راخم فقلت هل من ماء فقالت أو لبن فقلت ما كانت بغيتي إلا الماء فإذا يسر الله اللبن فإني إليه فقير فقامت إلي قعب فأفرغت فيه ماء ونظفت غسله ثم جاءت إلى الأعنز فتغبرتهن حتى احتلبت قراب ملء القعب ثم أفرغت عليه ماء حتى رغا وطفت ثمالته كأنها غمامة بيضاء ثم ناولتني إياه فشربت حتى تحببت ريا واطمأننت فقلت إني أراك معتنزة في هذا الوادي الموحش والحلة منك قريب فلو انضممت إلى جنابهم فأنست بهم فقالت يا ابن أخي إني لآنس بالوحشة وأستريح إلى الوحدة ويطمئن قلبي إلى هذا الوادي الموحش فأتذكر من عهدت فكأني أخاطب أعيانهم وأتراءى أشباحهم وتتخيل لي أندية رجالهم وملاعب ولدانهم ومندى أموالهم والله يا ابن أخي لقد رأيت هذا الوادي بشع اللد يدين بأهل أدواح وقباب ونعم كالهضاب وخيل كالذئاب وفتيان كالرماح يبارون الرياح ويحمون الصباح فأحال عليهم الجلاء قما بغرفة فأصبحت الآثار دارسه والمحال طامسه وكذلك سيرة الدهر فيمن وثق به ثم قالت ارم بعينك في هذا الملا المتباطن فنظرت فإذا قبور نحو أربعين أو خمسين فقالت ألا ترى تلك الأجداث قلت نعم قالت ما انطوت إلا على أخ أو ابن أخ أو عم أو ابن عم فأصبحوا قد ألمأت عليهم الأرض وأنا أترقب ما غالهم انصرف راشد رحمك الله ( قال أبو علي ) معتنز منفرد والراخم التي تحضن بيضها والقعب قدح إلى الصغر يشبه به الحافر قال امرؤ القيس ( لها حافر مثل قعب الوليد ركب فيه وظيف عجر ** ) والغمر القدح الصغير والعس القدح الكبير والتبن أكبر منه والصحن القصير الجدار العريض والرفد القدح العظيم والجنبل القدح العظيم الجشب النحت الذي لم ينقح ولم يسور والعلبة قدح ضخم يعمل من جلود الإبل وقال أبو عمرو الشيباني الكتن القدح وقال غيره الوأب القدح المقعر الكثير الأخذ من الشراب وقال بندار الوأب المعتدل الذي ليس بصغير ولا كبير قال عمرو بن كلثوم في الصحن ( ألا هبي بصحنك فاصبحينا ** وأنشد يعقوب في الجنبل ) ( إذا انبطحت جافى عن الأرض بطتها ** وخوأها راب كهامة جنبل ) وقال الأعشى في الرفد ( رب رفد هرقته ذلك اليوم ** وأسرى من معشر أقتال ) وتغبرتهن احتلبت الغبر وهي بقية اللبن في الضرع وجمعه أغبار قال الحرث ابن حلزة ( لا تكسع الشول بأغبارها ** إنك لا تدري من الناتج ) وقراب وقريب واحد مثل كبار وكبير وجسام وجسيم ورغا صارت له رغوة وفي رغوة ثلاث لغات يقال رغوة ورغوة ورغوة والثمالة الرغوة وتحببت امتلأت يقال تحبب من المال إذا امتلأ والحلال جماعات بيوت الناس الواحدة حلة والجناب بفتح الجيم فناء الدار يقال أخصب جناب القوم وهو ما حولهم والجناب بكسر الجيم موضع وفرس طوع الجناب إذا كان سهل القياد والأشباح الأشخاص يقال شبح وشبح لغتان والأندية جمع ندي والندي والنادي المجلس ومنتدى القوم موضع متحدثهم والتندية أن يورد الرجل إبله ثم يرعاها ثم يوردها ثم يرعاها والمندى المكان الذي يندى فيه المال وبشع ملان واللديدان الجانبان والدوحة الشجرة العظيمة والهضاب الجبال الصغار وقما كنسا يقال قممت البيت أي كنسته والقمامة الكناسة والمقمة المكنسة والغرفة الواحدة من الغرف وهي ضرب من الشجر والملا الفضاء والمتباطن المتطامن وألمأت عليهم احتوت عليهم قال أبو زيد ألمأ عليهم يلمىء إلماءا إذا احتوى عليهم وتلمأت عليه الأرض استوت عليه ووارته وأنشد ( وللأرض كم من صالح قد تلمأت ** عليه فوارته بلماعة قفر ) وغالهم أهلكهم وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرني صخر بن قريط قال كان الهيثم بن جراد من أبين الناس وأنه أتى قوما ليزهدهم في منزلهم فقال يا بني فلان ما أنتم إلى ريف فتأكلوه ولا إلى فلاة فتعصمكم ولا إلى وزر فيلجئكم فأنتم نهزة لمن رامكم ولعقة لمن قصدكم وغرض لمن رما كم كالفقعة الشرباخ يشدخها الواطيء ويركبها السافي ( قال أبو علي ) الوزر الجبل والملجأ والنهزة الفرصة التي تتناول بعجلة والفقعة الكمأة البيضاء الشرباخ التي لا خير فيها ويشدخها يرضها والسافي الريح التي تسفي التراب وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أحمد بن يحيى قال رأى رجل من العرب بنيه يثبون على الخيل وقد تنادوا بالغارة فذهب يروم ذلك مرة وثانية فلم يقدر فقال ( من سره بنوه ساءته نفسه ) وأنشدنا أبو عبد الله للنابغة الجعدي ( المرء يرغب في الحياة ** وطول عيش قد يضره ) ( تفنى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مره ) ( وسوءه الأيام حتى ما يرى شيأ يسره ** ) ( كم شامت بي إن هلكت وقائل لله دره ** ) وسمعت غير واحد من أشياخنا ينشد ( كأن مواقع الظلفات منه ** مواقع مضر حيات بقار ) الظلفات الخشبات اللواتي يقعن على جنب البعير فشبه بياض مواضع الدبر وهي مواقع الظلفات بمواقع المضرحيات على القار والمواقع جمع موقعة وهي المكان الذي يقع عليه الطائر والمضرجيات النسور والقار جمع قارة وهي الجبيل الصغير ولا يكون إلا أسود وذلك أن البعير إذا دبر ثم برأ ابيض موضع الدبر وكذلك ذرق الطائر إذا يبس ابيض فشبهه به ومثله قول الآخر يصف ساقيا يستقى ماء ملحا ( كأن متنيه من النفي ** مواقع الطير على الصفي ) النفي ما تطاير عن الرشاء وعن معظم القطر من الصغار فشبه ما قطر على ظهره من الماء الملح ويبس بذلك ومثله ( فما برحت سجواء حتى كأنما ** بأشراف مقراها مواقع طائر ) سجواء اسم ناقة ومقراها محلبها وإنما قيل له مقرى لأنه يقرى فيه ( قال ) وأشرافه أعاليه فشبه ما على جوانب الإناء من رغوة اللبن بالمواقع وهي المواضع التى تقع عليها الطير فترى سلوحها عليه مبيضة وحدثنا أبو عبد الله قال أخبرنا أحمد بن يحيى عن الزبير أن عمر ابن أبي ربيعة نظر إلى فتى من قريش يكلم جارية في الطواف فعاب ذلك عليه فذكر أنها ابنة عمه فقال ذلك أشنع لأمرك فقال إني أخطبها إلى عمي وأنه زعم أنه لا يزوجني حتى أصدقها أربعمائة دينار وأنا غير قادر على ذلك وذكر من حاله وحبه لها وعشقه فأتى عمر عمه فكلمه في أمره فقال أنه مملق وليس عندي ما أحتمل صلاح أمره فقال عمرو كم الذي تريد منه فقال أربعمائة دينار قال فهي علي فزوجه منها ففعل ذلك وكان عمر حين أسن حلف أن لا يقول شعر إلا أعتق رقبة فانصرف إلى منزله يحدث نفسه فجعلت جاريته تكلمه ولا يجيبها فقالت أن لك لشأنا وأراك تريد أن تقول شعرا فقال ( تقول وليدتي لما رأتني ** طربت وكنت قد أقصرت حينا ) ( أراك اليوم قد أحدثت أمرا ** وهاج لك الهوى داء دفينا ) ( وكنت زعمت أنك ذو عزاء ** إذا ماشئت فارقت القرينا ) ( لعمرك هل رأيت لها سميا ** فشاقك أم رأيت لها خدينا ) ويروى بربك هل أتاك لها رسول فشاقك ( فقلت شكا إلي أخ محب ** كبعض زماننا إذ تعلمينا ) ( فقص علي ما يلقى بهند ** فذكر بعض ما كنا نسينا ) ( وذوا الشوق القديم وأن تعزى ** مشوق حين يلقى العاشقينا ) ( فكم من خلة أعرضت عنها ** لغير قلى وكنت بها ضنينا ) ( أردت بعادها فصددت عنها ** وإن جن الفؤاد بها جنونا ) ثم دعا بتسعة من رقيقه فأعتقهم وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله عن عبد الرحمن عن عمه لأم خالد الخثعمية في حجوش العقيلي ( فليت سما كيا يطير ربابه ** يقاد إلى أهل الغضا بزمام ) ( ليشرب منه جحوش ويشيمه ** بعيني قطامي أغر شآم ) ( بنفسي عينا جحوش وقميصه ** وأنيابه اللاتي جلا ببشام ) ( فأقسم إني قد وجدت بحجوش ** كما وجدت عفراء بابن حزام ) ( وما أنا إلا مثلها غير أنني ** مؤجلة نفسي لوقت حمام ) ( فأن ولوج البيت حل لحجوش ** إذا جاء والمستأذنون نيام ) ( فإن كنت من أهل الحجاز فلا تلج ** وإن كنت نجديا فلج بسلام ) ( رأيت لهم سيماء قوم كرهتهم ** وأهل الغضا قوم علي كرام ) وأنشدنا بهذا الإسناد أيضا لها ( أيتها النفس التي قادها الهوى ** أمالك إن رمت الصدود عزيم ) ( فتنصرفي عنه فقد حيل دونه ** وألهاه وصل من سواك قديم ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرني رجل من بني كلاب قال سئل رجل من بني عقيل كيف كان ججوش فإن أم خالد قد أكثرت فيه قال كان أحيمر أزيرق حنكلا كأنه أبنة عود أو عقلة رشاء ( قال أبو علي ) الحنكل القصير والأبنة العقدة في العود وقال أبو زيد قال العقيليون هو حذاءه وحذوه نصب أي مقابلته وهو حذوه رفع إذا كان مثله وقالوا ند البعير يند ندادا ونديدا وندا وقالوا ( الخنق يخرج الورق ) يقول إذا اشتد عليك فخنقك أعطيته الخنق اسم الفعل هنا وقالوا ( منزلنا منزل قلعة ) القاف واللام مضمومان وهو المنزل الذي لا تملكه وقالوا يقال قلدت الماء في الحوض أقلده قلدا وقلدت في السقاء من الماء واللبن إذا جعلت تملأ القدح من الماء ثم تصبه في السقاء فذلك القلد وقلدت الشراب أقلده قلدا وقلد في جوفه شرابا كثيرا ( وقالوا ) قنحت تقنح قنحا النون من المصدر ساكنة وهو التكاره في الشراب إذا تكارهت عليه بعد الري وأكثر كلامهم تقنحت تقنحخا وحدثني أبو بكر بن الأنباري عن أبيه عن القزويني عن يعقوب في حديث أم زرع قولها فأتقنح أي فأقطع الشرب ( وقالوا ) ويسمى البياض الذي يظهر في أظفار الإنسان الكدب بكسر الدال والواحدة كدبة بإسكان الدال وقال بعضهم الكدب فأسكن الدال والواحدة كدبة وقال أبو المضاء الكدب ففتح الدال والواحدة كدبة بإسكان الدال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري عن أبيه عن ابن رستم عن ثابت بن أبي ثابت قال يقال للبياض الذي يظهر في أظفار الأحداث الفوف والفوف والوبش ( قال أبو زيد ) ومن أمثال العرب ( لأنا أحذر من ضب حرشته ) حرشت الصيد إذا صدته ويقال إنه لأسمع من قراد وأبصر من عقاب وأحذر من غراب وإنه لأنوم من فهد وأخف رأسا من الذئب ومن الطائر وأفحش من فاسية وهي الخنفساء إذا حركوها فست فأنتنت القوم بخبيث ريحها ويقال ( أنه لأصنع من سرفة ومن تنوط ) وهي طائر نحو القارية سوادا تركب عشها تركيبا على عودين أو عود ثم تطيل عشها فلا يصل الرجل إلى بيضها حتى يدخل يده إلى المنكب وأما السرفة فهي دابة غبراء من الدود تكون في الحمض فتتخذ بيتا من كسار عيدانه ثم تلزقه بمثل نسج العنكبوت إلا أنه أصلب ثم تلزقه بعود من أعواد الشجر وقد غطت رأسها وجميعها فتكون فيه وإنه لأخرق من حمامة وذلك أنها تبيض بيضا على الأعواد البالية فربما وقع بيضها فتكسر وقال أبو بكر بن دريد العرب تقول ( هو أظلم من أفعى ) وذلك أنها لا تحتفر حجرا إنما تهجم على الحيات في حجرتها وتدخل في كل شق وثقب وأنشدني قال أنشدنا عبد الرحمن ( كأنما وجهك ظل من حجر ** ذو خضل في يوم ريح ومطر ) ( فأنت كالأفعى التي لا تحتفر ** ثم تجى سادرة فتنحجر ) وكذلك ( هو أظلم من حية ) وذلك أنها تدخل في كل حجر وتهجم على كل دابة ومن أمثالهم ( لا تهرف بما لا تعرف ) والهرف الإطناب في الثناء والمدح ( وقال أبو عبيدة ) من أمثالهم ( سبني وأصدق ) يقول لا أبالي أن تقول في مالا أعرفه من نفسي بعد أن تجانب الكذب ( وقال أبو زيد ) يقال ( أحمق يمطخ الماء ) أي يلعقه والمطخ اللعق يقول لا يشرب الماء ولكنه يلعقه وأحمق يسيل مرغمه وهو اللعاب وأحمق لا يجأى مرغه أي لا يحبس لعابه وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال جرى بين أبي الأسود الدؤلي وبين امرأته كلام في ابن كان لها منه وأراد أخذه منها فسار إلى زياد وهو والي البصرة فقالت المرأة أصلح الله الأمير هذا ابني كان بطني وعاءه وحجري فناءه وثديى سقاءه أكلؤه إذا نام وأحفظه إذا قام فلم أزل بذلك سبعة أعوام حتى إذا استوفي فصاله وكملت خصاله واستوكعت أوصاله وأملت نفعه ورجوت دفعه أراد أن يأخذه مني كرها فآدنى أيها الأمير فقد رام قهري وأراد قسري فقال أبو الأسود أصلحك الله هذا ابني حملته قبل أن تحمله ووضعته قبل أن تضعه وأنا أقوم عليه في أدبه وأنظر في أوده وأمنحه علمى وألهمه حلمي حتى يكمل عقله ويستحكم فتله فقالت المرأة صدق أصلحك الله حمله خفا وحملته ثقلا ووضعه شهوة ووضعته كرها فقال له زياد أردد على المرأة ولدها فهي أحق به منك ودعني من سجعك ( قال أبو علي ) استوكعت اشتدت وقوله فآدني اي قوني وأعني وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد عن العتبي قال أخبرني أعرابي عن أخوة ثلاثة قال قلت لأحدهم أخبرني عن أخيك زيد فقال أزيد إنيه والله ما رأيت أحد أسكن فورا ولا أبعد غورا ولا آخذ لذنب حجة قد تقدم رأسها من زيد فقلت أخبرني عن أخيك زائد قال كان والله شديد العقدة لين العطفه ما يرضيه أقل مما يسخطه فقلت فأخبرني عن نفسك فقال والله إن أفضل ما في لمعرفتي بفضلهما وإني مع ذلك لغير منتشر الرأي ولا مخذول العزم ( قال أبو علي ) قال أبو زيد الأنصاري قال الكلابيون إذا قالوا رأيت زيدا قلنا زيدا إنيه بقطع الألف وتبيين النون وقال بعضهم زيد نيه فألقى الهمزة وحركه بالفتح على نون التنوين وثقل النون وقال أبو المضاء أزيدا إنيه فأتى بألف الإستفهام قبل زيد ولم يفسره أبو زيد ( قال أبو علي ) هذه الزيادة تلحق في الإستفهام في آخر الكلمة إذا أنكرت أن يكون رأي المتكلم على ما ذكر أو يكون على خلاف ما ذكر فإن كان ما قبله مفتوحا كانت الزيادة ألفا وإن كان مكسورا كانت الزيادة ياء وإن كان مرفوعا كانت الزيادة واوا وإن كان ساكنا حرك لئلا يلتقي ساكنان لأن هذه الزيادات مدات والمدات سواكن فتحركه بالكسر كما يحرك الساكن إذا لقيه الألف واللام الساكن فإذا قال الرجل رأيت زيدا قلت أزيدنيه لأن النون هي التنوين ساكنة فحركتها بالكسر لئلا يلتقي ساكنان ويقول قدم زيد فتقول أزيدنيه فإن قال رأيت عثمان قلت أعثماناه فإن قال أتاني عمر قلت أعمروه كما قلت في الندبة واغلامهوه لأن هذا علم لما ذكرت لك كما أن هذا علم للندبة وذكر سيبويه أنه سمع رجلا من أهل البادية وقيل له أتخرج إن أخضبت البادية فقال أنا إنيه وإنما أنكر أن يكون رأيه على خلاف الخروج وكل ما ذكرت أما أن تنكر على المخبر أن يثبت رأيه على ما ذكر أو أن يكون على خلاف ما ذكر فإن قال رأيت زيدا وعمرا قلت أزيدا وعمرنيه تكون الزيادة في منتهى الكلام ألا ترى أنه إذا قال ضربت قلت أضربتاه فإن قال ضربت عمر قلت أضربت عمراه وكذلك إن قال ضربت زيدا الطويل قلت أزيدا الطويلاه وتعرب الإسم الذي ذكره على ما أعربه فإن كان رفعا رفعته وإن كان نصبا نصبته وإن كان جرا جررته ألا ترى أنه لو قال مررت بحذام قلت أحذاميه وربما زادت العرب إن ايضاحا للعلم ولذلك قالوا إنيه لأن الهاء والياء خفيان والهمزة والنون واضحان كما زادوا وإن في قولهم ما إن فعلت كذا وكذا ( قال أبو علي ) سألت أبا محمد فقلت له لم لم يقولوا إناه فقال لأن الألف علامة لحركة النون وتبين لها وقد سبقت فلم يجز أن يقيموا علامة محدثة ويسقطوا علامة متقدمة وهما علامتان فأما ما حكاه أبو زيد من قوله أزيدنيه بتثقيل النون فإنما هذا على لغة من يقف على الحرف بالتشديد كما قالوا سبسب وكلكل فكذلك هذا وقف على زيدن فشدد فلما ألحق به علامة حركه بالكسر لأنه توهم أن التنوين أصل فلذلك قال أزيدنيه وقرأنا على أبي بكر بن دريد رحمه الله لجندل الطهوى ( قد خرب الأنضاد نشاد الحلق ** من كل بال وجهه بالى الخلق ) النضد ما ينضد من أمتعتهم وأزوادهم ناحية البيت فيعني أن قوما يجيئون بعلة أنهم ينشدون ابلا فنحتاج إلى أن نقريهم فيخربون أنضادنا ويعني بالحلق ابلا سماتها الحلق حدثنا أبو بكر عن عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا من بني كلاب يذكر رجلا فقال كان والله الفهم منه ذا أذنين والجواب ذا لسانين لم ار أحدا كان أرتق لخلل رأى منه ولا أبعد مسافة روية ومراد طرف إنما يرمى بهمته حيث أشار إليه الكرم وما زال والله يتحسى مرارة أخلاق الإخوان ويسقيهم عذوبة أخلاقه ( قال أبو علي ) أرتق أسد يقال رتقت الشيء إذا سددته أو شددته حدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال ذكر رجل عند أعرابي فوقع فيه قوم فقال أما والله أنه لآكلكم للمأدوم وأعطا للمغروم وأكسبكم للمعدوم وأعطفكم على المحروم وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال أخبرنا الزبير عن يوسف بن عبد العزيز الماجشون قال ذكر شعر الحرث بن خالد وعمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عند ابن أبي عتيق وفي المجلس رجل من ولد خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة وقال صاحبنا الحرث أشعرهما فقال ابن أبي عتيق بعض قولك يا ابن أخي فلشعر ابن أبي ربيعة لوطة بالقلب وعلق بالنفس ودرك للحاجة ليس لشعر وما عصي الله بشعرأ كثر مما عصي بشعر بن أبي ربيعة فخذعني ما أصف لك أشعر قريش من رق معناه ولطف مدخله وسهل مخرجه ومتن حشوه وتعطفت حواشيه وأنارت معانيه وأعرب عن صاحبه فقال الذي من ولد خالد بن العاص صاحبنا الذي يقول ( إني وما نحر واغداة منى ** عند الجمار تؤدها العقل ) ( لو بدلت أعلى مساكنها ** سفلا وأصبح سفلها يعلو ) ( فيكاد يعرفها الخبير بها ** فيرده الأقواء والمحل ) ( لعرفت مغناها لما احتملت ** مني الضلوع لأهلها قبل ) فقال ابن أبي عتيق يا ابن أخي أستر على صاحبك ولا تشاهد المحاضر بمثل هذا أما تطير الحرث عليها حين قلب ربعها فجعل عاليه سافله ما بقى إلا أن يسأل الله حجارة من سجيل ابن أبي ربيعة كان أحسن صحبة للربع من صاحبك وأجمل مخاطبة حين يقول ( سائلا الربع بالبلي وقولا ** هجت شوقا لي الغداة طويلا ) ( اين حي حلوك إذ أنت مسر ** وربهم أهل أراك جميلا ) ( قال سار وأفأفقنوا فاستقلوا ** وبكرهي لو استطعت سبيلا ) ( سئمونا وما سئمنا مقاما ** واستحثوا دماثة وسهولا ) ( قال أبو زيد الأنصاري ) الشرخ والسنخ والنجار والنجر الأصل وأنشد يعقوب ( متئد الحشا بطيأ نقره ** كأن نجر الناجرات نجره ) والأروم والأرومة قال زهير ( له في الذاهبين أروء صدق ** وكان لكل ذي حسب أروم ) والسنخ الأصل وأنشد ابن الأعرابي ( وسنخنا من خير أسناخ العرب ** ونحن في النروة والعز الأشب ) والبنك والعنصر جميعا قال الفرزدق ( ليست هدايا القافلين أتيتم ** بها أهلكم يا شر جيشين عنصرا ) والضئضئ والبؤبؤ مهموزان وقال جرير ( حتى أنحناها إلى باب الحكم ** خليفة الحجاج غير المتهم ) ( في ضئضئ المجد وبؤبؤ الكرم ) يمدح الحكم بن أيوب بن يحيى بن الحكم الثقفي والعرق والنحاس وأنشد يعقوب ( يا أيها السائل عن نحاسي ** قصر مقياسك عن مقياسي ) والعيص والأس والأس والأص وجمعه آصاص وقال القلاخ ( ومثل سوار رددناه إلى ** إدرونه ولؤم أصه على ) ( ألرغم موطوء الحمى مذللا ** ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد ( قلال مجد فرعت آصاصا ** وعزة قعساء لا تناصى ) والجذم قال أوس بن حجر ( غني تآوي بأولادها ** لتهلك جذم تميم بن مر ) والإرث والسر والمركب والمنبت والكرس والقنس وهذان الحرفان رواهما أبو عبيد عنه وكان الطوسى يزعم أن أبا عبيد روى قبسا بالباء قال وهو تصحيف وكذا قال أحمد ابن عبيد وروى قنسا بالنون وهؤلاء كلهن الأصل قال العجاج ( بين ابن مروان قريع الأنس ** وابنة عباس قريع عبس ) ( في قنس مجد فوق كل قنس ** ) ( وقال الأصمعي ) الجنث الأصل قال العجاج كالجبل الأسود في جنث العلم ( وقال أبو عبيدة ) الحنج والبنج والعكر الأصل يقال رجع إلى حنجه وبنجه وعكره ( وقال أبو عمرو الشيباني المزر الأصل والجذر الأصل كذا قال بكسر الجيم وقال الأصمعي الجذر ( وقال أبو عبيد ) قال غير واحد لجرثومة الأصل والنصاب والمنصب والمحتد والمحكد قال زهير في المنصب ( من الأكرمين منصبا وضريبة ** إذا ما تشا تأوي إليه الأرامل ) وقال آخر في المحتد ( حتى انتصى من هاشم في محتد ** أكرم بذلك محتدا وصميما ) وقال حميد الأرقط في المحكد يعرض بابن الزبير ( ليس الأمير بالشحيح الملحد ** ولا بوبر بالحجاز مقرد ) ( أن ير يوما بالفضاء يصطد ** أو ينجحر فالحجر شر محكد ) ( وقال أبو عمرو ) الطخس الأصل يقال هؤألأ مهم طخسا أي أصلا قال أبو الغريب النصري ( أن امرأ أخر من أصلنا ** ألأمنا طخسا إذا ينسب ) والإرس الأصل يقال أنه لئيم الإرس أي الأصل قال أبو الغريب أيضا ( إن لئيم الإرس غير نازع ** عن وذء جاريه الغريب والجنب ) الوذء الشتم والجنب القريب وقال أحمد بن يحيى الوذء المكروه من الكلام شتما كان أو غيره وأنشد بيت لم يحفظ صدره ( ولا أذأ الصديق بما أقول ** ويقال أنه للئيم القرق ) أي الأصل قال دكين السعدى في فرس له ( ليست من القرق البطاء دوسر ** قد سبقت قيسا وأنت تنظر ) وقال الأموي عن أبي المفضل بن سلامة الضنء الأصل والضنء الولد وقال الفراء النجار والنجار والنحاس والنحاس بالضم والكسر وقال يعقوب عن أبي زيد السنح والسنج بالحاء والجيم ( وقال ابن الأعرابي ) المحتدر والمحقد والمحكد والمحفد أربع لغات الأصل ( وقال الأصمعي ) أحسن النساء الفخمة الأسلة وأقبحهن الجهمة القفرة وهي القليلة اللحم وأغلظ المواطئ الحصباء على الصفا وأشد الرجال الأعجف الضخم يقول ضخم الألواح كثير العصب وأنشد ( أعجف إلا من عظام وعصب ** ) وأسرع الأرانب أرنب الخلة وذلك أن الخلة تطويها ولا تفتقها والحمض يفتقها وأسرع التيوس تيس الحلب وقال بعض الأعراب أطيب مضغة أكلها الناس صيحانية مصلبة ( قال أبو علي ) المصلبة التي قد سال صليبها وهو ودكها وإن لم يكن هناك ودك ( قال ) ويقال آكل الدواب برذونة رغوث وهي التي يرضعها ولدها وأقبح هزيلين بالمرأة والفرس وأطيب غث أكل غث الإبل وأخبث الأفاعي أفعى الجدب وأخبث الحيات حيات الحماط وهو شجر ويقال أهون مظلوم سقاء مروب وهو الذي يسقى منه قبل أن يمخض وينزع زبده وأنشد ( وصاحب صدق لم تنلني شكاته ** ظلمت وفي ظلمي له عامدا أجر ) يعني وطب لبن وشر المال مالا يزكى ولا يذكى يعني الحمير وأخبث الذئاب ذئاب الغضا وأطيب الإبل لحما ما أكل السعدان وأطيب الغنم لبنا ما أكل الحربث ( وقال أبو زيد ) من أمثالهم ( لا تعدم الخرقاء علة ) يريد أن العلل كثيرة يسيرة فهي لا تعدم أن تعتل بعلة عند خطابها وأنشد أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى ( جبت نساء العالمين بالسبب ** فهن بعد كلهن كالمحب ) جبت غلبت والسبب الحبل يعني أنها قدرت عجيزتها بحبل ثم دفعته إلى النساء ليقدرن كما قدرت فغلبتهن بذلك والمحب الساقط اللاصق بالأرض يقال أحب البعير إذا سقط فلم يبرح ومثله قول الآخر أنشده ابن الأعرابي ( لقد أهدت حبابة بنت جل ** لأهل جلاجل حبلا طويلا ) وقال الأصمعي وأبو زيد من أمثالهم ( أعن صبوح ترقق ) وكان المفضل الضبي يخبر بأصل هذا المثل قال كان رجل نزل بقوم فأضافوه وغبقوه فلما فرغ قال إذا صبحتموني غدا كيف آخذ في حاجتي فقيل له عند ذلك أعن صبوح ترقق وإنما أراد الضيف أن يوجب عليهم الصبوح ( قال الأصمعي ) ومن أمثالهم ( كأنما أفرغ عليه ذنوبا ) إذا بكلمه بكملة عظيمة يسكته بها ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عبد الله لعمر بن أبي ربيعة ( هل تعرف الدار والأطلال والدمنا ** زدن الفؤاد على علاته حزنا ) ( دار لأسماء قد كانت تحل بها ** وأنت إذ ذاك قد كانت لكم وطنا ) ( لم يحبب القلب شيا مثل حبكم ** ولم تر العين شيأ بعدكم حسنا ) ( ما إن أبالي أدام الله قربكم ** من كان شط من الأحياء أوظعنا ) ( فإن نأيتم أصاب القلب نأيكم ** وإن دنت داركم كنتم لنا سكنبا ) ( إن تبخلى لا يسلي القلب بخلكم ** وإن تجودي فقد عنيتني زمنا ) ( أمسى الفؤاد بكم يا هند مرتهنا ** وأنت كنت الهوى والهم والوسنا ) ( إذ تستبيك بمصقول عوارضه ** ومقلتي جؤذر لم يعد أن شدنا ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو علي الغنوي وأبو الحسن بن البراء وأبو العباس أحمد بن يحيى لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والألفاظ في الرواية مختلطة ( كتمت الهوى حتى أضربك الكتم ** ولامك أقوام ولومهم ظلم ) ( ونم عليك الكاشحون وقبلهم ** عليك الهوى قد نم لو نفع النم ) ( وزادك إغراء بها طول بخلها ** عليك وأبلى لحم أعظمك الهم ) ( فأصبحت كالنهدي إذا مات حسرة ** على إثر هند أو كمن سقي السم ) ( ألا من لنفس لا تموت فينقضي ** شقاها ولا تحيا حياة لها طعم ) ( تجنبت اتيان الحبيب تأثما ** ألا إن هجران الحبيب هو الأثم ) ( فذق هجرها قد كنت تزعم أنه ** رشاد ألا يا ربما كذب الزعم ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا أبو حاتم لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ( فلو أكلت من نبت دمعي بهيمة ** لهيج منها رحمة حين تأكله ) ( ولو كنت في غل فبحت بلوعتي ** إليه للأنت لي ورقت سلاسله ) ( ولما عصاني القلب أظهرت عولة ** وقلت ألا قلب بقلبي أبادله ) ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي قال أخبرني رجل من أهل البصرة عن رجل من بني تميم قال حضرت مجلس الأحنف بن قيس وعنده قوم مجتمعون في أمر لهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أن الكرم منع الحرم ما أقرب النقمة من أهل البغى لا خير في لذة تعقب ندما لن يهلك من قصد ولن يفتقر من زهد رب هزل قد عاد جدا من أمن الزمان خانه ومن تعظم عليه أهانه دعوا المزاح فإنه يؤرث الضغائن وخير القول ما صدقه الفعل احتملوا لمن أدل عليكم وأقبلوا عذر من اعتذر إليكم أطع أخاك وأن عصاك وصله وإن جفاك أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك وإياكم ومشاورة النساء واعلم أن كفر النعمة لؤم وصحبة الجاهل شؤم ومن الكرم الوفاء بالذمم ما أقبح القطيعة بعد الصلة والجفاء بعد اللطف والعداوة بعد الود لا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان ولا إلى البخل أسرع منك إلى البذل واعلم أن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك فأنفق في حق ولا تكونن خازنا لغيرك وإذا كان الغدر في الناس موجودا فالثقة بكل أحد عجز أعرف الحق لمن عرفه لك واعلم أن قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ( قال ) فما رأيت كلا ما أبلغ منه فقمت وقد حفظته وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال ذكر أعرابي قوما فقال أدبتهم الحكمة وأحكمتهم التجارب ولم تغررهم السلامة المنطوية على الهلكة وجانبوا التسويف الذي به قطع الناس مسافة آجالهم فذلت ألسنتهم بالوعد وانبسطت أيديهم بالإنجاز فأحسنوا المقال وشفعوه بالفعال وحدثنا أبو ب كر قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال رأيت أعرابيا يصلي وهو يقول أسألك الغفيرة والناقة الغزيره والشرف في العشيره فإنها عليك يسيرة وحدثنا أبو بكر الأنباري رحمه الله قال حدثنا محمد بن علي المديني قال حدثنا أبو الفضل الربعي قال حدثنا أبو السمراء قال دخلت منزل نخاس في شراء جارية فسمعت في بيت بإزاء البيت الذي كنت فيه صوت جارية وهي تقول ( وكنا كزوج من قطافي مفازة ** لدى خفض عيش معجب مونق رغد ) ( أصابهما ريب الزمان فافردا ** ولم نر شيأ قط أوحش من فرد ) فقلت للنخاس أعرض علي هذه الجارية المنشدة فقال أنها شعثة مرهاء خزبنمة فقلت ولم ذلك قال اشتريتها من ميراث فهي باكية على مولاها ثم لم ألبث أن أنشدت ( وكنا كغصني بانة وسط روضة ** نشم جنى الروضات في عيشة رغد ) ( فأفرد هذا الغصن مع ذاك قاطع ** فيافردة باتت تحن إلى فرد ) قال أبو السمراء فكتبت إلى عبد الله بن طاهر أخبره بخبرها فكتب إلي أن ألق عليها هذا البيت فإن أجابت فاشترها ولو بخراج خراسان والبيت ( بعيد وصل قريب صد ** جعلته منه لي ملاذا ) قال فألقيته عليها فقالت في سرعة ( وعاتبوه فذاب عشقا ** ومات وجدا فكان ماذا ) قال أبو السمراء فاشتريتها بألف دينار وحملتها إليه فماتت في الطريق قبل أن تصل إليه فكانت إحدى الحسرات إليه ( قال أبو علي ) وقرأنا على أبي بكر لإبن ميادة وهو الرماح بن الأبرد ( تبادر العضاة قبل الإشراق ** بمقنعات كقعاب الأوراق ) المقنع الفم الذي يكون عطف أسنانه إلى داخل الفم وذلك القوي الذي يقطع به كل شيء فإذا كان انصبابها إلى خارج فهو أدفق وذلك ضعيف لا خير فيه والقعاب جمع قعب والأوراق جمع ورق وهو الفضة يريد أنها أفتاء فأسنانها بيض لم تقلح أي لم تصفر ( قال أبو علي ) وقد رد ما ذكرناه وهو قول الأصمعي ابن الأعرابي فقال يقول بادرت العضاه برؤس ضخام كأنها قعاب الورق كبرا ( وقال ) قد تكون قعاب الورق سودا ( قال أبو علي ) ويفسد ما ذهب إليه قوله كأنها قعاب الورق كبرا لأن القعب قدح صغير فكيف يشبه رؤسها بالقعاب في الكبر فأما قوله قد تكون قعاب الورق سودا فليس بمبطل لما قال الأصمعي لأن الورق لا يكون أسود إلا بتغير لونه بالإحراق وما كانت العرب تعرف المحرق من الفضة ومع هذا فلا يستعمل أحد قدحا من فضة سوداء وحدها وإنما يجري السواد في البياض ( قال أبو علي ) قال يعقوب ابن السكيت يقال عاد إلى ضئضئه وصئصئه أي إلى أصله والهمز الأصل وأنشد ( أنا من ضئضىء صدق ** بخ ومن أكرم حذل ) ( من عزاني قال به به ** سنخ ذا أكرم أصل ) الحذل الحجز وقال اللحياني بخ بخ وبه به يقال للإنسان إذا عظم وقال أبو عمرو ما ينوض بحاجة وما يقدر على أن ينوض أي يتحرك ومنه قوله عز وجل { ولات حين مناص } ومناص ومناض واحد ويقال أنقاض وأنقاص بمعنى واحد وقال الأصمعي المنقاض المنقعر من أصله والمنقاص المنشق طولا يقال انقاضت الركية وأنقاصت السن انقياصا إذا انشقت طولا والقيص الشق طولا وأنشد لأبي ذؤيب ( فراق كقيص السن فالصبر إنه ** لكل أناس عثرة وجبور ) وقال الأصمعي مضمض لسانه ومصمصه إذا حركه وقال حدثنا عيسى بن عمر قال سألت ذا الرمة عن النضناض فأخرج لسانه وحركه قال الراعي ( يبيت الحية النضناض منه ** مكان الحب يستمع السرارا ) وقال اللحياني يقال تصافوا على الماء وتضافوا ويقال صلاصل الماء وضلاضله لبقاياه وقبضت قبضة وقبصت قبصة ويقال أن القبصة أقل من القبضة ( قال أبو علي ) وغيره يقول القبص بأطراف الأصابع والقبض بالكف كلها وقال اللحياني سمعت أبا زيد يقول تضوك بخرئه وسمعت الأصمعي يقول تصوك بالصاد غير معجمة وقال أبو عبيدة يقال صاف السهم يصيف وضاف يضيف إذا عدل عن الهدف وتضيفت الشمس للغروب وتصيفت إذا مالت ودنت من الغروب ومنه اشتق الضيف يقال ضافني الرجل إذا دنا منك ونزل بك قال أبو زبيد ( كل يوم ترميه منها برشق ** فمصيب أو ضاف غير بعيد ) وقال الأصمعي جاص وجاض أي عدل وقال اللحياني يقال أنه لصل أصلال وضل أضلال ( قال ) ويقال ضل أضلال ( وقال أبو علي ) قال أبو بكر بن دريد يقال للرجل إذا كان داهية إنه لصل أصلال ( وقال أبو علي ) والصل الحية التي تقتل إذا نهشت من ساعتها ( وقال الأصمعي ) يقال مصمص إناءه ومضمضه إذا غسله ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه لعمر ابن أبي ربيعة ( قالت سكينة والدموع ذوارف ** تجري على الخدين والجلباب ) ( ليت المغيري الذي لم أجزه ** فيما أراد تصيدي وطلابي ) ( كانت ترد لنا المنى أيامنا ** إذ لا نلام على هوى وتصابى ) ( خبرت ما قالت فبت كأنما ** يرمى الحشا بنوافذ النشاب ) ( أسكين ماماء الفرات وبرده ** مني على ظمإ وفقد شراب ) ( بألذ منك وإن نأيت وقلما ** يرعى النساء أمانة الغياب ) ( أن تبذلي لي نائلا أشفي به ** سقم الفؤاد فقد أطلت عذابي ) ( وعصيت فيك أقاربي فتقطعت ** بيني وبينهم عرى الأسباب ) ( فتركتني لا بالوصال ممسكا ** منهم ولا أسعفتني بثواب ) ( فقعدت كالمهريق فضله مائه ** في حرها هاجرة للمع سراب ) ( قال أبو علي ( وحدثني أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي وعبد الله بن خلف قالا حدثنا ابن أبي سعيد قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الشافعي قال سمع سعيد ابن المسيب منشدا ينشد ( تضوع مسكا بطن نعمان أن مشت ** به زينب في نسوة خفرات ) ( ولما رأت ركب النميري أعرضت ** وكن من أن يلقينه حذرات ) قال فقال سعيد هذا والله مما يلذ استماعه ثم قال ( وليست كأخرى وسعت جيب درعها ** وأبدت بنان الكف للجمرات ) ( وعالت فتات المنسك وحفا مرجلا ** على مثل بدر لاح في الظلمات ) ( وقامت تراءى يوم جمع فأفتنت ** برؤيتها من راح من عرفات ) قال فكانوا يرون أن الشعر الثاني لسعيد بن المسيب ( قال ) وأنشدنا أبو الحسن ابن البراء قال أنشدنا محمد بن غالب لأبي فنجويه الرفاء وكان أميا لا يقرأ ولا يكتب ( كيف لي بالسلو عنك وقلبي ** حشوه الهم يا بعيدا قريب ) ( يا سقامى ويادوائي جميعا ** وشفائي من الضنى والطبيب ) ( حيثما كنت في البلاد وكنا ** فعلينا لكل عين رقيب ) ( ما يريد الوشاة منك ومني ** دون هذاله تشق الجيوب ) ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لأمرأة من العرب تسمى شقراء ( خليلي أن أصعدتما أو هبطتما ** بلادا هوى نفسي بها فإذ كرانيا ) ( ولا تدعا إن لامني ثم لائم ** على سخط الواشين أن تعذرانيا ) ( فقد شف جسمي بعد طول تجلدي ** أحاديث من عيسى تشيب النواصيا ) ( سأرعى لعيسى الود ما هبت الصبا ** وأن قطعوا في ذاك عمدا لسانيا ) وقرأت عليه لامرأة من بني نصر بن دهمان ( ألا ليتني صاحبت ركب ابن مصعب ** إذا ما مطاياه اتلأبت صدورها ) ( إذا خدرت رجلي دعوت ابن مصعب ** فإن قيل عبد الله أجلى فتورها ) وقرأت عليه لامرأة من بني أسد ( بنفسي من أهوى وأرعى وصاله ** وتنقض مني بالمغيب وثائقه ) ( حبيب أبى إلا اطراحى وبغضتي ** وفضله عندي على الناس خالقه ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي لإبن الدمينة ( ألا يا حمى وادي المياه قتلتني ** أباحك لي قبل الممات مبيح ) ( ولي كبد مقروحة من يبيعني ** بها كبد اليست بذات قروح ) ( أبى الناس ويب الناس لا يشترونها ** ومن ذا الذي يشري دوى بصحيح ) قال أبو بكر الدوى المرض الشديد والدوى الرجل الشديد المرض والدوى الرجل الأحمق ( قال أبو علي ) وأنشدني أبو بكر بن دريد ( وقد أقود بالدوى المزمل ** أخرس في السفر بقاق المنزل ) وقال أبو بكر بن الأنباري الدوا جمع دواة ** والدواء بالمدما يتداوى به والدواء اللين أيضا بالمد وحدثنا قال حدثنا أبو العباس قال العرب تقول انك ستساق إلى ما أنت لاق وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر ( ستبكى المخاض الحرب إن مات هيثم ** وكل البواكي غيرهن جمود ) ويقول كان يحسن إليها ولا بنحرها وهذا هجاء وضده مدح وهو قوله ( قتيلان لا تبكي المخاض عليهما ** إذا شبعت من قرمل وأفان ) يعني أنه يعقرها ويهبها فلا تحزن عليه والقرمل واحدها قرملة وهي شجرة ضعيفة كثيرة الماء تنفضخ إذا وطئت ومن أمثالهم ( ذليل عاذ بقرملة ) وإلأ فأني نبت واحدتها أفانيه ينبت في السهل وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي لمحرز العكلى ( يظل فؤادي شاخصا من مكانه ** لذكر الغواني مستهاما متيما ) ( إذا قلت مات الشوق مني تنسمت ** به أريحيات الهوى فتنسما ) وأنشدنا قال أنشدني أبي لرجل من بني رياح ( كفى حزنا أن لا يزال يعودني ** على النأي طيف من خيالك يا نعم ) ( وأنت مكان النجم منا وهل لنا ** من النجم إلا أن يقابلنا النجم ) ( وقال أبو زيد ) يقال رتمت أرتم رتما وحطمت أحطم حطما وكسرت أكسر كسرا ودققت أدق دقا هؤلاء الأربع جماع الكسر في كل وجه من الكسر وأنشد غيره ( لأصبح رتما دقاق الحصى ** مكان النبي من الكائب ) ويقال رضضت أرض رضا وفضضت أفض فضا ورفضت أرفض رفضا هؤلاء الثلاث في الكسر سواء وهرست أهرس هرسا إذا دققت الشيء في المهراس والهرس والوهس دقك الشيء لاشيء وبينه وبين الأرض وقاية ومثله نحزت أنحز نحزا ( قال أبو علي ) ومنه المنحاز وهو الهاون وقال أبو زيد نحزت النسيج إذا جذبت إليك الصيصية غير مهموزة لتحكم اللحمة وسحق يسحق سحقا وهو أشد الدق تدقيقا وسحقت الأرض الريح إذا عفت الآثار وأسفت التراب وانسحق الثوب انسحاقا إذا سقط زئبره وهو جديد وسهكت تسهك سهكا والريح تسهك التراب كما تسحق ورهك يرهك رهكا وجش يجش جشا فالرهك والفرهك ما جش بين حجرين والجش ما طحن بالرحيين والشيء جشيش ومجشوش وطحنت أطحن طحنا والطحن بالكسر الدقيق ورضخت أرضخ رضخا بإعجام الخاء وشدخت أشدخ شدخا وفدغت أفدغ فدغا وثلغت أثلغ ثلغا وثمغت أثمغ ثمغا وهؤلاء الخمس في الرطب ( وقال غير أبي زيد ) يقال رضخت النوى بالخاء رضخا رضضته ويقال للحجر الذي يرض به المرضاخ والرضخة النواة التي تطير من تحت الحجر قال الشاعر ( جلذية كأتان الضحل صلبها ** جرم السوادي رضوه بمرضاخ ) يصف ناقة ( وقال أبو زيد ) وغضف يغضف غضفا وخضد يخضد خضدا وغرض يغرض غرضا وهؤلاء الثلاث الكسر في الرطب واليابس وهو الكسر الذي لم يبن وقصمت أقصم قصما بالقاف وفصمت أفصم فصما بالفاء وعفت أعفت عفتا وهو الكسر الذي ليس فيه ارفضاض في رطب أو يابس ويقال هشمت أهشم هشما وهو كسر اليابس مثل العظم أو الرأس من بين الجسد أو في بيض وقالوا تممت الكسر تتميما إذا عنت فأبنته ووقرت العظم أقره وقرا إذا صدعته والوقر الصدع في العظم وروى أبو عبيدة عن أبي زيد هضضته أهضه هضا ودهسته والشيء دهيس ( وقال الأصمعي ) قرضمته قرضمة كسرته ( وقال ) وهسته أهوسه هوسا كسرته وأنشد ( إن لنا هواسة عريضا ** ) ( وقال ) المعثلب المكسور والدوك الدق والمدوك الحجر الذي يدق به ( وقال الكسائي ) وقصت عنقه أقصها وقصا ولا يقال وقصت العنق نفسها ( وقال الأموي ) أصرته آصره أصرا كسرته ( قال أبو علي ) الأصر العطف والصور مصدر صرته أصوره إذا أملته ومن هذا قيل للمائل العنق أصور وقد قرئ ( فصرهن إليك ) أي أملهن ومن قرأ ( فصرهن إليك ) أي قطعهن من قولهم صاره يصيره إذا قطعه ومن هذا قيل صار فلان إلى موضع كذا وكذا لأنه ميل وذهاب إلى ذلك الوجه ( وقال غيره ) وهصت ووطست ووقصت أي كسرت وقد روى بيت عنترة تطس الإكام بذات خف ميثم وروى تقص وتهص والوهص الكسر ( وقال الأصمعي ) وهصه يهصه وهصا وهزعه إذا كسره ( قال أبو علي ) وفي كتاب الغريب المصنف هصت وهكذا قرأته وأنا أشك فيه وأظنه وهصت فسقطت الواو عن الناقل إلينا وقصدته أقصد قصدا كسرته ومنه قيل ( القناقصد ) والقصم والفصم الكسر وبعضهم يفرق بينهما فيقول القصم الكسر الذي فيه بينونة والفصم الكسر الذي لم يبن ( وقال أبو عمرو ) الوهط الكسر يقال وهطه وحكى أنغرف عظمه أي انكسر ( قال أبو زيد ) ومن أمثال العرب ( لا يعدم عائس وصلات ) يقال ذلك للرجل الذي قد أرمل من الزاد والمال فيلقى الرجل فينال منه ثم الآخر حتى يصل إلى أهله ( قال ) ومن أمثالهم ( ما أنت إلا كابنة الجبل مهما يقل تقل ) وذلك إذا تكلمت فرد عليك إنسان مثل كلامك يريد الصدى الذي يجيبك بما تتكلم به ومن أمثال العرب عود يعود العنج والعنج الرياضة قال ومن أمثال العرب ( نعيم كلب في بؤس أهله ) ويقال بئيس أهله ويقال بئس أهله لغتان يضرب مثلا للرجل يأكل مال غيره فيسمن وينعم وأصله أن كلبا سمن وأهزل الناس لأكل الجيف فاهله بائسون وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال بلغني أنه ولد للحسن البصري غلام فهنأه بعض أصحابه فقال الحسن نحمد الله على هبته ونستزيده من نعمته ولا مر حبا بمن أن كنت غنيا أذهلني وإن كنت فقيرا أتعبني لا أرضى له بسعي سعيا ولا بكدي له في الحياة كدا أشفق عليه من الفاقة بعد وفاتي وأنا في حال لا يصل إلي من همه حزن ولا من فرحه سرور وبهذا الإسناد قال بلغني أن محمد بن كعب القرظي قال لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لا تتخذن وزيرا إلا عالما ولا أمينا إلا بالجميل معروفا وبالمعروف موصوفا فإنهم شركاؤك في أمانتك وأعوانك على أمورك فإن صلحوا أصلحوا وأن فسدوا أفسدوا وبهذا الإسناد قال قال عبد الملك بن مروان رحمه الله يا بني أمية أبذلوا نداكم وكفوا أذاكم واعفوا إذا قدرتم ولا تبخلوا إذا سئلتم فإن خير المال ما أفاد حمدا أو نفى ذما ولا يقولن أحدكم أبدأ بمن تعول فإنما الناس عيال الله قد تكفل الله بأرزاقهم فمن وسع أخلف الله عليه ومن ضيق ضيق الله عليه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول لا يوجد العجول محمودا ولا الغضوب مسرورا ولا الملول ذا إخوان ولا الحر حريصا ولا الشره غنيا وحدثنا قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول صن عقلك بالحلم ومروأتك بالعفاف ونجدتك بمجانبة الخيلاء وخلتك بالإجمال في الطلب وحدثنا قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول أقبح أعمال المقتدرين الإنتقام وما استنبط الصواب بمثل المشاورة ولا حصنت النعم بمثل المواساة ولا اكتسبت البغضاء مثل الكبر وقرأت على أبي بكر بن دريد للشماخ ( كلا يومي طوالة وصل أروى ** ظنون أن مطرح الظنون ) طوالة اسم بئز كان لقيها عليها مرتين فلم ير ما يحب والمعنى في كلا يومى طواله وصل أروى ظنون والظنون الذي لا يوثق به كالبئر الظنون وهي القليلة الماء التي لا تثق بمائها ثم أقبل على نفسه فقال قد حان أن أترك الوصل الظنوهن وأطرحه ثم قال ( وما أروى وإن كرمت علينا ** بأدنى من موقفة حرون ) الموقفة الأروية التي في قوائمها خطوط كأنها الخلاخل والوقف الخلخال من الذبل والتوقيف البياض مع السواد فأراد أن في قوائمها خطوطا تخالف لونها والحرون التي تحرن في أعلى الجبل فلا تبرح يقول فهذه المرأة ليست بأقرب من هذه الأروية التي لا يقدر عليها ثم قال ( تطيف بها الرماة وتتقيهم ** بأوعال معطفة القرون ) يقول تطيف بهذه الأروية الرماة فلا تبرح لأنها في أعلى الجبل ودونها أوعال فلا تصل إليها نبل الرماة لأنهم يرمون تلك لأنها أقرب إليهم فكأنها تقي نفسها بها وإنما يؤكد بهذا بعدها وأنها لا يقدر عليها وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال كان بشر بن مروان شديدا على العصاة فكان إذا ظفر بالعاصي أقامه على كرسي وسمر كفيه في الحائط بمسمار ونزع الكرسي من تحته فيضطرب معلقا حتى يموت وكان فتى من بني عجل مع المهلب وهو يحارب الأزارقة وكان عاشقا لإبنة عم له فكتبت إليه تستزيره فكتب إليها ( لولا مخافة بشر أو عقوبته ** أو أن يشد على كفي مسمار ) ( إذا لعطلت ثغري ثم زرتكم ** إن المحب إذا ما اشتاق زوار ) فكتبت إليه ( ليس المحب الذي يخشى العقاب ولو ** كانت عقوبته في إلفه النار ) ( بل المحب الذي لا شيء يمنعه ** أو تستقر ومن يهوى به الدار ) قال فلما قرأ كتابها عطل ثغره وانصرف إليها وهو يقول ( أستغفر الله إذ خفت الأمير ولم ** أخش الذي أنا منه غير منتصر ) ( فشأن بشر بلحمي فليعذبه ** أو يعف عفو أمير خير مقتدر ) ( فما أبالي إذا أمسيت راضية ** يا هند ما نيل من شعرى ومن بشرى ) ثم قدم البصرة فما أقام إلا يومين حتى وشى به واش إلى بشر فقال علي به فأتي به فقال يا فاسق عطلت ثغرك هلموا الكرسي فقال أعز الله الأمير إن لي عذرا فقال وما عذرك فأنشده الأبيات فرق له وكتب إلى المهلب فأثبته في أصحابه ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لتماضر بنت مسعود بن عقبة أخي ذي الرمة وكان خرج بها زوجها إلى القفين ( نظرت ودوني القف ذو النخل هل أرى ** أجارع في آل الضحى من ذرى الأمل ) ( فيالك من شوق وجيع ونظرة ** ثناها على القف خبلا من الخبل ) ( ألا حبذا ما بين حزوى وشارع ** وأنقاء سلمى من حزون ومن سهل ) ( لعمري لأصوات المكاكي بالضحى ** وصوت صبا في حائط الرمث بالدحل ) ( وصوت شمال زعزعت بعد هدأة ** ألاء وأسباطا وأرطى من الحبل ) ( أحب إلينا من صياح دجاجة ** وديك وصوت الريح في سعف النخل ) ( فيا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** مجمهور حزوى حيث رببني أهلي ) ( قال أبو علي ) قال الأصمعي الأجارع جمع أجرع وجرعاء وهي الرابية السهلة والأمل جمع أميل والأميل الرمل المستطيل يكون ميلا وأكثر من ذلك والخبل الفساد في البدن والأنقاء جمع نقا وهي الرملة المستطيلة ليست بعظيمة والمكاكي جمع مكاء وهو طائر قال الشاعر ( إذا غرد المكاء في غير روضة ** فويل لأهل الشاء والحمرات ) ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال للرمث أول ما يبدو ورقه قبل أن يخرج قد أقل فإذا زاد على ذلك قيل قد أدبى فإذا ظهرت خضرته قيل قد بقل فإذا ابيض وأدرك قيل قد أحنط فإذا جاوز ذلك قيل قد أورس فهو وارس ولا يقال مورس والألاء شجر حسن المنظر مر المطعم قال بشر ( فإنكم ومدحكم بجيرا ** أبا لجإ كما امتدح الألاء ) ( يراه الناس أخضر من بعيد ** وتمنعه المرارة والإباء ) والأسباط جمع سبط وهو ضرب من الشجر أيضا والحبل المستطيل من الرمل ( قال أبو علي ) وقرأت عليه لإبنة الحباب ( محاحب يحيى حب يعلى فأصبحت ** ليحيى توالي حبنا وأوائله ) ( ألا بابي يحيى ومثنى ردائه ** وحيث التقت من متن يحيى حمائله ) وقالت فيه أيضا ( أأضرب في يحيى وبيني وبينه ** تنائف لو تسري بها الريح كلت ) ( ألا ليت يحيى يوم عيهم زارنا ** وأن نهلت مني السياط وعلت ) ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة المعروف بنفطويه قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ( أمن أجل دار بين لوذان فالنقى ** غداة اللوى عيناك تبتدران ) ( فقلت ألا لابل قذيت وإنما ** قذى العين لي ما هيج الطللان ) ( فيا طلحتي لو ذان لا زال فيكما ** لمن يبتغي ظليكما فننان ) ( وإن كنتما هيجتما لاعج الهوى ** ودانيتما ما ليس بالمتداني ) وأنشدنا أيضا ( ألا يا سيالات الدحائل باللوى ** عليكن من بين السيال سلام ) ( وإني لمجلوب لي الشوق كلما ** تغرد في أفنانكن حمام ) ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لإبن الدمينة ( قفي يا أميم القلب نشكو الذي بنا ** وفرط الهوى ثم افعلي ما بدا لك ) ( سلي البانة الغناء بالأجرع الذي ** به البان هل حييت أطلال دارك ) ( وهل قت في أطلالهن عشية ** مقام أخي البأساء واخترت ذلك ) ( ليهنئك إمساكي بكفي على الحشى ** ورقراق عيني رهبة من زيالك ) ( لو قلت طأفي النار أعلم أنه ** هوى لك أو مدن لنا من نوالك ) ( لقدمت رجلي نحوها فوطئتها ** هدى منك لي أو ضلة من ضلالك ) ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو عمر المطرز غلام ثعلب قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي ( فلو كنت أدري أن ماكان كائن ** حذرتك أيام الفؤاد سليم ) ( ولكن حسبت الصرم شيأ أطيقه ** إذا رمت أو حاولت فيك عزيم ) ( أخا الجن بلغها السلام فإنني ** من الإنس مزور الجناب كتوم ) ( قال أبو علي ) هكذا أنشدنا جناب وهو عندي جناب من قولهم لج فلان في جناب قبيح إذا لج في مجانبة أهله ( أخا الجن ما ندري إذا لم يدم لنا ** خليل صفاء الود كيف نديم ) ( ولا كيف بالهجران والقلب آلف ** ولا كيف يرضى بالهوان كريم ) ( قال الأصمعي ) الدفينة والدثينة منزل لبني سليم ويقال اغتفت الخيل واغتثت إذا أصابت شيأ من الربيع وهي الغفة والغثة قال طفيل الغنوي ( وكنا إذا ما اغتفت الخيل غفة ** تجرد طلاب التراب مطلب ) ويقال فلغ رأسه وثلغ رأسه إذا شدخه ويقال جدف وجدت للقبر والدفئي والدثئي مثاله الدفعي من المطر ووقته إذا فاءت الأرض الكمأة فلم يبق فيها شيء والحثالة والحفالة الرديء من كل شيء قال أبو عبيدة الحفالة والحثالة واحد وهي من التمر والشعير وما أشبههما القشارة منه ( وقال أبو عمرو ) الفناء والثناء في فناء الدار وحكي غلام ثوهد وفوهد وهو الناعم وحكي الأرفة والأرثة للحدبين الأرضين وقال اللحياني الأثافي والأثاثي ولغة بني تميم الأثاثي وتوفر وتحمد وتوثر وتحمد ( وقال الفراء ) المغافير والمغاثير شيء ينضجه الثمام والرمث والعشر كالعسل ( قال ) وسمعت العرب تقول خرجنا نتمغفر ونتمغثر أي نأخذ المغفور ( قال ) وسمعت الكسائي يحكي عن العرب مغفر لواحد المغافير والفوم والثوم الحنطة وفي قراءة ابن مسعود ( وثومها وعدسها ) وثوب فرقبي وثرقبي ووقعوا في عافور شر وعاثور شر قال العجاج وبلدة مرهوبة العاثور قال يعقوب ابن السكيت نرى أنه من قولهم عثر يعثر إذا وقع في الشر والنفي والنثي ما نفاه الرشاء من الماء قال الراجز ( كأن متنيه من النفي ** مواقع الطير على الصفي ) ويروى الصفي بالكسر والضم وثم وفم في النسق والنكاف والنكاث داء يأخذ الإبل وفروغ الدلو وثر وغها مصب مائها ويقال للشيخ مر يدلف ويدلث إذا مشى مشيا ضعيفا وعفنت في الجبل أعفن وعثنت أعثن إذا صعدت في الجبل ويقال هو الضلال ابن فهلل وثهلل وفهلل أيضا عن اللحياني واللفام واللثام قال الفراء اللثام على الفم واللفام على الأرنبة وفلان ذو فروة وثروة أي ذو كثرة من المال وقال ابن الأعرابي يقال انفجر الجرح وانثجر وطلف على الثمانين وطلث إذا زاد عليها وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لطفيل ( كأن على أعطافه ثوب مامح ** وإن يلق كلب بين لحييه يذهب ) أعطافه جوانبه وإنماله عطفان والمائح الذي ينزل في البئر فيملأ الدلو فكلما جذبت دلو انصب عليه من مائها فابتل فشبه الفرس وقد ابتل من العرق بثوب المائح ومثله ( أبيت كأني كل آخر ليلة ** من الرحضاء آخر الليل مائح ) وقوله وإن يلق كلب بين لحييه أراد أنه واسع الشدقين ثم قال ( كأن على أعرافه ولجامه ** سناضرم من عرفج متلهب ) السنى الضوء فيقول كأن على أعرافه ولجامه ضوء ضرم وإذا كان له ضوء كان له حفيف فيقول يحف من شادة العدو حتى كأن عرفجا يتضرم على أعرافه وعنانه ومثله قول العجاج كأنما يستضرمان العرفجا يستضرمان يوقدان يعني حمارين كأنما حفيفهما حفيف العرفج وكان ابن الأعرابي يقول سألت غنيا كلها أو سمعت غنيا تقول إنما وصفه بالشقرة شبه شقرته على عنانه في حر الشمس بتوقد النار في يبيس العرفج وكان عمارة بن عقيل يقول أيضا وصفه بالشقرة ( قال أبو علي ) وبيت طفيل هذا أحد الأبيات التي غلب فيها أبو نصر على ابن الأعرابي وذلك أن أبا نصر ذهب فيه إلى قول الأصمعي وهو التفسير الأول ومثله في الحفيف ( جموحا مروحا وإحضارها ** كمعمعة السعف المحرق ) ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لأعرابي من لم يتزوج امرأتين لم يذق حلاوة العيش فتزوج امرأتين ثم ندم فأنشأ يقول ( تزوجت اثنتين لفرط جهلي ** بما يشقى به زوج اثنتين ) ( فقلت أصير بينهما خروفا ** أنعم بين أكرم نعجتين ) ( فصرت كنعجة تضحى وتمسى ** تداول بين أخبث ذئبتين ) ( رضا هذي يهيج سخط هذي ** فما أعرى من احدى السخطتين ) ( وألقى في المعيشة كل ضر ** كذاك الضر بين الضرتين ) ( لهذي ليلة ولتلك أخرى ** عتاب دائم في الليلتين ) ( فإن أحببت أن تبقى كريما ** من الخيرات مملوء اليدين ) ( وتدرك ملك ذي يزن وعمرو ** وذي جدن وملك الحارثين ) ( وملك المنذرين وذي نواس ** وتبع القديم وذي رعين ) ( فعش عزبا فإن لم تستطعه ** فضربا في عراض الحجفلين ) ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كنت مؤاخيا لرجل من أهل حمى ضرية وكان جوادا رث الحال فمررت به يوما في بعض ترددي على الأحياء فإذا هو كئيب فسألته عن شأنه فقال ( ثمانين حولا لا أرى منك راحة ** لهنك في الدنيا لباقية العمر ) ( فإن أنقلب من عمر صعبة سالما ** تكن من نساء الناس لي بيضة العقر ) والبيتان لعروة الرحال فاقبلت عليه أعظه وأصبره فأنشأ يقول ( فلو أن نفسي في يدي مطيعتي ** لأرسلتها بمما ألاقي من الهم ) ( ولو كان قتليها حلالا قتلتها ** وكان ورود الموت خيرا من الغم ) ( تعرضت للأفعي أحاول وطأها ** لعلي أنجو من صعيبة بالسم ) ( فيارب إكفنها والا فنجني ** وإن كان يومي قبلها فاقضين حتمي ) ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله أن أبا عثمان أنشدهم عن التوزي عن أبي عبيدة لأعرابي طلق امرأته ثم ندم فقال ( ندمت وما تغني الندامة بعدما ** خرجن ثلاث ما لهن رجوع ) ( ثلاث يحرمن الحلال على الفتى ** ويصدعن شعب الدار وهو جميع ) ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن وافدا وفد على عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال له كيف تركت الناس قال تركت غنيهم موفورا وفقيرهم محبورا وظالمهم مقهورا ومظلومهم منصورا فقال الحمد لله لو لم تتم واحدة من هذه الخصال إلا بعضو من أعضائي لكان يسيرا وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال بعض الحكماء من كانت فيه سبع خصال لم يعدم سبعا من كان جوادا لم يعدم الشرف ومن كان ذا وفاء لم يعدم المقة ومن كان صدوقا لم يعدم القبول ومن كان شكورا لم يعدم الزيادة ومن كان ذا رعاية للحقوق لم يعدم السؤدد ومن كان منصفا لم يعدم العافية ومن كان متواضعا لم يعدم الكرامة وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن العباس بن هشام عن أبيه قال كان قس بن ساعدة يفد على قيصر ويزوره فقال له قيصر يوما ما أفضل العقل قال معرفة المرء بنفسه قال فما أفضل العلم قال وقوف المرء عند علمه قال فما أفضل المرؤءة قال استبقاء الرجل ماء وجهه قال فما أفضل المال قال ما قضي به الحقوق وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم رحمه الله عن العتبي قال حدثني أبي قال حدثني رجل من أهل الشام عن الأبرش الكلبي أنه سمع الوليد بن عقبة وعمرو بن سعيد بن العاص يتلاحيان في مجلس معاوية رحمه الله فتكلم الوليد فقال له عمرو كذبت أو كذبت فقال له الوليد اسكت يا طليق اللسان منزوع الحياء ويا ألأم أهل بيته فلعمري لقد بلغ بك البخل الغاية الشائنة المذلة لأهلها فساءت خلائقك لبخلك فمنعت الحقوق ولزمت العقوق فأنت غير مشيد البنيان ولا رفيع المكان فقال له عمرو والله إن قريشا لتعلم أني غير حلو المذاقه ولا لذيذ الملاكه وإني لكا الشجا في الحلق ولقد علمت أني ساكن الليل داهية النهار لا أتبع الأفياء ولا أنتمي إلى غير أبي ولا يجهل حسبى حام لحقائق الذمار غير هيوب عند الوعيد ولا خائف رعديد فلم تعير بالبخل وقد جبلت عليه فلعمري لقد أورثتك الضرورة لؤما والبخل فحشا فقطعت رحمك وجرت في قضيتك وأضعت حق من وليت أمره فلست ترجى للعظائم ولا تعرف بالمكارم ولا تستعف عن المحارم لم تقدر على التوقير ولم يحكم منك التدبير فأفحم الوليد فقال معاوية وساءه ذلك كفالا أبالكما لا يرتفع بكما القول إلى مالا نريد ثم أنشأ عمرو يقول ( وليد إذا ما كنت في القوم جالسا ** فكن ساكنا منك الوقار على بال ) ( ولا يبدرن الدهر من فيك منطق ** بلا نظر قد كان منك وإغفال ) وقرأت على أبي بكر لطفيل الغنوي ( ظعائن أبرقن الخريف وشمنه ** وخفن الهمام أن تقاد قنابله ) ( على إثر حي لا يرى النجم طالعا ** من الليل إلا وهو قفر منازله ) أبرقن الخريف رأين برق الخريف وقال بعضهم دخلن في برق الخريف وشمنه أبصرنه والشيم النظر إلى البرق خاصة وقوله وخفن الهمام يعني دخلت شهور الحل فخفن أن يغير عليهن فتنكبن ناحيته وتباعدن عنه والقنابل جمع قنبلة وهي الجماعة من الخيل وقوله لا يرى النجم طالعا من الليل يقول هذا الحي لا يرى النجم طالعا بسدفة إلا رحل إلى مكان آخر يبتغي النجعة وذلك في وقت من الأوقات فكأنه أبدا قفر ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه سمعت أعرابيا يقول العاقل حقيق أن يسخى بنفسه عن الدنيا لعلمه أن لا ينال أحد فيها شيأ إلا قل إمتاعه به أو كثر عناؤه فيه واشتدت مرزئته عليه عند فراقه وعظمت التبعة فيه بعده وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه وأبو حاتم عن العتبي قالا قال أعرابي خير الأخوان من ينيل عرفا أو يدفع ضرا وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال شبيب بن شبة أخوان الصدق خير مكاسب الدنيا هم زينة في الرخاء وعدة في البلاء ومعونة على حسن المعاش والمعاد وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة لعمر بن أبي ربيعة من خط ابن سعدان ( أعبدة ما ينسى مودتك القلب ** ولا هو يسليه رخاء ولا كرب ) ( ولا قول واش كاشح ذي عداوة ** ولا بعد داران نأيت ولا قرب ) ( وما ذاك من نعمى لديك أصابها ** ولكن حبا ما يقار به حب ) ( فإن تقبلي يا عبد توبة تائب ** يتب ثم لا يوجد له أبدا ذنب ) ( أذل لكم يا عبد فيما هو يتم ** وإني إذا ما رامني غيركم صعب ) ( وأعذل نفسي في الهوى فتعوقني ** ويأصرني قلب بكم كلف صب ) ( وفي الصبر عمن لا يؤاتيك راحة ** ولكنه لا صبر عندي ولا لب ) ( وعبدة بيضاء المحاجر طفلة ** منعمة تصبي الحليم وما تصبو ) ( قطوف من الحور الأوانس بالضحى ** متى تمش قيس الباع من بهرها تربو ) ( فلست بناس يوم قالت لأربع ** نواعم غر كلهن لها ترب ) ( ألا ليت شعرى فيم كان صدوده ** أعلق أخرى أم علي به عتب ) وقرأت عليه له أيضا ( ألا يا من أحب بكل نفسي ** ومن هو من جميع الناس حسبي ) ( ومن يظلم فأغفره جميعا ** ومن هو لا يهم بغفر ذنبي ) وقرأت عليه أيضا ( بنفسي من أشتكى حبه ** ومن ان شكا الحب لم يكذب ) ( ومن إن تسخط أعتبته ** وإن يرني ساخطا يعتب ) ( ومن لا أبالي رضا غيره ** إذا هو سر ولم يغضب ) ( ومن لا يطيع بنا أهله ** ومن قد عصيت له أقربي ) ( ومن لو نهاني من حبه ** عن الماء عطشان لم أشرب ) ( ومن لا سلاح له يتقى ** وإن هو نوزل لم يغلب ) ( قال أبو علي ) وقرئ على أبي عمر المطرز وأنا أسمع قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي ( هل الريح أو برق الغمامة مخبر ** ضمائر حاج لا أطيق لها ذكرا ) ( سليمى سقاها الله حيث تصرفت ** بها غربات الدار عن دارنا القطرا ) ( إذا درجت ريح الصبا وتنسمت تعرفت من تجدو ساكنه نشرا ) ( فقرف قرح القلب بعد اندماله ** وهيج دمعا لا جمودا ولا نزرا ) ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله أن أبا عثمان أنشدهم عن التوزي عن أبي عبيدة لرجل من بني عبس ( إذا راح ركب مصعدين فقلبه ** مع الرائحين المصعدين جنيب ) ( وان هب علوي الرياح رأيتني ** كأني لعلو ياتهن نسيب ) ( وان الكثيب الفرد من جانب الحمى ** إلي وإن لم آته لحبيب ) ( فلا خير في الدنيا إذا أنت لم تزر ** حبيبا ولم يطرب إليك حبيب ) وأنشدنا قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه للأقرع بن معاذ القشيري ( يقر بعيني أن أرى ضوء مزنة ** يمانية أو أن تهب جنوب ) ( لقد شغفتني أم بكر وبغضت ** إلي نساء ما لهن ذنوب ) ( أراك من الضرب الذي يجمع الهوى ** ودونك نسوان لهن ضروب ) ( وقد كنت قبل اليوم أحسب أنني ** ذلول بأيام الفراق أديب ) ويروى أريب وأنشدنا قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لمرار بن هباش الطائي ( سقى الله أطلالا باحبلة الحمى ** وإن كن قد أبدين للناس ما بيا ) ( منازل لو مرت بهن جنازتي ** لقال صداي حاملي انزلانيا ) ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ( من كان يزعم أن سيكتم حبه ** حتى يشكك فيه فهو كذوب ) ( الحب أغلب للفؤاد بقهره ** من أن يرى للستر فيه نصيب ) ( وإذا بدا سر اللبيب فإنه ** لم يبد إلا والفتى مغلوب ) ( إني لأبغض عاشقا متسترا ** لم تتهمه أعين وقلوب ) وحدثنا أبو يعقوب وراق أبي بكر بن دريد قال أخبرنا أحمد بن عمرو قال حدثني أبي عمرو ابن محمد عن أبي عبيدة قال دخل الأحنف بن قيس على معاوية ويزيد بين يديه وهو ينظر إليه إعجابا به فقال يا أبا بحر ما تقول في الولد فعلم ما أراد فقال يا أمير المؤمنين هم عماد ظهورنا وثمر قلوبنا وقرة أعيننا بهم نصول على أعدائنا وهم الخلف منا لمن بعدنا فكن لهم أرضا ذليله وسماء ظليله أن سألوك فأعطهم وان استعتبوك فأعتبهم لا تمنعهم رفدك فيملوا قربك ويكرهوا حياتك ويستبطؤوا وفاتك فقال لله درك يا أبا بحر هم كما وصفت وقرأت على أبي بكر بن دريد لطفيل الغنوي ( فلو كنت سيفا كان أثرك جعرة ** وكنت ددانا لا يغيرك الصقل ) الجعرة أثر الجعار والجعار حبل يوثق به في حقو الساقي إلى عمود القامة فإن انقطع الرشاء لم يهو المائح في البئر فيقول كنت سيفا كليلا لا يؤثر إلا كأثر الجعار والددان والكهام والكهيم الكليل ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال رأيت في أرض بني فلان نعاعة حسنة ويقال لعاعة وهو نبت ناعم في أول ما يبدو رقيق لم يغلظ ويقال إنما الدنيا لعاعة قال ابن مقبل ( كاد اللعاع من الحوذان يسحطها ** ورجرج بين لحييها خناطيل ) يسحطها يذبحها والرجرج اللعاب يترجرج وخناطيل قطع متفرقة ويقال بعير رفل ورفن إذا كان سابغ الذنب قال ابن صيادة يصف فحلا ( يتبعن سد وسبط جعد رفل ** كأن حيث تلتقي منه المحل ) ( من قطريه وعلان ووعل ) وقال النابغة ( بكل مجرب كالليث يسمو إلى أوصال ذيال رفن ) ويقال هتنت السماء وهتلت تهتن تهتانا وتهتل تهتالا وهي سحائب هتن وهتل وهو فوق الهطل قال ( فسحت دموعي في الرداء كأنها ** كلا من شعيب ذات سح وتهتان ) وقال العجاج ( عزز منه وهو معطى الأسهال ** ضرب السواري متنه بالتهتال ) ( قال أبو علي ) هكذا يرويه البصريون عزز يريدون صلب والسدول والسدون ما جلل به الهودج قال الزفيان ( كأنما علقن بالأسدان ** يانع حماض وأقحوان ) وقال حميد بن ثور ( فرحن وقد زايلن كل صنيعة ** لهن وباشرن السديل المرقما ) يصف نساء والكتن والكتل التلزج ولزوق الوسخ بالشيء وأنشد لإبن ميادة ( تشرب منه نهلات وتعل ** وفي مراغ جلدها منه كتل ) وقال ابن مقبل ( ذعرت به العير مستوزيا ** شكير جحافله قد كتن ) مستوز يا منتصبا مرتفعا والشكير الشعر الضعيف ههنا وكتن أي لزق به أثر خضرة العشب ويقال طبرزن وطبرزل للسكر والرهدنة والرهدلة وهي الرهادن والرهادل وهو طوير يشبه القبرة إلا أنه ليست له قنزعة وقال الطوسي الرهدن والرهدل الضعيف والرهدن والرهدل طوير أيضا ويقال لقيته أصيلانا وأصيلالا أي عشيا ( قال الفراء ) جمعوا أصيلا أصلانا كما يقال بعير وبعران ثم صغر والجمع وأبدلوا النون لا ما ( وقال أبو عمرو الشيباني ) الغرين والغريل ما يبقى من الماء في الحوض والغدير الذي تبقى فيه الدعاميص لا يقدر على شربه وقال الأصمعي الغرين إذا جاء السيل فثبت في الأرض فجف فترى الطين قد جف ورق فهو الغرين ( وقال أبو عمرو ) الدمال السرجين ويقال الدمان بالنون ( وقال الفراء ) يقال هو شثن الأصابع وشتلها وهو كبن الدلو وكبل الدلو ( وقال الأصمعي ) الكبن ماثني من الجلد عند شفة الدلو ( قال ) وكل كف كبن يقال قد كبنت عنك بعض لساني أي كففت وقد كبنت ثوبي في معنى غبنته ولم يعرفها باللام ( قال أبو علي ) غبنت ثوبي وكففته واحد ( قال ) ويقال رجل كبنة إذا كان منقبضا عن الناس ( وقال الفراء ) يقال أتن يأتن وأتل يأتل وهو الأتلان والأتلال وهو أن يقارب خطوه في غضب قال وأنشدني أبو ثروان ( أأن حن أجمال وفارق جيرة ** عنيت بنا ما كان نولك تفعل ) ( ومن يسأل الأيام نأي صديقه ** وصرف الليالي يعط ما كان يسأل ) ( أراني لا آتيك إلا كأنما ** أسأت وإلا أنت غضبان تأتل ) ( أردت لكيما لا ترى لي عثرة ** ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل ) وقال الفراء العرب تجمع ذألان الذئب ذآ ليل ( قال أبو علي ) الذألان من المشي الخفيف ومنه سمى الذئب ذؤالة والدألان بالدال مشي الذي كأنه يبغي في مشيته وقال اللحياني عن الكسائي يقال أتاني هذا الأمر وما مأنت مأنه وما مألت أي ما تهيأت له وهو حنك الغراب وحلكه لسواده ( قال ) وقلت لأعرابي أتقول مثل حنك الغراب أو حلكه فقال لا أقول مثل حلكه قال أبو زيد الحلك اللون والحنك المنسر ( قال أبو علي ) المنسر المنقار وإنما سمي منسرا لأنه ينسر به أي ينتف به ( وقال الكسائي ) هو العبد زلمة وزلمة وزلمة وزنمة وزنمة وزنمة أي قده قد العبد ( وقال الفراء ) عنوان الكتاب وعلوانه وعنيانه وقد عنونته عنونة وعنوانا وعلونته علونة وعلوانا ( وقال اللحياني ) ( أبنته وأبلته إذا أثنيتى عليه بعد موته ويقال هو على آسان من أبيه وعلى آسال من أبيه وقد تأسن أباه وتأسله إذا نزع إليه في الشبه وعتلته إلى السجن وعتنته أعتله وأعتله وأعتنه وأعتنه ويقال ارمعل الدمع وارمعن إذا تتابع ويقال لابل ولابن وإسماعيل وإسماعين وميكائيل وميكائين وإسرافيل وإسرافين وإسرائين وإسرائيل وأنشد ( قد جرت الطير أيامنينا ** قالت وكنت رجلا فطينا ) ( هذا ورب البيت إسرائينا ** ) قال أبو بكر في كتاب المتناهي في اللغة هذا أعرابي أدخل قردا إلى سوق الحيرة ليبيعه فنظرت إليه امرأة فقالت مسخ فقال هذه الأبيات وشراحيل وشراحين وجبرئيل وجبرئين ويقال ألصت الشيء أليصه إلاصة وأنصته أنيصة إناصة إذا أدرته ( قال أبو علي ) يعني مثل إدارتك الوتد لتخرجه والدحل والدحن الخب الخبيث والدحن أيضا الكثير اللحم وبعير دحنة إذا كان عريضا كثير اللحم وأنشد ( ألا أرحلوا دعكنة دحنه ** بما ارتعى مزهية مغنه ) وقنة الجبل وقلته وشلت العين الدمع وشنت وذلاذل القميص وذناذنه لأسافله واحدها ذلذل وذنذن ( قال أبو علي ) وأبو زيد يقول واحدها ذلذل وقال اللحياني يقال هو خامل الذكر وخامن الذكر ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي قال حدثنا عبد الله بن محمد عن المدائني قال كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليهما كن كالمداوي جرحه صبر على شدة الدواء مخافة طول البلاء وحدثنا قال أخبرنا عبد الله بن محمد عن المدائني عن علي بن حماد قال كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى رجل اتق الدنيا فإن مسهالين وارفض نعيمها لقلة ما يتبعك منه واترك ما يعجبك منها السرعة مفارقتها وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثني أحمد بن عبيد قال قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله قبل خلافته ( إنه الفؤاد عن الصبا ** وعن انقياد للهوى ) ( فلعمر ربك إن في ** شيب المفارق والجلى ) ( لك واعظا لو كنت تتعظ اتعاظ ذوي النهى ** ) حتى متى لا ترعوي ** وإلى متى وإلى متى ) ( ما بعد أن سميت كهلا واستلبت اسم الفتى ** ) ( بلي الشباب وأنت إن ** عمرت رهن للبلى ) ( وكفى بذلك زاجرا ** للمرء عن غي كفى ) ( قال أبو علي ) الأنزع الذي قد انحسر الشعر عن جانبي جبهته فاذا زاد قليلا فهو أجلح فإذا بلغ النصف فهو أجلى ثم هو أجله قال رؤبة ( لما رأتني خلق المموه ** برأق أصلاد الجبين الأجله ) ( بعد غداني الشباب الأبله ** ) قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الله قال حدثني صالح بن صالح قال حدثنا محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال بن وكيع بن بشر بن عمرو قال حدثنا زيد بن أسلم مولى بني عدي وكان إمامهم قال اجتمع اسحق بن سويد العدوي وذو الرمة في مجلس فأتوا بالطعام فطعموا وأتوا بالنبيذ فشرب ذو الرمة وأبي إسحق بن سويد العدوي فقال ذو الرمة ( أما النبيذ فلا يذعرك شاربه ** واحفظ ثيابك ممن يشرب الماء ) ( قوم يوارون عما في صدورهم ** حتى إذا استمكنوا كانوا هم الداءا ) ( مشمرين إلى أنصاف سوقهم ** هم اللصوص وهم يدعون قراءا ) فقال إسحق بن سويد ( أما النبيذ فقد يزرى بشاربه ** ولن ترى شاربا أزرى به الماء ) ( الماء فيه حياة الناس كلهم ** وفي النبيذ إذا عاقرته الداء ) ( يقال هذا نبيذي يعاقره ** فيه عن البر والخيرات إبطاء ) ( وفيه أن قيل مهلا عن مصممه ** وفيه عندر كوب الإثم إغضاء ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال وشى واش بعبد الله بن همام السلولي إلى زياد فقال له أنه هجاك فقال أأجمع بينك وبينه قال نعم فبعث زياد إلى ابن همام فأتي به وأدخل الرجل بيتا فقال زياد يا ابن همام بلغني أنك هجوتني فقال كلا أصلحك الله ما فعلت ولا أنت لذلك بأهل فقال ان هذا الرجل أخبرني وأخرج الرجل فأطرق ابن همام هنيهة ثم أقبل على الرجل فقال ( أنت امرؤ إما ائتمنتك خاليا ** فخنت وإما قلت قولا بلا علم ) ( فأبت من الأمر الذي كان بيننا ** بمنزلة بين الخيانة والإثم ) فأعجب زياد بجوابه وأقصى الواشي ولم يقبل منه وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال دخل أعرابي على خالد بن عبد الله القسري فقال أصلح الله الأمير شيخ كبير حدته إليك بارية العظام ومؤرثة الأسقام ومطولة الأعوام فذهبت أمواله وذعذعت آباله وتغيرت أحواله فإن رأى الأمير أن يجبره بفضله وينعشه بسجله ويرده إلى أهله فقال كل ذلك وأمر له بعشرة آلاف درهم ( قال أبو علي ) بارية العظام التي تبري العظام وذعذعت فرقت السجل الدلو الذي فيه ماء وهو ههنا مثل وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد عن المفضل قال دخل العجاج على عبد الملك بن مروان فقال يا عجاج بلغني أنك لا تقدر على الهجاء فقال يا أمير المؤمنين من قدر على تشييد الأبنية أمكنه إخراب الأخبية قال فما يمنعك من ذلك قال أن لنا عزا يمنعنا من أن نظلم وأن لنا حلما يمنعنا من أن نظلم فعلام الهجاء فقال لكلماتك أشعر من شعرك فأنى لك عز يمنعك من أن تظلم قال الأدب البارع والفهم الناصع قال فما الحلم الذي يمنعك من أن تظلم قال الأدب المستطرف والطبع التالد قال يا عجاج لقد أصبحت حكيما قال وما يمنعني وأنا نجي أمير المؤمنين وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس ( إذا غاب عنكم أسود العين كنتم ** كراما وأنتم ما أقام ألاثم ) ( تحدث ركبان الحجيج بلؤمكم ** وتقري به الضيف اللقاح العواتم ) أسود العين جبل يقول لا تكونون كراما حتى يغيب هذا الجبل وهو لا يغيب أبدا وقوله وتقرى به الضيف اللقاح العواتم يعني أن أهل الأندية يتشاغلون بذكر لؤمكم عن حلب لقاحهم حتى يمسوا فإذا طرقهم الضيف صادف الألبان بحالها لم تحلب فنال حاجته فكأن لؤمكم قرى الأضياف والإشتغال بوصفه وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال أعطى رجل أعرابيا فأكثر له فقال له الأعرابي إن كنت جاوزت قدري عند نفسي فقد بلغت أملي فيك وحدثنا قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سأل رجل رجلا حاجة فقضاها فقال وضعتني من كرمك بحيث وضعت نفسي من رجائك وحدثنا أبو بكر قال حدثني الرياشي قال حدثنا الأصمعي قال سمعت أعرابيا يمدح رجلا فقال كان والله ساعيا في طلب المكارم غير ضال في معارج طرقها ولا متشاغل بغيرها عنها وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال سمعت أعرابيا يقول شيعنا الحي وفيهم أدوية السقام فقرأن بالحدق السلام وخرست الألسن عن الكلام ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي عبد الله نفطويه قال عثمان بن إبراهيم الحاطبي فقال لي بعد أن قرأت قطعة من الخبر فتبينه حدثنا بهذا الخبر أحمد بن يحيى عن الزبير بن بكار قال حدثني مصعب بن عبد الله عن عثمان بن إبراهيم الحاطبي قال أتيت عمر بن أبي ربيعة بعد أن نسك بسنتين فانتظرته فإذا هو في مجلس قومه بني مخزوم حتى إذا تفرق الناس عنه دنوت منه ومعي صاحب لي فقال لي هل لك أن تنظر هل بقى من الغزل شيء في نفسه فقلت دونك فقال يا أبا الخطاب أحسن والله رسيان العذري قال وفيما ذا قال حين يقول ( لو جذ بالسيف رأسي في مودتها ** لمال لا شك يهوي نحوها راسي ) فقال عمر أحسن والله فقال يا أبا الخطاب وأحسن والله نجبة بن جنادة العذري قال فيما ذا قال حين يقول ( سرت لعينك سلمى عند مغناها ** فبت مستلهيا من بعد مسراها ) ( فقلت أهلا وسهلا من هداك لنا ** إن كنت تماثلها أو كنت إياها ) ( تأتي الرياح التي من نحو بلدتكم ** حتى أقول دنت منابرياها ) وقد تراخت بناعنها نوى قذف ** هيهات مصبحها من بعد ممساها ) ( من حبها أتمنى أن يلاقيني ** من نحو بلدتها ناع فينعاها ) ( كيما أقول فراق لالقاء له ** وتضمر النفس يأستم تسلاها ) ( ولو تموت لراعتني وقلت لها ** يا بؤس للموت ليت الدهر أبقاها ) فضحك عمرو وقال أحسن ويحه والله لقد هيجتم على ما كان مني ساكنا لاحدثنكم حديثا حلوا بينا أنا منذ أعوام جالس إذ أتاني خالد الخريت فقال يا أبا الخطاب مر قبيلا اربع يردن كذا وكذا من مكة ولم أر مثلهن قط فهل لك أن تأتي متنكر افتسمع من حديثهن ولا يعلمن قلت ويحك وكيف لي بأن يخفى ذلك قال تلبس لبسة أعرابي ثم تجلس على قعود حتى تهجم عليهن قال فجلست على قعود ثم اتيتهن وسلمت عليهن فسألنني أن أحدثهن وأنشدتهن فانشدتهن لكثير وجميل وغيرهما فقلن يا أعرابي ما أملحك لو نزلت فتحدثت معنا يومنا هذا فإذا أمسيت انصرفت قال فأنخت قعودي فجلست معهن فتحدثت وأنشدتهن فدنت هند وهي التي كنت أشبب بها فمدت يدها فألقت عمامتي عن رأسي ثم قالت بالله أتراك خدعتنا منذ اليوم نحن والله خذ عناك ثم أرسلنا إليك خالدا ليأتين بك على أقبح هيآتك ونحن على ما ترى ثم أخذنا في الحديث فقالت يا سيدي لو رأيتني منذ أيام وأصبحت عند أهلي فادخلت رأسي في جيبي فلما نظرت إلى كعثبي فرأيته ملء العين وأمنيته المتمنى ناديت يا عمراه فصاح عمر بالبكاء يالبيكاه يالبيكاه ثم أنشأ يقول ( ألم تسأل الأطلال والمتربعا ** ببطن خليات دوارس بلقعا ) قال أبو علي وأملي علينا أبو عبدالله عرفت مصيف الحي والمتربعا وهو غلظ لأن عرفت مصيف الحي أول قصيدة جميل ( فيبخلن أو يخبرن بالعلم بعدما ** نكأن فؤادا كان قدما مفجعا ) ( بهند وأتراب لهند إذ الهوى ** جميع وإذا لم نخش أن يتصدعا ) ( وإذ نحن مثل الماء كان مزاجه ** كما صفق الساقي الرحيق المشعشعا ) ( وإذ لا نطيع العاذلين ولا نرى ** لواش لدينا يطلب الصرم مطمعا ) ( تنوعتن حتى عاود القلب سقمه ** وحتى تذكرت الحديث المودعا ) ( فقلت لمطريهن بالحسن إنما ** ضررت فهل تسطيع نفعا فتنفعا ) ( وأشريت فاستشرى وقد كان قد صحا ** فؤاد بأمثال المها كان موزعا ) وروى أبو عبد الله بامثال الدمى كان مولعا ومعنى مولع وموزع واحد ( وهيجت قلبا كان قد ودع الصبا ** وأشياعه فاشفع عسى أن تشفعا ) ( لئن كان ما قد قلت حقا لما أرى ** كمثل الألى أطريت في الناس أربعا ) ( فقال تعال انظر فقلت وكيف لي ** أخاف مقاما أن يشيع فيشنعا ) ( قال أبو علي ) هذا البيت لم يمله على أبو عبد الله وقرأته عليه من خط ابن سعدان ( فقال اكتفل التثم وأت باغيا ** فسلم ولا تكثر بأن تتورعا ) ( فإني سأخفي العين عنك فلا ترى ** مخافة أن يفشو الحديث فيسمعا ) ( فاقبلت أهوى مثل ما قال صاحبي ** لموعده أزجي قعودا موقعا ) ( فلما تواقفنا وسلمت أشرقت ** وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا ) وروى أبو عبد الله فلما تلاقينا ( تبالهن بالعرفان لما عرفنني ** وقلن امرؤ باغ أكل وأوضعا ) وروى أبو عبد الله لما رأينني وروى أيضا أضل فأوضعا ( قال أبو علي ) وهو أحب إلي ( وقربن أسباب الهوى لمتيم ** يقيس ذراعا كلما قسن اصبعا ) ( فلما تنازعن الأحاديث قلن لي ** أخفت علينا أن نغر ونخدعا ) وروى أبو عبد الله ( لكنت خليقا أن تغر وتخدعا ** ) ( فبالأمس أرسلنا بذلك خالدا ** إليك وبينا له الشأن أجمعا ) وروى أبو عبد الله لبالأمس أرسلنا ( فما جئتنا إلا على وفق موعد ** على ملأ منا خرجنا له معا ) ( رأينا خلاء من عيون ومجلسا ** دميث الربى سهل المحلة ممرعا ) ( وقلنا كريم نال وصل كرائم ** فحق له في اليوم أن يتمتعا ) وبخط ابن سعدان ( فحق لنا في اليوم أن نتمتعا ** ) ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لمرار بن هباش الطائي ( فما ماء مزن في ذرى متمنع ** حمى ورده وعر به ولصوب ) ( بأطيب من فيها وما ذقت طعمه ** سوى أن أرى بيضا لهن غروب ) ( أأهجر من قد خالط القلب حبه ** ومن هو موموق إلي حبيب ) ( قال الأصمعي ) من أمثال العرب ( زاحم بعود أودع ) يقول لا تستعن على أمرك الأباهل السن والمعرفة ( قال ) ومن أمثالهم ( الفحل يحمي شولة معقولا ) يعني أن الحر قد يحتمل الأمر الجليل ويحمى حريمه وإن كنت به علة ( قال ) ومن أمثالهم ( مخرنبق لينباع ) والمخرنبق المطرق الساكت وقوله لينباع أي ليثب وروى أبو عبيدة وأبو زيد لينباق أيضا ولم يفسراه ( قال أبو علي ) وأنا أقول لينباق ليندفع وقال الأصمعي من أمثالهم ( كان حمارا فاستأتن ) يضرب مثلا للرجل يهون بعد العز ( قال ) ومن أمثالهم ( الحقى أضرعتني إليك ) أي ذل للحاجة ( قال أبو علي ) إنما قيل هذا لأن صاحب الحاجة تأخذه رعشة عند التماس حاجته حرصا عليها يقول فهذا الذي بي من القل هو الذي أضرعني والقل الرعدة ( قال ) ومن أمثالهم ( عود يفلح ) يعني أن تحسن أسنانه وتنقى والقلح صفرة في الأسنان وقال أبو عبيدة وفي هذا المعنى من أمثالهم ( ومن العناء رياضة الهرم ) وقرأنا على أبي بكر بن دريد لأفنون التغلبي ( أنى جزوا عامرا سوأ بحسنهم ** أم كيف يجزونني السوأى من الحسن ) ( أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به ** رئمان أنف إذا ما ضن باللبن ) العلوق التي ترأم بأنفها وتمنع درها ويقول فأنتم تحسنون القول ولا تعطون شيأ فكيف ينفعني ذلك ( وقال أبو عبيدة ) السلسم والسلسب شجر وقال اللحياني أتانا وما عليه طحربة ولا طحرمة أي خرقة وكذلك يقال ما في السماء طحربة ولا طحرمة أي لطخ من غيم ويقال ما في نحي بني فلان عمقه ولا عبقه أي لطخ ولا وضر ( وقال أبو عمرو الشيباني ) ما زلت راتما على هذا الأمر وراتبا أي مقيما ( وقال الأصمعي ) بنات مخرو بنات بخر سحائب ياتين قبل الصيف بيض منتصبات قال طرفة ( كبنات المخر يمادن كما ** أنبت الصيف عساليج الخضر ) ( وقال أبو علي ) ويروى الخضر ( قال ) وكان أبو سرار الغنوي يقول با اسمك يريد ما اسمك ( وقال ) ظليم أربد وأرمد وهو لون إلى الغبرة ( وقال يعقوب بن السكيت ) قال بعضهم ليس هذا من الإبدال ومعنى أرمد يشبه لون الرماد وسمعت ظأب تيس بني فلان وظأم تيسهم بالهمز فيهما وهو صياحه عند هياجه وأنشد ( يصوع عنوقها أحوى زنيم ** له ظأب كما صخب الغريم ) قال أبو العباس أحمد بن يحيى ظاب التيس وظامه لا يهمزان ( قال أبو علي ) ورويناه في الغريب المصنف غير مهموز وظأم الرجل وظأبه بالهمز سلفه ويقال قد تظاءما وتظاءبا إذا تزوجا أختين ويقال للرجل إذا يبس من الهزال ما هو إلا عشبة وعشمة ( قال أبو علي ) وكذلك يقال للكبير الذي قد ذهب لحمه ويقال للعجوز قحمة وقحبة وكذلك لكل مسنة ويقال ساب فلانا فأرمى عليه وأربى أي زاد ( وقال الفراء ) يقال رميت وأرميت ( قال ) وكذلك يقال أرميت وأربيت على السبعين ورميت أي زدت ( قال ) وأنشدني أعرابي ( وأسمر خطيا كأن كعوبه ** نوى القسب قد أرمى ذراعا على العشر ) ويروى قد أربى ( وقال أبو عبيدة ) الرجمة والرجبة إذا طالت النخلة فخافوا أن تقع أو أن تميل رجبوها وهو أن يبنى لها بناء من حجارة يرفدها ويكون أيضا أن يجعل حول النخلة شوك وذلك إذا كانت غريبة طريفة لئلا يصعدها أحد ( قال الأصمعي ) ومنه قول الأنصاري ( أنا عديقها المرجب وجذيلها المحكك ) والعذيق تصغير عذق وهي النخلة نفسها بلغة أهل الحجاز والعذق الكباسة والكباسة تسمى القنو وجمعه قنوان والترجيب أن يبنى للنخلة دكان يرفدها من شق الميل وذلك إذا كرمت على أهلها وخافوا أن تقع فيقول إن لي عشيرة ترفدني وتمنعني وتعضدمي وقال أبو عبيدة يقال سمد رأسه وسبد رأسه والتسبيد أن يحلق رأسه حتى يلصقه بالجلد ويكون التسبيد أيضا أن يحلق الرأس ثم ينبت الشيء اليسير من الشعر ( وقال الأصمعي ) ويقال للرجل إذا نبت شعره واسود واستوى قد سبد رأسه وفي الحديث أن التسبيد في الحرورية فاش ويقال للفرخ إذا نبت ريشة فغطى جلده ولم يطل قد سبد وسمد قال الراعي ( لظل قطامي وتحت لبانه ** نواهض ربد ذات ريش مسبد ) ( وقال اللحياني ) هو يرمي من كثب ومن كثم أي من قرب وتمكن وضربة لازم ولازب وثوب شمارق وشبارق ومشمرق ومشبرق إذا كان ممزقا ويقال وقسع في بنات طمار وطبار أي داهية والعمري السدر الذي ينبت على الأنهار والمياه وما ينبت منه في الفلاة والبر فهو الضال والعجم والعجب أصل الذنب ويقال أدهقت الكأس إلى أصبارها وأصمارها إذا ملأتها إلى رأسها والواحد صمر وصبر ويقال رجل دنبة ودنمة للقصير ( وقال الأصمعي ) أخذت الأمر بإصباره أي بكله ويقال أخذتها بأصبارها أي تامة بجميعها وأنشد ( تربى على ما قد يفريه الفار ** مسك شبوبين لها بأصبار ) ويقال أسود غيهم وغيهب ويقال أصابتنا أزمة وأزبة وآزبة وهو الضيق والشدة ويقال صئب من الماء وصئم إذا امتلأ وروى منه ( وقال أبو عبيدة ) عقمة وعقبة لضرب من الوشى ويقال اضبأكت الأرض واضمأكت إذا اخضرت ويقال كبحته وكمحته وأكبحته وأكمحته ( وقال الأصمعي ) أكمحته إذا جذبت عنانه حتى ينتصب رأسه ومنه قوله والرأس مكمح وأكفحتها إذا تلقيت فاها باللجام تضر بهابه ومنه قيل لقيته كفاحا أي كفة كفة وكبحتها بغير ألف وهو أن تجذبها إليك وتضرب فاها باللجام لكي لا تجرى ( وقال يعقوب ) يقال ذأبته وذأمته إذا طردته وحقرته ويقال رأمت القدح ورأبته إذا شعبته ويقال زكب بنطفته وزكم بها إذا حذف بها ويقال هو ألأم زكبة وزكمة ويقال عبد عليه وأبدو أمد أي غضب ويقال المال يربى على كذا وكذا ويرمى ويردى أي يزيد ويقال وقعنا في بعكوكاء ومعكوكاء أي في غبار وجلبة وشر وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في بعكوكاء أي في اختلاط ( قال أبو علي ) المعنى واحد وقال الفراء يقال جردبت في الطعام وجردمت وهو أن يستر بيده على ما بين يديه من الطعام كيلا يتناوله أحد وأنشد ( إذا ما كنت في قوم شهاوى ** فلا تجعل شمالك جردبانا ) قال أبو العباس ويروى جردبانا بضم الجيم وقال غيره يقال مهلا وبهلا في معنى واحد ( وقال أبو عمرو الشيباني ) مهلا وبهلا اتباع قال والقرهم والقرهب السيد ( قال أبو علي ) والقرهب أيضا الثور المسن ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يقول إنما المرء في الدنيا غرض تنتضل فيه المنايا ونهب للمصائب ومع كل جرعة شرق وفي كل أكلة غصص ولا ينال العبد فيها نعمة إلا بفراق أخرى ولا يستقبل يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله فنحن أعوان الحتوف وأنفسنا تسوقنا إلى الفناء فمن أين نرجو البقاء وهذا الليل والنهار لم يرفعا من شيء شرفا إلا أسرعا الكرة في هدم ما بنيا وتفريق ما جمعا فاطلبوا الخير وأهله واعلموا أن خيرا من الخير معطية وشرا من الشر فاعله وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال حدثنا رجل من أهل الكوفة قال كتب عمر رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله في غيبة غابها أما بعد فإنه من اتقى الله وقاه ومن توكل عليه كفاه ومن شكره زاده ومن أقرضه جزاه فاجعل التقوى جلاء بصرك وعماد ظهرك فإنه لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسنة له ولا جديد لمن لا خلق له وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن بعض الحكماء كان يقول إني لأعظكم وإني لكثير الذنوب مسرف على نفسي غير حامد لها ولا حاملها على المكروه في طاعة الله عز وجل قد بلوتها فلم أجد لها شكرا في الرخاء ولا صبرا على البلاء ولو أن المرء لا يعظ أخاه حتى يحكم أمر نفسه لترك الأمر بالخير والنهى عن المنكر ولكن محادثة الأخوان حياة للقلوب وجلاء للنفوس وتذكير من النسيان واعلموا أن الدنيا سرورها أحزان وإقبالها إدبار وآخر حياتها الموت فكم من مستقبل يوما لا يستكمله ومنتظر غدا لا يبلغه ولو تنظرون إلى الأجل ومسيرة لأبغضتم الأمل وغروره وحدثنا أبو عبد الله قال أخبرنا محمد ابن موسى السامي قال حدثنا الأصمعي قال رأيت أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول يا حسن الصحبة أتيتك من بعد فأسألك سترك الذي لا ترفعه الرياح ولا تخرقه الرماح وأنشدني أبو بكر بن دريد للحطيئة ( مستحقبات رواياها حجافلها ** يسمو بها أشعري طرفه سامي ) الروايا الإبل التي تحمل الماء والزاد فالخيل تجنب إليها فإذا طال عليها القياد وضعت حجافلها على أعجازها فصارت كأنها قد استحقبت حجافلها أي جعلتها حقائب لها وواحد الحقائب حقيبة وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال أنشدنا محمد بن سلام لعمارة بن صفوان الضبي ( أجارتنا من يجتمع يتفرق ** ومن يك رهنا للحوادث يغلق ) ( ومن لا يزل يوفي على الموت نفسه ** صباح مساء يا ابنة الخير يعلق ) ( أجارتنا كل امرئ ستصيبه ** حوادث إلا تكسر العظم تعرق ) ( وتفرق بين الناس بعد إجتماعهم ** وكل جميع صالح للتفرق ) ( فلا السالم الباقي على الدهر خالد ** ولا الدهر يستبقي جنينا لمشفق ) ( قال ) وأنشدنيه أبي حبيبا بحاء غير معجمة ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله قال كثير وهجرته عزة وحلفت أن لا تكلمه فلما نفر الناس من منى ولقيته فحيت الجمل ولم تحيه فأنشأ يقول ( حيتك عزة بعد النفر وانصرفت ** فحي ويحك من حياك يا جمل ) ( لو كنت حييتها ما زلت ذامقة ** عندي ولا مسك الإدلاج والعمل ) ( ليت التحية كانت لي فأشكرها ** مكان يا جملا حييت يا رجل ) ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو الحسن بن البراء قال أنشدني منصور لأبي تمام الطائي ( سقيم لا يموت ولا يفيق ** قد اقرح جفنه الدمع الطليق ( شديد الحزن يحزن من رآه ** أسير الصبر ناظره أريق ) ( ضجيع صبابة وحليف شوق ** تحمل قلبه ما لايطيق ) ( يظل كأنه مما احتواه ** يسعر في جوانبه الحريق ) ( قال أبو علي ) وأملى علينا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي من كلام العرب خفة الظهر أحد اليسارين والعزبة أحد السبابين واللبن أحد اللحمين وتعجيل اليأس أحد اليسرين والشعر أحد الوجهين والراوية أحد الهاجيين والحمية إحدى الميتتين وأنشد أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا عبد الله بن خلف لبشار بن برد الأعمى ( يزهدني في وصل عزة معشر ** قلوبهم فيها مخالفة قلبي ) ( فقلت دعوا قلبي وما اختار وارتضى ** فبالقلب لا بالعين يبصر ذو اللب ) ( وما تبصر العينان في موضع الهوى ** ولا تسمع الأذنان إلا من القلب ) ( وما الحسن إلا كل حسن دعا الصبا ** وألف بين العشق والعاشق الصب ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن يونس قال لما حضرت عبد الملك الوفاة وهو يعني الدنيا إن طويلك لقصير وإن كثيرك لقليل وإن كنا منك لفي غرور وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثني عمي عن أبيه قال قيل لبعض الحكماء كيف ترى الدهر قال يخلق الأبدان ويجدد الآمال ويقرب الآجال قيل له فما حال أهله قال من ظفر به نصب ومن فاته حزن قيل فأي الأصحاب أبر قال العمل الصالح قيل فأيهم أضر قال النفس والهوى قيل ففيم المخرج قال في قطع الراحة وبذل المجهود وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول لإبنه لا يغرنك ما ترى من خفض العيش ولين الرياشي ولكن فانظر إلى سرعة الظعن وسوء المنقلب وحدثن أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا اسمعيل بن إسحق القاضي قال حدثنا مسلم قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا أبو جعفر الخطمي أن جده عمير بن حبيب وكان بايع النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بنيه فقال يا بني إياكم ومخالطة السفهاء فإن مجالستهم داء وأنه من يحلم عن السفيه يسر بحلمه ومن يجبه يندم ومن لا يقر بقليل ما يأتي به السفيه يقر بالكثير وإذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر فليوطن قبل ذلك على الأذى وليوقن بالثواب من الله عز وجل أنه من يوقن بالثواب من الله عز وجل لا يجد مس الأذى وحدثنا أبو عبد الله رحمه الله قال حدثنا اسمعيل بن اسحق القاضي الأزدي قال حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا الربيع بن لوط ابن البراء قال ذكروا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيهما أطيب العنب أم الرطب فقال عمر أرسلوا إلى أبي حثمة فقال يا أبا حثمة أيهما أطيب الرطب أم العنب فقال ليس كالصقر في رؤس الرقل الراسخات في الوحل المطعمات في المحل تحفة الصائم وتعلة الصبي ونزل مريم ابنة عمران وينضج ولا يعنى صابخه ويحترش به الضب من الصلعاء ليس كالزبيب الذي أن أكلته ضرست وأن تركته غرثت ( قال أبو علي ) الصقر الدبس بلغة أهل الحجاز والرقل الطوال من النخل واحدتها رقلة ويحترش يصاد والصلعاء الأرض التي لا نباب بها والنزل ما ينساع من الطعام ويقال هذا طعام قليل النزل والنزل إذا كان لا ينساغ ولا يقال النزول والنزول والنزل أيضا الريع وهو الزيادة ذكره اللحياني فأما قولهم أخذ القوم نزلهم فمعناه ما تجرى عادتهم بأخذه مما ينزلون عليه ويصلح عيشهم به وهو مأخوذ من النزول يدل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أحاديث الإستسقاء اللهم أنزلأ علينا في أرضنا سكنها أي أنزل علينا من المطر ما يكون سببا للنبات الذي تسكن الأرض به فالسكن من سكن بمنزلة النزل من نزل وفيه لغتان نزل ونزل وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا محمد بن موسى السامي عن الأصمعي قال قال رجل من أهل الحاضرة لرجل من أهل البادية أتعرفون الزنا عندكم بالبادية قال نعم أو أحد لا يعرف الزنا وقد نهى الله عنه فما الأمر عندكم قال الضمة والشمة والقبلة قال ليس الأمر عندنا هكذا هو أن يباضع الرجل المرأة فقال الأعرابي هذا طالب ولد ونسل وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا محمد بن يزيد الأزدي قال أردف ذو الرمة أخاه فعرضت لهما ظبية فقال ذو الرمة ( أيا ظبية الوعساء بين جلاجل ** وبين النقا آأنت أم أم سالم ) فقال أخوه ( فلو تحسن التشبيه والوصف لم تقل ** لشاة النقا آأنت أم أم سالم ) ( جعلت لها قرنين فوق جبينها ** وظلفين مشقوقين تحت القوائم ) فقال ذو الرمة ( هي الشبه إلا مدرييها وأذنها ** سواء وإلا مشقة بالقوائم ) وأنشدنا غير واحد من أصحابنا قول الشماخ وتشكوا بعين ما أكل ركابها ** وقيل المنادى أصبح القوم أدلجى ) يريد وتشكو هذه المرأة السرى الذي قد أكل ركابها وذلك أنه استبان ذلك في عينها لغؤرها وإنكسار طرفها ونعاسها وتشكو أيضا قول المنادى أي تستعين ذلك عليها ويروى ما أكلت ركابها ثم قال ( فظلت كأني أتقي رأس حية ** بحاجتها أن تخطئ النفس تعرج ) يقول أتقي أن أبوح بما أجد كما أتقى رأس حية أن لم تقتل أعرجت أي لا أقدر أن أكلمها من الرقباء ومعنى بحاجتها أي بحاجتي إليها وحدثني أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة أن أعرابيا دخل على بعض الأمراء وهو يشرب فجعل يحدثه وينشده ثم سقاه فلما شربها قال هي والله أيها الأمير أي هي الخمر فقال كلا إنها زبيب وعسل فلما طرب قال له قل فيها فقال ( أتانا بها صفراء يزعم أنها ** زبيب فصدقناه وهو كذوب ) ( وما هي إلا ليلة غاب نجمها ** أواقع فيها الذنب ثم أتوب ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان قال حدثني عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير قال كانت مولاة لبني الحجاج تحفظ شعرا وترويه وتنشده فتيات بني الحجاج فأنشدتهن ذات ليلة كلمتي في حمادة وفيهن واحدة وهي عقيلتهن فلما انتهى قولي ( فإن تصبح الأيام شيبن مفرقى ** وأذهبن أشجاني وفللن من غربى ) ( فيا رب يوم قد شربت بمشرب ** شفيت به غيم الصدى بارد عذب ) ( ومن ليلة قد بتها غيرا ثم ** بساجية الحجلين ريانة القلب ) ضحكت ثم أعرضت وضربت بكمها على وجهها وقالت فهلا أثم حرمه الله وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر مستملي أبي العباس المبرد قال أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب للضحاك ( يقولون مجنون بسمراء مولع ** ألا حبذا جن بنا وولوع ) ( وإني لأخفي حب سمراء منهم ** ويعلم قلبي أنه سيشيع ) ( ولا خير في حب يكن كأنه ** شغاف أجنته حشا وضلوع ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله من خط إسحق بن إبراهيم الموصلي ( بنفسي من هواه على التنائي ** وطول الدهر مؤتنف جديد ) ( ومن هو في الصلاة حديث نفسي ** وعدل النفس عندي بل يزيد ) وقرأت عليه من خطه أيضا ( ألا بأبي من ليس والله نافعي ** بنيل ومن قلبي على النأى ذا كره ) ( ومن كبدي تهفوا ذاذ كراسمه ** كهفو جناح ينفض الطل طائره ) ( له خفقان يرفع الجيب كالشجا ** يقطع أزرار الجربان ثائره ) ( قال أبو علي ) هكذا وجدته بخط اسحق بكسر الجيم ولم ينكره أبو بكر وقال الفراء جربان القميص بالضم وكذلك جربان السيف حدة وأما الذي في خبر أبي زبيد فجر بان بتسكين الراء والتخفيف وهو الغمد وقرأت على أبي بكر في شعر الراعي ( وعلى الشمائل أن يهاج بنا ** جربان كل مهند عضب ) ومن حسن ما رويناه في خفقان الفؤاد ما أنشدني أبو عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد الثمالي لبشار بن برد ( كأن فؤاده كرة تنزى ** حذار البين أن نفع الحذار ) ( نبت عيني عن التغميض حتى ** كأن جفونها عنها قصار ) ( أقول وليلتي تزداد طولا ** أما لليل بعدهم نهار ) وقد أحسن عدي بن الرقاع حين يقول ( ألا من لقلب لا يزال كأنه ** يدا لامع أو طائر يتصرف ) وأنشدنا غير واحد في هذا المعنى لقيس المجنون ( كأن القلب ليلة قيل يغدى ** بليلى العامرية أو يراح ) ( قطاة عزها شرك فباتت ** تجاذبه وقد علق الجناح ) والمجنون أحد المحسنين في هذا المعنى وله ( داع دعا إذا نحن بالخيف من منى ** فهيج أحزان الفؤاد وما يدري ) ( دعا باسم ليلى غيرها فكأنما ** أثار بليلى طائرا كان في صدري ) ويروى أطار وقرئ على أبي عمر المطرز غلام ثعلب في هذا المعنى وأنا أسمع قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني للوقاف وهو ورد بن وردا الجعدى ( إذا تركت وردية النجد لم يكن ** لعينيك مما يشكوان طبيب ) ( وإني لأخشى أن يعود عليهما ** قذى كان في جفنيهما وغروب ) ( وكانت رياح الشام تبغض مرة ** فقد جعلت تلك الرياح تطيب ) ( وقد كان علوي الرياح أحبها ** إلينا فقد دارت هناك جنوب ) ( كأن فؤادي كلما خفت روعة ** من البين بازما يزال ضروب ) ( سما بالخوافي واستمر بساقه ** على الصيد سير بالأكف نشوب ) ( ولم أنس منها منظرا يوم شبها ** لعيني في الصرم الحلول شبوب ) ( تأود بين المطرفين كأنما ** تأود بين المطرفين عسيب ) ( أثيبي صدى لو تعلمين سقيته ** سقاك غمامات لهن دبيب ) ( هوامل ماء تمتريهن ربدة ** لما فرغت من مائهن سكوب ) ( هنيأ لعود من بشام تزفه ** على برد شهد بهن مشوب ) ( بما قد تروى من رضاب ومسه ** بنان كهداب الدمقس خضيب ) ( فلا وأبيها إنها لبخيلة ** وفي قول واش إنها لغضوب ) ( رمتني عن قوس العدو وإنها ** إذا ما رأتني عازفا لخلوب ) وقرأت على أبي بكر بن دريد للشماخ ( رعى بارض الوسمي حتى كأنما ** يرى يسفا البهمى أخلة ملهج ) يقول رعى هذا الحمار بأرض الوسمى والبارض أول ما يخرج من النبات فلعادته وأكله ذلك كأنما يرى بسفا البهمى أخلة ملهج والسفا شوك البهمي وأخلة جمع خلال والملهج الذي قد لهجت فصائله بالرضاع فإذا لهجت خل أنفها بخلال محدد الرأس ولا سفله حجنة لئلا يخرج فيقول رعى بارض البهمى حتى ظهر شوكه وجف فإذا تناوله الحمار أوجعه فكأنما يرى برؤيته السفا أخلة ملهج وقرأت على أبي بكر بن دريد لكثير ( ألا حييا ليلى أجد رحيلي ** وآذن أصحابي غدا بقفول ) ( تبدت له ليلى لتذهب عقله ** وشاقتك أم الصلت بعد ذهول ) وروى ابو عمرو الشيباني تبدت له ليلى لتغلب صبره ( أريد لأنسى ذكرها فكأنما ** تمثل لي ليلى بكل سبيل ) ( إذا ذكرت ليلى تغشتك عبرة ** تعل بها العينان بعد نهول ) ( وكم من خليل قال لي هل سألتها ** فقلت له ليلى أضن خليل ) ( وأبعده نيلا وأوشكه قلى ** وإن سئلت عرفا فشر مسول ) ( حلفت برب الراقصات إلى منى ** خلال الملا يمددن كل جديل ) ( تراها رفاقا بينهن تفاوت ** ويمددن بالأهلال كل أصيل ) ( تواهقن بالحجاج من بطن نخلة ** ومن عزور الخبت خبت طفيل ) ( بكل حرام خاشع متوجه ** إلى الله يدعوه بكل نقيل ) ( على كل مذعان الرواح معيدة ** ومخشية أن لا تعيد هزيل ) ( شوامذ قد أرتجن دون أجنة ** وهوج تبارى في الأزمة حول ) ( يمين امرئ مستغلظ من ألية ** ليكذب قيلا قد ألح بقيل ) ( لقد كذب الواشون ما بحت عندهم ** بليلى ولا أرسلتهم برسيل ) ويروى برسول والرسول والرسيل الرسالة ههنا ( فإن جاءك الواشون عني بكذبة ** فروها ولم يأتوا لها بحويل ) ( فلا تعجلي يا ليل أن تتفهمي ** بنصح أتى الواشون أم بحبول ) ( فإن طبب نفسا بالعطاء فأجزلي ** وخير العطايا ليل كل جزيل ) ( وإلا فإجمال إلي فإنني ** أحب من الأخلاق كل جميل ) ( وإن تبذلي لي منك يوما مودة ** فقدما تخذت القرض عند بذول ) ( وإن تبخلي يا ليل عني فإنني ** توكلني نفسي بكل بخيل ) ( ولست براض من خليل بنائل ** قليل ولا راض له بقليل ) ( وليس خليلي بالملول ولا الذي ** إذا غبت عنه باعني بخليل ) ( ولكن خليلي من يديم وصاله ** ويحفظ سري عند كل دخيل ) ( ولم أر من ليلى نوالا أعده ** ألا ربما طالبت غير منيل ) ( يلومك في ليلى وعقلك عندها ** رجال ولم تذهب لهم بعقول ) ( يقولون ودع عنك ليلى ولا تهم ** بقاطعة الأقران ذات حليل ) ( فما نقعت نفسي بما أمروا به ** ولا عجت من أقوالهم بفتيل ) ( تذكرت أترابا لعزة كالمها ** حبين بليط ناعم وقبول ) ( وكنت إذا لاقيتهن كأنني ** مخالطة عقلي سلاف شمول ) ( تأطرن حتى قلت لسن بوارحا ** رجاء الأماني أن يقلن مقيلي ) ( فأبدين لي من بينهن تحبهما ** وأخلفن ظني إذ ظننت وقيلي ) ( فلأ يا بلأي ما قضين لبانة ** من الدار واستقللن بعد طويل ) ( فلما رأى واستيقن البين صاحبي ** دعا دعوة يا حبتر بن سلول ) ( فقلت وأسررت الندامة ليتني ** وكنت امرأ أغتش كل عذول ) ( سلكت سبيل الرائحات عشية ** مخارم نصع أو سلكن سبيلي ) ( فأسعدت نفسا بالهوى قبل أن أرى ** عوادي نأي بيننا وشغول ) ( ندمت على ما فاتني يوم بنتم ** فيا حسرتا أن لا يرين عويلي ) وروى أبو بكر يوم بينة وقال هو موضع ( كأن دموع العين واهية الكلى ** وعت ماء غرب يوم ذاك شجيل ) ( تكنفها خرق تواكلن خرزها ** فأبجلته والسير غير بجيل ) ( أقيمي فإن الغور يا عز نعدكم ** إلي إذا ما بنت غير جميل ) ( كفى حزنا للعين أن رد طرفها ** لعزة عير آذنت برحيل ) ويروى أن راء طرفها العزة عيرا ( قال أبو بكر ) رأى وراء مثل رعى وراع ( وقالوا نأت فاختر من الصبر والبكا ** فقلت البكا أشفى إذا لغليلي ) ( توليت محزونا وقلت لصاحبي ** أقاتلتي ليلى بغير قتيل ) ( قال أبو علي ) وروى أبو بكر فوليت محزونا ( لعزة إذا يحتل بالخيف أهلها ** فأوحش منها الخيف بعد حلول ) ( وبدل منها بعد طول إقامة ** تبعث نكباء العشي جفول ) ( لقد أكثر الواشون فينا وفيكم ** ومال بنا الواشون كل مميل ) ( وما زلت من ليلى لدن طر شاربي ** إلى اليوم كالمقصى بكل سبيل ) ( قال أبو علي ) بقفول برجوع والقافلة الراجعة من سفر ولا يقال للذين خرجوا من بيوتهم إلى مكة قافلة وأوشكه أسرعه والقلى البغض والراقصات الإبل والملا الفضاء والجديل زمام مجدول أي مضفور والأصيل العشي وتواهقن تبارين في سيرهن والمواهقة المباراة في السير قال طفيل ( قبائل من فرعى غني تواهقت ** بها الخيل لا عزل ولا متأشب ) والمواضخة المباراة في كل شيء قال الشاعر ( إذا وضخوه المج أربى عليهم ** بمستفرغ ماء الذناب سجيل ) وقال العجاج تواضخ التقريب قلوا مغلجا قال وكذلك المساجلة والمواغدة والمماتاة والمماءرة والمواءمة يقال واضخت الرجل وواغدته وساجلته ومانيته وماءرته وواءمته إذا ساويته في فعله قال أوس بن حجر ( تواغد رجلاها يديه ورأسه ** له نشز فوق الحقيبة رادف ) وقال الآخر ( من يساجلني يساجل ماجدا ** يملأ الدلوالي عقد الكرب ) وقال لبيد ( أماني بها الأكفاء في كل موطن ** وأجرى فروض الصالحين وأقتري ) وقال خداش بن زهير ( تماءرتم في الفخر حتى هلكتم ** كما أهلك الغار النساء الضرائرا ) وبطن نخلة بستان بني عامر وهو المجمعة وعزور ثنية الحجفة والخبت جمعه خبوت وهي المطمئنات من الأرض وطفيل موضع والنقيل الطريق والمذعان المذلة يقال أذعن له إذا ذل وخضع ومعيدة التي قد عاودت السفر والشوامذ الشائلات الأذناب والناقة إذ استبان لقحها شمذت بذنبها وأرتجن أغلقن أرحامهن على أولادهن فهن مرتجات ومنه قيل أرتج على القارئ إذا وقف فلم يدر ما يتلو كأنه أغلق عليه والحول جمع حائل وهي التي لا تلقح والألية اليمين وفيها أربع لغات يقال ألية وتجمع أليات وألايا وألوة وتجمع ألوات وألوة وتجمع ألى وإلوة وتجمع إلى وفروها من الفرية يقال فرى يفرى والحويل المحاولة والحبول الدواهي واحدتها حبل بكسر الحاء والخبول جمع خبل وهو الفساد والدخيل العالم بداخل أمرك يقال هو عالم بدخلك ودخلك ودخللك ودخيلائك ودخيلتك ودخلك ودخيلك ( وقال اللحياني ) قال بعضهم قد عرفت دخلل أمره ودخلل أمره ودخلة أمره ودخلة أمره ودخلة أمره ودخيل أمره وداخلة أمره وقال بعضهم دخلل الحب صفاؤه وداخله وأنشدني عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس المبرد ( فوددت إذا سكنوا هنالك دارهم ** وعدتهم عنا أمور تشغل ) ( أنا نطاع إذا فتنقل أرضنا ** أو أن أرضهم إلينا تنقل ) ( لترد من كثب إليك رسالتي ** بجوابها ويعود ذاك الدخلل ) ويقال الدخيل والدخلل الخاصة وما نقعت أي ما رويت يقال شرب حتى نقع وبضع أي روى ومن أمثال العرب حتام تكرع ولا تنقع وعجت انتفعت والأتراب الأقران وكذلك اللدات والليط اللون وهو الجلد أيضا وتأطرن ههنا تلبثن وأصل التأطر التعطف واللأى البطء واللبانة الحاجة والمخارم جمع مخرم وهو منقطع أنف الجبل ونصع جبل أسود بين الصفراء وينبع والعوادى الصوارف والكلى جمع كلية وهي الرقعة تكون في أصل عروة المرادة والغرب الدلو العظيمة والسجيل الغرب الضخم والخرق جمع خرقاء والخرقاء التي لا تحسن العمل فإذا أحسنت العمل فيه صناع والرجل صنع وأبجلنه أوسعته والبجبيل الغليظ يريد أنهن أغلظن الإشفى وأدققن السير ( وقال أبو علي ) وقال لي أبو بكر البجبيل الكبير في غير هذا الموضع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف على بقيع الغرقد ( لقد أصبتم خيرا بجبيلا وسبقتم شرا طويلا ) ( قال أبو علي ) وهما عندي في المعنى واحد لأن الغليظ لا يكون إلا عن كثرة أجزا والنكباء الريح التي تهب بين مهبي ريحين وإنما قيل لها نكباء لأنها تنكبت مهب هذه ومهب هذه والجفول التي تذهب التراب وطرور الشارب نباته قال الشاعر ( منا الذي هو ما إن طر شاربه ** والعانسوهن ومنا المرد والشيب ) ( قال أبو علي ) قال الأصمعي من أمثال العرب ( حبل فلان يفتل ) إذا كان مقبلا ( قال ) ويقال ( لو كان ذا حيلة تحول ) يراد أنه إنما أتي من قبل ضعفه ( قال ) ويقال لأعصبنكم عصب السلمة والسلمة يأتيها الرجل فيشدها بنسعة إذا أراد أن يخبطها لئلا يشذ شوكها فيصيبه ويقال ( احس وذق ) مثل للرجل يتعرض لما يكره فيقع فيه ( وقال أبو عبيدة ) يقال ضبعت الخيل وضبحت سواء ( قال ) وقال بعضهم ضبحت بمنزلة نحمت كذا حكى عنه يعقوب ( وقال الأصمعي ) إنه لعفضاج وحفضاج إذا تفتق وكثر لحمه ويقال رجل عفاضج ( قال ) وسمعت أبا مهدي يقول ( ان فلانا لمعصوب ما حفضج ) ويقال بحثر وامتاعهم وبعثروه أي فرقوه ويقال للمرأ ة إذا كانت تبذو وتجيء بالكلام القبيح والفحش هي تعنطى وتحنظي وتحنذي وقد عنظى الرجل وحنظى وحنذى وأنشد الجندل ( قامت تعنظي بك سمع الحاضر ** ) ويروى تحنظى بك وتحنذي ويقال الغرب الضخم والخرق جمع خرقاء والخرقاء التي لا تحسن العمل فإذا أحسنت العمل فهي صناع والرجل صنع وأبجلنه أوسعنه والبجبيل الغليظ يريد أنهن أغلظن الإشفى وأدققن السير ( وقال أبو علي ) وقال لي أبو بكر البجبيل الكبير في غير هذا الموضع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف على بقيع الغرقد ( لقد أصبتم خيرا بجيلا وسبقتم شرا طويلا ) ( قال أبو علي ) وهما عندي في المعنى واحد لأن الغليظ لا يكون إلا عن كثرة أجزاء والنكباء الريح التي تهب بين مهبي ريحين وإنما قيل لها نكباء لأنها تنكبت مهب هذه ومهب هذه والجفول التي تذهب التراب وطرور الشارب نباته قال الشاعر ( منا الذي هو ما إن طر شاربه ** والعانسون ومنا المرد والشيب ) ( قال أبو علي ) قال الأصمعي من أمثال العرب ( حبل فلان يفتل ) إذا كان مقبلا ( قال ) ويقال ( لو كان ذا حيلة تحول ) يراد أنه إنما أتي من قبل ضعفه ( قال ) ويقال لأعصبنكم عصب السلمة والسلمة يأتيها الرجل فيشدها بنسعة إذا أراد أن يخبطها لئلا يشذ شوكها فيصيبه ويقال ( احس وذق ) مثل للرجل يتعرض لما يكره فيقع فيه ( وقال أبو عبيدة ) يقال ضبعت الخيل وضبحت سواء ( قال ) وقال بعضهم ضبحت بمنزلة نحمت كذا حكى عنه يعقوب ( وقال الأصمعي ) إنه لعفضاج وحفضاج إذا تفتق وكثر لحمه ويقال رجل عفاضج ( قال ) وسمعت أبا مهدي يقول ( ان فلانا لمعصوب ما حفضج ) ويقال بحثر وامتاعهم وبعثروه أي فرقوه ويقال للمرأة إذا كانت تبذو وتجيء بالكلام القبيح والفحش هي تعنطى وتحنظي وتحنذي وقد عنظى الرجل وحنظى وحنذى وأنشد الجندل ( قامت تعنظي بك سمع الحاضر ** ) ويروى تحنظى بك وتحنذي ويقال نزل حراة وعراه أي قريبا منه / والوعا والوحا الصوت يقال سمعت وعاهم ووحاهم ( قال الأصمعي ) يقال للصبا أير وهير على مثال فيعل ويقال للقشور التي في أصول الشعر إبرية وهبرية ويقال أيا فلان وهيا فلان وأنشد ( فانصرفت وهي حصان مغضبه ** ورفعت من صوتها هيا أبه ) ( كل فتاة بأبيها معجبه ** ) ويقال أرقت الماء وهرقته ويقال إياك أن تفعل وهياك ويقال أتمأل السنام واتمهل إذا انتصب ويقال للرجل إذا كان حسن القامة أنه لمتمئل ومتمهل ويقال أرحت دابتي وهرحتها ويقال أنرت له وهنرت له ( وقال الأصمعي ) يقال الكرم من سوسه ومن توسه أي من خليقته ويقال رجل حفيسأ وحفيتأ إذا كان ضخم البطن إلى القصر ما هو وأنشد الفراء ( يا قبح الله بني السعلات ** عمرو بن يربوع شرار النات ) ( ليسوا أعفاء ولا أكيات ** ) أراد شرار الناس وأكياس وقرأنا على أبي بكر بن دريد للبيد ( نشين صحاح البيد كل عشية ** بعود السراء عند باب محجب ) أراد أنهم يخططون بقسيهم ويفخرون فيقولون فعلنا وفعلنا والسراء خشب يتخذ منه القسي ومثله قول الحطيئة ( أم من لخصم مضجعين قسيهم ** ميل خدودهم عظام المفخر ) وذلك أن القوم إذا جلسوا يتفاخرون خطوا بأطراف قسيهم في الأرض لنا يوم كذا وكذا ولنا يوم كذا وكذا يعددون أيامهم ومآثرهم وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد ابن عرفة النحوي رحمه الله حدثنا محمد بن عبد الملك قال حدثنا يزيد بن هرون قال أخبرنا شريك عن عبد الملك بن عمير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه ( هكذا قال يزيد بن هرون ) عن علي رضي الله تعالى عنه قال نعت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الهامة كثير شعر الرأس رجلا أبيض مشربا حمرة طويل المسربة شثن الكفين والقدمين طويل أصابعها ( هكذا الحديث ) ضخم الكراديس يتكفا في مشيته كأنما يمشي في صبب لا طويلا ولا قصيرا لم أر مثله قبله ولا بعده صلى الله عليه وسلم ( قال أبو علي ) الرجل استرسال الشعر كأنه مسرح وهو ضد الجعودة يقال رجل رجل الشعر والمسربة الشعر المستدق من الصدر إلى السرة وأنشدني أبو بكر بن دريد للحرث بن وعلة ( ألآن لما ابيض مسربتي ** وعضضت من نابى على جذم ) ( قال أبو عبيدة ) والشثن الخشن الغليظ وهذا من صفة النبي صلى الله عليه وسلم التمام وأنه ليس هناك استرخاء وضخم الكراديس يريد غليظ العظام والكردوس كل عظم عليه لحمه ( قال أبو علي ) ويتكفأ يتمايل في مشيته وهذا مدح في المشي لأنه لا يكون إلا عن تؤدة وحسن مشى وقوله في صبب الصبب الحدور والماشي يترفق في الحدور وأملى علينا أبو عبدالله قال من كلام العرب ووصاياها جالس أهل العلم فإن جهلت علموك وان زللت قوموك وان أخطأت لم يفندوك وان صبحت زانوك وان غبت تفقدوك ولا تجالس أهل الجهل فإنك إن جهلت عنفوك وإن زللت لم يقوموك وإن أخطأت لم يثبتوك وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال أتى أعرابي باب بعض الملوك فأقام به حولا ثم كتب إليه ( الأمل والعدم أقدماني عليك ) وفي السطر الثاني ( الإقلال لا صبر معه ) وفي الثالث ( الإنصراف بلا فائدة شماتة الأعداء ) وفي السطر الرابع إما نعم سريح وإما يأس مريح وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يدعو لرجل فقال جنبك الله الأمرين وكفاك شر الأجوفين وأذاقك البردين ( قال أبو علي ) الأمران الفقر والعرى والأجوفان البطن والفرج والبردان برد العين وبرد العافية وحدثنا قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول خصلتان من الكرم إنصاف الناس من نفسك ومواساة الأخوان وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال رفع طريح بن إسمعيل الثقفي حاجة إلى كاتب داود بن علي ليرفعها إلى داود وجاءه مجازيا له فقال له هذه حاجتك مع حاجة فلان لرجل من الأشراف فقال طريح ( تخل بحاجتي واشدد قواها ** فقد أمست بمنزلة الضباع ) ( إذا راضعتها بلبان أخرى ** أضر بها مشاركة الرضاع ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثني أبو حاتم عن العتبي قال لما عقد البيعة معاوية رحمه الله لإبنه يزيد قام الناس يخطبون فقال معاوية لعمرو بن سعيد قم يا أبا أمية فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن يزيد بن معاوية أمل تأملونه وأجل تأمنونه إن استضفتم إلى حلمه وسعكم وإن احتجتم إلى رأيه أرشدكم وإن افتقرتم إلى ذات يده أغناكم جذع قارح سوبق فسبق وموجد فمجد وقورع ففاز سهمه فهو خلف أمير المؤمنين ولا خلف منه فقال معاوية أوسعت يا أبا امية فاجلس وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال دخل أعرابي على بعض الملوك فقال رأيتني فيما أتعاطى من مدحك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر الزاهر الذي لا يخفى عن الناظر وأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز مقصر عن الغاية فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك وقرأنا على أبي بكر بن دريد قول الشاعر ( لعلك والموعود حق وفاؤه ** بدا لك في تلك الفلوص بداء ) ( فإن الذي ألقى إذا قال قائل ** من الناس هل أحسستها لعناء ) ( أقول التي تنبي الشمات وإنها ** علي وإشمات العدو سواء ) قال هذا رجل وعد رجلا قلوصا فأخلفه فقال له الموعود إذا سئلت أقول التي تنبي الشمات عني أي أقول نعم قد أخذتها أي أكذب ثم قال وكذبي وإشمات العدو سواء ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم للطرماح ( ولو أن غير الموت لاقى عدبسا ** وجدك لم يسطع له أبدا هضما ) ( فتى لو يصاغ الموت صيغ كمثله ** إذا الخيل جالت في تساجلها قدما ) ( ولو أن موتا كان سالم رهبة ** من الناس إنسانا لكان له سلما ) ( قال أبو علي ) هذا مثل قول عنترة ( إن المنية لو تمثل مثلت ** مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل ) ( قال أبو علي ) وأملى علينا رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم أن أبا عبيدة أنشدهم لربيعة الأسدي يرثى ابنه ذؤابا ( أبلغ قبائل جعفر مخصوصة ** ما أن أحاول جعفر بن كلاب ) ( أن المودة والهوادة بيننا ** خلق كسحق الريطة المنجاب ) قال ويروى ( أن البقية والهوادة بيننا ** سمل كسحق الريطة المنجاب ) ( إلا بجيش لا يكت عديده ** سود الجلود من الحديد غضاب ) ( قال أبو علي ) قوله لا يكت عديده لا يحصى ( قال أبو علي ) وقال لي أبو بكر من كلام العرب لا تكنه أو تكت النجوم أي لا تعده ( ولقد علمت على التجلد والأسى ** أن الرزية كان يوم ذؤاب ) ( أن ما أعاني لم أهبك ولم أقم ** للبيع عند تحضر الأجلاب ) ( إن يقتلوك فقد هتكت بيوتهم ** بعتيبة بن الحارث بن شهاب ) ( بأحبهم فقدا إلى أعدائهم ** وأشدهم فقدا على الأصحاب ) ويروى ( باشدهم أوقا على أعدائهم ** وأجلهم رزأ على الأصحاب ) ( وعمادهم في كل يوم كريهة ** وثمال كل معصب قرضاب ) ( قال أبو علي ) القرضاب والقرضوب الفقير والقرضاب في غير هذا الموضع اللص ( أهوى له تحت العجاج بطعنة ** والخيل تردى في الغبار الكابى ) الكابى المنتفخ يقال فلان كابى الرماد إذا كان سخيا ومن هذا قيل كبا الفرس يكبوا اذا ربا وانتفخ ( أذؤاب صاب على صداك فجاده ** صوب الربيع بوابل سكاب ) ( ما أنس لا أنساه آخر عيشنا ** ما لاح بالمعزاء ريع سراب ) ( قال أبو علي ) الريع الرجوع وريعان الشباب أوله والربع أيضا الزيادة ومنه حديث عمر رضي الله عنه املكوا العجين فإنه أحد الربعين وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله أن أباه أنشده عن أحمد بن عبيد عن أبن الكلبي لسلمة بن يزيد يرثى أخاه لأمه قيس بن سلمة ( أقول لنفسي في الخلاء ألومها ** لك الويل ما هذا التجلد والصبر ) ( ألا تفهمين الخبر أن لست لاقيا ** أخى إذ أتى من دون أكفانه القبر ) ( وكنت إذا ينأى به بين ليلة ** يظل على الأحشاء من بينه الجمر ) ( فهذا لبين قد علمنا إيابه ** فكيف لبين كان موعده الحشر ) ( وهون وجدى أنني سوف أغتدي ** على إثره حقا وإن نفس العمر ) ( فلا يبعدنك الله إما تركتنا ** حميدا وأودى بعدك المجد والفخر ) ( فتى كان يعطى السيف في الروع حقه ** إذا ثوب الداعي وتشقى به الجزر ) ( فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ** إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر ) ( فتى لا يعد المال ربا ولا يرى ** له جفوة ان نال مالا ولا كبر ) ( فنعم مناخ الضيف كان إذا سرت ** شمال وأمست لا يعرجها ستر ) ( ومأوى اليتامى الممحلين إذا انتهوا ** إلى بابه سغبا وقد قحط القطر ) يقال قحط الناس بكسر الحاء وأقحطوا وقحط القطر بفتح الحاء وحدثنا حرمي قال حدثنا الزبير قال كان عمر بن أبي ربيعة وجميل بن معمر يتنازعان الشعر فيقال أن عمر في الرائية والعينية أشعر وأن جميلا في اللامية أشعر وكلاهما قد قال فأحسن قال جميل ( لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي ** بثينة أو أبدت لنا جانب البخل ) ( يقولون مهلا يا جميل وإنني ** لأقسم ما بي عن بثينة من مهل ) ( أحلما فقبل اليوم كان أوانه ** أم اخشى فقبل اليوم أوعدت بالقتل ) وفيها يقول ( إذا ما تناثينا الذي كان بيننا ** جرى الدمع من عيني بثينة بالكحل ) ( كلانا بكى أو كاد يبكي صبابة ** إلى إلفه واستعجلت عبرة قبلى ) ( فيا ويح نفسى حسب نفسي الذي بها ** ويا ويح أهلي ما أصيب به أهلي ) ( خليلي فيما عشتما هل رأيتما ** قتيلا بكى من حب قاتله قبلى وقال عمر ( جرى ناصح بالود بيني وبينها ** فقربني يوم الحصاب إلى قتلى ) ( وطارت بخد من فؤادي ونازعت ** قرينتها حبل الصفاء إلى حبلى ) ( فما أنس ملا أشياء لا أنس موقفي ** وموقفها يوما بقارعة النخل ) ( قلما تواقفنا عرفت الذي بها ** كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعل ) وفيها يقول ( فسلضمت واستأنست خيفة أن يرى ** عدو بكائي أو يرى كاشح فعلى ) ( فقالت وأرخت جانب السجف إنما ** معي فتكلم غير ذي رقبة أهلي ) ( فقلت لها ما بي لهم من ترقب ** ولكن سري ليس يحمله مثلي ) وقال الزبير ليس من شعراء الحجاز يتقدم جميلا وعمر في النسيب والناس لهما تبع وقرأت على أبي بكر بن دريد لكثير ( لا تغدرن بوصل عزة بعدما ** أخذت عليك مواثقا وعهودا ) ( إن المحب إذا أحب حبيبه ** صدق الصفاء وأنجز الموعودا ) ( ألله يعلم لو أردت زيادة ** في حب عزة ما وجدت مزيدا ) ويروى ( ألله يعلم لو أردت زيادة ** في الحب عندي ما وجدت مزيدا ) ( رهبان مدين والذين رأيتهم ** يبكون من حذر العذاب قعودا ) ( لو يسمعون كما سمعت كلامها ** خروا لعزة خاشعين سجودا ) ( والميت ينشر أن تمس عظامه ** مسا ويخلد أن يراك خلودا ) ( حدثنا ) أبو بكر بن الأنباري قال حدثني عبد الله بن خلف الدلال قال قال محمد بن زياد الأعرابي لما ألح ذريح على ابنه قيس في طلاق لبنى فأبى ذلك قيس طرح ذريح نفسه في الرمضاء وقال لا والله لا أريم هذا الموضع حتى أموت أو يخليها فجاءه قومه من كل ناحية فعظموا عليه الأمر وذكروه بالله وقالوا أتفعل هذا بأبيك وأمك إن مات شيخك على هذه الحال كنت معينا عليه وشريكا في قتله ففارق لبنى على رغم أنفه وقلة صبره وبكاء منه حتى بكى لهما من حضرهما وأنشأ يقول ( اقول لخلتي في غير جرم ** ألا بيني بنفسي أنت بيني ) ( فوالله العظيم لنزع نفسي ** وقطع الرجل مني واليمين ) ( أحب إلي يا لبنى فراقا ** فبكى للفراق وأسعديني ) ( ظلمتك بالطلاق بغير جرم ** فقد أذهبت آخرتي وديني ) قال فلما سمعت بذلك لبنى بكت بكاء شديدا وأنشأت تقول ( رحلت إليه من بلدي وأهلي ** فجازاني جزاء الخائنينا ) ( فمن راني فلا تغتر بعدي ** بحلو القول أو يبلو الدفينا ) فلما انقضت عدتها وأرادت الشخوص إلى أهلها أتيت براحلة لتحمل عليها فلما رأى ذلك قيس داخله منه أمر عظيم وأشتد لهفه وأنشأ يقول ( بانت لبينى فأنت اليوم متبول ** وأنك اليوم بعد الحزم مخبول ) ( فأصبحت عنك لبنى اليوم نازحة ** ودل لبنى لها الخيرات معسول ) ( هل ترجعن نوى لبنى بعاقبة ** كما عهدت ليالي العشق مقبول ) ( وقد أراني بلبنى حق مقتنع ** والشمل مجتمع والحبل موصول ) ( فصرت من حب لبنى حين أذكرها ** ألقلب مرتهن والعقل مدخول ) ( أصبحت من حب لبنى بل تذكرها ** في كربة ففؤادي اليوم مشغول ) ( والجسم مني منهوك لفرقتها ** يبريه طول سقام فهو منحول ) ( كانني يوم ولت ما تكلمني ** أخو هيام مصاب القلب مسلول ) ( أستودع الله لبنى إذ تفارقني ** عن غير طوع وأمر الشيخ مفعول ) ثم ارتحلت لبنى فجعل قيس يقبل موضع رجليها من الأرض وحول خبائها فلما رأى ذلك قومه أقبلوا على أبيه بالعذل واللوم فقال ذريح لما رأى حاله قد جنيت عليك يا بني فقال له قيس قد كنت أخبرك أني مجنون بها فلم ترض إلا بقتلي فالله حسبك وحسب أمي وأقبل قومه يعذلونه في تقبيله التراب فأنشأ يقول ( فما حبي لطيب تراب أرض ** ولكن حب من وطئ الترابا ) ( فهذا فعل شيخينا جميعا ** أراد لي البلية والعذابا ) وقرأت على أبي بكر بن دريد ( كسوناها من ا لريط اليماني ** مسوحا في بنائقها فضول ) ( وهدمنا صوامع شيدتها ** لها حبب مخالطها نجيل ) يقول كانت هذه الإبل بيضا كأن عليها الريط ثم اسودت من العرق من شدة ما أتعبناها فكأننا كسوناها المسوح يعني أنها صارت سودا بعد أن كانت بيضا وقوله وهدمنا صوامع شيدتها يعني أسنمتها رفعتها الها حبب وهي جمع حبة وهي بزور البقل والنبات محالطها نجيل والنجيل من الحمض ومنه قول الشماخ ( ولا عيب في مكروهها غير أنها ** تبدل جونا لونها غير أزهرا ) ( قال أبو علي ) قال أبو عبيدة من أمثال العرب ( العقوق ثكل من لم يثكل ) يقول إذا عقه ولده فقد ثكلهم وإن كانوا أحياء ( قال ) ومن أمثالهم ( تجنب روضة وأحال يعدو ) يقول ترك الخصب واختار الضيق يضرب مثلا للرجل تعرض عليه الكرامة فيختار الهوان ( قال الأصمعي ) ومن أمثالهم ( إذا نزا بك الشر فاقعد ) أي فاحلم ولا تسارع إليه ( وقال الأصمعي ) حدثني خلف الأحمر قال أنشدني رجل من أهل البادية ( عمي عويف وأبو علج ** المطعمان الشحم بالعشج ) ( وبالغداة كسر البرنج ** ينزع بالود وبالصيصج ) أراد بالعشي والصيصج أراد الصيصية وهي قرن البقرة ( قال ) وقال أبو عمرو بن العلاء قلت لرجل من بني حنظلة ممن أنت قال فقيميج فقلت من أيهم قال مرج أراد فقيمي ومري وأنشد لهميان بن قحافة السعدي ( يطير عنها الوبر الصهابجا ** ) ( قال ) أراد الصهابي من الصهبة وقال يعقوب بن السكيت بعض العرب إذا شدد الياء جعلها جيما وأنشد عن ابن الأعرابي ( كأن في أذنابهن الشول ** من عبس الصيف قرون الإجل ) أراد الإيل وأنشد الفراء ( لا هم إن كنت قبلت حجتج ** فلا يزال شاحج يأتيك بج ) ( أقمر نهات ينزي وفرت ج ** ) أراد وفرتي ( قال الأصمعي ) يقال تركت فلانا يجوس بني فلان ويحوسهم إذا كان يدوسهم ويطلب فيهم وحدثني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسين قال حدثنا المازني قال سمعت أبا سرار الغنوي يقرأ فحاسوا خلال الديار فقلت إنما هو جاسوا فقال حاسوا وجاسوا واحد قال وسمعته يقرأ وإذ قتلتم نسمة فادار أتم فيها فقلت له إنما هو نفس قال النسمة والنفس واحد ( وقال الكسائي ) يقال أحم الأمر وأجم إذا حان وقته ويقال رجل محارف ومجارف ( قال ) وهم يحلبون عليك ويجلبون أي يعينون ( قال الأصمعي ) إذا حان وقوع الأمر قيل أجم بقال أجم ذلك الأمر أي حان وقته وأنشد ( حييا ذلك الغزال الأحما ** إن يكن ذا كم الفراق أجما ) ( قال ) وإذا قلت حم الأمر فهو قدر ولم يعرف أحم بالألف ( قال الأصمعي ) يقال آديته على كذا و أعديته أي قويته وأعنته ويقال أستأديت الأمير على فلان في معنى استعديت وأنشد ليزيد بن خذاق العبدي ( ولقد أضاء لك الطريق وأنهجت ** سبل المكارم والهدى يعدي ) يقول إبصارك الهدى يقويك على الطريق ومعنى يعدى يقوى ومنه أعداني السلطان ( قال ) ولقد أضاء لك الطريق أي أبصرت أمرك وتبينته وأنهجت صارت نهجا واضحة بينة ( قال ) وسمعت أبا تغلب ينشد بيت طفيل الغنوي ( فنحن منعنا يوم حرس نساءكم ** غداة دعانا عامر غير معتلى ) يريد مؤتلى ويقال كثأ اللبن وكثع وهي الكثأة والكثعة إذا علا دسمه وخثورته رأسه وأنشد ( وأنت امرؤ وقد كثأت لك لحية ** كأنك منها قاعد في جوالق ) ويقال موت زؤاف وذعاف وزعاف وذؤاف إذا كان يعجل القتل ويقال أردت أن تفعل كذا وكذا وبعض العرب يقول أردت عن تفعل وقال يعقوب ابن السكيت أنشد أبو الصقر ( أريني جوادا مات هزلا لأنني ** أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا ) يريد لعلني ( وقال الأصمعي ) يقال ألتمئ لونه والتمع لونه وهو السأف والسعف ( وقال يعقوب ) سمعت أبا عمرو يقول الأسن قديم الشحم وبعضهم يقول العسن وحدثنا أبو بكر ابن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثني عبد الله بن محمد بن رستم قال حدثني محمد بن قال النحوي قعال قال أبان بن تغلب وكان عابدا من عباد أهل البصرة شهدت أعرابية وهي توصي ولدا لها يريد سفرا وهي تقول له أي بني اجلس أمنحك وصيتي وبالله توفيقك فإن الوصية أجدى عليك من كثير عقلك قال أبان فوقفت مستمعا لكلامها مستحسنا لوصيتها فإذاهي تقول أي بني إياك والنميمة فإنها تزرع الضغينة وتفرق بين المحبين وإياك والتعرض للعيوب فتتخذ غرضا وخليق أن لا يثبت الغرض على كثرة السهام وقلما اعتورت السهام غرضا إلا كلمته حتى يهي ما اشتد من قوته وإياك والجود بدينك والبخل بمالك وإذا هززت فاهزز كريما يلن لهزتك ولا تهزز اللئيم فإنه صخرة لا ينفجر ماؤها ومثل لنفسك مثال ما استحسنت من غيرك فاعمل به وما استقبحت من غيرك فاجتنبه فإن المرء لا يرى عيب نفسه ومن كانت مودته بشره وخالف ذلك منه فعله كان صديقه منه على مثل الريح في تصرفها ثم أمسكت فدنوت منها فقلت بالله يا أعرابية إلا زدته في الوصية فقالت أو قد أعجبك كلام العرب يا عراقي قلت نعم قالت والغدر أقبح ما تعامل به الناس بينهم ومن جمع الحلم والسخاء فقد أجاد الحلة ريطتها وسربالها وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم قال وجد بخط العتبي بعد موته في كتبه أن رجلا سأل بعض الزهاد فقال أخبرني عن الدنيا فقال جمة المصائب رنقة المشارب لا تمتع صاحبا بصاحب وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي زيد قال سأل الوليد بن عبد الملك أباه عن السياسة فقال هيبة الخاصة مع صدق مودتها واقتباد قلوب العامة بالإنصاف لها واحتمال هفوات الضغائن فإن شكرها أقرب الأيادي إليها وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لبعض الحكماء ما الداء العياء فقال حسد ما لا تناله بقول ولا تدركه بفعل وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول من لم يضن بالحق عن أهله فهو الجواد وسمعت آخر يقول الصبر عند الجود أخو الصبر عند اليأس وسمعت آخر يقول سخاء النفس عما في أيدي الناس أكثر من سخاء البذل وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال شاور أعرابي ابن عم له فأشار عليه برأي فقال قد قلت بما يقول به الناصح الشفيق الذي يخلط حلو كلامه بمره وحزنه بسهله ويحرك الإشفاق منه ما هو ساكن من غيره وقد وعيت النصح منه وقبلته إذ كان مصدره من عند من لا شك في مودته وصافى غيبه وما زلت بحمد الله إلى الخير منهجا واضحا وطريقا مهيعا ( قال أبو علي ) المهيع الواضح وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن يونس قال كان زياد إذا ولى رجل عملا قال له خذ عهدك وسر إلى عملك واعلم أنك مصروف رأس سنتك وأنك تصير إلى أربع خلال فاختر لنفسك إنا أن وجدناك أمينا ضعيفا استبدلنا بك لضعفك وسلمتك من معرتنا أمانتك وإن وجدناك قويا خائنا استهنا بقوتك وأحسنا على خيانتك أدبك وأوجعنا ظهرك وثقلنا غرمك وإن جمعت علينا الجرمين جمعنا عليك المضرتين وإن وجدناك أمينا قويا زدنا في عملك ورفعنا ذكرك وكثرنا مالك وأوطأنا عقبك وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن عبد الله بن مصعب الزبيري قال كنا بباب الفضل بن الربيع والآذن يأذن لذوي الهيآت والشارات وأعرابي يدنو فكلما دنا صرخ به فقام ناحية وأنشأ يقول ( رأيت آذننا يعتام بزتنا ** وليس للحسب الزاكي بمعتام ) ( ولو دعينا على الأحساب قدمني ** مجد تليد وجد راحج نامى ) ( متى رأيت الصقور الجدل يقدمها ** خلطان من رخم قزع ومن هام ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لطفيل الغنوي ( وأصفر مشهوم الفؤاد كأنه ** غداة الندى بالزعفران مطيب ) ( تفلت عليه تفلة ومسحته ** بثوبى حتى جلده متقوب ) ( يراقب إيحاء الرقيب كأنه ** لما وتروني أول اليوم مغضب ) أصفر يعني قدحا مشهوم الفؤاد أي كأن فؤاده مذعور من سرعة خروجه والشهم الحديد الفؤاد الذكي وقوله بالزعفران أراد قد أصابه الندى فاصفر كأنه مطيب بالزعفران وروى الأصمعي وأصفر مسموم الفؤاد يعني قدحا محزوز الصدر وكل ثقب فهو سم وسم فجعل الحز ثقبا وجعل صدر القدح فؤاده وقوله تفلت عليه يقول كان ضرب به فتترب فتفلت عليه ومسحته بثوبي ليتملس فيكون أسرع لخروجه ( ومتقوب متقشر وقوابته قشره ** ) وقوله يراقب إيحاء الرقيب يقول كأن هذا القدح بصير بما يراد منه فهو يلامح الرقيب فإذا قيل للمفيض أفض فكانه يوحي إليه إيحاء وقوله لما وتروني يقول كأنه مغضب لقهرهم إياي في أول النهار فهو يثأرني ( قال أبو علي ) أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أخبرنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قال رجل لأخيه لأهجونك قال وكيف تهجوني وأبونا واحد وأمنا واحدة فقال ( غلام أتاه اللؤم من شطر نفسه ** ولم يأته من نحو أم ولا أب ) ( قال ) وقال آخر يهجو أخاه ( أبوك أبي وأنت أخي ولكن ** تفاضلت الطبائع والظروف ) ( وأمك حين تنسب أم صدق ** ولكن ابنها طبع سخيف ) ( وقومك يعلمون إذا التقينا ** من المرجو منا والمخوف ) ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لجميل ( وقلت لها اعتللت بغير ذنب ** وشر الناس ذو العلل البخيل ) ( ففاتيني إلى حكم من أهلي ** وأهلك لا يحيف ولا يميل ) ( فقالت أبتغي حكما من أهلي ** ولا يدري بنا الواشي المحول ) ( فولينا الحكومة ذا سجوف ** أخا دنيا له طرف كليل ) ( فقلنا ما قضيت به رضينا ** وأنت بما قضيت به كفيل ) ( قضاؤك نافذ فاحكم علينا ** بما تهوى ورأيك لا يفيل ) ( فقلت له قتلت بغير جرم ** وغب الظلم مرتعه وبيل ) ( فسل هذي متى تقضي ديوني ** وهل يقضيك ذو العلل المطول ) ( فقالت إن ذا كذب وبطل ** وشر من خصومته طويل ) ( أأقتله ومالي من سلاح ** وما بي لو أقاتله حويل ) ( ولم آخذله ما لا فيلفى ** له دين علي كما يقول ) ( وعند أميرنا حكم وعدل ** ورأي بعد ذلكم أصيل ) ( فقال أميرنا هاتوا شهودا ** فقلت شهيدنا الملك الجليل ) ( فقال يمينها وبذاك أقضي ** وكل قضائه حسن جميل ) ( فبتت حلفة ما لي لديها ** نقير أدعيه ولا فتيل ) ( فقلت لها وقد غلب التعزي ** أما يقضى لنا يا بثن سول ) ( فقالت ثم زجت حاجبيها ** أطلت ولست في شيء تطيل ) ( فلا يجدنك الأعداء عندي ** فتثكلنى وإياك الثكول ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كانت خليبة الخضرية تهوى ابن عم لها فعلم بذلك قومها فحجبوها فقالت ( هجرتك لما أن هجرتك أصبحت ** بنا شمتا تلك العيون الكواشح ) ( فلا يفرح الواشون بالهجر ربما ** أطال المحب الهجر والجيب ناصح ) ( وتغدو النوى بين المحبين والهوى ** مع القلب مطوي عليه الجوانح ) قال عبد الرحمن قال عمي فحدثت بهذا الحديث رجلا من ولد جعفر بن أبي طالب فقال كانت خيرة بنت أبي ضيغم البلوية تهوى ابن عم لها وذكر مثل الحديث فقالت ( قال أبو علي وأملى علينا هذه الأبيات أبو عبد الله وقال أنشدناها أحمد بن يحيى لأم ضيغم البلوية ) وبتنا خلاف الحي لا نحن منهم ** ولا نحن بالأعداء مختلطان ) ( وبتنا يقينا ساقط الطل والندى ** من الليل بردا يمنة عطران ) ( نذود بذكر الله عنا من الشذى ** إذا كان قلبانا بنا يجفان ) ( قال أبو علي ) الشذى الأذى وروى أبو عبد الله ( نذود بذكر الله عنا من الصبا ** إذا كان قلبانا بنا يردان ) ( ونصدر عن أمر العفاف وربما ** نقعنا غليل النفس بالرشفان ) وروى أبو عبد الله ونصدر عن ري العفاف وربما نقعنا وقرأت على أبي بكر بن دريد لطفيل الغنوي يصف إبلا ( عوازب لم تسمع نبوح مقامة ** ولم تر نارا ثم حول مجرم ) ( سوى نار بيض أو غزال صريمة ** أغن من الخنس المناخر توأم ) ( إذا راعياها أنضجاه تراميا ** به خلسة أو شهوة المتقرم ) عوازب بعيدات من البيوت والنبوح أصوات الناس والمقامة حيث يقيم الناس وثم تمام والمجرم المكمل يقول هذه الإبل عوازب لعز أربابها ترعى حيث شاءت لا تمنع ولا تخاف فلم تسمع أصوات أهل مقامة ولم تر نارا سنة تامة سوى نار بيض نعام يصيبه راعيها فيشويه أو غزال يصيده والصريمة القطعة من الرمل وأغن فيه غنة والأخنس القصير الأنف وكل ظبى أخنس والتوأم الذي ولد مع غيره وذلك أشد لضؤلته وصغر جسمه وقيل للشعبي مالك ضئيلا قال لأني زوحمت في الرحم وقيل لبعضهم مالك ضئيلا قال صاف بي أبي أي ولدت وهو كبير السن وإذا صغر ما يشوى صغرت النار وقوله تراميا به أي بالغزال رمى هذا إلى هذا وهذا إلى هذا خلسة أي اختلاسا شبه العاشين أو يفعلان ذلك قرما إلى اللحم وذلك لإستغنائهما عنه باللبن وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو الحسن بن البراء قال حدثنا عبد الرحمن بن أحمد الجعفي قال كان شاعر يفد إلى يزيد بن مزيد في كل سنة فقال له يزيد كم يكفيك في كل سنة فقال كذا وكذا فقال أقم في بيتك يأتك ذلك ولا تتعبن إلينا فلما مات رثاه بهذه الأبيات والشاعر مسلم بن الوليد ( قال ) وقال أبو الحسن بن البراء قال لي ابن أبي طاهر الشاعر هو التيمي ( أحق أنه أودى يزيد ** تأمل أيها الناعي المشيد ) ( أتدري من نعيت فكيف فاهت ** به شفتاك كان به الصعيد ) ( أحامى المجد والإسلام أودى ** فما للأرض ويحك لا تميد ) ( تأمل هل ترى الإسلام مالت ** دعائمه وهل شاب الوليد ) ( وهل شميت سيوف بني نزار ** وهل وضعت على الخيل اللبود ) ( وهل تسقى البلاد عشار مزن ** بدرتها وهل يخضر عود ) ( أما هدت لمصرعه نزار ** بلى وتقوض المجد المشيد ) ( وحل ضريحه إذ حل فيه ** طريف المجد والحسب التليد ) ( أما والله ما تنفك عيني ** عليك بدمعها أبدا تجود ) ( فإن تجمد دموع لئيم قوم ** فليس لدمع ذي حسب جمود ) ( أبعد يزيد تختزن البواكي ** دموعا أو تصان لها خدود ) ( لتبكك قبة الإسلام لما ** وهت أطنابها ووهي العمود ) ( ويبكك شاعر لم يبق دهر ** له نشبا وقد كسد القصيد ) ( فمن يدعو الأنام لكل خطب ** ينوب وكل معضلة تؤد ) ( ومن يحمي الخميس إذا تعايا ** بحيلة نفسه البطل النجيد ) ( فإن تهلك يزيد فكل حي ** فريس للمنية أو طريد ) ( الم تعجب له أن المنايا ** فتكن به وهن له جنود ) ( لقد عزى ربيعة أن يوما ** عليها مثل يومك لا يعود ) ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد أبيات زينب بنت الطثرية ترثى أخاها يزيد وأملاها علينا أيضا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله عن أحمد بن يحيى وفي الروايتين زيادة ونقصان وأنا آتي على جميعها وفيها أبيات تروى للعجير السلولي ولها وقد أمللنا أبيات العجير ( أرى الأثل من وادي العقيق مجاوري ** مقيما وقد غالت يزيد غوائله ) ( فتى قد قد السيف لا متضائل ** ولا رهل لبانه وبآدله ) ( فتى لا ترى قد القميص بخصره ** ولكنما توهي القميص كواهله ) ( فتى ليس لإبن العم كالذئب أن رأى ** بصاحبه يوما دما فهو آكله ) ( يسرك مظلوما ويرضيك ظالما ** وكل الذي حملته فهو حامله ) ( إذا نزل الأضياف كان عذورا ** على الحي حتى تستقل مراجله ) ( إذا ماطها للقوم كان كأنه ** حمي وكانت شيمة لا تزايله ) ( إذا القوم أموا بيته فهو عامد ** لا حسن ما ظنوا به فهو فاعله ) ( إذا جد عند الجد أرضاك جده ** وذوا باطل إن شئت أرضاك باطله ) ( مضى وورثناه دريس مفاضة ** وأبيض هنديا طويلا حمائله ) ( فتى كان يروى المشرفي بكفه ** ويبلغ أقصى حجرة الحي نائله ) ( كريم إذا لا قيته متبسما ** وإما تولى أشعث الراس جافله ) ( ترى جازريه يرعدان وناره ** عليها عداميل الهشيم وصامله ) ( يجران ثنيا خيرها عظم جاره ** بصيرا بها لم تعد عنها مشاغله ) ( ولو كنت في غل فبحت بلوعتي ** إليه للأنت ليث ورقت سلاسله ) ( ولما عصاني القلب أظهرت عولة ** وقلت ألا قلب بقلبي أبادله ) ( قال أبو علي ) الرهل المسترخي والبآدل واحدها بأدلة وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق والعذور السيء الخلق والدريس والدرس الثون الخلق وجمعه درسان والهدم والطمر والسمل والنهج الخلق أيضا والمفاضة الواسعة والحجرة الناحية يقال جلس فلان على حجرة أي ناحية والعداميل القديمة والصامل اليابس والثني والولد الذي بعد الولد الأول فالأول بكر والثاني ثني ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال كانت أم الضحكاك المحاربية تحت رجل من بني الضباب وكانت تحبه حبا شديدا فطلقها فقالت ( هل القلب أن لا قى الضبابي خاليا ** لدى الركن أو عند الصفا متحرج ) ( وأعجلنا قرب المحل وبيننا ** حديث كتنشيج المريضين مزعج ) وروى أبو عبيد الله كتنشاج ( حديث لو أن اللحمم يصلى بحره ** طريا أتى أصحابه وهو منضج ) ( قال أبو علي ) وقرأت أيضا لها عليه ( سألت المحبين الذي تحملوا ** تباريح هذا الحب من سالف الدهر ) ( فقلت لهم يا يذهب الحب بعدما ** تبوأ ما بين الجوانح والصدر ) ( فقالوا شفاء الحب حب يزيله ** من آخر أو نأي طويل على هجر ) ( أو اليأس حتى تذهل النفس بعدما ** رجت طمعا واليأس عون على الصبر ) ( قال ) وقالت فيه أيضا حين سلت عنه ( تعزيت عن حب الضبابي حقبة ** وكل عمايا جاهل ستثوب ) ( يقول خليل النفس أنت مريبة ** كلانا لعمرى قد صدقت مريب ) ( وأريبنا من لا يؤدي أمانة ** ولا يحفظ الأسرار حين يغيب ) ( ألهفا بما ضيعت ودي وما هفا ** فؤادي بمن لم يدر كيف يثيب ) ( قال ) وقرأت عليه لزينب بنت فروة المرية في ابن عم لها يقال له المغيرة ( يا أيها الراكب الغادي لطيته ** عرج أنبيك عن بعض الذي أجد ) ( ما عالج الناس من وجد تضمنهم ** إلا ووجدي به فوق الذي وجدوا ) ( حسبي رضاه وأني في مسرته ** ووده آخر الأيام أجتهد ) وقالت أيضا ( وذي حاجة ما باح قلنا وقد بدت ** شواكل منها ما إليك سبيل ) ( لنا صاحب لا نشتهي أن نخونه ** وأنت لأخرى فارع ذاك خليل ) ( تخالك تهوى غيرها فكأنما ** لها في تظنيها عليك دليل ) ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري البيتين الأولين في خبر طويل قد تقدم لليلى الأخيلية وروايته ( وأنت لأخرى فارغ وخليل ** ) وقالت أيضا ( ألم تر أهلي يا مغير كأنما ** يفيئون باللوماء فيك الغنائما ) ( ولو أن أهلي يعلمون تميمة ** من الحب تشفي قلدوني التمائما ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بني يحيى لرؤبة بن العجاج وقد أرى واسع جيب الكم أسفر عن عمامة المعتم عن قصب أسحم مدلهم ( قال أبو العباس ) قوله أرى واسع جيب الكم معناه أرى شابا رخي البال يقال فلان واسع الجيب إذا كان رخي البال قليل الإكتراث وأسفرأ كشف أي أبدي شعرى لسواده وحسنه والقصب ههنا الشعر عن الأصمعي والأسحم الأسود ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد لعكرشة أبي شغب يرثى ابنه شغبا ( قد كان شغب لو أن الله عمره ** عزا تزاد به في عزها مضر ) ( فارقت شغبا وقد قوست من كبر ** لبئست الخلتان الثكل والكبر ) ( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله عن أحمد بن يحيى عن الزبير عن أيوب بن عباية لنصيب ( كسيت ولم أملك سوادا وتحته ** قميص من القوهي بيض بنائقه ) ( وما ضر أثوابي سوادي وإنني ** لكالمسك لا يسلو عن المسك ذائقه ) ( ولا خير في ود امرئ متكاره ** عليك ولا في صاحب لا توافقه ) ( إذا المرء لم يبذل من الود مثله ** بعاقبة فاعلم بأني مفارقه ) وأنشدنا لعبد بني الحسحاس ( أشعار عبد بني الحسحاس قن له ** عند الفخار مقام الأصل والورق ) ( إن كنت عبدا فنفسي حرة كرما ** أو أسود اللون إني أبيض الخلق ) ( قال أبو علي ) الورق عند العرب المال من الأبل والغنم والورق الفضة وحدثني أبو بكر بن دريد أن أبا حاتم أنشدهم عن أبي زيد ( وزهراء أن كفنتها فهو عيشها ** وإن لم أكفنها فموت معجل ) يعني النار هي زهراء أي بيضاء تزهر يقول أن قدحتها فخرجت فلم أدركها بخرقة أو غير ذلك ماتت ( قال أبو علي ) قال الأصمعي من أمثال العرب ( كل نجار إبل نجارها ) يضرب مثلا للمخلط يريد أن فيه ألوانا من الخلق وليس يثبت على رأي ( قال ) ومن أمثالهم ( اسق رقاش إنها سقاية ) يضرب مثلا للمحسن يقول أحسنوا إليه لإحسانه ( قال ) ومن أمثالهم ( خرقاء عيابة ) يضرب مثلا للأحمق أي أنه أحمق من وهو مع ذلك يعيب غيره ( قال ) ومن أمثالهم ( كل مجر بالخلاء يسر ) وأصله أن الرجل يجرى فرسه بالمكان الخالي لا مسابق له فيه فهو مسرور بما يرى من فرسه ولا يرى ما عند غيره يضرب مثلا للرجل تكون فيه الخلة يحمدها من نفسه ولا يشعر بما في الناس من الفضائل ( قال أبو عمرو الشيباني ) يقال أسود قاثم وقاتن ( وقال الأحمر ) يقال طانه الله على الخير وطامه إذا جبله وهو يطينه يجبله ( وقال الأصمعي ) يقال للحية أيم وأين والأصل أيم فخفف كما يقال لين ولين وهين وهين وأنشدنا لأبي كبير الهذلي ( ولقد وردت الماء لم يشرب به ** بين الربيع إلى شهور الصيف ) ( إلا عواسر كالمراط معيدة ** بالليل مورد أيم متغضف ) الصيف مطر الصيف وقوله إلا عواسر يعني ذئابا عاقدة أذنابها والمراط السهام التي قد تمرط ريشها ومعيدة معاودة للورد مرة بعد مرة يقول هذا المكان لخلائه من موارد الحيات ومتغضف متثن ( قال ) ويقال الغيم والغين وأنشد لرجل من بني تغلب ( فداء خالتي وفدى صديقي ** وأهلي كلهم لأبي قعين ) ( فأنت حبوتني بعنان طرف ** شديد الشدذى بذل وصون ) ( كأني بين خافيتي عقاب ** أصاب حمامة في يوم غين ) ( قال يعقوب ) وقال بعضهم الغين إلباس الغيم ومنه ( إنه ليغان عليه ) أي يغطى ويلبس يقال قد رغين على قلبه ورين على قلبه أي غطى قال رؤبة ( أمطر في أكناف غين مغين ) أي ملبس وأنشد الأصمعي لعوف بن الخرع ) ( وتشرب أسآر الحياض تسوفها ** ولو وردت ماء المريرة آجما ) ( قال ) أظنه أراد آجنا ( قال ) ويقال للشمال نسع ومسع وأنشد للهذلي ( قد حال دون دريسيه مؤوبة ** نسع لها بعضاة الأرض تهزيز ) دريسيه خلقيه ومؤوبة تأتي مع الليل والعضاه كل شجر له شوك الواحدة عضة والحلان والحلام فويق الجدي وأنشد لإبن أحمر ( تهدى إليه ذراع الجدى تكرمة ** إما ذبيحا وأما كان حلانا ) فالذبيح الذي يصلح للنسك والحلان الصغير الذي لا يصلح للنسك ويقال في الضب حلان وفي اليربوع جفرة والجفرة التي قد انتفخ جنباها وأكلت وشربت حتى سمنت ويقال غلام جفر إذا سمن وتحرك وأنشدنا أبو عبيدة قول مهلهل ( كل قتيل في كليب حلام ** حتى ينال القتل آل همام ) ( قال أبو علي ) يقول كل قتيل صغير ليس هو بوفاء من كليب بمنزلة الحلام الذي ليس بوفاء أن يذبح للنسك حتى ينال القتل آل همام فانهم وفاء به ( وقال الأصمعي ) يقال انتقع لونه وامتقع لونه وهو ممتقع اللون ويقال نجر من الماء ينجر نجرا ومجر يمجر مجرا إذا أكثر من شرب الماء فلم يكد يروى وأنشد ( حتى إذا ما اشتد لو بان النجر ** ) ( وقال غيره ) يقال محنجت بالدلو ونخجت بها إذا جذبت بها لتمتلئ وأنشد الفراء ( فصبحت قليذما هموما ** يزيدها مخج الدلاجموما ) القليذم البئر الغزيرة والدلا جمع دلاة والمدى والندى الغاية ( وقال الأصمعي ) الندى بعد ذهاب الصوت يقال مر فلانا أن ينادى فإنه أندى منك صوتا وأنشد للفرزدق ( فقلت ادعى وأدع فأن أندى ** لصوت أن ينادى داعيان ) أي أشد لذهابه وأنشد ( ومن لم يزل يستسمع العام حوله ** ندى صوت مقروع عن العذف عاذب ) المقروع الذي اختير للفحلة والعذف إلا كل يقال ما ذقت عذوفا والعاذب القائم الذي لا يأكل شيأ يقال ما زال عاذبا عن المرعى وقال يعقوب ابن السكيت سمعت أبا عمرو يقول ما ذقت عدونا ولا عدوفا ( قال ) وأنشدت يزيد بن مزيد عدوفا فقال لي صحفت يا أبا عمرو فقلت لم أصحف لغتكم عذوف ولغة غيركم عدوف ( وقال غيره ) رطب محلقن ومحلقم ( وقال الأصمعي ) إذا بلغ الترطيب ثلثي البسرة فهي حلقانة والجمع حلقان وهي محلقنة ومحلقمة والحزم والحزن ما غلظمن الأرض وهي الحزوم والحزون ( قال ) ويقال للبعير إذا قارب الخطو وأسرع دهامج ودهانج وقد دهمج يدهمج دهمجة ودهنج يدهنج دهنجة وأنشد ( وعير لها من بنات الكداد ** يدهمج بالقعب والمزود ) يدهمج يسرع في تقارب خطوة وقال العجاج ( كأن رعن الآل منه في الآل ** بين الضحى وبين قيل القيال ) ( إذا بدا دهائج ذو أعدال ** ) شبه الرعن حين يقمص في ذلك الوقت وهو توهج السراب ببعير عليه أعدال يسرع بها وقرأت عليى أبي عبد الله ابراهيم بن محمد الأزدي لذي الرمة ( ودو ككف المشتري غير أنه ** بساط لأخماس المراسيل واسع ) الدو المستوى من الأرض وقوله ككف المشتري يعني إذا بسط كفه فصفق براحته على راحة بائعة إذا اشترى منه علقا والبساط الأرض الواسعة لأخماس لسير الأخماس وهو جمع خمس والخمس ورود الماء في اليوم الخامس وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا العكلى عن أبي خالد عن الهيثم بن عدي قال دخل الخيار بن أوفى النهدى على معاوية فقال له يا خيار كيف تجدك وما صنع بك الدهر فقال يا أمير المؤمنين صدع الدهر قناتي وأثكلني لداتي وأوهى عمادي وشيب سوادي وأسرع في تلادي ولقد عشت زمنا أصبى الكعاب وأسر الأصحاب وأجيد الضراب فبان ذلك عني ودنا الموت مني وأنشأ يقول ( غيرت زمانا يرهب القرن جانبي ** كأني شتيم باسل القلب خادر ) ( يخاف عدوي صولتي ويهابني ** ويكرمني قرني وجارى المجاور ) ( وتصبى الكعاب لمتى وشمائلي ** كأني غصن ناعم النبت ناضر ) ( فبان شبابي واعترتني رثية ** كأني قناة أطرنها المآطر ) ( أدب إذا رمت القيام كأنني ** لدى المشى قرم قيده متقاصر ) ( وقصر الفتى شيب وموت كلاهما ** له سائق يسعى بذاك وناظر ) ( وكيف يلذ العيش من ليس زائلا ** رهين أمور ليس فيها مصادر ) فقال معاوية أحسنت القول واعلم أن لها مصادر فنسأل الله أن يجعلنا من الصادرين بخير فقد أوردنا أنفسنا موارد نرغب إلى الله أن يصدرنا عنها وهو راض وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قدم علينا البصرة رجل من أهل البادية شيخ كبير فقصدته فوجدته يخضب لحيته فقال ما حاجتك فقلت بلغني ما خصك الله به فجئتك أقتبس من علمك فقال أتيتني وأنا أخضب وإن الخضاب لمن علامات الكبر وطال والله ما غدوت على صيد الوحوش ومشيت أمام الجيوش واختلت بالرداء وهؤت بالنساء وقريت الضيف وأرويت السيف وشربت الراح ونادمت الجحجاح فاليوم قد حناتي الكبر وضعف مني البصر وجاء بعد الصفو الكدر ثم قبض على لحيته وأنشأ يقول ( شيب تغيبه كيما تغر به ** كبيعك الثوب مطويا على حرق ) ( قد كنت كالغصن ترتاح الرياح له ** فصرت عودا بلا ماء ولا ورق ) ( صبرا على الدهر إن الدهر ذو غير ** وأهله منه بين الصفو والرنق ) ( قال أبو علي ) قال أبو زيد يقال هؤت بالرجل خيرا أهوءبه هوأ إذا أزننته به وإنه لذو هوأة إذا كان ذا رأي ماضيا قال العجاج ( لا عاجز الهوء ولا جعد القدم ** ) وقال أبو عمرو الهوء الهمة وقد هاء يهوء وفلان بعيد الهوء أي بعيد الهمة ( قال أبو علي ) وأنشدني أبو يعقوب إسحق بن الجنيد وراق أبي بكر بن دريد قال أنشدنا أحمد بن عبيد قال أنشدني أبو العيناء ( ما في يدي من الصبا ** إلا الصبابة والأسف ) ( جاء الشباب فما أقام ** ولا ألم ولا وقف ) ( كان الشباب كزائر ** مل الزيارة فانصرف ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي ( لا يرعك المشيب يا ابنة عبد الله فالشيب حلة ووقار ) ( إنما تحسن الرياض إذا ما ** ضحكت في خلالها الأنوار ) وأنشدنا عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني مسعود بن بشر المازني ( رأيت أبا الوليد غداة جمع ** به شيب وما فقد الشبابا ) ( ولكن تحت ذاك الشيب حزم ** إذا ما قال أمرض أو أصابا ) قال أبو العباس معنى قوله أمرض أي قارب الصواب ومنه أنه ليمرض في القول إذا لم يصرح وحدثنا أبو محمد النحوي قال سمعت أبا العباس محمد بن يزيد يقول بلغني عن علي رضوان الله عليه قرنت الهيبة بالخيبة والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب والحكمة ضالة المؤمن فخذ ضالتك حيثما وجدتها وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا العكلى عن أبيه قال بلغني عن ابن عباس أنه قال كتب إلي علي بن أبي طالب رضي الله عنه بموعظة ما سررت بموعظة سروري بها أما بعد فإن المرء يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه فما نالك من دنياك فلا تكثر به فرحا وما فاتك منها فلا تتبعه أسفا فليكن سرورك بما قدمت وأسفك على ما خلفت وهمك فيما بعد الموت وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال أنشدنا أحمد بن يحيى الشيباني ( إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ** خلوت ولكن قل علي رقيب ) ( ولا تحسبن الله يغفل ساعة ** ولا أن ما يخفى عليه يغيب ) وأنشدنا قال أنشدنا أحمد بن يحيى ( في كل بلوى تصيب المرء عافية ** إلا البلاء الذي يدنى من النار ) ( ذاك البلاء الذي ما فيه عافية ** من العذاب ولا ستر من العار ) وأنشدنا أبو محمد النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني عمرو بن بحر الجاحظ قال أبو محمد والشعر لصالح بن عبد القدوس ( وإن عناء أن تفهم جاهلا ** فيحسب جهلا أنه منك أفهم ) ( متى يبلغ البنيان يوما تمامه ** إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم ) ( متى ينتهي عن سيى من أتى به ** إذا لم يكن منه عليه تندم ) وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا محمد بن يزيد قال أنشدني عبد الله بن القاسم قال أنشدني العتبي ( تأنقت في الإحسان حين أتيته ** إلى ابن أبي ليلى فأنزله ذما ) ( فوالله ما آسى على فوت شكره ** ولكن خطاء الراي يحدث لي غما ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم قال كان بالمدينة غلام يحمق فقال لامه يوشك أن تريني عظيم الشأن فقالت فكيف والله ما بين لابتيها أحمق منك فقال والله ما رجوت هذا الأمر إلا من حيث يئست منه أما علمت أن هذا زمان الحمقى وأنا أحدهم ( قال أبو علي ) اللابة الحرة وجمعها لاب ويقال اللوبة أيضا وجمعها لوب وإنما قيل للأسود لوبي لأن حجارة الحرة سود كأنها محترقة ومنه قيل للحرة فتين لان معنى فتنوا أحرقوا وأنشد أبو عبد الله نفطويه ( لا تنظرن إلى عقل ولا أدب ** أن الجدود قرينات الحماقات ) ( واسترزق الله مما في خزائنه ** فكل ما هو آت مرة آت ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي ( يعزي المعزي ثم يمضي لشانه ** ويترك في القلب الدخيل المجمجما ) ( حريقا ثوى في القلب لو أن بعضه ** أناخ على سلمى إذا لتضرما ) ( قال ) وأنشدنا قال أنشدنا أبو عيسى الربضى قال أنشدنا الطوسى أبو الحسن علي بن عبد الله ( أتت على عهده الليالي ** وحدثت بعده أمور ) ( وأعتضت باليأس منه صبرا ** واعتدل الحزن والسرور ) ( فلست أرجو ولست أخشى ** ما أحدثت بعده الدهور ) ( فليجهد الدهر في مساتي ** فما عسى جهده يضير ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه قال أنشدني المذحجي لأم معدان الأنصارية ( لايبعد الله فتيانا رزئتهم ** بانوا الوقت مناياهم فقد بعدوا ) ( أضحت قبورهم شتى ويجمعهم ** زو المنون ولم يجمعهم بلد ) ( ميت بمصر وميت بالعراق وميت بالحجاز منا يا بينهم بدد ) ( رعوا من المجد أكنافا إلى أجل ** حتى إذا بلغت أظماؤهم وردوا ) ( كانت لهم همم فرقن بينهم ** إذا القعاديد عن أمثالها قعدوا ) ( فعل الجميل وتفريج الجليل وإعطاء الجزيل إذا لم يعطه أحد ** ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال من أمل رجلا هابه ومن قصر عن شيء عابه وإنما يعيب الشيء الذي يقصر عنه حسدا وقال أبو زيد يقال لقيت فلانا غزالة الضحى ورأد الضحى وكهر الضحى كل ذلك عندما تنبسط الشمس وتضحى قال الراجز ( دعت سليمى دعوة هل من فتى ** يسوق بالقوم غزالات الضحى ) ( فقام لاوان ولا رث القوى ** ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة ( إذا غبت يا أسماء فارعى مودتي ** بحفظ كما أرعاك حين أغيب ) ( بنفسي من يجني الذنوب تجرما ** علي وما حلت علي ذنوب ) ( تصد إذا ماجئت حتى كأنني ** عدو مريض الصدر وهو حبيب ) وأنشدنا أبو عبد الله ( حلفت برب مكة والمصلى ** ورب الواقفين غداة جمع ) ( لأنت على التنائي فاعلميه ** أحب إلي من بصري وسمعي ) وقرأت على أبي عبد الله لذي الرمة ( أطاع الهوى حتى رمته بحبله ** على ظهره بعد العتاب عواذله ) أطاع الهوى يعني هذا المشتاق أي اتبع هواه حتى خلته العواذل وقلن له حبلك على غار بك وإنما هذا مثل أي قلن له اذهب حيث شئت ومثله قول الأخنس ابن شهاب التغلبي ( قرينة من أعيار وقلد حبله ** وحاذر جراه الصديق الأقارب ) ( قال أبو علي ) قال الأصمعي مدح ومده وما أحسن مدحه ومدهه ومدحته ومدهته ( قال ) وقال الحرث بن مصرف ساب حجل بن نضلة معاوية بن شكل عن المنذر أو النعمان ( شك فيه الأصمعي ) فقال حجل أنه قتال ظباء تباع اماء مشاء بأقراء قعو الأليتين أفحج الفخذين مفج الساقين فقال أردت أن تذمه فمدهته ورواية أبي بكر بن دريد كيما تذيمه ( قال أبو علي ) الأقراء واحدها قرئ وهو مسيل الماء إلى الرياض وقعوا الأليتين ممتليء ءالاليتين ناتئهما ليس بمنبسطهما والفحج التباعد ومفج الساقين متباعدة هذه عن هذه ويقال قوس فجواء إذا بان وترها عن كبدها وأنشد لرؤبة ( لله در الغانيات المدة ) أي المدح ويقال كدحه وكدهه ووقع من السطح فتكدح وتكده وأنشد لرؤبة ( يخاف صقع القارعات الكدة ** ) الصقع كل ضرب على يابس كده كسر والقارعة كل هنة شديدة القرع ويقال هبش له وحبش أي جمع له وهو يهتبش ويحتبش والأحبوش الجماعات قال رؤبة ( لولا حباشات من التحبيش ** لصبية كأفرخ العشوش ) ( وقال العجاج كأن صيران المها الأخلاط ** برملها من عاطف وعاط ) ( بالرمل أحبوش من الأنباط ** ) أي جماعة من الأنباط ويقال قهل جلدهخ وقحل والمتقهل اليابس الجلد ويقال للرجل إذا كان يتيبس في القراءة متقهل ومتقحل ويقال جله وجلح وهو الجله والجلح وهو إنحسار الشعر من مقدم الرأس فوق الصدغين قال رؤبة ( براق أصلاد الجبين الأجله ** الأصلاد جمع صلد وكل حجر صلب فهو صلد ) ويقال نحم ينحم ونهم ينهم ونأم ينئم وأنح يأنح وأنه يأنه وهو صوت مثل الزحير قال رؤبة ( رعابة يخشى نفوس الأنه ** يصف فحلا يقول يرعب نفوس الذين يأنهون ) وقال غير الأصمعي في صوته صحل وصهل أي بحوحة ( وقال ) هو يتفيهق في كلامه ويتفحيق إذا توسع في الكلام وتنطع وأصله الفهق وهو الإمتلاء ( وقال الأصمعي ) يقال الحقحقة والهقهقة السير المتعب ( قال ) وقال رؤبة ( يصبحن بعد القرب المقهقه ** ) إنما أصله من التحقحقة قلبوا الحاء هاء لأنها أختها وقلبوا الهقهقة إلى القهقهة ومن أمثالهم ( شر السير الحقحقة ) ( قال ) وقال مطرف بن الشخير لإبنه يا عبد الله عليك بالقصد وإياك وسير الحقحقة يريد الأتعاب ( قال أبو علي ) الحقحقة مشتق من الحق أي يعطى الناقة الحق في سيرها فتجهد نفسها قال أبو علي وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة وحدثنا قال حدثني أيضا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي ولفظاهما متفقان غير أن أبا عبيدة قال لبعض ملوك اليمن وقال ابن الكلبي لذى رعين قال مات أخ لذى رعين فعزاه بعض أهل اليمن فقال أن الخلق للخالق والشكر للمنعم والتسليم للقادر ولابد مما هو كائن وقد حل ما لا يدفع ولا سبيل إلى رجوع ما قد فات وقد أقام معك ما سيذهب عنك وستتركه فما الجزع مما لا بد منه وما الطمع فيما لا يرجى وما الحيلة فيما سينقل عنك أو تنقل عنه وقد مضت لنا أصول نحن فروعها فما بقاء الفرع بعد الأصل فأفضل الأشياء عند المصائب الصبر وإنما أهل الدنيا سفر لا يحلون عن الركاب إلا في غيرها فما أحسن الشكر عند النعم والتسليم عند الغير فاعتبر بمن قد رأيت من أهل الجزع هل ردا أحدا منهم إلى ثقة من درك واعلم أن أعظم من المصيبة سوء الخلف فأفق والمرجع قريب واعلم أنما ابتلاك المنعم وأخذ منك المعطى وما ترك أكثر فإن نسيت الصبر فلا تغفل عن الشكر وحدثنا أبو بكرقال حدثنا سعيد بن هرون الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة قال عزى رجل من العرب رجلا على أخيه فقال محبوب فائت وغنم عارض أن ضيعته فات أيضا وبقيت حسيرا أما أخوك فلا أخوك فلا يذهب بك جزعك فتحط سوددك وتقل ثقة عشيرتك باضطلاعك بالأمور وفي كثرة الأسا عزاء عن المصائب وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت عمي يقول التهنئة على آجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال نشأ لسلامة ذي فائش ابن كأكمل أبناء المقاول وكان به مسرورا يرشحه لموضعه فركب ذات يوم فرسا صعبا فكبابه فوقصه فجزع عليه أبوه جزعا شديدا وامتنع من الطعام واحتجب عن الناس واجتمعت وفود العرب ببابه ليعزوه فلامه نصحاؤه في إفراط جزعه فخرج إلى الناس فقام خطباؤهم يؤسونه وكان في القوم الملبب بن عوف بن سلمة بن عمرو بن سلمة الجعفي وجعادة بن أفلح بن الحرث وهو جد الجراح بن عبد الله الحكمى صاحب خراسان فقام الملبب فقال أيها الملك إن الدنيا تجود لتسلب وتعطى لتأخذ وتجمع لتشتت وتحلى لتمر وتزرع الأحزان في القلوب بما تفجأ به من استرداد الموهوب وكل مصيبة تخطأتك جلل ما لم تدن الأجل وتقطع الأمل وإن حادثا ألم بك فاستبد بأقلك وصفح عن أكثرك لمن أجل النعم عليك وقد تناهت إليك أبناء من رزئ فصبر وأصيب فاغتفر إذا كان شوى فيما يرتقب ويحذر فاستشعر اليأس مما فات إذ كان ارتجاعه ممتنعا ومرامه مستصعبا فلشئ ما ضربت الأسى وفزع أولو الألباب إلى حسن العزاء وقام جعادة فقال أيها الملك لا تشعر قلبك الجزع على ما فات فيغفل ذهنك عن الإستعداد لما يأتي وناضل عوارض الحزن بالأنفة عن مضاهاة أفعال أهل وهي العقول فإن العزاء لحزماء الرجال والجزع لربات الحجال ولو كان الجزع يرد فائتا أو يحيى تالفا لكان فعلا دنيئا فكيف به وهو مجانب لأخلاق ذوي الألباب فارغب بنفسك أيها الملك عما يتهافت فيه الأرذلون وصن قدرك عما يركبه المخسوسون وكن على ثقة أن طمعك فيما استبدت به الأيام ضلة كأحلام النيام ( قال أبو علي ) المقاول والأقيال دون الملوك العظماء ووقصه كسره ويؤسونه يعزونه وأصله أن يقال لك أسوة بفلان وفلان والجلل الصغير والجلل الكبير وهو من الأضداد والبدة النصيب واستبد به أي جعله نصيبه والشوى الهين اليسير والشوى أيضا رذال المال والمناضلة المراماة والمضاهاة المشاكلة والتهافت التتابع وقرأنا على أبي بكر بن دريد ( حبسن بين رمله وقف ** وبين نخل هجر الملتف ) ( ثمت أصدرن بغير كف ** هذه إبل خرجت للميرة فرجعت بغير كف من طعام ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا الزنادي قال يقال أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تكلم بهذا الكلام في خطبته ما الجزع مما لا بد منه وما الطمع فيما لا يرجى وما الحيلة فيما سيزول وإنما الشيء من أصله فقد مضت قبلنا أصول نحن فروعها فإبقاء فرع بعد أصله إنما الناس في الدنيا أغراض تنتضل فيهم المنايا وهم فيها نهب للمصائب مع كل جرعة شرق وفي كل أكلة غصص لا ينالون نعمة إلا بفراق أخرى ولا يعمر معمر يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله وأنتم أعوان الحتوف على أنفسكم فأين المهرب مما هو كائن وإنما نتقلب في قدرة الطالب فما أصغر المصيبة اليوم مع عظيم الفائدة غدا وأكبر خيبة الخائب فيه والسلام وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا محمد بن علي المديني قال حدثنا أبو الفضل الربعي الهاشمي قال حدثني نهشل بن دارم عن أبيه عن جده عن الحرث الأعور قال سئل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه عن مسالة فدخل مبادرا ثم خرج في حذاء ورداء وهو متبسم فقيل له يا أمير المؤمنين إنك كنت إذا سئلت عن المسئلة تكون فيها كالسكة المحماة قال إني كنت حاقنا ولا رأي لحاقن ثم أنشأ يقول ( إذا المشكلات تصدين لي ** كشفت حقائقها بالنظر ) ( وإن برقت في مخيل الصواب ** عمياء لا يجتليها البصر ) ( مقنعة بغيوب الأمور ** وضعت عليها صحيح الفكر ) ( لسانا كشقشقة الأرحبي أو كالحسام اليماني الذكر ** ) ( وقلبا إذا استنطقته الفنون ** أبر عليها بواه درر ) ( ولست بإمعة في الرجال ** يسائل هذا وذا ما الخبر ) ( ولكنني مذرب الأصغرين ** أبي أبين مما مضى ما غبر ) ( قال أبو علي ) المخيل السحاب الذي يخال فيه المطر والشقشقة ما يخرجه الفحل من فيه عند هياجه ومنه قيل لخطباء الرجال شقاشق أنشدني أبو المياس لتميم بن مقبل ( عاد الأذلة في دار وكان بها ** هرت الشقاشق ظلامون للجزر ) وأبر زاد على ما تستنطقه والإمعة الأحمق الذي لا يثبت على رأي والمذرب الحاد وأصغراه قلبه ولسانه وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال كان عبد الملك بن مروان ذات ليلة في سمرة مع ولده وأهل بيته وخاصته فقال لهم ليقل كل واحد منكم أحسن ما قيل من الشعر وليفضل من رأى تفضيله فأنشدوا وفضلوا فقال بعضهم امرؤ القيس وقال بعضهم النابغة وقال بعضهم الأعشى فلما فرغوا قال أشعروا الله من هؤلاء جميعا عندي الذي يقول ( قال أبو علي ) أنشد عبد الملك بعض هذه الأبيات التي أناذا كرها وضممت إليها ما اخترت من القصيدة وقت قراءتي شعر معن بن أوس على أبي بكر بن دريد وما رواه ابن الأعرابي في نوادره ( وذي رحم قلمت أظفار ضغنه ** بحلمى عنه وهو ليس له حلم ) ( يحاول رغمي لا يحاول غيره ** وكالموت عندي أن يحل به الرغم ) ( فإن أعف عنه أغض عينا على قذى ** وليس له بالصفح عن ذنبه علم ) ( وإن أنتصر منه أكن مثل رائش ** سهام عدو يستهاض بها العظم ) ( صبرت ما كان بيني وبينه ** وما تستوي حرب الأقارب والسلم ) ( وبادرت منه النأي والمرء قادر ** على سهمه ما دام في كفه السهم ) ( ويشتم عرضى في المغيب جاهدا ** وليس له عندي هوان ولا شتم ) ( إذا سمته وصل القرابة سامني قطيعتها تلك السفاهة والاثم وإن أدعه للنصف يأب ويعصني ** ويدعو لحكم جائر غيره الحكم ) ( فلولا اتقاء الله والرحم التي ** رعايتها حق وتعطيلها ظلم ) ( إذا لعلاه بارقي وخطمته ** بوسم شنار لا يشاكهه وسم ) ( ويسعى إذا أبنى ليهدم صالحي ** وليس الذي يبني كمن شأنه الهدم ) ( يود لو أني معدم ذو خصاصة ** وأكره جهدي أن يخالطه العدم ) ( ويعتد غنما في الحوادث نكبتي ** وما إن له فيها سناء ولا غنم ) ( فما زلت في ليني له وتعطفي ** عليه كما تحنو على الولد الأم ) وروى فما زلت في رفق به وتعطف عليه وزاد ابن الأعرابي ( وخفض له مني الجناح تألفا ** لتدنيه مني القرابة والرحم ) ( وقولي إذا أخشى عليه مصيبة ** ألا أسلم فداك الخال ذو العقد والعم ) وروى ( وقولي إذا أخشى عليه ملمة ) ألا أسلم ( وصبري على أشياء منه تريبني ** وكظمي على غيظي وقد ينفع الكظم ) ( لأستل منه الضعن حتى استللته ** وقد كان ذا ضغن يضيق به الجرم ) ( رأيت انثلاما بيننا فرقعته ** برفقي واحيائي وقد يرقع الثلم ) ( وأبرأت غل الصدر منه توسعا ** بحلمي كما يشفى بالأدوية الكلم ) وزاد ابن الاعرابي ( فداويته حتى ارفأن نفاره ** فعدنا كأنا لم يكن بيننا ضرم ) ( وأطفأ نار الحرب بيني وبينه ** فأصبح بعد الحرب وهو لنا سلم ) وروى فاطفأت نار الحرب فقيل له يا أمير المؤمنين من قائل هذه الأبيات قال معن ابن أوس المزني وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله ( لنعم الفتى أضحى باكناف حائل ** غداة الوغى أكل الردينية السمر ) ( لعمري لقد أرديت غير مزلج ** ولا مغلق باب السماحة بالعذر ) ( سأبكيك لا مستبقيا فيض عبرة ** ولا طالبا بالصبر عاقبة الصبر ) وقرأت عليه لرجل مات له أخ بعد أخ ( كأني وصيفيا خليلي لم نقل ** لموقد نار آخر الليل أوقد ) ( فلو أنها إحدى يدي رزئتها ** ولكن يدي بانت علي إثرها يدي ) ( فأقسمت لا آسى علي إثر هالك ** قدي الآن من وجد على هالك قدى ) وأنشدني محمد بن السري السراج لأبي عبد الرحمن العطوي ( حنطته يا نصر بالكافور ** وزففته للمنزل المهجور ) ( هلا ببعض خلاله حنطته ** فيضوع أفق منازل وقبور ) ( تالله لو بنسيم أخلاق له ** تعزى إلى النقديس والتطهير ) ( طيبت من سكن الثرى وعلا الربى ** لتزودوه عدة لنشور ) ( فاذهب كما ذهب الوفاء فإنه ** عصفت به ريحا صبا ودبور ) ( واذهب كما ذهب الشباب فإنه ** قد كان خير مجاور وعشير ) ( والله ما أبنته لأزيده ** شرفا ولكن نفثه المصدور ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله قول الشاعر ( وقد كتب الشيخان لي في صحيفتي ** شهادة عدل أدحضت كل باطل ) يعني والديه يقول بينا شبهى في صحيفة وجهي ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا سعيد بن هرون قال حدثني شيخ من أهل الكوفة عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق أخي بني عامر بن لؤي قال قالت هند لأبيها عتبة بن ربيعة إني امرأة قد ملكت أمرى فلا تزوجني رجلا حتى تعرضه علي قال لك ذاك فقال لها ذات يوم أنه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسميا لك واحدا منهما حتى أصفه لك أما الأول ففي الشرف الصميم والحسب الكريم تخالين به هوجا من غفلته وذلك إسجاح من شيمته حسن الصحابة سريع الإجابة أن تابعته تبعك وإن ملت كان معك تقضين عليه في ماله وتكتفين برأيك عن مشورته وأما الآخر ففي الحسب الحسيب والرأي الأريب بدر أرومته وعز عشيرته يؤدب أهله ولا يؤدبونه ان اتبعوه أسهل بهم وإن جانبوه توعر عليهم شديد الغيره سريع الطيره صعب حجاب القبة ان حاج فغير منزور وإن نوزع فغير مقهور وقد بينت لك كليهما فقالت أما الأول فسيد مضياع لكريمته موات لها فيما عسى إن تعتص أن تلين بعد إبائها وتضيع تحت خبائها إن جاءته بولد أحمقت وإن أنجبت فعن خطإ ما أنجبت اطو ذكر هذا عني ولا تسمه لي وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة إني لأخلاق هذا لوامقه وإني له لموافقه وإني لآخذه بأدب البعل مع لزومي قبتي وقلة تلفتي وإن السليل بيني وبينه لحرى أن يكون المدافع عن حريم عشيرته الذائد عن كتيبتها المحامي عن حقيقتها المثبت لأرومتها غير مواكل ولا زميل عند صعصعة الحروب قال ذاك أبو سفيان بن حرب قالت فزوجه ولا تلق إلقاء السلس ولا تسمه سوم الضرس ثم استخر الله في السماء يخر لك في القضاء ( قال أبو علي ) الإسجاح السهولة والزمل والزمال والزميل والزميلة الجبان الضعيف والصعصعة الإضطراب يقال قد تصعصع القوم في الحرب إذا اضطربوا كذا قال أبو بكر وغيره يقول تصعصعوا تفرقوا والضرس السيئ الخلق وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن بعض أصحابه عن المدائني قال كان رجل من العرب له ثلاث بنات قد عضلهن ومنعهن الأكفاء فقالت إحداهن ان أقام أبونا على هذا الرأي فارقنا وقد ذهب حظ الرجال منا فينبغي لنا أن نعرض له ما في نفوسنا وكان يدخل على كل واحدة منهن يوما فلما دخل على الكبرى تحادثا ساعة فحين أراد الإنصراف أنشدت ( أيزجر لاهينا ونلحى على الصبا ** وما نحن والفتيان إلا شقائق ) ( يؤبن حبيبات مرارا كثيرة ** وتنباق أحيانا بهن البوائق ) فلما سمع الشعر ساءه ثم دخل على الوسطى فتحادثا فلما أراد الإنصراف أنشدت ( ألا أيها الفتيان ان فتاتكم ** دهاها سماع العاشقين فحنت ) ( فدونكم ابغوها فتى غير زمل ** وإلا صبت تلك الفتاة وجنت ) فلما سمع شعرها ساءه ثم دخل على الصغرى في يومها فتحادثا فلما أراد الإنصراف أنشدت ( أما كان في ثنتين ما يزع الفتى ** ويعقل هذا الشيخ إن كان يعقل ) ( فما هو إلا الحل أو طلب الصبا ** ولا بد منه فأتمر كيف تفعل ) فلما رأى تواطؤهن على ذلك زوجهن وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال كان لهمام بن مرة ثلاث بنات فعنسهن فقالت الكبرى أنا أكفيكموه اليوم فقالت ( أهمام بن مرة إن همي ** إلى قنفاء مشرفة القذال ) فقال همام قنفاء مشرفة القذال تصف فرسا فقالت الوسطى ما صنعت شيأ فقالت ( أهمام بن مرة إن همي ** إلى اللائي يكن مع الرجال ) فقال همام يكون مع الرجال الذهب والفضة فقالت الصغرى ما صنعتما شيأ وقالت ( أهمام بن مرة إني همي ** إلى عرد أسد به مبالي ) فقال همام قاتلكن الله والله لا أمسيت أو أزوجكن فزوجهن وحدثنا أبو بكر ابن الأنباري قال حدثنا ابو العباس النحوي قال قال العباس بن الحسن العلوي ما الحمام على الإصرار وحلول الدين مع الإقتار وطول السقم في الأسفار بآلم من لقائه وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو العباس وأبي واللفظ مختلط ( ثقيل يطالعنا من أمم ** إذا سره رغم أنفي ألم ) ( أقول له إذا أتى لا أتى ** ولا حملته إلينا قدم ) ( عدمت خيالك لا من عمى ** وسمع كلامك لا من صمم ) ( تغط بما شئت عن ناظري ** ولو بالرداء به فالتثم ) ( لنظرته وخزة في القلوب ** كوخز المحاجم في الملتزم ) ( قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف ( وثقيل أشد من ثقل الموت ** ومن شدة العذاب الأليم ) ( لو عصت ربها الجحيم لما كان ** سواه عقوبة للجحيم ) ( قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف وغيره لمحمد بن نصر بن بسام ( يا ثقيلا على القلوب إذا عن ** لها أيقنت بطول الجهاد ) ( يا قذى في العيون يا غلة بين ** التراقي حزازة في الفؤاد ) ( يا طلوع العذول يا بين إلف ** يا غريما أتى على ميعاد ) ( يا ركودا في يوم غيم وصيف ** يا وجوه التجار يوم الكساد ) ( خل عنا فإنما أنت فينا ** واو عمرو كالحديث المعاد ) ( وامض في غير صحبة الله ما عشت ملقى من كل فج وواد ** ) ( يتخطى بك المهامة والبيد دليل أعمى كثير الرقاد ** ) ( خلفك الثائر المصمم بالسيف ورجلاك فوق شوك القتاد ** ) قال وأنشدنا أبي ( ربما يثقل الجليس وإن كان ** خفيفا في كفه الميزان ) ( ولقد قلت حين وتد في البيت ثقيل أربى على ثهلان ** ) ( كيف لم تحمل الأمانة أرض ** حملت فوقها أبا سفيان ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن عكرمة الضبى قال قال العتبي دخلت عزة على عبد الملك بن مروان فقال لها يا عزة أنت عزة كثير فقالت أنا أم بكر الضمرية فقال لها أتروين قول كثير ( وقد زعمت أني تغيرت بعدها ** ومن ذا الذي يا عز لا يتغير ) ( تغير جسمي والخليقة كالتي ** عهدت ولم يخبر بسرك مخبر ) فقالت لا أروي هذا ولكني أروي قوله ( كأني أنادي صخرة حين أعرضت ** من الصم لو تمشي بها العصم زلت ) ( صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة ** فمن مل منها ذلك الوصل ملت ) ( قال أبو علي ) وقرأت هذه القصيدة على أبي بكر بن دريد رحمه الله في شعر كثير وهي من منتخبات شعر كثير وأولها ( خليلي هذا ربع عزة فاعقلا ** قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلت ) ويروي ( خليلي هذا رسم عزة فاعقلا ** قلوصيكما ثم انظرا حيث حلت ) ( وما كنت أدري قبل عزة ما الهوى ** ولا موجعات الحزن حتى تولت ) ( فقد حلفت جهدا بما نحرت له ** قريش غداة المأزمين وصلت ) ( أناديك ما حج الحجيج وكبرت ** بفيفا غزال رفقة وأهلت ) ( وكانت لقطع الحبل بيني وبينها ** كناذرة نذرا فأوفت وحلت ) ويروى وفت فأحلت ( فقلت لها يا عز كل مصيبة ** إذا وطنت يوما لها النفس ذلت ) ( ولم يلق إنسان من الحب ميعة ** تعم ولا غماء إلا تجلت ) ( كأني أنادي صخرة حين أعرضت ** من الصم لو تمشي بها العصم زلت ) ( صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة ** فمن مل منها ذلك الوصل ملت ) ويروى صفوح والصفوح المعرض ويروى ذلك البخل ( أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها ** وحلت تلاعا لم تكن قبل حلت ) ( فليت قلوصي عند عزة قيدت ** بحبل ضعيف غر منها فضلت ) ( وغودر في الحي المقيمين رحلها ** وكان لها باغ سواي فبلت ) ( وكنت كذى رجلين رجل صحيحة ** ورجل رمى فيها الزمان فشلت ) ( وكنت كذات الظلع لما تحاملت ** على ظلعها بعد العثار استقلت ) ( أريد الثواء عندها وأظنها ** إذا ما أطلنا عندها المكث ملت ) ( فما أنصفت أما النساء فبغضت ** إلي وأما بالنوال فضنت ) ( يكلفها الغيران شتمي وما بها ** هواني ولكن للمليك استذلت ) ( هنيأ مريئا غير داء مخامر ** لعزة من أعراضنا ما استحلت ) ( قال أبو علي ) قيل لكثير أنت أشعر أم جميل فقال بل أنا فقيل له أتقول هذا وأنت راويته فقال جميل الذي يقول ( رمى الله في عيني بثينة بالقذى ** وفي الغر من أنيابها بالقوادح ) وأنا أقول ( هنيأ مريئا غير داء مخامر ** لعزة من أعراضنا ما استحلت ) ( فوالله ما قاربت إلا تباعدت ** بصرم ولا أكثرت إلا أقلت ) ويروى ولا استكثرت ( فإن تكن العتبى فأهلا ومرحبا ** وحقت لها العتبى لدينا وقلت ) ( وإن تكن الأخرى فإن وراءنا ** منادح لو سارت بها العيس كلت ) ( خليلي أن الحاجبية طلحت ** قلوصيكما وناقتي قد أكلت ) ( فلا يبعدن وصل لعزة أصبحت ** بعاقبة أسبابه قد تولت ) ( أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ** لدينا ولا مقلية ان تقلت ) ( ولكن أنيلى واذكري من مودة ** لنا خلة كانت لديكم فطلت ) ( فإني وإن صدت لمثن وصادق ** عليها بما كانت إلينا أزلت ) ( فما أنا بالداعي لعزة بالجوى ** ولا شامت إن نعل عزة زلت ) ( فلا يحسب الواشون أن صبابتي ** بعزة كانت غمرة فتجلت ) ( فاصبحت قد أبللت من دنف بها ** كما أدنفت هيماء ثم استبلت ) ( فوالله ثم الله ما حل قبلها ** ولا بعدها من خلة حيث حلت ) ( وما مر من يوم علي كيومها ** وإن عظمت ايام أخرى وجلت ) ( وأضحت بأعلى شاهق من فؤاده ** فلا القلب يسلاها ولا العين ملت ) ( فيا عجبا للقلب كيف اعترافه ** وللنفس لما وطنت كيف ذلت ) ( وإني وتهيامي بعزة بعدما ** تخليت مما بيننا وتخلت ) ( لكالمرتجي ظل الغمامة كلما ** تبوأ منها للمقيل اضمحلت ) ( كأني وإياها سحابة ممحل ** رجاها فلما جاوزته استهلت ) ( فإن سأل الواشون فيهم هجرتها ** فقل نفس حر سليت فتسلت ) ( قال أبو علي ) المأزمان بين عرفة والمزدلفة وأناديك أجالسك وهو مأخوذ من الندي والنادي جميعا وهما المجلس وميعة كل شي أوله والصفوح المعرضة بلت ذهبت ( قال أبو علي ) وما أعرف بلت ذهبت إلا في تفسير هذا البيت والعتبى الإعتاب يقال عاتبني فلان فأعتبته إذا نزعت عما عاتبك عليه والعتبى الإسم والإعتاب المصدر وقوله طلحت الطليح المعيي الذي قد سقط من الإعياء وطلت هدرت وأزلت اصطنعت ويقال بل من مرضه وأبل واستبل إذا برأ واعترافه اصطباره يقال نزلت به مصيبة فوجد عروفا أي صبورا والعارف الصابر وأنشدنا أبو عبد الله رحمه الله لنفسه ( وقائل لا تبح باسمي فقلت له ** هبني أكاتم جهدي ما أعانيه ) ( قال أبو علي ) أنشدنيه جهدي وأنا أختار جهدي ( فكيف لي بارتياعي حين تبصرني ** حتى أقول بداما كنت أخفيه ) ( أم كيف يسعدني صبر ولي كبد ** حرى تذوب وقلب فيه ما فيه ) ( يا ساحر اللحظ قد والله برح بي ** شوقي إليك وأعيا ما ألاقه ) ( قال أبو علي ) وأنشدني لإبن أذينة ( قالت وأبثثتها شجوى فبحت به ** قد كنت عندي تحب الستر فاستتر ) ( ألست تبصر من حولي فقلت لها ** غطى هواك وما ألقى على بصري ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي ( إلى الله أشكو ثم أثني فأشتكي ** غريما لواني الدين منذ زمان ) ( لطيف الحشاعبل الشوى طيب اللمى ** له علل لا تنقضي وأماني ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا العكلى عن أبيه قال سأل عبد الملك الحجاج عن عيبه فتلكأ عليه فأبى إلا أن يخبره فقال أنا حديد حسود حقود لجوج ذو قسوة فبلغ هذا الكلام خالد بن صفوان فقال لقد انتحل الشر بحذافيره والمروق من جميع الخير بزوبره ولقد تأنق في ذم نفسه وتجود في الدلالة على لؤم طبعة وفي إقامة البرهان على إفراط كفره والخروج من كنف ربه وشدة المشاكلة لشيطانه الذي أغواه ( قال الأصمعي ) الخشي والحشي اليابس وأنشد للعجاج ( والهدب الناعم والخشي ** ) الناعم الرطب اللين وأنشد ( وإن عندي لو ركبت مسحلي ** سم ذرا ريح رطاب وخشي ) ( قال ) ويقال حجج وخبج إذا خرجت منه ريح ( قال ) وسمعت أعرابيا يقول خجج بها ورب الكعبة ( قال ) ويقال فاحت منه ريح طيبة وفاخت ( وقال أبو زيد ) يقال خمص الجرح يخمص خموصا وحمص يحمص حموصا وانحمص إنحماصا وانخمص انخماصا إذا ذهب ورمه ( وقال أبو عبيدة ) المخسول والمحسول المرذول وقد حسلته وخسلته ( قال أبو عمرو الشيباني ) الحجادي والجخادي الضخم ( قال ) ويقال طخرور وطحرور للسحابة ( وقال الأصمعي ) الطخار ير قطع من السحاب مستدقة رقاق والواحدة طخرورة والرجل طخرور إذا لم يكن جلدا ولا كثيفا ولم يعرفه بالحاء ( قال اللحياني ) يقال شرب حتى اطمحر واطمخر أي حتى امتلأ وروي ويقال دربح ودربخ إذا حنى ظهره ويقال هو يتحوف مالي ويتخوفه أي ينقصه ويأخذ من أطرافه قال الله عز وجل { أو يأخذهم على تخوف } أي تنقص وقال الشاعر ( تخوف السير منها تامكا قردا ** كما تخوف عود النبعة السفن ) ( قال أبو علي ) التامك المرتفع من السنام والقرد المتلبد بعضه على بعض والسفن المبرد وأخبرني أبو بكر بن الأنباري عن أبيه قال أتى أعرابي إلى ابن عباس فقال ( تخوفني مالي أخ لي ظالم ** فلا تخذلني اليوم يا خير من بقي ) فقال تخوفك أي تنقصك قال نعم قال الله أكبر أو يأخذهم على تخوف أي على تنقص من خيارهم وقد قرئ أن لك في النهار سبحا طويلا وسبخا قرأها يحيى بن يعمر ( قال الفراء ) معناهما واحد أي فراغا ( وقال غيره ) سبحا فراغا وسبخا نوما ويقال قد سبخ الحر إذا خار وانكسر ويقال اللهم سبخ عنه الحمى أي خففها وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رحمها الله حين دعت على سارق سرقها لا تسجني عنه بدعائك أي لا تخففي عنه إثمه ويقال لما سقط من ريش الطائر سبيخ ( قال الأصمعي ) هو السدى والستى والأسدي والأستي لسدى الثوب قال الحطيئة ( مستهلك الورد كالأسدي قد جعلت ** أيدي المطي به عادية ركبا ) ويروى رغبا ركب جمع ركوب وهو الطريق الذي فيه آثار والرغب الواسعة ( قال ) وأما السدى من الندى فبالدال لا غير يقال سديت الأرض إذا نديت من السماء كان الندى أو من الأرض ( قال أبو علي ) حكى بعض شيوخنا عن أبي عبيدة قال السدى ما كان في أول الليل والندى ما كان في آخره ويقال للبلح إذا وقع وقد استرخت ثفاريقه وندي بلح سد وقد أسدى النخل ويقال أعتده وأعده قال الشاعر ( إثما وغرما وعذابا معتدا ** ) ويقال الدولج والتولج للكناس ويقال مد في السير ومت ويقال السبنداة والسبنتاة للجريئة ويقال للنمر سبنتى وسبندى ويقال هرت القصار الثوب وهرده إذا خرقه وكذلك هرد عرضه وهرته ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد لحميد بن ثور ( قرينة سبع ان تواترن مرة ** ضربن فصفت أرؤس وجنوب ) تواترن أتبع بعضهن بعضا يريد أنهن غير مصطفات فإذا أردن الطيران ضربن بأجنحتهن حتى ستوين ثم يصرن إلى طيرانهن وهن مصطفات الأرؤس والجنوب وقرأت على أبي بكر بن دريد لنفسه في قصيدة له أولها هذه الأبيات ( ليس المقصر وانيا كالمقصر ** حكم المعذر غير حكم المعذر ) ( لو كنت أعلم أن لحظك موبقى ** لحذرت من عينيك ما لم أحذر ) ( لا تحسبي دمعي تحدر إنما ** نفسي جرت في دمعي المتحدر ) ( خبري خذيه عن الضنى وعن البكا ** ليس اللسان وأن تلفت بمخبر ) ( ولقد نظرت فرد طرفى خاسئا ** حذر العدا وبهاء ذاك المنظر ) ( يأسي يحسن لي التستر فاعلمي ** لو كنت أطمع فيك لم أتستر ) ( قال أبو علي ) المعذر في طلب الحاجة المبالغ فيها والمعذر المتواني والمقصر عن الشيء الذي ينزع عنه وهو يقدر عليه والمقصر العاجز عنه ( قال الأصمعي ) جاءتنا زمزمة من بني فلان وصمصمة أي جماعة وأنشد ( إذا تدانى زمزم لزمزم ** ) وأنشدنا أيضا ( وحال دوني من الأبناء زمزمة ** كانوا الأنوف وكانوا الأكرمين أبا ) قال ويروى صمصمة ويقال نشصت المرأة على زوجها ونشزت وهو النشوص والنشوز ومنه يقال نشصت ثنيته إذا خرجت من موضعها قال الأعشى ( تقمرها شيخ عشاء فأصبحت ** قضاعية تأتي الكواهن ناشصا ) أي ناشزا ( قال أبو علي ) قال لي أبو العباس معنى تقمرها عقلها وأخرجها من قومها فأصبحت في قضاعة غريبة تأتي الكواهن تسأل عن حالها هل يرين لها الرجوع إلى أهلها أم لا والنشاص الغيم المرتفع ( قال أبو علي ) إنما سمى نشاصا لأنه ارتفع على غيره بمنزلة الثنية ارتفعت على غيرها والشرز والشرص واحد وهو الغلظ ( قال الأصمعي ) وسمعت خلفا يقول سمعت أعرابيا يقول ( لم يحرم من فزدله ) أي من قصد فخفف وأبدل من الصادر أيا يقول لم يحرم من أصاب بعض حاجته وإن لم ينلها كلها ويقال فص الجرح يفص فصيصا وفز يفز فزيزا أي سأل ( وقال الأصمعي ) أتانا ملمس الظلام وملث الظلام أي اختلاطه ويقال ساخت رجله في الأرض وثاخت إذا دخلت قال أبو ذؤيب ( قصر الصبوح لها فشرج لحمها ** بالني فهي تثوخ فيها الإصبع ) شرج خلط وشريجان خليطان والني الشحم والوطس والوطث الضرب الشديد بالخف ويقال فوه يجري سعابيب وثعابيب وهو أن يجرى منه ماء صاف ويقال ناقة فاسج وفاثج وهي الفتية الحامل وأنشد الأصمعي ( والبكرات اللقح الفوائجا ** ) ( وقال أبو علي ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة أن عمرو بن معد يكرب أتى مجاشع بن مسعود بالبصرة يسأله الصلة فقال له أذكر حاجتك فقال حاجتي صلة مثلي فأعطاه عشرة آلاف درهم وفرسا من بنات الغبراء وسيفا قلعيا وغلاما خبازا فلما خرج من عنده قال له أهل المجلس كيف وجدت صاحبك فقال لله در بني سليم ما أشد في الهيجاء لقاءها وأكرم في اللزبات عطاءها وأثبت في المكرمات بناءها والله لقد قاتلتها فما أجبنتها وسألتها فما أبخلتها وهاجيتها فما أفحمتها ثم قال ( ولله مسؤلا نوالا ونائلا ** وصاحب هيجا يوم هيجا مجاشع ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال ذكر أعرابي رجلا فقال نعم حشو الدرع ومقبض السيف ومدوة الرمح هو كان أحلى من العسل إذا لوين وأمر من الصبر إذا خوشن وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الأول بن مزيد عن أبيه قال حدثني بعض موالي بني هاشم قال قال المنصور لخالد بن عبد الله القسري إني لأعدك لأمر كبير قال يا أمير المؤمنين قد أعد الله لك مني قلبا معقودا بنصيحتك ويدا مبسوطة بطاعتك وسيفا مشحوذا على أعدائك فإذا شئت ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن أبيه عن هشام بن محمد قال حدثني رافع بن بكار ونوح بن دراج قالا دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عمه الزبير بن عبدالمطلب وهو صبي فأقعده في حجره وقال ( محمد بن عبدم ** عشت بعيش أنعم ** ودولة ومغنم ) ( في فرع عز أسنم ** مكرم معظم ** دام سجيس الأزلم ) أي أبد الدهر ثم دخل عليه العباس بن عبد المطلب وهو غلام فاقعده في حجره وقال ( إن أخي عباس عف ذو كرم ** فيه عن العوراء إن قيلت صمم ) ( يرتاح للمجد ويوفي بالذمم ** وينحر الكوماء في اليوم الشبم ) ( أكرم بأعراقك من خال وعم ) ثم دخل عليه ضرار بن عبد المطلب وهو أصغر من العباس فقال ( ظني بمياس ضرار خير ظن ** أن يشتري الحمد ويغلي بالثمن ) ( ينحر للاضياف ربات السمن ** ويضرب الكبش إذا البأس ارجحن ) ثم دخلت عليه ابنته أم الحكم فقال ( يا حبذا أم الحكم ** كأنها ريم أحم ) ( يا بعلها ماذا يشم ** ساهم فيها فسهم ) ثم دخلت عليه جارية له يقال لها أم مغيث فقالت مدحت ولدك وبني أخيك ولم تمدح ابني مغيثا فقال على به عجليه فجاءت به فقال ( وإن ظني بمغيث إن كبر ** أن يسرق الحج إذا الحج كثر ) ( ويوقر الأعيار من قرف الشجر ** ويأمر العيد بليل يعتذر ) ( ميراث شيخ عاش دهرا غير حر ** ) ( قال أبو علي ) سألت أبا بكر عن يعتذر فقال يصنع عذيره وهي طعام من أطعمة الأعراب ( قال أبو علي ) وقد جمع يعقوب هذا الباب في كتاب المنطق فأكثر ولم يأت بهذه الكلمة فأما يعتذر من العذر فكثير في أشعار الحرب في أمثال هذا الموضع وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن أبيه عن هشام قال قالت هند بنت عتبة وهي ترقص ابنها معاوية رحمه الله ( إن بني معرق كريم ** محبب في أهله حليم ) ( ليس بفحاش ولا لئيم ** ولا بطخرور ولا سؤم ) ( صخر بني فهر به زعيم ** لا يخلف الظن ولا يخيم ) ( قال أبو علي ) يخيم يجبن يقال خام عن قرنه ويمكن أن يكون يخيم في هذا الموضع يخيب أبدلت من الباء ميما كما قالوا طين لازب ولازم وحدثنا أبو بكر قال حدثني عمي عن أبيه عن هشام قال قالت ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة بن قشير وهي ترقص ابنها المغيرة بن سلمة ( نمى به إلى الذرى هشام ** قرم وآباء له كرام ) ( حجاحج خضارم عظام ** من آل مخزوم هم الأعلام ) ( ألهامة العلياء والسنام ** ) ( قال ) وأخبرني عمي عن أبيه عن هشام قال قالت أم الفضل بنت الحرث الهلالية وهي ترقص ابنها عبد الله بن العباس ( ثكلت نفسي وثكلت بكري ** إن لم يسد فهرا وغير فهر ) ( بالحسب العدو بذل الوفر ** حتى يوارى في ضريح القبر ) ( قال أبو علي ) سمعت ابن خير الوراق وقد سأل أبا بكر بن دريد فقال له مم اشتق العقل فقال من عقال الناقة لأنه يعقل صاحبه عن الجهل أي يحبسه ولهذا قيل عقل الدواء بطنه أي أمسكه ولذلك سميت خبراء بالدهناء معقلة لأنها تمسك الماء قال فمم اشتق اللحد قال من قولهم لحد إذا عدل لأنه عدل إلى أحد شقي القبر قال فمم اشتق الضريح قال هو بمعنى مضروح كأنه ضرحه جانباه أي دفعاه فوقع في وسطه وقرأت على أبي بكر بن دريد من شعر الحطيئة ( وإن التي نكبتها عن معاشر ** علي غضاب أن صددت كما صدوا ) ( أتت آل شماس بن لأي وإنما ** أتاهم بها الأحلام والحسب العد ) ( فإن الشقي من تعادي صدورهم ** وذو الجد من لانوا إليه ومن ودوا ) ( قال أبو علي ) الحسب الشرف والعد القديم ويقال بئر عد إذا كانت لها مادة من الأرض ( يسوسون أحلاما بعيدا أناتها ** وان غضبوا جاء الحفيظة والجد ) ( أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم ** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا ) ( أولئك قوم ان بنوا أحسنوا البنى ** وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا ) ( قال أبو علي ) البنى واحدها بنية مثل رشوة ورشى ( فإن كانت النعمى عليهم جز وابها ** وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا ) ( وإن قال مولاهم على جل حادث ** من الدهر ردوا فضل أحلامكم ردوا ) ( مطاعين في الهيجا مكاشيف للدجى ** بنى لهم آباؤهم وبنى الجد ) ( فمن مبلغ أبناء سعد فقد سعى ** إلى السورة العليا لهم حازم جلد ) ( رأى مجد أقوام أضيع فحثهم ** على مجدهم لما رأى أنه الجهد ) وروى الأصمعي لما رأى أنه المجد ويروى لما رأى أنه الجد فمن روى أنه الجهد أراد به أنه الجهد منه لأنه تضييعهم أحسابهم قد جهده ومن روى أنه الجد أراد أنه الجد من هؤلاء المضيعين في تضييعهم أحسابهم ( وتعذلنى أفناء سعد عليهم ** وما قلت إلا بالذي علمت سعد ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي ( إذا المرء لم يترك طعاما يحبه ** ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما ) ( فلابد أن تلفى له الدهر سبة ** إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما ) وقرأت على أبي بكر بن دريد الأشجع ( مضى ابن سعيد حين لم يبق مشرق ** ولا مغرب إلا له فيه مادح ) ( وما كنت أدري ما فواضل كفه ** على ا الناس حتى غيبته الصفائح ) ( فأصبح من لحد من الأرض ميتا ** وكانت له حيا تضيق الصحاصح ) ( وما أنا من رزء وإن جل جازع ** ولا بسرور بعد موتك فارح ) ( كأن لم يمت حي سواك ولم تقم ** على أحد إلا عليك النوائح ) ( لئن حسنت فيك المراثي وذكرها ** لقد حسنت من قبل فيك المدائح ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم ( ألا في سبيل الله ماذا تضمنت ** بطون الثرى واستودع البلد القفر ) ( بدور إذا الدنيا دجت أشرقت بهم ** وإن أجدبت يوما فأيديهم القطر ) ( فيا شامتا بالموت لا تسمتن بهم ** حياتهم فخر وموتهم ذكر ) ( حياتهم ( كانت لأعدائهم عمى ** وموتهم للفاخرين بهم فخر ) ( أقاموا نطهر الأرض فاخضر عودها ** وصار واببطن الأرض فاستوحش الظهر ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عنه عمه قال سمعت عمي يقول سمعت أعرابيا ينشد ( كلاب الناس إن فكرت فيهم ** أضر عليك من كلب الكلاب ) ( لأن الكلب لا يؤذي صديقا ** وإن صديق هذا في عذاب ) ( ويأتي حين يأتي في ثياب ** وقد حزمت علي رجل مصاب ) ( فأخزى الله أثوابا عليه ** وأخزى الله ما تحت الثياب ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال خرج أعرابي إلى الشام فكتب إلى بني عمه كتبا فلم يجيبوه عنها فكتب إليهم ( ألا أبلغ معاتبتي وقولي ** بني عمي فقد حسن العتاب ) ( وسل هل كان لي ذنب إليهم ** هم منه فأعتبهم غضاب ) ( كتبت إليهم كتبا مرارا ** فلم يرجع إلي لهم جواب ) ( فلا أدري أغيرهم تناثي ** وطول العهد أم مال أصابوا ) ( فمن يك لا يدوم له وفاء ** وفيه حين يغترب أنقلاب ) ( فعهدي دائم لهم وودي ** على حال إذا شهدوا وغابوا ) ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال لتراب البئر النبيثة والنبيذة ( وقال ) يقال قرب حثحاث وحذحاذ إذا كان سريعا ويقال قثم له من ماله وقذم له من ماله وغثم إذا دفع إليه دفعة فأكثر ويقال قرأ فما تلعثم وما تلعذم ويقال جثا يجثوا وجذا يجذو وإذا قام على أطراف أصابعه وأنشد للنعمان بن نضلة ( إذا شئت غنتني دهاقين قرية ** وصناجة تجذو على كل منسم ) ( قال أبو علي ) جعل للإنسان منسما على الإتساع وإنما المنسم للجمل كما قال الآخر ( سأمنعها أو سوف أجعل أمرها ** إلى ملك أظلافه لم تشقق ) فجعل للإنسان ظلفا وإنما الظلف للشاء والبقر ( وقال غير الأصمعي ) يقال جثوة وجثوة وجثوة وجذوة وجذوة وجذوة ( وقال أبو عمرو الشيباني ) يلوث ويلوذ سواء ( وقال غيره ) يقال خرجت غثيثة الجرح وغذيذته وهي مدته وما فيه وقد غث يغث وغذ يغذ وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله ( فما كان ذنب بني عامر ** بأن سب منهم غلام فسب ) ( بأبيض ذي شطب باتر ** يقط العظام ويبري العصب ) قال يريد معاقرة غالب أبي الفرزدق وسحيم بن وثيل الرياحي لما تعاقرا يصوأر فعقر سحيم خمسا ثم بدا له وعقر غالب مائة وقوله سب أي شتم وقوله سب أي قطع قال وأصل السب القطع وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال سأل رجل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه قال صف لنا الدنيا فقال وما أصف لك من دار أولها عناء وآخرها فناء ومن صح فيها أمن ومن سقم فيها ندم ومن افتقر فيها حزن ومن استغنى فتن حلالها حساب وحرامها عذاب وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال عزل بعض الأمراء عن عمله فقال له رجل أصبحت والله فاضحا متعبا أما فاضحا فلكل وال قبلك بحسن سيرتك وأما متعبا فلكل وال بعدك أن يلحقك وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي عن أبي زيد قال قال المغيرة بن شعبة كان عمر رضي الله عنه أفضل من أن يخدع وأعقل من أن يخدع ( قال ) وكان عمر إذا نظر إلى معاوية يقول هذا كسرى العرب قال فكان معاوية يقول ما رأيت عمر مستخليا رجلا قط إلا رحمته وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم قال قال بعض علماء الهند صحبة السلطان على ما فيها من الغز والثروة عظيمة الخطار وإنما تشبه بالجبل الوعر فيه السباع العادية والثمار الطيبة فالإرتقاء إليه شديد المقام فيه أشد وليس يتكافأ خير السلطان وشره لأن خير السلطان لا يعدو مزيد الحال وشر السلطان يزيل الحال ويتلف النفس التي لها طلب المزيد ولا خير في الشيء الذي سلامته مال وجاه وفي نكبته الجائحة والتلف وأنشدني أبو بكر بن دريد ( وخلقته حتى إذا تم واستوى ** كمخة ساق أو كمتن إمام ) خلقته ملسته يعني سهما والإمام الخيط الذي يمد على البناء فيبنى عليه وهو بالفارسية التر ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي قال أغار رجل من مراد له حريم على إبل عمرو بن براقة الهمداني وخيل له فذهب بها فأتى عمرو سلمى وكانت بنت سيدهم وعن رأيها كانوا يصدرون فأخبرها أن حريما المرادى أغار على إبله وخيله فقالت والخفو والوميض والشفق كالأحريض والقلة والحضيض إن حريما لمنيع الحيز سيد مزيز ذو معقل حريز غير أني أرى الحمة ستظفر منه بعثرة بطيئة الجبرة فأغر ولا تنكع فأغار عمرو فاستاق كل شيء له فأتى حريم بعد ذلك يطلب إلى عمرو أن يرد عليه بعض ما أخذ منه فامتنع ورجع حريم وقال عمرو ( تقول سليمى لا تعرض لتلفة ** وليلك عن ليل الصعاليك نائم ) ( وكيف ينام الليل من جل ماله ** حسام كلون الملح أبيض صارم ) ( غموض إذا عض الكريهة لم يدع ** له طمعا طوع اليمين ملازم ) ( ألم تعلمي أن الصعاليك نومهم ** قليل إذا نام الخلي المسالم ) ( إذا الليل أدجى واكفهر ظلامه ** وصاح من الأقراط بوم جوائم ) ويروى ( إذا الليل أدجى واسجهرت نجومه ** ) والمسجهر الأبيض ( ومال بأصحاب الكرى غالبانه ** فإني على أمر الغواية حازم ) ( كذبتم وبيت الله لا تأخذونها ** مراغمة ما دام للسيف قائم ) ( تحالف أقوام علي ليسلموا ** وجروا علي الحرب إذ أنا سالم ) ( أفاليوم أدعى للهوادة بعدما ** أجيل على الحي المذاكي الصلادم ) ( فإن حريما إن رجا أن أردها ** ويذهب مالي يا ابنة القيل حالم ) ( متى تجمع القلب الذكي وصارما ** وأنفا حميا يجتنبك المظالم ) ( متى تطلب المال الممنع بالقنا ** تعش ماجدا أو تخترمك المخارم ) ( وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم ** فهل أنا في ذا يال همدان ظالم ) ( فلا صلح حتى تقدع الخيل بالقنا ** وتضرب بالبيض الخفاف الجماجم ) ( ولا أمن حتى تغشم الحرب جهرة ** عبيدة يوما والحروب غواشم ) ( أمستبطي عمرو بن نعمان غارتي ** وما يشبه اليقظان من هو نائم ) ( إذا جر مولانا علينا جريرة ** صبرنا لها أنا كرام دعائم ) ( وننصر مولانا ونعلم أنه ** كما الناس مجروم عليه وجارم ) ( قال أبو علي ) الخفو اللمعان الضعيف يقال خفا البرق يخفو خفوا وخفوا إذا برق برقا ضعيفا والوميض أشد من الخفو والإحريض حجارة النورة والحيز الناحية ومزيز فاضل من قولهم هذا أمز من هذا أي أفضل منه والحمة القدر وقال بعض اللغويين هي واحد الحمام وتنكع تردع يقال نكعته إذا ردعته والمكفهر المتراكب الظلمة والأفراط الآكام وهي الجبال الصغار واحدها فرط قال الشاعر ( أم هل سموت بجرار له لجب ** يغشى المخارم بين السهل والفرط ) والهوادة الصلح والسكون والصلادم واحدها صلدم وهو الشديد الصلب وتقدع تكف والغشم أشد الظلم وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن أبيه وعن ابن الكلبي قال قتل سماك بن حريم أخو مالك بن حريم قتلته مراد غيلة فلم يدر مالك من قتله حتى أخبر بعد ذلك أن بني قمير قتلوا أخاه فأغار عليهم وقتل قاتل أخيه وأنشأ يقول ( يا راكبا بلغن ولا تدعن ** بني قمير وإن هم جزعوا ) ( كي يجدوا مثل ما وجدت فقد ** أصبحت نضوا ومسني الوجع ) ( لا أسمع اللهو في الحديث ولا ** ينفعني في الفراش مضطجع ) ( لا وجد ثكلى كما وجدت ولا ** وجد عجول أضلها ربع ) ( أو وجد شيخ أضل ناقته ** يوم رواح الحجيج إذ دفعوا ) ( ينظر في أوجه الرجال فلا ** يعرف شيأ فالوجه ملتمع ) ( بني قمير قتلت سيدكم ** فاليوم لا فدية ولا جزع ) ( جللته صارم الحديدة كالملح وفيه سفاسق لمع ** ) ( تركته باديا مضاحكه ** يدعو صداه والرأس منصدع ) ( بني قمير تركت سيدكم ** أثوابه من دمائه ردع ) ( فاليوم صرنا على السواء فإن ** أبق فدهري ودهركم جذع ) ( لم أك فيها لما بليت بها ** نؤم ليل يغرني الطمع ) ( قال أبو علي ) قال أبو عبيدة عن بعض أصحابه سفاسق السيف طرائقه التي يقال لها الفرند وردع متلطخة ولهذا قيل يدي من الزعفران ردعة وحدثني أبو عمر أن أبا العباس أنشدهم عن ابن الأعرابي لعمرو بن شأس ( إن بني سلمى شيوخ جلة ** بيض الوجوه خرق الأخله ) أخبر أن سيوفهم تأكل أغمادها من حدتها وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا العكلي عن الحرمازي قال أنشدنا الهيثم بن عدي قال أنشدني مجالد بن سعيد شعرا أعجبني فقلت له من أنشدك قال كنا يوما عند الشعبي فتناشدنا الشعر فلما فرغنا قال الشعبي أيكم يحسن أن يقول مثل هذا وأنشدنا ( أعيني مهلا طالما لم أقل مهلا ** وما سر فاملآن قلت ولا جهلا ) ( وأن صبا ابن الأربعين سفاهة ** فكيف مع اللائي مثلت بها مثلا ) ( يقول لي المفتي وهن عشية ** بمكة يسحبن المهدبة السحلا ) ( تق الله لا تنظر إليهن يا فتى ** وما خلتني في الحج ملتمسا وصلا ) ( ووالله لا أنسى وإن شطت النوى ** عرانينهن الشم والأعين النجلا ) ( ولا المسك من أعرافهن ولا البرا ** جواعل في أوساطها قصبا خذلا ) ( خليلي لولا الله ما قلت مرحبا ** لأول شيبات طلعن ولا أهلا ) ( خليلي أن الشيب داء كرهته ** فما أحسن المرعى وما أقبح المحلا ) قال الهيثم قال مجالد فكتبنا الشعر ثم قلنا للشعبي من يقول هذا فسكت فخيل إلينا أنه قائله ( قال أبو علي ) أراد السحل فسكن الحاء وهي ثياب بيض واحدها سحيل ويقال السحل الثوب من القطن قال الهذلي ( كالسحل البيض جلا لونها ** سح نجاء الحمل الأسول ) والأسول المسترخي الأسفل يقال سول يسول سولا ويقال اتقاه يتقيه وتقاه يتقيه أنشدني أبو بكر بن دريد ( جلاها الصيفلون فأخلصوها ** خفافا كلها يتقي بأثر ) الأثر فرند السيف الأثر خلاصة اللبن وجاء فلان على إثر فلان وعلى أثره والأثر أثر الجرح ( وقال الأصمعي ) يقال جاحشته وجاحسته وجاحفته إذا زاحمته ( وقال ) بعض العرب يقول للجحاش في القتال الجحاس وأنشد لرجل من بني فزارة ( والضرب في يوم الوغى الجحاس ** ) وقال أبو زيد يقال مضى جرس من الليل وجرش ( وقال أبو عمرو ) سئفت يده وشئفت وهو تشقق يكون في أصول الأظفار ( قال ) ويقال الشوذق والسوذق للسوار ( وقال اللحياني ) حمس الشر إذا اشتد وحمش واحتمس الديكان واحتمشا إذا اقتتلا ويقال تنسمت منه علما وتنشمت ويقال الغبس والغبش السواد يقال غبس الليل وأغبس وغبش وأغبش ويقال عطس فلان فشمته وسمته ( وقال الفراء ) أتانا بسدفة وسدفة وشدفة وشدفة وهو السدف والشدف ( وقال أبو زيد ) السدفة في لغة قيس الضوء وفي لغة تميم الظلمة وأنشد بعض اللغويين ( وأقطع الليل إذا ما أسدفا ** ) أي أظلم وبعض اللغويين يجعل السدفة اختلاط الضوء بالظلام مثل ما بين صلاة الصبح إلى الفجر ( وقال يعقوب ) قال الأصمعي يقال جعسوس وجعشوش وكل ذلك إلى قمأة وصغر وقلة ويقال هو من جعلسيس الناس ولا يقال في هذا بالشين ( وقال أبو عبيدة ) عن الأصمعي الجعشوش الطويل الدقيق والجعسوس اللئيم ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو محمد قال قرأت على علي بن المهدي عن الزاحي عن الليث قال قال الخليل الجعسوس القبيح اللئيم الخلق وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي ( لنا عز ومرمانا قريب ** ومولى لا يدب مع القراد ) قوله مرمانا قريب قال هؤلاء عنزة يقول إن رأينا منكم ما نكره أو رابنا ريب انتمينا إلى بني أسد بن خزيمة وقوله لا يدب مع القراد قال هذا رجل كان يأتي بشنة فيها قردان فيشدها في ذنب البعير فإذا عضه منها قراد نفر فنفرت الإبل فإذا نفرت استل منها بعيرا فذهب به وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا عبد الله بن خلف الدلال قال حدثني أبو علي الحسن بن صالح قال قال مساور الوراق لمجنون كان عندنا وكان شاعرا وكان له بنت عم يحبها فذهب عقله عليها أجز هذا البيت ( وما الحب إلا شعلة قدحت بها ** عيون المها باللحظ بين الجوانح ) فقال على المكان ولم يفكر ( ونار الهوى تخفى وفي القلب فعلها ** كفعل الذي جادت به كف قادح ) ( قال ) وحدثنا عبد الله بن خلف الدلال قال حدثني محمد بن الفضل قال حدثني بعض أهل الأدب عن محمد بن أبي نصر قال رأيت بالبصرة مجنونا قاعدا على ظهر الطريق بالمربد فكلما مر به ركب قال ( ألا أيها الركب اليمانون عرجوا ** علينا فقد أمسى هوانا يمانيا ) ( نسائلكم هل سال نعمان بعدكم ** وحب إلينا بطن نعمان واديا ) فسألت عنه فقيل هذا رجل من البصرة كانت له ابنة عم يحبها فتزوجها رجل من أهل الطائف فنقلها فاستو له عليها ( قال ) وأخبرني عبد الله بن خلف قال أخبرني أحمد بن زهير قال أخبرني مصعب بن عبد الله الزبيري عن بعض أهله عن أبي بكر الوالبي قال أخبرت أن أبا المجنون قال له حين سار به إلى بيت الله الحرام وكان أخرجه ليستشفي له تعلق بأستار الكعبة وقل اللهم أرحني من ليلى ومن حبها وتب إلى الله مما أنت عليه فتعلق بأستار الكعبة وقال اللهم من علي بليلى وقربها فزجره أبوه وجعل يعنفه فأنشأ يقول ( يقر بعيني قربها ويزيدني ** بها عجبا من كان عندي يعيبها ) ( وكم قائل قد قال تب فعصيته ** وتلك لعمري توبة لا أتوبها ) قال أبو بكر وزادنا غيره ( فيا نفس صبرا لست والله فاعلمي ** بأول نفس غاب عنها حبيبها ) حدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا عبد الأول قال سمعت الكتنجي يقول أملقت حتى لم يبق في منزلي إلا بارية فدخلت إلى دار المتوكل فلم أزل مفكرا فحضرني بيتان فاخذت قصبة وكتبت على الحائط الذي كنت إلى جنبه ( الرزق مقسوم فأجمل في الطلب ** يأتي بأسباب ومن غير سبب ) ( فاسترزق الله ففي الله غنى ** الله خير لك من أب حدب ) قال فركب المتوكل في ذلك اليوم حمارا وجعل يطوف في الحجر ومعه الفتح بن خاقان فوقف على البيتين وقال من كتب هذين البيتين وقال للفتح اقرأ هذين البيتين فاستحسنهما وقال من كان في هذه الحجرة فقيل الكتنجي فقال أغفلناه وأسأنا إليه وأمر لي ببدرتين ( قال أبو علي ) العوام تقول بارية وهو خطأ والصواب باري وبوري قال الراجز ( كالخص إذ جلله الباري ** ) وهو بالفارسية ( بوريك ) فأعرب على ما أنبأتك به وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الأول قال أنشدني حماد قال أنشدني أبي لنفسه ( لما رأيت الدهر أنحت صروفه ** علي وأودت بالذخائر والعقد ) ( حذفت فضول العيش حتى رددتها ** إلى القوت خوفا أن أجاء إلى أحد ) ( وقلت لنفسي أبشري وتوكلي ** على قاسم الأرزاق والواحد الصمد ) ( فإن لا تكن عندي دراهم جمة ** فعندي بحمد الله ما شئت من جلد ) وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي ( هممت بأمر هم عبدي بمثله ** وخالف زفاف هواي فأبعدا ) يقول رأيت رأي عبد لأن العبد لا رأي له وخالف زفاف هواي أي كان رأيه صوابا ولم يرد عبد اله بعينه وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الأول عن أبيه قال حضرت مجلس الحسن ابن سهل وقد كتب لرجل كتاب شفاعة فجعل الرجل يشكر ويدعو له فقال له الحسن يا هذا علام تشكرنا أنا نرى الشفاعات زكاة مروءتنا ( قال ) وحضرته وهو يمل كتاب شفاعة فكتب في آخره أنه بلغني أن الرجل يسأل عن فضل جاهه يوم القيامة كما يسأل عن فضل ماله وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى ( فأقسم ما تركي عتابك عن قلى ** ولكن لعلمي أنه غير نافع ) ( وأني إذا لم ألزم الصمت طائعا ** فلا بد منه مكرها غير طائع ) ( ولو أن ما يرضيك عندي ممثل ** لكنت لما يرضيك أول تابع ) ( إذا أنت لم تنفعك إلا شفاعة ** فلا خير في ود يكون بشافع ) وأنشدنا أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي ( قال لي القائلون زرت حسينا ** لا يزار الكريم في جرجان ) ( خالد باللهى يجود ويعطى ** وحسين يجود بالحرمان ) ( ضاع مفتاح جوده جوف بحر ** حيث ظل البحران يلتقيان ) ( فسألنا الغواص عنه فقالوا ** صيغ منه قلائد الحيتان ) وأنشدنا محمد بن القاسم قال أنشدني أبي قال أنشدني عبد الله الرستمي لعبد الله بن كعب العميري ( أيا نخلتي مران هل لي إليكما ** على غفلات الكاشحين سبيل ) ( أمنيكما نفسي إذا كنت خاليا ** ونفعكما إلا العناء قليل ) ( ومالي شيء منكما غير أنني ** أمني الصدى ظليكما فأطيل ) ( قال ) وأنشدني أبي ( تبدل هذا السدر أهلا وليتني ** أرى السدر بعدي كيف كان بدائله ) ( وعهدي به عذب الجنى ناعم الذرى ** تطيب وتندى بالعشي أصائله ) ( فمالك من سدر ونحن نحبه ** إذا ما وشى واش بنا لا تجادله ) ( كما لو وشى بالسدر واش رددته ** كئيبا ولم تملح لدينا شمائله ) ( قال أبو علي ) قال لنا أبو بكر هذا مثل قول كثير ( فيا عز إن واش وشى بي عندكم ** فلا تكرميه أن تقولي له أهلا ) ( كما لو وشى واش بعزة عندنا ** لقلنا تزحزح لا قريبا ولا سهلا ) ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد وأملى علينا أبو الحسن الأخفش قال مهلهل ابن ربيعة ومهلهل لقب وإنما سمى مهلهلا بقوله ( لما توعر في الغبار هجينهم ** هلهلت أثأر جابرا أو صنبلا ) هذا قول أبي الحسن وأبي بكر إلا أن أبا بكر روى ( لما توقل في الكراع هجينهم ** ) ( قال أبو علي ) الكراع أنف الحرة وقرأت على أحمد عن أبيه إنما سمي مهلهلا لأنه أول من أرق المراثي واسمه عدي وفي ذلك يقول ( رفعت رأسها إلي وقالت ** يا عديا لقد وقتك الأواقي ) وقال ( أليلتنا بذي حسم أنيري ** إذا أنت انقضيت فلا تحوري ) ( قال أبو علي ) ذي حسم موضع وتحوري ترجعي يقال ماله لا حار إلى أهله أي لا رجع إليهم ويقال نعوذ بالله من الحور بعد الكور أي من النقصان بعد الزيادة ( قال أبو علي ) الكور مأخوذ من كور العمامة كأنه رجع عما كان أحكمه من الخير وشده ومثل من أمثالهم ( حور في محارة ) يضرب مثلا للرجل ينقض بعد الزيادة ( قال أبو علي ) وقال أبو عبيدة الحور الهلكة ( فإن يك بالذنائب طال ليلى ** فقد أبكى من الليل القصير ) يقول إن كان طال ليلى بهذا الموضع لقتل أخي فقد كنت أستقصر الليل وهو حي ( وأنقذني بياض الصبح منها ** لقد أنقذت من شر كبير ) ( كأن كواكب الجوزاء عوذ ** معطفة على ربع كسير ) العوذ الحديثات النتاج واحدتها عائذ وإنما قيل لها عوذلان أولادها تعوذ بها والربع ما نتج في الربيع يقول كأن كواكب الجوزاء نوق حديثات النتاج عطفت على ربع مكسور فهي لا تتركه وهو لا يقدر على النهوض ( كأن الجدي في مثناة ربق ** أسير أو بمنزلة الأسير ) المثناة الحبل ( قال أبو علي ) والمثناة ههنا عندي المثني والربق الحبل والربق الشد بالربق فيقول كأن الجدى قد شد بحبل مثني فهو أحكم لشده وكان أبو الحسن يقول المثناة ههنا الحبل والربق الشد ( قال أبو علي ) ولا أعرف الربق الشد إلا عنه ) ( كأن النجم اذ ولى سحيرا ** فصال جلن في يوم مطير ) النجم الثريا إنما شبهها بالفصال في يوم مطير لبطئها وذلك أن الفصيل يخاف الزلق فلا يسرع ( كواكبها زواحف لاغبات ** كأن سماءها بيدى مدير ) الزواحف المعييات التي لا تقدر على النهوض واللواغب مثلها كررة توكيدا لما اختلف اللفظ وكان أبو الحسن يقول كان يجب أن يقول مزاحف لأنه جمع مزحف لأنه يقال أزحف فإما حذف الزائد وإما جعله كالمنسوب كقولهم ليل غاض وما أشبهه أرادوا مغض أو أرادوا ذو غضو وأنكر زحف ( قال أبو علي ) زحف صحيح يقال زحف المعيى وأزحف أي لم يقدر على النهوض مهزولا كان أو سمينا وقوله كأن سماءها بيدي مدير يريد أن سماءها أثقل من أن يديرها مدير فهو إذا تكلف إدارتها لم يقدر عليها ( كواكب ليلة طالت وغمت ** فهذا الصبح راغمة فغوري ) ( وتسألني بديلة عن أبيها ** ولم تعلم بديلة ما ضميري ) ( فلو نبش المقابر عن كليب ** فيخبر بالذنائب أي زير ) يقال هو زير نساء وتبع نساء ز وطلب نساء وخلم نساء وخلب نساء إذا كان يتحدث إليهن ويطلبهن ويتبعهن ويهواهن ويخالبهن والخبر محذوف كأنه قال أي زير أنا ( بيوم الشعثمين لقر عينا ** وكيف لقاء من تحت القبور ) ( وإني قد تركت بواردات ** بجيرا في دم مثل العبير ) الشعثمان موضع معروف وبجير بن الحرث بن عباد قتله مهلهل فلما بلغ خبره أباه قال نعم القتيل قتيلا أصلح بين بكر وتغلب فقيل له أن مهلهلا حين قتله قال بؤبشسع نعل كليب ( قال أبو علي ) قوله بؤبشسع نعل كليب أمر من قولهم باء الرجل بصاحبة بؤأ إذا قتل به وكان كفؤا له أي مت بشسع نعل كليب فانت في القود كفء له أي كفء ويقال القوم بواء أي أمثال في القود مستوون قالت ليلى إلا خيلية ( فإن تكن القتلى بواء فإنكم ** فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر ) فحينئذ قال الحرث ( قر بامربط النعامة مني ** لقحت حرب وائل عن حيال ) ( ينوء بصدره والرمح فيه ** ويخلجه خدب كالبعير ) ينوء ينهض يقال نؤت بالحمل أنوء به نوأ إذا نهضت به وناء بي الحمل ينوء بي نوأ إذا جعلني أنهض به وكذلك قول الله عز وجل { ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة } أي تجعلهم ينوءون بها أي ينهضون بها وليس القلب الذي ذكره أبو عبيدة بشيء وإنما يجوز ما ذكر في الشعر إذا اضطر الشاعر في الموضع الذي يقع فيه لبس ولا يحتمل إلا القلب فأما في القرآن فلا يجوز ويخلجه يجذبه ومن هذا قيل للحبل خليج وقيل للماء الذي انجذب إلى ناحية خليج ويروى ويأطره أي يثنيه ويعطفه والخدب الضخم ( هتكت به بيوت بني عباد ** وبعض القتل أشفى للصدور ) ( وهمام بن مرة قد تركنا ** عليه القشعمين من النسور ) ويروى عليه القشعمان من النسور فمن رفع جعله حالا كأنه قال وعليه القشعمان من النسور وجاز حذف الواو لأن الهاء التي في علية تربط الكلام بأوله والقشعم الهرم من النسور ( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا طرد اليتيم عن الجزور ) ( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا رجف العضاه من الدبور ) رجف تحرك حركة شديدة والعضاه كل شجر له شوك واحدها عضة ( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا ما ضيم جيران المجير ) ( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا خيف المخوف من الثغور ) ( على أن ليس عدلا من كليب ** غداة بلابل الأمر الكبير ) ( على أن ليس عدلا من كليب ** إذا برزت مخبأة الخدور ) ( على أن ليس عدلامن كليب ** إذا علنت نجيات الأمور ) ( فدا لبني الشقيقة يوم جاؤا ** كأسد الغاب لجت في زئير ) البلابل الإضطراب وروى بعضهم التلاتل وهو الإنزعاج والحركة والنجيات السرائر يقال زأر يزئر والزئير الإسم ويجىء مثل هذا في الأصوات قالوا الفحيح والكشيش والهدير والقليخ يقال فحث الأفعى وهو صوتها من فيها وكشت وكشيشها صوت جلدها وقلخ البعير إذا هدر وبهذا سمى الشاعر قلاخا ( كأن رماحهم أشطان بئر ** بعيد بين جاليها جرور ) الأشطان الحبال واحدها شطن والبئر ههنا الهواء الذي من الجال إلى الجال والبين الوصل وقرأ بعضهم ( لقد تقطع بينكم ) وقال أبو عبيدة البين الوصل والبين الإفتراق وهو من الأضداد وجال البئر وجولها ناحيتها وما يحبس الماء منها ولهذا قيل للرجل الأحمق ماله جول أي شيء يمسكه وكذلك يقال ماله زبر وزبر البئر طيها وماله صيور أي رأي يصير إليه وماله معقول كل هذا في معنى واحد أي ماله عقل واللغويون يقولون معقول أي عقل وأبو علي يقول إنما أراد بمعقول أي ماله شيء عقل أي شد أي ليس له هناك عقل أمسك عليه ( فلا وأبي جليلة ما أفأنا ** من النعم المؤبل من بعير ) جليلة أخت كليب وكانت تحت جساس قاتل كليب وأفأنا رجعنا والنعم الإبل خاصة فإن اختلط بها غنم جاز ان يقال نعم ولا يجوز أن يقال للغنم وحدها نعم وجمع نعم أنعام والمؤبل كان أبو الحسن يقول المكمل يقال إبل مؤبلة كما يقال مائة ممآة وقال الأصمعي المؤبلة التي للقنية وقال غيره المؤبلة الجماعة من الإبل ( ولكنا نهكنا القوم ضربا ** على الأثباج منهم والنحور ) نهكنا القوم أجهدناهم والأثباج الأوساط واحدها ثبج ( وقال أبو عمرو الشيباني ) الكتد ما بين الكاهل إلى الظهر والثبج نحوه ( قتيل ما قتيل المرء عمرو ** وجساس بن مرة ذو ضرير ) ( تركنا الخيل عاكفة عليهم ** كأن الخيل تدحض في غدير ) يقال إنه لذوا ضرير أي ذو مشقة على العدو وعاكفه مقيمة تدحض تزلق يقال مكان دحض ومزلة ومدحضة فأما قول علقمة ( رغا فوقهم سقب السماء فداحص ** بشكته لم يستلب وسليب ) فبالصاد غير معجمة يقال دحص برجله وفحص وكان بعض العلماء يرويه فداحض وهذا الحرف أحد ما نسب فيه إلى التصحيف ( كأنا غدوة وبني أبينا ** بجنب عنيزة رحيا مدير ) ( فلولا الريح أسمع أهل حجر ** صليل البيض تقرع بالذكور ) حجر قصبة اليمامة وحريمهم إنما كانت بالجزيرة ( قال أبو الحسن ) حدثني أبو العباس الأحول قال أول كذب سمع في الشعر هذا والصليل الصوت قال الراعي ( فسقوا صوادي يسمعون عشية ** للماء في أجوافهن صليلا ) أي تصل أجوافها من العطش كما يصل الخزف إذا أصابه الماء والذكور السيوف التي عملت من حديد غير أنيث ويروى نقاف البيض يقرع بالذكور ( قال الأصمعي ) قد غلث طعامه وعلثه وقد اغتلث طعامه واعتلث والعلاثة أقط وسمن يخلط أو رب وأقط ويقال فلان يأكل الغليث إذا أكل خبزا من شعير وحنطة ( قال ) وفي لعل لغات بعض العرب يقول لعلي وبعضهم لعلني وبعضهم علي وبعضهم علني وبعضهم لعني وبعضهم لغني وأنشدنا للفرزدق ( هل أنتم عائجون بنا لعنا ** نرى العرصات أو أثر الخيام ) ( قال ) وقال عيسى بن عمر سمعت أبا النجم يقول ( أغد لعلنا في الرهان نرسله ** ) يريد لعلنا وبعض العرب يقول لأنني وبعضهم يقول لأني وبعضهم لوني ( قال ) وقال رجل بمنى من يدعو إلى المرأة الضالة فقال أعرابي لون عليها خمارا أسود يريد لعل عليها خمارا أسود فقال سود الله وجهك ( وقال الفراء ) سمعت وعاهم ووغاهم وهي الضجة ويقال ماله عن ذلك وعل وماله عن ذلك وغل في معنى لجأ ( وقال اللحياني ) يقال ماله أرمعل دمعه وارمغل إذا قطر وتتابع ( وقال أبو عمرو الشيباني ) نشعت به ونشعت أي أولعت به وإنه لمنشوع بأكل اللحم ونشعته ونشغته إذا سعطته والنشوع والنشوغ السعوط وحدثنا أبو عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي قال في بيت الكميت ( وما استنزلت في غيرنا قدر جارنا ** ولا ثفيت إلا بنا حين تنصب ) يقول إذا جاورنا أحد لم نكلفه أن يطبخ من عنده بل يكون ما يطبخه من عندنا بما نعطيه من اللحم حين ينصب قدره ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو معمر عبد الأول قال حدثنا رجل من موالي بني هاشم قال أذنب رجل من بني هاشم ذنبا فعنفه المأمون فقال يا أمير المؤمنين من كانت له مثل دالتي ولبس ثوب حرمتي ومت بمثل قرابتي غفر له فوق زلتي فأعجب المأمون كلامه وصفح عنه وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا موسى بن علي الختلي قال حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال حدثنا الأصمعي قال حدثني بعض العتابيين قال كتب كلثوم بن عمرو إلى صديق له أما بعد أطال الله بقاءك وجعله يمتد بك إلى رضوانه والجنة فإنك كنت عندنا روضة من رياض الكرم تبتهج النفوس بها وتستريح القلوب إليها وكنا نعفيها من النجعة استتماما لزهرتها وشفقة على خضرتها وادخارا لثمرتها حتى أصابتنا سنة كانت عندي قطعة من سني يوسف واشتد علينا كلبها وغابت قطتها وكذبتنا غيومها وأخلفتنا بروقها وفقدنا صالح الأخوان فيها فانتجعتك وأنا بإنتجاعي إياك شديد الشفقة عليك مع علمي بإنك موضع الرائد وأنك تغطي عين الحاسد والله يعلم أني ما أعدك إلا في حومة الأهل واعلم أن الكريم إذا استحيا من إعطاء القليل ولم يمكنه الكثير لم يعرف جوده ولم تظهر همته وأنا أقول في ذلك ( ظل اليسار على العباس ممدود ** وقلبه أبدا بالبخل معقود ) ( إن الكريم ليخفي عنك عسرته ** حتى تراه غنيا وهو مجهود ) ( وللبخيل على أمواله علل ** زرق العيون عليها أوجه سود ) ( إذا تكرمت عن بذل القليل ولم ** تقدر على سعة لم يظهر الجود ) ( بث النوال ولا يمنعك قلته ** فكل ما سد فقرا فهو محمود ) قال فشاطره ماله حتى أعطاه إحدى نعليه ونصف قيمة خاتمه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابية رجلا ينشد ( وكاس سلاف يحلف الديك أنها ** لدى المزج من عينيه أصفى وأحسن ) فقالت بلغني أن الديك من صالح طيركم وما كان ليحلف كاذبا وأنشدنا أبو عبد الله نفطويه قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي لرجل من العرب كان أبوه يمنعه من الإضطراب في المعيشة شفقة عليه فكتب إليه ( ألا خلني أذهب لشأني ولا أكن ** على الناس كلا إن ذاك شديد ) ( أرى الضرب في البلدان يغني معاشرا ** ولم أر من يجدي عليه قعود ) ( أتمنعني خوف المنايا ولم أكن ** لأهرب مما ليس منه محيد ) ( فدعني أجول في البلاد لعلني ** أسر صديقا أو يساء حسود ) ( فلو كنت ذا مال لقرب مجلسي ** وقيل إذا أخطأت أنت سديد ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان الأشنانداني قال كان رجل من أهل الشام مع الحجاج يحضر طعامه فكتب إلى امرأته يعلمها بذلك فكتبت إليه ( أيهدى لي القرطاس والخبز حاجتي ** وأنت على باب الأمير بطين ) ( إذا غبت لم تذكر صديقا ولم تقم ** فأنت على ما في يديك ضنين ) ( فأنت ككلب السوء جوع أهله ** فيهزل أهل البيت وهو سمين ) ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد قال كان البختري بن أبي صفرة من أكمل فتيان العرب جمالا وبيانا ونجدة وشعرا وكان بنو المهلب يحسدونه لفضله فدست إليه أم ولد عمارة بن قيس اليحمدي فراودته عن نفسه فأبى فحملت عليه عمارة حتى شكاه إلى المهلب وأكثر في ذلك بنوه القول فعرف ذلك في وجه المهلب فكتب إليه ( جفوت أمرأ لم ينب عما تريده ** وكان إلى ما تشتهيه يسارع ) ( تموت حفاظا دون ضيمك نفسه ** وأنت إلى ما ساءه متطالع ) ( كاني أخو ذنب وما كنت مذنبا ** ولكن دهتني الساريات الشبادع ) ( قال أبو علي ) الشبادع النمائم والشبادع العقارب واحدها شبدعة ( دببن وقد نام الغفول بعيبنا ** إليك إماء مومسات جوالع ) المومسة الفاجرة والجالعة التي قد ألقت عنها الحياء ( فأوقدن نيران العداوة بيننا ** جهارا ولم تسدد علي المطالع ) ( بغين أمور الست ممن أشاؤها ** ولو جعلت في ساعدي الجوامع ) ( أأصبو بعرس الحار أن كان غائبا ** وتلك التي تستك فيها المسامع ) ( فلست ورب البيت أصبو بمثلها ** وربي راء ما صنعت وسامع ) ( فإن تك عرس اليحمدي وأخته ** سرين فلا قاهن أليس خالع ) الأليس الجرئ من كل شيء وخالع قد خلع الحياء ( يبيت يراعي المومسات إذا دجا الظلام وجار البيت وسنان هاجع ** ) ( فما أ نا ممن تطبيه خريدة ** ولو أنها بدر من الأفق طالع ) تطبية تدعوه يقال اظباه يطبيه وطباه يطبوه ( وإني لتنهاني خلائق أربع ** عن الفحش فيها للكريم روادع ) ( حياء واسلام وشيب وعفة ** وما المرء إلا ما حبته الطبائع ) ( وقد كنت في عصر الشباب مجانبا ** صباي فأنى الآن والشيب شائع ) ( فلا تقطعن مني وشائج سهمة ** فلا يصل الابناء ما أنت قاطع ) ( وكافح بأجرامي الهياج إذا التظى ** شهاب من الموت المحرق لامع ) ( تنبه وعهد الله منى مشيعا ** صبورا على اللاواء والموت كانع ) الوشائج الأرحام المشتبكة المتصلة ( قال أبو محمد ) وهي مأخوذة من وشائج الرماح وهي عروقها والسهمة القرابة وقرأت على أبي بكر لتأبط شرا ( وإني لمهد من ثنائي فقاصد ** به لإبن عم الصدق شمس بن مالك ) ( أهز به في ندوة الحي عطفه ** كما هز عطفي بالهجان الأوارك ) الندوة المجلس والأوارك التي ترعى الأراك ( قليل التشكي للمهم يصيبه ** كثير الهوى شتى النوى والمسالك ) ( يظل بموماة ويمسي يغيرها ** حجيشا ويعرورى ظهور المهالك ) الحجيش المنفرد ( ويسبق وفد الريح من حيث ينتحي ** بمنخرق من شدة المتدارك ) ( إذا خاط عينيه كرى النوم لم يزل ** له كالئ من قلب شيحان فاتك ) بمنخرق يريد السريع الواسع والشيحان الحاد في كل أمر ( إذا طلعت أولى العدي فنفره ** إلى سلة من صارم الغرب باتك ) العدي الجماعة الذين يعدون في الحرب ( إذا هزه في عظم قرن تهللت ** نواجذ أفواه المنايا الضواحك ) ( يرى الوحشة الأنس الأنيس ويهتدي ** بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك ) وأنشدنا أبو الحسن الترمذي الوراق قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ( إلبس أخاك على تصنعه ** فلرب مفتضح على النص ) ( ما كدت أفحص عن أخي ثقة ** إلا ذممت عواقب الفحص ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال أنشدني أبي ( تركت النبيذ لأهل النبيذ ** وأصبحت أشرب ماء نقاخا ) ( شراب النبيين والمرسلين ** ومن لا يحاول منه إطباخا ) ( رأيت النبيذ يذل العزيز ** ويكسوا التقي النقي اتساخا ) ( فهبني عذرت الفتى جاهلا ** فما العذر فيه إذا المرء شاخا ) ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال أناء قربان وكر بان إذا دنا أن يمتلئ ويقال عسق به وعسك به إذا لزمه والأقهب والأكهب لون إلى الغبرة ( قال ) ويقال دقمه ودكمه إذا دفع في صدره ويقال للصبي والسخلة قد امتك ما في ضرع أمه وقد امتق ما في ضرع أمه إذا شربه كله ويقال كاتعه الله وقاتعه الله في معنى قاتله الله ( وقال أبو عمرو الشيباني ) عربي كح وعربية كحة ( وقال أبو زيد ) أعرابي قح وأعراب أقحاح أي محض خالص وكذلك عبد قح أي خالص ( وقال الأصمعي ) القح الخالص من كل شيء ( وقال الفراء ) يقال للذي يتبخر به قسط وكسط ويقال كشطت عنه جلدة وقشطت ( قال ) وقريش تقول كشطت وقيس وتميم وأسد تقول قشطت في مصحف ابن مسعود قشطت ( قال ) ويقال قحط القطار وكحط ويقال قهرت الرجل أقهره وكهرته أكهره ( قال ) وسمعت بعض غنم بن دودان تقول فلا تكهر وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم ( قتلنا سبعة بأبي لبينى ** وألحقنا الموالي بالصميم ) أي قتلنا سادتهم فصار الموالي سادة ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال كان فتى من أهل البصرة يختلف معنا إلى الأصمعي فافتقدته فلقيت أباه فسألته عنه فقال سألني عن بيتين كان الأصمعي يرددهما ( سقى الله أياما لنا لسن رجعا ** وسقيا لعصر العامرية ة من عصر ) ( ليالي أعطيت البطالة مقودى ** تمر الليالي والشهور وما أدري ) فقلت له يا بني أنك لست بعاشق ولولا ذلك لعرفت ما يفعله الذكر بصاحبه قال فبعثته على أن عشق لجاجا وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لبعض بني عمرو بن كلدة ( إني أعيذك بالرحمن يا سكني ** أن تدخلي ببعادي حسبك النارا ) ( قالت بعادك من ربي يقربني ** وفي دنوك أخشى النار والعارا ) ( قلت اسمعي ودعينا من تفقهكم ** فلست أفقه منا أم عمارا ) ( إذا بذلت لنا ما منك نطلبه ** فاستغفري منه ربا كان غفارا ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة ( تعاللت لما لم تكن بك علة ** وقلت شهيدي ما بعيني من السقم ) ( فلا تجعلي سقما بعينيك علة ** فقد كان هذا السقم في صحة الجسم ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا العكلى عن ابن أبي خالد عن الهيثم قال بينا أنا بالكناسة بالكوفة إذ أتى رجل مكفوف نخاسا فقال له اطلب لي حمارا ليس بالصغير المحتقر ولا بالكبير المشتهر ان خلا الطريق تدفق وإن كثر الزحام ترفق لا يصادم السواري ولا يدخلني تحت البواري أن أقللت علفه صبر وإن أكثرته شكر وإن ركبته هام و إن ركبه غيري قام فقال له اصبر فإن مسخ الله القاضي حمارا قضيت حاجتك وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا أبو عمرو بن العلاء قال سمعت جندل بن الراعي ينشد بلال بن أبي بردة قصيدة أبيه ( نعوس إذا درت جروز إذا غدت ** بويزل عام أو سديس كبازل ) قال فكاد صدري ينفرج لحسن إنشاده وجودة الشعر ( قال أبو علي ) إنما سمي راعيا لقوله ( لها أمرها حتى إذا ما تبوأت ** لأخفافها مرعى تبوا مضجعا ) فقيل رعى الرجل وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد عن الحرمازي قال مر جرير بذي الرمة فقال يا غيلان أنشدني ما قلت في المرئي فأنشده ( نبت عيناك عن طلل بحزوى ** عفته الريح وأمتنح القطارا ) فقال ألا أعينك قال بلى بأبي وأمي فقال ( يعد الناسبون إلى تميم ** بيوت المجد أربعة كبارا ) ( يعدون الرباب وآل سعد ** وعمرا ثم حنظلة الخيارا ) ( ويهلك وسطها المرئي لغوا ** كما ألغيت في الدية الحوارا ) قال قمر ذو الرمة بالفرزدق فقال أنشدني ما قلت في المرئي فأنشده القصيدة فلما انتهى إلى هذه الأبيات قال الفرزدق حس أعد علي فأعاد فقال تالله لقد علكهن أشد لحيين منك ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله للصلتان العبدي ( انا الصلتاني الذي قد علمتم ** متى ما يحكم فهو بالحق صادع ) ( أتتني تميم حين هابت قضاتها ** فإني لبالفصل المبين قاطع ) ( كما أنفذ الأعشى قضية عامر ** وما لتميم في قضائي رواجع ) ( ولم يرجع الأعشى قضية جعفر ** وليس لحكمي آخر الدهر راجع ) ( سأقضي قضاء بينهم غير جائر ** فهل أنت للحكم المبين سامع ) ( قضاء أمرئ لا يتقي الشتم منهم ** وليس له في المدح منهم منافع ) ( قضاء امرئ لا يرتشي حكومة ** إذا مال بالقاضي الرشا والمطامع ) ( فإن كنتما حكمتماني فأنصتا ** ولا تجزعا وليرض بالحكم قانع ) ( فإن تجزعا أو ترضيا لا أقلكما ** وللحق بين الناس راض وجازع ) ( فأقسم لا آلو عن الحق بينهم ** فإن أنا لم أعدل فقل أنت ظالع ) ( فإن يك بحر الحنظليين واحدا ** فما يستوي حيتانه والضفادع ) ( وما يستوي صدر القناة وزجها ** وما يستوي شم الذرى والأجارع ) ( وليس الذنابى كالقدامى وريشه ** وما تستوي في الكف منك الأصابع ) ( ألا إنما تحظى كليب بشعرها ** وبالمجد تحظى دارم والأقارع ) ( ومنهم رؤس يهتدى بصدورها ** وإلا ذناب قدما للرؤس توابع ) ( أرى الخطفى بذ الفرزدق شعره ** ولكن خيرا من كليب مجاشع ) ( فيا شاعرا ولا شاعر اليوم مثله ** جرير ولكن في كليب تواضع ) ( جرير أشد الشاعرين شكيمة ** ولكن علته الباذخات الفوارع ) ( ويرفع من شعر الفرزدق أنه ** له باذخ لذي الخسيسة رافع ) ( وقد يحمد السيف الددان بجفنه ** وتلقاه رنا غمده وهو قاطع ) ( يناشدني النصر الفرزدق بعدما ** ألحت عليه من جرير صواقع ) ( فقلت له أنى ونصرك كالذي ** يثبت أنفا كشمته الجوادع ) وقالت كليب قد شرفنا عليهم ** فقلت لها سدت عليك المطالع ) ( قال أبو علي ) كشم أنفه إذا قطعه والأكشم أيضا الناقص الخلق قال حسان ( له جانب واف وآخر أكشم ** ) وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال أهجى بيت قالته العرب ( وقد علمت عرساك أنك آئب ** تخبرهم عن جيشهم كل مربع ) أخبر أن من عادته أن ينهزم فيتحدث بخبر جيشه ( قال أبو علي ) أخبرنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الصمد بن المعذل بن غيلان قال ركب أبي إلى عيسى بن جعفر ليسلم عليه فأخبر أنه متأهب للركوب فانتظره فلما أبطأ خروجه دخل إلى المسجد ليصلي وكان المعذل إذا دخل في الصلاة لم يقطعها فخرج عيسى وصاح يا معذل يا أبا عمرو فلم يجبه فغضب ومضى فأتم المعذل صلاته ثم لحقه فانشده ( قد قلت إذ هتف الأمير ** يا أيها القمر المنير ) ( حرم الكلام فلم أجب ** وأجاب دعوتك الضمير ) ( لو أن نفسي طاوعتني إذ دعوت ولا أحير ) ( لباك كل جوارحي ** بأناملي ولها السرور ) ( شوقا إليك وحق لي ** ولكدت من فرح أطير ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال جلس كامل الموصلي في المسجد الجامع يقرئ الشعر فصعد مخلد الموصلي المنارة وصاح ( تأهبوا للحدث النازل ** قد قرئ الشعر على كامل ) ( وكامل الناقص في عقله ** لا يعرف العام من القابل ) ( يهيهة يخلط الفاظه ** كأنه بعض بني وائل ) ( وإنما المرء ابن عم لنا ** ونحن من كوثى ومن بابل ) ( أذنابنا ترفع قمصاننا ** من خلفنا كالخشب الشائل ) ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد النحوي لأعرابي مات ابنه وهو غائب ( يا ليتني كنت فيمن كان حاضره ** إذ ألبسوه ثياب الفرقة الجددا ) ( قالوا وهم عصب يستغفرون له ** نرجو لك الله والوعد الذي وعدا ) ( قل الغناء إذ لاقى الفتى تلفا ** قول الأحبة لا يبعد وقد بعدا ) ( قال أبو علي ) بعد هلك وبعد نأي وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبي مسكين وعن الشرقي بن قطامي قالا لما مات عمرو بن حممة الدوسي وكان أحد من تتحاكم إليه العرب مر بقبره ثلاثة نفر من أهل يثرب قادمين من الشام الهدم بن امرئ القيس بن الحرث بن زيد أبو كلثوم بن الهدم الذي نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعتيك بن قيس بن هيشة بن أمية بن معاوية وحاطب بن قيس بن هيشة الذي كانت بسببه حرب حاطب فعقروا رواحلهم على قبره وقام الهدم فقال ( لقد ضمت الأثراء منك مرزأ ** عظيم رماد النار مشترك القدر ) ( حليما إذا ما الحلم كان حزامة ** وقورا إذا كان الوقوف على الجمر ) ( إذا قلت لم تترك مقالا لقائل ** وإن صلت كنت الليث يحمي حمى الأجر ) ( ليبكك من كانت حياتك عزه ** فأصبح لما بنت يغضي على الصغر ) ( سقى الأرض ذات الطول والعرض مثجم ** أحم الرحا واهي العرى دائم القطر ) ( وما بي سقيا الأرض لكن تربة ** أضلك في أحشائها ملحد القبر ) ( قال أبو علي ) الرحى وسط الغيم ومعظمه ووسط الحرب ومعظمها وقام عتيك بن قيس فقال ( برغم العلى والجود والمجد والندى ** طواك الردى يا خير حاف وناعل ) ( لقد غال صرف الدهر منك مرزأ ** نهوضا بأعباء الأمور الأثاقل ) ( يضم العفاة الطارقين فناؤه ** كما ضم أم الرأس شعب القبائل ) ( ويسرو دجى الهيجا مضاء عزيمة ** كما كشف الصبح اطراق الغياطل ) ( ويستهزم الجيش العرمرم باسمه ** وإن كان جرارا كثير الصواهل ) ( وينقاد ذو البأو لأبي لحكمه ** فيرتد قسرا وهو جم الدغاول ) ( ويمضي إذا ما الحرب مدر واقه ** على الروع وارفضت صدور العوامل ) ( فاما تصبنا الحادثات بنكبة ** رمتك بها إحدى الدواهي الضآبل ) ( فلا تبعدن إن الحتوف موارد ** وكل فتى من صرفها غير وائل ) ( قال أبو علي ) الضآبل الدواهي واحدها ضئبل وقام حاطب بن قيس فقال ( سلام على القبر الذي ضم أعظما ** تحوم المعالي حولة فتسلم ) ( سلام عليه كلما ذر شارق ** وما امتد قطع من دجى الليل مظلم ) ( فيا قبر عمرو جاد أرضا تعطفت ** عليك ملث دائم القطر مرزم ) ( تضمنت جسما طاب حيا وميتا ** فأنت بما ضمنت في الأرض معلم ) ( فلو نطقت أرض لقال ترابها ** إلى قبر عمرو الأزد حل التكرم ) ( إلى مرمس قد حل بين ترابه ** وأحجاره بدر وأضبط ضيغم ) ( فلو وألت من سطوة الموت مهجة ** لكنت ولكن الردى لا يثمثم ) ( فلا يبعدنك الله حيا وميتا ** فقد كنت نور الخطب والخطب مظلم ) ( وقد كنت تمضي الحكم غير مهلل ** إذا غال في القول الأبل الغشمشم ) ( لعمر الذي حطت إليه على الونا ** حدابير عوج نيها متهمم ) ( لقد هدم العلياء موتك جانبا ** وكان قديما ركنها لا يهدم ) ( قال أبو علي ) وألت نجت ويثمثم يبطئ ويثمثم يحرك ويدفع والمهلل المتوقف يقال حمل عليه فما هلل والغيطلة الظلمة والغيطلة اختلاط الاصوات قال أبو النجم ( مستأسدا ذبانه في غيطل ** ) وهو جمع غيطلة والغيطلة البقرة الوحشية قال زهير ( كما استغاث بسي فزغيطلة ** خاف العيون فلم ينظر به الحشك ) والغيطلة الشجر الملتف وقال ابن الأعرابي الغيطلة التفاف الناس وإجتماعهم والغيطلة غلبة النعاس والدغاول الدواهي ( قال أبو علي ) ولم أسمع له بواحد قال الهذلي ( فقلصى لكم ما عشتم ذو دغاول ** ) والأبل الظلوم والغشمشم الذي يركب رأسه لا يثنيه شيء عما يحب ويهوى والحدا جمع حدبار وهي المنحنية الظهر والني الشحم والمتهمم الذائب وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم في صفة قدر ( ألقت قوائمها خسا وترنمت ** طربا كما يترنم السكران ) قوائمها الأثافي وخسا فرد ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال لثدت القصعة بالثريد إذا جمع بعضه إلى بعض وسوي وقد رثدت وقد رثد المتاع إذا نضد وسوي والرثيد المنضود ومنه سمى مرثد ويقال تركت فلانا مرتثدا أي قد ضم متاعه بعضه إلى بعض ونضده قال الشاعر ( فتذكرا ثقلا رثيدا بعدما ** ألقت ذكاء يمينها في كافر ) تذكر الظليم والنعامة رثيدا يعني بيضهما منضودا بعضه فوق بعض ( قال أبو علي ) وذكاء الشمس وابن ذكاء الصبح والكافر الليل وإنما سمى كافرا لأنه يغطي بظلمته كل شيء ولهذا قيل تكفر الرجل بالسلاح إذا لبسه وكفر الغمام النجوم أي غطاها ومنه سمى الكافر كافرا لأنه يغطي نعمة الله وسمى أيضا الزراع كافرا لأنه يغطى الحبة وعنى بقوله بعدما ألقت ذكاء يمينها في كافر أي ابتدأت في المغيب ويقال هدم ملدم ومردم أي مرقع وقد ردم ثوبه أي رقعه قال عنترة ( هل غادر الشعراء من متردم ** أم هل عرفت الدار بعد توهم ) يقول هل ترك الشعراء شيأ يرقع وهذا مثل وإنما يريد هل تركوا مقالا لقائل ويقال اعلنكس واعرنكس الشيء إذا تراكم وكثر أصله قال العجاج ( بفاحم دووي حتى اعلنكسا ** ) بفاحم يعني شعرا أسود دووي عولج وأصلح وقال أيضا ( واعرنكست أهواله واعرنكسا ** ) أي ركب بعضه بعضا وهدل الحمام يهدل هديلا وهدر الحمام يهدر هديرا وطلمساء وطرمساء للظلمة ويقال للدرع نثلة ونثرة إذا كانت واسعة ويقال امرأة جلبانة وجربانة وهي الصخابة السيئة الخلق قال حميد بن ثور ( جربانة ورهاء تخصي حمارها ** بغى من بغى خيرا إليها الجلامد ) ويروى جلبانة ويقال عود متقطل ومتقطر ومنقطل ومنقطر أي مقطوع ( وقال أبو عبيدة ) يقال سهم أملط وأمرط إذا لم يكن عليه ريش وقد تملط ريشه وتمرط ويقال جلمه وجرمه إذا قطعه ( قال أبو علي ) ومنه سمي الجلم الذي يؤخذ به الشعر ( قال أبو علي ) يقال لكل واحد من الحديدتين جلم فإذا اجتمعا فهما جلمان وكذلك مقراضان الواحد منهما مقراض والتلاتل والتراتر الهزاهز ( قال الأصمعي ) يقال مر يرتك ويرتج إذا ترجرج ويقال أصابه سك وسج إذا لان عليه بطنه ويقال الزمكى والزمجي لزمكي الطائر ويقال ريح سيهك وسيهج وسيهوك وسيهوج وهي الشديدة قال رجل من بني سعد ( يا دار سلمى بين دارات العوج ** جرت عليها كل ريح سيهوج ) والسهج والسهك والسحق يقال سحقه وسهكه وسهجه ( وقال أبو عمرو الشيباني ) السهك والسهج ممر الريح ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثني العكلي عن الحرمازي عن رجل من همدان قال قال معاوية لضرار الصدائي يا ضرار صف لي عليا رضي الله عنه قال أعفني يا أمير المؤمنين قال لتصفنه قال أما إذا لا بد من وصفه فكان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل ووحشته وكان والله غزير العبره طويل الفكره يقلب كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استنبأناه ونحن مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه لهيبته ولا نبتدئه لعظمته يعظم أهل الدين ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله وأشهد لقدر رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول يا دنيا غري غيري ألى تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير وخطرك حقير آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فبكى معاوية رحمه الله وقال رحم الله أبا الحسن فلقد كان كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار قال حزن من ذبح واحدها في حجرها ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر محمد بن الحسن بن دريد هذه القصيدة في شعر كعب الغنوي وأملاها علينا أبو الحسن علي ابن سليمان الأخفش وقال قرئ لنا على أبي العباس محمد بن الحسن الأحول ومحمد بن يزيد وأحمد بن يحيى ( قال ) وبعض الناس يروي هذه القصيدة لكعب بن سعد الغنوي وبعضهم يرويها بأسرها لسهم الغنوي وهو من فومه وليس بأخيه وبعضهم يروي شيأ منها لسهم والمرثي بهذه القصيدة يكنى أبا المغوار واسمه هرم وبعضهم يقول اسمه شبيب ويحتج ببيت روى في هذه القصيدة ( أقام فخلى الظاعنين شبيب ** ) وهذا البيت مصنوع والأول كأنه أصح لأنه رواه ثقة ( قال ) وزادنا أحمد بن يحيى عن أبي العالية في أولها بيتين ( قال ) وهؤلاء كانوا يختلفون في تقديم الأبيات وتأخيرها وزيادة الأبيات ونقصانها وفي تغيير الحروف في متن البيت وعجزه وصدره ( قال أبو علي ) وأنا ذاكر ما يحضرني من ذلك والبيتان اللذان رواهما أبو العالية ( ألا من لقبر لا يزال تهجه ** شمال ومسياف العشي جنوب ) تهجه تهدمه يقال هج البيت وهجمه إذا هدمه ( قال أبو عبيدة ) ولما قتل بسطام بن قيس لم يبق في بكر بن وائل بيت إلا هجم أي هدم إكبار القتلة ومسياف مفعال من سافه يسيفه سيفا إذا ضربه بالسيف يريد أنها في حدتها في الصيف والشتاء كالسيف ( به هرم يا ويح نفسي من لنا ** إذا طرقت للنائبات خطوب ) وأولها في رواية الجميع ( تقول سليمى ما لجسمك شاحبا ** كأنك يحميك الطعام طبيب ) ( فقلت ولم أعي الجواب لقولها ** وللدهر في صم السلام نصيب ) ويروى ( فقلت ولم أعي الجواب ولم ألح ** ) ( تتابع أحداث تخرمن أخوتي ** وشيبن رأسي والخطوب تشيب ) ( لعمري لئن كانت أصابت منية ** أخي والمنايا للرجال شعوب ) ( لقد عجمت مني الحوادث ما جدا ** عروفا الريب الدهر حين يريب ) ( وقد كان أما حلمه فمروح ** علينا وأما جهله فعزيب ) ( فتى الحرب أن حاربت كان سمامها ** وفي السلم مفضال اليدين وهوب ) ( هوت أمه ماذا تضمن قبره ** من الجود والمعروف حين ينوب ) ويروى حين يؤب ( جموع خلال الخير من كل جانب ** إذا جاء جياء بهن ذهوب ) ( مفيد مفيت الفائدات معود ** لفعل الندى والمكرمات كسوب ) ( فتى لا يبالي أن يكون بجسمه ** إذا نال خلات الكرام شحوب ) ( قال أبو علي ) ( وقرأت على أبي بكر ** فتى لا يبالي أن يكون بوجهه ) ( غنينا بخير حقبة ثم جلحت ** علينا التي كل الأنام تصيب ) ( فأبقت قليلا ذاهبا وتجهزت ** لآخر والراجي الخلود كذوب ) وأكثرهم ينشدون والراجي الخلود لأنه أغرب وأظرف والخلود أجود في العربية ( وأعلم أن الباقي الحي منهما ** إلى أجل أقصى مداه قريب ) ( فلو كان حي يفتدى لفديته ** بما لم تكن عنه النفوس تطيب ) الفداء يمد ويقصر ( قال أبو علي ) كذا حدثني محمد بن الأنباري وقال الأخفش الفداء لا يقصر إلا عند ضرورة الشعر فإذا فتحت الفاء قصر ( بعيني أو يمنى يدي وإنني ** ببذل فداه جاهدا لمصيب ) ( فإن تكن الأيام أحسن مرة ** إلي فقد عادت لهن ذنوب ) ( عظيم رماد النار رحب فناؤه ** إلى سند تحتجنه غيوب ) ( قريب ثراه ما ينال عدوه ** له نبطا آبى الهوان قطوب ) ( لقد أفسد الموت الحياة وقد أتى ** على يومه علق إلي حبيب ) ( حليم إذا ما الحلم زين أهله ** مع الحلم في عين العدو مهيب ) ( إذا ما تراآه الرجال تحفظوا ** فلم تنطق العوراء وهو قريب ) ( قال أبو علي ) قرأت على أبي بكر فلم ينطقوا العوراء ( أخي ما أخي لا فاحش عند بيته ** ولا ورع عند اللقاء هيوب ) ( على خير ما كان الرجال نباته ** وما الحظ إلا طعمة ونصيب ) ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر ( على خير ما كان الرجال خلاله ** وما الخير إلا قسمة ونصيب ) ( حليف الندى يدعو الندى فيجيبه ** قريبا ويدعوه الندى فيجيب ) ( هو العسل الماذي لينا وشيمة ** وليث إذا يلقى العدو غضوب ) ( حليم إذا ما سورة الجهل أطلقت ** حبى الشيب للنفس اللجوج غلوب ) ( هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا ** وماذا يرد الليل حين يؤوب ) ( كعالية الرمح الرديني لم يكن ** إذا ابتدر الخير الرجال يخيب ) وروى أبو بكر لم يكن إذا ابتدر القوم النهاب ( أخو شتوات يعلم الحي أنه ** سيكثر ما في قدره ويطيب ) ويروى أخو شتوات يعلم الضيف أنه ( ليبكك عان لم يجد من يعينه ** وطاوى الحشانانى المزار غريب ) ( يروح تزهاه صبا مستطيفة ** بكل ذرى والمستراد جديب ) ( كأن أبا المغوار لم يوف مرقبا ** إذا ربأ القوم الغزاة رقيب ) التالي بمشيئة الله ج4وج5وج6.

كتاب الصحاح للجوهري من ج5 الي ج8.

ج5. كتاب : الصحاح في اللغة المؤلف : الجوهري رَمَعَ أنفُه من الغضب يَرْمَعُ رَمَعاناً، أي تحرك. والتَرَمُّعُ: التحركُ. والرَمَّاعَةُ بالتشدي...