Translate

السبت، 23 نوفمبر 2024

ج4وج5وج6. كتاب الأمالي في لغة العرب أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي

 

ج4وج5وج6. كتاب :الأمالي في لغة العرب أبو علي

  إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي


(
ولم يدع فتيانا كراما لميسر ** إذا هب من ريح الشتاء هبوب )
(
حبيب إلى الزوار غشيان بيته ** جميل المحياشب وهو أريب )
(
إذا حل لم يقصر مقامة بيته ** ولكنه الأدنى بحيث يجيب )
(
يبيت الندى يا أم عمرو ضجيعه ** إذا لم يكن في المنقيات حلوب )
وحدثنا أبو الحسن قال حدثنا أحمد بن يحيى قال أخبرنا سلمة عن الفراء أنه روى يبيت الندى يا أم عمرو ضجيعه ( قال أبو علي ) وزادني أبو بكر بن دريد رحمه الله من حفظه ههنا بيتا وهو
(
كأن بيوت الحي ما لم يكن بها ** بسابس لا يلقى بهن  عريب)
(
إذا شهد الأيسار أو غاب بعضهم ** كفى ذاك وضاح الجبين نجيب )
(
قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر
(
وإن شهدوا أو غاب بعض حماتهم ** كفى القوم وضاح الجبين أريب )
(
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى ** فلم يستجبه عند ذاك مجيب )
(
فقلت ادع أخرى وارفع الصوت دعوة ** لعل أبا المغوار منك قريب )
(
يجبك كما قد كان يفعل إنه ** مجيب لأبواب العلاء طلوب )
(
فإني لباكيه وإني لصادق ** عليه وبعض القائلين كذوب )
(
فتى أريحي كان يهتز للندى ** كما اهتز ما مضى الشقرتين قضيب )
(
وخيرتماني أنما الموت بالقرى ** فكيف وهاتا روضة وكثيب )
(
قال أبو علي ) يقال حميت المريض حمية وأحميت الحديد في النار إحماء وحميت

الشيء إذا منعت عنه وأحميت المكان إذا جعلته حمى لا يقرب
ويقال عييت بالكلام فأنا أعيا عيا ولا يقال أعييت ويقال أعييت من المشي فأنا أعيي إعياء وألح أشفق يقال ألاح من الشيء أن أشفق قال جبيهاء الأشجعي
(
تنجو إذا نجدت وعارض أوبها ** سلق ألحن من السياط خضوع )
والسلام الصخور واحدتها سلمة والسلم شجر واحدتها سلمة والسلام أيضا شجر واحدتها سلامة ويقال خرمته المنية وتخرمته إذا ذهبت به وشعوب معرفة لا تنصرف اسم من أسماء المنية وإنما سميت شعوب لأنها تشعب أي تفرق وشعوب صفة في الأصل ثم سمى به
ويقال عجمت العود أعجمه عجما إذا عضضته لتسبر صلابته من رخاوته بضم الجيم في المضارع والعجم النوى ومنه قول الأعشى ( كلقيط العجم )
وكان أبو بكر بن دريد يروى عن أصحابه كلفيظ العجم وهو أجود لأن ما لفظ من النوى أصلب من غيره وعروفا صبورا ويقال رابني يريبني وأرابني يريبني بمعنى واحد وبعضهم يقول رابني تبينت منه الريبة وأرابني إذا ظننت به الريبة ومروح ومراح واحد
وعازب وعزيب بعيد ومنه سمى العزب لأنه بعد عن النساء والسمام جمع سم وهذا مما اتفق في جمعه فعول وفعال لأنهم يقولون سمام وسموم والسلم والسلم الصلح والسلم الإستسلام
وهوت أمه اي هلكت كأنها انحدرت إلى الهاوية وجياء فعال من جاء يجيء وفعول وفعال يكونان للمبالغة ( قال أبو علي ) حدثنا أبو الحسن قال حدثنا محمد بن يزيد عن أبي المحكم قال أنشدت يونس أبياتا من رجز فكتبها على ذراعه ثم قال لي إنك لجياء بالخير
وفي قوله مفيد مفيت قولان أحدهما يريد أنه يحرب قوما ويجبر آخرين والآخر أنه يستفيد ويتلف والشحوب التغير يقال شحب لونه يشحب شحوبا وغنينا أقمنا ولهذا قيل للمنزل مغنى ومنه قول الله عز وجل كأن لم يغنوا فيها وحقبة دهرا وجلحت ذهبت

بنا وأكلتنا فأفرطت واصل الجلح الكشف والمجالحة المكاشفة ويقال جلحت الأرض إذا أكل ما فيها من النبات ويقال جلح الشجر فهو مجلح إذا ذهب الشتاء بغصونه وورقه كالرأس الأجلح قال ابن مقبل
(
ألم تعلمي أن لا يذم فجاءتي ** دخيلي إذا اغبر العضاه المجلح )
ويقال ناقة مجلاح ومجلح ومجالح إذا أكلت أغصان الشجر وهي أصلب الإبل وأبقاها لبنا ( وقال الأصمعي ) المجالح بغير هاء التي تدر على الجوع والقر يقال جالحت الناقة تجالح مجالحة شديدة قال الشاعر
(
لها شعر داج وجيد مقلص ** وجسم خداري وضرع مجالح )
وقال الفرزدق
(
مجاليح الشتاء خبعثنات ** إذا النكباء ناوحت الشمالا )
والخبعثن والخبعثنة الغليظ الجسم من الإبل وغيرها وقوله عظيم رماد النار أي جواد بذول للقرى ( قال أبو علي ) إنما تصف العرب الرجل بعظم الرماد لأنه لا يعظم إلا رماد من كان مطعاما للأضياف
والفناء ممدود فناء الدار والفناء بالفتح ممدود من فني الشي والفنا عنب الثعلب مقصور والفنا جمع فناة أيضا مقصورة وهي البقرة الوحشية وتحتجنه تغيبه ومنه احتجن فلان المال إذا غيبه وتحتجبه من الحجاب والثرى التراب الندي وهذا مثل وإنما يريد أنه قريب المعروف والخير إذا طلب ما عنده وقوله لا ينال عدوه له نبطا أي لا يدرك غوره ولا يستخرج ما في بيته لدهائه ويقال أنه أراد لا ينال لينه لأن ناحتيه خشنة على عدوه وإن كانت لينة لوليه
والنبط أول ما يخرج من البئر إذا حفرت وقطوب معبس يقال قطب يقطب فهو قاطب وقطب فهو مقطب وقطوب للمبالغة
والعلق النفيس من كل شيء والعوراء الكلمة القبيحة من الفحش قال الشاعر
(
وما الكلم العوران لي بقتول ** ) والورع

الجبان الضعيف
والماذي العسل الأبيض وهو أجود العسل ( وقال بعض اللغويين ) ومنه قيل للدرع ماذية لصفاء لونها
وقوله كعالية الرمح أراد كالرمح في طوله وتمامه والعالية من الرمح النصف الذي يلي السنان فأما الذي يلي الزج فسافلته
وط اوى البطن يريد ضامر البطن من الجوع وتزهاه تستخفه ( وقال بعض اللغويين ) ذرى الحائط وذرى الشجر أصلهما والجيد أن يكون الذرى الناحية ( قال أبو علي ) هكذا سمعت من أبي بكر ومن أثق بعلمه ولهذا قيل أنا في ذرى فلان وفلان في ذرى فلان ويوفي يشرف
وربأ صار لهم ربيئة والربيئة م الطليعة وهو الرقيب أيضا والميسر الجزور التي تنحر والأيسار الذين يقسمون الجزور وأحدهم يسر والمحيا الوجه
وحدثنا أبو الحسن قال حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد أن نفرا من بني هاشم دخلوا على المنصور يتظلم بعضهم من بعض فقال له قائل منهم أعلمك يا أمير المؤمنين أن هذا شد علي بخزالوفة فضرب بها وجهي فأقبل المنصور على الربيع فقال له ويلك ما خزالوفة فقال يريد يد خزفة يا أمير المؤمنين فقال المنصور قاتلكم الله صغارا وكبارا لستم كما قال كعب بن سعد الغنوي
(
حبيب إلى الفتيان غشيان رحله ** جميل المحيا شب وهو أديب )
والمنقيات ذوات النقي المخ ( وقال ) البسابس والسباسب الصحارى ويقال ما بالدار عريب أي ما بها أحد والأيسار واحدهم يسر وهو الذي يدخل مع القوم في الميسر وهو مدح والبرم الذي لا يدخل وهو ذم وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم
(
فلما رأيت جد النوى ضافت النوى ** بنظرة ثكلى أكذبت كل كاشح )
أي لما علمت بالفراق بكت فعلم أن الكاشح الساعي لم ينجع قوله يعني عندها ( قال أبو علي ) وحدثنا الرياشي قال حدثني ابن سلام قال دخلت ديباجة المدنية على امرأة

فقيل لها كيف رأيتها فقالت لعنها الله كأن بطنها قربة وكأن ثديها دبة وكأن استها رقعة وكأن وجهها وجه ديك قد نفش عفريته يقاتل ديكا
وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم رحمه الله قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال كان المجشر في الشرف من العطاء وكان دميما فقال له عبيد الله ذات يوم كم عيالك فقال ثمان بنات فقال وأين هن منك فقال أنا أحسن منهن وهن أكمل مني فضحك عبيد الله وقال جاد ما سألت لهن وأمر له بأربعة آلاف فقال
(
إذا كنت مرتاد الرجال لنفعهم ** فناد زيادا أو أخا لزياد )
(
يجبك امرؤ يعطي على الحمد ماله ** إذا ضن بالمعروف كل جواد )
(
ومالي لا أثني عليه وإنما ** طريفي من أمواله وتلادي )
(
هم أدركوا أمر البرية بعدما ** تفانوا وكادوا يصبحون كعاد )
وأنشدنا رحمه الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن الزبير لإمرأة من أهل الحجاز
(
يا خليلي آبنى سهدي ** لم تنم عيني ولم تكد )
(
كيف تلحوني على رجل ** آنس تلتذه كبدي )
(
مثل ضوء البدر طلعته ** ليس بالزميلة النكد )
قال وأنشدنا أيضا
(
للناس بيت يديمون الطواف به ** ولي بمكة لو يدرون بيتان )
(
فواحد لجلال الله أعظمه ** وآخر لي به شغل بإنسان )
(
قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال للناقة إذا ألقت ولدها ولم يشعر أي لم ينبت شعره قد أملصت وأملطت وهي ناقة مملص ومملط وإبل مماليص ومماليط فإذا كان ذلك من عادتها قيل مملاص ومملاط وقد ألقته مليصا
ويقال اعتاطت رحمها واعتاصت وهما واحد وذلك إذا لم تكن تحمل أعواما ( قال الأصمعي ) يقال اطرهم واطرخم إذا

كان مشرفا طويلا وأنشد لإبن أحمر
(
أرجي شبابا مطرهما وصحة ** وكيف رجاء الشيخ ما ليس لاقيا )
وروى أبو عبيد عن أبي زياد الكلابي المطرهم الشباب المعتدل التام وروى في البيت وكيف رجاء المرء ما ليس لاقيا
ويقال بخ بخ وبه به إذا تعجب من الشيء ويقال صخدته الشمس وصهدته إذا اشتد وقعها عليه ويقال هاجرة صيخود أي صلبة وصخرة صيخود قال الراجز
(
كأنهن الصخر الصيخود ** يرفت عقر الحوض والعضود )
(
وقال الأصمعي ) يقال مط الحرف ومده بمعنى واحد ويقال قد بطغ الرجل وبدغ إذا تلطخ بعذرته وقال رؤبة
(
لولا دبوقاء استه لم يبطغ ** ) ويروى لم يبدغ
والدبوقاء العذرة ويقال ماله إلا هذا فقد وإلا هذا فقط والإبعاد والإبعاط واحد ( قال الأصمعي ) الأقطار والأقتار النواحي يقال وقع على أحد قطريه وعلى أحد قتريه أي أحدى ناحيتيه ويقال طعنه فقطره وقتره إذا ألقاه على أحد قطريه
ويقال رجل طبن وتبن أي فطن حاذق ويقال ما أستطيع وما أستتيع وقال يعقوب بن السكيت المعكول والمعكود المحبوس ويقال معله ومعده إذا اختلسه وأنشد
(
إني إذا ما الأمر كان معلا ** وأوخفت أيدي الرجال الغسلا )
قوله معلا أي أختلاسا وقوله وأوخفت أيدي الرجال يربد قلبوا أيديهم في الخصومة وقال الآخر
(
أخشى عليها طيئا وأسدا ** وخار بين خربا ومعدا )

أي آختلسا
والخارب سارق الإبل خاصة ثم يستعار فيقال لكل من سرق بعيرا كان أو غيره ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال أخبرنا شيخ من بني العنبر قال كان يقال النساء ثلاث فهينة لينة عفيفة مسلمة تعين أهلها على العيش ولا تعين العيش على أهلها وأخرى وعاء للولد وأخرى غل قمل يضعه الله في عنق من يشاء
والرجال ثلاثة فهين لين عفيف مسلم يصدر الأمور مصادرها ويوردها مواردها وآخر ينتهي إلى رأي ذي اللب والمقدرة فيأخذ بقوله وينتهي إلى أمره وآخر حائر بائر لا يأتمر لرشد ولا يطيع المرشد وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال رجل أحب أن أرزق ضرسا طحونا ومعدة هضوما وسرما منباقا
(
قال ) وأخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لعرابة الأوسي بم سدت قومك قال بأربع أنخدع لهم عن مالي وأذل لهم في عرضي ولا أحقر صغيرهم ولا أحسد رفيعهم
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة قال قيل لقيس بن عاصم بم سدت قومك قال ببذل القرى وترك المرا ونصر المولى وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال قال عامر بن الظرب العدواني يا معشر عدوان الخير ألوف عروف وأنه لن يفارق صاحبه حتى يفارقه وإني لم أكن حكيما حتى صاحبت الحكماء ولم أكن سيدكم حتى تعبدت لكم ( قال أبو علي ) قرأت على أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه قال نظر الحطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر رضي الله عنه فقال من هذا الذي نزل عن الناس في سنه وعلاهم في قوله
وقرأت عليه أيضا عن أبيه قال نظر رجل إلى معاوية وهو غلام صغير فقال إني أظن هذا الغلام سيسود قومه فقالت هند ثكلته إن كان لا يسود إلا قومه
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال قال عبد الملك بن مروان لأمية ابن عبد الله بن خالد بن أسيد مالك ولحرثان بن عمرو حيث يقول فيك
(
إذا هتف العصفور طار فؤاده ** وليث حديد الناب عند الثرائد )


فقال يا أمير المؤمنين وجب عليه حد فأقمته فقال هلا درأت عنه بالشبهات فقال كان الحد أبين وكان رغمه علي أهون فقال عبد الملك يا بني أمية أحسابكم أنسابكم لا تعرضوها للهجاء وإياكم وما سار به الشعر فإنه باق ما بقي الدهر والله ما يسرني أني هجيت بهذا البيت وإن لي ما طلعت عليه الشمس
(
يبيتون في المشتى ملاء بطونهم ** وجاراتهم غرثى يبتن خمائصا )
وما يبالي من مدح بهذين البيتين أن لا يمدح بغيرهما
(
هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا ** وإن يسالوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا )
(
على مكثريهم رزق من يعتريهم ** وعند المقلين السماحة والبذل )
وأملى علينا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي عبيدة لخرنق بنت هفان ترثى زوجها عمرو ابن مرثد وابنها علقمة بن عمرو وأخويه حسان وشرحبيل )
(
لا يبعدن قومي الذين هم ** سم العداة وآفة الجزر )
(
النازلون بكل معترك ** والطيبون معاقد الأزر )
ويروى النازلين والطيبين معاقد الأزر ويروى النازلون والطيبين
(
إن يشربوا يهبوا وإن يذروا ** يتواعظوا عن منطق الهجر )
(
قوم إذا ركبوا سمعت لهم ** لغطا من التأييه والزجر )
(
والخالطين نحيتهم بنضارهم ** وذوي الغنى منهم بذي الفقر )
(
هذا ثنائي ما بقيت عليهم ** فإذا هلكت أجنني قبري )
(
قال أبو علي ) الهجر القحش واللغط الجلبة التأييه الصوت يقال أيهت به تأييها إذا صحت به والنحيت المنحوت والنضار الذهب
وحدثني أبو عمرو عن أبي العباس عن ابن الأعرابي أن غليما من بني دبير أنشده
(
يا ابن الكرام حسبا ونائلا ** حقا ولا أقول ذاك باطلا )


(
إليك أشكوا الدهر والزلازلا ** وكل عام نقح الحمائلا )
التنقيح القشر ( قال ) قشروا حمائل السيوف فباعوها لشدة زمانهم
وأملى أبو العهد صاحب الزجاج قال أنشدنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال أنشدنا أبو عثمان المازني للفرزدق
(
لا خير في حب من ترجى نوافله ** فاستمطروا من قريش كل منخدع )
(
تخال فيه إذا ما جئته بلها ** في ماله وهو وافي العقل والورع )
وقرأت هذين البيتين في عيون الأخبار على أحمد بن عبد الله بن مسلم مكان نوافله فضائله وفي البيت الثاني مكان تخال فيه إذا ما جئته بلها في ماله كأن فيه إذا حاولته بلها عن ماله وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا الرياشي قال أنشدنا أبو العالية الرياحي
(
إذا أنا لم أشكر على الخير أهله ** ولم أذمم الجبس اللئيم المذمما )
(
ففيم عرفت الخير والشر باسمه ** وشق لي الله المسامع والفما )
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأعرابي سأل رجلا حاجة فتشاغل عنه
(
كدحت بأظفاري وأعملت معولي ** فصادفت جلمود من الصخر أملسا )
(
تشاغل لما جئت في وجه حاجتي ** وأطرق حتى قلت قدمات أو عسى )
(
وأقبلت أن أنعاه حتى رأيته ** يفوق فواق الموت ثم تنفسا )
(
فقلت له لا بأس لست بعائد ** فأفرخ تعلوه السمادير مبلسا )
السمادير ما يتراءى للإنسان عند السكر ( قال أبو علي ) أنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر مستملى أبي العباس محمد بن يزيد قال أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي قال أنشدنا الزبير لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود


(
غراب وظبي أعضب القرن ناديا ** بصرم وصردان العشي تصيح )
(
لعمري لئن شطت بعثمة دارها ** لقد كنت من وشك الفراق أليح )
(
أروح بهم ثم أغدوا بمثله ** ويحسب أني في الثياب صحيح )
(
فإن كنت أغدو في الثياب تجملا ** فقلبي من تحت الثياب جريح )
(
قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة لنفسه
(
أتراني صبرت عنك اختيارا ** أم تطلبت إذ ظلمت انتصارا )
(
لا وغنج بمقلتيك وورد ** فوق خديك يخجل الأنوارا )
(
ما تجافيت عن مرادك إلا ** خوف واش أشعرت منه الحذارا )
(
ورقيب موكل بي طرفا ** وحسود ينمق الأخبارا )
(
قال أبو علي ) يقال رمح يزني وأزني ويزأني وأزأني منسوب إلى ذي يزن ويقال رجل يلمعي وألمعي إذا كان ظريفا ويلملم وألملم اسم موضع أو جبل
(
وقال غيره ) يقال لافة تصيب الزرع اليرقان والأرقان وهذا زرع ميروق وقد يرق وزرع مأروق وقد أرق ويقال للرجل الشديد الخصومة والجدل رجل ألدو يلندد وألندد ويقال طير يناديد وأناديد أي متفرقة ويقال للجلود السود يرندج وأرندج ويقال للعود الذي يتبخر به يلنجوج وألنجوج ويبرين وأبرين موضع وسهم يثربي وأثربي بفتح الراء وكسرها فيهما منسوب إلى يثرب وهذه يذرعات وأذرعات ويقال في أسنانه يلل وألل إذا كان فيها إقبال على باطن الفم ويقال قطع الله يديه وحكى اللحياني عن الكسائي أنه سمع بعضهم يقول قطع الله أديه ويقال للرفيق اليدين إنه ليدي وأدي ويقال ولدته أمه يتنا وأتنا وتنا وهو أن تخرج رجلاه قبل رأسه ويقال ما في سيرة يتم ولا أتم أي إبطاء ويقال أعصر ويعصر ويقال لدودة تنسلخ فتصير فراشة يسروع وأسروع ويقال هي الدودة التي تكون في البقل ويقال

هي بنات النقى وبنات النفى دود أبيض يكون في الرمل تشبه به الأصابع وقال ذو الرمة
(
خراعيب أملود كأن بنانها ** بنات النقى تخفى مرارا وتظهر )
وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال خرجت تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد فهنأت ذودا الهاجر بي ثم نضت عنها ثيابها واغتسلت ودريد يراها ولا تراه فقال دريد
(
حيوا تماضر واربعوا صحبي ** وقفوا فإن وقوفكم حسبى )
(
ما ان رأيت ولا سمعت به ** كاليوم طالي أينق جرب )
(
متبذلا تبدو محاسنه ** يضع الهناء مواضع النقب )
(
متحسرا نضخ الهناء به ** نضخ العبير بريطة العصب )
(
أخناس قد هام الفؤاد بكم ** واعتاده داء من الحب )
(
فسليهم عني خناس إذا ** غض الجميع هناك ما خطبي )
(
قال أبو علي ) النقب القطع المتفرقة من الجرب في جلد البعير ويقال النقب أيضا بفتح القاف والواحدة نقبة وغض من الغضاضة واللين وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال خطب دريد بن الصمة خنساء بنت عمرو بن الحرث بن الشريد فأراد أخوها معاوية أن يزوجها منه وكان أخوها صخر غائبا في غزاة له فأبت وقالت لا حاجة لي به فأراد معاوية أن يكرهها فقالت
(
تباكرني حميدة كل يوم ** بما يولى معاوية بن عمرو )
(
فإلا أعط من نفسي نصيبا ** فقد أودى الزمان إذا بصخر )
ويروى
(
لئن لم أوف من نفسي نصيبا ** لقد أودى ** )
(
أتكرهني هبلت على دريد ** وقد أحرمت سيد آل بدر )
(
معاذ الله يرصعني حبركى ** قصير الشبر من جشم بن بكر )


ويروى ينكحني ومعناهما واحد
(
يرى مجدا ومكرمة أتاها ** إذا عشى الصديق جريم تمر )
ويروى إذا غدى الجليس ( قال أبو علي ) الحبركى القصير الرجلين الطويل الظهر والشبر الخير والعطاء وقال دريد
(
لمن طلل بذات الخمس أمسى ** عفا بين العقيق فبطن ضرس )
(
أشبهها غمامة يوم دجن ** تلالأ برقها أو ضوء شمس )
(
فأقسم ما سمعت كوجد عمرو ** بذات الخال من جن وإنس )
(
وقاك الله يا ابنة آل عمرو ** من الفتيان أمثالي ونفسي )
(
فلا تلدي ولا ينكحك مثلي ** إذا ما ليلة طرقت بنحس )
(
وقالت أنه شيخ كبير ** وهل خبرتها أني ابن أمس )
(
تريد أفيحيج الرجلين شثنا ** يقلع بالجديرة كل كرس )
ويروى
(
تريد شرنبث الكفين شثنا ** يقلع بالجدائر ) والشرنبث الغليظ
(
إذا عقب القدور عددن مالا ** تحب حلائل الأبرام عرسى )
(
وقد علم المراضع في جمادى ** إذا استعجلن عن حز بنهس )
(
بأني لا أبيت بغير لحم ** وأبدأ بالأرامل حين أمسي )
(
وأني لا يهر الضيف كلبي ** ولا جاري يبيت خبيث نفس )
(
وأصفر من قداح النبع فرع ** به علمان من عقب وضرس )
(
دفعت إلى المفيض إذا استقلوا ** على الركبات مطلع كل شمس )
ويروى
(
دفعت إلى النجي وقد تجانوا ** على الركبات )
قال أبو علي ) الجديرة الحظيرة والكرس ما تكرس أي صار بعضه فوق بعض ومنه أخذت الكراسة والأبرام جمع برم وهو الذي لا يدخل مع القوم في الميسر ( قال أبو علي ) قال لنا

أبو بكر قال أبو حاتم عن الأصمعي هذا غلط إنما هو مغرب كل شمس لأن الأيسار إنما يتياسرون بالعشيات ألم تسمع إلى قول النمر بن تولب
(
ولقد شهدت إذا القداح توجدت ** وشهدت عند الليل موقد نارها )
فلما مات صخر قالت الخنساء تعارض دريد في كلمته
(
يؤرقني التذكر حين أمسي ** ويردعني مع الأحزان نكسي )
(
على صخر وأي فتى كصخر ** ليوم كريهة وطعان خلس )
(
وعان طارق أو مستضيف ** يروع قلبه من كل جرس )
(
ولم أر مثله رزأ لجن ** ولم أر مثله رزأ لانس )
(
أشد على صروف الدهر منه ** وأفضل في الخطوب لكل لبس )
ويروى أشد على صروف الدهر إدا
(
ألا يا صخر لا أنساك حتى ** أفارق مهجتي ويشق رمسى )
(
ولولا كثرة الباكين حولي ** على أخوانهم لقتلت نفسي )
(
ولكن لا أزال أرى عجولا ** يساعد نائحا في يوم نحس )
(
تفجع والها تبكي أخاها ** صبيحة رزئه أو غب أمس )
(
يذكرني طلوع الشمس صخرا ** وأبكيه لكل غروب شمس )
(
وما يبكون مثل أخي ولكن ** أعزي النفس عنه بالتأسي )
(
قال أبو علي ) قال أبو بكر طلوع الشمس للغارة وغروب الشمس للضيفان وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال يقال عل في المرض يعل اي اعتل وعل في الشراب يعل ويعل علا ( قال ) يقال رجل هزر وقنذعل وطيخة وضاجع إذا كان أحمق وأنشد
(
ما للكواعب يا عيساء قد جعلت ** تزور عني وتطوى دوني الحجر )


(
قد كنت فتاح أبواب مغلقة ** ذب الرياد إذا ما خولس النظر )
(
فقد جعلت أرى الشخصين أربعة ** والواحد اثنين مما بورك البصر )
(
وكنت أمشي على رجلين معتدلا ** فصرت أمشي على أخرى من الشجر )
(
قال ) هو لعبد من عبيد بجيلة أسود ( قال أبو علي ) يقال فلان ذب الرياد إذا كان لا يستقر في موضع ومنه قيل للثور الوحشي ذب الرياد قال ابن مقبل
(
أتى دونها ذب الرياد كأنه ** فتى فارسي في سراويل رامح )
وحدثني أبو عمر عن أبي العباس أن ابن الأعرابي أنشدهم
(
فتى مثل ضوء الماء ليس بباخل ** بخير ولا مهد ملاما الباخل )
(
ولا قائل عوراء تؤذي جليسه ** ولا رافع رأسا بعوراء قائل )
(
قال أبو علي ) هذا عندي من المقلوب أراد بقائل عوراء
(
ولا مظهر أحدوثة السوء معجبا ** باعلانها في المجلس المتقابل )
(
وليس إذا الحرب المهمة شمرت ** عن الساق بالواني ولا المتضائل )
(
ترى أهله في نعمة وهو شاحب ** طوى البطن مخماص الضحى والأصائل )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال بعض الحكماء لا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل ولا ظهير كالمشاورة ولا ميراث كالأدب وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال جعفر بن سليمان ما سمعت بأشعر من الذي يقول
(
إذا رمت عنها سلوة قال شافع ** من الحب ميعاد السلو المقابر )
فقال له رجل أشعر منه الذي يقول
(
سيبقى في مضمر القلب والحشا ** سريرة ود يوم تبلى السرائر )
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول اللهم إني أعوذ

بك أن أقول زورا أو أغشى فجورا أو أكون بك مغرورا ( قال ) وسمعت عمي يقول كان يقال الخط يعرب عن اللفظ
(
قال ) وسمعته يقول البلاغة أن تظهر المعنى صحيحا واللفظ فصيحا وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال بلغني أنه قيل لمعن بن زائدة ما أحسن ما مدحت به قال قول سلم الخاسر
(
أبلغ الفتيان مألكة ** أن خير الود ما نفعا )
(
إن قرما من بني مطر ** أتلفت كفاه ما جمعا )
(
كلما عدنا لنائله ** عاد في معروفه جذعا )
(
قال أبو علي ) المألكة والمألكة والألوك الرسالة ومنه اشتقاق الملائكة ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم للمثقب ( قال ) ويروى لعنترة
(
وللموت خير للفتى من حياته ** إذا لم يثب للأمر إلا بقائد )
ويروى
(
إذا لم يطق علياء إلا بقائد ** )
(
فعالج جسيمات الأمور ولا تكن ** هبيت الفؤاد همه للوسائد )
(
ويروى ولا تكن ** نكيث القوى ذا نهمة بالوسائد )
(
إذا الريح جاءت بالجهام تشله ** هذا ليله سل القلاص الطرائد )
(
وأعقب نوء المرزمين بغبرة ** وقطر قليل الماء بالليل بارد )
(
كفى حاجة الأضياف حتى يريحها ** عن الحي منا كل أروع ما جد )
(
تراه بتفريج الأمور ولفها ** لما نال من معروفها غير زاهد )
(
وليس أخونا عند شر يخافه ** ولا عند خير أن رجاه بواحد )
(
إذا قيل من للمعضلات أجابه ** عظام اللهى منا طوال السواعد )
(
قال أبو علي ) الهبيب الفؤاد الضعيف يقال فيه هبته أي ضعف والهذاليل واحدها هذلول وهو ما طال من الرمل وامتد وهذاليل الريح ما امتد منها ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش للعطوى


(
إذا أنت لم ترسل وجئت فلم أصل ** ملأت بعذر منك سمع لبيب )
(
أتيتك مشتاقا فلم أر حابسا ** ولا ناظر إلا بعين غضوب )
(
كأني غريم مقتض أو كأنني ** طلوع رقيب أو نهوض حبيب )
(
فعدت وما فل الحجاب عزيمتي ** إلى شكر سبط الراحتين أريب )
(
علي له الإخلاص ما ردع الهوى ** أصالة رأي أو وقار مشيب )
(
قال أبو علي ) يقال أنه لأصيل الرأي بين الأصالة بفتح الهمزة ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا جعفر بن سليمان عن العباس ابن محمد قال قلنا لأبي المخش الغطفاني أما كان لك ولد فقال بلى والله مخش وما كان مخش كان خرطمانيا أشدق إذا تكلم سال لعابه كأنما ينظر بمثل الفلسين يعني أن عينيه كانتا خضراوين كأن مشاشة منكبيه كركرة جمل وكأن ترقوته بوان أو خالفة فقأ الله عيني هاتين إن كنت رأيت مثله قبله ولا بعده ( قال أبو علي ) الكركرة والكلكل واليركة والبركضة والجوش والجوشن والجؤشوش والحيزم والحيزوم والحزيم الصدر قال رؤبة
(
حتى تركن أعظم الجؤشوش ** حدبا على أحدب كالعريش )
والجؤجؤ ما نتأ من الصدر والبوان عمود من أعمدة البيت دون الصقوب والصقوب عمد البيت وجمعه بوهن مثل خوان وخون ويقال بوان وخوان أيضا بضم أوليهما
والخالفة عمود يكون في مؤخر البيت ( قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال أرخت الكتاب وورخته وآكفت الدابة وأوكفتها وإكاف ووكاف وكان رؤبة بن العجاج ينشد
(
كالكودن المشدود بالوكاف ** ) بالواو وأكدت العهد ووكدته ووسادة وإسادة ووشاح وإشاح وولدة وإلدة وآخيته واخيته ( وقال الأصمعي ) ذأى البقل يذأى ذأوا بلغة أهل الحجاز وأهل نجد يقولون ذوى يذوي

ذويا وذوي خطأ ( قال أبو علي ) وقد حكى أهل الكوفة ذوي أيضا وليست بالفصيحة
(
وقال أبو عبيدة ) آصدت الباب وأوصدته إذا أطبقته ( وقال غيره ) ما أبهت له وما وبهت له والتخمة أصلها من الوخامة وتجاه أصله من الوجه وتترى أصله من المواترة وتقوى أصله من وقيت وتكلان أصله من وكلت والمال التليد والتالد أيضا أصله من الواو وهو ما ولد عندهم والتراث أصله من الواو وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول مروءة الرجل عقله وشرفه حاله وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال الأحنف بن قيس العقل خير قرين والأدب خير ميراث والتوفيق خير قائد وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي عن أبيه قال العقل عقلان فعقل تفرد الله بصنعه وعقل يستفيده المرء بأدبه وتجربته ولا سبيل إلى العقل المستفاد إلا بصحة العقل المركب فإذا اجتمعا في الجسد قوي كل واحد منهما صاحبه تقوية النار في الظلمة نور البصر وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول فوت الحاجة خير من طلبها من غير أهلها ( قال ) وسمعت آخر يقول عز النزاهة أشرف من سرور الفائدة ( قال ) وسمعت آخر يقول حمل المنن أثقل من الصبر على العدم وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن العتبى أنه قال أن الطالب والمطلوب إليه في الحاجة إذا قضيت اجتمعا في العز وإذا لم تقض اجتمعا في الذل فارغب في قضاء الحاجة لعزك بها وخروجك من الذل فيها
وقرأت على أبي عمر المطرز قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال كان رجل من بني أبي بكر بن كلاب يعلم بني أخيه العلم فيقول افعلوا كذا وافععلوا كذا فثقل عليهم فقال له بعضهم جزاك الله خيرا يا عم فقد علمتنا كل شيء ما بقي علينا إلا الخراءة فقال والله يا بني أخي ما تركت ذلك من هوان بكم علي اعلوا الضراء وابتغوا الخلاء واستدبروا الريح وخووا تخوية الظليم

وامتشوا بأشملكم ( قال أبو علي ) قال ابن الأعرابي الضراء ما انخفض من الأرض وسائر اللغويين يقول الضراء ما واراك من الشجر خاصة والخمر ما واراك من الشجر وغيره ويقال خوى الظليم إذا جافى بين رجليه قال الراجز
(
خوى على مستويات خمس ** كركرة وثفنات ملس )
والثفنات ما أصاب الأرض من البعير من صدره وركبتيه ورجليه إذا برك وامتشوا امسحوا يقال مششت يدي بالمنديل أمشها مشا قال امرؤ القيس
(
نمش بأعراف الجياد أكفنا ** إذا نحن قمنا عن شواء مضهب )
والمنديل يسمى المشوش وقرأت على أبي عمر المطرز قال أنشدنا أحمد بن يحى عن ابن الأعرابي
(
علقت بمن يشبه قرن شمس ** وعيناه استعارهما غزالا )
(
وهن أحب من حضن اللواتي ** حواضنهن يفتن الرجالا )
أي هن أحب من حضن العيدان وضرب بها إلي وقرأت عليه قال أنشدني أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
(
ولم أر شيأ بعد ليلى ألذه ** ولا مشربا أروى به فأعيج )
(
كوسطى ليالي الشهر لا مقسئنة ** ولا وثبى عجلى القيام خروج )
أعيج أنتفع يقال شربت دواء فما عجت به أي ما انتفعت به والمقسئنة الكبيرة العاسية يقال قد اقسأن العود إذا صلب
وقرأت عليه أيضا قال حدثنا أحمد بن يحيى أن ابن الأعرابي أنشدهم
(
ولو كنت تعطي حين تسأل سامحت ** لك النفس واحلولاك كل خليل )
(
أجل لا ولكن أنت ألأم من مشى ** وأسأل من صماء ذات صليل )
يعني الأرض وصليلها صوت دخول الماء فيها وقرأت عليه قال أنشدنا أحمد بن يحيى لإبن الأعرابي


(
ترى فصلانهم في الورد هزلا ** وتسمن في المقاري والحبال )
(
قال ) لأنهم يسقون ألبان أمهاتها على الماء فإذا لم يفعلوا ذلك كان عليهم عارا فإذا ذبحو لم يذبحوا إلا سمينا وإذا وهبوا فكذلك ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم والرياشي عن أبي زيد قال المرامق الجهول العاجز الذي يتقى سوء خله وصحبته في السفر والحضر قال الراجز
(
وصاحب مرامق داجيته ** زجيته بالقول وازدهيته )
(
إذا أخاف عجزه فديته ** على بلال نفسه طويته )
(
حتى أتى الحي وما بلوته ** )
(
قال ) وقرأت على أبي بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم قال أنشدنا أبو زيد عن المفضل لحاتم طيء
(
إن كنت كارهة لعيشتنا ** هاتا فحلي في بني بدر )
(
جاورتهم زمن الفساد فنعم الحي في العوصاء واليسر ** )
(
فسقيت بالماء النمير ولم ** أترك ألاطم حمأة الجفر )
وروى أبو حاتم ألاطس ومعناه كمعنى ألاطم
(
ودعيت في أولى الندي ولم ** ينظر إلي بأعين خزر )
(
الضار بين لدى أعنتهم ** والطاعنين وخيلهم تجري )
(
والخالطين نحيتهم بنضارهم ** وذوي الغني منهم بذي الفقر )
(
قال أبو علي ) أنشدنا أبو عبيدة هذا البيت الأخير لخرنق وقد أمليناه فيما مضى من الكتاب وزمن الفساد حرب كانت لهم والعوصاء الشدة والماء النمير الناجع في الأبدان والجفر البئر ليست بمطوية والنحيت الخامل الذكر والنضار الرفيع كذا قال أبو زيد ( قال أبو علي ) إن الإشتقاق

يوجب أن يكون النحيت الذي ينال ماله وعرضه كل أحد لأنه لا دفاع عنده فكأنه منحوت ( قال ) وأنشدنا أبو الحسن بن جحظلة للحسن بن الضحاك
(
وما زلت أشربها والليل معتكر ** حتى تضاحك في أعجازه القمر )
(
ثم انثنيت على كفي وقد أخذت ** مني مآخذ ما في دونها وطر )
(
قال أبو علي ) وقرأت على أبي عمر قال أخبرنا أحمد بن يحيى أن ابن الأعرابي أنشدهم لسلمى بن غوية بن سلمى
(
لا يبعدن عصر الشباب ولا ** لذاته ونباته النضر )
(
والمرشقات من الخدود كايمان ** الغمام صواحب القطر )
(
وطراد خيل مثلها التقتا ** لحفيظة ومقاعد الخمر )
(
ولولا أولئك ما حفلت متى ** غولبت في حرج إلى قبر )
(
هزئت زنيبة أن رأت ثرمي ** وأن انحنى لتقادم ظهري )
(
من بعدما عهدت فأدلفني ** يوم يجيء وليلة تسري )
(
حتى كأني خاتل قنصا ** والمرء بعد تمامه يحري )
(
لا تهزئي مني زنيب فما ** في ذاك من عجب ولا سخر )
(
أولم ترى لقمان أهلكه ** ما اقتات من سنة ومن شهر )
(
وبقاء نسر كلما انقرضت ** أيامه عادت إلى نسر )
(
ما طال من أمد على لبد ** رجعت محورته إلى قصر )
(
ولقد حلبت الدهر أشطره ** وعلمت ما آتي من الأمر )
(
قال أبو علي ) يحرى ينقص ومنه يقال رماه الله بأفعى حارية وهي التي قد نقص جسمها من الكبر ( وقال أبو علي ) قال أبو عبيدة العرب تقلب حروف المضاعف إلى الياء فيقولون تظنيت وإنما هو تظننت قال العجاج
(
تقضى البازي إذا البازي كسر ** )

وإنما هو تقضض من الإنقضاض ( وقال الأصمعي ) هو تفعل من الإنقضاض فقلب إلى الياء كما قالوا سرية من تسررت ( وقال أبو عبيدة ) رجل ملب وإنما هو من ألببت قال المضرب بن كعب
(
فقلت لها فيئي إليك فإنني ** حرام وإني بعد ذاك لبيب )
بعد ذاك أي مع ذاك ولبيب مقيم وقوله عز وجل { وقد خاب من دساها } إنما هو من دسست ( وقال يعقوب ) سمعت أبا عمرو يقول لم يتسن لم يتغير وهو من قوله { من حمإ مسنون } فقلت لم يتسن من ذوات الياء ومسنون من ذوات التضعيف فقال هو مثل تظنيت ( وقال أبو عبيدة ) التصدية التصفيق وفعلت منه صددت قال الله عز وجل { إذا قومك منه يصدون } أي يعجون وقال أيضا إلا مكاء وتصدية ( وقال العتابي ) قصيت أظفاري بمعنى قصصتها وقال ابن الأعرابي تلعيت من اللعاعة ( وقال أبو علي ) واللعاعة نبت وقال الشاعر
(
رعى غير مذعور بهن وراقه ** لعاع تهاداه الدكادك واعد )
الدكادك ما علا من الأرض وأنشد ابن الأعرابي
(
نزور امرأ أما الإله فيتقي ** وأما بفعل الصالحين فيأتمي )
أراد يأتم فقلب إلى الياء ( وقال الفراء ) ادرعفت الإبل واذرعفت إذا أسرعت
(
وقال أبو عمرو ) ما ذقت عدوفا ولا عذوفا والدحداح والذحذاح بالدال والذال وهو القصير
وقال الأصمعي في قلبه عليه حسيفة وحسيكة اي غدروا عداوة وقال ابن الأعرابي الحسا كد والحسافد الصغار ( وقال الأصمعي ) ذرق الطائر وزرق ( وقال أبو عبيدة )

زبرت الكتاب وذبرته إذا كتبته ( وقال الأصمعي ) زبرته كتبته وذبرته قرأته قراءة خفيفة ( وقال ) قال أعرابي حميري أنا أعرف تزبرتي أي كتابتي ( وقال الأصمعي ) تريع السراب وتريه إذا جاء وذهب
(
قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال بلغني أن ابن السماك قال للفضل بن يحيى وقد سأله رجل حاجة إن هذا لم يصن وجهه عن مسئلته إياك فأكرم وجهك عن ردك إياه فقضى حاجته ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن العتبي قال سأل أعرابي عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى فقال رجل من أهل البادية ساقته الحاجة وانتهت به الفاقة والله سائلك عن مقامي هذا فقال والله ماسمعت كلمة أبلغ من قائل ولا أوعظ لمقول منها ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا الأصمعي عن العلاء بن الفضل بن عبد الملك قال قال خالد بن صفوان لفتى بين يديه رحم الله أباك إن كان ليملأ العين جمالا والأذن بيانا
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قال أكثم بن صيفي خير السخاء ما وافق الحاجة ومن عرف قدره لم يهلك ومن صبر ظفر وأكرم أخلاق الرجال العفو ( قال ) وقرأت على أبي عمر المطرز قال أخبرنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال زعم الثقفي عثمان بن حفص أن خلفا الأحمر أخبره عن مروان بن أبي حفصة أن هذا الشعر لابن أذينة الثقفي
(
ما بال من أسعى لأجبر عظمه ** حفاظا وينوي من سفاهته كسرى )
(
أعود على ذي الذنب والجهل منهم ** بحلمي ولو عاقبت غرقهم بحري )
(
أناة وحلما وانتظارا بهم غدا ** وما أنا بالواني ولا الضرع الغمر )
(
أظن صروف الدهر والجهل منهم ** ستحملهم مني على مركب وعر )


(
ألم تعلموا أني تخاف عرامتي ** وأن قناتي لا تلين على الكسر )
(
وإني وإياهم كمن نبه القطا ** ولو لم ينبه باتت الطير
لا تسري )
(
قال أبو علي ) ويروى وأني وهو جيد ( قال ) وقرأت عليه أيضا قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
(
ومولى على ما رابني قد طويته ** حفاظا وحاربت الذين يحارب )
(
إذا أنت لم تغفر لمولاك أن ترى ** به الجهل أو صارمته وهو عاتب )
(
ولم توله المعروف أوشك أن ترى ** موالي أقوام ومولاك غائب )
(
قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال الغلة خرقة تشد على رأس الإبريق وجمعها غلل والغلة ما تواريت فيه والغلة حرارة الجوف من العطش وغيره ( قال ) وقيل لابنة الخس أي الطعام أثقل قالت بيض نعام وصرى عام إلى عام قيل فأي الطعام أخبث قالت طريثيث مر أبدى عن رأسه القر ( قال ) والطرثوث نبت لا بقل ولا شجر ولا جنبة كأنه من جنس الكماة ينبت مع العضاة والذآنين مع الرمث ( وقالت جارية راعية ) طرثوث ولا عضاء له وذؤنون ولا رمثة له وذكر ولا رجل له ثم قعدت عليه ( وقال أبو العباس ) كان الضب قد دفن نفسه في التراب وأخرج ذكره فقالت هذا القول ثم قعدت عليه وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي قال مر أعرابي بأعرابية تبكي زوجها فقال وما يبكيك لا جمع الله بينك وبينه في الجنة ثم مر بها بعد ذلك فقال يا فلانة رفئيني فإني قد تزوجت فقالت نعم بالبيت المهدوم والطائر المشؤم والرحم المعقوم ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كانت أم كثير الضبية بذية وكان زوجها كذلك فاختصما عند بعض ولاة المياه فقالت له اسكت يا منتن الخصيتين فقال يحق لهما أن يكونا كذلك وهما طبقا عجانك منذ ثلاثين عاما وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قيل لأم كثير كم تزوجت

قالت ثلاثة وكان أبو ابني هذا آخرهم وكان والله مسترخيا ضعيفا فنظر إليها الغلام فقال أبي تذكرين أما والله فلربما رز عجانك رز البيطار حجفلة الحمار ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال دعا بنان الطفيلي لرجل فقال من الله عليك بصحة الجسم وكثرة الأكل ودوام الشهوة ونقاء المعدة ورزقك ضرسا طحونا ومعدة هضوما وسرما نثورا ( قال ) وقرأت على أبي بكر لسعد بن ناشب
(
تفندني فيما ترى من شراستي ** وشدة نفسي أم سعد وماتدري )
(
فقلت لها أن الكريم وان حلا ** ليلفى على حال أمر من الصبر )
(
وفي اللين ضعف والشراسة هيبة ** ومن لا يهب يحمل على مركب وعر )
(
وما بي على من لان لي من فظاظة ** ولكنني فظ أبي على القسر )
(
أقيم صغاذى الميل حتى أرده ** وأخطمه حتى يعود إلى القدر )
(
فإن تعذليني تعذلي بي مرزأ ** كريم نثا الإعسار مشترك اليسر )
(
إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ** وصمم تصميم السريجي ذي الأثر )
(
قال أبو علي ) الأثر فرند السيف وهو رونقه بفتح الهمزة وسكون الثاء ومثله في البناء خلاصة السمن وهو اختيار ابن الأنباري ( قال أبو علي ) والذي أختاره كسر الهمزة كذا قاله الأصمعي وأبو نصر واللحياني وقد اختلف عن أبي عبيد فيه فروى بعضهم الأثر وروى بعضهم الأثر وأنشدوا عنه والأثر والصرب معا كالآصيه بالكسر والفتح والآصية على مثال فاعلة طعام يصنع مثل الحساء بالتمر
والصرب اللبن الحامض ويقال جئت على إثره بكسر الهمزة وسكون الثاء وأثره بفتح الهمزة والثاء ( قال ) وقرأت على أبي بكر قال قرأت على أبي حاتم والرياشي عن أبي زيد قال راجز من قيس
(
بئس الغذاء للغلام الشاحب ** كبداء حطت من صفا الكواكب )
(
أدارها النقاش كل جانب ** حتى استوت مشرقة المناكب )

يعني رحى والكواكب جبال طوال يقطع منها الأرحاء واحدها كوكب وكبداء عظيمة الوسط وشاحب متغير اللون ( قال ) وقرأت على أبي بكر لسعد بن ناشب
(
أخي عزمات لا يزيد على الذي ** يهم به مقطع الأمر صاحبا )
(
إذا هم لم تردع عزيمة همه ** ولم يأت ما يأتي من الأمر هائبا )
(
فيالرزام وشحوا بي مقدما ** إلى الموت خواضا إليه الكتائبا )
(
إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ** ونكب عن ذكر الحوادث جانبا )
(
ولم يستشر في رأيه غير نفسه ** ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا )
(
قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال السنة واللؤمة الحديدة التي تشق بها الأرض والسخين المر
(
وقال ) خلط يخلط خلطا وأخلط إذا غضب وأنشد
(
لكل امري شكل يقر بعينه ** وقرة عين الفسل أن يصحب الفسلا )
(
وتعرف في جود امرئ جود خاله ** وينذل أن تلقى أخا أمه نذلا )
(
قال ) وأنشدني أبو عمر قال أنشدنا أبو العباس
(
عليك الخال إن الخال يسري ** إلى ابن الأخت بالشبه المبين )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله في خبر طويل وصله لنابه
(
جزى الله جوابا وعمرا ونائلا ** جزاء الوصول المنعم المتفضل )
(
هم خلطوني بالنفوس وأكرموا الثواء وجادوا بالسوام المؤبل ** )
(
ولم يسأموا مثواي سبعا كواملا ** كأني فيهم بين أهلي ومحفلي )
(
سأوليهم شكرا يكون كفاءما ** بلوني به ما بل ريقي مقولى )
(
رأيت بني الهصار سادت جدودهم ** لهم شرف يرنوا إلى النجم من عل )
(
هم خير من يمشى على الأرض معشرا ** لجار جنيب أو لضيف محول )


(
إذا طانبت أبياتهم بيت جارهم ** فقد حل حيث العصم من فرع يذبل )
(
معاقلهم في يوم كل كريهة ** قواضب تقضي بالحمام المعجل )
(
مغايير دون المحصنات إذا بدت ** كواكب صبح تحت ظلماء قسطل )
(
إذا البطل المرهوب سطوة بأسه ** تقى الروع يوما بالنجاء الهمرجل )
(
ألاذت بأحقيهم بنوا لحرب في الوغى ** فكانوا لهم ملموت أمنع معقل )
(
بمجدكم آليت أن أكفكم ** على الناس أجرى من رواجس هطل )
(
وإن لكم في ذروة المجد سورة ** تقاصر عنها كل بدء مرفل )
(
قال أبو علي ) القسطل الغبار والهمرجل السريع وأحقيهم جمع حقو والبدء السيد قال أوس بن مغراء
(
ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم ** وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا )
(
قال أبو علي ) الثني والثنيات دون السيد وقد ذكرنا الإختلاف فيه واشتقاقه في كتابنا المقصور والممدود والمرفل المعظم قال الشاعر
(
إذا نحن رفلنا امرأ ساد قومه ** وإن كان فيهم سوقة ليس يعرف )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدني أبي رحمه الله لقيس بن ذريح
(
لو أن امرأ أخفى الهوى من ضميره ** لمت ولم يعلم بذاك ضمير )
(
ولكن سألقى الله والنفس لم تبح ** بسرك والمستخبرون كثير )
(
قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد
(
ومستخبر عن سر ريارددته ** بعمياء من ريا بغير يقين )
(
فقال ائتمني انني ذو أمانة ** وما أنا أن خبرته بأمين )
(
قال ) وقرأت عليه لمسكين
(
وفتيان صدق لست مطلع بعضهم ** على سر بعض كان عندي جماعها


(
لكل امرئ شعب من القلب فارغ ** وموضع نجوى لا يرام اطلاعها )
(
يظلون شتى في البلاد وسرهم ** إلى صخرة أعيا الرجال انصداعها )
(
قال ) وقرأت على أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه قال قيل لأعرابي كيف كتمانك للسر قال أجحد المخبر وأحلف للمستخبر ( قال ) وقرأت على أبي بكر في شعر قيس بن الخطيم
(
أجود بمضنون التلاد وإنني ** بسرك عمن سالني لضنين )
(
إذا جاوز الإثنين سر فإنه ** بنث وتكثير الحديث قمين )
(
وإن ضيع الإخوان سرا فإنني ** كتوم لأسرار العشير أمين )
(
يكون له عندي إذا ما ضمنته ** مكان بسوداء الفؤاد كنين )
ويروى
(
إذا ما ائتمنته ** مقر بسوداء الفؤاد كنين )
(
سلى من جليسي في الندي وما لقى ** ومن هو لي عند الصفاء خدين )
(
وأي أخي حرب إذا هي شمرت ** ومدره خصم يا نوار أكون )
ويروى عند ذاك أكون
(
وهل يحذر الجار الغريب فجيعتي ** وخوني وبعض المقرفين خؤون )
(
وما لمعت عيني لغرة جارة ** ولا ودعت بالذم حين تبين )
(
أبى الذم آباء نمتني جدودهم ** وفعلى بفعل الصالحين معين )
(
فهذا كما قد تعلمين وإنني ** لجلد على ريب الخطوب متين )
(
وإني لأعتام الرجال بخلتي ** أولي الرأي في الأحداث حين تحين )
(
فأبري بهم صدري وأصفي مودتي ** وسرك عندي بعد ذاك مصون )
(
أمر على الباغي ويغلظ جانبي ** وذو الود أحلولي له وألين )


(
قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال طاروا عباديد وأباديد أي متفرقين ويقال هاث فيه وعاث إذا أفسد وأخذ الشيء بغير رفق ويقال بط فلان جرحه وبجه وأنشد
(
لجاءت كأن القسور الجون بجها ** عسا ليجه والثامر المتناوح )
القسور نبت والجون الذي يضرب إلى السواد من شدة خضرته والعساليج جمع عسلوج وهي هنات تنبسط على الأرض مثل العروق ( قال أبو علي ) والعساليج أيضا أغصان الشجر واحدها عسلوج والثامر الذي نضج ثمره والمثمر أول ما يطلع قبل أن ينضج والمتناوح المتقابل ويقال نبض العرق ينبض ونبد ينبد إذا ضرب
ويقال مرث خبزه في الماء ومرده ومرثت الشيء ومردته إذا لينته بيدك وكل شيء مرث فقد مرد قال النابغة الجعدي
(
فلما أبى أن ينقص القود لحمه ** رفعت المريذ والمريد ليضمرا )
ويقال ارمد وارقد إذا مضى على وجهه ( قال أبو علي ) يريد أنه أسرع قال ذو الرمة يصف ظليما
(
يرقد في ظل عراص ويتبعه ** حفيف نافجة عثنونها حصب )
العراص والعرات المضطرب والنافجة أول كل ريح تبدو بشدة والفودج والهودج والزحاليف والزحاليق أثر تزلج الصبيان من فوق إلى أسفل فأهل العالية يقولون زحلوفة وزحاليف وتميم ومن يليهم من هوازن يقولون زحلوقة وزحاليق والمحتد والمحفد أصل كل شيء وعكرة اللسان وعكدته أصله ومعظمه والهزف والهجف الجافي


ويقال استوثق من المال واستوثج إذا استكثر والمأص والمعص من الإبل البيض التي قد قارفت الكرم واحدتها مأصة ومعصة هذا قول أبي بكر بن دريد رحمه الله فأما يعقوب واللحياني فقالا المغص بالغين المعجمة ويقال شاكله وشاكهه وتفكه وتفكن إذا تندم ويقال عليه أمشاج من غزل وأوشاج من غزل أي داخلة بعضها في بعض ويقال ملقة بالسوط وولقه إذا ضربه ( قال أبو عبيدة ) يقال هو قادر رمح وقاب رمح أي قدر رمح ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ما أقرن شيء إلى شيء أفضل من علم إلى حلم ومن عفو إلى مقدرة ( قال ( وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال بلغني أن لقمان الحكيم كان يقول ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواطن الحليم عند الغضب والشجاع عند الحرب وأخوك عند حاجتك إليه ( قال ) وحدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال بعض الحكاء أحزم الملوك من ملك جده هزله ورأيه هواه وأعرب عن ضميره فعله ولم يخدعه رضاه عن حظه ولا غضبه عن كيده ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا العكلى عن أبي خالد عن الهيثم قال قدم حكيم من حكماء أهل فارس على المهلب فقال أصلح الله الأمير ما أشخصتني الحاجة وما قنعت بالمقام ولا أرضى منك بالنصف إذ قمت هذا المقام قال ولم ذلك قال لأن الناس ثلاثة غني وفقير ومستزيد فالغني من أعطي ما يستحقه والفقير من منع حقه والمستزيد الذي يطلب الفضل بعد الغنى وإني نظرت في أمرك فرأيت أنك قد أديت إلي حقي فتاقت نفسي إلى استزادتك فإن منعتني فقد أنصفتني وإن زدتني زادت نعمتك علي فاعجب المهلب كلامه وقضى حوائجه ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال حدثني عمارة بن عقيل قال حدثني أبي يعني عقيل ابن بلال قال سمعت أبي يعني بلال بن جرير يقول سمعت جريرا يقول دخلت على بعض خلفاء بني أمية فقال ألا تحدثني عن الشعراء فقلت بلى قال فمن أشعر الناس قلت ابن

العشرين يعني طرفة قال فما تقول في ابن أبي سلمى والنابغة قلت كانا ينيران الشعر ويسديانه قال فما تقول في امرئ القيس بن حجر قلت اتخذ الخبيث الشعر نعلين يطؤهما كيف شاء قال فما تقول في ذي الرمة قلت قدر من الشعر على ما لم يقدر عليه أحد قال فما تقول في الأخطل قلت ما باح بما في صدره من الشعر حتى مات قال فما تقول في الفرزدق قلت بيده نبعة الشعر قابضا عليها قال فما أبقيت لنفسك شيأ قلت بلى والله يا أمير المؤمنين أنا مدينة الشعر التي يخرج منها ويعود إليها ولأنا سبحت الشعر تسبيحا ما سبحه أحد قبلي قال وما التسبيح قلت نسبت فأطرفت وهجون فأرذيت ومدحت فأسنيت ورملت فأغزرت ورجزت فأبحرت فأنا قلت ضروبا من الشعر لم يقلها أحد قبلي ( قال أبو علي ) كذا أملي علينا أرذيت وهو صحيح ومعناه أسقطت لأنه هاجي في زمانه عدة من الشعراء فأسقطهم غير الفرزدق والرذية الساقطة من الإبل من الهزال أو من الإعياء ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال أنشدنا إبراهيم بن المنذر الحزامي
(
فإنك لن ترى طردا لحر ** كإلصاق به طرف الهوان )
(
ولم تجلب مودة ذي وفاء ** بمثل البرأ ولطف اللسان )
(
قال ) وأنشدنا أيضا أبو العباس
(
وجاءت للقتال بنو هليك ** فسحي يا سماء بغير قطر )
(
قال أبو العباس ) هؤلاء قوم استعظم الشاعر مجيئهم للقتال وصغر شأنهم عنده فقال فسحى يا سماء بغير قطر يعني بدم لا بقطر ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال يقال وشع في الجبل يشع وشوعا ووقل يقل وقولا وسند يسند سنودا وتوقل وتوشع إذا صعد في الجبل وأنشد لشيخ من بني منقذ
(
ويلمها لقحة شيخ قد نحل ** أبي جوار دردق مثل الحجل )


(
حوساء في السهل وشوع في الجبل ** في الصيف حسي وهي في المشتى وشل )
(
قال أبو علي ) الدردق الصغار والحوساء الشديدة الأكل وقوله في الصيف حسى أي هي غزيرة لا ينقطع لبنها وفي المشتى وشل أي إذا انقطعت ألبان الإبل فلبنها يسيل كما يسيل الماء من أعلى الجبل والوشل ما يخرج بين الحجارة قليلا قليلا فشبه لبنها به ( قال ) وقرأت عليه قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال يقال دبح ودبخ ودربح ودربخ إذا ذل
(
قال ) والجد والجدة والجد شاطئ النهر ( وقال ) سيف باتر وبتور وباضك وبضوك أي قاطع
(
وقال ) لا يبضك الله يده ( قال ) وحدثني أبو يعقوب وراق أبي بكر بن دريد وكان من أهل العلم قال أخبرني مسبح بن حاتم قال أخبرنا سليمان بن أبي شيخ قال حدثنا يحيى بن سعيد الأموي قال تزوج رجل من أهل تهامة امرأة من أهل نجد فأخرجها إلى تهامة فلما أصابها حرها قالت ما فعلت ريح كانت تأتينا ونحن بنجد يقال لها الصبا قال يحبسها عنك هذان الجبلان فأنشدت
(
أيا جبلى نعمان بالله خليا ** نسيم الصبا يخلص إلي نسيمها )
(
أجد بردها أو تشف مني حرارة ** على كبد لم يبق إلا صميمها )
(
فإن الصباريح إما ما تنسمت ** على نفس مهموم تجلت همومها )
(
قال ) وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى لعلي بن الغدير الغنوي
(
فذو الرأي منا مستقاد لأمره ** وشاهدنا قاض على من تغيبا )
(
إذا غضب المولى لهم غضب الحصى ** فلم تر أثرى من حصاهم وأصلبا )
(
أبى لي أني لن أعير والدا ** دنيا ولم يذمم فعالي فأقصبا )
(
ولم أنتسب يوما سوى الأصل أبتغي ** به مأكلا يدني لذل ومشربا )
(
ولم تضرب الأرض العريضة فرجها ** على بأسباب إذا رمت مذهبا )


(
وهلك الفتى أن لا يراح إلى الندى ** وأن لا يرى شيا عجيبا فيعجبا )
(
قال أبو علي ) أقصب أشتم واصل القصب القطع ومنه قيل للجزار قصاب ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي
(
يا قلب إنك من أسماء مغرور ** فاذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير )
(
تأتي أمور فما تدري أعاجلها ** خير لنفسك أم ما فيه تأخير )
(
فاستقدر الله خيرا وارضين به ** فبينما العسر إذا دارت مياسير )
(
وبينما المرء في الأحياء مغتبطا ** إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير )
(
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه ** وذو قرابته في الحي مسرور )
(
حتى كأن لم يكن إلا تذكره ** والدهر أيتما حال دهارير )
(
قال أبو علي ) الأعاصير جمع إعصار والإعصار الريح تثير الغبرة ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال أملى علينا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لرافع بن هريم اليربوعي
(
وصاحب السوء كالداء الغميض إذا ** يرفض في الجوف يجري ههنا وهنا )
(
يبدي ويظهر عن عورات صاحبه ** وما رأي من فعال صالح دفنا )
(
كمهر سوء إذا سكنت سيرته ** رام الجماح وإن رفعته سكنا )
(
إن عاش ذاك فأبعد عنك منزلة ** أو مات ذاك فلا تقرب له جننا )
(
قال أبو علي ) يقال غمض وغمض فمن قال غمض قال في الفاعل غميض ومن قال غمض قال في الفاعل غامض والجنن والريم والرمس والجدث والجدف القبر ( قال ) وقرأت عليه قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
(
وإذا صاحبت فاصحب ما جدا ** ذا عفاف وحياء وكرم )
(
قوله للشيء لا إن قلت لا ** وإذا قلت نعم قال نعم )
(
قال ) وقرأت عليه قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال قيل لأعرابي أيما أحب إليك الخبز أو التمر فقال التمر حلو وما عن الخبز مصبر
قال ومضى هذا الأعرابي الذي قال التمر

حلو ثم عاد فقيل له مالك عدت فقال إن الذئب لا يدع غيطا شبع فيه ( قال ) وحدثنا أبو بكر ابن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال نزل رجل من العرب في قوم عدى فأساؤا عشرته فقيل له كيف وجدت جيرتك فقال يغتابنا أقصاهم ويكذب علينا أدناهم ويكثرون لدنيا نجواهم ويكشفون علينا خصاهم ( قال ) وحدثني أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال قرأ امام والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ثم أرتج عليه فقال أعرابي من خلفه إنك يا امام ما علمت لفعول لما تحيرت فيه ( قال ) وأنشدنا ابو بكر
(
وكنا كغصني بانة ليس واحد ** يزول على الحالات عن رأي واحد )
(
تبدل بي خلا فخاللت غيره ** وخليته لما أراد تباعدي )
(
ولو أن كفي لم تردني أبنتها ** ولم يصطحبها بعد ذلك ساعدي )
(
ألا قبح الرحمن كل مماذق ** يكون أخا في الخفض لا في الشدائد )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال أنشدنا عبد الله بن شبيب
(
طرقتك بين مسبح ومكبر ** بحطيم مكة حيث كان الأبطح )
(
فحسبت مكة والمشاعر كلها ** ورحالنا باتت بمسك تنفح )
(
قال ) وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
(
خبروها بأنني قد تزوجت فظلت تكاتم الغيظ سرا )
(
ثم قالت لأختها ولأخرى ** جزعا ليته تزوج عشرا )
(
وأشارت إلى نساء لديها ** لا ترى دونهن للسر سترا )
(
ما لقلبي كأنه ليس مني ** وعظامي إخال فيهن فترا )
(
من حديث نمي إلي فظيع ** خلت في القلب من تلظية جمرا )


(
قال ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو عثمان الأشنانداني
(
بئس قرينا يفن هالك ** أم عبيد وأبو مالك )
(
قال ) أم عبيد المفازة وأبو مالك الكبر وأنشد
(
أبا مالك أن الغواني هجرنني ** أبا مالك إني أظنك دائبا )
(
قال أبو علي ) قال الأصمعي يقال قرطاط وقرطان وحجر أصر وحجر أير إذا كان صلادا صلبا ويقال اغبن من ثوبك واخبن واكبن ويقال للناس والدواب إذا مروا يمشون مشيا ضعيفا مروا يدبون دبيبا ويدجون دجيجا ويقال أقبل الحاج والداج فالحاج الذين يحجون والداج الذين يدجون في أثر الحاج ويقال للرجل والدانة إذا تعود الأمر قد جرن عليه يجرن جرونا ومرن عليه يمرن مرونا ومرانة ( وقال أبو عبيدة ) ريح ساكرة وساكنة والزور والزون كل شيء يتخذ ربا ويعبد وأنشد
(
جاؤا بزوريهم وجئنا بالأصم ** ) وكانوا جاؤا ببعيرين فعقلوهما وقالوا لا نفر حتى يفر هذان فعابهم بذلك وجعلهما ربين لهم ( قال أبو علي ) قال أبو عمرو الشيباني المغطغطة والمغطمطة القدر الشديدة الغليان ( وحكى الفراء ) عن امرأة من بني أسد أنها قالت جاءنا سكران ملتكا في معنى جاء ملتخا وهو اليابس من السكر ( وقال ابن الأعرابي ) شيخ تاك وفاك وقحر وقحم ( قال أبو علي ) قال الأصمعي من أمثال العرب ( أشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا ) يضرب مثلا للأمرين يشتبهان ويفترقان في شيء
وذكر أهل البادية أن لقمان بن عاد قال للقيم بن لقمان أقم ههنا حتى أنطلق إلى الإبل فنحر لقيم جزورا فأكلها ولم يخبأ للقمان فخاف لائمته فحرق ما حوله من السمر الذي بشرج ( وشرج واد ) ليخفى المكان فلما جاء لقمان جعلت الإبل تثير باخفافها الجمر فعرف لقمان المكان وأنكر ذهاب السمر فقال أشبه شرج شرجا لو أن أسيمرا
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبى قال كتب عمر بن عبد العزيز الوراق رحمه الله إلى أبي

بكر بن حزم إن الطالبين الذين أنجحوا والتجار الذي ربحوا هم الذين اشتروا الباقي الذي يدوم بالفاني المذموم فاغتبطوا ببيعهم وأحمدوا عاقبة أمرهم فالله الله وبدنك صحيح وقلبك مريح قبل أن تنقضي أيامك وينزل بك حمامك فإن العيش الذي أنت فيه يتقلص ظله ويفارقه أهله فالسعيد الموفق من أكل في عاجله قصدا وقدم ليوم فقره ذخرا وخرج من الدنيا محمودا قد انقطع عنه علاج أمورها وصار إلى الجنة وسرورها ( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله عن أحمد بن يحيى النحوي لأبي حية النميري ( قال أبو علي ) وقرأت البيتين الأولين على أبي محمد عبد الله بن جعفر عن أبي العباس محمد بن يزيد النحوي
(
ألا حي من أجل الحبيب المغانيا ** لبسن البلى لما لبسن اللياليا )
(
إذا ما تقاضى المرء يوم وليلة ** تقاضاه شيء لا يمل التقاضيا )
(
حنتك الليالي بعدما كنت مرة ** سوي العصا لو كن يبقين باقيا )
(
قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد قال قرأت على أبي حاتم والرياشي عن أبي زيد عن المفضل الضبي للربيع بن ضبع الفزاري
(
أقفر من مية الجريب إلى الزجين إلا الظباء والبقرا )
(
كأنها درة منعمة ** من نسوة كن قبلها دررا )
(
أصبح مني الشباب مبتكرا ** إن ينأ عني فقد ثوى عصرا )
(
فارقنا قبل أن نفارقه ** لما قضى من جماعنا وطرا )
(
أصبحت لا أحمل السلاح ولا ** أملك رأس البعير إن نفرا )
(
والذئب أخشاه ان مررت به ** وحدي وأخشى الرياح والمطرا )
(
من بعدما قوة أسر بها ** أصبحت شيخا أعالج الكبرا )
(
ها أنا ذا آمل الخلود وقد ** أدرك عمري ومولدي حجرا )
(
أبا امرئ القيس قد سمعت به ** هيهات هيهات طال ذا عمرا )
(
وقال الأصمعي ) تسلع جلده وتزلع إذا تشقق قال الراعي


(
وغملى نصي بالمتان كأنها ** ثعالب موتى جلدها قد تسلعا )
ويروى قد تزلعا ويقال ضربه فسلع رأسه أي شقه ويقال خسق السهم وخزق إذا قرطس وسهم خازق وخاسق ويقال مكان شأز وشأس وهو الغليظ ويقال نزغه ونسغه وندغه إذا طعنه بيدأ ورمح
(
وقال غيره ) الشازب والشاسب الضامر
(
وقال الأصمعي ) الشازب الضامر وإن لم يكن مهزولا والشاسب والشاسف الذي يبس ( قال ) وسمعت أعرابيا يقول ما قال الحطيئة أينقا شزنا إنما قال اعنزا شسبا ( قال ) ويروى بيت أبي ذؤيب
(
أكل الجميم وطاوعته سمحج ** مثل القناة وأزعلته الأمرع )
ويروى وأسعلته أي أنشطته والزعل النشاط ( وقال أبو عبيدة ) يقال معجس القوس وعجس وعجس ومعجز وعجز وعجز للمقبض ( قال أبو علي ) اللغويون يذهبون إلى أن جميع ما أمليناه إبدال وليس هو كذلك عند علماء أهل النحو وإنما حروف الإبدال عندهم إثنا عشر حرفا تسعة من حروف الزوائد وثلاثة من غيرها فأما حروف الزوائد فيجمعها قولنا ( اليوم تنساه ) وهذا عمله أبو عثمان المازني وأما حروف البدل فيجمعها قولنا طال يوم أنجدته وهذا أنا عملته فالطاء تبدل من التاء في افتعل إذا كانت بعد الضاد نحو قولك اضطهد وكذلك إذا كانت بعد الصاد في مثل اصطبر وبعد الظاء أيضا في افتعل والألف تبدل من الياء والواو إذا كانتا لامين في مثل رمى وغزا وإذا كانتا عينين في مثل نام وقام وألعاب والماء
وإذا كانت الواو فاء في ياجل وأشباهه وتكون بدلا من التنوين في الوقف في حال النصب مثل رأيت زيدا وبدلا من النون الخفيفة في الوقف إذا كان ما قبلها مفتوحا نحو قولك اضربا وقد أبدلوا اللام من النون فقالوا أصيلال وإنما هو

أصيلان والياء تبدل من الواو فاء وعينا نحو ميزان وقيل وتبدل من الألف والواو في النصب والجر في مسلمين ومسلمين
ومن الواو والألف في بهاليل وقراطيس وما أشبههما إذا حقرت أو جعت وتبدل من الواو إذا كانت عينا نحولية وتبدل من الألف في الوقف في لغة من يقول أفعى وحبلى وقد أبدلوا من الهمزة فقالوا في قرأت قريت وتبدل من الحرف المدغم نحو قيراط ألا تراهم قالوا قريريط ودينار ألا تراهم قالوا دنينير وتبدل من الواو اذا كانت لا ما في مثل قصبا ودنيا وتبدل من الواو في مثل غاز ونحوه وتبدل من الواو في شقيت وعنيت وأشباههما والواو تبدل من الياء في موقن وموسر ونحوهما
وتبدل من الياء في غموي ورحوي إذا نسبت إلى عمى ورحى وتبدل من الياء إذا كانت عينا في كوسى وطوبى ونحوهما وتبدل من الياء إذا كانت لاما في شروى وتقوى ونحوهما وتبدل مكان الألف في الوقف في لغة من يقول أفعو وحبلو كما أبدل مكانها الياء من كانت لغته أفعى وحبلى وبعض العرب يجعل الواو والياء ثابتتين في الوقف والوصل
وتبدل من الألف في ضورب وتضورب ونحوهما وضويرب ودوينق في ضارب ودانق وضوارب ودوانق إذا جمعت ضاربا ودانقا وتبدل من ألف التأنيث الممدودة إذا أضيفت أو ثنيت فقلت حمراوان وحمراوي وتبدل من الياء في فتق وفتوة يريد جمع الفتيان وذلك قليل كما أبدلوا الياء مكان الواو في عتي وعصي وتكون بدلا من الهمزة المبدلة من الياء والواو في التثنية والإضافة نحو كساوان وغطاوي والميم تبدل من النون في العنبر وشنباء ونحوهما إذا سكنت وبعدها باء وقد أبدلت من الواو في فم وذلك قليل كما أن إبدال الهمزة من الهاء بعد الألف في ماء ونحوه قليل والهمزة تبدل من الواو والياء إذا كانتا لامين في قضاء وشقاء ونحوهما وإذا كانت الواو عينا في أدؤر وأنؤر والسؤر ونحو ذلك
وإذا كانت فاء نحو أجوه وإسادة وأوعد والنون تكون بدلا من الهمزة

في فعلان فعلى كما أن الهمزة بدل من ألف حمراء والجيم تكون بدلا من الياء المشددة في الوقف نحو علج وعوفج يراد علي وعوفي والدال تكون بدلا من التاء في افتعل إذا كانت بعد الزاي في مثل ازدجر ونحوها والتاء تكون بدلا من الواو إذا كانت فاء نحو اتعد واتهم واتلج وتراث وتجاه ونحو ذلك ومن الياء في افتعلت من يئست ونحوها
وقد أبدلت من الدال والسين في ست وهذا قليل وأبدلت من الياء إذا كانت لاما في أسنتوا وهو قليل أيضا والهاء تبدل من التاء التي يؤنث بها الإسم في الوقف نحو طلحة وما أشبهها وتبدل من الهمزة في هرقت وهمرت وقد أبدلت من الياء في هذه وذلك في كلامهم قليل كما أن تبيين الحركة بالألف قليل إنما جاء في أنا وحيهلا ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا العكلي عن ابن أبي خالد عن الهيثم قال أخبرنا ابن عياش قال قال مروان بن زنباع العبسي وهو مروان القرط يا بني عبس احفظوا عني ثلاثا اعلموا أنه لم ينقل أحد إليكم حديثا إلا نقل عنكم مثله وإياكم والتزويج في بيوتات السوء فإن له يوما ناجثا واستكثروا من الصديق ما قدرتم واستقلوا من العدو فإن استكثاره ممكن ( قال أبو علي ) الناجث الحافر والنجيثة ما يخرج من تراب البئر ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي وعن العتبي أيضا قالا قال مسلم بن قتيبة لا تطلبن حاجتك إلى واحد من ثلاثة لا تطلبها إلى الكذاب فإنه يقربها وهي بعيدة ويبعدها وهي قريبة ولا تطلبها إلى الأحمق فإنه يريد أن ينفعك وهو يضرك ولا تطلبها إلى رجل له عند قوم مأكلة فإنه يجعل حاجتك وقاء لحاجته ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت رجلا في حلقة أبي عمرو بن العلاء يقول قال الحسن لإبنه يا بني إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول وتعلم حسن الإستماع كما تتعلم حسن الصمت ولا تقطع على أحد حديثا وان طال حتى يمسك ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال رجل لإبنه يا بني لا تلاحين حكيما ولا تجاورن

لجوجا ولا تعاشرن ظلوما ولا تواخين متهما ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لرجل كانت تنحي امرأته ابنه عنه
(
أزحنة عني تطردين تبددت ** بلحمك طير طرن كل مطير )
(
قفي لا تزلي زلة ليس بعدها ** جبور وزلات النساء كثير )
(
فإني وإياه كرجلي نعامة ** على كل حال من غني وفقير )
(
قال ) كرجلي نعامة في اتفاقنا وأنا لا نختلف قال وليس شيء من البهائم إلا وهو إن انكسرت إحدى رجليه انتفع بالأخرى إلا النعامة وقال غير ابن الأعرابي لأنه لا مخ لها ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري ( قال ) حدثني أبي عن الطوسي قال كانت لعمرو بن شاس امرأة من رهطه يقال لها أم حسان بنت الحرث وكان له ابن يقال له عرار من أمة له سوداء فكانت تعيره به وتؤذي عرارا ويؤذيها وتشتمه ويشتمها فلما أعيت عمرا بالأذى والمكروه في ابنه قال الكلمة التي فيها هذه الأبيات ( قال ) وقال ابن الأعرابي قالها في الإسلام وهو شيخ كبير
(
ألم يأتها أني صحوت وأنني ** تحلمت حتى ما أعارم من عرم )
(
وأطرقت اطراق الشجاع ولو رأى ** مساغا لنابيه الشجاع لقد أزم )
(
فإن عرارا إن يكن غير واضح ** فإني أحب الجون ذا منكب العمم )
(
وإن عرارا إن يكن ذا شكيمة ** تقاسينها منه فما أملك الشيم )
(
أردت عرارا بالهوان ومن يرد ** عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم )
(
فإن كنت مني أو تريدين صحبتي ** فكوني له كالسمن رب له الأدم )
(
وإلا فسيري مثل ما سار راكب ** تيمم خمسا ليس في سيره يتم )
ويروى خمسا يريد خمسة أيام وإنما أسقط الهاء من خمسة لأنه لم يذكر الأيام كما تقول صمنا من الشهر خمساتر يد خمسة أيام ( قال أبو علي ) يقال عرم الغلام يعرم عرما وغلام عارم

وغلمان عرام وعرمة وقال ابن الأعرابي العرم وضر القدر ووسخها
(
وقال غيره ) العرام العراق من اللحم والعمم الطول والعميم الطويل فوصفه بالعمم وهو المصدر كما قالوا رجل عدل أي عادل واليتم والأتم الإبطاء وقال الطوسي اليتم الغفلة ومنه أخذ اليتيم ( قال أبو علي ) كأنه يذهب إلى أنه أغفل فضاع وأما غيره فيقول اليتيم الفرد ويتم إذا انفرد ومنه الدرة اليتيمة ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد
(
أنزلني الدهر على حكمه ** من شاهق عال إلى خفض )
(
وغالني الدهر بوفر الغنى ** فليس لي مال سوى عرضي )
(
لولا بنيات كزغب القطا ** أجمعن من بعض إلى بعض )
(
لكان لي مضطرب واسع ** في الأرض ذات الطول والعرض )
(
وإنما أولادنا بيننا ** أكبادنا تمشي على الأرض )
(
قال ) وقرأت عليه لمعن بن أوس
(
رأيت رجالا يكرهون بناتهم ** وفيهن لا نكذب نساء صوالح )
(
وفيهن والأيام يعثرن بالفتى ** عوائد لا يمللنه ونوائح )
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن أشياخه قال كل ما في العرب عدس بفتح الدال الأعدس بن زيد فإنه بضمها وكل ما في العرب سدوس بفتح السين إلا سدوس بن أصمع في طي وكل ما في العرب فرافصة بضم الفاء إلا فرافصة أبا نائلة امرأة عثمان بن عفان رضي الله عنه وكل ما في العرب ملكان بكسر الميم إلا ملكان ابن حزم بن زبان فإنه بفتحها وكل ما في العرب أسلم بفتح الهمزة واللام إلا أسلم بن الحكم من قضاعة ( قال ) وأنشدنا أبو الحسن الأخفش قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى


(
بكل بلاد أم بكل مظنة ** أخو أمل منا يحاول مطمعا )
(
كأنا خلقنا للنوى وكأنما ** حرام على الأيام أن نتجمعا )
(
قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لقطري بن الفجاءة
(
لا يركنن أحد إلى الإحجام ** يوم الوغى متخوفا لحمام )
(
فلقد أراني للرماح دريئة ** من عن يميني مرة وأمامي )
(
حتى خضبت بما تحدر من دمي ** أكناف سرجي أو عنان لجامي )
(
ثم انصرفت وقد أصبت ولم أصب ** جذع البصيرة قارح الإقدام )
(
قال أبو علي ) الدريئة مهموزة الحلقة التي يتعلم عليها الطعن وهي فعيلة بمعنى مفعولة من درأت أي دفعت والدرية غير مهموزة دابة أو جمل يستتر به الصائد فيرمى الصيد وهو من دريت أي ختلت وقال الشاعر
(
فإن كنت لا أدري الظباء فأنني ** أدس لها تحت التراب الدواهيا )
وبنوه على مثال خديعة إذ كان في معناها وقوله أكناف سرجي أو عنان لجامي أرادو عنان لجامى وقوله جذع البصيرة أي فتي الإستبصار أي وأنا على بصيرتي الأولى وقوله قارح الإقدام أي متناه في الإقدام ( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة
(
لئن درست أسباب ما كان بيننا ** من الود شوقي إليك بدارس )
(
وما أنا من أن يجمع الله بيننا ** على خير ما كنا عليه بيائس )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا عبد الله بن خلف قال حدثنا أبو جابر محرز بن جابر قال حدثنا أبي قال أرسلت أم جعفر زبيدة إلى أبي العتاهية أن يقول على لسانها أبياتا يستعطف بها المأمون فتأبى ثم أرسل إليها هذه الأبيات


(
ألا إن صرف الدهر يدنى ويبعد ** ويمتع بالألاف طورا ويفقد )
(
أصابت بريب الدهر مني يدي يدي ** فسلمت للأقدار والله أحمد )
(
وقلت لريب الدهران هلكت يد ** فقد بقيت والحمد الله لي يد )
(
إذا بقي المأمون لي فالرشيد لي ** ولي جعفر لم يفقدا ومحمد )
فلما قرأها المأمون استحسنها وسأل عن قائلها فقيل أبو العتاهية فأمر له بعشرة آلاف درهم وعطف على زبيدة وزاد في تكرمتها وأثرتها ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال قال موسى شهوات يهجو عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر ويمدح عمر بن موسى بن طلحة بن عبيد الله
(
تباري ابن موسى يا ابن موسى ولم تكن ** يداك جميعا تعدلان له يدا )
(
تباري امرأ يسرى يديه مفيدة ** ويمناهما تبني بناء مشيدا )
(
فإنك لم تشبه يداك ابن معمر ** ولكنما أشبهت عمك معبدا )
(
وفيك وإن قيل ابن موسى بن معمر ** عروق يدعن المرء ذا المجد قعددا )
(
ثلاثة أعراق فعرق مهذب ** وعرقان شاناما أصابا فأفسدا )
(
قال أبو بكر ) وكان معبد مولى وكان أخا أبيه لأمه وله حديث قد ذكره أبو عبيدة في المثالب ( قال أبو علي ) القعدد والقعدد لغتان اللئيم الأصل والإقعاد قلة الأجداد والإطراف كثرة الأجداد كلاهما مدح ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه
(
لعمرك ما حق امرئ لا يعد لي ** على نفسه حقا علي بواجب )
(
وما أنا للنائي علي بوده ** بودي وصافي خلتي بمقارب )
(
ولكنه إن مال يوما بجانب ** من الصد والهجران ملت بجانب )
(
قال ) وأملى علينا أبو الحسن الأخفش قال كتب محمد بن مكرم إلى أبي العيناء أما بعد

فإني لا أعرف للمعروف طريقا أوعر ولا أحزن من طريقه إليك ولا مستودعا أقل زكاة وأبعد غنما من خير يحل عندك لأنه يصير منك إلى دين ردي ولسان بذي وجهل قد ملك عليك طباعك فالمعروف لديك ضائع والصنيعة عندك غير مشكورة وإنما غرضك من المعروف أن تحرزه وفي مواليه أن تكفره ( قال ) وقرأت على أبي بكر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال من أمثال العرب ( لا أخاف إلا من سيل تلعتي ) أي إلا من بني عمي وقرابتي ( قال ) والتلعة مسيل الماء إلى الوادي لأن من نزل التلعة فهو على خطر أن جاء سيل جرف بهم وقال هذا وهو نازل بالتلعة أي لا أخاف إلا من مأمني ( قال أبو علي ) وسألت أبا بكر بن دريد عن المثل الذي تضربه العرب لمن جازى صاحبه بمثل فعله وهو قولهم ( يوم بيوم الحفض المجور ) فقال أصل هذا المثل أن أخوين كان لأحدهما بنون ولم يكن للآخر ولد فوثبوا على عمهم فجور وابيته أي ألقوه بالأرض ثم نشأ للآخر بنون فوثبوا على عمهم فجوروا بيته فشكا ذلك إلى أخيه فقال بيوم الحفض المجور ( قال أبو علي ) والحفض متاع البيت والحفض أيضا البعير الذي يحمل عليه متاع البيت وإنما سمى حفضا لأنه منه بسبب والعرب تسمى الشيء باسم الشيء إذا كان منه بسبب ولذلك قيل للجلد الذي يحمل فيه الماء راوية وإنما الراوية البعير الذي يستقي عليه وينشد بيت عمرو بن كلثوم على وجهين
(
ونحن إذا عماد البيت خرت ** على الأحفاض نمنع من يلينا )
(
ويروى عن الأحفاض فمن روى على أراد متاع البيت ومن روى عن أراد الجمل الذي يحمل عليه متاع البيت ( قال أبو علي ) قال أبو نصر هجرت فلانا أهجره هجرانا وهجرا إذا تركت كلامه وهجر الرجل في منامه يهجر هجر إذا هذى وتكلم في منامه
وأهجر يهجر إهجارا وهجرا إذا قال هجرا أي فحشا وكلا ما قبيحا وهجرت البعير أهجره هجورا

وهو أن تشد حبلا من حقوه إلى خف يده ( قال أبو علي ) وذلك الحبل يسمى الهجار
وروى أبو عبيد عن الأصمعي هجرت البعير أهجره هجرا وهو أن تشد حبلا في رسغ رجله ثم تشده إلى حقوه ان كان عريا وإن كان مرحولا شددته إلى حقيبته وذكر الأصمعي في كتاب الصفات نحو قول أبي عبيد ( قال ) وهو أن تشد حبلا من وظيف رجله إلى حقوه وأنشد
(
فكعكعوهن في ضيق وفي دهش ** ينزون من بين مأبوض ومهجور )
(
وقال أبو نصر ) وهاجر الرجل يهاجر مهاجرة إذا خرج من البدو إلى المدن ( قال أبو علي ) ويقال هاجر أيضا إذا خرج من بلد إلى بلد
وقال أبو نصر ويقال لكل ما أفرط في طول أو غيره مهجر والأنثى مهجرة ونخلة مهجرة إذا أفرطت في الطول قال الراجز
(
تعلو بأعلى السحق المهاجر ** منها عشاش الهدهد القراقر )
(
وقال غيره ) الهاجري الحاذق بالإستقاء ويقال هذا أهجر من هذا أي أفضل منه ويقال لكل شيء فضل شيأ هو أهجر منه ولهذا قيل للبن الجيد هجير
ويقال أن معاوية رحمه الله خرج متنزها فمر بحواء ضخم فقصد قصد بيت منه فإذا بفنائه امرأة برزة فقال لها هل من غداء قالت نعم حاضر قال وما غداؤك قالت خبز خمير وماء نمير وحيس فطير ولبن هجير فثنى وركه ونزل فلما تغدى قال هل لك من حاجة فذكرت حاجة أهل الحواء قال هاتي حاجتك في خاصة نفسك قالت يا أمير المؤمنين إني أكره أن تنزل واديا فيرف أوله ويقف آخره ( وقال أبو عبيدة ) هذا أهجر من هذا أي أعظم منه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أخبرنا ابو العباس عن ابن الأعرابي قال يقال هذا الطريق أهجر من هذا أي أبعد منه والهجرة البعد وأصل هذه العبارات كلها واحد ( وقال غيره ) والهاجري البناء وقال بعضهم والهاجري منسوب إلى هجر فأدخل فيه الألف واللام ( قال أبو علي ) وليس هذا القول بمرضي وقال أبو نصر والهاجرة والهجير والهجر وقت زوال الشمس قال الشاعر


(
كأن العيس حين أنخن هجرا ** معفأة نواظرها سوامي )
ويقال ما زال ذلك هجيراه أي دأبه الذي يهجر به ويقال إهجيراه أيضا لغتان ويقال أتانا على هجر أي بعد سنة فصاعدا ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن يونس قال وقف أعرابي في المسجد الجامع في البصرة فقال
(
قل النيل ونقص الكيل وعجفت الخيل ** )
والله ما أصبحنا ننفخ في وضح وما لنا في الديوان من وشمة وأنا لعيال جربة فهل من معين أعانه الله يعين ابن سبيل ونضو طريق وفل سنة فلا قليل من الأجر ولا غنى عن الله ولا عمل بعد الموت ( قال أبو علي ) الوضح اللبن وإنما سمى وضحا لبياضه وقال الهذلي
(
عقوا بسهم فلم يشعر به أحد ** ثم استفاؤا وقالوا حبذا الوضح )
عقوا رموه إلى السماء واستفاؤا رجعوا والوشمة مثل الوشم في الذراع يريد الخط والجربة الجماعة ويقال الجربة المتساوون ويقال عيال جربة أي كبار كلهم لا صغير فيهم قال الراجز
(
جربه كحمر الأبك ** لا ضرع فيهم ولا مذكى )
والفل القوم المنهزمون يعني أنه انهزم من الجدب والفل الأرض التي لم يصبها مطر وجمعها أفلال ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا أبو حاتم قال قال الأصمعي عاب رجل السويق بحضرة أعرابي فقال لا تعبه فإنه عدة المسافر وطعام العجلان وغذاء المبكر وبلغة المريض ويسر وفؤاد الحزين ويرد من نفس المحدود وجيد في التسمين ومنعوت في الطب وقفاره يجلو البلغم وملتوته يصفي الدم وإن شئت كان شرابا وإن شئت كان طعاما وإن شئت فثريدا وإن شئت فخبيصا ( قال أبو علي ) يسر ويكشف ما عليه يقال سرا عنه ثوبه إذا نزعه والمحدود الذي قد حد أي قد ضرب الحد والقفار الذي لم يلت بشيء من أدم لا زيت ولا سمن ولا لبن يقال طعام قفار

وعفار وعفير وسختيت وحث حدثني أبو عمرو قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال العرب تقول ماء قراح وخبز قفار لا أدم معه
وسويق حث وهو الذي لم يلت بسمن ولا زيت وحنظل مبسل وهو أن يؤكل وحده قال الراجز
(
بئس الطعام الحنظل المبسل ** ييجع منه كبدي وأكسل )
ويروى ياجع ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي اعتذار من منع أجمل من وعد ممطول ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال كان مالك بن أسماء بن خارجة واجدا على أخيه عيينة بن أسماء وطال ذلك حتى تفاقم الأمر بينهما فأخذ الحجاج عيينة فحبسه لجبايات كانت له وكتب إلى مالك يعلمه بذلك وهو يظن أنه يسره فلما قرأ الكتاب أنشأ يقول
(
ذهب الرقاد فما يحس رقاد ** مما شجاك وملت العواد )
(
خبر أتاني عن عيينة مفظع ** كادت تقطع عنده الأكباد )
ويروى عن عيينة موجع
(
بلغ النفوس بلاؤه فكأننا ** موتى وفينا الروح والأجساد )
(
يرجون غرة جدنا ولو أنهم ** لا يدفعون بنا المكاره بادوا )
(
لما أتاني عن عيينة أنه ** أمسى عليه تظاهر الأقياد )
(
نخلت له نفسي النصيحة أنه ** عند الشدائد تذهب الأحقاد )
(
وعلمت أني إن فقدت مكانه ** ذهب البعاد فكان فيه بعاد )
(
ورأيت في وجه العدو شكاسة ** وتغيرت لي أوجه وبلاد )
(
وذكرت أي فتى يسد مكانه ** بالرفد حين تقاصر الإرفاد )


(
أمن يهين لنا كرائم ماله ** ولنا إذا عدنا إليه معاد )
(
قال أبو علي ) الشكاسة سوء الخلق والشكس السيىء الخلق وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو بكر السمسار قال أنشدنا أبو بكر الأموي عن الحسين بن عبد الرحمن للخليل بن أحمد
(
إن كنت لست معي فالذكر منك هنا ** يرعاك قلبي وإن غيبت عن بصري )
(
العين تفقد من تهوى وتبصره ** وناظر القلب لا يخلو من النظر )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر أيضا قال أنشدنا أبو علي العمري قال أنشدنا مسعود بن بشر
(
أما والذي لو شاء لم يخلق النوى ** لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي )
(
يوهمنيك الشوق حتى كأنما ** أناجيك من قرب وإن لم تكن قربى )
(
قال ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه قال سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول قال جرير وددت أني سبقت ابن السوداء يعني نصيبا إلى هذه الأبيات
(
بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب ** وقل إن تملينا فما ملك القلب )
(
وقل إن نثل بالود منك محبة ** فلا مثل ما لاقيت من حبكم حب )
(
وقل في تجنيها لك الذنب أنما ** عتابك من عاتبت فيما له عتب )
(
فمن شاء رام الصرم أو قال ظالما ** لذي وده ذنب وليس له ذنب )
(
خليلي من كعب ألما هديتما ** بزينب لا تفقدكما أبدا كعب )
(
من اليوم زوراها فإن ركابنا ** غداة غد عنها وعن أهلها نكب )
(
قال أبو علي ) النكب الموائل
(
وقولا لها يا أم عثمان خلتي ** أسلم لنا في حبنا أنت أم حرب )
(
وقال رجال حسبه من طلابها ** فقلت كذبتم ليس لي دونها حسب )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأسماء المرية

صاحبة عامر بن الطفيل
(
أيا جبلى وادي عريعرة التي ** نأت عن ثوى قومي وحق قدومها )
(
ألا خليا مجرى الجنوب لعله ** يداوي فؤادي من جواه نسيمها )
(
وكيف تداوي الريح شوقا مماطلا ** وعينا طويلا بالدموع سجومها )
(
وقولا لركبان تميمة غدت ** إلى البيت ترجو أن تحط جرومها )
(
بأن بأكناف الرغام غربية ** مولهة ثكلى طويلا نئيمها )
(
مقطعة أحشاؤها من جوى الهوى ** وتبريح شوق عاكف ما يريمها )
(
قال أبو علي ) النئيم الصوت ( قال ) وقرأت على أبي عمر قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال الطاية والتاية والغاية والراية والآية فالطاية السطح الذي ينام عليه والتاية أن تجمع بين رؤس ثلاث شجرات أو شجرتين فتلقى عليها ثوبا فتستظل به والغاية ن أقصى الشيء وتكون من الطير التي تغيي على رأسك أي ترفرف والآية العلامة ( وبهذا الإسناد قال ) قال خالد بن صفوان والله ما يأتي علينا يوم إلا ونحن نؤثر الدنيا على ما سواها وما تزداد لنا إلا تخليا وعنا إلا توليا ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا الرياشي لأعرابي يهجو بنيه
(
إن بني كلهم كالكلب ** أبرهم أولاهم بسبي )
(
لم يغن عنهم أدبي وضربي ** ولا إتساعي لهم وروحبي )
(
فليتني مت بغير عقب ** أو ليتني كنت عقيم الصلب )
(
قال ) وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي الحضين بن المنذر يهجو ابنه غياظ
(
نسي لما أوليت من صالح مضى ** وأنت لتأنيب علي حفيظ )


(
تلين لأهل الغل والغمر منهم ** وأنت على أهل الصفاء غليظ )
(
عدوك مسرور وذوا الود بالذي ** أتى منك من غيظ علي كظيظ )
(
وسميت غياظا ولست بغائظ ** عدوا ولكن الصديق تغيظ )
(
فلا حفظ الرحمن روحك حية ** ولا هي في الأرواح حين تفيظ )
(
قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله
(
أن يحسدوني فإني غير لائمهم ** قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا )
(
فدام لي ولهم ما بي وما بهم ** ومات أكثرنا غيظا بما يجد )
(
أنا الذي يجدوني في صدورهم ** لا أرتقي صدرا منها ولا أرد
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله
(
أخ لي كأيام الحياة إخاؤه ** تلون ألوانا علي خطوبها )
(
إذا عبت منه خلة فهجرته ** دعتني إليه خلة لا أعيبها )
(
قال ) وأنشدني أبو بكر بن الأزهر مستملي أبي العباس قال أنشدنا الزبير بن بكار لسويد بن الصامت
(
ألا ربما تدعو صديقا ولو ترى ** مقالته بالغيب ساءك ما يفري )
(
لسان له كالشهد ما دمت حاضرا ** وبالغيب مطرور على ثغرة النحر )
(
قال أبو علي ) مطرور محدد من طررت السكين حددتها ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال مات المهلب بمر والروذ بخراسان وكانت ولايته أربع سنين فقال نهار بن توسعة
(
ألا ذهب الغزو المقرب للغنى ** ومات الندى والحزم بعد المهلب )
(
أقاما بمر والروذ رهن ضريحه ** وقد غيبا عن كل شرق ومغرب )
ثم ولى بعده قتيبة بن مسلم فدخل عليه نهار فيمن دخل وهو يعطى الناس العطاء فقال من

أنت قال نهار بن توسعة قال أنت القائل في المهلب ما قلت قال نعم وأنا القائل
(
وما كان مذ كنا ولا كان قبلنا ** ولا كائن من بعد مثل ابن مسلم )
(
أعم لأهل الشرك قتلا بسيفه ** وأكثر فينا مغنما بعد مغنم )
قال إن شئت فأقلل وإن شئت فأكثر وإن شئت فاحمد وإن شئت فذم لا تصيب مني خيرا أبدا يا غلام اقرض اسمه من الدفتر فلزم منزله حتى قتل قتيبة وولى يزيد فأتاه فدخل عليه وهو يقول
(
إن كان ذنبي يا قتيبة أنني ** مدحت أمرأ قد كان في المجد أو حدا )
(
أبا كل مظلوم ومن لا أباله ** وغيث مغيثات أطلن التلددا )
(
فشأنك إن الله إن سؤت محسن ** إلي إذا أبقى يزيد ومخلدا
قال احتكم قال مائة ألف درهم فأعطاه إياها ( قال ) وقال أبو عبيدة مرة أخرى بل كان الممدوح مخلد بن يزيد وكان خليفة أبيه على خراسان فكان نهار يقول بعد موته رحم الله مخلدا فما ترك لي بعده من قول ( قال أبو علي ) قال اللحياني دجن بالمكان يدجن دجونا فهو داجن إذا ثبت وأقام ومثله رجن يرجن رجونا فهو راجن ( وقال غيره ) ومنه قيل شاة راجنة إذا أقامت في البيوت على علفها ( وقال اللحياني ) وتن يتن وتونا ( وقال الأصمعي ) الواتن الثابت الدائم ( وقال اللحياني ) تنأ يتنأ تنوأ فهو تانئ وتنخ يتنخ تنوخا فهو تانخ ( قال أبو بكر بن دريد ) ومنه سميت تنوخ لأنها أقامت في موضعها ( وقال اللحياني ) وركد يركد ركودا فهو راكد وألحم يلحم إلحاما ( وقال يعقوب بن السكيت ) وقطن يقطن قطونا فهو قاطن قال العجاج
(
قواطنا مكة من ورق الحمى ** )
ومكد يمكد مكودا فهو ماكد ومنه قيل ناقة ماكد ومكود إذا ثبت غزرها فلم يذهب ( قال أبو علي ) وأخبرنا الغالبي عن أبي الحسين بن كيسان عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال زعم الأصمعي أن الغزر لغة أهل البحرين وأن الغزر بالفتح اللغة العالية ( وقال

يعقوب ) ورمك يرمك رموكا فهو رامك وثكم يثكم ثكوما فهو ثاكم وأرك يأرك أروكا فهو آرك وابل أركة في الحمض أي مقيمة فأما الأوارك فالتي تأكل الأراك وعدن بعدن عدنا وزاد اللحياني وعدونا ومنه قيل جنة عدن أي جنة إقامة وإبل عوادن إذا أقامت في موضع ( قال يعقوب ) ومنه المعدن لأن الناس يقيمون فيه في الشتاء والصيف ( قال أبو علي ) إنما قيل له معدن لثبات ذلك الجوهر فيه قال العجاج
(
من معدن الصيران عدملي ** ) يعني كناسا فيه وثبات البقر ( وقال يعقوب ) وتلد يتلد تلودا وبلد يبلد بلودا ( قال أبو علي ) ومنه اشتقاق البليد كأنه ثبت فلم يتخط لجواب ولا تصرف ( قال يعقوب ) وأبد يأبد أبودا وألبد يلبد إلبادا فهو ملبد واللبد من الرجال الذي لا يبرح منزله قال الراعي
(
من أمر ذي بدوات لا تزال له ** بزلاء يعيا بها الجثامة اللبد )
وألث يلث فهو ملت وألثت السماء إذا دام مطرها وأرب يرب إربابا فهو مرب وألب يلب إلبابا فهو ملب ولب أيضا وهي بالألف أكثر قال ابن أحمر
(
لب بأرض ما تخطاها النعم ** )
قال الخليل ومنه قولهم لبيك وسعديك كأنه قال إجابة لك بعد إجابة ولزوما لك بعد لزوم أي كلما دعوتني أجبتك ولزمت طاعتك ورمأ يرمأ ورموأ وخيم يخيم تخييما ورويم يريم ترييما وفنك يفنك فنوكا وفنك في الشيء إ ذا لج فيه وأنشد الفراء
(
لما رأيت أمرها في حطي ** وفنكت في كذب ولط )
(
أخذت منها بقرون شمط ** حتى علا الرأس دم يغطي )
وأبن يبن إبنانا فهو مبن قال النابغة
(
غشيت منازلا بعريتنات ** فأعلى الجزع للحي المبن )
وبجد بالمكان يبجد بجودا فهو باجد ومنه قيل أنا ابن بجدتها أي أنا عالم بها
وحكي يعقوب عن الفراء هو عالم ببجدة أمرك وبجدة أمرك كقولك بداخلة أمرك وقال ابن الأعرابي

أوصب الشيء ووصب إذا ثبت ودام وأنشد العجاج
(
تعلو أعاصيم وتعلو أحدبا ** إذا رجت منه الذهاب أو صبا )
(
قال أبو علي ) ومن وصب قوله عز وجل بعذاب واصب أي دائم ( وقال الأصمعي ) ثبيت على الشيء دمت عليه وأنشد
(
يثبي ثناء من كريم وقوله ** ألا أنعم على حسن التحية واشرب )
(
وقال أبو عمرو الشيباني ) التثبيه مدح الرجل حيا وأنشد البيت الذي ذكرناه عن الأصمعي ( وقال غيره ) الطادي الثابت قال القطامي
(
وما تقضى بواقي دينها الطادي ** ) والموطود المثبت وموطود من وطد يطد واللغويون يقولون أن هذا من المقلوب ( وقال أبو عبيد ) والأقعس الثابت وأنشد للحرث
(
وعزة قعساء ** ) وقال اللحايني أتم يأتم أتوما ووتم يوتم وتوما إذا ثبت في المكان ( قال أبو علي ) وهذان الحرفان على غير قياس لأنه قد كان يجب أن يكون مصدرهما أتما ووتما ويقال أرى بالمكان وتأرى إذا احتبس قال
(
لا يتأرى لما في القدر يرقبه ** ولا يعض على شرسوفه الصفر )
وقال آخر
(
لا يتأرون في المضيق وإن ** نادى مناد كي ينزلوا نزلوا )
(
وقال ابن الأعرابي ) وزحك بالمكان إذا أقام فيه قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي عن أبيه قال لما حضرت عبد الله ابن شداد بن الهاد الوفاة دعا ابنا له يقال له محمد فقال يا بني إني أرى داعي الموت لا يقلع وأرى من مضى لا يرجع ومن بقى فإليه ينزع وأني موصيك بوصية فاحفظها عليك بتقوى الله العظيم وليكن أولى الأمور بك شكر الله وحسن النية في السر والعلانية فإن الشكور يزداد والتقوى خير زاد وكن كما قال الحطيئة


(
ولست أرى السعادة جمع مال ** ولكن التقي هو السعيد )
(
وتقوى الله خير الزاد ذخرا ** وعند الله للأتقى مزيد )
(
وما لا بد أن يأتي قريب ** ولكن الذي يمضي بعيد )
ثم قال أي لا تزهدن في معروف فإن الدهر وصروف والأيام ذات نوائب على الشاهد والغائب فكم من راغب قد كان مرغوبا إليه وطالب أصبح مطلوبا ما لديه واعلم أن الزمان ذو ألوان ومن يصحب الزمان يرى الهوان وكن أي بني كما قال أبو الأسود الدؤلي
(
وعد من الرحمن فضلا ونعمة ** عليك إذا ما جاء للعرف طالب )
(
وأن أمرأ لا يرتجي الخير عنده ** يكن هينا ثقلا على من يصاحب )
(
فلا تمنعن ذا حاجة جاء طالبا ** فإنك لا تدري متى أنت راغب )
(
رأيت التوا هذا الزمان بأهله ** وبينهم فيه تكون النوائب )
ثم قال أي بني كن جوادا بالمال في موضع الحق بخيلا بالأسرار عن جميع الخلق فإن أحمد جود المرء الإنفاق في وجه البر وأن أحمد بخل الحر الضن بمكتوم السر وكن كما قال قيس بن الخطيم الأنصاري
(
أجود بمكنون التلاد وأنني ** بسرك عمن سالني لضنين )
(
إذا جاوز الإثنين سر فإنه ** بنث وتكثير الحديث قمين )
(
وعندي له يوما إذا ما ائتمنتني ** مكان بسوداء الفؤاد مكين )
ثم قال أي بني وإن غلبت يوما على المال فلا تدع الحيلة على حال فإن الكريم يحتال والدني عيال وكن أحسن ما تكون في الظاهر حالا أقل ما تكون في الباطن مالا فإن الكريم من كرمت طبيعته وظهرت عند الإنفاد نعمته وكن كما قال ابن خذاق العبدي
(
وجدت أبي قد أورثه أبوه ** خلولا قد تعد من المعالي )


(
فأكرم ما تكون علي نفسي ** إذا ما قل في الأزمات مالي )
(
فتحسن سيرتي وأصون عرضي ** ويجمل عند أهل الرأي حالي )
(
وإن نلت الغنى لم أغل فيه ** ولم أخصص بجفوتي الموالي )
ثم قال أي بني وإن سمعت كلمة من حاسد فكن كأنك لست بالشاهد فإنك أن أمضيتها حيالها رجع العيب على من قالها وكان يقال الأريب العاقل هو الفطن المتغافل وكن كما قال حاتم الطائي
(
وما من شميمي شتم ابن عمي ** وما أنا مخلف من يرتجيني )
(
وكلمه حاسد في غير جرم ** سمعت فقلت مري فانفذيني )
(
فعابوها علي ولم تسؤني ** ولم يعرق لها يوما جبيني )
(
وذوا اللونين يلقاني طليقا ** وليس إذا تغيب يأتليني )
(
قال أبو علي )
(
ما ألوت ما قصرت ** وما الوت ما استطعت )
(
سمعت بعيبه فصفحت عنه ** محافظة على حسبي وديني )
قال أبو عليويروى سمعت بغيبه ثم قال أي بني لا تواخ امرأ حتى تعاشره وتتفقد موارده ومصادره فإذا استطعت العشرة ورضيت الخبره الخبره فواخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة وكن كما قال المقنع الكندي
(
أبل الرجال إذا أردت إخاءهم ** وتوسمن فعالهم وتفقد )
(
فإذا ظفرت بذي اللبابة والتقى ** فبه اليدين قرير عين فاشدد )
(
وإذا رأيت ولا محالة زلة ** فعلى أخيك بفضل حلمك فاردد )
ثم قال أي بني إذا أحببت فلا تفرط وإذا أبغضت فلا تشطط فإنه قد كان يقال أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هو ناما عسى أن يكون حبيبك يوماما وكن كما قال هدبة بن الخشرم العذري


(
وكن معقلا للحلم واصفح عن الخنا ** فإنك راء ما حييت وسامع )
(
وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا ** فإنك لا تدري متى أنت نازع )
(
وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا ** فإنك لا تدري متى أنت راجع )
وعليك بصحبة الأخيار وصدق الحديث وإياك وصحبة الأشرار فإنه عار وكن كما قال الشاعر
(
أصحب الأخيار وارغب فيهم ** رب من صاحبته مثل الجرب )
(
ودع الناس فلا تشتمهم ** وإذا شاتمت فاشتم ذا حسب )
(
إن من شاتم وغدا كالذي ** يشتري الصفر بأعيان الذهب )
(
واصدق الناس إذا حدثتهم ** ودع الناس فمن شاء كذب )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لكعب
(
وذي ندب دامي الأظل قسمته ** محافظة بيني وبين زميلي )
(
وزاد رفعت الكف عنه تجملا ** لأوثر في زادي على أكيلي )
(
وما أنا للشي الذي ليس نافعي ** ويغضب منه صاحبي بقؤول )
(
قال أبو علي ) الندب الأثر وجمعه ندوب وأنداب والأظل باطن خف البعير ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة لعروة بن الورد
(
لا تشتمني يا ابن ورد فإنني ** تعود على ما لي الحقوق العوائد )
(
ومن يؤثر الحق الندوب تكن به ** خصاصة جسم وهو طيان ماجد )
(
وإني امرؤ عافي إناني شركة ** وأنت امرؤ عافى إنائك واحد )
(
أقسم جسمي في جسوم كثيرة ** وأحسو قراح الماء والماء بارد )
(
قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة


(
أخط مع الدهر إذا ما خطا ** واجر مع الدهر كما يجري )
(
من سابق الدهر كبا كبوة ** لم يستقلها من خطا الدهر )
وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة وأبو بكر بن دريد وأبو الحسين الأعرابي في وصف نار
(
رأيت بحزن عزة ضوء نار ** تلالأ وهي واضحة المكان )
(
فشبه صاحباي بها سهيلا ** فقلت تبينا ما تبصران )
(
أنار أوقدت لتنوراها ** بدت لكما أم البرق اليمان )
(
كأن النار يقطع من سناها ** بنائق جبة من أرجوان )
وقرأت على أبي بكر لكثير
(
رأيت وأصحابي بأيلة موهنا ** وقد غاب نجم الفرقد المتصوب )
(
لعزة نارا ما تبوخ كأنها ** إذا مارمقناها من البعد كوكب )
(
قال أبو علي ) تبوخ تخمد ( قال ) وقرأت على أبي بكر للشماخ ويقال أنها لرجل من بني فزارة
(
رأيت وقد أتى نجران دوني ** ليالي دون أرحلنا السدير )
(
لليلى بالعنيزة ضوء نار ** تلوح كأنها الشعرى العبور )
(
إذا ما قلت أخمدها زهاها ** سواد الليل والريح الدبور )
(
وما كادت ولو رفعت سناها ** ليبصر ضوءها إلا البصير )
(
فبت كأنني باكرت صرفا ** معتقة حمياها تدور )
(
أقول لصاحبي هل يبلغني ** إلى ليلى التهجر والبكور )
وقرأت عليه لجميل
(
أكذبت طرفي أم رأيت بذي الغضا ** لبثنة نارا فاحبسوا أيها الركب )


(
إلى ضوء نار في القتام كأنها ** من البعد والأهوال حبيب بها نقب )
(
وما خفيت مني لدن شب ضوءها ** وما هم حتى أصبحت ضوءها يخبو )
(
وقال صحابي ما ترى ضوء نارها ** ولكن عجلت واستناع بك الخطب )
(
فكيف مع المحراج أبصرت نارها ** وكيف مع الرمل المنطقة الهضب )

(
قال أبو علي ) الإستناعة التقدم والمحراج موضع وأنشد بعض أصحابنا
(
كأن نيراننا في رأس قلعتهم ** مصقلات على أرسان قصار )
وأنشدنا أبو بكر عن بعض أشياخه عن الأصمعي
(
وإني بنار أوقدت عند ذي الحمى ** على ما بعيني من قذى لبصير )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى عن الزبير عن شيخ قال حدثني رجل من الخضر بالسغد وهو موضع قال جاءنا نصيب إلى مسجدنا فاستنشدته فأنشدنا
(
ألا يا عقاب الوكر وكر ضرية ** سقتك الغوادي من عقاب ومن وكر )
(
تمر الليالي والشهور ولا أرى ** مرور الليالي منسياتي ابنة العمر )
(
تقول صلينا واهجرينا وقد ترى ** إذا هجرت أن لا وصال مع الهجر )
(
فلم أرض ما قالت ولم أبد سخطة ** وضاق بما جمجمت من حبها صدري )
(
ظللت بذي دوران أنشد بكرتي ** ومالي عليها من قلوص ولا بكر )
(
وما أنشد الرعيان إلا تعلة ** بواضحة الأنياب طيبة النشر )
(
فقال لي الرعيان لم تلتبس بنا ** فقلت بلى قد كنت منها على ذكر )
(
وقد ذكرت لي بالكثيف مؤالفا ** قلاص سليم أو قنلاص بني وبر )


(
فقال فريق القوم لا وفريقهم ** نعم وفريق قال ويلك ما ندري )
(
قال أبو علي ) أنشدنا أبو بكر بن دريد بعض هذه الأبيات
(
فقال فريق القول لا وفريقهم ** نعم وفريق أيمن الله ما ندري )
(
أما والذي حج الملبون بيته ** وعظم أيام الذبائح والنحر )
(
لقد زادني للجفر حبا وأهله ** ليال أقامتهن ليلى على الجفر )
(
فهل يأثمني الله في أن ذكرتها ** وعللت أصحابي بها ليلة النفر )
(
وسكنت ما بي من سآم ومن كرى ** وما بالمطايا من جنوح ولا فتر )
قال وقرأت على أبي عمر المطرز قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال قال أبو زياد الكلابي إذا احتبس المطر اشتد البرد فإذا مطر الناس كان للبرد بعد ذلك فرسخ أي سكون وسمى الفرسخ فرسخا لأن صاحبه إذا مشى فيه استراح عنه وسكن ( قال ) وقرأت عليه قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال العرب تقول هذا أنتن من مرقات الغنم والواحدة مرقة ة والمرقة صوف العجاف والمرضى تمرق أي تنتف ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي زيد للنظار الفقعسي
(
فإن ترفى بدني خفة ** فسوف تصادف حلمي رزينا )
(
وتعجم مني عند الحفاظ ** حصاة تفل شبا العاجمينا )
(
فإياك والبغي لا تستثر ** حديد النيوب أطال الكمونا )
(
ثوى تحمل السم أنيابه ** وحالف لصبا منيعا كنينا )
(
رأته الحواة الأولى جربوا ** فلا يبسطون إليه اليمينا )
(
قال ) وقرأت على أبي بكر رحمه الله من كتابه قال قرأت على الرياشي للأعور الشني
(
قال أبو علي ) ويقال أنها الإبن خذاق
(
لقد علمت عميرة أن جاري ** إذا ضن المنمي من عيالي )


(
قال أبو علي ) قال أبو بكر أنكر الرياشي المثمي وقال لعله حرف آخر ويروى المثمر من عيالي ( قال أبو علي ) المثمر والمنمي واحد في المعنى لأنه يقال نمى المال ينمى ونميته أنا وأنميته
(
فإني لا أظن على ابن عمي ** بنصري في الخطوب ولا نوالي )
(
ولست بقائل قولا لأحظى ** بقول لا يصدقه فعالي )
(
وما التقصير قد علمت معد ** وأخلاق الدنية من خلالي )
(
وجدت أبي قد أورثه أبوه ** حلالا قد تعد من المعالي )
(
فأكرم ما تكون علي نفسي ** إذا ما قل في الأزمات مالي )
(
فتحسن سيرتي وأصون عرضي ** وتجمل عند أهل الرأي حالي )
(
وإن نلت الغنى لم أغل فيه ** ولم أخصص بجفوتي الموالي )
(
ولم أقطع أخا لأخ طريف ** ولم يذمم لطرفته وصالي )
(
وقد أصحت لا أحتاج فيما ** بلوت من الأمور إلى سؤال )
(
وذلك أنني أدبت نفسي ** وما حلت الرجال ذوي المحال )
(
إذا ما المرء قصر ثم مرت ** عليه الأربعون من الرجال )
(
قال أبو علي ) قال أبو بكر قال الرياشي الخوالي أشبه
(
فلم يلحق بصالحهم فدعه ** فليس بلاحق أخرى الليالي )
(
وليس بزائل ما عاش يوما ** من الدنيا يحول على سفال )
(
قال أبو علي ) الإتباع على ضربين فضرب يكون فيه الثاني بمعنى الأول فيؤتى به تأكيدا لأن لفظه مخالف للفظ الأول وضرب فيه معنى الثاني غير معنى الأول فمن الإتباع قولهم ( أسوان أتوان ) في الحزن فأسوان من قولهم أسى الرجل يأسى أسى إذا حزن ورجل أسيان وأسوان أي حزين وأتوان من قولهم أتوته آتوه بمعنى أتيته

آتيه وهي لغة لهذيل قال قال خالد بن زهير
(
يا قوم ما بال أبي ذؤيب ** كنت إذا أتوته من غيب )
(
يشم عطفي ويمس ثوبي ** كأنني أربته بريب )
ويقولون ما أحسن أتو يدي الناقة وأتي يديها يعنون رجع يديها فمعنى قولهم أسوان أتوان حزين متردد يذهب ويجيء من شدة الحزن ويقولون عطشان نطشان فنطشان مأخوذ من قولهم ما به نطيش أي ما به حركة فعناه عطشان قلق ويقولون خزيان سوآن فسوآن مأخوذ من قولهم سوأة سوآء أي أمر قبيح ورجل أسوأ وامرأة سوآء إذا كانا قبيحين وفي الحديث ( سوآء ولود خير من حسناء عقيم ) ويقولون شيطان ليطان فليطان ماخوذ من قولهم لاط حبه بقلبي يلوط ويليط أي لصق ويقال للولد في القلب لوطة أي حب لازق ويقولون هو الوط بقلبي منك وأليط أي ألزق ويقال ما يليط هذا بقلبي وما يلتاط أي ما يلصق ويقال ألاط القاضي فلانا بفلان أي ألحقه به فمعنى قولهم شيطان ليطان شيطان لصوق ويقولون هنىء مريء وهو من قولهم هنأني الطعام ومرأني فإذا أفردوا لم يقولوا إلا امرأني ولم يقولوا مرأني ويقولون عيي شوي فالشوي مأخوذ من الشوى وهو رذال المال ورديئه وقال الشاعر
(
أكلنا الشوى حتى إذا لم ندع شوى ** أشرنا إلى خيراتها بالأصابع )
فمعناه عيي رذل ويمكن أن يكون مأخوذا من الشوية وهي بقية قوم هلكوا وجمعها شوايا حدثني بهذا أبو بكر بن دريد وأنشدني
(
فهم شر الشوايا من ثمود ** وعوف شر منتعل وحافي )
ويقولون عيى شيي وشيي أصله شوي ولكنه أجرى على لفظ الأول ليكون مثله في البناء ويقولون عريض أريض فالأريض الخليق للخير الجيد النبات ويقال أرض أريضة قال الشاعر


(
بلاد عريضة وأرض أريضة ** مدافع غيث في فضاء عريض )
ويقولون غني ملي وهو بمعنى غني ويقولون نبيث خبيث نبيث فالنبيث يمكن أن يكون الذي ينبث شره أي يظهره أو يكون الذي ينبث أمور الناس أي يستخرجها وهو مأخوذ من قولهم نبثت البئر أنبثها إذا أخرجت نبيثتها وهو ترابها وكان قياسه أن يقول خبيث نابث فقيل نبيث لمجاورته لخبيث ويقولون خبيث مجيث كذا حكاه ابن الأعرابي بالميم وأحسبه لغة في نجيث أبدل من النون ميما وفعل به ما فعل بنبيث لما كان في معناها
ويقولون خفيف ذفيف والذفيف السريع ومنه سمي الرجل ذفافة ويقال ذفف على الجريح إذا أجهز عليه ويقولون قسيم وسيم فالقسيم الجميل الحسن يقال رجل قسيم وامرأة قسيمة والقسام الحسن والجمال وأنشد يعقوب
(
يسن على مراغمها القسام ** ) وقال العجاج
(
ورب هذا البلد المقسم ** ) أي المحسن وقال الشاعر
(
ويوما توافينا بوجه مقسم ** كأن ظبيعة تعطوا لي وارق السلم )
أي محسن والوسيم الحسن الجميل يقال رجل وسيم وامرأة وسيمة والميسم الحسن والجمال قال الشاعر
(
لو قلت ما في قومها لم تيثم ** يفضلها في حسب وميسم )
ويقولون قبيح شقيح فالشقيح مأخوذ من قولهم شقح البسر إذا تغيرت خضرته بحمرة أو صفرة وهو حينئذ أقبح ما يكون وتلك البسرة تسمى شقحة وحينئذ يقال أشقح النخل فمعنى قولهم قبيح شقيح متناهي القبح ويمكن أن يكون بمعنى مشقوح من قول العرب لأشقحنك شقح الجوز بالجندل أي لأكسرنك فيكون معناه قبيحا مكسورا ( وقال اللحياني ) شقيح لقيح فالشقيح ههنا المكسور على ما ذكرنا واللقيح مأخوذ من قولهم لقحت الناقة ولقح الشجر ولقحت الحرب فمعناه مكسور حامل للشر ( قال ) وحكى عن يونس شقيح نبيح فالنبيح مأخوذ من النباح ومعناه مكسور كثير الكلام ويقولون كثير

بثير فالبثير هو الكثير مأخوذ من قولهم ماء بثر أي كثير فقالوا بثير لموضع كثير كما قالوا مهرة مأمورة وسكة مأبورة وإني لآتيه بالغدايا والعشايا
ويقولون كثير بذير فالبذير المبذور وهو المفرق ويقولن كثير بجير فالبجير لغة في البجيل وهو العظيم كما قالوا وجلت منه ووجرت منه
ويقولون بذير عفير والبذير المبذور والعفير المفرق في العفر وهو التراب أو المجعول في العفر ويقولون ضئيل بئيل فالبئيل هو الضئيل
(
قال أبو زيد ) بؤل الرجل يبؤل مآله له إذا ضؤل ويقولون جديد قشيب فالقشيبي الجديد ويقولون شحيح نحيح فالنحيح الذي إذا سئل عن الشيء تنحنح من لؤمه ويقولون سليخ مليخ للذي لا طعم له قال الشاعر
(
سليخ مليخ كلحم الحوار ** فلا أنت حلو ولا أنت مر )
فالسليخ المسلوخ الطعم والمليخ المملوخ وهو المنزوع الطعم مأخوذ من قولهم ملخت اللحم من فم الدابة وملخت اليربوع من الحجر وملخت قضيبا من الشجرة إذا نزعته نزعا سهلا والملخ في السير السهل منه
ويقولون فقير وقير فالوقير الموقور من قولهم وقرت العظم أقره والوقرة الهزمة في العظم أنشدنا أبو بكر بن دريد
(
رأوا وقرة في العظم مني فبادروا ** بها وعيها لما رأوني أخيمها )
الوعي أن ينجبر العظم على غير استواء والوعى أيضا القيح والمدة يقال وعى الجرح يعي وعيا إذا سال منه القيح والمدة والقول الثاني لأبي زيد وأنشد
(
كأنما كسرت سواعده ** ثم وعى جبرها فما ألتأما )
وأخيمها أجبن عنها يقال خام إذا جبن ويقولون مليح قزيح وأصل هذين الحرفين في الطعام فالقزيح المقزوح والمقزوح الذي فيه الأقزاح والأقزاح الأبزار واحدها قزح ومليح بمعنى مملوح من قولهم ملحت القدر أملحها إذا جعلت فيها الملح بقدر فمعنى قولهم مليح قزيح كامل الحسن لأن كمال طيب القدر أن تكون مقزوحة

مملوحة
ويقولون مضيع مسيع والإساعة الإضاعة وناقة مسياع إذا كانت تصبر على الإضاعة والجفاء ومعنى أساع ألقى في السياع وهو الطين قال القطامي
(
كما بطنت بالفدن السياعا ** ) والأصل فيه ما أنبأتك ثم كثر حتى قيل لكل مضياع مسياع ولكل مضيع مسيع ويقولون وحيد قحيد وواحد قاحد وهو من قولهم قحدت الناقة إذا عظم سنامها والقحدة السنام ويقال أقحدت أيضا فمعناه أنه واحد عظيم القدر والشأن في شيء واحد خاصة ويقولون أشر أفر فالأشر البطر المرح وكذلك الأفر عند ابن الأعرابي فأما الأفر والأفور فالعدو يقال أفر يأفر أفرا ويقولون هذر مذر فالهذر الكثير الكلام والمذر الفاسد مأخوذ من قولهم مذرت البيضة تمذر مذرا إذا فسدت ومذرت معدته ايضا
ويقولون لحز لصب فاللحز البخيل واللصب الذي لزم ما عنده مأخوذ من قولهم لصب الجلد باللحم يلصب لصبا إذا لصق به من ا لهزال وقال أبو بكر بن دريد لصب السيف يلصب لصبا إذا نشب في جفنه فلم يخرج ويقولون حقر نقر وحقير نقير وحقر نقر واصل هذا في الغنم والبقر فالنقر الذي به النقرة وهو داء يأخذ الشاة في شاكلتها ومؤخر فخذيها فيثقب عرقوبها ويدخل فيه خيط من عهن ويترك معلقا وإذا كانت الشاة كذلك كانت هينة على أهلها قال المرار العدوي
(
وحشوت الغيظ في أضلاعه ** فهو يمشي حظلانا كالنقر )
الحظلان أن يمشي رويدا ويظلع يقال قد حظلت تحظل حظلا إذا ظلعت ( وقال ) ابن الأعرابي شاة حظول إذا ورم ضرعها من علة فمشت رويدا وظلعت وأصل الحظل المنع وأنشد يعقوب
(
تعيرني الحظلان أم محلم ** فقلت لها لم تقذفيني بدائيا )


(
فإني رايت الصامرين متاعهم ** يذم ويفنى فارضخى من وعائيا )
(
فلن تجديني في المعيشة عاجزا ** ولا حصرما خبا خبا شديدا وكائيا )
الصامرين المانعين الباخلين يقال صمر يصمر صمورا إذا بخل والحصرم البخيل أيضا وأصل الحصرمة شدة الفتل يقال حصرم حبله وحصرم قوسه إذا شد وترها
ويقال حظلت عليه وحجرت عليه وحصرت عليه وقال يعقوب الحظلان مشي الغضبان
(
وقال ) يعقوب قال الغنوي عنز نقرة وتيس نقر ولم أر كبشا نقرا وهو ظلع يأخذ الغنم ثم قيل لكل حقير متهاون به حقر نقر وحقير نقير وحقر نقر ويجوز أن يراد به النقير الذي في النواة فيكون معناه حقيرا متناهيا في الحقارة والمذهب الأول أجود ويقولون ذهب دمه خضرا حضرا وخضرا مضرا اي باطلا فالخضر الأخضر ويقال مكان خضر ويمكن أن يكون مضر لغة في نضر ويكون معنى الكلام أن دمه بطل كما يبطل الكلأ الذي يحصده كل من قدر عليه ويمكن أن يكون خضر من قولهم عشب أخضر إذا كان رطبا ومضر أبيض لأن المضر إنما سمي مضر البياضه ومنه مضيرة الطبيخ فيكون معناه أن دمه بطل طريا فكأنه لم يثأر به فيراق لأجله الدم بقى أبيض وقال بعض اللغويين الخضرة بقيلة وجمعها خضر وأنشد فيه بيتا لإبن مقبل
(
تقتادها فرج ملبونة خنف ** ينفخن في برعم الحوذان والخضر )
ويقولون شكس لكس فالشكس السيء الخلق واللكس العسير ويقولون رطب صقر مقر فالصقر الكثير الصقر وصقره عسله والمقر المنقوع في العسل ليبقى وكل شيء أنقعته في شيء فقد مقرته وهو ممقور ومقير ومنه السمك الممقور وهو الذي قد أنقع في الخل ويقولون سغل وغل قال السغل المضطرب الأعضاء السيء الخلق كذا قال الأصمعي وقال غيره السغل السيء الغذاء فأما الوغل فالسيء الغذاء لا أعرف فيه اختلافا والوغل في قول أبي زيد المقصر وفي قول الأصمعي الداخل في قول ليس منهم ويقولون سمج لمج فاللج الكثير

الاكل الذي يلمج كل ما وجده أي يأكله قال لبيد
(
يلمج البارض لمجا في الندى ** من مرابيع رياض ورجل )
ويقولون ثقف لقف وثقف لقف واللقف الجيد الإلتقاف ويقولون وتح شقن ووتح شقن ووتيح شقين فالوتح القليل والشقن مثله ويقال وتحت عطيته وشقنت وأشقنتها أنا ويقولون عابس كابس فالعابس من عبوس الوجه وكابس يكبس ويقولون حائر بائر فالحائر المتحير والبائر الهالك والبوار الهلاك وقال أبو عبيدة رجل بائر وبور بضم الباء أي هالك قال ابن الزبعرى
(
يا رسول المليك إن لساني ** راتق ما فتقت إذ أنا بور )
ويكون البائر الكاسد من قولهم بارت السوق إذا كسدت ويقولون حاذق باذق فباذق يمكن أن يكون لغة في باثق كما قالوا قرب حثحاث وحذحاذ ونبيثة ونبيذة لتراب البئر فكأن الأصل والله أعلم أن رجلا سقى فأجاد وأكثر فقيل حاذق باذق أي حاذق بالسقى باثق للماء ويقولون حار يار وحران يران وحار جار فالجار الذي يجر الشيء الذي يصيبه من شدة حرارته كأنه ينزعه ويسلخه مثل اللحم إذا أصابه أو ما أشبهه ويمكن أن يكون جار لغة في يار كما قالوا الصهاريج والصهاري وصهريج وصهري وصهري لغة تميم وكما قالوا شيرة للشجرة وحقروه فقالوا شييرة قال الرياشي قال أبو زيد كنا يوما عند المفضل وعنده الأعراب فقلت أيهم يقول شيرة فقالوها فقلت له قل لهم يتحفرونها فقالوا شييرة وحدثني أبو بكر بن دريد قال حدثني أبو حاتم قال سمعت أم الهيثم تقول شيرة وأنشدت
(
إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى ** فأبعدكن الله من شيرات )
فقلت يا أم الهيثم صغريها فقالت شيرة ويمكن أن يكونوا أبدلوا في الحاء هاء كما قالوا مدحته ومدهته والمدح والمده ثم أبدلوا من الهاء ياء كما أبدلوا في هذه وهذي وهذا

الإبدال قليل في كلامهم فقد حكى الرؤاسي عن العرب أنهم يقولون بإقلاء هار ويقولون خاسر دابر وخاسر دامر وخسر دمر وخسر دبر فالدابر يمكن أن يكون لغة في الدامر وهو الهالك ويمكن أن يكون الدابر الذي يدبر الأمر أي يتبعه ويطلبه بعدما فات وأدبر ومنه قيل لهذا الكوكب الذي بعد الثريا الدبران لأنه يدبر الثريا ومنه الراي الدبري وهو الذي لا يأتي إلا عن دبر يقال فلان لا يأتي الصلاة إلا دبريا أي في آخرها ويمكن أن يكون الدابر الماضي الذاهب كما قال الشاعر
(
وأبي الذي ترك الملوك وجمعهم ** بصهاب هامدة كأمس الدابر )
أي الذاهب الماضي ويقولون ضال تال فالتال الذي يتل صاحبه أي يصرعه كأنه يغويه فيلقيه في هلكة لا ينجو منها ومنه قوله عز وجل وتله للجبين وقال أبو بكر بن دريد كل شيء ألقيته على الأرض مما له جثة فقد تللته ومنه سمى التل من التراب وقال بعض أهل العلم رمح متل إنما هو مفعل من التل وأنشد
(
فرابن قهوس الشجاع ** بكفه رمح متل ** يعدو به خاظي البضيع كأنه سمع أزل ) الخاظي الكثير اللحم والبضيع اللحم ويقولون جائع نائع فالنائع فيه وجهان يكون المتمايل أنشد أبو بكر بن دريد
(
مثاله مثل القضيب النائع ** ) ويكون العطشان وقرأت على أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة عن أبيه
(
لعمر بني شهاب ما أقاموا ** صدور الخيل والأسل النياعا )
يعني الرماح العطاش ويقولون سادم نادم فالسادم المهموم ويقال الحزين ويقال السدم الغضب مع هم ويقال غيظ من حزن ويقولون تافه نافه فالتافه القليل والنافه الذي يعيى صاحبه أنشد أبو زيد
(
ولن أعود بعدها كريا ** أمارس الكهلة والصبيا ** والعزب المنفه الاميا )
وقال الأمي العيي القليل الكلام والمنفه الذي قد نفهه السير أي أعياه ويكون النافه المعيى

في نفسه ويقولو ن أحمق تاك وفاك فتاك من قولهم تك الشيء يتكه تكا إذا وطئه حتى يشدخه ولا يكون ذلك الشيء ألا لينا مثل الرطب والبطيخ وما أشبههما والأحمق مولع بوطء أمثالهما وفاك من الفكة وهو الضعف قال الشاعر
(
الحزم والقوة خير من الإدهان والفكة والهاع ** )
وقال ابن الأعرابي شيخ تاك وفاك فمعناه أن الشيخ لضعفه إذا وطىء لم يقدر أن يشدخ غير الشيء اللين وفاك هرم وقد فك يفك فكا وفكوكا فهو فاك ويقال عنز فاكة ونعجة فاكة ويقولون سائغ لائغ وسيغ ليغ فاللائغ الذي لا يتبين نزوله في الحلق من سهولته ( وقال ) أبو عمرو الأليغ الذي لا يبين الكلام وامرأة ليغاء فأصلها من لاغ يليغ وإن كان لم يصل إلى الآخر لاغ ويليغ ويقولون مائق دائق فالدائق الهالك حمقا كذا قال أبو زيد فأما الدانق بالنون فالساقط المهزول من الرجال كذا قال أبو عمرو وأنشد
(
أن ذوات الدل والبخانق ** قتلن كل وامق وعاشق ** حتى تراه كالسليم الدانق )
(
قال أبو علي ) البخايف البراقع الصغار واحدها بخنق ويقولون عك أك فالعك والعكة والعكيك شدة الحر والأك والأكة الحر المحتدم يقال يوم ذوأك والأك أيضا الضيق قال رؤبة
(
تفرجت أكاته وعممه ** عن مستثير لا يرد قسمه )
ويقال أكه يؤكه أكا إذا زحمه والزحام تضييق ويقولون كزلز فاللز اللاصق بالشيء من قولهم لززت الشيء بالشيء إذا الصقته به وقرنته إليه والعرب تقول هو لزاز شر ولزيز شر ولز شر ويقولون فدم لدم فالفدم العيي البليد ويقال الجبان واللدم الملدوم وهو الملطوم كما قالوا ماء سكب أي مسكوب ودرهم ضرب أي مضروب أبدلت الطاء دالا لتشاكل الكلام
ويقولون رغما دغما شنغما فالدغم والدغمة أن يكون وجه الدابة وحجافلها تضرب إلى السواد ويكون وجهها مما يلي حجافلها أشد سوادا من سائر

جسدها فكأنه قال أرغمه الله وسود وجهه ويمكن أن يكون الدغم الدخول في الأرض فيكون من قولهم أدغمت الحرف في الحرف وأدغمت اللجام في فم الفرس فأما شنغم فلا أعرف له اشتقاقا وسألت عنه جميع شيوخنا فلم أجد أحدا يعرفه وقد ذكره سيبويه في الابنية وكان مشايخنا يزعمون أن كثيرا من أهل النحو صحف في هذا الحرف في كتاب سيبويه فقال شنعم بالعين غير المعجمة والذي روى ذلك له وجه من الإشتقاق وهو أن تجعل الميم زائدة كما أنها في زرقم وستهم وجلهمة ويكون اشتقاقه من الشناعة كأنه قال أرغمه الله وأدغمه الله وشنع به
ويقولون فعلت ذلك على رغمه وشنعه ويقولون رطب ثعد معد فالثعد اللين والمعد الكثير اللحم الغليظ وكان أبو بكر بن دريد يقول اشتقاق المعدة من هذا ويمكن أن يكون المعد الممعود وهو المنزوع المأخوذ فأقيم المصدر مقام المفعول كما قا لوا هذا درهم ضرب الأمير أي مضروب الأمير ويكون من قولهم معدت الشيء إذا نزعته وأقتلعته ويقولون مررت بالرمح وهو مركوز فامتعدته فيكون معناه على هذا رطب لين منزوع من الشجرة لوقته
ويقولون أحمق بلغ ملغ قال أبو زيد البلغ الذي يسقط في كلامه كثيرا وقال ابن الاعرابي يقال بلغ وبلغ وقال ابو عبيدة البلغ البليغ بفتح الباء وقال غيره البلغ والبلغ الذي يبلغ ما يريد من قول أو فعل والملغ الذي لا يبالي ما قال وما قيل له هكذا قال أبو زيد وقال أبو عبيدة الملغ الشاطر وأبو مهدي الأعرابي هو الذي سمى عطاء ملغا ويقولون حسن بسن ( قال أبو علي ) يجوز أن تكون النون في بسن زائدة كما زادوا في قولهم امرأة خلبن وهو الخلابة وناقة علجن من التعلج وهو الغلظ وامرأة سمعنة نظرنة وسمعنة نظرنة إذا كانت كثيرة النظر والإستماع فكان الأصل في بسن بسا وبس مصدر بسست السويق أبسه بسا فهو مبسوس إذا لتته بسمن أو زيت ليكمل طيبه فوضع البس موضع المبسوس وهو المصدر كما قلت هذا درهم ضرب الأمير تريد مضروبه ثم حذفت إحدى

السينين وزيد فيه النون وبني على مثال حسن فمعناه حسن كامل الحسن وأحسن من هذا المذهب الذي ذكرناه أن تكون النون بدلا من حرف التضعيف لأن حروف التضعيف تبدل منها الياء مثل تظنيت وتقضيت وأشبهاههما مما قد مضى فلما كانت النون من حروف الزيادة كما أن الياء من حروف الزيادة وكانت من حروف البدل كما أنها من حروف البدل أبدلت من السين إذ مذهبهم في الإتباع أن تكون أواخر الكلم على لفظ واحد مثل القوافي والسجع ولتكون مثل حسن ويقولون حسن قسن فعمل بقسن ما عمل ببسن على ما ذكرنا والقس تتبع الشيء وطلبه فكأنه حسن مقسوس أي متبوع مطلوب
ومن الأتباع قولهم لحمه خظا بظاو بظا بمعنى خظا وهو كثرة اللحم ويقولون بظا يبظو إذا كثر لحمه فأما قول الرجل لأبي الأسود خظيت وبظيت فيمكن أن يكون من هذا أي زادت عنده ( وسئل ) ابن الأعرابي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الصدوق يعطى ثلاث خصال الهيبة والملحة والمحبة ) فقال يمكن أن تكون الملحة من قولهم تملحت الإبل إذا سمنت فكأنه يعطي الزيادة والفضل
ويقولون أجمعون أكتعون فأكتعون بمعنى أجمعين وقال أبو بكر بن دريد كتع الرجل إذا تقبض وانضم ( قال ) ويقال كتع كتعا إذا شمر في أمره فيجوز أن يكون جاؤا أجمعين منضمين بعضهم إلى بعض ويقولون أجمعون أبصعون فابصعون من قولهم تبصع العرق إذا سال ورشح وقد روى بيت أبي ذؤيب
(
إلا الحميم فإنه يتبصع ** )
أي يسيل سيلانا لا ينقطع فكأنه قال أجمعون متتابعون لا ينقطع بعضهم عن بعض كالشيء السائل ويقولون ضيق ليق فالضيق اللأصق لما تضمنه من ضيق والليق مأخوذ من قولهم لاقت الدواة إذا التصقت ولاقت المرأة عند زوجها أي لصقت بقلبه
قال الأصمعي ولا أعرف ضيق عيق ( قال أبو علي ) فإن قيل ضيق عيق فهو صواب لأنهم يقولون ما لاقت المرأة عند زوجها ولا عاقت أي لم تلصق بقلبه ويقال عفريت نفريت وعفرية نقرية فعفريت فعليت من العفر يريدون به

شدة العفارة ويمكن أن يكون عفريت فعليتا من العفر وهو التراب كأنه شديد التعفير لغيره أي التمريغ له ونفريت فعليت من النفور يمكن أن يكونوا أرادوا شديد النفور ويمكن أن يكونوا أرادوا شدة التنفير لغيره ويقال أنه لمعفت ملفت فالمعفت الذي يعفت الشي أي يدقه ويكسره يقال عفت عظمه إذا كسره والملفت مثله في المعنى يقال ألفت عظمه إذا كسره ويجوز أن يكون الملفت الذي يلفت الشيء أي يلويه يقال لفت ردائي على عنقي وأنشد أبو بكر بن دريد
(
أسرع من لفت رداء المرتدي ** )
يقال لفت الشيء إذا عصدته وكل معصود ملفوت ومنه اللفيته وهي العصيدة والعصد اللى ويقولون سبحل ربحل فالسجل الضخم يقال سقاء سبحل وسحبل وسبحلل
قال الأصمعي ونعتت امرأة من العرب ابنتها فقالت سبحلة ربحله تنمي نبات النخله وقال أبو زيد الربحلة العظيمة الجيدة الخلق في طول
وقيل لأبنة الخس أي الإبل خير فقالت السبحل الربحل الراحلة الفحل والربحل مثل السبحل في المعنى ومنه قول عبد المطلب لسيف وملكا ربحلا يعطي عطاء جزلا يريد ملكا عظيما
ويقولون في صفة الذئب سملع هملع والهملع السريع وكذلك السملع أنشدني أبو بكر ابن دريد لبعض الرجاز
(
مثلي لا يحسن قول فع فع ** والشاة لا تمشي على الهملع )
تمشي تنمى ( قال ) والفعفعة زجر من زجر الغنم ويقولون هو لك أبدا سمدا سمرمدا ومعناها كلها واحد ( قال ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال سمعت أعرابيا يذم مدينة دخلها وهو يقول نزلت بذلك الوادي فإذا ثياب أحرار على أجساد عبيد إقبال حظهم إدبار حظ الكرام ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال أغار قوم على قوم من العرب فقتل منهم عدة نفر وأفلت منهم رجل فتعجل إلى الحي فلقيه ثلاث نسوة يسألن عن آبائهن

فقال لتصف كل واحدة منكن أباها على ما كان فقالت إحداهن كان ابي على شقاء مقاء طويلة الأنقاء تمطق أنثياها بالعرق تمطق الشيخ بالمرق فقال نجا أبوك فقالت الأخرى كان أبي على طويل ظهرها شديد أسرها هاديها شطرها فقال نجا أبوك فقالت الأخرى كان أبي على كزة أنوح يرويها لبن اللقوح قال قتل أبوك فلما انصرف الغل أصابوا الآمر كما ذكر قال أبو علي الشقاء الطويلة وكذلك المقاء والمقق الطول ورجل أشق وأمق إذا كان طويلا والنقي كل عظم فيه مخ وجمعه أنقاء والتمطق التذوق وهو أن يطبق احدى الشفتين على الاخرى مع صوت يكون بينهما والأسر الخلق قال الله عز وجل وشددنا أسرهم والهادى العنق والأنوح الكثير الزحير في جريه يقال منه أنح يأنح أنوحا وهو ذم في الخيل أنشد يعقوب
(
جرى ابن ليلى جرية السبوح ** جرية لأوان ولا أنوح )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس لقيس بن ذريح )
(
وفي عروة العذري إن مت أسوة ** وعمرو بن عجلان الذي قتلت هند )
(
وبي مثل ماما تابه غير أنني ** إلى أجل لم يأتني وقته بعد )
(
هل الحب إلا عبرة بعد عبرة ** وحر علي الأحشاء ليس له برد )
(
وفيض دموع العين يا ليل كلما ** بدا علم من أرضكم لم يكن يبدو )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر محمد بن السري السراج قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي ليزيد المهلبي
(
لا تخافي إن غبت أن نتناساك ** ولا إن وصلتنا أن نملا )
(
إن تغيبي عنا فسقيا ورعيا ** أو تحلي فينا فأهلا وسهلا )
(
قال أبو علي ) قال أبو زيد من أمثال العرب لأفشنك فش الوطب يقوله الرجل للآخر إذا رآه منتفخا من الغضب لأي لأذهبن انتفاخك يقال فششت الوطب أفشه فشا )

إذا حللت وكاءه وهو منفوخ فيخرج منه ما فيه من الريح ( وقال الأصمعي ) من أمثالهم هما كعكمى عير يقال للشيئين المستويين ويقال هما كركبتي البعير وهو مثله ويقال سواسية كأسنان الحمار مثله وسواسية مستوون ولم يعرف الأصمعي لسواسية واحدا
ويقال هم كأسنان المشط ( قال اللحياني ) يقال انتقع لونه واستفع لونه من السفعة وهي السواد واهتقع لونه والتمع لونه والتمي لونه واستقع لونه والتقع واستنقع وابتسر والتهم وانتسف وانتشف وقال اللحياني ويقال في الدعاء على الانسان ماله عبر وسهر وحرب وجرب ورجل ( قال ) ورجل من الرجلة ( قال أبو علي ) وعبر من العبرة وحرب من الحرب والحرب السلب وكان أبو بكر بن دريد يقول اشتقاق الحرب من الحرب ( وقال اللحياني ) يقال آم وعام فآم ماتت امرأته ( قال أبو علي ) وعام اشتهى اللبن يراد بذلك ذهبت ابله وغنمه فعام إلى اللبن ( قال ) ويقال ماله مال وعال فمال جار وعال افتقر ويقال ماله شرب بلزن ضاح أي في ضيق مع حر الشمس ( قال أبو علي ) اللزن الضيق والضاحي البارز للشمس الذي لا يستره شيء ( قال ) ويقال ماله أحر الله صداه أي أعطش الله هامته ( قال أبو علي ) ومعنى هذا الكلام أي قتل فلم يثأر به لأن العرب تزعم أن القتيل يخرج من هامته طائر يسمى الهامة فلا يزال يصبح على قبره اسقوني حتى يقتل قاتله ومنه قول ذي الإصبع العدواني
(
يا عمرو ان لا تدع شتمي ومنقصتي ** أضربك حتى تقول الهامة اسقوني )
يعني رأسه ويقولون ماله أبلاه الله بالحرة تحت القرة أي العطش والبرد ( قال أبو علي ) الحرة حرارة الجوف من العطش قال الشاعر
(
ما كان من سوقة أسقى على ظمإ ** ماء بخمر إذا ناجودها بردا )
(
من ابن مامة كعب ثم عيى به ** زو المنية إلا حرة وقدى )
(
قال أبو علي ) يريد عيي به والزو الهلاك ( قال ) ويقولون ماله وراه الله والوري سعال

يقيء منه دما وقيحا والعرب تقول للبغيض إذا سعل وريا قحابا فالقحاب السعال وللحبيب إذا عطس عمرا وشبابا ( قال أبو علي ) الوري مصدر والوري الإسم ( قال اللحياني ) وحكى عن أبي جعفر قال العرب تقول بفيه البرى وهو التراب وحمى خيبرا أي خيبر فإنه خيسرا أي ذو خسر
قال وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قيل لامرأة من العرب أي الإبل أكرم قالت السريعة الدرة الصبور تحت القرة التي يكرمها أهلها إكرام الفتاة الحرة قالت الأخرى نعمت الناقة هذه وغيرها أكرم منها قيل وما هي قالت الهموم الرموم القطوع للديموم التي ترعى وتسوم أي لا يمنعها مرها وسرعتها أن تأخذ والرموم التي لا تبقي شيأ والهموم الغزيرة
قال وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا أحمد بن يحيى قال قال سعيد بن العاص ما شتمت رجلا مذ كنت رجلا ولا زاحمته بركبتي ولا كلفت ذا مسئلتي أن يبذل ماء وجهه فيرشح جبينه رشح السقاء ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا محمد بن عيسى الأنصاري عن ابن عائشة قال سأل عبد الرحمن بن حسان رجلا حاجة فقصر فيها فسألها غيره فقضاها فكتب عبد الرحمن إلى الأول
(
ذممت ولم تحمد وأدركت حاجتي ** تولى سواكم شكرها واصطناعها )
(
أبى لك فعل الخير رأى مقصر ** ونفس أضاق الله بالخير باعها )
(
إذا هي حثته على الخير مرة ** عصاها وإن همت بسوء أطاعها )
وقرأت على أبي عمر المطرز قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال أسرت طيء رجلا شابا من العرب فقدم أبوه وعمه ليفدياه فاشتطوا عليهما في الفداء فأعطيا لهم عطية لم يرضوها فقال أبوه لا والذي جعل الفرقدين يمسيان ويصبحان على جبلء جبلى طيء لا أزيدكم على ما أعطيتكم ثم انصرفا فقال الأب للعم لقد ألقيت إلى ابن كليمة لئن كان فيه خير لينجون فما لبث أن نجا وأطرد قطعة من إبلهم فكأن أباه قال له الزم الفرقدين على جبلى طيء فإنهما

طالعان عليهما وهما لا يغيبان عنه ( وبهذا الإسناد ) قال ابن الأعرابي الورث في الميراث والإرث في الحسب وقال إذا نمت من أول الليل نومة ثم قمت فتلك الناشئة ( قال ) ويقال رجل معم ملم أي يعم القوم ويجمعهم قال وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى
(
ثلاثة أبيات فبيت أحبه ** وبيتان ليسا من هواي ولا شكلي )
(
فيا أيها البيت الذي حيل دونه ** بنا أنت من بيت وأهلك من أهل )
(
بنا أنت من بيت دخولك لذة ** وظلك لو يسطاع بالبارد السهل )
قال وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى
(
أتيت بني عمي ورهطي فلم أجد ** عليهم إذا اشتد الزمان معولا )
(
ومن يفتقر في قومه يحمد الغنى ** وإن كان فيهم ماجد العم مخولا )
(
يمنون أن أعطوا ويبخل بعضهم ** ويحسب عجزا سمته إن تجملا )
(
ويزري بعقل المرء قلة ماله ** وإن كان أقوى من رجال وأحولا )
(
فإن الفتى ذا الحزم رام بنفسه ** حواشي هذا الليل كي يتمولا )
قال وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه
(
الحمد لله حمدا دائما أبدا ** في كل حال هو المسترزق الوزر )
(
فليس ما يجمع المثري بحيلته ** وليس بالعجز من لم يثر يفتقر )
(
أن المقاسم أرزاق مقدرة ** بين العباد فمحروم ومدخر )
(
فما رزقت فإن الله جالبه ** وما حرمت فما يجري به القدر )
(
فاصبر على حدثان الدهر منقبضا ** عن الدناءة أن الحر يصطبر )
(
ولا تبيتن ذاهم تعالجه ** كأنه النار في الأحشاء تستعر )
(
على الفراش لنور الصبح مرتقبا ** كأن جنبك مغرور به الإبر )


(
فالهم فضل وطول العيش منقطع ** والرزق آت وروح الله منتظر )
(
قال أبو علي ) الروح السرور والفرح قال الله عز وجل فروح وريحان والريحان الرزق
قال وحدثنا أبو عبد الله قال حدثنا محمد بن يزيد الأزدي يعني المبرد قال قال سعيد بن سلم مدحني أعرابي ببيتين لم أسمع أحسن منهما
(
أيا ساريا بالليل لا تخش ضلة ** سعيد بن سلم ضوء كل بلاد )
(
لنا مقرم أربى على كل مقرم ** جواد حثا في وجه كل جواد )
فأغفلت صلته فهجاني ببيتين لم أسمع أهجى منهما وهما قوله
(
لكل أخي مدح ثواب علمته ** وليس لمدخ الباهلي ثواب )
(
مدحت ابن سلم والمديح مهزة ** فكان كصفوان عليه تراب )
قال وأنشدنا أحمد بن يحيى
(
قد مررنا بمالك فوجدناه ** سخيا إلى المكارم ينمي )
(
ورحلنا إلى سعيد بن سلم ** فإذا ضيفه من الجوع يرمي )
يرمى بنفسه أي يموت
(
وإذا خبزه عليه سيكفيكهم الله ما بدا ضوء نجم )
(
وإذا خاتم النبي سليمان ** بن داود قد علاه بختم )
(
فارتحلنا من عنند هذا بحمد ** وارتحلنا من عند هذا بذم )
قال وأنشدنا أبو عبد الله قال أنشدنا أحمد بن يحيى ( قال أبو علي ) وقرأت هذه الأبيات على أبي بكر بن دريد والألفاظ في الروايتين مختلفة ولم يسم قائلها أبو عبد الله وقال أبو بكر هي لسالم بن وابصة
(
أحب الفتى ينفي الفواحش سمعه ** كأن عن كل فاحشة وقرا )
(
سليم دواعي الصدر لا باسطا أذى ** ولا مانعا خيرا ولا ناطقا هجرا )


(
إذا ما أتت من صاحب لك زلة ** فكن أنت محتالا لزلته عذرا )
(
غنى النفس ما يكفيه من سد خلة ** وإن زاد شيأ عاد ذاك الغنى فقرأ )
وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله أنشدنا أبو علي العنزي للأفوه الأودي ( قال أبو علي ) وقرأتها على أبي بكر بن دريد في شعر الأفوه واسمه صلاءة بن عمرو
(
فينا معاشر لم يبنوا لقومهم ** وإن بنى قومهم ما أفسدوا وعادوا )
وروى أبو بكر بن الأنباري منا معاشر لن يبنوا
(
لا يرشدون ولن يرعوا لمرشدهم ** فالجهل منهم معا والغي ميعاد )
(
أضحوا كقيل بن عمرو في عشيرته ** إذ أهلكت بالذي سدى لها عاد )
وروى أبو بكر بن الأنباري
(
كانوا كمثل لقيم في عشيرته ** إذا أهلكت بالذي قد قدمت عاد )
(
أو بعده كقدار حين نابعه ** على الغواية أقوام فقد بادوا )
وروى أبو بكر بن الأنباري حين طاوعه
(
والبيت لا يبتنى إلا له عمد ** ولا عماد إذا لم ترس أوتاد )
وروى أبو بكر ولا عمود
(
فإن تجمع أوتاد وأعمدة ** وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا )
(
قال أبو علي ) وزادنا أبو بكر بن الأنباري بعد هذا بيتا وهو
(
وإن تجمع أقوام ذو وحسب ** اصطاد أمرهم بالرشد مصطاد )
(
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ** ولا سراة إذا جهالهم سادوا )
(
تبقى الأمور بأهل الرأي ما صلحت ** فإن تولت فبالاشرار تنقاد )
وروى أبو بكر بن الأنباري تهدى الأمور
(
إذا تولى سراة القوم أمرهم ** نما على ذاك أمر القوم فازدادوا )


(
أمارة الغي أن يلقي الجميع لذي الأبرام للأمر والأذناب أكتاد ** )
(
حان الرحيل إلى قوم وإن بعدوا ** فيهم صلاح لمرتاد وإرشاد )
وروى أبو بكر بن الأنباري آن الرحيل ( قال ) أبو علي وقرأت على أبي بكر بن دريد حان الرحيل ويروى لأرحلن إلى قوم
(
فسوف أجعل بعد الأرض دونكم ** وإن دنت رحم منكم وميلاد )
(
إن النجاء إذا ما كنت ذا نفر ** من أجة الغي إبعاد فإبعاد )
(
قال أبو علي ) وزادنا أبو بكر بن الأنباري بعد هذا بيتا وهو
(
فالخير تزداد منه ما لقيت به ** والشر يكفيك منه قلما زاد )
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال نازع القتال الكلابي وهو عبيد بن المضرحي رجلا من قومه فقال له الرجل أنت كل على قومك والله أنك لخامل الذكر والحسب ذليل النفر خفيف على كاهل خصمك كل على ابن عمك فقال القتال
(
أنا ابن أسماء أعمامي لها وأبي ** إذا ترامى بنو الإموان بالعار )
(
لا أرضع الدهر إلا ثدي واضحة ** لواضح الجد يحمي حوزة الجار )
(
من آل سفيان أو ورقاء يمنعها ** تحت العجاجة ضرب غير عوار )
(
يا ليتني والمنى ليست بنافعة ** لمالك أو لحصن أو لسيار )
(
طوال أنضية الأعناق لم يجدوا ** ريح الإماء إذا راحت بأزفار )
(
لا يتركون أخاهم في مودأة ** يسفي عليه دليل الذل والعار )
(
ولا يفرون والمخزاة تقرعهم ** حتى يصيبوا بأيد ذات أظفار )
(
قال أبو علي ) النضي عظم العنق والأزفار الأحمال واحدها زفر والمودأة المضيقة من قولهم تودأت عليه الأرض إذا استوت عليه فوارته ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري

قال أنشدني أبي
(
أي شيء يكون أعجب أمرا ** إن تفكرت من صروف الزمان )
(
عارضات السرور توزن فيه ** والبلايا تكال بالقفزان )
قال وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لكبشة أخت عمرو بن معد يكرب
(
وأرسل عبد الله إذ حان حينه ** إلى قومه لا تعقلوا لهم دمي )
(
ولا تأخذوا منهم إفالا وأبكرا ** وأترك في بيت بصعدة مظلم )
(
ودع عنك عمرا أن عمرا مسالم ** وهل بطن عمر وغير شبر لمطعم )
(
فإن أنتم لم تقبلوا واتديتم ** فمشوا بآذان النعام المصلم )
(
ولا تردوا إلا فضول نسائكم ** إذا ارتملت أعقابهن من الدم )
(
قال أبو علي ) إلا فال جمع أفيل وهي صغار أولاد الإبل وارتملت التطخت يعني إذا حضن قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا العكلي عن الحرمازي قال حدثنا الهيثم عن مجالد عن الشعبي قال دخل صعصعة بن صوحان على معاوية رضي الله عنه أول ما دخل عليه وقد كان يبلغ معاوية عنه فقال معاوية رحمه الله ممن الرجل فقال رجل من نزار قال وما نزار قال كان إذا غزا انحوش وإذا انصرف انكمش وإذا لقي افترش قال فمن أي ولده أنت قال من ربيعة قال وما ربيعة قال كان يغزو بالخيل ويغير بالليل ويجود بالنيل قال فمن أي ولده أنت قال من أمهر قال وما أمهر قال كان إذا طلب أفضى وإذا أدرك أرضى وإذا آب أنضى قال فمن أي ولده أنت قال من جديلة قال وما جديلة قال كان يطيل النجاد ويعد الجياد ويجيد الجلاد قال فمن أي ولده أنت قال من دعمي قال ومادعمي قال كان نارا ساطعا وشرا قاطعا وخيرا نافعا قال فمن أي ولده أنت قال من أفصى قال وما أفصى قال كان ينزل القارات ويكثر الغارات ويحمي الجارات قال فمن أي ولده أنت قال من عبد القيس قال وما عبد القيس قال

أبطال ذاده حجاحجة ساده صناديد قاده قال فمن أي ولده أنت قال من أفصى قال وما أفصى قال كانت رماحهم مشرعه وقدورهم مترعه وجفانهم مفرغه قال فمن أي ولده أنت قال من لكيز قال ومان لكيز قال كان يباشر القتال ويعانق الأبطال ويبدد الأموال قال فمن أي ولده أنت قال من عجل قال وما عجل قال الليوث الضراغمه الملوك القماقمه القروم القشاعمه قال فمن أي ولده أنت قال من كعب قال وما كعب قال كان يسعر الحرب ويجيد الضرب ويكشف الكرب قال فمن أي ولده أنت قال من مالك قال وما مالك قال هو الهمام للهمام والقمقام للقمقام فقال معاوية رحمه الله ما تركت لهذا الحي من قريش شيأ قال بل تركت أكثره وأحبه قال وما هو قال تركت لهم الوبر والمدر والأبيض والأصفر والصفا والمشعر والقبة والمفخر والسرير والمنبر والملك إلى المحشر قال أما والله لقد كان يسوءني أن أراك أسيرا قال وأنا والله لقد كان يسوءني أن أراك أميرا ثم خرج فبعث إليه فرد ووصله وأكرمه ( قال أبو علي ) القارات جمع قارة وهي الجبيل الصغير ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال قال معاوية رحمه الله لعقال بم سادكم الأحنف وهو خارجي فقال إن شئت حدثتك عنه بخصلة وإن شئت بإثنتين وإن شئت بثلاث وإن شئت حدثتك إلى الليل قال حدثني عنه بثلاث خصال قال لم أر أحدا من خلق الله كان أغلب لنفسه من الأحنف فقال نعم والله الخصلة قال ولم أر أحدا من خلق الله أكرم لجليس من الأحنف قال نعم والله الخصلة قال ولم أر أحدا من خلق الله كان أحظى من الأحنف قال كان يفعل الرجل الشيء فتصير حظوته للأحنف قال وأنشدني أبو بكر رحمه الله
(
بطون الضأن رمحك حين تغدو ** تشد به وليس له سنان )
(
سلاح لم يكن إلا لغدر ** به قتل الأشداء الجبان )

وأتيتك على عدواء الشغل أي على اختلاف الأمر بالشغل وصرف الشغل وروى أبو عبيد عن الأصمعي العداوء الشغل ويقال عداه عن كذا وكذا يعدوه إذا صرفه وعده عن ذلك أي اصرفه والعوادي الصوارف واحدتها عادية قال ساعدة
(
هجرت غضوب وحب من يتجنب ** وعدت عواد دون وليك تشعب )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو عبد الله عن أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال يقال أعداه المرض وأنشدنا هو ولم يعزه إلى ابن الأعرابي
(
فوالله ما أدري أطائف جنة ** تأوبني أم لم يجد أحدا وجدي )
(
عشية لا أعدي بدائي صاحبي ** ولم أر داء مثل دائي لا يعدي )
(
وكان الصبا خدن الشباب فأصبحا ** وقد تركاني في مغانيهما وحدي )
(
قال الأصمعي ) يقال ما عدا ذاك بني فلان أي ما جاوزهم قال وأنشدني أبو عمرو لبشر بن أبي حازم
(
فأصبحت كالشقراء لم يعد شرها ** سنابك رجليها وعرضك أوفر )
ويقال الزم أعداء الوادي أي نواحيه وقال أبو نصر العدوة والعدوة الساحة والفناء وقال غيره العدوة والعدوة جانب الوادي
وقال الأصمعي يقال نزلت في قوم عدى وعدى أي أعداء والعدى أيضا الغرباء وقال أبو حاتم العدى الأعداء والعدى الغرباء فأما عدى فليس من كلام العرب إلا أن تدخل الهاء فتقول عداة والعادي العدو
قال الأصمعي خاصمت بنت حلوى امرأة فقالت ألا تقومين أقام الله ناعيك وأشمت الله رب العرش عاديك ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة للمغيرة بن حبناء


(
خذ من أخيك العفو واغفر ذنوبه ** ولا تك في كل الأمور تعاتبه )
(
فإنك لن تلقى أخاك مهذبا ** وأي امرئ ينجو من العيب صاحبه )
(
أخوك الذي لا ينقض النأي عهده ** ولا عند صرف الدهر يزور جانبه )
(
وليس الذي يلقاك بالبشر والرضا ** وإن غبت عنه لسعتك عقاربه )
قال وقرأت على أبي بكر رحمه الله للمغيرة
(
إذا أنت عاديت امرأ فاظفر له ** على عثرة إن أمكنتك عواثره )
(
قال أبو علي ) اظفر افتعل من الظفر وهو الوثب
(
وقارب إذا مالم تجد لك حيلة ** وصمم إذا أيقنت أنك عاقره )
(
فإن أنت لم تقدر على أن تهينه ** فذره إلى اليوم الذي أنت قادره )
وفي هذه القصيدة يقول
(
وقد ألبس المولى على ضغن صدره ** وأدرك بالوغم الذي لا أحاضره )
(
وقد يعلم المولى على ذاك أنني ** إذا ما دعا عند الشدائد ناصره )
(
وإني لأجزي بالمودة أهلها ** وبالشر حتى يسأم الشر حافره )
(
وأغضب للمولى فأمنع ضيمه ** وإن كان غشا ما تجن ضمائره )
(
وأحلم ما لم ألق في الحلم ذلة ** وللجاهل العريض عندي زاجره )
(
قال أبو علي ) ويروى عندي مزاجره
(
وإني لخراج من الكرب بعدما ** تضيق على بعض الرجال حظائره )
(
حمول لبعض الأمر حتى أناله ** صموت عن الشيء الذي أنا ذاخره )
قال وحدثني أبو عبد الله رحمه الله قال حدثني محمد بن عبد الله القحطبي قال إنما سمي الأخطل لأن ابني جعيل تحاكما أيهما أشعر فقال
(
لعمرك أنني وابني جعيل ** وأمهما الإستار لئيم )


فقيل له أن هذا لخطل من قولك فسمى الأخطل
قال أبو عبيدة يقال منطق خطل إذا كان فيه اضطراب ورمح خطل وأذن خطلاء قال والإستار أربعة من كل عدد قال جرير
(
أن الفرزدق والبعيث وأمه ** وأبا البعيث لشر ما إستار )
قال والنواة خمسة والأوقية أربعون والنش عشرون والفرق ستة عشر ( قال ) وأنشدنا أبو بكر محمد بن السري السراج قال أنشدني او انشدنا وكيع الشك من أبي علي قال أنشدنا أحمد بن سليمان الراوية
(
أستر بصبر خللك ** وألبس عليه سملك )
(
وكل هزيليك على الراحة واشرب وشلك ** )
(
إذا اعترتك فاقة ** فارحل برفق جملك )
(
وارغب إلى الله ونط ** بما لديه أملك )
(
وآخ في الله وصل ** في دينه من وصلك )
(
رزقك يأتيك إلى ** حين تلاقى أجلك )
(
مالك ما قدمته ** وليس ما بعدك لك )
(
وللزمان أكلة ** إذا اشتهاها أكلك )
(
وللردى قوس فإن ** رماك عنها قتلك )
(
يا رب إني راغب ** أدعو وأرجو نفلك )
(
أنت حفي لم تخب ** دعوة راج أملك )
(
فأعطني من سعة ** يا من تعالى فملك )
(
سبحانك اللهم ما ** أجل عندي مثلك )
(
قال أبو علي ) المثل ههنا المقدار ( قال ) وأنشدنا علي بن سليمان بن الفضل الكاتب للعطوي


(
جل رب الأعراض والأجسام ** عن صفات الأعراض والأجسام )
(
جل ربي عن كل ما اكتنفته ** لحظات الأبصار والأوهام )
(
برئ الله من هشام وممن ** قال في الله مثل قول هشام )
(
أي زاد تزودته يداه ** عامدا من كبائر الآثام )
(
سوف تلقاه حين يلقاه نار ** تتلظى لأهلها بضرام )
(
كم شديد العناد للإسلام ** بين أبناء ملة الإسلام )
(
كهشام فإنه خلع الربقة من كل حرمة وذمام ** )
(
قل لمن قال قوله ورآه ** خير مسترشد وخير إمام )
(
لم أنكرت أن يكون مصيبا ** في مساعيه عابد الأصنام )
(
لم أنكرت قول من عبد الشمس وصلى للأنجم الأعلام ** )
(
إن ترم بينها إنفصالا فهيهات ** لقد رمت منه صعب المرام )
(
مال الدليل المبين عن حدث العالم ** أفصح به لدى الأقوام )
(
لا دليل فلا ترمه وقد قلت كبعض الأنام رب الأنام ** )
(
لم ترد غير قدمة الخلق فاقصد ** قصده دع مناقضات الكلام )
قال وقرأت على أبي بكر رحمه الله
(
لا أدفع ابن العم يمشي على شفا ** وأن بلغتني من أذاه الجنادع )
(
ولكن أواسيه وأنسى ذنوبه ** لترجعه يوما إلي الرواجع )
(
وحسبك من ذل وسوء صنيعة ** مناواة القربى وإن قيل قاطع )
(
قال أبو علي ) جنادع الشر أوائله واحدها جندعة وأصل الجنادع دواب تكون في حجرة الضباب فإذا جاء المضبب فرآها قال هذه جنادعه ( قال ) وحدثني أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن يونس قال لما أنشد أبو النجم


(
بين رماحي مالك ونهشل ** ) قال رؤبة أو ليس نهشل من مالك فقال له يا ابن أخي أن الكمر أشباه يريد مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي للمخبل السعدي
(
إذا أنت عاديت الرجال فلاقهم ** وعرضك عن غب الأمور سليم )
(
وإن مقادير الحمام إلى الفتى ** لسواقة مالا يخاف هموم )
(
وقد يسبق الجهل النهى ثم أنها ** تريع لأصحاب العقول حلوم )
(
وقد تزدري النفس الفتى وهو عاقل ** ويؤفن بعد القوم وهو حزيم )
أي حازم ( قال أبو علي ) وقرأت هذا البيت على أبي عمر في نوادر ابن الأعرابي ( قال ) وأنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
(
ويؤفن بعض القوم وهو جريم ** ) أي عظيم الجرم
(
قال أبو علي ) الجرم الجسد ( قال ) وأنشدنا أبو بكر للمغيرة بن حبناء )
(
إني امرؤ حنظلي حين تنسبني ** ملقيتك ولا أخوالي العوق )
(
لا تحسبن بياضا في منقصة ** أن اللهاميم في أقرابها البلق )
(
قال أبو علي ) اللهاميم واحدها لهموم وهو الكثير الجري والعرب تقول أضعف الخيل البلق وأشد البهم وأنشدنا أبو بكر لعروة بن الورد
(
قلت لركب في الكنيف تروحوا ** عشية بتنا عند ما وان رزح )
(
تنالوا الغنى أو تبلغوا بنفوسكم ** إلى مستراح من عناء مبرح )
(
ومن يك مثلي ذا عيال ومقترا ** يغرر يطرح نفسه كل مطرح )
(
ليبلغ عذرا أو يصيب رغيبة ** ومبلغ نفس عذرها مثل منحج )
(
قال أبو علي ) ما وان ماء لبني فزارة والرازح الذي قد سقط من ا لهزال والأعياء والجميع رزح ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة لمعن 4 بن أوس


(
لعمرك ما أهويت كفي لريبة ** ولا حملتني نحو فاحشة رجلي )
(
ولا قادني سمعي ولا بصري لها ** ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي )
(
وأعلم أني لم تصبني مصيبة ** من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي )
(
ولست بماش ما حييت بمنكر ** من الأمر ما يمشي إلى مثله مثلي )
(
ولا مؤثرا نفسي على ذي قرابتي ** وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي )
قال حدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو معاذ قال حدثنا محمد بن شبيب أبو جعفر النحوي عن ابن أبي خالد عن سفيان بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان قال وقع ميراث بين بني هاشم وبين بني أمية تشأ حوافيه وتضايقوا فلما تفرقوا أقبل علينا أبونا عمرو فقال يا بني أن لقريش درجا تزل عنها أقدام الرجال وأفعالا تخشع لها رقاب الأموال وغايات تقصر عنها الجياد المسومة وألسنا تكل عنها الشفار المشحوذة ثم إنه ليخيل إلي أن منهم ناسا تخلقوا بأخلاق العوام فصار لهم رفق في اللؤم وتخرق في الحرص أن خافوا مكروها تعجلوا له الفقر وإن عجلت لهم نعمة أخروا عليها الشكر أولئك أنضاء الفكر وعجزة حملة الشكر ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو معاذ عن محمد بن شبيب النحوي قال وفد عبيد الله بن زياد بن ظبيان على عتاب بن ورقاء فأعطاه عشرين ألفا فلما ودعه قال يا هذا ما أحسنت فأمدحك ولا أسأت فأذمك وإنك لأقرب البعداء وأحب البغضاء
(
قال يعقوب ) يقال وقع ذلك الأمر في روعي وفي خلدي وفي ضميري وفي نفسي وحكى التوزي وقع في صفري وفي جخيفي ومنه قيل لا يلتاط بصفري أي لا يلزق بقلبي وكذلك يقال لا يليق بصفري ( قال أبو علي ) وأخبرنا بعض أصحابنا عن أحمد بن يحيى أنه قال حكى لنا عن الأصمعي أنه قيل له أن أبا عبيدة يحكي وقع في روعي وفي جخيفي قال أما الروع فنعم وأما الجخيف فلا قال وحدثنا أبو عبد الله قال أخبرني محمد بن يونس عن الأصمعي قال أتي أبو مهدية بإناء فيه ماء فتوضأ فأساء الوضوء فقيل له

يا أبا مهدية أسأت الوضوء وكان الإناء يسع أقل من رطل فقال القر شديد والرب كريم والجواد يعفو ( قال ) وقرأت على أبي عمر المطرز قال حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال قيل لإبنة الخس ما أحسن شيء رأيت قالت غادية في إثر سارية في نبخاء قاوية ( قال ) النبخاء الأرض المرتفعة المشرفة لأن النبات في الموضع المرتفع أحسن ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال خرج جرير والفرزدق مرتدفين على ناقة إلى هشام بن عبد الملك فنزل جرير يبول فجعلت الناقة تتلفت فضربها الفرزدق وقال ( إلام تلفتين وأنت تحتي ** وخير الناس كلهم أمامي )
(
متى تردي الرصافة تستريحي ** من التهجير والدبر الدوامي )
ثم قال الآن يجيء جرير فأنشده هذين البيتين فيرد علي
(
تلفت أنها تحت ابن قين ** إلى الكيرين والفأس الكهام )
(
متى ترد الرصافة تخزفيها ** كخزيك في المواسم كل عام )
فجاء جرير والفرزدق يضحك فقال ما يضحكك يا أبا فراس فأنشده البيتين فقال جرير
(
تلفت أنها تحت ابن قين ** ) كما قال الفرزدق سواء فقال الفرزدق والله لقد قلت هذين البيتين فقال جرير أما علمت أن شيطاننا واحد ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال قيل للفرزدق أن ههنا أعرابيا قريبا منك ينشد شعرا فقال إن هذا لقائف أو لخائن فأتاه فقال ممن الرجل رجل فقال من فقعس قال كيف تركت القنان قال تركته يساير لصاف فقلت ما أراد الفقعسي والفرزدق قال أراد الفرزدق قول الشاعر
(
ضمن القنان لفقعس سوآتها ** إن القنان بفقعس لمعمر )
قلت فما أراد الفقعسي بقوله يساير لصاف قال أراد قول الشاعر


(
وإذا يسرك من تميم خصلة ** فلما يسوءك من تميم أكثر )
(
قد كنت أحسبهم أسود خفية ** فإذا لصاف تبيض فيه الحمر )
(
أكلت أسيد والهجيم ودارم ** أير الحمار وخصيتيه العنبر )
(
ذهبت فشيشة بالأباعر حولنا ** سرقا فصب على فشيشة أبجر )
قال ويروى هربا ( قال ) وأملى علينا أبو بكر محمد بن السري السراج
(
إذا شئت آداني صروم مشيع ** معي وعقام تتقي الفحل مقلت )
(
يطوف بها من جانبيها ويتقي ** بها الشمس حي في الأكارع ميت )
آداني أعانني وقواني وصروم صارم يعني قلبه ومشيع شجاع كأن معه شيئا يشيعه وعقام عقيم مثل صحاح وصحيح وشجاع وشحيح والمقلت التي لا يبقى لها ولد كأنها تفلتهم أي تهلكهم والقلت الهلاك
وحكى الأصمعي إن المسافر وماله لعلى قلت إلا ما وقى الله وقوله حي في الأكارع ميت يعني الظل كأنه مات مما سواه من الأكارع وذلك حين يقوم قائم النهار ومثله
(
وانتعل الظل فصار جوربا ** )
ومن أمثال العرب إذا اشتريت فاذكر السوق يعنون إذا اشتريت فاطلب الصحة وتجنب العيوب فإنك ستحتاج إلى أن تقيم السلعة التي اشتريتها في السوق يوما لا بد منه ومن أمثالهم رب شد في الكرز يضرب مثلا للرجل يحتقر عندك وله خبر قد علمت به أنت
وأصل هذا المثل أن رجلا خرج يركض فرسا فرمت بمهرها فألقاه في كرز بين يديه والكرز الجوالق فقال له رجل لم تحمله ما تصنع به فقال رب شد في الكرز يقول هو شديد الشد كأمه ( قال ) وقرأت على أبي عمر في نوادر ابن الأعرابي قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لأبي صفوان الأسدي
(
نأت دار ليلى وشط المزار ** فعيناك ما تطعمان الكرى )
(
ومر بفرقتها بارح ** فصدق ذاك غراب النوى )


(
فأضحت ببغدان في منزل ** له شرفات دوين السما )
(
وجيش ورابطة حوله ** غلاظ الرقاب كأسد الشرى )
(
بأيديهم محدثات الصقال ** سر يجية يختلين الطلى )
(
ومن دونها بلد نازح ** يجيب به البوم رجع الصدى )
(
ومن منهل آجن ماؤه ** سدى لا يعاذبه قد طمى )
(
ومن حنش لا يجيب الرقاة ** أسمر ذي حمة كالرشا )
(
أصم صموت طويل السبات ** منهرت الشدق حاري القرا )
(
له في اليبيس نفاث يطير ** على جانبيه كجمر الغضى )
(
وعينان حمر مآقيهما ** تبصان في هامة كالرحا )
(
إذا ما تثاءب أبدى له ** مذربة عصلا كالمدى )
(
كأن حفيف الرحا جرسه ** إذا اصطك أثناؤه وانطوى )
(
ولو عض حرفي صفاة إذا ** لأنشب أنيابه في الصفا )
(
كأن مزاحفه أنسع ** حززن فرادى ومنها ثنى )
(
وقد شاقني نوح قمرية ** طروب العشاء هتوف الضحى )
(
من الورق نواحة باكرت ** عسيب أشاء بذات الغضى )
(
فغنت عليه بلحن لها ** يهيج للصب ما قد مضى )
(
مطوقة كسيت زينة ** بدعوة نوح لها إذا دعا )
(
فلم أر باكية مثلها ** تبكي ودمعتها لا ترى )
(
أضلت فريخا فطافت له ** وقد علقته حبال الردى )
(
فلما بدا اليأس منه بكت ** عليه وماذا يرد البكا )
(
وقد صاده ضرم ملحم ** خفوق الجناح حثيث النجا )


(
حديد المخالب عارى الوظيف ** ضار من الورق فيه قنا )
(
ترى الطير والوحش من خوفه ** جواحر منه إذا ما اغتدى )
(
فبات عذوبا على مرقب ** بشاهقة صعبة المرتقى )
(
فلما أضاء له صبحه ** ونكب عن منكبيه الندى )
(
وحت بمخلبه قارتا ** على خطمه من دماء القطا )
(
فصعد في الجو ثم استدا ** رطار حثيثا ادا ما انصمى )
(
فآنس سرب قطا قارب ** جبى منهل لم تمحه الدلى )
(
غدون بأسقية يرتوين ** لزغب مطرحة بالفلا )
(
يبادرن وردا ولم يرعوين ** على ما تلخف أو ماونى )
(
تذكرن ذاعر مض طاميا ** يجول على حافتيه الغثا )
(
به رفقة من قطا وارد ** وأخرى صوادر عنه روا )
(
فملأت أسقيه لم تشد ** بخرز وقد شد منها العرا )
(
فأقعص منهن وغادر أشلاءها ** تطير الجنوب بها والصبا )
(
يخلن حفيف جناحيه اذ ** تدلى من الجو برقا بدا )
(
قولين مجتهدات النجا ** جوافل في طامسات الصوى )
(
فابن عطاشا فسقينهن ** مجاجاتهن كماء السلى )
(
وبتن يراطن رقش الظهو ** رحمر الحواصل حمر اللها )
(
فذاك وقد أغتدى في الصباح ** بأجرد كالسيد عبل الشوى )
(
له كفل أيد مشرف ** وأعمدة لا تشكى الوجى )
(
وأذن مؤللة حشرة ** وشدق رحاب وجوف هوا )


(
ولحيان مدا إلى منخر ** رحيب وعوج طوال الخطا )
(
له تسعة طلن من بعد أن ** قصرن له تسعة في الشوى )
(
وسبع عرين وسبع كسين ** وخمس رواء وخمس ظما )
(
وسبع قربن وسبع بعدن ** منه فما فيه عيب يرى )
(
وتسع غلاظ وسبع رقاق ** وصهوة عير ومتن خظا )
(
حديد الثمان عريض الثمان ** شديد الصفاق شديد المطا )
(
وفيه من الطير خمس فمن ** رأى فرسا مثله يقتنى )
(
غرابان فوق قطاة له ** ونسر ويعسوبه قديدا )
(
جعلنا له من خيار اللقاح ** خمسا مجاليح شم الذرى )
(
يغادى بعض له دائبا ** ونقفيه من حلب ما اشتهى )
(
فقاط صنيعا فلما شتا ** أخذناه بالقود حتى انطوى )
(
فهجنا به عانة في الغطاط ** خماص البطون صحاح العجى )
(
فولين كالبرق في نفرهن ** جوافل يكسرن صم الصفا )
(
فصوبه العبد في إثرها ** فطورا يغيب وطورا يرى )
(
كأن بمنكبه إذ جرى ** جناحا يقلبه في الهوا )
(
فجدل خمسا فمن مقعص ** وشاص كراعاه دامى الكلى )
(
وثنتان خضخض قصبيها ** وثالثة رويت بالدما )
(
فرحنا بصيد إلى أهلنا وقد جلل الأرض ثوب الدجى )
(
ورحنا به مثل وقف العروس ** أهيف لا يتشكى الحفا )
(
وبات النساء يعوذنه ** ويأكلن من صيده المشتوى )
(
وقد قيدوه وغلوا له ** تمائم ينفث فيها الرقى )


(
قال أبو علي ) نأت بعدت يقال نأى ينأى نأيا والنأي البعد والنائي بالبعيد وأما ناء فنهض وشط بعد يقال شط وشطن ونزح ونضب وشسع إ ذا بعد
والكرى النوم يقال كري يكرى كرى إذا نام وأما كرا يكرو فلعب بالكرة ومر بفرقتها بارح ( قال أبو عبيدة ) سأل يونس رؤبة وأنا شاهد على السانح والبارح فقال السانح ما ولاك ميامنه والبارح ما ولاك مياسره ( وقال غيره ) السانح ما مر على يمينك والبارح ما مر على يسارك وأكثر العرب تتبركط بالشانح وتتشاءم بالبارح وفيهم قوم يتبركون بالبارح ويتشاءموهن بالسانح
والنوى البعد والنوى النمة للمكان الذي ينوونه وبغدان فيها أربع لغات يقال بغداد وبغدان ومغدان وبغداذ وهي أقلها وأردؤها
وشرفات جمع شرفة وهي معروفة والرابطة القوم الذين قد ربطوا خيولهم والشرى موضع كثير الأسد وسريجية منسوبة م إلى سريج يعني السيوف وكان أبو بكر بن دريد رحمه الله يفسر بيت العجاج
(
وفاحما ومرسنا مسرجا ** )
قال يعني أنه أنفه كالسيف السريجي في استوائه ودقته وشممه ويختلين يقطعن وأصله من الخلى وهو الرطب يقال خليت الخلى واختليته ومنه سميت المخلاة والطلى جمع طلية كذا قال الأصمعي وهي صفحة العنق وأنشد لذي الرمة
(
أضله راعيا كلبية صدرا ** عن مطلب وطلى الأعناق تضطرب )
والمطلب البعيد الذي يحوجك إلى طلبه وقال أبو عمرو الشيباني واحد الطلى طلاة وأنشد
(
متى تسق من أنيابها بعد هجعة ** من الليل شربا حين مالت طلاتها )
والصدى ههنا الصوت الذي يجيبك من الجبل والصدى أيضا ذكر البوم وقد استقصينا هذا في كتابنا المقصور والممدود
والآحن المتغير يقال أجن الماء يأجن ويأجن أجونان أسن يأسن ويأسن أسونا وقد أجن وأسن وليس بالفصيحين فأما أسن

الرجل إذا دير به من خبث رائحة البئر فعلى فعل لا غير وسدى مهمل لا يرده أنيس ويعاذ ويلاذ واحد يقال عذت بالشي ولذت به
وطما ارتفع يقال طما الماء يطمو والحنش الحية والحمة سمه وضره والرشاء الحبل ممدود فقصره للضرورة ومنهرت واسع مشق الشدق ويقال هرت ثوبه وهرده وهرطه ثلاث لغاث والقرا الظهر وإنما جعله حاري القرا لأنه قد حرى جسمه أن نقص وإذا كان كذلك كان أخبث له ومنه قولهم رماه الله بأفعى حارية
والنفاث جمع نفاثة وهو ما نفثه من فيه وإنما شبهه بجمر الغضى لأن جمرها أشد حرارة وأكثر بقاء وأحسن منظرا ولذلك أكثرت الشعراء ذكرها في أشعارهم
والمآقي جمع مأق وفي مأق العين لغات يقال مأق مهموز وماق غير مهموز فمن همز جمع آماقا مثل أمعاق ومن لم يهمز قال أمواق ومؤق مهموز وموق غير مهموز وجمعهما مثل جمع الأول ومأق وماق فمن همز جمع مآقيا ومن لم يهمز قال مواق ومؤق وموق وجمعهما كجمع اللذين يليانهما من قبلهما وموقي مثل موقع وجمعه مواقئ مثل مواقع وأمق وجمعه آماق مثل أعناق وموق العين الجانب الذي يلي الأنف من العين واللحاظ الذي يلي الصدغ وتبصان تبرقان يقال بص يبص بصيصا ووبص يبص وبيصا ورف يرف ولصف يلصف لصيفا وأل يؤل ألا إذا برق والهفاف البراق وكذلك المؤتلق والدليص وتثأب تفعل من الثوباء ومذربة محددة وعصل معوجة يقال ناب أعصل والمدى السكاكين واحدتها مدية قالت الخنساء
(
فكأنما أم الزمان ** نحورنا بمدى الذبائح )
والحفيف الصوت وكذلك الهفيف والعجيج والجرس الصوت وفيه ثلاث لغات يقال جرس وجرس وجرس وكان أبو بكر رحمه الله يختار جرسا بفتح الجيم إذا لم يتقدمه حس فإن تقدمه حس اختار الكسر وقال هذا كلام فصحاء العرب والصك

الضرب وأصطك افتعل من الصك وأثناؤه جمع ثنى يريد أعطافه وأثناء الوادي ما انعرج منه وكذلك محانيه وأصواحه والصفاة الصخرة وجمعها صفا وكذلك الصفواء والصفوانة والأنسع جمع نسع وهو حبل مضفور من أدم وفرادى أفراد وثناء ممدود اثنان اثنان وقصره للقافية ضرورة
وشاقني شوقني لا فرق بينهما على المبالغة والتكثير والورق جمع أورق والورقة لون الرماد والعسيب السعف وجمعه عسب والأشاء الصغار من النخل واحدتها أشاءة والضرم الجائع والملحم الذي يرزق اللحم كثيرا والملحم الذي يطعم أفراخه اللحم والنجاء الذهاب والسرعة ممدود فقصره للضرورة والمخالب جمع مخلب وهي أظفار السباع وما صاد من الطير فأما الفأر واليربوع والغراب وما أشبهها فيقال لظفره برثن كذلك قال الأصمعي ( قال أبو زيد ) البرثن مثل الإصبع والمخلب ظفر البرثن قال النابغة
(
فقلت يا قوم أن الليث منقبض ** على براثنه للوثبة الضاري )
وقال ابن الأعرابي البرثن الكف بكمالها مع الأصابع والوظيف في كل ذي أربع في رجليه فوق الرسغ ودون العرقوب وفي يديه فوق الرسغ ودون الركبة ففي الرجل الرسغ ثم الوظيف ثم العرقوب ثم الساق ثم الفخذ ثم الورك وفي اليد الرسغ ثم الوظيف ثم الركبة ثم الذراع ثم العضد ثم الكتف والقنا احديداب في المنقار وكل صائد من الطير فيه قنا والعرب تستحب القنا في أنف الناس
وجواحر جمع جاحرة وهي التي قد لجأت إلى حجرتها والعذوب القائم الساكت الذي لا يطعم والمرقب المكان المرتفع وإنما سمى مرقبا لإنه يرقب منه أي يحفظ منه ويحرس والمرتقى المصعد ونكب أصله ميل يريد ألقى وحت وحك واحد والقارت الدم اليابس يقال قرت الدم يقرت قروتا وانصمى اندرأ واندرأ اندفع يقال اندرأ علينا واندره اندفع ودرأته ودرهته وآنس أبصر قال الله عز وجل فإن آنستم منهم رشدا السرب القطيع

من الطير والظباء والنساء والبقر ويقال فلان واسع السرب أي رخي البال وعلى لفظه هو آمن في سربه بكسر السين أي في نفسه وهو آمن في سربه بفتح السين أي في جماعته والسرب بفتح السين أيضا الوجه قال ذو الرمة
(
خلى لها سرب أولاها وهيجها ** من خلفها لاحق الصقلين همهيم )
وعلى لفظه السرب الإبل وما رعى من المال يقال جاء سرب بني فلان أي إبلهم ومنه قولهم اذهب فلا أنده سربك أي لا أرد إبلك لتذهب حيت شاءت
وكانت العرب تطلق بقولهم اذهبي فلا أنده سربك وبقولهم حبلك على غاربك ويقال سرب الفحل يسرب سروبا إذا ذهب في الأرض قال أخنس بن شهاب
(
وكل أناس قاربوا قيد فحلهم ** ونحن خلعنا قيده فهو سارب )
والسرب سرب الثعلب بفتح الراء يقال انسرب الثعلب إذا دخل في سربه وعلى لفظه السرب الماء الذي يخرج من عيون خزز القربة الجديدة قال جرير
(
بلى فانهل دمعك غير نزر ** كما عينت بالسرب الطبابا )
والطباب واحدها طبة وهي رقعة تكون في أسفل المزادة ويقال سرب قربتك أي اجعل فيها الماء حتى تنسد عيون الخرز وقال ذو الرمة
(
ما بال عينك منها الماء ينسكب ** كأنه من كلى مفرية سرب )
يريد كأنه سرب من كلى مفرية وروى أبو عمرو الشيباني سرب بكسر الراء أي سائل والأول رواية الأصمعي وهو أجود وقال الأموي السرب الخرز وهو شاذ لم يقله أحد غيره والسربة الجماعة من الخيل والحمير والإبل ويقال سرب على الإبل أي أرسلها قطعة قطعة والمسربة الشعر المستدق من الصدر إلى السرة قال الشاعر
(
الآن لما ابيض مسربتي ** وعضضت من نابي على جذم )

والقارب الطالب للماء يقال قربت الإبل تقرب وأقربها أهلها قال الأصمعي فهم قاربون ولا يقال مقربون وهذا الحرف شاذ ( قال أبو علي ) إنما قالوا قاربون لأنهم أرادوا ذوو قرب ولم يبنوه على أقرب وليلة القرب ليلة طلب الماء أنشدني أبو بكر بن دريد
(
يقاسون جيش الهرمزان كأنهم ** قوارب أحواض الكلاب تلوب )
وتلوب تحوم حول الماء من العطش يقال لابت تلوب لوبا واللواب العطش الذي يحوم صاحبه حول الماء من شدته والجبا بفتح الجيم مقصور ما حول الماء والجبا بكسر الجيم مقصور ما جمعت في الحوض من الماء
ويقال له جبوة وجباوة وقال الكسائي جبيت الماء في الحوض حبا مقصور كذا روى أبو عبيدة عنه وحكى اللحياني جبيت وجبوت والمنهل الفرضة والمنهل الماء أيضا وإنما سمى منهلا لأنه ينهل منه العطشان أي يروى وقرأت على أبي عمر قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي
(
ومنهل فيه الغراب ميت ** كأنه من الأجون زيت )
(
سقيت منه القوم واستقيت ** وليلة ذات ندى سريت )
(
ولم يلتني عن سراها ليت ** ولم تصرني كنة وبيت )
(
وجمة تسألني أعطيت ** وسائل عن خبري لويت )
(
فقلت لا أدري وقد دريت ** )
(
قال أبو علي ) تصرني تعطفني وتميلني والبيت ههنا المرأة يقال هي بيته أن امرأته والجمة القوم يسألون في الدية
(
ومسائل عن خبرى لويت ** ) هكذا أنشده ابن الأعرابي عن خبري وأنشدنيه أبو بكر بن دريد عن خبر وهو أجود
(
وتمحه تغترفه ** ) والمائح الذي ينزل في البئر إذا قل الماء فيملأ الدلو أنشدني أبو بكر
(
يا أيها المائح دلوي دونكا ** إني رأيت الناس يحمدونكا ** يثنون خيرا ويمجدونكا )


ومن هذا قولهم فلان يستميح فلانا وفلان يميح فلانا فأما الماتح فالذي يقوم على رأس البئر فيجذب الدلو قال ذو الرمة
(
كأنها دلو بئر جد ماتحها ** حتى إذا ما رآها خانه الكرب )
والدلا جمع دلاة وهي الدلو قال الراجز
(
إن دلاتي أيما دلاتي ** قاتلتي وملؤها حياتي )
ويرتوين يستقين قال الأصمعي يقال رويت على أهلي أروي ريا فانار أو إذا أتيتهم بالماء وقوم رواء والزغب جمع أزغب وزغباء وهي ذوات الزغب والزغب الريش الضعيف أول ما يبدو ويقال للطائر أول ما يظهر ريشه قد بثرر ثم حمم ثم وتد ثم زغب والفلا جمع فلاة قال الشاعر
(
إليك أبا حفص تعسفت الفلا ** برحلي فتلاء الذراعين جلعد )
وجمع الفلافلي والورد الورود والورد الإبل التي ترد الماء كذا حكى الطوسى عن ابن الأعرابي ويرعوين يعطفن ويرجعن وونى فتر والعرمض والطحلب والغلفق الخضرة التي تعلو الماء وقال الأصمعي إذا قدم الماء علته ثلاثة أشياء الطحلب والعرمض والغلفق فالعرمض خضرة رقيقة والطحلب مثل الرجرجة تغطي الماء والغلفق مثل صغار الورق ينبت نباتا من أسفل الماء إلى أعلاه ( وقال ) يعقوب بن السكيت العرمض أغلظ من الطحلب وأنشد الطوسي لعمرو
(
وماء بموماة قليل أنيسه ** كأن به من لون عرمضه غسلا )
والغسل كل ما غسل به الرأس والغسل ههنا الخطمي وطاميا مرتفعا يقال طمى الماء يطمي طميا وطما يطمو طموا والغثاء ممدود احتاج إليه فقصره وهو ما على الماء من كسار العيدان وحطام النبت وأقعص قتل والإقعاص أن تضرب الشيء أو ترميه فيموت مكانه يقال منه أقعصته إقعاصا ومثله أصميته إصماء وزعفته وأزعفنه وهو

مأخوذ من الموت الزعاف والكدرية العظيمة من القطا نسبها إلى الكدر وهو معظم القطا وهي كدر الألوان والحيزوم الصدر وغادر ترك قال عنترة
(
هل غادر الشعراء من متردم ** ) والأشلاء جمع شلو وهو بقية الجسد والجوافل المنكشفة الذاهبة واحدتها جافلة ومنه قيل جفلت الريح التراب إذا كشفته وأذهبته والطامسات الدارسات يقال طمس وطسم إذا درس وطامسات وطاسمات
والصوى الأعلام المنصوبة في الطريق ليهتدى بها واحدتها صوة ومنه الحديث ( أن للإسلام صوى ومنارا كمنار الطريق ) ويقال قد أصوى القوم إذا وقعوا في الصوى وقد استقصينا هذا الحرف في كتابنا المقصور والممدود وأبن رجعن والآئب الراجع والإياب الرجوع والمجاجات جمع مجاجة وهي مامجته بأفواهها والسلى الجلد الرقيق الذي يخرج على الولد ويراطن يعجمن والتراطن ما لا يفهم من كلام العجم قال علقمة بن عبدة
(
يوحي إليها بإنقاض ونقنقة س ** كما تراطن في أفدانها الروم )
حدثني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال قال أعرابي والله ما أحسن الرطانة وإني لأرسب من رصاصة وما قرقمني إلا الكرم والمقرقم البطيء الشباب أنشد أبو عبيد
(
أشكو إلى الله عيالا دردقا ** مقرقمين وعجوزا شملقا )
بالشين معجمة وهو أحد ما أخذ عليه وروى ابن الأعرابي سملقا بالسين غير المعجمة وهو الصحيح والدردق الصغار والرقش جمع أرقش ورقشاء وهي المنقطة ويقال رقشت الكتاب رقشا ورقشته إذا كتبته ونقطته قال طرفة
(
كسطور الرق رقشه ** بالضحى مرقش بشمه )
قال مرقش الأكبر واسمه ربيعة
(
الدار قفر والرسوم كما ** رقش في ظهر الأديم قلم )


وبهذا البيت سمى مرقشا واللها جمع لهاة مثل قطاة وقطا وقد مده الشاعر للضرورة وهو ردئ جدا ليس كقصر الممدود أنشدنا الفراء
(
يا لك من تمر ومن شيشاء ** ينشب في المسعل واللهاء )
والشيشاء الشيص والأجرد القصير الشعر وهو مدح في الخيل قال الشاعر
(
وأجرد من فحول الخيل طرف ** كأن على شواكله دهانا )
والسيد الذئب والعرب تشبه به الفرس قال امرؤ القيس
(
عليه كسيد الردهة المتأوب ** )
والردهة النقرة في الجبل يستنقع فيها الماء وجمعها رداه والوقيع ة مثله وكذلك الوقط والوجذ والقلت والعبل الغليظ يقال فرس عبل القوائم وعبل المحزم أي غليظ المحزم وهو مدح في الخيل قال امرؤ القيس
(
سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا ** له ححبات مشرفات على الفال )
أراد الفائل والفائل عرق في الخربة يستبطن الفخذ ويجري إلى الرجلين والخربة النقرة التي في الورك ليس بينها وبين الجوف عظم إنما هو جلد ولحم قال الأعشى
(
قد نطعن العير في مكنون فائله ** وقد يشيط على أرماحنا البطل )
وذلك أن الفارس الحاذق بالطعن إذا طعن الطريدة تعمد الخربة لأنه ليس دون الجوف عظم ولذلك فخربه الأعشى أي أنا بصراء بمواضع الطعن ومكنون الفائل دمه والشوى الأطراف اليدان والرجلان ومنه قيل رماه فأشواه إذا أخطأه كأنه السهم مر بين شواه ويكون أشواه أيضا أصاب شواه وهو غير مقتل وأيد قوي والأيد والآد القوة قال الله عز وجل { والسماء بنيناها بأيد } ويستحب من الفرس إشراف القطاة والحارك قال النابغة الجعدي
(
على أن حاركه مشرف ** وظهر القطاة ولم يحدب )
والأعمدة ههنا القوائم واحدها عمود والوجى أن يجد الفرس وجعا في باطن حافره

من غير أن يكون في وهي ولا خرق يقال وجي الفرس يوجى وجى شديدا والمؤللة المحددة والعرب تستحب التأليل في أذن الفرس وتمدح به قال الشاعر
(
يخرجن من مستطير النقع دامية ** كان آذانها أطراف أقلام )
وحشرة لطيفة رقيقة قال الشاعر
(
لها أذن حشرة مشرة ** كاعليط مرخ إذا ما صفر )
المشرة الورقة يقال قد تمشر الشجر إذا أورق وتمشر الرجل إذا اكتسى والإعليط وعاء المرخ والعرب تشبه به آذان الخيل وصفر خلا وكل لطيف دقيق رقيق حشر يقال حربة حشرة قال رؤبة
(
ووافقت للرمى حشرات الرشق ** ) قال ابن الأعرابي حشرت العود إذا بريته وأنشد
(
وتلقى لئيم القوم للناس محشرا ** ) أي يقشر أموالهم والرحاب والرحيب الواسع مثل طوال وطويل وجسام وجسيم والهواء ممدود قصره للضرورة وهو الفرجة بين الشيئين يريد أنه واسع الجوف كما قال امرؤ القيس
(
وجوف هواء تحت صلب كأنه ** من الهضبة الخلقاء زحلوق ملعب )
واللحيان تثنية لحي وهما عظما اللهزمتين وإذا طالا طال خد الفرسء وطول الخد مدح في الخيل والعرب تستحب سعة المنخر في الفرس لأنه إذا اتسع منخره لم يحبس الربو في جوفه قال امرؤ القيس
(
لها منخر كوجار الضباع ** فمنه تريح إذا تنبهر )
وفسر ابن الأعرابي في هذه القصيدة ما نحن ذاكروه قال ابن الأعرابي التسعة الطوال عنقه وخداه وظيفار جليه وبطنه وذراعاه وفخذاه وتفسيره غير موافق لقول الشاعر لأنه ذكر عشرة أشياء وقد ذكر الشاعر تسعة ونازعت فيه أبا عمرو في وقت قراءتي عليه فقال قال لنا أبو العباس هذا غلط من الشاعر ( قال أبو علي ) ونظرت فإذا لا تصح تسعة ولا سبعة فيقع الظن أن الراوي أخطأ في النقل وذلك أنه

أراد كل شيء يستحب طوله في القوائم فهي ثمانية
وظيفا الرجلين والذراعان والثنن وهي الشعر الذي في مؤخر الرسغ واحدتها ثنة ويستحب طولها وسوادها ولذلك قال الشاعر
(
لها ثنن كخوافي العقاب ** سود يفين إذا تز بئر )
ويفين يطلن يقال وفي شعره يفي إذا طال وتزبئر تنتفش فإن كان الشاعر ذهب إلى هذا وأراد معها العنق جاز وصح قوله لأنه قال تسعة في الشوى والشوى القوائم وقال ابن الأعرابي والتسعة القصار أربعة أرساغه ووظيفا يديه وعسيبه وساقاه وهذا صحح على ما ذكرنا لأنه ذكر العسيب مع القوائم فحمل كلامه على الأكثر كما ذكرنا في الأول ( وقال ابن الأعرابي ) والسبعة العارية خداه وجبهته والوجه كله وأن يكون عاري القوائم من اللحم هذه كلها تستحب وسبع مكسوة الفخذان وحاميتاه ووركاه وحصيرا جنبيه ونهدتاه وهما في الصدر قال أبو العباس كذا قال ابن الأعرابي نهدتاه وغيره يقول فهدتاه ( قال أبو علي ) الصحيح فهدتاه وهما اللحمتان اللتان في الزور كالفهدين وإن كان كلام ابن الأعرابي يحتمل في الإشتقاق أن يسميا النهدتين ( وقال ابن الأعرابي ) السبع التي قربت يريد سبع خصال صالحة قربن منه وسبع خصال رديئة بعدن منه فلسن فيه ( وقال ابن الأعرابي ) وتسع غلاظ أو ظفته الأربعة وأرساغه الأربعة غلاظ وعكوته غليظة والسبع الرقاق منخراه وأذناه وجحفلتاه وشفرته وحديد الثمان عرقوباه وأذناه وقلبه ومنكباه وعريض الثمان عريض الفخذين والوركين والأوظفة وفيه من الطير خمس النسر في باطن الحافر والغرابان ما أشرف من وركيه والصرد عرق تحت لسانه وعصفوره عظم في وسط هامته هذا جميع ما فسره ابن الأعرابي في هذه القصيدة ( قال أبو علي ) يستحب من الفرس طول العنق ولذلك قال امرؤ القيس


(
وسالفة كسحوق الليان ** أضرم فيها الغوي السعر )
والليان النخل وقد روى في هذا البيت اللبان وكان أبو بكر بن دريد رحمه الله يرد هذه الرواية ويقول كيف يشبه طول عنقه بشجرة اللبان وهي مقدار قعدة الرجل في الإرتفاع ويستحب هرت الشدقين وطول الخدين ولذلك قال الشاعر
(
هريت قصير عذار اللجام ** أسيل طويل عذار الرسن )
يريد أن مشق شدقيه من الجانبين مستطيل فقد قصر عذار لجامه لأنه يدخل في فيه وأنه أسيل الخد والإسالة الطول فغذار رسنه طويل خده لأن الرسن لا يدخل في فيه منه شيء ويستحب طول وظيفي الرجلين ولذلك شبهت بالنعام في طول الوظيف لأن ما يشبه من خلق الفرس بخلق النعام طول الوظيفين وقصر الساقين ولذلك قال أبو دؤاد
(
لها ساقا ظليم خاضب ** فوجئ بالرعب )
ويستحب قصر الظهر مع طول البطن ويستحب طول الذراعين ولذلك شبهته العرب بالظبي ومما يشبه من خلق الفرس بخلق الظبي طول وظيفي رجليه وتأنيف عرقوبيه والتأنيف التحديد ولذلك قال أبو داؤد
(
طويل طامح الطرف ** إلى مفزعة الكلب )
(
حديد الطرف والمنكب والعرقوب والقلب ** )
لأن حدة العرقوب تستحب من الفرس وهو من الظبي كذلك وتستحب حدة القلب والطرف والمنكب ويستحب سمو الطرف ومما يشبه أيضا من خلق الفرس بخلق الظبي عظم فخذيه وكثرة لحمهما وعرض وركيه وشدة متنيه وإجفار جنبيه أي انتفاخهما ولذلك قال أبو النجم
(
منتفخ الجوف عريض كلكله ** ) وقصر عضديه ونجل مقلتيه ولحوق أياطله ولذلك قال امرؤ القيس
(
له أيطلا ظبي وساقا نعامة ** وإرخاء سرحان وتقريب تتفل )


والسرحان الذئب ويقال أنه أحسن الدواب تقريبا والتقريب أن يرفع يديه معا ويضعهما معا
ومما يشبه من خلق الفرس بخلق حمار الوحش غلظ اللحم وتعييره والتعيير أن يجتمع اللحم على رؤس العظام فيصير كالعير الذي في وسط نصل السهم وهو الناشز في وسطه وكذلك عير الكتف الناشز في وسطه وظماء فصوصه وسراته وهو أعلى ظهره ولذلك قال الشاعر
(
له متن عير وساقا ظليم ** ) وتمكن أرساغه وتمحيصها والتمحيص أن لا يكون على قوائمه لحم ولذلك قال الشاعر
(
وأحمر كالديباج أما سماؤه ** فربى وأما أرضه فمحول )
سماؤه أعاليه وأرضه قوائمه وعرض صهوته والصهوة موضع اللبد من الفرس حيث الراكب وصهوة كل شيء أعلاه ولذلك قال امرؤ القيس
(
له أيطلا ظبي وساقا نعامة ** وصهوة عير قائم فوق مرقب )
ويستحب من الفرس طول الذنب في كثرة شعر ولذلك قال طفيل الغنوي
(
وأذنابها وحف كان ذيولها ** مجرأ شاء من سميحة مرطب )
ويستحب غلظ الأرساغ ولذلك قال الجعدي
(
كأن تماثيل أرساغه ** رقاب وعول على مشرب )
ويستحب عرض الصدر مع دقة الزور وهو الجؤجؤ ولذلك قال امرؤ القيس
(
له جؤجؤ حشر كان لجامه ** يعالي به في رأس جذع مشذب )
فوصفه بدقة الزور وطول العنق ويستحب من الفرس أن يكون إذا استدبرته كالمنكب وإذا استقبلته كالمقعي وإذا استعرضته مستويا ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال أخبرني عصام بن خليف السلى قال قال ابن أقيصر خير الخيل الذي إذا استدبرته جنأ وإذا استقبلته أقعى وإذا استعرضته استوى وإذا مشى ردى وإذا عدا دحا فالرديان أن يرجم الأرض رجما بين المشي الشديد والعدو وإذا

رمى بيديه رميا لا يرفع سنبكه عن الأرض قيل مريدحو دحوا
وبهذا الإسناد قال حدثني بعض أهل العلم أن عبد الرحمن الثقفي بن أم الحكم ابنة أبي سفيان وكان على الكوفة أرسل ألف فرس في حلبة فعرضها على ابن أقيصر أحد بني أسد بن خزيمة فقال تجيء هذه سابقة فسألوه ما الذي رأيت فيها قال رأيتها مشت فكتفت وخبت فوجفت وعدت فنسفت قال فجاءت سابقة ( قال أبو علي ) قوله مشت فكثفت أي حركت كتفيها والكتف المشي الرويد قال الشاعر
(
قريح سلاح يكتف المشى فاتر ) والوجيف ضرب من السير فيه بعض السرعة وهو دون الشد يقال وجف يجف وجيفا ومثله الوضع يقال وضع يضع وضعا ( قال الأصمعي ) قيل لرجل أسرع كيف كنت في سيرك قال كنت آكل الوجبة وأنجو الوقعة وأعرس إذا أفجرت وأرتحل إذا أسفرت وأسير الوضع وأجتنب الملع فجئتكم لمسي سبع أي لمساء سبع ليال فالملع أرفع من ا لوضع ونسفت أدنت سنبكها من الأرض في عدوها يقال للفرس أنه لنسوف السنبك وحدثني أبو بكر بالإسناد الذي تقدم قال حدثني رجل من أهل الشام قال سئل بعض بصراء أهل الشام متى يبلغ ضمر الفرس فقال إذا ذبل فريره وتفلقت غروره وبدا حصيره واسترخت شاكلته ( قال الأصمعي ) القرير موضع المجسة في عرف الفرس والغرور الغضون التي في جلده واحدها غر والحصير العصبة التي في الجنب في أعلى الأضلاع مما يلي الصلب والشاكلة الطفطفة ( قال أبو علي ) وذكر هذا الشاعر خمسة من الطير في الفرس وفي كل فرس من أسماء الطير عدة أكثر من هذه
فمنها الهامة وهو العظم الذي في أعلى رأسه وفيه الدماغ وقال ويقال لها أم الدماغ أيضا
والفرخ أيضا وهو الدماغ وجمعه فروخ والنعامة الجلدة التي تغطي الدماغ والعصفور العظم الذي تنبت عليه الناصية قال حميد
(
ونكل الناس عنا في مواطننا ** ضرب الرؤس التي فيها العصافير )

والذبابة النكيتة الصغيرة التي في إنسان العين فيها البصر والصردان عرقان تحت لسانه والسمامة الدائرة التي في صفحة العنق
والقطاة مقعد الرديف والغرابان رأسا الوركين فوق الذنب حيث يلتقي رأس الورك الأيمن والأيسر ( وقال الأصمعي ) وفي الورك ثلاثة أسماء
فحرفاها المشرفان على الفخذين الجاعرتان وهما موضع الرقمتين من است الحمار وحرفاها المشرفان على الذنب حيث يلتقي رأس الورك الأيمن والأيسر الغرابان وحرفاها اللذان يشرفان على الخاصرتين الحجبتان والخرب الهزمة التي بين الحجبة والقصرى والناهض العظم الذي على أعلى العضد والجمع نواهض وأنهض وأنشد أبو عبيد
(
وقربوا كل جمالي عضه ** أبقى السناف أثرا بأنهضه )
والحمامة القص النسر كالنوى والحصى الصغار يكون في الحافر مما يلي الأرض قال الشاعر
(
مفج الحوامي عن نسور كأنها ** نوى القسب ترت عن جريم ملجلج )
(
قال أبو علي ) مفج واسع والحوامي نواحي الحافر واحدتها حامية وإنما سميت حامية لأنها تحمي النسور وترت ندرت ونزت والجريم التمر المجروم وهو المصروم وملجلج من قولهم لجلج اللقمة في فيه إذا حركها فالملجلج المحرك المدار في الفم والفراش العظام الرقاق في أعلى الخياشيم وهي تسمى الخشارم
والسحاة كل مارق وهش من العظام التي تكون في الخياشيم وفي رؤس الكتفين والصقران الدائرتان اللتان في مؤخر اللبددون الحجبتين وخظا ممتلئ والصفاق الجلبدة التي تحت الجلدة التي عليها الشعر من السرة إلى القنب والقنب وعاء قضيبة واليعسوب الغرة تكون على قصبة الأنف فوق الرثم ويقال اليعسوب كل بياض على قصبة الأنف عرض أو اعتدل لا يبلغ الخليقاء والخليقاء حيث التقى عظم اعلى الأنف وعظم الحاجب والمجاليح التي تدر في الشتاء

واحدها مجالح ( وقال الأصمعي ) إذا كانت الناقة تدر على الجوع والبرد فهي مجالح وقد جالحت مجالحة وأنشد
(
لها شعر داج وجيد مقلص ** وجسم خداري وضرع مجالح )
وقال الفرزدق
(
مجاليح الشتاء خبعثنات ** إذا النكباء ناوحت الشمالا )
والخبعثنات الغلاظ الشداد واحدها خبعثنة ومنه قيل للاسد خبعثنة وشم مرتفعة والذرى الأسنمة واحدها ذروة وأعلى كل شيء ذروته ويقال للسنام الذروة والشرف والقمعة والقحدة والهودة والعريكة والكتر قال علقمة بن عبدة
(
كتر كحافة كير القين ملموم ** )
(
قال الأصمعي ) ولم أسمع بالكتر بالكتر إلا في هذا البيت والعض علف أهل الأمصار مثل القت والنوى قال الأعشى
(
من سراة الهجان صلبها الع ورعي الحمى وطول الحيال ** )
الرعي مصدر رعى يرعى رعيا والرعي الكلا ** ونقفيه نؤثره والقفية الأثرة والقفاوة )
ما يخص بن الرجل من الطعام وقال الشاعر
(
ونقفي وليد الحي إن كان جائعا ** ونحسبه إن كان ليس بجائع )
وقاظ من القيظ وصنيع مصنوع والعانة جماعة الحمر وجمعها عانات وعون قال أبو النجم يذكر امرأة
(
تعد عانات اللوى من مالها ** ) وقال حميد الأرقط
(
أحقب شحاج مشل عون ** والغطاط الصبح ) بضم الغين قال الراجز
(
وردت قبل سدفة الغطاط ** ) فأما الغطاط بالفتح فضرب من القطا قال الهذلي
(
وماء قد وردت أميم طام ** على أرجائه زجل الغطاط )
وخماص ضوامر والعجى جمع عجاية ويقال عجاوة أيضا كذا قال الأصمعي وهي قدر مضغة ملصقة بقصبة تنحدر من ركبة البعير إلى فرسنه قال امرؤ القيس


(
تطاير ظران الحصى عن مناسم ** صلاب العجى ملثومها غير أمعرا )
وقال أبو عمرو الشيباني العجاية عصبة في باطن يد الناقة وهي من الفرس مضيفة وجدل ألقاها على الجدالة والجدالة الأرض أنشد أبو زيد
(
قد أركب الآلة بعد الآله ** وأترك العاجز بالجداله )
وشاص مرتفع يقال شصا يشصو إذا ارتفع قال الأخطل يصف زقاق الخمر )
(
أناخوا فجروا شاصيات كأنها ** رجال من السودان لم يتسربلوا )
والقصب المعي وجمعه أقصاب والوقف الخلخال ما كان من شيء من فضة أو غيرها وأكثر ما يكون من القرون والعاج والأهيف الضامر وغلوا له أغلوا في الثمن أي ارتفعوا فيها والغلو مجاوزة القدر في الشيء والإرتفاع فيه ومنه سميت الغالية من الروافض والتمائم جمع تميمة وهي العوذة قال أبو ذؤيب
(
وإذا المنية أنشبت أظفارها ** ألفيت كل تميمة لا تنفع )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا العتبي عن أبيه عن جده قال ولى معاوية روح بن زنباع فعتب عليه في جناية فكتب إليه بالقدوم فلما قدم أمر بضربه بالسياط فلما أقيم ليضرب قال نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تهدم مني ركنا أنت بنيته أو أن تضع مني خسيسة أنت رفعتها أو تشمت بي عدوا وأنت وقمته وأسالك بالله إلا أتى حلمك وعفوك دون إفساد صنائعك فقال معاوية إذا الله سنى عقد أمر تيسر خلوا سبيله ( وحدثنا أبو بكر ) قال أخبرنا العكلي قال حدثني حاتم بن قبيصة عن شبيب بن شيبة قال بعث الحجاج خطباء من الأحماس إلى عبد الملك فتكلموا فلما انتهى الكلام إلى خطيب الأزد قام فقال قد علمت العرب أنا حي فعال
ولسنا بحي مقال وأنا نجزي بفعلنا عند أحسن قولهم أن السيوف لتعرف أكفنا وأن الموت ليستعذب أرواحنا وقد علمت الحرب الزبون أنا نقرع جماحها ونحلب

صراها ثم جلس وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال مر رجل على قبر عامر بن الطفيل فقال عم صباحا أبا علي فلقد كنت سر يعافي وعدك إذا وعدت المولى بطيئا في إيعادك إذا أوعدته ولقد كانت هدايتك كهداية النجم وجرأنك كجرأة السيل وحدك كحد السيف ( وحدثنا أبو بكر ) رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال بلغني أن ابن ملجم لعنه الله حين ضرب عليا رضوان الله عليه قال أما أنا فقد أرهفت السيف وطردت الخوف وحثثت الأمل وبقيت الرجل وضربته ضربة لو كانت بأهل عكاظ قتلتهم وفي ذلك يقول النجاشي
(
إذا حية أعيا الرقاة دواؤها ** بعثنا لها تحت الظلام ابن ملجم )
(
وقال يعقوب ) قال الفراء سمعت الكلابي يقول قال بعضهم لولده يا بني لا تتخذها حنانة ولا أنانة ولا منانة ولا عشبة الدار ولا كبة القفا
والحنانة التي لها ولد من سواه فهي تحن عليهم والأنانة التي مات عنها زوجها فهي إذا رأت الزوج الثاني أنت وقالت رحم الله فلانا لزوجها الأول والمنانة التي لها مال فهي تمن على زوجها كلما أهوى إلى شيء من مالها
وقوله عشبة الدار يريد الهجينة وعشبة الدار التي تنبت في دمنة الدار وحولها عشب في بياض الأرض فهي أفخم منه وأضخم لأنها غذتها الدمنة وذلك أطيب للأكل رطبا ويبسا لأنه نبت في أرض طيبة وهذه نبتت في دمنة فهي متتنة رطبة وإذا يبست صارت حتاتا وذهب قفها في الدمنة فلم يمكن جمعه وذلك يجمع قفه لأنه في أرض طيبة ( قال أبو العباس ) أحمد بن يحيى القف ما يبس من البقل وسقط على الأرض في موضع نباته وقوله كبة القفاهي التي يأتي زوجها أو ابنها القوم فإذا انصرف من عندهم قال رجل من جبناء القوم قد والله كان بيني وبين امرأة هذا المولى أو أمه أمر ( وقال بهدل الزبيري ) أتى رجل ابنة الخس يستشيرها في امرأة يتزوجها فقالت انظر رمكاء جسيمة أو بيضاء وسيمة في بيت جد أو بيت حد أو بيت عز قال ما تركت من النساء شيئا قالت بلى شر النساء

تركت السويداء الممراض والحميراء المحياض الكثيرة المظاظ ( قال أبو علي ) الرمكاء السمراء والرمكة لون الرماد ومنه قيل بعير أرمك وناقة رمكاء والمظاظ المشارة والمشاقة قال رؤبة
(
لأواءها والأزل والمظاظا ** ) اللاواء الشدة والأزل الضيق ( قال ) وحدثني الكلابي قال قيل لأبنة الخس أي النساء أسوء قالت التي تقعد بالفناء وتملأ الإناء وتمذق ما في السقاء قيل فأي النساء أفضل قالت التي إذا مشت أغبرت وإذا نطقت صرصرت متوركة جارية في بطنها جارية يتبعها جارية أي هي مئناث ( قال أبو علي ) أغبرت أثارت الغبار في مشيتها وصرصرت أحدت صوتها أنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله لجزير
(
لكن سوادة يجلو مقلتي ضرم ** باز يصرصر فوق المرقب العالي )
ويروى ذاكم سوادة قيل فاي الغلمان أفضل قالت الأسوق الأعنق الذي إن شب كأنه أحمق قيل فأي الغلمان أفسل قالت الأويقص القصير العضد العظيم الحاوية الأغيبر الغشاء الذي يطيع أمه ويعصي عمه ( قال أبو علي ) الأسوق الطويل الساق والأعنق الطويل العنق والأويقص تصغير أوقص والأوقص الذي يدنو رأسه من صدره قال رؤبة
(
أدمه صياغة وأرذله ** أوقص يخزي الأقربين عيطله )
العيطل الطويل العنق وجمعه وقص وقد وقص يوقص وقصا ومنه الأوقص قاضي المدينة والحاوية ما تحوى من البطن أي استدار مثل الحوايا والحوايا جمع حوية وهو كساء يدار حول سنام البعير يركب عليه الراكب
وأنشدنا أبو بكر رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم لمضرس بن قرط بن الحارث المزنى
(
أهاجتك آيات عفون خلوق ** وطيف خيال للمحب يشوق )


(
وما هاجه من رسم دار ودمنة ** بها من مطافيل الظباء فروق )
(
تلوح مغانيها بحجر كأنها ** رداء يمان قد أمح عتيق )
(
تعذبني بالود سعدى فليتها ** تحمل منا مثله فتذوق )
(
ولو تعلمين العلم أيقنت أنني ** ورب الهدايا المشعرات صدوق )
(
أذود سوام الطرف عنك وماله ** إلى أحد إلا عليك طريق )
(
أهم بصرم الحبل ثم يردني ** عليك من النفس الشعاع فريق )
(
تهيجني للوصل أيامنا الألى ** مررن علينا والزمان وريق )
(
ليالي لا تهوين أن تشحط النوى ** وأنت خليل لا يلام صديق )
(
ووعدك إيانا وقد قلت عاجل ** بعيد كما قد تعلمين سحيق )
(
فأصبحت لا تجزينني بمودتي ** ولا أنا للهجران منك مطيق )
(
وأصبحت عاقتك العوائق إنها ** كذاك ووصل الغانيات يعوق )
(
وكادت بلاد الله يا أم معمر ** بما رحبت يوما علي تضيق )
(
تتوق إليك النفس ثم أردها ** حياء ومثلي بالحياء حقيق )
(
وإني وإن حاولت صرمي وهجرتي ** عليك من احداث الردى لشفيق )
(
وإن كنت لما تخبريني فسائلي ** فبعض الرجال للرجال رموق )
(
سلي هل قلاني من عشير صحبته ** وهل ذم رحلي في الرحال رفيق )
(
وهل يجتوي القوم الكرام صحابتي ** إذا اغبر مخشي الفجاج عميق )
(
وأكتم أسرار الهوى فأميتها ** إذا باح مزاح بهن بروق )
ويروى
(
وأميتها إذا باح مزاح بهن نزوق ** )
(
شهدت برب البيت أنك عذبة الثنايا وأن الوجه منك عتيق ** )
(
وأنك قسمت الفؤاد فبعضه ** رهين وبعض في الحبال وثيق )


(
سقاك وإن أصبحت وانية القوى ** شقائق مزن ماءهن فتيق )
(
بأسحم من نوء الثريا كأنما ** سفاه إذا جن الظلام حريق )
(
صبوحي إذا ما ذرت الشمس ذكركم ** وذكركم عند المساء غبوق )
(
وتزعم لي يا قلب أنك صابر ** على الهجر من سعدى فسوف تذوق )
(
فمت كمدا أو عش سقيما فإنما ** تكلفني مالا أراك تطيق )
(
قال أبو علي ) الشعاع المتفرق المنتشر قال قيس بن الخطيم
(
طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر ** لها نفذ لولا الشعاع أضاءها )
(
قال الأصمعي ) يقال جنب بنو فلان فهم مجنبون إذا لم يكن في إبلهم لبن وأهدوا إلى بني فلان من لبنكم فإنهم مجنبون قال الجميح بن منقذ
(
لما رأت إبلي قلت حلوبتها ** وكل عام عليها عام تجنيب )
(
ويقال أن عنده لخيرا مجنبا وشرا مجنبا أي كثيرا والمجنب الترس قال الهذلي
(
صب اللهيف لها السبوب بطغية ** تنبي العقاب كما يلط المجنب )
اللهيف الملهوف وهو المكروب والسبوب الجبال واحدها سب قال أبو ذؤيب
(
تدلى عليها بين سب وخيطة ** شديد الوصاة نابل وابن نابل )
والنابل الحاذق والطفية ناحية من الجبل يزلق منها وقال غيره الطغية الشمراخ من شماريخ الجبل ويلط يكب ويقال جنبت الريح تجنب جنوبا إذا هبت جنوبا وجنبنا منذ أيام أي أصابتنا الجنوب وأجنبنا منذ أيام دخلنا في الجنوب وسحابة مجنوبة جاءت بها الجنوب وجنب فلان في بني فلان إذا نزل فيهم غريبا

ومنه قيل جانب للغريب وجمعه جناب أنشدني أبو إلياس للقطامي
(
فسلمت والتسليم ليس يضرها ** ولكنه حتم على كل جانب )
أي على كل غريب ورجل جنب غريب وجمعه أجناب قال الله عز وجل { والجار الجنب } أي الجار الغريب وقال نعم القوم هم الجار الجنابة أي الغربة ويقال جنبت فلانا الخير أي نحيته عنه وجنبته أيضا بالتثقيل قال أبو نصر والتخفيف أجود قال الله عز وجل { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } وجلس فلان جنبة أي ناحية قال الراعي
(
أخليد إن أباك ضاف وساده ** همان باتا جنبة ودخيلا )
وأصابنا مطر تنبت عنه الجنبة وهو نبت ويقال أعطني جنبة فيعطيه جلد جنب بعير فيتخذ منه علبة والعلبة قدح من جلود يحلب فيه ويقال فلان من أهل الجناب بكسر الجيم لموضع بنجد وفرس طوع الجناب إذا كان سهل القياد ولج فلان في جناب قبيح إذا لج في مجانبة أهله فأما الجناب بفتح الجيم فما حول الرجل وناحيته وفناء داره وجلس فلان بجنب فلان وجانبه ويقال مروا يسيرون جنابيه وجنابتيه وجنبتيه إذا مروا يسيرون إلى جانبه وجنبت الدابة أجنبها إذا قدتها والجنيبة الدابة تقاد فتسير إلى جنبك وقال يعقوب الجنيبة الناقة يعطيها الرجل القوم إذا خرجوا يمتارون ويعطيهم دراهم يمتارون له عليها وأنشد
(
رخو الحبال مائل الحقائب ** ركابه في القوم كالجنائب )
أي هي ضائعة وقال أبو عبيدة الجنيب التابع وأنشد لأرطاة بن سهية يهجو شبيب بن البرصاء
(
أبي كان خيرا من أبيك ولم تزل ** جنيبا لآبائي وأنت جنيب )
والجنب مفتوحة النون أن تجنب الدابة قال امرؤ القيس
(
لها جنب خلفها مسبطر ** ) أراد ذنبها كأنها تجنبه ومسبطر ممتد ويقال جنب

البعير يجنب جنبا إذا ظلع من جنبه ويقال الجنب لصوق الرئة بالجنب من شدة العطش قال ذو الرمة
(
وثب المسحج من عانات معقلة ** كأنه مستبان الشك أو جنب )
والشك الظلع الخفيف ويقال ضربه فجنبه إذا كسر جنبه وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد بن عبيد عن سهل بن محمد قال اجتمع الشعراء بباب الحجاج وفيهم الحكم بن عبدل الأسدي فقالوا أصلح الله الأمير إنما شعر هذا في الفأر وما أشبهه قال ما يقول هؤلاء يا ابن عبدل قال اسمع أيها الأمير قال هات فأنشده
(
وإني لأستغني فما أبطر الغنى ** وأعرض ميسوري لمن يبتغي عرضي )
(
وأعسر أحيانا فتشتد عسرتي ** فأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي )
(
وما نالني حتى تحلت فأسفرت ** أخو ثقة فيها بقرض ولا فرض )
(
ولكنه سيب الإله وحرفتي ** وشدي حيازيم المطية بالغرض )
(
لأكرم نفسي أن أرى متخشعا ** لذي منة يعطي القليل على النحض )
(
قد امضيت هذا في وصية عبدل ** ومثل الذي أوصى به والدي أمضي )
(
أكف الأذى عن أسرتي وأذوده ** على أنني أجزي المقارض بالقرض )
(
وأبذل معروفي وتصفو خليقتي ** إذا كدرت أخلاق كل فتى محض )
(
وأقضي على نفسي إذا الحق نابني ** وفي الناس من يقضى عليه ولا يقضي )
(
وأمضي همومي بالزماع لوجهها ** إذا ما الهموم لم يكد بعضها يمضي )
(
وأستنفذ المولى من الأمر بعدما ** يزل كما زل البعير عن الدحض )
(
وأمنحه مالي وودي ونصرتي ** وإن كان محني الضلوع على بغضي )
(
ويغمره سيبي ولو شئت ناله ** قوارع تبري العظم من كلم مض )


(
ولست بذي وجهين فيمن عرفته ** ولا البخل فاعلم من سمائي ولا أرضي )
قال فلما سمع الحجاج هذا البيت
(
ولست بذي وجهين فيمن عرفته ** ) فضله على الشعراء بجائزة ألف درهم في كل مرة يعطيهم ( قال أبو علي ) الغرض والغرضة والسفيف والبطان والوضين حزام الرحل والنحض اللحم ونحضت اللحم عن العظم نحضا إذا عرقته والدحض الزلق والمض مصدر مضه يمضه مضا فأقام المصدر مقام الفاعل كما قالوا رجل عدل أي عادل ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال في قوله عز وجل { إن الله كان على كل شيء حسيبا } أربعة أقوال يقال عالما ويقال مقتدرا ويقال كافيا ويقال محاسبا فالذي يقول كافيا يحتج بقوله جل وعز { يا أيها النبي حسبك الله } اي كافيك الله وبقوله عز وجل { عطاء حسابا } أي كافيا وبقول الشاعر
(
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ** فحسبك والضحاك سيف مهند )
أي يكفيك ويكفي الضحاك وبقول امرئ القيس
(
فتملأ بيتنا أقطا وسمنا ** وحسبك من غنى شبع وري )
أي يكفيك الشبع والري وتقول العرب أحسبني الشيء يحسبني إحسابا وهو محسب قال الشاعر
(
وإذا ما أرى في الناس حسنا يفوقها ** وفيهن حسن لو تأملت محسب )
وبقول الآخر
(
ونقفي وليدا الحي إن كان جائعا ** ونحسبه إن كان ليس بجائع )
أي نعطيه حتى يقول حسبي أي كفاني وقالت الخنساء
(
يكبون العشار لمن أتاهم ** إذا لم تحسب المائة الوليدا )
والذي يجعله بمعنى محاسب يحتج بقول قيس المجنون
(
دعا المحرمون الله يستغفرونه ** بمكة يوما أن تمحى ذنوبها )
(
وناديت يا رباه أول سؤلتي ** لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها )


فمعناه أنت محاسبها على ظلمها والذي يقول عالما يحتج بقول المخبل السعدي
(
فلا تدخلن الدهر قبرك حوبة ** يقوم بها يوما عليك حسيب )
أي محاسبك عليها عالم بظلمك والذي قال مقتدرا لم يحتج بشيء ( قال أبو علي ) والقولان الأولان صحيحان في الإشتقاق مع الرواية والقولان الآخران لا يصحان في الإشتقاق ألا تراه قال في تفسير بيت المخبل السعدي محاسبك عليها عالم بظلمك فالحسيب في بيته المحاسب وهو بمنزلة قول العرب الشريب للمشارب وأنشد الفراء
(
فلا أسقى ولا يسقى شريبي ** ويرويه إذا أوردت مائي )
أي مشاربي وأنشد أبو بكر بن دريد عن أبي حاتم عن أبي زيد والأصمعي
(
رب شريب لك ذي حساس ** شرابه كالحز بالمواسي )
(
ليس بمحمود ولا مواسي ** عجلان يمشي مشية النفاس )
ويروى النفاس فمعناه رب مشارب لك والحساس الشر
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد البزاز قال حدثنا عبيد الله بن عمرو قال حدثنا يحيى بن سفيان قال سمعت عمرو بن مرة يقول حدثنا عبد الله بن الحرث عن طليق بن قيس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاء له رب تقبل توبتي وأجب دعوتي واغسل حوبتي وثبت حجتي واهد قلبي وسدد لساني واسلل سخ يمة قلبي قال أبو بكر الحوبة الفعلة من الحوب وهو الإثم يقال حاب الرجل إذا أثم قال الله عز وجل { إنه كان حوبا كبيرا } وقرأ الحسن أنه كان حوبا كبيرا فقال الفراء الحوب المصدر والحوب الإسم وقال نابغة بني شيبان
(
نماك أربعة كانوا أئمتنا ** فكان ملكك حقا ليس بالحوب )
والسخيمة الحقد وفيه لغات يقال في قلبي على فلان ضغن وحقد وضب ووتر ودعت وطائرة وترة وذحل وتبل ووغم ووغر وغمر ومئرة وإحنة

ودمنة وسخيمة وحسيكة وحسيفة وكتيفة وحشنة وحزازة وحزاز ويقال حزاز قال الشاعر
(
فتى لا ينام على دمنة ** ولا يشرب الماء إلا بدم )
وقال لبيد
(
بيني وبينهم الأحقاد والدمن ** )
وقال الأعشى
(
يقوم على الوغم في قومه ** فيعفوا إذا شاء أو ينتقم )
وقال أيضا
(
ومن كاشخ ظاهر غمره ** إذا ما انتسبت له أنكرن )
وقال ذو الرمة
(
إذا ما أمرؤ حاولن أن يقتتلنه ** بلا إحنة بين النفوس ولا ذحل )
وقال نصيب
(
أمن ذكر ليلى قد يعاودني التبل ** على حين شاب الرأس واستوسق العقل )
وقال القطامى
(
أخوك الذي لا تملك الحس نفسه ** وترفض عند المحفظات الكتائف )
أي الأحقاد واحدها كتيفة والكتيفة أيضا الضبة من الحديد وأنشد أبو محمد الأموي في الحشنة
(
ألا لا أرى ذا حشنة في فؤاده ** يجمجمها إلا سيبدو دفينها )
وأنشدنا محمد بن القاسم قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي
(
إذا كان أولاد الرجال حزازة ** فأنت الحلال الحلو والبارد العذب )


(
قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي قال نزلت بقوم من غني مجتورين هم وقبائل من بني عامر بن صعصعة فحضرت ناديا لهم وفيهم شيخ لهم طويل الصمت عالم بالشعر وأيام الناس يجتمع إليه فتيانهم ينشدونه أشعارهم فإذا سمع الشعر الجيد قرع الارض قرعة بمحجن في يده فينفذ حكمه على من حضر بببكر للمنشد وإذا سمع مالا يعجبه قرع رأسه بمجمجنه فينفذ حكمه عليه بشاة أن كان ذا غنم وابن مخاض إن كان ذا إبل فإذا أخذ ذلك ذبح لأهل النادي فحضرتهم يوما والشيخ جالس بينهم فأنشده بعضهم يصف قطاة
(
غدت في رعيل ذي أداوى منوطة ** بلباتها مربوعة لم تمرخ )
(
قال أبو علي ) تمرخ تلين
(
إذا سربخ عطت مجال سراته ** تمطت فحطت بين أرجاء سربخ )
السربخ الأرض الواسعة وعطت شقت فقرع الأرض عجمنه وهو لا يتكلم ثم أنشده آخر يصف ليلة
(
كأن شميط الصبح في أخرياتها ** ملاء ينقى من طيالسة خضر )
(
تخال بقاياها التي أسأر الدجى ** تمدوا شيعا فوق أردية الفجر )
فقام كالمجنون مصلتا سيفه حتى خالط البرك فجعل يضرب يمينا وشمالا وهو يقول ن
(
لا تفرغن في أذني بعدها ** ما يستفز فأريك فقدها )
(
إني إذا السيف تولى ندها ** لا أستطيع بعد ذاك ردها )
(
قال أبو علي ) قال الأصمعي البرك إبل أهل الحواء بالغة ما بلغت وقال أبو عبيدة البرك الإبل البروك وقال أبو عمرو البرك ألف بعير ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان الأشنانداني قال كنا يوما في حلقة الأصمعي إذا أقبل أعرابي يرفل في الخزوز فقال أين عميدكم فاشرنا إلى الأصمعي فقال ما معنى قول الشاعر


(
لا مال إلا العطاف توزره ** أم ثلاثين وابنة الجبل )
(
لا يرتقي النز في ذلاذله ** ولا يعدي نعليه عن بلل )
قال فضحك الأصمعي وقال
(
عصرته نطفة تضمنها ** لصب تلقى مواقع السبل )
(
أو وجبة من جناة أشكلة ** إن لم يرغها بالقوس لم تنل )
قال فأدبر الأعرابي وهو يقول تالله ما رأيت كاليوم عضلة ثم أنشدنا الأصمعي القصيدة لرجل من بني عمرو بن كلاب أو قال من بني كلاب ( قال أبو بكر ) هذا يصف رجلا خائفا لجأ إلى جبل وليس معه إلا قوسه وسيفه والسيف هو العطاف وأنشدنا
(
لا مال لي إلا عطاف ومدرع ** لكم طرف منه حديد ولي طرف )
وقوله
(
أم ثلاثين وابنة الجبل ** ) يعني كنانة فيها ثلاثون سهما وابنة الجبل القوس لأنها من نبع والنبع لا ينبت إلا في الجبال
وقوله لا يرتقى النز أي ليس هناك نز والنز الندى لأنه في جبل والذلاذل ما أحاط بالقميص من أسفله واحدها ذلذل وقال أبو زيد وذلذل وقوله لا يعدي نعليه عن بلل أي لا يصرفهما عن بلل أي ليس هناك بلل والعصرة والعصر والمعتصر الملجأ والنطفة الماء يقع على القليل منه والكثير وليس بضد واللصب كالشق يكون في الجبل وقوله تلقى مواقع السبل أي قبل وتضمن والسبل المطر والوجبة الآكلة في اليوم ( وقال الأصمعي ) سمعت أعرابيا يقول فلان يأكل الوجبة ويذهب الوقعة أي يأكل في اليوم مرة ويتبرز مرة والجناة والجنى واحد وهو ما اجتنى من الثمر والأشكلة سدر جبلي لا يطول أنشدنا أبو بكر
(
عوجا كما اعوجت قسي الأشكل ** ) وأنشدنا مرة قياس الأشكل والأشكل جمع أشكلة وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد بن محمد بن عباد قال دخل أعشى بني ربيعة على عبد الملك بن مروان وعنده ابناه الوليد وسليمان فقال له يا أبا المغيرة

ما بقي من شعرك فقال والله لقد ذهب أكثره وأنا الذي أقول
(
ما أنا في أمري ولا في خصومتي ** بمهتضم حقي ولا سالم قرني )
(
ولا مسلم مولاي عند جناية ** ولا مظهر عيني وما سمعت أذني )
(
وفضلني في الشعر والعلم أنني ** أقول على علم وأعلم ما أعني )
(
فأصبحت إذا فضلت مروان وابنة ** على الناس قد فضلت خير أب وابن )
فقال عبد الملك من يلومني على حب هذا وأمر له بجائزة وقطيعة بالعراق فقال يا أمير المؤمنين إن الحجاج علي واجد فكتب إليه بالصفح عنه وبحسن صلته فأمر له الحجاج بذلك وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا ثعلب قال أنشدنا ابن الأعرابي
(
ويأخذ عيب المرء من عيب نفسه ** مراد لعمري ما أراد قريب )
قال وقال لنا بعض المشايخ هذا البيت مبني على كلام الأحنف بن قيس وقال له رجل ادللني على رجل كثير العيوب فقال اطلبه عيابا فإنما يعيب الناس بفضل ما فيه وحدثنا ابن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال نزلت في واد من أودية بني العنبر وإذا هو معان بأهله وإذا فتية يريدون البصرة فأحببت صحبتهم فأقمت ليلتي تلك عليهم وإني لوصب محموم أخاف لا أستمسك على راحلتي فلما قاموا ليرحلوا أيقظوني فلما رأوا حالي رحلوا بي وحملوني وركب أحدهم ورأئي يمسكني فلما أمعنوا في السير تنادو ألا فتى يحدو بنا أو ينشدنا فإذا منشد في جوف الليل بصوت ند حزين يقول
(
لعمرك أني يوم بانوا فلم أمت ** خفاتا على آثارهم لصبور )
(
غداة المنقى اذ رميت بنظره ** ونحن على متن الطريق نسير )
(
ففاضت دموع العين حتى كأنها ** لناظرها غصن يراح مطير )
(
فقلت لقلبي حين خف به الهوى ** وكاد من الوجد المبر يطير

(
فهذا ولما تمض للبين ليلة ** فكيف إذا مرت عليك شهور )
(
وأصبح أعلام الأحبة دونها ** من الأرض غول نازح ومسير )
(
وأصبحت نجدي الهوى متهم النوى ** أزيد اشتياقا إذا يحن بعير )
(
عسى الله بعد النأي أن يصقب النوى ** ويجمع شمل بعدها وسرور )
قال فسكنت عني الحمى حتى ما أحس بها وقلت لرديفي انزل إلى راحلتك فإني مفيق متماسك جزاك الله وحسن الصحبة خيرا ( قال ) وحدثنا أبو بكر عن أبي حاتم عن ابن الأثرم عن أبي عبيدة قال معنى قوله عز وجل { وهو شديد المحال } شديد المكر والعقوبة وأنشدنا ابن الأنباري لعبد المطلب بن هاشم
(
لا هم أن المرء يمنع رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ** ومحالهم غدرا محالك )
وقال الأعشى
(
فرع نبع يهتز في غصن المجد غزير الندى عظيم المحال )
معناه عظيم المكر وقال نابغة بني شيبان
(
إن من يركب الفواحش سرا ** حين يخلو بسره غير خال )
(
كيف يخلو وعنده كاتباه ** شاهداه وربه ذو المحال )
وقال الآخر
(
أبر على الخصوم فليس خصم ** ولا خصمان يغلبه جدالا )
(
ولبس بين أقوام فكل ** أعد له الشغازب والمحالا )
(
قال أبو علي ) الشغزبية ضرب من الصراع يقال اعتقله الشغزبية وهو أن يدخل المصارع رجله بين رجلي الآخر فيصرعه ( قال أبو بكر ) سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى النحوي قال يقال المحال مأخوذ من قول العرب محل فلان بفلان إذا سعى به إلى السلطان وعرضه لما يوبقه ويهلكه ( قال أبو بكر ) ومن ذلك قولهم في الدعاء اللهم لا تجعل القرآن بنا ماحلا أي لا تجعله شاهدا علينا بالتضييع والتقصير ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ( القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن يوم

القيامة نجا ومن محل به القرآن كبه الله على وجهه في النار ) وروى عن الأعرج أنه قرأ شديد المحال بفتح الميم أي شديد الحول وتفسير ابن عباس يدل على فتح الميم لأنه قال وهو شديد الحول
والمحالة في كلام العرب على أربعة معان المحالة الحيلة والمحالة البكرة التي تعلق على رأس البئر والمحالة الفقرة من فقر الظهر وجمعها محال والمحالة مصدر قولهم حلت بين الشيئين ( قال أبو زيد ) ماله حيلة ولا محالة ولا محال ولا محيلة ولا محتال ولا احتيال ولا حول ولا حويل وأنشد
(
قد أركب الآلة بعد الآله ** وأترك العاجز بالجداله ** منعفرا ليست له محاله )
أي حيلة والجدالة الأرض يقال تركت فلانا مجدلا أي ساقطا على الجدالة وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري
(
ما للرجال مع القضاء محالة ** ذهب القضاء بحيلة الأقوام )
قال وحدثني أبي قال بعث سليمان المهلبي إلى الخليل بن أحمد بمائة ألف درهم وطالبه لصحبته فرد عليه المائة الألف وكتب إليه
(
أبلغ سليمان أنى عنه في سعة ** وفي غنى غير أني لست ذا مال )
(
شحي بنفسي أني لا أرى أحدا ** يموت هزلا ولا يبقى على حال )
(
والرزق عن قدر لا العجز ينقصه ** ولا يزيدك فيه حول محتال )
(
والفقر في النفس لا في المال تعرفه ** ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال )
(
قال أبو علي ) والعرب تقول حولق الرجل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله أنشدنا محمد بن القاسم
(
فداك من الأقوام كل مبخل ** يحولق إما ساله العرف سائل )
أي يقول لا حول ولا قوة إلا بالله ( وقال ) أحمد بن عبيد حولق الرجل وحوقل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله وبسمل الرجل إذا قال باسم الله وقد أخذنا في البسملة وأنشدنا ابن الأعرابي
(
لقد بسملت ليلى غداة لقيتها ** فيا بأبي ذاك الغزال المبسمل )


وقال أبو عكرمة الضبي قد هيلل الرجل إذا قال لا إله إلا الله وقد أخذنا في الهيللة وقال الخليل بن أحمد حيعل الرجل إذا قال حي على الصلاة قال الشاعر
(
أقول لها ودمع العين جار ** ألم يحزنك حيعلة المنادي )
وحدثنا محمد بن القاسم قال حدثنا محمد بن يونس الكديمي قال حدثنا إبراهيم بن زكريا البزاز قال حدثنا عمرو بن أزهر الواسطي عن أبان عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أكل السفرجل يذهب بطخاء القلب ) قال أبو بكر الطخاء الثقل والظلمة يقال ليلة طخياء وطاخية قال وأنشدنا أبو العباس ثعلب عن ابن الأعرابي
(
ليت زماني عادلي الأول ** وما يرد ليت أو لعل )
(
وليلة طخياء يرمعل ** فيها على الساري ندى مخضل )
(
قال أبو علي ) يقال ارمعل وارمعن إذا سال وقال الطخاء الغيم الكثيف ( قال أبو علي ) لم أسمع الطخاء الغيم الكثيف إلا منه فأما الذي عليه عامة اللغويين فالطخاء الغيم الذي ليس بكثيف ( وقال الأصمعي ) الطخاء والطهاء والطخاف والعماء الغيم الرقيق كذلك روى عنه أبو حاتم وقال أبو عبيد عنه الطخاء السحاب المرتفع وفسر أبو عبيد حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال الطخاء الغشي والثقل وهذا شبيه بالقول الأول ( قال أبو علي ) وحقيقته عندي أنه ما جلل القلب حتى يسد الشهوة ولذا قيل للسحاب طخاء لأنه يجلل السماء ولذلك قيل لليلة المظلمة طخياء لأنها تجلل الأرض بظلمتها
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال خرج دريد بن الصمة في فوارس من بني جشم حتى إذا كانوا في واد لبنى كنانة رفع لهم رجل في ناحية الوادي ومعه ظعينة فلما نظر إليه قال لفارس من أصحابه صح به خل الظعينة وانج بنفسك وهم لا يعرفونه فانتهى إليه الفارس فصاح به وألح عليه فلما أبى ألقى زمام الراحلة وقال للظعينة


(
سيري على رسلك سيرالا من ** سير رداح ذات جأش ساكن )
(
أن انثنائي دون قرنى شائني ** أبلى بلائي واخبري وعايني )
ثم حمل عليه فصرعه وأخذ فرسه وأعطاه للظعينة فبعث دريد فارسا آخر لينظر ما فعل صاحبه فلما انتهى إليه ورآه صريعا صاح به فتصام عنه فظن أنه لم يسمع فغشيه فألقى زمام الراحلة إلى الظعينة ثم رجع وهو يقول
(
خل سبيل الحرة المنيعه ** إنك لاق دونها ربيعه ** في كفه خطية مطيعه )
(
أولا فخذها طعنة سريعه ** والطعن مني في الوغى شريعه )
ثم حمل عليه فصرعه فلما أبطأ على دريد بعث فارسا ثالثا لينظر ما صنعا فلما انتهى إليها رآهما صريعين ونظر إليه يقود ظعينته ويجر رمحه فقال له خل سبيل الظعينة فقال للظعينة اقصدي قصدا البيوت ثم أقبل عليه فقال
(
ماذا تريد من شتيم عابس ** ألم تر الفارس بعد الفارس ** أرداهما عامل رمح يابس )
ثم حمل عليه فصرعه وانكسر رمحه وارتاب دريد وظن أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل فلحق ربيعة وقد دنا من الحي ووجد أصحابه قد قتلوا فقال أيها الفارس أن مثلك لا يقتل ولا أرى معك رمحا والخيل ثائرة بأصحابها فدونك هذا الرمح فإني منصرف إلى أصحابي فمثبطهم عنك فانصرف دريد وقال لأصحابه أن فارس الظعينة قد حماها وقتل فرسانكم وانتزع دمي ولا مطمع لكم فيه فانصرفوا فانصرف القوم فقال دريد
(
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ** حامي الظعينة فارسا لم يقتل )
(
أردى فوارس لم يكونوا نهزة ** ثم استمر كأنه لم يفعل )
(
متهللا تبدو أسرة وجهه ** مثل الحسام جلته كف الصيقل )
(
يزجي ظعينته ويسحب رمحه ** متوجها يمناه نحو المنزل )
(
وترى الفوارس من مخافة رمحه ** مثل البغاث خشين وقع الأجدل )


(
يا ليت شعري من أبوه وأمه ** يا صاح من يك مثله لا يجهل )
(
قال أبو علي ) البغاث والبغاث والبغاث أكثر وأشهر وقال ربيعة
(
إن كان ينفعك اليقين فسائلي ** عني الظعينة يوم وادي الأخرم )
(
إذ هي لأول من أتاها نهبة ** لولا طعان ربيعة بن مكدم )
(
إذ قال لي أدنى الفوارس ميتة ** خل الظعينة طائعا لا تندم )
(
فصرفت راحلة الظعينة نحوه ** عمدا ليعلم بعض ما لم يعلم )
(
وهتكت بالرمح الطويل إهابه ** فهوى صريعا لليدين وللفم )
(
ومنحت آخر بعده جياشة ** نجلاء فاغرة كشدق الأضجم )
(
ولقد شفعتهما بآخر ثالث ** وأبى الفرار لي الغداة تكرمي )
ثم لم تلبث بنوا كنانة أن أغارت علي بني جشم فقتلوا وأسروا دريد بن الصمة فأخفى نفسه فبينا هو عندهم محبوس إذا جاءه نسوة يتهادين إليه فصرخت إحداهن فقالت هلكتم وأهلكتم ماذا جر علينا قومنا هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة ثم ألقت عليه ثوبها وقالت يال فراس أنا جارة له منكم هذا صاحبنا يوم الوادي فسألوه من هو فقال أنا دريد ابن الصمة فمن صاحبي قالوا ربيعة بن مكدم قال فما فعل قالوا قتلته بنو سليم قال فما فعلت الظعينة قالت المرأة أنا هيه وأنا امرأته فحبسه القوم وآمروا أنفسهم فقال بعضهم لا ينبغي لدريد أن نكفر نعمته على صاحبنا وقال آخرون والله لا يخرج من أيدينا إلا برضا المخارق الذي أسره فانبعثت المرأة في الليل وهي ريطة بنت جذل الطعان تقول
(
ستجزي دريدا عن ربيعة نعمة ** وكل امرئ يجزى بما كان قدما )
(
فإن كان خيرا كان خيرا جزاؤه ** وإن كان شرا كان شرا مذمما )
(
سنجزيه نعمى لم تكن بصغيرة ** بإعطائه الرمح الطويل المقوما )
(
فقد أدركت كفاه فينا جزاءه ** وأهل بأن يجزى الذي كان أنعما )


(
فلا تكفروه وحق نعماه فيكم ** ولا تركبوا تلك التي تملأ الفما )
(
فلو كان حيا لم يضق بثوابه ** ذراعا غنيا كان أو كان معدما )
(
ففكوا دريدا من إسار مخارق ** ولا تجعلوا البؤسى إلى الشر سلما )
فلما أصبحوا أطلقوه فكسته وجهزته ولحق بقومه فلم يزل كافا عن غزو بني فراس حتى هلك ( قال أبو علي ) وما استحسنته من شعر قيس بن الخطيم قال وقرأت شعر قيس بن الخطيم على أبي بكر بن دريد رحمه الله
(
أن تلق خيل العامري مغيرة ** لا تلقهم متقنعي الأعراف )
(
وإذا تكون عظيمة في عامر ** فهو المدافع عنهم والكافي )
(
الواترون المدركون بتبلهم ** والحاشدون على قرى الأضياف )
قال ومما اختار الناس لقيس بن الخطيم
(
أنى سربت وكنت غير سروب ** وتقرب الأحلام غير قريب )
(
ما تمنعي يقظى فقد تؤتينه ** في النوم غير مصرد محسوب )
(
كان المنى بلقائها فلقيتها ** فلهوت من لهو امرئ مكذوب )
(
فرأيت مثل الشمس عند طلوعها ** في الحسن أو كدنوها لغروب )
قال وحدثني أبو بكر بن دريد قال قامت الأنصار إلى جرير في بعض قدماته المدينة فقالوا أنشدنا يا أبا حرزة قال أنشد قوما منهم الذي يقول
(
ما تمنعي يقظي فقد تؤتينه ** في النوم غير مصرد محسوب )
(
قال وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لرجل من بني جعدة
(
لا خير في الحب وقفا لا تحركه ** عوارض اليأس أو يرتاحه الطمع )
(
لو كان لي صبرها أو عندها جزعي ** لكنت أملك ما آتي وما أدع )
(
إذا دعا بإسمها داع ليحزنني ** كادت له شعبة من مهجتي تقع )


(
لا أحمل اللوم فيها والغرام بها ** ما حمل الله نفسا فوق ما تسع )
(
قال ) وأنشدني بعض أصحابنا
(
أيا شجر الخابور مالك مورقا ** كأنك لم تجزع على ابن طريف )
(
فتى لا يحب الزاد إلا من التقى ** ولا المال إلا من قنا وسيوف )
(
ولا الذخر إلا كل جرداء صلدم ** وكل رقيق الشفرتين حليف )
(
عليك سلام الله حتما فإنني ** أرى الموت وقاعا بكل شريف )
(
قال أبو علي ) الجرداء القصيرة الشعر والصلدم الشديدة يعني فرسا والحليف الحديد حكى الأصمعي عن العرب أن فلانا لحليف اللسان طويل الأمة أي طويل القامة ( قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم والرياشي عن أبي زيد للأقرع القشيري
(
فأبلغ مالكا عني رسولا ** وما يغني الرسول إليك مال )
(
تخادعنا وتوعدنا رويدا ** كدأب الذئب يأدو للغزال )
(
فلا تفعل فإن أخاك جلد ** على العزاء فيها ذو احتيال )
(
وإنا سوف نجعل موليينا ** مكان الكليتين من الطحال )
(
ونغني في الحوادث عن أخينا ** كما تغني اليمين عن الشمال )
(
قال أبو علي ) يأدو يختل أنشد أبو زيد
(
أدوت له لآخذه ** فهيهات الفتى حذرا )
والعزاء الشدة ومنه قيل تعزز لحم الفرس إذا اشتد ( قال أبو علي ) قرأت على أبي بكر ابن الأنباري في قوله جل وعز { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين } أقوال قال قوم يمحصهم يجردهم من ذنوبهم واحتجوا بقول أبي دؤاد الإيادي يصف قوائم الفرس
(
صم النسور صحاح غير عاثرة ** ركبن في محصات ملتقى العصب )
النسور شبه النوى التي تكون في باطن الحافر ومحصات أراد قوائم منجردات ليس فيها

إلا العصب والجلد والعظم ومنه قولهم اللهم محص عنا ذنوبنا قال وقال الخليل معنى قوله جل وعز وليمحص وليخلص وقال أبو عمرو اسحق بن نزار الشيباني وليمحص وليكشف واحتج بقول الشاعر
(
حتى بدت قمراؤه وتمحصت ** ظلماؤه ورأى الطريق المبصر )
(
قال ) ومعنى قولهم اللهم محص عنا ذنوبنا أي اكشفها وقال آخرون اطرحها عنا
(
قال أبو علي ) هذه الأقوال كلها في المعنى واحد ألا ترى أن التخليص تجريد والتجريد كشف والكشف طرح لما عليه
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا اسماعيل ابن اسحق القاضي قال حدثنا أبو مصعب الزهري عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن ( قال أبو علي ) قال الأصمعي البغي الأمة وجمعه بغايا وفي الحديث قامت على رؤسهم البغايا وقال الأعشى
(
والبغايا يركضن أكسية الأضريج والشرعبي ذا الأذيال )
وقال الآخر
(
فخر البغي بحدج ربتها إذا ما الناس شلوا ** )
أي طردوا والبغي أيضا الفاجرة يقال بغت تبغي إذا فجرت والبغاء الفجور في الإماء خاصة قال الله عز وجل { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء } والبغية الربيئة قال الشاعر
(
وكان وراء القوم منهم بغية ** فأوفى يفاعا من بعيد فبشرا )
وجمعها بغايا وقال طفيل الغنوي
(
فألوت بغاياهم بنا وتباشرت ** إلى عرض جيش غير أن لم يكتب )
يكتب يجمع ( وقال أبو بكر ) في الحلوان أربعة أقوال أحدها أن الحلوان أجرة ما يأخذه الكاهن على كهانته والقول الثاني أن الحلوان الرشوة التي يرشاها الكاهن على كهانته

وغيره الكاهن يقال حلوت الرجل أحلوه حلوانا قال الشاعر
(
كأني حلوت الشعر يوم مدحته ** صفا صخرة صماء يبس بلالها )
والقول الثالث أن الحلوان ما يأخذه الرجل من مهر ابنته ثم اتسع فيه حتى قيل في الرشوة والعطية قالت امرأة من العرب تمدح زوجها
(
لا يأخذ الحلوان من بناتيا ** )
والقول الرابع إن الحلوان هو ما يعطاه الرجل مما يستحليه ويستطيبه يقال منه حلوت الرجل إذا أعطيته ما يستحليه طعاما كان أو غيره كما تقول عسلت الرجل إذا أطعمته العسل أو ما يستحليه كما يستحلي العسل
وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال كان أبو حاتم يضن بهذا الحديث ويقول ما حدثني به أبو عبيدة حتى اختلفت إليه مدة وتحملت عليه بأصدقائه من الثقفيين وكان لهم مواخيا قال حدثنا أبو حاتم قال حدثني أبو عبيدة قال حدثني غير واحد من هوازن من أولى العلم وبعضهم قد أدرك أبوه الجاهلية أو جده قال اجتمع عامر بن الظرب العدواني وحممة بن رافع الدوسي ويزعم النساب أن ليلى بنت الظرب ام دوس بن عدنان وزينب بنت الظرب أم ثقيف وهو قيسي قال اجتمع عامر وحممة عند ملك من ملوك حمير فقال تساءلا حتى أسمع ما تقولان قال قال عامر لحممة أين تحب أن تكون أياديك قال عند ذي الرثية العديم وذي الخلة الكريم والمعسر الغريم والمستضعف الهضيم قال من أحق الناس بالمقت قال الفقير المختال والضعيف الصوال والعيي القوال
قال فمن أحق الناس بالمنع قال الحريص الكاند والمستميد الحاسد والملحف الواجد قال فمن أجدر الناس بالصنيعة قال من إذا أعطى شكر وإذا منع عذر وإذا موطل صبر وإذا قدم العهد ذكر
قال من أكرم الناس عشرة قال من إن قرب منح وإن بعد مدح وإن ظلم صفح وإن ضويق سمح قال من ألأم الناس قال من إذا سأل خضع وإذا سئل منع وإذا ملك كنع ظاهره جشع وباطنه طبع قال فمن أحلم الناس قال

من عفا إذا قدر وأجمل إذا انتصر ولم تطغه عزة الظفر
قال فمن أحزم الناس قال من أخذ رقاب الأمور بيديه وجعل العواقب نصب عينيه ونبذ التهيب دبر أذنيه
قال فمن أخرق الناس قال من ركب الخطار واعتسف العثار وأسرع في البدار قبل الإقتدار
قال فمن أجود الناس قال من بذل المجهود ولم يأس على المعهود قال فمن أبلغ الناس قال من جلى المعنى المزيز باللفظ الوجيز وطبق المفصل قبل التحزيز
قال من أنعم الناس عيشا قال من تحلى بالعفاف ورضي بالكفاف وتجاوز ما يخاف إلى مالا يخاف
قال فمن أشقى الناس قال من حسد على النعم وتسخط على القسم واستشعر الندم على فوت ما لم يحتم قال من أغنى الناس قال من استشعر الياس وأبدى التحمل للناس واستكثر قليل النعم ولم يسخط على القسم
قال فمن أحكم الناس قال من صمت فادكر ونظر فاعتبر ووعظ فازدجر قال من أجهل الناس قال من رأى الخرق مغنما والتجاوز مغرما
(
قال أبو علي ) الرثية وجع المفاصل واليدين والرجلين قال أبو عبيدة أنشدت يونس النحوي
(
وللكبير رثيات أربع ** الركبتان والنسا والأخدع )
فقال أي والله وعشرون رثية
والخلة الحاجة والخلة الصداقة يقال فلان خلتي وفلانة خلتي الذكر والأنثى فيه سواء وخلي وخليلي والخل الطريق في الرمل والخل الرجل الخفيف الجسم ( قال ) وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله
(
فاسقنيها يا سواد بن عمرو ** إن جسمي بعد خالي لخل )
والخليل أيضا المحتاج قال زهير
(
وإن أتاه خليل يوم مسألة ** يقول لا غائب مالي ولا حرم )
وقد استقصينا هذا الباب فيما مضى من الكتاب والكاند الذي يكفر النعمة


والكنود الكفور ومنه قوله عز وجل { إن الإنسان لربه لكنود } وامرأة كنود كفور للمواصلة والمستميد مثل المستمير وهو المستعطي ومنه اشتقاق المائدة لأنها تماد ولا تسمى مائدة حتى يكون عليها طعام فإذا لم يكن عليها طعام فهي خوان وخوان وجمع خوان خون وكنع تقبض يقال قد تكنع جلده إذا تقبض يريد أنه ممسك بخيل والجشع أسوأ الحرص والطبع الدنس
ويقال جعلت الشيء دبر أذني إذا لم ألتفت إليه والإعتساف ركوب الطريق على غير هداية وركوب الأمر على غير معرفة
والمزيز من قولهم هذا أمر من هذا أي أفضل منه وأزيد ( قال ) وحدثني أبو بكر بن دريد قال سأل أعرابي رجلا درهما فقالت لقد سألت مزيزا الدرهم عشر العشرة والعشرة عشر المائة والمائة عشر الألف والألف عشر ديتك
والمطبق من السيوف الذي يصيب المفاصل فيفصلها لا يجاوزها
قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال دخلت على امرأة من العرب بأعلى الأرض في خباء لها وبين يديها بني لها قد نزل به الموت فقامت إليه فأغمضته وعصبته وسجته ثم قالت يا ابن أخي قلت ما تشائين قالت ما أحق من ألبس النعمة وأطيلت به النظرة أن لا يدع التوثق من نفسه قبل حل عقدته والحلول بعقوته والمحالة بينه وبين نفسه قال وما يقطر من عينها قطرة صبرا واحتسابا ثم نظرت إليه فقالت والله ما كان مالك لبطنك ولا أمرك لعرسك ثم أنشدت تقول
(
رحيب الذراع بالتي لا تشينه ** وإن كانت الفحشاء ضاق بها ذرعا )
(
قال ) وأنشدني أبو محمد عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني الخثعمي لنفسه
(
أيها الناعيان من تنعيان ** وعلى من أرا كما تبكيان )
(
نعيا الثاقب الزناد أبا اسحق رب المعروف والإحسان )
(
اذهبا بي إن لم يكن لكما عقر إلى ترب قبره فأعقراني )


(
وانضحا من دمي عليه فقد كان ** دمي من نداه لو تعلمان )
(
قال ) وقرأت على أبي بكر بن الأنباري في كتابه وقرئ عليه في المعاني الكبير ليعقوب بن السكيت وأنا أسمع قال وقرأت بعض هذه الأبيات على أبي بكر بن دريد في كتاب النوادر لإبن دريد قال ضمرة بن ضمرة
(
بكرت تلومك بعد وهن في الندى ** بسل عليك ملامتي وعتابي )
(
ولقد علمت فلا تظني غيره ** أن سوف تخلجني سبيل صحابي )
(
أأصرها وبني عمي ساغب ** فكفاك من إبة على وعاب )
(
أرأيت إن صرخت بليل هامتي ** وخرجت منها باليا أثوابي )
(
هل تخمشن إبلي علي وجوهها ** أم تعصبن رؤسها بسلاب )
(
قال أبو علي ) بكرت عجلت ومنه باكورة الرطب والفاكهة وهو المتعجل منه ولم يرد الغدو ألا تراه قال بعدوهن أي بعد نومة والعرب تقول أنا أبكر إليك العشية أي أعجل ذلك وأسرعه والبسل الحرام ههنا قال زهير
(
بلاد بها نادمتهم وألفتهم ** فإن تقويا منهم فإنهما بسل )
أي حرام ( وقال أبو حاتم ) يقال للواحد والإثنين والجماعة والمؤنث والمذكر بسل بلفظ الواحد كما يقال رجل عدل وقوم عدل والبسل في غير هذا الحلال وهو من الأضداد
(
قال ) أنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي زيد
(
زيادتنا نعمان لا تحرمننا ** تق الله فينا والكتاب الذي نتلو )
(
أيثبت ما زدتم وتلغى زيادتي ** دمي أن أسيغت هذه لكم بسل )
أي حلال وتخلجني تجذبني ومنه قيل للماء خليج لأنه انجذب إلى جهة من الجهات ومنه قيل للجام خليج لأنه يجذب الدابة ويمكن أن يكون فعيلا في معنى مفعول لأنه يخلج أي يجذب والسغب الجوع والمسغبة المجاعة والساغب الجائع والإبة الحياء يقال

أو أبته فأتاب مثل اتعد ( وحكى ) يعقوب عن أبي عمرو الشيباني قال حضرني أعرابي فقدمت إليه طعاما فأكل منه فقلت ازدد فقال يا أبا عمرو ما طعامك بطعام تؤبة ( وقال ) أبو زيد لأعرابية بالعيون مالك لا تصيرين إلى الرفقة فقالت أخزى أن أمشي في الرفاق أي استحي والخزاية الحياء
والعاب العيب ( قال أبو زيد ) سمعت أعرابيا يقول أن الرجز لعاب أي عيب والرجز أن يرعد عجز البعير إذا أراد النهوض وأنشد
(
تجد القيام كأنما هو نجدة ** حتى تقوم تكلف الرجزاء )
والذكر أرجز والسلاب خرقة سوداء تتقنع بها المرأة في المأثم ( قال ) وقرأت على أبي محمد عبد الله بن جعفر قال أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد قال وأنشدني أبو بكر بن الأنباري قال قرئ على أبي العباس أحمد بن يحيى
(
رمتني وستر الله بيني وبينها ** عشية أحجار الكناس رميم )
(
فلو كنت أسطيع الرماء رميتها ** ولكن عهدي بالنضال قديم )
(
رميم التي قالت لجارات بيتها ** ضمنت لكم أن لا يزال يهيم )
قال أنشدني محمد بن السري
(
قل لحادي المطي خفض قليلا ** تجعل العيس سيرهن ذميلا )
(
لا تقفها على السبيل ودعها ** يهدها شوق من عليها السبيلا )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال قرئ على أبي العباس لأبي حية النميري وأنا أسمع
(
وخبرك الواشون أن لن أحبكم ** بلى وستور الله ذات المحارم )
(
أصد وما الصد الذي تعلمينه ** عزاء بكم إلا ابتلاع العلاقم )
(
حياء وبقيا أن تشيع نميمة ** بنا وبكم أف لأهل النمائم )
(
وإن دما لو تعلمين جنيته ** على الحي جاني مثله غير سالم )
(
أما إنه لو كان غيرك أرقلت ** إليه القنا بالراعفات اللهاذم )


(
ولكنه والله ما طل مسلما ** كغر الثنايا واضحات الملاغم )
(
إذا هن ساقطن الأحاديث للفتى ** سقاط حصى المرجان من سلك ناظم )
(
رمين فأقصدن القلوب ولن ترى ** دما مائرا إلا جوى في الحيازم )
(
قال أبو علي ) يقال سنان لهذم ولسان لهذم أي حاد والملاغم ما حول الفم ومنه قيل تلغمت بالطيب إذا جعلته هناك والمائر السائل ( قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
(
فمالك إذ ترمين يا أم مالك ** حشاشة قلبي شل منك الأصابع )
(
لها أسهم لا قاصرات عن الحشى ** ولا شاخصات عن فؤادي طوالع )
(
فمنهن أيام الشباب ثلاثة ** وسهم طرير بعد ما شبت رابع )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر محمد بن السري السراج قال أنشدني ابن الرومي لنفسه
(
لما تؤذن الدنيا به من صروفها ** يكون بكاء الطفل ساعة يوضع )
(
علام بكى لما رآها وأنها ** لا رحب مما كان فيه وأوسع )
(
قال ) وأنشدنا أيضا لنفسه
(
يا أيها الرجل المسود شيبه ** كيما يعد به من الشبان )
(
أقصر فلو سودت كل حمامة ** بيضاء ما عدت من الغربان )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري في قوله جل وعز { ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين } معناه متى هذا القضاء والحكم وأنشد
(
ألا أبلغ بني عصم رسولا ** فإني عن فتاحتكم غني )
معناه عن محاكمتكم ومن ذلك قول الله جل وعز ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) أي اقض بيننا
وقال الفراء وأهل عمان يسمون القاضي الفتاح فأما قوله جل وعز { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } ففيه قولان قال قوم معناه إن تستقضوا فقد جاءكم

القضاء وقال آخرون إن تستنصروا فقد جاءكم النصر وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر اللهم انصر أفضل الدينين عندك وأرضاه لديك فقال الله عز وجل { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين ( قال ) أبو عبيدة معناه يستنصر والصعلوك الفقير في كلام العرب قال حاتم بن عبد الله
(
غنينا زمانا بالتصعلك والغنى ** فكلا سقاناه بكأسيهما الدهر )
يعني بالفقر والغنى ( قال ) وحدثنا أبو بكر محمد بن القاسم قال حدثنا خلف بن عمرو العكبري قال حدثنا أبو عبدالرحمن بن عائشة قال حدثنا عبد الرحمن بن حماد عن طلحة بن يحيى بن طلحة عن أبيه عن طلحة بن عبيدالله قال رمى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسفرجلة فقال دونكها يا أبا محمد فإنها تجم الفؤاد ( قال ) أبو بكر قال خلف بن عمرو قال أبو عبد الرحمن بن عائشة تجم الفؤاد معناه تريحه
قال أبو بكر وقال غيره تجم الفؤاد تفتحه وتوسعه من جمام الماء وهو اتساعه وكثرته قال امرؤ القيس يصف فرسا
(
يجم على الساقين بعد كلاله ** جموم عيون الحسي بعد المخيض )
يعني أنه إذا انقطع جريه جاءه جري مستأنف كما ينقطع ماء الحسي ثم يثوب فيأتي منه ماء آخر ( قال أبو علي ) الحسي صلابة تمسك الماء وعليها رمل فلا تنشفه الشمس لأن ذلك الرمل يستره ولا تقبله الأرض لصلابتها فإذا حفر خرج قليلا قليلا فربما حفر منه بئر قدر قعدة الرجل قال وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا العكلي عن الحرمازي قال بلغني أن مسلمة دخل على عمر بن عبد العزيز رحمه الله وعليه ريطة من رياط مصر فقال بكم أخذت هذه يا أبا سعيد فقال بكذا وكذا قال فلو نقصت من ثمنها سيأ أكان ناقصا من شرفك قال لا قال فلو زدت في ثمنها شيأ أكان زائدا في شرفك قال لا قال فاعلم يا مسلمة أن أفضل الإقتصاد ما كان بعد الجدة وأفضل العفو ما كان بعد القدرة وأفضل اللين ما كان بعد الولاية قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الرياشي قال حدثنا

مسعود بن بشر عن رجل من ولد عمرو بن مرة الجهني ولعمرو بن مرة صحبة قال قال رجل من بني ضبة أو قال وفد رجل من بني ضبة وبنو ضبة من سعد هذيم وفي العرب ضبتان ضبة هذا وضبة بن عبد الله بن نمير قال فوفد هذا الضبي إلى عبد الملك بن مروان فقال
(
والله ما ندري إذا ما فاتنا ** طلب إليك من الذي نتطلب )
(
فلقد ضربنا في البلاد فلم نجد ** أحدا سواك إلى المكارم ينسب )
(
فاصبر لعادتنا التي عودتنا ** أولا فأرشدنا إلى من نذهب )
فقال عبد الملك إلي إلي وأمر له بألف دينار ثم أتاه في العام المقبل فقال
(
يرب الذي يأتي من الخير انه ** إذا فعل المعروف زاد وتمما )
(
وليس كبان حين تم بناؤه ** تتبعه بالنقض حتى تهدما )
فأعطاه ألفي دينار ثم أتاه في العام الثالث فقال
(
إذا استمطروا كانوا مغازير في الندى ** يجودون بالمعروف عودا على بدء )
فأعطاه ثلاثة آلاف دينار قال وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي لابن عمه اطلب لي امرأة بيضاء حديدة فرعاء جعدة تقوم فلا يصيب قميصها منها إلا مشاشة منكبيها وحلمتي ثدييها ورانفتي أليتيها ورضاف ركبتيها إذا استقلت فرميت من تحتها بالأترجة العظيمة نفذت من الجانب الآخر وأنى بمثل هذه إلا في الجنان ( قال أبو علي ) الرضاف واحدتها رضفة وهي العظم المطبق على ملتقى مفصل الساق والفخذ قال وحدثنا إبراهيم بن محمد الأزدي قال حدثنا أحمد بن يحيى الشيباني عن ابن الأعرابي قال بلغني أن جماعة من الأنصار وقفوا على دغفل النسابة بعدما كف فسلموا عليه فقال من القوم قالوا سادة اليمن فقال أمن أهل مجدها القديم وشرفها العميم كندة قالوا لا قال فأنتم الطوال قصبا الممحصون نسبا بنو عبد المدان قالوا لا قال فأنتم أقودها للزحوف وأخرقها للصفوف وأضربها بالسيوف رهط عمرو بن معد يكرب قالوا

لا قال فأنتم أحضرها قراء وأطيبها فناء وأشدها إلقاء رهط حاتم بن عبد الله قالوا لا قال فأنتم الغارسون للنخل والمطعمون في المحل والقائلون بالعدل الأنصار قالوا نعم ( قال أبو علي ) القراء بفتح القاف ممدود القرى بكسر القاف مقصور
سمع القاسم بن معن من العرب هو قراء الضيف ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي قال أنشدني خلف الأحمر لأعرابي
(
تهزأ مني أخت آل طيسله ** قالت أراه مبلطا لا شيء له )
(
وهزئت من ذاك أم موءلة ** قالت أراه دالفا قددنى له )
(
مالك لا جنبت تبريح الوله ** مردودة أو فاقدا أو مثكله )
(
ألست أيام حضرنا الأعزله ** وقبل إذ نحن على الضلضله )
(
وقبلها عام ارتبعنا الجعله ** مثل الأتان نصفا جنعدله )
(
وأنا في ضراب قيلان القله ** أبقى الزمان منك نابا نهبله )
(
ورحما عند اللقاح مقفله ** ومضغة باللؤم سحا مبهله )
(
وما تريني في الوقار والعله ** قاربت أمشي القعو لي والفنجله )
(
قال أبو علي ) هكذا أنشدناه أبو بكر وأنشدنا غيره الفنجلى والقعوله
(
وتارة أنبث نبث النقثله ** خزعله الضبعان راح الهنبله )
(
وهل علمت فحشاء جهله ** ممغوثة أعراضهم ممرطله )
(
في كل ماء آجن وسمله ** كما تماث في الإناء الثمله )
(
عرضت من جفيلهم أن أجفله ** وهل علمت يا قفى التتفله )
(
ومرسن العجل وساق الحجله ** وغضن الضب وليط الجعله )
(
وكشة الأفعى ونفخ الأصله ** أني أفات المائة المؤبله )
(
ثم أفيء مثلها مستقبله ** ولم أضع ما ينبغي أن أفعله )


(
وأفعل العارف قبل المسئله ** وهل أكب البائك المحفله )
(
وأمنح المياحة السبحلله ** وأطعن السحساحة المشلشله )
(
على غشاش دهش وعجله ** إذا أطاش الطعن أيدي البعله )
(
وصدق الفيل الجبان وهله ** أقصدتها فلم أحرها أنمله )
(
من حيث يممت سواء المقتله ** وأضرب الخدباء ذات الرعله )
(
ترد في نحر الطبيب فتله ** وهل علمت بيتنا إلا وله )
شربة من غيرنا وأكله ** )
(
قال أبو علي ) طيسلة اسم والمبلط الفقير يقال أبلط الرجل فهو مبلط وقال الأصمعي أبلط فهو مبلط إذا لصق بالبلاط وهي الأرض الملساء وموءلة اسم والدالف الذي يقارب الخطو في مشيه والشيخ يدلف دليفا من الكبر ودنى له أي قوربت خطاه والأعزلة موضع
والضلضلة الأرض الغليظة تركبها حجارة كذا روى البصريون عن الأصمعي في هذا الرجز وفي كتاب الصفات للأصمعي على مثال فعلله وذكره أبو عبيدة في باب فعللة وحكى عن الأصمعي الضلضلة الأرض الغليظة ثم ذكر في الباب الخنثر الشيء الخسيس من المتاع والجعلة أرض لبني عامر بن صعصعة والجنعدلة الغليظة الجافية والقيلان جمع قال والقال والمقلى العود الذي تضرب به القلة والقلة عود قدر شبر محدد الطرفين تلعب به الصبيان والنهبلة الهرمة يقال قد خنشلت المرأة ونهبلت إذا أسنت قال ثابت
(
مأوى الضياف ومأوى كل أرملة ** تأوي إلى نهبل كالنسر علفوف )
والعلفوف الجافي والمبهلة التي لا صرار عليها وهذا مثل والعله الجزع والقعولى أن يمشي مشية الأحنف وهو أن يتباعد الكعبان ويقبل القدمان والفنجلة مقاربة الخطو والنقثلة أن ينبث التراب في مشيته وهو مثل النعثلة والخزعلة الظلع يقال

ناقة بها خزعال وليس في الكلام فعلال غيره إلا ما كان مضاعفا مثل القلقال والزلزال والقسقاس والهنبلة أن ينسف التراب في مشيته وممغوثة مدلوكة وممرطلة مبلولة والآجن المتغير والسمل القليل من الماء وتماث تمرس والثملة بقية الهناء في الإناء والجفيل الجمع والتتفلة الأنثى من أولاد الثعالب والمرسن من الأنف موضع الرسن والغضن التكسر والغضون الكسور في الجلد وليط كل شيء قشره والليط اللون أيضا والكشة والكشيش صوت جلد الحية والأصلة حية عظيمة والمؤبلة المجتمعة ويقال التي حبست للقنية والبائك السمينة العظيمة السنام والسبحللة العظيمة يقال سقاء سبحل وسحبل وسبحلل والسحساحة التي تسح أي تصب والمشلشلة المتداركة القطر والغشاش السرعة والعجلة والبعل التحير والوهل الفزع والأنملة والأنملة لغتان طرف الإصبع ( قال أبو بكر ) والأنملة أفصح والخدباء الضربة التي تهجم على الجوف وأصل الخدب الهوج والرعلة القطعة تبقى من اللحم معلقة ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
(
خليلي هذي زفرة اليوم قد مضت ** فمن لغد من زفرة قد أطلت )
(
ومن زفرات لو قصدن قتلنني ** تقض التي تبقى التي قد تولت )
قال وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثني عبد الرحمن عن عمه قال أنشدتني عجوز بحمى ضرية
(
ومستخفيات ليس يخفين زرننا ** يسحبن أذيال الصبابة والشكل )
(
جمعن الهوى حتى إذا ما ملكنه ** نزعن وقد أكثرن فينا من القتل )
(
مريضات رجع القول خرس عن الخنا ** تألفن أهواء القلوب بلا بذل )
(
موارق من حبل المحب عواطف ** بحبل ذوي الألباب بالجد والهزل )


(
يعنفني العذال فيهن والهوى ** يحذرني من أن أطيع ذوي العذل )
(
قال الأصمعي ) فما رأيت امرأة أحلى لفظا منها ولا أفصح لسانا ( قال ) وأنشدنا علي بن سليمان لأبي علي البصير
(
لعمر ابيك ما نسب المعلى ** إلى كرم وفي الدنيا كريم )
(
ولكن البلاد إذا اقشعرت ** وصوح نبتها رعي الهشيم ) ( قال أبو علي ) صوح يبس وتشقق قال وأنشدنا إبراهيم بن محمد قال أنشدنا أبو العباس
(
لعمرك ما يدري الفتى أي أمره ** وإن كان محروصا على الرشد أرشد )
(
أفي عاجلات الأمر أم آجلاته ** أم اليوم أدنى للسعادة أم غد )
(
قال ) وأنشدنا أيضا عن أبي العباس
(
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ** برأي نصيح أو مشورة حازم )
(
ولا تحسب الشورى عليك غضاضة ** مكان الخوافي نافع للقوادم )
(
قال ) وأنشدنا محمد بن السري للعباس بن الأحنف
(
لعمري لئن كان المقرب منكم ** هوى صادقا إني لمستوجب القرب )
(
سأرعى وما استوجبت مني رعاية ** وأحفظ ما ضيعت من حرمة الحب )
(
متى تبصرينى يا ظلوم تبيني ** شمائل بادي البث منصدع القلب )
(
بريا تمنى الذنب لما هجرته ** لكيما يقال الهجر من سبب الذنب )
(
وقد كنت أشكو عتبها وعتابها ** فقد فجعتني بالعتاب وبالعتب )
(
قال ) وأنشدنا عبد الله بن جعفر النحوي قال أنشدنا أبو العباس عن محمد بن يزيد قال أنشدنا علي بن قطرب لأبيه
(
أشتاق بالنظرة الأولى قرينتها ** كأنني لم أسلف قبلها نظرا )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال في قوله عز وجل الصمد ثلاثة

أقوال قال جماعة من اللغويين الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد لأنه يصمد إليه الناس في أمورهم قال وأنشدنا
(
سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا ** ولا رهينة إلا سيد صمد )
وقال الآخر
(
علوته بحسام ثم قلت له ** خذها حذيف فأنت السيد الصمد )
يعني حذيفة بن بدر وقال الآخر
(
ألا بكر الناعي بخيرى بني أسد ** بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد )
(
قال أبو علي ) قول يصمد أي يقصد قال طرفة
(
وإن يلتق الحي الجميع تلاقني ** إلى ذروة البيت الكريم المصمد )
(
قال أبو علي ) وهذا القول الذي يصح في الإشتقاق واللغة قال وحكى أبو بكر عن الأعمش أنه قال الصمد الذي لا يطعم وحكى عن السدى أنه قال الصمد الذي لا جوف له قال وحدثنا أبو بكر محمد بن القاسم قال حدثنا محمد بن يونس الكديمي قال حدثنا سعيد بن سفيان الجحدري قال حدثنا شعبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل )
قال أبو بكر تفسير فبها فبالرخصة أخذ ويقال بالسنة أخذ
ومعنى قوله ونعمت أي نعمت الخصلة الوضوء ولا يجوز ونعمة بالهاء لأن مجرى التاء التي في نعمت مجرى التاء التي في قامت وقعدت قال وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثني عمي الحسين عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه عن الذيال بن نفر عن الطرماح بن حكيم قال خرج خمسة نفر من طيء من ذوي الحجا والرأي منهم برج بن مسهر وهو أحد المعمرين وأنيف بن حارثة ابن لام وعبد الله بن سعد بن الحشرج أبو حاتم طيء
وعارف الشاعر ومرة بن عبد رضي يريدون سواد بن قارب الدوسي ليمتحنوا علمه فلما قربوا من السراة قالو ليخبأ كل رجل منا خبيئا ولا يخبر به صاحبه ليسأله عنه فإن أصاب عرفنا علمه وأن أخطأ ارتحلنا عنه فخبأ

كل رجل منهم خبيئا ثم صاروا إليه فأهدوا له إبلا وطرفا من طرف الحيرة فضرب عليهم قبة ونحر لهم فلما مضت ثلاث دعا بهم فدخلوا عليه فتكلم برج وكان أسنهم فقال جادك السحاب وأمرع لك الجناب وضفت عليك النعم الرغاب
نحن أولو الآكال والحدائق والأغيال والنعم الجفال ونحن أصهار الأملاك وفرسان العراك يوري عنهم أنهم من بكر بن وائل
فقال سواد والسماء والأرض والغمر والبرض والقرض والفرض أنكم لأهل الهضاب الشم والنخيل العم والصخور الصم من أجأ العيطاء وسلمى ذات الرقبة السطعاء
قالوا إنا كذلك وقد خبأ لك كل رجل منا خبيئا لتخبرنا بإسمه وخبيئه فقال لبرج أقسم بالضياء والحلك والنجوم والفلك والشروق والدلك لقد خبأت برثن فرخ في إعليط مرخ تحت آسرة الشرخ
قال ما أخطأت شيأ فمن أنا قال أنت برج بن مسهر عصرة الممعر وثمال المحجر ثم قام أنيف بن حارثة فقال ما خبيئي وما اسمي فقال والسحاب والتراب
والأصباب والأحداب والنعم الكثاب لقد خبأت قطامة فسيط وقذة مريط في مدرة من مدي مطيط قال ما أخطأت شيأ فمن أنا قال أنت أنيف قاري الضيف ومعمل السيف وخالط الشتاء بالصيف
ثم قام عبد الله بن سعد فقال ما خبيئي وما أسمي فقال سواد أقسم بالسوام العازب والوقير الكارب والمجد الراكب والمشيح الحارب لقد خبأت نفاثة فنن في قطيع قد مرن أو أديم قد جرن
قال ما أخطأت حرفا فمن أنا قال أنت بن سعد النوال عطاؤك سجال وشرك عضال وعمدك طوال وبيتك لا ينال ثم قام عارف فقال ما خبيئي وما أسمى
فقال سواد أقسم بنفنف اللوح والماء المسفوح والفضاء المندوح لقد خبأت رقعة طلا أعفر في زعنفة أديم أحمر تحت حلس نضو أدبر
قال ما أخطأت شيأ فمن أنا قال أنت عارف ذو اللسان العضب والقلب الندب والمضاء الغرب مناع السرب ومبيح النهب
ثم قام مرة بن عبد رضى فقال ما خبيئ وما اسمى
فقال سواد أقسم بالأرض والسماء والبروج

والأنواء والظلمة والضياء لقد خبأت دمة في رمة تحت مشيط لمه
قال ما أخطأت شيأ فمن أنا قال أنت مره السريع الكره البطيء الفرة الشديد المره
قالوا فأخبرنا بما رأينا في طريقنا إليك فقال والناظر من حيث لا يرى والسامع قبل أن يناجى والعالم بما لا يدرى لقد عنت لكم عقاب عجزاء في شغانيب دوحة جرداء تحمل جدلا فتماريتم إما يدا وإما رجلا
فقالوا كذلك ثم مه قال شح لكم قبل طلوع الشرق سيد أمق على ماء طرق قالوا ماذا قال ثم تيس أفرق سند في أبرق فرماه الغلام الأزرق فأصاب بين الوابلة والمرفق قالوا صدقت وأنت أعلم من تحمل الأرض ثم ارتحلوا عنه فقال عارف
(
ألا لله علم لا يجارى ** إلى الغايات في جنبى سواد )
(
أتيناه نسائله امتحانا ** ونحسب أن سيعمد بالعناد )
(
فأبدى عن خفي مخبآت ** فأضحى سرها للناس باد )
(
حسام لا يليق ولا يثأثي ** عن القصد المميم والسداد )
(
كأن خبيئنا لما انتجينا ** بعينيه يصرح أو ينادي )
(
فأقسم بالعتائر حيث فلس ** ومن نسك الأقيصرم العباد )
(
لقد حزت الكهانة عن سطيح ** وشق والمرفل من إياد )
(
قال أبو علي ) أمرع أخصب والجناب ما حول الدار والضافي السابغ الكثير يقال خير فلان ضاف على قومه أي سابغ عليهم والرغاب الواسعة الكثيرة ويقال فلان ذو أكل أي ذو حظ ورزق في الدنيا والجمع آكال
والأغيال جمع غيل والغيل الماء الجاري على وجه الأرض وفي الحديث ( ما سقي بالغيل ففيه العشر وما سقي بالدلو فنصف العشر ) والغلل الماء الذي يجري بين الشجر
والجفال الكثيرة وهذا الجمع قليل جدا لم يأت منه إلا أحرف مثل رباب وهو جمع ربى والربى الحديثة النتاج وفرير لولد البقرة وجمعه فرار ونعم كثاب وهي الكثيرة وقد جمع برىء براء على فعال والغمر الماء

الكثير ويقال رجل غمر الخلق إذا كان واسع الخلق سخيا قال كثير
(
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا ** غلقت لضحكته رقاب المال )
يريد بالرداء ههنا البدن والعرب تقول فدى لك ردائي وفدى لك ثوبي يريدون البدن والبرض الماء القليل وجمعه براض ويقال فلان يتبرض حقه أي يأخذه قليلا قليلا وتبرضت الماء ومنه سمى الرجل براضا والشم الطوال والعم الطوال أيضا وأجأ وسلمى جبلا طيء والعيطاء الطويلة ويقال ظبية عيطاء إذا كانت طويلة العنق والسطعاء أيضا الطويلة والدلك اصفرار الشمس عند المغيب يقال دلكت الشمس تدلك دلوكا والبرثن ظفر كل مالا يصيد من السباع والطير مثل الحمام والضب والفأرة قال امرؤ القيس
(
وترى الضب خفيفا ماهرا ** ثانيا برثنه ما ينعفر )
أي ما يصيبه العفر وهو التراب وجمع البرثن براثن فإذا كان مما يصيد قيل لظفره مخلب والإعليط وعاء ثمر المرخ والعرب تشبه به آذان الخيل
والمرخ شجر تقدح منه النار والآسرة والإسار القد الذي يشد به خشب الرحل وشرخا الرحل جانباه والممعر الذي ذهب ماله ويقال ما أمعر من أدمن الحج
والمحجر الملجأ المضيق عليه والصبب ما انخفض من الأرض والحدب ما علا والقطامة ما قطمته بفيك والقطم بأطراف الأسنان والفسيط قلامة الظفر والقذة الريش وجمعها قذذ والمريط من السهام الذي قد تمرط ريشه أن نتف والمدي جديول يجري منه ما سال مما هرق من الحوض كذا قال الأصمعي وأنشد
(
وعن مطيطات المدي المدعوق ** ) والمدعوق الذي قد أكثر فيه الوطء يقال دعقته الإبل إذا أكثرت فيه الوطء تدعقه دعقا ودعق عليهم الغارة أن دفعها والسوام المال الراعي من الإبل والعازب البعيد والوقير والقرة الغنم كذا قال أبو عبيدة وأنشد


(
ما إن رأينا ملكا أغارا ** أكثر منه قرة وقارا )
والقار الإبل وقال الفراء الوقير الغنم التي بالسواد والكارب القريب وأنشد أبو بكر
(
أجبيل إن أباك كارب يومه ** فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل )
والمشيح الجاد في لغة هذيل وفي غيرها الحاذر والنفاثة ما تنفثه من فيك والفنن واحد أفنان الأشجار وهي أغصانها وجرن لان والنفنف واللوح واحد وهما الهواء وإنما أضاف لما اختلف اللفظان فكأنه أضاف الشيء إلى غيره والمسفوح المصبوب يقال سفحت الشيء صببته والمندوح الواسع
والزمعة الشعرات المتدليات في رجل الأرنب يقال أرنب زموع إذا كانت تقارب الخطو كأنها تمشي على زمعتها وزعانف الأديم أطرافه مثل اليدين والرجلين ومالا خير فيه واحدتها زعنفة ومنه قيل لرذال الناس الزعانف
والحلس للبعير بمنزلة القرطاط للحافر ( قال أبو علي ) يقال قرطان وقرطاط والقرطاط والقرطاط البرذعة وإنما قيل له حلس للزومة الظهر والعرب تقول فلان حلس بيته إذا كان يلزم بيته وأحلسته أنا بيته إحلاسا إذا ألزمته إياه
والندب الذكي والغرب الحد والسرب جماعة الإبل يقال جاء سرب بني فلان بفتح السين والعرب كانت تطلق في الجاهلية بقولهم اذهبي فلا أنده سربك أي لا أرد إبلك لتذهب حيث شاءت والسرب بكسر السين القطيع من الظباء والبقر والنساء والقطا ويقال فلان آمن في سربه بكسر السين أي في نفسه والدمة القملة والرمة العظام البالية والمرة القوة والعجزاء التي ابيض ذنبها وفي غير هذا الموضع التي كبرت عجيزتها والشغانيب ما تداخل من الأغصان والدوحة الشجرة العظيمة والجدل العضو وجمعه جدول والشرق الشمس والعرب تقول لا أفعل ذلك ما طلع شرق وشرقت الشمس طلعت وأشرقت أضاءت والسيد الذئب والأمق الطويل والطرق الماء الذي بولت فيه الإبل يقال ماء طرق ومطروق والأبرق والبرقاء والبرقة غلظ من الأرض فيه حجارة ورمل وجبل

أبرق إذا كان فيه لونان والوابلة رأس العضد الذي يلي المنكب
وقال الأصمعي للرشيد ما ألاقتني أرض حتى خرجت إليك يا أمير المؤمنين أي ما أمسكتني ويثأثيء يحبس يقال ثأثأت عنه غضبه أي أطفأته والعتائر جمع عتيرة وهو ذبح كان يذبح للأصنام في الجاهلية وفلس صنم والأقيصر صنم ( قال ) وأنشدنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لأعرابية ترقص ابنها وهي تقول
(
احبه حب شحيح ماله ** قد ذاق طعم الفقر ثم ناله ** إذا أراد بذله بدا له )
قال وأنشدنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى
(
أرى كل امري إلى عاصم ** فما أنا لو كان لم يولد )
(
فنفسي فداؤك مستيقظا ** ونفسي فداؤك في المرقد )
(
ونفسي فداؤك رحب اليمين بالخير مجتنب الأفند )
(
فلو كنت شيأ من الأشربات ** لكنت من الأسوغ الأبرد )
قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كانت امرأة بحمى ضرية أحسبها من غني ذات يسار فكثر خطابها ثم أنها علقت غلاما من بني هلال فضفتها ليلة وقد شاع في الحاضر شأنها فأحسنت ضيافتي فلما تعشيت جلست إلي تحدثني فقلت لها يا أم العلاء إني أريد أن أسائلك عن أمر وأنا أهابك لما أعلم من عفتك وفضل دينك وشرفك فتبسمت ثم قالت أنا أحدثك قبل أن تسألني ثم قالت
(
ألهف أبي لما أدمت لك الهوى ** وأصفيت حتى الوجد بي لك ظاهر )
(
وجاهرت فيك الناس حتى أضر بي ** مجاهرتي يا ويح فيمن أجاهر )
(
فكنت كفيء الغصن بيننا يظلني ** ويعجبني اذزعزعته الأعاصر )
(
فصار لغيري واستدارت ظلاله ** سواي وخلاني ولفح الهواجر )
ثم غلب عليها البكاء فقامت عني فلما أصبحت وأردت الرحيل قالت يا ابن عمي أنت

=========================================

ج5. كتاب :الأمالي في لغة العرب أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي


والأرض فيما كان بيني وبينك فقلت إنه وانصرفت عنها ( قال ) وأنشدني أبو بكر
(
وضمها والبدن الحقاب ** جدي لكل عامل ثواب ** ألرأس والأكرع والإهاب )
قال أبو بكر هذا صائد يخاطب كلبته والبدن الوعل المسن والحقاب جبل ( قال ) وقرأت على ابي بكر
(
وبيض رفعنا بالضحى عن متونها ** سماوة جون كالخباء المقوض )
(
هجوم عليها نفسه غير أنه ** متى يرم في عينيه بالشبح ينهض )
البيض أراد بها البيض وسماوة كل شيء شخصه يعني الظليم والجون الأسود هجوم عليها يعني على البيض فإذا أبصر شخصا نهض عن البيض والشبح والشبح لغتان الشخص
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا الرياشي لأعرابي
(
لقد زاد الهلال إلي حبا ** عيون تلتقي عند الهلال )
(
إذا ما لاح وهو شفى صغير ** نظرن إليه من خلل الحجال )
(
قال ) وأنشدنا إبراهيم بن محمد قال أنشدنا أبو العباس لأحمد بن إبراهيم بن إسماعيل يخاطب بعض أهله
(
أظنك أطغاك الغني فنسيتني ** ونفسك والدنيا الدنية قد تنسى )
(
فإن كنت تعلو عند نفسك بالغنى ** فإني سيعليني عليك غنى نفسي )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله في قوله عز وجل { فلولا إن كنتم غير مدينين } معناه غير مجزيين ( قال ) وأنشدنا
(
ولم يبق سوى العدوان ** دناهم كما دانوا )
أي جازيناهم كما جازوا ومن ذلك قوله جل وعز { مالك يوم الدين } قال قتادة معناه مالك يوم يدان فيه العباد أي يجازون بأعمالهم ويكون الدين أيضا الحساب قال ابن عباس معنى قوله مالك يوم الدين أي يوم الحساب ويكون الدين أيضا السلطان قال زهير


(
لئن حللت بجو في بني أسد ** في دين عمرو وحالت بيننا فدك )
معناه في سلطان ويكون الدين أيضا الطاعة من ذلك قوله جل وعز { ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك } معناه في طاعة الملك ويكون الدين أيضا العبودية والذل وجاء في الحديث ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ) فمعناه استعبد نفسه وأذلها لله عز وجل قال الأعشى
(
هو دان الرباب اذكر هو الدين دراكا بغزوة وصيال )
(
ثم دانت بعد الرباب وكانت ** كعذاب عقوبة الأقوال )
يعني أنه أذلهم فذلوا وقال القطامي
(
رمت المقاتل من فؤادك بعدما ** كانت نوار تدينك الأديانا )
معناه تستعبدك بحبها ويكون الدين أيضا الملة كقولك نحن على دين إبراهيم ويكون الدين العادة قال المثقب العبدي
(
تقول إذا درأت لها وضيني ** أهذا دينه أبدا وديني )
(
أكل الدهر حل وارتحال ** أما يبقى علي وما يقيني )
ويكون الدين أيضا الحال قال النضر بن شميل سألت أعرابيا عن شيء فقال لو لقيتني على دين غير هذه لأخبرتك وروى أبو عبيدة قول امرئ القيس
(
كدينك من أم الحويرث قبلها ** وجارتها أم الرباب بمأسل )
أي كعادتك والعرب تقول ما زال هذا دينه ودأبه وديدنه وديدانه وديدبونه أي عادته
(
قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا عبد الله بن ناجية قال حدثنا أبو وائل خالد بن محمد بن خالد وأحمد بن الحسن بن خراش ويحيى بن محمد بن السكن البزاز قال حدثنا حبان بن هلال قال حدثنا المبارك بن فضالة عن عبد ربه بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(
أن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا وأبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون المتشدقون المتفيهقون قالوا يا رسول الله قد عرفنا الثرثارين والمتشدقين فمن المتفيهقون قال المتكبرون )
قال أبو بكر قال اللغويون منهم يعقوب ابن السكيت الثرثارون الذين يكثرون القول ولا يكون إلا قولا باطلا ويقال نهر ثرثار إذا كان ماؤه مصوتا ومطر ثرثار وسحاب ثرثار وأنشد يعقوب
(
لشخبها في الصحن للأعشار ** بربرة كصخب المماري ** من قادم منهمر ثرثار )
وكان أبو بكر بن دريد يقول نهر ثرثار إذا كان ماؤه كثيرا ولذلك سمي النهر المعروف بالثرثار وناقة ثرة إذا كانت غزيرة اللبن وسحابة ثرة كثيرة المطر وعين ثرة كثيرة الدموع وأنشدني
(
يا من لعين ثرة المدامع ** يحفشها الوجد ياءها مع )
يحفشها يستخرج كل ما فيها ومثل قول أبي بكر قاله أبو العباس محمد بن يزيد ( قال أبو علي ) حدثني بذلك عبد الله بن جعفر النحوي وأنشدنا أبو العباس لعنترة بن شداد
(
جادت عليها كل عين ثرة ** فتركن كل قرارة كالدرهم )
وقال أبو بكر يقال ثررت الشيء وثرثرته إذا فرقته وبددته ( وقال أبو علي ) ومنه قيل ناقة ثرور وهي مثل الفتوح وهي الواسعة الأحاليل وقد فتحت وأفتحت لأن الواسعة الأحاليل يخرج شخبها متفرقا منتشرا ( قال ) غير يعقوب المتفيهق الذي يتسع شدقه وفوه بالكلام الباطل وأصله من الفهق وهو الإمتلاء قال الأعشى
(
تروح على آل المحلق جفنة ** كجابية الشيخ العراقي تفهق )
وكان أبو محرز خلف يروي كجابية السيح ويقول الشيخ تصحيف والسيح الماء الذي يسيح على وجه الأرض أي يذهب ويجري والجابية الحوض الذي يجبى فيه الماء أي يجمع وجمعها جواب قال الله عز وجل { وجفان كالجواب } قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال قال أبو زرارة بجال بن حاجب العلقمي من ولد علقمة بن

زرارة خرج يزيد بن شيبان بن علقمة حاجا فرأى حين شارف البلد شيخا يحفه ركب على إبل عتاق برحال ميس ملبسة أدما قال فعدلت فسلمت عليهم وبدأت به وقلت من الرجل ومن القوم فأرم القوم ينظرون إلى الشيخ هيبة له فقال الشيخ رجل من مهرة بن حيدان بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة فقلت حياكم الله وانصرفت فقال الشيخ قف أيها الرجل نسبتنا فانتسبنا لك ثم انصرفت ولم تكلمنا ( قال أبو بكر ) وروى السكن بن سعيد عن محمد بن عباد شاممتنا مشامة الذئب الغنم ثم انصرفت قلت ما أنكرت سوأ ولكني ظننتكم من عشيرتي فأناسبكم فانتسبتم نسبا لا أعرفه ولا أراه يعرفني قال فأمال الشيخ لثامه وحسر عمامته وقال لعمري لئن كنت من جذم من أجذام العرب لأعرفنك فقلت فإني من أكرم أجذامها قال فإن العرب بنيت على أربعة أركان مضر وربيعة واليمن وقضاعة فمن أيهم أنت قلت من مضر قال أمن الأرحاء أم من الفرسان فعلمت أن الأرحاء خندف وأن الفرسان قيس قلت من الأرحاء قال فأنت إذا من خندف قلت أجل قال أفمن الأرنبة أم من الجمجمة فعلمت أن الأرنبة مدركة وأن الجمجمة طابخة فقلت من الجمجمة قال فأنت إذا من طابخة قلت أجل قال أفمن الصميم أم من الوشيظ فعلمت أن الصميم تميم وأن الوشيظ الرباب قلت من الصميم قال فأنت إذا من تميم قلت أجل قال أفمن الأكرمين أم من الأحلمين أم الأقلين فعلمت أن الأكرمين زيد مناة وأن الأحلمين عمرو بن تميم وأن الأقلين الحرث بن تميم قلت من الأكرمين قال فأنت إذا من زيد مناة قلت أجل قال أفمن الجدود أم من البحور أم من الثماد فعلمت أن الجدود مالك وأن البحور سعد وأن الثماد امرؤ القيس بن زيد مناة قلت من الجدود قال فأنت إذا من بني مالك قلت أجل قال أفمن الذرى أم من الأرداف فعلمت أن الذرى حنظلة وأن الأرداف ربيعة ومعاوية وهما الكردوسان قلت من الذرى قال فأنت إذا من بني حنظلة قلت أجل قال أمن البدور أم من الفرسان أم من الجراثيم فعلمت أن البدور

مالك وأن الفرسان يربوع وأن الجراثيم البراجم قلت من البدور قال فأنت إذا من بني مالك بن حنظلة قلت أجل قال أفمن الأرنبة أم من اللحيين أم من القفا فعلمت أن الأرنبة دارم وأن اللحيين طهية والعدوية وأن القفار بيعة بن حنظلة قلت من الأرنبة قال فأنت إذا من دارم قلت أجل قال أفمن اللباب أم من الهضاب أم من الشهاب فعلمت أن اللباب عبد الله وأن الهضاب مجاشع وأن الشهاب نهشل قلت من اللباب قال فأنت إذا من بني عبد الله قلت أجل قال أفمن البيت أم من الزوافر فعلمت أن البيت بنو زرارة وأن الزوافر الأحلاف قلت من البيت قال فأنت إذا من بني زرارة قلت أجل قال فإن زرارة ولد عشرة حاجبا ولقيطا وعلقمة ومعبدا وخزيمة ولبيدا وأبا الحرث وعمرا وعبد مناة ومالكا فمن أيهم أنت قلت من بني علقمة قال فإن علقمة ولد شيبان ولم يلد غيره فتزوج شيبان ثلاث نسوة مهدد بنت حمران بن بشر بن عمرو بن مرثد فولدت له يزيد وتزوج عكرشة بنت حاجب بن زرارة بن عدس فولدت له المأمور وتزوج عمرة بنت بشر بن عمرو بن عدس فولدت له المقعد فلأيتهن أنت قلت لمهدد قال يا ابن أخي ما افترقت فرقتان بعد مدركة إلا كنت في أفضلها حتى زاحمك أخواك فإنهما أن تلدني أماهما أحب إلي من أن تلدني أمك ياابن أخي أتراني عرفتك قلت إي وأبيك أي معرفة ( قال أبو علي ) الميس ضرب من الشجر يعمل منه الرحال وأرم القوم سكتوا والوشيظ الخسيس من الرجال والصميم الخالص قال وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال حدثنا الرياشي عن العمري عن الهيثم قال قال لي صالح بن حسان ما بيت شطره أعرابي في شملة والشطر الآخر مخنث يتفكك قلت لا أدري قال قد أجلتك حولا قلت لو أجلتني حولين لم أعرف قال أف لك قد كنت أحسبك أجود ذهنا مما أرى قلت ما هو قال أما سمعت قول جميل
(
ألا أيها النوام ويحكم هبوا ** أعرابي في شملة ثم أدركه اللين وضرع الحب ) فقال
(
نسائلكم هل يقتل الرجل الحب ** كانه والله من مخنثي العقيق )
(
قال أبو علي ) وأملى

علينا أبو بكر بن الأنباري هذه القصيدة لجميل قال وقرأت على أبي بكر بن دريد في شعر جميل وفي الروايتين اختلاف في تقديم الأبيات وتأخيرها وفي ألفاظ بعض البيوت
(
ألا ليت أيام الصفاء جديد ** ودهرا تولى يا بثين يعود )
(
فنغنى كما كنا نكون وأنتم ** صديق وإذا ما تبذلين زهيد )
(
وما أنسى ملأ شياء لا أنسى قولها ** وقد قربت نضوى أمصر تريد )
(
ولا قولها لولا العيون التي ترى ** أتيتك فأعذرني فدتك جدود )
(
خليلي ما أخفي من الوجد ظاهر ** ودمعي بما أخفي الغداة شهيد )
(
ألا قد أرى والله أن رب عبرة ** إذا الدار شطت بيننا ستزيد )
(
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ** من الحب قالت ثابت ويزيد )
(
وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به ** مع الناس قالت ذاك منك بعيد )
(
فلا أنا مردود بما جئت طالبا ** ولا حبها فيما يبيد يبيد )
(
جزتك الجوازي يا بثين ملامة ** إذا ما خليل بان وهو حميد )
(
وقلت لها بيني وبينك فاعلمي ** من الله ميثاق له وعهود )
(
وقد كان حبيكم طريفا وتالدا ** وما الحب إلا طارف وتليد )
(
وإن عروض الوصل بيني وبينها ** وأن سهلته بالمنى لصعود )
(
فأفنيت عيشي بإنتظاري نوالها ** وأبليت ذاك الدهر وهو جديد )
(
فليت وشاة الناس بيني وبينها ** يدوف لهم سما طماطم سود )
(
وليت لهم في كل ممسى وشارق ** تضاعف أكبال لهم وقيود )
(
ويحسب نسوان من الجهل أنني ** إذا جئت إياهن كنت أريد )
(
فأقسم طرفي بينهن فيستوي ** وفي الصدر بون بينهن بعيد )
(
ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة ** بوادي القرى إنى إذا لسعيد )


(
وهل أهبطن أرضا تظل رياحها ** لها بالثنايا القاويات وئيد )
(
وهل القين سعدى من الدهر مرة ** ومارث من حبل الصفاء جديد )
(
وقد تلتقي الأهواء من بعد يأسه ** وقد تطلب الحاجات وهي بعيد )
(
وهل أزجرن حرفا علاة شملة ** بخرق تباريها سواهم قود )
(
على ظهر مرهوب كأن نشوزه ** إذا جاز هلاك الطريق رقود )
(
سبتني بعيني جؤذر وسط ربرب ** وصدر كفاثور اللجين وجيد )
(
تزيف كما زافت إلى سلفاتها ** مباهية طي الوشاح ميود )
(
إذا جئتها يوما من الدهر زائرا ** تعرض منقوض اليدين صدود )
(
يصد ويغضي عن هواي ويجتني ** ذنوبا عليها أنه لعنود )
(
فأصرمها خوفا كأني مجانب ** ويغفل عنا مرة فنعود )
(
فمن يعط في الدنيا قرينا كمثلها ** فذلك في عيش الحياة رشيد )
(
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها ** ويحيا إذا فارقتها فيعود )
(
يقولون جاهد يا جميل بغزوة ** وأي جهاد غيرهن أريد )
(
لكل حديث بينهن بشاشة ** وكل قتيل بينهن شهيد )
(
ومن كان في حبي بثينة يمتري ** فبرقاء ذي ضال على شهيد )
(
ألم تعلمي يا أم ذي الودع أنني ** أضاحك ذكراكم وأنت صلود )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال أنشدنا أبو العباس بن مروان الخطيب لخالد الكاتب قال وسمعت شعر خالد من خالد
(
راعى النجوم فقد كادت تكلمه ** وانهل بعد دموع يالها دمه )
(
أشقى على سقم يشفى الرقيب به ** لو كان أسقمه من كان يرحمه )
(
يا من تجاهل عما كان يعلمه ** عمدا وباح بسر كان يكتمه )


(
هذا خليلك نضوا لا حراك به ** لم يبق من جسمه إلا توهمه )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد وأبو بكر بن الأنباري في قوله عز وجل { تلك أمة قد خلت } الأمة القرن من الناس بعد القرن والأمة أيضا الجماعة من الناس والأمة أيضا الملة والسنة ومنه قوله عز وجل { إنا وجدنا آباءنا على أمة } أي على دين وكذلك قوله عز وجل { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة } أي لولا يكون الناس كفارا كلهم والأمة أيضا الحين قال الله جل وعز { وادكر بعد أمة } أي بعد حين وقرأ ابن عباس وعكرمة وادكر بعد أمه مثل عمه ووله أي بعد نسيان والأمة أيضا الإمام ويقال الرجل الصالح قال الله عز وجل { إن إبراهيم كان أمة قانتا } والأمة أيضا القامة وجمعها أمم قال الأعشى
(
وإن معاوية الأكرمين ** حسان الوجوه طوال الأمم )
والأمهة والأمة والأم والإم الوالدة قال الشاعر
(
تقبلتها من أمة لك طالما ** تنوزع في الأسواق عنها خمارها )
وقال آخر
(
أمهتي خندف والياس أبي ** )
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثنا إسماعيل بن اسحق القاضي قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا هشام قال حدثنا قتادة عن مطرف بن عبد الله عن أبيه أنه أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر فقال يقول ابن آدم مالي مالي ومالك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو تصدقت فأمضيت أو لبست فأبليت قال أبو بكر المال عند العرب الإبل والغنم والفضة الرقة والورق والذهب النضر والنضير والعقيان ( قال ) وحدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال المال عند العرب أقله ما تجب فيه الزكاة وما نقص من ذلك فلا يقع عليه مال ( قال ) وأنشدنا أبو العباس
(
ألا يا قرلاتك سامريا ** فتترك من يزورك في جهاد )


(
أتعجب أن رأيت علي دينا ** وأن ذهب الطريف مع التلاد )
(
ملأت يدي من الدنيا مرارا ** فما طمع العواذل في اقتصادي )
(
ولا وجبت على زكاة مال ** وهل تجب الزكاة على جواد )
وأنشد ايضا
(
والله ما بلغت لي قط ماشية ** حد الزكاة ولا إبل ولا مال )
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو الحسن بن البراء قال حدثنا الزبير قال حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز وهو الماجشون قال شتم رجل الوليد بن أبي خيرة فقال الوليد هي صحيفتك فأمل فيها ما شئت ( قال ) وحدثنا أبو الحسن بن البراء قال حدثنا الزبير قال حدثنا سفيان بن عيينة قال قيل لإبن شهاب ما الزاهد قال من لم يمنع الحلال شكره ولم يغلب الحرام صبره ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثني مسعود بن بشر عن وهب بن جرير عن الوليد بن يسار الخزاعي قال قال عمرو بن معد يكرب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يا أمير المؤمنين أأبرام بنو مخزوم قال وما ذاك قال تضيفت خالد بن الوليد فأتى بقوس وكعب وثور قال ان في ذلك لشعبة قلت لي أولك قال لي ولك قال حلا يا أمير المؤمنين فيما تقول وإني لآكل الجذع من الإبل أنتقيه عظما عظما وأشرب التبن من اللبن رثيئة وصريفا ( قال أبو علي ) قال الأصمعي القوس البقية من التمر تبقى في الجلة وقال أبو بكر الكعب القطعة من السمن والثور القطعة من الأقط قال الأصمعي يقال أعطاه ثورة عظاما ( قال أبو علي ) والعرب تقول حلا في الأمر تكرهه بمعنى كلا قال وحدثنا غير واحد من مشايخنا منهم ابن دريد بإسناد له وأبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن أبي علي العنزي قال حدثنا مسعود بن بشر قال حدثنا أبو الحسن المدائني قال قال الأحنف بن قيس لمصعب بن الزبير وكلمه في رجل وجد عليه فقال مصعب بلغني عنه الثقة فقال الأحنف حلا أيها الأمير ان الثقة لا يبلغ ( وروى ) أبو بكر بن

الأنباري كلا قال وقال أبو بكر التبن أعظم الأقداح ( قال أبو علي ) الغمر القدح الصغير الذي لا يروى ومنه قيل تغمرت من الشراب أي لم أرو ثم القعب وهو فوقه قليلا والصحن قدح عريض قصير الجدار والجنبل قدح ضخم خشب نحيت والوأب القدح المقعر ( قال أبو علي ) وخبرني الغالبي عن أبي الحسن بن كيسان قال سمعت بندارا يقول الوأب الذي ليس بالكبير ولا الصغير ومنه قيل حافر وأب والعلبة قدح من جلود الإبل والرفد والرفد القدح العظيم أيضا قال الأعشى
(
رب رفد هرقته ذلك اليوم ** وأسرى من معشر أقتال )
قال أبو بكر والرثيئة التي قد صب عليها ماء وكذلك المرضة قال الشاعر
(
إذا شرب المرضة قال أوكي ** على ما في سقائك قدروينا )
والصريف اللبن الذي ينصرف به عن الضرع حارا قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا العنزي قال حدثنا أبو خيرة قال كنا عند أبي داود الطيالسي وهو يملي التفسير ولم يكن يحفظ القرآن فقال ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) فقال المستملي ليس هكذا القراءة فقال هكذا الوقف عليها ( قال ) وأنشدنا أبو بكر بن دريد قال أنشدنا أبو حاتم
(
إذا اشتملت على اليأس القلوب ** وضاق بما به الصدر الرحيب )
(
وأوطنت المكاره واطمأنت ** وأرست في مكامنها الخطوب )
(
ولم تر لإنكشاف الضر وجها ** ولا أغنى بحيلته الأريب )
(
أتاك على قنوط منك غوث ** يمن به اللطيف المستجيب )
(
وكل الحادثات وإن تناهت ** فمقرون بها الفرج القريب )
قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال أنشدني رجل من ولد هشام بن عبد الملك لمعاوية بن أبي سفيان


(
قد عشت في الدهر ألوانا على خلق ** شتى وقاسيت فيه اللين والطبعا )
(
كلا لبست فلا النعماء تبطرني ** ولا تعودت من مكروهها جشعا )
(
لا يملأ الأمر صدري قبل مصدره ** ولا أضيق به ذرعا إذا وقعا )
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر عن أبي عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة
(
أمات الهوى حتى تجنبه الهوى ** كما اجتنب الجاني الدم الطالب الدما )
(
وأكثر ما تلقاه في الناس صامتا ** فإن قال بذا القائلين وأفهما )
(
وكان يرى الدنيا صغيرا كبيرها ** وكان لأمر الله فيها معظما )
(
قال ) وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة
(
خاطر بنفسك لا تقعد بمعجزة ** فليس حر على عجز بمعذور )
(
إن لم تنل في مقام ما تطالبه ** فأبل عذرا بادلاج وتهجير )
(
لن يبلغ المرء بالإحجام همته ** حتى يباشرها منه بتغرير )
(
حتى يواصل في أنحاء مطلبها ** سهلا بحزن وإنجادا بتغوير )
(
قال أبو علي ) حدثني أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن أحمد بن عبيد أنه قال أحجم الرجل عن الأمر إذا كع وأحجم إذا أقدم وقال يعقوب وأحمد بن يحيى أحجم وأحجم إذا كع وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه الله
(
كم من أخ لك لست تنكره ** ما دمت من دنياك في يسر )
(
متصنع لك في مودته ** يلقاك بالترحيب والبشر )
(
يطرى الوفاء وذا الوفاء ويلحى الغدر مجتهدا وذا الغدر )
(
فإذا عدا والدهر ذو غير ** دهر عليك عدا مع الدهر )
(
فارفض باجمال مودة من ** يقلى المقل ويعشق المثرى )
(
وعليك من حالاه واحدة ** في العسر إما كنت واليسر )


(
لا تخلطنهم بغيرهم ** مرن يخلط العقيان بالصفر )
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال أراد قرة بن حنظلة الخزاعي الهجرة فقال أبوه حنظلة
(
أقول لقرة إذ سولت ** له النفس ترك الكبير اليفن )
(
أقره ربتما ليلة ** غبقتك فيها صريح اللبن )
(
أحين فشا الشيب في لمتي ** وأفنى شبابي مر الزمن )
(
تروحت في النفر الرائحين ** وخليت شيخك بادي الحزن )
(
وأفردته والها في الديار ** يصرفه الدهر في كل فن )
(
قليل الكلام بطيء القيام ** يبكي لوحدته ذا شجن )
(
أردت به الأجر فما زعمت ** وتركك شيخك عين الغبن )
(
قال أبو علي ) اليفن الكبير والغبوق شرب العشي والصبوح شرب الغداة والجاشرية حين جشر الصبح والقيل شرب نصف النهار والغبن في البيع والغبن في الرأي يقال غبن رأيه يغبن غبنا وغبنت فلانا أغبنه غبنا
وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد الأزدي نفطويه لعمر بن أبي ربيعة
(
إن طيف الخيال حين ألما ** هاج لي ذكره وأحدث هما )
(
جددي الوصل يا سكين وجودي ** لمحب رحيله قد أحما )
(
قال أبو علي ) وكان الأصمعي يروى قد أجما ويقول أجم إذا دنا وحان وحم إذا قدر ويروى بيت لبيد
(
أن قد أجم من الحتوف حمامها ** ) وغيره يروى أن قد أحم ويقول معناه دنا وقرب على ما قال الأصمعي في معنى أجم
(
ليس دون الرحيل والبين إلا ** أن يردوا جمالهم فتزما )
قال وحدثني أبو عبد الله عند قراءتي عليه هذا البيت قال حدثنا أحمد بن يحيى قال حدثنا

عبد الله بن شبيب عن ابن مقمة عن أمه قالت سمعت معبدا بالأخشبين وهو يغني
(
ليس بين الحياة والموت إلا ** أن يردوا جمالهم فتزما )
(
ولقد قلت مخفيا لغريض ** هل ترى ذلك الغزال الأجما )
(
هل ترى فوقه من الناس شخصا ** أحسن اليوم صورة وأتما )
(
أن تنيلي أعش بخير وإن لم ** تبذلي الود مت بالهم غما )
قال وقرأت عليه أيضا لعمر
(
أيا من كان لي بصرا وسمعا ** وكيف الصبر عن بصري وسمعي )
(
وعمن حين يذكره فؤادي ** يفيض كما يفيض الغرب دمعي )
(
يقول العاذلون نأت فدعها ** وذلك حين تهيامى وولعي )
(
أأهجرها فأقعد لا أراها ** وأقطعها وما همت بقطعي )
(
وأصرم حبلها لمقال واش ** وأفجعها وما همت بفجعي )
(
وأقسم لو خلوت بهجر هند ** لضاق بهجرها في النوم ذرعي )
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال في قوله عز وجل { وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا } قال معناه سجنا وحبسا يقال حصرت الرجل أحصره حصرا إذا حبسته وضيقت عليه قال الله عز وجل { أو جاؤوكم حصرت صدورهم } أي ضاقت صدورهم وقرأ الحسن حصرة صدورهم معناه ضيقة صدورهم ويقال أحصره المرض إذا حبسه والحصير الملك لأنه حصر أي منع وحجب من أن يراه الناس قال الشاعر
(
ومقامة غلب الرقاب كأنهم ** جن لدى باب الحصير قيام )


قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا بشر بن موسى الأسدي وخلف بن عمرو العكبري قالا حدثنا الحميدي قال حدثنا محمد بن طلحة التيمي عن عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأختانا وأصهارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالأبكار فإنهن أطيب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير
(
قال أبو بكر ) قوله صرفا ولا عدلا الصرف الحيلة والعدل الفدية ويقال الصرف الإكتساب والعدل الفدية ويقال الصرف الفريضة والعدل النافلة
ويقال الصرف الدية والعدل الزيادة على الدية ويقال العدل الدية والصرف الزيادة ( قال أبو علي ) قوله والصرف الحيلة والصرف الإكتساب والعدل الفدية والعدل الدية صحيح في الإشتقاق فأما قوله الصرف الفريضة والعدل والنافلة والصرف الدية والعدل الزيادة على الدية فغير صحيح في الإشتقاق ( قال أبو بكر ) والأختان أهل المرأة والأحماء أهل الرجل والأصهار يقع على الأختان والأحماء وقوله فإنهن أنتق أرحاما يعني أكثر ولدا يقال امرأة منتاق إذا كثر ولدها ( قال أبو علي ) ويقال امرأة ناتق إذا كثر ولدها وأنشد الأصمعي للنابغة
(
لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم ** طفحت عليك بناتق مذكار )
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا أبو عبد الله المقدمي القاضي قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عمرو بن صالح الكلابي قال حدثنا إياس بن أبي تميمة الأفطس قال شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء العطاردي وهو على بغلة والفرزدق يسايره على نجيب وكنت على حمار لي فدنوت منهما فسمعت الفرزدق يقول للحسن يا أبا سعيد أتدري ما يقول أهل الجنازة قال وما يقولون قال يقولون هذا خير شيخ بالبصرة وهذا شر شيخ

بالبصرة قال إذا يكذبوا يا أبا فراس رب شيخ بالبصرة مشرك بالله فذلك شر من أبي فراس ورب شيخ بالبصرة ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره فذلك خير من الحسن يا أبا فراس ما أعددت لهذا اليوم قال شهادة أن لا إله إلا الله مذ ثمانون سنة ثم قال يا أبا سعيد هل إلى التوبة من سبيل قال إي والله أن باب التوبة لمفتوح من قبل المغرب عرضه أربعون لا يغلق حتى تطلع الشمس من قبله قال يا أبا سعيد فكيف أصنع بقذف المحصنات قال تتوب الآن وتعاهد الله أن لا تعود قال فإني أعاهد الله أن لا أقذف أو قال أسب محصنة بعد يومي هذا وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أحمد بن عيسى أبو بشر العكلي قال حدثني أو حدثت عن أسد بن سعيد الشك من أبي بكر قال حدثني أبي عن جدي عن عفير قال دخل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال يا أبا جعفر أوصني قال أوصيك أن تتخذ صغير المسلمين ولدا وأوسطهم أخا وكبيرهم أبا فارحم ولدك وصل أخاك وبر أباك وإذا صنعت معروفا فربه ( قال أبو علي ) قوله فربه أي أدمه يقال رب بالمكان وأرب أي أقام به ودام قال بشر
(
أرب على مغانيها ملث ** هزيم ودقه حتى عفاها )
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال اختصم أعرابيان إلى شيخ منهم فقال أحدهما أصلحك الله ما يحسن صاحبي هذا آية من كتاب الله عز وجل فقال الآخر كذب والله إني لقارئ كتاب الله قال فاقرأ فقال
(
علق القلب ربابا ** بعد ما شابت وشابا )
فقال الشيخ لقد قرأتها كما أنزلها الله فقال صاحبه والله أصلحك الله ما تعلمها إلا البارحة
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد ابن عبيد قال أخبرنا المدائني قال كان بمكة رجل سفيه يجمع بين الرجال والنساء فشكا ذلك أهل مكة إلى الوالي فغربه إلى عرفات فاتخذها منزلا ودخل مكة مستترا فلقى حرفاءه

من الرجال والنساء فقال ما يمنعكم قالوا وأين بك وأنت بعرفات قال حمار بدرهمين وقد صرتم إلى الأمن والنزهة قالوا نشهد أنك صادق وكانوا يأتونه وكثر ذلك حتى أفسد على أهل مكة أحداثهم وسفهاءهم وحواشيهم فعادوا بالشكاية إلى أمير مكة فأرسل إليه فأتي به فقال أي عدو الله طردتك من حرم الله فصرت إلى المشعر الأعظم تفسد فيه وتجمع الفساق فقال أصلح الله الأمير يكذبون علي ويحسدونني قالوا بيننا وبينه واحدة قال ما هي قال تجمع حمير المكارين وترسلها بعرفات فإن لم تقصد إلى بيته لما تعرف من إتيان الخراب والسفهاء إياه فالقول ما قال فقال الوالي أن في هذا لدليلا وأمر بحمير فجمعت ثم أرسلت فقصدت نحو منزله فأتاه بذلك أمناؤه فقال ما بعد هذا شيء جردوه فلما نظر إلي السياط قال لا بد من ضربي أصلح الله الأمير قال لا بد منه قال اضرب فوالله ما في هذا شيء أشد علينا من أن تسخر منا أهل العراق فيقولون أهل مكة يجيزون شهادة الحمير فضحك الأمير وقال والله لا أضربك اليوم وأمر بتخلية سبيله
قال وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي لعمر بن أبي ربيعة
(
ما كنت أشعر إلا مذ عرفتكم ** أن المضاجع تمسي تنبت الإبرا )
(
لقد شقيت وكان الحين لي سببا ** أن علق القلب قلبا يشبه الحجرا )
(
قد لمت قلبي فأعياني بواحدة ** وقال لي لا تلمني وادفع القدرا )
(
إن أكره الطرف يحسر دون غيركم ** ولست أحسن إلا نحوك النظرا )
(
قالوا صبوت فلم أكذب مقالتهم ** وليس ينسى الصبا أن واله كبرا )
(
قال ) وقرأت عليه له أيضا
(
بعثت وليدتي سحرا ** وقلت لها خذي حذرك )
(
وقولي في ملاطفة ** لزينب نولي عمرك )
(
فإن داويت ذا سقم ** فأخزى الله من كفرك )


(
فهزت رأسها عجبا ** وقالت هكذا أمرك )
(
أهذا سحرك النسوان ** قد خبرنني خبرك )
(
وقلن إذا قضى وطرا ** وأدرك حاجة هجرك )
وقرأت عليه أيضا له
(
من لعين تذري من الدمع غربا ** معملا جفنها اختلاجا وضربا )
(
لو شرحت الغداة يا هند صدري ** لم تجد لي يداك في الصدر قلبا )
(
فصلي مغرما بحبك قد كان ** على ما أوليته بك صبا )
(
فاعذريني إن كنت صاحب عذر ** واغفري لي إن كنت أحدثت ذنبا )
(
لو تحرجت أو تذممت مني ** ما تباعدت كلما ازددت قربا )
قال وحدثنا أبو بكر بن الأنباري في قوله عز وجل { فهم في أمر مريج } قال معناه في أمر مختلط يقال مرج أمر الناس أي اختلط وأنشد
(
مرج الدين فأعددت له ** مشرف الحارك محبوك الكتد )
وكذا فسر ابن عباس واستشهد بقول أبي ذؤيب
(
كأنه خوط مريج ** )
يعني سهما قد اختلط به الدم ويقال أمرجت الدابة أي رعيتها ومرجتها خليتها قال الله جل وعز { مرج البحرين يلتقيان } يعني أرسلهما وخلاهما
(
قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا عبد الله بن ناجية قال حدثنا محمد بن عتاب بن موسى الواسطي العكلي ولقبه سندويه قال حدثني أبي قال حدثنا غياث بن إبراهيم قال حدثنا أشعب الطامع وهو أشعب بن جبير قال أتيت سالم بن عبد الله بن عمرو وهو يقسم صدقة عمر رضي الله عنه فقلت سألتك بالله ألا أعطيتني فقال تعطى وإن لم تسأل وحدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الرجل ليسأل حتى يأتي يوم القيامة وما على وجهه مزعة من لحم قد أخلق من المسئلة قال غياث بن إبراهيم وإنما كتبنا هذا الحديث عن أشعب لأنه كان

عليه يحدث به ويسأل الناس ( قال ) أبو بكر رحمه الله حدثني أبي عن الرستمي عن يعقوب قال المزعة الشيء اليسير من اللحم والنتفة بمنزلتها
قال وحدثنا أبو بكر قال حدثني محمد بن أبي يعقوب الدينوري قال حدثنا روح بن محمد السكوني قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن راشد الرحبي قال قيل لأشعب قد أدركت الناس فما عندك من العلم قال حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله على عبده نعمتان ثم سكت أشعب فقيل له وما النعمتان فقال نسي عكرمة واحدة ونسيت أنا الأخرى ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال كان آخر خطبة خطبها معوية رحمه الله أن صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قبض على لحيته وقال أيها الناس إني من زرع قد استحصد وقد طالت عليكم إمرتي حتى مللتكم ومللتموني وتمنيت فراقكم وتمنيتم فراقي وإنه لا يأتيكم بعدي إلا من هو شر مني كما لم يأتكم قبلي إلا من كان خيرا مني وأنه من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه اللهم إني قد أحببت لقاءك فأحبب لقائي ثم نزل فما صعد المنبر حتى مات
قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال حدثنا العتبي قال مرض معوية رحمه الله فأرجف مصقلة بن هبيرة فحمله زيادا إلى معوية وكتب إليه أن مصقلة بن هبيرة يجتمع إليه مراق من أهل العراق يرجفون بأمير المؤمنين وقد حملته إلى أمير المؤمنين ليرى فيه رأيه فوصل مصقله ومعوية قد برأ فلما دخل عليه أخذ بيده وقال يا مصقلة
(
أبقى الحوادث من خليلك مثل جندلة المراجم )
(
قد رامني الأعداء قبلك فامتنعت عن المظالم ** )
(
صلبا إذا خار الرجال ** أبل ممتنع الشكائم )
ثم جذبه فسقط فقال مصقلة يا أمير المؤمنين قد أبقى الله منك بطشا وحلما راجحا وكلا ومرعى لوليك وسما ناقعا لعدوك ولقد كانت الجاهلية فكان أبوك سيدا وأصبح المسلمون اليوم

وأنت أميرهم فوصله معاوية ورده فسئل عن معوية فقال زعمتم أنه كبر وضعف والله لقد جبذني جبذة كاد يكسر مني عضوا وغمز يدي غمزة كاد يحطمها ( قال أبو علي ) أنشدنا أبو عبدالله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال أنشدنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي لكعب الغنوي يقول لإبنه علي
(
أعلى إن بكرت تجاوب هامتي ** هاما بأغبر نازح الأركان )
(
وعلمت ما أنا صانع ثم انتهى ** عمري وذلك غاية الفتيان )
(
وإذا رأيت المرء يشعب أمره ** شعب العصا ويلج في العصيان )
(
فاعمد لما تعنو فما لك بالذي ** لا تستطيع من الأمور يدان )
(
وإذا سئلت الخير فاعلم أنه ** نعمى تخص بها من الرحمن )
(
شيم تعلق بالرجال وإنما ** شيم الرجال كهيئة الألوان )
قال وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله قال حدثنا السكن بن سعيد عن هشام بن محمد بن السائب عن أبيه قال رأيت ببيشة رجلا من أزد السراة أعمى يقوده شاب جميل وهو يقول له يا سمى لا يغرنك أن فسح الشباب خطوك وخلى سربك وأرفه وردك فكأنك بالكبر قد أرب ظوفك وأثقل أوقك وأوهن طوقك وأتعب سوقك فهدجت بعد الهملجه ودججت بعد الدعلجه فخذ من أيام الترفيه لأيام الإنزعاج ومن ساعات المهملة لساعة الإعجال يا ابن أخي أن اغترارك بالشباب كالتذاذك بسمادير الأحلام ثم تنقشع فلا تتمسك منها إلا بالحسرة عليها ثم تعرى راحلة الصبا وتشرب سلوة عن الهوى واعلم أن أغنى الناس يوم الفقر من قدم ذخيره
وأشدهم اغتباطا يوم الحسرة من أحسن سريره ( قال أبو علي ) السرب الطريق والوجه قال ذو الرمة
(
خلى لها سرب أولاها وهيجها ** من خلفها لاحق الصقلين همهيم )
والرفه أن تشرب الإبل في كل يوم وأرب شد يقال أربت العقد إذا شددته

والأربة العقدة ( وقال أبو بكر ) يقال ظفت البعير أظوفه إذا دانيت بين قينيه والقينان موضعا القيد من الوظيف ( قال أبو علي ) الأوق الثقل والهملجة سرعة في المشي ( قال يعقوب بن السكيت ) دج يدج دجيجا إذا مر مرا ضعيفا قال الأصمعي هو الدججان أنشد أبو علي
(
تدعو بذاك الدججان الدارجا ** ) قال قطرب الدعلجة ضرب من المشى والدعلجة الدحرجة والدعلجة الظلمة والدعلج الحمار والدعلجة الذهاب والمجيء والدعلجة لعبة للصبيان والدعلجة الآكل بنهم وأنشد يأكلن دعلجة ويشبع من عفا والسمادير ما يتراآي للإنسان في نومه من الأباطيل وما يتراآه السكران في سكره وقد قال بعض اللغويين قد اسمدر بصره إذا ضعف ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد قال استعمل المهلب يزيد على حرب خراسان واستعمل المغيرة على خراجها ولم يول البختري بن المغيرة بن أبي صفرة فكتب إليه
(
اقرا السلام على الأمير وقل له ** إن المقام على الهوان بلاء )
(
أصل الغدو إلى الرواح وإنما ** أذني وأذن الأبعدين سواء )
(
أجفى ويدعى من ورائي جالسا ** ما بالكرامة والهوان خفاء )
فوجد عليه المهلب وألزمه منزله فكتب إليه
(
جفاني الأمير والمغيرة قد جفا ** وأمسى يزيد لي قد أزور جانبه )
(
وكلهم قد نال شبعا لبطنه ** وشبع الفتى لؤم إذا جاع صاحبه )
(
فيا عم مهلا واتخذني لنوبة ** تلم فإن الدهر جم نوائبه )
(
أنا السيف إلا أن للسيف نبوة ** ومثلي لا تنبو عليك مضاربه )

فرضي عنه وعزل المغيرة وولاه ( قال ) وقرأت على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة لعمر بن أبي ربيعة
(
يا ربة البغلة الشهباء هل لكم ** أن ترحمي عمرا لا ترهقي حرجا )
(
قالت بدائك مت أو عش تعالجه ** فما نرى لك فيما عندنا فرجا )
(
قد كنت حملتني غيظا أعالجه ** فإن تقدني فقد عنيتنا حججا )
(
حتى لو اسطيع مما قد فعلت بنا ** أكلت لحمك من غيظ وما نضجا )
(
فقلت لا والذي حج الحجيج له ** ما مح حبك من قلبي وما نهجا )
(
ولا رأى القلب من شيء يسربه ** مذبان منزلكم عنا وما ثلجا )
(
كالشمس صورتها غراء واضحة ** تغشي إذا برزت من حسنها السرجا )
(
ضنت بنائلها عنه فقد تركت ** من غير جرم أبا الخطاب مختلجا )
قال وحدثني أحمد بن يحيى عن حماد بن إسحق الموصلي عن أبيه اسحق قال دخل عمر بن أبي ربيعة المسجد الحرام وهو يحاصر رجلا من قريش فنظر إلى عائشة بنت طلحة جالسة بفناء الكعبة فعدلا إليها وحادثاها فقال عمر ألا أنشدك ما قلت في موسمنا هذا قالت بلى فأنشدها
(
يا ربة البغلة الشهباء هل لك في ** أن تنشري عمر ألا ترهقي حرجا )
(
قالت بدائك مت أو عش تعالجه ** فما نرى لك فيما عندنا فرجا )
(
قد كنت حملتنا ثقلا نعالجه ** فإن تقدنا فقد عنيتنا حججا )
فقالت لا ورب هذه البنية يا أبا الخطاب ما عنيتنا قط طرفة عين ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا محمد بن المرز باني لقيس بن ذريح وقرأت جميعها على أبي بكر وأنشدني أحمد بن يحيى بعضها وهي أطول كلمة لقيس
(
عفا سرف من أهله فسراوع ** فجنبا أريك فالتلاع الدوافع )


(
فغيقة فالأخياف أخياف ظبية ** بها من لبينى مخرف ومرابع )
(
لعل لبينى أن يحم لقاؤها ** ببعض البلاد أن ما حم واقع )
(
بجزع من الوادي خلاء أنيسه ** عفا وتخطته العيون الخوادع )
(
ولما بدا منها الفراق كما بدا ** بظهر الصفا الصلد الشقوق الشوائع )
(
تمنيت أن تلقى لبيناك والمنى ** تعاصيك أحيانا وحينا تطاوع )
(
وما من حبيب وامق لحبيبه ** ولاذي هوى الأله الدهر فاجع )
(
وطار غراب البين وانشقت العصى ** ببين كما شق الأديم الصوانع )
(
ألا يا غراب البين قد طرت بالذي ** أحاذر من لبنى فهل أنت واقع )
(
وإنك لو أبلغتها قيلك اسلمي ** طوت حزنا وارفض منها المدامع )
(
تبكي على لبنى وأنت تركتها ** وكنت كآت غيه وهو طائع )
(
فلا تبكين في إثر شيء ندامة ** إذا نزعته من يديك النوازع )
(
فليس لآمر حاول الله جمعه ** مشت ولا ما فرق الله جامع )
(
كأنك لم تغنه إلا لم تلاقها ** وإن تلقها فالقلب راض وقانع )
(
فيا قلب خبرني إذا شطت النوى ** بلبنى وصدت عنك ما أنت صانع )
(
أتصبر للبين المشت مع الجوى ** أم أنت امرؤ ناسي الحياء فجازع )
(
فما أنا إن بانت لبينى بهاجع ** إذا ما استقلت بالنيام المضاجع )
(
وكيف ينام المرء مستشعر الجوى ** ضجيع الأسى فيه نكاس روادع )
(
فلا خير في الدنيا إذا لم تواتنا ** لبينى ولم يجمع لنا الشمل جامع )
(
أليست لبينى تحت سقف يكنها ** وإياي هذا إن نأت لي نافع )
(
ويلبسنا الليل البهيم إذا دجا ** ونبصر ضوء الصبح والفجر ساطع )
(
تطأ تحت رجليها بساطا وبعضه ** أطاه برجلي ليس يطويه مانع )


(
وأفرح أن تمسي بخير وإن يكن ** بها الحدث العادي ترعني الروائع )
(
كانك بدع لم تر الناس قبلها ** ولم يطلعك الدهر فيمن يطالع )
(
فقد كنت أبكي والنوى مطمئية ** بنا وبكم من علم ما البين صانع )
(
وأهجركم هجر البغيض وحبكم ** على كبدي منه كلوم صوادع )
(
وأعجل للإشفاق حتى يشفني ** مخافة شحط الدار والشمل جامع )
(
وأعمد للأرض التي من ورائكم ** ليرجعني يوما عليك الرواجع )
(
فيا قلب صبرا واعترافا لما ترى ** ويا حبها قع بالذي أنت واقع )
(
لعمري لمن أمسى وأنت ضجيعه ** من الناس ما اختيرت عليه المضاجع )
(
ألا تلك لبنى قد تراخى مزارها ** وللبين غم ما يزال ينازع )
(
إذا لم يكن إلا الجوى فكفى به ** جوى حرق قد ضمنتها الأضالع )
(
أبائنة لبنى ولم تقطع المدى ** بوصل ولا صرم فييأس طامع )
(
يظل نهار الوالهين نهاره ** وتهدنه في النائمين المضاجع )
(
سواي فليلى من نهاري وإنما ** تقسم بين الهالكين المصارع )
(
ولولا رجاء القلب أن تعطف النوى ** لما حملته بينهن الأضالع )
(
له وجبات إثر لبنى كأنها ** شقائق برق في السحاب لوامع )
(
نهاري نهار الناس حتى إذا دجا ** لي الليل هزتني إليك المضاجع )
(
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ** ويجمعني بالليل والهم جامع )
(
وقد نشأت في القلب منكم مودة ** كما نشات في الراحتين الأصابع )
(
أبى الله أن يلقى الرشاد متيم ** ألا كل أمر حم لا بد واقع )
(
هما برحا بي معولين كلاهما ** فؤاد وعين ما قها الدهر دامع )
(
إذا نحن أنفدنا البكاء عشية ** فوعدنا قرن من الشمس طالع )


(
وللحب آيات تبين بالفتى ** شحوب وتعرى من يديه الأشاجع )
(
وما كل ما منتك نفسك خاليا ** تلاقي ولا كل الهوى أنت تابع )
(
تداعت له الأحزان من كل وجهة ** فحن كما حن الظؤار السواجع )
(
وجانب قرب الناس يخلو بهمه ** وعاوده فيها هيام مراجع )
(
أراك اجتنبت الحي من غير بغضة ** ولو شئت لم تجنح إليك الأصابع )
(
كأن بلاد الله ما لك تكن بها ** وإن كان فيها الخلق قفر بلاقع )
(
ألا إنما أبكي لما هو واقع ** وهل جزع من وشك بينك نافع )
(
أحال علي الدهر من كل جانب ** ودامت ولم تقلع علي الفجائع )
(
فمن كان محزونا غدا الفراقنا ** فملآن فليبكي لما هو واقع )
(
قال أبو علي ) سرف وسراوع وأريك مواضع والتلاع واحدها تلعة وهي مسيل ما ارتفع من الأرض إلى بطن الوادي فإذا صغرت التلعة فهي شعبة فإذا عظمت التلعة حتى تصير مثل نصف الوادي أو ثلثيه فهي ميثاء فإذا عظمت فوق ذلك فهي ميثاء جلواخ والدوافع جمع دافعة وهي التي تدفع الماء وأخياف ظبية موضع والمخرف المنزل الذي يقيم فيه في الخريف وجمعه مخارف والمربع المنزل الذي يقيم فيه في الربيع وجمعه مرابع ويحم يقدر وجزع الوادي منعطفه وكذلك صوحه ومنحناه ومنثناه وعفا درس والخوادع واحدها خادعة وهي التي لا تنام يقال خدعت عينه تخدع إذا لم تنم وأتيناهم بعدما خدعت العين وقال الممزق
(
أرقت فلم تخدع بعيني نعسة ** ومن يلق ما لاقيت لا بد يأرق )
أراد من يلق ما لاقيت يأرق على المجازاة لا بد وقال الأصمعي خدع الريق نقص وإذا نقص خنر وإذا خثر أنتن قال سويد بن أبي كاهل
(
أبيض اللون لذيذا طعمه ** طيب الريق إذا الريق خدع )


ويروى في الحديث ( أن قبل الدجال سنين خداعة ) يرون أن معناها ناقصة الزكاة والصفا الصخرة والصلد الصلب الذي إذا أصابه شيء صلد أي صوت والشوائع جمع شائعة وهي الظاهرة وقوله وانشقت العصا أي تفرقت الجماعة والعصا الجماعة وارفض يرفض ارفضاضا إذا سال ولا يكون إلا سيالا مع تفرق ومشت مفرق وشطت بعدت والنوى النية والمستشعر الذي لبس شعارا وهو الثوب الذي يلي الجسد والجوى الهوى الباطن والأسى الحزن يقال أسي يأسى أسى ونكاس جمع نكس مثل ترس وتراس وقرط وقراط وروادع جمع رادعة وهي التي تردعه عن الحركة والتصرف ودجا ألبس بظلمته كل شيء والبساط الأرض الواسعة والبساط ما بسط من الفرش وترعني تفزعني والمدى الغاية والصرم القطيعة والصريمة القطعة تنقطع من معظم الرمل والصريمة العزيمة التي قطع عليها صاحبها والصريم الصبح سمى بذلك لأنه انصرم عن الليل والصريم الليل لأنه انصرم عن النهار وليس هو عندنا ضدا والصرمة القطعة من الإبل وسيف صارم قاطع وتهدنه تسكنه ووجبات خفقات والمأق من العين الجانب الذي يلي الأنف واللجاظ الذي يلي الصدغ والآيات العلامات واحدتها آية وشحوب هزال والأشاجع عروق ظاهر الكف واحدها أشجع والظؤار جمع ظئر وهي التي عطفت على ولد غيرها والسواجع واحدتها ساجعة وهي التي تمد حنينها على جهة واحدة يقال سجعت تسجع سجعا والهيام داء يأخذ البعير مثل الحمى فيسخن جلده ويكثر شربه للماء وينحل جسمه يقال بعير هيمان وإبل هيام كقولك عطشان وعطاش وناقة هيمى
(
قال وقرأت على أبي بكر بن دريد رحمه الله لحاتم بن عبد الله
(
أكف يدي عن أن ينال التماسها ** أكف صحابي حين حاجاتنا معا )
(
أبيت هضيم الكشح مضطمر الحشا ** من الجوع أخشى الذم أن أتضلعا )


(
وأني لأستحيى رفيقي أن يرى ** مكان يدي من جانب الزاد أقرعا )
(
وأنك إن أعطيت بطنك سؤله ** وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا )
(
قال أبو علي رحمه الله ) وحدثنا أبو بكر بن البستنبان قال حدثنا أبو يعلى عن الأصمعي قال شهدت أعرابيا عشية عرفة بالموقف فسمعته يقول اللهم إن هذه العشية من عشايا منحتك وأحد أيام زلفتك فيها يقض إليك بالهمم بكل لسان تدعى وكل خيرك فيها يبغى أتتك الضوامر من الفج العميق وجابت إليك المهارق من شعب المضيق ترجو مالا خلف له من وعدك ولا مترك له من عظيم أجرك أبرزت إليك وجوهها المصونة صابرة على لفح السمائم وبرد ليل التمائم ليدركوا بذلك رضوانك ثم انتحب وبكى ورفع يديه وطرفه إلى السماء ثم أنشأ يقول إلهي إن كنت مددت يدي إليك داعيا فطالما كفيتني ساهيا نعمتك تظاهرها على عند القفلة فكيف أيأس منها عند الرجعة ولا أترك رجاءك لما قدمت من اقتراف آثامك وإن كنت لا أصل إليك إلا بك فهب لي يا رب الصلاح في الولد والأمن في البلد وعافني من شر الحسد ومن شر الدهر النكد
(
قال ) وحدثنا أبو يعلى عن الأصمعي قال حدثنا محمد بن عبد الله المزني عن أبيه عن بلال بن سعد قال قضى سعد بن أبي وقاص لحرقة بنت النعمان حاجة سألته إياها فكان من دعائها له لا جعل الله لك إلى لئيم حاجة ولا أزال لك عن كريم نعمة ولا زالت عن عبد صالح نعمة إلا جعلك سببا لردها
وحدثنا أبو بكر بن دريد عن بعض أشياخه قال كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كثيرا ما ينشد شعر عبد الله بن عبد الأعلى القرشي
(
تجهزي بجهاز تبلغين به ** يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا )
(
وسابقي بغتة الآجال وانكمشي ** قبل اللزام فلا منجى ولا غوثا )
(
ولا تكدي لمن يبقى وتفتقري ** أن الردى وارث الباقي وما ورثا )
(
واخشى حوادث صرف الدهر في مهل ** واستيقني لا تكوني كالذي انتجثا )


(
عن مدية كان فيها قطع مدته ** فوافق الحرث موفورا كما حرثا )
(
لا تأمني فجع دهر مورط خبل ** قد استوى عنده ما طاب أو خبثا )
(
يا رب ذي أمل فيه على وجل ** أضحى به آمنا أمسى وقد جئثا )
(
من كان حين تصيب الشمس جبهته ** أو الغبار يخاف الشين والشعثا )
(
ويألف الظل كي تبقى بشاشته ** فسوف يسكن يوما راغما جدثا )
(
في قعر موحشة غبراء مقفرة ** يطيل تحت الثرى في رمسها اللبثا )
قال الكسائي جئث الرجل جأثا فهو مجؤوث وجث جثا فهو مجثوث وزئد رؤدا وزؤدا فهو مزؤود قال أبو كبير الهذلي
(
حملت به في ليلة مزؤدة ** كرها وعقد نطاقها لم يحلل )
وقال أبو زيد شئف شأفا فهو مشؤف إذا فزع وقال غيره الوهل الفزع والإجئلال مثل الإجعلال الفزع وأنشد
(
للقلب من خوفه اجئلال ** )
وقال أبو عمرو أذأب فهو مذئب إذا فزع وقال الفراء وترته بغير همز إذا أفزعته ( وقال ) الأصمعي والعله الذي يستخف فيذهب ويجىء من الفزع ( وقال ) أبو عمرو ضاعني الشيء أفزعني ( قال أبو علي ) والضوع عندي الحركة من فزع كان أو غيره قال الشاعر وهو أبو ذؤيب الهذلي
(
فريخان ينضاعان في الفجر كلما ** أحسادوي الريح أو صوت ناعب )
ومنه قيل تضوع المسك أي تحرك ريحه وقال غيره الإفزاز الأفزاع وأنشد لأبي ذؤيب
(
والدهر لا يبقى على حدثانه ** شبب أفزته الكلاب مروع )
(
قال أبو علي ) الشبب والشبوب والمشب المسن من الثيران قال والإفزار عندي الإستخفاف وأفزته استخفته ومنه قيل لولد البقرة فزلانه يستخفه كل شيء رآه أو وأحس به
(
قال أبو زيد ) يقال أخذني منه الأزيب أي الفزع وقرأت على أبي عمر في نوادر

ابن الأعرابي عن ابن الأعرابي هذه الأبيات
(
اين خليلي الذي أصافيه ** قد بان عني فما ألاقيه )
(
حل برمس فما يكلمني ** شغلا وإن كنت قد أناديه )
(
قد كان برا فكيف أجفوه ** أيام يدني وكنت أدنيه )
(
يا بعد من حل في الثرى أبدا ** عنك وأن حل حيث تأتيه )
(
أيام نلهو وبيننا أمد ** نرجوه فيه وقد يرجيه )
(
يبسطني مرة ويوعدني ** فضلا طريفا إلى أياديه )
(
أيام أن قلت قال في سرع ** وإن كرهنا بدا تأبيه )
(
مساعد مونق أخو كرم ** فليس شبه له يدانيه )
(
إذ نحن في سلوة وفي غفل ** عن ريب دهر دعت دواعيه )
وقرأت على أحمد بن عبد الله عن أبيه
(
أبكي أخا كان يلقاني بنائله ** قبل السؤال ويلقى السيف من دوني )
(
إن المنايا أصابتني مصائبها ** فاستعجلت بأخ قد كان يكفيني )
وقرأت عليه أيضا عن أبيه وأنشدنا أبو بكر بن دريد أيضا
(
أيغسل رأسي أو تطيب مشاربي ** ووجهك معفور وأنت سليب )
(
سيبكيك من أمسى يناجيك طرفه ** وليس لمن وارى التراب نسيب )
(
وإني لأستحيي أخي وهو ميت ** كما كنت أستحييه وهو قريب )
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال حدثني أبي عن بعض أصحابه عن الأصمعي قال رأيت امرأة جا لسة عند قبر تبكي وتقول
(
هل خبر القبر سائليه ** أم قرعينا بزائريه )
(
أم هل تراه أحاط علما ** بالجسد المستكن فيه )


(
لو يعلم القبر من يواري ** تاه على كل ما يليه )
(
تحلو نعم عنده سماحا ** ولم تدر قط لا بفيه )
(
أنعى بريدا لمعتفيه ** أنعى بريد المجتدبه )
(
أنعى بريدا إلى حروب ** تحسر عن منظر كريه )
(
أندب من لا يحيط علما ** بكهه بلغ نادبيه )
(
يا جبلا كان ذا امتناع ** وطود عز لمن يليه )
(
ونخلة طلعها نضيد ** يقرب من كف مجتنيه )
(
ويا مريضا على فراش ** تؤذيه أيدي ممرضيه )
(
ويا صبورا على بلاء ** كان به الله يبتليه )
(
يا دهر ماذا أردت مني ** أخلفت ما كنت أرتجيه )
(
دهر رماني بفقد إلفي ** أشكو زماني وأشتكيه )
(
آمنك الله كل روع ** وكل ما كنت تتقيه )
(
قال الفراء ) يقال أنه لترعية مال إذا كان يصلح المال على يديه ويحسن رعيته والترعية الحسن القيام على المال والرعى له وأنشد
(
ترعية قد ذرئت مجاليه ** يقلي الغواني والغواني تقليه )
وقال يعقوب ترعية وترعية بضم التاء وكسرها قال ويقال للراعي الحسن الرعية للمال أنه لبلو من أبلائها قال عمر بن لجأ
(
فصادفت أعسل من أبلائها ** يعجبه النزع على ظمائها )
وأنه لعسل من أعسالها وأنه لزر من أزرارها ويقال أن لفلان على ماله إصبعا أي أثرا حسنا قال الراعي
(
ضعيف العصا بادي العروق ترى له ** عليها إذا ما أجدب الناس أصبعا )

أي يشار إليها بالأصابع إذا رؤيت ويقال أنه لخال مال وخائل مال إذا كان حسن القيام عليه وأنه لسرسور مال وأنه لصدى مال وأنه لسؤبان مال وقال أبو عمرو وأنه لمحجن مال وأنشد
(
قد عنت الجلعد شيخا أعجفا ** محجن مال أينما تصرفا )
الجلعد الناقة القوية الشديدة ويقال للمرأة إذا أسنت وفيها قوة أنها جلعد ويقال هو إزاء مال وإزاء معاش إذا كان يقوم به قياما حسنا وقال حميد بن ثور الهلالي
(
إزاء معاش لا يزال نطاقها ** شديدا وفيها سورة وهي قاعد )
أي وثوب وارتفاع ويروى وفيها سؤرة أي بقية من شباب ( وقال الأصمعي ) في قول زهير ابن أبي سلمى
(
تجدهم على ما خيلت هم إزاؤها ** وإن أفسد المال الجماعات والأزل )
أي هم الذين يقومون بها المقام المحمود وأنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة للعتبي
(
ينام المسعدون ومن يلوم ** وتوقظني وأوقظها الهموم )
(
صحيح بالنهار لمن يراني ** وليلي لا ينام ولا ينيم )
(
كأن الليل محبوس دجاه ** فأوله وآخره مقيم )
(
لمهلك فتية تركوا أباهم ** وأصغر ما به منهم عظيم )
(
يذكرنيهم ما كنت فيه ** فسيان المساءة والنعيم )
(
فبالخدين من دمعي ندوب ** وبالأحشاء من وجدي كلوم )
(
فإن يهلك بى فليس شيء ** على شيء من الدنيا يدوم )
قال وأنشدني إسحق بن الجنيد قال أنشدني أحمد الجوهري
(
واحزني من فراق قوم ** هم المصابيح والحصون )
(
والأسد والمزن والرواسي ** والخفض والأمن والسكون )


(
لم تتنكر لنا الليالي ** حتى توفتهم المنون )
(
فكل نار لنا قلوب ** وكل ماء لنا عيون )
وأملى علينا علي بن سليمان الأخفش قال قال عمرو بن مالك بن يثربي يرثى مسعود بن شداد قال وقال يعقوب هي لأبي الطمحان القيني ثم شك قال والصحيح أنها لعمر وقد قالوا أنها لأمرأة من جرم وإنما وقع الخلاف ههنا ( قال أبو علي ) وقرأتها على أبي عمر المطرز عن أبي العباس عن ابن الأعرابي لفارعة بنت شداد ترثى أخاها مسعود بن شداد وفي الروايتين اختلاف وتقديم وتأخير وزيادة ونقصان ورواية أبي الحسن على الأخفش أتم وهي وهذه الأبيات
(
يا عين بكي لمسعود بن شداد ** بكاء ذي عبرات شجوه بادي )
(
من لا يذاب له شحم السديف ولا ** يجفوا العيال إذا ما ضن بالزاد )
(
ولا يحل إذا ما حل منتبذا ** يخشى الرزية بين الماء والباد )
(
قال أبو علي ) لم يرو هذا البيت ولا الذي قبله ابن الأعرابي ويروى معتنزا مكان منتبذا وهما سواء وقال لنا أبو الحسن الأخفش وحفظي والنادي
(
قوال محكمة نقاض مبرمة ** فتاح مبهمة حباس أو راد )
وروى ابن الأعرابي فراج مبهمة
(
حلال ممرعة فراج مفظعة ** حمال مضلعة طلاع أنجاد )
(
قتال طاغية رباء مرقبة ** مناع مغلبة فكاك أقياد )
وروى ابن الأعرابي
(
قتال طاغية نحار راغية ** حلال رابية )
(
حمال ألوية شداد أنجية ** سداد أوهية فتاح أسداد )
وروى ابن الأعرابي شهاد أنجية رفاع ألوية وزاد ههنا بيتين وهما هذان
(
جماع كل خصال الخير قد علموا ** زين القرين ونكل الظالم العادي )


(
أباز رارة لا تبعد فكل فتى ** يوما رهين صفيحات وأعواد )
(
هلا سقيتم بني جرم أسيركم ** نفسي فداؤك من ذي كربة صادي )
(
نعم الفتى ويمين الله قد علموا ** يخلو به الحي أو يغدو به الغادي )
(
هو الفتى يحمد الجيران مشهده ** عند الشتاء وقد هموا بإخماد )
(
الطاعن الطعنة النجلاء يتبعها ** مثعنجر بعد ما تغلي بإزباد )
(
والسابئ الزق للأصحاب إذ نزلوا ** إذا ذراه وغيث المحوج الجادي )
(
لاه ابن عمك لا أنساك من رجل ** حتى يجيء من القبر ابن مياد )
(
قال ) أبو الحسن ويروى لاه ابن عمك لا أنسى ابن شداد حتى يجيء من الرمس ويروى لاه ابن عمك لاأنساك يا رجلا حتى يجيء من الرمس
(
إني وإياهم حتى نصيب به ** منهم أخاثقة في ثوب حداد )
لم يرو ابن الأعرابي من قوله أباز رارة إلى هذا البيت إني وإياهم وروى
(
يا من يرى بارقا قدبت أرمقه ** يسري على الحرة السوداء فالوادي )
ويروى قدبت أرقبه وروى ابن الأعرابي جودا على الحرة السوداء وأتبع هذا البيت البيت الذي هو أول القصيدة
(
برقا تلألا غوريا جلست له ** ذات العشاء وأصحابي بأفناد )
(
بتنا وباتت رياح الغور تزجله ** حتى استتب تواليه بأنجاد )
(
ألقى مراسي غيث مسبل غدق ** دان يسح سيوبا ذات إرعاد )
(
أسقى به قبر من أعنى وحب به ** قبرا إلي ولما يفده فادي )
(
قال أبو علي ) السديف شحم السنام وهو أجود شحم البعير يقول لا يستأثر به دون ضيفه وعياله والمعتنز والمنتبذ المتنحي المنفرد وقوله بين الماء والبادي يعني بين الحضر والبدو فأما النادي والندي فالمجلس قوال محكمة يعني خطبة أو قصيدة والمبرمة الأمور

التي قد أبرمت أي أحكمت وقوله قتال طاغية ( قال أبو علي ) قال أبو الحسن الهاء في طاغية للمبالغة وإنما أراد طاغيا ورباء فعال من قولهم ربأ للقوم يربأ إذا صار لهم ربيئة أي ديدبانا والأنجية القوم يتناجون أي يتسارون واحدهم نجي والنكل القيد وجمعه أنكال والصادي العطشان ههنا
قال أبو الحسن قوله همو بإخماد يقال خمدت النار إذا سكن لهبها ولم يطفأ جمرها وهمدت إذا طفئ جمرها ( قال أبو علي ) ومنه قيل همد الرجل إذا مات وهمد الثوب إذا أخلق فلم يكن فيه مرقع وإنما قال وقد همو بإخماد أي هموا بان يطفؤا لهب نيرانهم لئلا يبصرها بالليل المتنور فيأتيهم للقرى والنجلاء الواسعة
(
قال أبو الحسن ) المثعنجر الدم الكثير ( قال ) والسابئ المبتاع للخمر يقال سبأت الخمر أسبؤها سبأ إذا اشتريتها ( قال أبو علي ) ولا يكون السباء إلا في الخمر وحدها والجادي السائل والمعطي وهو من الأضداد قال الشاعر
(
جدوت أناسا موسرين فما جدوا ** ألا الله فاجدوه إذا كنت جاديا )
(
قال أبو الحسن ) قوله ثوب حداد يعني ثوب وسخ والبارق السحاب الذي فيه برق والغور تهامة والجلس نجد وجلسنا أتينا الجلس وأنشدني أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى
(
إذا ما جلسنا لا تزال ترومنا ** تميم لدى أبياتنا وهوازن )
(
قال أبو الحسن ) أفناد موضع كذا أنشدناه تزجله أي تدفعه ولا أحسب هذا محفوظا وإنما هو تزجله أي تدفعه ( قال أبو الحسن ) استتب تهيأ والتأم وأنجاد جمع نجد )


بسم الله الرحمن الرحيم
(
قال أبو علي ) إسمعيل بن القاسم القالي رحمه الله تعالى أخبرنا أبو بكر بن دريد الأزدي قال حدثنا الرياشي عن محمد بن سلام قال كتب الحجاج بن يوسف إلى قتيبة ابن مسلم إني نظرت في عمري فإذا أنا قد بلغت خمسين سنة وأنت نحوي في السن وأن امرأ قد سار إلى منهل خمسين عاما لقمن أن يكون دنا منه فسمع التيمي منه هذا فقال ( وان أمرأ قد سار خمسين حجة ** إلى منهل من ورده لقريب )
(
قال أبو علي ) قال أبو بكر وحدثنا عبد الأول بن مرثد قال حدثني أحمد بن المعذل

قال رثى محارب بن دثار عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فقال هذه الأبيات
(
كم من شريعة حق قد أقمت لهم ** كانت أميتت وأخرى منك تنتظر )
(
يا لهف نفسي ولهف الواجدين معي ** على النجوم التي تغتالها الحفر )
(
ثلاثة ما رأت عين لهم شبها ** يضم أعظمهم في المسجد المدر )
(
فأنت تتبعهم لم تأل مجتهدا ** سقيا لها سننا بالحق تقتفر )
(
لو كنت أملك والأقدار غالبة ** تأتي صباحا وتبياتا وتبتكر )
(
صرفت عن عمر الخيرات مصرعه ** بدير سمعان لكن يغلب القدر )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى قال حدثنا أبو الحسن الأسدي قال حدثنا الرياشي عن العتبي عن أبيه قال رأيت امرأة بضرية جالسة عند قبر تبكي وتقول هذه الأبيات
(
ألا من لي بأنسك يا أخيا ** ومن لي أن أبثك ما لديا )
(
طوتك خطوب دهرك بعد نشر ** كذاك خطوبه نشرا وطيا )
(
فلو نشرت قواك لي المنايا ** شكوت إليك ما صنعت إليا )
(
بكيتك يا أخي بدمع عيني ** فلم يغن البكاء عليك شيا )
(
وكانت في حياتك لي عظات ** فأنت اليوم أوعظ منك حيا )
(
قال ) وأنشدنا أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش للأبيرد بن المعذر الرياحي يرثي أخاه بريدا
(
تطاول ليلى لم أنمه تقلبا ** كأن فراشي حال من دونه الجمر )
(
أراقب من ليل التمام نجومه ** لدن غاب قرن الشمس حتى بدا الفجر )
(
تذكر علق بان منا بنصره ** ونائله يا حبذا ذلك الذكر )
(
فإن تكن الأيام فرقن بيننا ** فقد عذرتنا في صحابته العذر )


(
وكنت أرى هجرا فراقك ساعة ** ألا لا بل الموت التفرق والهجر )
(
أحقا عباد الله أن لست لاقيا ** بريدا طوال الدهر ما لألا العفر )
(
فتى ليس كالفتيان إلا خيارهم ** من القوم جزل لا ذليل ولا غمر )
(
فتى إن هو استغنى تخرق في الغنى ** وإن كان فقر لم يؤد متنه الفقر )
(
وسامى جسيمات الأمور فنالها ** على العسر حتى يدرك العسرة اليسر )
(
ترى القوم في العزاء ينتظرونه ** إذا شك راي القوم أو حزب الأمر )
(
فليتك كنت الحي في الناس باقيا ** وكنت أنا الميت الذي ضمه القبر )
(
فتى يشتري حسن الثناء بماله ** إذا السنة الشهباء قل بها القطر )
(
كأن لم يصاحبنا بريد بغبطة ** ولم تأتنا يوما بأخباره البشر )
(
لعمري لنعم المرء عالى نعيه ** لنا ابن عرين بعد ما جنح العصر )
(
تمضى به الأخبار حتى تغلغلت ** ولم تثنه الأطباع عنا ولا الجدر )
(
فلما نعى الناعي بريدا تغولت ** بي الأرض فرط الحزن وانقطع الظهر )
(
عساكر تغشى النفس حتى كأنني ** أخو نشوة دارت بهامته الخمر )
(
إلى الله أشكو في بريد مصيبتي ** وبثي وأحزانا يجيش بها الصدر )
(
وقد كنت أستعفي الإله إذا اشتكى ** من الأجر لي فيه وإن سرني الأجر )
(
وما زال في عيني بعد غشاوة ** وسمعي عما كنت أسمعه وقر )
(
على أنني أقنى الحياء وأتقي ** شماتة أقوام عيونهم خزر )
(
فحياك عني الليل والصبح إذا بدا ** وهوج من الأرواح غدوتها شهر )
(
سقى جدثا لو استطيع سقيته ** بأود فرواه الرواعد والقطر )
(
ولا زال يسقى من بلاد ثوى بها ** نبات إذا صاب الربيع بها نضر )
(
حلفت برب الرافعين أكفهم ** ورب الهدايا حيث حل بها النحر )
(
ومجتمع الحجاج حيث تواقفت ** رفاق من الآفاق تكبيرها جأر )


(
يمين أمرئ إلى وليس بكاذب ** وما في يمين بتها صادق وزر )
(
لئن كان أمسى ابن المعذر قد ثوى ** بريد لنعم المرء غيبه القبر )
(
هو المرء للمعروف والبر والندى ** ومسعر حرب لا كهام ولا غمر )
(
أقام ونادى أهله فتحملوا ** وصرمت الأسباب واختلف النجر )
(
فأي امرئ غادرتم في محلكم ** إذا هي أمست لون آفاقها حمر )
(
إذا الشول راحت وهي حدب ظهورها ** عجافا ولم يسمع لفحل لها هدر )
(
كثير رماد النار يغشى فناؤه ** إذا نودي الأيسار واحتضر الجزر )
(
فتى كان يغلي اللحم نيأ ولحمه ** رخيص بكفيه إذا تنزل القدر )
(
يقسمه حتى يشيع ولم يكن ** كآخر يضحي من غبيبته ذخر )
(
فتى الحي والأضياف إن روحتهم ** بليل وزاد القوم ان أرمل السفر )
(
إذا جهد القوم المطي وأدرجت ** من الضمر حتى يبلغ الحقب الضفر )
(
وخفت بقايا زادهم وتواكلوا ** وأكسف بال القوم مجهولة قفر )
(
رأيت له فضلا عليهم بقوة ** وبالعقر لما كان زادهم العقر )
(
غذا القوم أسروا ليلهم ثم أصبحوا ** غدا وهو ما فيه سقاط ولا فتر )
(
وإن خشعت اصواتهم وتضاءلت ** من الأين جلي مثل ما ينظر الصقر )
(
وإن جارة حلت إليه وفي لها ** فباتت ولم يهتك لجارته ستر )
(
عفيف عن الفحشاء ما التبست به ** صليب فما يلفى بعود له كسر )
(
سلكت سبيل العالمين فمالهم ** وراء الذي لاقيت معدى ولا قصر )
(
وأبليت خيرا في الحياة وإنما ** ثوابك عندي اليوم أن ينطق الشعر )
(
ليفدك مولى أو أخ ذو ذمامة ** قليل الغناء لا عطاء ولا نصر )
(
قال أبو علي ) قال أبو الحسن من روى لم أنمه جعله مفعولا على السعة كما قالوا اليوم صحيه والمعنى لم أنم فيه وصمت في اليوم جعله مثل زيد ضربته ونصب تقلبا بالمعنى كأنه

قال أتقلب تقلبا لأن لم أنمه بدل منه ( قال أبو علي ) ليل التمام بالكسر لا غير ولا تنزع منه الألف واللام فيقال ليل تمام فأما في الولد فيجوز الكسر والفتح ونزع الألف واللام فيقال ولد الولد لتمام ولتمام وأما ما سواهما فلا يكون فيه إلا الفتح يقال خذ تمام حقك وبلغ الشيء تمامه فأما المثل فبالكسر وهو قولهم ( أبى قائلها إلا تما ) وقرن الشمس حرفها
قال أبو الحسن من رفع تذكر فكأنه قال أمري تذكر علق ومن نصب فكأنه قال أتذكر وما قبله من الكلام بدل منه ( قال أبو علي ) العلق هو الشيء النفيس من كل شيء والعلق الحب والعلاقة أيضا الحب والعرب تقول نظرة من ذي علق أي من ذي حب والعلق الدود الذي يكون في الماء والعلق الدم فأما العلاقة بالكسر فهو ما يعلق به السوط وما أشبهه
قال أبو الحسن أنث عذرتنا لأن العذر في معنى المعذرة والعذرة والعذرى فكأنه قال عذرتنا المعذرة ( قال ) وأخبرني محمد بن يزيد قال العذر جمع عذرة مثل بسرة وبسر ( قال ) وهو أبلغ في المعنى الذي أراد لأنه يكون فيه معنى التكثير يقال عذره عذرا بعد عذر كأنه قال عذرتنا المعاذير
والصحابة والصحبة واحد ( قال أبو علي ) وهذا أمثل لأنه جعل للعذر صحابة قال أبو الحسن وسرق عبد الصمد بن المعذل معنى قوله
(
وكنت أرى هجرا فراقك ساعة ** ألا لا بل الموت التفرق والهجر )
فقال
(
الموت عندي والفراق ** كلاهما ما يطاق )
(
يتعاونان على النفوس ** فذا الحمام وذو السياق )
(
لو لم يكن هذا كذا ** ما قيل موت أو فراق )
(
قال أبو الحسن ) قوله أحقا عند أهل العربية في موضع ظرف كأنه قال أفي حق عباد الله
ولألأحرك ( قال أبو علي ) العرب تقول لا آتيك ما لألأ العفر أي ما حركت أذنابها قال عدي بن زيد
(
يلألئن الأكف على عدي ** ويعطف رجعهن إلى الجيوب )


(
قال أبو الحسن ) خيارهم بدل من الفتيان وهذا بدل البعض من الكل كأنه قال فتى ليس إلا كخيار الفتيان
والجزل القوي ومنه قيل حطب جزل إذا كان قويا غليظا
(
قال أبو علي ) قال الأصمعي الجزل من الرجال الجيد الرأي ( قال أبو علي ) الغمر والمغمر الذي لم يجرب الأمور والغمر بالفتح السخي الكثير العطاء قال كثير
(
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا ** غلفت لضحكته رقاب المال )
وإنما قال غمر الرداء لأنه أراد بقوله سخي الرجال والعرب تفعل هذا فتقول فدى لك ردائي وفدى لك ازاري ويريدون بذلك أبدانهم والغمر الغزير من الماء والغمر القدح الصغير الذي يسع دون الري ومنه قيل تغمرت أي شربت الغمر والغمر الذي يعلق باليد من الزهومة بفتح الغين والميم يقال يد غمرة والغمر الحقد يقال غمر صدره علي ودخلت في غمار الناس وخمار الناس وغمر الناس وخمر الناس أي في جماعتهم والغمرة بفتح الغين وسكون الميم الحيرة ( قال أبو الحسن ) وتخرق توسع والخرق الواسع من الأرض ( قال أبو علي ) والخرق بكسر الخاء السخي من الرجال الذي يتوسع في العطاء قال أبو الحسن يؤد يثقل قال الله عز وجل { ولا يؤوده حفظهما } أي لا يثقله ( قال أبو علي ) وسامى عالى ( قال أبو الحسن ) يقال العسرة والعسر ولا يقال اليسرة كما يقال اليسر ( وقال أبو الحسن ) العزاء الذي يعزك أي يغلبك ويقهرك ( قال أبو علي ) الشهباء السنة التي يكثر الجليد فيها من شدة البرد وهذا أكثر ما يكون عندهم من الشمال لأنها في بلادهم باردة يابسة تفرق السحاب ولذلك سموها محوة غير مصروفة لأنها تمحو السحاب ( قال أبو الحسن ) البشر جمع بشير ( قال ) وكان ينبغي أن يقول البشر فأسكن للضرورة ( قال أبو علي ) وهذا عندي جائز حسن مثل كتب وكتب ورسل ورسل وبالتخفيف يقرأ أبو عمرو بن العلاء في أكثر القرآن ( قال أبو الحسن ) وجنح مال والعصر العشي ( قال أبو علي ) والعصران الغداة والعشي وكذلك البردان ( قال أبو الحسن ) تغلغلت دخلت ويقال

غل في الشيء وانغل فيه إذا دخل فيه ( قال أبو الحسن ) والأطباع أراد بها الخواتم والطابع الخاتم فحذف الزائد فصار طبعا فجمعه على أطباع مثل قتب وأقتاب وجمل وأجمال ( قال ) ويروى الأصناع يريد المصانع وواحدها مصنعة فحذف الهاء لأنها بمنزلة اسم ضم إلى اسم ثم حذف الزائدة الأولى فصار صنعا فجمعه أصناعا
(
قال أبو علي ) أصناع جمع صنع وهو محبس الماء ( قال أبو الحسن ) تغولت بي الأرض أي ذهبت بي ومنه ( غالته غول ) أي أذهبته وأهلكته ومنه الغضب غول الحلم ( قال أبو علي ) تغولت تلونت كانه استدارت به الأرض فتلونت في عينه مما أصابه ( قال أبو الحسن ) أقنى ألزم يقال قني حياءه إذا لزمه ( قال أبو الحسن ) أود موضع ويروى أود أيضا فلا أدري أهما اسمان لموضع واحد جاآ على لغتين أو أود غير أود فأما في بيت جرير فلا يروى إلا بالضم وهو قوله
(
أهوى أراك برامتين وقودا ** أم بالجنيبة من مدافع أودا )
(
قال أبو علي ) الوقود بفتح الواو الحطب وبضمها اللهب
والجأر مصدر جأر يجأر جأرا والجؤار الإسم وهو صوت مع تضرع ( قال أبو علي ) والكهام الكليل الحد من السيوف وأراد به ههنا الرجل
والنجر والنجار والنجار الأصل والنجار أيضا اللون ( قال أبو الحسن ) وقد يكون النجار جمع نجر ( قال ) والغبيبة اللحم المتغير الريح ( قال أبو علي ) والبليل الريح الباردة التي معها بلل ( قال ) وأرمل السفر نفدت أزوادهم وكذلك أقووا وهما عندي من الرمل والقواء وهو القفر كأنه صار بموضع ليس فيه شيء غير الرمل وبالموضع الخالي الذي لا يجد في شيأ ثم كثر ذلك حتى قيل لكل من نفد زاده قد أرمل وقد أقوى قال الله تعالى { نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين } ( قال ) والضفر حبل مضفور يجعل في أعالي الحمل والحقب في أسفله فيقول من شدة ضمره بلغ الأعلى الأسفل وأكسف غير والبال الحال وتضاءلت ضعفت وجلى

بين كذا قال أبو الحسن ( قال أبو علي ) وهو جيد في الإشتقاق وقد روى أبو عبيدة جلي ببصره إذا رمى به ويلفى يوجد ويروى يلقى بالقاف ( قال أبو الحسن ) ينطق الشعر ينطق ههنا يبين ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال حدثنا سعيد بن هرون عن التوزي عن أبي عبيدة قال لما هلك أبان بن الحجاج وأمه أم ابان بنت النعمان بن بشير فلما دفنه قام الحجاج على قبره فتمثل بقول زياد الأعجم
(
ألآن لما كنت أكمل من مشى ** وافترنابك عن شباة القارح )
(
وتكاملت فيك المروءة كلها ** وأعنت ذلك بالفعال الصالح )
فلما انصرف إلى منزله قال أرسلوا خلف ثابت بن قيس الأنصاري فأتاه فقال أنشدني مرثيتك في ابنك الحسن فأنشده
(
قد أكذب الله من نعى حسنا ** ليس لتكذيب موته ثمن )
(
أجول في الدار لا أراك وفي الدار أناس جوارهم غبن )
(
بدلتهم منك ليت أنهم ** أضحوا وبيني وبينهم عدن )
فقال له الحجاج ارث ابني أبان فقال له إني لا أجد به ما كنت أجد بحسن قال وما كنت تجد به قال ما رأيته قط فشبعت من رؤيته ولا غاب عني قط إلا اشتقت إليه فقال الحجاج كذلك كنت أجد بأبان ( قال أبو علي ) وحدثني أبو عبد الله عند قراءتي عليه قصيدة ابن أحمر
(
شط المزار بجدوى وانتهى الأمل ** ) قال مدح بهذه القصيدة النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري وبشير بن سعد عقبي بدري أنصاري والنعمان أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار وآخر من ولي الكوفة لمعاوية بن أبي سفيان وقتلته كلب في فتنة مروان وكان عثمانيا
وقرأت قصيدة زياد الأعجم على أبي بكر بن دريد فقال زياد الأعجم كنيته أبو أمامة وكان في كتابي للصلتان فقال هو هي لزياد الأعجم

وكان ينزل إصطخر ورثى بهذه القصيدة المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة ( قال ) وأنشدنا هذه القصيدة أبو الحسن الأخفش لزياد الأعجم وفي الروايتين اختلاف وتقديم وتأخير في الابيات ورواية أبي بكر أتم أولها في روايته
(
يا من بمغدى الشمس أو بمراحها ** أو من يكون بقرنها المتنازح )
وروى أبو الحسن أو من يحل بقرنها وروى هذا البيت في وسط القصيدة
(
قل للقوافل والغزاة إذا غزوا ** للباكرين وللمجد الرائح )
وروى أبو الحسن والغزي إذا غزوا والباكرين وهذا البيت أول القصيدة
(
إن السماحة والمروءة ضمنا ** قبرا بمرو على الطريق الواضح )
(
فإذا مررت بقبره فاعقر به ** كوم الجلاد وكل طرف سابح )
ويروى طرف طامح
(
وانضح جوانب قبره بدمائها ** فلقد يكون أخادم وذبائح )
(
واظهر ببزته وعقد لوائه ** واهتف بدعوة مصلتين شرامح )
(
آب الجنود معقلا أو قافلا ** وأقام رهن حفيرة وضرائح )
(
وأرى المكارم يوم زيل بنعشه ** زالت بفضل فواضل ومدائح )
(
رجفت لمصرعه البلاد وأصبحت ** منا القلوب لذاك غير صحائح )
(
ألآن لما كنت أكمل من مشى ** وافترنابك عن شباة القارح )
(
وتكاملت فيك المروءة كلها ** وأعنت ذلك بالفعال الصالح )
(
فكفى لنا حزنا ببيت حله ** احدى المنون فليس عنه ببارح )
(
فعفت منابره وحط سروجه ** عن كل طامحة وطرف طامح )
(
وإذا يناح على امرئ فتعلمن ** أن المغيرة فوق نوح النائح )
(
تبكي المغيرة خيلنا ورماحنا ** والباكيات برنة وتصايح )
(
مات المغيرة بعد طول تعرض ** للموت بين أسنة وصفائح )


(
والقتل ليس إلى القتال ولا أرى ** سببا يؤخر للشفيق الناصح )
(
لله در منية فاتت به ** فلقد أراه يرد غرب الجامح )
(
ولقد أراه مجففا أفراسه ** يغشى الأسنة فوق نهد قارح )
(
في حجفل لجب ترى أبطاله ** منه تعضل بالفضاء الفاسح )
(
يقص الحزونة والسهولة إذ غدا ** بزهاء أرعن مثل ليل جانح )
(
ولقد أراه مقدما أفراسه ** يدني مراحج في الوغى لمراحج )
(
فتيان عادية لدى مرسى الوغى ** سبنوا بسنة معلمين حجاحج )
(
لبسوا السوابغ في الحروب كأنها ** غدر تحيز في بطون أباطح )
(
قال أبو علي ) كذا أنشدناه أبو الحسن تحيز بالزاي فزاد أبو بكر تحير بالراء ولم ينكر تحيز وكلاهما عندي جائز حسن وروى أبو الحسن رحمه الله تعالى في متون أباطح
(
وإذا الضراب عن الطعان بدالهم ** ضربوا بمرهفة الصدور جوارح )
(
لو عند ذلك قارعته منية ** قرع الحواء وضم سرح السارح )
(
كنت الغياث لأرضنا فتركتنا ** فاليوم نصبر للزمان الكالح )
(
فانع المغيرة للمغيرة إذا غدت ** شعواء مجعرة لنبح النابح )
(
صفان مختلفان حين تلاقيا ** آبوا بوجه مطلق أو ناكح )
(
ومدجج كره الكماة نزاله ** شاكي السلاح مسايف أو رامح )
(
قد زار كبش كتيبة بكتيبة ** يودي لكوكبها برأس طامح )
(
غيران دون نسائه وبناته ** حامي الحقيقة للحروب مكاوح )
(
سبقت يداك له بعاجل طعنة ** شهقت لمنفذها أصول جوانح )
(
والخيل تضيح بالكماة وقد جرت ** فوق النحور دماؤها بسرائح )
(
يا لهفتا لك كلما ** خيف الغرار على المدر الماسح )
(
تشفي بحلمك لأبن عمك جهله ** وتذب عنه كفاح كل مكافح )


(
وإذا يصول بك ابن عمك لم يصل ** بمواكل وكل غداة تجالح )
(
صل يموت سليمه قبل الرقى ** ومخاتل لعدوه بتصافح )
(
وإذا الأمور على الرجال تشابهت ** وتنوزعت بمغالق ومفاتح )
(
فتل السحيل بمبرم ذي مرة ** دون الرجال بفضل عقل راجح )
(
وأرى الصعالك للمغيرة أصبحت ** تبكي على طلق اليدين مسامح )
(
كان الربيع لهم إذا انتجعوا الندى ** وخبت لوامع كل برق لامح )
(
كان المهلب بالمغيرة كالذي ** ألقى الدلاء إلى قليب المائح )
(
فاصاب جمة ما استقى فسقى له ** في حوضه بنوازع ومواتح )
(
أيام لو يحتل وسط مفازة ** فاضت معاطشها بشرب سائح )
لم يرو أبو الحسن رحمه الله تعالى من قوله أن المهالب إلى قوله رفاع ألوية
(
أن المهالب لن يزال لهافتى ** يمري قوادم كل حرب لاقح )
(
بالمقربات لواحقا آطالها ** تجتاب سهل سباسب وصحا صح )
(
متلببا تهفو الكتائب حوله ** ملح المتون من النضيح الراشح )
(
ملك أغر متوج يسمو له ** طرف الصديق بغض طرف الكاشح )
(
رفاع ألوية الحروب إلى العدى ** بسعود طير سانح وبوارح )
(
قال أبو علي ) قال الأصمعي الجلد الكبار من الإبل التي لا صغار فيها وأنشد
(
تواكلها الأزمان حتى أجأنها ** إلى جلد منها قليل الأسافل )
والأسافل الصغار ههنا ( قال أبو علي ) وجمعها جلاد وإنما قيل للكبار جلد لأنها قد اشتدت وصلبت ولم يقل الصغار لأنها لينة رطبة ( قال أبو علي ) وقوله مصلتين يعني أصلتوا سيوفهم أن سلوها
والشرامح جمع شرمح وهم الطوال وقوله مجففا أفراسه يعني ألبسها التجافيف وتعضل تنشب ومنه عضلت القطاة إذا نشب

بيضها فلم يخرج وتحيز تدافع والمكافح المجالد بنفسه ومنه لقينه كفاحا
والمكاوح بالواو المجاهد ( قال أبو علي ) ويقال فلان شاكي السلاح وشائك السلاح إذا كانت لسلاحه شوكة وفلان شاك في السلاح إذا دخل في الشكة والشكة السلاح والسرائح السيور واحدها سريحة وهي سيور نعال الإبل
والوكل الذي يتكل على غيره والتجالح التكاشف
(
قال ) وأنشدنا أبو بكر ر حمه الله تعالى قال أنشدنا أبو حاتم عن أبي عبيدة لأم عمرو أخت ربيعة بن مكدم ترثى أخاها ربيعة وقتلته بنو سليم
(
ما بال عينك منها الدمع مهراق ** سحا فلا عازب عنها ولا راقي )
(
أبكي على هالك أودى فأورثني ** بعد التفرق حزنا حره باقي )
(
لو كان يرجع ميتا وجد ذي رحم ** أبقى أخي سالما وجدي واشفاقي )
(
أو كان يفدى لكان الأهل كلهم ** وما أثمر من مال له راق )
(
لكن سهام المنايا من نصبن له ** لم ينجه طب ذي طب ولا راقي )
(
فاذهب فلا يبعدنك الله من رجل ** لاقى التي كل حي مثلها لاقي )
(
فسوف أبكيك ما ناحت مطوقة ** وما سريت مع الساري على ساقي )
(
أبكي لذكرته عبرى مفجعة ** ما إن يجف لها من ذكرة ماقي )
وأنشدنا أبو علي لأبي بكر بن دريد رحمه الله تعالى
(
على أي رغم ظلت أغضي وأكظم ** وعن أي حزن بات دمعي يترجم )
(
أجدك ما تنفك ألسن عبرة ** تصرح عما كنت عنه تجمجم )
(
كأنك لم تركب غروب فجائع ** شباهن من هاتا أحد وأكلم )
(
بلى غير أن القلب ينكؤه الاسى الملم وإن جل الجوى المتقدم )
(
وكم نكبة زاحمت بالصبر ركنها ** فلم يلف صبري واهيا حين يزحم )
(
ولو عارضت رضوى بأيسر درئها ** لظلت ذرى أقذافها تتهدم )


(
وقد عجمتني الحادثات فصادفت ** صبورا على مكروهها حين تعجم )
(
ومن يعدم الصبر الجميل فإنه ** وجدك لا من يعدم الوفر معدم )
(
أصارفة عني بوادر حدها ** فجائع للعلياء توهي وتحطم )
(
لها كل يوم في حمى المجد وطأة ** تظل لها أسبابه تتجذم )
(
إذا أجشمت جياشة مصمئلة ** قفت إثرها دهياء صماء صيلم )
(
أم الدهر أن لن تستفيق صروفه ** مصرفة نحوي فجائع يقسم )
(
وساءلت عن حزم أضيع وهفوة ** أطيعت وقد ينبوا الحسام المصمم )
(
فلا تشعري لذع الملام فؤاده ** فإنك ممن رعت باللوم ألوم )
(
ولم تر ذا حزم وعزم وحنكة ** على القدر الجاري عليه يحكم )
(
متى دفع المرء الأريب بحيلة ** بوادر ما يقضى عليه فيبرم )
(
ولو كنت محتالا على القدر الذي ** نبابي لم أسبق بما هو أحزم )
(
ولكن من تملك عليه أموره ** فمالكها يمضي القضاء فيحتم )
(
وما كنت أخشى أن تضاءل همتي ** فأضحي على الأجن الصرى أتلوم )
(
كأن نجيا كان يبعث خاطري ** قرين إسار أو نزيف مهوم )
(
وما كنت أرضى بالدناءة خطة ** ولي بين أطراف الأسنة مقدم )
(
وما ألفت ظل الهوينا صريمتي ** وكيف وحداها من السيف أصرم )
(
ألم تر أن الحر يستعذب المنى ** تباعده من ذلة وهي علقم )
(
ويقذف بالأجرام بين لها الردى ** إذا كان فيه العز لا يتلعثم )
(
سأجعل نفسي للمتالف عرضة ** وأقذفها للموت والموت أكرم )
(
بأرضك فارتع أو إلى القبر فارتحل ** فإن غريب القوم لحم موضم )
(
تندمت والتفريط يجني ندامة ** ومن ذا على التفريط لا يتندم )


(
يصانع أو يغضي العيون على القذى ** ويلذع بالمرى فلا يترمرم )
(
على أنني والحكم لله واثق ** بعزم يفض الخطب والخطب مبهم )
(
وقلب لو أن السيف عارض صدره ** لغادر حد السيف وهو مثلم )
(
إلى مقول ترفض عن عزماته ** أوابد للصم الشوامخ تقضم )
(
صوائب يصرعن القلوب كأنما ** يمج عليها السم أربد أرقم )
(
وما يدري الأعداء من متدرع ** سرابيل حتف رشحها المسك والدم )
(
أبل نجيد بين أحناء سرجه ** شهاب وفي ثوبيه أضبط ضيغم )
(
إذا الدهر أنحى نحوه حد ظفره ** ثناه وظفر الدهر عنه مقلم )
(
وإن عضه خطب تلوى بنابه ** وأقلع عنه الخطب والناب أدرم )
(
ولم تر مثلي مغضيا وهو ناظر ** ولم تر مثلي صامتا يتكلم )
(
وبالشعر يبدي المرء صفحة عقله ** فيعلن منه كل ما كان يكتم )
(
وسيان من لم يمتط اللب شعره ** فيملك عطفيه وآخر مفحم )
(
جوائب أرجاء البلاد مطلة ** تبيد الليالي وهي لا تتخرم )
(
ألم تر ما أدت إلينا وسيرت ** على قدم الأيام عاد وجرهم )
(
هم اقتضبوا الأمثال صعبا قيادها ** فذل لهم منها الشريس الغشمشم )
(
وقالوا الهوى يقظان والعقل راقد ** وذو العقل مذكور وذو الصمت أسلم )
(
ومما جرى كالوسم في الدهر قولهم ** على نفسه يجني الجهول ويجرم )
(
وكالنار في يبس الهشيم مقالهم ** ألا إن أصل العود من حيث يقضم )
(
فقد سيروا مالا يسير مثله ** فصيح على وجه الزمان وأعجم )
(
قال ) وحدثني أبو مسهر أن الأحنف بن قيس خرج من عند معاوية رضي الله عنه فخلفه بعض من كان في المجلس فقدح فيه فبلغ ذلك الأحنف فقال ( عثيثة تقرم جلدا أملسا )


(
قال ) وأخبرني عبد الله بن إبراهيم الجمعي قال نشأ في قريش ناشئان رجل من بني مخزوم ورجل من بني جمح فبلغا في الوداد ما لم يبلغ بالغ حتى كان إذا رؤي أحدهما فكأن قد رئيا جميعا ثم دخلت وحشة بينهما من غير شيء يعرفانه فتغيرا فلما كان ليلة من الليالي استيقظ المخزومي ففكر ما الذي شجر بينهما وكان المخزومي يقال له محمد والجمعي يحيى فنزل من سطحه وخرج حتى دق عليه بابه فاستيقظ له فنزل إليه فقال له ما جاء بك هذه الساعة قال جئتك لهذا الذي حدث ما أصله وما هو قال قفال والله ما أعرف له أصلا قال عبد الله فبكيا حتى كادا يصبحان ثم عاد كل واحد منهما إلى منزله فأصبح المخزومي وهو يقول
(
كنت ويحيى كبدي واحد ** نرمي جميعا ونرامى معا )
(
يسرني الدهر إذا سره ** وإن رمينا بالأذى أوجعا )
(
حتى إذا ما الشيب في مفرقي ** لاح وفي عارضه أسرعا )
(
وشى وشاة فرقوا بيننا ** فكاد حبل الوصل أن يقطعا )
وزاد غير عبد الله بن إبراهيم
(
فلم ألم يحيى على وصله ** ولم أقل خان ولا ضيعا )
(
قال ) وقال حدثنا أبو سعيد السكري قال أتي عبد الملك بعود فقال للوليد بن مسعدة الفزاري ما هذا يا وليد قال عود يشقق ثم يرقق ثم يلصق ثم تعلق عليه أوتار ويضرب به فيضرب الكرام رؤسها بالحيطان وامرأته طالق إن كان أحد في المجلس ألا ويعلم منه مثل ما أعلم أنت أولهم يا أمير المؤمنين قال اسحق أنشدني غرارة الخباط يهجو أبا السمي المغني
(
كأن أبا السمى إذا تغنى ** يحاكى عاطسا في عين شمس )
(
يلوك بلحيه طورا وطورا ** كأن بلحيه ضربان ضرس )


(
قال إسحق ) وقع بين رجل وامرأته شر فتهاجرا أياما ثم وثب عليها فأخذ برجلها فلما فرغ قالت آخزاك الله كلما وقع بيني وبينك شر جئتني بشفيع لا أقدر علي رده
وأنشد لحسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه
(
ان يأخذ الله من عيني نورهما ** ففي لساني وقلبي منهما نور )
(
قلب ذكي وعقل غير ذي رذل ** وفي فمي صارم كالسيف مأثور )
قال أبو الحسن حفظي غير ذي دخل ( قال ) وقال بعث روح بن حاتم إلى كاتب له بثلاثين ألف درهم وكتب إليه قد بعثت إليك بثلاثين ألف درهم لا أقللها تكبرا ولا أكثرها تمننا ولا أستثيبك عليها ثناء ولا أقطع بها عنك رجاء والسلام وأنشد
(
أمد يدا عند الوداع قصيرة ** وأبسطها عند اللقاء فأعجل )
وأنشد أبو هفان عن أسحق لنفسه
(
سأشرب ما دامت تغني ملاحظ ** وإن كان لي في الشيب عن ذاك واعظ )
(
ملاحظ غنينا بعيشك وليكن ** عليك لما استحسنته منك حافظ )
(
فأقسم ما غنى غناءك حاذق ** مجيد ولم يلفظ كلفظك لافظ )
(
وفي بعض هذا القول مني مساءة ** وغيظ شديد للمغنين غائظ )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال لقيت أعرابيا بمكة فقلت له ممن أنت قال أسدي قلت ومن أيهم قال نهدي قلت من أي البلاد قال من عمان قلت فأنى لك هذه الفصاحة قال أنا سكنا قطرا لا نسمع فيه ناجخة التيار قلت صف لي أرضك قال سيف أفيح وفضاء صحصح وجبل صردح ورمل أصبح قلت فما مالك قال النخل قلت فأين أنت عن الإبل قال أن النخل حملها غذاء وسعفها ضياء وجذعها بناء وكربها صلاء وليفها رشاء وخوصها وعاء وقروها إناء ( قال أبو علي ) الناجخة

الصوت يقال للمرأة إذا كان يسمع لفرجها صوت عند الجماع نجاخة وفي رجز رؤبة
وازجر بني النجاخة الفشوش والتيار الموج والسيف شاطئ البحر وأفيح واسع والفضاء الواسع من الأرض والصحصح الصحراء والصردح الصلب والأصبح الذي يعلو بياضه حمرة والرشاء الحبل والقرو وعاء من جذع النخل ينبذ فيه وقال الكسائي القرو القدح كما قال الشاعر
(
وأنت بين القرو والعاصر ** )
وقال غيره القرو نقير من خشب يجعل فيه العصير والشراب قال أبو عبيد وهذا أشبه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله تعالى قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة قال كان بالبصرة رجل من موالي بني سعد يقال له ثبيت وكان كثير الصلاة صالحا وكانت الأعراب تنزل عليه فنزل به قوم منهم ليلة فلم يعشهم وقام يصلي فقال رجل منهم
(
لخبز يا ثبيت عليه لحم ** أحب إلي من صوت القران )
(
تبيت تدهور القرآن حولي ** كأنك عند رأسي عقربان )
(
فلو أطعمتني خبزا ولحما ** حمدتك والطعام له مكان )
واختلفوا في العقربان فقال قوم هو ذكر العقارب وقال قوم هو دخال الأذن وهو الوجه ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا دماذ قال أخبرنا أبو عبيدة قال كان بالبصرة طفيلي صفيق الوجه لا يبالي ما أقدم عليه فقال فيه بعض البصريين
(
يمشي المدعاة مستثفرا ** مشي أبي الحرث ليث العرين )
(
لم تر عيني آكلا مثله ** يأكل باليسرى معا واليمين )
(
تلعب في القصعة أطرافه ** لعب أخي الشطرنج بالشاه بين )
وعن دماذ أيضا قال كان بالبصرة طفيلي قد آذى الناس فقال فيه بعض ظرفاء البصريين هذه الأبيات


(
وضعت يديك في التطفيل حتى ** كأنك من بني جشم بن سعد )
(
أو الجعراء جندبها وكعب ** فشيشة أو لضبة بنت أد )
(
أو الصعر الأنوف بني هجيم ** لريح قلية العود المغدي )
(
قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي
(
من كان يزعم أن سيكتم حبه ** حتى يشكك فيه فهو كذوب )
(
الحب أغلب للفؤاد بقهره ** من أن يرى للستر فيه نصيب )
(
وإذا بدا سر اللبيب فإنه ** لم يبد إلا والفتى مغلوب )
(
إني لأبغض عاشقا متسترا ** لم تتهمه أعين وقلوب )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال أنشدنا أحمد بن يحيى لعروة ابن الورد يقوله للحكم بن زنباع العبسي
(
ولم أسألك شيأ قبل هذا ** ولكني على أثر الدليل )
(
قال أبو علي ) قال أبو العباس يقول دلني عليك من يحمدك وهذا مثل معنى قول الأعشى
(
فأقبلت أرتاد ما خبروا ** ولولا الذي خبروا لم ترن )
(
وقال أبو علي ) حدثنا أبو بكر قال حدثني أبي عن العباس بن ميمون قال حدثني العتبي قال قال أعرابي فلان إذا نظرت إليه مومسة سقط خمارها وإذا رأته العيدان تحركت أوتارها
قال أبو بكر وحدثني أبي قال حدثني أبو سعيد الحارثي عبد الرحمن ابن محمد بن منصور قال حدثنا محمد بن سلام قال سمعت يونس النحوي يقول في قوله جل وعلا { فاليوم ننجيك ببدنك } ننجيك نجعلك على نجوة من الأرض وهي المكان المرتفع ببدنك بدرعك وأنشد لأوس بن حجر
(
دان مسف فويق الأرض هيدبه ** يكاد يدفعه من قام بالراح )


(
فمن بنجوته كمن بعقوته ** والمستكن كمن يمشي بقرواح )
(
قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن بن خلف قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبو عبدالله القرشي قال حدثنا عبد الله بن عبد العزيز قال أخبرنا ابن العلاء أحسبه أبا عمرو بن العلاء أو أخاه عن جويرية بن أسماء عن إسمعيل بن أبي حكيم قال بعثني عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه في الفداء حين ولي فبينا أنا أجول في القسطنطينية إذ سمعت صوتا يتغنى
(
أرقت وبان عني من يلوم ** ولكن لم أنم أنا والهموم )
(
كأني من تذكر ما ألاقي ** إذا ما أظلم الليل البهيم )
(
سليم مل منه أقربوه ** وودعه المداوى والحميم )
(
وكم بين العقيق إلى المصلى ** إلى أحد إلى ما حاز ريم )
(
إلى الجماء من وجه أسيل ** نقي الخد ليس به كلوم )
(
يضىء دجى الظلام إذا يراه ** كضوء البدر منظره وسيم )
(
ولما أن دنا منا ارتحال ** وقرب ناجيات السير كوم )
(
أتين مودعات والمطايا ** علا أكوارها خوص هجوم )
(
فقائلة ومثنية علينا ** تقول وما لها فينا صميم )
(
وأخرى لبها معنا ولكن ** تستر وهي واجمة كظوم )
(
تعد لنا الليالي تحتصيها ** متى هو حائن منا قدوم )
(
متى تر غفلة الواشين عنا ** تجد بدموعها العين السجوم )
قال أبو عبد الله القرشي والشعر لنقيلة الأشجعي ( قال ) وسمعت العتبي يقول صحف في اسمه فقال نفيلة ( قال اسمعيل بن أبي حكيم ) فسألته حين دخلت عليه فقلت له من أنت قال أنا الوابصي الذي أخذت فعذبت فجزعت قد خلت في دينهم فقلت أن أمير المؤمنين

بعثني في الفداء وأنت والله أحب من أفديه إلي إن لم تكن بطنت في الكفر قال والله لقد بطنت في الكفر فقلت له أنشدك الله قال أأسلم وهذان ابناي وإذا دخلت المدينة قال أحدهم يا نصراني وقيل لولدي وأمهم كذلك لا والله لا أفعل فقلت له لقد كنت قارئا للقرآن قال والله لقد كنت من أقرإ الناس فقلت ما بقي معك من القرآن قال لا شيء غير هذه الآية { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } فعلمت أن الشقاوة غلبت عليه ( قال أبو علي ) أنشدنا أبو بكر قال أنشدنا عبد الله بن خلف قال أنشدني أبو اسحق إبراهيم بن موسى بن جميل
(
غزتني بجيش من محاسن وجهها ** فعبالها طرفى ليدفع عن قلبي )
(
فلما التقى الجمعان أقبل طرفها ** يريد اغتصاب القلب قسرا على الحرب )
(
ولما تجارحنا بأسياف لحظنا ** جعلت فؤادي في يديها على العضب )
(
وناديت من وقع الأسنة والقنا ** على كبدي يا صاح مالي وللحب )
(
فصرت صريعا للهوى وسط عسكر ** قتيل عيون الغانيات بلا ذنب )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال أجواد أهل الحجاز ثلاثة عبد الله بن جعفر وعبيد الله بن العباس وسعيد بن العاص وأجواد أهل الكوفة ثلاثة عتاب بن ورقاء وأسماء بن خارجة وعكرمة بن ربعي وأجواد أهل البصرة ثلاثة عبيد الله ابن أبي بكرة وعبيد الله بن معمر وطلحة بن عبد الله الخزاعي
وسأل رجل أبا حاتم عن قول العامة البصرة فقال وهو خطأ إنما سميت البصرة للحجارة البيض التي في المربد وأنشد
(
سقى البصرة الوسمي من غير حبها ** فإن بها مني صدى لا يريمها )
وأنشدنا التوزي لعمر بن أبي ربيعة وكان قدم البصرة وأقام بها أياما


(
حبذا البصرة أرضا ** في ليال مقمرات )
(
قال ) وأنشدنا أبو حاتم لأعرابي من بني تميم قدم البصرة فرأى أهلها
(
ما أنا بالبصرة بالبصري ** ولا شبيه زيهم بزيي )
قال أبو حاتم ولو كانت البصرة كما قيل ونسبت إليها لقلت بصري كما قالوا نمري
وأنشدنا أبو حاتم
(
لا تأمن الدهر في طرف ولا نفس ** وإن تمنعت بالحجاب والحرس )
(
فكم رأيت سهام الموت نافذة ** في جنب مدرع منا ومترس )
وأنشدنا قال أنشدنا الرياشي
(
وقد تغدر الدنيا فيضحي غنيها ** فقيرا ويفنى بعد بؤس فقيرها )
(
فلا تقرب الأمر الحرام فإنه ** حلاوته تفنى ويبقى مريرها )
(
فكم قد رأينا من تكدر عيشة ** وأخرى صفا بعد اكدرار غديرها )
(
وأخبرنا ) قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي عن الأصمعي قال حدثنا عيسى بن عمر قال كان عندنا رجل لحانة فلقي لحانة مثله فقال من أين أقبلت فقال من عند أهلونا فحسده الآخر فقال أنا والله أعلم من أين أخذتها أخذتها من المنزل قال الله عز وجل { شغلتنا أموالنا وأهلونا } وأخبرنا قال أخبرنا السكن بن سعيد قال أخبرنا العباس بن هشام بن محمد بن السائب قال كان أبو جبيل قيس بن خفاف البرجمي أتى حاتم طيء في دماء حملها عن قومه فأسلموه فيها وعجز عنها فقال والله لآتين من يحملها عني وكان شريفا شاعرا فلما قدم عليه قال أنه وقعت بين قومي دماء فتواكلوها وإني حملتها في مالي وأملي فقدمت مالي وكنت أملي فإن تحملها فرب حق قد قضيته وهم قد كفيته وإن حال دون ذلك حائل لم أذمم يومك ولم أيأس من غدك ثم أنشأ يقول
(
حملت دماء للبراجم جمة ** فجئتك لما أسلمتني البراجم )


(
وقالوا سفاها لم حملت دماءنا ** فقلت لهم يكفي الحمالة حاتم )
(
متى آته فيها يقل لي مرحبا ** وأهلا وسهلا أخطأتك الأشائم )
(
فيحملها عني وإن شئت زادني ** زيادة من حلت إليه المكارم )
(
يعيش الندى ما عاش حاتم طيء ** فإن مات قامت للسخاء مآثم )
(
ينادين مات الجود معك فلا ترى ** مجيبا له ما حام في الجو حائم )
(
وقال رجال أنهب العام ماله ** فقلت لهم أني بذلك عالم )
(
ولكنه يعطي من أموال طيء ** إذا جلف المال الحقوق اللوازم )
(
فيعطي التي فيها الغنى وكأنه ** لتصغيره تلك العطية جارم )
(
بذلك أوصاه عدي وحشرج ** وسعد وعبد الله تلك القماقم )
فقال له حاتم إن كنت لأحب أن يأتيني مثلك من قومك هذا مرباعي من الغارة على بني تميم فخذه وافرا فان وفى بالحمالة وإلا أكملتها لك وهو مائتا بعير سوى نيبها وفصالها مع أني لا أجب أن توبس قومك بأموالهم فضحك أبو جبيل وقال لكم ما أخذتم منا ولنا ما أخذنا منكم وأي بعير دفعته إلي ليس ذنبه في يد صاحبه فأنت منه برئ فدفعها إليه وزاده مائة بعير فأخذها وانصرف راجعا إلى قومه فقال حاتم في ذلك
(
أتاني البرجمي أبو جبيل ** لهم في حمالته طويل )
(
فقلت له خذ المرباع رهوا ** فإني لست أرضى بالقليل )
(
على حال ولا عودت نفسي ** على علاتها علل البخيل )
(
فخذها إنها مائتا بعير ** سوى الناب الرذية والفصيل )
(
فلا من عليك بها فإني ** رأيت المن يزري بالجزيل )
(
فآب البرجمي وما عليه ** من أعباء الحمالة من فتيل )
(
يجر الذيل ينفض مذرويه ** خفيف الظهر من حمل ثقيل )


(
قال ) وأخبرنا السكن بن سعيد عن العباس بن هشام عن أبي مسكين الدارمي قال كانت سفانة بنت حاتم من أجود نساء العرب وكان أبوها يعطيها الصرمة من الإبل فتهبها وتعطيها الناس فقال لها أبوها يا بنية أن الغويين إذا اجتمعا في المال أتلفاه فأما أن أعطي وتمسكي وإما أن أمسك وتعطي فإنه لا يبقى على هذا شيء فقالت والله لا أمسك أبدا فقال وأنا والله لا أمسك أبدا قالت فلا نتجاور فقاسمها ماله وتباينا
وحدثنا قال حدثنا السكن بن سعيد عن العباس عن أبيه قال كانت غنية بنت عفيف بن عمرو بن عبد القيس وهي أم حاتم من أسخى النساء وأقراهم للضيف وكانت لا تليق شيأ تملكه فلما رأى اخوتها اتلافها حجروا عليها ومنعوها مالها فمكثت دهر لا تصل إلى شيء ولا يدفع إليها شيء من مالها حتى إذا ظنوا أنها قد وجدت ألم ذلك أعطوها صرمة من إبلها فجاءتها امرأة من هوازن كانت تأتيها كل سنة تسألها فقالت لها دونك هذه الصرمة فخذيها فقد والله مسني من ألم الجوع ما آليت معه أن لا أمنع الدهر سائلا شيأ ثم أنشأت تقول
(
لعمري لقدما عضني الجوع عضة ** فآليت أن لا أمنع الدهر جائعا )
(
فقولا لهذا اللائمي اليوم أعفني ** فإن أنت لم تفعل فعض الأصابعا )
(
فماذا عسيتم أن تقولوا لأختكم ** سوى عذلكم أو عذل من كان مانعا )
(
ولا ما ترون الخلق إلا طبيعة ** فكيف بتركي يا ابن أم الطبائعا )
وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء قال خرج بجبير بن زهير بن أبي سلمى في غلمه يجتنون جنى الأرض فانطلق الغلمة وتركوا ابن زهير فمر به زيد الخيل الطائي فأخذه ودار طيء متاخمة لدور بني عبد الله بن غطفان فسأل الغلام من أنت قال أنا بجير بن زهير فحمله على ناقة وأرسل به إلى أبيه فلما أتى الغلام أباه أخبره أن زيدا أخذه ثم خلاه وحمله وكان لكعب بن زهير فرس من جياد خيل

العرب وكان كعب جسيما وكان زيد الخيل من أعظم الناس وأجسمهم وكان لا يركب دابة إلا أصابت إبهامه الأرض فقال زهير ما أدرى ما أثيب به زيد الأفرس كعب فأرسل به إليه وكعب غائب فلما جاء كعب سأل عن الفرس فقيل له قد أرسل به أبوك إلى زيد فقال كعب لأبيه كأنك أردت أن تقوي زيدا على قتال غطفان فقال له زهير هذه إبلي فخذ منها عن فرسك ما شئت وكان بين بني زهير وبين بني ملقط الطائيين إخاء وكان عمرو بن ملقط وفادا إلى الملوك وهو الذي أصاب بني تميم مع عمرو بن هند يوم أوارة فسأله فيهم فأطلقهم له فقال كعب شعرا يريد أن يلقي بين بني ملقط وبين رهط زيد الخيل شرا فعرف زهير حين سمع الشعر ما أراد به وعرف ذلك زيد الخيل وبنو ملقط فأرسلت إليه بنو ملقط بفرس نحو فرسه وكانت عند كعب امرأة من غطفان لها شرف وحسب فقالت له اما استحييت من أبيك لشرفه وسنه أن تؤبسه في هبته عن أخيك ولامته وكان قد نزل بكعب قبل ذلك ضيفان فنحر لهم بكرا كان لإمرأته فقال لها ما تلومينني إلا لمكان بكرك الذي نحرت لضيوفي فلك به بكران وكان زهير كثير المال وكان كعب مجدودا فقال كعب
(
ألا بكرت عرسي بليل تلومني ** وأكثر أحلام النساء إلى الردى )
وذكر في كلمته زيدا فقال زهير لابنه هجوت رجلا غير مفحم وأنه لخليق أن يظهر عليك فأجابه زيد فقال
(
أفي كل عام مأتم تجمعونه ** على محمر عود أثيب ومارضى )
(
تجدون خمشا بعد خمش كأنما ** على سيد من خير قومكم نعى )
(
يحضض جبارا علي ورهطه ** وما صرمتي منهم لأول من سعى )
(
ترعي بأذناب الشعاب ودونها ** رجال يصدون الظلوم عن الهوى )


(
ويركب يوم الروع فيها فوارس ** بصيرون في طعن الأباهر والكلى )
(
تقول أرى زيدا وقد كان مصرما ** أراه لعمري قد تمول واقتنى )
(
وذاك عطاء الله في كل غارة ** مشمرة يوما إذا قلص الخصى )
(
فلولا زهير أن أكدر نعمة ** لقادعت كعبا ما بقيت وما بقى )
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا العتبي قال قدم وفد العراق على معاوية رضي الله تعالى عنه وفيهم دغفل فقال له معاوية يا دغفل أخبرني عن ابني نزار ربيعة ومضر أيهما كان أعزض جاهلية وعالمية فقال يا أمير المؤمنين مضر بن نزار كان أعز جاهلية وعالمية قال معاوية وأي مضر كان أعز قال بنو النضر بن كنانة كانوا أكثر العرب أمجادا وأرفعهم عمادا وأعظمهم رمادا قال فأي بني كنانة كان بعدهم أعز قال بنو مالك بن كنانة كانو يعلون من ساماهم ويكفون من ناواهم ويصدقون من عاداهم
قال فمن بعدهم قال بنوا الحرث بن عبد مناة بن كنانة كانوا أعز بنيه وأمنعهم وأجودهم وأنفعهم قال ثم من بعدهم قال بنو بكر بن عبد مناة كان بأسهم مرهوبا وعدوهم منكوبا وثأرهم مطلوبا قال فأخبرني عن مالك بن عبد مناة بن كنانة وعن مرة وعامر ابني عبد مناة قال كانوا أشرافا كراما وليس للقوم أكفاء ولا نظراء قال فأخبرني عن بني أسد قال كانوا يطعمون السديف ويكرمون الضيوف ويضربون في الزحوف
قال فأخبرني عن هذيل قال كانوا قليلا أكياس أهل منعة وبأس ينتصفون من الناس قال فأخبرني عن بني ضبة قال كانوا جمرة من جمرات العرب الأربع لا يصطلى بنارهم ولا يفاتون بثارهم
قال فأخبرني عن مزينة قال كانوا في الجاهلية أهل منعة وفي الإسلام أهل دعة قال فأخبرني عن تميم قال كانوا أعز العرب قديما وأكثرها عظيما وأمنعها حريما قال فأخبرني عن قيس قال كانوا لا يفرحون إذا أديلوا ولا يجزعون إذا ابتلوا ولا يبخلون إذا سئلوا قال فأخبرني عن أشرافهم في

الجاهلية قال غطفان بن سعد وعامر بن صعصعة وسليم بن منصور فأما غطفان فكانوا كراما ساده وللخميس قاده وعن البيض ذاده وأما بنو عامر فكثير سادتهم مخشية سطوتهم ظاهرة نجدتهم
واما بنو سليم فكانوا يدركون الثار ويمنعون الجار ويعظمون النار قال فأخبرني عن قومك بكر بن وائل واصدقني قال كانوا أهل عز قاهر وشرف ظاهر ومجد فاخر قال فأخبرني عن اخوتهم تغلب قال كانوا أسودا ترهب وسماما لا تقرب وأبطالا لا تكذب
قال فأخبرني كم أديلوا عليكم في قتلكم كليبا قال أربعين سنة لا ننتصف منهم في موطن نلقاهم فيه حتى كان يوم التحاليق يوم الحرث بن ابن عباد بعد قتلة ابنه بجير وكان أرسله في الصلح بين القوم فقتله مهلهل وقال بؤبشسع نعل كليب فقال الغلام أن رضيت بهذا بنو بكر رضيت فبلغ الحرث فقال نعم القتيل قتيلا أن أصلح الله به بين بكر وتغلب وباء بكليب فقيل له إنما قال مهلهل ما قال الكلمة فتشمر الحرث للحرب وأمر بحلق رؤسنا أجمعين وهو يوم التحاليق وله خبر طويل وقال
(
قر بإمربط النعامة مني ** لقحت حرب وائل عن حيال )
(
لم أكن من جناتها علم الله ** وإني بحرها اليوم صالى )
(
قربا مربط النعامة مني ** أن بيع الكرام بالشسع غالي )
فأدلنا عليهم يومئذ فلم نزل منهم ممتنعين إلى يومنا هذا ( قال ) فمن ذهب يذكر ذلك اليوم قال الحرث بن عباد أسر مهلهلا في ذلك اليوم وقال له دلني على مهلهل بن ربيعة قال مالي ان دللتك عليه قال أطلقك قال على الوفاء قال نعم قال له أنا مهلهل قال ويحك دلني على كفء كريم قال امرؤ القيس وأشار بيده إليه عن قرب فأطلقه الحرث وانطلق إلى امرئ القيس فقتله وبكر كلها صبرت وأبلت فحسن بلاؤها إلا ما كان من

ابني لجيم حنيفة وعجل ويشكر بن بكر فإن سعد بن مالك بن ضبيعة جد طرفة بن العبد هجاهم في ذلك اليوم فقال
(
أن لجيما عجزت كلها ** أن يرفدوني فارسا واحدا )
(
ويشكر العام على خترها ** لم يسمع الناس لهم حامدا )
وقال فيهم أيضا
(
يا بؤس للحرب التي ** وضعت أراهط فاستراحوا )
(
إنا وإخوتنا غدا ** كثمود حجر يوم طاحوا )
(
بالمشرفية لا نفر ولا نباح ولن نباحوا ** )
(
من صد عن نيرانها ** فأنا ابن قيس لا براح )
فقال معاوية أنت والله يا دغفل أعلم الناس قاطبة بأخبار العرب
(
قال ) وأخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا ابو عبيدة قال مات الأحنف بن قيس بالكوفة أيام خرج مع مصعب بن الزبير إلى قتال المختار فنزل دار عبد الله بن أبي عصيفير الثقفي فلما حملت جنازته ودلي في قبره جاءت امرأة من قومه من بني منقر عليها قبول من النساء فوقفت على قبره فقالت لله درك من مجن في جنن ومدرج في كفن إنا لله وإنا إليه راجعون نسأل الله الذي فجعنا بموتك وابتلانا بفقدك أن يوسع لك في قبرك وأن يغفر لك يوم حشرك وأن يجعل سبيل الخير سبيلك ودليل الرشاد دليلك ثم أقبلت بوجهها على الناس فقالت معشر الناس إن أولياء الله في بلاده شهود على عباده وإنا قائلون حقا ومثنون صدقا وهو أهل لحسن الثناء وطيب الدعاء أما والذي كنت من أجله في عده ومن الضمان إلى غاية ومن الحياة إلى نهاية الذي رفع عملك عند انقضاء أجلك لقد عشت حميدا مودودا ولقدمت فقيدا سعيدا وأن كنت لعظيم السلم فاضل الحلم وإن كنت من الرجال لشريفا وعلى الأرامل عطوفا وفي العشيرة مسودا وإلى

الخلفاء موفدا ولقد كانوا لقولك مستمعين ولرأيك متبعين ثم انصرفت ( قال ) وحدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن ابن عيينة قال قال عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه موت ألف من العلية خير من ارتفاع واحد من السفلة ( وقال ) وحدثنا أيضا قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال سمعت أعرابيا يقول عود لسانك الخير تسلم من أهل الشر ( قال ) وحدثني العكلي عن ابن خالد عن الهيثم بن عدي قال حدثنا ملحان بن عركي عن أبيه قال حدثنا عدي بن حاتم قال شهدت حاتما وهو يجود بنفسه فقال لي يا بني أعهدك من نفسي ثلاثا ما خالفت إلى جارة لسوء قط ولا اؤتمنت على أمانة قط إلا أديتها ولا أتى أحدا من قبلي سوء
وأنشدنا أبو بكر قال أنشدنا أبو حاتم عن الأصمعي لأعرابي
(
أما والذي لا يعلم الغيب غيره ** ومن هو يحيي العظم وهي رميم )
(
لقد كنت أطوي البطن والزاد يشتهى ** محافظة من أن يقال لئيم )
(
وإني لأستحيى أكيلي ودونه ** ودون يدي داجي الظلام بهيم )
وأنشدنا أيضا قال أنشدنا أبو حاتم ولم يسم له قائلا
(
إذا ما الحي عاش بذكر ميت ** فذاك الميت حي وهو ميت )
(
يقول بني أبي وبنت جدودي ** وهدمت البناء وما بنيت )
(
ومن يك بيته بيتا رفيعا ** ويهدمه فليس لذاك بيت )
(
قال ) وأخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا شيخ من أهل البصرة قال أتى سليمان بن يزيد العدوي رجل فقال إني قد قلت بيتا فأجزه لي قال هات فقال الرجل
(
فإنك لو رأيت مسير عمري ** إذا لعلمت أني قد فنيت )
فقال سليمان
(
فإن تك قد فنيت فبعد قوم ** طوال العمر بادوا قد بقيتا )
(
فخطك ما استطعت فلا تضعه ** كأنك في أهيلك قد أتيتا )


(
كأنك والحتوف لها سهام ** مقدرة بسهمك قد رميتا )
(
وصرت وقد حملت إلى ضريح ** مع الأموات قبلك قد نسيتا )
(
بعيد الدار مغتربا وحيدا ** بكأس الموت مثلهم سقيتا )
قال فخر الرجل مغشيا عليه فما حمل إلا على أيدي الرجال وحدثنا قال أخبرنا السكن بن سعيد عن العباس بن هشام قال سألت أبي عن حمقى العرب المذكورين فقال زهير بن جناب الكلبي ومالك بن زيد مناة بن تميم وكان يرعى على اخيه سعد بن زيد مناة فزوجه أخوه وهو غائب عنها نوار بنت جل بن عدي بن عبد مناة فلما رجع من الإبل ممسيا دخل عليها وعلبته في يده ونعلاه في رجليه وكساؤه على منكبيه فجلس ناحية ينظر إليها فقالت له ضع نعليك فقال رجلاي احرز لهما قالت ضع علبتك قال يدي أحفظ لها قالت ضع كساءك قال عاتقي أحمل له فأعطته طيبا فأهوى به إلى استه فقالت ادهن به وجهك فقال أطيب به مناتني أولى فدنت منه وقد تطيبت وتعطرت فانتشر عليها فتجللها فلما أصبح غدا عليه سعد فقال له يا مال اغد على إبلك فقال والله لا أرعاها أبدا اطلب لها راعيا سواي فأورد سعد إبله فانتشرت عليه فأنشأ يقول ويعرض بأخيه مالك
(
يظل يوم وردها مزعفرا ** وهي خناطيل تجوس الخضرا ) فقالت له امرأته أجبه قال وما أقول قالت قل
(
أوردها سعد وسعد مشتمل ** ما هكذا تورد يا سعد الإبل )
قال وكان كلاب وكعب وعامر أبناء ربيعة بن عامر بن صعصعة أحمقين جميعا فاشترى كلاب عجلا وهو يظن أنه مهر فركبه فصرعه وركبه كعب فصرعه وركبه أخوهما عامر فثبت عليه فسمى الثابت فكان كلاب يحسبه مهرا حتى نجم قرناه
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا عبد الله بن خلف قال دخلت على إبراهيم بن محمد بن عبد الجليل وكانت له جارية يحبها وتبغضه فسامته البيع فباعها فأنشدني وهو حزين هذه الأبيات


(
نأت الغداة بوصلها غرار ** فدموع عينك ما تجف غزار )
(
وأستبدلت بك صاحبا ومؤانسا ** وكذا الغواني وصلهن معار )
وحدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثنا إسمعيل بن اسحق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زياد عن كثير بن زياد عن الحسن قال قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الكرم التقوى والحسب المال
وحدثنا أيضا قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله قال حدثنا أبو عبد الله بن نطاح قال حدثنا أبو عبيدة عن عبد الأعلى القرشي قال قال عبد الملك بن مروان لجلسائه أنشدوني أكرم أبيات قالتها العرب فقال روح بن زنباع
(
اليوم نعلم ما يجيء به ** ومضى بفصل قضائه أمس )
(
منع البقاء تقلب الشمس ** وطلوعها من حيث لا تمسي )
(
تبدو لنا بيضاء صافية ** وتغيب في صفراء كالورس )
فقال له أحسنت فأنشدني أكرم بيت وصف به رجل قومه في حرب فقال قول كعب ابن مالك حيث يقول
(
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ** قدما ونلحقها إذا لم تلحق )
قال له أحسنت فأنشدني أفضل ما قيل في الجود قال قول حاتم الطائي
(
ألم تر ما أفنيت لم يك ضرني ** وأن يدي مما بخلت به صفر )
(
ألم تر أن المال غاد ورائح ** ويبقى من المال الأحاديث والذكر )
(
غنينا زمانا بالتصعلك والغنى ** وكلا سقاناه بكأسيهما الدهر )
(
فما زادنا بغيا على ذي قرابة ** غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر )
قال فمن أشعر العرب قال الذي يقول وهو امرؤ القيس
(
كأن عيون الوحش حول خبائنا ** وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب )
والذي يقول


(
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ** لدى وكرها العناب والحشف البالي )
(
قال ) وحدثنا عبد الله بن خلف قال حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا العباس بن الفرج قال سمع الأصمعي رجلا يدعو ربه ويقول في دعائه يا ذوا الجلال والإكرام فقال له الأصمعي ما اسمك قال ليث فقال الأصمعي
(
يناجي ربه باللحن ليث ** لذاك إذا دعاه لا يجاب )
وحدثنا أيضا قال حدثنا عبد الله قال حدثنا إسحق بن محمد النخعي قال حدثنا ابن عائشة قال قال رجل لبشار أنه لم يذهب بصر رجل إلا عوض من بصره شيأ فما عوضت أنت من بصرك قال أن لا أراك فأموت غما وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم قال قال عبد الله بن خازم بعد قتله أهل فرناباذ من بني تميم وكان قتل نيفا وسبعين رجلا من وجوههم صبرا وذلك أنهم قتلوا ابنه محمدا قتله شماس بن دثار العطاردي بهراة وذلك معنى قول ابن عرادة
(
فإن تك هامة بهراة تزقو ** فقد أزقيت بالمروين هاما )
وقال يوما وحوله بنو سليم وبنو عامر وناس من سائر قيس وبلغه أن بني تميم قالوا لا نرضى بقتل أحد دونه فإنه ثأرنا المنيم فقال
(
دمي غال وفيه بواء قوم ** أصيبوا من سراة بني تميم )
(
فليسوا قابلين دما سواه ** ولا يشفي الصميم سوى الصميم )
(
أبينا أن ندر على المخازى ** وكنا القوم ندرك بالوغوم )
(
قتلنا منهم قوما كراما ** بيوم عابس قسر مشوم )
(
فإن فاءت وراجعت الهوينا ** كففنا والتفضل للحليم )
(
وإن ضاقت صدورهم وهموا ** بإقدام على الكلا الوخيم )
(
ففي أسيافنا ناه لغاو ** شديد شنؤه جم الهموم )


فكان ذلك مما أوغر صدورهم عليه ثم قال يوما آخر بعدما قتل أهل فرناباذ هذه الأبيات
(
ما أنا ممن يجمع المال ما خلا ** سلاحي وإلا ما يسوس بشير )
(
سلاح وأفراس وبيضاء نثرة ** وذلك من مال الكريم كثير )
(
وقلب إذا ما صيح في القوم لم يكن ** هيوبا ولكن في اللقاء وقور )
(
ولسنا كاقوام هراة محلهم ** لهم سلف في أهلها وحوير )
(
ولكننا قوم بدار مرابط ** يغار علينا مرة ونغير )
فزادهم ذلك عليه حنقا حتى كان من أمره ما كان وحدثنا قال أخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا أبو عبيدة قال لما بعث خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد أخاه عبد العزيز لقتال الأزارقة قام إليه عرهم أخو بني العدوية فقال أصلح الله الأمير إن هذا الحي من تميم تئط بقريش منهم رحم داسة ماسة وإن الأزارقة ذؤبان العرب وسباعها وليس صاحبهم إلا المباكر المناكر المحرب المجرب الذي أرضعته الحرب بلبانها وجرسته وضرسته وذلك أخو الأزد المهلب بن أبي صفرة والله إن غثك أحب إلينا من سمينه ولكني أخاف عدوات الدهر وغدره وليس المجرب كمن لا يعلم ولا الناصح المشفق كالغاش المتهم قال له خالد اسكت ما أنت وذا فلما هزمت الأزارقة عبد العزيز وأخذوا امرأته وفرعنها قال عرهم
(
لعمري لقد ناجيت بالنصح خالدا ** وناديته حتى أبى وعصانيا )
(
ولج وكانت هفوة من مجرب ** عصاني فلاقى ما يسر الأعاديا )
(
نصحت فلم يقبل ورد نصيحتي ** وذوا النصح مظن بما ليس آتيا )
(
وقلت الحروريون من قد عرفتهم ** حماة كماة يضربون الهواديا )
(
فلا ترسلن عبد العزيز وسرحن ** إليهم فتى الأزد الألد المساميا )


(
فتى لا يلاقي الموت إلا بوجهه ** جريأ على الأعداء للحرب صاليا )
(
فلما أبى ألقيت حبل نصيحتي ** على غارب قد كان زهمان ناويا )
(
وشمرت عن ساقي ثوبي إذا بدت ** كتائبهم تزجى إلينا الأفاعيا )
(
يهزون أرماحا طوالا بأذرع ** شداد إذا ما القوم هزوا والعواليا )
وحدثنا قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا يقول لإبنه كن للعاقل المدبر أرجى منك للأحمق المقبل ثم أنشد
(
عدوك ذو الحلم أبقى عليك ** وأرعى من الوامق الأحمق )
(
قال ) وأخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كتب حكيم إلى حكيم عظني فكتب إليه أما بعد فما أبعد ما فات وما أسرع ما هو آت والسلام
وأخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال كتب حكيم إلى حكيم ارض من الدنيا بالقليل مع سلامة أمرك كما رضي قوم بالكثير مع ذهاب دينهم واعلم أن أجور العاملين موفاة فاعمل ما شئت والسلام ( قال ) وأنشدنا عبد الرحمن عن عمه
(
إن يكن العقل مولودا فلست أرى ** ذا العقل مستغنيا عن حادث الأدب )
(
إني رأيتهما كالماء مختلطا ** بالترب تظهر عنه زهرة العشب )
(
وكل من أخطأته من موالده ** غريزة العقل حاكى البهم في النسب )
(
ولم يكن عقله المولود مكتفيا ** فيما يحاوله من حادث الأدب )
(
قال ) وأخبرنا أبو عثمان قال اجتمع خالد بن صفوان وأناس من تميم في جامع البصرة وتذاكروا النساء فجلس إليهم أعرابي من بني العنبر فقال العنبري قد قلت شعرا فاسمعوا
(
إني لمهد للنساء هدية ** سيرضى بها غيابها وشهودها )
(
إذا ما لقيتم بنت عشر فإنها ** قليل إذا تلقى الحزور جودها )


(
يمد إليها بالنوال فتأتلي ** وتلطم خديها إذا يستزيدها )
(
ولكن بنفسي ذات عشرين حجة ** فتلك التي ألهو بها وأريدها )
(
وذات الثلاثين التي ليس فوقها ** هي النعت لم تكبر ولم يعس عودها )
(
وصاحب ذات الأربعين بغبطة ** وخير النساء سروها وخرودها )
(
وصاحبة الخمسين فيها منافع ** ونعم المتاع للمفيد يفيدها )
(
وصاحبة الستين تغدو قوية ** على المال والإسلام صلب عمودها )
(
وإما لقيتم ذات سبعين حجة ** هديا فقل هاخيبة يستفيدها )
(
وذات الثمانين التي قد تسعسعت ** من الكبر العاسي وناس وريدها )
(
وصاحبة التسعين فيها أذى لهم ** فتحسب ان الناس طرا عبيدها )
(
وأن مائة أوفت لأخرى فجئتها ** تجد بيتها رثا قصيرا عمودها )
فقال خالد لله درك لقد أتيت على ما في نفوسنا
وأخبرنا أبو عثمان عن التوزي قال أخبرني رجل من ولد عبد الله بن مصعب الزبيري قال كنت مع أبي لما سعى على بني كليب فجاءتنا امرأة تستعدي على زوجها وذكرت أنه واقع جاريتها فقال الرجل هي سوداء وجاريتها سوداء وفي عيني قدع ويضرب الليل بأرواقه فآخذ ما دنا
وحدثنا أبو حاتم قال قال ابن أبي تميمة وأسرته الترك
(
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** وسادى كف في السوار خضيب )
(
وبين بني سلمى وهمدان مجلس ** على نأيه مني إلي حبيب )
(
كرام المساعي يأمن الجار فيهم ** وقائلهم يوم الخطاب مصيب )
قال ابن دريد أخبرنا أبو عثمان عن التوزي قال سمعت الأصمعي يقول لم يبتدئ أحد من الشعراء مرثية أحسن من ابتداء مرثية أوس بن حجر
(
أيتها النفس أجملي جزعا ** إن الذي تحذرين قد وقعا )


(
إن الذي جمع السماحة والنجدة والحزم والقوى جمعا ** )
الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا )
(
قال أبو علي ) ويلي هذه الأبيات والمخلف المتلف وأنا ذاكرها إلى تمام القصيدة
(
والمخلف المتلف المرزأ لم ** يمتع بضعف ولم يمت طبعا )
(
والحافظ الناس في تحوط إذا ** لم يرسلوا تحت عائذ ربعا )
(
وعزت الشمال الرياح وإذا ** بات كميع الفتاة ملتفعا )
(
وشبه الهيدب العبام من الأقوام سقبا ملبسا فرعا ** )
(
وكانت الكاعب المخبأة الحسناء في زاد أهلها سبعا ** )
(
أودى فلا تنفع الإشاحة من ** أمر لمن قد يحاول البدعا )
(
ليبكك الشرب والمدامة والفتيان طرا وطامع طمعا ** )
(
وذات هدم عار نواشرها ** تصمت بالماء تولبا جدعا )
(
والحي إذا حاذروا والصباح وإذ ** خافوا مغيرا وسائرا تلعا )
(
وازدحمت حلقتا البطان بأقوام وجاشت نفوسهم جزعا ** )
(
قال أبو علي ) تحوط السنة الشديدة والعائذ من الإبل التي وضعت حديثا والربع الذي ولد في الربيع وعزت غلبت والكميع الضجيع والهيدب الذي عليه أهدابه تذبذب كأنها هيدب من السحاب والعبام الثقيل والفرع ذبح كان أهل الجاهلية يذبحونه على أصنامهم ويلبسون جلدة سقبا آخر والإشاحة الجد في الأمور والهدم الأخلاق من الثياب والنواشر عروق ظاهر الكف

والجدع السيء الغذاء
وأنشدنا أبو عثمان قال كتب بعض الشعراء إلى أخيه يعزيه على ابن له يقال له محمد
(
اصبر لكل مصيبة وتجلد ** واعلم بأن المرء غير مخلد )
(
وإذا ذكرت محمدا ومصابه ** فاذكر مصابك بالنبي محمد )
(
وقال ) وأنشدنا أبو عثمان قال أنشدني التوزي لبعض الشعراء يرثى أخا له
(
طوى الموت ما بيني وبين محمد ** وليس لما تطوي المنية ناشر )
(
لئن أوحشت ممن أحب منازل ** لقد أنست بمن أحب المقابر )
(
وكنت عليه أحذر الموت وحده ** فلم يبق لي شيء عليه أحاذر )
قال وأنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي
(
يا ليت أم العمر كانت صاحبي ** ورابعتني تحت ليل ضارب )
(
بساعد فحم وكف خاضب ** مكان منء أنشا على الركائب )
(
قال ) أنشا وأقبل واحد ( قال ) وأنشدنا عن ابن الأعرابي
(
من لم يمت عبطة يمت هرما ** للموت كأس لا بد ذائقها )
(
ما لذة النفس في الحياة وإن ** عاشت قليلا فالموت لا حقها )
(
يقودها قائد إليه ويحدوها حثيثا إليه سائقها ** )
(
قال ) وأنشدنا ثعلب
(
ويوم عماس تكاءدته ** طويل النهار قصير الغد )
(
بضرب هذاذ وطعن خلاس ** يجيش من العلق الأسود )
(
وصدع رأبت فدانيته ** وقد بان فوت يد من يد )
(
وليل هديت به فتية ** سقوا بصباب الكرى الأغيد )
(
وبات سهيل يؤم الركاب ** حيران كاللهق المفرد )
(
قال ) وأنشدنا العبدي عن ثعلب عن ابن الأعرابي


(
لا تقتلوني إن قتلي محرم ** عليكم ولكن أبشري أم عامر )
(
قال ) الضبع تأتي القبور فتبحث عنها ثم تستخرج الموتى فتأكلهم فيقول فلا تعجلوا بقتلي فإني سأموت فتفعل بي الضبع هذا ( قال ) وحدثنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال يقال امرأة قرزح أي قصيرة قال أنشدنا ابن الأعرابي
(
آب الغزاة ولم يؤب عمرو ** لله ما وارى به القبر )
(
يا عمرو وللضيفان إذ نزلوا ** والحرب حين ذكالها الجمر )
(
يا عمرو للشرب الكرام إذا ** أزم الشتاء وعزت الخمر )
(
أصبحت بعد أخي ومصرعه ** كالصقر خان جناحه كسر )
(
قال ) وأخبرنا أبو العباس عن ابن الأعرابي قال معنى قوله رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبل على أعمامه أي يناولهم النبل ( وقال ) النابل الحاذق وتنبل الموت المال إذا أخذ أفضله وأنشدنا
(
فانبل بقومك إما كنت حاشرهم ** فكل حاشر أقوام له نبل )
وقال أبو العباس عن أبي نصر خرج علينا الأصمعي ذات يوم فقال أجد في عيني حثرا أي انسلاقا ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم أحسبه قال عن أبي عبيدة قال قال هريم بن أبي طحمة المجاشعي كنا مع قتيبة بن مسلم بن عمرو الباهلي نقاتل العدو فهاجت قسطلانية فتلقاني سعد بن نجد القردوسي وهو قاتل قتيبة بن مسلم فطعنته فصرعته فقال ما صنعت ويلك فعرفته فقلت يموت من الطعنة فإن مضيت عنه ومر به رجل من الأزد فيقول له من طعنك فيقول هريم فيطلبوني بدمه فهممت بقتله وانتضيت سيفي ففطن لها وقال ويلك ياحمار ما علي بأس أعني حتى أركب فأعنته فركب ومرض من الطعنة فكنت أعوده مع أصحابه فلا يخبرهم حتى أفاق فلقيني يوما فضحك وقال ويلك أردت أن تقتلني فقلت نعم وأخبرته بما قلت في نفسي فقال علمت ذاك ولكن اسمع وأنشأ يقول


(
لقد كنت في نيل الشهادة راغبا ** فزهدني فيها لقاء ابن أطحما )
(
ولو كان أرداني لكنت مخاصما ** لدى موقف الحشر اللئيم الملطما )
(
وكان بوائي لو أصابته أسرتي ** أذل بني حواء طرا وألأما )
(
وأقسم لولا أن تعرض دونه ** قتام يريك الصبح أسحم مظلما )
(
لخضخضت في صدر التميمي صعدة ** تزجي سنانا كالوذيلة لهذما )
(
ولولا اعتياص المهر إذ ملت واجبا ** لجللته عضب الغرارين مهذما )
(
فإن تشدا لجعراء يوما بذكرها ** فقد أحرزت فخرا بها متقدما )
(
وثوبا أبي رهن بها أن أبيئها ** بشروى لها جياشة تقلس الدما )
ثم قال خذها يا أخا تميم وحدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا أبو العباس قال حدثني الرياشي قال حدثنا محمد بن سلام قال قال أمية بن أبي الصلت أتيت نجران فدخلت على عبد المدان بن الديان فإذا به على سريره وكأن وجهه قمر وبنوه حوله كأنهم الكواكب فدعا بالطعام فأتي بالفالوذج فأكلت طعاما عجيبا ثم انصرفت وأنا أقول
(
ولقد رأيت القائلين وفعلهم ** فرأيت أكرمهم بني الديان )
(
ورأيت من عبد المدان خلائقا ** فضل الأنام بهن عبد مدان )
(
البر يلبك بالشهاد طعامه ** لا ما يعللنا بنو جدعان )
فبلغ ذلك عبد الله بن جدعان فوجه إلى اليمن من جاءه بمن يعمل الفالوذج بالعسل فكان أول من أدخله مكة ففي ذلك يقول ابن أبي الصلت
(
له داع بمكة مشتعل ** وآخر فوق دارته ينادي )
(
إلى ردح من الشيزى عليها ** لباب البر يلبك بالشهاد )
(
قال ) وحدثنا أبو عمر قال حدثنا ثعلب قال يقال للصبي إذا ولد رضيع وطفل ثم فطيم

ثم دارج ثم جفر ثم يفعة ويافع ثم شدخ ثم حزور ثم مراهق ثم محتلم ثم خرج وجهه ويقال بقل وجهه ثم اتصلت لحيته ثم مجتمع ثم كهل والكهل من ثلاث وثلاثين سنة ثم فوق الكهل طعن في السن ثم خصفه القتير ثم أخلس شعره ثم شمط ثم شاخ ثم كبر ثم توجه ثم دلف ثم دب ثم عود ثم ثلب
(
قال ) وحدثنا أبو حاتم قال سمعت الأصمعي يقول جاء عيسى بن عمر الثقفي ونحن عند أبي عمرو بن العلاء فقال يا أبا عمرو ماشيء بلغني عنك تجيزه قال وما هو قال بلغني عنك أنك تجيز ليس الطيب إلا المسك بالرفع فقال أبو عمرو ونمت يا أبا عمرو أدلج الناس ليس في الأرض حجازي إلا وهو ينصب وليس في الأرض تميمي إلا وهو يرفع ثم قال أبو عمرو قم يا يحيى يعني اليزيدي وأنت يا خلف يعني خلفا الأحمر فاذهبا إلى أبي المهدي فإنه لا يرفع واذهبا إلى المنتجع ولقناه النصب فإنه لا ينصب ( قال ) فذهبا فأتيا أبا المهدي وإذا هو يصلي وكان به عارض وإذا هو يقول أخسأناه عني ثم قضى صلاته والتفت إلينا وقال ما خطبكما قلنا جئناك نسألك عن شيء قال هاتيا فقلنا كيف تقول ليس الطيب إلا المسك فقال أتأمراني بالكذب على كبرة سني فأين الجادي وأين كذا وأين بنة الإبل الصادرة فقال له خلف الأحمر ليس الشراب إلا العسل فقال فما يصنع سودان هجر ما لهم شراب غير هذا التمر قال اليزيدي فلما رأيت ذلك منه قلت له ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل بها فقال هذا كلام لا دخل فيه ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله فقال اليزيدي ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل بها فقال ليس هذا لحني ولا لحن قومي فكتبنا ما سمعنا منه ثم أتينا المنتجع فأتينا رجلا يعقل فقال له خلف ليس الطيب إلا المسك فلقناه النصب وجهدنا فيه فلم ينصب وأبى إلا الرفع فأتينا أبا عمرو فأخبرناه وعنده عيسى بن عمر لم يبرح فأخرج عيسى بن عمر خاتمه من يده وقال ولك الخاتم بهذا والله فقت الناس ( قال أبو علي ) حدثني اسحق بن إبراهيم بن الجنيد وراق أبي بكر بن دريد قال قال أبو محمد التوزي سمعت أبا عبيدة يقول يعجبني من شعر أبي نواس كله بيتان قوله


(
ضعيفة كر الطرف تحسب أنها ** حديثة عهد بالإفاقة من سقم )
(
وإني لآتي الأمر من حيث يتقى ** وتعلم قوسى حين أقصد من أرمي )
وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال دخل الشعراء على المنصور وفيهم طريح بن اسمعيل الثقفي وابن ميادة وغيرهم فأذن لهم في الإنشاد فأنشدوه من وراء حجاب حتى دخل ابن هرمة في آخرهم فأنشده حتى بلغ إلى قوله من شعره
(
إليك أمير المؤمنين تجاوزت ** بنا بيد أجواز الفلاة الرواحل )
(
يزرن أمرأ لا يصلح القوم أمره ** ولا ينتجي الأدنون فيما يحاول )
(
إذا ما أتى شيأ مضى كالذي أتى ** وإن قال إني فاعل فهو فاعل )
(
كريم له وجهان وجه لدى الرضا ** أسيل ووجه في الكريهة باسل )
(
له لحظات عن حفافي سريره ** إذا كرها فيها عقاب ونائل )
(
فأم الذي آمنت آمنة الردى ** وأم الذي حاولت بالشكل ثاكل )
(
رأيتك لم تعدل عن الحق معدلا ** سواه ولم تشغلك عنه الشواغل )
فقال يا غلام ارفع الحجاب وأمر له بعشرة آلاف والدينار يومئذ بسبعة وأعطى الباقين ألفين ألفين
وأخبرنا أبو حاتم قال أخبرنا أبو عبيدة عن يونس قال دخل الفرزدق على سليمان ابن عبد الملك ومعه نصيب الشاعر فقال للفرزدق أنشدني وهو يرى أنه ينشد مديحه فأنشده
(
وركب كأن الريح تطلب منهم ** لها سلبا من جذبها بالعصائب )
(
سروا يركبون الليل وهي تلفهم ** على شعب الأكوار من كل جانب )
(
إذا استوضحوا نارا يقولون ليتها ** وقد خصرت أيديهم نار غالب )
فتغير وجه سليمان فلما رأى نصيب ذلك قال يا أمير المؤمنين ألا أنشدك فأنشده
(
وقلت لركب قافلين لقيتهم ** قفا ذات أوشال ومولاك قارب )


(
قفوا خبرونا عن سليمان أنني ** لمعروفه من آل ودان طالب )
(
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ** ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب )
فسر سليمان لذلك وأجازه وأنشدنا أبو عثمان
(
آل المهلب قوم خولوا حسبا ** ما ناله عربي لا ولا كادا )
(
لو قيل للمجد حد عنهم وخلهم ** بما احتكمت من الدنيا لما حادا )
(
أن المكارم أرواح يعدلها ** آل المهلب دون الناس أجسادا )
(
قال أبو علي ) سألت أبا بكر وكان يقرأ عليه شيء فيه ( سيشمظه ) فقال شمظته عن الشيء إذا منعته عنه وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد رضي الله عنه من غزوة تبوك لهدم ود فحالت بينه وبين هدمه بنو عبدود وبنو عامر الأجدار فقاتلهم خالد فهزمهم وكسرهم فقتل يومئذ غلام من بني عبد ود يقال له قطن بن شريح فأقبلت أمه وهو مقتول فقالت متمثلة والشعر لرجل من ثقيف
(
ألا تلك المسرة لا تدوم ** ولا يبقى على الدهر النعيم )
(
ولا يبقى على الحدثان غفر ** بشاهقة له أم رؤم )
ثم قالت
(
ياجامعا جامع الأحشاء والكبد ** يا ليت أمك لم تولد ولم تلد )
ثم أقبلت عليه تقبله وتشهق حتى ماتت ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الأول بن مرثد قال سمعت ابن عائشة ينشد
(
لا يبلغ المجد أقوام وإن كرموا ** حتى يذلوا وإن عزوا الأقوام )
(
ويشتموا فترى الألوان مسفرة ** لا عفو ذل ولكن عفو أحلام )
وزاد بيتين آخرين عبد الأول قال أبو بكر رحمه الله تعالى وليس هو في عقب هذه


(
وإن دعا الجار لبوا عند دعوته ** في النائبات باسراج وإلجام )
(
مستلئمين لهم عند الوغى زجل ** كأن أسيافهم أغرين بالهام )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو مسلم قتيبة عن المدائني قال لقى عالم من العلماء راهبا من الرهبان فقال له يا راهب كيف ترى الدهر قال يخلق الأبدان ويجدد الآمال ويباعد الأمنيه ويقرب المنيه قال فما حال أهله قال من ظفر به نصب ومن فاته تعب قال فما الغنى قال قطع الرجاء منه قال فأي الأصحاب أوفي قال العمل الصالح قال فأيهم أضر وأبلى قال النفس والهوى قال فأين المخرج قال في سلوك المنهج قال وفيم ذاك قال في خلع الراحات وبذل المجهود وحدثنا عبد الأول قال حدثنا عفان قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا أبو بلج عن عمرو بن ميمون قال سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه غلاما يدعوا ويقول اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه فحل بيني وبين خطاياي فلا أعمل بشيء منها فسر عمر بقوله ودعا له بخير
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا أبو عثمان قال أخبرنا عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بن عطية بن الخطفى قال كان جرير عند الحجاج بالعراق وكان آمنه بعدما أخافه أشد الخوف فقدم الحجاج البصرة وجرير والفرزدق يتسابان سبع سنين قبل قدومه وجرير مقيم بالبصرة وكان قبل ذلك مقيما بالبادية فكتب إليه بنو يربوع أنت مقيم بالبادية وليس أحد يروي عنك والفرزدق قد ملأ عليك العراق فانحدر إلى جماعة الناس فأشد بالرجل كما يشيد بك فانحدر وأقام بالبصرة فلذلك يقول
(
وإذا شهدت لثغر قومي مشهدا ** آثرت ذاك على بني ومالي )
فأوجهه الحجاج وملأ بمدحه الأرض وبلغ أهل الشام وأمير المؤمنين ورواه الناس ثم أن الحجاج أوفده مع ابنه محمد عاشر عشرة من أهل العراق بعدما أجازه بعشرة من الرقيق وأموال كثيرة قال فقدمنا على عبد الملك فخطب بين يديه ثم أجلسه على سريره عند

رجليه ثم دعا بالوفد منا رجلا رجلا وكلنا له خطبة فجعل كلما خطب رجل قطع خطبته وتكلم جرير فقطع خطبته ثم قال من هذا يا محمد فقال هذا يا أمير المؤمنين ابن الخطفى قال مادح الحجاج قلت ومادحك يا أمير المؤمنين فائذن لي أنشدك فقال هات ما قلت في الحجاج فاندفعت في قولي
(
صبرت النفس يا ابن ابي عقيل ** محافظة فكيف ترى الثوابا )
(
ولو لم يرض ربك لم ينزل ** مع النصر الملائكة الغضابا )
(
إذا سعر الخليفة نار حرب ** رأى الحجاج أثقبها شهابا )
فقال صدقت وورائي الأخطل جالسا ولا أراه ثم قال هات بالحجاج فأنشدته
(
طربت لعهد هيجته المنازل ** وكيف تصابي المرء والشيب شامل )
فما فرغت منها حتى خيلت في وجه أمير المؤمنين الغضب وقال هات بالحجاج فأنشدته
(
هاج الهوى لفؤادك المهتاج ** فانظر بتوضح باكر الأحداج )
حتى أتيت على قولي
(
من سد مطلع النفاق عليهم ** أم من يصول كصولة الحجاج )
(
أم من يغار على النساء حفيظة ** إذ لا يثقن بغيرة الأزواج )
فتكلم الأخطل وقال أين أمير المؤمنين يا ابن المراغة فعلمت أنه الأخطل فذببت حيال وجهي بكمي وقلت اخسا ومضيت حتى أنشدته كلها فقال الخليفة اجلس فجلست ثم قال قم يا أخطل هات مديح أمير المؤمنين فقام حيالي فأنشد أشعر الناس وأمدح الناس فقال له الخليفة أنت شاعرنا ومادحنا اركبه فرمى بردائه وألقى قميصه على منكبه ووضع يده على عنقي فقلت يا أمير المؤمنين أن النصراني الكافر لا يعلو ولا يظهر على المسلم ولا يركبه فقال أهل المجلس صدق يا أمير المؤمنين فقال دعه وانتقض المجلس وخرجنا فدخل الوفد عليه ثمانية أيام مع محمد كلهن أحجب فلا أدخل عليه ثم دخلوا

في التاسع وأخذوا جوائزهم وتهيوا في العاشر للدخول والتوديع للرحيل فقال محمد يا أبا حزرة مالي لا أراك تتجهز قلت وكيف وأمير المؤمنين علي ساخط ما أنا ببارح أو يرضى عني فلما دخل عليه محمد ليودعه قال يا أمير المؤمنين إن ابن الخطفى مادحك وشاعرك ومادح الحجاج سيفك وأمينك وقد لزمتنا له صحبة وذمام فإن رأيت أن تأذن له فإنه أبى أن يخرج معنا وأنت غضبان وآلى أنه لا يخرج أو ترضى عنه فيدخل ويودعك فأذن لي فدخلت عليه ودعوت له فقال إنما أنت للحجاج قلت ولك يا أمير المؤمنين ثم استأذنته في الإنشاء فسكت ولم يأذن لي فاندفعت فقلت
(
أتصحو أم فؤادك غير صاح ** فقال بل فؤادك ** عشية هم صحبك بالرواح )
حتى فرغت منها وعلمت أني إن خرجت بغير جائزة كان اسقاطي آخر الدهر فلما بلغت إلى شكوى أم حزرة قلت في أثر ذلك
(
ألستم خير من ركب المطايا ** وأندى العالمين بطون راح )
فجعل يقول نحن كذلك ثم قال ردها علي فرددتها فطرب لذلك وقال ويحك أتراها ترويها مائة من الإبل قلت نعم إن كانت من نعم كلب وقد كنت رأيت خمسمائة من نعم كلب مخصفة ذراها ثنيانا وجذعانا فقال أخرجوا له مائة من النعم التي جاءت من عند كلب ولا ترذلوها فشكرت له وشكر له أصحابي ومن شهدني من العرب ثم قلت يا أمير المؤمنين إنما نحن أشياخ من أهل العراق وليس في واحد منا فضل عن راحلته قال أفنجعل لك أثمانها قلت لا ولكن الرعاء يا أمير المؤمنين فنظر جنبتيه ثم قال لجلسائه كم يجزي مائة من الإبل قالوا ثمانية يا أمير المؤمنين فأمر لي بثمانية أعبد أربعة صقالبة وأربعة نوبية وإذا قد أهدى إليه بعض الدهاقين ثلاث صحاف فضة وهن بين يديه يقرعهن بالخيزرانة فقلت المحلب يا أمير المؤمنين فندس إلي منهن واحدة وقال خذها لا نفعتك قلت بلى كل ما أخذته منك ينفعني إن شاء الله وانصرفنا وودعناه وكتب محمد إلى أبيه بالحديث

كله فلما قدمنا على الحجاج قال لي أما والله لولا أن يبلغ أمير المؤمنين فيجد على لأعطيتك مثلها ولكن هذه خمسون راحلة وأحمالها حنطة تأتي بها أهلك فتميرهم فقبضتها وانصرفت ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد رحمه الله تعالى قال حدثنا أبو حاتم قال أخبرني بعض أشياخ البصريين قال حدثني أبو منجوف قال حضرت وفاة الرقاشي ودخل عليه الطبيب وجس عرقه فلما انصرف اتبعته فأيأسني منه فكان الرقاشي أحس بذلك فلما رآني قال
(
سألتك بالمودة والجوار ** وقرب الدار من قرب المزار )
(
بما ناجاك إذ ولى سعيد ** فقد أوجست من ذاك السرار )
وأنشدنا الحسن بن خضر قال أنشدنا أبو هلال
(
هذا الزمان الذي كنا نخبره ** فيما يحدث كعب وابن مسعود )
(
إن دام ذا العيش لم نحزن على أحد ** ممن يموت ولم نفرح بمولود )
(
قال ) وحدثنا قال أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي عن سلم بن قتيبة قال كانت إياد ترد المياه فيرى منهم مائتا شاب على مائتي فرس بشية واحدة وكانوا أعدا العرب وأنهم استقلوا بعشرين ألف غلام أغرل فأوغلوا حتى وقعوا ببلاد الروم فأسر رجل منهم فأردفه آسره خلفه وهو يظنه روميا فسمعه يقول
(
ترى بين الأثيل وفيد مجرى ** فوارس من نمارة غير ميل )
(
ولا جزعين إن ضراء نابت ** ولا فرحين بالخير القليل )
فأراد الرومي أن يشد وثاقه فاخترط العربي سيف الرومي فقتله به وركب فرسه ولحق بأصحابه والله أعلم
وأنشدنا العكلي قال أنشدني أبو عامر الفقيمي لأبي عطاء السندي يقوله في المثنى بن يزيد بن عمر بن هبيرة
(
أما أبوك فعين الجود نعرفه ** وأنت أشبه خلق الله بالجود )


(
لولا أبوك ولولا قبله عمر ** ألقت إليك معد بالمقاليد )
(
لا ينبت العود إلا في أرومته ** ولا يكون الجنى إلا من العود ) ( قال ) وأنشدنا عبد الرحمن عن عمه لعبد من عبيد بني عامر بن ذهل
(
أيا حب ليلى داخلا متولجا ** شعوب الحشا هذا علي شديد )
(
ويا حب ليلى عافني منك مرة ** وكيف تعافيني وأنت تزيد )
(
ويا حب ليلى أعطني الحكم واحتكم ** علي فما يبغى علي شهيد )
(
قال ) وأنشدنا أيضا عبد الرحمن عن عمه
(
أليس الله يعلم أن قلبي ** يحب الفتية المتبرقعينا )
(
هم الفتيان إلا أن فيهم ** دماليجا وأن لهم برينا )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو عثمان عن التوزي قال صحب ابن عبدل الأسدي معروف بن بشر حينا فأبطأ عنه بصلته فتغيب عنه أياما ثم أتاه فقال أين كنت قال أصلح الله الأمير خطبت بنت عم لي فأرسلت إلي أن لي أشاوى على الناس وديونا فانطلق فاجمع ذلك ثم ائتني أفعل ففعلت فلما أتيتها بحاجتها كتبت إلى تؤيسني وتقول
(
سيخطئك الذي أملت مني ** إذا انتقضت عليك قوى حبالي )
(
كما أخطاك معروف ابن بشر ** وكنت تعده لك رأس مال )
(
فلا والله لو كرهت شمالي ** يميني ما وصلت بها شمالي )
فضحك بن بشر وقال ما ألطف ما سألت وأمر له بعشرة آلاف درهم ( قال ) وأخبرنا أبو عثمان قال كان الجماز منقطعا إلى أبي جزء الباهلي فتنسك أبو جزء وقال للجماز لا أحب أن تخالطني إلا أن تتنسك فاظهر الجماز النسك وأنشأ يقول
(
قد جفاني الأمير حين تقرى ** فتقريت مكرها لجفائه )
(
والذي أنطوي عليه المعاصي ** علم الله نيتي من سمائه )


(
ما قراة لمكره بقراة ** قد رواه الأمير عن فقهائه )
(
قال ) وحدثنا قال حدثنا السكن بن سعيد قال كان أبو نواس سأل هشاما ما أنساب مذحج فأبطأ عليه فكتب إليه
(
أبا منذر ما بال أنساب مذحج ** مرجمة دوني وأنت صديق )
(
فإن تأتني يأتك ثنائي ومدحتي ** وإن تأب لا يسدد علي طريق )
فبعث بها إليه
(
قال ) وحدثنا السكن بن سعيد الجرموزي عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي قال قال الحجاج يوما وعنده أصحابه أما إنه لا يجتمع لرجل لذة حتى تجتمع أربع حرائر في منزله يتزوجهن فسمع ذلك شاعر من أصحابه يقال له الضحاك فعمد إلى كل ما يملك فباعه وتزوج أربع نسوة فلم توافقه واحدة منهن فأقبل على الحجاج فقال سمعتك أصلحك الله تقول لا تجتمع لرجل لذة حتى يتزوج أربع حرائر فعمدت إلى قليلي وكثيري فبعته وتزوجت أربعا فلم توافقني واحدة منهن أما واحدة منهن فلا تعرف الله ولا تصلي ولا تصوم والثانية حمقاء لا تتمالك والثالثة مذكرة متبرجة والرابعة ورهاء لا تعرف ضرها من نفعها وقد قلت فيهن شعرا قال هات ما قلت لله أبوك فقال
(
تزوجت أبغي قرة العين أربعا ** فياليتني والله لم أتزوج )
(
ويا ليتني أعمى أصم ولم أكن ** تزوجت بل يا ليتني كنت مخدج )
(
فواحدة لا تعرف الله ربها ** ولم تدر ما التقوى ولا ما التحرج )
(
وثانية حمقاء تزني مخانة ** تواثب من مرت به لا تعرج )
(
وثالثة ما أن توارى بثوبها ** مذكرة مشهورة بالتبرج )
(
ورابعة ورهاء في كل أمرها ** مفركة هوجاء من نسل أهوج )
(
فهن طلاق كلهن بوائن ** ثلاثا بتاتا فاشهدوا لا ألجلج )
فضحك الحجاج وقال ويلك كم مهرتهن قال أربعة آلاف أيها الأمير فأمر له باثني عشر ألف درهم ( قال ) وأخبرنا أبو بكر قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال سمعت أعرابيا

يعذ ل صاحبا له في الشراب فقال له
(
فإنك لو شربت الخمر حتى ** يظل لكل أنملة دبيب )
(
إذا لعذرتني وعلمت أني ** بما أتلفت من مالي مصيب )
قال أبو بكر رحمه الله تعالى وأنشدنا عبد الرحمن عن عمه
(
تقول سليمى سار أهلك فارتحل ** فقلت وهل تدرين ويحك من أهلي )
(
وهل لي أهل غير ظهر مطيتي ** أروح وأغدو ما يفارقها رحلي )
(
قال أبو علي ) وقرئ على أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش وأنا أسمع وذكر أنه قرأ جميع ما جاء عن أبي محلم عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رحمه الله تعالى فذكر أنه سمع ذلك من أبيه من أبي محلم قال أبو محلم وأخبرني سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قال قال لي طاووس لتزوجن أو ألأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد قلت له ما قال قال قال له ما يمنعك من النكاح الأعجز أو فجور
أبو الزوائد هذا من أهل مكة ( قال ) وقال لي أبو محلم حدثني جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال قال لي ابن عباس رضي الله عنهما ألك امرأة قال قلت لا قال فتزوج فإن خير هذه الأمة من كان أكثرها نساء
وأنشدنا أبو محلم لخنوص أحد بني سعد هذه البيتين
(
ألا عائذ بالله من سرف الغنى ** ومن رغبة يوما إلى غير مرغب )
(
ومن لا يرح إلا سواما لغيره ** وإن كان ذا قربى من الناس يعزب )
السوام المال يقال أراح فلان إذا كان له مال وأعزب إذا لم يكن له مال وأنشد
(
إذا حدثتك النفس أنك قادر ** على ما حوت أيدي الرجال فكذب )
(
فإن أنت لم تفعل ومال بك الهوى ** إلى بعض ما منتك يوما فجرب )
(
فإن تك ذا لب يزدك صلابة ** على المال محجى ذو العطاء المثرب )


محجى أي ممسكا يقال حجا الرجل ماله إذا أمسكه قال أبو محلم وذكر أعرابي امرأته فقال ما تحجودوننا شيأ اي ما تمسك وأنشد للفرزدق
(
وذلك خير من عطاء مثرب ** منون ومن شبعان تحجى دراهمه )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه ولا تثربوا أي لا تعيروا ومنه قول الله عز وجل { لا تثريب عليكم اليوم } أي لا لوم ولا تأنيب وأنشدنا أبو محلم
(
سألتهم الجزيل فليس فيهم ** بخيل بالعطاء ولا منون )
وأنشدنا قال أنشدنا أبو العباس المبرد قال أنشدني ابن المصفى
(
رب بيت رأيت قد زينوه ** لم يزل اسرع البيوت خرابا )
(
فيه غض الشباب قد متعوه ** بمتاع وألبسوه ثيابا )
وأنشدنا لعبد الله بن طاهر
(
ألا من لقلب مسلم للنوائب ** أطافت به الأحزان من كل جانب )
(
يخبر يوم البين أن اعتزامه ** على الصبر من إحدى الظنون الكواذب )
وأنشدنا لعبيد الله بن عبد الله
(
وإني لأعطي كل امر بقسطه ** إذا الخطب عن حزم الروية أجهضا )
(
فأستعتب الأحباب والخد ضارع ** وأستعتب الأعداء والسيف منتضى )
(
قال أبو علي ) وأنشدنا جحظة في أبي بكر بن دريد رحمة الله تعالى عليه
فقدت بابن دريد كل فائدة ** لما غدا ثالث الأحجار والترب )
(
وكنت أبكي لفقد الجود مجتهدا ** فصرت أبكي لفقد الجود والأدب )
(
قال ) وحدثنا أبو الحسن قال أنشدنا ابو محلم للمخارق بن شهاب أحد بني خزاعي بن مالك ابن عمرو بن تميم


(
كم شامت بي إن هلكت وقائل ** لا يبعدن مخارق بن شهاب )
(
المشتري حسن الثناء بماله ** والمالئ الجفنات للأصحاب )
(
مأوى الأرامل والضريك إذا اشتكى ** وثمال كل معيل قرضاب )
(
وأخي اخاء قد غدا متقلدا ** سيفا راحلتي له وثيابي )
الضريك الفقير والقرضاب الذي لا شيء له هكذا قال أبو محلم ( قال أبو علي ) وأنا أقول القرضاب والقرضوب أيضا اللص ( قال ) وأنشدنا أبو محلم لأبي حزرة يعني جريرا في ابنه
(
إن بلالا لم تشنه أمه ** لم يتناسب خاله وعمه )
(
يشفي الصداع ريحه وشمه ** كأن ريح المسك مستحمه )
(
ويذهب الغليل عني ضمه ** يقضي الأمور وهو سام همه )
(
فآله آلي وسمي سمه ** )
آل الرجل شخصه وسمه خليقته ( قال أبو علي ) ومن أيمان العرب ما حدثنا به أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال تقول العرب لا وقائت نفسي القصير القائت من القوت يعطيه قليلا قليلا
وتقول لا والذي لا أتقيه إلا بمقلتة أي الموت في عنقي فكل شيء حتف من القلت أي الموت ( قال أبو علي ) وقرأت في نوادر ابن الأعرابي على أبي عمر لا والذي لا أتقيه إلا بمقتله أي كل شيء مني مقتل من حيث شاء قتلني ( قال ) ومن أيمانهم لا ومقطع القطر لا وفالق الأصباح لا ومهب الرياح لا ومنشر الأرواح لا والذي مسجت أيمن كعبته لا والذي جلد الإ بل جلودها لا والذي شق الجبال للسيل والرجال للخيل لا والذي شقهن خمسا من واحدة يعنون الأصابع لا والذي وجهي زمم بيته والزمم المقابلة لا والذي هو أقرب إلي من حبل الوريد لا والذي يقوتني نفسي

لا وبارئ الخلق لا والذي يراني من حيث ما نظر لا والذي نادى الحجيج له لا والذي رقصن ببطحائه لا والراقصات ببطن جمع لا والذي أمد إليه بيد قصيرة لا والذي يراني ولا أراه لا والذي كل الشعوب تدينه ( قال ) وقال أبو زيد العقيليون يقولون حرام الله لا آتيك كقولك يمين الله لا آتيك وجير يمين خفضت للياء وعوض يمين رفعت للواو التي فيها
وأنشدنا أبو الحسن قال أنشدنا أبو محلم
(
ألا ليت شعري عن عوارضتي قنا ** لطول الليالي هل تغيرتا بعدي )
(
وعن جارتينا بالبتيل أدامتا ** على عهدنا أم لم تدوما على العهد )
(
وعن علويات الرياح إذا جرت ** بريح الخزامي هل تهب على نجد )
البتيل موضع ( قال ) ويقال علوى وعلوى ( قال ) وقال أبو محلم يقال زينة وزين وأنشد للقلاخ بن حزن بن جناب السعدى
(
وزانه الشحم وللشحم زين ** ) وأنشد أيضا لزبان بن سيار الفزاري يتفجع على قومه
(
لئن فجعت بالقرباء مني ** لقد متعت بالأمل البعيد )
(
وما تبغي المنية حين تأتي ** على أدنى الأحبة من مزيد )
(
خلقنا أنفسا وبني نفوس ** ولسنا بالسلام ولا الحديد )
(
قال أبو محلم ) ومن كلامهم كان ذاك والسلام رطاب وهو مثل وأنشد لرؤبة بن العجاج
(
والصخر مبتل كطين الوحل ** )
(
قال ) وقال أبو محلم يقال ندسه بالرمح إذا طعنه وتندس فلان الأخبار إذا استخبر عنها وأنشد للحرث بن ضب يهجو حبيب بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي
(
أوصت صفية نسلها بوصية ** مرعية ختمت بأير الكاتب )
(
أن لا تدوم لهم كرامة مكرم ** فيهم وأن ينبوا بحق الصاحب )


(
وبذكر مر الفقر عند غناهم ** والشح عند حضور حق واجب )
(
والبخل بالمعروف والصلة التي ** أوصى الإله بها لحق الراغب )
(
فأرى ابنها حفظ الوصية كلها ** وازداد لؤ م طبائع وضرائب )
(
بدعى الحرون عن المكارم كلها ** وإلى الملائم فهو أول واثب )
(
ولقد أتاني وازع بمقالة ** عنه تقولها وليس بكاذب )
(
أن لست خاتمها ولست بلين ** ما عشت للجار المخاشن جانبي )
(
لا تختمن صحيفة من بعدها ** ألا ببظر غزالة المتشاغب )
(
فلقد رأيت أباك ماضي عمره ** في الصهر ليس عن اللئام براغب )
(
قال أبو علي ) وقرأنا على أبي الحسن قال قال أبو محلم حدثني جماعة من بني تميم عن آبائهم عن أجدادهم قالوا أسنت بنو تميم زمن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فانتجعوا أرضا من أرض كلب من طرف السماوة يقال لها صوأر من الكوفة على عقبة أو مآبة وهو يوم عطود طويل فصنع غالب بن صعصعة وهو أبو الفرزدق طعاما ونحر نحائر وجفن جفانا وجعل يقسمها على أهل المزايا وهم أهل القدر فأتت جفنة منها سحيم بن وثيل الرياحي الشاعر فكفأها وضرب الخادم التي أتته بها واحتفظ غالب من ذلك فعاتب سحيما فسرى القول بينهما حتى تداعيا إلى المعاقرة وكان سحيم رجلا فيه شنغيرة وأذى للناس وكان الناس شآفى القلوب عليه أي وغراء الصدور عليه وكانت إبله خوامس

قد أغبت خمسا لم ترد فوردت عليه إبل غالب فطفق غالب يعقرها وطافت الوغدان والفتيان بالإبل فجعلت تحوزها من أطرافها إليه ومع الفرزدق هراوة يردها على أبيه فيقول غالب رد أي بني فيقول الفرزدق اعقر أبت حتى نحر سائرها وكانت مائتين فقال طارق بن ديسق بن عوف بن عاصم بن عبيدة بن ثعلبة بن يربوع وكان يهاجى سحيما
(
أبلغ سحيما إن عرضت وحجدرا ** أن المخازي لا ينام قرادها )
(
أقدحتما حتى إ ذا أوريتما ** للحرب ناركما خبا إيقادها )
(
لو كان شاهدنا الجميل ومالك ** لحبت لقاح وله أولادها )
(
أطردتها نيبا تحن إفالها ** من أن يكون لسيفه إيرادها )
وقال جرير للفرزدق حين هاجاه
(
وألفيت خيرا من أبيك فوارسا ** وأكرم أياما سحيما وحجدرا )
(
هم تركوا عمرا وقيسا كلاهما ** يمج نجيعا من دم الجوف أحمرا )
وقال المحل بن كعب أخو بني قطن بن نهشل
(
وقد سرني أن لا تعد مجاشع ** من المجد إلا عقرنيب بصوأر )
وقال جرير للفرزدق يهاجيه أيضا
(
فنورد يوم الروع خيلا مغيرة ** وتورد نابا تحمل الكير صوأرا )
(
شقيت بأيام الفجار فلم تجد ** لقومك إلا عقرنيبك مفخرا )
وقال طارق بن ديسق يعير سحيما
(
لعمري وما عمري علي بهين ** لقد ساء ما جازيت يا ابن وثيل )
(
مددت بذي باع عن المجد جيدر ** وسيف عن الكوم الخيار كليل )
وقال ذو الخرق الطهوي يتعصب لغالب لأنه من بني مالك بن حنظلة


(
ألا أبلغن رياحا على نأيها ** ورهط المحل شفاة الكلب )
(
فلا تبعثوا منكم فارطا ** عظيم الرشاء كبير الغرب )
(
يعارض بالدلو فيض الفرات ** تصك أواذيه بالخشب )
(
فما كان ذنب بني مالك ** بان سب منهم غلام فسب )
(
عراقيب كوم طوال الذرى ** تخر بوائكها للركب )
(
قال أبو علي ) وأنشدني أبو بكر بن دريد
(
بأبيض يهتز في كفه ** يقط العظام ويبري العصب )
(
بأبيض ذي شطب باتر ** يقط الجسوم ويفري الركب )
(
تسامى قروم بني مالك ** فسامى بهم غالب إذ غلب )
(
فأبقى سحيم على ماله ** وهاب السؤال وخاف الحرب )
قال فأقبلت إبل سحيم حتى وردت عليه فأوردها كناسة الكوفة وجعل يعقرها وهو يقول
(
كيف ترى حجيدرا يرعاها ** بالسيف يخليها إذا استخلاها )
(
ينتثر الخزيز من ذراها ** )
فلم ينفعه عقره إياها وقد سبقه غالب بالعقر
(
قال ) وأخبرني عبيد الله بن موسى قال أخبرني ربعي بن عبد الله بن الجارود الهذلي عن أبيه قال قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لا تأكلوا منها شيأ فإنها مما أهل به لغير الله وأمر فطرد الناس عنها وقال سحيم ابن وثيل في معاقرته
(
لهان بما يجني عفير وحجدر ** وذو السيف قد دنى لها كل مقرم )
(
ألا لا أبالي أن تعد غرامة ** علي إذا ما حوضكم لم يهدم )
(
فسبحت في الظلماء لما رأيتهم ** نجيا وما يخفى عن الله يعلم )


قال أبو العباس يدعى على الإنسان فيقال ماله آم وعام ورماه الله بالأيمة والعيمة أي ماتت امرأته يقال رجل أيم وامرأة أيم إذا كان بغير امرأة وكانت بغير رجل قال أبو الحسن ولو قال امرأة أيمة يخرجها على آمت لكان جيدا لأنه يقال آمت تئيم كما يقال باعت تبيع ومثله كثير وعام هلكت ماشيته حتى يشتهي اللبن ( قال ) ويقال ماله حرب وحرب وحرب وذرب حرب ذهب ماله وحرب هو في نفسه
وجربت إبله وذرب ورم جسده والذربة ورمة تخرج في عنق البعير وماله شل عشره ويدي من يده وأشل الله عشره وأبرد الله مخه أي هزله وأبرد الله غبوقه أي لا كان له لبن حتى يشرب الماء وقل خيسه أي خيره وعثر جده ورماه الله بغاشية وهي وجع يأخذ على الكبد يكوى منه ورماه الله بالسحاف وهو وجع يأخذ بين الكتفين وينفث صاحبه مثل العصب ( قال أبو علي ) وقال غيره السحاف السل ورجل مسحوف أي مسلول
ورماه الله بالعرفة وهي قرحة تأخذ في اليد والرجل وربما أشلت ورماه الله بالحبن والقداد وهو داء يأخذه في بطنه ومنه طائرة ة حبناء أي في بطنها علة
وقرع فناؤه وصفر إناؤه أي أخذت إبله فلا يكون له في فنائه شيء ولا في إنائه لبن ويقال ما له جدت حلائبه أي لا كانت له إبل
وإن كان كاذبا فاستراح الله رائحته أي ذهب الله بها ورماه الله بأفعى ت حارية أي قد رجع سمها فيها فأحرقها فهو أشد لضربتها وذبلته الذبول أي ثكلته أمه وأنشد
(
طعان الكماة وركض الجياد ** وقول الحواضن ذبلا ذبيلا )
ويروى بالدال غير معجمة وهو أجود يقال دبلته الدبول بالدال غير معجمة مثل ثكلته الثكول أي ثكلته أمه قال ثعلب وقلت لإبن الأعرابي قلت له ذبلا ذبيلا وقلت لي الآن دبلا دبيلا فقال بالدال غير معجمة أجود قال والذال يجوز وقال أبو محلم يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا عطش خمر وجهه أي غطاه ويروى عنه

صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول خمروا أسقيتكم وأجيفوا أبوابكم وأحذروا على صبيانكم فحمة العشاء وفحمة العشاء بفتح الفاء والحاء ما بين العشاء الأولى والعشاء الآخرة وأنشد لبشير بن النكث الكلبي
(
أجدي فاشربي بحياض قوم ** عليهم من فعالهم حبير )
(
فإن بني رفاعة في معد ** هم اللجأ المؤمل والنصير )
(
هم الأخيار منسكة وهديا ** وفي الهيجا كأنهم الصقور )
(
عن الفحشاء كلهم غبي ** وبالمعروف كلهم بصير )
(
خلائق بعضهم فيها كبعض ** يؤم كبيرهم فيها الصغير )
(
قال أبو علي ) قرأت على أبي الحسن قال أبو محلم كان المهاجر بن عبد الله الكلابي عاملا على اليمامة لهشام بن عبد الملك وكان قد أقطع جريرا دارا وأمر خمسين رجلا من جند أهل الشام أن يلزموا باب دار جرير وأن يكونوا معه في ركوبه إلى باب دار المهاجر اشفاقا عليه من ربيعة فاعتل جرير فقال يوم دخلوا عليه
(
نفسي الفداء لقوم زينوا حسبي ** وإن مرضت فهم أهلي وعوادي )
(
لو حال دوني أبو شبلين ذو لبد ** لم يسلموني لليث الغابة العادي )
(
أن تجر طير بأمر فيه عافية ** أو بالفراق فقد أحسنتم زادي )
قال أبو محلم قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لأبي بكرة أن تبت قبلت شهادتك لأن القاذف المحدود لا شهادة له فقال أبو بكرة أشهد أن المغيرة زان فقال عمر إنك لفاجر أبل ومؤمن لا يفل والأبل الذي يمضي على أمره وشأنه لا يرجع عنه وأنشد
(
مجرس يخلط إفكا بجدل ** أبل أن قيل اتق الله احتفل )


(
قال ) وقال أبو العباس ماله غالته غول وشعبته شعوب قال الأصمعي شعوب بغير ألف ولام معرفة لا تنصرف لأنها اسم للمنية وولعته الولوع ولعته ذهبت به ورماه الله بليلة لا أخت لها أي بليلة موته ورماه الله بما يقبض عصبه أي بما يجمعه وقولهم قمقم الله عصبه معناه أيبس عصبه فاجتمع وأصل ذلك من القمقام وهو وسط البحر ومجتمع مائه وقال أبو عمرو يقال لما يبس من البسر القمقم
لا ترك الله له هاربا ولا قاربا أي لا صادرا عن الماء ولا واردا شتت الله شعبه أي أباد الله أهله مسح الله فاه أي مسحه من الخير رماه الله بالذبحة وهي وجع يكون في الحلق يطوقه رماه الله بالطسأة مهموز وهي داء يأخذ الصبيان ( قال أبو علي ) الذي أحفظه الطشة وأبو العباس ثقة حافظ فلا أدري أوقع الخطأ من الناقل إلينا أم من سهو أبي العباس أو تكون لغة غير الطشة
سقاه الله الذيفان وهو السم السريع القتل وحكى عن الباهلي جعل الله رزقه فوت فمه أي قريبا منه ويخطئه أي ينظر إليه قدر ما يقرب من فمه ثم لا يقدر عليه رماه الله في نيطه وهو الوتين أي قتله وقال أبو صاعد قطع الله به السبب أي قطع سببه الذي به الحياة
قطع الله لهجته أي أماته قد الله أثره أي أماته وقال في أتان له شرود جعل الله عليها راكبا قليل الحداجة بعيد الحاجه والحداجة الحلس وهو الكساء الذي يحمل على الجمل عليه العفاء أي محو الأثر رغما دغما شنغما دعاء وهو اتباع قال أبو الحسن رغما أي أرغم الله أنفه ودغما مثله وشنغما توكيد
ماله جد ثدي أمه إذا دعا عليه بأن لا يكون له مثل لا أهدى الله له عافية اي من يطلب رفده وفضله أي كان فقيرا ثل عرشه أي ذهب عزه ثلل ثلله وأثل الله ثلله أي أذهب الله عزه عيل ما عاله قال أبو عبيدة هو في التمثيل أهلك هلاكه أراد الدعاء عليه فدعا على الفعل ويقال ذلك في المدح أي من قام بأمره فهو في خفض حته الله حت البرمة والبرمة ثمر الأراك لا تبع له ظلف ظلفا زال زواله وزيل زويله أي ذهب ومات
سل وشل وغل وأل سل من السل وغل من الغل

أي جن حتى يشد وأل طعن بالألة فقتل والألة الحربة قال أبو الحسن المعروف عند جميع العلماء ولا أعلم فيه اختلافا أنه يقال شلت يده وأشلت وحكى ثعلب شل وأظنه جرى على هذا لمزاوجة الكلام لأن قبله سل وكذلك الذي يليه
وكذلك لا عد من نفره أي مات والنفر أهل الرجل وأقاربه ممن ينفر معه في الشدة والخطب الجليل ( وقال أبو زيد ) رماه الله بالطلاطلة بضم الطاء الأولى والطلطلة بضم الطاء أيضا على فعللة ( قال ) وقال الراجز يذكر دلوا
(
قتلتني رميت بالطلاطله ** كأن في عرقوتيك بازله )
وهي الداء العضال رماه الله بكل داء يعرف وكل داء لا يعرف سحفه الله أي ذهب به وأفقره لا أبقى الله له سارحا ولا جارحا السارحة الماشية الإبل والبقر والغنم لأنها تسرح في المرعى والجارح الفرس والحمار ولا يكون البعير جارحا وإنما قيل للفرس والحمار جارح لأن الفرس والحمار تجرح الأرض بوطئها أي تؤثر فيها بحوافرها والإبل لا أثر لها رماه الله بالقصمل ويقال القصمل وهو وجع يأخذ الدابة في ظهرها ويقال قصملة أي دقه بفيه الأثلب والإثلب والكثكث والكثكث أيضا أي التراب والدقعم والحصلب وهو التراب بفيه البرى ( قال أبو علي ) التراب قال وأنشد الفراء
(
بفيك من ساع إلى القوم البرى ** ) ألزق الله به الحوبة أي المسكنة ( قال ) ويقال برحا له وترحا إذا تعجب منه أي عناء له كما تقول للرجل إذا تكلم فأجاد قطع الله لسانه ( قال ) وقال أبو مهدي بسلاله وأسلا كما تقول للإنسان إذا دعى عليه تعسا له ونكسا لحاه الله كما يلحى العود أي قشره كما يقشر العود إذا أخذ لحاؤه وهو القشر الرقيق الذي يلي العود لا ترك الله له شفرا ولا ظفرا الشفر شفر العين والشفر شفر المرأة ( قال أبو علي ) كذا يقال بالفتح رماه الله بالسكات رماه الله بخشاش أخشن ذي ناب أحجن يعني الذئب قرع مراحه أي لا كانت له إبل قال عروة بن الورد


(
إذا آداك مالك فامتهنه ** لجاديه وإن قرع المراح )
لأمه العبر والعبر أي الثكل والعبر البكاء له الويل والأليل وهو الأنين قال ابن ميادة
(
وقولا لها ما تأمرين بعاشق ** له بعد نومات العشاء أليل )
ما له ساف ماله وأساف الرجل إذا هلك ماله قال حميد بن ثور
(
فمالهما من مرسلين لحاجة ** أسافا من المال التلاد وأعدما )
ويقال في مثل ( أساف حتى ما يشتكي السواف ) أي قد ألف ذلك ودرب به يقال ذلك للذي امتحن الدهر وجربه ومر به خيره وشره ماله خاب كهده الكهد المراس والجهد ماله طال عسفه اي هوانه رماه الله بوامئة أي ببلاء وشر اقتثمه الله إليه أي قبضه إليه وابتاضه الله وابتاضهم الله وابتاض بنو فلان بني فلان إذا أتوا عليهم وعلى أموالهم والبيضة المعظم ومنه هذا البلد بيضة الإسلام أي مجتمعه كما تجمع البيضة التي على الراس الشعر أباد الله عترته أي ذهب أهل بيته سحقه الله أهلكه الله أباد الله غضراءه أي نضارته وحسن دنياه والغضراء الطينة العلكة ويقال للإنسان إذا سعل ( عنس بكدد ) عنس طال مكثه أي طال مكث السعال عليه وقوي والكدد والكديد ما صلب من الأرض وقال أبو محمد اليزيدي يقال للإنسان إذا سعل وتد عسير نكد
ويقال وريا وزيد بريا الوري داء يكون في الجوف فلا يزال حتى يقتل وبريا أي يبرى حتى يذهب لحمه وبدنه ( قال ) ويقال للذي يسعل أشمت الله عاديه وأشمت عدوه ويقال من الدعاء تركه حتا بتا فنا يملك كفا ويقال عبر وسهر أحانه الله وأذاله وأبانه أبلطه الله وإن فلانا لمبلط أي لا شيء له ألزقه الله بالصلة أي بالأرض وإذا أقبل الرجل وطلعته تكره قيل حداد حديه أي مناع امنعيه والحد المنع صراف اصرفيه جدعه الله جدعا موعبا أي مستأصلا يقال أو عب بنو فلان إذا خرجوا من عند آخرهم رماه الله

بمهدئ الحركة رماه الله بالواهية وهي وجع يأخذ في المنكب فلا يقدر الرجل أن يرمي حجرا ( قال ) وقال الهلالي ماله وبد الله به أي أبعده من تأبد إذا توحش قال أبو الحسن حق هذا على ما ذكر أن يكون أبد الله به وإثبات الواو جائز على بعد ويقال للبعير والحمار لا حمل الله عليك إلا الرخم أي أماتك الله حتى تقع عليك فتأكل لحمك
رماه الله بالأنة أي بالأنين أبدى الله شواره أي مذاكيره وشوربه أبدى عورته تربت يداه افتقر قال الأصمعي وقول النبي صلى الله عليه وسلم عليك بذات الدين تربت يداك أراد به الإستحثاث كما تقول انج ثكلتك أمك وأنت لا تريد أن يثكل قال أبو عمرو أي أصابهما التراب ولم يدع عليهما بالفقر ومنه قول عباس بن مرداس السلمي رضي الله تعالى عنه
(
فأيي ما وأيك كان شرا ** فقيد إلى المقامة لا يراها )
ويروى فسيق والمقامة المجلس أي عمي فلا يبصر حتى يقاد ماله بئى بطنه مثل بعي أي شق بطنه وأنشد لمعقل بن ريحان
(
بأوتهم وقد حبنوا فصحوا ** وقد يشفي من الداء الطبيب )
أي عالجتهم حتى انقادوا ماله شيب غبوقه أي قلت ما شيته حتى يقل لبنه فيخلطه بالماء ماله عرن في أنفه أي طعن ماله مسحه الله برصا واستخفه رقصا ولا ترك له خفا يتبع خفا عبلته العبول ولقد عبلت فلانا عنا عابلة أي شغلته عنا شاغلة قال الشاعر
(
وما بي ضعفة عن آل ورد ** ولا عبلت يداي ولا لساني )
ورد بن عوف بن ربيعة بن عبد الله بن ابي بكر بن كلاب
وقال يونس تقول العرب إذا لقى الرجل شرا ثبت لبده وأثبت الله لبده يدعون بذلك عليه أي دام عليه البلاء ويقال للذي يبكي ( دما لا دمعا ) والقوم يدعى عليهم فيقال قطع الله بذارتهم والبذارة من البذر كأنه أراد

النسل وأثل ثلله أي شغل عن بيته أتعس الله جده وأنكسه ( قال ) وقال أبو مهدي ظنة ظانيه والظنة بضم الظاء الحتف ويقال يا حرة يدك ويا حرة أيديكم من الشدة لا تفعلوا كذا وكذا ويا حرة صدري ويا حرة صدوركم بالغيظ وأخابه الله وأهابه جغله يتهيب وعضله الله ويقال قل قليله وقل خيسه والخيس العدد ويقال لمن شمت به لليدين وللفم به لا بظبي بالصريمة أعفرا وتعسه الله ونكسه وأتعسه وأنكسه التعس أن يخر على وجهه والنكس أن يخر على رأسه وقال الكسائي قبحا وشقحا أي كسرا شقحه كسره ألزق الله به العطش والنطش وألزق اله به الجوع والنوع النوع العطش والقل والذل ماله سبد نحره ووبد أي سبد من الوجد على المال والكسب لا يجد شيأ وقد سبد الرجل وويد إذا لم يكن عنده شيء وهو رجل سبد قاله أبو صاعد وقال أبو الغمراء إنما نعرفه من دعاء النساء ما لها سبد نحرها وقالت امرأة لأخرى خف حجرك وطاب نشرك أي لا كان لك ولد والحجر مجتمع مقدم القميص
رماه الله بسهم لا يشويه ولا يطنيه أي لا يمرضه ولا يخطيء مقتله ولا يلبثه ورماه الله بنيطه أي بالموت ويقال أسكت الله نامته ورخمته وزأمته أي كلامه هبلته الهبول وثكلته الثكول وعبلته العبول وثكلته الرعبل اي امه الجفاء قال وأنشدنا الباهلي واسمه غيث
(
وقال ذو العقل لمن لا يعقل ** اذهب إليك هبلتك الرعبل )
يعني أمه الحمقاء وثكلته الجثل أي أمه لا ترك الله له واضحة أي ذهب الله بثغره أرقأ الله به الدم أي ساق إلى قومه حيا يطلبون بقتيل فيقتل فيرقأ دم غيره به أرانيه الله أغر محجلا أي مقتولا محلوق الراس مقيدا لأنهم يأخذون النواصي أطفأ الله ناره أي أعمى عينيه رأيته حاملا جنبه أي مجروحا لا ترك الله له شامتة والشوامت القوائم خلع الله نعليه أي جعله مقعدا أسك الله مسامعه أي أصمه لا دردره أي لا أتى

بخير فجع الله به ولودا ودودا جذه الله جذ الصليان أي لا ترك منه شيأ قال أبو صاعد سقاه الله دم جوفه لأنه إذا هريق دمه هلك قال أبو العباس ثعلب قال أبو صاعد سبد الرجل ووبد إذا لم يكن عنده شيء وهو رجل سبد والسبد البلاء بعضه على بعض ويقال نعوذ بالله من النار وصائرة إليها ومن السيل الجارف والجيش الجائح جاحوا أموالهم يجوحونها جوحا ومصائب الغرائب وجاهد البلاء ومعضلات الأدواء ويقال بهم اليوم قطرة من البلاء ونعوذ بالله من وطأة العدو وغلبة الرجال وضلع الدين ونعوذ بالله من العين اللامة أي عين الحاسد من ألم به يلم إذا أتاه لينظر إلى جميع ماله ويتأمله لا يخفى عليه منه شيء ويقال نعوذ بالله من كل هامة وعين لامة الهامة الحية والهوام دواب الأرض التي تهم بالإنسان تقصد له بما يكره واللامة العين الحاسدة تلم بكل شيء تراه وتتفقده حتى لا يفوتها شيء ويقال نعوذ بالله من الهيبة والحيبة نعوذ بالله من أمواج البلاء وبوائق الفتن وخيبة الرجاء وصفر الفناء ( قال أبو علي ) هذا آخر الأيمان والدعاء ومن الدعاء ما هو خارج عن الكتاب قال الباهلي رصف الله في حاجتك أي لطف لك فيها وقال أبو مهدي يقال تأوبك الله بالعافية وقرة العين وإذا وعدك الرجل عدة قلت عهد ولا برح أي ليكن ذلك ( قال ) ثوبها الله الجنة أي جعلها ثوابها قال أبو مهدي ووعدت بعض الأعراب شيأ فقال لها سبع الله خطاك ويقال نشر الله حجرتك اي كثر الله مالك وولدك والحجرة بفتح الحاء ههنا الناحية قال أبو محلم ويقال الظنون الوشل أو البئر التي تكون قليلة الماء وأنشد
(
لعمرك إنني وطلاب حبى ** لكالمتبرض الثمد الظنونا )
(
يطيف به ويعجبه ثراه ** وضيق مجمة قطع العيونا )
يعني عيون الماء والمتبرض الذي يأخذ البرض وهو القليل من الماء ومن كل شيء وأنشد للشمردل بن شريك اليربوعي يرثى أخاه


(
وكنت أعير الدمع قبلك من بكى ** فأنت على من مات بعدك شاغله )
(
تبرض بعد الجهد من عبراتها ** بقية دمع شجوها لك باذله )
وأنشدنا الرجل من بني ضبة
(
لقد علمت وإن قطعتني عذلا ** ماذا تفاوت بين البخل والجود )
(
أن لا أكن ورقا تغنى العفاة به ** للمعتفين فإني لين العود )
قال أبو الحسن الأجود إن لا يكن ورق
وأخبرنا أبو الحسن علي بن سليمان النحوي قال أنشدنا أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري قال أنشدني إبراهيم بن اسحق المعمري التميمي قال أنشدني أبو البلاد التغلبي لحاتم طيء
(
وعوراء جاءت من أخ فرددتها ** بسالمة العينين طالبة عذرا )
(
ولو أنني إذا قالها قلت مثلها ** ولم أعف عنها أورثت بيننا غمرا )
(
فأعرضت عنه وانتظرت به غدا ** لعل غدا يبدي لمنتظر أمرا )
(
وقلت له عد للأخوة بيننا ** ولم أتخذ ما كان من جهله قمرا )
(
لأنزع ضبا كامنا في فؤاده ** وأقلم أظفارا أطال بها الحفرا )
(
قال ) وقال المعمري أخبرني أبو مسلمة الكلابي قال كان مجنون بني عامر في بعض مجالسه وكان يكثر الوحدة والتوحش فمر به أخوه وابن عمه قد قنصا ظبية فهي معهما فقال
(
يا أخوي اللذين اليوم قد قنصا ** شبها لليلى بحبل ثم غلاها )
(
إني أرى اليوم في أعطاف شاتكما ** مشابها أشبهت ليلى فحلاها )
فامتنعا بها فهم بهما وكان نجدا قبل ما أصيب فخافاه فدفعاها إليه فأرسلها فولت تفر ثم أقبلت تنظر إليه فقال
(
أيا شبه ليلى لا تراعي فأنني ** لك اليوم من وحشية لصديق )


(
تفر وقد أطلقتها من وثاقها ** فأنت لليلى ما حييت عتيق )
(
فعيناك عيناها وجيدك جيدها ** ولكن عظم الساق منك دقيق )
وقال أبو العباس الرقم والرقمة الداهية وأنشد
(
قالوا استقدها واعط الحكم واليها ** فإنها بعض ما تزبي لك الرقم )
تزبي تسوق وأنشد
(
وأبى حجر أتته رقمة ** أنشبته في شبا ظفر وناب )
وعلقته خنفقيق وخنفقيقة وحبو كرى اسم للداهية وأم حبوكرى أيضا وحبوكرى هي الرملة التي يضل فيها ثم صارت اسما للداهية ( قال أبو علي ) وصل أصلال أي داهية قال أبو العباس وأنشد الأصمعي
(
ويلمه صل أصلال إذا جعلوا ** يرون دون مضي القول مغلاقا )
(
فات الرواة أبو البيداء مختلسا ** ولم يغادر له في الناس مطراقا )
مطراقا مثلا يقال هذا طراق هذا ومطراقه أي مثله ويقال وقع في أغوية وفي وامئة أي داهية وجاؤا بالوامئة الومآء والسبد والقرطيط وأنشد عن أبي عمرو
(
سألناهم أن يرفدونا فأجبلوا ** وجاءت بقرطيط من الأمر زينب )
والأباجير والأزامع الواحدة أزمع وهي الدواهي
وقال عبيد الله ابن سمعان التغلبي
(
وعدت ولم تنجز وقدما وعدتني ** فاخلفتني وتلك إحدى الأزامع )
والتماسي الدواهي وأنشد لمرداس
(
أداورها كيما تلين وإنني ** لألقى على العلات منها التماسيا )
وقال ابن الأعرابي يقال جاء بذات الرعد والصليل أي جاء بداهية لا شيء بعدها وأنشد للكميت


(
كأن أكف الناس إذا بنت عطفت ** عليها جثاة القبر ذات الرواعد )
أي كأنما حصلت في أيديهم ذات الرواعد أي الرعد قال الأصمعي يقال رماه بأقحاف رأسه إذا رماه بالأمور العظام وبثالثة الأثافي أي الداهية وهي القطعة من الجبل وأنشد
(
فلما أن طغو وبغو علينا ** رميناهم بثالثة الأثافي )
ويقال جاء باذني عناق أي بالداهية وهي عناق الأرض ويقال قضتهم القاضة مثل البائقة والعناق الخيبة والأزلم والدآ ليل والفاقرة والعنقاء والخناسير واحدتها خنسيرة ( قال أبو علي ) وهي الدواهي والقنطر الداهية وأنشد أبو العباس
(
وكنت إذا قوم رموني رميتهم ** بمسقطة الأحبال فقماء قنطر )
وأنشد لمعن بن أوس
(
إذ الناس ناس والعباد بغرة ** وإذ نحن لم تدبب إلينا الشبادع )
أي لم نكن فيما نكره والشبادع العقارب الواحدة شبدع ويقال أمور دبس وربس ودلمسات بضم الدال وفتح اللام والدغاول والزبير والزفير والعراهية
قال أبو العباس الأزيب هو الدعي والأزيب في بيت الأعشى الدنيء والأزيب من الرياح الجنوب ويقال رجل عض وذمر وذمير وذمر بتشديد الراء كله الداهي والحبل الداهية من الرجال وأنشد ابن الأعرابي
(
عجبت من الخود الكريم نجارها ** ترأرئ بالعينين للرجل الحبل )
(
وللفت لفت في الثياب فأقعدت ** تذبذب في حبل البجابجة القصل )
الحبل الداهية واللفت العجوز التي لفتها الدهر عن حالها وصرفها ( قال ) ويقال خنثر وخناثير وأنشد
(
أنا القلاخ بن جناب بن جلا ** أبو خناثير أقود الجملا )


ويقال جاء بالزعنفة وهي الداهية ورجل زعنفة وهو القصير القامة ودبلتهم الدبيلة وحقتهم الحاقة وأم الدهيم واللهيم الموت لأنه يلتهم كل شيء وأم الرقوب الداهية وأنشد
(
إن كسرى عدا على الملك النعمان حتى سقاه أم الرقوب )
وقال اليزيدي أبو محمد سقاه أم البليل قال أبو الحسن هكذا حفظي والربيس الداهية وأنشد
(
يكفيك عند الشدة الربيسا ** العض ذا المرانة الدحوسا )
ويروى الدحيسا ( قال أبو الحسن ) حفظي عن الأحول داهية ربس وربيس ( قال أبو العباس ) ويقال داهية هتر وذمر ونآد وهو يتكلم بالهتر ويهتك الستر وداهية حولة وحولاء وداهية مرمريس أي شديدة وقال جرير ابن الخطفى
(
قرنت الظالمين بمرمريس ** يذل له العفارية المريد )
يريد شعرا هكذا وقع والعفارية القوي الشديد والمريد المتمرد ويقال قافية مرمريس من المراسة وهي الشدة ويقال للشيطان عفرية وأنشد
(
كأنه كوكب في إثر عفرية ** مسوم في سواد الليل منقضب )
ويقال جاؤا بالعلق والفلق وجاؤا بعلق وفلق يجرى ولا يجرى وجاؤا بالفلق وأسرتها أي بالداهية وأخواتها وجاؤا بمطفئة الرضف أي أشد من الأولى ويقال داهية شنعاء متم وصلعاء متم أي بارزة بينة وجاؤا ببديدة والجمع بدائد أي كأنها تفرق من مرت به وجاؤا بالبهاليل والبآليل وجئتك بالداهية العبقس والوامئة الومآء ويقال وقع في هند الأحامس ويقال وقع في الترة والتيه والسمهى والسميهى أي الباطل ويقال وقع في دؤلول

أي في أمر عظيم ووقع في تيه من الأتاويه ووقع في السمة أي في الباطل وإنه لداه وده ودهي وإنه للتحة من اللتح وهو الذي يعتو في الشعر ويصيب في الرمى وأنشد
(
وجدوى لتحة من اللتح ** ) ويقال جاء بالسختيت والسماق والبحت والصراح أي الكذب الذي لا يشوبه شيء من الحق ومنه سمي الرجل سماقا كأنه أريد به المبالغة في الكذب يقال كذب واخترق وسرج وتسرج بالجيم كله بمعنى ( قال أبو الحسن ) يقال خلق واختلق وخرق إذا كذب ويقال فرشه وولقه وإنه لولوق أي كذوب والسهوق الكذاب والتمسح والتمساح الكذاب ويقال كذوب ممزج أي يخلط حقا بباطل وأنشد
(
لا تقبلي قول كذوب ممزج ** أطلس وغد في دريس منهج )
قال ومنهج من أنهج الثوب أيضا ويقال انه لضب تلعة لا يؤخذ مذنبا ولا يدرك حفر أي لا يؤخذ بذنبه ولا يلحق حفره ولبعد لبعد أغويته وهي الحفرة ويقال جاءنا بالكذب الفلقان والحبريت والسختيت ويقال عجب عاجب وعجيب وعجاب بمعنى معجب ( قال ) وحدثنا أبو الحسن وابن درستويه قالا حدثنا السكري قال حدثني المعمري قال سمعت أبا مسهر يحكى أن عمر بن أبي ربيعة وكثير عزة وجميل بن معمر ( قال أبو علي ) وقرأت أنا هذا الخبر أيضا على أبي عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قالوا اجتمع هؤلاء بباب عبد الملك ابن مروان فأذن لهم فدخلوا فقال أنشدوني أرق ما قلتم في الغواني فأنشده جميل ابن معمر
(
حلفت يمينا يا بثينة صادقا ** فإن كنت فيها كاذبا فعميت )
(
إذا كان جلد غير جلدك مسني ** وباشرني دون الشعار شريت )
(
ولو أن راقي الموت يرقي جنازتي ** بمنطقها في الناطقين حييت )
وأنشد كثير عزة


(
بأبي وأمي أنت من مظلومة ** طبن العدو لها فغير حالها )
(
لو أن عزة خاصمت شمس الضحى ** في الحسن عند موفق لقضى لها )
(
وسعى إلي بصرم عزة نسوة ** جعل المليك خدودهن نعالها )
وأنشد ابن أبي ربيعة المخزومي القرشي
(
ألا ليت قبري يوم تقضى منيتي ** بتلك التي من بين عينيك والفم )
(
وليت طهوري كان ريقك كله ** وليت حنوطي من مشاشك والدم )
(
ألا ليت أم الفضل كانت قرينتي ** هنا أو هنا في جنة أو جهنم )
فقال عبد الملك لحاجبه أعط كل واحد منهم ألفين وأعط صاحب جهنم عشرة آلاف ( قال ) وقال المعمري سمعت إبراهيم بن عبد الرحمن بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله يقول كان يعقوب بن سليمان بن يعقوب بن إ براهيم بن طلحة بن عبيد الله شاعرا وكان يشبب بامرأة من قومه فخالجه منها شيء فأرسل إليها
(
وقد كنت لي حسبا من الناس كلهم ** ترى بك نفسي مقنعا لو تملت )
(
أرى عرض الدنيا وكل مصيبة ** يسيرا إذا عنك الحوادث زلت )
(
فأبليتني ما لم أكن منك أهله ** وأشكعت نفسا لم تكن عنك ملت )
(
فقلت كما قد قال قبلي كثير ** لعزة لما أعرضت وتولت )
(
فقلت لها يا عز كل مصيبة ** إذا وطنت يوما لها النفس ذلت )
(
فإن سأل الواشون فيم صرمتها ** فقل نفس حر سليت فتسلت )
قال أبو الحسن وابن درستويه قال المعمري لقيت أبا زيد الأشجعي وكان والله فصيحا فقلت له كيف ولدك قال بشر لا بارك الله فيه لقيته على فرس محملج اليدين بعيد ما بين الفهدتين أعنق حديد النظر صهال واسع المنخرين مقلص الشاكلة لا بارك الله فيه فقلت له

يا أبا زيد ألا تضرب على يده قال وهل لي به طوقة فقلت له تقول طوقة قال وأنت والله أيضا تقولها إلا أنك تستثبت ( قال ) وجئت أبا زيد وإذا شاة له مطروحة في حجر فقلت له ما هذه الشاة قال أخذها الذئب فقلت له فكيف لم تدفعه عنها قال أنه كان خلجا ملجا مسطوح الذراعين يعجبني والله أن أقول له هج ( قال ) وقال المعمري قال لي بعض من سألته من أهل البادية قلت لأعرابي أي شيء تحسن من القرآن قال إن معي ما لا أحتاج معه إلى أكثر منه مدحة الرب وهجاء أبي لهب
وقال المعمري أخبرني اسحق قال رأيت أبا العتاهية واقفا في طرف المقابر وهو ينشد
(
ننافس في الدنيا ونحن نعيبها ** وقد حذرتناها لعمري خطوبها )
(
وما نحسب الأيام تنقص مده ** بلى إنها فينا سريع دبيبها )
(
كأني برهطي يحملون جنازتي ** إلى حفرة يحثى عليها كثيبها )
(
فكم ثم من مسترجع متوجع ** ونائحة يعلو علي نحيبها )
(
وباكية تبكي علي وإنني ** لفي غفلة عن صوتها ما أجيبها )
(
أيا هاذم اللذات ما منك مهرب ** تحاذر نفسي منك ما سيصيبها )
(
قال ) وكتب يحيى بن أحمد بن عبد الله بن يزيد بن أسد السلمى إلى طاهر بن عبد الله
(
أنا بالعسكر وقف ** للتعازي والتهاني )
(
ولتشييع فلان ** والتلقي لفلان )
(
أو لبيع أو لرهن ** أو لدين بالضمان )
(
قال التميمي ) وحدثني ركاض بن فروة المري القتالي قال كان في بني مرة فضل وفضيل أخوان لأب وأم ولا أعلم أني رأيت تبارهما لأحد قط ولا رايت أكمل منهما في رجال الناس

قط أجمل جمالا ولا أفرس فروسية ولا أسخى ولا أشجع فرمي في جنازة أحدهما فمات فخرجنا بجنازته وأخوه معنا يهادى حتى وقفنا على قبره فدليناه فيه وهو ينظر إليه قد احنونى وانعقف حتى صار كأنه سية فلما رضمنا عليه لبنة قال هذا البيت
(
سأبكيك لا مستبقيا فيض عبرة ** ولا مبتغ بالصبر عاقبة الصبر )
ثم انكب لوجهه فحملناه إلى منزل أبيه فمات في الثاني أو الثالث
وأنشدنا أبو البلاد لحاتم الطائي
(
ذريني ومالي إن مالك وافر ** وإن فعالي تحمدي غبة غدا )
(
ألم تعلمي أني إذا الضيف أمني ** وعز القرى أقري السديف المسرهدا )
(
سأحبس من مالي دلاصا وسابحا ** وأسمر خطيا وعضبا مهندا )
قال التميمي أخبرني عمر بن خالد العثماني قال قدمت علينا عجوز من بني منقر تسمى أم الهيثم فغابت عنا فسال عنها أبو عبيدة فقالوا أنها عليلة فقال هل لكم أن نعودها فجئنا فاستتأذنا فقالت لجوا فسلمنا عليها فإذا عليها أهدام وبجد وقد طرحتها عليها فقلنا يا أم الهيثم كيف تجدينك قالت كنت وحمى بالدكة فشهدت مأدبة فأكلت جبجبة من صفيف هلعة فاعترتني زلخة فقلنا يا أم الهيثم أي شيء تقولين فقالت أو للناس كلامان والله ما كلمتكم إلا بالعربي الفصيح
وقال التميمي حدثني الفحذمي قال قيل لأعرابي أن فلانا شتمك قال المطلي باللؤم وجها الزلق عن المجد رجلا قد ينبح الكلب القمر ( قال ) وحدثني أبو هفان عن إسحق قال سمعت يحيى بن جعفر البرمكي يقول لرجل اعتذر إليه يا هذا احتج عليك بغالب القضاء واعتذر إليك بصادق النية
وحدثني ابن حبيب عن ابن الكلبي قال حدثني رجل من طيء يقال له ابن زريق من بني لام عن أبيه قال كان منا رجل يقال له عرام بن المنذر بن زبيد بن قيس بن حارثة بن لام قد أدرك الجاهلية وأدرك عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فدخل على عمر ليزمن فقال له عمر مازمانتك فقال


(
ووالله ما أدري أأدركت أمة ** على عهد ذي القرنين أم كنت أقدما )
(
متى تنزعا عني القميص تبينا ** جناجن لم يكسين لحما ولا دما )
الجناجن عظام الصدر فقال عمرو يحكم دعوا هذا وزمنوه فإنه لا يدري متى ميلاده قال أبو هفان أنشدني اسحق لنفسه في خزيمة بن خازم وكان يدعي ولاءهم
(
إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبي ** ودافع ضيمي خازم وابن خازم )
(
عطست بأنف شامخ وتناولت ** يداي الثريا قاعدا غير قائم )
(
قال ) وأنشدنا أبو هفان عن اسحق لإمرأة
(
قصارك مني النصح ما دمت حية ** وود كماء المزن غير مشوب )
(
وآخر شيء أنت في كل مرقدي ** وأول شيء أنت عند هبوبي )
(
قال ابن حبيب ) قرع باب ابن الرقاع الشاعر فخرجت بنية له صغيرة فقالت من ههنا قالوا نحن الشعراء قالت وما تريدون قالوا نهاجي أباك فقالت
(
تجمعتم من كل أوب وبلدة ** على واحد لا زلتم قرن واحد )
فاستحيوا ورجعوا ( قال ) وحدثنا ابن حبيب عن هشام قال سأل معاوية رضي الله تعالى عنه النخار العذري عن قضاعة فقال كلب ساداتها وأوتادها والقين فرسانها وأسنتها وعذرة شعراؤها وفتيانها وجهينة خيرها نبأ في الإسلام ويقال نثا ( قال ) وقال إبراهيم بن اسحق التميمي كتب إلي أخي يعقوب بن اسحق يا أخي إن كنت تصدقت بما مضى من عمرك على الدنيا وهو الأكثر فتصدق بما بقى على الآخرة وهو الأقل وقال اسحق قيل لعقيبة المديني ألا تغزو وقد أقدرك الله عليه فقال والله إني لأبغض الموت على فراشي فكيف إليه أمضي ركضا وقال اسحق جاور ابن سيابة قوما فأزعجوه فقال لم تخرجونني من جواركم قالوا أنت مريب قال فمن أذل من مريب وأخس جوارا منكم
(
قال ) وقال أبو سعيد قال حدثنا محمد بن عمران قال حدثني أبو اسحق ابراهيم المؤدب قال كتب الحجاج إلى

عبد الملك بن مروان يعظم أمر قطري بن الفجاءة المازني فكتب إليه عبد الملك أوصيك بما أوصى به البكري زيدا فقال الحجاج لحاجبه ناد في الناس من أخبر الأمير بما أوصى به البكري زيدا فله عشرة آلاف درهم فقال رجل للحاجب أنا أخبره فأدخله عليه فقال له ما قال البكري لزيد قال قال لإبن عمه زيد والشعر لموسى بن جابر الحنفي
(
أقول لزيد لا تترتر فإنهم ** يرون المنايا دون قتلك أو قتلي )
(
فإن وضعوا حربا فضعها وإن أبوا ** فشب وقود الحرب بالحطب الجزل )
(
فإن عضت الحرب الضروس بنابها ** فعرضة نار الحرب مثلك أو مثلي )
فقال الحجاج صدق أمير المؤمنين عرضة نار الحرب مثلي أو مثله
(
قال ) وقال أنشدنا أبو جعفر لملحان
(
وأبيض مجتاب إذا الليل جنه ** رعى حذر النار النجوم الطوامعا )
(
إذا استثقل الأقوام نوما رأيته ** حذار عقاب الله لله ضارعا )
المجتاب الذي يخترق الدور والظلمات ( قال أبو علي ) وأنشدنا أبو الحسن لأبي كريمة في صفة الخمر وهو بصري
(
كأنها عرض في كف شاربها ** تخالها فارغا والكأس ملآن )
وأنشدنا لعمرو القضاعى وهو تميمي بصري يصف نوقا
(
خوص نواج إذا صاح الحداة بها ** رأيت أرجلها قدام أيديها )
ولعبد الله بن عبد الرحمن أبي الأنوار المهلبي البصري
(
قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم ** واستوثقوا من رتاج الباب والدار )
(
لا يقبس الجار منهم فضل نارهم ** ولا تكف يد عن حرمة الجار )
وللممزق الحضرمي البصري
(
إذا ولدت حليلة باهلي ** غلاما زيد في عدد اللئام )


(
ولو كان الخليفة باهليا ** لقصر عن مساماة الكرام )
ولبعض اليشكريين البصريين
(
كنا نداريها فقد مزقت ** واتسع الخرق على الراقع )
(
كالثوب إذا أنهج فيه البلى ** أعيا على ذي الحيلة الصانع )
(
قال أبو علي ) وقرأنا على أبي الحسن عن جعفر وذكر جعفر أنه سمع ذلك من أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وسمع ذلك مع أبيه أيضا من أبي محلم وقال أبو محلم أنشدني مكوزة وأبو محضة وجماعة من بني ربيعة من مالك بن زيد مناة لسيار بن هبيرة بن ربيعة ابن المنحوأ أحد بني ربيعة الجوع ابن مالك بن زيد مناة يعاتب خالدا وزيادا أخويه ويمدح أخاه منخلا
(
تناس هوى عصماء إما نأيتها ** وكيف تناسيك الذي لست ناسيا )
(
لعمري لئن عصماء شط مزارها ** لقد زودت زادا وإن قل باقيا )
(
وما هي من عصماء إلا تحية ** تودعنيها إذ احم ارتحاليا )
(
ليالي حلت بالقريين حلة ** وذي مرخ يا حبذا لك واديا )
(
خليلي من دون الأخلاء لا تكن ** حبالكما أنشوطة من حباليا )
(
ولا تشقيا قبل الممات بصحبتي ** ولا تلبساني لبس من عاش قاليا )
(
فإن فراقي عبرة تخلفنكما ** وشيكا وإن صاحبتماني لياليا )
(
أرى أخوى اليوم شجا كلاهما ** علي وهما أن يقولا الدواهيا )
(
يؤذنني هذا ويمنع فضله ** وهذا كمعن أو أشد تقاضيا )
يؤذنني يحرمني وأنشد
(
أذننا شرابث رأس الدير ** شيخا وصبيانا كنغران الطير )
(
قال أبو محلم ) ومعن رجل كان كلاء بالبادية يبيع بالكالئ أي بالنسيئة وكان يضرب

به المثل في شدة التقاضي وفيه يقول القائل قال أبو الحسين أنشدناه المبرد للفرزدق
(
لعمرك ما معن بتارك حقه ** ولا منسىء معن ولا متيسر )
والقريان وذو مرخ ببلاد بني حنظلة وهي مسايل الماء
(
لقد كان في أيديكم ذو حواشة ** فآليت لا تعطيه إلا مفاديا )
(
تحلل هداك الله ربي ألا ترى ** تخاذل اخواني وقلة ماليا )
(
وعض زمان عض بالناس لم يدع ** شريدا من الأموال الأعناصيا )
(
قال أبو علي ) عناصيا بقايا وعناصي الشعر بقاياه واحدتها غنصوة وذو حواشة ذو ذمة وقرابة ويقال تحوشت من فلان أي تذممت منه
(
فألحق أقواما كراما فأصبحوا ** شريدين بالأمصار ملقى وعاريا )
(
كفى حزنا عن لا تحن جمالكم ** إلي وقد شف الحنين جماليا )
(
وعن لا أرى شوقا إلي يصوركم ** ولا حاجة من ترك بيتي خاليا )
(
وإني لعف الفقر مشترك الغنى ** سريع إذا لم أرض داري احتماليا )
(
كلانا غني عن أخيه حياته ** ونحن إذا متنا أشد تغانيا )
(
أخالد فامنع فضل رفدك إنما ** أجاع وأعرى الله من كنت كاسيا )
(
رأيتك تقفيني بكل عظيمة ** عرتك وتقفي باللبان سوائيا )
(
قال أبو الحسن ) الصواب تقفوني بكل عظيمة قال أبو محلم تقفي تكرم وهي القفية
(
قال أبو علي ) تقفو تكرم أيضا وهي القفية والصواب عندي ما قال أبو الحسن وعزتك نزلت بك
(
وتؤثر من لو أنه مت لم يجد ** كوجدي ولا يبليك مثل بلائيا )
(
وأهوننا إن مات فقدا عليكم ** وأهون دفعا عنك إن كنت جاتيا )
(
ولو مت سالت بعض نفسي حسرة ** عليك وأمسى عنك في الحي لاهيا )


(
إذا نحن داوانا المؤسون بالأسى ** شفوة ولا يشفي المؤسون ما بيا )
المؤسون ههنا المعزون يقول إذا عزونا سلا ذاك عنك ولا يشفى المؤسون وجدي عنك يقال أساه أي عزاه ويقال هلم نؤسي فلانا أي نعزيه والأسى السلو والصبر
(
جزى الله رب الناس عني منخلا ** وإن بان عني خير ما كان جازيا )
(
أخاك الذي إن زلت النعل لم يقل ** تعست ولكن عل نعلك عاليا )
عل يقول اعل أي رفعك الله
(
وعوراء قد قيلت فلم أستمع لها ** ولا مثلها من مثل من قالها ليا )
(
فاعرضت عنها أن أقول بقيلها ** جوابا وما أكثرت عنها سؤاليا )
(
وإني لأستحي لنفسى أن أرى ** أفت ذئار النيب فوق بنانيا )
أفت الذئار يعني بعر الإبل على خلف الناقة إذا صرت
(
وإني لأستحييك والخرق بيننا ** من الأرض أن تلفى أخا لي قاليا )
(
وإني لأستحيي أخي أن أرى له ** علي من الحق الذي لا يرى ليا )
(
ولكنني قد كنت مما أشدها ** بأنساع ميس ثم تعلوا الفيافيا )
(
عليها فتى لا يجعل النوم همه ** دليل إذا ما الليل ألقى المراسيا )
وأنشد لحكيم بن معية أحد بني ربيعة الجوع يرثى أخاه عطية بن معية
(
لو لم يفارقني عطية لم أهن ** ولم أعط أعدائي الذي كنت أمنع )
(
شجاع إذا لاقى ورام إذا رمى ** وهاد إذا ما أدلمس الليل مصدع )
(
سأبكيك حتى تنفد العين ماءها ** ويشفي مني الدمع ما أتوجع )
وأنشد ليزيد بن المنتشر من بني قشير وكان غاويا فأخذه ثور أخوه فحلق رأسه
(
أقول لثور وهو يحلق لمتى ** بعقفاء مردود عليها نصابها )
(
ترفق بها يا ثور ليس ثوابها ** بهذا ولكن عند ربي ثوابها )


(
فراح بها ثور ترف كأنها ** سلاسل درع لينها وانسكابها )
(
خدارية كالشرية الفرد جادها ** من الصيف أنواء رواء سحابها )
(
فأصبح رأسي كالصخيرة أشرفت ** عليها عقاب ثم طارت عقابها )
(
ألا ربما يا ثور قد غل وسطها ** أنامل رخصات حديث خضابها )
قوله خدارية أي سوداء والشرية شجرة الحنظل تشبه اللمم بها لحسنها لأنها غطشة جعدة وأنشد ليزيد بن الطثرية
(
ألا طرقت ليلى فأحزن ذكرها ** وكم قد طرانا طيف ليلى فأحزنا )
(
ومعترض فوق القتود تخاله ** متاعا معلى أو قتيلا مكفنا )
(
جلوت الكرى عنه بذكرك بعدما ** دنا الليل والتج الظلام فأغدنا )
(
ألا عل ليلى إن تشكيت عندها ** تباريح لوعات الهوى أن تلينا )
(
على أنها خاست بعهدي وحاذرت ** عيون الأعادي والصبي الملحنا )
الملحن الذي يومئ إليك بماير يدولا يصرح به والطثر أن يغلي اللبن فيكثع في رأس اللبن ثخن يقال قد طثر اللبن إذا علا ذلك فوقه
قال أبو محلم لما كان يوم من أيام دير الجماجم حمل حاجب بن خشينة العبشمي أحد بني الخطاب بن الأعور بن عوف بن كعب بن عبد شمس في الخيل على أهل العراق مع الحجاج فأزال صفوفهم فقال الحجاج للفرزدق وهو عنده ألا ترى ما أكرم حملة ابن عمك فقال أيها الأمير أنه رجل جواد وقد سفر ماله فحمل حملة مفلس فقال له الحجاج فهل لك أن تحمل كما حمل وألحق عطاءك بعطائه فقال إني أخاف إذا حملت أن ينقطع أصل العطاء ( قال أبو محلم ) يقال سفر الرجل ماله أي مزقه وسفر الرجل شعره وجلمطه وجلطه وسحفه أي حلقه قال ثعلب كان ابن الأعرابي ينشد
(
مولعات بهات هات وأن شفر مال طلبن منك الخلاعا )

فجعل المال هو الفاعل ولا ينكر أن يكون أبو محلم لم يسمع البيت فجعل الرجل فاعلا ( قال أبو الحسن ) حفظي بالسين غير المعجمة مخففا ومثقلا والشين منكرة فأما أن يكون ابن الأعرابي سها أو سها الحاكي عنه ( قال أبو علي ) سفر من سفرت البيت أي كنسته فكأنه لما مزق ماله كنسه وشفر بالشين يجوز على وجه بعيد كأنه أنفق ماله فبقى المال على شفير ويمكن أن تكون الشين بدلا من السين كما قالوا الحجاس والحجاش وأنشد لرجل من عكل يقال له السمهري بن أسد
(
أقول لأدنى صاحبي نصيحة ** وللأسمر المغوار ما تريان )
الأسمر هنا رجل من طيء
(
فقال الذي أبدى لي النصح منهما ** أرى الرأي أن تجتاز نحو عمان )
(
فإن لا تكن في حاجب وبلاده ** نجاة فقد زلت بك القدمان )
(
فتى من بني الخطاب يهتز للندى ** كما اهتز عضب الشفرتين يمان )
(
هو السيف أن لا ينته لأن متنه ** وغرباه أن خاشنته خشنان )
حاجب هذا هو حاجب بن خشينة العبشمي ( قال أبو محلم ) كان تميم بن زيد القيني ( والقين ابن جسر من قضاعة ) عاملا للحجاج على السند وكان معه في البعث رجل من بكر بن وائل يقال له خنيس وكانت أمه رقوبا لم يكن لها ولد غيره فطال تجميرهم إياه ( قوله رقوبا الرقوب التي لا تلد ألا واحدا والتجمير أن يطول مقامه في البعث يقال جمر فلان أي حبس عن أهله ) فاشتاقت إليه أمه فدلت على قبر غالب بن صعصعة أبي الفرزدق فعاذت بقبره ( وقبره بكاظمة وهو موضع بين اليمامة والبصرة على البحر وفيه رباط ) فوجه الفرزدق إلى تميم رجلا وكتب معه
(
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي ** بظهرو لايعيا علي جوابها )
(
قال أبو علي ) وأنا أقول ولا يعيى أجود


(
فخل خنيسا واتخذ فيه منة ** لحوبة أم ما يسوغ شرابها )
(
أتتني فعاذت يا تميم بغالب ** وبالحفرة السافي عليها ترابها )
فنظر تميم فلم يعلم اسم الرجل خنيس أم حبيش فقال هل كاتبه تراجعه فقال بعد قوله ولا يعيا علي جوابها ولكن خل كل من في الجيش من خنيس وحبيش فخلاهم فرجعوا إلى أهليهم وأنشدنا أيضا لعويف يمدح طلحة بن عبد الله بن عوف أخي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما
(
فقدت حياة بعد طلحة حلوة ** إذا شعبته أن يجيب شعوب )
(
يصم رجال حين يدعون للندى ** ويدعى ابن عوف للندى فيجيب )
(
وذاك امرؤ من أي عطفيه يلتفت ** إلى المجد يحو المجد وهو قريب )
(
قال أبو محلم ) أنشد جرير قول الأخطل
(
وإني لقوام مقاوم لم يكن ** جرير ولا مولى جرير يقومها )
يعني الفرزدق فلما بلغ جريرا ذلك قال صدق يقوم عند است القس يأخذ القربان ( وقال أبو محلم ) قال أبو الخنساء العنبري للفرزدق قد كفاكه جرو هراش يعني جريرا لم يكله إلى هجائك فقال له الفرزدق قد علمت في طول عنقك أنك أحمق
وأنشد لمسعود بن وكيع أحد بني عبد شمس
(
ليت شبابي عادلي الأولي ** وعيش عصر قد مضى أغرلي )
(
هفهفة أظلاله مظلي ** إذ ذاك لم يقل ولم يملي )
(
ومأد غيساني متمهلي ** أروح قد أرخى لي الطولى )
(
قال أبو علي ) يقال عيش أغرل وأرغل أي تام لم ينقص منه شيء والإغرل من الرجال الأقلف ومتمهل تام والغيسان الشباب والنشاط ( قال أبو علي ) وقال غيره الغيسان أول الشباب ومأده تثنيه


(
ولم يحرني الكبر الهدملى ** ويلتفع بالشمط المسحلي )
(
ولم يبن غيداني المضلى ** كأنما بي من نحولي سلى )
(
أو من نطاة خيبر بي ملي ** وما ترد ليت أو لعلي )
(
قال أبو علي ) الهدمل الذي انتهى عمره والمسحلان جانبا الرأس ويلتفع يلتحف والغيدان الشباب والنشاط وخيبر محمة واليها تنسب الحمى وهي قريتان نطاة والشق ومل حر
(
وليلة طخياء يرمعلي ** فيها على الساري سدا مخضلي )
(
لها من اثناء الظلام جلي ** كأنما طعم سراها الخلي )
(
أسأدتها إذا الضعاف كلوا ** وسئموا دلجتها وملوا )
(
قال أبو علي ) طخياء مظلمة والسدا ما سقط من السماء من الندى وأثناء الظلام المتراكمة قد تثنى بعضها على بعض وأسأدتها سرف فيها
(
وهابها الجثامة الهول ** إن جار هاديها ولم يندلي )
(
أو ضل في الموماة لم أضل ** ماض على ما هولت مدل )
(
كما تقضى اذ غدا الأجدل ** )
(
قال أبو علي ) الجثامة الذي يجثم في مكانه والهول الذي يهوله الشيء والأجدل الصقر وتقضى انقض ( قال أبو محلم ) الندى ما كان من ندى الأرض والسدى ما كان من ندى السماء وقال حكيم بن معية الراجز
(
قد اغتدي والطير ما يطير ** وللندى من السدى غدير )
(
قال أبو محلم ) يقال في بعض أمثال العرب ( إن تحت طريقته عندأوة ) طريقته إطراقه وسكونه وعندأوة داهية
وأنشد أبو محلم للبردخت على بن خالد الضبي أحد بني السيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة


(
إذا كان الزمان زمان عكل ** وتيم فالسلام على الزمان )
(
زمان صار فيه العز ذلا ** وصار الزج قدام السنان )
(
قال أبو الحسن ) حفظي قادمة السنان
(
لعل زماننا سيعود يوما ** كما عاد الزمان على بطان )
بطان بن بشر الضبي
(
أبعد محمد وأبي حصين ** وبعد القرم عتاب الطعان )
(
وبعد أبي سليمان إذا ما ** تروح للندى سبط البنان )
(
ترجي الخير أو ترجو ثراء ** إذا شنجت بنائلها اليدان )
(
فما ضربت ضرار فيك عرقا ** متى جرت الكوادن في الرهان )
محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة وأبو حصين زيد بن حصين الضبي أحد بني السيد وكان على أصبهان وعتاب بن ورقاء الرياحي وأبو سليمان خالد بن عتاب بن ورقاء وأنشد أبو محلم للمعلوط السعدي
(
نعر الخليط نوى عليك شطونا ** وأراد يوم عنيزة ليبينا )
(
غيران شمصه الوشاة فنفروا ** وحشا عليك عهدتهن سكونا )
(
إن الظعائن يوم حزم عنيزة ** أبكين يوم فراقهن عيونا )
(
غيضن من عبراتهن وقلن لي ** ماذا لقيت من الهوى ولقينا )
(
أعصيت يوم لوى الغمير فإننا ** يوم المجيمر مثل ذاك عصينا )
(
لولا الخليل يخاف لوم خليله ** لا تزمعن لنا الملامة حينا )
(
أن الليالي يا لهن لياليا ** قرت بهن عيوننا ورضينا )
(
كنا قبيل فنائهن بغبطة ** يا ليتهن بذي السلام بقينا )
(
ما بال قولك قد غبنت ولم أكن ** عند المواطن في الأمور غبينا )


(
أفلم تريني للكرام مكرما ** وبنى اللئام وللسوام مهينا )
(
قال أبو محلم ) يقال رجل دلعوس ومجامج ودحامس وجلفزيز إذا كان عظيما ضخما وأنشد
(
يا رب خال لك بالحزيز ** خب على لقمته جروز )
(
مهتضم في ليلة الأزيز ** كل كثير اللحم جلفزيز )
(
بين سميراء وبين توز ** )
(
قال أبو علي ) كذا أملى علينا الأزيز بزايين وهو عندي الأريز براء وزاي وهو شدة البرد ومهتضم يأخذ الناقة فيسرقها ويصيرها في أهضام الوادي وهي ماخفى منه ( قال أبو علي ) قال أبو الحسن الأخفش قرأت على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رحمه الله تعالى وذكر أبو جعفر أنه سمع ذلك مع أبيه من أبي محلم قال أبو محلم حدثني أبو نعيم الفضل ابن دكين عن زكرياء بن أبي زائدة عن الشعبي قال ربما حدثت أمير المؤمنين عبد الملك ابن مروان رحمه الله تعالى وقد هيأ اللقمة فيمسكها في يده مقبلا علي فأقول أحرها يا أمير المؤمنين فإن الحديث من ورائها فيقول الحديث أشهى إلي منها أحرها أي ازدردها ( قال ) وكان من كلامهم ما رأيت أحدا أطر ضرسا ولا أسرع إحارة للرغيف منه أطر أحد ( قال ) وأنشدنا أبو محلم الحريث بن سلمة بن مرارة بن محفض أحد بني خزاعي ابن مازن هذه الأبيات
(
ألم تر قومي إذ دعاهم أخوهم ** أجابوا أن يركب إلى الحرب يركبوا )
(
هم حلفوا عند الحليس ومدرك ** وعند بلال لا أسير ويشربوا )
قال هؤلاء سلاطين كلهم يقول أني إن سيرت أي حلئت عن الماء لم يشربوا هم
(
وهم حفظوا غيبي كما كنت حافظا ** لهم غيب أخرى مثلها لو تغيبوا )
(
بنو الحرب لم تقعد بهم أمهاتهم ** وآباؤهم آباء صدق فأنجبوا )


(
وإني لأجلو عن فوارسي العمى ** إذا ضن بالنفس الجبان الموجب )
الموجب الذي يجب قلبه من الجبن
(
أجودا ذا نفس البخيل تطلعت ** وأصبر نفسي والجماجم تضرب )
وأنشدنا أيضا لحريث بن سلمة
(
إن تك درعى يوم صحراء كلية ** أصيبت فماذا كم علي بعار )
(
ألم تك من أسلابكم قبل هذه ** على الوقبى يوما ويوم سفار )
يوم صحراء كلية وهي موضع وقعة كانت بينهم وبين بكر بن وائل والوقبى وكذلك سفار ماء لبني مازن
(
فتلك سرابيل ابن داود بيننا ** عواري والأيام غير قصار )
(
قال أبو علي ) السرابيل الدروع لداود فجعلها لسليمان
(
وكائن أخذنا منكم من أخيذة ** من البيض شنباء اللثات نوار )
(
ومن سيد ضخم كأن مجرة ** بحيث تلاقينا مجر حوار )
(
وسابغة زغف ونهد مقلص ** وأدماء من سر الهجان حضار )
(
ونحن طردنا الحي بكر بن وائل ** إلى سنة مثل السنان ونار )
(
قال أبو علي ) سنة أراد أسكناهم السواد وهو بلد وباء
(
وحمى وطاعون وموم وحصبة ** وذي لبد يغشى المهجهج ضار )
(
وحكم عدو ولا هوادة عنده ** ومنزل ذل في الحياة وعار )
(
فإن تميما لم تدع بطن تلعة ** لكم بين ذي قار وبين وبار )
(
قال أبو علي ) وقع في الكتاب وبار بكسر الواو والصواب وبار بفتحها
(
أزاحتكم عنها الرماح وفتية ** مساعير حرب كل يوم غوار )
(
فأقعوا على أذنابكم وتنكبوا ** مهاداتنا في كل يوم فخار )


(
وطاعنت جمع القوم حتى رأيتهم ** على قلص تعدوا بهم وبكار )
(
فأضحوا بدرنى والوجوه كأنها ** وجوه كلاب يهترشن حرار )
(
وكانت يمينا قبل ذاك جعلتها ** علي فقد أوقعتها بقرار )
(
لألتمسن منكم كميا بضربة ** إذا ما أنا شاهدت يوم ذمار )
(
فإن هي نالت نفسه لم أبالها ** وإن ينج منها فهي ذات حبار )
قوله أوقعتها بقرار رأي أوقعتها موقعها وقال أبو محلم يقال وقع هذا الأمر بقرة وبقر أي وقع موقعه وأنشد
(
فتناهيت وقد صابت بقر ** )
(
قال ) وأنشد للفرزدق
(
هل تذكرين إذا الركاب مناخة ** برحالها لرواح أهل الموسم )
(
إذ نحن نسترق الحديث وفوقنا ** مثل العجاج من الغبار الأقتم )
(
وكذاك نخبر بالحواجب بيننا ** ما في النفوس ونحن لم نتكلم )
وأنشدنا أبو محلم لربيعة بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم وهو جاهلي يتفجع على قومه
(
ألا إنما هذا الملال الذي ترى ** وإدبار جسمي ردي العبرات )
(
وكم من كريم قد تجلدت بعده ** تقطع نفسي إثره حسرات )
(
قال أبو محلم ) أنشدني يونس لرجل من قدماء الشعراء في الجاهلية
(
إن يغدروا أو يكذبوا ** أو يختروا لا يحفلوا )
(
يغدوا عليك مرجلين كأنهم لم يفعلوا ** )
(
كأبي براقش كل لون ** لونه يتحول )
أبو براقش دويبة مثل العظاية تراها مرة خضراء ومرة حمراء ومرة صفراء في وقت واحد
(
قال ) وأنشدني لسنان بن محرش السعدى


(
وبت بالحصنين غير راض ** يمنع مني أرقي تغماضي )
(
كأنما أغضي على مضاض ** من الحلوء صادق الإمضاض )
(
في العين لا يذهب بالترحاض ** )
الحلوء شيء يكحل به الصبيان يجعل فيه زيت ويحك على شيء ويصير في خرقة والترحاض الغسل يقال رحضت الشيء إذا غسلته ( قال ) وأنشدنا أبو محلم للخطيم بن نويرة العكلى
(
ألا يا لقومي للشباب الذي مضى ** حميدا وأخدان الصبا والكواعب )
(
وللعصر الخالي وللعيش بهجة ** وللقلب إذ يهوى هوى ابنة ناشب )
(
وجاراتها اللاتي كأن عيونها ** عيون المها يفقهننا بالحواجب )
قال أبو الحسن الأخفش معناه يقبضنها
(
حديثا مسدى من نسيج ينرنه ** من الود قد يلحمنه بالمعاتب )
وأنشد لمدرك
(
ومدد عينيه وبلت دموعه ** ضمار يطوجه قد تثنت غضونها ) ( قال أبو محلم ) الضماريط الغضون واحدها ضمروط والضمروط أيضا الغامض من الأرض قال جرير
(
أن عرينا وبني سليط ** مخلفون كنف الضمروط )
عرين بن ثعلبة بن يربوع رهط واقد بن عبد الله صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وكان بدريا وأول من قتل في الإسلام رجلا من المشركين ( قال أبو محلم ) أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن واقدا قتل عمرو بن الحضرمي فقال صلى الله عليه وسلم واقد وقدت الحرب عليهم والحضرمي حضرت الحرب وتفاءل بذلك صلى الله عليه وسلم ( وقال أبو الحسن ) أنشدنا أبو محلم


(
هجرتك اياما بذي الغمر إنني ** على هجر أيام بذي الغمر نادم )
(
فلما انقضت أيام ذي الغمر وارتمى ** بنا الدهر لامتني عليك اللوائم )
(
هجرتك أخشى أن تلامي وإنني ** كعازبة عن طفلها وهي رائم )
(
وليس علينا أن تجود بك النوى ** سوانا ولا من عن تموت النمائم )
(
ولكنما بي أن تجودي بنائل ** سواي وتبقى لي عليك الذمائم )
(
قال ) وأنشدنا أبو محلم لرجل من بني العنبر وقيل أنها لبعض شعراء طيء
(
إني وإن كان ابن عمي كاشحا ** لمزابن من دونه وورائه )
(
ومعيره نصري وإن كان امرأ ** متزحزحا في أرضه وسمائه )
(
وإذا تخرق في غناه وفرته ** وإذا تصعلك كنت من قرنائه )
(
وإذا تجلفت الجوالف ماله ** عطفت صحيحتنا على جربائه )
(
وإذا غدا يوما ليركب مركبا ** صعبا قعدت له على سيسائه )
سيساؤه متنه وظهره ويقال ما بين الكتفين وهو ملتقى العنق والظهر
(
وإذا اكتسى ثوبا قشيبا لم أقل ** يا ليت أن علي فضل ردائه )
قال أبو العباس أنشدني ابن الأعرابي
(
أأخي أخبرني ولست بصادقي ** وأخوك ينفعك الذي لا يكذب )
(
أمن القضية أن إذا استغنيتم ** وأمنتم فأنا الغريب الأجنب )
(
وإذا الشدائد بالشدائد مرة ** أشجينكم فأنا المحب الأقرب )
(
وإذا تكون كريهة ادعى لها ** وإذا يحاس الحيس يدعى جندب )
(
ولجندب سهل البلادد وعذبها ** ولي الملاح وجنبهن المجدب )
(
عجبا لتلك قضية وإقامتي ** فيكم على تلك القضية أعجب )
(
تلك الظلامة قد عرفت مكانها ** لا أم لي إن كان ذاك ولا أب )


(
قال أبو محلم ) قال الحجاج لأعرابي كلمه فوجده فصيحا كيف تركت الناس وراءك فقال تركتهم أصلح الله الأمير حين تفرقوا في الغيطان وأخمدوا النيران وتشكت النساء وعرض الشاء ومات الكلب فقال الحجاج لجلسائه أخصبا نعت أم جدبا قالوا بل جدبا قال بل خصبا
قوله تفرقوا في الغيطان معناه أنها أعشبت فإبلهم وغنمهم ترعى وأخمدوا النيران معناه استغنوا باللبن عن أن يشتووا لحوم إبلهم وغنمهم ويأكلوها وتشكت النساء أعضادهن من كثرة ما يمخضن الألبان وعرض الشاء استن من كثرة العشب والمرعى ( قال أبو علي ) الصواب عرض الشاء وليس عرض بشيء ومات الكلب لم تمت أغنامهم وإبلهم فيأكل جيفها ومن أمثال العرب ( نعم كلب في بؤس أهله ) لأنه إنما ينعم في القحط ويموت في الخصب ( قال أبو علي ) حدثنا أبو الحسن أحمد بن جعفر جحظة البرمكي قال حدثنا حرمي قال قال لي أبو الحسن موسى بن هرون حدثني يعقوب بن بشر قال كنت مع اسحق بن إبراهيم الموصلي في نزهة لنا فمر بنا أعرابي فوجه اسحق خلفه بغلامه زياد الذي يقول فيه اسحق
(
وقولا لساقيناز ياد أرقها ** فقد هر بعض القوم سقى زياد )
ومعنى هر كره قال الشاعر
(
أحين بلغت من كبري أشدي ** وهر لقائي الأسد الهصور )
قال فوافانا الأعرابي فلما شرب وسمع حنين الدواليب قال
(
باتت تحن وما بها وجدي ** وأحن من وجد إلى نجد )
(
فدموعها تحيا الرياض بها ** ودموع عيني أحرقت خدي )
(
وبساكني نجد كلفت وما ** يغني لهم كلفى ولا وجدي )
(
لو قيس وجد العاشقين إلى ** وجدي لزاد عليه ما عندي )
قال فما مضى اسحق إلى منزله إلا محمولا سكرا ( قال ) وحدثني أبو الحسن قال حدثني

ميمون بن هرون قال لما قتل الفضل بن سهل دخل المأمون على أمه فوجدها تبكي فقال لها أنا ابنك مكانه فدعي البكاء فقالت ان ابنا ترك لي ابنا مثلك لجدير أن يبكى عليه وحدثنا أبو الحسن قال حدثني علي بن يحيى قال كان بنان يتعشق فضل الشاعرة وكانت تتعشقه فبلغه عنها ما يكره فتجنبها فصارت إلي مستعتبة له وسألتني أن أجمع بينهما لتحلف له ففعلت فلما حلفت له قبل وأقام عندي فلما دار النبيذ بينهما دعت بالدواة فكتبت
(
يا فضل صبرا إنها ميتة ** يجرعها الكاذب والصادق )
(
ظن بنان أنني خنته ** روحي إذا من بدني طالق )
(
قال أبو علي ) قال لي أبو الحسن جحظة قالت حبشية بات عندي المتوكل ليلة وخرج من عندي نصف الليل فغلبتني عيني فرأيت قائلا يقول لي في النوم يا حبشية حملت الليلة بأشأم خلق الله فكان المنتصر فجلس يوما على البساط الذي بسط له على البركة المربعة بعد قتل أبيه فرأى على البساط صورة مكتوبة عند رأسها بالفارسية فدعا ببعض الفرس فقرأها فكانت هذه صورة بابك بن بابكان الذي قتل أباه فما عاش بعده إلا ستة أشهر وكذلك اتفق للمنتصر ( قال ) وأنشدنا أبو الحسن قال أنشدنا حماد عن أبيه
(
جفانا أبو صالح بعدما ** أقام زمانا لنا وأصلا )
(
يروح ويغدو بألواحه ** إلى الباب مسترشدا سائلا )
(
فلما ترأس في نفسه ** وليس لذلك مستاهلا )
(
تنبل عنا فلم يأتنا ** وما كنت أحسبه فاعلا )
(
فعاد كحيران في جهله ** كما كان من قبله جاهلا )
قال فأجابه
(
بخلت وأعقبت الجفاء وإنما ** يؤاخى من الفتيان كل فتى سمح )


(
ولست بسمح لا ولا في أرومة ** ولكن مطبوعا على اللؤم والشح )
(
قال ) وأنشدنا أبو الحسن قال أنشدنا أبو هفان لبعض المحدثين
(
تعوذ إذا أصبحت من دولة الغنى ** أبا حسن وادعوا إلهك بالفقر )
(
رأيناك ما استفنيت لا تحمل الغنى ** وتلبس جلبابا من التيه والكبر )
(
وأنت إذا أعسرت خل موافق ** تبر وتلقى بالمودة والبشر )
(
فليتك ما أعسرت فينا مخلد ** وليتك ما أيسرت في ظلمة القبر )
(
قال أبو علي ) أنشدنا جحظة لنفسه
(
فلا تيأس وإن صحت ** عزيمتهم على الدلج )
(
فإن إلى غداة غد ** يجيء الله بالفرج )
(
قال ) وغنى ثمره للمستعين بالله هذين البيتين
(
وما أنس لا أنس ذاك الخضوع ** وفيض الدموع وغمز اليد )
(
وخدي مضاف إلى خدها ** قياما إلى الصبح لم نرقد )
(
قال ) وأنشدنا أبو العبر لنفسه
(
وفي ساعدي ممن تعلقت عضة ** تذكرني ذاك الشنيب المفلجا )
(
وآثار خدش في يدي مليحة ** أقام عليها القلب مني وعرجا )
(
أما والذي أمسيت أرجو ثوابه ** لقد حل ما أخشاه وانقطع الرجا )
(
قال ) وأنشدنا قال أنشدنا أبو العباس ثعلب
(
دب المشيب إلى الشباب ** دبيب ذي ختل مسارق )
(
إن المشيب طليعة ** للموت في كل الخلائق )
وأيضا
(
زعموا أن حبها كان سحرا ** ظلموها وسورة الأنفال )
(
ما رأت بابلا ولا تحسن السحر سليمى إلا بحسن الدلال ** )
قال وأنشدنا عبيد الله بن طاهر لنفسه


(
يزيدني البعد شوقا إليك ** وطول صدودك حرصا عليك )
(
ولو كنت أملك ما تملكين ** من الصبر ما طال شوقي إليك )
(
قال ) وأنشدنا أبو هفان
(
أمثلي يروع بالنائبات ** ويخشى بوائق صرف الزمن )
(
أذاقني الله مر الهوان ** وأدخلني في حرامي إذن )
(
قال ) وأنشدنا الناشي لنفسه
(
وكان لنا أصدقاء حماة ** وأعداء سوء فلم يخلدوا )
(
تساقوا جميعا كؤس الحمام ** فمات الصديق ومات العدو )
(
قال ) وحدثني أبو الحسن قال سمعت ميمون بن هرون يقول قال حميد الطوسي كنت حاضرا دهليز المأمون فدعا بالناس لقبض أرزاقهم فكان أول من دخل اسحق الموصلي مع الوزراء ثم دعا بالقواد فكان أول من دخل اسحق الموصلي ثم دعا بالقضاة فكان أول من دخل إسحق ثم دعا بالفقهاء والمعدلين فكان أول من دخل هو ثم دعا بالشعراء فكان أول من دخل هو ثم دعا بالمغنين فكان أول من دخل هو ثم دعا بالرماة في الهدف فكان أول من دخل هو فعجبت من كثرة علمه وفنونه ( قال ) وحدثنا أبو الحسن قال أنشدني خالد الكاتب لنفسه
(
كتبت إليك بماء الجفون ** وقلبي بماء الهوى مشرب )
(
فكفي تخط وقلبي يمل ** وعيناي تمحو الذي أكتب )
(
فليس يتم كتابي إليك ** لشوقي فمن ههنا أعجب )
(
قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر محمد بن مزيد أبي الأزهر قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني أبو غزية الأنصاري ثم أحد بني مازن بن النجار قال حدثني مجمع بن يعقوب الأنصاري قال أدركت حسان بن الغدير شيخا كبيرا من أجمل الشيوخ وأحسنهم فحدثني قال سارت علينا سائرة من بني جشم بن بكر فرأيت فيهم فتاة ما رأيت في نساء العرب

مثلها حسنا فكنت أخطبها فلم يقدر لي تزويجها فضرب الدهر بيننا فإني بعد ذلك بأربعين سنة لفي بلادي إذا أهلوها قد ساروا وإذا بها عجوز تسأل عني فلما دفعت إلى ورأت كبري قالت أأنت ابن الغدير فقلت نعم قالت لقد أكل الدهر عليك وشرب قال فذلك قولي فيها وقد كبرت أيضا وتغيرت
(
قالت أمامة يوم برقة واسط ** يا ابن الغدير لقد جعلت تنكر )
(
أصبحت بعد شبابك الغض الذي ** ولت شبيبته وغصنك أخضر )
(
شيخا دعامتك العصا ومشيعا ** لا تبتغي خبرا ولا تستخبر )
(
فأجبتها أن من يعمر يعترف ** ما تزعمين وينب عنه المنظر )
(
ولقد رأيت شبيه ما عيرتني ** يسري علي به الزمان ويبكر )
(
وجعلت يغضبني اليسير وملني ** أهلي وكنت مكرما لا أكهر )
(
وشربت في القعب الصغير وقادني ** نحو الجماعة من بني الأصغر )
(
قال أبو علي ) أخبرنا أبو بكر محمد بن مزيد أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال أنشدني أبي لحكيم بن عكرمة
(
تقول بثينة إذا أنكرت ** قنوأ من الشعر الأحمر )
(
برأسي كبرت وأودى الشباب ** فقلت مجيبا لها اقصري )
(
أما كنت أبصرتني مرة ** ليالي نحن بذي جوهر )
(
ليالي أنتم لنا جيرة ** ألا تذكرين بلى فاذكري )
(
وإذا أنا أغيد غض الشباب ** أجر الرداء مع المئزر )
أنشدنيه الزبير بطرح الواو وأصحاب العروض يسمونه المخزوم
(
ولمى كجناح الغراب ** ترجل بالمسك والعنبر )
(
فغير ذلك ما تعلمين ** تغير ذا الزمن المنكر )


(
وأنت كلؤلؤة المرزبان ** بماء شبابك لم يعصر )
(
وقد كان مضمارنا واحدا ** فإني كبرت ولم تكبري )
(
قال أبو علي ) وحدثني أبو بكر بن أبي الازهر قال أخبرنا الزبير بن بكار في صفر سنة ست وأربعين ومائتين قال حدثني عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال حدثنا سعيد بن سليم كان الحجاج بن يوسف ينشد قول مالك بن أسماء
(
يا منزل الغيث بعدما قنطوا ** ويا ولي النعماء والمنن )
(
يكون ما شئت أن يكون وما ** قدرت أن لا يكون لم يكن )
(
لو شئت إذ كان حبها عرضا ** لم ترني وجهها ولم ترني )
(
يا جارة الحي كنت لي سكنا ** إذ ليس بعض الجيران بالسكن )
(
أذكر من جارتي ومجلسها ** طرائفا من حديثها الحسن )
(
ومن حديث يزيدني مقة ** ما لحديث الموموق من ثمن )
ثم يقول أحسن فض الله فاه ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال حدثني محمد بن يزيد قال حدثني التوزي عن أبي عبيدة قال خرج ثلاثة نفر من بني مازن وهم أوفى بن مطر الخزاعي وجابر ومالك الرزاميان ليغيروا على بني أسد بن خزيمة فلقوا أعداءهم فقتل مالك وارتث أوفي جريحا فقال أوفى لجابر احملني قال إن بني أسد قريب وأنت ميت لا محالة وأن يقتل واحد خير من أن يقتل اثنان قال ويحك فازحف بي إلى عماية قال عماية أرض فضاء ولا يسترك منها شيء قال فانهض بي إلى قساس قال ما قساس إلا حرملة لبني أسد قال فما وان قال إنما ذلك تحت أقدامهم ونجا فأتى الحي فأخبرهم أن أوفى ومالكا قد قتلا وتحامل أوفى إلى بعض هذه المياة فتعالج به حتى برأ ثم أقبل فقال رجل من القوم وجابر فيهم لولا أن الموتى لم يئن بعثها لأنبأتكم أن هذا أو فى ( قال أبو عبيدة ) فانسل جابر من القوم فما يدرى أين وقع ولا ولده إلى الساعة استحياء من القوم من كذبته التي كذبها وخبر أوفى بما قال جابر ففي ذلك يقول


(
الا أبلغا خلتي جابرا ** بأن خليلك لم يقتل )
(
تخطأت النبل أحشاءه ** وأخر يومي فلم يعجل )
(
تجاوزت ما وان عن ساعة ** وقلت قساس من الحرمل )
(
وقلت عماية أرض فضاء ** فلأيا أؤب إلى معقل )
(
فليتك لم تك من مازن ** وليتك في الرحم لم تحمل )
(
وليت سنانك صنارة ** وليت رميحك من مغزل )
(
وليت بحقويك ذا زرنب ** جميشا يركل بالفيشل )
قال أبو علي ) الزرنب لحم الفرج من خارج والكين لحمه من داخل ( قال أبو علي ) وأنشدنا قال أنشدنا أحمد بن يحيى لوزير بن عبد الرحمن الأسدي
(
أيا كبدا ماذا ألاقي من الهوى ** إذا الرس في آل السراب بداليا )
(
ضمنت الهوى للرس في مضمر الحشا ** ولم يضمن الرس الغداة الهوى ليا )
(
أعد الليالي ليلة بعد ليلة ** للقيان لاه ما يعد اللياليا )
(
قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال أنشدني أحمد بن يحيى لنمير بن كهيل الأسدي
(
ذكرتك والحجيج لهم ضجيج ** بمكة والقلوب لها وجيب )
(
فقلت ونحن في بلد حرام ** به لله أخلصت القلوب )
(
أتوب إليك يا رحمن مما ** عملت فقد تظاهرت الذنوب )
(
وأما من هوى سعدى وحبي ** زيارتها فإني لا أتوب )
(
وكيف وعندها قلبي رهين ** أتوب إليك منها أو أنيب )
(
قال ) وأنشدنا أيضا قال أنشدني أحمد بن يحيى لبعض الأعراب
(
تمر الصبا صفحا بساكن ذي الغضى ** ويصدع قلبي أن تهب هبوبها )


(
قريبة عهد بالحبيب وإنما ** هوى كل نفس حيث كان حبيبها )
(
قال ) وحدثنا أبو الحسن أحمد بن جعفر جحظة البرمكي قال من عجيب ما أنشدنا أبو العباس ثعلب
(
وإني لمطوي الضلوع عن هوى ** هو المثل الأعلى بما يغلب المردى )
(
ولو أن خلقا كان يكتم نفسه ** هواها لما أطلعت نفسي على وجدي )
(
قال ) وحدثنا قال ومن عجيب الأخبار أن جعفر بن يحيى البرمكي سأل المنجمين متى يركب إلى داره التي بناها على الشط فأشاروا عليه بيوم فركب فيه فأخذه من الرعد والبرق والمطر ما لم ير مثله في سالف دهره فركب على كل حال فمر بسكران قد ارتطم وهو يقول
(
ويعمل بالنجوم وليس يدري ** ورب النجم يفعل ما يشاء )
فقال ما خاطبني هذا السكران إلا بلسان غيره ورجع ( قال ) وأنشدنا جحظة قال أنشدني ابن العطوي عن أبيه أبي عبد الرحمن
(
أحسن من غفلة الرقيب ** ولحظة الوعد من حبيب )
(
والنقر والنغم من كعاب ** مصيبة القول والقضيب )
(
ومن بنات الكروم راحت ** في راحتي شادن ربيب )
(
كتب أديب إلى أديب ** طالت به مدة المغيب )
(
فنمقت كفه سطورا ** تنمق الصفو في القلوب )
(
يا بادئا بالكتاب فضلا ** والفضل من شيمة الأديب )
(
نحن على الود أي شيء ** أقبح من غادر أريب )
(
منحت ضيفي عبوس وجهي ** وسائلي شدة القطوب )
(
وعشت في الناس مستهاما ** يا أطوع الناس للرقيب )


(
إن كان ودي لأهل ودي ** قصر من باعه الرحيب )
(
وأنت منهم فكن قريبا ** أو نائيا وافر النصيب )
(
وأبل ما شئت صفو ودي ** تجده في ثوبه القشيب )
(
قال ) وحدثنا جحظة قال حدثنا ميمون بن هرون بن مخلد بن أبان قال كان عندنا بالبصرة رجل يتعب دوابه وغلمانه في قضاء حوائح الناس بغير مرزية فسألته عن ذلك فقال يا أبا عثمان سمعت تغريد الاطيار بالأسحار في أعالي الأشجار وتمتعت بمخزونة الدنان على سماع القيان فما طربت طربى على ثناء رجل أحسن إليه رجل ( قال ) وأنشدني جحظة قال أنشدني حماد لأبي نواس
(
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ** له عن عدو في ثياب صديق )
فلما سمع هذا البيت أبو العتاهية قال لو نطقت الدنيا لما وصفت نفسها بفوق هذا الوصف ولما قال أبو نواس
(
جريت مع الصبا طلق الجموح ** وهان علي مأثور القبيح )
(
وإني عالم أن سوف تنأى ** مسافة بين جثماني وروحي )
قال أبو العتاهية لقد جمع في هذين البيتين خلاعة ومجونا واحسانا وعظة ( قال أبو علي ) حدثنا أحمد بن جعفر جحظة قال حدثنا حماد بن إسحق الموصلي قال حدثني أبي قال رأيت ثلاثة يذوبون إذا رأوا ثلاثة الهيثم بن عدي إذا رأى ابن الكلبي وعلوية إذا رأى مخارقا وأبا نواس إذا رأى أبا العتاهية ( قال أبو علي ) وحدثنا جحظة قال تحادثنا يوما في الطائي والبحتري أيهما أشعر فقال بعض من حضر مجلسنا هل يحسن الطائي أن يقول
(
تسرع حتى قال من شهد الوغى ** لقاء عدو أم لقاء حبيب )
فقلت من الطائي سرقه حيث يقول


(
حن إلى الموت حتى قال جاهله ** بأنه حن مشتاقا إلى وطن )
(
قال ) وأنشدني أبو بكر بن أبي الأزهر قال أنشدني أحمد بن الحرث الخزاز صاحب المدائني لعبد الله بن عاصم
(
إذا أنت لم تعمل بأمر تخافه ** عليك حسبت الماء أن ذقته دما )
(
وسد عليك الخوف أمرك كله ** وصرت قعودا حيثما سيق يمما )
(
قال ) وحدثنا قال حدثني الزبير قال كان الزبير إذا جاءه من ناحية ولد علي أذى وجاءه مثله من ناحية آل عمر قال لأن يظلمني والله آل علي أحب إلي وينشد
(
فإن كنت مقتولا فكن أنت قاتلي ** فبعض منايا القوم أكرم من بعض )
(
قال أبو علي ) وأنشدنا جحظة لنفسه
(
أرى الأعياد تتركني وتمضي ** وأوشك أنها تبقى وأمضي )
(
علامة ذاك شيب قد علاني ** وضعفي عند ابرامي ونقضي )
(
وما كذب الذي قال قبلي ** إذا ما مر يوم مر بعضي )
(
أرى الأيام قد ختمت كتابي ** وأحسبها ستعقبه بفضي )
(
قال أبو علي ) وأنشدنا جحظة قال أنشدني أبو هفان قال كتبت إلى مؤاجر بالبصرة وكنت آلفه
(
يا حسنا وجهه ومئزره ** ومن يروق العباد منظره )
(
زرنا لتحيا بك النفوس فما ** يطيب عيش ولست تحضره )
قال فكتب إلي
(
دعني من المدح والهجاء وما ** أصبحت تطويه لي وتنشره )
(
لو ضرب الدرهم الصحيح على الفواد عندي لذاب أكثره )
(
قال ) وحدثنا جحظة قال حدثني أبو بكر بن الأعرابي قال حدثني أبو علي

البصيران خشا خشا المديني نظر إليه يوم عيد الفطر وهو فوق تل يصيح صياحا شديدا فقيل له ما هذا قال أنعر في قفا شهر رمضان فغاب عني أبو علي البصير أياما ثم جاءني فأنشدني
(
أقول لصاحبي وقد رأينا ** هلال الفطر من خلل الغمام )
(
غدا نغدو إلى ما قد ظمئنا ** إليه من الملاهي والمدام )
(
ونسكر سكرة شنعاء جهرا ** وننعر في قفا شهر الصيام )
قال جحظة ومن بديع ما أنشدناه خالد الكاتب لنفسه
(
قد قلت لما أن بدا متبخترا ** والردف بجذب خصره من خلفه )
(
يا من يسلم خصره من ردفه ** سلم فؤاد محبه من طرفه )
قال وأنشدنا جحظة قال أنشدنا دعبل لنفسه
(
أذكر أبا جعفر حقا أمت به ** أني وإياك مشغوفان بالأدب )
(
وأننا قد رضعنا الكأس درتها ** والكأس درتها حظ من النسب )
قال وحدثني جحظة قال حدثني أبو العيناء قال تعشقتني امرأة قبل أن تراني فلما رأتني استقبحتني فأنشدتها
(
وفاتنة لما رأتني تنكرت ** وقالت دميم أحول ماله جسم )
(
فإن تنكري مني احولالا فإنني ** أديب أريب لا عيي ولا فدم )
فقالت لي يا هذا لم أردك لتولية ديوان الزمام ( قال أبو علي ) وأنشدنا جحظة قال أنشدنا أبو العباس ثعلب
(
أبت ظبية الإحرام أن تتنقبا ** فأبصرت وجها كان عني مغيبا )
(
وعارضتها حتى رأتني أمامها ** فقلت لها أهلا وسهلا ومرحبا )
(
ولست بناسيها غداة رأيتها ** وقد وقفت ترمي الجمار المحصبا )


(
فيا حصيات كن في لمس كفها ** رزقتن ريا من نشا المسك أطيبا )
(
قال ) وقال أنشدني ابن المنجم
(
ومستطيل على الصهباء باكرها ** في فتية باصطباح الراح حذاق )
(
فكل كف رآها ظنها قدحا ** وكل شخص رآه ظنه الساقي )
(
قال أبو علي ) وحدثنا جحظة قال حدثني المرواني قال قال لي أبو سعيد المخزومي دخلت يوما على حميد الطوسي وإلى جنبه رجل ضرير فأنشدته البائية وجعل الضرير كلما ذكرت بيتا يقول أحسن الخبيث فأمر لي بخلعة وخمسة آلاف درهم فلما خرجت قام الي البوابون فقلت لا أهب لكم شيأ أو تقولوا لي من هذا الضرير فقالوا هذا علي بن جبلة العكوك فارفضضت والله عرقا ( قال جحظة ) وعلى بن جبلة الذي يقول في حميد الطوسي
(
دجلة تسقي وأبو غانم ** يطعم من تسقي من الناس )
(
والناس جسم وإمام الهدى ** رأس وأنت العين في الراس ) ( قال ) وحدثنا قال اعتل أبو هفان في منزل ابن أبي طاهر فابطؤا عليه يوما بالغداء فقال
(
أنا في منزل خل ** مشفق بر رفيق )
(
رجل أعمر من منزله ظهر الطريق ** )
(
ليس لي أكل سوى لحمي وشرب غير ريقي ** )
(
قال أبو علي ) قال أبو الحسن جحظة أنشدنا أبو هفان يفتخر وهو أجود ما قيل في الإفتخار
(
فإن تسألي في الناس عنا فإننا ** حلي العلى والأرض ذات المناكب )
(
وليس بنا عيب سوى أن جودنا ** أضر بنا والبأس من كل جانب )
(
فأفنى الردى أعمارنا غير ظالم ** وأفنى الندى أموالنا غير عائب )


(
أبونا أب لو كان للناس كلهم ** أبا واحدا أغناهم بالمناقب )
(
قال ) وحدثني جحظة قال كتب إلي عبد الله بن محمد بن عبد الملك الزيات وهو مقيم بالمطيرة وعنده جاريته شمول وكانت من المحسنات وكان الناس يقصدونها لسماعها
(
شربنا بالمطيرة ألف يوم ** صبوحا قبل أن يبدو النهار )
(
وأفنينا العقار بها جهارا ** فلم يصبح بحانتها عقار )
(
وضج البائعون بها وقالوا ** أناس يشربون أم البحار )
(
هم ناس ولكن أي ناس ** لصحبة مثلهم خلع العذار )
قال فصنعته هزجا فلما سمعه بدر يعني الأستاذ وصلني في دفعتين بأربعمائة دينار قال فكتبت إلى عبد الله بن محمد جواب شعره
(
لي من تذكري المطيره ** عين مسهدة مطيره )
(
سخنت لفقد مواطن ** كانت بها قدما قريره )
(
أيام للأيام إحسان وأفعال نضيره ** )
(
أيام نحوي حيث كنت لعاشق كف مشيره ** )
(
في فتية لم يعرفوا ** لدوام نيلهم ذخيره )
فغلبت عليه ( قال أبو علي ) وانشدنا جحظة قال أنشدنا ثعلب لدعبل
(
بانت سليمى وأمسى حبلها انقضبا ** وزودوك ولم يرثوا لك الوصبا )
(
قالت سلامة أين المال قلت لها ** المال ويحك لاقى الحمد فاصطحبا )
(
الحمد فرق مالي في الجفون فما ** أبقين ذما ولا أبقين لي نشبا )
(
قالت سلامة دع هذي اللبون لنا ** لصبية مثل أفراخ القطا زغبا )
(
قلت احبسيها ففيها متعة لهم ** إن لم ينخ طارق يبغي القرى سغبا )
(
لما احتبى الضيف واعتلت حلوبتها ** بكى العيال وغنت قدرنا طربا )


(
هذي سبيلي وهذا فاعلمي خلقي ** فارضي به أو فكوني بعض من غضبا )
(
ما لا يفوت وما قد فات مطلبه ** فلن يفوتني الرزق الذي كتبا )
(
أسعى لأطلبه والرزق يطلبني ** والرزق أكثر لي مني له طلبا )
(
هل أنت واجد شيء لو عنيت به ** كالأجر والحمد مرتادا ومكتسبا )
(
قوم جوادهم فرد وفارسهم ** فرد وشاعرهم فردا إذا نسبا )
(
قال ) وأنشدني ثعلب
(
الجهل بعد الأربعين قبيح ** فزع الفؤاد وإن ثناه جموح )
(
وبع السفاهة بالوقار وبالنهى ** ثمن لعمرك أن عقلت ربيح )
(
فلقد حدا بك حاديان إلى البلى ** ودعاك داع للرحيل فصيح )
قال ميمون بن إبراهيم أنشد المأمون هذه الأبيات فقال مالي وما لهذا المعنى من الشعر قال اليزيدي فقلت
(
يسعى إليك بها غلام أهيف ** من جيبه ريا العبير تفوح )
(
ميسان أما دله فمخنث ** غنج وأما وجهه فصبيح )
قال جحظة أنشدت هذه الأبيات عبيد الله بن عبد الله فقال والله لو سمعها دعبل لحسدك عليها وهي هذه
(
مددت يدي يوما إلى فرخ باخل ** كما يفعل الخل الصديق المؤانس )
(
فأومأ إلى غلمانه فتواثبوا ** إلي ووجه النذل إذ ذاك عابس )
(
فهذا لبطني حين أسقط دائس ** وذاك لجنبي حين أنهض رافس )
(
فأنشدت بيتا قاله ذو صرامة ** وقد ناوشته بالرماح الفوارس )
(
ومن يطلب المال الممنع بالقنا ** يعش مثريا أو يود فيمن يمارس )
(
قال أبو علي ) وحدثني جحظة قال حدثني الأمير عبيدة الله بن عبد الله قال حدثني

الزبير قال كنت أؤدب المعتز فهوي جارية لأمه قبيحة فصبر فنحل جسمه وحم فسألته عن خبره فأنشدني
(
جزعت للحب والحمى صبرت لها ** إني لأعجب من صبري ومن جزعي )
وخبرني فيما بيني وبينه بعشقه للجارية قال فأخبرت قبيحة بالقصة فوهبتها له فعوفي قال جحظة فحدثني عبد الله بن المعتز أنها أمه ( قال ) وحدثني جحظة قال حدثني حماد ابن الموصلي قال قال أحمد بن عبيد لأبي يا أبا محمد لو ذهبت إلى اخوانك وتركت التيه فقال لا والله لا أدخل إلى واحد منهم إلا بخمسين ألف درهم وفرس وخلعة فوالله لقد دخلت على الفضل بن يحيى فأجلسني معه على مصلاة وخرج خادم فقال لقد رزق الله الأمير ولدا فقلت
(
ويفرح بالمولود من آل برمك ** بغاة الندى والرمح والسيف والنصل )
(
وتنبسط الآمال فيه لفضله ** ولا سيما إن كان من ولد الفضل )
فقال يا صالح ادفع لأبي محمد مائة ألف درهم فصنعت له لحنا فلما غنيته به أمر لي بمائة ألف درهم أخرى أفترى لي أن أغني بعد هؤلاء ( قال أبو علي ) وأنشدنا جحظة لنفسه
(
أنا ابن أناس مول الناس جودهم ** فأضحوا حديثا بالنوال المشهر )
(
فلم يخل من احسانهم لفظ مخبر ** ولم يخل من تقر يظهم بطن دفتر )
(
قال ) وحدثني جحظة قال دخل رجل على عمر بن فرج فتنصل إليه من ذنب له فرضي عنه فلما خرج قال يا غلام خذ الشمعة بين يديه فقال دعني أمش في ضوء رضاك فاستحسن ذلك منه وأمر له بصلة حسنة ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال كان الجزين سأله سليمان بن نوفل بن مساحق أن يرثى أباه نوفلا ففعل فلم يثبه شيأ قال الزبير أخبرني بذلك مصعب بن عثمان فقال الحزين
(
فما كان من شأني وشأن ابن نوفل ** وشأن بكائي نوفل بن مساحق )


(
بلى إنها كانت سوابق عبرة ** على نوفل من كاذب غير صادق )
(
فهلا على قبر الوليد بكيتما ** وقبر سليمان الذي دون دابق )
(
وقبر أبي حفص أخي وأخيكما ** بكيت بحزن في الجوائح لاصق )
قال الزبير يعني بالوليد وسليمان ابني عبد الملك وقال مصعب يريد بأبي حفص عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ويريد بقوله أخي وأخيكما يزيد بن عبد الملك ( قال الزبير ) قال لي يونس بن عبد الله بن سالم أراد بأبي حفص سهل بن عمرو بن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل العامري ( قال أبو بكر ) قال الزبير قال الجزين لثابت بن سباع بن عبد العزى حليف بني زهرة
(
كل قريش قد حباني بنعمة ** وأحسن إلا ثابت بن سباع )
(
هجين لئيم لا يقوم ببيته ** وليس بذي فضل ولا بشجاع )
(
قال ) وأنشدنا أحمد قال أنشدني محمد بن يزيد لأعرابي
(
لا تعجبي يا سلم من نحولي ** ووضح أوفى على خصيلي )
(
فإن نعت الفرس الرجيل ** يتم بالغرة والتحجيل ) ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لوضاح اليمن
(
صبا قلبي ومال إليك ميلا ** وأرقني خيالك يا أثيلا )
(
يمانية تلم بنا فتبدي ** رقيق محاسن وتكن غيلا )
الفيل الذراع الممتلئة لحما وأنشدنا قال أنشدني أحمد بن يحيى لأعرابي
(
تبعت الهوى يا طيب حتى كأنني ** من اجلك مضروس الجرير قؤد )
(
تعجرف دهرا ثم طاوع قلبه ** فصرفه الرواض حيث تريد )
(
وإن ذياد الحب عنك وقد بدت ** لعيني آيات الهوى لشديد )
(
وما كل ما في النفس يا طيب مظهر ** ولا كل مالا تستطيع تذود )


(
وإني لأرجو الوصل منك كما رجا ** صدى الجوف من باد صداه صلود )
(
وكيف طلابي وصل من لو سألته ** قذى العين لم يطلب وذاك زهيد )
(
ومن لو رأى نفسي تسيل لقال لي ** أراك صحيحا والفؤاد جليد )
(
فيا أيها الرئم المحلى لبانه ** بكرمين كرمي فضة وفريد )
(
أجدك لا أمشي برمان خاليا ** وغضور إلا قيل أين تريد )
(
قال ) وحدثني محمد بن يزيد قال من أمثال العرب ( أراك بشر ما أحار مشفر ) يريد إذا رأيت جسمه أغناك عن طعمه ومثله من أمثالهم ( الجواد عينه فراره ) يعني الفرس إذا رأيته كفاك أن تفره ( قال ) وقال أبو اسحق الأحول إنما هو فراره بضم الفاء ولم أسمعها أنا إلا بالكسر من محمد بن يزيد وأنشدني محمد بن يزيد أيضا لأعرابي
(
سقيا لأيام ذهبن من الصبا ** وليل لنا بالأبرقين قصير )
(
وتكذيب ليلى الكاشحين وسيرنا ** بنجد مطايانا لغير مسير )
(
وإذ نلبس الحوك الرقيق وإذ لنا ** جمام ترى المكروه كل غيور )
(
فلما علا الشيب الشباب وبشرت ** ذرى الحلم أعلى لمتي بقتير )
(
وخفت انقلاب الدهر أن يصدع العصا ** وأن تغدر الأيام غير غدور )
(
رجعت إلى الأولى وفكرت في التي ** إليها أو الأخرى يكون مصيري )
(
وليس امرؤ لاق بلاء بيائس ** من الله أن ينتاشه بجدير )
(
قال أبو علي ) قال أبو بكر محمد بن أبي الأزهر أنشدنا الرياشي لرجل من بني الحرث هذين البيتين
(
منى إن تكن حقا تكن أحسن المنى ** وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا )
(
أماني من سعدى حسان كأنها ** سقتك بها سعدى على ظما بردا ) ( قال ) وأنشدنا أحمد بن يحيى لجران العود


(
وجدت بشاشة لما التقينا ** لأقضي ما علي من النذور )
(
فلست بعائد لما التقينا ** بروض بين محنية وقور )
(
إذا قبلتها كرعت بفيها ** كروع العسجدية في الغدير )
(
فيأخذني العناق وبردفيها ** بموت في عظامي أو فتور )
(
فنحيا تارة ونموت أخرى ** ونخلط ما نموت بالنشور )
(
وأقحل حين أدخل في حشاها ** قحول القد في عنق الأسير )
(
قال ) وحدثنا الرياشي قال حدثنا الأصمعي قال كان معاوية رحمه الله تعالى يقول أنا للآناة وعمرو للبديهة وزياد للصغار والكبار والمغيرة للأمر العظيم ( قال ) وأنشدنا أحمد ابن يحيى لأعرابي من بني عبد الله بن غطفان وأنشدنيه بندار بن لدة الكرخي لجميل بن معمر
(
ومما شجاني أنها يوم أعرضت ** تولت وماء العين في الجفن حائر )
(
فلما أعادت من بعيد بنظرة ** إلي التفاتا أسلمته المحاجر )
(
يقولون لا تنظر وتلك بلية ** بلى كل ذي عينين لا بد ناظر )
(
ألام إذا حنت قلوصي من الهوى ** ولا ذنب لي في أن تحن الأباعر )
(
قال ) وأنشدنا بندار
(
أيا حب ليلى عافني منك مرة ** وكيف تعافيني وأنت تزيد )
(
ويا حب ليلى أعطني الحكم واحتكم ** علي فما يبغى علي شهود )
(
قال ) وأنشدني أحمد بن يحيى لبعض الأعراب
(
وفي الموت لي من لوعة الحب راحة ** ولكنني أخشى ندامتها بعدي )
(
أقول لها بقيا عليها من الهوى ** وقاك إله الناس أن تجدي وجدي )
(
قال ) وأنشدنا


(
فحتى متى أهوى أما ينفد الهوى ** وحتى متى كفي على موضع القلب )
(
فها أنا للعشاق يا عز قائد ** وبي تضرب الأمثال في الشرق والغرب )
(
قال ) وأنشدنا للأقرع بن معاذ القشيري
(
ألا أيها الواشي بليلى ألا ترى ** إلى من تشي أو من به جئت واشيا )
(
لعمر الذي لم يرض حتى أطيعه ** بليلى إذا لا يصبح الدهر راضيا )
(
إذا نحن رمنا هجرها ضم حبها ** صميم الحشا ضم الجناح الخوافيا )
(
قال ) وأنشدنا أيضا لنافد بن عطارد العبشمي
(
ويذكي الشوق حين أقول يخبو ** بكاء حمامة فيلج حينا )
(
مطرقة الجناح إذا استقلت ** على فنن سمعت لها رنينا )
(
يميل بها ويرفعها مرارا ** ويشغف صوتها قلبا حزينا )
(
قال ) وأنشدنا أحمد بن يحيى ليزيد بن الطثرية وفي هذه القصيدة بيتان ذكر الرياشي أنهما لجميل بن معمر في قصيدته
(
ألا يا صبا نجد لقد هجت من نجد ** فهيج لي مسراك وجدا على وجدي )
(
ألا هل من البين المفرق من بد ** وهل لليال قد تسلفن من رد )
(
وهل مثل أيامي بنعف سويقة ** رواجع أيام كما كن بالسعد )
(
وهل أخواي اليوم إن قلت عرجا ** على الأثل من ودان والمشرب البرد )
(
مقيمان حتى يقضيا لي لبانة ** فيستوجبا أجري ويستكملا حمدي )
(
وإلا فروحا والسلام عليكما ** فما لكما غيى وما لكما رشدي )
(
وما بيدي اليوم من حبلي الذي ** أنازع من إرخائه لا ولاشد )
(
ولكن بكفى أم عمر و فليتها ** إذا وليت رهنا تلي الرهن بالقصد )
(
ويا ليت شعري ما الذي تحدثن لي ** نوى غربة بعد المشقة والبعد )


(
نوى أم عمرو حيث تغترب النوى ** بها ثم يخلو الكاشحون بها بعدي )
(
أتصرم للأئي الذين هم العدى ** لتشمتهم بي أم تدوم على الود )
(
وظني بها والله أن لن يضيرني ** وشاة لديها لا يضيرونها عندي )
(
وقد زعموا أن المحب إذا دنا ** يمل وأن النأى يشفي من الوجد )
(
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ** على أن قرب الدار خير من البعد )
(
هواي بهذا الغور غور تهامة ** وليس بهذا الجلس من مستوى نجد )
(
فوالله رب البيت لا تجدينني ** تطلبت قطع الحبل منك على عمد )
(
ولا أشتري أمرا يكون قطيعة ** لما بيننا حتى أغيب في لحدى )
(
فمن حبها أحببت من ليس عنده ** يد بيد تجزى ولامنة عندي )
(
ألا ربما أهدى لي الشوق والجوى ** على النأي منها ذكرة قلما تجدى )
(
قال ) وحدثنا الزبير قال حدثنا محمد بن سلام قال حدثني يحيى بن سعيد القطان قال رواة الشعر أعقل من رواه الحديث لأن رواة الحديث يروون مصنوعا كثيرا ورواة الشعر ساعة ينشدون المصنوع ينتقدونه ويقولون هذا مصنوع ( قال ) وحدثني محمد بن يزيد قال كنت بسر من رأى أيام المتوكل وكانت الجيوش متكاثفة فما كان أحد من مرار الطريق يعدم حصاه تتلقاه من خذف حوافر الخيل فأنشدني بعضهم
(
لا تقعدن بسامري على الطرق ** إن كنت يوما على عينيك ذا شفق )
(
حوافر الخيل أقواس وأسهمها ** صم الحجارة والإغراض في الحدق )
ويروى ملس الحجارة ( قال ) وقال لنا الرياشي قال العتبي قال رجل من محارب يعزي بن عم له على ولده
(
وإن أخاك الكاره الورد وارد ** وانك مرأى من أخيك ومسمع )
(
وانك لا تدري بأية بلدة ** صداك ولا عن أي جنبيك تصرع )


(
أتجزع أن نفس أتاهما حمامها ** فهلا التي عن بين جنبيك تدفع )
(
قال ) وقال الرياشي أنشدني العتبي لرجل من بني دارم لإبن عم له يعاتب قريبه
(
تطلع منه بغضة ما يحبنها ** إلي ودوني غمرة ما يخوضها )
(
وجدت أباك شانئا فشنئتني ** شبيه بفرخي بيضة من يبيضها )
(
قال ) وحدثنا حماد بن اسحق بن إبراهيم الموصلي قال حدثني أبي اسحق قال رأيت في منامي كأن شيخا دخل علي وفي يده كبة شعر فجعل يدسها في في فقلت من أنت قال أنا جرير فقصصت الرؤيا على أبي فقال أن صدقت رؤياك نلت من الشعر حاجتك قال حماد قال أبي فرأيت رجلا أشبه الناس بذلك الشيخ فسألته عن نسبه فإذا هو عمارة ابن عقيل بن بلال بن جرير
وقرأت عليه قال حدثني أبي قال قيل لعقيل بن علفة وأراد سفرا أين غيرتك على من تخلف أهلك قال أخلف معهم الحافظين الجوع والعرى أجيعهن فلا يمرحن وأعريهن فلا يبرحن وأنشدنا حماد قال أنشدني أبي اسحق
(
لا يمنعنك من بغاء ** الخير تعقاد التمائم )
(
ولا التشاؤم بالعطاس ** ولا التقسم بالأزالم )
(
ولقد غدوت وكنت لا ** أغدو على واق وحاتم )
(
فإذا الأشائم كالأيامن ** والأيامن كالأشائم )
(
وكذاك الأخير ولا ** شر على أحد بدائم )
(
قد خط ذلك في الزبور ** الأوليات القدائم )
(
قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لأعرابي


(
إن الضيوف تحاموني وحق لهم ** ما منهم إبلي يوما ولا شائي )
(
إذا الضريك عرانا بات ليلته ** ذون البيوت بلا خبز ولا ماء )
(
قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد
(
وكل لذاذة ستمل إلا ** محادثة الرجال ذوي العقول )
(
وقد كنا نعدهم قليلا ** فقد صاروا أقل من القليل )
(
قال ) وقال المسمعي أنشدني دماذ والشعر لبشار بن برد
(
شط بسلمى عاجل البين ** وجاورت أسد بني القين )
(
وحنت النفس لها حنة ** كادت لها تنقد نصفين )
(
يا ابنة من لا أشتهي ذكره ** أخشى عليك علق الشين )
(
طالبها قلبي فراغت به ** وأمسكت قلبي مع الدين )
(
فكنت كالهقل غدا يبتغي ** قرنا فلم يرجع بأذنين )
(
قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر محمد بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عمر بن إبراهيم السعدي ثم الغويثى قال قال لأبنة الخس أبوها يوما أي شيء في بطنك أخبريني به وإلا ضربت رأسك فقالت أرأيتك أن أخبرتك بما في بطني أيكف ذاك عني عذابك اليوم قال نعم قالت أسفله طعام وأعلاه غلام فاسأل عما شئت قال أي المال خير قالت النخل الراسخات في الوحل المطعمات في المحل قال وأي شيء قالت الضأن قرية لا وباء بها ننتجها رخالا وتحلبها علالا وتجز لها جفالا ولا أرى مثلها مالا قال فالإبل مالك تؤخرينها قالت هي إذكار الرجال وأرقاء الدماء ومهور النساء قال فأي الرجال خير قالت
خير الرجال المرهقون كما ** خير تلاع الأرض أوطؤها )
قال أيهم قالت الذي يسئل ولا يسأل ويضيف ولا يضاف ويصلح ولا يصلح قال فأي

الرجال شر قالت الثطيط النطيط الذي معه سويط الذي يقول أدركوني من عبد بني فلان فإني قاتله أو هو قاتلي قال فاي النساء خير قالت التي في بطنها غلام تحمل على وركها غلاما يمشي وراءها غلام قال فاي الجمال خير قالت السبحل الربحل الراحلة الفحل قال أرأيتك الجذع قالت لا يضرب ولا يدع قال أرأيتك الثني قالت يضرب وضرابه وفي ( قال أبو علي ) الصواب أني أي بطئ قال أرأيتك السدس قالت ذاك العرس ( قال أبو عبد الله ) الثطيط الذي لا لحية له والنطيط الهذريان وهو الكثير الكلام يأتي بالخطا والصواب عن غير معرفة
والسبحل والربحل البجيل الكثير اللحم ( قال ) وقال حدثنا الزبير قال حدثنا محمد بن الضحاك قال حدثني عبد العزيز بن محمد عن هشام ابن عروة عن أبيه أن كلاب بن أمية بن الأسكر خرج في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأمية يومئذ شيخ كبير وخرج معه أخ له آخر فانبعث أمية يقول
(
يا أم هيثم ماذا قلت أبلاني ** ريب المنون وهذان الجديدان )
(
إما ترى حجري قدرك جانبه ** فقد يسرك صلبا غير كذان )
(
إما اتريني لا أمضي إلى سفر ** إلا معي واحد منكم أو اثنان )
(
ولست أهدى بلادا كنت أسكنها ** قد كنت أهدي بها نفسي وصحباني )
(
يا ابني أمية إني عنكما غانى ** وما الغنى غير أني مرعش فإني )
(
يا ابني أمية أن لا تشهد كبرى ** فإن نأيكما والثكل مثلان )
(
إذ يحمل الفرس الأحوى ثلاثتنا ** وإذ فراقكما والموت سيان )
(
أصبحت هزؤا الراعي الضأن أعجبه ** ماذا يريبك مني راعي الضان )
(
انعق بضأنك في نجم تحفره ** من الأباطح واحبسها بجمدان )
(
أن ترع ضأنا فإني قد رعيتهم ** بيض الوجوه بني عمي وأخواني )
وقال أيضا


(
لمن شيخان قد نشدا كلابا ** كتاب الله أن رقب الكتابا )
(
ننفض مهده شفقا عليه ** ونجنبه أبا عرنا الصعابا )
(
إذا هتفت حمامة بطن واد ** على بيضاتها دعوا كلابا )
(
تركت أباك مرعشة يداه ** وأمك ما تسيغ لها شرابا )
(
أناديه وولاني قفاه ** فلا وأبي كلاب ما أصابا )
(
فإن مهاجرين تكنفاه ** ليترك شيخه خطئا وخابا )
(
وإن أباك حيث علمتماه ** يطارد أينقا شسبا طرابا )
(
إذا بلغ الرسيم فكان شدا ** يخر فخالط الذقن الترابا )
فلما أنشدها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص أن رحل كلاب بن أمية بن الأسكر فرحله فقدم على عمر بن الخطاب فأمر به فأدخل ثم أرسل إلى أمية فتحدث معه ساعة ثم قال يا أبا كلاب ما أحب الأشياء إليك اليوم قال ما أحب اليوم شيأ ما أفرح بخير ولا يسؤني شر فقال عمر رضي الله عنه بلى على ذلك قال بلى كلاب أحب أنه عندي فأشمه فأمر بكلاب فأخرج إليه فلما رآه الشيخ وثب إليه فجعل يشمه ويبكي وجعل عمر رضي الله تعالى عنه أيضا يبكي ( قال ) وأنشدنا أحمد بن يحيى لعبد الله بن حسن أو لبعض الهاشميين
(
لا خير في الود ممن لا تزال له ** مستشعرا أبدا من خيفة وجلا )
(
إذا تغيب لم تبرح تسيء به ** ظنا وتسأل عما قال أو فعلا )
(
قال أبو علي ) وقرأت عليه قال حدثني أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي قال حدثني أبو عثمان المازني عن الأصمعي قال سرت في تطوافي في العرب بجبلى طيء فدفعت إلى قوم منهم يحتلبون اللبن ثم يصيحون الضيف الضيف فإن جاء من يضيفهم وإلا أراقوه فلا يذوقون منه شيأ دون الضيف إلا أن يجهدهم الجوع ثم دفعت إلى رجل من ولد حاتم بن

عبد الله فسألته القرى فقال القرى والله كثير ولكن لا سبيل إليه فقلت ما أحسب عندك شيأ فأمر بالجفان فأخرجت مكرمة بالثريد عليها وذر اللحم وإذا هو جاد في المنع فقلت والله ما أشبهت أباك حيث يقول
(
وأبرز قدرى بالفناء قليلها ** يرى غير مضنون به وكثيرها )
فقال إلا أشبهه في هذا فقد أشبهته في قوله
(
أماوي إما مانع فمبين ** وإما عطاء لا ينهنهه الزجر )
فأنا والله مانع مبين فرحلت عنه ودفعت إلى امرأة من ولد ابن هرمة فسألتها القرى فقالت إني والله مرملة مسنتة ما عندي شيء فقلت أما عندك جزور فقالت والله ولا شاة ولا دجاجة ولا بيضة فقلت أما ابن هرمة أبوك فقالت بلى والله إني لمن صميمهم قلت قاتل الله أباك ما كان أكذبه حيث يقول
(
لا أمتع العوذ بالفصال ولا ** أبتاع إلا قريبة الأجل )
(
إني إذا ما البخيل آمنها ** باتت ضموزا مني على وجل )
ووليت فنادت أربع أيها الراكب فعله والله ذلك أقله عندنا فقلت إلا تكوني أوسعتينا قرى فقد أوسعتينا جوابا يقال ضمور بالفتح للواحدة وضمور بالضم للجماعة وحدثنا قال قال الزبير حدثني ابن يحيى بن محمد قال حدثني عمي عن إبراهيم بن محمد قال نزلت بأبيات ابن هرمة بعد أن هلك فرأيت حالهم سيئة فقلت لبعض بنانه قد كان أبوكن حسن الحال فما ترك لكن شيأ قالت كيف وهو الذي يقول
(
لا غنمى مد في البقاء لها ** إلا دراك القرى ولا إبلي )
ذاك أفناها ذاك أفناها ( قال ) وأنشدني محمد بن يزيد لعبد الصمد بن المعذل
(
هي النفس تجزي الود بالود أهله ** وأن سمتها الهجران فالهجر دينها )
(
إذا ماقرين بت منها حباله ** فأهون مفقود عليها قرينها )


(
لبئس معار الود من لا يربه ** ومستودع الأسرار من لا يصونها )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال حدثنا أبو العباس قال حدثني ابن عائشة في إسناد ذكره قال قال علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه من أعجز الناس من عجز عن اكتساب الأخوان وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم وقال معاوية رحمه الله تعالى الرجل بلا أخوان كيمين بغير شمال ( قال ) وأنشدنا أبو العباس
(
وكنت إذا الصديق أراد غيظي ** وأشرقني على حنق بريقي )
(
غفرت ذنوبه وصفحت عنه ** مخافة أن أعيش بلا صديق )
(
قال ) وأخبرنا ابن أبي الأزهر قال أخبرنا أبو عبد الله قال دعا مالك بن أسماء بن خارجة جارية له لتخضبه فقالت كم أرقع خلقك فقال
(
عيرتني خلقا أبليت جدته ** وهل رأيت جديدا لم يعد خلقا )
(
قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لدعبل بن علي الخزاعي )
(
نعوني ولما ينعني غير شامت ** وغير عدو وقد أصيبت مقاتله )
(
يقولون إن ذاق الردى مات شعره ** وهيهات عمر الشعر طالت طوائله )
(
سأقضي ببيت يحمد الناس أمره ** ويكثر من أهل الرواية حامله )
(
يموت ردئ الشعر من قبل أهله ** وجيده يبقى وإن مات قائله )
(
قال أبو العباس ) وأخذ هذا المعنى أيضا من نفسه فقال في قصيدة أولها هذه الأبيات
(
إذا غزونا فمغزانا بأنقرة ** وأهل سلمى بسيف البحر من جرت )
(
هيهات هيهات بين المنزلين لقد ** أنضيت شوقي وقد طولت ملتفتى )
(
أحببت أهلي ولم أظلم بحبهم ** قالوا تعصب جهلا قول ذي بهت )
(
لهم لساني بتقريظي وممتدحي ** نعم وقلبي وما تحويه مقدرتي )
(
دعني أصل رحمي إن كنت قاطعها ** لا بد للرحم الدنيا من الصلة )


(
فاحفظ عشيرتك الأدنين إن لهم ** حقا يفرق بين الزوج والمرت )
(
قومي بنو حمير والأزد اخوتهم ** وآل كندة والأحياء من علت )
(
ثبت الحلوم فإن سلت حفائظهم ** سلوا السيوف فأردوا كل ذي عنت )
(
نفسي تنافسني في كل مكرمة ** إلى المعالي ولو خالفتها أبت )
(
وكم زحمت طريق الموت معترضا ** بالسيف ضيقا فأداني إلى السعت )
(
قال العواذل أودى المال قلت لهم ** ما بين أجر وفخر لي ومحمدت )
(
أفسدت مالك قلت المال يفسدني ** إذا بخلت به والجود مصلحتي )
(
لا تعرضن بمزح لامرئ طبن ** ما راضه قلبه أجراه في الشفت )
(
فرب قافية بالمزح قاتلة ** مشؤمة لم يرد إنماؤها نمت )
(
رد السلى مستتما بعد قطعته ** كرد قافية من بعد ما مضت )
(
إني إذا قلت بيتا مات قائله ** ومن يقال له والبيت لم يمت )
(
قال ) وقال أنشدني الرياشي لعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل
(
غدر ابن جرموز بفارس بهمة ** يوم اللقاء وكان غير معرد )
(
يا عمر ولو نبهته لوجدته ** لا طائشا رعش الجنان ولا اليد )
(
ثكلتك أمك إن قتلت لمسلما ** وجبت عليك عقوبة المتعمد )
(
قال ) وقال حدثني الرياشي قال حدثنا الأصمعي عن ابن عون قال رأيت قاتل الزبير وقد حمل عليه الزبير فقال له أنشدك الله قال ثم حمل عليه الزبير فقال أنشدك الله ثلاثا فلما انصرف عنه حمل على الزبير فقال الزبير قاتله الله يذكر بالله وينساه ( قال ) وقال حدثني الرياشي عن الأصمعي عن ابن أبي الزناد قال أنشد ابن عمر قول حسان بن بن ثابت الأنصاري
(
يأبى لي السيف واللسان وقوم ** لم يضاموا كلبدة الأسد )
فقال ابن عمر أفلا قال يأبى لي الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ( قال ) وقال أنشدنا الرياشي قال أنشدني مؤرج لنفسه


(
فزعت بالبين حتى ما يفزعني ** وبالمصائب في أهلي وجيراني )
(
لم يترك الدهر لي علقا أضن به ** إلا اصطفاه بموت أو بهجران )
قال ثم قتل أمير المؤمنين الزبير فقمت فما التقينا ( قال ) وأخبرنا الزبير قال حدثني أخي هرون عن عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المساحقي عن أبيه عن وهب بن مسلم عن أبيه قال دخلت مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مع نوفل بن مساحق فمررنا بسعيد بن المسيب فسلمنا عليه فرد ثم قال يا أبا سعيد من أشعر أصاحبنا أم صاحبكم يريد عمر بن أبي ربيعة وابن قيس الرقيات فقال له ابن مساحق حين يقولان ماذا قال حين يقول صاحبنا
(
خليلي ما بال المطايا كأننا ** نراها على الأدبار بالقوم تنكص )
(
وقد أتعب الحادي سراهن وانتحى ** بهن فما يألو عجول مقلص )
(
يزدن بنا قربا فيزداد شوقنا ** إذا زاد قرب الدار والبعد ينقص )
(
وقد قطعت أعناقهن صبابة ** فأنفسها مما تكلف شخص )
ويقول صاحبكم ما شاء فقال له نوفل صاحبكم أشعر بالغزل وصاحبنا أكثر فانين شعر فلما انقضى ما بينهما استغفر الله سعيد مائة مرة يعد بالخمس ( قال أبو علي ) أنشدني أبو بكر محمد بن أبي الأزهر قال أنشدني أحمد بن اسحق أبو المدور قال أنشدني ابن الأعرابي واسمه محمد بن زياد
(
ولئن سألت بني سليم أينا ** أدنى لكل أرومة وفعال )
(
لينبئنك رهط معن أنهم ** بالعلم للأتقون من سمال )
(
أن السماء لنا عليك نجومها ** والشمس مشرقة وكل هلال )
(
تبكي المراغة بالرغام على ابنها ** والنائحات يهجن بالإعوال )


(
سوقي النواهق مات من يبكينه ** وتعرضي لمصعد القفال ) ( قال محمد ) رأيته في شعر الفرزدق مصاعد ورأيت في شرح البيت النواهق والناهقات ذكر أن الحمير يقول مات من يبكيه إلا الحمير
(
وسرت مدامعها تنوح على ابنها ** بالرمل قاعدة على جلال )
(
قال محمد ) ولم يأت هذا البيت في القصيدة
(
قالوا لها احتسبي جريرا أنه ** أودى الهزبر به أبو الأشبال )
(
ألقى عليه يديه ذو قومية ** ورد فدق مجامع الأوصال )
(
قد كنت لو نفع النذير نهيته ** أن لا يكون فريسة الرئبال )
(
إني رأيتك إذ أبقت فلم تئل ** خيرت نفسك من ثلاث خلال )
(
بين الرجوع إلي وهي بغيضة ** في فيك مدنية في الآجال )
(
أو بين حي أبى نعامة هاربا ** أو باللحاق بطيىء الأجبال )
يريد بحي أبي نعامة إذ هو حي يقال فعلت ذلك في حي فلان أي وفلان حي وأبو نعامة قطري بن الفجاءة من بني مازن
(
فاسأل فإنك من كليب واتبع ** بالعسكرين بقية الأطلال )
(
واسأل بقومك يا جرير ودارم ** من ضم بطن منى من النزال )
النزال ههنا الحجاج قال عامر بن الطفيل
(
أنازلة أسماء أم غير نازلة ** أبيني لنا يا أسم ما أنت فاعلة )
(
تجد المكارم والعديد كليهما ** في مالك ورغائب الآكال )
(
قال ) وقال وأنشدني أبو علي أحمد بن اسحق
(
وأبيض يغشى المعتفون فناءه ** له حسب زاك ومجد مؤثل )
(
ولا تكره الجارات أن يعتفينه ** إذا قام بالعبد الأسير المرجل )
(
قال ) الأسير المرجل الزق يريد أن يشتري زقا بعبد
قال ابن الأعرابي في قول

الله عز وجل { وأنتم سامدون } قال السامد المنتصب هما وحزنا وأنشد للكميت ابن معروف الأسدي
(
رمى المقدار نسوة آل حرب ** بمقدار سمدن له سمودا )
(
فرد شعورهن السود بيضا ** ورد خدودهن البيض سودا )
(
فإنك لو شهدت بكاء هند ** ورملة إذ تصكان الخدودا )
(
بكيت بكاء معولة حزين ** أصاب الدهر واحدها الفقيدا )
(
قال أبو علي ) قال أبو بكر وأنشدني محمد بن يزيد
(
إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقا ** وتستحي مخلوقا فما شئت فاصنع )
(
قال ) وأنشدني مسعود بن بشر لقريف الكلبي
(
إني امرؤ نبه وإن عشيرتي ** كرم وأن سماءهم تستمطر )
(
حدبوا علي كما حدبت عليهم ** فلئن فخرت بهم لنعم المفخر )
(
قال ) قال وأنشدني محمد بن يزيد قال أنشدني دعبل لرجل من أهل الكوفة في امرأته وقد تزوجت غيره
(
إذا ما نكحت فلا بالرفاء ** وإما ابتنيت فلا بالبنينا )
(
تزوجت أصلع في غربة ** تجن الحليلة منه جنونا )
(
إذا ما نقلت إلى بيته ** أعد لجنبيك سوطا متينا )
(
يشمك أخبث أعراضه ** إذا ما دنوت لتستنشقينا )
(
كأن المساويك في شدقه ** إذا هن أكرهن يقلعن طينا )

=====================

ج6. كتاب :الأمالي في لغة العرب{أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي



(
قال أبو علي ) وأنشدنا قال أنشدنا أحمد بن يحيى قال أنشدني العتبي في السري ابن عبد الله بن الحرث
(
كأن الذي يأتي السري لحاجة ** أناخ إليه بالذي كان يطلب )
(
إذا ما ابن عبد الله خلى مكانه ** فقد حلقت بالجود عنقاء مغرب )
(
قال ) وقال لي محمود بن يزيد ما سمعت أهجى من هذا البيت وأنشدنيه لأخي دعبل ابن علي الخزاعي
(
قوم إذا ذعروا أو نابهم فزع ** كانت حصونهم الأعراض والحرم )
(
قال ) وأنشدني محمد بن يزيد قال أنشدني بلال بن هانيء بن عقيل بن بلال بن جرير لجماهر بن عبد الحكيم الكلبي
(
قضى كل ذي دين ووفى غريمه ** ودينك عند الزاهرية ما يقضى )
(
أكاتم في حبي ظريفة بالتي ** إذا استبصر الواشون ظنوا به بغضا )
(
صدودا عن الحي الذين أودهم ** كأني عدو لا يطور لهم أرضا )
(
ولم يدع باسم الزاهرية ذاكر ** على آلة إلا ظللنا لها مرضى )
(
وما نقع الهيمان بالشرب بعدهم ** ولا ذاقت العينان مذ فارقوا غمضا )
(
فلا وصل إلا أن تقرب بيننا ** غريرية تشكو الأخشة والغرضا ) ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد المبرد قال أنشدني التوزي عن الأصمعي لنافع ابن خليفة الغنوي
(
تغطي نمير بالعمائم لؤمها ** وكيف يغطي اللؤم طي العمائم )
(
فإن تضربونا بالسياط فإننا ** ضربناكم بالمرهفات الصوارم )
(
وأن تحلقوا منا الرؤس فإننا ** حلقنا رؤسا باللحي والغلاصم )
(
وإن تمنعوا منا السلاح فعندنا ** سلاح لنا لا يشترى بالدراهم )

(
جلاميد أملاء الأكف كأنها ** رؤس رجال حلقت في المواسم ) ( قال ) وقال أنشدنا محمد بن يزيد
(
فلا هجر القلى هجرتك نفسي ** ولا هجرتك هجران الدلال )
(
ولكن الملال سما اليها ** فعاذت بالصدود من الملال )
(
وشجعني على الهجران أني ** رأيتك حين أهجر لا تبالي )
(
فديتك لا أبالي سوء حالي ** إذا ما كنت أنت بخير حال )
(
سأمنح بعدك الأخوان هجرا ** وأقلى الوصل غابرة الليالي )
(
قال أبو علي ) قرأت على أبي بكر محمد بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال حدثنا محمد بن الحسن المخزومي عن رجل من الأنصار نسى اسمه قال جاء حسان بن ثابت رضي الله عنه إلى النابغة فوجد الخنساء حين قامت من عنده فأنشده قوله
(
أولاد جفنة حول قبر أبيهم ** قبر ابن مارية الكريم المفضل )
(
يسقون من ورد البريص عليهم ** بردى يصفق بالرحيق السلسل )
(
يغشون حتى ما تهر كلابهم ** لا يسألون عن السواد المقبل )
الأبيات فقال أنك لشاعر وإن أخت بني سليم لبكاءة ( قال ) قال وأنشدنا الرياشي
(
ليس الكريم بمن يدنس عرضه ** ويرى مروأته تكون بمن مضى )
(
حتى يشيد بناءهم ببنائه ** ويزين صالح ما أتوه بما أتى )
(
قال ) قال وأنشدنا محمد بن يزيد
(
لسنا وإن كرمت أوائلنا ** يوما على الأحساب نتكل )
(
نبني كما كانت أوأئلنا ** تبني ونفعل كالذي فعلوا )
(
قال ) وأنشدنا أيضا محمد
(
إني وإن كنت ابن فارس عامر ** وفي السر منها والصريح المهذب )
(
فما سودتني عامر عن وراثة ** أبى الله أن أسمو بأم ولا أب )


(
ولكنني أحمي حماها وأتقي ** أذاها وأرمي من رماها بمنكب )
(
قال أبو علي ) وقرأت على أبي بكر محمد بن أبي الأزهر قاله أنشدنا أبو العباس لعبد الله رحمه الله
(
سببت لي من حاجتي سببا ** بجميل رأيك يا أبا الفضل )
(
حتى إذا قربت أبعدها ** ووقفتها في الموقف السهل )
(
أرجأتها فكأنما سقطت ** مكسورة الرجلين في الوحل )
(
قال ) وأنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد للعباس بن الأحنف
(
ألا كتبت تنهى وتأمر بالهجر ** فقلت لها لو أن قلبك في صدري )
(
سأصبر كي ترضى وأهلك حسرة ** وحسبي بأن ترضى ويهلكني صبري )
(
قال ) وأنشدنا الرياشي
(
إذا ما خليلي ساءني سوء فعله ** ولم يك عما ساءني بمفيق )
(
صبرت على ما كان من سوء فعله ** مخافة أن أبقى بغير صديق )
(
قال ) وأنشدنا أيضا محمد بن يزيد
(
بيد الذي شغف الفؤاد بكم ** فرج الذي يلقى من الهم )
(
فاستيقني أن قد كلفت بكم ** ثم افعلي ما شئت عن علم )
(
قال ) وأنشدني أبو العباس محمد بن يزيد قال أنشدني دعبل لرجل من أهل الكوفة
(
بكت دار بشر شجوها أن تبدلت ** هلال بن قعقاع ببشر بن غالب )
(
وما هي إلا كالعروس تنقلت ** على رغمها من هاشم في محارب )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو زيد قال حدثنا ابن عائشة قال حدثني دريد بن مجاشع عن غالب القطان عن مالك بن دينار عن الأحنف بن قيس قال قال لي

عمر يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزح استخف به ومن أكثر من شيء عرف به ومن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه مات قلبه ( قال ) وحدثنا أبو زيد قال حدثنا محمد بن سلام قال حدثني يونس بن حبيب قال صنع رجل لأعرابي ثريدة ليأكلها فقال له لا تسقعها ولا تشرمها ولا تقعرها قال له فمن أين أكل لا أبالك معنى تسقعها تقشر أعلاها وتشرمها تخرقها وتقعرها تأكل من أسفلها ( قال ) وحدثنا أحمد بن يحيى قال حدثنا عبد الله بن شبيب قال حدثنا داود بن ابراهيم الجعفري عن رجل من أهل البادية قال قيل لأبنة الخس أي الرجال أحب إليك قالت السهل النجيب السمح الحسيب الندب الأريب السيد المهيب قيل لها فهل بقي أحد من الرجال أفضل من هذا قالت نعم الأهيف الهفهاف الأنف العياف المفيد المتلاف الذي يخيف ولا يخاف قيل لها فأي الرجال أبغض إليك قالت الأورة النؤم الوكل السؤم الضعيف الحيزوم اللئيم الملوم قيل لها فهل بقي أحد شر من هذا قالت نعم الأحمق النزاع الضائع المضاع الذي لا يهاب ولا يطاع قالوا فأي النساء أحب إليك قالت البيضاء العطره كأنها ليلة قمره قيل فأي النساء أبغض إليك قالت العنفص القصيرة التي ان استنطقتها سكتت وإن سكت عنها نطقت
(
قال أبو علي ) قال لنا أبو بكر يروي عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال لقي الفرزدق كثيرا بقارعة البلاط وأنا معه فقال أنت يا أبا صخر أنسب العرب حيث تقول
(
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ** تمثل لي ليلى بكل سبيل )
فقال له كثير وأنت يا أبا فراس أفخر العرب حيث تقول
(
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا ** وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا )
وهذان البيتان لجميل سرق أحدهما كثير والآخر الفرزدق فقال له الفرزدق يا أبا صخر هل كانت أمك ترد البصرة فقال لا ولكن أبي كان يردها قال طلحة بن عبد الله والذي نفسي بيده لعجبت من كثير وجوابه وما رأيت أحدا قط أحمق منه رأيتني أنا

وقد دخلت عليه معي جماعة من قريش وكان عليلا فقلنا كيف تجدك يا أبا صخر قال بخير هل سمعتم الناس يقولون شيأ وكان يتشيع فقلنا نعم يتحدثون أنك الدجال قال والله لئن قلت ذاك إني لأجد ضعفا في عيني هذه منذ أيام ( قال ) وأنشدنا الزبير لبعض البصريين القشيريين
(
ولما تبينت المنازل باللوى ** ولم تقض لي تسليمة المتزود )
(
زفرت إليها زفرة لوحشوتها ** سرابيل أبدان الحديد المسرد )
(
لفضت حواشيها وظلت لحرها ** تلين كما لانت لداود في اليد )
(
قال ) وحدثنا الزبير بن بكار قال حدثني مصعب بن عثمان قال لما خرج محمد بن عبد الله بن حسن قام على منبر المدينة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس أنه قد كان من أمر هذه الطاغية أبي جعفر من بنائه القبة الخضراء التي بناها معاندة لله في ملكه وتصغيره الكعبة الحرا م وإنما أخذ الله فرعون حين قال أنا ربكم الأعلى وأن أحق الناس بالقيام في هذا الدين أبناء المهاجرين الأولين والأنصار المواسين اللهم أنهم قد أحلوا حرامك وحرموا حلالك وعملوا بغير كتابك وغيروا عهد نبيك صلى الله عليه وسلم وآمنوا من أخفت وأخافوا من آمنت فأحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق على الأرض منهم أحدا ( قال ) وأنشدنا الزبير لأعرابي
(
وقالوا ألا تبكي خريم بن مالك ** فقلت وهل يبكي الذلول الموقع )
(
صبرت وكان الصبر خير مغبة ** وهل جزع مجد علي فأجزع )
(
ولو شئت أن أبكي دما لبكيته ** عليه ولكن ساحة الصبر أوسع )
(
وإني وإن أظهرت صبرا وحسبة ** وصانعت أعدائي عليه لموجع )
(
وأعددته ذخرا لكل ملمة ** وسهم المنايا بالذخائر مولع )
(
قال ) وأنشدني محمد بن يزيد من هذه الأبيات ثلاثة أبيات أولها
(
ألم ترني أبني على الليث بيته ** وأحثو عليه الترب لا أتخشع )


(
أرد بقايا برده فوق سنة ** إخال بها ضوأ من البدر يسطع )
(
قال ) وأنشدنا الزبير قال قرأها علي عمر بن أبي بكر لجميل قال أبو بكر بن أبي الأزهر وأنشدني محمد بن يزيد هذه الأبيات ما خلا الست الأول
(
فقد لان أيام الصبا ثم لم يكد ** من الدهر شيء بعدهن يلين )
(
ظعائن ما في قربهن لذي هوى ** من الناس إلا شقوة وفتون )
(
وواكلنه والهم ثم تركنه ** وفي القلب من وجد بهن رهين )
(
فواحسرتا ان حيل بيني وبينها ** ويا حين نفسي كيف فيك تحين )
(
فشيب روعات الفراق مفارقي ** وأنشزن نفسي فوق حيث تكون )
(
شهدت بأنى لم تغير مودتي ** وأنى بكم حتى الممات ضنين )
(
وأن فؤادي لا يلين إلى هوى ** سواك وإن قالوا بلى سيلين )
(
وإني لأستغشي وما بي نعسة ** لعل لقاء في المنام يكون )
(
ولما علوت اللابتين تشوقت ** قلوب إلى وادي القرى وعيون )
(
كأن دموع العين يوم تحملت ** بثينة يسقيها الرشاش معين )
(
ورحن وقد ودعن عندي لبانة ** لبثنة سر في الفؤاد كمين )
(
كسر الثرى لم يعلم الناس أنه ** ثوى في قرار الأرض وهو دفين )
(
فإن دام هذا الصرم منك فإنني ** لأغبرها ري الجانبين رهين )
(
لكيما يقول الناس مات ولم أهن ** عليك ولم تنبت منك قرون )
(
قال أبو علي ) قال أبو بكر بن أبي الأزهر وجدت في كتاب لي حدثنا الزبير بن عباد ولا أدري عمن هو قال حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز عن المغيرة بن عبد الرحمن قال خرجت في سفر فصحبني رجل فلما أصبحنا نزلنا منزلا فقال ألا أنشدك أبياتا قلت أنشدني فأنشدني


(
إن المؤمل هاجه أحزانه ** لما تحمل غدوة جيرانه )
(
بانوا فملتمس سوى أوطانهم ** وطنا وآخر همه أوطانه )
(
قد زادني كلفا إلى ما كان بي ** رئم عصى فأذاقني عصيانه )
(
حلو الكلام كأن رجع حديثه ** در يساقطه إليك لسانه )
(
إن كان شيء كان منه ببابل ** فلسانه قد كان أو إنسانه )
قال قلت أنك لأنت المؤمل قال أنا المؤمل بن طالوت ( قال أبو بكر ) قال الزبير تقول العرب الملاحة في الفم والجمال في الأنف والحلاوة في العينين ( قال أبو بكر ) أنشدنا الرياشي قال أنشدنا أبو عبد الرحمن بن عائشة لرجل من تيم قريش
(
إني إذا أحييت نار مرملة ** ألفى بأرفع تل موقدا ناري )
(
كيما يراها فقير بائس صرد ** ومرمل جاء يسرى بعد إعسار )
(
عودت نفسي إذا ما الضيف نبهني ** عقر العشار على عسري وإيساري )
(
أبيت أقريه من مالي كرائمه ** أختص كل كناز شحمها وارى )
(
ولا أخالف جاري عند غيبته ** إلى حليلته تقتص آثاري )
(
وأترك الشيء أهواه ويعجبني ** أخشى عواقب ما فيه من العار )
(
إنا كذلك قدما إن سألت بنا ** أهل الحفاظ ومنا صاحب الغار )
(
قال أبو علي ) قال أبو بكر بن أبي الأزهر أنشدت لأعرابي
(
أريد بأن لا يعلم الناس أنني ** أحبك يا ليلى وأن تصليني )
(
فكيف بهم لا بوركوا أن هجرتها ** جزعت وإما زرتها عذلوني )


(
قال ) وأنشدت أيضا لأعرابي
(
ألا إن حسنا دونه قلة الحمى ** منى النفس لو كانت تنال شرائعه )
(
أريتك إن شطت بك العام نية ** وغالك مصطاف الحمى ومرابعه )
(
أترعين ما استودعت أم أنت كالذي ** إذا ما نأى هانت عليه ودائعه )
(
قال أبو علي ) وهذا غلط عندي والروابة
(
ألا أن حسيا دونه قلق الحمى ** )
كذا أنشدنيه أبو بكر بن دريد ومن أثق بعلمه قال أبو بكر بن أبي الأزهر وأنشدنا الرياشي للحكم بن قنبر
(
العلم زين وتشريف لصاحبه ** فاطلب هديت فنون العلم والأدبا )
(
لا خير فيمن له أصل بلا أدب ** حتى يكون على ما نابه حدبا )
(
كم من حسيب أخي عي وطمطمة ** فدم لدى القول معروف إذا نسبا )
(
في بيت مكرمة آباؤه نجب ** كانوا الرؤس فأضحى بعدهم ذنبا )
(
وخامل مقرف الآباء ذي أدب ** نال المعالي به والمال والحسبا )
(
أمسى عزيزا عظيم الشأن مشتهرا ** في خده صعر قد ظل محتجبا )
(
وصاحب العلم معروف به أبدا ** نعم الخليط إذا ما صاحب صحبا )
(
قال ) وأنشدنا أبو علي أحمد بن إسحق
(
وكم كذبة لي فيك لا أستقيلها ** بقولي لمن ألقاه إني صالح )
(
وأي صلاح لي وجسمي ناحل ** وقلبي مشغوف ودمعي سائح )
(
قال ) وحدثني أحمد بن اسحق أبو المدور قال حدثني حماد بن اسحق قال حدثني اسحق بن إبراهيم قال قال أبو صالح الفزاري تذاكرنا يوما ذا الرمة فقال لنا عصمة بن مالك الفزاري وكان قد بلغ عشرين ومائة سنة إ ياي فاسألوا عنه كان حلو العينين خفيف العارضين براق الثنايا واضح الجبين حسن الحديث إذا أنشد بربر وجش صوته جمعني وإياه مرتبع مرة

فأتاني فقال لي هيا عصمة إن ميا منقرية ومنقر أخبث حي وأقوفه لأثر وأثبته في نظر وقد عرفوا آثارا بلى فهل من ناقة نزدار عليها ميا قلت إي والله الجؤذر بنت يمانية لجد لي فقال علي بها فأتيته بها فركب وردفته حتى أشرفنا على منزل مي فإذا الحي خلوف فأمهلنا وتقوض النساء من بيوتهن إلى بيت مي وإذا فيهن ظريفة جمعتهن فنزلنا بها فقالت أنشدنا يا ذا الرمة فقال أنشدهن يا عصمة وكان عصمة راويته فأنشدتهن قصيدته التي يقول فيها
(
نظرت إلى أظعان مي كأنها ** ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبه )
(
فأسبلت العينان والصدر كاتم ** بمغرورق نمت عليه سواكبه )
(
بكى وامق الفراق ولم تجل ** جوائلها أسراره ومعاتبه )
فقالت الظريفة فالآن فلتجل فقالت لها مية قاتلك الله ماذا تجيبين به منذ اليوم ثم أنشدت حتى بلغت إلى قوله
(
إذا سرحت من حب مي سوارح ** عن القلب آبته بليل عوازبه )
فقالت لها الظريفة قتلتيه قتلك الله فقالت مي أنه لصحيح وهنيأ له قال فتنفس ذوا الرمة تنفسا كاد يطير حره شعر وجهي قال ثم أنشدت حتى بلغت إلى قوله
(
وقد حلفت بالله مية ما الذي ** أحدثها إلا الذي أنا كاذبه )
(
إذا فرماني الله من حيث لا أرى ** ولا زال في أرضي عدو أحار به )
قال فقالت مي خف عواقب الله عز وجل يا غيلان قال ثم أنشدت حتى بلغت إلى قوله
(
إذا نازعتك القول مية أو بدا ** لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه )
(
فيالك من خد أسيل ومنطق ** رخيم ومن خلق تعلل جادبه )


قال فقالت الظريفة هذا الوجه قد بدا وهذا القول قد تنوزع فيه فمن لنا بان ينضوا الدرع سالبه فقالت مي صلى الله عليه وسلم على رسول الله ما أنكر ما تجيبين به منذ اليوم قال فقالت الظريفة وقمن معها فقالت دعوهم فإن لهم لشأنا فقمت فجلست ناحية وجلسا بحيث نراهما ولا نسمع من كلامهما إلا الحرف بعد الحرف ووالله ما رأيتهما برحا من مكانهما وسمعتها تقول له كذبت فوالله ما أدري ما الذي كذبته فيه إلى الساعة ثم خرج ومعه قارورة فيها دهن وقلائد فقال أعصمة هذه دهنة طيبة أتحفتنا بها مي وهذه قلائد قلدتها مي الجؤذر ولا والله لا قلدتهن بعيرا أبدا فعقدهن في ذؤابة سيفه وانصرفنا فلما كان بعد أتانى فقال هيا عصمة قد رحلت مي فلم يبق إلا الديار والنظر في الآثار فأنهض بنا ننظر إلى آثارها قال فركب وتبعته فلما أشرف على المرتبع قال
(
ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ** ولا زال منهلا بجرعائك القطر )
(
وإن لم تكوني غير شام بقفرة ** تجربها الأذيال صيفية كدر )
(
قال ) ثم انفضحت عيناه بالبكاء فقلت مه يا ذا الرمة فقال إني لجلد على ما ترى وإني لصبور قال فما رأيت رجلا أشد صبابة ولا أحسن عزاء منه ثم افترقنا فكان آخر العهد به قال عصمة وكانت مي صفراء أملودا واردة الشعر حلوة ظريفة وإن في النساء اللاتي معها لأحسن منها وكان عليها ثوب أصفر ونطاق أخضر قال وأنشدنا لأبن أذينة
(
ولقد وقفت على الديار لعلها ** بجواب رجع تحية تتكلم )
(
لبثوا ثلاث منى بمنزل غبطة ** وهم على عجل لعمرك ما هم )
(
متجاورين بغير دار اقامة ** لوقد أجدر حيلهم لم يندموا )
(
والعيس تسجع بالحنين كأنها ** بين المنازل حين تسجع مأثم )
(
ولهن بالبيت العتيق لبانة ** والركن يعرفهن لو يتكلم )
(
لو كان حيا قبلهن ظعائنا ** حيا الحطيم وجوههن وزمزم )
(
وكأنهن وقد برزن لواغبا ** بيض بأفنية المقام مركم )


(
ثم انصرفن لهن زي فاخر ** فأفضن في زقب وحل المحرم )
قال وحدثنا الرياشي قال سمعت الأصمعي يقول حدثني أبي عن مولاه ابن الأجيد قال كان أوفى بن دلهم يقول النساء أربع فمنهن معمع لها شيئها أجمع ومنهن صدع تفرق ولا تجمع ومنهن تبع تزبي ولا تنفع ومنهن غيث وقع ببلد فأمرع فذكرت هذا الحديث لأبي عوانة فقال كان عبد الملك بن عمر يزيد فيه ومنهن القرثع فقيل له وما القرثع قال التي تلبس درعها مقلوبا وتكحل احدى عينيها وتدع الأخرى ( قال ) وأنشدنا الزبير لإبن أبي عاصية السلمي
(
فهل ناظر من بطن غمدان مبصر ** قفا أحد رمت المدا المتراخيا )
(
ولو أن داء الياس بي فأعانني ** طبيب بأرواح العقيق شفانيا )
قال الزبير يعني الياس بن مضر وكان به داء السل وبه مات ( قال ) وأنشدنا الزبير لحميد ابن أصرم الطوسي
(
خليتني والزمان منتكث ** والجد كاب أكابد الزمنا )
(
وانقلب الدهر فانقلبت ولو ** خانك صرفاه لم أخنك أنا )
قال وأنشدنا محمد بن يزيد لدعبل
(
وصاحب مغرم بالجود قلت له ** والنحل يصرفه عن شيمة الجود )
(
لا تقضين حاجة أتعبت صاحبها ** بالمطل منك فترزا غير محمود )
(
كأنني رحت منه حين نولني ** بمدمج الصدر من متنيه مقدود )
(
كأن أعضاءه في كل مكرمة ** ينزعن مستكرهات بالسفافيد )
قال وأنشدنا محمد بن يزيد
(
يحب المديح أبو مالك ** ويجزع من صلة المادح )
(
كبكر تحب لذيذ النكاح ** وتفرق من صولة الناكح )


(
قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال حدثني التوزي عن الأصمعي قال دخل نصيب على عبد الملك بن مروان فعاتبه ولامه على قلة زيارته له واتيانه إياه فقال يا أمير المؤمنين أنا عبد أسود ولست من معاشري الملوك فدعاه إلى النبيذ فقال يا أمير المؤمنين أنا أسود البشرة قبيح المنظرة وإنما وصلت إلى مجلس أمير المؤمنين بعقلي فإن رأى أمير المؤمنين أن لا يدخل عليه ما يزيله فعل فأعفاه ووصله فقال نصيب في سواده
(
سودت فلم أملك سوادي وتحته ** قميص من القوهي بيض بنائقه )
(
ولا خير في ود امرئ متكاره ** عليك ولا في صاحب لا توافقه )
(
فإن شئت فارفضه فلا خير عنده ** وإن شئت فاجعله خليلا تصادقه )
(
قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال حدثنا أبو عثمان المازني قال كان أعرابي يلزمنا فصيح اللسان قال فقال له علي بن جعفر بن سليمان وكان لا يعطيه شيأ وقد أتاه مرحبا وأهلا وسهلا فقال الأعرابي
(
وما مرحب إلا كريح تنسمت ** إذا أنت لم تخلط فعالا بمرحب )
فضحك منه ووصله ( قال ) وأنشدنا الرياشي قال أنشدني أبو الوجيه
(
تبكي على ليلى خفاتا وما رأت ** لك لعين أسوارا لليلى ولا حجلا )
(
ولكن نظرات بعين مليحة ** أولاك اللواتي قد مثلن بنا مثلا )
(
قال ) وأنشدنا الزبير بن بكار لمالك ابن أخي رفيع الأسدي قال أنشدنيها محمد بن أنس الأسدي وكان صعلوكا فطلبه مصعب بن الزبير فهرب منه وقال
(
بغاني مصعب وبنو أبيه ** فأين أحيد منهم لا أحيد )
(
أسود بالحجاز على أسود ** خوادر ما تنهنهها الأسود )
(
أقادوا من دمي وتوعدوني ** وكنت وما ينهنهني الوعيد )
(
شقيت بهم على طول التنائي ** كما شقيت بأحمرها عود )


(
عسى ابن الكاهلية في نداه ** يعود بحلمه فيما يعود )
(
فيأمن خائف بهم طريد ** ويأتي أهله النائي البعيد
(
قال ) وحدثنا أبو العباس محمد بن يزيد قال خرجت مع الحسن بن رجاء إلى فارس فلما صرنا إلى موضع يعرف بشعب بوان رأيت على حائط قال أو على باب الشعب مكتوبا بخط جليل
(
إذا أشرف المكروب من رأس تلعة ** على شعب بوان أفاق من الكرب )
(
وألهاه بطن كالحريرة مسه ** ومطرد يجري من البارد العذب )
(
وطيب ثمار في رياض أريضة ** وأغصان أشجار جناها على قرب )
(
فبالله يا ريح الجنوب تحملي ** إلى شعب بوان سلام فتى صب )
(
وإذا تحت ذلك الخط الجليل بخط أدق منه
(
ليت شعري عن الذين تركنا ** خلفنا بالعراق هل يذكرونا )
(
أم لعل المدى تطاول حتى ** قدم العهد بيننا فنسونا )
(
قال ) وأنشدنا الزبير للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس في شبابه وكان مالك ابن أبي السمح المغني وهو رجل من طيئ خاصا به وكان الحسين بن عبد الله يكنى أبا عبد الله وقد روى عنه الحديث
(
لا عيش إلا بمالك بن أبي السمح فلا تلحني ولا تلم ** )
(
أبيض كالسيف أو كلامعة البروق في حالك من الظلم ** )
(
يصيب من لذة الكريم ولا ** ينهك حق الإسلام والحرم )
(
يا رب يوم لنا كحاشية البرد وليل كذاك لم يدم ** )
(
قد كنت فيه ومالك بن أبي السمح كريم الأخلاق والشيم ** )
(
قال ) وأنشدني محمد بن يزيد لبعضهم


(
من ندى عاصم جرى الماء في العود ** وفي سيفه دماء الذباح )
(
قائم السيف أخضر من نداه ** وعلى شفرتيه سم متاح )
(
يتلقى الندى بوجه حيي ** وصدور القنا بوجه وقاح )
(
قال ) وأنشدت في رجل كان يبخل ويصوم الإثنين والخميس
(
أزورك يوم الصوم علما بأنني ** إذا جئت يوما غيره لا أكلم )
(
مخافة قولي أنني جئت جائعا ** ولو قلتها أيضا لما كنت أطعم )
(
قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لداود بن سلم التميمي يقوله في قثم بن العباس
(
نجوت من حل ومن رحلة ** يا ناق أن أدنيتني من قثم )
(
أنك أن بلغتنيه غدا ** أحيالي اليسر ومات العدم )
(
في باعه طول وفي وجهه ** نور وفي العرنين منه شمم )
(
أصم عن قول الخنا سمعه ** وما عن الخير به من صمم )
(
لم يدر مالا وبلى قد درى ** فعافها واعتاض منها نعم )
(
قال ) وأنشدنا حماد بن اسحق عن أبيه في صفة الذئب قال وأنشدنا محمد بن يزيد ( قال أبو علي ) وأنشدنيه أيضا محمد بن الحسن
(
أطلس يخفي شخصه غباره ** في شدقه شفرته وناره )
(
بهم بني محارب مزداره ** )
(
قال أبو علي ) وقرأت على أبي عمر عن أبي العباس عن ابن الأعرابي في صفة البعوض
(
مثل السفاة دائم طنينها ** ركب في خرطومها سكينها )
قال أبو بكر بن أبي الأزهر قال حماد بن اسحق سألت أبي عن قول ابن أحمر
(
وقرطوا الخيل من فلج أعنتها ** مستمسك بهواديها ومصروع )


فقال تقريطها أن يرسل للفرس عنانه حتى يكون في موضع القرط منه وذلك أشد لجريه
(
قال ) وأنشدني حماد عن أبيه لكثير
(
وإني لأستأني ولولا طماعتي ** بعزة قد جمعت بين الضرائر )
(
وهم بناتي أن يبن وحممت ** وجوه رجال من بني الأصاغر )
يقول لولا أني أتأنى وأنتظروا أرجو أن أظفر بعزة لقد كنت تزوجت ضرائر وولد لي بنات وكبرن وهممن بأن يبن من أزواجهن وقوله وحممت وجوه رجال من بني الأصاغر حممت أي اسودت منابت لحاهم لنبت الشعر ( قال أبو علي ) وقرأت على أبي الحسن علي ابن سليمان الأخفش في المفضليات قصيدة عبد يغوث بن وقاص الحرثي وكان أسر يوم الكلاب أسرته التيم وقال أبو الحسن علي بن سليمان حدثني أبو جعفر محمد بن الليث الأصفهاني قال أملى علينا أبو عكرمة الضبي المفضليات من أولها إلى آخرها وذكر أن المفضل أخرج منها ثمانين قصيدة للمهدي وقرئت بعد على الأصمعي فصارت مائة وعشرين قال أبو الحسن أخبرنا أبو العباس ثعلب أن أبا العالية الأنطاكي والسدري وعافية بن شبيب وهؤلاء كلهم بصريون من أصحاب الأصمعي أخبروه أنهم قرؤا عليه المفضليات ثم استقرؤا الشعر فأخذوا من كل شاعر خيار شعره وضموه إلى المضليات وسألوه عما فيه مما أشكل عليهم في معاني الشعر وغريبه فكثرت جدا وقال أبو عكرمة مر أبو جعفر المنصور بالمهدي وهو ينشد المفضل قصيدة المسيب التي أولها أرحلت وهي هذه
(
أرحلت من سلمى بغير متاع ** قبل العطاس ورعتها بوداع )
(
عن غير مقلية وأن حبالها ** ليست بأرمام ولا أقطاع )
(
إذ تستبيك بأصلتي ناعم ** قامت لتقتله بغير قناع )
(
ومها يرف كأنه إذ ذقته ** عانية شجت بماء يراع )


(
أوصوب غادية أدرته الصبا ** ببزيل أزهر مدمج بسياع )
(
فرأيت أن الحلم مجتنب الصبا ** فصحوت بعد تشوق ورواع )
(
فتسل حاجتها إذا هي أعرضت ** بخميصة سرح اليدين وساع )
(
صكاء ذعلبة إذا استدبرتها ** حرج إذا استقبلتها هلواع )
(
وكأن قنطرة بموضع كورها ** ملساء بين غوامض الأنساع )
(
وإذا تعاورت الحصى أخفافها ** دوت نواديه بظهر القاع )
(
وكأن حاركها رباوة مخرم ** وتمد ثني جديلها بشراع )
(
فإذا أطفت بها أطفت بكلكل ** نبض الفرائص مجفر الأضلاع )
(
مرحت يداها للنجاء كأنما ** تكرو بكفى لاعب في صاع )
(
فعل السريعة بادرت جدادها ** قبل المساء تهم بالإسراع )
(
فلأهدين مع ا لرياح قصيدة ** مني مغلغلة إلى القعقاع )
(
ترد المناهل لا تزال غريبة ** في القوم بين تمثل وسماع )
(
وإذا الملوك تدافعت أركانها ** أفضلت فوق أكفهم بذراع )
(
وإذا تهيج الريح من صرادها ** ثلجا ينيخ النيب بالجعجاع )
(
أحللت بيتك بالجميع وبعضهم ** متفرق ليحل بالأوزاع )
(
ولأنت أجود من خليج مفعم ** متراكب الآذي ذي دفاع )
(
وكأن بلق الخيل في حافاته ** ترمي بهن دوالي الزراع )
(
ولأنت أشجع في الأعادي كلها ** من مخدر ليث معيد وقاع )
(
يأتي على القوم الكثير سلاحهم ** فيبيت منه القوم في وعواع )
(
أنت الوفي فما تذم وبعضهم ** تودى بذمته عقاب ملاع )
(
وإذا رماه الكاشحون رماهم ** بمعابل مذروبة وقطاع )


(
أنت الذي زعمت تميم أنه ** أهل السماحة والندى والباع )
فلم يزل واقفا من حيث لا يشعر به حتى استوفى سماعها ثم صار إلى مجلس له وأمر باخضارهما فحدث المفضل بوقوفه واستماعه لقصيدة المسيب واستحسانه إياها وقال له لو عمدت إلى أشعار الشعراء المقلين واخترت لفتاك لكل شاعر أجود ما قال لكان ذلك صوابا باففعل المفضل
(
قال أبو علي ) ثم نرجع إلى قصيدة عبد يغوث قال
(
ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا ** فما لكما في اللوم خير ولا ليا )
(
ألم تعلما أن الملامة نفعها ** قليل وما لومي أخي من شماليا )
(
فيا راكبا إما عرضت فبلغن ** نداماي من نجران أن لا تلاقيا )
(
أبا كرب والأيهمين كليهما ** وقيسا بأعلى حضر موت اليمانيا )
(
جزى الله قومي بالكلاب ملامة ** صريحهم والآخرين المواليا )
(
ولو شئت نجتني من الخيل نهدة ** ترى خلفها الحوا الجياد تواليا )
(
ولكنني أحمي ذمار أبيكم ** وكان الرماح يختطفن المحاميا )
(
أقول وقد شدوا لساني بنسعة ** أمعشر تيم أطلقوا لي لسانيا )
(
أمعشر تيم قد ملكتم فاسجحوا ** فإن أخاكم لم يكن من بوائيا )
(
أحقا عباد الله أن لست سامعا ** نشيد الرعاء المعزبين المتاليا )
(
وتضحك مني شيخة عبشمية ** كأن لم ترن قبلي أسيرا يمانيا )
(
وظل نساء الحي حولي ركدا ** يراودن مني ما تريد نسائيا )
(
وقد علمت عرسي مليكة أنني ** أنا الليث معديا عليه وعاديا )
(
وقد كنت نحار الجزور ومعمل المطي وأمضي حيث لا حي ماضيا )
(
وأنحر للشرب الكرام مطيتي ** وأصدع بين القينتين ردائيا )
(
وكنت إذا ما الخيل شمصها القنا ** لبيقا بتصريف القناة بنانيا )


(
وعادية سوم الجراد وزعتها ** بكفي وقد أنحوا إلي العواليا )
(
كأني لم أركب جوادا ولم أقل ** لخيلي كري نفسي عن رجاليا )
(
ولم أسبأ الزق الروي ولم أقل ** لأيسار صدق أعظموا ضوء ناريا )
(
قال أبو علي ) قوله ألا لا تلوماني كفى اللوم مابيا أي كفى اللوم ما ترون من حالي فلا تحتاجون إلى لومي مع إساري وجهدي وقوله وما لومي أخي من شماليا
قال ويروى ومالومي أخا من شماليا وشمالي أي خلقي وهو واحد الشمائل وقوله أبا كرب والأيهمين وقيسا ( قال أبو علي ) أبو كرب والأيهمان من اليمن وقيس بن معد يكرب أبو الأشعث بن قيس الكندي وأصل الأيهم الأعمى وقوله
(
جزى الله قومي بالكلاب ملامة ** صريحهم والآخرين المواليا )
(
قال ) يروى مكان جزى الله قومي لحى الله خيلا بالكلاب دعوتها وقوله صريحهم يعني خالصهم والموالي هنا الحلفاء وقوله
(
ولو شئت نجتني من الخيل نهدة ** ) قال وروى سعدان عن أبي عبيدة ولو شئت نجتني كميت رجيلة قال ورجيله قوية شديدة والنهدة المرتفعة الخلق وكل ما ارتفع يقال له نهد يقال نهدنا للقوم أي ارتفعنا إليهم للقتال ومنه نهد ثدي الجارية إذا ارتفع وجارية ناهد
(
وقال ) والحو من الخيل التي تضرب للخضرة والحوة الخضرة وقوله تواليا أي تتبعها لأن فرسه خفيفة تقدمت الخيل وقال الأصمعي إنما خص الحو لأنها أصبر الخيل وأخفها عظاما إذا عرقت لكثرة الجرى وقوله أحمي ذمار أبيكم الذمار ما يجب حفظه من منعة جار أو طلب ثار وقوله
(
وكان الرماح يختطفن المحاميا ** ) هذا مثل ويروى وكان العوالي يختطفن وقوله وقد شدوا الساني بنسعة قال هذا مثل لأن اللسان لا يشد بنسعة وإنما أراد افعلوا بي خيرا ينطلق لساني بشكركم فإن لم تفعلوا فلساني مشدود لا يقدر على مدحكم قال ويروى
(
معاشر تيم أطلقوا لي لسانيا ** ) وقوله
(
أمعشر تيم قد ملكتم فأسجحوا ** ) وقوله


(
أسجحوا أي سهلوا ويسروا في أمري ** ) يقال خد أسجح وطريق أسجح إذا كان سهلا وقوله
(
فإن أخاكم لم يكن من بوائيا ** ) قال البواء السواء يريد إن أخاكم لم يكن نظير إلى فأكون بواء له يقال بؤ بفلان أي اذهب به يقال ذلك للمقتول بمن قتل وقوله
(
أحقا عباد الله أن لست سامعا ** نشيد الرعاء المعز بين المتاليا )
(
قال ) والمعزب المتنحي والمتالي التي قد نتج بعضها وبقي بعض يقال للجميع متال واحدتها متلية وقوله
(
وتضحك مني شيخة عبشمية ** ) كأن لم ترا قبلي قال الأحفش رواية أهل الكوفة كأن لم ترن قبلي وهذا عندنا خطأ والصواب ترى بحذف النون علامة للجزم ( قال ) والأسير المأسور نقل من مفعول إلى فعيل كما تقول مقتول وقتيل ومذبوح وذبيح ( قال ) والمأسور المشدود أخذ من الأسر والأسر القد فمأسور مفعول من الأسر وقوله وأنحر للشرب والشرب جمع شارب والمطية البعير ههنا سمي مطية لأن ظهره يمتطى ويقال سمى مطية لأنه يمطى به في السير أي يمد ( قال ) ويروى وأعبط للشرب أي أنحر مطيتي من غير علة بها يقال للرجل إذا مات فجأة قد اعتبط ويقال للذبيح أعبيط أم عارضة ( قال ) والعبيط الذي ينحر أو يذبح من غير علة والعارضة أن يذبح من مرض ومنه قول أمية
(
من لم يمت عبطة يمت هرما ** للموت كأس والمرء ذائقها )
وقوله أصدع اي أشق والقينة الأمة مغنية كانت أو غير مغنية وقوله شمصها قال

ويروى شمصها وشمسها وهما واحد من والسين أجود ويروى نفرها القنا وقوله
(
وعادية سوم الجراد وزعتها ** ) قال والعادية القوم يعدون
وسوم الجراد انتشاره في المرعى كما قال العجاج
(
سوم الجراد الشديرتاد الخضر ** )
وقوله وزعتها أي كففتها والوازع الكاف المانع ويروى أن الحسن رحمه الله تعالى لما ولى القضاء قال لا بد للسلطان من وزعة وقوله وقد أنحوا إلي العواليا
أنحوا أمالوا وقصدوا بها والعالية من الرمح أعلاه وهو ما دون السنان بذراع وقوله لخيلي كري نفسي قال ويروى قاتلي وقوله ولم أسبأ الزق السباء اشتراء الخمر ( قال أبو علي ) وقرأت قصيدة مالك بن الريب التي أولها
(
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة )
على أبي بكر بن دريد ولها خبر أنا ذاكره قال قال أبو عبيدة لما ولى أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهم خراسان سار فيمن معه فأخذ طريق فارس فلقيه بها مالك بن الريب ابن حوط بن قرط بن حسل بن ربيعة بن كابيه بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم وأمه شهلة بنت سنيح بن الحر بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن ( قال ) وكان مالك بن الريب فيما ذكر من أجمل العرب جمالا وأبينهم بيانا فلما رآه سعيد أعجبه وقال أبو الحسن المدائني بل مر به سعيد بالبادية وهو منحدر من المدينة يريد البصرة حين ولاه معاوية خراسان ومالك في نفر من أصحابه فقال له ويحك يا مالك ما الذي يدعوك إلى ما يبلغني عنك من العداء وقطع الطريق قال أصلح الله الأمير العجز عن مكافأة الأخوان قال فإن أنا أغنيتك واستصحبتك أتكف عما تفعل وتتبعني قال نعم أصلح الله الأمير أكف كأحسن ما كف أحد فاستصحبه وأجرى عليه خمسمائة دينار في كل شهر وكان معه حتى قتل بخراسان ( قال ) ومكث مالك بخراسان فمات هناك فقال يذكر مرضه وغربته وقال بعضهم بل مات في غزو سعيد طعن فسقط وهو بآخر رمق وقال آخرون بل مات في خان فرثته الجان لما رأت من غربته ووحدته ووضعت الجن الصحيفة التي فيها القصيدة تحت رأسه والله أعلم أي ذلك كان وهي هذه


(
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا )
(
فليت الفضى لم يقطع الركب عرضه ** وليت الغضى ماشى الركاب لياليا )
(
لقد كان في أهل الغضى لودنا الغضى ** مزار ولكن الغضى ليس دانيا )
(
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى ** وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا )
(
وأصبحت في أرض الأعادي بعدما ** أراني عن أرض الأعادي قاصيا )
(
دعاني الهوى من أهل أود وصحبتي ** بذي الطبسين فالتفت ورائيا )
(
أجبت الهوى لما دعاني بزفرة ** تقنعت منها أن ألام ردائيا )
(
أقول وقد حالت قرى الكرد بيننا ** جزى الله عمرا خير ما كان جازيا )
(
إن الله يرجعني من الغزو لا أرى ** وإن قل مالي طالبا ما ورائيا )
(
تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي ** سفارك هذا تاركي لا أباليا )
(
لعمري لئن غالت خراسان هامتي ** لقد كنت عن بابى خراسان نائيا )
(
فإن أنج من بابى خراسان لا أعد ** إليها وإن منيتموني الأمانيا )
(
فلله دري يوم أترك طائعا ** بني بأعلى الرقمتين وماليا )
(
ودر الظباء السانحات عشية ** يخبرن أني هالك من ورائيا )
(
ودر كبيري اللذين كلاهما ** على شفيق ناصح لو نهانيا )
(
ودر الرجال الشاهدين تفتكي ** بأمري أن لا يقصروا من وثاقيا )
(
ودر الهوى من حيث يدعو صحابتي ** ودر لجاجاتي ودر انتهائيا )
(
تذكرت من يبكي علي فلم أجد ** سوى السيف والرمح الرديني يا باكيا )
(
وأشقر محبوكا يجر عنانه ** إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا )
(
ولكن بأكناف السمينة نسوة ** عزيز عليهن العشية مابيا )
(
صريع على أيدي الرجال بقفرة ** يسوون لحدي حيث حم قضائيا )


(
ولما تراءت عند مرو منيتي ** وخل بها جسمي وحانت وفاتيا )
(
أقول لأصحابي ارفعوني فإنه ** يقر بعيني أن سهيل بداليا )
(
فيا صاحبي رحلى دنا الموت فانزلا ** برابية إني مقيم لياليا )
(
أقيما علي اليوم أو بعض ليلة ** ولا تعجلاني قد تبين شانيا )
(
وقوما إذا ما استل روحي فهيئا ** لي السدر والأكفان عند فنائيا )
(
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي ** وردا على عيني فضل ردائيا )
(
ولا تحسداني بارك الله فيكما ** من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا )
(
خذاني فجراني بثوبي إليكما ** فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا )
(
وقد كنت عطافا إذا الخيل أدبرت ** سريعا لدى الهيجا إلى من دعانيا )
(
وقد كنت صبارا على القرن في الوغى ** وعن شتمي ابن العم والجار وانيا )
(
فطورا تراني في طلال ونعمة ** وطورا تراني والعتاق ركابيا )
(
ويوما تراني في رحى مستديرة ** تخرق أطراف الرماح ثيابيا )
(
وقوما على بئر السمينة أسمعا ** بها الغر والبيض الحسان الروانيا )
(
بأنكما خلفتماني بقفرة ** تهيل علي الريح فيها السوافيا )
(
ولا تنسيا عهدي خليلي بعدما ** تقطع أوصالي وتبلى عظاميا )
(
ولن يعدم الوالون بثا يصيبهم ** ولن يعدم الميراث مني المواليا )
(
يقولون لا تبعد وهم يدفنوني ** وأين مكان البعد إلا مكانيا )
(
غداة غد يا لهف نفسي على غد ** إذا ادلجوا عني وأصبحت ثاويا )
(
وأصبح مالي من طريف وتالد ** لغيري وكان المال بالأمس ماليا )
(
فيا ليت شعري هل تغيرت الرحا ** رحا المثل أو أمست بفلج كما هيا )
(
إذا الحي حلوها جميعا وأنزلوا ** بها بقرا حم العيون سواجيا )


(
رعين وقد كاد الظلام يجنها ** يسفن الخزامي مرة والأقاحيا )
(
وهل أترك العيس العوالي بالضحى ** بركبانها تعلوا المتان الفيافيا )
(
إذا عصب الركبان بين عنيزة ** وبولان عاجوا المبقيات النواجيا )
(
فيا ليت شعري هل بكت أم مالك ** كما كنت لو عالوا نعيك باكيا )
(
إذا مت فاعتادي القبور وسلمي ** على الرمس أسقيت السجاب الغواديا )
(
على جدث قد جرت الريح فوقه ** ترابا كسحق المرنباني هابيا )
(
رهينة أحجار وترب تضمنت ** قراراتها مني العظام البواليا )
(
فيا صاحبا إما عرضت فبلغا ** بني مازن والريب أن لا تلاقيا )
(
وعر قلوصي في الركاب فإنها ** ستفلق أكبادا وتبكي بواكيا )
(
وأبصرت نار المازنيات موهنا ** بعلياء يثنى دونها الطرف رانيا )
(
بعود ألنجوج أضاء وقودها ** مها في ظلال السدر حورا جوازيا )
(
غريب بعيد الدار ثاو بقفره ** يد الدهر معروفا بأن لا تدانيا )
(
أقلب طرفى حول رحلي فلا أرى ** به من عيون المؤنسات مراعيا )
(
وبالرمل منا نسوة لو شهدتني ** بكين وفدين الطبيب المداويا )
(
وما كان عهد الرمل عندي وأهله ** ذميما ولا ودعت بالرمل قاليا )
(
فمنهن أمي وابنتاي وخالتي ** وباكية أخرى تهيج البواكيا )
(
قال أبو علي ) قوله بجنب الغضى الغضى شجر ينبت في الرمل ولا يكون غضى إلا في الرمل
وأزجي أسوق يقال أزجاه يزجيه إزجاء وزجاه يزجيه تزجية والنواجي السراع وقوله
(
فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه ** )
قال يقول ليته طال عليهم الاسترواح إليه والشوق والركاب الإبل وجمعها ركائب وقال
(
تقول وقد قربت كوري وناقتي ** إليك فلا تذعر علي ركابيا )


وقوله وليت الغضى ماشي الركاب لياليا أي ليته طاولهم وقوله
(
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى ** ) قزار يقول لو دنوا قدرنا أن نزورهم ولكن الغضى ليس يدنو وهذا على التلهف والتشوق وقوله
(
الم ترني بعت الضلالة بالهدى ** )
وأصبحت في جيش ابن عفان يعني سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول بعت ما كنت فيه من الفتك والضلالة بأن صرت في جيش ابن عفان
وأود موضع والطبسان بخراسان أو قريبا منها يقول دعاني هواي وتشوقي من ذلك الموضع وأصحابي بموضع آخر وقوله تقنعت منها معناه لما ذكرت ذلك الموضع استعبرت فاستحييت فتقنعت بردائي لكن لا يرى ذلك مني كما قال الشاعر
(
فكائن ترى في القوم من متقنع ** على عبرة كادت بها العين تسفح )
وقوله إن الله يرجعني البيت يريد لا أسافر وأقيم وأقنع بما عندي وقوله لا أباليا تقول العرب قم لا أب لك ولا أبالك على توهم الإضافة كما قال الشاعر
(
يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام ** ) يريد يا بؤس الجهل ( قال ) ويروى لا أبا ليا بالتنوين وبغير التنوين وغالت أهلكت وناء متباعد وقوله فلله دري تعجب من نفسه حين فعل ذلك قال ابن أحمر
(
بان الشباب وأفنى ضعفه العمر ** لله دري فأي العيش أنتظر )
تعجب من نفسه أي عيش ينتظر ومالك تعجب من نفسه كيف اغترب عن ولده وماله ( قال ) وقال ابن حبيب الرقمتان رقمتا فلج خبراوان خبراء ماوية وخبراء الينسوعة وهي أضخمهما وقوله
(
يخبرن أني هالك من ورائيا ** )
قال ويروى من أماميا قال وراء يكون بمعنى أمام قال الله عز وجل { وكان وراءهم ملك } فسر أنه بمعنى أمام والله أعلم
وقوله السانحات يريد أنه سنحت له الظباء فتطير منها ويروى عني هالك من ورائيا بمعنى أني وقوله
(
ودر الرجال الشاهدين تفتكي )
ويروى تفنكي بالنون يقال فنك في الشيء إذا تمادى فيه وأنشد


(
ودع سليمى وداع الصارم اللاحي ** إذا فنكت في فساد بعد اصلاح )
والفنك العجب وقوله تذكرت من يبكي البيت يقول كنت أحمل السيف والرمح فهما لي خليلان وأنا ههنا غريب فليس أحد يبكي علي غيرهما كما قال الشاعر
(
وأنكر خلان الصفاء وصاله ** فليس له منهم سوى السيف ناصر )
وقوله أكناف السمينة ويروى الشكيبة والشبيكة وهما موضعان والسمينة موضع ليس بها أحد ولا شيء يقال لحدت له لحدا وإنما سمي لحد لأنه في جانب القبر
والقفرة التي ليس بها أحد ولا شيء يقال قفرة وقفر وجدبة وجدب وقوله وخل بها جسمي بالخاء خل اختل أي اضطرب وهزل ويروى وجل بها سقمي
وقوله
(
يقر بعيني أن سهيل بداليا ** )
يريد أن سهيلا لا يرى بناحية خراسان فقال ارفعوني لعلي أراه فتقر عيني برؤيته لأنه لا يرى إلا في بلده وقوله
(
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي ** )
ويروى بأطراف الزجاج ويروى الرماح لمصرعي يقول خطا أي احفر بالرماح
وقوله فقد كنت قبل اليوم البيت أي أني اليوم ذليل وقبله لا أنقاد لمن قادني وقوله وقد كنت عطافا إذا الخيل أدبرت قال ويروى إذا الخيل أحجمت أي كنت أعطف إذا انهزمت الخيل والهيجاء هي الحرب والهيجاء تمد وتقصر قال الشاعر
(
أنا ابن هيجاها معي إرزامها ** ) وقال لبيد
(
يا رب هيجاهي خير من دعه ** )
وقال جرير
(
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا ** فحسبك والضحاك سيف مهند )
والطلال جمع طل وهو الندى والريف والنعمة والرحى موضع الحرب مستديرة حيث يستدير القوم للقتال والرواني النواظر والرنو النظر الدائم قال النابغة


(
لرنا لبهجتها وحسن حديثها ** ولخاله رشدا وإن لم يرشد )
والغر البيض ويهيل يثير والسوافي ما حازت الريح إلى أصول الحيطان والوالون جمع الوالي الموالي بنو العم والأقربون قال الله عز وجل { وإني خفت الموالي من ورائي } والبث أشد الحزن قال الله تعالى { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله } والإدلاج السير من أول الليل ( قال ) وإذا نام من أول الليل ثم سار فهو إدلاج أيضا والثاوي المقيم والطريف والطارف المستحدث من الماء والتالد والتليد والتلاد والمتلد العتيق الموروث قال الأعشى
(
جندك الطارف التليد من السادات ** أهل الندى وأهل الفعال )
وقال طرفة بن العبد
(
وما زال تشرابي الخمور ولذتي ** وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي )
والمثل موضع بفلج يقال له رحى المثل وحلوها نزلوها والبقر يريد النساء شبهها بالبقر ويروى جم القرون أي ليست لها قرون وسواج سواكن والعيس الإبل البيض والفيافي الصحارى ويروى القياقيا وهي المرتفعة من الأرض واحدتها قيقاءة قال ابن حبيب عنيزة قارة سوداء في بطن وادي فلج قد شجي بها الوادي فسمي الشجي بها
وقوله المبقيات النواجيا المبقيات التي يبقى سيرها والنواجي التي تنجو بسيرها أي تسرع والمرنباني كساء من خز ويقال مطرف من وبر الابل
وقوله هابيا من هبا يهبو ويروى كلون القسطلاني ( قال ) وهو التراب وقوله رهينة أحجار البيت أي في القبر على الترب والحجارة والقرارة بطن الوادي حيث يستقر الماء فضربه مثلا للقبر وبطنه ويد الدهر ومدا الدهر وأبد الدهر واحد وذميم مذموم ويقال مبغض ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر الأنباري قال حدثنا أبو شعيب الحراني عبد الله بن الحسن قال حدثنا يعقوب بن السكيت قال قال الأصمعي قزع رجل ابن الزبير بكلمة وابن الزبير

يخطب فقال من المتكلم فلم يجبه أحد فقال ماله قاتله الله ضبح ضبحة الثعلب وقبع قبعة القنفذ ( قال أبو بكر ) قال اللغويون الضبح صوت أنفاس الخيل وما يجرى مجراها في هذا المعنى والقبوع أن يدخل الإنسان رأسه في ثوبه وهو من القنفذ إدخاله رأسه في بدنه ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله القاضي المقدمي قال حدثنا أبو عيسى التنيسي قال حدثنا محمد بن إبراهيم الثغري قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا أبو زيد النحوي قال قال رجل للحسن ما تقول في رجل ترك أبيه وأخيه فقال الحسن ترك أباه وأخاه فقال الرجل فما لأباه وما لأخاه فقال الحسن فما لأبيه وما لأخيه فقال الرجل أراك كلما تابعتك خالفتني
(
قال ) وحدثنا أبو علي العنزي قال حدثنا العباس بن الفرج الرياشي قال حدثنا ابن أبي رجاء عن الهيثم بن عدي عن ابن جريج عن أبيه قال أتى ابن عباس عمر بن أبي ربيعة فأنشده
(
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ** ) حتى بلغ آخرها فقال ابن عباس إن شئت أعدتها عليك فقيل له أوقد حفظتها قال أو منكم من يسمع شيأ ولا يحفظه ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله المقدمي قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا ابن عائشة قال حدثنا عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي عثمان الأسدي عن بعض رجاله قال قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يا أمير المؤمنين أيضحى بضبى قال وما عليك لو قلت بظبى قال أنها لغة قال انقطع العتاب ولا يضحى بشيء من الوحش ( قال ) وحدثنا أبو عبد الله المقدمي قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا ابن عائشة قال حدثني بعض أصحابنا قال لما هزم ابن الأشعث أقبل منهزما حتى أتى سجستان فرأى شابا بين يديه منخرق القميص قد حفي ونقفته الصخور فأدمت أصابعه قال فنظر إليه ابن الأشعث وأنشد أبياتا والفتى يسمع فقال
(
منخرق السربال يشكو الوجى ** تنقفه أطراف صخر حداد )
(
شرده الخوف وأزرى به ** كذاك من يكره حر الجلاد )
(
قد كان في الموت له راحة ** والموت حتم في رقاب العباد )


قال فالتفت إليه الفتى وقال ألا صبرت حتى نصبر معك ( قال ) وحدثنا عبد الله عن رجل عن محمد بن الحسين قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا إبراهيم بن عثمان العذري وكان ينزل الكوفة قال رأيت عمر بن ميسرة وكان كهيئة الخيال كأنه صبغ بالورس لا يكاد يكلم أحدا ولا يجالسه وكانوا يرون أنه عاشق فكانوا يسألونه عن علته فيقول
(
يسائلني ذو اللب عن طول علتي ** وما أنا بالمبدي لذي اللب علتي )
(
سأكتمها صبرا على حر جمرها ** واسترها إذ كان في الستر راحتي )
(
إذا كنت قد أبصرت موضع علتي ** وكان دوائي في مواضع علتي )
(
صبرت على دائي احتسابا ورغبة ** ولم أك أحدوثات أهلي وخلتي )
(
قال ) فما أظهر أمره ولا علم أحد بقصته حتى حضره الموت فقال أن العلة التي كانت بين من أجل فلانة ابنة عمي والله ما حجبني عنها وألزمني الضر إلا خوف الله عز وجل لا غير فمن بلي في هذه الدنيا بشىء فلا يكن أحد أوثق عنده بسره من نفسه ولولا أن الموت نازل بي الساعة ما حدثتكم فأقرؤها مني السلام ومات من ساعته ( قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف قال أنشدني أبو عبد الله التميمي
(
وكم كذبة لي فيك لا أستقيلها ** بقولي لمن ألقاه إني صالح )
(
وأي صلاح لي وجسمي ناحل ** وقلبي مشغوف ودمعي سافح )
(
قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف قال أنشدني أحمد بن عبدالسلام
(
شكا فهل أنت له راحم ** إليك من أنت به عالم )
(
فتى تخلى الروح من جسمه ** فليس إلا بدن قائم )
(
قال ) وأنشدنا عبد الله بن خلف قال أنشدني أحمد بن حبيب
(
ألا إنما أبقيت مني مع الهوى ** جوى مستكنا في فؤاد متيم )


(
وآثار جسم قد أضر به البلى ** فلم يبق مه غير تلويح أعظم ) ( قال ) وأنشدنا أبو العباس ثعلب
(
ولولا عقابيل الفؤاد التي به ** لقد خرجت ثنتان تبتدران )
(
قال ) وأخبرنا عبد الله بن خلف قال أخبرنا عبد الله بن نصر قال أخبرني عبد الله بن سويد عن أبيه قال سمعت علي بن عاصم يقول قال لي رجل من أهل الكوفة من بعض أخواني هل لك في عاشق تراه فمضيت معه فرأيت فتى كأنما نزع الروح من جسده وهو مؤتزر بإزار مرتد بآخر وهو مفكر وفي ساعده وردة فذكرنا له شعرا من الشعر فتهيج وقال
(
جعلت من وردتها ** تميمة في عضدي )
(
أشمها من حبها ** إذا علاني جهدي )
(
فمن رأى مثلي فتى ** للحزن أضحى يرتدي )
(
أسقمه الحب فقد ** صار قليل الأود )
(
وصار ساه دهره ** مقارنا للكمد )
(
ألا فمن يرحمني ** يرق لي من كمدي )
ثم أطرق فقلت ما شأنه فقالوا عشق جارية لبعض أهله فأعطى فيها كل ما يملك وهو سبعمائة دينار فأبوا أن يبيعوها منه فنزل به ما ترى وفقد عقله قال فخرجنا فلبثنا ما شاء الله ثم مات فحضرت جنازته فلما سوي عليه التراب فإذا أنا بجارية تسأل عن القبر فدللتها عليه فما زالت تبكي وتأخذ التراب وتجعله في شعرها فبينا هي كذلك إذا قوم يسعون فأقبلوا عليها ضربا فقالت شأنكم والله لا تنتفعون بي بعده أبدا ( قال أبو العباس ) العقابيل البقايا من حبها في قلبه وثنتان عنى بهما تطليقتين ( قال الأصمعي ) كان عمرو بن معد يكرب قد شهد فتح القادسية وفتح اليرموك وفتح نهاوند مع النعمان بن مقرن المزني فكتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إلى النعمان أن في جندك رجلين عمرو بن معد يكرب وطليحة بن خويلد

الأسدي فأحضرهما الناس وشاورهما في الحرب ولا تولهما عملا والسلام فلما قدم كتاب عمر بعث إليهما فقال ما عندك يا عمرو فقال أروني كبش القوم فاعتنقه حتى يموت أو أموت وقال طليحة أي ناحية شئتم فأنا أدخل على القوم منها فلما التقوا أتاهم طليحة من خلفهم وأما عمرو فشد على كمي من القوم فقتله وقتل النعمان بن مقرن يومئذ وأخذ الراية حذيفة بن اليمان حتى فتح الله عليهم واجتمعت العرب فتفاخروا فقال عمرو بن معد يكرب في ذلك
(
لمن الديار بروضة السلان ** فالرقمتين فجانب الصمان )
(
لعبت بها هوج الرياح وبدلت ** يعد الأنيس مكانس الثيران )
(
فكأن ما أبقين من آياتها ** رقم ينمق بالأكف يمان )
(
دار لعمرة إذ تريك مفلجا ** عذب المذاقة واضح الألوان )
(
خصرا يشبه برده وبياضه ** بالثلج أو بمنور القحوان )
(
وكأن طعم مدامة جبلية ** بالمسك والكافور والريحان )
(
والشهد شيب بماء ورد بارد ** منها على المتنفس الوهنان )
(
وأغر مصقولا وعيني جؤذر ** ومقلدا كمقلد الأدمان )
(
سنت عليه قلائدا منظومة ** بالشذر والياقوت والمرجان )
(
ولقد تعارفت الضباب وجعفر ** وبنو أبي بكر بنو الهصان )
(
سبيا القعدات تخفق فوقهم ** رايات أبيض كالفنيق هجان )
(
والأشعث الكندي حين سما لنا ** من حضر موت مجنب الذكران )
(
قاد الجياد على وجاها شزبا ** قب البطون نواحل الأبدان )
(
حتى إذا أسرى وأوب دوننا ** من حضر موت إلى قضيب يمان )
(
أضحى وقد كانت عليه بلادنا ** محفوفة كحظيرة البستان )


(
فدعا فسومها وأيقن أنه ** لاشك يوم تسايف وطعان )
(
لما رأى الجمع المصبح خيله ** مبثوثة ككواسر العقبان )
(
فزعوا إلى الحصن المذاكي عندهم ** وسط البيوت يردن في الأرسان )
(
خيل مربطة على أعلافها ** يقفين دون الحي بالألبان )
(
وسعت نساؤهم بكل مفاضة ** جدلاء سابغة وبالأبدان )
(
فقذفنهن على كهول سادة ** وعلى شرامحة من الشبان )
(
حتى إذا خفت الدعاء وصرعت ** قتلى كمنقعر من الغلان )
(
نشدوا البقية وافتدوا من وقعنا ** بالركض في الأدغال والقيعان )
(
واستسلموا بعد القتال فإنما ** يتربقون تربق الحملان )
(
فأصيب في تسعين من أشرافهم ** أسرى مصفدة إلى الأذقان )
(
فشتا وقاظ رئيس كندة عندنا ** في غير منقصة وغير هوان )
(
والقادسية حيث زاحم رستم ** كنا الحماة بهن كالأشطان )
(
الضاربين بكل أبيض مخذم ** والطاعنين مجامع الأضغان )
(
ومضى ربيع بالجنود مشرفا ** ينوي الجهاد وطاعة الرحمن )
(
حتى استباح فرى السواد وفارس ** والسهل والأجبال من مكران )
(
قال الأصمعي ) كان فيمن غزا مع الأشعث بن قيس يومئذ من بني الحرث بن معاوية كبش بن هانيء والقشعم بن الأرقم وبنو فزارة فأسروا يومئذ مع الأشعث وكانت مراد قتلت قيس بن معد يكرب فجاء الأشعث ثائرا بأبيه فأسر فكان أسيرا في أيدي بني الحرث بن كعب عند الحصين بن قناب حتى افتدى بألفي قلوص وألف من طرائف اليمن فخلى سبيله ففي ذلك يقول عمرو بن معد يكرب هذا الشعر قال ابن الأعرابي بل قال هذه القصيدة التي على الحاء يوم فيف الريح وهي هذه


(
ديار أقفرت من أم سلمى ** بها دعس المعزب والمراح )
(
وقفت بها فناداني صحابي ** أغالبك الهوى أم أنت صاح )
(
وكم من فتية أبناء حرب ** على جرد ضوامر كالقداح )
(
وصف ما تساير حجرتاه ** تبشره الأشائم بالشياح )
(
شهدت طراده بأقب نهد ** كتيس الزبل معتدل وقاح )
(
يقول له الفوارس إذا رأوه ** نرى مسدا أمر على رماح )
(
إذا قاموا إليه ليلجموه ** تمطى فوق أعمدة صحاح )
(
إذا ورعت من لحييه شيأ ** سما متقاذف التقريب طاحي )
(
إذا ما الركض أسهل جانبيه ** تهزم رعد مبترك جلاح )
(
فلم نقتل شرارهم ولكن ** قتلنا الصالحين ذوي السلاح )
(
قتلنا مطعم الأضياف منهم ** وأصحاب الكريهة والصباح )
(
فأثكلنا الحليلة من بنيها ** وخلينا الخريدة للنكاح )
قال الأصمعي اجتمعت زبيد ومراد وخثعم وثمالة ودوس من الأزد فقاتلوا بني عامر وجشيم وسليما ونصرا حيث أتوهم فهزمت عامر ومن معها وأصيبت عين عامر بن الطفيل وقتل فيها مسهر بن زيد بن قنان الحارثي فقال عمرو بن معد يكرب
(
ولقد أجمع رجلي بها ** حذر الموت وإني لفرور )
(
ولقد أعطفها كارهة ** حين للنفس من الموت هرير )
(
كل ما ذلك مني خلق ** وبكل أنا في الحرب جدير )
(
وإبن صبح سادرا يوعدني ** ماله في الناس ما عشت مجير )
ابن صبح هو أبي بن ربيعة بن صبح بن ناشرة بن الأبيض بن كنانة بن مصلية بن عامر بن عمر بن

علة قاله ابن الكلبي
قال عمرو بن معد يكرب بن ربيعة بن عبد الله بن عمرو بن عصم بن عمرو بن زبيد بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن منبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك وهو مذحج بن أدد بن زيد بن يشجب بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان وكان عمرو ابن خالة الزبرقان بن بدر التميمي النسب قاله ابن الكلبي
(
لمن طلل بتيمان فجند ** كأن عراصه توشيم برد )
(
ألا ما ضر أهلك أن يقولوا ** سقيت الغيث من بلد وعهد )
(
ودار تجذل الذلان عنها ** ملثمة بأضياف ووفد )
(
إذا المهياف ذو الإبل اجتواها ** وأعرض مشية الجمل المغد )
(
سددت فراضها لهم ببيتي ** وبعضهم بقبته يعدى )
(
وأود ناصري وبنو زبيد ** ومن بالخيف من حكم بن سعد )
أود بن صعب بن سعد العشيرة وحكم بن سعد العشيرة قاله ابن الأعرابي والخيف ارتفاع وهبوط في رأس الجبل
(
لعمرك لو تجرد من مراد ** عرانين على دهم وجرد )
(
ومن عنس مغامرة طحون ** مدربة ومن علة بن جلد )
قال ابن الأعرابي مغامرة ومغاورة مخالطة تدخل القتال عنس بن مالك أحد مذحج والحرث بن كعب بن علة بن جلد وهذه قبائل من اليمن وجنب حي من مذحج مجنبة ميمنة وميسرة
(
ومن سعد كتائب معلمات ** على ما كان من قرب وبعد )
(
ومن جنب مجنبة ضروب ** لهام القوم بالأبطال تردي )
(
وتجمع مذحج فيرئسوني ** لأبرأت المناهل من معد )
(
بكل مجرب في البأس منهم ** أخي ثقة من القطمين نجد )

أبرأت أخليت القطمين جعلهم كالفحول من الإبل مغتلمين ونجد شجاع ونجيد أيضا
وكل مفاضة بيضاء زغف ** وكل معاود الغارات يخدى )
(
أؤم بها أبا قابوس حتى ** أحل على تحيته بجندي )
(
فما نهنهت عن بطل كمي ** ولا عن مقلعط الراس جعد )
(
إذا ما مذحج قذفت عليها ** سرابيلا لها من كل سرد )
(
وتر كاللرؤس مسبغات ** إلى الغايات من زغف وقد )
(
وهز السمهري على المذاكي ** م جنبتين بالأبطال تردى )
(
وعري بالأكف مهندات ** وسل حسامها من كل غمد )
(
وقرب للنطاح الكبش يمشي ** وطاب الموت من شرع وورد )
(
تخال البزل فيه مقيرات ** كأن قبولها تكليل أسد )
(
هنالك بهمة الفرسان يلقى ** وأصحاب الحفاظ وكل جد )
(
أولئك معشري وهم جبالي ** وحزني في كريهتهم وحدي )


(
هم قتلوا عزيزا يوم لحج ** وعلقمة بن سعد يوم نجد )
(
وهم ساروا إلى المأمور شهرا ** إلى تعشار سيرا غير قصد )
(
وهم قسموا النساء بذي أراطي ** وهم عركوا الذنائب عرك جلد )
المأمور بن زيد من بني الحرث بن كعب واسمه معاوية بن الحرث وتعشار موضع وأراطى موضع وبه ماء لطيء وقوله عركوا أي قتلوا أهله والعرك الدلك والذنائب مواضع أغاروا عليها فتركوها كذلك قال ابن الأعرابي الذنائب أرض من أرض قيس
(
وهم وردوا المياه على تميم ** بألف مدجج شمط ومرد )
(
وإخوتهم ربيعة قد حوينا ** فصاروا في النهاب بغير حمد )
(
وهم تركوا بكندة موضحات ** وما كانوا هناك لنا بضد )
(
وهم زاروا بني أسد بجيش ** مع العباب جيش غير وغد )
(
وهم تركوا هوازن إذ لقوهم ** وأسلمهم رئيسهم بجهد )
(
وهم تركوا ابن كبشة مسلحبا ** وهم شغلوه عن شرب المقدي )
ابن كبشة الصباح بن قيس بن معد يكرب أخو الأشعث بن قيس وكبشة بنت شراحيل ابن آكل المرار ومسلحب مجدل قال ابن الأعرابي مسلحب منبسط على وجه الأرض والمقدى خمر منسوبة إلى مقد قرية بالشام
(
وخثعم لثموا حتى أقروا ** بخرج في مواشيهم ورفد )


(
وهم خشوا مع الديان حتى ** تغنم كل عضروط وعبد )
(
وهم أخذوا بذي المروت ألفا ** يقسم للحصين ولإبن هند )
(
وهم قتلوا بذات الجار قيسا ** وأشعث سلسلوا في غير عقد )
(
أتانا ثائرا بأبيه قيس ** فأهلك جيش ذلكم السمغد )
(
فكان فداؤه ألفي بعير ** وألفا من طريفات وتلد )
(
وهم قتلوا بذي قلع ثقيفا ** فما عقلوا وما فاؤا بزند )
(
وهم سحبوا على الدهنا جيوشا ** يعيدهم شراحيل ويبدي )
(
وهم تركوا القبائل من معد ** ضبابا مجحرين بكل حقد )
(
وكم من ماجد ملك قتلنا ** وأخر سوقة عزب قمد )
(
وخصم يعجز الأقوام عنه ** شديد الضعن أقعس مسمغد )
(
حبست سراتهم بالضح حتى ** أنابوا بعد إبراق ورعد )
(
أمازحهم إذا ما مازحوني ** ويفضي جدهم أن جد جدي )
(
فذاك وقد رجعن مسومات ** يخدن وقد قضينا كل حرد )
(
فما جمع ليغلب جمع قومي ** مكاثرة ولا فرد لفرد )
(
ألا عتبت علي اليوم أروى ** لآتيها كما زعمت بفهد )
(
وحمير دونه قوم عداة ** بكل مسيلة وبكل نجد )
(
فما الأحلاف تابعتي إليه ** ولا وأبيك لا آتيه وحدي )


(
قال الأصمعي ) خرج عمرو بن معد يكرب فلقي امرأة من كندة بذي المجاز يقال لها حبى بنت معد يكرب فلما رآها أعجبه جمالها وكمالها وعقلها فعرض عليها نفسه فقال لها هل لك في كفء كريم ضروب لهامة الرجل الغشوم موات طيب الخيم من سعد في الصميم قالت أمن سعد العشيرة قال من سعد العشيره في أرومتها الكبيره وغرتها المنيرة إن كنت بالفرصة بصيره قالت نعم زوج الحرة الكريمة ولكن لي بعلا يصدق اللقاء ويخيف الأعداء ويجزل العطاء فقال لو علمت أن لك بعلا ما عرضت عليك نفسي فكيف أنت إن أنا قتلته قالت لا أصيف عنك ولا أعدل بك ولا أقصر دونك وإياك أن يغرك قولي وأن تعرض نفسك للقتل فإني أراك مفردا من الناصر والأهل والرجل في عزة من الأهل وكثرة من المال فانصرف عنها عمرو وجعل يتبعها من حيث لا تعلم به فلما قدمت على زوجها جاء عمرو مستخفيا حيث يسمع كلامهما فسألها بعلها عما رأت في طريقها فقالت رأيت رجلا مخيلا للبأس يتعرض للقتال ويخطب حلائل الرجال فعرض علي نفسه فوصفتك له فقال ذلك عمرو ولدتني أمه إن لم يأتك مقرونا إلى جمل صعب غير ذلول فلما سمع عمرو كلامه دخل عليه بغتة من كسر خبائه فقتله ووقع عليها فلما فرغ قال لها إني لم أقع على امرأة في جمامي إلا حملت ولا أراك إلا قد حملت فإن ولدت غلاما فسميه خززا وان ولدت جارية فسميها عكرشة وأعطاها علامة ومضى عمرو فمكث بعد ذلك دهرا ثم أنه خرج بعد ذلك يوما يتعرض للقتال عليه سلاحه فإذا هو بفتى على فرس شاك في السلاح فدعاه عمرو للمبارزة فأجابه الفتى فلما اتحدا صرع الفتى عمرا وجلس على صدره ليذبحه فسأله من أنت فقال أنا عمرو فهمز الفتى عن صدره وقال أنا ابنك الخزز وأعطاه العلامة فأمره عمرو أن يسير إلى صنعاء ولا يكون ببلدة هو بها ففعل الغلام ذلك فلم يلبث أن ساد من كان بين أظهرهم فاستغووه وأمروه أن يقاتل عمرا وشكوا إليه فعله بهم فسار إلى أبيه بجمع من أهل صنعاء فلما التقيا شد كل واحد منهما على صاحبه فقتله عمرو فقال في ذلك


(
تمناني ليقتلني ** وأنت لذاك معتمده )
(
فلو لاقيتم فرسي ** وفوق سراته أسده )
(
إذا للقيتم شثن البراثن نابيا كتده ** )
(
ظلوم الشرك فيما أعلقت أظفاره ويده ** )
(
يلوث القرن إذا لاقاه ** يوما ثم يضطهده )
(
يزيف كما يزيف الفحل فوق شؤنة زبده ** )
(
يذبب عن مشافره البعوض ممنعا بلده ** )
(
ولو أبصرت ما جمعت فوق الورد تزدهده ** )
(
رأيت مفاضة زغفا ** وتركا مبهما سرده )
(
وصمصاما بكفي لا ** يذوق الماء من يرده )
(
شمائل جده وكذاك ** أشبه والدا ولده )
(
أمرتك يوم ذي صنعاء ** أمرا بينا رشده )
(
فعال الخير تأتيه ** فتفعله وتتعده )
(
فكنت كذي الحمير غره من عيره وتده ** )
(
ولو أبصرت والبصر المبين قل من يجده ** )
(
إذا لعلمت أن أباك ** ليث فوقه لبده )
(
قال الأصمعي ) كان حاتم من شعراء العرب وكان جوادا شاعرا وكان شعره يشبه جوده وجوده يشبه شعره وكان حيثما نزل عرف منزله وكان مظفرا إذا قاتل غلب وإذا غنم أنهب وإذا سئل وهب وإذا ضرب بالقداح سبق وإ ذا أسر أطلق وكان يقسم بالله لا يقتل واحد أمه وكان إذا أهل الشهر الأصم وهو رجب الذي كانت العرب تعظمه في الجاهلية نحر كل يوم عشرة من الإبل فأطعم الناس واجتمعوا إليه فكان ممن يأتيه من الشعراء

الحطيئة وبشر بن أبي خازم وذكر أن أم حاتم أتيت وهي حبلى في المنام فقيل لها غلام سمح يقال له حاتم ألا قولي أحب إليك أم عشرة غلمة كالناس ليوث عند الناس ليسوا بأوغال ولا أنكاس فقالت لا بل حاتم فولدت حاتما فلما ترعرع جعل يخرج طعامه فإن وجد أحدا أكل معه وإن لم يجد أحدا طرحه فلما رأى أبوه أنه يهلك طعامه قال الحق بالإبل فخرج إليها ووهب له جارية وفرسا وفلوها فلما أتاها طفق يبغي الناس فلا يجدهم ويأتي الطريق فلا يجد عليها أحدا فبينا هو كذلك إذ بصر بركب على الطريق فأتاهم فقالوا يا فتى هل من قرى فقال حاتم تسألون عن القرى وقد رأيتم الإبل انزلوا وكان الذين بصر بهم عبيد بن الأبرص وبشر بن أبي خازم وزياد بن جابر وهو النابغة وكانوا يريدون النعمان فنحر لهم حاتم ثلاثة من الإبل فقال عبيد إنما أردنا اللبن وكانت تكفينا بكرة إذ كنت لا بد متكلفا لنا فقال حاتم قد عرفت ولكني رأيت وجوها مختلفة وألوانا متفرقة فعلمت أن البلدان غير واحدة فأحببت أن يبقى لي منكم في كل بلد ذكر فقالوا فيه شعرا يمتدحونه ويذكرون فضله فقال لهم حاتم إنما أردت أن أحسن إليكم فصار لكم علي الفضل وعلي أن أضرب عراقيب إبلي أو تقوموا إليها فتقتسموها ففعلوا فأصاب الرجل منهم تسعة وثلاثين بعيرا ومضوا على سفرهم إلى النعمان وسمع أبوه بما فعل فأتاه فقال أين الإبل فقال يا أبت طوقتك طوق الحمامة مجد الدهر وكرما لا يزال رجل يحمل لنا بيت شعر أبدا بإبلك فقال أبوه أبابلي قال نعم قال والله لا أسكن معك أبدا فخرج أبوه بأهله وترك حاتما فقال في ذلك حاتم يذكر تحول أبيه عنه
(
وإني لعف الفقر مشترك الغنى ** وتارك شكل لا يوافقه شكلي )
(
وشكلي شكل لا يقوم بمثله ** من الناس إلا كل ذي ثقة مثلي )
من جملة أبيات ولما تزوج حاتم ماوية وكانت من أحسن النساء لبثت عنده زمانا ثم ان ابن عم كاتم يقال له مالك قال لماوية ما تصنعين بحاتم فوالله لئن وجد ليتلفن ولئن لم يجد

ليتكلفن ولئن مات ليتركن ولدك عيالا على قومه فقالت صدقت إنه لكذلك وكانت النساء أو بعضهن يطلقن الرجال في الجاهلة وكان طلاقهن أنهن يحولن أبواب بيوتهن إن كان الباب إلى المشرق جعلنه إلى المغرب وإن كان الباب قبل اليمن جعلنه قبل الشأم فإذا رأى الرجل ذلك عرف أن امرأته طلقته وقال ابن عمه لها فأنا أنصحك وأنا خير لك منه وأكثر مالا وأنا أمسك عليك وعلى ولدك فلم يزل بها حتى طلقت حاتما فأتاها وقد حولت الخباء فقال لإبنه ما ترى أمك ما عدا عليها فقال لا أدري فهبط به بطن واد وجاء قوم فنزلوا على باب الخباء كما كانوا ينزلون فتوافى خمسون رجلا فضاقت بهم ماوية ذرعا فقالت لجاريتها اذهبي إلى مالك فقولي أن أضيافا لحاتم نزلوا بنا وهم خمسون رجلا فأرسل إلينا بناب ننحرها لهم وبوطب لبن نسقيهم وقالت لجاريتها انظري إلى جبينه وفمه فإن سابقك بالمعروف فاقبلي منه وإن ضرب بلحييه على زوره وأدخل يده في رأسه فارجعي ودعيه فلما أتته وجدته متوسدا وطبا من لبن فأيقظته وأبلغته الرسالة وقالت إنما هي الليلة حتى يعلم الناس مكانه فضرب بلحييه على زوره وأدخل يده في رأسه وقال لها اقرئي عليها السلام وقولي لها هذا الذي نهيتك عنه وأمرتك أن تطلقي حاتما من أجله فما عندي من كبيرة قد تركت العمل وما كنت لأنحر صغيرة لشحم كلاها وما عندي من لبن يكفي أضياف حاتم فرجعت الجارية وأعلمتها بمقالته فقالت لها ويلك ائتي حاتما فقولي له أن أضيافك نزلوا بنا الليلة فأرسل إلينا بناب ننحرها لهم ولبن نسقيهم فقال حاتم نعم وأبى وأنياب وقام إلى الإبل فأطلق عقلها وصاح بها حتى أتى الخباء وضرب عراقيبها فطفقت ماوية تصيح هذا الذي طلقتك فيه تترك ولدك ليس لهم شيء وأن حاتما دعته نفسه إلى بنت عفرز فأتاها يخطبها فوجد عندها النابغة ورجلا من النبيت يخطبانها فقالت لهم انقلبوا إلى رحالكم وليقل كل رجل منكم شعرا يذكر فيه فعاله وخصائله فإني أتزوج أشعركم وأكرمكم فانصرفوا ونحر كل واحد منهم جزورا ولبست بنت عفزر ثيابا لأمة لها وأتتهم فاستطعمت كل رجل منهم فأتت النبيتي فأطعمها ثيل جمله فأخذته ثم أتت النابغة فأطعمها ذنب جمله فأخذته ثم أتت

حاتما وقد نصب قدوره وهي على النار فأستطعمته فأطعمها قطعة من السنام وغير ذلك وأطعمها عظاما من العجز قد نضجت فأهدى إليها كل رجل منهم ظهر جمله وأهدى إليها حاتم مثل ما أهدى إلى جاراته فصبحوها فاستنشدتهم فأنشدها النبيتي فصيدته التي يقول فيها
(
هلا سألت هداك الله ما حسبي ** عند الشتاء إذا ما هبت الريح )
فقالت لقد ذكرت جهدا واستنشدت النابغة فأنشدها
(
هلا سألت هداك الله ما حسبي ** إذا الدخان تغشى الأشمط البرما )
ثم اسنتشدت حاتما فأنشدها
(
أماوي قد طال التجنب والهجر ** )
فلما فرغ حاتم من إنشاده دعت بالغداء وقد كانت أمرت جواريها أن يقدمن إلى كل رجل ما أطعمها فقدمن إليهم ثيل الجمل وذنبه فنكس النبيتي والنابغة رؤسهما وأن حاتما لما نظر إلى ذلك رمى بالذي قدم إليهما وأطعمهما مما قدم إليه فتسلللا لواذا فقالت أن حاتما أكرمكم وأشعركم فلما خرجا قالت لحاتم خل سبيل امرأتك فأبى فردته وردتهم فلما انصرف دعته نفسه إليها وماتت امرأته فخطبها فتزوجته فولدت له عديا وكانت من بنات ملوك اليمن ويقال أن عديا وعبد الله وسفانة بني حاتم من امرأته النوار والله سبحانه وتعالى أعلم وقالت طيء أن رجلا يعرف بأبي خيبري قدم في رفقة له ونزل بقبر حاتم وبات يناديه أبا عدي اقر أضيافك فلما كان وقت السحر وثب أبو خيبرى يصيح وأراحلتاه فقالت أصحابه ما شأنك قال خرج حاتم والله بالسيف حتى عقر ناقتي وأنا أنظر إليه فنظروا فإذا هي لا تنبعث فقالوا والله قد قراك فنحروها وظلوا يأكلون من لحمها ثم أردفوه وانطلقوا فبيناهم كذلك في سيرهم طلع عليهم عدي بن حاتم و معه جمل أسود قد قرنه ببعيره فقال أن حاتما جاءني في النوم فذكر لي شتمك إياه وأنه قراك وأصحابك راحلتك وأمرني أن أدفع لك هذا البعير وقد قال أبياتا في ذلك ورددها علي حتى حفظتها


(
أبا خيبري وأنت امرؤ ** ظلوم العشيرة لوامها )
(
فماذا أردت إلى رمة ** بداوية صخب هامها )
(
تبغى أذاها واعسارها ** وحولك عوف وأنعامها )
فخذه فأخذه وانصرف مع رفقته قال وحدثنا النيسابوري قال حدثنا حاجب بن سيلمان قال حدثنا مؤمل بن اسمعيل قال حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء بن زيد ابن خالد الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فطر صائما أو جهز غازيا كان له مثل أجره
كمل كتاب الذيل والحمد لله وحده صلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


(
بسم الله الرحمن الرحيم ) اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم قال أبو علي حدثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله تعالى قال حدثنا أبو علي الحسن بن عليل العنزي قال حدثنا علي بن الصباح قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا هشام بن محمد أبو السائب المخزومي عن هشام بن عروة عن أبيه عن السكن بن سعيد عن النعمان بن بشير قال استعملني معاوية رضي الله عنه على صدقات بلي وعذرة فإني لفي بعض مياههم إذا أنا ببيت منحرد ناحية وإذا بفنائه رجل مستلق وعنده أمرأة وهو يقول أو يتغنى بهذه الأبيات
(
جعلت لعراف اليمامة حكمه ** وعراف نجد إن هما شفياني )
(
فقالا نعم نشفى من الداء كله ** وقاما مع العواد يبتدران )
(
فما تركا من رقية يعلمانها ** ولا سلوة إلا وقد سقياني )
(
فقالا شفاك الله والله ما لنا ** بما حملت منك الضلوع يدان )
فقلت لها ما قصته فقالت هو مريض ما تكلم بكلمة ولا أن أنة منذ وقت كذا وكذا إلى الساعة ثم فتح عينيه وأنشأ يقول
(
من كان من أمهاتي باكيا أبدا ** فاليوم أنى أراني اليوم مقبوضا )
(
يسمعننيه فإني غير سامعه ** إذا حملت على الأعناق معروضا )
ثم خفت فمات فغمضته وغسلته وصليت عليه ودفنته وقلت للمرأة من هذا فقالت هذا قتيل الحب هذا عروة بن حزام ( قال أبو علي ) قال أبو بكر وقصيدة عروة هذه النونية يختلف فيها الناس في بعض الأبيات ويتفقون على بعضها فالأول الأبيات المجتمع عليها وما يتلوها مما يختلف فيه أنشدني جميعه أبي رحمه الله عن أحمد بن عبيدة وغيره وعبد الله بن خلف الدلال عن أبي عبد الله السدوسي وأبو الحسن بن البراء عن الزبير بن بكار وألفاظهم مختلفط بعضها ببعض وهي هذه


(
خليلي من عليا هلال بن عامر ** بصنعاء عوجا اليوم وانتظراني )
(
ولا تزهدا في الأجر عندي وأجملا ** فانكما بي اليوم مبتليان )
(
ألم تعلما أن ليس بالمرخ كله ** أخ وصديق صالح فذراني )
(
أفي كل يوم أنت رام بلادها ** بعينين إنساناهما غرقان )
(
ألا فاحملاني بارك الله فيكما ** إلى حاضر الروحاء ثم دعاني )
(
على جسرة الأصلاب ناجية السرى ** تقطع عرض البيد بالوخذان )
(
ألما على عفراء إنكما غدا ** بشحط النوى والبين معترفان )
(
فيا واشي عفرا دعاني ونظرة ** تقر بها عيناي ثم كلاني )
(
أغركما مني قميص لبسته ** جديدا وبردا يمنة زهيان )
(
متى ترفعا عني القميص تبينا ** بي الضر من عفراء يا فتيان )
(
وتعترفا لحما قليلا وأعظما ** رقاقا وقلبا دائم الخفقان )
(
على كبدي من حب عفراء قرحة ** وعيناي من وجديها تكفان )
(
فعفراء أرجى الناس عندي مودة ** وعفراء عني المعرض المتواني )
قال أبو بكر قال بعض البصريين ذكر المعرض لأنه أراد وعفراء عني الشخص المعرف وقال الكوفيون ذكره بناء على التشبيه أراد وعفراء عني مثل المعرض كما تقول العرب عبد الله الشمس منيرة يريدون مثل الشمس في حال إنارتها
(
فيا ليت كل اثنين بينما هوى ** من الناس والأنعام يلتقيان )
(
فيقضي حبيب من حبيب لبانة ** ويرعاهما ربي فلا يريان )
(
هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى ** وإني وإياها لمختلفان )


(
هواي أمامي ليس خلفي معرج ** وشوق قلوصي في الغدو يمان )
(
هواي عراقي وتثني زمامها ** لبرق إذا لاج النجوم يماني )
(
متى تجمعي شوقي وشوقك تظلعي ** ومالك بالعبء الثقيل يدان )
(
فيا كبدينا من مخافة لوعة الفراق ومن صرف النوى تجفان ** )
(
وإذ نحن من أن تشحط الدار غربة ** وأن شق للبين العصا وجلان )
(
يقول لي الأصحاب إذ يعذلونني ** أشوق عراقي وأنت يماني )
(
وليس يمان للعراقي بصاحب ** عسى في صروف الدهر يلتقيان )
(
تحملت من عفراء ما ليس لي به ** ولا للجبال الراسيات يدان )
(
كأن قطاة علقت بجناحها ** على كبدي من شدة الخفقان )
(
جعلت لعراف اليمامة حكمه ** وعراف نجد إن هما شفياني )
(
فقالا نعم نشفى من الداء كله ** وقاما مع العواد يبتدران )
(
فما تركا من رقية يعلمانها ** ولا سلوة إلا وقد سقياني )
(
وما شفيا الداء الذي بي كله ** ولا ذخر انصحا ولا ألواني )
(
فقالا شفاك الله والله ما لنا ** بما ضمنت منك الضلوع يدان )
(
فرحت من العراف تسقط عمتي ** عن الرأس ما ألتاثها ببنان )
(
معي صاحبا صدق إذا ملت ميلة ** وكانا بدفي نضوتي عدلاني )
(
فيا عم يا ذا الغدر لا زلت مبتلى ** حليفا لهم لازم وهوان )
(
غدرت وكان الغدر منك سجية ** فألزمت قلبي دائم الخفقان )
(
وأورثتني غما وكربا وحسرة ** وأورثت عيني دائم الهملان )
(
فلا زلت ذا شوق إلى من هويته ** وقلبك مقسوم بكل مكان )
(
وإني لأهوى الحشراذ قيل أنني ** وعفراء يوم الحشر ملتقيان )


(
ألا يا غرابي دمنة الدار بينا ** أبالهجر من عفراء تنتحبان )
(
فإن كان حقا ما تقولان فاذهبا ** بلحمي إلى وكريكما فكلاني )
(
كلاني أكلا لم ير الناس مثله ** ولا تهضما جنبي وازدرداني )
(
ولا يعلمن الناس ما كان قصتي ** ولا يأكلن الطير ما تذران )
(
أناسية عفراء ذكري بعدما ** تركت لها ذكرا بكل مكان )
(
ألا لعن الله الوشاة وقولهم ** فلانة أضحت خلة لفلان )
(
إذا ما جلسنا مجلسا نستلذه ** تواشوا بنا حتى أمل مكاني )
(
تكنفني الواشون من كل جانب ** ولو كان واش واحد لكفاني )
(
ولو كان واش باليمامة ارضه ** أحاذره من شؤمه لأتاني )
(
يكلفني عمي ثمانين ناقة ** ومالي والرحمن غير ثمان )
(
فيا ليت محيانا جميعا وليتنا ** إذا نحن متنا ضمنا كفنان )
(
ويا ليت أنا الدهر في غير ريبة ** خليان نرعى الفقر مؤتلفان )
(
إذا ما وردنا منهلا صاح أهله ** وقالوا بعيرا عرة جربان )
(
فوالله ما حدثت سرك صاحبا ** أخا لي ولا فاهت به الشفتان )
(
سوى أنني قد قلت يوما لصاحبي ** ضحى وقلوصانا بنا تخدان )
(
ضحيا ومستنا جنوب ضعيفة ** نسيم لرياها بنا خفقان )
(
تحملت زفرات الضحى فأطقتها ** ومالي بزفرات العشي يدان )
(
فيا عم لا أسقيت من ذي قرابة ** بلالا فقد زلت بك القدمان )
(
ومنيتني عفراء حتى رجوتها ** وشاع الذي منيت كل مكان )
(
بنية عمي حيل بيني وبينها ** وصاح لوشك الفرقة الصردان )


(
فيا حبذا من دونه يعذلونني ** ومن حليت عيني به ولساني )
(
ومن لو أراه في العدو أتيته ** ومن لو يراني في العدو أتاني )
(
ومن هابني في كل أمر وهبته ** ولو كنت أمضى من شباة سنان )
(
فوالله لولا حب عفراء ما التقى ** علي رواقا بيتك الخلقان )
(
خليقان هلها لان لا خير فيهما ** قبيحان يجرى فيهما اليرقان )
(
رواقان هفافان لا خير فيهما ** إذا هبت الأرواح يصطفقان )
(
ولم أتبع الأظعان في رونق الضحى ** ورحلى على نهاضة الخديان )
(
لعفراء إذا في الدهر والناس غرة ** وإذا خلقانا بالصبا يسران )
(
لأدنو من بيضاء خفاقة الحشا ** بنية ذي قاذورة شنآن )
(
كأن وشاحيها إذا ما ارتدتهما ** وقامت عنانا مهرة سلسان )
(
يعض بابدان لها ومتناهما ** ومتناهما رخوان يضطربان )
(
وتحتهما حقفان قد ضربتهما ** قطار من الجوزاء ملتبدان )
(
أعفراءكم من زفرة قد أذقتني ** وحزن ألج العين بالهملان )
(
وعينان ما أوفيت نشزا فتنظرا ** بمأقيهما إلا هما تكفان )
(
فلو أن عيني ذي هوى فاضتادما ** لفاضت دما عيناي تبتدران )
(
فهل حاديا عفراء إن خفت فوتها ** علي إذا ناديت مرعويان )
(
ضروبان للتالي القطوف إذا ونى ** مشيحان من بغضائنا حذران )
(
فما لكما من حاديين رميتما ** بحمى وطاعون ألا تقفان )
(
وما لكما من حاديين كسيتما ** سرابيل مغلاة من القطران )


(
فويلي على عفراء ويلا كأنه ** على الكبد والأحشاء حد سنان )
(
ألا حبذا من حب عفراء ملتقى ** نعم وألالا حيث يلتقيان )
(
قال أبو بكر ) أخبرني أبي عن الطوسي قال أراد بقوله ملتقى نعم وألا لا شفتيها لأن الكلمتين في الشفتين تلتقيان ويروى
(
ألا حبذا من حب عفراء ملتقى ** نعام وبرك حيث يلتقيان )
وقال هما موضعان
(
لو أن أشد الناس وجدا ومثله ** من الجن بعد الإنس يلتقيان )
(
فيشتكيان الوجد ثمت أشتكي ** لأضعف وجدي فوق ما يجدان )
(
فقد تركتني ما أعي لمحدث ** حديثا وإن ناجيته ونجاني )
(
وقد تركت عفراء قلبي كأنه ** جناح غراب دائم الخفقان )
(
قال أبو علي ) قال أبو العباس ثعلب سميت العنزة عنزة من قولهم اعتنز الرجل إذا تنحى وذلك أن الإمام يجعلها بين يديه إذا صلى ويقف دونها فتكون ناحية عنه ( قال ) وسميت الحربة حربة من قولهم حربته إذا أحميته وأغضبته لأنها حادة ماضية
والعترة أقرب أهل الرجل إليه ومنه عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي من عتر الريح وهو حركتها واضطرابها والعتيرة الذبيحة التي كانت تذبح في الجاهلية في رجب وهي من الحركة والإضطراب لأن الرجل كان ينذر إذا كثر ماله أن يذبح منه وإذا كثر المال انتشر والإنتشار الإضطراب وسمى عنترة من ذلك لتحركه في الحرب وتصرفه وأخذه في كل وجه وناحية وأنشد أبو العباس
(
فإن تشرب الأرطى دما من صديقنا ** فلا بد أن تسقى دماءكم النخل )
يقول إن قتلتم صاحبنا في هذا الموضع الذي ينبت الأرطى اهتبالا لغفلته ووحدته فإنا لعزنا نقصدكم طالبين بثأره وجهارا في بلادكم وأوطانكم ( قال ) وقول العامة فلان قرابة فلان

محال إنما كلام العرب هذا قريب فلان وهؤلاء أقارب فلان وأقرباؤه وقرابات ليس بشيء ( قال ) وقول ذي الرمة
(
كأنهن خوافي أجدل قرم ** ولى ليسبقه بالأمعز الخرب )
ترتيبه كأن الحمر بالأمعز خوافي أجدل قرم والخوافي مستوية والقوادم ليست كذلك فأراد أنه ليس يفضل بعضها بعضا في العدو لجدها ونجائها وأنشد له أيضا
(
نظرت إلى أظعان مي كأنها ** ذرى النخل أو أثل تميل ذوائبه )
(
فأسبلت العينان والقلب كاتم ** بمغرورق نمت عليه سواكبه )
(
هوى آلف حان الفراق ولم تجل ** مجاولها أسراره ومعاتبه )
(
إذا راجعتك القول مية أو بدا ** لك الوجه منها أو نضا الدرع سالبه )
(
فيا لك من خد أسيل ومنطق ** رخيم ومن وجه تعلل جادبه )
تعلل من العلل وهو الشرب مرة بعد مرة أي نظر الناظر وأعاد نظره مرة بعد مرة فلم يجد عيبا وأشعلت الدموع كثرت فتفرقت وكتيبة مشعلة أي كثيرة متفرقة ويقال أشعل السلطان جماعة في طلبه أي فرقهم ( قال ) وأنشدنا ثعلب ليزيد بن الطثرية وقال الطثرة الخصب وكثرة الخير
(
بنفسي من لا يستقل بنفسه ** ومن هوان لم يحفظ الله ضائع )
(
قال ) ويقال فلان سراب بقيعة أي لا يحصل منه على شيء وشراب بأنقع أي حازم كامل


(
قال ) وسمي اللص لصا لأنه يجمع نفسه ويضائل شخصه ليستتر بذلك وهو من قولهم لصصت أضراسه إذا اجتمعت وتلاصقت وقال امرؤ القيس يصف كلبا
(
ألص الضروس حني الضلوع ** تبوع طلوب نشيط أشر )
(
قال ) ويقال السفينة من سفنته إذا قشرته كأنها تقشر الماء والحراقة من قولهم هو يحرق عليه الأرم وهي الأضراس والزلال من قولهم زل يزل والطيار من قولهم الطيران والملاح من الملح لشظف عيشه وخشونة مطعمه والحفف القيام بالأمر حفهم قام بأمرهم ورفهم أطعمهم وهو يحفه ويرفه أي يطعمه ويقوم بأمره فالحفف أن يكون المأكل بإزاء آكله والضفف أن يكون دونه وضفه الوادي والنهر جانباهما فكأن الضفف ما يكفي جانبا من العيال والقوم ولا يعمهم وأنشد لذي الرمة ( أذاك أم خاضب بالسي مرتعه ** أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب )
قال أبو ثلاثين أي أنه قد عرف ما يصلح البيض ويفسده للتجربة فلما أحس بالمطر أجد في طلب أدحية وخص الذكر لأنه أسرع من الأنثى وقال أمسى لجده في اللحاق قبل الليل وهو منقلب لأنه قد رعى فنفسه قوية والخاضب الذي قد خضب في الربيع فهو أحسن لحاله والنعام يبيض نحو العشر فما فوقها فأراد بالثلاثين أنه قد حضن أبطنا وقال ثعلب في قول ذي الرمة
(
أرى إبلي وكانت ذات زهو ** إذا وردت يقال لها قطيع )
(
تكنفها الأرامل واليتامى ** فصاعوها ومثلهم يصوع )
(
وطيب عن كرائمهن نفسي ** مخافة أن أرى حسبا يضيع )
أي يزهى من يملك مثلها والقطيع ما كثر وصاعوها فرقوها أي أنه نحر وفرق وأطعم وانصاع الطائر إذا مر ويقال أيضا صاع جمع ومنه الصاع ( قال أبو الحسن ) يروى غيره ضاعوها معجمة الضاد ( قال ) وأنشدنا أبو العباس عن سلمة عن الفراء


(
من النفر البيض الذين إذا انتموا ** وهاب اللئام حلقة الباب قعقعوا )
البيض السادة الذين لا عيب فيهم يقدمون على أبواب الملوك بأحسابهم ومواضعهم وكبر أنفسهم وتهابها اللئام لخمولهم وقصر هممهم ( قال ) ويقال جاء نعي فلان بالتشديد إذا رفع الصوت بذكر وفاته وأصله من نعى على الناقة حملها إذا رفعه عليها ومنه نعى عليه ذنوبه إذا ذكرها وأشاد بها وقال أبو العباس في قول ابن أحمر
(
وبعيرهم ساج بجرته ** لم يؤذه غرب ولا نفر )
(
فإذا تجر رشق بازله ** وإذا أصاخ فإنه بكر )
يريد أنهم في خفض وخصب وأمن وعز فأموالهم راعية ساكنة ويقول وجهه لطراوته وجه بكر وهو إذا بدت أسنانه بازل وذلك لحسن حاله ( قال ) ويقال قاره يقوره إذا ختله وهو يقور الوحش أي يختلها ليصيدها ومنه قولهم قيره يقيره إذا ختله وخدعه ويقال قبح الله ثفرها وهو كناية عن الفرج أي قبح الله الموضع الذي خرجت منه ( قال ) والتفرة بالتاء المعجمة اثنتين الروضة والتفرات الرياض قال الطرماح
(
لها تفرات تحتها وقصارها ** على مشرة لم تعتلق بالمحاجن )
يصف ظبية من أمن والمشرة الهاء معجمة والميم مفتوحة الشجرة الكثيرة الورق ( قال ) والطرماح من طرمح بابه إذا رفعه أي هو رفيع القدر والطرمذة لفظة عربية والطرماذا الفرس الرائع الكريم ( قال ) وسألت ابن الأعرابي عن الطرمذان وهو المتكثر

بما لا يفعل فقال لا أعرفه وأعرف الطرماذا وأنشدني سلام طرماذ على طرماذ وأنشدنا أبو العباس لبعض المحدثين هو أشجع السلمى
(
ليس للعسكر إلا ** من له وجه وقاح )
(
ولسان طرمذان ** وغدو ورواح )
(
ولهم ما شئت عنيد ** وعلى الله النجاح )
وقال في قول الشاعر
(
مخايط العكم مواديع المطي ** التاركي الرفيق بالخرق النطي )
أي لا يحلون أزوادهم ويأكلون أزواد الناس ولا يرحلون إلى الملوك والخرق الفلاة لإنخراق الريح فيها والنطي البعيد ويقال في مثل ذلك ( كيف يقطع النطي بالبطي ) والنطي البعيد والبطي البعير المبطئ يضرب مثلا للذي يروم عظائم الأمور بغير ما جد ولا انكماش ( قال أبو الحسن ) حفظي عنه محايط بغير معجمة والشعر لجميل ابن معمر ( قال أبو العباس ) ويقال أصير إليك في غد أو الذي يليه وقول الناس أو الذي أليه خطأ وإنما لم يقفوا على حق الكلمة ويقال خبيصة معقدة وأعقدت الخبيصة وغيرها من الحلواء والدواء فهي معقدة وأعقدت العسل وعقدت الحبل ( قال أبو العباس )

العهدة أول مطرة والرصدة الثانية فتلك أول ما عهدت الأرض وهذه ترصد تلك ويقال نحن ننتظر الرصدة ( قال ) والنهار عند العرب من طلوع الشمس إلى غروبها وما عدا ذلك فهو عندهم ليل مما تقدم أو تأخر ( قال أبو العباس ) والشاكلة الطريقة والشاكلة الناحية وشاكلة الجدي خاصرته لأنها ناحية منه ( قال ) ورغوة اللبن بكسر الراء أفصح من فتحها قال والوصيد الفناء وأنشد أبو العباس
(
ولما قضينا من منى كل حاجة ** ومسح بالأركان من هو ماسح )
(
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ** وسالت بأعناق المطي الأباطح )
أطراف الأحاديث ما يستطرف منها ويؤثر ( قال أبو العباس ) جمع الحلي وهو يبيس النصى أحلية ولم يسمع جمعه إلا في شعر ذي الرمة
(
قال ) والممرد الأملس ومنه الأمرد للين خديه وشجرة مرداء لا ورق لها ومرداء وملساء واحد ويقال زللت في المنطق وزللت في المشي وأزللت له زلة وأزللت إليه نعمة ( قال ) ويقال أمطرت السماء إذا قطرت ومطرت سالت
ويقال كلمه فما أحاك فيه وضربه فما أحاك فيه وما يحيك فيه شيء وهو أفصح من الفتح وحاك يحيك إذا ذهب وجاء ومنه الحائك
ويقال حذق الخل اللسان يحذقه حذوقا وحذق الصبي القرآن حذقا وحذق الحبل إذا انقطع ( قال ) ويقال ردحت بيتك إذا زدت فيه ووسعته ويقال لو ردحته أي لو وسعته ( قال ) والإفصاء الخروج من حر إلى برد أو من برد إلى حر ويقال لو قد أفصيت لخرجت معك وقد أفصى الناس والنسا حينئذ مفصون ومن التفصي
ويقال أحولنا في هذا المكان وأعومنا أيضا وأسنهنا وأشهرنا وأيومنا وأسوعنا ويقال أطلى الرجل إذا مالت عنقه للنوم وأطلنا

حتى أطلينا أي قعدنا حتى نعسنا ومن أطال أطلى أي من قعد نعس
ويقال أخلد إلى الأمر أي سكن إليه وأقام عليه وخلد عليه شبابه أي بقى عليه شبابه وسواد شعره ووجرته من الوجور وهو أفصح ومن الرمح أو جرته لا غير
ويقال أشط في سومه أفصح من شط ويقال ثللته هدمته وأثللته أصلحته ويقال لحدت ملت وألحدت جادلت ويقال فعال حسن وفعال جميل بالفتح والكسر خطأ ويكسر الفاء في نصاب الفأس يقال هذا فعال قوي أي نصاب قوي
والأحمس المتشدد في دينه وسميت قريش الحمس من ذلك ومنه سمى المحمس الذي تقول له العامة المحمص لأنه يقلى قليا شديدا ويقال لم يبق بيني وبينه علقة ولا علاقة فالعلقة المرة والعلاقة الحالة ( قال أبو محلم ) وقال الأصمعي بينا أنا في طريق مكة ومعي أصحابي إذا مر بنا أعرابي وهو يقول من أحس من بعير بعنقه علاط وبأنفه خزامة تتبعه بكرتان سمراوان عهد العاهد به عند البئر قلنا حفظ الله عليك يا هذا والله ما أحسسنا جملا على هذه الصفة قال وجويرية من الأعراب على حوض لها تموره فأعاد الكلام عليها فقالت اعزب لا حفظ الله عليك يا فاسق فقلنا لها ما تريدين من رجل ينشد ضالته فقالت إنما ينشد أيره وخصيتيه ( قال ) وكتب أبو محلم إلى الحذاء في نعل له عنده دنها فإذا همت تاتدن فلا تخلها تمرخد وقبل أن تقفعل فإذا ائتدنت فامسحها بخرقة غير وكبة ولا جشبة ثم أمعسها معسا رفيقا ثم سن شفرتك وأمهها فإذا رأيت عليها مثل الهبوة فسن راس الإزميل ثم سم بالله وصل على محمد صلى الله عليه وسلم ثم أنحها وكوف جوانبها كوفا رفيقا وأقبلها بقبالين أخنسين أفطسين غير خلطين ولا أصمعين وليكونا وثيقين من أديم صافي البشرة غير نمش ولا حلم ولا كدش واجعل في مقدمها كمنقار النغر فلما وصل الكتاب إلى الحذاء لم يفهم منه شيأ إلا ولا كدش فقال صيرني كداشا والله لا حذوت له نعله ( قال أبو علي ) قوله تاتدن تبتل يقال ودنت الشيء فهو مودون وودين أي بللته فهو مبلول والمودون من الناس وغيرهم القصير

الضاوي القميء وقوله تمرخدث لم أجد تفسيره في موضع رخد إذ جاء مهملا للخليل ولا لغيره والوكب والوسخ يقال وكب الثوب يوكب وكبا إذا اتسخ والوكبان بفتح الواو والكاف مشية في درجان ومنها اسم الموكب والجشب الغليظ والمجشاب مثله قال أبو زيد
(
توليك كشحا لطيفا ليس مجشابا ** )
وطعام جشب ليس معه إدام ويقال للرجل الذي لا يبالي ما أكل ولم ينل أدما إنه لجشب المأكل وقد جشب جشوبة والمعس الدلك يقال معس الأديم وغيره يمعسه معسا إذا دلكه ومعس الرجل المرأة يمعسها إذا نكحها وقال الراجز في نعت السيل
(
يمعس بالماء الجواء معسا ** ) ويقال اقفعلت أنامله إذا تشنجت من برد أو كبر قال الشاعر
(
رأيت الفتى يبلى إذا طال عمره ** بلى الشن حتى تقفعل أنامله )
ويقال أمهيت الحديدة إمهاء إذا حددتها وأمهيتها إذا سخنتها بالناء ثم ألقيتها في الماء لتسقيها فهي ممهاة قال امرؤ القيس في سهم الرامي
(
راشه من ريش ناهضة ** ثم أمهاه على حجره )
وأمهى شرابه ولبنه إذا أرقه ولبن مهو وقد مهو اللبن يمهو مهاوة والأزميل الأشفى قال عبدة بن الطبيب
(
عيهمة ينتحي في الأرض منسمها ** كما انتحى في أديم الصرف إزميل )
ويقال خرج فلان فخلف أزمله وأزمله بفتح الميم وضمها أي أهله والإزمول من الوعول المصوت بكسر الهمزة وفتح الميم ويقال سمعنا أزمل القوم أي أصواتهم وجمعه أزامل قال هميان بن قحافة السعدي


(
تسمع في أجوافها لجالجا ** أزاملا وزجلا هزامجا )
وكوفها دورها بعد ما تنحيها أي تقصد نحو مثالها في تدويرها وقال يعقوب يقال تركتهم في كوفان بضم لكاف وسكون الواو أي في أمر مستدير وقال ابن الأعرابي يقال بنو فلان في كوفان مشدد الواو أي في أمر مكروه شديد وهذا قريب من الأول كأنه لكراهيته تحير أهله فهم يستديرون وقال الكلابيون الخلط من الرجال بفتح الخاء وكسر اللام بلا ياء هو الذي يختلط بالناس وهو في وجهين فأحدهما الذي يخالط الناس بما يحبون وهو مدح وأما الآخر فهو الذي يلقى متاعه ونساءه بين الناس فيخالطهم وهو عيب فكأنه كره أن يكون قبال نعله ملفقا من أديمين وذلك محمود في نعال النساء مكروه في حذاء الرجال وقوله ولا أصمعين أي رقيقين غير نمش ولا حلم ولا كدش والحلم بفتح الحاء واللام دود يقع في الجلد فيأكله فإذا دبغ وهى موضع الحلم فيقال أديم حلم ونغل وأديم نمش أيضا ومن ذلك يقال نمش الجراد والدبا ا لأرض بنمشها نمشا إذا أكل الكلا ونزل ويقال ما به كدشة بفتح الكاف وسكون الدال أي ما به داء والكداش بتشديد الدال الكرى والكدش بفتح الكاف وسكون الدال الكسب يقال كدش لأهل يكدش كدشا إذا اكتسب لهم وما كدشت شيأ أي ما أخذته والكدش أيضا السوق والحث ( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن أبي الأزهر أنشدنا أبو العباس المبرد لسعيد بن حميد
(
تمتع من الدنيا فإنك فاني ** وإنك في أيدي الحوادث عانى )
(
ولا ياتين يوم عليك وليلة ** فتخلو من شرب وعزف قيان )
(
فإني رأيت الدهر يلعب بالفتى ** وينقله حالين يختلفان )
(
فأما التي تمضي فأحلام نائم ** وأما التي تبقى لها فأماني )


(
قال أبو علي ) قال أبو بكر حدثني أبي عن العباس بن ميمون قال سمعت ابن عائشة يقول حدثني أبي عن عوف الأعرابي قال سأل رجل الحسن البصري عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقال أعن رباني هذه الأمة تسأل لم يكن بالسروقة لمال الله ولا بالملولة لحق الله أعطى القرآن عزائمه فيما عليه وله حتى أورده الله على رياض مونقه وجنان غسقه ذاك علي بن أبي طالب يا لكع ( قال ) وحدثني أبي عن العباس بن ميمون قال حدثني سليمان الشاذكوني والحسن بن عنبسة الوراق قال حدثنا حفص بن غياث عن أشعث بن سوار قال نال عدي بن أرطاة على المنبر من علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال فالتفت إلى الحسن وإن دموعه لتسيل على خده ولحيته فقال لقد ذكر هذا اليوم رجلا إنه لولي رسول الله في الدنيا ووليه في الآخرة ( قال ) وحدثني أبو بكر عن أبيه عن العباس بن ميمون قال حدثني سليمان بن داود عن حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال إن كان أحد يعلم متى أجله فإن علي بن أبي طالب كان يعلم متى أجله قال العباس فحدثت به ابن عائشة فقال أنت تعلم يا ابن أخي أنه قاتل يوم الجمل فلم يتكلم ويوم صفين فلم يتكلم ولقد لقي ليلة الهرير ما لقي فلم يتخوف ولم ينطق بشيء فلما رجع إلى الكوفة بعد قتله الخوارج قال ألا ينبعث أشقاها ليخضبن هذه من هذه ( قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان قال وحدثنا منجاب بن الحرث قال أخبرنا بشر بن عمارة عن محمد بن سوقة قال أتى عليا رضي الله تعالى عنه رجل فقال يا أمير المؤمنين ما الإيمان أو قال كيف الإيمان فقال الإيمان على أربع دعائم على الصبر واليقين والعدل والجهاد والصبر على أربع شعب على الشوق والشفق والزهادة والترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلاعن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن الحرمات ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات واليقين على أربع شعب على تبصرة الفطنة وتأويل الحكمة وموعظة العبرة وسنة الأولين فمن تبصر الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة فكأنما كان في

الأولين والعدل على أربع شعب على غامض الفهم وزهرة الحلم وروضة العلم وشرائع الحكم فمن فهم فسر جميع العلم ومن علم عرف شرائع الحكم ومن حلم لم يفرط أمره وعاش في الناس والجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق ومن صدق في المواطن فقد قضى الذي عليه ومن شنيء الفاسقين فقد غضب لله ومن غضب لله غضب الله له ( قال ) فقام الرجل فقبل رأسه فقال علي كرم الله وجهه أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما
(
وفاة الحجاج بن يوسف الثقفي ) قال وحدثني أبو بكر قال حدثني أبي قال حدثنا أحمد ابن عبيد في أخبار الحجاج بن يوسف أنه لما حضرته الوفاة وأيقن بالموت قال أسندوني وأذن للناس فدخلوا عليه فذكرت الموت وكربه واللحد ووحشته والدنيا وزوالها والآخرة وأهوالها وكثرة ذنوبه وأنشأ يقول
(
إن ذنبي وزن السماوات والأرض ** وظني بخالقي أن يحابي )
(
فلئن من بالرضا فهو ظني ** ولئن مر بالكتاب عذابي )
(
لم يكن ذاك منه ظلما وهل يظلم رب يرجى لحسن المآب ** )
ثم بكى وبكى جلساؤه ثم أمر الكاتب أن يكتب إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان أما بعد فقد كنت أرعى غنمك أحوطها حياطة الناصح الشفيق برعية مولاه فجاء الأسد فبطش بالراعي ومزق المرعي كل ممزق وقد نزل بمولاك ما نزل بأيوب الصابر وأرجو أن يكون الجبار أراد بعبده غفرانا لخطاياه وتكفيرا لما حمل من ذنوبه ثم كتب في آخر الكتاب
(
إذا ما لقيت الله عني راضيا ** فإن شفاء النفس فيما هنالك )


(
فحسبي بقاء الله من كل ميت ** وحسبي حياة الله من كل هالك )
(
لقد ذاق هذا الموت من كان قبلنا ** ونحن نذوق الموت من بعد ذلك )
(
فإن مت فاذكرني بذكر محبب ** فقد كان جما في رضاك مسالكي )
(
وإلا ففي دبر الصلاة بدعوة ** يلقى بها المسجون في نار مالك )
(
عليك سلام الله حيا وميتا ** ومن بعد ما تحيا عتيقا لمالك )
ثم دخل عليه أبو المنذر يعلى بن مخلد المجاشعي وقال كيف ترى ما بك يا حجاج من غمرات الموت وسكراته فقال يا يعلى غما شديدا وجهدا جهيدا وألما مضيضا ونزعا جريضا وسفرا طويلا وزادا قليلا فويلي ويلي إن لم يرحمني الجبار فقال له يا حجاج إنما يرحم الله من عباده الرحماء الكرماء أولى الرحمة والرأفة والتحنن والتعطف على عباده وخلقه أشهد أنك قرين فرعون وهامان لسوء سيرتك وترك ملتك وتنكبك عن قصد الحق وسنن المحجة وآثار الصالحين قتلت صالحي الناس فأفنيتهم وأبرت عترة التابعين فتبرتهم وأطعت المخلوق في معصية الخالق وهرقت الدماء وضربت الأبشار وهتكت الأستار وسست سياسة متكبر جبار لا الدين أبقيت ولا الدنيا أدركت أعززت بني مروان وأذللت نفسك وعمرت دورهم وأخربت دارك فاليوم لا ينجونك ولا يغيثونك إذ لم يكن لك في هذا اليوم ولا لما بعده نظر لقد كنت لهذه الأمة اهتماما واغتماما وعناء وبلاء فالحمد لله الذي أراحها بموتك وأعطاها مناها بخزيك ( قال ) فكأنما قطع لسانه عنه فلم يحر جوابا وتنفس الصعداء وخنقته العبرة ثم رفع رأسه فنظر إليه وأنشأ يقول
(
رب إن العباد قد أيأسوني ** ورجائي لك الغداة عظيم )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا الحسن بن خضر عن أبيه عن بعض ولد علي رضي الله تعالى عنه قال كان علي يعلم أصحابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول

اللهم داحي المدحوات وبارئ المسموكات وجبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما أغلق والمعلن الحق بالحق والدامغ لجيشات الأباطيل كما حمل فاضطلع بأمرك بطاعتك مستوفزا في مرضاتك بغير نكل في قدم ولا وهي في عزم واعيا لوحيك حافظا لعهدك ماضيا على نفاذ أمرك حتى أورى قبسا القابس آلاء الله تصل بأهله أسبابه به هديت القلوب بعد خوضات الفتن ووضحت أعلام الإسلام ومنيرات الأحكام فهو أمينك المأمون وخازن علمك المخزون وشهيدك يوم الدين وبعيثك نعمه ورسولك بالحق رحمه اللهم افسح له في عدنك منفسحا واجزه مضاعفات الخير من فضلك مهنآت غير مكدرات من فوز ثوابك المحلول وجزيل عطائك المعلول اللهم أعل على بناء الناس بناءه وأكرم لديك مثواه وأتمم له نوره وأجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة ومرضي المقالة ذا منطق عدل وخطة فصل وبرهان عظيم ( قال ) وحدثنا أبو عمر قال أخبرنا الغطفاني عن رجاله قال سئل أبو عبد الله جعفر بن محمد بن علي رضي الله عنهم عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن قال فأدار دارة كبيرة وأدار في وسطها دارة صغيرة وقال الكبيرة هي الإسلام والصغيرة هي الإيمان فإذا زنى خرج في ذلك الوقت من الإيمان إلى الإسلام فإن كفر خرج من الدارة الكبيرة إلى الشرك والكفر والعياذ بالله
وقرأنا على أبي الحسن قال قال أبو محلم حدثني وكيع بن الجراح وأبو نعيم قالا حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أشد جنود ربك عشرة الجبال الرواسي والحديد يقطع الجبال والنار تذيب الحديد والماء يطفئ النار والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء والريح تقطع السحاب وابن آدم يغلب الريح يستتر بالثوب أو الشيء ويمضي لحاجته والسكر يغلب ابن آدم والنوم يغلب السكر والهم يغلب النوم فأشد خلق الله عز وجل الهم قال

أبو محلم ) أخبرني معتمر بن سليمان التميمي قال لما جيء بالشجاء وكانت امرأة من الخوارج إلى زياد قال لها ما تقولين في أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه قالت ماذا أقول في رجل أنت خطيئة من خطاياه فقال بعض جلسائه أيها الأمير أحرقها بالنار وقال بعضهم اقطع يديها ورجليها وقال بعضهم اسمل عينيها فضحكت حتى استلقت وقالت عليكم لعنة الله فقال لها زياد مم تضحكين قالت كان جلساء فرعون خيرا من هؤلاء قال لها ولم قالت استشارهم في موسى فقالوا أرجه وأخاه وهؤلاء يقولون اقطع يديها ورجليها واقتلها فضحك منها وخلى سبيلها ( قال ) وقال حدثنا أبو محلم قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال قال الحجاج بن يوسف لعلي بن الحسين رضي الله عنهما أنتم كنتم أكرم عند شيخكم من آل الزبير عند شيخهم قال عمرو وذاك أنه لم يشهد الطف أحد من بني هاشم أطاقت يده حمل حديدة إلا قتل قتل الحسين وقتل الحجاج عبد الله بن الزبير وطاف من العشي بين عباد وعامر ابن عبد الله واضعا يديه عليهما ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو الحسن جحظة قال قال الشعبي ما لقينا من علي رضي الله عنه أن أحببناه قتلنا وإن أبغضناه كفرنا ( قال ) وحدثنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال أخبرنا ابن ميمون عن أبي مالك قال قال ابن هرمة
(
مهما ألام على حبهم ** فإني أحب بني فاطمه )
(
بني بنت من جاء بالمحكمات ** والدين والسنن القائمه )
فلقيه بعد ذلك رجل فسأله من قائلها فقال من عض أمه فقال له ابنه يا أبت ألست قائلها قال بلى قال فلم تشتم نفسك قال أليس الرجل يعض بظر أمه خيرا له من أن يأخذه ابن قحطبة ( قال ) وأخبرنا محمد بن أبي الأزهر قال حدثنا الزبير قال حدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا سعيد بن عامر الضعي عن جويرية بن أسماء قال لما أراد معاوية البيعة ليزيد ولده كتب إلى مروان وهو عامله على المدينة فقرأ كتابه وقال إن أمير المؤمنين قد كبر سنه

ودق عظمه وقد خاف أن يأتيه أمر الله تعالى فيدع الناس كالغنم لا راعي لها وقد أحب أن يعلم علما ويقيم إماما فقالوا وفق الله أمير المؤمنين وسدده ليفعل فكتب بذلك إلى معاوية فكتب إليه أن سم يزيد قال فقرأ الكتاب عليهم وسمى يزيد فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما فقال كذبت والله يا مروان وكذب معاوية معك لا يكون ذلك لا تحدثوا علينا سنة الروم كلما مات هرقل قام مكانه هرقل فقال مروان أن هذا الذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج قال فسمعت ذلك عائشة رضي الله تعالى عنها فقالت ألابن الصديق يقول هذا استروني فستروها فقالت كذبت والله يا مروان إن ذلك لرجل معروف نسبه قال فكتب بذلك مروان إلى معاوية فأقبل فلما دنا من المدينة استقبله أهلها فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر رضوان الله عليهم أجمعين فأقبل على عبد الرحمن بن أبي بكر فسبه وقال لا مرحبا بك ولا أهلا فلما دخل الحسين عليه قال لا مرحبا بك ولا أهلا بدنة يترقرق دمها والله مهريقه فلما دخل ابن الزبير قال لا مرحبا بك ولا أهلا ضب تلعة مدخل رأسه تحت ذنبه فلما دخل عبد الله بن عمر قال لا مرحبا بك ولا أهلا وسبه فقال إني لست بأهل لهذه المقالة قال بلى ولما هو شر منها قال فدخل معاوية المدينة وأقام بها وخرج هؤلاء الرهط معتمرين فلما كان وقت الحج خرج معاوية حاجا فأقبل بعضهم على بعض فقالوا لعله قد ندم فأقبلوا يستقبلونه قال فلما دخل ابن عمر قال مرحبا بك وأهلا بك يا ابن الفاروق هاتوا لأبي عبد الرحمن دابة وقال لإبن أبي بكر مرحبا بابن الصديق هاتوا له دابة وقال لإبن الزبير مرحبا بابن حواري رسول الله هاتوا له دابة وقال للحسين مرحبا بابن رسول الله هاتوا له دابة وجعلت ألطافه تدخل عليهم ظاهرة يراها الناس ويحسن إذنهم وشفاعتهم قال ثم أرسل إليهم فقال بعضهم لبعض من يكلمه فأقبلوا على الحسين فأبى فقالوا لإبن الزبير هات فأنت صاحبنا قال على أن تعطوني عهد الله أن لا أقول شيأ إلا تابعتموني عليه قال فأخذ عهودهم رجلا رجلا ورضي من ابن عمر بدون

ما رضى به من صاحبيه قال فدخلوا عليه فدعاهم إلى بيعة يزيد فسكتوا فقال أجيبوني فسكتوا فقال أجيبوني فسكتوا فقال لإبن الزبير هات فأنت صاحبهم قال اختر منا خصلة من ثلاث قال إن في ثلاث لمخرجا قال أما أن تفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ماذا فعل قال لم يستخلف أحدا قال وماذا قال أو تفعل كما فعل أبو بكر قال فعل ماذا قال نظر إلى رجل من عرض قريش فولاه قال وماذا قال أو تفعل كما فعل عمر بن الخطاب قال فعل ماذا قال جعلها شورى في ستة من قريش قال ألا تسمعون أني قد عودتكم على نفسي عادة وإني أكره أن أمنعكموها قبل أن أبين لكم إن كنت لا أزال أتكلم بالكلام فتعترضون علي فيه وتردون علي وإني قائم فقائل مقالة فإياكم أن تعترضوا حتى أتمها فإن صدقت فعلى صدقي وإن كذبت فعلى كذبي والله لا ينطق أحد منكم في مقالتي إلا ضربت عنقه ثم وكل بكل رجل من القوم رجلين يحفظانه لئلا يتكلم وقام خطيبا فقال أن عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر قد بايعوا فبايعوا فانجفل الناس عليه يبايعونه حتى إذا فرغ من البيعة ركب نجائبه فرمى إلى الشام وتركهم فأقبل الناس على الرهط يلومونهم فقالوا والله ما بايعنا ولكن فعل بنا وفعل
وحدثنا اسحق قال كان أشعب إذا حدث عن عبد الله بن عمر يقول قال حبيبي عبدالله وكان يبغضني في الله قال اسحق قال ابن أبي عتيق رضي الله تعالى عنهما دخلت على أشعب يوما وعنده متاع حسن وأثاث فقلت أما تستحي أن تطلب من الناس وعندك مثل هذا فقال يا فديتك معي من لطف المسئلة ما لا تطيب نفسي بتركه وكان يقول أنا أطمع وأمي تتيقن فإذا اجتمع طمعي ويقين أمي فقل ما يفلتنا
(
مجلس ) أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال وفد عامر بن جوين الطائي على المنذر بن النعمان الأكبر جد النعمان بن المنذر وذلك بعد انقضاء ملك كندة ورجوع الملك إلى لخم وكان عامر قد أجار امرأ القيس ابن حجر أيام كان مقيما بالجبلين وقال كلمته التي يقول فيها


(
هنالك لا أعطي مليكا ظلامة ** ولا سوقة حتى يؤب ابن مندله )
وكان المنذر ضغنا عليه فلما دخل عليه قال له يا عام لساء مثوى أثويته ربك وثويك حين حاولت إصباء طلته ومخالفته إلى عشيره أما والله لو كنت كريما لأثويته مكرما موقرا ولجانبته مسلما فقال له أبيت اللعن لقد علمت ابناء أدد إني لأعزها جارا وأكرمها جوارا وأمنعها دارا ولقد أقام وافرا وزال شاكرا
فقال له المنذر يا عام وإنك لتختال هضيبات أجأ ذات الوبار وأفنيات سلمى ذات الأغفار مانعاتك من المجر الجرار ذي العدد الكثار والحصن والمهار والرماح الحرار وكل ماضي الغرار بيد كل مسعر كريم النجار
قال له عامر أبيت اللعن إن بين تلك الهضيبات والرعان والشعاب والمصدان لفتيانا أبطالا وكهولا أزوالا يضربون القوانس ويستنزلون الفوارس بالرماح المداعس لم يتبعوا الرعاء ولم ترشحهم الإماء فقال الملك يا عام لو قد تجاوبت الخيل في تلك الشعاب صهيلا وكانت الأصوات قعقعة وصليلا وفغر الموت وأعجز الفوت فتقارشت الرماح وحمي السلاح لتساقى قومك كأسا لا صحو بعدها فقال مهلا أبيت اللعن أن شرابنا وبيل وحدنا أليل ومعجمنا صليب ولقاءنا مهيب فقال له يا عام انه لقليل بقاء الصخرة الصراء على وقع الملاطيس فقال أبيت اللعن أن صفاتنا عبر المراديس فقال لأوقظن قومك من سنة الغفلة ثم لأعقبنهم بعدها رقدة لا يهب راقدها ولا يستيقظ هاجدها فقال له عامر أن البغي أباد عمرا وصرع حجرا وكانا أعزمنك سلطانا وأعظم شأنا وأن لقيتنا لم تلق أنكاسا ولا أغساسا فهبش

وضائعك وصنائعك وهلم إذا بدا لك فنحن الألى قسطوا على الأملاك قبلك ثم أتى راحلته فركبها وأنشأ يقول هذه الأبيات
(
تعلم أبيت اللعن أن قناتنا ** تزيد على غمز الثقاف تصعبا )
(
أتوعدنا بالحرب أمك هابل ** رويدك برقا لا أباك خلبا )
(
إذا خطرت دوني جديله بالقنا ** وحامت رجال الغوث دوني تحدبا )
(
أبيت التي تهوى وأعطيتك التي ** تسوق إليك الموت أخرج أكهبا )
(
فإن شئت أن تزدارنا فأت تعترف ** رجالا يذيلون الحديد المعقربا )
(
وأنك لو أبصرتهم في مجالهم ** رأيت لهم جمعا كثيفا وكوكبا )
(
وذكرك العيش الرخي جلادهم ** وملهى بأكناف السدير ومشربا )
(
فأغض على غيظ ولا ترم التي ** تحكم فيك الزاعبي المحربا )
(
قال أبو علي ) وأخبرنا أبو عثمان قال أخبرني التوزي عن أبي عبيدة قال قدم متمم بن نويرة على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وكان به معجبا فقال يا متمم ما يمنعك من التزويج لعل الله أن ينشر منك ولدا فإنكم أهل بيت قد درجتم فتزوج امرأة من أهل المدينة فلم تحظ عنده ولم يحظ عندها فطلقها ثم قال
(
أقول لهند حين لم أرض عقلها ** أهذا دلال العشق أم أنت فارك )
(
أم الصرم ما تهوى فكل مفارق ** علي يسير بعد ما بان مالك )
فقال له عمر ما تنفك تذكر مالكا على كل حال فلم يمض لهذا الأمر إلا قليل حتى طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورحمه ومتمم بالمدينة فقال يرثى عمر رضي الله عنه
(
يسألني ابن بجير أين أبكره ** عني فإن فؤادي عنك مشغول )
(
هلا بيوم أبي حفص ومصرعه ** أن بغاءك ما ضيعت تضليل )
(
أن الرزيئة فابكه ولا تسمن ** عبء تطيف به الأنصار محمول )


(
قال أبو علي ) وأخبرنا أبو عثمان قال أخبرني التوزي عن أبي عبيدة قال كان مرة بن محكان جوادا قال أبو بكر بن دريد أحسبه عنبريا فحمل حمالات فعجز عنها فحبسه عبيد الله بن زياد فقال الأبيرد في ذلك
(
أبلغ عبيد الله عني رسالة ** رسالة قاض بالفرائض عالم )
(
فإن أنت عاقبت ابن محكان في الندى ** فعاقب هداك الله أعظم حاتم )
(
حبست كريما أن يجود بمساله ** سعى في ثأى في قومه متفاقم )
(
كأن دماء القوم إذ علقت به ** على مكفهر من ثنايا المخارم )
(
قال أبو بكر ) أخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال قتل الشيظم بن الحرث الغساني رجلا من قومه وكان المقتول ذا أسرة فخافهم فلحق بالعراق أو قال بالحيرة متنكرا وكان من أهل بيت الملك فكان يتكفف الناس نهاره ويأوي إلى خربة من خراب الحيرة فبينا هو ذات يوم في تطوافه إذ سمع قائلا يقول
(
لحى الله صعلوكا إذا نال مذقة ** توسد إحدى ساعديه فهوما )
(
مقيما بدار الهون غير مناكر ** إذا ضيم أغضى جفنه ثم برشما )
(
يلوذ بآذراء المثاريب طامعا ** يرى المنع والتعبيس من حيث يمما )
(
يضن بنفس كدر البؤس عيشها ** وجود بها لو صانها كان أحزما )
(
فذاك الذي إن عاش عاش بذلة ** وإن مات لم يشهد له الناس مأثما )
(
بأرضك فاعرك جلد جنبك إنني ** رأيت غريب القوم لحما موضما )
فكأنه نبهه من رقدة فأقبل على صاحب خيل المنذر فأقام عنده أياما وقال له إني رجل من أهل خيبر أقبلت إلى هذه البلدة بتجارة فأصبت بها ولي بصر بسياسة الخيل فاصطنعني فضمه إلى بعض أصحابه حتى وافق غرة من القوم فركب فرسا جوادا من خيل المنذر وخرج من الحيرة يتعسف الأرض حتى نزل بحي من بهراء فأخبرهم بشأنه فأعطوه زادا

ورمحا وسيفا وخرج حتى أتى الشأم فصادف الملك متبديا وكان إذا تبدى لا يحجب أحد عنه فأتى قبة الملك فقام قريبا منه وأنشأ يقول
(
يا صاحب الخيل الجياد المقربه ** وصاحب الكتيبة المكوكبه )
(
والقبة المنيعة المحجبه ** وواهب المضمرة المرببه )
(
والكاعب البهكنة المؤتبه ** والمائة المدفأة المنتخبه )
(
والضارب الكبش فويق الرقبه ** تحت عجاج الكبة المكتبه )
(
هذا مقام من رأى مطلبه ** لديك إذ عمى الضلال مذهبه )
(
وخال أن حتفه قد كربه ** )
فأذن له الملك فدخل عليه وقص قصته فقال له الملك أنى لحلمك يا شيظم أن يثوب ولنوارك أن يؤوب ثم بعث إلى أولياء المقتول فأرضاهم عن صاحبهم ( قال أبو علي ) وحدثني أبو بكر قال حدثنا عبد الرحمن عن عمه قال قال أعرابي لإبن عمه اطلب لي امرأة بيضاء مديدة فرعاء جعدة تقوم فلا يصيب قميصها منها إلا مشاشتي منكبيها وحلمتي ثدييها ورانفتي أليتيها ورضافي ركبتيها إذا استلقت فرميت تحتها بالأترجة العظيمة نفذت من الجانب الآخر فقال وأنى بمثل هذه إلا في الجنان
(
مجلس في صفة الأسد ) قال أبو علي أخبرنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة قال اجتمع عند يزيد بن معاوية أبو زبيد الطائي وجمل بن معمر العذري والأخطل التغلبي فقال لهم أيكم يصف الأسد في غير شعر فقال أبو زبيد أنا يا أمير المؤمنين لونه ورد وزئيره رعد وقال مرة أخرى زغد ووثبه شد وأخذه جد وهوله شديد وشره عتيد ونابه حديد وأنفه أخثم وخده أدرم ومشفره أدلم وكفاه عراضتان ووجنتاه ناتئتان وعيناه وقادتان كأنهما لمح بارق أو نجم طارق إذا استقبلته قلت أفدع وإذا استعرضته قلت أكوع

وإذا استدبرته قلت أصمع بصير إذا استغضى هموس إذا مشى إذا قفى كمش وإذا جرى طمش براثنه شثنه ومفاصله مترصه مصعق لقلب الجبان مروع لماضي الجنان إن قاسم ظلم وإن كابردهم وإن نال غشم ثم أنشأ يقول
(
خبعثن أشوس ذو تهكم ** مشتبك الأنياب ذو تبرطم )
(
وذو أهاويل وذو تجهم ** ساط على الليث الهزبر الضيغم )
(
وعينه مثل الشهاب المضرم ** وهامه كالحجر الململم )
فقال حسبك يا أبا زبيد ثم قال قل يا جميل فقال يا أمير المؤمنين وجهه فدغم وشدقه شدقم ولعزه معرنزم مقدمه كثيبف ومؤخره لطيف ووثبه خفيف وأخذه عنيف عبل الذراع شديد النخاع مرد للسباع مصعق الزئير شديد المرير أهرت الشدقين مترص الحصرين يركب الأهوال ويهتصر الأبطال ويمنع الأشبال ما إن يزال جاثما في خيس أو رابضا على فريس أو ذا ولغ ونهيس ثم قال
(
ليث عرين ضيغم غضنفر ** مداخل في خلقه مضبر )
(
يخاف من أنيابه ويذعر ** ما أن يزال قائما يزمجر )
(
له على كل السباع مفخر ** قضاقض شثن البنان قسور )
فقال حسبك يا ابن معمر ثم قال قل يا أخطل فقال ضيغم ضرغام غشمشم همهام على الأهوال مقدام وللأقران هضام رئبال عنبس جريء دلهمس ذو صدر مفردس ظلوم أهوس ليث كروس
(
قضاقض جهم شديد المفصل ** مضبر الساعد ذو تعثكل )
(
شرنبث الكفين حامي أشبل ** إذا لقاه بطل لم ينكل )
(
ململم الهامة كمش الأرجل ** ذو لبد يغتال في تمهل )


(
أنيابه في فيه مثل الأنصل ** وعينه مثل الشهاب المشعل )
فقال له حسبك وأمر لهم بجوائر وأنشد أبو علي لجميل بن معمر
(
سقى الله جيراني الذين تحملوا ** بمرتجس أضحى بذي الرمث يهطل )
(
له سلف منه بنجد مريم ** ومنه عشار في تهامة بهل )
(
ولولا ابنة العذري ما بت موهنا ** لبرق عنا من نحوها يتهلل )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر قال حدثنا العكلي قال حدثني حاتم بن قبيصة قال أغزى زياد ابنه عباد لفارس وأصحبه المهلب ففتح فبينا هم كذلك إذ جاءهم فتى شاب بفرس يقوده إلى المهلب فقال أيها الأمير أحب أن تقبل مني هذا الفرس فإنه من شر خيلنا فقبله المهلب منه فلما ذهب الفتى نظر إليه المهلب وحركه فقال والله ما أرى فيه ما قال ولا أحسبه إلا تعرض لصلتنا فأمر له بوصيفتين فحملتا على الفرس ورده إلى الشاب فقبل الوصيفتين ورد الفرس إلى المهلب فكان في خيله وكان داود بن قحدم القيسي أحد بني قيس بن ثعلبة نشأ في حجر المهلب وكان يلي القيام على خيله فقد مواشيراز وبها حمران ابن أبان واليا عليها وعلى فارس فقال لهم هل لكم في السباق فقال عباد ونحن على ظهرها فقال المهلب أجلنا أجلا فقال كم تريدون قال أربعين يوما قال نعم فعلفها الرطاب عشرين وأضمرها عشرين فقال داود بن قحدم للمهلب أن الفرس الذي أهداه الشاب إلينا لا والله ما أضمه إلى شيء من خيلنا إلا سبقه فقال المهلب لعله فرس منزاق يصبر في القرب ولا يصبر إذا بعدت الغاية قال لا أدري قال لا ترسله حتى أجيء قال فأمر المهلب بلقحة تحلب والفرس يسمع فلما سمع صوت الحلاب أصاخ بسمعه حتى أدنيت منه العلبة فشربها فلما رأى المهلب ذلك قال لداود لا ترسل الخيل حتى تعلم أنه قد

توسط الميدان فاستهان داود بالفرس فحمل عليه شابا فقال المهلب والله لقد مر بي سابقا وما أرى معه من الخيل واحدا قال فأخذه عباد بن المهلب فحمله إلى الشام وأهداه إلى معاوية وسمى الأعرابي فسبق خيل الشام فذلك قال عبد الملك بن مروان
(
سبق عباد وصلت لحيته ** وكان خرازا تجود قربته )
(
قال ) وحدثنا أبو بكر قال أخبرنا أبو حاتم قال حدثنا الأصمعي قال جئت إلى أبي عمرو بن العلاء فقال لي من أين أقبلت يا أصمعي قلت جئت من المربد قال هات ما معك فقرأت عليه ما كتبت في ألواحي فمرت به ستة أحرف لم يعرفها فخرج يعدو في الدرجة وقال شمرت في الغريب أي غلبتني ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن قال قال عمي سمعت بيتين لم أحفل بهما قلت هما على كل حال خير من موضعهما من الكتاب قال فإني عند الرشيد يوما وعنده عيسى بن جعفر فأقبل على مسرور الكبير فقال له يا مسرور كم في بيت مال السرور فقال ما فيه شيء فقال عيسى هذا بيت الحزن فاغتنم لذلك الرشيد وأقبل على عيسى فقال والله لتعطين الأصمعي سلفا على بيت مال السرور ألف دينار فاغتنم عيسى وانكسر فقلت في نفسي جاء موضع البيتين فأنشدت الرشيد رحمه الله تعالى
(
إذا شئت أن تلقى أخاك معبسا ** وجداه في الماضين كعب وحاتم )
(
فكشفه عما في يديه فإنما ** تكشف أخبار الرجال الدراهم )
قال فتجلى عن الرشيد وقال لمسرور أعطه على بيت مال السرور ألفى دينار فأخذت بالبيتين ألفي دينار وما كان البيتان يساويان عندي درهمين وأنشدني أبو بكر لمحمد بن صالح
(
طرب الفؤاد وعاده أحزانه ** وتشعبت شعبا به أشجانه )
(
وبدا له من بعدما ما أندمل الهوى ** برق تتابع موهنا لمعانه )


(
يبدو كحاشية الرداء ودونه ** صعب الذرى متمنع أركانه )
(
فدنا لينظر أين لاح فلم يطق ** نظرا إليه ورده سجانه )
(
فالوجد ما اشتملت عليه ضلوعه ** والماء ما سمحت به أجفانه )
(
ثم استعاذ من القبيح ورده ** نحو العزاء عن الصبا إيقانه )
(
وبدا له أن الذي قد ناله ** ما كان قدره له ديانه )
(
حتى اطمأن ضميره وكأنما ** هتك العلائق عامل وسنانه )
(
يا نفس لا يذهب بقلبك باخل ** بالود باذل تافه منانه )
(
يعد القضاء وليس ينجز موعدا ** ويكون قبل قضائه ليانه )
(
فاقنع بما قسم المليك فأمره ** مالا يرد عن الفتى اتيانه )
مجلس في الخيل المنسوبة ) قال أبو علي حدثنا أبو بكر عن الأصمعي قال كان الحرون من خيل العرب حدثني رجل من أهل الشام قال كان مع مسلم بالري ثم جاء فشهد معه وقعة إبراهيم قال حدثني بهذا النسب مسلم قال الحرون بن الأثاثي بن الخزز بن ذي لاصوفة بن أعوج فرس مسلم بن عمرو الباهلي في الإسلام وكان مسلم اشتراه من أعرابي بالبصرة بألف درهم معاوضة بمتاع وذكر أنه كان في عنقه رسن حين أدخله الأعرابي يطير عفاؤه فسبق الناس عليه عشرين سنة وكان يسبق الخيل ثم يحرن حتى تلحقه الخيل فإذا لحقته سبقها ثم حرن ثم سبقها وكان الحجاج قد بعث بابن له يقال له البطان إلى الوليد بن عبد الملك فصيره لمحمد ابنه وولد البطان البطين وولد البطين الذائد وكان هشام بن عبد الملك يشتهي أن يسبق الذائد فأتوه بفرس بربري يقال له المكانب بعد ما حطم الذائد وسبق أيضا عشرين سنة قال فضمه إليه فكان سائسه يقول جهد المكانب الذائد جهده الله أي في الجرى وهو متفسخ قال فجاء معه يتقدمه بشيء والذائد ابن البطين وأشقر مروان من نسل الذائد ( قال الأصمعي )

كان عبد الله بن علي قدم بأشقر مروان البصرة قال فرأيته أشقر أعور من نسل الذائد ( قال ) وحدثني جعفر بن سليمان قال كان لا يدخل على الذائد سائسه حتى يأذن يحرك له مخلاة فيها شعير فإن تحمحم دخل عليه وإن هو دخل قبل أن يفعل ذلك شد عليه وكذا كان يصنع بالفرس إذا جرى معه يكدمه ( قال الأصمعي ) الوجيه ولاحق والغراب وسبل وهي أم أعوج كانت لغني وأعوج كان لبني آكل المرار ثم صار لبني هلال بن عامر وجروة فرس شداد بن عمرو أبي عنترة بن شداد ومياس وهداج لباهلة لبني أعيا قالت الحارثية
(
شقيق وحرمي هراقا دماءنا ** وفارس هداج أشاب النواصيا )
والكلب فرس رجل من بني عامر أو غطفان وقرزل فرس الطفيل أبي عامر بن الطفيل وذو الخمار فرس مالك بن نويرة والجوب فرس أرقم بن نويرة وذات النسوع فرس بسطام ابن قيس والنعامة فرس للحرث بن عباد وولدت النعامة الشيط وهو لبني سدوس وكان لخزز بن لوذان وفيه يقول
(
لا تذكري مهري وما أطعمته ** فيكون جلدك مثل جلد الأجرب )
والمتمطر فرس حيان بن مرة من نسله وكامل فرس الحوافزن وحلاب وقيد لبني تغلب ومخالس لبني عقيل واليحموم والدفوف للنعمان بن المنذر والعصا فرس جذيمة الأبرش وفي بني تغلب فرس يقال له العصا فارسه الأخنس بن شهاب والهطال لزيد الخيل والنحام لرجل يقال السليك بن سلكة السعدي وداحس لقيس بن زهير والغبراء لحذيفة بن بدر الذبياني ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو العباس قال حدثني علي بن عبد الله الهاشمي قال حدثنا العكلي عن أبي معمر قال قدم زياد والمهلب بن أبي صفرة البصرة فجاء إلى الجمعة وقد لبس قميصا مرحضا وملاءة ممصرة فصعد المنبر فقال رب فرح بامارتي لن تنفعه ورب

مبتئس بها لن تضره ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إن معاوية قد قال ما بلغكم وشهدت الشهود بما قد سمعتم وإني امرؤ قد رفع الله مني ما وضعوا وحفظ مني ما ضيعوا وإن عبيدا لم يأل أن يكون كافلا مبرورا وأبا مشكورا وأنا قد سسنا وساسنا السائسون فلم نجد لهذا الأمر خيرا من لين في غير وهن ولا من شدة في غير جبرية ألا وإنها ليست كذبة أكثر عليها شاهدا من الله ومن المسلمين من كذبة إمام على منبر فإذا سمعتموها مني فاختبروها في واعلموا أن لها عندي أخوات وإذا رأيتموني أجري الأمور فيكم على أذلالها وأمضيها لسبلها فلتستقم لي قناتكم والله لآخذن المقبل بالمدبر والمحسن بالمسيئ والمطيع بالعاصي حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول يا سعد انج فإن سعيدا قد قتل فقام إليه رجل يقال له صفوان بن الأهتم فقال والله لقد آتاك الله الحكمة وفصل الخطاب فقال كذبت ذاك نبي الله داود عليه الصلاة والسلام ثم قام إليه الأحنف ابن قيس فقال أصلح الله الأمير أن الجواد بشده وأن السيف بحده وأن المرء بجده وإن جدك قد بلغ بك ما ترى وأن الثناء بعد البلاء ولسنا نثني عليك حى نبتليك فأول خيرا نثن به ثم قام أبو بلال مرداس بن أدية فقال يا أيها الإنسان أنا قد سمعنا ما قمت به وما أديت عن نفسك وإن الله ذكر وليه وخليله إبراهيم فقال وإبراهيم الذي وفى أن لا تزر وازرة وزر أخرى وأنت تزعم أنك تأخذ بعضنا ببعض وتقتل بعضنا ببعض ثم سكت فما رؤي بعد ذلك ( قال أبو العباس ) وحدثت بهذه الحديث من وجه آخر فيه فقال زياد يا هذا أنا لن نبلغ الحق حتى نخوض إليه الباطل خوضا وأنشدنا الرفيع بن سلمة العبدي المعروف بدماذ
(
تفكرت في النحو حتى مللت ** وأتعبت روحي له والبدن )
(
وأتعبت بكرا وأشياعه ** بطول المسائل من كل فن )
(
فمن علمه ظاهر بين ** ومن علمه غامض قد بطن )


(
فكنت بظاهره عالما ** وكنت بباطنه ذا فطن )
(
سوى أن بابا عليه العفاء ** للفاء يا ليته لم يكن )
(
وللواو باب إلى جنبه ** من المقت أحسبه قد لعن )
(
إذا قلت هاتوا لما قيل ذا ** فلست بآتيك أو تأتين )
(
بما نصبوه أبينوه لي ** فقالوا جميعا بإضمار أن )
(
وما أن رأيت لها موضعا ** فأعرف ما قيل إلا بظن )
(
فقد خفت يا بكر من طول ما ** أفكر في أمر أن أن أجن )
(
قال أبو بكر ) يعني ببكر أبا عثمان المازي ( قال أبو العباس ) فبلغ ذلك المازني فقال والله ما أحسب أنه سألني قط فكيف أتعبني ( قال أبو العباس ) كان علي رضي الله تعالى عنه يأخذ البيعة على أصحابه فجعلوا يقولون نعام يريدون نعم فقال علي رضي الله عنه أن النعام والباقر في الصحراء لكثير ما لكم أبد لكم الله مني من هو شر لكم مني وأبدلني الله منكم من هو خير لي منكم ( قال أبو العباس ) قرأت على التوزي عن أبي عبيدة إملاء عليه قال مر حاتم بن عبد الله الطائي ببلاد عنزة فناداه أسير لهم يا أبا سفانة أكلني الإسار والقمل فقال له ويحك والله لقد أسأت بي إذ نوهت بي في غير بلاد قومي قال فنزل فشد نفسه في مكانه في القد وأطلقه حتى عرف مكانه ففدي فداء كثيرا ( قال ) وفي غير هذا الحديث أن امرأة آسره أتته والحي خلوف ببعير قد نيط وبشفرة فقالت له افصده فقام فنحره أو قال مرة أخرى فلثم في نحره فلطمته فقال ( لو غير ذات سوار لطمتني ) فقلت أمرتك أن تفصده فنحرته فقال ( ذلك فصدي أنه ) فبذلك عرف وقال أبو العباس مرة أخرى فقال ( هكذا فزدى أنه ) بالزاي وجعل الهاء بدل الألف في الوقف وهو الأصل وهي لغته فبذلك عرف وأنشدنا في مثل ذلك
(
لا أفصد الناقة من أنفها ** لكنني أوجرها العاليه )


وأنشدنا أبو علي لجحظة كتب بها الى الوزير ابن مقلة وكانت عند أبي علي بخط جحظة كما كتب بها
(
سلام عليكم من شييخ مقوس ** له جسد بال وعظم محطم )
(
ألم يك في حق الندام وحرمة المدائح أن يحنى عليه ويرحم ** )
(
ابا حسن أنصف فأنت محكم ** ولا تقربن الظلم فالظلم مظلم )
(
أيصبح مثلي في جوارك ضائعا ** وحوضك للطراق بالجود مفعم )
(
ووالله ما قصرت في شكر نعمة ** متنت بها قدما وذو العرش يعلم )
(
قال ) وأخبرنا أبو عثمان الأشنانداني قال أخبرنا التوزي عن أبي عبيدة قال كان أبو دهبل الجمحى جميلا وضيا وكان عفيفا فخرج إلى الشام فنزل جيرون فجاءته عجوز فقالت أن ابنة لي وردها كتاب من حميم لها وليس عندها أحد يقرؤه فتدخل إليها في هذا القصر فتقرؤه فتحتسب الأجر فيها ففعل فدخل فأغلق الباب دونه وإذا امرأة في القصر رأته فأعجبها فدعته إلى نفسها فأبى فامرت حشمها فسجنوه في منزل من الدار ومنع من الطعام والشراب حتى كاد يهلك ثم أمرت به فأخرج ودعته إلى نفسها فأبى وقال أما الحرام فلا ولكن أن أردت أن أتزوجك فعلت فقالت نعم وأحسنت إليه حتى ردت له روحه فتزوجته ومنعته من الخروج حتى طال ذلك عليه ثم قال لها ذات يوم قد أثمت في ولدى وأهلي فأذني في أن أطالعهم وأرجع إليك فقالت لا أستطيع فراقك فعاهدها أن لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر وأعطته مالا كثيرا وغير ذلك فخرج حتى قدم على أهله بمكة فوجدهم قد نعي لهم واقتسم ولده ماله وزوجوا بناته ووجد زوجته لم تأخذ من ماله شيأ وبكت عليه حتى غمضت فقال لبنيه أما أنتم فخطكم ما أخذتم من مالي وقال لزوجته هذا المال لك فاصنعي به ما شئت وأقام عندها حتى قربت المدة ثم مضى إلى الشام فوجد زوجته الثانية قد ماتت حزنا عليه وأسفا لفراقه فقال فيها


(
صاح حيا الإله حيا ودورا ** عند أصل القناة من جيرون )
(
عن يساري إذا دخلت إلى الدار ** وإن كنت خارجا فيميني )
(
فبتلك اغتربت بالشام حتى ** ظن أهلي مرجمات الظنون )
(
وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ميزت من جوهر مكنون ** )
(
وإذا ما نسبتها لم تجدها ** في سناء من المكارم دون )
(
تجعل المسك واليلنجوج والند صلاء لها على الكانون ** )
(
ثم ماشيتها إلى القبة الخضراء تمشي في مرمر مسنون ** )
(
قبة من مراجل ضربتها ** قبل حد الشتاء في قيطون )
(
ثم فارقتها على خير ما كان ** قرين مفارقا لقرين )
(
فبكت خشية التفرق للبين بكاء الحزين إثر الحزين ** )
(
فسلى عن تذكري واطمئني ** بايابي وإن هم عذلوني )
(
قال أبو علي ) وهذا الشعر يروى لعبد الرحمن بن حسان وبه كان سبب أمر يزيد الأخطل بهجاء الأنصار وفيه أبيات ليست في شعر عبد الرحمن ( قال ) أبو بكر بن الأنباري قال بعض مشيختنا قال اسحق بن إبراهيم الموصلي كان أشعب فيمن يألف مصعب بن الزبير فغضبت عائشة بنت طلحة يوما على مصعب وكانت زوجته ومن أحب الناس إليه فشكا ذلك إلى أشعب فقال ما لي إن رضيت أصلح الله الأمير قال حكمك قال عشرة آلاف درهم قال ذلك لك فانطلق أشعب حتى أتاها فقال لها جعلت فداءك قد علمت حبي لك وميلي

إليك قديما وحديثا على غير منال أنلتنيه ولا فائدة أفدتنيها وهذه حاجة قد عرضت ترتهنين بها شكري وتقضين بها حقي بغير مرزية قالت وما هي قال قد جعل لي الأميران رضيت عنه عشرة آلاف درهم قالت ويحك لا يمكنني ذلك قال بأبي أنت وأمي أرضى عنه حتى يعطيني العشرة آلاف درهم ثم عودي إلى ما عودك الله من سوء خلقك فضحكت من كلامه ورضيت ( قال اسحق ) أتي ابن أبي مساحق بابن أخت له وقد أحبل جارية من جواري جيرانه فقال له يا عدو الله إذ ابتليت بالفاحشة فهلا عزلت قال جعلت فداءك بلغني أن العزل مكروه قال أفما بلغك أن الزنا حرام وأنشد اسحق
(
يعلو بهم جدهم صاعدا ** وجدنا في رجله رهصه )
(
قال أبو محلم ) سمعت جرير بن عبد الحميد ينشد
(
أن اكتحالا بالبياض الأبرج ** ونظرا في الحاجب المزجج )
(
مئنة من الفعال الأعوج ** )
(
قال ابن حبيب ) قال هشام قولهم بنو الشهر الحرام قالت بنو عامر بن عوف هو مالك ابن عمير بن عامر بن بكر بن عامر بن عوف وكان أبي يقول الشهر الحرام وهو عبدود بن عوف ابن كنانة بن عوف بن عذرة وهم رهط هشام الكلبي وإنما سمى بذلك لأنه كان يحرم الشهر الحرام ( وقال التيمي ) أنشدنا أبو مسلمة الكلابي وقد باع جاريته نبأ من عثمان بن سجيم التاجر فقال له بعض أصحابه يا أبا مسلمة بعت نبأ فقال
(
وقد تخرج الحاجات يا أم مالك ** كرائم من رب بهن ضنين ** )
فبلغ أبا مصعب فاشتراها وردها على أبي مسلمة ( قال الأصمعي ) كان بين عمرو بن معد يكرب

وبين رجل من مراد يقال له أبي كلام فتنازعا في القسم فعجل عمرو وكانت فيه عجلة وكان عبد الله أخو عمر ورئيس قومه فجلس مع بني مازن رهط من سعد العشيرة وكانوا فيهم فقعد عبد الله يشرب ويسقيهم رجل يقال له المخزم من بني زبيد له مال وشرف وكان عبد من عبيد المخزم قائما يسقى القوم فسبه عبد الله وضربه فقام رجل نشوان من بني مازن فقتل عبد الله فرأس عمرو بعد أخيه وكان غزا غزوة فأصاب فيها ومعه أبي المرادي فادعى أنه كان مساند عمرو فأبى عمرو أن يعطيه فلما رجع عمرو من غزانة جاءت بنو مازن فقالوا قتله رجل منا سفيه ونحن يدك عليه وعضدك وإنما قتله سكران فنسألك بالرحم أن تأخذ الدية وتأخذ بعد ذلك ما أحببت فأخذ عمرو الدية وزادوه بعد ذلك أشياء كثيرة فغضبت أخت له تسمى كبشة وكانت ناكحا في بين الحرث بن كعب فقالت
(
وأرسل عبد الله إذ حان يومه ** إلى قومه أن لا تخلوا لهم دمى )
(
ولا تأخذوا منهم إفالا وأبكرا ** وأترك في بيت بصعدة مظلم )
(
ودع عنك عمرا أن عمرا مسالم ** وهل بطن عمرو غير شبر لمطعم )
(
فإن أنتم لم تقتلوا واتديتموا ** فمشوا بآذان النعام المصلم )
(
ولا تشربوا الافضول نسائكم ** إذا أنهلت أعقابهن من الدم )
(
جدعتم بعبد الله آنف قومه ** بني مازن أن سب ساقي المخزم )
فلما حضت كبشة أخاها عمرا أكب بالغارة عليهم وهم غارون فأوجع فيهم ثم إن بني مازن احتملوا فنزلوا في مازن بن مالك بن عمرو بن تميم فقال عمرو في ذلك
(
تمنت مازن جهلا خلاطي ** فذوقي مازن طعم الخلاط )
(
أطلت فراطكم عاما فعاما ** ودين المذحجي إلى فراط )
(
أطلت فراطكم حتى إذا ما ** قتلت سراتكم كانت قطاط )
(
غدرتم غدرة وغدرت أخرى ** فما إن بيننا أبدا يعاط )


(
بطعن كالحريق إذا التقينا ** وضرب المشرفية في الغطاط )
(
قال أبو علي ) في كتاب الخيل لأبي عبيدة أنشد أبو عبيدة لعبد الغفار الخزاعي هذه الأبيات وذكر أن عروضها لا تخرج
(
ذاك وقد أذعر الوحش بصلت الخد رحب لبانه مجفر ** )
(
طويل خمس قصير أربعة ** عريض ست مقلص حشور )
(
حدت له تسعة وقد عريت ** تسع ففيه لمن رأى منظر )
(
بعيد عشر وقد قربن له ** عشر وقد طالت ولم تقصر )
(
نقفيه بالمحض دون ولدتنا ** وعضه في آرية ينشر )
(
نصبحه تارة ونغبقه ** ألبان كوم روائم ظؤر )
(
حتى شتا عندنا يقال ألا ** تطوون من بدنه وقد أضمر )
(
موثق الخلق جرشع عتد ** منضرج الحضر حين يستحضر )
(
خاظى الحماتين لحمه زيم ** نهد شديد الصفاق والأبهر )
(
رقيق خمس غليظ أربعة ** نائي المعدين لين أشعر )
(
قال أبو عبيدة ) يعني بقوله طويل خمس أي طويل نصيل الرأس طويل الأذنين طويل العنق والكتفين طويل البطن من غير أن تقرب إلى الأرض طويل الأقراب طويل الناصية طويل الذراعين طويل الرجلين فهذا ما يستحب من الفرس أن يطول وذكر هذا الشاعر منها خمسا وقوله قصير أربعة أي قصير الأرساغ قصير عسيب الذنب قصير النضي قصير الكراعين قصير الأطرة وهي عصبة فوق الصفاق فهذا ما يستحب أن يقصر من الفرس وهن عشر وذكر هذا الشاعر منهن أربعا وقال عريض ست أي عريض الجبهة عريض اللبان عريض المحزم عريض الفخذين عريض وظيفي الرجلين عريض مثنى الأذنين فهذا ما يستحب أن يعرض من الفرس وهن تسع وذكر هذا الشاعر

منهن ستا وقوله حدث له تسعة أي حديد الأذنين حديد المنكبين حديد العينين حديد القلب حديد عرقوبي الرجلين حديد المنجمين وهما عظمان في الكعبين متقابلان في باطنهما حديد الكتفين فهذا ما يستحب أن يحد من الفرس وهن ثلاث عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا وقوله وقد عريت تسع أي عارى النواهق عاري السموم عاري الخدين عاري الجبهة عاري مثنى الأذنين عاري الكعبين عارى عصب اليدين عارى عصب الرجلين فهذا ما يستحب أن يعرى من الفرس وهن خمس عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا وقوله تسع كسين أي مكتسى الكتفين مكتسى المعدين مكتسى الناهضين مكتسى الفخذين مكتسى الكاذتين مكتسى أعلى الحماتين فهذا ما يستحب أن يكتسى من الفرس وهن اثنتا عشرة وذكر هذا الشاعر منهن تسعا وقوله بعيد عشر بعيد ما بين العينين بعيد ما بين الحجفلة والناصية بعيد ما بين الأذنين والعينين بعيد ما بين أعالي اللحيين بعيد ما بين الناصية والعكوة بعيد ما بين الحارك والمنكب بعيد ما بين العضدين والركبتين بعيد ما بين البطن والرفغين بعيد ما بين الحجبتين والجاعرتين بعيد ما بين الشراسيف فهذا ما يستحب أن يبعد ما بينهما من الفرس وذكر هذا الشاعر منهن عشرا ولم يعد البين أعني بين كل شيئين فيكن ستا ولكنه عد كل اثنين تباعدا وقوله وقد قربن له عشر أي قريب ما بين المنخرين قريب ما بين الأذنين قريب ما بين المنكبين قريب ما بين الرفغين قريب ما بين الركبتين والجنبين قريب ما بين الجبب والأشاعر قريب ما بين الحارك والقطاة قريب ما بين المعدين والقصريين قريب ما بين الجاعرتين والعكوة قريب

ما بين الثفنتين والكعبين قريب ما بين صبي اللحيين فهذا ما يستحب أن يقرب من الفرس وإن عددت البين وجدت أحد عشر بينا وإن عددت ما قرب منها فهن ثنتان وعشرون وذكر هذا الشاعر منهن عشرا وقوله طويل خمس جاء تفسيرهن ستة عشرة عضوا وقد تقدم ذكره وقوله رقيق خمس أي رقيق الحجافل رقيق الأرنبة رقيق عرض المنخرين رقيق الجفون رقيق الحاجبين رقيق الأذنين رقيق الخدين رقيق الشعر رقيق الجلد رقيق شعر الثنن رقيق شعر الركبتين رقيق الخصل فهذا ما يستحب أن يرق من الفرس وهن سبع عشرة وقد ذكر هذا الشاعر منهن خمسا وقوله غليظ أربعة أي غليظ الخلق غليظ القوائم غليظ القصرة غليظ عكوة الذنب وقد أرحب منه أي رحب الشدقين رحب المنخرين رحب الإهاب رحب الجوف رحب العجان رحب اللبان فهذا ما يستحب أن يرحب من الفرس وهن تسع وذكر الأسدي في قوله وفيه من الطير خمس ثم فسر الخمس في البيت الثاني فقال
(
غرابان فوق قطاة له ** ونسر ويعسو به قديرا )
وفي الفرس من أسماء الطير ثمانية عشر اسما العصفور وهو عظم ناتئ في كل جبين وهو أيضا من الغرر إذا دق وهو أصل منبت الناصية وهو الدماغ بعينه والنعامة وهي الجلدة التي تغطي الدماغ والذباب وهي النكتة الصغيرة التي في العين ومنه البصر وجمعه أذبة وذبان وهو إنسان العين أيضا والسحاءة وهي الخفاش أحد السحاءتين وهما عظيمان صغيران في أصل اللسان والصرد عرق أخضر في أصل اللسان من أسفله وهما صردان والصرد أيضا بياض يكون في الظهر من أثر الدبر في موضع السرج يقال فرس

صرد إذا كان ذلك به والفراشة عظم يتفتت في الرأس وجمعها فراش وهي عظام رقاق طراق بعضها على بعض كالقشر وهي أيضا ما بين لهواته عند أصل لسانه وهي في الكتفين ما شخص من فروع الكتفين إلى أصل العنق إلى مستوى الظهر والحمامة القص وهو من الرهابة إلى منقطع أصل الفهدتين والسمامة وجمعها سمائم وسمام وهي ما رق عن صلابة العظم في الوجه والسمامة أيضا الدارة التي في سالفة العنق
والناهض وهما ناهضان والجمع نواهض وأنهض وهو اللحم الذي يلي العضدين من أعلاهما المجتمع والقطاة ما بين ا لحجبتين والوركين وهو مقعد الردف خلف الفارس والجميع قطا والغراب أحد الغرابين وهما ملتقى أعالي الوركين والقطاة بينهما على العجز وقال قوم أنهما فروع كتفي الوركين السفليين إلى الفخذين
والغراب ما ارتفع من أصل الذنب والخرب في الصدر وهو الرحبيان وهو أعالي غضون الفهدتين إلى أسفل المنكبين مما يلي اللبان والنسر وجمعه النسور وهو ما ارتفع عن بطن الحافر من أعلاه كأنه النوى والحصى والزرق وهو في الشية الشعرات البيض في اليد أو في الرجل والدخل وهو لحم الفخذين وأنشد إذا تحجبن بزهر دخله واليعسوب في الشية وهو أن تكون الغرة على قصبة الأنف أعلى من الرثم منقطعة فوقه ويقال أنه كل بياض على قصبة الأنف عرض أو اعتدل ثم ينقطع قبل أن يساوي أعلى المنخرين وإن ارتفع على قصبة الأنف وعرض واعتدل حتى يبلغ أسفل الخليقاء قل أو كثر ما لم يبلغ العينين والهامة والصقر ( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن أبي الأزهر حدثني البصري المسمعي قال حدثني عبد الملك بن مروان التميمي تيم بكر قال حدثنا محمد بن الفضل الأنصاري عن سلمة بن ثابت عن هشام بن حسان قال قلت للحسن البصري يزعم ا لناس أنك تبغض عليا قال أنا أبغض عليا كان سهما صائبا من مرامي الله عز وجل رباني هذه الأمة وذا فضلها وشرفها وذا قرابة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج فاطمة الزهراء وأبا الحسن والحسين لم

يكن بالسروقة لمال الله ولا بالنؤومة في أمر الله ولا بالملولة لحق الله أعطى القرآن عزائمه وعلم ماله فيه وما عليه حتى قبضه الله إليه ففاز برياض مونقه وأعلام مشرقه أتدري من ذاك ذاك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول ولم يقله إن شاء الله بغيا ولا تطاولا ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني قال الأصمعي وأنا لم أر بعد أبي عمرو وأعلم مني قال أبو حاتم وكان كثيرا ما يقول لي يا بني إن طفئت شحمة عيني هذه يومئ إلى عينه لم تر مثلي وربما قال لم تر أحدا يشفيك من هذا الحرف أو هذا البيت ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال قال عمي سمعت يونس بن حبيب يقول كان المنذر بن ماء السماء جد النعمان بن المنذر ينادمه رجلان من العرب خالد بن المضلل وعمرو بن مسعود الأسديان وهما اللذان عناهما الشاعر بقوله
(
ألا بكر الناعي بخيرى بني أسد ** بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد )
فشرب ليلة معهما فراجعاه الكلام فأغضباه فأمر بهما فقتلا وجعلا في تابوتين ودفنا بظاهر الكوفة فلما أصبح وصحا سأل عنهما فأخبر بذلك فندم وركب حتى وقف عليهما فأمر ببنيان الغريين وجعل لنفسه في كل سنة يومين يوم بؤس ويوم نعيم فكان يضع سريره بيتهما فإذا كان في يوم نعيمه فأول من يطلع عليه وهو على سريره يعطيه مائة من إبل الملوك وأول من يطلع عليه في يوم بؤسه يعطيه رأس ظربان ويأمر به فيذبح ويغرى بدمه الغريان فلم يزل كذلك ما شاء الله فبينا هو ذات يوم من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص قال له الملك ألا كان الذبح غيرك يا عبيد فقال عبيد ( أتتك بحائن رجلاه ) فقال له الملك أو أجل قد بلغ إناه ثم قال يا عبيد أنشدني فقد كان يعجبني شعرك فقال حال الجريض دون القريض وبلغ الحزام الطبيين قال أنشدني


(
أقفر من أهله ملحوب ** فالقطبات فالذنوب )
فقال
(
أقفر من أهله عبيد ** فاليوم لا يبدي ولا يعيد )
(
عنت له معنة نكود ** وحان له منها ورود )
فقال أنشدني هبلتك أمك فقال ( المنايا على الحوايا ) فقال بعض القوم أنشد الملك هبلتك أمك فقال ( لا يرحل رحلك من ليس معك ) فقال له آخر ما أشد جزعك من الموت فقال
(
لا غرو من عيشة نافده ** وهل غير ماميتة واحده )
(
فأبلغ بني وأعمامهم ** بأن المنايا هي الراصده )
(
لها مدة فنفوس العباد ** إليها وإن كرهت قاصده )
(
فلا تجزعوا لحمام دنا ** فللموت ما تلد الوالده )
فقال له المنذر لا بد من الموت ولو عرض لي أبي في هذا اليوم لم أجد بدا من ذبحه فأما إذا كنت لها وكانت لك فاختر من ثلاث خصال إن شئت من الأكحل وإن شئت من الأبجل وإن شئت من الوريد فقال ثلاث خصال مقادها شر مقاد وحاديها شر حاد ولا خير فيها لمرتاد فإن كنت لا بد قاتلي فاسقني الخمر حتى إذا ذهلت لها ذواهلي وماتت لها مفاصلي فشأنك وما تريد فأمر المنذر له بحاجته من الخمر فلما أخذت منه وقرب ليذبح أنشأ يقول
(
وخيرني ذو البؤس في يوم بؤسه ** خلالا أرى في كلها الموت قد برق )
(
كما خيرت عاد من الدهر مرة ** سحائب ما فيها الذي خيرة أنق )
(
سحائب ريح لم توكل ببلدة ** فتتركها إلا كما ليلة الطلق )
وأمر به فقصد فلما مات طلي بدمه الغريان وحدثنا أبو بكر عن أبي عثمان عن التوزي

عن أبي عبيدة قال قال حذيفة بن اليمان ما خلق الله عز وجل شيأ إلا صغيرا ثم يكبر إلا المصيبة فإنه خلقها كبيرة ثم تصغر ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثني عمي عن أبيه قال سئل ابن الكلبي عن قول عبد الله بن الزبعرى
(
ألا لله قوم ** ولدت أخت بني سهم )
قال هي ريطة بنت سعيد بن سهم وكان بنوها ثمانية هاشم بن المغيرة وكان أكبر القوم وهو جد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه من قبل أمه حنتمة بنت هاشم وهشام ابن المغيرة ومهاشم ومهشم جميعا واحد وهو أبو حذيفة وأبو أمية بن المغيرة وهو زاد الركب وأبو ربيعة بن المغيرة وهو ذو الرمحين جد عمر بن أبي ربيعة الشاعر وعبد الله بن المغيرة وخراش بن المغيرة والفاكه بن المغيرة ولم يسلم منهم غيره وهو شيخ كبير يومئذ أعمى فقال ابن الزبعري
(
ألا لله قوم ولدت ** أخت بني سهم )
(
هشام وأبو عبد ** مناف مدره الخصم )
(
وذو الرمحين أشباك ** من القوة والحزم )
(
يكن القول في المجلس أو ينطق عن حكم ** )
(
فهذان يذودان ** وذا من كثب يرمي )
(
أسود تزدهي الأقران ** مناعون للهضم )
(
وهم يوم عكاظ منعوا الناس من الهزم ** )
(
بجأواء طحون فخمة القونس كالنجم ** )
(
فإن أحلف ببيت الله لا أحلف عن إثم ** )
(
ما إن إخوة بين ** قصور الشام والردم )


(
كأمثال بني ريطة من عرب ولا عجم ** )
(
قال ) وأخبرني عمي عن أبيه عن ابن الكلبي قال أبعد قبور اخوة على الأرض قبور بني أم الفضل الهلالية أم ولد العباس بن عبد المطلب واحد بالمدينة وآخر بالطائف وآخر بالشام مات في طاعون عمواس بالشام في سلطان عمر رضي الله تعالى عنه وعبد الله بن العباس الحبر دفن بالطائف وصلى عليه محمد بن علي رضي الله تعالى عنه وآخر بإفريقية وآخر بسمرقند والفضل بن العباس رضي الله تعالى عنه رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم مات في طاعون عمواس بالشام وعبيد الله بن العباس الجواد مات بالمدينة وقثم بن العباس شبيه النبي صلى الله عليه وسلم مات بسمرقند زمن معاوية في إمارة سعيد بن عثمان وعبد الرحمن بن العباس قتل بإفريقية زمن عمر رضي الله تعالى عنه أمهم أم الفضل الهلالية وهي لبابة بنت الحرث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة
(
قال ) وأخبرنا الأشنانداني عن التوزي قال كان للخليل بن أحمد صديق يكنى أبا المعلى مولى لبني يشكر وكان أصلع شديد الصلع فبينا هو والخليل جالسان عند قصر أوس إذا مرت بهما امرأة يقال لها أم عثمان من ولد المعارك بن عثمان ومعها بنات لها فقال أبو المعلى للخليل يا أبا عبد الرحمن ألا نكلم هذه المرأة قال ويحك لا تفعل فإنهن أعد شيء جوابا والقول إلى مثلك يسرع فجلسن يتروحن فقال لأمهن يا أمة الله ألك زوج قالت لا والله ولا لواحدة منا قال فهل لكن في أزواج قالت وددنا والله قال فأنا أتزوجك ويتزوج هذا إحدى بناتك فقالت له أما أنت فقد اتبلاك الله ببلاءين أما أحدهما فإنه قد قرع راسك بمسحاة وجعل لك عقصة في قفاك بيضاء فكأنما صارت في قفاك نخامة فبلغ من نوكك أنك خضبتها بحمرة فلو كنت إذا ابتليت خضبت بسواد فغطيت عوارك هذا الذي أبداه منك ثم قالت له أظنك من رهط الأعشى فقال لها أبو المعلى أنا مولى لبني يشكر قالت أفتروي بيت الأعشى


(
وأنكرتني وما كان الذي نكرت ** من الحوادث إلا الشيب والصلعا )
فما بقي بعد هذا إلا الموت هزالا ثم التفتت إلى الخليل فقالت من أنت يا عبد الله فقال أنا الخليل بن أحمد كفي رحمك الله فقد والله نهيته عن كلامك وحذرته هذا قالت أما إنك قد نصحت له أما علم هذا الأحمق أن النساء يخترن من الرجال المسحلاني المنظراني المخبراني الغليظ القصره العظيم الكمره الذي إذا طعن فأصاب حفر وإذا أخطأ قشر وإذا أخرجه عقر قال فضحك الخليل ثم قامت المرأة ومعها بناتها يتهادين فتمثل أبو المعلى بقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي
(
فتهادين وانصرفن ثقال الحقائب ** )
فقالت يا أحمق أما تدري ما قال الشاعر في قومك قال لا فقالت قال
(
ويشكر لا تستطيع الوفاء ** وتعجز يشكر أن تغدرا )
وإني أقسم بالله لو كان لكل واحدة منا من الأحراج بعدد ما أهدى مالك العكلى إلى عمرة بنت الحرث النميري ما أعطيناك ولا صاحبك منها شيأ فقال الخليل نشدتك بالله كم كانت الهدية التي أهداها العكلي إلى النميرية قالت له أراك حاذقا بالتجميش قليل الرواية للشعر ثم أنشدته قول العكلي
(
هديتي أخت بني نمير ** لحرك يا عمرة ألف عير )
(
في كل عير ألف كر أير ** )
قال فقال الخليل إما إنه قد قصر أفلا جعل لإستها بعض الهدية ولم يدعها فارغة قالت قد أشفق على هديته أن تحترق أمل تر وبيت جرير حيث يقول
(
ولو وضعت فقاح بني نمير ** على خبث الحديد إذا لذابا )
فقال الخليل لأبي المعلى
(
نصحتك يا محمد أن نصحي ** رخيص يا رفيقي للصديق )


(
فلم تقبل وكم من نصح ود ** أضيع فحاد عن وضح الطريق )
قال ثم انصرفت المرأة وبقي الخليل وأبو المعلى متعجبين منها ومن ذرابة لسانها وسرعة جوابها ( قال أبو علي ) وحدثنا أبو بكر بن دريد قال أخبرنا أبو حاتم قال حدثنا العتبي ومحمد بن سلام كلاهما قالا كانت قريش تجارا وكانت تجارتهم لا تعدو مكة إنما تقدم عليهم الأعاجم بالسلع فيشترونها منهم ثم يتبايعونها بينهم ويبعنونها على من حولهم من العرب فكانوا كذلك حتى ركب هاشم بن عبد مناف إلى الشام فنزل بقيصر فكان يذبح كل يوم شاة ويصنع جفنة ثريد ويجمع من حوله فيأكلون وكان هاشم من أجمل الناس وأتمهم فذكر ذلك لقيصر فقيل له ههنا رجل من قريش يهشم الخبز ثم يصب عليه المرق ويفرغ عليه اللحم وإنما كانت العجم تصب المرق في الصحاف ثم تأتدم بالخبز فدعا به قيصر فلما رآه وكلمه أعجب به فكان يبعث إليه في كل يوم فيدخل عليه ويحادثه فلما رأى نفسه تمكن عنده قال له أيها الملك إن قومي تجار العرب فإن رأيت أن تكتب لي كتابا تؤمن تجارتهم فيقدموا عليك بما يستطرف من أدم الحجاز وثيابه فتباع عندكم فهو أرخص عليكم فكتب له كتاب أمان لمن يقدم منهم فأقبل هاشم بذلك الكتاب فجعل كلما مر بحي من العرب بطريق الشام أخذ من أشرافهم ايلافا والأيلاف أن يأمنوا عندهم في أرضهم بغير حلف إنما هو أمان الطريق وعلى أن قريشا تحمل إليهم بضائع فيكفونهم حملانها ويؤدون إليهم رؤس أموالهم وربحهم فأصلح هاشم ذلك الإيلاف بينهم وبين أهل الشام حتى قدم مكة فأتاهم بأعظم شيء أتوابه بركة فخرجوا بتجارة عظيمة وخرج هاشم معهم يجوزهم يوفيهم إيلافهم الذي أخذ لهم من العرب حتى أوردهم الشام وأحلهم قراها ومات في ذلك السفر بغزة وخرج المطلب بن عبد مناف إلى اليمن فأخذ من ملوكهم عهدا لمن تجر إليهم من قريش وأخذ الإيلاف كفعل هاشم وكان المطلب أكبر ولد عبد مناف وكان يسمى الفيض وهلك بردمان من اليمن وخرج عبد

شمس بن عبد مناف إلى الحبشة فأخذ إيلافا كفعل هاشم والمطلب وهلك عبد شمس بمكة فقبره بالحجون وخرج نوفل بن عبد مناف وكان أصغر ولد أبيه فأخذ عهدا من كسرى لتجار قريش وإيلافا ممن مر به من العرب ثم قدم مكة ورجع إلى العراق فمات بسلمان واتسعت قريش في التجارة في الجاهلية وكثرت أموالها فبنو عبد مناف أعظم قريش على قريش منة في الجاهلية والإسلام ( قال أبو علي ) حدثنا أبو بكر بن دريد عن أبي حاتم قال لما قتل عبد الله بن علي بني أمية بنهر أبي فطرس بعث إلي قال قد خلت عليه فإذا قت لى مصر وعين والخراسانية بين يديه بأيديهم الكافر كوبات فقال لي ما تقول في مخرجنا هذا قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه قال فما تقول في هؤلاء القتلى قلت ومن هؤلاء قال بنو أمية قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد احصان أو قتل نفس بغير نفس وتشاغل عني فخرجت وطلبني فحال الله بيني وبينه أنه على كل شيء قدير وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال حدثني أبي قال اجتمعت عند خالد بن عبد الله القسري فقهاء الكوفة وفيهم أبو حمزة الثمالي فقال خالد حدثونا بحديث عشق ليس فيه فحش فقال أبو حمزة أصلح الله الأمير بلغني أنه ذكر عند هشام بن عبد الملك غدر النساء وسرعة تزويجهن بعد انقضاء عدتهن فقال هشام أنه ليبلغني من ذلك العجب فقال بعض جلسائه أنا أحدثك يا أمير المؤمنين عما بلغني عن امرأة من بني يشكر كانت عند ابن عم لها فمات عنها بعد مسئلته إياها عما تريد أن تصنع بعده فأخذ العهود عليها في ذلك وكان اسمه غسان بن جهضم بن العذافر وكان اسم ابنة عمه أم عقبة بنت عمرو بن الأبجر وكان لها محبا وكانت له كذلك فلما حضره الموت وظن أنه مفارق الدنيا قال ثلاثة أبيات ثم قال اسمعني يا أم عقبة ثم أجيبي فقد تاقت نفسي إلى مسألتك عن نفسك فقالت والله لا أجيبك بكذب ولا أجعله آخر حظي منك فقال


(
أخبري بالذي تريدين بعدي ** ولاذي تضمرين يا أم عقبة )
(
تحفظيني من بعد موتي لما قد ** كان مني من حسن خلق وصحبه )
(
أم تريدين ذا جمال ومال ** وأنا في التراب في سحق غربه )
فأجابته تقول
(
قد سمعت الذي تقول وما قد ** يا ابن عمي تخاف من أم عقبه )
(
أنا من أحفظ النساء وأرعاه ** لما قد أوليت من حسن صحبه )
(
سوف أبكيك ما حييت بنوح ** ومراث أقولها وبندبه )
فلما سمع ذلك أنشأ يقول
(
أنا والله واثق بك لكن ** احتياطا أخاف غدر النساء )
(
بعد موت الأزواج يا خير من عوشر ** فارعي حقي بحسن الوفاء )
(
إنني قد رجوت أن تحفظي العهد فكوني أن مت عند الرجاء ** )
ثم أخذ عليها العهود واعتقل لسانه فلم ينطق بحرف حتى مات فلم تمكث بعده إلا قليلا حتى خطبت من كل وجه ورغب فيها الأزواج لإجتماع الخصال الفاضلة فيها فقالت مجيبة لهم
(
سأحفظ غسانا على بعد داره ** وأرعاه حتى نلتقي يوم نحشر )
(
وإني لفي شغل عن الناس كلهم ** فكفوا فما مثلي بمن مات يغدر )
(
سأبكي عليه ما حييت بدمعه ** تجول على الخدين مني فتهمر )
ولما تطاولت الأيام والليالي تناست عهده ثم قالت من مات فقد فات فاجابت بعض خطابها فتزوجها فلما كانت الليلة التي أراد الدخول بها فيها أتاها غسان في منامها وقال
(
غدرت ولم ترعى لبعلك حرمة ** ولم تعرفي حقا ولم تحفظي عهدا )
(
ولم تصبري حولا حفاظا لصاحب ** حلفت له بتا ولم تنجزي وعدا )


(
غدرت به لما ثوى في ضريحه ** كذلك ينسى كل من سكن اللحدا )
فلما سمعت هذه الأبيات انتبهت مرتاعة كأن غسان معها في جانب البيت وأنكر ذلك من حضر من نسائها فأنشدتهن الأبيات فأخذن بها في حديث ينسينها ما هي فيه فقالت لهن والله ما بقى لي في الحياة من أرب حياء من غسان فتغفلتهن فأخذت مدية فلم يدركنها حتى ذبحت نفسها فقالت امرأة منهن هذه الأبيات
(
لله درك ماذا ** لقيت من غسان )
(
قتلت نفسك حزنا ** يا خيرة النسوان )
(
وفيت من بعد ما قد ** هممت بالعصيان )
(
وذو المعالي غفور ** لسقطة الإنسان )
(
إن الوفاء من الله لم يزل بمكان ** )
فلما بلغ ذلك المتزوج بها قال ما كان فيها مستمتع بعد غسان فقال هشام بن عبد الملك هكذا والله يكون الوفاء ( قال أبو بكر ) وأنشدنا أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة لإبن ميادة المري
(
حمراء منها ضخمة المكان ** ساطعة اللبة والجران )
(
كأنها والشول كالشنان ** تميس في حلة أرجوان )
(
لو جاء كلب معه كلبان ** أو لاعب في كفه دفان )
(
وزافنان ومغنيان ** ما برحت أعظمها الثماني )
يعني قوائمها كما قال الآخر يصف ناقة طيبة النفس عند الحلب
(
طوت أربعا منها على ظهر أربع ** فهن بمطوياتهن ثمان ) وكما قال الآخر


(
نعوس لو أن الدف يضرب حولها ** لتنحاش عن قاذورة لم تناكر )
(
قال أبو علي ) وأنشدنا جحظة قال أنشدني أبو عبد الله بن حمدون عن الزبير رحمه الله
(
هجرتك لما أن هجرتك أصبحت ** بنا شمتا تلك العيون الكواشح )
(
فلا يفرح الواشون بالهجر ربما ** أطال المحب الهجر والجيب ناصح )
وأنشدني لأعرابي يكنى بأبي الخيهفعى
(
هجرت مشيمة فالفؤاد قريح ** ودموع عينك في الرداء سفوح )
(
ولقد جرى لك يوم سرحة رابغ ** فيما يعيف سانح وبريح )
(
أهوى القوادم بالبياض ملمع ** قلق المراتع بالفراق يصيح )
(
حسن إلي حديث من أحببته ** وحديث ذي الشنآن منه قبيح )
(
الحب أبغضه إلي ستيره ** صرح بذاك فراحة تصريح ) ( وقال ) قال الشنفرى
(
أقيموا بني أمي صدور مطيكم ** فإني إلى أهل سواكم لأميل )
(
فقد حمت الحاجات والليل مقمر ** وشدت لطياتي مطايا وأرحل )
(
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ** وفيها لمن خاف القلى متعزل )
(
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ ** سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل )
(
ولي دونكم أهلون سيج عملس ** وأرقط زهلول وعرفاء جيأل )
(
هم الرهط لا مستودع السر شائع ** لديهم ولا الجاني بما جر يخذل )


(
وكل أبي باسل غير أنني ** إذا عرضت أولى الطرائد أبسل )
(
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن ** بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل )
(
وماذاك إلا بسطة عن تفضل ** عليهم وكان الأفضل المتفضل )
(
وإني كفاني فقد من ليس جازيا ** بحسنى ولا في قربه متعلل )
(
ثلاثة أصحاب فؤاد مشيع ** وأبيض إصليت وصفراء عيطل )
(
هتوف من الملس الحسان يزينها ** رصائع قد نيطت عليها ومحمل )
(
إذا زل عنها السهم حنت كأنها ** مرزأة ثكلى ترن وتعول )
(
ولست بمهياف يعشي سوامه ** مجدعة سقبانها وهي بهل )
(
ولا جبا أكهى مرب بعرسه ** يطالعها في شأنه كيف يفعل )
(
ولا خالف دارية متغزل ** بروح ويغدو داهنا يتكحل )
(
ولست بعل شره دون خيره ** ألف إذا ما رعته أهتاج أعزل )
(
ولست بمحيار الظلام إذا نحت ** هدى الهوجل العسيف يهماء هوجل )
(
إذا الأمعز الصوان لاقى مناسمى ** تطاير منه قادح ومفلل )
(
أديم مطال الجوع حتى أميته ** وأضرب عنه الذكر صفحا فأذهل )
(
وأستف ترب الأرض كي لا يرى له ** علي من الطول أمرؤ متطول )
(
ولولا اجتناب الذام لم يبق مشرب ** يعاش به إلا لدي ومأكل )
(
ولكن نفسا حرة لا تقيم بي ** على الضيم إلا ريث ما أتحول )


(
وأطوي على الخمص الحوايا كما انطوت ** خيوطة ماري تغار وتفتل )
(
وأغدوا على القوت الزهيد كما غدا ** أزل تهاداه التنائف أطحل )
(
غدا طاويا يعارض الريح هافيا ** يخوت بأذناب الشعاب ويعسل )
(
فلما لواه القوت من حيث أمه ** دعا فأجابته نظائر نحل )
(
مهلهلة شيب الوجوه كأنها ** قداح بكفي ياسر تتقلقل )
(
أو الخشرم المبعوث حثحث دبره ** محا بيض رداهن سام معسل )
(
مهرتة فوه كأن شدوقها ** شقوق العصي كالحات وبسل )
(
فضج وضجت بالبراح كأنها ** وإياه نوح فوق علياء ثكل )
(
وأغضى وأغضت وأتسى وأتست به ** أرامل عزاها وعزته أرمل )
(
شكا وشكت ثم أرعوى بعد وارعوت ** وللصبر إن لم ينفع الشكو أجمل )
(
وفاء وفاءت بادرات وكلها ** على نكط مما يكاتم مجمل )
(
وتشرب أساري القطا الكدر بعدما ** سرت قربا أحشاؤها تتصلصل )
(
هممت وهمت وابتدرنا وأسدلت ** وشمر مني فارط متمهل )
(
فوليت عنها وهي تكبوا لعقره ** يباشره منها ذقون وحوصل )
(
كأن وغاها حجرتيه وحوله ** أضاميم من سفلى القبائل نزل )
(
توافين من شتى إليه فضمها ** كما ضم أذواد الأصاريم منهل )
(
فعبت غشاشا ثم مرت كأنها ** مع الصبح ركب من أحاظة مجفل )
(
وآلف وجه الأرض عند افتراشها ** بأهدأ تنيبه سناسن قحل )
(
وأعدل منحوضا كأن فصوصه ** كعاب دحاها لاعب فهي مثل )
(
فإن تبتئس بالشنفرى أم قصطل ** لما اغتبطت بالشنفري قبل أطول )
(
طريد جنايات تياسرن لحمه ** عقيرته لإيها حم أول )


(
تبيت إذا ما نام يقظى عيونها ** حثاثا إلى مكروهة تتغلغل )
(
وإلف هموم ما تزال تعوده ** عيادا كحمى الربع أو هي أثقل )
(
إذا وردت أصدرتها ثم إنها ** تثوب فتأتي من تحيت ومن عل )
(
فإما تريني كابنة الرمل ضاحيا ** على رقبة أحفى ولا أتنعل )
(
فإني لمولى الصبر أجتاب بزه ** على مثل قلب السمع والحزم أفعل )
(
وأعدم أحيانا وأغنى وإنما ** ينال الغنى ذو البعدة المتبذل )
(
فلا جزع لخلة متكشف ** ولا مرح تحت الغنى أتخيل )
(
ولا تزدهي الأجهال حلمي ولا أرى ** سؤولا بأعقاب الأحاديث أنمل )
(
وليلة نحس يصطلي القوس ربها ** وأقطعه اللائي بها يتنبل )
(
دغست على بغش وغطش وصحبتي ** سعار وإرزيز ووجر وأفكل )
(
فأيمت نسوانا وأيتمت إلدة ** وعدت كما أبدأت والليل أليل )
(
فأصبح عني بالغميصاء جالسا ** فريقان مسؤل وأخر يسأل )
(
فقالوا لقد هرت بليل كلابنا ** فقلت أذئب عس أم عس فرعل )
(
فلم يك الأنبأة ثم هومت ** فقلنا قطاة ريع أم ريع أجدل )
(
فإن يك من جن لأبرح طارقا ** وإن يك إنساما كها الإنس يفعل )
(
ويوم من الشعرى يذوب لوابه ** أفاعيه من رمضائه تتململ )


(
نصبت له وجهي ولا كن دونه ** ولا ستر إلا الأتحمي المرعبل )
(
وضاف إذا هبت له الريح طيرت ** لبائد عن أعطافه ما ترجل )
(
بعيد بمس الدهن والفلى عهده ** له عبس عاف من الغسل محول )
(
وخرق كظهر الترس قفر قطعته ** بعاملتين ظهره ليس يعمل )
(
فألحقت أولاه بأخراه موفيا ** على قنة أقعى مرارا وأمثل )
(
ترود الأراوى الصحم دوني كأنها ** عذارى عليهن الملاء المذيل )
(
ويركدن بالآصال حولي كأنني ** من العصم أدفى ينتحي الكيح أعقل )
وأنشد لجرير بن الغوث أحد بني كنانة بن القين مخضرم
(
طرقت سوية من بعيد بعدما ** كادت حبالك يا سوي تقضب )
(
جاءت تمايل في المطارف بادنا ** والخطو منقطع المطا متهيب )
(
فسألتها أنى اهتدت لرحالنا ** أم كيف آبك طيفها المتأوب )
(
فثنت بسالفة كأن سموطها ** في جيد آلفة الرياض تضرب )
(
وتبسمت بفم شنيب نبته ** كالأقحوان له ندى يتصبب )
(
عذب الرضاب لو أنه يشفى به ** وصب لأدرك شكوه المتوصب )
(
نظرت إليك من الطراف كأنما ** يعطو لصوتك شادن متربب )
(
عجبا لتيلك نظرة ولراقب ** غير أن يرهبه الوعيد فيرهب )
(
نظرت فكاد يشاب شر بيننا ** ولربما يجني الدلال ويأشب )
(
اخترت عن خبر يزيد فضافني ** همي فكان إلى يزيد المرغب )
(
فإليك تختضع المطي كأنها ** عوج القسي الماسخية تشسب )
(
وردت نطاف فلم تجد بللا بها ** قد كان أذهبه سموم صيهب )
(
حتى دفعن إلى يزيد ولم يكن ** ليروع طالبه السنيح الأعضب )


(
بعث البشير وكان ولد بليلة ** ميمونة ولقاه يوم طيب )
(
فدعا له الخلفاء لما بشروا ** كيما يرى قمرا ينير ويحجب )
(
ملكا فلم تر غير عام واحد ** حتى مضت لك شرطتان وموكب )
(
شربت قريش سؤره ورضوا به ** ورجوا منازله العلى فتذبذبوا )
(
لك فوق من يطأ الحصى أكرومة ** فأفخر بفضل يا يزيد يغلب )
(
بيتان قد فرعا البيوت بناهما ** أبواك حيث تنجب المتنجب )
(
ما مثل أمكما التي ولدتكما ** أما ولا كأبيكما ملكا أب )
(
نزلا بكم وسط السماء فلم يكن ** مثل الذي نزلا منازل تطلب )
(
هدم الحصون من العدو وحصنه ** بالأمن مرتفع المناكب مصعب )
(
أفق ترى راياته من فوقه ** كالطير تحنو مرة وتقلب )
(
قال أبو علي ) قال لي أبو بكر بن دريد يقال ألاح الرجل على الرجل يليح إذا جزع عليه وأنشد
(
وقد رابنى من صاحبي أن صاحبي ** يليح عن قرصى ويبكي على جمل )
(
فلو كنت عذري العلاقة لم تبت ** بطينا وأنساك الهوى شدة الأكل )
(
قال ) إنما قال عذري الهوى لأن العشق في بني عذرة كثير ويليح يذهب به ويليح يشفق ( قال ) ويقال ( أشباك بفلان ) كما يقال حسبك بفلان وأنشد
(
وذو الرمحين أشباك ** من القوة والحزم )
قال ويقال ( بسل ) في معنى آمين يحلف الرجل ثم يقول بسل والبغز بالزاي النشاط للإبل قال الشاعر
(
تخال باغزها بالليل مجنونا ** ) والحنج الأصل يقال

فلان في حنج صدق أي في أصل كرم والدعبوب الطريق الدارس وأنشد
(
وكل قوم وإن طالت سلامتهم ** يوما طريقهم في الشر دعبوب )
والدعبوب حب أسود يختبز في الجدب وقالوا رجل دعبوب أي ضعيف والدعبوب نمل ويقال حضنهم بمعنى منعهم ( قال ) وقلت الأنصار يوم السقيفة أنحضن عن هذا وأنشدنا أبو علي قال قال أنشدني ابن الأعرابي لمحمد بن وهيب
(
إذا اختلجت عيني رأت من تحبه ** فدام لعيني ما حييت اختلاجها )
(
وما ذقت كأسا مذ تعلقني الهوى ** فأشربها إلا ودمعي مزاجها )
وأنشد لأبي بكر بن دريد
(
لو أن قلبا ذاب من كمد ** ما كان بين ضلوعه قلب )
(
لو كنت صبا أو تسر هوى ** لعلمت ما يتجرع الصب )
(
يهوى اقترابك وهو قاتله ** فشفاؤه وسقامه القرب )
وأنشد له
(
صدغ كقادمة الخطاف منعطف ** في وجنة يجتنى من صحنها الورد )
(
لو ذاب في نظر خد لرقته ** لذاب من لحظ عيني ذلك الخد )
(
قال ) أبو بكر بن دريد قال أو هفان المهزمي قال الأصمعي السدوس بفتح السين الطيلسان والسدوس بضم السين اسم القبيلة ( قال ) وخالفه سيبويه في الطيلسان بالضم وفي القبيلة بالفتح فحكيت ذلك لأحمد بن يحيى فقالوا القول ما قال الأصمعي ويقال كل ما في العرب عدس بضم العين وفتح الدال إلا عدس بن زيد فإنه بضمهما وكل ما في العرب سدوس بفتح السين الأسدوس بن أصمع في طيء ولك ما في العرب فرافصة بضم الفاء إلا فرافصة أبا نائلة امرأة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وكل ما في العرب أسلم بفتح الهمزة واللام إلا أسلم بن الحاف بن قضاعة وكل ما في العرب ملكان بكسر الميم إلا ملكان في جرم بن ربان ( قال ) وحدثنا أبو سعيد السكري قال أتي عبد الملك بعود فقال

للوليد بن مسعدة الفزاري ما هذا قال عثود يشقق ثم يرقق ثم يعلق عليه أوتار يضرب بها فتضرب الكرام برؤسها الحيطان وامرأته طالق إن كان أحد في المجلس إلا ويعلم منه مثل ما أعلم أنت أولهم يا أمير المؤمنين وقال سلامة بن جندل
(
ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل ** يعطى دواء قفي السكن مربوب )
الأسفى الخفيف الناصية والإسم منه السفا مقصور والفعل سفي يسفى سفا مثل عمي يعمى عمى والسفاء ممدود من الطيش والجهل وكذلك من الخفة ( قال أبو علي ) قال أبو بكر بن دريد قال أبو عثمان الأشنانداني كثر مدعو هذه القصيدة فما أدرى لمن هي وكان أبو عبيدة يصححها العليل بن الحجاج الهجيمى وهي هذه
(
أما القطاة فإني سوف أنعتها ** نعتا يوافق نعتي بعض ما فيها )
(
سكاء مخطومة في ريشها طرق ** سود قوادمها صفر خوافيها )
(
تنتاش صفرا بأفحوص بقنتها ** يكاد يأزي على الدعموص آزيها )
(
تسقي رذيبن بالموماة قوتهما ** في ثغرة النحر من أعلى تراقبها )
(
كأن مجلوزة قدام جؤجؤها ** أو جرو حنظلة لم يغد واعيها )
(
تشتق في حيث لم تنفذ مصعدة ** ولم تصوب إلى أدنى مهاويها )
(
حتى إذا استأنيا للوقت واحتضرت ** تجرسا الوحي منها عند غاشيها )
(
فرفعا من شؤن غير زاكية ** على لديدى أعالي المهد ألحيها )
(
مدا إليها بأفواه ميسرة ** صعرا ليتستنزلاها الرزق من فيها )
(
كأنها حين مداها لرزقهما ** طلى بواطنها بالورس طاليها )
(
حثلين رضا رفاض القيض عن زغب ** ورق أسافلها بيض أعاليها )
(
ترأدا حين قاما ثمت اختطيا ** على نحائف مياد مجاثيها )
(
تكاد من لينها تنآد أسوقها ** تأود الربل لم تعرد نواميها )


(
لا أشتكي نوشة الأيام من ورقى ** إلا إلى من أرى أن سوف يشكيها )
(
لدلهم مأثرات قد عرفن له ** أن المآثر معدود مساعيها )
(
تنمي به من بني لأي دعائمها ** ومن جمانة لم تخضع سواريها )
(
بنى له في بيوت المجد والده ** وليس من ليس يبنيها كبانيها )
(
مجلس في لا جرم وتفسيرها والوجوه فيها ) قال أبو علي حدثنا أبو بكر محمد ابن القاسم قال ذهب بعضهم إلى أن لا جرم أصله تبرئة ونفي بمنزلة لا بد ولا محالة ثم نقل عن التبرئة إلى القسم كما قالوا لاقومن حقا يقينا ثم قدموا حقا فجعلوه قسما فقالوا حقا لأزورنك وجرم اسم منصوب بلا على التبرئة ولا خبر ههنا للتبرئة إذ لم يقصد لها إنما قصد للأقسام والحلف وإلى هذا القول ذهب الفراء وأصحابه وفيه جواب آخر وهو أن أصله فعل ماض فحول عن طريق الفعل ومنع التصرف فلم يكن له مستقبل ولا دائم ولا مصدر وجعل مع لا قسما وتركت الميم على فتحها الذي كان لها في معنى المضى وإن كان الحرف منقولا إلى الأداة كما نقلوا حاشى وهو فعل ماض مستقبله يحاشي ودائمه محاش ومصدره محاشاة من باب الأفعال إلى باب الأدوات لما أزالوه عن التصرف فقالوا قام القوم حاشا عبد الله فخفضوا به ولو كان فعلا ما عمل خفضا وأبقوا عليه لفظ الفعل الماضي وكما نقلوا ليس وأصلها الفعل الماضي عن أصلها إلى سبيل الأدوات لما أزالوها عن التصرف وخروج المصدر منها فأقروا آخرها على أمرها الأول ( فإن قيل ) كيف تكون لا جرم قسما وليس فيه معظم يقسم به ( قيل ) إن الأقسام عند العرب على ضربين أحدهما يقع الأقسام فيه بمن يجل قدره وتعلو منزلته وهو الذي تسبق إليه الأفهام ويستعمل في أكثر الكلام حين يقول القائل وإلهي لأفعلن ذلك وكقيل العرب في الجاهلية والرحم لأقصدنك والعشيرة لأقضين حقك وهو مكروه عند أهل العلم لأنه لا ينبغي أن يحلف حالف بغير الله تبارك وتعالى والضرب الثاني أن يعتقد الحالف اليمين والحلف بالعظيم عندهم الكبير في

نفسه ثم يأتي ببدل منه فيقول حلفا صادقا لأزورنك فجعل حلفا صادقا مكتفي به عن المحلوف به عند وضوح المعنى ولو أظهر اليمين ولم يبن على الإكتفاء والإختصار لقال أحلف بالله حلفا صادقا ولهذه العلة أقسموا بالحق فقالوا حقا لأفعلن ذلك إذ جعلوه عوضا من اليمين وحملوا على الحق ألفاظا معناهم فيها كمعناه فقالوا كلا لأطيعنك يعنون حقا وقالت الفصحاء جير لأفعلن وعوض لأجلسن يعنون بتينك اللفظتين حقا فاحتملت لا جرم من معنى الأقسام مثل الذي احتملت كلا وجير وعوض قال أعشى بكر
(
رضيعي لبان ثدي أم تحالفا ** بأسحم داج عوض لا نتفرق )
وقال الآخر
(
وقلن على الفردوس أول مشرب ** أجل جيران كانت أبيحت دعاثره )
قال ابو بكر دعاثره يعني حياضا وقال الكميت
(
أأسلم ما تأتي به من عداوة ** وبغض لهم لا جير بل هو أشجب )
وقال الآخر
(
إن الذي أغناك يغنيني جير ** والله نفاح اليدين بالخير )
وقال الآخر
(
جامع قد أسمعت من تدعو جير ** ولا ينادي جامع إلى خير )
وقال الآخر
(
كلا زعمتم بأنا لا نقاتلكم ** إنا لأمثالكم يا قومنا قتل )
أراد حقا زعمتم والراء في جير مكسورة والضاد في عوض مضمومة ومن العرب من يغير لفظ جرم مع لا خاصة لتحولها عن لفظ الفعل فيقول بعضهم لا جرم بضم الجيم وسكن الراء ويقول آخرون لا جر بفتح الجيم والراء وحذف الميم ويقال لا ذا جرم ولا ذا جر بغير ميم ولا أن ذا جرم ولا عن ذا جرم ومعنى اللغات كلها حقا وأنشد الفراء هذا البيت وبعض الثاني


(
لأهدرن اليوم هدرا صادقا ** هدر المعنى ذي الشقاشق اللهم )
(
إن كلابا والدي لا ذا جرم ** )
(
قال أبو علي ) وحدثنا ابو بكر قال قال يحيى بن خالد الحسود عدو مهين لا يدرك وتره ولا ينال ثأره إلا بالمنى ( قال ) وقال عبد الملك بن مروان للحجاج بن يوسف الثقفي أنه ليس من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه فعب نفسك قال أعفني يا أمير المؤمنين قال لتفعلن قال أنا لجوج حسود حقود فقال عبد الملك ما في الشيطان شيء شرا مما ذكرت وقال الأحنف بن قيس الملول ليس له وفاء والكذاب ليست له حيلة والحسود ليست له راحة والبخيل ليست له مروأة ولا يسود سيء الخلق ( قال ) وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال رأس العقل الإيمان بالله والتودد إلى الناس وما استغنى رجل استبد برأيه ولم يهلك أحد عن مشورة وإذا أراد الله بعبد هلكة كان أول ما يهلكه رأيه وكان يقال لا ظهير أوثق من المشورة ( قال ) وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الحزم فقال أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره وقال أعرابي ما غبنت قط حتى يغبن قومي قيل وكيف ذلك قال إني لا أفعل شيأ حتى أشاورهم ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد النحوي في الحمى
(
تفاءلت باسم سواها لها ** كأن ليس لي باسمها خبره )
(
فطورا ألقبها سخنة ** وطور ألقبها فترة )
(
ويربوا الطحال إذا ما أكلت ** فيعلو الترائب والصدره )
(
كأني إذا رحت من منزلي ** لبست الثياب على زكره )
(
قال ) وحدثنا الزبير قال حدثنا إبراهيم بن منذر عن مطرف بن عبد الله بن خويلد الهذلي عن أبيه عن جده قال بينا أنا وأبي نطوف بالبيت إذا نحن بعجوز كبيرة تضرب أحد لحييها بالآخر أقبح عجوز رأيتها قط فقال لي يا بني أتعرف هذه قلت ومن هذه قال هذه التي يقول فيها الشاعر


(
سلام ليت لسانا تنطقين به ** قبل الذي نالني من قيله قطعا )
(
أدعو إلى هجرها قلبي فيتبعني ** حتى إذا قلت هذا صادق نزعا )
(
يلومني فيك أقوام أجالسهم ** فما أبالي أطار اللوم أم وقعا )
قال وأنشدنا الزبير
(
فلو كان يستغني عن الشكر ماجد ** لعزة مجد أو علو مكان )
(
لما أمر الله العباد بشكره ** فقال اشكروا لي أيها الثقلان )
(
قال ) وأنشدني الرياشي قال أنشدنيها تمام للحرث بن عباس بن مرداس السلمى يوصى ابنه رضي الله تعالى عنهما
(
احفظ بني وصية أوصيكها ** إن كنت تؤمن بالكتاب المنزل )
(
أكرم خليل ابيك حيث لقيته ** ولقد عققت أباك إن لم تفعل )
(
والجار أكرم جار بيتك مادنا ** حتى يبين ثواءكم في المنزل )
(
والضيف إن له عليك وسيلة ** لا يتركنك ضحكة للنزل )
(
ورفيق رحلك لا تجهل إنما ** جهل الرفيق على الرفيق النيطل )
(
واشغب بخصمك أن خصمك مشغب ** وإذا علوت على الخصوم فأجمل )
(
واستوص خيرا بالعشيرة كلها ** ما حملوك من المثاقل فاحمل )
(
يصلوا جناحك يا بني وإنما ** يعلو الشواهق ذو الجناح الأجدل )
(
ان امرأ لا يستعد رجاله ** لرجال آخر غيره كالأعزل )
(
وإذا أتتك عصابة في شبهة ** يتحاكمون إليك يوما فاعدل )
(
واصدق إذا حدثت يوما معشرا ** وإذا عييت بأصل علم فاسأل )
(
وذر المجاهل إنها مشؤومة ** وإن امرؤ وأهدى النصيحة فاقبل ) قال أبو بكر وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثني الباهلي قال حدثنا الهيثم بن


عدى عن مجالد وابن عياش عن الشعبي قال لما انهزم ابن الأشعث ضاقت بي الأرض وكرهت ترك عيالي وولدى فلقيت يزيد بن أبي مسلم وكان لي صديقا وكانت الصداقة تنفع عنده فقلت له قد عرفت الحال بيني وبينك وقد صرنا إلى ما ترى قال يا أبا عمرو أن الحجاج لا يكذب ولا يعوى ولا ينبح ولكن قم بين يديه وأقر بذنبك واستشهدني على ما شئت قال فوالله ما شعر الحجاج إلا وأنا ماثل بين يديه فقال أعامر قلت نعم أصلح الله الأمير قال ألم أقدم العراق فاحسنت إليك وأدنيتك وأوفدتك على أمير المؤمنين واستشرتك قلت بلى أيها الأمير قال فأين كنت من هذه الفتنة قلت استشعرنا الخوف واكتحلنا السهر وأحزن بنا المنزل وأوحش بنا الجناب وفقدنا صالح الأخوان وشملتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء وهذا يزيد بن أبي مسلم قد كان يعرف عذرى وكنت أكتب إليه فقال صدق أصلح الله الأمير قد كان يكتب إلي بعذره ويخبرني بحاله فقال الحجاج فهذا الأحمق ضربنا بسيفه ثم جاءنا بالأكاذيب كان وكان انصرف إلى أهلك راشدا ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد النحوي قال أنشدنا التوزي لغلام يقوله في مؤدبة وكان أقعد فقال
(
فرح المقعد لما أقعدا ** فرحة لله حتى سجدا )
(
فسألناه لماذا قال لي ** أنني كنت زمانا مفسدا )
(
أشتري الثوب فلا يقطعني ** فهو اليوم قميص وردا )
(
قال ) وأنشدني الرياشي للربيع بن ضبع الفزاري هذه الأبيات
(
ألا أبلغ بني بنى ربيع ** فأنذال البنين لكم فداء )
(
بأني قد كبرت ورق عظمي ** فلا يشغلكم عني النساء )
(
وإن كنائني لنساء صدق ** وما أشكو بني وما أساءوا )
(
إذا جاء الشتاء فأدفؤني ** فإن الشيخ يهرمه الشتاء )


(
وأما حين يذهب كل قر ** فسربال خفيف أورداء )
(
إذا عاش الفتى مائتين عاما ** فقد أودى المسرة والفتاء )
قال أبو بكر ولبعض المحدثين شبيه بهذا
(
لا تدع لذة يوم لغد ** وبع الغي بتعجيل الرشد )
(
أنها إن أخرت عن وقتها ** باختداع النفس عنها لم تعد )
(
فاشغل النفس بها عن شغلها ** لا تفكر في حميم وولد )
(
أو ما خبرت عما قيل في ** مثل باق على مر الأبد )
(
إنما دنياي نفسي فإذا ** تلفت نفسي فلا عاش أحد )
(
قال أبو بكر ) وسألت بندار بن لدة عن قول عمر يشئز فقال لي يزعج وأنشدني
(
أهاجك العارض الوميض ** نعم فقلبي له مهيض )
(
يشئزني الشوق عن فراشي ** وكيف يشتاق من يبيض )
ومعنى يبيض يقيم فلا يبرح يقال باض فلان بالمكان وألب به وأرب به إذا لزمه فلا يبرحه ومعنى البيت كيف يشتاق من لا يتهيأ له أن يبرح موضعه ويقصد وطن محبوبه
(
قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال قيل للأحنف بن قيس أي المجالس أطيب قال ما سافر فيه البصر واتدع فيه البدن وقيل للمأمون ما أحسن الأماكن قال ما بعد فيه نظرك ووقف استحسانك عليه فقيل له فأي الأشياء أحسن فقال أحسن الاشياء ما نظر إليه الناس ( قال ) وقال محمد بن يزيد حدثني بعض أولاد العجم قال قيل لشراعة بن الزندبو ذأي المواضع أطيب قال ما اجتمع حسنه وتوسطت مسافة النظر إليه وقيل له أي أوقات الشرب اطيب قال نشاط على غب قيل له فإذا استوى ذلك قال لا تقوم الخلافة بضحكات الصبوح قيل له فمن أمتع الجلساء قال الذي إذا عجبته عجب وإذا

غني طرب وإذا أعطى شرب قيل له فأي المواضع أطيب للشرب قال إذا لم تكن شمس محرقة ولا مطر مغرق فالشرب على وجه السماء وأنشدنا الزبير لعبد الرحمن بن حسان في آل سعيد بن العاص رضي الله تعالى عنهم
(
أعفاء تحسبهم ملحياء ** مرضى تطاول أسقامها )
(
يهون عليهم إذا يغضبون ** سخط العداة وإرغامها )
(
ورتق الفتوق وفتق الرتوق ** ونقض الأمور وإبرامها )
(
قال ) وأخبرنا الزبير قال حدثنا عمر بن عثمان قال حدثني رجل من أهل منبج قال قدم علينا الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب ولا مال معه فأغنانا كلنا فقلنا كيف ذاك قال علمنا مكارم الأخلاق فعاد غنينا على فقيرنا فغنينا كلنا قال عمر بن عثمان قال الراثجي يرثى الحكم بن المطلب
(
ماذا بمنبج لو ننبش مقابرها ** من التهدم بالمعروف والكرم )
(
سالوا عن المجد والمعروف ما فعلا ** فقلت أنهما ماتا مع الحكم )
(
قال ) وحدثنا الزبير قال حدثنا ابن عياش السعدي عن أبيه قال رأيت جارية من العرب وضيئة أعجبتني فماشيتها إلى مظلتها فقالت لي عجوز بفناء المظلة مالك ولهذا الغزال النجدي والله لا تحلى منه بشيء فقالت الجارية دعيه يا أماه يكن كما قال ذو الرمة
(
وإن لم يكن إلا معرس ساعة ** قليل فإني نافع لي قليلها )
(
قال ) وحدثنا أبو العباس عن ابن عائشة قال وقف وفد بباب عمر بن عبد العزيز فابطأ عليهم إذنه فقال أحدهم ما يصلح هذا أن يكون عبد اللحجاج فنمت الكلمة إليه فأذن لهم فدخلوا فقال أيكم القائل كذا وكذا قال فأرموا فقال حقا لتقولن فقال رجل من القوم أنا قلتها وما ظننتها تبلغ ما بلغت قال فإن الله يغفر لك كيف ذكرت الحاج وما كانت له دنيا ولا آخرة فهلا فضلت علي زيادا الذي جمع لهم كما تجمع الذره وحاطهم كما تحوط الأم

البره ( قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال خرج سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم إلى منتزه له وحمل معه بناته فاتبعه أشعب فلم يجد مسلكا للدخول عليه فتسور الجدار فقال له وقد بصر به يا أشعب اتق الله بناتي بناتي فقال أشعب لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال فضحك منه وأدخله ( قال ) وحدثني محمد بن يزيد قال حدثني علي بن عبد الله قال دخل قوم على عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فكلمهم فأغلظوا له فغضب فقال له ابنه عبد الملك وما يغضبك يا أمير المؤمنين وإنما يحبسك أن تأمر فتطاع فقال أما غضبت أنت يا عبد الملك قال بلى والله ولكن ما ينفعني حلمي إذا لم أرده على غضبي فيسكن وأنشد
(
وما الحلم إلا ردك الغيظ في الحشا ** وصفحك بالمعروف والصدر واغر )
(
ترى المجد والأحلام فينا فما ترى ** سفيها هفات إلا وآخر زاجر )
(
قال ) وأنشدنا الزبير قال أنشدني عمي مصعب بن عبد الله قال الزبير وأنشدنيه سعيد بن عمر الزبيري عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله تعالى عنهم هذه الأبيات
(
تغلغل حب عثمة في فؤادي ** وباديه مع الخافي يسير )
(
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ** ولا حزن ولم يبلغ سرور )
(
صدعت القلب ثم ذررت فيه ** هواك فليم فالتأم الفطور )
(
أكاد إذا ذكرت العهد منها ** أطير لو أن انسانا يطير )
(
وأنفذ قادحاك سواد قلبي ** فأنت علي ما عشنا أمير )
(
قال ) وأنشدنا الزبير
(
لا تشتمن امرأ من أن تكون له ** أم من الروم أو صفراء دعجاء )
(
فرب معربة ليست بمنجية ** وربما أنجبت للفحل عجماء )


(
وإنما أمهات القوم أوعية ** مستودعات وللأحساب آباء )
(
قال ) وأنشدني الزبير قال أنشدني عمي لإبن الحر
(
إن تك أمي من نساء أصابها ** سباء القنا والمرهفات الصفائح )
(
فتبا لفضل الحر أن لم أنل به ** كرائم أبناء النساء الصرائح )
(
قال ) وحدثنا الرياشي قال كتب يزيد بن عبد الملك إلى هشام وكان الخليفة بعده هذه الأبيات
(
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ** فتلك سبيل لست فيها بأوحد )
(
فما عيش من ير جورداي بضائري ** وما عيش من يرجو رداي بمخلد )
(
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ** تجهز لأخرى مثلها فكأن قد )
قال فكتب إليه هشام
(
ومن لا يغمض عينه عن صديقه ** وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب )
(
ومن يتتبع جاهدا كل عثرة ** يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب )
قال فكتب إليه يزيد
(
لعمرك ما أدري وإني لأوجل ** على أينا تعدو المنية أول )
(
وإني على أشياء منك تريبني ** قديما لذو صفح على ذاك مجمل )
(
إذا سؤتني يوما صفحت إلى غد ** ليعقب يوما منك آخر مقبل )
(
وإني أخوك الدائم العهد لم أحل ** إن ابزاك خصم أو نبابك منزل )
(
أحارب من حاربت من ذي عداوة ** وأحبس مالي أن غرمت فاعقل )


(
ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ** يمينك فانظر أي كف تبدل )
(
وكنت إذا ما صاحب رام ظنتي ** وبدل سوأ بالذي كنت أفعل )
(
قلبت له ظهر المجن ولم أدم ** على ذاك الأريث ما أتحول )
(
وفي الناس إن رثت حبالك واصل ** وفي الأرض عن دار القلى متحول )
(
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ** على طرف الهجران أن كان يعقل )
(
ويركب حد السيف من أن تضيمه ** إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل )


(
قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر قال أنشدن الزبير بن بكار
(
وأبثثت عمرا بعض ما في جوانحي ** وجرعته من مر ما أتجرع )
(
ولا بد من شكوى إلى ذي حفيظة ** إذا جعلت أسرار نفسي تطلع )
قال وأنشدنا أيضا
(
ألا يا خليل النفس هل أنت قائل ** لزينب حاجاتي التي أنا تائب )
(
وما بي عي أن أقول بحاجتي ** ولكنما يمشي علي الرقائب )
(
بلى فاسلمي يا دار زينب وانعمى ** صباحا إذا ما كان سلم مقارب )
(
فأما سلام والحروب مكانها ** فلا كيف يهدي بالسلام المحارب )
(
قال أبو علي ) وأنشدنا أبو بكر بن أبي الأزهر قال أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب لبعضهم
(
إني وإن بني عمي لفي خلق ** عما قليل أراه سوف ينكشف )
(
يزملون جنين البغض بينهم ** والضغن أسود أو في وجهه كلف )
(
إذا لقيناهم نمت عيونهم ** والعين تخبر ما في القلب أو تصف )
(
قال ) وحدثنا محمد بن يزيد قال حدثني ابن عائشة قال قال مسلمة بن عبد الملك لنصيب أمدحت فلا يعني رجلا من أهل بيته قال له قد كان ذاك قال أو حرمك قال قد كان ذاك قال أفلا هجوته قال لم أفعل قال ولم قال لأني كنت أحق بالهجاء منه إذ وضعت مدحي في مثله فأعجب مسلمة قوله فقال له سلني قال لا أفعل قال ولم قال لأن بدك بالعطاء أسمح مني بالسؤال فأعطاه ألف دينار ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لشيخ من الأزد يقوله في محمد ابن يحيى بن خالد وقد امتدحه فحرمه
(
أقلني يا محمد بن يحيى ** مقالا لم أكن فيه صدوقا )
(
جعلتك فيه ذا مجد ويأس ** وتلك مقالة بك لن تليقا )


(
فلست بضائر أبدا عدوا ** ولست بنافع أبدا صديقا )
(
قال ) وأنشدنا أيضا
(
من الناس من يغشى الأباعد نفعه ** ويشقى به حتى الممات أقاربه )
(
فإن كان خيرا فالبعيد يناله ** وإن كان شرا فابن عمك صاحبه )
(
قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد
(
سقاني هذيل من شراب كأنه ** دم الجوف قد يدني الحليم من الجهل )
(
حططت عليه وافر العقل صاحيا ** فما زال بالتقريب والأهل والسهل )
(
وما زلت أسقى شربة بعد شربة ** من الراح حتى أبت مختلس العقل )
(
سقاني ثلاثا واثنتين وأربعا ** فخترن ما بين الذؤابة والنعل )
(
فرحت كأن الأرض أركل متنها ** إذا هي دارت بي فيعدلها ركلى )
(
كأني ونفسي بين دار ابن سالم ** ودار غريب في أفاحيص أووحل )
(
قال ) وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا الباهلي عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال حدثني أدهم التميمي قال لقيت كثير عزة فقال لي لقيني جميل بن معمر في موضعك هذا فقال لي من أين أقبلت فقلت من عند أبي الحبيبة وإلى الحبيبة أعني أبا بثينة وأعني عزة فقال لي أن لي إليك حاجة ولا بد من قضائها ترجع إلى بثينة وتواعدها لي موعدا قلت إني أستحى من أبيها وعهدي به آنفا قال فلا بد من ذاك قلت متى أحدث عهدك بها قال بالدوم وهم يرحضون ثيابا ( قال ) فرجعت إلى أبيها عودي على بدئي فقال ما ردك يا ابن أخي قال قلت أبياتا عرضت لي أحببت أن أنشدكها قال وما هي قلت
(
وقلت لها يا عز أرسل صاحبي ** على نأى دار والرسول موكل )
(
بأن تجعلي بيني وبينك موعدا ** وأن تأمريني بالذي فيه أفعل )
(
وآخر عهد منك يوم لقيتني ** بأسفل وادي الدوم والثوب يغسل )


(
قال ) فضربت بثينة الجدار وقالت اخسأ اخسأ فقال لها الشيخ مهيم يا بثينة فقالت كلب يأتينا إذا نوم الناس من وراء الرابية قال فرجعت إلى جميل فأخبرته أنها قد وعدته إذا نوم الناس من وراء الرابية ( قال ) وحدثنا الزبير قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثني رجل من أهل اليمامة قال كان لنا غلام زنجي أعجمي قد نطق وفهم شيأ من العربية وكان يسوق ناضحا لنا ويرتجز بكلام لا نتبينه فمر بنا رجل فسمع كلامه وأصغى إليه فقلنا له أتفهم ما يقول قال نعم ينشد
(
فقلت لها أنى اهتديت لفتية ** أناخوا بجعجاع قلائص سهما )
(
فقالت كذاك العاشقون ومن يخف ** عيون الأعادي يجعل الليل سلما )
قال فكنا نتفهمه بعد فنرد لفظه إلى ترجمتنا ( قال ) وأنشدنا محمد بن يزيد لأعرابي يقوله في ابنه
(
ألا يا سمية شبي الوقودا ** لعل الليالي تؤدي يزيدا )
(
فنفسي فداؤك من غائب ** إذا ما المسارح أضحت جليدا )
(
كفاني الذي كنت أسعى له ** فكان أبالي وكنت الوليدا )
(
قال ) وحدثنا عمر بن شبة قال حدثني يحيى قال حدثني رجل من ولد خزيمة بن يحيى قال قدم رجل من أهل الشأم من بني مرة على أبي جعفر المنصور فتكلم معه كلاما حسنا فقال له أبو جعفر حاجتك فقال يبقيك الله يا أمير المؤمنين قال حاجتك فإنه ليس كل ساعة يمكنك هذا ولا تؤمر به فقال والله ما أستقصر عمرك ولا أخاف بخلك ولا أغتنم مالك وإن سؤالك لشرف وإن عطاءك لزين وما بامرئ بذل وجهه إليك نقص ولا شين فقال أبو جعفر يا ربيع لا ينصرف من مقامه إلا بمائة ألف درهم فحملت معه قال وأنشدنا محمد بن يزيد
(
كل يوم يمر يأخذ بعضى ** يأخذ الأطيبين مني ويمضي )


(
قد تلذذت بالمعاصي قديما ** نفس كفي ليس المعاصي بفرض )
(
قال ) وأنشدنا أيضا
(
كن حييا إذا خلوت بذنب ** واحذر السخط من علي مجيد )
(
ويك بارزت من يراك عتوا ** وتواريت عن عيون العبيد )
(
وبحلم الإله عدت إلى الذنب ولم تخش غب يوم الوعيد )
(
أقرأت القرآن أم لست تدري ** أن ذا العرش دون حبل الوريد )
(
انتهى ) ما أملاه أبو علي من النوادر زائدا على ما في الأمالي صلة لها بحمد الله وعونه وآخر ما جمعت من ذلك قصيدة رثي بها أبو بكر بن دريد لبعض البغداديين يقولها لها فيه تغمده الله برحمته ورضوانه وهي هذه
(
يلوم على فرط الأسى ويفند ** خلي من الوجد الذي يتجدد )
(
ويكبر أن ينهل دمع أراقه ** تضرم نار في الحشا ليس تخمد )
(
ويستصغر الرزء الذي جل قدره ** وكل امرئ باك عليه ومسعد )
(
حرام على الأجفان أن ترد الكرى ** أجل مالها إلا التسهد مورد )
(
وبسل على المحزون أن يقبل الأسى ** بلى حظه حزن به الدهر يكمد )
(
فما لجفوني عذرة حين ترقد ** ولا لدموعي سلوة حين تجمد )
(
هو الدهر يرمينا بأسهم صرفه ** فيصمي الرمايا حين يرمي ويقصد )
(
فلا جمع ألا والزمان مفرق ** ولا شمل إلا بالخطوب مبدد )
(
ولا عهد إلا والليالي وصرفها ** تحول به عن كل ما كنت تعهد )
(
ولا حال إلا وهي رهن تنقل ** إذا صلحت في اليوم أفسدها الغد )
(
جرت عادة الدنيا بكل الذي ترى ** وليس لها ترك لما تتعود )
(
فصبرا وتسليما لكل ملمة ** إذا لم يكن يوما على الدهر منجد )


(
لعمرك ما أصبحت جلدا على التي ** منيت بها لكنني أتجلد )
(
أفي كل يوم يفقد الدهر ماجدا ** يعز علينا فقده حين يفقد )
(
وتفجعنا الدنيا بعلق مضنة ** تنافس فيه ما حيينا وتحسد )
(
نودع خلان الصفاء وتقطع المقادير منا ود من يتودد ** )
(
نفارق من نلقى الردى بفراقه ** وينأى القريب الإلف منا ويبعد )
(
أرانا بصرف الدهر نفنى وننفد ** وتفنى صروف الدهر أيضا وتنفد )
(
عليك ( أبا بكر ) سلام ورحمة ** بها في جنان الخلد أنت مخلد )
(
وجاد ثرى ضمنته كل وابل ** من المزن وكاف يراح ويرعد )
(
إذا ما استطار البرق في جنبائه ** حسبت الظبا فيه عشاء تجرد )
(
وإن أرزمت فيه الرواعد خلته ** حنين متال في يفاع يردد )
(
فقد ضم منك الترب مجدا وسوددا ** يقصر عن أدنى مداه المسود )
(
فقدناك فقدان المصابيح في الدجى ** إذا ضل عن قصد الهداية مقصد )
(
وماتت بموت العلم منك قلوبنا ** وكنت حياها لم تزل بك ترشد )
(
لتبكك أبكار المعاني وعونها ** وغر القوافي حين تروى وتنشد )
(
تسير مسير الأنجم الزهر كلما ** خبا ضوء شعر أشرقت تتوقد )
(
لأنشرت بالعلم الخليل فخلتنا ** نشاهده أن ضمنا منك مشهد )
(
وجالستنا بالأصمعي ومعمر ** وأوجدتنا ما لم يكن قبل يوجد )
(
وخلنا أباز يد لدينا ممثلا ** وأنت بفضل العلم أعلى وأزيد )
(
وشاهدتنا بالمازني وعلمه ** وما غاب عنا إذ حضرت المبرد )
(
وكنت إماما في الروايات كلها ** يضاف إليك الصدق فيها ويسند )
(
هوت أنحم الأداب والعلم واغتدت ** رياضهما من بعده وهي همد )


(
وكان جناب العلم إذ كان مخصبا ** وأفنانه ميل رواء تميد )
(
فقد أصبحت مذبان وهي هشائم ** ثوابتها تجتث منها وتعضد )
(
مضيت ( أبا بكر ) حميدا وخلفتء ** مساعيك فضلا بيننا ليس يحجد )
(
كما ودع الغيث الذي عم نفعه ** وأضحى به كل البرية يرفد )
(
توحدت بالآداب والعلم والحجا ** فأنت بحسن الذكر منها موحد )
(
حمدنا بك الأيام ثمت عاضنا ** مصابك منها ذم ما كان يحمد )
(
شهدنا على الأيام أن سرورها ** غرور كما كنا بفضلك نشهد )
(
على أي شيء منك نأسى إذا جرت ** محاسن وصف بادئات وعود )
(
على علمك الوارى الزناد إذا غدا ** زناد امرئ في علمه هو مصلد )
(
وأخلاقك الغر التي لو تجسدت ** لكانت نجوم السعد حين تجسد )
(
على رأيك الماضي المضيء الذي به ** يفض رتاج الخطب والخطب مؤصد )
(
لقد شملت فيك الرزية يعربا ** ولم يخل منها فيك من يتمعدد )
(
مضى ( ابن دريد ) ثم خلد بعده ** سوائر أمثال تغور وتنجد )
(
بدائع من نظم ونثر كأنها ** عقود زهاها درها حين تعقد )
(
كأن لم تكن تروى غليل مسامع ** بقول به يطفى الغليل ويبرد )
(
ولم تنده الخصم الألد بمسكت ** يغادره مستوهلا يتلدد )
(
ولم توقظ الآراء عند سناتها ** وقد توسن الآراء حينا وترقد )
(
ولم تجل أصداء القلوب ولم يقم ** ثقافك منها كل ما يتأود )
(
فما منك معتاض ولا عنك سلوة ** نظيرك معدوم وحزني مؤبد )
(
عليك سلام الله ما ذر شارق ** وغرد في الأيك الحمام المغرد )

ج1وج2. كتاب التعريفات علي بن محمد بن علي الجرجاني

  ج1وج2. كتاب التعريفات علي بن محمد بن علي الجرجاني التعريفات للجرجاني مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حق حمده والصلا...